بسم الله الرحمن الرحيم
من عيون الشعر ـ أدب الحروب ـ الجزء الثاني ـ
خير الدين الزركلي:
لِكُلِّ أمر حين | خَلِّ البكا حينا | |
هاتي صلاح الدين | ثانية فينا | |
الشامخ العرنين | عزّاً وتمكينا | |
وجدّدي حطين | أو شيه حطينا |
خير الدين الزركلي:
وأنظر إلى الآلافِ من بسلائهم
يغزوهم مئة من الثوار
بدوي الجبل:
ولَرّبما هزَّ اللواء مُظفرٌ
ماضي العزيمةِ أصيدَ بهلول
من آلِ يعرب لا تلين قناته
أنف أشمّ وساعد مفتول
عمر أبو ريشة:
كيفَ مالتْ بكِ الليالي وألوَتْ | بالبقايا من العهودِ الغوابرِ | |
ما حملنا ذُلَّ الحياةِ وفي القو | سِ نبالٌ وفي الأكفِّ بواترُ | |
يصفعُ الذئبُ جبهةَ الليثِ ضعفاً | إن تلاشتْ أنيابهُ والأظافرُ |
عمر أبو ريشة:
دفقت موجة الهدى تغسل الشرك
وتروي النفوس بالتوحيد
وتبثُ الوئام والحبّ والرحم
ة ما بين سيّد ومَسودِ
مذهب ضجّت الأعاجمُ منه
وتعاموا عن شرعهِ المحمودِ
ورأوا فيه ما يدكُّ عروشاً | شيدوها بالظلمِ والتهديدِ | |
فرمت بالكتائب الخرس“روما“ | وبأبطالها الغزاة الصيد | |
وطغى الهول والكتائب ماجت | في خضم من القنا والبنودِ | |
فأطلت تلك الفلول من العر | ب بعزم النبوّة المشدودِ |
وأغارت ترمي الفوارس رمياً
وتحزُّ الوريد أثر الوريدِ
كلّما انهارَ حائط من جنود
أتبعتهُ بحائط من جنودِ
وضفاف
“
اليرموك
“
ترسل منها
زمزمات الحداء لإبن الوليد
جولة ترعف الصوارم فيها
وتصيحُ الأكفّ هل من مزيدِ
جولة كفّنت بها الروم حلماً
بين أنقاض صرحها المهدود
وكأن اندحارها لم يرد
“
الفرس
“
عن نشر بغيها المعهودِ
سخرت كل فيلق كسروي | لم يذق قبل نكبة التشريد | |
مزّقتهُ في القادسية تلك الب | يض والسّمرُ في أكفِّ الأسودِ |
عمر أبو ريشة:
في الفاتحين العرب:
وتَطلّعوا صَوبَ الشموسِ وأسرجوا
للفتحِ صهوةَ كل مُهرٍ ضامرِ
ومضوا إلى غاياتهم ثم انثنوا
وعلى خدودِ النجمِ وشمُ حوافرِ
أنور العطار:
وانهضي للجهاد في نصرة الحقِّ
وبُثي رسالة التوحيد
من يُرد فرحة النعيم المُرجّى
يصدق الله في ظلالِ البنودِ
ودعي اسم النبيِّ تعبق به الدن
يا وترفع في عالم من سُعودِ
أنور العطار:
يتخطّى بعزمهِ كل هول
ويخوضُ الوغى بقلب حديدِ
هاتفاً بالحياة غيري غُرّي
صارخاً بالخطوبِ غيري كيدي
أنور العطار:
قلبه راكض إلى الموت يهفو
غير ما جازع ولا رعديد
يالهُ قاحماً نمتهُ البطولا
ت وألقت إليه بالإقليدِ
والبطولات شعلة الأمل السا
طع في ظلمة الليالي السود
عصام العطار:
إنّا إذا ما دعا الدّاعي فأسمعنا | ثُرنا شيوخاً إلى الداعي وشبانا | |
كلُّ يُسابقُ للجلّى فلا أحدٌ | لم يرضَهُ المجدُ إقداماً وإحسانا |
أمجد الطرابلسي:
أروعٌ أينَ من عزيمتهِ السّي
فُ ومن جودِ كفّهِ الأنواءُ
ما يدومُ العمى إذا أسفرَ الحقُّ
ولا النورُ والظلامُ سواء
عبد المعين الملوحي:
إذا الموتُ أقبلَ سِرنا إليهِ | فَمُتنا رجالاً وعشنا رجالاً | |
صمدنا بكلِّ فتىً ثائرٍ | إذا زالتِ الشمسُ والأرضُ زالا | |
ويعرفُ أنَّ المماتَ الحياةُ | وأن سوفَ يُبعثُ من حيثُ صالا |
فؤاد الخطيب(
الرسالة العدد925):
والتفَ حولك أبطال غطارفة
شُمُّ الأنوفِ يرون الموت مغتنما
فاصدم بهم حدثان الدّهرِ مخترقاً
سداً من الظلمِ إن تعرض له انهدما
إيه بني العربِ الأحرارِ إن لكم
فجراً أطلَّ على الأكوانِ مُبتسما
يستقبلُ الناس من أنفاسهِ أرج
ما هبّ في الشرقِ حتى أنشر الرمما
من ذلك البيت نت تلك البطاح على | تلك الطريق مشت أجدادنا قدما | |
لستم نبيهم ولستم من سلالتهم | إن لم يكن سعيكم من سعيهم أمما |
فؤاد الخطيب:
يا شيخنا اسلم وذرنا نحن في محن
ماذا يضيرك أن نستقصي المحنا
تالله ما الموت إلا العيش في ضَعة
من يرض بالثوب يجعل ثوبه الكفنا
إن يعوز العرب في بنيان دولتهم
هدم الحياة بذلت الروح والبدنا
وليجعلوا من بقايانا ومن دمنا
طيناً وماءً فيبنوا الملك والوطنا
عبد الرحيم محمود:
كَشّري ما شئتِ يا سود الليالي | فأبو الطيب لا يخشى العوالي | |
إن تقاعستُ عن الحربِ فإنّي | مجرم يقعد عن شأو المعالي | |
غايتي ألقى المنايا عاجلاً | في مجالِ العلمِ أو ساحِ النضالِ | |
فابتسمي يا أمّ عبد إنّهُ | زفَّ للحور وولّى وهو عالِ |
الأخطل الصغير:
ملاعبُ الصِّيدِ من حَمدانَ ما نسلوا
إلا الأهلّةَ والأشبالَ والقُضُبا
الخالعينَ على الأوطانِ بَهجتها
والرافعينَ على أرماحها القصَبا
حُسامُهمُ ما نبا في وجهِ من ضَربوا
ومُهرهم ما كبا في إثرِ من هربا
ما جرّدَ الدّهرُ سيفاً مثلَ
“
سيفهم
“
ربُّ القوافي على الإطلاقِ شاعرُهم
يُجري به الدَّمَ أو يُجري به الذّهبا
الخلدُ والمجدُ في آفاقهِ اصطحبا
سيفان في قبضةِ الشهباءِ لا ثَلما
وقد شَرّفا العُربَ،بل قد شَرّفا الأدبا
الأخطل الصغير:
يكادُ يغتالهُ فرطُ النُّحولِ،فلا | تدري أشخصاً رأت عيناكَ أم شبحا | |
حتى إذا انقضَّ قلتَ السيفُ مُنجردا | والليثُ مُحتدما،والسيلُ مُكتسحا |
الأخطل الصغير:
يا لهولِ الحربِ في ويلاتها
رمتْ الكون بخطب جلل
تلهم المليون لا يشبعها
ومتى تطعم أخاه تأكل
كم شموس في سما الماضي وكم
من نجوم في سما المستقبل
ويتيمات فنون جمّة
حسبت من معجزات الأول
إيليا أبو ماضي بعد انتهاء الحرب العالمية الأولى:
زالت الحرب وولّت،إنّما | ليسَ للذعرِ من الحربِ انقضاء | |
إن صحونا ،فأحاديث الوغى | في الحمى الآهل والأرض العراء | |
وإذا نمنا،تراءت في الكرى | صور الهول وأشباح الفناء | |
فهي في الأوراق جد هائج | وعلى الراديو، فحيح الكهرباء | |
نتقّي في يومنا شرُّ غدٍ | وإذا الصبحُ انطوى خفنا المساء |
عجباً،والحرب باب للردى
وطريق لدماء وعفاء
كيف يهواها بنو الناس،فهل
كرهوا في هذه الدنيا البقاء
الياس قنصل:
ماذا تهمُّ طوارِقُ الحدثان | خُلقَ الجهادُ لكلِّ ذي وجدان | |
الحقُّ شرعُكَ فامضِ فيه مؤملاً | ما آبَ غيرُ البطلِ بالخذلانِ | |
عميت نفوسُ الناسِ من أهوائها | فأعِدْ جمالَ النورِ للعميانِ | |
لا فرقَ بينَ مُلّففٍ بضلالةٍ | ومُلففٍ بنواصعِ الأكفانِ |
معروف الرصافي:
هي المنى كثغورِ الغيد تبتسم
دعِ الأماني أو رمهن من ظبة
إذا تطربها الصمصامة الخذم
فإنّما هن من غير الظبا حلم
والمجدُ لا يبتنى إلا على أسس
والحقُّ لا يجتنى إلا بذي شطب
من الحديد وإلا فهو منهدم
ماء المنيّة في غربيه منسجم
فللحسام صليل يرتمي شرراً | مفتقاً أذن من في أذنه صمم | |
وإنّما العيشُ للأقوى فمن ضعفت | أركانهُ فهو في الثاوين مختوم | |
والمجدُ يأثل حيث البأس يدعمه | حتى إذا زال زالَ المجد والكرم |
معروف الرصافي في سقوط مدينة أدرنة التركية على يد البلغار:
أدرْنِةُ مهلاً فإنَّ الظُّبى
سترعى لكِ العهدَ والموثقا
وداعاً لمغناك زاهي الرُّبا
وداعاً ولكن إلى الملتقى
عزاءً لمسجدكِ الجامع
أفارقَ محرابهُ المِنبرا
وهل في مُصلاهُ من راكع
يُجيبُ المؤذن إن كبّرا
فيا لسقوطك من فاجعٍ
وقبر النبوة في يثربا
بهِ فجعَ الدهرُ أمَّ القرى
ومثوى ضجيعيه مثوى التُّقى
ومن في البقيع ومن في قُبا
ومن شهدوا الفتح والخندقا
رويداً أدرنة لا تجزعي
وإن قد أمضّكِ هذا الأذى
إذا أنتِ بالسيفِ لم ترجعي
فلا حبّذا العيش لا حبّذا
جميل صدقي الزهاوي:
وشتان بين الجند قد هبَّ زاحفاً | وجند تولّى وهو بالخزي يعثرُ |
جميل صدقي الزهاوي:
ما أكثر الوحش في الآجام واغلة
وما بها كل ذي ناب بمغوارِ
قد كنت أحمي عريني أن يطوف به
وحش وأني ذاك القسور الضاري
إن كنتُ أقتل ذا شر يهاجمني
فقد قتلتُم الوفا غير أشرارِ
بالسيف،بالنار،بالغازات خانقة
وبابتعاث الوباء الفاتك الساري
ونحن إما أردنا البطش ننذركم
وتفتكون بنا من غير إنذار
ندنو فنقتل بالأنياب من كثب
وتقتلون برغم البعد بالنارِ
بلى أضرُّ إذا ما وجعت مفترساً
لكنّي لست في شبعي بضرارِ
لا أوثر القتل حُبّاً في محاسنهِ
بل إن في حاجتي بعثاً لإيثاري
محمد بهجة الأثري:
يبنونَ مجدَهم على قهرِ الورى | والمجدُ يبرأُ منهم والسؤددُ! | |
الفتحُ عندهُمُ هوى وتعسفٌ | وممالكٌ تهوي وأخرى تخمدُ | |
أسراءُ أهواءِ النفوسِ فحمدُهُمْ | يومٌ،وأما ذمُّهُم فمؤبَّدُ | |
لم يظهروا إلا ليخفوا مثلما | تبدو فقاقيعُ السّيولِ وتهمدُ | |
من معجزاتِ الدين في أخلاقهم | خُصّوا بصنعِ المعجزاتِ وأُفردوا | |
من كلِّ وضّاحِ الجبينِ كأنّهُ | ينشقُّ في الظلماءِ عنهُ الفرقدُ | |
يمشي بهم للفتحِ يحدو شوقهم | دينٌ يتوبُ لآيةِ المُتشدِّدُ |
مفدي زكريا:
نحنُ جندٌ في سبيلِ الحقِّ ثُرنا
وإلى استقلالنا في الحربِ قُمنا
لم يكن يُصغى لنا لما نطقنا
فاتخذنا رنةَ البارود وزنا
وعزفنا نغمة الرشاشِ لحنا
وعقدنا العزم أن تحيا الجزائر
محمد إقبال:
بمعابدِ الإفرنج كان آذاننا | قبل الكتائبِ يفتحُ الأمصارا | |
لم تنسَ أفريقيا ولا صحراؤها | سجداتنا،والأرضُ تقذفُ نارا | |
كنّا نقدّم للسيوف صدورنا | لم نخشَ يوماً غاشماً جبارا | |
وكأن ظل السيفِ ظلّ حديقة | خضراء تنبت حولنا الأزهارا | |
كنا نرى الأصنام من ذهب فنهد | مها ونهدم فوقها الكفارا |
دِ | ||
ف | ||
اً | ||
و | ز | |
و | ||
ب | ||
و |
من قصائد النصر:
العماد الأصفهاني يمدح صلاح الدين الأيوبي بعد معركة حطين:
استوحش القلبُ مذ غبتم فما أنسا | ولأظلم اليومُ مذ بنتم فما شمسا | |
ما طبتُ نفساً ولا استحسنتُ بعدكمُ | شيئاً نفيساً ولا استعذبتُ لي نُفَسا | |
قلبي وصبري وغمضي والشباب وما | ألفتم من نشاطي كله خلسا | |
وكيف يصبحُ أو يُمسي محبكم | وشوقكم يتولاهُ صباح مِسا | |
وكنتُ أحدسَ منكم كل داهيةٍ | وما دهانا من الهجرانِ ما حدسا | |
لما هدت نارُ شوقي ضيفَ طيفكمُ | قريهُ بالكرى أذرارَ مقتبسا | |
ورمتُ تأنيسهُ حتى وهبتُ له | إنسان عيني أفديه فما أنِسا | |
أنا الخيالُ نحولاً فالخيالُ إذا | ما زارني كيفَ يلقى من بهِ التبسا | |
لهفي على زمنٍ قضيتهُ طرباً | إذ لم أكن من صروفِ الدهرِ مُحترسا | |
عسى يعود شبابي ناضراً ومتى | أرجو نضارةَ عودِ للشبابِ عسى |
وشادنٍ يغرسُ الآسادَ ناظرهُ | فديتهُ شادناً للأسدِ مفترسا | |
في العطفِ لينٌ وفي أخلاقهِ شَوسٌ | يا لينَ عطفيهِ جَنبُ خُلقه الشوسا | |
إن بانَ لبسٌ مضينا لا جئين إلى ال | فتى الحسام بن لاجينَ بنابلسا | |
يميتُ أعداءَهُ بأساً ونائلهُ | يُحيى رجاءَ الذي من نجمهِ يأسا | |
ممزق المازق المنسوج عثيره | وقد محا اليوم ليل النقع فانطمسا | |
لا زلتَ مستوياً فوقَ الحصانِ وفي | حصنِ الحفاظِ ومن عاداكَ منتكسا | |
قلْ للمليك صلاح الدين أكرم من | يمشي على الأرضِ أو من يركبِ الفرسا | |
من بعدِ فتحكَ بيت المقدس ليس سوى | صورٍ فأن فُتحت فاقصد طرابلسا | |
أثرَ على يوم انطرسوسَ ذا لجبٍ | وابعث إلى ليلِ أنطاكية العسسا | |
وأخلِ ساحلَ هذا الشام أجمعه | من العداةِ ومن في دينهِ وكؤسا |
ولا تدع منهم نفساً ولا نَفَساً | فإنهم يأخذونَ النفسَ والنَفَسا | |
نزلتَ بالقدسِ فاستفتحتهُ ومتى | تقصدُ طرابلساً فانزل على قَلسا | |
يا يومَ حطينَ والأبطالُ عابسةٌ | وبالعجاجةِ وجهُ الشمسِ قد عبسا | |
رأيتُ فيه عظيمَ االكفرِ محتقراً | مُعفراً خدّهُ والأنفُ قد تَعسا | |
يا طهرَ سيفٍ برى رأسَ البرنسِ فقد | أصابَ أعظمَ من بالشركِ قد نجسا | |
وغاصَ إذ طارَ ذاكَ الرأسُ في دمهِ | كأنهُ ضفدعٌ في الماءِ قد عطسا | |
مازالَ يعطسُ مزكوماً بغدرتهِ | والقتلُ تشميتُ من بالغدرِ قد عطسا | |
عرى ظُبالهُ من ااغمادِ مهرقة | أدماً من الشركِ رداها به وَكَسا | |
من سيفهُ في دملءِ القوم منغمسٌ | من كلّ من لم يزلْ في الكفرِ منغمسا | |
أفناهم قتلهم والأسرِ فانتكوا | وبيتُ كفرهم من خبثهم كُنسا |
أطيبُ بأنفاسٍ تطيبُ لكم نَفَساً | وتعتاضُ من ذكراكمُ وحشتي أُنسا | |
وأسألُ عنكم عافياتٍ دوارسٍ | غدتْ بلسانِ الحالِ ناطقةً خَرسا | |
معاهدكم ما بالها كعهودكم | وقد كررتَ من درسٍ آثارها دَرَسا | |
وقد كان في حَسي لكم كل طارقٍ | ومت جئتمُ من هجركم خالفَ الحَدسا | |
أرى حَدثانَ الدهرِ يُنسى حديثُهُ | وأما حديثُ الغدرِ منكم فلا يُنسى | |
تزولُ الجبالُ الراسياتُ وثابتٌ | رسيسُ غرامٍ في فؤادي لكم أرسى | |
حسبتُ حبيبي قاسيَ القلبِ وحدَهُ | وقلبُ الذي يهوى يحمل الهوى أقسى | |
أما لكم يا مالكي الرق رقة | يطيبُ بها مملوككم منكم نَفسا | |
وإن سروري كنتُ أسمعُ حسّهُ | فمذ سرتُ عنكم ما سمعتُ له حسا | |
وإنّ نهاري صارَ ليلاً لبعدكم | فمت أبصرت عيني صباحاً ولا شمسا |
بكيتُ على مستودعاتِ قلوبكم | كما قد بكت قدماً على صخرها الخنسا | |
فلا تحبسوا عني االجميلَ فإنني | جعلتُ على حُبي لكم مهجتي حَبسا | |
رأيتُ صلاحَ الدينِ أفضلَ من غدا | وأشرفَ من أضحى وأكرمَ من أمسى | |
وقيلَ لنا في الأرضِ سبعةُ أبحرٍ | ولسنا نرى إلا أناملهُ الخمسا | |
سجيتهُ الحُسنى وشيمتهُ الرضا | وبطشتهُ الكبرى وعزمتهُ القعسا | |
فلا عدمتُ أيامنا منه مشرقاً | ينيرُ بما يولي ليالينا الدمسا | |
جنودكَ أملاكُ السماءِ وظنهمُ | عداتُكَ جنُالارضِ في الفتكِ لا الإنسا | |
فلا يستحقُ القدسَ غيركَ في الورى | فأنتَ الذي من دونهم فتحَ القُدسا | |
ومن قبلِ فتحِ القدسِ كنتَ مقدساً | فلا عدمتْ أخلاقُكَ اطهرَ والقُدسا | |
وطهرتهُ من رجسهم بدمائهم | فأذهبتَ بالرجسِ الذي ذهبَ الرجسا |
نزعتَ لباسَ الكفرِ عن قُدسِ أرضها | وألبستها الذين الذي كشفَ اللّبسا | |
وعادتْ ببيتِ الله أحكامُ دينه | فلا بطركاً أبقيتَ فيها ولا قسا | |
وقد شاعَ في الآفاقِ عنكَ بشارةٌ | بان أذان القدسِ قد أبطلَ النقسا | |
جرى بالذي تهوى القضاءُ وظاهرت | ملائكةُ الرحمنِ أجنادكَ الحُمسا | |
وكم لبني أيوبَ عبدٌ كعنترٍ | فإن ذُكروا بالبأسِ لا يذكروا عبسا | |
وقد طابَ رياناً على طبريةٍ | فيا طيبها مغنىً ويا حسنها مرسى | |
وعكا وما عكا فقد كان فتحها | لإجلائهم عن مدن ساحلهم كَنسا | |
وصيدا وبيروتُ وتبنينُ كلّها | بسيفكَ ألفى أنفهُ الرّغمَ والتعسا | |
ويافا وأرسوفٌ وتُبنى وغزةٌ | تخذتَ بها بين الطلّى والظُبى عُرسا | |
وفي عسقلانَ الكفرُ ذلَّ بملككم | فمنظرهُ بل أمرُهُ اربدَّ وأرجسا |
وصار بصورٍ عصبة يرقبونكم | فلا تُبطنوا عنها وحسّوهم حسا | |
توكلْ على الله الذي لكَ أصبحت | كلاءتهُ درعاً وعصمتهُ ترسا | |
ودمر على الباقين واجتثَّ أصلهم | فإنّكَ قد صيّرتَ دينارهم فَلسا | |
ولا تنسَ شركَ الشرقِ غربك مروياً | بماءِ الطُلى من صادياتِ الظبى الخمسا | |
وإنّ بلادَ الشرقِ مظلمةٌ فخذْ | خراسانَ والنهرين والتركَ والفُرسا | |
وبعد الفرنجِ الكركَ فاقصد بلادهم | بعزمكَ واملأ من دمائهمُ الرّمسا | |
أقامتْ بغابِ الساحلين جنودكم | وقد طردتَ عنهُ ذئابهمُ الطُلسا | |
سحبتَ على الأردنِ رُدناً من القنا | رُدينيةٌ مُلَداً وخَطيّةٌ مُلسا | |
حططتَ على حطينُ قدرَ ملوكهم | ولم تُبقِ من أجناسِ كفرهم جِنسا | |
ونعمَ مجالُ الخيلِ حطينُ لم تكن | معاركها للجُردِ ضرساً ولا دهسا |
غداةَ أسودُ الحربِ معتقلوا القنا | أساودُ تبغي من نحورِ العدا نهسا | |
أتوا شُكسَ الأخلاقِ خُشناً فليّنتْ | حدودُ الرّقاقِ الخشنُ أخلاقها الشُكسا | |
طردتهم في الملتقى وعكستهم | مُجيداً بحكم العزمِ طردكَ والعكسا | |
فكيفَ مكستَ المشركينَ رؤوسهم | ودأبُكَ في الإحسانِ أن تُطلقَ المكسا | |
كسرتهم إذ صحّ عزمُكَ فيهمُ | ونكستهم إذ صارَ سهمهم نكسا | |
بواقعةٍ رجّتْ بها الرضُ جيشهم | دماراً كما بُست جبالهم بَسا | |
بطونُ ذئابِ الأرض صارت قبورهم | ولم ترضَ أرضٌ أن تكونَ لهم رَمسا | |
وطارت على نارِ المواضي فراشُهم | صلاءً فزادت من خمودهمُ قبسا | |
وقد خشعت أصواتُ أبطالها فما | يعي السمعَ إلا من صليلِ الظُبى همسا | |
تُقادُ بداً ماء الدماءِ ملوكهم | أسارى كسفنِ اليمِ نُطّت بها القلسا |
سبايا بلادُ الله مملوؤةٌ بها | وقد شُريتْ بخساً وقد عُرضتْ نَخسا | |
يُطافُ بها الأسواقُ لا راغبٌ لها | لكثرتها كم كثرةٍ تُوجبُ الوكسا | |
شكا يَبساً رأسُ البرنسِ الذي به | تنّدى حسامٌ حاسمٌ ذلكَ اليُبسا | |
حسا دمهُ ماضي الغرارِ لقدره | وما كان لولا غدرهُ دمهُ يُحسى | |
فلله ما أهدى فتكت به | وأطهرَ سيفاً معدماً رجسهُ النجسا | |
نسفتَ بهِ رأسَ البرنسِ بضربةٍ | فأشبهَ رأسي رأسهُ العهنَ والبُرسا | |
تبوّغَ في أوداجهِ دمُ بغيهِ | فصالَ عليه السيفُ يلحسهُ لحسا | |
بعثتَ إمام أمةِ النارِ نحوها وللهِ نصُّ النصرِ جاءَ لنصلهِ | فزارَ إمام أرناطها ذلكَ الحبسا فلا قُونساً أبقى لرأسٍ ولا قَنسا | |
حكى عنقَ الداويَّ صُلَّ بضربةٍ أيوم وغىً تدعوهُ أم يوم نائلٍ | طريرُ الشبا عوداً لمضرابهِ حسا وأنتَ وهبتَ الغانمينَ به الخُمسا | |
وقد طابَ رياناً على طبريةٍ | فيا طيبها رياً ويا حسنها مرسى |
ابن القيسراني يمدح نور الدين زنكي بعد انتصاره على الصليبيين:
هذي العزائمُ لا ما تدّعي القُضبُ | وذي المكارمُ لا ما قالتِ الكتبُ | |
أغرتْ سيوفكَ بالإفرنجِ راجفةٌ | فؤادُ روميّةَ الكبرى لها يَجِبُ | |
غضبتَ للدين لم يفتك رضاً | وكانَ دينُ الهدى مرضاتهُ الغضبُ | |
فانهض إلى المسجدِ الأقصى بذي لجبٍ | يُوليك أقصى المنى فالقدسُ مُرتقبُ | |
وائذن لموجك في تطهيرِ ساحلهِ | فإنّما أنتَ بحرٌ لُجةُّ لَجبُ |
هذي العزائمُ لا ما تدّعي القُضبُ | وذي المكارمُ لا ما قالتِ الكتبُ | |
أغرتْ سيوفكَ بالإفرنجِ راجفةٌ | فؤادُ روميّةَ الكبرى لها يَجِبُ | |
غضبتَ للدين لم يفتك رضاً | وكانَ دينُ الهدى مرضاتهُ الغضبُ | |
فانهض إلى المسجدِ الأقصى بذي لجبٍ | يُوليك أقصى المنى فالقدسُ مُرتقبُ | |
وائذن لموجك في تطهيرِ ساحلهِ | فإنّما أنتَ بحرٌ لُجةُّ لَجبُ |
ابن القيسراني يمدح عماد الدين زنكي بعد انتصاره على الصليبيينواستيائه على حصن الرها:
هوَ السيفُ لا يُغنيك إلا جِلادهُ | وهل طوّقَ الأملاكَ إلا نِجادهُ | |
سَمتْ قبلةَ الإسلامِ فخراً ببأسهِ | ولم يك يسمو الدينُ لولا عِمادهُ | |
فيا ظفراً عمَّ البلادَ رشادهُ | بمن كان قد عمَّ البلادَ فسادهُ | |
فلا مُطلقٌ إلا وشُدَّ وثاقهُ | ولا مُوثقٌ إلا وحُلَّ صِفادهُ | |
ولا منبرٌ إلا ترنحَ عودهُ | ولا مُصحفٌ إلا أنارَ امتدادهُ | |
فقلْ لملوكِ الكفر تُسلمُ بعدها | ممالكها إن البلادَ بلادهُ |
بهاء الدين زهير بعد انتصار السلطان الكامل على الصليبيين في مصر:
بِكَ اهتزَّ عِطفُ الدينِ في حُللِ النصرِ | ورُدّتْ على أعقابها مِلّةُ الكفرِ | |
فقد أصبحت والحمدُ لله نعمةً | يُقصّرُ عنها قُدرةُ الحمدِ والشكرِ | |
يَقِلُّ بها بذلُ النفوسِ بشارةً | ويصغرُ فيها كلُّ شىءٍ من النذرِ | |
ألا فليقلْ ما شاءَ من هو قائلٌ | ودونكَ هذا موضعُ النظمِ والنثرِ | |
وجدتُ محلاً للمقالةِ قابلاً | فمالكَ إن قصّرتَ في ذاكَ من عُذرِ | |
لكَ الله من مولىً إذا جادَ أو سطا | فناهيكَ من عُرفٍ وناهيكَ من نُكرِ | |
تميسُ بهِ الأيامُ في حُللِ الصبا | وترفلُ منهُ في مطارفهِ الخضرِ | |
أياديهِ بيضٌ في الورى موسَويّةٌ | ولكنها تسعى على قدمِ الخِضرِ | |
ومن أجلهِ أضحى المُقطمُ شامخاً | يُنافسُ حتى طورَ سيناءَ في القدرِ | |
تدينُ لهُ الأملاكُ بالكُرهِ والرضى | وتخدمهُ الأفلاكُ في النهي والأمر |
فيا مَلكاً سامى الملائكَ رِفعةً | ففي الملأ الأعلى لهُ أطيبُ الذكرِ | |
ليهنكَ ما أعطاكَ ربُّكَ إنّها | مواقفُ هُنَّ الغُرُّ في موقفِ الحشرِ | |
ومافرحتْ مصرٌ بذا الفتحِ وحدها | لقد فرحتْ بغدادُ أكثرَ من مصرِ | |
فلو لم يَقم بالله حقّ قيامهِ | لما سلمت دارُ السلامِ من الذعرِ | |
وأُقسمُ لولا هِمّةٌ كامليّةٌ | لخافت رجالٌ بالمقامِ وبالحجرِ | |
فمن مُبلغٌ هذا الهناءَ لمكّةٍ | ويثربَ تُنهيهِ إلى صاحبِ القبرِ | |
فقلْ لرسولِ الله إنّ سَميّهُ | حمى بيضةَ الإسلام من نوبِ الدهرِ | |
هوَ الكاملُ المولى الذي إن ذكرتهُ | فيا طربَ الدنيا ويا فرحَ العصرِ | |
بهِ ارتجعت دمياطُ قهراً من العدى | وهرّها بالسيبفِ والمِلّة الطُهرِ | |
وردَّ على المحرابِ منها صلاتهُ | وكم باتَ مشتاقاً إلى الشفعِ والوِترِ |
وأُقسمُ إن ذاقت بنو الاصفرِ الكرى | فلا حلمتْ إلا بأعلامهِ الصفرِ | |
عجبتُ لبحرٍ جاءَ فيهِ سفينهمُ | ألسنا نراهُ عندنا مَلكَ الغَمرِ | |
ألا إنها من فعلهِ لكبيرةٍ | سيطلبُ منها عفو حلمكَ واليُسرِ | |
ثلاثةَ أعوامٍ أقمتَ وأشهراً | تُجاهدُ فيهم لا بزيدٍ ولا عمرو | |
صبرتَ إلى أن أنزلَ الله نصرَهُ | لذلكَ قد أحمدتَ عاقبةَ الصبرِ | |
وليلةِ غزوٍ للعدوِّ كأنها | بكثرةِ من أرديتهُ ليلةُ النحرِ | |
فيا ليلةً قد شرّفَ الله قدرها | ولالا غرَ إن سميتها ليلةَ القدرِ | |
سدَدتَ سبيلَ البرِّ والبحرِ عنهمُ | بسابحةٍ دُهمٍ وسابحةٍ غُرِّ | |
أساطيلُ ليست في أساطيرِ من مضى | بكلِّ غُرابٍ راحَ أفتكَ من صقرِ | |
وجيشٍ كمثلِ الليلِ هولاً وهَيبةً | وإن زانهُ ما فيه من أنجمٍ زُهرِ |
وكُلِّ جوادٍ لم يكن قطُّ مثلُهُ | لآلِ زهيرٍ ولا لبني بدرِ | |
وباتت جنودُ الله فوقَ ضوامرٍ | بأوضاحها تُغني السُراةَ عن الفجرِ | |
فما زلتَ حتى أيّدَ الله حزبهُ | وأشرقَ وجهُ الأرضِ جذلانَ بالنصرِ | |
فروّيت منهم ظامىء البيضِ والقنا | وأشبعتَ منهم طاويَ الذئبِ والنَسرِ | |
وجاءَ ملوكُ الرومِ نحوكَ خُضّعاً | تُجررُ أذيالَ المهانةِ والصُغرِ | |
أتوا ملكاً فوقَ السِماكِ محلّهُ | فمن جودهِ ذاكَ السحابُ الذي يسري | |
فمنَّ عليهم بالأمانِ تكرّماً | على الرغمِ من بيضِ الصوارمِ والسُمرِ | |
كفى اللهُ دمياطَ المكارهَ إنّها | لَمن قبلةِ الإسلامِ في موضعِ النحرِ | |
وما طابَ ماءُ النيلِ إلا لأنّهُ | يحُلُّ محلَّ الريقِ من ذلكَ الثغرِ | |
فللهِ يومُ الفتحِ يومُ دخولها | وقد طارتِ الأعلامُ منها على وكرِ |
لقد فاقَ أيامَ الزمانِ بأسرها | وأنسى حديثاً عن حُنينٍ وعن بدرِ | |
ويا سعدَ قومٍ أدركوا فيهِ حظَّهم | لقد جمعوا بين الغنيمةِ والأجرِ | |
وإنّي لمرتاحٌ إلى كلِّ قادمٍ | إذا كان من ذاكَ الفُتوحِ على ذِكرِ | |
فيطربني ذاكَ الحديثُ وطيبُهُ | ويفعلُ بي ماليسَ في قُدرةِ الخمرِ | |
وأُصغي إليهِ مستعيداً حديثُهُ | كأنّي ذو وقرٍ ولستُ بذي وقرِ | |
يقومُ مقامَ الباردِ العذبِ في الظما | ويُغني عن الأزوةادِ في البلدِ القفرِ | |
فكم مرَّ لي يومٌ إذا ما سمعتهُ | أقرَّ بهِ سمعي وأذكرهُ فكري | |
وها أنا ذا حتى إلى اليوم ربّما | أكذبُ عنهُ بالصحيحِ من الأمرِ | |
لكَ الله من أثنى عليكَ فإنّما | من القتلِ قد أنجيتهُ أو من الأسرِ | |
يُقصّرُ عنكَ المدحُ من كلّ مادحٍ | ولو جاءَ بالشمسِ المنيرةِ والبدرِ |
محمد بن أسعد نقيب أشراف مصر بعد فتح بيت المقدس في 27 رجب عام 538هجري الموافق 1187م وذلك بعد 88 سنة من احتلال الصليبيون لبيت المقدس:
أتُرى مناماً ما بعيني أبصرُ | القدسُ يُفتحُ والفرنجةُ تُكسرُ | |
وقمامة قُمت من الرجسِ الذي | بزوالهِ وزوالها يتطهرُ | |
ومليكهم في القيدِ مصفودٌ ولم | يُرَ قبل ذاك لهم مليك يُؤسرُ | |
قد جاء نصرُ الله والفتح الذي | وعد الرسولُ فسبحوا واستغفروا | |
فُتح الشام وطهر القدس الذي | هو في القيامةِ للأنامِ المحشرُ | |
من كان هذا فتحهُ لمحمد | ماذا يُقال له وماذا يُذكرُ | |
يا يوسف الصديق أنت لفتحها | فاروقها عمرُ الإمام الأطهرُ | |
ولأنت عثمان الشريعة بعده | ولانت في نصرِ النبوة حيدرُ | |
ملك غدا الإسلام من عجب به | يختالُ والدنيا به تتبخترُ | |
نثرٌ ونظمٌ طعنهُ وضرابهُ | فالرمحُ ينظمُ والمهندُ ينشرُ |
حيث الرّقاب خواضع حيث | العيون خواشع حيث الجباه تُعفرُ | |
غاراتهُ جُمعٌ فإن خطبت له | فيها السيوف فكلّ هامٍ منبرُ | |
إذ لا ترى إلا طلى بسنابك | تُحدى نعالاً أو دماءً تُهدرُ | |
تمشي على جثث العِدى عُرجا | ولا عرج بها لكنها تتعثرُ |
الشاعر الجلياني في فتح بيت المقدس:
أبا المُظهّر أنت المحتبى لهدى | أخرى الزمان على حُبرٍ بخبرته | |
فلو رآك وقد حزت العلا عمر | في قُلّة التل قضّى كنه عبرته | |
ورآك وأهلُ القدسِ في ولهٍ | أبو عبيدة فدّى من مسرتهِ | |
غداةَ جزّوا النواصيَ في قمامته | وأعولوا بالتباكي حول صخرته | |
دارت بك المِلّة الحسن فنحن على | عهد الصحابةِ في استمرارِ مرّته | |
وأنت كاسمكَ صدّيقٌ وصاحبه | الملك المظفر سام في مبرّته | |
وفي السلالة عثمانٌ يؤيده | عُلا عليّ على إيثار نُصرته | |
وكم لديك ذوي قربى رقوا | وكم بعيد رأى الزُّلفى بهجرته | |
أما رأيت معالي يوسف نُسقت | حتى رمت كل ذي مُلكٍ بحسرته | |
أضحى لنشر الهدى في فتح منهجه | وبات يطوي العدى في سدّ ثُغرته |
واستقبح الرُجس ممنّوا بمشهده | فاستفتح القدس محشواً بزمرته | |
لكنّ بأسَ صلاح الدين أذهلهم | بوقعةِ التلِّ واستشرى بسورته | |
تعيا الجوارح والفرسانُ وهو على | بدء النشاط عشياً مثل بُكرته | |
يا فاتحَ المسجدِ الأقصى على بُهمٍ | وقائص الجيش لا يُحصى بقفزته | |
أبشر بملك كظهر الشمس مُطلع | على البسيطة فتّاح بشرته | |
حتى يكون لهذا الدين ملحمةٌ | تحكي النبوة في أيام فَترته |
أبو علي الحسن بن علي الجويني في فتح بيت المقدس:
جندُ السماء لهذا الملك أعوان | من شكَّ فيهم فهذا الفتحُ برهان | |
متى رأى الناس ما نحكيه في زمن | وقد مضت قبل أزمان وأزمان | |
هذي الفتوح فتوح الأنبياء وما | لها سوى الشكر بالأفعال أثمان | |
أضحت ملوك الفرنج الصيد في يده | صيداً وما ضعفوا يوماً وما هانوا | |
كم من فحول ملوك غُودروا وهم | خوف الفرنجة ولدان ونسوان | |
هذا وكم ملك من بعده نظر إلى | الإسلام يُطوى ويُحوى وهو سكران | |
تسعون عاماً بلاد الله تصرخ | والإسلام نُصّارهُ صمٌّ وعميان | |
فالآن لبّى صلاح الدين دعوتهم | بأمر من هو للِمعوان معوان | |
للناصر ادّخرت هذي الفتوح وما | سمت لها هِممُ الأملاك مذ كانوا | |
حباه ذو العرش بالنصر العزيز | فقال الناس داود هذا أم سليمان |
في نصف شهر غدا للشرك مصطلماً | فطهرت منه أقطار وبلدان | |
فأين مسلمةٌ عنها وأخوته | بل أين والدهم بل أين مروان | |
وعدَّ عما سواه فالفرنجة لم | يبذهم من ملوك الارض إنسان | |
لو أنّ ذا الفتح في عصر النبي لقد | تنزلت فيه آيات وقرآن | |
يا قُبح أوجه عباد الصليب وقد | غدا يُبرقعها شؤم وخذلان | |
خزنتَ عند إله العرش سائر ما | ملكتهُ وملوك الارض خُزّان | |
فالله يُبقيك للإسلام تحرسهُ | من أن يضام ويُلفى وهو حيران | |
وهذه سِنّةٌ أكرم بها سنة | فالكفرُ في سنةٍ والنصرُ يقظان | |
يا جامعاً كلمة الإيمان قامع مَن | معبوده دون ربّ العرش صلبان | |
إذا طوى الله ديوان العباد فما | يطوى لأجر صلاح الدين ديوان |
أبو الحسن علي بن محمد الساعاتي في فتح القدس:
عصفت به ريح الخطوب زعازعاً | فلقينَ طوداً لا تخفّ أناته | |
هو منقذ البيت المقدس بعدما | طالت فما وجد الشفاء شكاته | |
بيتٌ تأسسَ بالسكون وإنما | عند الزحافِ تحركات سكناته | |
أمُشتّت الأعداء وهي جحافل | عن شمل دين جُمعت أشتاته | |
أوتيت عزماً في الحروب مسدداً | لا زيغهُ يُخش ولا هفواته | |
أحسنت بالبيت العتيق ويثرب | ولك الفعال كثيرة حسناته | |
هذي سيوفك محرمات دونه | لبكائهنَّ تبسّمت جحراته |
الرشيد أبو محمد عبد الرحمن بن مفرج النابلسي في فتح بيت المقدس:
لقد فتحت عصياً من ثغورهم | لولاك ما هدّ من أركانها حجرُ | |
تجل علياه عن دح يحيط به | وصف وإن نظم المداح أو نثروا | |
هذا الفتوح الذي جاء الزمان به | إليك من هفوات الدهر يعتذر | |
هذا الذي كانت الآمال تنتظرُ | فليوفِ لله أقوام بما نذروا | |
الآن قرّت جنوب في مضاجعها | ونام من لم يزل حِلفاً لهُ السهرُ | |
يا بهجةَ القدس إذ أضحى به علم الإسلام | من بعد طيٍّ وهو منتشر | |
يا نور مسجده الأقصى وقد رُفعت | بعد الصليب به الآيات والسورُ | |
شتان ما بين ناقوس يدان به | وبين ذي منطق يُصغي له الحجرُ | |
الله أكبر صوتٌ تقشعر له | شُمُّ الذرى وتكاد الارض تنفطر |