ابتهالات ومناجاة

بسم الله الرحمن الرحيم

من شوارد الشواهد في الدعاء والإبتهالات ومدح الذات الإلهية

أحمد شوقي:

قدّمتُ بين يديَّ نفساً أذنبتْ

وأتيتُ بين الخوفِ والإقرارِ

وجعلتُ أستر عن سِواك ذنوباً

حتى عييتُ،فمن لي بستارِ

أحمد شوقي:

إلى عرفاتِ الله يا خيرَ زائرٍ

عليكَ سلامُ الله في عرفاتِ

ويوم تُولّي وجهةَ البيتِ ناضراً

وسيمَ مجالي البشر والقسمات

على كلِّ أفقٍ في الحجاز ملائكٌ

تزُّفُ تحايا الله والبركات

لدى البابجبريلُ الأمينُ براحهِ

رسائلُ رحمانيّةُ النفحات

وفي الكعبةِ الغرّاء ركنٌ مُرَحبٌ

بكعبةِ قُصَّادٍ، ورُكنِ عُفاةِ

وما سكبَ الميزابُ ماءً،وإنّما

أفاضَ عليكَ الأجرَ والرحماتِ

وزمزمتجري بين عينيك أعيناً

ويرمون إبليسَ الرجيمَ، فيصطلي

يُحيّيكَطهفي مضاجع طُهرهِ

ويُثني عليكالراشدونبصالحٍ

من الكوثرِ المعسولِ منفجرات

وشانيكَ نيراناً من الجمراتِ

ويعلم ما عالجت من عقباتِ

ورُبَّ ثناءٍ من لسانِ رُفاتِ

لكَ الدِّينُ يا رَبَّ الحجيجِ ،جمعتهم

لِبيتٍ طَهورِ السّاحِ والعَرَصاتِ

أرى الناسَ أفواجاً ،ومن كلِّ بقعةٍ

إليك انتهوا من غُربةٍ وشتات

تساووا، فلا الأنسابُ فيها

تفاوتٌ لديك، ولا الأقدارُ مختلفات

لكَ الدِّينُ يا رَبَّ الحجيجِ ،جمعتهم

لِبيتٍ طَهورِ السّاحِ والعَرَصاتِ

أرى الناسَ أفواجاً ،ومن كلِّ بقعةٍ

إليك انتهوا من غُربةٍ وشتات

تساووا، فلا الأنسابُ فيها

تفاوتٌ لديك، ولا الأقدارُ مختلفات

دعاني إليكَ الصالح ابنُ محمد

وقدمتُ أعذاري وذلّي وخشيتي

وفي راحتي ماضٍ إذا ما هززتهُ

أتيتُ بهِ يا ربّ نوراً وحكمةً

فكان جوابي صالح الدعواتِ

وجئتُ بضعفي شافعاً وشكاتي

تركتُ عدوَّ الله في السكراتِ

ونزهتهُ عن ريبةٍ وأذاةِ

عَنتْ لك في التُربِ المُقدّسِ جبهةٌ

مُنورةٌ كالبدرِ،شمّاءٌ كالسُّها

يَدينُ لها العاتي من الجبهاتِ

وتُخفضُ في حقّ،وعند صلاة

وياربِّ، هل تُغني عن العبد حجّةٌ

وفي العمرِ ما فيهِ من الهفواتِ

وتشهدُ ما آذيت نفساً، ولم أضِرْ

ولا غلبتني شقوةٌ أو سعادة

ولا جالَ إلا الخيرُ بين سرائري

ولا بتُّ إلا كابن مريم، مشفقاً

ولا حُملّتْ نفسٌ هوىً لبلادها

وإني ـ ولا منٌّ عليك بطاعة

أُبلغُ فيها وهي عدل ورحمة

ٌ

ولم أبغِ في جهري، ولا خطراتي

على حكمةٍ أتيتني وأناة

لدى سُدّةٍ خيريةِ الرغبات

على حُسّدي، مُستغفراً لِعداتي

كنفسي، في فعلي، وفي نفثاتي

أُجِلُّ ـ وأُغلى في الفروض زكاتي

ويتركها النساك في الخلوات

وأنت وليّ العفو، فامحُ بناصعٍ

من الصفحِ ما سوّدتُ من صفحاتي

ومنْ تضحكِ الدنيا إليه فيغترر

يمت كقتيل الغيد بالبسمات

إذا زرت بعد البيت قبر محمد

وقبلّت مثوى الأعظم العطرات

وفاضت من الدمع العيون مهابة

لأحمد بين الستر والحجرات

واشرق نور تحت كل سنيّة

وضاء أريج تحت كلِّ حصاة

فقُلْ لرسول الله يا خير مرسل

لأبثُّك ما تدري من الحسرات

شعوبك في شرق البلاد وغربها

كأصحاب كهف في عميق سبات

بأيمانهم نوران:ذكر وسنة

فما بالهم في حالك الظلمات

وقُلْ ربي وفِقْ للعزائم أمتي

وزَيّن لها الأفعال والعزمات

أحمد شوقي في قصيدةولد الهدى“:

ما جئتُ بابكَ مادحاً بل داعياً

ومن المديحِ تَضرُّعٌ ودُعاءُ

أدعوكَ عن قومي الضعافِ لأزمةٍ

في مثلها يُلقى عليك رجاءُ

أدرى رسول الله أن نفوسهم

ركبت هواها والقلوب هواءُ

متفككون فما تضمُّ نفوسهم

ثِقةً ولا جمع القلوبَ صفاءُ

رقدوا وغَرّهم نعيمٌ باطلٌ

ونعيمُ قومٍ في القيودِ بلاءُ

ظلموا شريعتك التي نلنا بها

ما لم ينلْ في رومة الفقهاء

مشت الحضارة في سناها واهتدى

في الدين والدنيا بها السعداء

صلى عليك الله ما صحِب الدُّجى

حادٍ وحَنّت بالفلا وجناءُ

واستقبل الرّضوانَ في غرفاتهم

بجنان عدن آلك السمحاء

خيرُ الوسائل من يقع منهمُ على

سببٍ إليك فحسبي الزهراء

أحمد شوقي:

يا رَبِّ صَلِّ وسلّم ما أردتَ على

نزيل عرشك خيرِ الرسُلِ كلّهمِ

مُحي الليالي صلاةً لا يُقطّعها

إلا بدمعٍ من الإشفاقِ مُنسجمِ

مُسّبحاً لكَ جُنْحَ الليلِ مُحتملاً

ضُراً من السُّهدِ أو ضُراً من الورمِ

رضيّةٌ نفسُهُ،لا تشتكي سأماً

وما مَ الحُبِّ إن أخلصتَ من سأمِ

وصَلِّ ربّي على آلٍ لهُ نُخَبٍ

جعلتَ فيهم لواءَ البيتِ والحرَمِ

بيضُ الوجوه،ووجهُ الدّهرِ ذو حَلَكٍ

شُمُّ الأنوف،وأنفُ الحادثات حمي

وأهد خيرَ صلاةٍ منك أربعةً

في الصَحبِ،صُحبتُهم مَرعيّةِ الحُرَمِ

الراكبينَ إذا نادى النبيُّ بهم

ما هالَ من جَلَلٍ،واشتدَّ من عَمَمِ

الصابرينَ ونفسُ الأرضِ واجفةٌ

الضاحكينَ إلى الأخطارِ والقُحَمِ

يارَبِّ هَبتْ شعوبٌ من مَنيّتها

واستيقظت أُمَمٌ من رقدةِ العدمِ

سعدٌ،ونحسٌ،ومُلكٌ أنتَ مالِكهُ

تُديلُ من نِعَمٍ فيه ومن نِقَمِ

رأى قضاؤكَ فينا رأي حكمتهِ

أكِرمْ بوجهكَ من قاضٍ ومُنتقمِ

فالطفْ لأجلِ رسولِ العالمين بنا

ولا تزدْ قَومهُ خَسْفاً ولا تُسِمِ

يا رَبِّ ،أحسنتَ بدءَ المسلمين بهِ

فَتَمِّمْ الفضلَ،وامنحْ حُسنَ مُخَتتمِ

أجمد شوقي:

هكذا الدّهرُ حالةٌ ثُمَّ ضِدٌّ

ما لحالٍ مع الزمانِ بقاء

رَبِّ هذي عقولنا في صباها

نالها الخوفُ واستباها الرجاء

فعشقناكَ قبل أن تأتي الر

ووصلنا السُرى فلولا ظلامُ ال

لم يُعادِ اللهُ العبيدَ ولكن

وإذا جلَتِ الذنوبُ وهالت

سلُ وقامت بِحبّكَ الأعضاءُ

جهلِ لم يُخطنا إليك اهتداءُ

شقيت بالغباوةِ الأغبياء

فمن العدل أن يهول الجزاءُ

أحمد شوقي:

سُبحان من لا عِزَّ إلا عِزّهُ

يبقى ولم يك ملكه ليزولا

لا تستطيع النفس في ملكوته

إلا رضا بقضائه وقبولا

الخيرُ فيما اختارهُ لعبادهِ

لا يظلم الله العباد فتيلا

وإذا أرادَ الله أمراً لم تجد

لقضائه رداً ولا تبديلا

أحمد شوقي:

إنْ جَلَّ ذنبي عن الغُفرانِ لي أملٌ

في الله يجعلني في خيرِ مُعتَصَمِ

أُلقي رجائي إذا عزَّ المجيرُ على

مُفَرِّجِ الكربِ في الدارين والغَمَمِ

إذا خفضتُ جناحَ الذُلِّ اسألهُ

عِزَّ الشّفاعةِ لم أسال سِوى أَممِ

وإن تَقدّمَ ذو تقوى بصالحةٍ

قَدّمتُ بين يديه عَبرةَ الندمِ

لزِمتُ بابَ أمير الأنبياء ومنْ

يُمسِك بمفتاح باب الله يغتنمِ

فكلُّ فضلٍ وإحسانٍ وعارفةٍ

ما بين مستلم منه ومُلتزمِ

علقتُ من مدحهِ حبلاً اعزُّ بهِ

في يوم لا عِزَّ بالأنسابِ واللُّحمِ

محمدٌ صفوةُ الباري ورحمتهُ

وبغيةُ الله من خَلقٍ ومن نَسَمِ

أبداً يراه الله في غلس الدُّجى

في صحن مسجده وحول كتابه

مصطفى السباعي:

احملوني إلى الحبيب وروحوا

واطرحوني ببابه واستريحوا

أنا من هَيّجَ الغرامُ شجاه

وبراهُ الهيام والتبريحُ

طال سقمي وطال فيه عنائي

ليت شعري متى يصح الجريحُ؟

شدّة إثر شدّة تتوالى

ها أنا اليوم في الفراش طريحُ

لست آسى على لذائذ عيش

أو على الجاه والشباب أنوح

غير أني انتزعت من بين صحبي

فارساً معلماً بجسمي جروح

قدر الله لا يرد بسخط

ليس إلا الخضوع والتسبيح

يا سهام الأقدار خلي ثلاثاً

هي عندي وجه الحياة الصبيح

اتركي لي عقلي أفكر فيه

وعيوني أرنو بها وأروح

ويدي تملأ الصحائف علماً

وبلاغاً وبالشجون تبوح

ربِّ قد أعجز الأطباء دائي

ما لدائي سواك رب يزيح

وإذا شاءت العناية أمراً

يَسّرته من بعد يأس يلوح

في رحاب الكريم ألقيت رحلي

إنَّ قصد الكرام رأي نجيح

ولقد يقبل الكريم جناة

قد تراموا ودمعهم مسفوح

علم الله ذلتي،وانكساري

ودموعي وذو الهوى مفضوح

مصطفى السباعي🙁مع الحجيج):

هُرعوا مسرعين في زحمة العيش

ثمَّ طافوا بالبيتِ يُعطون عهداً

طلاباً للِبرِّ والحسنات

بالتزام الإيمان والطاعات

وانثنوا محرمين مُلبِّين

سراعاً لإلى ثرى عرفات

وقفوا وقفة الأذلاَّء منه

مازجين الدعاء بالعبرات

أعلنوا في الجمار عهد وفاء

لا يُصيخون سمعهم للغواة

قد دعاهم له، فلبوا سراعاً

ليس يلقاهم بغيرِ الهبات

ربِّ قد حلت بيني وبينهم اليوم

فاغفرن زلّتي لديك وبارك

برغم الأشواق والحسرات

عزماتي،لا تُطِلْ من شكاتي

واكتُبن لي عَوداً لتلك الديا

رات وفيضاً من تلكمُ الرحمات

لذّةُ العيش طول مناجاة ال

عبيد للمَلك والسادات

ودنوٌّ من سدّة الملأ الأعلى

بالذلِّ تارة وبالآهات

ضلَّ من يغبط البعيدين عنه

رُبَّ عيش فيه هوان الموات

مصطفى السباعي:

أراك جميلاً حينَ ترضى وتغضب

وحينَ تُعافيني من الهَمِّ والضنى

وحين تُمني بالوصالِ وتعتب

وحينَ دمائي من جراحي تثعب

وإن يَكُ جسمي ملؤ عطفيه صحة

وإن تكن الأسقام تضوي وتعطب

وإن غمرتني منك حسنى تسّرني

وإن هُدَّ مني للمصائب منكب

وفي الضرّ والنعمى وفي المنع والعطا

وفي الأمن والأحزان تأتي وتذهب

أراكَ جميلاً في فعالك كلها

فهل أنتَ راضٍ أم ترى أنت مغضب؟

ولكنَّ ظني فيك أنك معتقي

وأنك تدنيني ولست تعذب

فيا رب هب لي منك صبراً ورحمة

وياربِّ حببني بما فيَّ تكتب

ويا ربِّ زدني عنك فهماً لمحنتي

وثبت يقيني فيك فالقبُ قُلّب

وزِدني إحساناً بما أنت أهله

وحَسّن فعالي أنت نعم المؤدِّب

وأنزل على قلبي الجريح سكينة

وأحسن ختامي ليس لي عنك مذهب

عصام العطار:

الله حَسبي إذا ما عَقَّني بلدٌ

وضاقتِ الأرضُ عن شخصي وعن قيمي

فما أؤمِّلُ غيرَ الله من أحدٍ

إن عزَّ أمرٌ ولا أعنو لذي نَسَمِ

الحَزنُ في حُبِّهِ سهلٌ لِسالكهِ

والخوفُ أمنٌ وبؤسُ العيشِ كالنِعمِ

وأصعبُ الصّعبِ في عَينيِّ أهوَنهُ

وأبعدُ البُعدِ في العينينِ كالأمَمِ

عصام العطار:

اللهُ قصدي وهذا الكونُ أجمعَهُ

لم يَستَثِرْ رَغَباً في النفسِ أو رَهبا

حَسبي طهارةُ قلبي في مقاصدِهِ

والنهجُ ما رَضيَ الرحمنُ أو طلبا

إن نِلتُ مرضاتهُ فالشمسُ دونَ يدي

فكيفَ أقبل في آمالي الشُّهبا

إذا دعوتُكَ يا اللهُ مُبتهلاً

أحسستُ قُربَكَ إذ أدعوكَاللهُ

أٌمرِّغُ الوجهَ من وَجْدٍ ومن ضَرَعٍ

والقلبُ يهتِفُ في الأضلاعِاللهُ

أنا الشقيُّ بآثامي وقد كَثُرتْ

فابسطْ يمينكَ بالغفرانِالله

أنا الغريقُ بأحزاني ولا لجأٌ

إلا إليكَ من الأحزانِ الله

أنا الغريبُ فلا أهلٌ ولا وطنٌ

أنتَ العزاءُ عن الأحبابِالله

يا رَبِّ حُبُّكَ أضناني وسَهّدني

فانظر إليَّ بفضلٍ منكَ ..الله

يا رَبِّ لا عَملٌ أرجو القبولَ بهِ

والعمرُ ولّى فلا أرجوهُ الله

لا تتركني وحيداً دونما سَنَدٍ

فأنتَ قصدي وأنتَ العونُالله

عصام العطار:

تركتُ لِرحمةِ الرَّحمنِ نفسي

فما لي دونَ رَحمتهِ رَجاءُ

لقد قَصَّرتُ في عُمري طويلاً

وقد أخطأتُ والدُّنيا ابتلاءُ

فإن يغفرْ بِفضلٍ منهُ أنجو

وإلّا فالحسابُ هوَ الشَّقاءُ

إلهي والحياءُ يُذيبُ نفسي

إذ أدعوكَ ذَوَّبني الحياءُ

أنا الإنسانُ في ظُلمي وعَجزي

وأنتَ الله تفعلُ ما تشاءُ

عصام العطار:

يا إلهي لقد سَجَدتُ بروحي

قبلَ أن تَسجُدَ الجوارِحُ منِّي

مُذْ رآكَ الفؤادُ لم يُصْبِ قلبي

بارِقٌ في الدُّنا ولم يُصْبِ عيني

أنتَ قَصدي وأنتَ أنتَ دليلي

في طريقي وأنتَ يا رَبِّ عَوني

عصام العطار:

أُحاوِلُ فيكَ القولَ والقلبُ مُفْعَمٌ

فَيغلِبُني عَجزي عن التِّبيانِ

كأنّي طِفلٌ ما تَكَّلمتُ قبلها

ولم يَتحرَّكْ بالبيانِ لساني

تُتَرْجِمُ أحياناً دُموعي إذا هَمَتْ

ويوميءُ هذا القلبُ بالخَفقانِ

وأنتَ بحالي دونَ نُطقي عالِمٌ

وأنتَ بِفكري عالِمٌ وجَناني

عصام العطار:

قلبي إليكَ تَطَلُّعٌ وتَشَوُّقُ

أبداً بغيرِكَ مُذْ وعى لا يَخفِقُ

المجدُ،اللّذّاتُ،لألاءُ الغِنى

وجميعُ ما يُصبي النفوسَ ويُرْمَقُ

بارتْ لدَيَّ وهانَ فيكَ عَزيزُها

ولطالما عاشتْ تُعَزُّ وتُعشَقُ

مُحيَ الأنامُ فلم يعُدْ في ناظري

إلا جَلالُكَ والجمالُ المُطلَقُ

يا رَبِّ فاقبلني أتيتُكَ راغباً

أسعى إليكَ وفي الضُّلوعِ تَحَرُّقُ

أسعى إليكَ ولا رجاءَ سِواكَ لي

يا وَيلتا إن كانَ بابُكَ يُغلَقُ

أرنو لفضلِكَ فالقبولُ مُؤَكَّدٌ

وأرى قُصوري فالضَّياعُ مُحَقَّقُ

عصام العطار:

يا عالِمَ الغيبِ من سِرِّي ومنْ عَلني

وشاهِدَ الضَّعفِ في نفسي وفي بدني

لولا سناؤُكَ ما أبصرتُ من أملٍ

لولا رجاؤُكَ لم أصبرْ على المِحَنِ

قد طالَ عُمري وما أنجحتُ في عملي

وما سلِمتُ من الأخطاءِ والفِتَنِ

فإن أخذتَ فعدلٌ ما أخذتَ بي

وإن غفرتَ فأهلُ الفَضلِ والمِنَنِ

وإن تَقبلّتني والحبُّ قَرَّبني

فجنّةُ الخلدِ دونَ القُربِ في الثَّمنِ

عصام العطار:

سِيّان عنديَ إن أثنوا وإن كَفروا

اللهُ قصدي لا الدُّنيا ولا البشرُ

أُصفِيهمُ الحُبَّ أبقاهُ وأخلَصهُ

ولا أُسائِلُ هل ذَمُّوا وهل شكروا

أحيا مع الله،فالدنيا وزينتها

هباءةٌ،وخلودُ الذكرِ والعُصُرُ

عصام العطار:

إلهي أنتَ غوثي كُلَّ حينٍ

إذا جارَ الزمانُ بما ينوبُ

وإما خابتِ الآمالُ طُرّاً

فآمالي بربي لا تخيبُ

عصام العطار:

أتيتُكَ بالذنوبِ وبالخطايا

قُرابَ الأرضِ يشفعُ لي ولائي

ويطمعني بكَ الغفرانُ حتى

ولو وصلتْ لأعنانِ السّماءِ

دعوتُكَ يا مجيباً كلَّ داعٍ

إذا ناداكَ،لا تردُدْ دعائي

لئنْ أخطأتُ أو قَصّرتُ ضَعفاً

فلم يُخطيء ولم يَضعفْ رجائي

عصام العطار:

ذكرتُكَ بالفؤادِ وباللسانِ

وسَبّحَ باسمكَ الأعلى كِياني

وقد غابَ الوجودُ فلا وجودٌ

لِغيركَ في شُعوري أو عِياني

وجاوزتُ المآملَ في شهودي

فلا أدري ـ وحَقِّكَ ـ ما عراني

حُبورٌ لا يُماثلهُ حبورٌ

ونشوةُ مُغرَمٍ نالَ الأماني

الذَّاتُ الجِنانِ؟ وأينَ ممّا

أفاءَ القُربَ لذَّاتُ الجنان

عصام العطار:

ربي لكَ الحمدُ كم أسبغتَ من نِعَمٍ

جَلَّتْ عطاياكَ من عَدٍّ وإحصاءِ

عصام العطار:

وما أعددتُ يا رَبَّاهُ إلا

ولائي والمحبةَ والرجاء

عصام العطار:
إلهي والرِّضى قلبي وفكري

وإن نضحَ الأسى قلبٌ وجيعُ

سأمضي ما حييتُ على طريقي

وإن كَثُرتْ على دربي الدموعُ

فعندكَ كلُّ ما أرجو ونرجوا

وقد ظمئت لرحمتكَ الضلوعُ

فأنتَ القادرُ العدلُ المُرَجّى

وأنتَ الحصنُ والملجأ المنيعُ

وأنتَ العونُ إن أعييتُ ضعفاً

وأنتَ الغافرُ البرُّ البديعُ

وما الدنيا وإن أغرت وغرّتْ

وسالَ لأجلها فيها النجيعُ

سرابٌ بعدهُ يبدو سرابٌ

ووهمٌ زائلٌ ومنىً خدوعُ

عصام العطار:

يا رَبِّ قد كَلَّ جسمي عن مساعدتي

وذاكَ يا ربّ ما قد كنتُ أخشاهُ

أنا الجريحُ ولكن ما أُريقَ دمٌ

أنا الطليحُ وقد خانته رجلاهُ

الروحُ في الأُفقِ آمالٌ مُجَنحةٌ

والجسمُ في القيدِ لم يُسعدْ جناحاهُ

يا منْ إذا ما دعا المحزونُ أسعفهُ

يا منْ إذا ما دعا المضطرُ لبّاهُ

أدعوكَ وحدكَ في الضراء قد نزلت

كما دعوتُكَ في النعماءِالله

وما طلبتُ شِفاءً منك من أربٍ

في لذّةِ العيشِ أهواها وأهواهُ

لكن لأنشر للإسلام رايَتهُ

وأُوقظَ الركبَ قد ناموا وقد تاهوا

وأبذلَ الروحَ في ساحِ الجهادِ وقد

نالَ الجهادُ بنا ما قد تمنّاهُ

يا ربِّ عفوكَ إن ناديتُ مُبتهلاً

وأرسلَ الصدرُ في نجواكَ شكواهُ

ياربِّ قد خلصتْ في الحبِّ أنفسُنا

شكرٌ وصبرٌ وما في القلبِ غيرهما

شكرٌ وصبرٌ وما في القلبِ غيرهما

فما رضيتَ لنا يا ربّ نرضاهُ

إن آدتِ المُدنف المحزون بلواهُ

عصام العطار:

يا رَبِّ إني لِعونٍ منكَ مُفتقِرٌ

لولاكَ لولاكَ لن أصبرْ ولم أُعَنِ

عصام العطار:

نمضي مع الله لا تدري جَوارينا

متى و أينَ تُرى نُلقي مراسينا

نمضي مع الله قُدْماً لا تُعوِّقُنا

عن المضيّ ـ وإن جَلَتْ ـ مآسينا

نمضي مع الله والإسلامُ يهدينا

الله يُمسكنا واللهُ يُزجينا

نمضي مع الله والجُلّى تُنادينا

راضينَ راضينَ ما يختارُ راضينا

عصام العطار:

أشواقُ روحي لا أرضٌ تُحدِّدها

ولا سماءٌ ولا شمسٌ ولا قَمرُ

أشواقُ روحي تطوي الدهرَ سابحةً

فلا يُحَدِّدها عَصرٌ ولا عُصُرُ

أشواقُ روحي وجهُ الله وَجهتها

يقودها الحبُّ إن لم يُسعدِ النّظرُ

عصام العطار:

إني لأذكرُ ربي وهو يذكرني

ويلتقي العبدُ مولاهُ بلا حُجُبِ

فالقلبُ في الصّدرِ ألحانٌ مُوَّقعةٌ

والكونُ يرقصُ من وَجدٍ ومن طَرَبِ

عمر بهاء الدين الأميري:

قد جلا الليل عن الكون

مع الفجر وغابا

ودعا الداعي إلى الله

فَكُنْ فيمن أجابا

قُمْ توضأ فصلاة

الصبح تغذوك شبابا

ترك الليل على

جفنيك دِبقاً مستطابا

فاغسل العينين في ماء

التقى واغنم ثوابا

عمر بهاء الدين الأميري:

أيّ سر يودي بدنيا حدودي

كلما همت في تجلّي سجودي

كيف تذروسبحان ربيقيودي

كيف تجتاز بي وراء السدود

كيف تسمو بفطرتي ووجودي

عن مفاهيم كوني المعهود

كيف ترقى بطينتي وجمودي

في سماوات عالم من خلود

أتراها روحاً من المعبود

قد جلت ذاتها لعين شهودي

عمر بهاء الدين الأميري:

رُبَّ ذي شوقٍ لبيتِ الله

قد أشرعَ فُلكهْ

هجرَ الأوطانَ والأهلَ

بلا رأي وحنكهْ

حسبَ القربى من الله

بأن يسكن بكهْ

كلُّ هذا الكون بيتُ الله

قد أبدع سَبكهْ

والذي في قلبه الله

فأنّى عاش مكهْ

عبدُكَ يا ربّاهُ

لبّى واعتمرْ

طَوّفَ بالبيتِ

العتيقِ وذكرْ

دعاكَ في السعي

وصلى وشكرْ

عبدُكَ يا ربّاه

ذو الذنبِ عُمرْ

فاغفر له،

إنكَ أولى من غفرْ

عمر بهاء الدين الأميري:

تأمّلتُ في كُنْهِ هذا الوجودْ

وغُصتُ في كشفِ أسرارهِ

فَجُبتُ الوهاد،وطفتُ النجود

وجُلتُ بأجواءِ أنوارهِ

وفَكّرتُ في نحسهِ والسعود

وفي خيريّه وأشراره

وإذ كادَ يعرو شعوري الجمود

ويثنيهِ عن سبرِ أغواره

عمر بهاء الدين الأميري:

قلبي وهَمُّ الكون في خفقاتهِ

نادى وما في الكون من يسمعُ

والروحُ من للروح في أزماتهِ

أضناهُ أنَّ العمر قفرٌ بلقعُ

إني فتىً الصبرُ من عاداتهِ

لكنَّ صبري في الهوى لا ينفعُ

فاكشفْ لمضنى القلبِ مُرَّ أذاتهِ

يا منْ إليكَ المشتكى والفزعُ

عمر بهاء الدين الأميري:

ما فتيء الشيطانُ يُغريني

ولم ينل مني مأمولا

تخذتُ كي أدرأ تسويلهُ

حبلاً غلى ربي موصولا

غللتهُ فيه ،فلم ينطلق

إلا قليلاً دامَ معلولا

لكنني ما زلتُ في خشيةٍ

من فتنةٍ تعتورُ الجيلا

أخاف إن لم يحميني ربي

من وسوسات الزلّة الأولى

عمر بهاء الدين الأميري:

أدعوكَ يا رب

من روحي ووجداني

أدعوك من قلبِ

آلامي وأشجاني

أدعوك من غور

إسلامي وإيماني

أدعوك يا ذا

المَنِّ والشانِ

مستعجلاً كشفَ ضُرٍّ

مسَّإخواني

عمر بهاء الدين الأميري:

لكَ الحمدُ طوعاًلكَ الحمدُ فرضاً

وثيقاً عميقاً..سماءً وأرضا

لكَ الحمدُ صمتاً..لكَ الحمدُ ذكراً

لكَ الحمدُ خفقاً حثيثاًونبضا

لكَ الحمدُ ملء خلايا جَناني

وكلّ كياني..رُنوّا وغمضا

إلهي وجاهيإليك اتجاهي

وطيداً مديداًلترضى فأرضى

فأنتَ قوامي وأنتَ انسجامي

مع الكونوالأمرُ لولاكَ فوضى

عمر بهاء الدين الأميري:

يا إلهي،لولاكَ كنت سدى،لا

صبر،لا شعر،لا رجا،لا انفراجا

هي آلاؤُكَ الرؤوم توالّى

مدَّ عمري وعدّهُ أفواجا

لستُ بالجاحدِ العقوق ،ولكن

هِمّة توقد الثريا سراجا

إن دجى ليلها وأبهمَ مسراها

ابتغت نحور بها معراجا

فَأعنّي يا رَبّث واحبُ طموح

الروح نوراً مخلّداً وهاجا

عمر بهاء الدين الأميري:

كُلّما أمعن الدُّجى وتَحالك

شِمتُ في غوره الرهيب جلالك

وتراءى لعينِ قلبي برايا

من جمالٍ آنست فيها جمالك

وترامى لمسمع الروح همس

من شِفاه النجوم يتلو الثنا لك

واعتراني توَلّه وخشوع

واحتواني الشعور: أني حيالك

ما تمالكت أن يخرَّ كياني

ساجداً واجداً ومن يتمالك؟

عمر بهاء الدين الأميري:

تأله قلبي لما سجدتُ

أهيمُ بمحرابِ خير الأنام

وأُرسِلُ من شفتيه الدعاء

وجيباً، وفي السمع سجعُ الحمام

وفي أعيني من سنا الله برق

يُحسُّ،ولكنه لا يُشام

له في خلاياي دفعٌ ورفعٌ

إلى شُرفاتِ حِمىً لا يُرام

تخُفُ بروحي عوالمُ ولهى

كأني بها كُوّنت من سلام

أغيبُ كمن نام في نشوةٍ

وأشعرُ أن كياني تمدّد

ونفسيعيونُ هوىً لا تنام

حتى تخطى الدّنى والحطام

أقولُ سموتُ،وفوق السّمو

أقولُ ثملتُ؟وما من مُدام

أقولُ ارتويتُ،أجل،لا ولا

وكيفَ ارتويتُ وكُلّي أُوام

إلا إنها نُعميات ُالتجلّي

هُيامُ سجودٍ يفوقُ الهُيام

فسبحانكَ الله ملء الوجود

وملء السجود وملء القيام

عمر بهاء الدين الأميري:

مع الله في سَبحات الفكر

مع الله في لمحات البصر

مع الله في زفرات الحشا

مع الله في نبضات البهر

مع الله في رعشات الهوى

مع الله في الخلجات الأخر

مع الله في مطمئن الكرى

مع الله عند امتداد السّهر

مع الله ان اجتلاء السنا

ونيل المنى والهناء الأغر

مع الله حال اتقاد الأسى

ووقع الأذى واحتدام الخطر

مع الله في حمل عبءِ الضنى

مع الله بالصبر في من صبر

مع الله والقلب في نشوة

مع الله في كلِّ بؤسى ونعمى

مع الله والنفس تشكو الضجر

مع الله في كلِّ خير وشر

مع الله في أمسي المنقضي

مع الله في غدي المنتظر

مع الله في عنفوان الصِّبا

مع الله في الجسم،والروح،وال

مع الله في الضعف عند الكبر

شعور وخفق الرؤى والفكر

مع الله قبل حياتي وفيها

مع الله في الجدِّ من أمرنا

وما بعدها، عند سكنى الحفر

مع الله في جلسات السمر

مع الله في حُبِّ أهل التقى

مع الله فيما بدا وانتشر

مع الله في ذكره من قد فجر

مع الله فيما انطوى واستتر

مع الله في النشر،والحشرِ،وال

حساب على العمل المُدّخر

مع الله في فيء فردوسهِ

مع الله في عَوذنا من شقر

مع الله في نبذ ما قد نهى

مع الله بالسمع في ما أمر

مع الله في الجدِّ من أمرنا

مع الله في جلسات السمر

مع الله في خلوات الليالي

مع الله في الرهط والمؤتمر

مع الله في حبِّ أهل التقى

مع الله في كُرهِ من قد فجر

مع الله في مُدّلهم الدُّجى

مع الله عند انبلاج السّحر

مع الله في لألآت النجوم

وحَبك الغيوم، وضوء القمر

مع الله والشمس تكسو الدّنا

مع الله والشهبُ كرّ وفر

مع الله عند هزيم الرعود

ولمع البروق ودفق المطر

مع الله في الفلك المستطير

وفي الشمس تجري إلى مستقر

مع الله في الأرض،في سهلها

وأودائها،والرواسي الكبر

مع الله في البحر ملح أجاج

مع الله في سلسبيل النهر

مع الله في نآمات الوجود

مع الله في كل ما قد فطر

مع الله في سكنات الحياة

مع اله في حركات الحجر

عمر بهاء الدين الأميري:

الليلُ في ظلمتهِ داجى

والفجرُ في إشراقهِ افصحْ

فكأن للألبابِ معراجاً

أسرى بها نحو السنا الأوضحْ

بَدّدَ شكاً عابراً هاجا

وأصلحَ الرأي بما أصلحْ

اشرقَ في الأبصارِ منهاجاً

فالنفسُ من إيمانها تنضحْ

والقلبُ في خفقته ناجى

والصدرُ في أنفاسه سَبّحْ

عمر بهاء الدين الأميري:

غمرتني نعماؤه وتَبّدتْ

لضميري في قلب أُنسي وبؤسي

وتَجّلت آلاؤه في حياتي

واطمأنت في كُنه عقلي وحسّي

أتلقى سراءه في صباحي

وأوقّى ضراءه حين أُمسي

وأراني أسمو بسعي ووعيي

عن جزاءٍ من معدن الأرض بخسِ

حسب نفسي من الجزاء شعوري

أنني في الإله أبذلُ نفسي

عمر بهاء الدين الأميري:

فَجِّر اللهم في عزمي من نورك نورا

واصطنعني لغد الإنسان،في الآفاق صورا

حاكماً عدلاً بهدي الله ،صبّاراً شكوراً

أنا يا الله من روحك لن يحورا

فأنا للحقِّ كالبركان لا يترك زورا

وعلى الباطلِ كالبركان ويلاً وثبورا

أنا جنديّك فابعثني لأقتاد الدهورا

وأقم حولي من سر مقاديرك سورا

عمر بهاء الدين الأميري:

ألا يا سَناً فاقَ كُنهَ السَنا

وعَمَّ السماواتِ عمَّ الدُّنى

تَخطى مدانا ومحسوسنا

وزادَ وأعجزَ أفهامنا

وأمعنَ في لا نهاياتهِ

وأشرقَ..أغدقَ..فوق المنى

إلى قبس من شُعاعاتهِ

شعرتُ بقلبي سما وأدّنى

وكنتُ اصلي فكانَ التجلي

وما عدتُ ادري أنا..ما أنا

أهواكَ..وأغفلُ عن مُثل

عليا لهواكَ..وأهواكا

لا نكصاً في الدربِ،ونقصاً

في الحُبِّ،ونقضاً لرضاكا

لكن شرداتُ العين وقد

أعشاها لإشراقُ سناكا

ويقيني أنكَ رحمانٌ

بالرأفةِ عمَّ الأفلاكا

وشعوري أني إنسانٌ

هل أذنبُ لو كنتُ ملاكا

عمر بهاء الدين الأميري:

يا معاني الله في نفسي وروحي وضميري

حَلِّقي وارتقي فوق سماواتِ الأثيرِ

أشرقي وهّاجةً في غورِ قلبي ووجودي

والبثي وضاءةً في ليلِ عمري وأنيري

وتجلّي لجبالِ الهَمّ يجثو فوق صدري

فلقد أرهق صدري حملُ همٍّ مستطيرِ

بدوي الجبل:

أنت يا ربّ غاية وإلى

الغاية أنت الهدى،وأنت السبيل

لك حُبّي ومنّكَ حُبّي فهل

يعطي من السائل الكريم المنيل

لك حُبّي فهل لفقري إذا

أهوى إلى كنزك الغني قبول

عبراتي عبادة وابتهال

وشهيقي التكبير والتهليل

وصلاتي تأمل ومناجاتي

وبلائي أنَّ النعيم الذي

خشوع وزقزقتي ترتيل

أرجوه نعيم مسوف ممطول

بدوي الجبل:

وآمنتُ حتى لا أرومَ لبانة

تخالف ما تختاره وتروم

جلا نورك الدنيا لعيني وسيمة

فلم يبق حتى في الهمومِ دميم

وسلّمت أمري لا من اليأسِ بل هوى

أصيل وإرث طاهر وأروم

ليؤمن الناس ما شاؤوا بربهم

فبالتحوّل بعد الله إيماني

تسمو إلى أُفقه القدسي طاهرة

طهر الدموع تسابيحي والحاني

وقرّب الناس ما شاؤوا لمذبحه

فما تقبّل منهم غير قرباني

أعلنتُ حين أسرّوا أمرهم فَرَقاً

يا بعد ما بين إسرارٍ وإعلانِ

بدوي الجبل:

أنا لا أُرَجّي غير

جبار السماء ولا أهاب

بيني وبين الله من ثقتي

بلطف الله باب

أبداً ألوذُ به وتعرفني

الأرائك والرّحاب

لي عنده من أدمعي كنز

تضيق به العياب

يا ربّ بابك لا يردُّ

اللائذين به حجاب

مفتاحه بيديَّ يقين

لا يُلِم به ارتياب

ومحبة لك لا تُكَدر

بالرياءِ ولا تُشاب

وعبادة لا الحشر أملاها

عليَّ ولا الحساب

وإذا سألت عن الذنوب

فإنَّ أدمعي الجواب

هي في يميني حين أبسطها

لرحمتك الكتاب

بدوي الجبل:

مدحت رسول الله أرجو ثوابه

وحاشا الندى أن لا يكون مثيبي

وقفت بباب الله ثم ببابه

وقوف ملح بالسؤال دؤوب

صفاء على اسم الله غير مكدّر

وحب لذات الله غير مشوب

:

ويارَبِّ:لم أُشركْ ولم أعرفِ الأذى

وإني وإن جاوزتُ هذين سالماً

وصُنتُ شبابي عنهما ومشيبي

لاكُبِرُ ـ لولا جُودُ عفوك ـ حُوبي

وأهرُبُ كِبراً أو حياءً لِزلّتي

ومنك،نعَم،لكن إليكَ هروبي

وأجلو عيوبي نادمات حواسراً

وأسترُ إلا في حِماك عيوبي

وأي ذنوب ليس تُمحى لشاعرٍ

مُعنّى بألوان الجمال طروبِ

ولو شهدت حور الجنان مدامعي

تَرّشفن في هولِ الحساب غروبي

ويارَبِّ:صُنْ بالحُبِّ قومي مُؤِّلفاً

شتاتَ قلوبٍ لا شتاتَ دروبِ

ويارَبِّ! لا تقبل صفاءَ بشاشةٍ

إذا لم يُصاحبهُ صفاءُ قلوبِ

تداووا من الجُلّى بِجُلّى..وخَلّفوا

وراءهُمُ الإسلامَ خيرَ طبيبِ

وياربِّ: في الإسلام نورٌ ورحمةٌ

وشَوقُ نسيبٍ نازحٍ لِنسيبِ

فألِّفْ على الإسلامِ دنيا تمزّقتْ

إلى أُمَمٍ مقهورةٍ وشعوبِ

وكُلُّ بعيدٍ حَجَّ للبيتِ أو هفا

إليهِ وإن شطَّ المزارُ قريبي

سجايا من الإسلام:سَمْحٌ حنانها

فلا شعبَ عن نعمائها بغريبِ

بدوي الجبل:

وياربِّ عند القبرِ قبر محمد

دعاء قريح المقلتين سليب

بجمر هوى عند الحجيج لمكة

بشوق على نغماه،ضمّ جوانح

ودمع على طهرالمقامسكوب

ووجد على ريّاه زرّ جيوب

تَرّفق بقومي واحمهم من مُلّمة

لقد نشبت أو آذنت بنشوب

ورُدّ الحلوم العازبات إلى الهدى

فقد ترجع الأحلام بعد غروب

ورُدَّ القلوب الحاقدات إلى ند

من الحبِّ فوَّاح الظلال عشيب

بدوي الجبل:

ربّ روحي طليقة في سماواتك

والجسم موثّق مغلول

بَعُدَ الفرق بين روحي وجسمي

جسدي أثم وروحي بتولُ

بدوي الجبل:

ربّ! نعماك أن تنضّر قلبي

بمحياك فهو صاد محيل

رَبّ! قلبي زيّنتهُ لحميّاك

فَمر تنسكب بقلبي الشمول

هيئت في سريرتي لك ربي

سدرة المنتهى وطاب النزول

جوهر القلب وهو إبداع كفّيك

على ما به كريم أصيل

وبقلبي رضوان يهفو لمرآك

وندّى سريرتي جبريل

بدوي الجبل:

مواكبُ كالأمواجِ عجَّ دعاؤها

ونار الضحى حمراء ذاتُ شبوبِ

وردّدتِ الصحراءُ شرقاً ومغرباً

صدى نغمٍ من لوعةٍ ورتوبِ

تلاقوا عليها من غني ومعدم

ومن صبيّةٍ زُغبُ الجناح وشِيبِ

نظائرٌ فيها:بُردُهم بردُ محرمِ

يضوعُ شذا:والقلبُ قلبُ منيبِ

أناخوا الذنوب المثقلات لواغبا

بأفيح ـ من عفو الإله ـ رحيب

وذلَّ لعزِّ الله كلّ مسوّد

ورقّ لخوف الله كل صليبِ

أنور العطار:

يا إلهي طيف العفاء يناجيك

يا إلهي ،روحي تولّهُ حيرى

طيّ جفني عالم لك حلوٌ

ونجواه أنّة تتصّعدْ

لا تعي أمرها وثغري يحمدْ

وبنفسي قصيدة لك تُنشَدْ

غابَ لما دعاك عن وهدةِ الإثم

وعن طينة من الإثم أوهدْ

أنا في هيكلي اللهيفدعاء

فاض من سِرّك اللطيف المُمَجّدْ

ساهدُ الجفن،خاشعُ القلب،باكٍ

ذاهل الروح،مُستهامٌ،مُشَرّدْ

أرقبُ الفجرَ في غلائلهِ البيض

فنيتْ مهجتي بِحُبّكَ يا ربّ

شَفّني الحبّ فاستلتُ نداء

وقد شَفَّ عن غبار مُبّددْ

وغلغلغتُ في الفناءِ لأشهدْ

ومن الحبِّ أن تذوبَ وتُسهدْ

جدول رائع يرفُّ من النور

وأمواهه تكادُ تورّدْ

وأطَلّت ذُكاء في الموكبِ الساحر

دنيا من الرؤى تتَوّقدْ

أنا آمنت إلهي بنعماك

يقيناً وما خُلِقتُ لأجحدْ

أنور العطار(الرسالة 88):

أنا في كوني الصغير صلاة

وسعت كونكَ العظيم المجود

يا إلهي قلبي الرفيقُ تنّهد

مُذ صداكَ الحبيبُ فيه تَرَدّدْ

يا إلهي طيفُ العفاءِ يُناجي

كَ،ونجواهُ أنةٌ تتَصّعدْ

يا إلهي أنا الفناء أناديك

وأنت البقاء تُرجى وتُقصدْ

ولهي بهجةٌ وحُبّي لحنٌ

وابتهالي الغالي نشيدٌ مُقَصّدْ

أجدُ الفرحةَ العظيمة في الذلِّ

لربي،وفي انكساري سؤددْ

شَفّني الحبُّ فاستحلت نداءً

ومن الحُبِّ أن تذوبَ وتسهدْ

أنا أمنت يا إلهي بنعماك

يقيناً وما خُلِقتُ لأجحدْ

رُبَّ طاوٍ على الضغينة صدراً

عاشَ في زحمةِ البِلى يتمرّدْ

نسي الخالق اللطيف وجدواه

وعافَ التقى وتاهَ وعرّبدْ

يومهُ آثِمٌ وأمس مجونٌ

والغدُ المحتمل حلمٌ مُنَضّدْ

والإلهُ الرحيم يُوسعهُ الخير

فلا يرعوى ولا هو يرشدْ

خليل مردم بك:

هَبَّ للذكرِ وصَفَّ القدما

ثم ولّى وجهه شطرَ السَما

باتَ في حيرتهِ مستسلما

وله دمع على النحر يفيض ..لا يغيض

طالما قَلّبَ وجهاً في السماءِ

وسوادُ الليل منشورُ اللواء

وأجالَ الطرف في ذاك الفضاء

حائر الخطو شمالاً ويمين..ذا أنين

طأطأ الصفصافُ رأسَ الخاضعِ

رفعَ الكرمُ اكُفَّ الضارعِ

أغمض النرجسُ عينَ الخاشعِ

إذ تلا القمريّ وِردَ السحرِ..في الشجر

هزّهُ الشوقُ وهاجَ الشَّجنا

مثلّما هزّتْ رياحٌ فننا

فدعا من بعدِ سِرٍّ عَلنا

ثم ناجى ربّهُ عزَّ وجل..وابتهل

عمر أبو ريشة:
أنا في موئلِ النبوة يا دنيا

أؤدي فرائضَ الإيمانِ

أسألُ النفس خاشعاً أترى

طهّرت بردي من لوثةِ الأدرانِ

كم صلاة صليت لم يتجاوز

قدس آياتها حدود لساني

كم صيام عانيت جوعي فيه

ونسيتُ الجياع من إخواني

كم رجمتُ الشيطان والقلب مني

مرهق في حبائل الشيطان

ربِّعفواً إن عشتُ ديني ألفاظاً

عجافاً ولم أعشه معاني

خليل مردم بك:

من شأنكِ التصويرُ والإنشاءُ

لكَ من سمائكَ صفحة زرقاء

والفجرُ حاشية بها حمراء

والبدرُ فوق جبينها طُغَراء

والنيّراـ على الصحيفة اسطر

خرّت لك الشمس المنيرة تسجدُ

والبحرُ مسجور الجوانب مزبد

ومن الخشوع جَبينها متوردُ

والموجُ مصطخبٌ به يتنهدُ

أمسى يقيم لك الصلاة ويذكرُ

خليل مردم بك:

رَبِّ باب القول دوني مرتج

أيَّ نهج في صلاتي أنهج

فَتَقّبل نفساًيختلج

بأنينٍ بين صدري ولهاتيفي صلاتي

أدمعُ العطفِ ولفاتِ الحنانِ

ودواعي الرّفق في كلِّ جَنانِ

نَعَمٌ أكبرُ من شكرِ اللسانِ

ربِّ أوزعني أن أشكركنِعمكْ

تعالى المُبدع القدسُ

مثال عنه مقتبسُ

ومرآة عليها نورُ

وجه الله ينعكسُ

فما أدري أظلّ الله

أم من نوره قبسُ

بدا كالشّمس لكن سرّه

عيتْ به النُطسُ

ففي الأبصار معروف

على الأفهام مُلتبسُ

فكم عَنتِ الوجوه له

ورِيضتْ أنفس شُمسُ

له من روحنا جند

ومن أنظارنا حرسُ

وقالوا إنه نسب

بها الألباب تختلسُ

شجاني أنه عرض

معالمه ستندرسُ

ونبت إن يهيج يوماً

فغايةُ أمره اليبسُ

ضلال أن يحدّ بما

رأوا منه أو لمسوا

وفوق حدودهم روحٌ

طليقٌ ليس يحتبسُ

وسِفرٌ فيه آيات

من الإبداع تلتمسُ

الشيخ محمد الحامد:
خطرات الهوى تروحُ وتغدو

ولقلبِ المُحبِّ حلٌ وعقدُ

وأخو الحبِّ بالوفاءِ مُوافٍ

أمره في الغرامِ صدق وعهدُ

شوقهُ طائر إلى الحُبِّ مالل

شوقِ في مذهبِ المُحبينَ حدُّ

والهوى مالىء الجوانح منه

إن تراخى وجدٌ تجدّد وجدُ

وعذبُ التبريح يلقاهُ عذباً

وعناءُ الهوى فلاحٌ ورشدُ

إن حداهُ الحادي جرت من جواه

أدمع في الخدود تشدو وتحدو

كله للرضى رجاءٌ ويخشى

أن يعوق الوصالَ صدودُ

يا هنائي إن كان يومُ منائي

مُنعماً باللقا وحسبيَ وعدُ

إنَّ راجي الرضا يسيرُ حثيثاً

شأنهُ في المسيرِ سبقٌ وجدُ

وأراني صفر اليدين فما عن

دي سعيٌ وهل لمثلي عندُ

لا خبيءٌ من صالح في وفاض

إن زها العاملون فيما أعدوا

ربِّ عِدْ بالحنانِ وارحم عبداً

مالهُ سؤال عفوكَ بدُّ

وأذقهُ من الرضا نفحاتٍ

ما إليهنَّ في المذاقة شهدُ

صلِّ ربِّ دوماً على قلب حِبّي

وعلى الآلِ  ما تردد حمدُ

 

عدنان مردم بك:

كَبّر الله فشاعت نشوة

في السماء ردّدت الأرض صداها

نغمٌ حلوٌ تعالى داوياً

ذعر الليل له فانتشرت

فأعارتهُ الدّنى السمع انتباها

بدداً أسدانه مما دهاها

أي سحر نفث الداعي الذي

هَبَّ في جنح الدّجى يدعو الإلها

فرأيتُ الحقَّ بالعين التي

أنزفَ الشوق إلى الحقِّ بكاها

وتجلّى الله للقلبِ الذي

تابع الدنيا على نهج خطاها

خير الدين الزركلي:

وأرى العقول تعود بعد جهادها

للعلمِ بالخلّاق عودة تائه

الشاعر القروي:

سيدي كُنْ على الحياةِ مُعيناً

تائباً ذاقَ من رضاك مَعينا

كم صرفتُ السنينَ والقلبُ لاهٍ

عنكَ يا رب،كم صرفتُ السِّنينا

غيرَ أني وأنتَ تعلمُ أني

لم أكُنْ من رضاك أيأسُ حينا

ولكم جئتُ نادماً أطلبُ العفوَ

وأُذري دمعَ العيونِ سخينا

تارةً في الخلاءِ أجثو،وطوراً

تحتَ سرِّ الظلام أبكي حزينا

فَتَعَّطفْ عليّ رباهُ وارأفْ

بأثيم يرجوكَ رباً حنونا

وأنلني من فيض نعماكَ روحاً

يكُ في البحر بات حصناً حصينا

كم تمنيّتُ أن أكون من الأبر

ارِ فاسمح يا سيدي أن أكونَ

غازي القصيبي:

قصدتُكَ يا رباه والأفقُ أغبرُ

وفوقي من بلوايَّ قاصمةُ الظهر

قصدتُكَ يا رَبّاه والعمرُ روضةٌ

مُروّعة الأطيار،واجمة الزهر

أجزُ من الآلام ما لا يطيقه

سوى مؤمنٍ يعلو بأجنحة الصبر

وأكتمُ في الأضلاعِ ما لو نشرته

تَعجّبت الأوجاعُ مني ومن سِرّي

ويشمتُ بي حتى على الموت طغمة

ويرتجز الأعداء هذا برمحه

غدت في زمن المكر أسطورة المكر

وهذا بسيفٍ حدّه ناقع الحبر

غازي القصيبي:

لكَ الحمدُ والأحلامُ ضاحكة الثغر

لكَ الحمدُ والأيام دامية الظفر

لكَ الحمدُ والأفراحُ ترقص في دمي

لكَ الحمدُ والأتراحُ تعصِفُ في صدري

لكَ الحمدُ لا أوفيك حمداً وإن طغى

زماني وإن لجّتْ لياليه في الغدر

غازي القصيبي:

ولم أخش يا ربّاع موتاً يحيط بي

ولكنني أخشى حسابك في الحشر

وما حدّثتني بالفرار عزيمتي

وكم حدّثتني بالفرارِ من الوزر

الإمام البوصيري:

يا نفسُ لا تقنطي من زَلّةٍ عَظُمَتْ

إنَّ الكبائرَ في الغُفرانِ كالَّلممِ

لعلَّ رحمة ربي حين يَقسمها

تأتي على حَسبِ العِصيان في القِسمِ

يا رَبِّ واجعل رجائي غير مُنعكسٍ

لديكَ واجعل حسابي غيرَ مُنحرمِ

والطف بعبدكَ في الدارين إن له

صبراً متى تدعه الأهوال ينهزم

يا رَبِّ بالمصطفى بلغ مقاصدنا

واغفر إلهي لكلِّ المسلمين بما

واغفر لنا ما مضى يا واسع الكرم

يتلون في المسجد الأقصى وفي الحرمِ

الإمام البوصيري:

إلى متى أنتَ بالّلذاتِ مشغولُ

وأنتَ عما كُلِّ ما قدّمتَ مسئولُ

في كلِّ يومٍ تُرجَّى أن تتوب غداً

وعقد عزمكَ بالتسويفِ محلولُ

أما يُرى لك فيما سرَ من عملٍ

يوماً نشاطٌ وعما ساءَ تكسيلُ

الإمام  البوصيري:
وقاية الله أغنت عن مضاعفةٍ

من الدروعِ وعن عالٍ من الأطمِ

ما سامني الدّهرُ ضيماً واستجرت به

إلا ونلتُ جواراً منه لم يضمِ

ولا التمستُ غنى الدارين من يده

إلا استلمت النّدى من خير مُستلمِ

أطعتُ غيّ الصّبا في الحالتين وما

حصلت إلا على الآثامِ والندمِ

فيا خسارة نفسٍ في تجارتها

لم تشتر الدين بالدنيا ولم تسمِ

ومن يبعْ آجلاً منه بعاجلة

يبنْ له الغبنُ في بيعٍ وفي سلمِ

إن آتِ ذنباً فما عهدي بمنتقض

من النبيِّ ولا حبلي بمنصرمِ

يا نفسُ لا تقنطي من زلّةٍ عظمت

إنَّ الكبائرَ في الغفرانِ كاللمَمِ

يا ربّ واجعل رجائي غير منعكسٍ

لديكَ واجعل حسابي غير منخرمِ

والطف بعبدك في الدارين إن له

صبراً متى تدعه الاهوال ينهزمِ

الإمام البوصيري:
فإن أمارتي بالسوءِ ما اتعظت

من جهلها بنذير الشّيبِ والهرمِ

منْ لي بردِّ جماحٍ من غوايتها

كما يردُّ جماح الخيل باللجمِ

وخالف النفس والشيطان واعصهما

وإن هما محضاك النصح فاتهمِ

أستغفر الله من قولٍ بلا عملٍ

لقد نسبتُ به نسلاً لذي عُقمِ

أمرتكُ الخير لكن ما ائتمرت به

وما استقمت فما قولي لك استقمِ

ولا تزودت قبل الموت نافلة

ولم أصل سوى فرض ولم أصمِ

الإمام أبو القاسم السهيلي صاحب كتاب الروض الأنف في شرح السيرة النبوية:

يامنْ يرى ما في الضميرِ ويَسمَع

أنتَ المُعَدُّ لِكُلِّ ما يُتوَقَعُ

يا من يُرَجّى في الشدائد كُلِّها

يا من إليه المشتكى والمَفزعُ

يا من خزائنُ رزقهِ في قول: كُنْ

امنُنْ، فإنَّ الخير عندك أجمعُ

مالي سوى فقري إليك وسيلةٌ

فبالافتقارِ إليك ربي أضرعُ

مالي سوى قرعي لبابكَ حيلةٌ

فلئن ردّدتَ فأيَّ بابٍ أقرعُ

ومن الذي أدعو وأهتفُ باسمهِ

إن كان خيرُكَ عن فقيرك يُمنعُ

حاشا لجودكَ أن يُقَنِّطَ عاصياً

الفضلُ أجزلُ والمواهبُ أوسعُ

ابن الفارض:

تراه ـ إن غابَ عني ـ كلُّ جارحةٍ

في كلِّ معنى لطيفٍ رائقٍ تبهج

في نغمة العود والناي الرخيم إذا

تألفّا بين ألحانٍ من الهزجِ

وفي مسارحِ غزلان الخمائلِ في

بَردِ الأصائلِ والإصباحِ في البلجِ

وفي مساقطِ أنداءِ الغمامِ على

بساط نَورٍ من الأزهارِ مُنتسجِ

وفي مساحبِ أذيالِ النسيمِ إذا

أهدى إليَّ سُحيراً أطيبَ الأرجِ

أبو اسحق الشيرازي:

لبستُ ثوبَ الرَّجا والناسُ قد رقدوا

وقمتُ أشكو إلى مولاي ما أجِدُ

وقلتُ: يا عدّتي في كلِّ نائبةٍ

ومن عليه لِكشفِ الضُرِّ اعتمدُ

أشكو إليكَ أموراً أنتَ تعرفها

ما لي على حملها صَبرٌ ولا جَلَدُ

وقد مددتُ يدي بالضُرِّ مبتهلاً

إليكَ يا خيرَ من مُدّتْ إليه يدُ

فلا تَردنّها يا رَبِّ خائبةً

فبحرُ جودِكَ يروي كلَّ من يرِدُ

رابعة العدوية:

أُحبُّكَ حُبيّنْ:حُبُّ الهوى

وحُبّاً لإنكَ أهلٌ لِذاكا

فأما الذي هو حُبُّ الهوى

فشغلي بذكرك عَمّن سِواكا

وأما الذي أنتَ أهلٌ له

فَكشفُّكَ لي الحُجبَ حتى أراكا

فلا الحمدُ في ذا ولا ذاكَ لي

ولكن لكَ الحمدُ في ذا وذاكا

رابعة العدوية:

يا سروري ومُنيتي وعِمادي

وأُنسي وعدّتي ومُرادي

أنت روحُ الفؤاد أنت رجائي

أنتَ لي مؤنِسٌ وشوقُكَ زادي

أنت لولاكَ يا حياتي وأُنسي

ما تَشَتَّتُ في فسيحِ البلادِ

كم بدَتْ مِنَّةٌ وكم لكَ عندي

من عطاءٍ ونعمةٍ وأيادِ

رابعة العدوية:

حُبُّكَ الآنَ بُغيتي ونعيمي

وجلاءٌ لعينِ قلبي الصادي

ليسَ لي عنكَ ما حييتُ بَرَاحٌ

أنتَ مني مُمَكَّنٌ في السّوادِ

إن تكن راضياً عليَّ فإنّي

يا مُنى القلب قد بدا إسعادي

أحدهم:

يا منْ يُجيبُ دعا المُضطرِ في الظُّلمِ

يا كاشفَ الضُرِّ والبلوى مع السقمِ

قد نامَ وفدُكَ حول البيتِ وانتبهوا

ادعوكَ ربي حزيناً هائماً قلقاً

وأنتَ يا حيُّ يا قيّومُ لم تنمِ

فارحم بكائي بحقِّ البيت والحرمِ

هَبْ لي بجودك فضلَ العفو عن زللي

يا منْ إليه رجاء الخلق في الحرمِ

إن كان عفوكَ لا يرجوهُ ذو خطأ

فمن يجود على العاصين بالنِعَمِ

ابن مطروح:

أتجزع للموتِ هذا الجزعْ

ورحمة ربّك فيها الطمع

ولو بذنوبِ الورى جئته

فرحمته كل شىء تسع

أحدهم:

يا نفسُ توبي فإنّ الموت قد حانا

واعصي الهوى فالهوى ما زال فتنانا

في كلِّ يوم لنا ميت نشيعه

نُحي بمصرعه آثار موتانا

يا نفسُ مالي وللأموال أتركها

خلقي وأخرج من دنياي عريانا

مالك بن أسماء بن خارجة:

يا مُنزلَ الغيث بعد ما قنطوا

ويا وليَّ النّعماءِ والمِننِ

يكونُ ما شئت أن يكون وما

قدّرتَ أن لا يكونَ لم يكنِ

أحدهم:

أقرِرْ بذنبكَ ثم اطلب تجاوزَنا

عنهُ فإنَّ جحودَ الذنب ذنبان

محمود سامي البارودي:

شكوتُ بثِّي إلى رَبّي لِينصفني

من كُلِّ باغٍ عتيدِ الجَورِ أوهكمِ

وكيفَ أرهبُ حَيفاً وهوَ مُنتقمٌ

يهابُهُ كلُّ جبَّارٍ ومنتقِمِ

لا غروَ إن نِلتُ ما أمّلتُ منه فقد

أنزَلتُ مُعظمَ آمالي بذي كَرَمِ

يا مالكَ المُلكِ هَبْ لي منكَ مغفرةً

تمحو ذنوبي غداةَ الخوفِ والنَّدمِ

وامنُنْ عليَّ بِلُطفٍ منكَ يعصمني

زَيغَ النُّهى يومَ أخذِ الموتِ بالكَظمِ

لم أدعُ غيركَ فيما نابني فَقِني

شرَّ العواقبِ واحفظني من التُّهَمِ

حاشا لِراجيكَ أن يخشى العِثارَ وما

بعدَ الرَّجاءِ سوى التَّوفيقِ للِسَّلمِ

وكيفَ أخشى ضلالاً بعدما سَلكتْ

نفسي بِنورِ الهدى في مَسلكٍ قِيَمِ

ولي بِحُبِّ رسولِ الله منزلةٌ

أرجو بها الصَّفحَ يومَ الدِّينِ عن جُرُمي

وكيفَ يخشى ضلالاً من يَؤُمُّ حِمى

محمدٍ وهو مِشكاةٌ على عَلمِ

هذي مُنايَ وحسبي أن أفوزَ بها

بِنعمةِ الله قبلَ الشَّيبِ والهَرمِ

ومن يكن راجياً مولاهُ نالَ بهِ

ما لمْ يَنلهُ بفضلِ الجِدِّ والهِمَمِ

فاسجدْ لهُ واقتربْ تبلغ بطاعتهِ

ماشئتَ في الدهرِ من جاهٍ ومن عِظَمِ

هوَ المليكُ الذي ذَلَّتْ لِعزَّتهِ

أهلُ المصانعِ من عادٍ ومن إرمِ

يُحيي البرايا إذا حانَ المَعادُ كما

يُحيي النَّباتَ بِشُؤبوبٍ من الدِّيمِ

يا غافرَ الذّنبِ والألبابُ حائرةٌ

في الحشرِ والنارُ ترمي الجَوَّ بالضَّرمِ

حاشا لفضلكَ وهو المستعاذُ بهِ

أن لا تَمُنَّ على ذي خَلَّةٍ عَدِمِ

إني لَمُستشفعٌ بالمصطفى وكفى

بهِ شفيعاً لدى الأهوالِ والقُحَمِ

فاقبل رجائي فما لي من ألوذُ بهِ

سِواكَ في كُلِّ ما أخشاهُ من فَقَمِ

وصلِّ رَبِّ على المختارِ ما طَلَعتْ

وامُنُنْ على عبدِكَ العاني بمغفرةٍ

شمسُ النَّهارِ ولاحتْ أنجمُ الظُّلَمِ

تمحو خطاياهُ في بدءٍ ومُختَتمِ

محمود سامي البارودي:

يا رَبِّ بالمصطفى هَبْ لي وإن عَظمت

جرائمي رحمةً تُغني عن الحُجَجِ

ولا تَكلني إلى نفسي فإنَّ يدي

مغلولةٌ وصباحي غيرُ مُنبَلجِ

مالي سِواكَ وأنتَ المُستعانُ إذا

ضاقَ الزّحامُ غداةَ الموقفِ الحرجِ

لم يَبْقَ لي أملق إلا إليك فلا

تَقطع رجائي فقد أشفقتُ من حَرجي

محمود سامي البارودي:

إذا ما أرادَ الله خيراً بعبده

هداه بنور اليسر في ظلمة العسر

محمود سامي البارودي:

يا مَنْ إليهِ الوجوهُ خاشعةٌ

ومَنْ عليهِ في الكونِ مُعتمدي

مددتُ كفّي إليك مُبتهلاً

وأنتَ حسبي فلا ترُدَّ يدي

محمود سامي البارودي:

يا ربّ!إنك ذو مَنٍّ ومغفرةٍ

فاستُرْ بعفوكَ زلاتي وعصياني

ولا تَكِلني إلى ما كانَ من عملي

فإنهُ سَببٌ يُفضي لحرماني

هاشم رفاعي:

يا رَبّ هَبْ من لدنكَ الخيرَ واقض لنا

برحمةٍ منكَ عند البأسِ نُلقيها

إنَّ الحنيفة قد باتت مُهدَّدةً

بالموتِ صبراً،وعطفٌ منك يُنجيها

فاكتبْ لنا النصرَ حتى نستعين به

في جعلِ حاضرها يسمو كماضيها

وصلِّ يا ربِّنا أزكى الصلاة على

من جاءَ بالحقِّ للآثامِ يُرديها

محمدٍ سيد الكونين شافِعِنا

يومَ القيامةِ إن نادى مناديها

هاشم رفاعي:

يا رَبِّ أرسلته للعالمين هدى

فالطف لقد عصفت من حولنا النُّوبُ

هذا الفسادُ الذي أبدى نواجذهُ

نار لها اليومَ من إيماننا حَطَبُ

فاعطف على أمّةِ الإسلامِ قد رضيت

بالذُلِّ وماتَ الجدُّ والدأبُ

واغفر لأجل إمام المرسلين لنا

في يوم لا تنفعُ الأموالُ والنشبُ

هاشم رفاعي:

يا نفس دنياكِ يومٌ واحدٌ وغدٌ

عندَ الإلهِ دوامُ الخيرِ والنِّعَمِ

يا نفسُ إن ترجعي فالله يغفر لي

وإن تَظّلي فبئس المرتع الوخِمِ

يا نفسُ لا تبتغي الشيطان واعتصمي

إن الشياطينَ تُغوي المرءَ بالإثمِ

ويلي من الله كم ذنبٍ أتيتُ بهِ

جَلّتْ ذنوبي عن القرطاسِ والقلمِ

لكنّني ألتمسُ عفواً ومغفرةً

من الذي خلقَ الإنسان من عَدمِ

هاشم رفاعي:

فَكُنْ شفيعي رسولَ الله وا أملي!

واطلب من الله ستراً لي وللأمم

فأنتَ من يستجبْ ربُّ العبادِ لهُ

أنتَ الحبيبُ الكريم الكاشف الغمم

صلى الإلهُ على خيرِ الورى كرماً

محمدٌ افضلُ الأعراب والعجمِ

محمد اقبال في قصيدةحديث الروح“:

حديث الروح للأرواح يسري

وتدركه القلوب بلا عناءِ

هتفت به فطارَ بلا جناح

وشقَّ أنينه صدرَ الفضاءِ

ومعدنه ترابي ولكن

جرت في لفظه لغة السماء

لقد فاضت دموع العشق مني

حديثاً كان علوي النداءِ

فحلّق في رُبى الأفلاك حتى

أهاج العالم الأعلى بكائي

تحاورت النجوم وقلن صوت

بقرب العرش موصول الدعاءِ

وجاوبت المجرة علَّ طيفاً

سرى بين الكواكب في خفاءِ

وقال البدر هذا قلبُ شاكٍ

يواصلُ شدوه عند المساءِ

ولم يعرف سوى رضوا صوتي

وما أحراهُ عندي بالوفاء

شكواي أم نجواي في هذا الدُّجى

ونجوم ليلي حُسدي أم عُودّي

أمسيتُ في الماضي أعيشُ كأنّما

قطع الزمانُ طريقَ امسي عن غدي

والطير صادحة على أفنانها

تبكي الرُبى بأنينها المُتجدّدِ

قد طالَ تسهيدي وطالَ نشيدُها

مدامعي كالطَلِّ في الغصن الندي

فإلى متى صمتي كأنّي زهرة

خرساء لم ترزق براعة منشدِ

قيثارتي مُلئت بأنّاتِ الجوى

لا بُدَّ للمكبوتِ من فيضانِ

صعدت إلى شفتي خواطرُ مهجتي

ليبين عنها منطقي ولساني

أنا ما تعدّيتُ القناعة والرضا

لَكِنّما هي قضية الأشجانِ

يشكو لك اللهم قلبٌ لم يعِش

إلا لحمدِ عُلاكَ في الأكوانِ

من كان يهتف باسم ذاتكَ قبلنا

من كان يدعو الواحد القهارَ

عبدوا الكواكب والنجوم جهالة

لم يبلغوا من هديها أنوارا

هل أعلن التوحيد داعٍ قبلنا

وهدى القلوب إليك والأنظارا

ندعو جهاراً لا إله سوى الذي

صنعَ الوجودَ وقَدّرَ الأقدارا

طاهر أبو فاشا:

لِغيركَ ما مدَدتُ يدا

وغيرُكَ لا يفيضُ ندى

وليسَ يضيقُ بابك بي

فكيفَ تردُّ من قصدا

ورُكنُكَ لم يزلْ صمدا

فكيفَ تذودُ من وردا

ولطفُكَ،يا خفيَّ اللطف

إن عادي الزمان عدا

على قلبي وضعتُ يدا

ونحوكَ قد مددتُ يدا

سرى ليلي بغير هدى

ولا أدري لأيّ مدى

يطاردني الأسى أبداً

ويرعاني الجوى أبدا

وينشرُ في الهوى روحاً

ويطويني الهوى جسدا

وأطوي البيد طاويةً

كأني في الفضاء صدى

نهاري والهجيرُ لظى

وليلي والظلامُ ردى

فوا كبدي إذا أضحى

وإن أمسى فوا كبدا

وليس سواك لي سندٌ

فقدتُ الأهل والسندا

طاهر أبو فاشا:

غريبٌ على بابِ الرّجاءِ طريحُ

يناديكَ موصول الجوى وينوحُ

يهونُ عذابُ الجسم والروحُ سالِمٌ

وأهواكَ ولكني أخاف وأستحي إذا

طريقي إليك الوجد والسهد والضنى

فكيفَ وروحُ المُستهام جروحُ

قلت قلبي في هواك جريحُ

والدمع أواريه في الهوى ببوح

وليسَ الذي يشكو الصبابةَ عاشقاً

وما كلّ باكٍ في الغرامِ قريحُ

يقولون لي:غَنّي،وبالقلب لوعةٌ

أغنّي بها في خلوتي وأنوحُ

ولي في طريق الشوق والليل هائمٌ

معالم تخفى تارةً وتلوحُ

ولي في مقام الوجد حالٌ ولوعةٌ

ودمعٌ أُداري في الهوى ويبوحُ

وأنتَ وجودي في شهودي وغيبتي

وسرُّكَ نور النور أو هو روحُ

وما رحلتْ إلا إليك مواجدي

وداعي الهوى بالوالهين يصيحُ

يُسِرُّ الهوى يغدو فيك ويروحُ

غريبٌ على بابِ الرّجاء طريحُ

طاهر أبو فاشا:
على عيني بكت عيني

على روحي جنت روحي

هواكَ وبُعد ما بيني

وبينك سرّ تبريحي

على عيني

على روحي

فيا غوثاه يا غوثاه

ومن طول النّوى أوّاه

وآهٍ آه

صحا من شجوة كأسي

وقد نامَ الخليّونا

فكيفَ أفرُّ من نفسي

إذا هامَ المُحبّونا

على نفسي جنت نفسي

حيائي منكَ يُبعدني

وداعي الشّوقِ يُدنيني

ووجه الصفح يُخجلني

وأيامي تُقاضيني

على ما كانَ يا أسفاه

ومن طول النّوى أوّاه

خلوتُ إليكَ يا ربي

وقلتُ عساكَ تقبلني

فما بالي أرى ذنبي

وأيامي تُطاردني

مددتُ يدي فَخُذ بيدي

إليكَ ومنكَ يا ربّاه

ومن طولِ النّوى أوّاه

وآهٍ آه

 

 

طاهر أبو فاشا:

عرفتُ الهوى،مذ عرفتُ هواكا

وقُمتُ أناجياك،يا من ترى

وأغلقتُ قلبي عَمّن سواكا

خفايا القلوب ولسنا نراكا

وأشتاقُ شوقين:شوق النّوى

وشوقاً لِقُربِ الخطى من حماكا

فأما الذي هو شوق النّوى

فمسرى الدموع لِطول نواكا

وأما اشتياقي لِقُربِ الحِمى

فنار حياة خَبتْ في ضياكا

ولستُ على الشّجو أشكو الهوى

رضيتُ بما أشكو الهوى

علي الجارم:

ودعاءٌ يَمُرُّ بالصدورِ برقاً

فإذا انسابَ منهُ اصبحَ رعدا

وخشوعٌ من الجلالِ تراءى

وجلالٌ من الخشوعِ تبدّى

أحمد محرم:

سبحانهُ من إلهٍ شأنهُ جَلَلٌ

يهدي النفوسَ بآياتٍ وآثارِ

لأكشفنَّ عن الأبصارِ إذ عَميتْ

ما أسدلَ الجهلُ من حُجُبٍ وأستارِ

عزيز أباظه:

وقفتُ أناجي الله عند المشاعر

وقد خشعت نفسي وجاشت خواطري

وقلتُ له وقد شَفّها فأذابها

ضنى دبَّ في حالٍ من العمر ناضرِ

وحاقت بها الأحداثُ شتى شكولُها

فلم تلقها إلا بإيمانِ صابرِ

وقلتُ له: يا ربّ أُقسمُ صادقاً

وأنتَ عليمٌ ربنا بالسرائرِ

فما بَرمتْ يوماً ولا شَكت

لغيركَ ما قَدرتهُ من مقادرِ

عزيز أباظه:

أقولُ وقلبي مُغرِقٌ في شجونهِ

وجفني بِمُنهلِّ الشئون شريقُ

هل اللهُ هاديني إلى حجِّ بيتهِ 

فإنّي لمنساقٌ إليهِ مَشوقُ

تُنازعني نفسي له فأردُّها

إلى أملٍ في قابلٍ فتتوقُ

وهل أنا مجدودٌ فَمُفضِ لروضةٍ

تضىء بنورِ المُجتبى وتروقُ

ترادفَ في أرجائها الطهرُ والسّنى

وذكرٌ كعرفِ المسكِ وهو فتيقُ

وحلَّ بها عقلٌ عنا الدهرُ عنده

وخُلْقٌ بتقديسِ الوجودِ خليقُ

تسامتْ بوحدانيةٍ عزَّ شانها

وعزَّ بها بيتٌ هناك عتيقُ

تألقَّ وجه الكونِ مذ يوم بعثهِ

بما جاءَ يُلقهِ لهُ ويسوقُ

حواميمُ يبلى الدهرُ وهي جديدةٌ

جلاها رؤوفٌ بالعباد رفيقُ

ذكرتُ سنى ماضيَّ والدهرُ محسنٌ

وعيشٌ ممدودِ الظلالِ وريقُ

محمود حسن اسماعيل:

يا مُجيبَ الدعواتِ

جئتُ أزجي صلواتي

ضارعاً تَخشعُ عيداني

وتُناديكَ صباباتي

وتجثو نغماتي

بِكُلِّ اللهجاتِ

إن تَلَّفتُ،فمنكَ النورُ

يطوي لفتاتي

أو تهامستُ اُحِسُّ النورَ

يغزو همساتي

وإذا أدعوأرى الأنوارَ

وإذا أصمتُ ،يدعو

تُردد كلماتي

كلُّ شيءٍ في حياتي

نشوةُ الإيمان

بحرٌ زاخرٌ بالرحماتِ

وجِنانٌ في فضاء النفس

خضرُ العذبات

تصدحُ الأحلامُ فيها

كطيور ناغماتِ

ويفيضُ الطهرُ منها

كعيونٍ جارياتِ

وتَعبُّ الروحُ منها

كُلَّ أطياب الحياة

محمود حسن اسماعيل:

آمنت بالله! كلُّ الكونِ في خلدي

هادٍ إليه الحصى والذرُّ والحجرُ

ذرتْ عيونكَ دمعاً ليس يعرفه

إلا غريبٌ بصدري حائرٌ ضجرُ

قلبٌ،كقلبكَ مجروحٌ، وفي دمه

هالاتُ نورٍ إليها يُنصتُ البشرُ

محمد الهراوي(الرسالة العدد33):

حَدا بي إلى أُمِّ القُرى شوقُ هائم

مُدّلهِ قلبٍ حول مكة حائمِ

ولِهتُ بها ما بينَ نومٍ ويقظةٍ

وقلبي يقظانُ الهوى غيرُ نائمِ

فيا هلْ أتى صحبي بمسرح لهوهم

متابي،وأني قارعٌ سنَّ نادمِ

فلم أرَ مثلَ الدين أدعى للهدى

ولا مثلَ حجِّ البيتِ أهدى لِجارمِ

وما أبتغي إلا المثوبة مخلصاً

ودعوة ربِّ البيتِ تحتَ المحارمِ

أقول:إلهي أنتَ أدرى بأمتي

وكم نزلتْ دهراً على حُكمِ غاشمِ

تركتُ ورائي أمة لم تكن تني

عن الحقِّ جُهداً،أو تهي في العزائمِ

فيا ربِّ يا حامي حمى البيتِ لا تُبِحْ

حِمى مصرَ للعادين من كلِّ ظالمِ

وياربِّ إنَّ الشرق بات بأهلهِ

كبيرَ الأماني طامحاً للعظائمِ

يريدُ حياة العزِّ وهو مُسالمٌ

ويأبى عليه الجَورُ عيش المسالمِ

فياربِّ أيّدهُ على الحقِّ ما سعى

إلى الحقِّ وارفع عنه نيرَ المظالمِ

وياربِّ إن كانت لنفسي حاجة

فحاجةُ نفسي منك حُسنُ الخواتمِ

ابراهيم ناجي:

أإذا اشتدَّ على القلب البلاء

اإذا جارَ عبابٌ وتناهى

تعصِفُ الأمواجُ عصفاً بالرجاء

كيف ننسى أن للكون إلها

يا رَبّ غفرانكَ إنا صِغارٌ

ندبُّ في الدنيا دبيبَ الغرور

نسحب في الأرض ذيول الصغار

والشيبُ تأديبٌ لنا والقبور

صالح علي الشرنوبي:

طالَ الطريقُ فمن يقولُ لسادرٍ

حيران،حسبُكَ قد بلغتَ مُناكا

وطرقت أرضاً ضاعَ عمرك كلّه

من دونها وتمزّقت قدماكا

فجّرتَ قلبك جدولاً..تسقي به

زهرَ المنى وجنيتها أشواكا

وهدمتَ صرحاً للشبابِ مُشيّداً

لِتُقيمَ للمجدِ العظيمِ سماكا

أبت الليالي أن تُغيّر ثوبها

وظَلّتْ تصبغُ ثوبها بِدماكا

رُحماكَ إن الله بالغ أمرهِ

وهو اللطيفُ فنادِهِ رُحماكا

رُحماكَ ضاعَ العمرُ وانقضت المنى

والأمرُ أمرُكَ لا إله سِواكا

لولا رجائي منّكَ قَلَّ تَصبرّي

وقطعت حبل شقاوتي لولاكا

فامنُنْ بعفوكَ إن أردتَ ونادني

فالعبدُ عبدُك..والقضاءُ قضاكا

عبد الحميد ديب:

تبتُ من ذنبي ومن ترجع بهِ

نفسهُ لله يبعثهُ تقيّاً

توبة من بعد أن فزتُ بها

كلّ شيء صار في عيني هنيّا

فتراني في السموات العُلى

أصحبُ الشمسَ وتعنو لي الثريا

ولدى سدرتها في موكب

ما حوى إلا ملاكاً أو نبيا

حسن فتح الباب:

كُلّما طافت على الكون نهايا

وسرت في موكب الدنيا خطايا

أشرقت روحي يا رب ورَفتْ

في ضياء غامر منك الحنايا

واستفاض الطهر يسري في فؤادي

من معانيك ويجتاح الخلايا

واجتلى قلبي أسرار النجاوى

وجلا نورك عم حسّي دجايا

ربّ فارحم،نادماً مما يعاني

وتقبّل توبة من كل جاني

واهدِ في غمرٍ من الدجن سراة

وأقل عثرة مكلوم وعاني

ربِّ واسكب من سماواتك فيضاً

يغمر النفس بآمال حسان

اسماعيل صبري

يا ربِّ أين تُرى تُقامُ جهنمٌ

للظالمينَ غداً وللأشرارِ

لم يُبْقِ عفوكَ في السّمواتِ العُلى

يا ربّ أهلّني لفضلك واكفِني

والأرض شبراً خالياً للنارِ

شططَ العقولِ وفتنةَ الأفكارِ

ومُرِ الوجودَ يَشِفُّ عنك لكي أرى

غضبَ اللطيف ورحمة الجبارِ

يا عالمَ الأسرار حسبي مِحنةً

علمي بأنّكَ عالمُ الأسرارِ

أَخلِقْ برحمتكَ التي تسعُ الورى

ألا تضيق بأعظم الأوزارِ

إسماعيل صبري:

أنا يا إلهي عندَ بابكَ واقِفٌ

لا أبتغي عنهُ الزمانَ عُدولا

ما جئتُ أطلبُ أجرَ ما قَدّمتهُ

حاشا لِجودِكَ أن يكونَ قليلا

عَظَمتُ آمالي وصَغّرتُ الورى

من ذا لها إن لم تكُ المأمولا

إنّي لَعجبني وقوفي سائلاً

إن كنت أنتَ السيّدَ المسئولا

إسماعيل صبري:

تعالى الله لا يعلمُ

كُنْهَ الله إنسانُ

أتبحثُ عنهُ في وادٍ

ومنهُ الكونُ ملآنُ؟

أتُنكِرهُ وأنتَ عليهِ

لو فكّرتَ برهانُ؟

إسماعيل صبري:

خَشيتُكَ حتى قيلَ أنّي لم أثِقْ

بأنّكَ تعفو عن كثيرٍ وترحَمُ

وأمَّلتُ حتى قيلَ ليسَ بخائفٍ

من الله أن تَشوى الوجوهَ جَهنّمُ

فشأني في حاليَّ يا رَبِّ حَيرةٌ

بها أنتَ من دونِ البريّةِ أعلمُ

اقِلني من الشّكِّ الذي قد أحاطَ بي

فشأني في حاليَّ يا رَبِّ مُتهَمُ

مُرِ الحُجبَ تُرفَعْ عنكَ أستقبلُ الهدى

صريحاً وينهجُ منهجَ الحقِّ مُجرِمُ

إسماعيل صبري:

أخلِقْ برحمتِكَ التي تسعُ الورى

ألا تضيقَ بأعظمِ الأوزارِ

إنّي لَتُعجبني الغداةَ صحيفتي

ملأى من الآثامِ والأوضارِ

حاشا لِمثلي أن يُدِلَّ بطاعةٍ

فيها مُسجلةٍ على الغَفّارِ

أو أن يُعِدَّ وثيقةً ينجو بها

يوم القيامةِ من يدِ القهارِ

ليسَ الكريمُ بطالبٍ عن صُنعهِ

أجراً،وليس العفو صفقةَ شاري

إسماعيل صبري:

قدرةٌ حيّرت عقول البرايا

غابَ إدراكها عن الأذهانِ

أبدعتها يدُ المهيمنِ رفقاً

وحناناً على بني الإنسانِ

ملهم النفس والتدابير تجري

محكمات في عالم الأكوانِ

فاز من بالتقى أطاع ووفى

والذي ضلَّ باء بالخسرانِ

أنزل النور رحمةً وسلاماً

وشفاءً في محكم القرآن

محمد الهراوي(الرسالة العدد33):

حَدا بي إلى أمِّ القرى شوقُ هائم

ولهتُ بها ما بين نومٍ ويقظةٍ

وقلبي يقظانُ الهوى غيرُ نائمِ

فإن نمتُ لم تبرح تُخيَّلُ لي الرؤى

وإن أصحُ لم يبرح تخيلُ واهمِ

فذلك شأني ثم لجَّ بي الهوى

إلى أن رأيتُ الحجَّ ضربة لازمِ

حططتُ برحلي فوقَ ناحية السُّرى

وطرتُ بشوقي فوق ذاتِ القوادمِ

لعَّلي،وفي بُرديَّ حُوبة آثمٍ

أطهِّرُ عن بُرديَّ حوبة آثمِ

ويُطمعني في الله أني من منىً

قريبٌ،وأنّي من سلالةِ هاشمِ

اُمسِّحُ بالأركانِ وجهي مُعفراً

وأهمى عليها من دموعي السواجمِ

أطوفُ وأسعى بين مروة والصفا

وآوى إلى ركنِ من البيتِ عاصمِ

وأرجع مملوء الجوانحِ خشيّة

من الله في يوم من الهولِ قادمِ

الشيخ محمد عبده:

ولست أبالي أن يُقال محمد

أبلَّ أم اكتظت عليه المآتمُ

ولكنه دين أردت صلاحه

وللناس آمال يرجون نيلها

أحاذر أن تقضي عليه العمائمُ

إذا متُّ ماتت واضمحلت عزائمُ

فيا ربِّ إن قدرت رُجعى قريبة

إلى عالمِ الأرواحِ وانفضَّ خاتمُ

فبارك على الإسلام وارزقه مرشداً

رشيداً يُضيء النهج والليل قاتمُ

يماثلني نطقاً وعلماً وحكمة

ويشبه في السيف والسيف صارم

الشيخ يوسف القرضاوي:

نشكو إلى الله أحزاباً مضللة

كم أوسعونا إشاعات وبهتانا

ما زال فينا ألوف من أبي لهب

يؤذون أهل الهدى بغياً ونكرانا

ما زال لابن سلول شيعة كثروا

أضحى النفاق لهم وسماً وعنوانا

يا رب إنا ظلمنا فانتصر،وأنر

طريقنا،واحبنا بالحقِّ سلطانا

نشكو إليك حكومات تكيد لنا

كيداً وتفتح للسكسون أحضانا

تبيح للهو حانات وأندية

تؤوي ذوي العهر شُرّباً ومُجّانا

فما لدور الهدى تبقى مغلقة؟

يمسي فتاها غريب الدار حيرانا

يارب نصرك، فالطاغوت أشعلها

حرباً على الدين إلحاداً وكفرانا

محمد مصطفى حمام:

علّمتني الحياةُ أنَّ(حياتي)

إنّما كانت امتحاناً طويلاً

قد أرى بعدهُ نعيماً مقيماً

أو أرى بعده عذاباً وبيلا

علَّ خوفي من الحسابِ كفيل

ليَ بالصفح يوم أرجو الكفيلا

علَّ خوفي يردّني عن أمورٍ

خَبُثتْ غاية وساءت سبيلا

وعدَ الله من ينيب ويخشى

بطشهُ رحمةً وصفحاً جميلا

وبحسبي وعدٌ من الله حقُّ

إنه كان وعده مفعولا

محمد الفيتوري(الرسالة العدد942)

في ليلة من ليالي التي احترقت

فيها الحياة..وغام الناي بالنغمِ

مددت كفّي نحوَ الله مُبتهلاً

والنارُ ملء دمي..واليأسُ ملء فمي:

يا ربّ ..يا ربّ هذا الكون أجمعه

الخيرُ والشرُّ..والأنوارُ والظلمُ

يا أيها الأزل المحجوب بالقدم

يا أيها الأبد المستور بالعدم

يا أيها القدر العالي الذي سعدت

به الطغاة..وشالت كفة القيم

إني شقي بأحلامي..بفلسفتي

بفطرتي..بخيالي الجامح النهم

إني غريب..غريب عن عوالمهم

وغربة الروح تنسى قربة الرحم

فامدد يد القوة العليا ترفعني

إلى سمواتك القدسيّة العصم

بدر شاكر السياب في قصيدةأمام باب الله“:

مُنطرِحاً أمامَ بابك الكبير

أصرخُ في الظلام أستجير

يا راعي النمال في الرمال

وسامع الحصاة في قرارة الغدير

أصيح كالرعود في مغاور الجبال

كآهة الهجير

أتسمعُ النداء؟ يا بوركت تسمع

وهل تجيب إن سمعت؟

يا مهلك العباد بالرجوم والزلازل

يا موحش المنازلُ

مُنطرحاً أمام بابك الكبير

أحسُّ بإنكسارة الظنون في الضمير

أثور؟أغضب

وهل يثور في حِماك مذنب

أريد أن أعيش في سلام

كشمعةٍ تذوب في الظلام

بدمعة أموت وابتسام

تعبت من توقد الهجير

أصارع العباب فيه والضمير

ومن ليالي مع النخيل والسراج والظنون

أودّ لو أنام في حِماك

دثاري الآثام والخطايا

ومهدي اختلاجه البغايا

تأنف أن تمسّني يداك

أودّ لو أراك ،من يراك؟

أسعى إلى سدّتك الكبيرة

في موكب الخطاة والمعذبين

صارخة أصواتنا الكسيرة

خناجراً تمزّق الهواء بالأنين

عدنان رضا النحوي:

ربِّ ضاقتْ بي السبيلُ ودمعي

فاضَ! كم كان قبل ذلك عَصيا

ثقلت فوق منكبيَّ ذنوبي

من يُزيحُ الذنوبَ عن منكبيا؟

بين جنبيَّ مهجةٌ يخفق

الشوق لديها مع الليالي غنيّا

خشية الله تُطلق تنشر الأمن في

النفس وتغنيه بالرجاء نديا

ومع الليل دمعةٌ تسكب النور

فيجلو لنا الصّراط السّويا

بين آمالِ توبةٍ ودواعي

رهبةٍ لم يزل دعائي خفيا

خاشعاً في تَضرُّعٍ حملتهُ

رعشاتٌ تموجُ في شفتيا

يوسف العظم:

ربّاه إني قد عرفتك

خفقةً في أضلعي

وهتفتُ باسمك يا لهُ

لحناً يرنُّ بمسمعي

أنا من يذوبُ تَحرُّقاً

بالشوق دون توجعي

قذ فاض كأسي بالأسى

حتى سئمت تجرُّعي

يا ربّ لإني قد غسلت

خطيئتي بالأدمع

يا ربّ ها تسبيحتي

في مسجدي أو مهجعي

يا ربّ إني ضارع

أفلا قبلت تضرُّعي؟

إن لم تكن لي في أساي

فمن يكون إذن معي

يوسف العظم:

يا ربّ في جوف الليالي

كم ندمت وكم بكيت

ولَكم رجوتُك خاشعاً

وإلى رِحابك كم سعيت

قد كنت يوماً تائهاً

واليوم يا ربي وعيت

إن كنت تعرض جنّة

للبيع بالنفس اشتريت

أو كنت تدعو إلهي

للرجوعِ فقد أتيت

يوسف العظم:

أنا من يذوبُ تَحرُّقاً

بالشوق دون توجعي

قد فاض كاسي بالأسى

حتى سئمت تجرّعي

يا رَبّ إني قد غسلت

خطيئتي بالأدمعِ

يا ربّ ها تسبيحتي في

مسجدي أو مهجعي

يا رب إني ضارع

أفلا قبلت تضرُّعي

إن لم تكن لي في أساي

فمن يكون إذن معي؟

يارب في جوف الليالي

كم ندمت وكم بكيت

ولكم رجوتك خاشعاً

وإلى رحابك كم سعيت

قد كنت يوماً تائهاً

واليوم يا ربي وعيت

إن كنت تعرض جنة للبيع

بالنفس اشتريت

أو كنت تدعوني إلهي

للرجوع فقد أتيت

جميل صدقي الزهاوي:

ويحَ نفسي فقد سلكتُ طريقاً

ويحَ نفسي من روعِ يوم التقاضي

ليسَ فيه إلى الحقيقة هادي

ويحَ نفسي من هولِ يوم التنادي

سوف أبكي ملء العيون على ما

قلتُ حتى يبل دمعي نجادي

سوف أبكي على حياتي وأبكي

من زمان قضيت في بغداد

جميل صدقي الزهاوي:

إنني قد ندمت غفرانك اللهم

من سوء مذهبي واعتقادي

عن سبيل الرُّشد حِدتُ فأرجعني

إلهي إلى سبيل الرشادِ

إنني قد زرعت إثماً فويلي

ثم ويلي إن حان يوم الحصادِ

جميل صدقي الزهاوي:

إليكَ إلهي في بكاءٍ أجيده

قصيداً إذا ما نابني الخطب أضرعُ

إليكَ بداجي الليل في البحر إن طغى

إليكَ إذا ما ريعَ قلبي أفزعُ

عبدتُكَ لا أدري ولا أحد درى

أسرُّكَ أم صدر الطبيعة أوسعُ

قرأت اسمك المحمود في الليل والضحى

إذ الشمس تستخفي إذ الشمس تطلع

فأيقنتُ أنَّ الكونَ بالله قائم

وآمنتُ ان الله للكون مبدعُ

أيذكرُكَ الإنسانُ في العسر جائعاً

وينساكَ عند اليُسرِ إذ هو يشبعُ

تعاليتَ أنت الله مقتدراً فما

يضرك نسيان ولا الذكرُ ينفعُ

سعيد عقل:

غَنيتُ مكّةَ أهلها الصِيدا

والعيدُ يملؤ أضلعي عيدا

فرحوا فلألا كل سما بيت

على بيت الهدى زيدا

وعلى اسم ربِّ العالمين على

بنيانهم كالشّهب ممدودا

يا قارىء القرآن صلي لهم

أهلي هناك وطَيب البيدا

من راكع ويداه أنساتاه

أليس يبقى الباب موصودا

أنا أينما صلى الأنام رأت

عيني السماء تفتحت جودا

لو رملة هتفت بمبدعها

شجواً لكنتُ لشجوها عودا

ضجَّ الحجيجُ هناكَ فاشتبكي

بفمي هنا يغرد تغريدا

وأعزّ ربِّ الناس كلهم

بيضاً فلا فرقتَ أو سودا

لا قفرة إلا وتخصبها إلا

ويعطي العطر لا عودا

الأرض ربي وردة وعدت بك

أنت تقطف فإروي موعودا

وجمال وجهك لا يزال رجا

ليرجى وكل سواه مردودا

الحافظ أبو بكر ابن عطية:

أيها المطرودُ من باب الرضى

كم يراكَ الله تلهو مُعرضاً

كم إلى كم أنتَ في جهلِ الصِّبا

قد مضى عُمرُ الصِّبا وانقرضا

قُمْ إذا الليلُ دَجتْ ظُلمتهُ

واستلذَّ الجفنُ أن يغتمضا

فضعِ الخدَّ على الأرضِ ونُخْ

واقرعِ السنَّ على ما قد مضى

النباهي(نفح الطيب ـ ج6 ص121):

إذا كنتَ بالقصد الصحيح لنا تهوى

فسلّمْ لنا في حكمنا ودعِ الشكوى

ولالا تتبّعْ أهواءَ نفسك والتفتْ

لنا حيثُ كنّا في الرخاءِ وفي الأوا

وكم من مُحبٍ في رضانا وحبّنا

محا كلَّ ما يبدو سوانا له محوا

رآنا عياناً عين معنى وجوده

فعاجَ عن الشكوى وفوّض في البلوى

وقال تحكّمْ كيف شئت بما ترى

رضيتُ بما تقضي وهمتُ بما تهوى

فحلَّ لدينا بالخلوصِ وبالرضى

محلّ اختصاصٍ نال منه المنى صفوا

فإن كنت ترجو في الصبابةِ والهوى

لحاقاً بهم فاسلك طريقهم الأضوا

ومُتْ في سبيلِ الحبِّ إن كنت مخلصاً

لنا في الهوى تحيا حياة أولى التقوى

عبد العزيز أبو سلطان(نفح الطيب ج6 ص 115):

القلبُ يعشقُ والمدامعُ تنطِقُ

برحَ الخفاءُ فكلُّ عضو منطِقُ

إن كنتُ أكتمُ ما أكنُّ من الجوى

فشحوبُ لوني في الغرامِ مصدّقُ

وتَذلّلي عندَ اللقا وتَملّقي

إنَّ المُحبَّ إذا دنا يَتملّقُ

فَلكم سترتُ عن الوجودِ محبتي

والدمعُ يفضحُ ما يُسرُّ المنطقُ

ولَكمْ أُموِّهُ بالطلولِ وبالكُنى

وأخوضُ بحرَ الكتمِ وهو الأليقُ

ظهرَ الحبيبُ فلستُ أبصر غيره

فَبكلِّ مرثيّ أرى يتحقّق

مافي الوجودِ تَكثرٌ لِمكّثرٍ

إنَّ المُكّثرَ بالأباطلِ يعلقُ

فمتى نظرتُ فأنتَ موضعُ نظرتي

ومتى نطقتُ فما بغيركَ أنطِقُ

يا سائلي عن بعض كنه صفاته

كَلَّ اللسانُ وكلَّ عنهُ المنطقُ

فاسلك مقاماتِ الرجالِ مُحقّقاً

إنَّ المُحققَ شأوه لا يُلحقُ

مزِّق حجابَ الوهمِ لا تحفلْ به

فالوهمُ يسترُ ما العقولُ تحققُ

واخلص إذا شئت الوصول ولا تئلْ

فالعجزُ عن طلبِ المعارفِ موبقُ

إنَّ التَحلّي في التخلّي فاقتصدْ

ذاك الجنابَ،فبابهُ لا يُغلقُ

ولتقتبس نارَ الكليم ولا تخف

والغِ السّوى إن كنتَ منها تفرَقُ

ومتى تجلّى فيكَ سرُّ جماله

وصعقت خوفاً فالمكلّم يصعق

جَرّد حسام النفس عن جفن الهوى

إنَّ العوائدَ بالتجردِ تخرق

فإذا فهمت السرَّ منك فلا تَبُحْ

فالسيفُ من بثِّ الحقائق أصدقُ

 

 

 

 

 

أبو نواس:

نموتُ ونبلى،غير أن ذنوبنا

إذا نحن متنا لا تموت ولا تبلى

ألا رُبَّ ذي عينين لا تنفعانه

وما تنفعُ العينانِ من قلبهُ أعمى

أبو نواس:

تَعاظمني ذنبي فلما قرنتهُ

بعفوكَ رَبّي،كان عفوكَ أعظما

وما زلتَ ذا عفوٍ عن الذنب لم تزل

تجودُ به وتعفو مِنَّةً وتَكرُّما

أبو نواس:

يا سائل الله فزت بالظفر

وبالنّوالِ الهنيِّ لا الكدر

فارغبْ إلى الله لا إلى جسد

مُتنقّل من صباً إلى كبر

إنَّ الذي لا يخيبُ سائله

جوهره غير جوهر البشر

مالكَ بالتُرهات مُنشغلاً

أفي يديكَ الأمان من سقر؟

أبو نواس:

تَكّثرْ ما استطعتَ من الخطايا

فإنّكَ بالغٌ رباً غفورا

ستبصر إن وردت عليه عفواً

وتلقى سيّداً ملكاً كبيرا

تعضُّ ندامةً كَفّيكَ ممّا

تركت مخافة الله السرورا

أبو نواس:

لهف نفسي على ليالي وأيام

تجاوزتهنَّ لعباً ولهوا

وأسانا كلِّ الإساءة إلى ربنا

صفحاً عنا إلهي وعفوا

أبو نواس:

كم ليلةٍ قد بِتُّ ألهو بها

لو دامَ ذاك اللهو للاهي

حرّمها الله وحَلّلتها

فكيف بالعفو من الله

أبو نواس:

من أنا في موقفِ الحسابِ إذا

نُوديَ بالأنبياءِ والرُّسلِ

ذلكَ يومٌ يَجِلُّ عن خَطري

فما لمثلي هناك من أملِ

هُنتُ على الخالقِ الجليلِ فما

ينظرُ في قصتي ولا عملي

أبو نواس:

أراني مع الأحياء حيّاً وأكثري

على الدهرِ ميت قد تَخَرَّمهُ الدهر

فما لم يَمُتْ مني بما ماتَ ناهض

فبعضي لبعض دون قبر البِلى قبرُ

قيا ربّ قد أحسنت عوداً وبدأة

إليَّ قلم ينهض بإحسانك الشكر

فمن كان ذا عذر لديك وحجة

فعذري إقراري بأن ليس لي عذرُ

أبو نواسك

لو لم تكن لله مُتهماً

لم تُمسِ محتاجاً إلى أحد

أبو نواس:

يا نفسُ خافي الله واتئدي

واسعي لِنفسكِ سعيَ مجتهد

أبو نواس:

إلهنا ما أعدلك

مليك كلِّ من ملكْ

لبيكَ قد لبيتُ لك

لبيكَ إنَّ الحمد لك

والمُلكَ لا شريك لك

والليلُ لما أن حلك

والسابحاتُ في الفلك

على مجاري المنسلك

ما خابَ عبدُ أملّك

أنت له حيث سلك

لولاك يا ربِّ هلك

كلُّ نبيٍّ ومَلَكْ

وكلُّ من أهلّ لك

سَبّحَ أو لبى فَلَكْ

يا مخطئاً ما أغفلك

عَجِّلْ وبادر أجلكْ

واختم بخير عملك

لبيك إن الملك لك

والحمد لك والنعمة لك

والعِزّ لا شريك لك

أبو نواس:

أبو نواس:

يا طالب الدنيا ليجمعها

جمحت بك الآمال فاقتصدِ

لو لم تكن للهِ مُتهماً

لم تُمْسِ محتاجاً إلى أحدِ

أو ما ترى الآجال راصدةً

لتحول بين الروح والجسدِ

مَنَّتكَ نفسُكَ أن تجورَ غداً

أو ما تخاف الموت دون غدِ

يا نفسُ! موردُك الصراط غداً

فتأهبي من قبل أن ترِدي

ما حجتي يوم الحساب إذا

شهدت عليَّ بما جنيتُ يدي

دبَّ في الفناء سُفلاً وعُلواً

وأراني أموتُ عضواً فعضوا

ذهبت شرّتي وجدّة نفسي

وتذكّرتُ طاعة الله نِضوا

ليس من ساعة مضت بي إلا

نقصتني بمرّها لي جزوا

لهف نفسي على ليال وايام

سلكتهم لعباً ولهوا

قد أسأنا كلّ الإساءة يار

ب فصفحاً عنا إلهي وعفوا

أبو نواس:

رضيتَ لِنفسكَ سوآتِها

ولمْ تألُ جُهداً لمرضاتِها

وحسنتَ أقبحَ أعمالِها

وصَغرتَ أكبرَ زلاتها

وكم من طريقٍ لأهلِ الصّبا

سلكتَ سبيلَ غواياتِها

فأيّ دواعي الهوى عفتها

ولم تَجرِ في طُرْقِ لذّاتِها

وأيّ المحارِمِ لم تنتهكْ

وأيَّ الفضائحِ لم تأتِها

وهذي القيامةُ قد أشرفتْ

تُريكَ مخاوِفَ فزعاتها

وقد أقبلتْ بمواعيدها

وأهوالها،فارْعَ لوعاتها

وإنّي لفي بعضِ أشراطِها

وآياتِها،وعلاماتها

أبو نواس:

سُبحانَ علّامِ الغيوبِ

عجباً لتصريفِ الخُطوبِ

تغدو على قطْفِ النفو

س،وتجتني ثمرَ القلوبِ

حتى متى يا نفسُ تغ

ترينَ بالأملِ الكذوبِ

يا نفسُ توبي قبل أن

لا تستطيعي أن تتوبي

واستغفري لذنوبكِ الرّ

حمن غفارَ الذنوبِ

إنّ الحوادِثَ كالرّيا

حِ عليكِ دائمةُ الهبوبِ

والموتُ شَرْعٌ واحد

والخلقُ مختلفو الضروبِ

والسعيُ في طلبِ التقى

من خيرِ مَكسبةُ الكسوبِ

ولَقلّما ينجو الفتى

بِتقاهُ من لُطخِ العيوبِ

أبو نواس:

تباركَ ربِّ دحا أرضَهُ

وأحكمَ تقديرَ أقواتِها

وصَيِّرها مِحنةً للورى

تَغرُّ الغويّ بغزواتها

فما نرعوي لأعاجيبها

ولا لتصرفِ حالاتها

نُنافِسُ فيها، وأيامها

تَردّدُ فينا بآفاتها

أما يتفكّرُ أحياؤها

فيعتبرونَ بأمواتِها

أبو نواس:

أيا مَنْ ليسَ لي منهُ مُجيرُ

بِعفوكَ من عذابكَ أستجيرُ

أنا العبدُ المُقِرّ بكلِّ ذنبٍ

وأنتَ السيَّدُ المولى الغفورُ

فإن عذّبتني فَبِسوءِ فعلي

وإن تغفر فأنتَ به جديرُ

أفِرُّ إليكَ منكَ،وأين،إلا

إليكَ يفرُّ منكَ المستجيرُ

أبو نواس:

أفنيتَ عُمركَ والذنوبُ تزيدُ

والكاتبُ المُحصي عليكَ شهيدُ

كم قُلتَ: لستُ بعائدٍ في سَوءَةٍ

ونذرتَ فيها، ثم صرْتَ تعودُ

حتى متى لا ترعوي عن لَذّةٍ

وحسابها يوم الحسابِ شديدُ

وكأنني بك قد أتتكَ منيةٌ

لا شك أن سبيلها مورودُ

أبو نواس:

إذا ما خلوتَ الدهرَ يوماً، فلا تقُلْ

:

خَلوتُ ،ولكنْ قُلْ عليَّ رقيبُ

ولا تَحسبنَّ الله يغفلُ ساعةً

ألم ترَ أنَّ اليومَ اسرعُ ذاهِبٌ

ولا أنَّ ما تخفيه عنهُ يَغيبُ

وأن غداً للناظرين قريبُ

لَهونا لَعمرُ الله حتى تراكمت

ذنوبٌ على آثارِهنَّ ذنوبُ

فيا ليت أن الله يغفر ما مضى

ويأذن في توباتنا فنتوبُ

أقول إذا ضاقت عليَّ مذاهبي

وحلّت بقلبي للهموم ندوبُ

لطول جناياتي وعظم خطيئتي:

هلكت،وما لي في المتاب نصيبُ

وأغرقُ في بحر المخافة آيساً

وترجعُ نفسي تارة فتتوب

وتذكرني عفو الكريم عن الورى

وأخضعُ في قولي وأرغبُ سائلاً

فأحيا وأرجو عفوه فأُنيبُ

عسى كاشف البلوى عليَّ يتوبُ

أبو نواس:

ولقد نَهزْتُ مع الغُواةِ بِدَلوِهمْ

وأسَمْتُ سَرْحَ اللَّهوِ حيثُ أساموا

وبلغتُ ما بلغَ امرؤٌ بِشبابهِ

فإذا عُصارةُ كلِّ ذاكَ آثامُ

أبو نواس:

منْ لم يَكُن لله مُتهماً

لم يُمْسِ محتاجاً إلى أحدِ

أبو نواس:

ألا رُبَّ وجهٍ في الترابِ عتيقِ

ويا رُبَّ حُسنٍ في الترابِ رقيقِ

ويا رُبَ حزمٍ في الترابِ ونجدةٍ

ويا رُبَّ رأيٍ في الترابِ وثيقِ

فَقُلْ لغريبِ الدارِ إنّكَ راحِلٌ

إلى منزلٍ نائي المحل سحيقِ

وما الناسُ إلا هالِكٌ وابنُ هالكٍ

وذو نسبٍ في الهالكين عريقِ

أبو نواس:

كُنْ مع الله يَكُنْ لك

واتقِّ الله لَعلّكْ

لا تَكُنْ إلا مُعدّا

للمنايا فكأنّكْ

إنَّ للموتِ لسهماً

واقعاً دونك أو بِكْ

نحن نجري في أفا

نين سكون وتحرك

فعلى الله تَوّكلْ

وبتقواه تَمّسكْ

أبو نواس:

أيها الغافِلُ المُقيمُ على اللّهوِ

ولا عُذرَ في المُقامِ لِساهِ

لا بأعمالنا نُطيقُ خلاصاً

يوم تبدو السماء فوق الجباه

غير أني على الإساءةِ والتفريطِ

راجٍ لِحُسنِ عفو الإلهِ

أبو نواس:

يا ربّ إن عَظُمتْ ذنوبي كثرةً

فلقد علِمتُ بأنَّ عفوكَ أعظَمُ

إن كانَ لا يرجوكَ إلا مُحسنٌ

فمن يلوذُ ويستجيرُ المُجرمُ؟

أدعوكَ ربِّ كما أمرتَ تَضرُّعاً

فإذا رددتَ يدي فمن ذا يرحمُ؟

مالي إليكَ وسيلةً إلا الرَّجا

وجَميلُ عفوكَ ثم إني مُسلمُ

أبو نواس:

رحِمَ الله مُسلماً

ذكرَ الله فازدجرْ

غفرَ الله ذنبَ من

خاف فاستشعر الحذرْ

أبو نواس:

فقد ندِمتُ على ما كانَ من خَطَلٍ

ومن إضاعةِ مكتوبِ المواقيتِ

أدعوكَ سُبحانكَ اللهم،فاعفُ كما

عفوتَ يا ذا العُلى عن صاحبِ الحوتِ

أبو نواس:

أخي ما بالُ قلبِكَ ليسَ ينقى

كأنَّكَ لا تظُنُ الموتَ حقا

ألا يابنَ الذين فَنوا وبادوا

أما والله ما ماتوا لتبقى

وما للِنَّفسِ عندكَ من مُقامٍ

إذا ما استكملت أجلاً ورزقا

وما لكَ غير ما قَدَّمتَ زادٌ

إذا جعلت إلى اللّهواتِ ترقى

وما أحدٌ بزادِكَ منكَ أحظى

ولا لك غير تقوى الله زاد

ولا أحدٌ بذنبكَ منكَ أشقى

إذا جعلت إلى اللّهوات ترقى

أبو نواس:

يا نُواسيّ تَوّقرْ

ساءكَ الدهرُ بشيءٍ

وتَجَمّلْ وتَصَبّرْ

وبما سَرَّكَ أكثرْ

يا كثيرَ الذنبِ عفوا

لله من ذنبكَ أكبرْ

أكثرُ العصيان في

أصغرِ عفوِ الله يصغرْ

ليسَ للإنسانِ إلا

ما قضى الله وقَدّرْ

ليسَ للمخلوقِ تدب

يرٌ بل الله المُدّبرْ

أبو فراس الحمداني:

يا فارجَ الكربِ العظيمِ

وكاشفَ الخطبِ الجليلِ

كنْ يا قويُّ لذا الضعيفِ

ويا عزيز لذا الذليل

أبو فراس:

انظر لضعفي يا قويّ

وكُنْ لفقري يا غنيّ

أحسِنْ إليّ فإنني

عبد إلى نفسي مُسيء

أبو فراس الحمداني:

ولما أن جعلت الله لي

ستراً من النُوّب

رمتني كلّ حادثة

فأخطئتني ولم تصبِ

أبو فراس الحمداني:

أما يَردعُ الموتُ أهلَ النُهى

ويمنعُ عن غَيّهِ من غَوى

فيا لاهياً،آمناً،والحِمامُ

إليهِ سريعٌ قريبُ المدى

يُسَّرُ بشيءٍ كأن قد مضى

ويأمنُ شيئاً كأن قد أتى

إذا ما مررت بأهل القبورِ

تَيقنّتَ أنكَ منهمْ غدا

وأنَّ العزيز بها والذليل

سواءٌ إذا أُسلما للِبلى

غريبين،ما لهما مؤنِسٌ

وحيدين،تحتَ طِباقِ الثرى

فلا أملٌ غير عفوِ الإلهِ

ولا عَملٌ غيرُ ما قد مضى

فإن كان خيراً فخيراً تنالُ

وإن كانَ شراً فشراً ترى

أبو فراس:

إذا كان غيرُ الله للمرءِ عُدّةٌ

أتته الرزايا من وجوهِ المكاسبِ

ابن الرومي:

تتجافى جُنوبهم

عن وطيءِ المضاجعِ

كُلُّهم بين خائفٍ

مستجيرٍ وطامعِ

تركوا لذّةَ الكرى

للعيونِ الهواجعِ

ورعوا انجُمَ الدُّجى

طالعاً بعد طالع

لو تراهم إذا هم

خطروا بالأصابعِ

وإذا هم تأوّهوا

عند مرِّ القوارعِ

وإذا باشروا الثرى

بالخدودِ الضوارعِ

واستهلّت عيونهم

فائضاتِ المدامعِ

ابن الرومي:

ألا من إليه أشتكي ما ينوبني

فَيُفرِّج عني كلَّ غمٍّ وكلَّ هَمِّ

ابن الرومي:

ومتى ما دعوتُ ربي على الده

رِ وظُلمِ الخطوبِ لبى الدعاء

ابن الرومي:

إلى الله أشكو لا إلى الناس إنّما

مكانُ الشكايا من يضرُّ وينفعُ

ابن الرومي:

باتَ يدعو الواحدَ الصّمدا

خادم لم تُبقِ خدمته

قد جفّتْ عيناه غمضهما

في حشاه من مخافتهِ

لو تراه وهو منتصبٌ

في ظلام الليلِ منفردا

منه لا روحاً ولا جسدا

والخليُّ القلب قد رقدا

حُرُقاتٌ تلذْعُ الكبدا

مُشعِرٌ أجفانه السُّهدا

كُلّما مَرَّ الوعيدُ بهِ

ووهت أركانهُ جزعاً

سَحَّ دمعُ العينِ فاطرّدا

وارتقت أنفاسهُ صُعدا

قائل:يا منتهى أملي

أنا عبدٌ غرّني أملي

نَجنِّي مما أخافُ غدا

وكأنَّ الموت قد وردا

وخطيئاتي التي سلفتْ

فليَ الويل الطويل غداً

لستُ أُحصي بعضها عددا

ليت عمري قبلها نفدا

ويحَ عيني ساءَ ما نظرتْ

ويحَ قلبي ساءَ ما اعتقدا

ليت عيني قبل نظرتها

كُحِلتْ أجفانها رمدا

فإذا مرَّ الوعيدُ بهِ

كادَ يُفني روحه كمدا

وإذا مرَّ الموعودُ به

شدَّ منه القلب والعضدا

ابن الرومي:

فُتْ بلذّاتك العواذل والعَذْ

لَ وإلا فاتت بها الأيامُ

سَيُمحيِّ الذنوبَ منك صلاةٌ

وخضوعٌ وخيفةٌ وصيامُ

لن تمسَّ الجحيمُ ظني جلداً

قد كساهُ أثوابهُ الإسلام

الحافظ أبو بكر بن عطية:

أيها المطرودُ من بابِ الرِضا

كمْ إلى كمْ أنتَ في جهلِ الصِّبا

كم يراكَ الله تلهو مُعرِضا

قد مضى عمرُ الصِّبا وانقرضا

قُمْ إذا الليلُ دَجتْ ظُلمتهُ

واستلذَّ الجفنُ أن يغتمضا

فَضعِ الخدَّ على الأرضِ ونُحْ

واقرعِ السِّنَّ على ما قد مضى

علي بن النضر:

يا مُستجيبَ دعاءِ المستجيرِ بهِ

ويا مُفَرِّجَ ليل الكربةِ الداجي

قد أُرتِجتْ دوننا الأبوابُ وامتنعتْ

وجلَّ بابُكَ عن منعٍ وإرتاجِ

نخافُ عدلكَ أن يجري القضاءُ بهِ

ونرتجيكَ فَكُنْ للخائفِ الراجي

حبيب بن عدي:

إلى الله أشكو كربتي بعد غُربتي

وما جمع الأحزاب لي حول مصرعي

فذا العرش صَبّرني على ما يُرادُ بي

فقد بضعوا لحمي وقد ياس مطمعي

وقد خَيّروني الكفر والموت دونه

وقد ذرفت عيناي من غير مجزعِ

وما بي حذار الموت أني ميت

وذلكَ في ذات الإله وإن يشأ

ولكن حذاري حجم نار ملفع

يبارك على أوصال شِلو ممزع

فلستُ أبالي حين أُقتلُ مسلماً

على أيِّ جنبٍ كان في الله مصرعي

عبيد بن الأبرص:

من يسأل الناس يَحرموهُ

وسائلِ الله لا يخيبُ

بالله يُدركُ كلّ خيرٍ

والقولُ في بعضهِ تلغيبُ

واللهُ ليس لهُ شريكٌ

علّامُ ما أخفت القلوبُ

لبيد بن ربيعة:

الحمد لله الذي لم ياتني أجلي

حتى كساني الإسلام سربالا

لبيد:

فلا جزع إن فَرّق الدهرُ بيننا

فكل فتى يوماً به الدهر فاجع

وما المال والأهلون إلا ودائعُ

ولا بُدَّ يوماً أن تُردَّ الودائعُ

ألا كلُّ شيءٍ ما خلا الله باطلٌ

وكل ابن أنثى ولو تطاول عمره

وكلُّ نعيم لا محالة زائلُ

إلى الغاية القصوى فللقبر آيلُ

وكلُّ امرىء يوماً سيعلم سعيه

إذا كشفت عند الإله المحاصل

لبيد:

فاقنعْ بما قسمَ المليكُ فإنّما

قسمَ الخلائقَ بيننا علّامها

لبيد:

إنَّ تقوى رَبِّنا خيرُ نَفَلْ

وبإذن الله رَيثي وعَجَلْ

لبيد:

إنما يحفظُ التقى الأبرارُ

وإلى الله يستقِرُ القرارُ

وإلى الله ترجعون وعند الله

وردُ الأمورِ والإصدارُ

الحطيئة:

ولستُ أرى السعادة جمعَ مالٍ

ولكنَّ التفي هو السعيد

وتقوى الله خير الزاد ذُخراً

وعند الله للأتقى مزيد

عبد الله بن رواحة:

لكنني اسأل الرحمن مغفرةً

وضربةً ذات فَرْعٍ تقذفُ الزَّبدا

أو طعنةً بيدي حَرَّن مُجهزةً

بحربةٍ تنفذ الأحشاء والكبدا

حتى يقال إذا مروا على جَدثي

يا أرشدَ الله من غازٍ وقد رشدا

عبد الله بن رواحة:

يا ربّ لولا أنت ما اهتدينا

ولا تَصدّقنا ولا صَلينا

فأنزل سكينةً علينا

وثَبِّت الأقدامَ إن لاقينا

إنَّ الكفّارَ قد بغوا علينا

وإن أرادوا فتنة أبينا

حسان بن ثابت:

وأنت إله الخلق ربِّي وخالقي

بذلك ما عَمّرتُ في الناسِ أشهد

تعاليت ربّ الناس عن قول من دعا

سواكَ إلهاً أنت أعلى وأمجدُ

لك الخلق والنعماء والأمر كلّه

فإياك نستهدي وإياك نعبدُ

حسان بن ثابت:بعد غزوة الخندق

وكفى الإلهُ المؤمنين قتالهم

وأثابهم في الأجرِ خيرَ ثوابِ

من بعدِ ما قنطوا فَفرّجَ عنهم

تنزيل نصر مليكنا الوهابِ

وأقرَ عين محمدٍ وصحابهِ

وأذلَّ كلَّ مُكذبٍ مرتابِ

النابغة الذبياني:

حلفت فلم أترك لنفسك ريبة

وليس وراء الله للمرء مذهب

النابغة الشيباني:

كلُّ ساعٍ يسعى ليُدركَ شيئاً

سوف يأتيه بسعيه ذا الجلالِ

فهم بين فائز نال خيراً

وشقيٍّ أصابهُ بِنكالِ

إنَّ من يركب الفواحش سرّاً

حين يخلو بِسرِّهِ غيرُ خالِ

كيف يخلو وعنده كاتباه

شاهداه وربُّهُ ذو المحالِ

أحدهم:

إلهي إذا لم تَعفُ عن غيرِ مُحسنٍ

فمن لِمُسيءٍ بالهوى يتمتعُ

إلهي لئن قصّرتُ في طلبِ التقى

فلست سوى أبواب فضلك أقرعُ

إلهي اقِلني عثرتي وامحُ حَوبتي

فإني مُفِرٌ خائفٌ أتضرّعُ

إلهي لئن خَيبتني أو طردتني

فما حيلتي يا ربّ أم كيفَ أصنعُ

زهير بن أبي سلمى:

بدا لي أنّ الله حقّ فزادني

إلى الحقِّ تقوى الله ما قد بدا ليا

بدا لي أني لستُ مُدرِكَ ما مضى

ولا سابقاً شيئاً إذا كانَ جائيا

وما إن أرى نفسي تقيها كريمتي

وما إن تقي نفسي كريمة ماليا

زهير:

يؤخر فيوضع في كتاب فيُدخر

ليوم الحساب أو يُعجل فيُنتقمِ

زهير:

فلا تَكتمنَّ الله ما في نفوسكم

لِخفى ومهما يكتم الله يعلم

زهير:

تَزّود إلى يوم الممات فإنّه

ولو كرهتهُ النفس آخر موعدِ

أوس بن حجر:

أطعنا ربّنا وعصاهُ قومٌ

فَذُقنا طعم طاعتنا وذاقوا

أعشى باهلة:

عليكَ بتقوى الله في كُلِّ إمرةٍ

تجد غبها يوم الحساب المطول

ألا إن تقوى الله خير مغبة

وأفضل زاد الظاعن المتحمل

ولا خير في طول الحياة وعيشها

إذا أنتَ منها بالتقى لم ترحل

عنترة:

يا عبلُ أين من المنيّة مهرب

إن كان ربي في السماء قضاها

النابغة الجعدي:

الحمد لله لا شريك له

ومن لم يقلها فنفسه ظلما

جحدر بن معاوية:

يا نفس لا تجزعي إنّي إلى أمدٍ

وكلُّ نفسٍ إلى يومٍ ومقدارِ

وما يقربُ يومي من مدى أملي

فاقني حياءك ترحالي وتسياري

للهِ أنتِ فإن يعصمك فاعتصمي

وإن كذبتِ فحسبي الله من جارِ

أدعيه سراً وأناديه علانية

واللهُ يعلمُ إعلاني وإسراري

ابن الفارض:

تراهُ إن غابَ عني كلُّ جارحةٍ

وفي كُلِّ معنىً لطيفٍ رائقٍ تبهج

أبو العتاهية:

إلهي لا تُعذبني فإنّي

مُقِرٌ بالذي قد كانَ مني

وما لي حيلةٌ إلا رجائي

لِعفوكَ، إن عفوتَ وحسنُ ظني

فَكمْ من زَلّةٍ لي في البرايا

وأنتَ عليَّ ذو فَضلٍ ومَنِّ

إذا فكرتُ في ندمي عليها

أجنُّ بزهرةِ الدنيا جنوناً

ولو أني صدقتُ الزهد عنها

عضضتُ أناملي، وقَرعتُ سنّي

وأقطعُ طولَ عمري بالتمني

قلبتُ لأهلها ظهر المِجّنِ

يَظنُّ الناسُ بي خيراً،وإني

لَشرُّ الناسِ،إن لم تعفُ عني

أبو العتاهية:

أي يوم،يوم السباق وإذ

أنت تُنادى فما تُجيب المنادي

أي يوم، يوم الفِراقِ وإذ

نفسك ترقى من الحشا والفؤادِ

أي يوم،يوم الفراق وإذ

أنت من النزع في أشدّ الجهادِ

أي يوم،نسيت يوم التلاقي

أي يوم نسيت يوم التنادِ

أي يوم ،يوم الوقوف على الله

ويوم الحسابِ والإشهادِ

أي يوم ،يوم الممر على النار

وأهوالها العظام الشداد

أي يوم،يوم الخلاص من النار

وهول العذاب والأصفادِ

وكم وكم في القبور من أهل ملك

كم وكم في القبور من قوّاد

كم وكم في القبور من أهل دنيا

كم وكم في القبور من زهادِ

كيف ألهو وكيف أسلو وأنسى ال

يا طويل الرقاد لو كنت تدري

موت،والموت رائح بي وغادِ

كنت ميتَ الرّقاد حيّ السهادِ

أبو العتاهية:

أراكَ امرأً ترجو من الله عفوهُ

وأنتَ على ما لا يُحبُّ مقيمُ

تَدلُّ على التقوى وأنتَ مُقَصرٌ

فيا من يُداوي الناسَ وهو سقيمُ

أبو العتاهية:

تَعَلَّقتَ بآمالٍ

طوالٍ أيّ آمالِ

وأقبلت على الدنيا

مُلِحاً أيَّ إقبالِ

أيا هذا تَجّهز

لفراقِ الأهلِ والمالِ

فلا بُدّ من الموتِ

على حالٍ من الحالِ

أبو العتاهية:

استغفر الله من ذنبي ومن سَرفي

إني وإن كنت مستوراً لَخطّاءُ

لم تقتحم بي دواعي النفس معصية

إلا وبيني وبين النور ظلماءُ

أبو العتاهية:

يا أخي الميتُ الذي شيّعته

حُثي التُّربُ عليه ورجعْ

ليتَ شعري ما تزودتَ من

الزاد يا هذا لهول المطّلعْ

يوم يهديكَ محبّوكَ إلى

ظلمة القبر وضيقِ المضطجعْ

أبو العتاهية:

كلُّ حيٍّ عند مِيته

حَظُّهُ من ماله الكفن

مالهُ ممّا يُخلّفهُ

بعد إلا فعله الحسنُ

في سبيل الله أنفسنا

كلنا بالموت مُرتهن

أبو العتاهية:

يا خاطبَ الدنيا الدّنيّة إنها

دار متى سالمتها لم تسلم

وعليك بالتقوى فإنّكَ ميت

فاجعله واقية لِحرِّ جهنم

وتَجَنب الظلم الذي هلكت به

أممٌ تودُّ لو أنها لم تظلم

أبو العتاهية:

غداً ينادى من القبور إلى

هولِ حسابِ عليه نجتمعُ

غداً تُوّفى النفوسُ ما كسبتْ

ويحصد الزارعونَ ما زرعوا

تباركَ الله كيف قد لعبت

بالناسِ هذه الأهواءُ والبِدَعُ

شَتّتَ حبُّ الدُّنى جماعتهم

فيها،فقد أصبحوا وهم شِيَعُ

أبو العتاهية:

لَعمرُكَ ما ينالُ الفضلَ إلا

تقيُّ القلبِ ،محتسبٌ صبور

أبو العتاهية:

مالي رأيتُكَ راكباً لهواكا

اظننتَ أنَّ الله ليس يراكا

أبو العتاهية:

تحاشى ربّنا عن كلِّ نقصٍ

وحاشا سائليه بأن يخيبوا

أبو العتاهية:

لكَ الحمدُ يا مولايَ،ياخالقَ الورى

كثيراً على ما ساءَ نفسي وسَرَّها

أبو العتاهية:

خانكَ الطرفُ الطموحُ

أيها القلبُ الجموح

لدواعي الخيرِ والشرِّ

دنوٌ ونزوحُ

هل لمطلوبٍ بذنبٍ

توبةٌ منهُ نَصوحُ؟

كيفَ إصلاحُ قلوبٍ

إنّما هُنَّ قروحُ

أحسن الله بنا

أنّ الخطايا لا تفوحُ

سيصير المرءُ يوماً

جسداً ما فيهِ روحُ

بينَ عَيني كلِّ حَيٍّ

نُحْ على نفسك يا مس

لَتموتنَّ وإن عُمِّ

عَلمُ الموتِ يلوحُ

كين إن كنت تنوح

رت ما عُمِّر نوحُ

كلّنا في غفلةٍ

والموتُ يغدو ويروحُ

أبو العتاهية:

أيها الباني قصوراً طِوالاً

أين تبغي هل تريدُ السّحابا

أأمنتَ الموتَ والموتُ يأبى

بكَ والأيام إلا انقلابا

إنما داعي المنايا يُنادي

احملوا الزادَ وشدُّوا الرّكابا

أبو العتاهية:

تَقلّدتُ العِظامَ من الخطايا

كأنّي قد أمِنتُ من العِقابِ

ومهما دُمتُ في الدُّنيا حريصاً

فإنّي لا أُوفَقُّ للصوابِ

سَأُسالُ عن أمورٍ كنتُ فيها

فما عذري هُناكَ وما جوابي

بأيّةِ حُجّةٍ أحتجُّ يومَ ال

حسابِ إذا دُعيتُ إلى الحسابِ

أبو العتاهية:

تَعلّقتُ بآمالٍ

طِوالٍ أيِّ آمالِ

وأقبلتُ على الدنيا

مُلِحاً أيَّ إقبالِ

أيا هذا تَجَهّزْ

لِفراقِ الأهلِ والمالِ

فلا بُدَّ من الموتِ

على حالٍ من الحالِ

أبو العتاهية:

ومُحمدٌ لك إن سلكت سبيله

في كلِّ خيرٍ قائدٌ وإمامُ

فالحمدُ لله الذي هو دائمٌ

أبداً وليس لما سواه دوامُ

أبو العتاهية:

من طلبَ العِزَّ ليبقى بهِ

فإنَّ عِزَّ المرءِ تقواهُ

لم يعتصم بالله من خلقهِ

من ليس يرجوه ويخشاه

أبو العتاهية:

طلبتُكِ يا دنيا فأعذرتُ في الطَلبْ

فما نلتُ إلا الهَمَّ والغَمَّ والنَّصبْ

فلما بدا لي أنني لستُ واصلاً

إلى لذةٍ إلا بأضعافها تعبْ

وأسرعتِ في ديني ولم أقضِ بغيتي

هربتُ بديني منكِ إن نفع الهربْ

أبو العتاهية:

مَنْ لِعبدٍ أذلّهُ مولاهُ

مالهُ شافِعٌ إليه سواهُ

يشتكي ما بهِ إليهِ ويخشاه

ويرجوهُ مثلَ ما يخشاهُ

أبو العتاهية:

لَهونا لَعمرُ الله حتى تتابعتْ

ذنوبٌ على أثارهنَّ ذنوبُ

فيا ليتَ أنَّ الله يغفرُ ما مضى

ويأذنُ في توباتنا فنتوبُ

أبو العتاهية:

سُبحانَ رَبِّكَ ما أراكَ تتوبُ

والرأسُ منكَ بشيبهِ مخضوبُ

سُبحانَ رَبِّكَ كيفَ يلتذُّ امرؤٌ

بالعيشِ وهو بنفسهِ مطلوبُ

ألا لله أنتَ متى تتوبُ

وقد صَبَغتْ ذوائبكَ الخطوبُ

كأنّكَ لست تعلمُ أيَّ حَثٍّ

يَحُثُّ بكَ الشروقُ كما الغروبُ

ألستَ تراكَ كلُّ صباحِ يوم

تُقابِلُ وجهَ نائبةٍ تتوبُ

ألا لله أنتَ فتىً وكهلاً

تلوحُ على مفارِقكَ الذنوبُ

أبو العتاهية:

سُبحانَ من لا شيء يعدِلهُ

كم من بصيرٍ قلبهُ أعمى

أبو العتاهية:

تَقَلّدتُ العِظامَ من الخطايا

كأنّي قد أمِنتُ من العِقابِ

ومهما دُمتُ في الدنيا حريصاً

فإني لا أُوفَقُّ للصّوابِ

أبو العتاهية:

إبليسُ قد غَرَّني ونفسي

ومَسّني مِنهُما اللُّغوبُ

ولستُ أدري إذا أتاني

رسولُ ربّي بما أُجيبُ

أبو العتاهية:

الموتُ بابٌ وكلُّ الناسِ داخلهُ

يا ليتَ شعري بعدَ البابِ،ما الدارُ

الدارُ جنّةُ خُلد،إن عملت بما

يُرضي الإله،وإن قصّرتَ فالنارُ

أبو العتاهية:

اللهُ في كُلِّ حادثٍ ثقتي

واللهُ عِزِّي والله مفتخري

لستُ مع الله خائفاً أحداً

حسبي به عاصماً من البشرِ

أبو العتاهية:

فلو كانَ هولُ الموتِ لا شيءَ بعدَهُ

لهانَ علينا الأمر وأُحتِقرَ الأمرُ

ولكنّهُ حشرٌ ونَشرٌ وجَنّةٌ

ونارٌ،وما قد يستطيلُ به الخُبْرُ

أبو العتاهية:

ولم أرَ مثلَ الموتِ أكثرَ ناسياً

تراهُ،ولا أولى بتذكارِ ذاكرِ

وإن امرأً،يبتاعُ دُنيا بدينهِ

لَمنقلِبٌ منها بصفقةِ خاسرِ

أبو العتاهية:

فيا نفسُ خافي الله،واجتهدي له

فقد فاتتِ الأيامُ واقتربَ الوعدُ

تَشاغلتُ عمّا ليس لي منهُ حيلةٌ

ولا بُدَّ مما ليسَ منهُ لنا بُدُّ

لا تسألن بني آدم حاجة

وسَلْ الذي أبوابهُ لا تُحجب

أبو العتاهية:

فَبنورِ وجهك يا إله مُحَمّدٍ

زَحزحْ إليكَ عن السعير مكاني

وامنُنْ عليَّ بتوبةٍ ترضى بها

يا ذا العُلى والمنِّ والإحسانِ

أبو العتاهية:

وما نالَ عبدٌ قطّ فضلاً بقوّةٍ

ولكنّهُ مَنُّ الإلهِ وفضلهُ

لنا خالِقٌ يُعطي الذي هو أهلُهُ

ويعفو ولا يجزي إلا بما نحنُ أهلهُ

أبو العتاهية:

لولا الإلهُ ،وإنَّ قلبي مؤمنٌ

واللهُ غيرُ مُضيِّعٍ إيماني

لظننتُ أو أيقنتُ عند مَنيّتي

أنَّ المصيرَ إلى محلِ هوانِ

أبو العتاهية:

فيا رَبّ هَبْ لي منك حلماً فإنني

أرى الحلم لم يندم عليه حليم

ويا ربّ لي منك عزماً على التقى

أقيم به ما عشتُ حيث أقيم

ألا إن تقوى الله أكرم نسبة

تسامى بها عند الفخار كريم

أبو العتاهية:

ألا نحن في دار قليل بقاؤها

سريع تدانيها وشيك فناؤها

تّزوّدْ من الدنيا التقى والنُّهى فقد

تَنكّرتْ الدنيا وحانَ انقضاؤها

غداً تخرب الدنيا ويذهب أهلها

جميعاً وتُطوى أرضها وسماؤها

ومن كلفته النفس فوق كفافها

فما ينقضي حتى اللمات عناؤها

تَرقَّ من الدنيا إلى أيّ غاية

سموت إليها فالمنايا وراءها

أبو العتاهية:

يا نفس قد أزِفَّ الرحيلُ

وأظَلَّكَ الخطبُ الجليلُ

فتأهبي يا نفس لا

يلعب بك الأملُ الطويل

فلتنزلنَ بمنزلٍ

وليركبنَّ عليك فيه

ينسى الخليلَ به الخليل

من الثرى ثقل ثقيل

أبو العتاهية:

فوا عجباً كيفَ يُعصى المليك

أم كيفَ يجحدهُ الجاحد

ولله في كلِّ تحريكة

وتسكينة في الورى شاهد

وفي كلِّ شيءٍ له آيةٌ

تدلُّ على أنه واحد

المعري:

إذا مدحوا آدمياً مدحتُ

مولى الموالي وربّ الأمم

المعري:

اركعْ لربّكَ في نهاركَ واسجُد

ومتى أطقتَ تهجداً فتهجدْ

المعري:

والله حَقٌّ وإن ماجتْ ظنونُكم

وإنَّ اوجبَ شيءٍ أن تراعوهُ

المعري:

عليك بتقوى الله في كلِّ مشهدٍ

فلله ما أذكى نسيماً وما أبقى

المعري:

أدلجْ إلى رحمةِ الله التي بُذِلتْ

فما يَسُركَ إلا في التُقى دَلَجُ

المعري:

انفردَ اللهُ بِسلطانهِ

فمالهُ في كلِّ حالٍ كَفاءْ

ما خفيتْ قدرتهُ عنكمْ

وهل لها عن ذي رشادٍ خفاءْ

المعري:

أعوذُ بربي من سُخْطهِ

وتفريطِ نفسي وإفراطها

تدينُ الملوكُ وإن عَظُمتْ

لما شاءَ من خلفِ أفراطها

وتجري المقاديرُ منه على

عِظامِ النجومِ وأشراطها

وما دفعت حكماء الرجال

حتفاً بِحكمةِ بقراطها

المعري:

إذا كُنتَ من فَرْطِ السَّفاه مُعطِّلاً

فيا جاحدُ اشهدْ أنني غيرُ جاحد

أخافُ من الله العقوبةَ آجلاً

وأزعمُ أن الأمرَ في يدِ واحد

المعري:

سَلِّمْ إلى الله فكل الذي

ساءكَ أو سَرَّكَ من عندهِ

إن الذي الوحشةُ في دارهِ

تؤنسهُ الرحمةُ في لحدهِ

المعري:

وما أنا يائسٌ من عفو ربّي

على ما كانَ من عَمْدٍ وسهوِ

المعري:

لمَ لا أُؤمِلُ رحمةً من قادرٍ

والسُّولُ يُطلبُ في السّحابِ الأسولِ

المعري:

أما الحياةُ فلا أرجو نوافلها

لكنني لإلهي خائِفٌ راجِ

المعري:

فَزعوا إلى ذكرِ المليكِ وحَسبُهمْ

أُنساً بذلكَ في الضميرِ الوالج

المعري:

قد فَنيَ الوقتُ فما حيلتي

إذا انقضى الإمهالُ والمَهْلُ

إن ختمَ الله بغفرانهِ

فكلُّ ما لاقيتهُ سَهلُ

المعري:

لِيفعلِ الدّهرُ ما يهُمُّ به

إنَّ ظنوني بخالقي حَسَنهْ

لا تيأسُ النفسُ من تَفضلّهِ

ولو أقامت في النار ألف سنه

أبو تمام:

تَطّهرْ والحِقْ ذنبكَ اليومَ توبةً

لعلَّكَ منه إن تَطّهرتَ تطهرُ

فهذي الليالي مؤذناتك بالبلى

تروحُ وأيامٌ كذاكَ تبكّرُ

الحسين بن مطير الأسدي:

ولا تقرب الأمرَ الحرامَ فإنّهُ

حلاوتهُ تفنى ويبقى مريرها

ولا تـُلهكَ الدنيا عن الحقِّ واعتمدْ

لآخرةٍ لا بُدَّ أن ستصيرها

أحدهم:

إن لم أُحسن دعائي فأنت أعلم بحاجاتي

وإن قصرت فأنت سبحانك تعلم غاياتي

ولا يخفى عليك شيء من أحوالي

فأجبر خاطري بفيض نعمك

علي بن الجهم:

تَوكلنا على رَبِّ السماء

وسَلّمنا لأسبابِ القضاء

علي بن الجهم:

من سبقَ السّلوةَ بالصبرِ

فازَ بفضلِ الحمدِ والأجرِ

علي بن الجهم:

إذا جَدَّدَ الله لي نعمةً

شكرتُ ولم يرني جاحدا

ولم يزلِ الله بالعائداتِ

على من يجودُ بها عائدا

علي بن الجهم:

واللهُ بالغُ أمرهِ في خلقهِ

وإليهِ مصدرنا غداً والموردُ

عبد الله بن المبارك:

لو كانَ حبُّكَ صادقاً لأطعتهُ

إنَّ \المُحِبَّ لمن يُحِبُّ مطيع

الفرزدق:

إذا قادني يومَ القيامةِ قائدٌ

عنيفٌ وسَوَّاقٌ يسوقُ الفرزدقا

أخافُ وراءَ القبر،إن لم يُعافني

لقد خابَ من أولاد آدم من مشى

يُقادُ إلى نارِ الجحيم مُسربلاً

أشدَّ من القبرِ التهاباً وأضيقا

إلى النارش مغلولَ القِلادةِ أزرقا

سرابيلَ قطرانٍ لباساً محرِّقا

إذا شربوا فيها الحميم رأيتهم

يذوبونَ من حَرِّ الحميم تَمزّقا

الفرزدق:

أطعتُكَ يا إبليس تسعين حَجّة

فلما قضى عمري وتمَّ تمامي

فزعتُ إلى رَبّي وأيقنتُ إنني

وما أنتَ يا إبليس بالمرء أرتجي

مُلاقٍ لأيام الحتوفِ حِمامي

رضاه ولا تقتادني بزمام

البحتري:

مُتَهجِّدُ يخفي الصلاة وقد أبى

إخفاءَها أثرُ السجودِ البادي

بشار بن برد:

بدا ليَ أنَّ الدهرَ يقدحُ في الصَّفا

وأنَ بقائي ما حييتُ قليلُ

فَعِشْ خائفاً أو غيرَ خائفٍ

على كُلِّ نفسٍ للحِمامِ دليلُ

خَليلُكَ ما قدّمتَ من عملِ التُّقى

وليسَ لأيامِ المنونِ خليلُ

بشار بن برد:

وما خاب بين الله والناس عاملٌ

لهُ في التقى أو في المحامد سوقُ

ولا ضاقَ فضلُ الله عن مُتعَفِفٍ

ولكن أخلاق الرجال تضيقُ

موسى بن عبد الله الطالبي:

إذا أنا لم اقبل من الدهرِ كلَّ ما

تَكّرهتُ منه طالَ عتبي على الدّهرِ

إلى الله كلُّ الأمرِ في الخلقِ كلّهم

وليسَ إلى المخلوقِ شيءٌ من الأمرِ

تَعوّدتُ مسَّ الضُرِّ حتى ألفتهُ

وأسلمني طولُ البلاءِ إلى الصبرِ

ووسَّعَ صدري للأذى الأنسُ بالأذى

وإن كنتُ أحياناً يضيقُ به صدري

وصَيّرني يأسي من الناسِ راجياً

لِسرعةِ لطف الله من حيث لا أدري

المعري(مجلة المنار العدد137:

إذا مدحوا آدمياً مدحتُ

مولى الموالي وربّ الأمم

وذاكَ الغنيُّ عن المادحين

ولكن لنفسي عقدت الذمم

له سجد الشامخ المشمخر

على ما بعرنينه من شمم

ومغفرةُ الله مرجوة

إذا حبست أعظمي في الرّمم

مُجاورَ قوم تمشي الفناء

ما بين أقدامهم القمم

فيا ليتني هامداً لا أقوم

ونادى المنادي على غفلةٍ

إذا نهضوا ينفضون اللحم

فلم يبق في أذن من صمم

وجاءت صحائف قد ضُمنت

كبائر آثامهم واللمم

فليت العقوبة تحريقةٌ

فصاروا رماداً بها أو حُمم

رأيتُ بني الدهر في غفلةٍ

وليست جهالتهم بالأمم

فنسك أناس لضعف العقول

ونسك أناس لبعد الهمم

ذو الرمة:

يا رَبّ قد أشرفت نفسي ،وقد علمتْ

علماً يقيناً لقد أحصيت أثاري

يا مُخرجَ الروحَ من جسمي إذا احتُضرت

وفارجَ الكربِ زحزحني عن النارِ

الشافعي:

خَفِ الله وارجوهُ لِكُلِّ عظيمةٍ

ولا تُطعِ النفسَ اللجوجَ فتندما

وكُنْ بين هاتينِ من الخوفِ والرَّجا

وابشرْ بعفو الله إن كنتَ مُسلما

الشافعي:

تَوَّكلتُ في رزقي على الله خالقي

وأيقنتُ أنَّ الله لا شكّ رازقي

وما كانَ من رزق فليس يفوتني

ولو كانَ في بطن البحار الغواسقِ

سيأتي به الله العظيم بفضله

ولو لم يكن مني اللسان بناطقِ

ففي أيّ شيءٍ تذهب النفس حسرة

وقد قسمَ الرحمن رزقَ الخلائقِ

الشافعي:

عليكَ بتقوى الله إن كنتَ غافلاً

يأتيكَ بالأرزاقِ من حيث لا تدري

فكيفَ تخافُ الفقر والله رازق

فقد رزق الطير والحوت في البحر

ومن ظنَ أن الرزق يأتي بقوة

ما أكل العصفورُ شيئاً مع النسر

الشافعي:

إن كنت تغدو في الذنوبِ جليدا

وتخاف في يوم الميعاد وعيدا

فلقد أتاكَ من المهيمن عفوه

لا تيأسن من لطف ربّك في الحشا

وأفاضَ من نعم عليك مزيدا

في بطن أمك مضغة ووليدا

لو شاء أن تصلى جهنم خالداً

ما كان ألهمَ قلبك التوحيدا

الشافعي:

إذا أصبحت عندي قوت يومي

فَخَلِّ الهمَّ عندي يا سعيد

ولا تُخطر هموم غد ببالي

فإنَّ غد له رزق جديد

أسلم إن أراد الله أمراً

فأترك ما أريد لما يريد

الشافعي:

أتهزأ بالدعاءِ وتزدريهِ

وما تدري بما صنعَ الدعاءُ

سِهامُ الليل لا تُخطي ولكن

لها أمدٌ وللأمدِ انقضاءُ

الشافعي:

كم جئت بابك سائلاً فأجبتني

من قبل حتى أن يقول لساني

واليوم جئتك تائباً مستغفراً

شيءٌ بقلبي للهدى ناداني

عيناي لو تبكي بقية عمرها

لاحتجت بعد العمر عمراً ثاني

ر

إن لم أكن للعفو أهلاً خالقي

فأنت أهل العفو والغفران

روحي لنورك يا إلهي قد هفت

وتشققت عطشاً له أركاني

فاقبل بفضلك توبة القلب الذي

قد جاء هرباً من دجى العصيان

واجعله في وجه الخطايا ثابتاً

صلباً ..قوياً..ثابت الإيمان

وامنن بعفوك..إن عفوك وحده

سيعيد نبض النور في الإنسان

ابن الجوزي:

يا كثير العفو عمنْ

كَثُر الذنب لديه

جاءك المذنب يرجو الصفحَ

عن جُرمِ يديه

أنا ضيفٌ وجزاءُ الضّيفِ

إحسانٌ إليه

صالح بن عبد القدوس:

دَعْ عنكَ ما قد كانَ في زمن الصِّبا

واذكر ذنوبكَ وابكها يا مُذنبُ

واذكر مناقشةً الحسابِ فإنّهُ

لا بُدَّ يُحصي ما خبيتَ ويُكتبُ

لم ينسهُ الملكانِ حين نسيتهُ

بل أثبتاهُ وأنتَ لاهٍ تلعبُ

والرُّوحُ فيكَ وديعةٌ أُودعتها

ستردُّها بالرغمِ منكَ وتُسلَبُ

صالح بن عبد القدوس:

الموتُ بابٌ وكلُّ الناس داخلُهُ

فليتَ شعري بعد البابِ ما الدارُ؟

الدارُ جنّةُ عدنٍ إن عملت بما

يرضي الإله،وإن فرّطتَ فالنارُ

هما محلان ،ما للناس غيرهما

فانظر لنفسك ماذا أنت مختارُ

صالح بن عبد القدوس:

فعليكَ تقوى الله فالزمها تَفُزْ

إنَّ التقيَّ هو البهيُّ الأهيبُ

واعمل بطاعته تنلْ فيه الرّضا

إنَّ المُطيعَ لهُ لديهِ مُقَرَّبُ

واقنعْ ففي بعض القناعة راحةٌ

واليأسُ عمّا فاتَ فهو المطلبُ

صالح بن عبد القدوس:

بَني عليك بتقوى الإله

فإنَّ العواقب للمتقيِّ

وإنّكَ ما تأت من وجهة

تجد بابه غير مُستغلقِ

المعتمد بن عبّاد:

فالنفسُ جازعةٌ والعينُ دامعةٌ

والصوتُ منخِفضٌ والقلبُ مُنكَسِرُ

لم يأتِ عَبدكَ ذنباً يستحقُّ بهِ

عتباً وها هو ذا ناداكَ يعتِذرُ

أبو وهب القرطبي:

تنامُ وقد اعِدَّ لك السُّهادُ

وتُوقِنُ بالرّحيلِ وليسَ زادُ؟

وتُصبِحُ مثلَ ما تُمسي مُضيّعاً

كأنّكَ لستَ تدري ما المُرادُ

أتطمعُ أن تفوزَ غداً هنيئاً

ولم يكُ منك في الدنيا اجتهادُ؟

إذا فَرَّطتَ في تقديمِ زرعٍ

فكيفَ يكونُ من عَدمٍ حصادُ؟

محمود الوراق:

يا ناظراً ترنو بعيني راقدٍ

مَنَّتكَ نَفسُكَ ضَلَّة وأبحتها

ومُشاهداً للأمرِ غيرَ مشاهدِ

طُرُقَّ الرّجاءِ وهُنَّ غيرُ قواصدِ

تَصِلُ الذنوبَ إلى الذنوبِ وترتجي

دركَ الجِنانِ بها وفوزَ العابدِ

ونسيتَ أن الله أخرجَ آدماً

منها إلى الدنيا بذنبٍ واحدِ

محمود الوراق:

فيا رَبِّ قد أحسنتَ بِدءاً وعودةً

إليَّ فلم ينهض بإحسانكَ الشُّكرُ

فمن كان ذا عُذرٍ لديكَ وحُجّةٍ

فَعُذري إقراري بأن ليسَ لي عُذرُ

محمود الوراق:

تعصي الإله وأنت تُظهر حُبّهُ

هذا محال في القياس بديعُ

لو كانَ حبُّكَ صادقاً لأطعتهُ

إنَّ المُحبَّ لم يُحبُّ مطيعُ

محمود الوراق:

إلهي لك الحمد الذي أنتَ أهلهُ

على نِعمٍ ما كنتُ قطُّ لها أهلاً

أزيدُكَ تقصيراً تزدني تفضلاً

كأني بالتقصيرِ أستوجبُ الفضلا

محمود الوراق:

إذا كان شكري نِعمةَ الله نِعمةً

عليَّ له في مثلها يجبُ الشّكرُ

فكيفَ بلوغُ الشُّكرِ إلا بفضلهِ

وإن طالتِ الأيام واتصل العمرُ

إذا عمَّ بالسّراءِ عمَّ سرورها

وإن مسَّ بالضرِّاءِ أعقبها الأجرُ

فما منهما إلا له فيه نِعمةٌ

تضيقُ بها الأوهامُ والبرُّ والبحرُ

محمود الوراق:

أتطلبُ رزقَ الله من عندِ غيرهِ

وتُصبِحُ من خوفِ العواقبِ آمنا

وترضى بعرّافٍ وإن كان مشركاً

ضميناً ولا ترضى بربّكَ ضامنا

محمود الوراق:

شادَ الملوكُ قُصورَهم وتَحصّنوا

من كُلِّ طالبِ حاجةٍ أو راغبِ

غالوا بأبوابِ الحديدِ لِعزِّها

وتنافسوا في قُبْحِ وجهِ الحاجبِ

فإذا تَلطَّفَ بالدخولِ عليهمُ

راجٍ تلقّوهُ بعُذرٍ كاذبِ

فاطلب إلى ملكِ الملوكِ ولا تكُنْ

بادي الضّراعةِ طالباً من طالبِ

محمود الوراق:

إنَّ ظَنّي بحسن عفوك يارب

جميل وأنت مالكُ أمري

صُنتُ سِرّي عن القرابةِ والأهلِ

جميعاً وأنتَ موضعُ سِرّي

أبو الصلت الداني:

فيا ليت شعري كيف ألقاه عندها

وزادي قليلٌ والذنوب كثيرُ؟

فإن أك مَجزياً بذنبي فإنني

بشرّ عقابِ المذنبين جديرُ

ابن المعتز:

خَلِّ الذنوب صغيرها

وكبيرها ذاك التقى

واصنع كماشٍ فوق أر

ض الشوك يحذر ما يرى

لا تَحقرنَّ صغيرةً

إنّ الجبال من الحصى

ابن المعتز:

إلى أيِّ حينٍ كنتَ في صبوةِ اللاهي

أما لكَ في شيءٍ وُعظتَ به ناهي

ويا مذنباً يرجو من الله عفوَهُ

أترضى بسبقِ المتقين إلى الله

ابن المعتز:

مُسَهَّدٌ في ظلام الليل آوّاهُ

عضَّتهُ للدهرِ أنيابٌ وأفواهُ

إن كان يخطيء سمعي ما أُقدرهُ

فليسَ يخطيء ما قد قدّرَ الله

ابن المعتز:

جَدَّ الزمانُ وأنتَ تلعبْ

والعمرُ في لا شيء يذهبْ

كم قد تقولُ غداً أتوبُ

غداً غداً والموتُ يقربْ

لسان الدين بن الخطيب(نفح الطيب ـ ج6 ص505)

إلهي بالبيت المقدّس والمسعى

وبالموقف المشهور ياربّ في منى

وبالمصطفى والصحبّ عجِّل إقالتي

صُدِعتُ وأنتَ المستغاث جَنابه

وجمع إذا ما الخلق قد نزلوا جميعا

إذا ما أسال الناس من خوفك الدمعا

وأنجح دعائي فيك يا خير من يُدعى

أقلِ عثرتي يا موئلي واجبر الصدعا

وقال أيضاً:

مولايَ إن أذنبتُ يُنكرُ أن يُرى

والعفو عن سببِ الذنوبِ مسبَّبٌ

منكَ الكمالُ ومنّيَ النقصان؟

لولا الجنايةُ لم يكن غفرانُ

لسان الدين بن الخطيب:

برئت لله من حَولي ومن حِيلي

إن نامَ عني وليىِّ فهو خيرُ ولي

أصبحتُ ماليَ من عطفٍ أؤوّملهُ

من غيره في مهماتٍ ولا بدلِ

ما كنتُ أحسبُ أن أرمى بقاصيةٍ

للهجرِ أقطعُ فيها جانبَ الأملِ

من بعد ما خلصتْ نحوي الشفاعةُ ما

بين العلا والدجى والبيضُ والأسلُ

إن كنتُ لستُ باهل للذي طمحت

إليه نفسي وأهوى نحوه أملي

محمد بن حازم الباهلي:

إذا نابني خَطبٌ فزعتُ لِكشفهِ

إلى خالقي من دُونِ كُلِّ حميمِ

وإنَّ من استغنى وإن كانَ مُعسِراً

على ثقةٍ بالله غيرُ مَلومِ

ألا رُبَّ عُسْرٍ قد أتي اليُسرُ بعدَه

وغمرةِ كَرْبٍ فُرِجتْ لِكظيمِ

أبو الصلت الإشبيلي:

سكنتك يا ديار الفناءِ مصدقاً

بانّي إلى دارِ البقاءِ أصير

وأعظمُ ما في الأمرِ أنّي صائرٌ

إلى عادلٍ في الحكمِ ليسَ يجورُ

فيا ليت شعري كيفَ ألقاهُ عندها

وزادي قليلٌ والذنوبُ كثيرُ

ابن الإقليشي صاحب كتاب النجم من كلام سيد العرب والعجم(نفح الطيب ـ المقري التلمساني ـ ج2 ص 599):

أسير الخطايا عند بابك واقف

له عن طريق الحقّ قلب مخالف

قديماً عصى عمداً وجهلاً وغِرّةً

ولم ينهه قلبٌ من الله خائف

تزيدُ سِنوهُ وهو يزدادُ ضلّةً

فها هو في ليلِ الضلالةِ عاكفُ

 ابن قدامة المقدسي:

أبعد بياض الشعر أعمر مسكناً

يخبرني شيبي بأني ميت

يخرق عمري كل يوم وليلة

سوى القبر إني إن فعلت لأحمق

وشيكاً فينعاني إلي ويصدق

فهل مستطاع رقع ما يتخرق

كأني بجسمي فوق نعشي ممدداً

إذا سئلوا عني أجابوا وأعولوا

وغيبت في صدع من الأرض ضيق

 فمن ساكت أو معول يتحرق

وأدمعهم تنهل:هذا الموفق

وأودعت لحداً فوقه الصخر مطبق

ويحثو علي التراب أوثق صاحب

فياربّ كن لي مؤنساً يوم وحشتي

ماضرّني أني إلى الله صائر

ويسلمني للقبر من هو مشفق

فإنّي بما أنزلته لمصدق

ومن هو من أهلي أبرّ وأرفق

رابعة العدوية:

راحتي يا أخوتي في خلوتي

لم أجد لي عن هواه عوضاً

حيثما كنت أشاهد حسنه

إن أمت وجداً وما ثم رضاً

وحبيبي دائماً في حضرتي

وهواه في البرايا محنتي

فهو محرابي إليه قبلتي

واعنائي في الورى واشقوتي

يا طبيب القلب يا كل المنى

ياسروري يا حياتي دائماً

قد هجرت الخلق جميعاً أرتجي

جد بوصل منك يشفي مهجتي

نشأتي منك وأيضاً نشوتي

منك وصلاً فهو أقصى منيتي

ترجمة رباعيات عمر الخيام(أحمد رامي)

يا منْ يَحارُ الفَهمُ في قُدرتكْ

وتطلبُ النفسُ حِمى طاعتكْ

اسكرّني الإثمُ ولكنّني

صحوتُ بالآمال في رحمتك

إن لم أكن أخلصتُ في طاعتكْ

فإنني أطمعُ في رحمتاك

وإنّما يشفعُ لي أنني

قد عشتُ لا أُشرِكُ في وحدتك

تُخفي عن الناس سنا طلعتك

وكلُّ ما في الكون من صنعتك

فأنت مجلاه وأنت الذي

ترى بديع الصنع في آيتك

إن تُفصلُ القطرةُ من بحرها

ففي مداهُ منهى أمرها

تقاربت يا رب ما بيننا

مسافة البُعد على قدرها

يا عالم الأسرارِ عِلم اليقينِ

يا كاشفَ الضُرّ عن البائسين

يا قابلَ الأعذار فِئنا إلى

ظِلّك فاقبل توبة التائبين

الشريف المرتضى:

إذا ما حذرتَ الأمرَ فاجعل إزاءه

رجوعاً غلى ربٍّ يقيك المحاذرا

ولا تخش أمراً أنت فيه مفوضٌ

إلى الله غاياتٍ له ومصادرا

الشريف المرتضى:

وكن للذي يقضي به الله وحدهُ

وإن لم تُوافقهُ الأماني شاكرا

وإني كفيلٌ بالنجاء من الأذى

لمن لم يبت يدعو سوى الله ناصرا

صفي الدين الحلي:

يا رَبِّ إني دخلتُ بيتكَ

والداخلُ في بيت الكريم حَسَبه

لا يَختشي سخطه عليه ولا

يحذر من مَكره ولا غضبه

فكيفَ يرتاعُ من أناخَ بك

الرحلَ ويخشى من سوءِ منقلبه

لا يسأل العبد غيرَ من هو بالعفو

جديرٌ وأنت أجدرُ به

صفي الدين الحلي:

يا رَبِّ ذنبي عظيمُ

بل غَرّني منكَ وعدٌ

وأنتَ غنيٌّ حليمُ

لهُ الأنامُ ترومُ

إذ قُلتَ في الذكرِ

للمصطفى وأنتَ كريمُ

نبىء عبادي أنّي

أنا الغفورُ الرحيمُ

تميم بن مقبل:

ألم ترَ أن القلب تاب وأبصرا

وجلّى عمايات الشبابِ وأقصرا

وبُدِّلَ حلماً بعد جَهل،ومن يعش

يجرِّب ويبصر شأنه إن تفكّرا

ابن الأزرق:

وإن جلَّ خطب فانتظر فرجاً له

فسوف تراه في غدٍ عنك يرفع

وكُنْ راجعاً لله في كلِّ حالة

فليس لنا إلا إلى الله مرجع

محي الدين بن عربي:

يا غاية السؤلِ والمأمولِ يا سندي

شوقي إليك شديدٌ لا إلى أحدِ

ذُبتُ اشتياقاً ووجداً في محبّتكم

يدي وضعتُ على قلبي مخافة أن

فآه من طولِ شوقي آه من كمدي

ينشقَّ صدري لما خانني جَلَدي

ما زالَ يرفعها طوراً ويخفضها

حتى وضعتُ يدي الأخرى تشدُّ يدي

أبو بكر الطُرطوشي:

إنَّ لله عباداً فُطُنا

طلقوا الدنيا وخافوا الفتنا

نظروا فيها فلما علموا

أنها ليست لِحيٍّ وطنا

جعلوها لُجّةً واتخذوا

صالح الأعمال فيها سُفنا

أبو القاسم ابن جُزيّ(نفح الطيب ج5 ص516):

ياربّ إنَّ ذنوبي اليوم قد كثرت

وليسَ لي بعذابِ النارِ من قِبلٍ

فانظر إلهي إلى ضعفي ومسكنتي

فما أطيقُ لها حصراً ولاعددا

ولا أطيق لها صبراً ولا جلدا

ولا تذيقنني حرَّ الجحيم غدا

السهروري:

والله ما طلبوا الوقوف ببابه

حتى دعوا وأتاهم المفتاح

لا يطربون لغير ذكر حبيبهم

أبداً فكل زمانهم أفراحُ

أبو عبد الله البلنسي رضي الدين:

حان الرحيل فوّدع الدار التي

ما كان ساكنها بها بِمُخَلّدِ

واضرع إلى الملكِ الجوادِ وقُلْ له

عبدٌ ببابِ الجودِ أصبح يجتدي

لم يرضَ غير الله معبوداً ولا

ديناً سوى دين النبيّ محمدِ

ابن قلاقس:

فإن الّمتْ بك الرزايا

أو قرعت بابك الخطوب

فجانِب الناس وادعُ من لا

تُكشفُ إلا بهِ الكروب

من يسأل الناس يحرموه

وسائل الله لا يخيب

أبو عبد الله بن الحكيم الرندي:

تَصّبرْ إذا ما أدركتكَ مُلّمةٌ

فَصُنعُ إلهِ العالمينَ عجيبُ

وما يُدركُ الإنسانَ عارٌ بنكبةٍ

يُنكّبُ فيها صاحبٌ وحبيبُ

ففي من مضى للمرءِ ذي العقلِ أسوةٌ

وعيشُ كرامِ الناسِ ليسَ يطيبُ

ويوشكُ أن تهمي سحائبُ نعمةٍ

فيخصب ربعٌ للسرورِ جديبُ

إلهكَ يا هذا قريبٌ لمن دعا

وكلُّ الذي عند القريبُ قريبُ

أبو اسحق الالبيري:

وما آسى على الدنيا ولكنْ

على ما قد ركبت من الذنوب

فيا لهفي على طولِ اغتراري

ويا ويحي من اليومِ العصيبِ

إذا أنا لم أنُحْ نفسي وأبكي

على حوبي بتهتان سكوب

فمن هذا الذي بعدي سيبكي

عليها من بعيد أو قريبِ

أبو اسحق الالبيري:

فَشفيعي إليه حُسنُ ظنوني

ورجائي له وأني مسُلم

ولهُ الحمدُ أن هداني لهذا

عدد القَطر ما الحمام ترنم

وإليه ضراعتي وابتهالي

في معافاة شيبتي من جهنم

أبو اسحق الالبيري:

إذا ما كنت مكبول الخطايا

فهل من توبة منها نصوح

وعانيها فمن لي بالبراح

تطيرني وتأخذ لي سراحي

فيا لهفي إذا جمع البرايا

على حربي لديهم وافتضاحي

ولولا أنني أرجو إلهي

ورحمته يئست من الفلاح

أبو اسحق الالبيري:

ولي شأو بميدان الخطايا

بعيد لا يُبارى بالرياح

فلو أني نظرت بعين عقلي

إذن لقطعت دهري بالنياح

ولم أسحب ذيولي في التصابي

ولم أطرب بغانية رداح

وكنت اليوم أواباً منيباً

لعلي أن تفوز غدا قداحي

أبو اسحق الالبيري:

إن المعاصي لا تُقيمُ بمنزلٍ

إلا لتجعل منه قاعاً صفصفا

ولو أنني داويت معطب دائها

بمراهم التقوى لوافقت الشفا

ولعفت موردها المشوب برنقها

وغسلت رين القلب في عين الصفا

وهزمت جحفل غيّها بإنابة

وسللت من ندم عليها مرهفا

أبو اسحق الالبيري:

إلى الله اشكو جهل نفسي فإنها

تميل إلى الراحات والشهواتِ

أبو اسحق الإلبيري:

داران لا بُدّ لنا منهما

بالفضلِ والعدلِ من الله

ولستُ أدري منزلي منهما

لكنْ توكّلتُ على الله

فأعجبْ لعبد هذه حالهُ

كيفَ نبا عن طاعة الله

أبو اسحق الالبيري:

أتيتُكَ راجياً يا ذا الجلال

عصيتُكَ سيدي ويلي بجهلي

فَفرِّج ما ترى من سوءِ حالي

وعيب الذنب لم يخطر ببالي

لَعمري ليت أمّي لم تلدني

ولم أغضبك في ظلمِ الليالي

فها أنا عبدُكَ العاصي فقير

إلى رحماكَ فاقبل لي سؤالي

فإن عاقبت يا ربي تعاقب

محقاً بالعذاب وبالنكالِ

وإن تَعفُ فعفوكَ قد أراني

لأفعالي وأوزاري الثقالِ

أبو اسحق الالبيري:

يا أيُّها المُغترّ بالله

فرْ من الله إلى الله

ولُذْ بهِ واسألهُ من فضلهِ

فقد نجا من لاذَ بالله

وقُمْ لهُ والليلُ في جُنحهِ

فَحبّذا من قامَ لله

واتلُ من الوحي ولو آيةً

تكسى بها نوراً من الله

وعَفِّرْ الوجه لهُ ساجداً

فَعزَّ وجه ذَلَّ لله

أبو اسحق الالبيري:

أَحمامة البيدا أطلت بكاك

فَبِحُسن صوتك ما الذي أبكاكِ ؟

إن كان حقاً ما ظننتِ فإن بي

إني أظنك قد دهيت بفرقة

فوق الذي بك من شديد جواكِ

من مؤنس لك فارتمضت لذاكِ

لكن ما أشكوه من فرط الجوى

أنا إنما أبكي الذنوب وأسرها

وإذا بكيت سألت ربي رحمة

وتجاوزاً فبكاي غير بكاكِ

أبو اسحق الالبيري:

لا قوّة لي يا ربي فأنتصرْ

ولا براءةَ من ذنبي فأعتذر

فإن تعاقب فأهل للعقاب وإن

إنَّ العظيم إذا لم يعف رمقتدراً

تغفر فعفوك مأمول ومنتظر

عن العظيم فمن يعفو ويقتدر

الالبيري:

أيُّ خطيئاتي أبكي دماً

وهي كثيرٌ كنجومِ السما

قد طمست عقلي فما أهتدي

وأورثت عين فؤادي العمى

إنا إلى الله لقد حَلَّ بي

خطبٌ غدا صُبحي به مظلما

أبو اسحق الالبيري:

يا طالباً جاهاً بغير التقى

جهلت ما يُدني من الله

لا جاه يوم القضا

إذ ليس حكم لسوى الله

أبو اسحق الالبيري:

أنا إلى الله لقد حاق بي

ما يورث الخزي غداً والحزن

والحمد لله ففي كفّهِ

منح لمن شاء وفيها المِننُ

وهو الذي أرجو فإن لم يكن

عند رجائي فيه طولا فَمنْ

الحافظ ابن الفرضي(نفح الطيب ـ التلمساني ـ ج2 ص129):

أسيرُ الخطايا عند بابكَ واقفُ

يخافُ ذنوباً لم يغب عنك غيبها

على وَجَلٍ مما به أنتَ عارفُ

ويرجوك فيها فهو راجٍ وخائفُ

ومن ذا الذي يُرجى سواك ويُتقّى

ومالكَ في فصلِ القضاءِ مُخالفُ

فيا سيّدي لا تُخزني في صحيفتي

إذا نُشرتْ يوم الحسابِ الصحائفُ

وكن مؤنسي في ظلمةِ القبر عندما

يصدُّ ذوو القربى ويجفو المؤالفُ

لئن ضاق عني عفوك الواسع الذي

أرّجي لإسرافي فإنّي لتالفُ

البهاء زهير:

رجوت كريماً قد وثقت بصنعه

وما كان من يرجو الكرام يخيب

فيا من يحبُّ العفو إني مذنب

ولا عفو إلا أن تكون ذنوبُ

البهاء زهير:

أيها الحاملُ هَمّاً

إنَّ هذا لا يدومُ

مثلما تفنى المسرا

ت كذا تفنى الهمومُ

إن قسا الدهرُ فإنَّ

الله بالناسِ رحيمُ

أو ترى الخطبَ عظيماً

فكذا الأجرُ عظيمُ

البهاء زهير:

يا مَنْ إليكَ المُشتكى

أنتَ العليمُ بحاليهْ

أحدهم:

صبرتُ على بعضِ الأذى خوف كلّه

وألزمتُ نفسي صبرها فاستقرت

وجرّعتها المكروه حتى تدربت

ولو حُملته جملة لأشمأزت

فيا رُبّ عزّ جرَّ للنفسِ ذلّة

ويا رُبَّ نفس بالتذلّلِ عزّتِ

وما العزُّ إلا خيفة الله وحده

ومن خاف منه خافهُ ما أقلت

سأصدق نفسي إنّ في الصدق حاجتي

وأرضى بدنياي وإن هي قلّت

وأهجرُ أبوابَ الملوكِ فإنّني

أرى الحرص جلاباً لكلِّ مذلّةِ

إذا ما مددتُ الكفّ ألتمس الغنى

إلى غير من قال اسألوني فشلت

إذا طرقتني الحادثات بنكبة

تذكرت ما عوقبت منه فقلت

تبارك رزّاق البرية كلها

على مارآه الأعلى ما استحقت

فكم من عاقل لا يستنيب وجاهل

ترقت به أحواله وتعلت

ومن من جليل لا يرام حجابه

بدار غرور أدبرت وتولّت

يشوب القذى بالصفو والصفو بالقذى

ولو أحسنت في كل حال لملّت

ابن وُهيب:

وإني لأرجو الله حتى كأنّما

أرى بجميلِ الظَنِّ ما اللهُ صانِعُ

علي بن مقلة:

إذا اشتملتْ على اليأسِ القلوبُ

وضاقَ لما بهِ الصّدرُ الرّحيبُ

وأوطنتِ المكارهُ واطمأنتْ

وأرستْ في أماكنها الخطوبُ

ولم ترَ لإنكشافِ الضُرِّ وجهاً

ولا أغنى بحيلتهِ الأريبُ

أتاكَ على قُنوطكَ منهُ غَوثٌ

يَمُنُّ بهِ القريبُ المُستجيبُ

وكُلُّ الحادِثاتِ وإن تناهتْ

فموصولٌ بها فَرجٌ قريبُ

جمال الدين بن مطروح:

أصبحتُ بقعرِ حفرةٍ مُرتهنا

لا أملِكُ من دُنيايَ إلا الكَفنا

يا مَنْ وسِعتْ عبادهُ رَحمتهُ

من بعضِ عبادكَ المسيئين أنا

ابن مطروح:

أتجزعُ للموتِ هذا الجَزعْ

ورحمةُ ربِّكَ فيها الطمعْ

ولو بذنوبِ الورى جئتهُ

فرحمتهُ كُلَّ شيءٍ تَسعْ

محمد بن يسير:

ويل لمن لم يرحم الله

ومن تكون النار مثواه

يا حسرتا في كلِّ يوم مضى

يذكرني الموت وأنساهُ

من طالَ في الدنيا به عمره

وعاش فالموت قصاراه

كأنني قد قيل في مجلس

قد كنت آتيه وأغشاه:

صار اليسيري إلى ربّهِ

يرحمنا الله وإيّاه

ابن نباتة المصري:

وسعادة الدارين جلَّ اسايها

بمعاقد التقوى فجلَّ بقاؤه

سمنون بن حمزة:

تُريدُ مني اختبارَ سِرّي

وقد علمتَ المُرادَ مني

وليس لي في سواك حظٌ

فكيفَ ما شئتَ فامتحنّي

سمنون بن حمزة:

يا مَنْ فؤادي عليهِ موقوفُ

وكلُّ هَمّي إليه مصروفُ

يا حسرتي حسرةً أموتُ بها

إن لم يكن لي لديك معروفُ

سمنون بن حمزة:

أنا راضٍ بطولِ صدّكَ عني

ليسَ إلا لانَّ ذاك هواكا

فامتحن بالجفاءِ صبري على الوُدِّ

ودعني معلقاً برجاكا

ابن حمديس:

يا ذنوبي ثَقَّلْتِ والله ظهري

بانَ عُذري فكيفَ يُقبلُ عذري

كُلّما تُبتُ ساعةً عدتُ أخرى

لضروبٍ من سوءِ فعلي وهجري

يا رفيقاً بعبدهِ ومحيطاً

علمهُ با ختلافِ سرّي وجهري

مِلْ بقلبي إلى صلاح فسادي

منه واجبرْ برأفةٍ منك كسري

وأجرني بما جناهُ لساني

وتناجت به وساوس فكري

الخطيب أبو محمد بن برطلة:

بأربعةٍ أرجو نجاتي وإنها

لأكرمُ مذخورٍ لديَّ وأعظمُ:

شهادة إخلاصي وحبي محمداً

وحسن ظنوني ثم إني مسلمُ

بشر بن الحارث:

قالوا قنعت بذا قلتُ القنوعُ غِنىً

ليس الغنى كثرة الأموال والورقِ

رضيتُ بالله في عُسري وفي يُسري

فلستُ اسلكُ إلا أوضح الطُرُق

أبو الصلت أمية بن عبد العزيز:

سكنتُكِ يا دار الفناءِ مُصدِّقاً

بأني إلى دارِ اللقاءِ أصيرُ

وأعظمُ ما في الأمرِ أني صائرٌ

إلى عادلٍ في الحكمِ ليسَ يجورُ

فيا ليت شعري كيف ألقاه عندها

وزادي قليلٌ والذنوبُ كثيرُ

فإن أكُ مَجزياً بذنبي فإنني

بشرِّ عقابِ المذنبين جديرُ

وإن يكُ عفوٌ من غنيٍّ ومُفضلٍ

فثمَّ نعيمٌ دائمٌ وسرورُ

أبو الهدى الصيادي:

إلهي مَسّني كرب عظيم

وأعظم منه ظني والرجاء

فلا تقطع رجاي وأنتا ربي

وفرِّج ما به دهم القضاء

وأيدّني بلطفك واعفُ عني

وكُنْ عوني فقد عظم البلاء

ولا تشمت بي الأعداء إني

أخو ضعفٍ به ضاق الفضاء

بحرمةِ عبدك المختار طه

وأعظم من غدا والناس سكرى

ومن لرقيه شقّ السماء

بدولته تلوذ الأنبياء

أبو الهدى الصيادي:

إلهي ليل كربي طال فاصرف

دواعيه وقل لمع الضياء

ونوّرني بنور البشر والطف

بعبد للذنوب هو الوعاء

سألتُكَ لا تُخيّب لي رجائي

فحاشا أن يخيب بك الرجاء

ولا ترجع دعائي بلا قبول

وقل بشراك قد قُبل الدعاء

أبو الهدى الصيادي:

غريب ضعيف كثير الذنوب

وربي المغيث بدفعِ الخطوبِ

أناجيه أدعوه بالمصطفى

سرارة معنى ضمير الغيوب

وما لي أنيس سوى ذِلّتي

وكسري وأني أسير الكروب

وظني بربي جميل وكم

أعانَ بنصري وستر العيوب

أؤب بذنبي إلى خالقي

وعن طلب الغير قلباً أتوب

التيجاني يوسف بشير الشاعر السوداني(الرسالة العدد219):

الوجود الحقّ ما أو

سع في النفس مداه

والسكون المحض ما أو

ثق بالروح عراه

كلُّ ما في الكون يم

شي في حناياه الإله

هذه النملة في رقتها

رجع صداه!

هو يحيا في حواشي

ها وتحيا في ثراه

وهي إن أسلمت الرو

ح تلقتها يداه

لم تمت فيها حياة الله

إن كنت تراه

ميخائيل نعيمة:

كَحِّل اللهم عيني بشعاع من ضياك كي تراك

وافتح اللهم أذني كي تَعي دوماً نداك من علاك

وليكن بي يا إلهي من لساني شاهدان عادلان

واجعل اللهم قلبي واحة تسقي القريب والغريب

تميم بن المعز الفاطمي:

وإنَّ امرأ يشكو إلى غير نافع

ويسخو بما في نفسه لَجهولُ

عذابي أن أشكو إلى الناس أنني

عليلٌ ومن أشكو إليه عليلُ

ويمنعني الشكوى إلى الله علمه

بجملة ما ألقاهُ قبل أقولُ

سأسكت صبراً واحتساباً فإنني

أرى للصبرِ سيفاً ليس فيه فلولُ

أحدهم:

إذا المرءُ لم يلبس لباساً من التُّقى

تَقَلّبَ عُريانا ولو كان كاسيا

فخيرُ خصالِ العبد طاعةُ رَبِّه

ولا خيرَ فيمن كان لله عاصيا

أحدهم:

إذا كنتَ في نِعمةٍ فارعها

فإنَّ الذنوبَ تُزيل النِعَم

وحُطها بطاعة ربِّ العباد

فربُّ العباد سريعُ النِقَم

أحدهم:

وأخلِصْ لدينِ الله صدراً ونيّةً

فإنَّ الذي تُخفيهِ يوماً سيظهر

وقد يسترُ الإنسانُ باللفظِ فعلَهُ

فيظهرُ عند الطرفُ ما كان يسترُ

تأمل وفَكِّرْ في الذي أنتَ صائرٌ

إليه غداً إن كنت ممّن يُفكّرُ

فلا بُدَّ يوماً أن تصيرِ لحفرةٍ

بأثنائها تُطوى إلى يوم يُنشرُ

أحدهم:

منكسر القلب بالجنايا

أقعدهُ الذنب عن رفيق

يدعوك يا مانحَ العطايا

حَثوا لرضوانك المطايا

أحدهم:

أنت الحبيب ولكني أعوذ به

من أن أكونَ حبيباً غير محبوب

أحدهم:

لك الحمد مولانا على كُلِّ نِعمةٍ

ومن جملة النّعماءِ:قولي لك الحمد

أحدهم:

دَعِ الناسَ قد طالما أتعبوكَ

ورُدَّ إلى الله وجهَ الأملْ

ولا تطلب الرزقَ من طالبي

هِ واطلبهُ ممّن به قد كَفَلْ

ألم تستحي من وجهِ المشيبِ

وقد ناداك بالوعظِ المُصيبِ

أراكَ تعِدُّ للآمالِ ذُخرً

فما أعددتَ للأجلِ القريبِ

أحدهم:

وإنّ امرأً ينجو من النارِ بعدما

تزوّدَ من أعمالها لَسعيدُ

أحدهم:

إذا كانَ شكري نِعمةَ الله نِعمةً

عليَّ له في مثلها يجبُ الشكرُ

فكيفَ بلوغ الشكرِ إلا بفضلهِ

وإن طالت الأيام واتصلَ العمرُ

أحدهم:

النفسُ تبكي على الدُّنيا وقد عَلِمتْ

أنَّ السلامةَ فيها تركُ ما فيها

لا دارَ للمرءِ بعدَ الموتِ يسكنها

إلا التي كان قبل الموتِ بانيها

فإن بناها بخيرٍ طابَ مسكنُها

وإن بناها بِشرٍّ خابَ بانيها

أموالُنا لذوي الميراثِ نجمعها

ودُورنا لخرابِ الدهرِ نبنيها

أحدهم:

إلهي لا تُعذبني فإنّي

مُقِرٌ بالذي قد كانَ مني

فما لي حيلةٌ إلا رجائي

لِعفوكَ إن عفوتَ وحسنُ ظني

يظنُّ الناسُ بي خيراً وإنّي

لَشرُّ الناس إن لم تَعفُ عني

أحدهم:

واتقِ الله فتقوى الله ما

جاورتْ قلبَ امريءٍ إلا وصلْ

ليسَ من يقطعُ طُرُقاً بطلاً

إنما من يتقي الله البطلْ

أحدهم:

ومما زادني شرفاً وعزّاً

وكدتُ بأخمصي أطأ الثريا

دخولي تحت قولك يا عبادي

وأن أرسلت أحمد لي نبيا

أحدهم:

إني بُليتُ بأربع يرمينني

بالنّبل فقد نصبوا عليَّ شِراكا

إبليس والدنيا ونفسي والهوى

من أين أرجو بينهمَّ فِكاكا

يا ربّ ساعدني بعفو إنني

أصبحتُ لا أرجو لهنَّ سِواكا

أحدهم:

وكيف يفر المرء عنه بذنبه

إذا كان تُطوى في يديه المراحل

أحدهم:

الله يغضب إن تركت سؤاله

وبني آدم حين يثسأل يغضب

أحدهم:

وإذا شكوت إلى ابن آدم إنما

تشكو الرحيم إلى الذي لا يرحم

أحدهم:

كفى بكَ عِزّاً أنكَ له عبد

وكفى بكَ فخراً انه لك رب

أحدهم:

عصيتُكَ جاهلاً يا ذا المعالي

فَفرِّج ما ترى من سوءِ حالي

إلى من يرجع المملوك إلا

إلى مولاه يا مولى الموالي

أحدهم:

ها قد أتيت وحسنُ ظني شافعي

ووسائلي ندمٌ ودمعٌ سائلُ

فاغفر لعبدك ما مضى وارزقه تو

فيقاً لما ترضى ففضلكَ كاملُ

وافعل به ما أنتَ أهلُ جميلهِ

والظنُ كلُّ الظنِ أنكَ فاعلُ

أحدهم:

ألا أيها المقصودُ في كلِّ حاجةٍ

شكوتُ إليكَ الضُرَّ فارحم شكايتي

ألا يا رجائي أنتَ تكشف كربتي

فَهَبْ لي ذنوبي كلها واقضِ حاجتي

أتيتُ بأعمالٍ قباحٍ رديئةٍ

وما في الورى عبدٌ جنى كجنايتي

أتحرقني بالنارِ يا غايةَ المُنى

فأين رجائي؟ثم أين مخافتي؟

أحدهم:

يا خيرَ مُعْتَمَدٍ وأمنعَ ملجأٍ

وأعزَّ منُتقمٍ وأدركَ طالبٍ

أحدهم:

وفؤادي كلّما نبهته

عاد في اللّذات يبغي تعبي

لا أراه الدهر إلا لاهياً

في تماديه فقد بَرَّحَ بي

يا قرين السوء ما هذا الصبا؟

فني العمر كذا في اللعب

وشباب بان مني فمضى

قبل أن أقضي منه أربي

نَفٍس! لا كمنتِ ولا كان الهوى

اتقي الملى وخافي وارهبي

أحدهم:

إذا كَثُرتْ منك الذنوبُ فَداوِها

بِمَدِّ يدٍ في الليلِ والليلُ مظلِمُ

ولا تَقنَطنَّ من رحمةِ الله إنّما

قُنوطُكَ منها من خطاياكَ أعظمُ

فرحمتهُ للمحسنين كرامةٌ

ورحمتهُ للمسرفين تَكرُّمُ

أحدهم:

وإذا ابتُليتَ بمحنةٍ فالبس لها

ثوبَ السكوتِ فإن ذلك أسلمُ

لا تِشكونَّ إلى العبادِ فإنّما

تشكو الرحيمَ إلى الذي لا يرحمُ

أحدهم:

من كانَ يعلمُ انَّ الموتَ يُدرِكهُ

والقبرُ مسكنهُ والبعثُ يُخرجهُ

وأنّهُ بينَ جناتٍ مزخرفةٍ

يوم القيامة أو نارٍ سَتُنضجهُ

فكلُّ شيءٍ سوى التقوى به سَمِجٌ

ومن أقامَ عليه منهُ أسمجهُ

ترى الذي اتخذ الدنيا له وطناً

لم يدرِ أن المنايا سوف تُزعجهُ

أحدهم:

وأنتَ إلهُ الخَلقِ ربي وخالقي

بذلِكَ ما عُمرّتُ في الناسِ أشهدُ

تعاليتَ ربَّ الناس عن قولِ من دعا

سواكَ إلهاً أنت أعلى وأمجدُ

لك الخلق والنعماءُ والأمرُ كلّه

فإياك نستهدي وإياكَ نعبدُ

أحدهم:

بشرى الإله على التقوى منازل لا

يرقى إليها سوى المحفوف بالنِعَم

من بات يسعى إلى مرضاة خالقه

ببذل معروفه بالفعل والكلم

يُقالُ أبشِر بجناتٍ ومغفرة

أعظِم بعفو مليك الكون من غنم

يا ربّ إني ضعيف فأحبني مدداً

وسدّد الخطوَ في الناجين بالكرمِ

أحدهم:

وافى الحجيجُ إلى البيتِ العتيقِ وقد

سجا الدّجى فرأوا نوراً به بزغا

عَجّوا عجيجاً وقالوا:الله أكبر ما

للجوِّ مؤتلقاً بالنور قد صُبغا

قال الدليل:ألا هاتوا بشارتكم

فمن نوى كعبة الرحمن قد بلغا

نادوا على العيسِ بالأشواق وانتحبوا

وحَنَّ كلُّ فؤادٍ نحوها وصغا

وكلُّ من ذمَّ فعلاً نال محمدةً

في مكة ومحا ما قد جنى وبغى

لا تَسألنَّ بُنيَّ آدمَ حاجةً

وسَلِ الذي أبوابُهُ لا تُحجَبُ

الله يغضبُ إن تركتَ سُؤَالهُ

وبُنيُّ آدمَ حينَ يُسالُ يغضبُ

أحدهم:

حُمقاً شكوتُ لغير الله أوجاعي

فلم تُلامسْ لديهم غير أسماعِ

وحين بُحتُ بها لله في ثقةٍ

لمستُ راحةَ قلبي بين أضلاعي

أحدهم:

إلهي أنت ذو فضلٍ ومنٍّ

وإني ذو خطايا فاعف عني

وظَنّي فيكَ يا ربي جميلٌ

فَحَقِّق يا إلهي حُسنَ ظني

وإذا الشّدائدُ أقبلت بجنودِها

والدَّهرُ من بعدِ المَسّرةِ أوجعك

لا تَرجُ شيئاً من أخٍ أو صاحبٍ

ارأيتَ ظِلّكَ في الظلامِ مشى معك

وارفع يديكَ إلى السماءِ ففوقَها

ربُّ إذا ناديتهُ ما ضَيّعك

أبو اسحاق الالبيري الغرناطي(نفح الطيب ـ ج4 ص 317):

أتيتُكَ راجياً يا ذا الجلال

عصيتُكَ سيدي ويلي بجهلي

فَفرِّج ما ترى من سوء حالي

وعيبُ الذنبِ لم يخطر ببالي

إلى من يشتكي المملوك إلا

لعمري ليتَ أمي لم تلدني

إلى مولاهُ ريا مولى الموالي

ولم أغضبك في ظلم الليالي

فها أنا عبدُكَ العاصي فقير

إلى رحماك فاقبل لي سؤالي

فإن عاقبت يا ربي تعاقب

مُحقاً بالعذابِ وبالنكالِ

وإن تعفُ فعفوكَ قد أراني

لأفعالي وأوزاري الثقالِ

القاضي أبو العباس أحمد بن الغمّاز البلنسي(نفح الطيب ـ ج4 ص 316):

هو الموتُ فاحذر أن يجيئكَ بغتةً

وأنتَ على سوء من الفعل عاكفُ

وإياكَ أن تمضي من الدهر ساعةٌ

ولا لحظة إلا وقلبُكَ واجفُ

وبادر بأعمالٍ تسرّكَ أن تُرى

إذا نُشرتْ يومَ الحسابِ الصحائفُ

ولا تيأسنْ من رحمة الله إنّهُ

لربِّ العبادِ بالعبادِ لطائفُ

وقال أيضاً:

أدعوكَ يا ربّ مُضطراً على ثقة

بما وعدتَ كما المُضطرُ يدعوكا

دارِكْ بعفوكَ عبداً لم يزلْ أبداً

في كلِّ حال من الأحوال يرجوكا

طالت حياتي ولمّا اتخذ عملاً

إلا محبّة أقوام أحبوكا

أبو الربيع سليمان بن موسى الكلاعي:

إلهي مضتْ للعمرِ سبعونَ حجّة

ولي حركات بعدها وسكونُ

فيا ليت شعري أين أو كيف أو متى

يكون الذي لابدّ أن سيكونُ

أحدهم:

كفى بك عزاً أنّكَ له عبد

وكفى بك فخراً أنه لك ربّ

أبو بكر يحيى التطّيلي:

إليكَ بسطتُ الكفّ في فحمة الدجى

نداء غريق في الذنوب عريقِ

رجاكَ ضميري كي تخلّصَ جملتي

وكم من فريق شافعٍ لفريقِ

أبو جعفر ابن خاتمة(نفح الطيب ـ ج4 ص346):

يا منْ يُغيثُ الورى من بعدِ ما قنطوا

ارحم عباداً أكفَّ الفقر قد بسطوا

عوّدتهم بسط أرزاقٍ بلا سببِ

سوى جميلِ رجاءٍ نحوه انبسطوا

وعدتَ بالفضلِ في وِردٍ وفي صَدَر

بالجودِ إن أقسطوا والحلم إن قسطوا

عوارف ارتبطت شُمُّ الأنوفِ لها

وكلُّ صعب بقيدِ الجودِ يرتبطُ

يا منْ تَعرَّف بالمعروفِ فاعترفتْ

بِجمِّ إنعامهِ الأطرافُ والوسطُ

وعالماً بخفيّاتِ الأمور فلا

وهمٌ يجوزُ عليه لا ولا غلطُ

عبدٌ فقيرٌ ببابِ الجودِ منكسر

من شأنهِ أن يوافي حينَ ينضغطُ

مهما أتى ليمدَّ الكفَّ أخجلهُ

قبائح وخطايا أمرُها فُرُطُ

يا واسعاً ضاقَ خطو الخلق عن نعم

منهُ إذا خطبوا في شكرها خبطوا

وناشراً بيدِ الإجمالِ رحمتهُ

فليسَ يلحقُ منهُ مُسرفاً قَنَطُ

ارحمْ عباداً بضنكِ العيشِ قد قنعوا

فأينما سقطوا بين الورى لقطوا

إذا توزّعتِ الدنيا فما لهمُ

غيرُ الدُّجنة لحفٌ والثرى بُسطُ

لكنّهم من ذَرا عليكَ في نمط

سامٍ رفيع الذُرى ما فوقهُ نمطُ

ومن يكن بالذي يهواهُ مجتمعاً

فما يُبالي أقامَ الحيُّ أم شحطوا

نحنُ العبيدُ وأنتَ الملك ليس سوى

وكلُّ شيءٍ يُرَجّى بعد ذا شَططُ

وقال:

يا مُجيبَ الُمُضطرِّ عند الدعاءِ

منكَ دائي وفي يديكَ دوائي

جذبتني الدنيا إليها بِضَبعي

ودعتني لمحنتي وشقائي

يا إلهي وأنتَ تعلم حالي

لا تذرني شماتة الأعداء

أبو زكريا يحيى بن سعد القلني:

عَفوكَ اللهم عنا

خيرُ شيء نتمنّى

ربِّ إنّا قد جهلنا

في الذي قد كان منّا

وخطينا وخلطنا

ولهونا ومَجَنّا

إن نكن ربِّ أسأنّا

ما أسأنّا بكَ ظنّا

أبو بكر مالك بن جبير:

رحلتُ وإنّني من غيرِ زادِ

وما قدّمتُ شيئاً للمعادِ

ولكنّي وثقتُ بجودِ ربي

وهل يشقى المُقلُّ مع الجوادِ

ابن جبير اليحصبي:

كلّما رمتُ أن أقدّم خيراً

لمعادي ورمتُ أني أتوبُ

صرفتني بواعثُ النفسِ قسراً

فتقاعستُ والذنوبُ ذنوبُ

ربِّ قَلِّبْ قلبي لعزمةِ خيرٍ

لمتابِ ففي يديك القلوبُ

الحافظ أبو الربيع الكلاعي(نفح الطيب ـ ج4 ص 474):

أمولى الموالي ليس غيرك لي مولى

وما أحد يا ربّ منك بنا أولى

تباركَ وجهٌ وجهت نحوه المنى

فأوزعها شكراً وأوسعها طَولا

وما هو إلا وجهك الدائم الذي

اقلُّ حلى عليائهِ يُخرسُ القولا

تبرأتُ من حَولي إليكَ وقوّتي

فكنْ قوّتي في مطلبي وكن الحَولا

وهَبْ لي الرضى مالي سوى ذاكَ مُبتغى

ولو لقيت نفسي على نيله الهولا

أحدهم:

يا راحلينَ إلى البيتِ العتيقِ لقد

سرتم جسوماً وسرنا نحنُ أرواحا

إنا أقمنا على عذر وعن قدر

ومن أقام على عذر فقد راحا

أحدهم:

إذا كانَ حبُّ الهائمينَ من الورى

بليلى وسلمى يسلبُ اللبًّ والعقلا

فماذا عسى أن يفعلَ الهائمُ الذي

سرى قلبهُ شوقاً إلى العالمِ الأعلى

أحدهم:

وإذا الشَّدائدُ أقبلت بجنودها

والدَّهرُ من بعدِ المَسرَّةِ أوجعك

لا تَرجُ شيئاً من أخٍ أو صاحبٍ

أرأيتَ ظِلَّكَ في الظلامِ مشى معك؟

وارفعْ يديكَ إلى السماءِ ففوقها

ربٌّ إذا ناديتهُ ما ضيَّعك

الخطيب ابن صفوان:

رأيتُكَ يُدنيني إليكَ تباعُدي

فأبعدتُ نفسي لابتغائي في القُربِ

هربتُ لهُ مني إليه فلم يكنْ

بيَ البعد في قربي فصحَّ به قربي

فيا ربّ هل نعمى على العبد بالرضى

ينالُ بها فوزاً من القُربِ بالقُربِ

الخطيب أبو اسحق ابن أبي العاصي:

أمولايَ أنتَ العفوُّ الكريم

لبذلِ النَّوال وللمعذره

عليَّ ذنوبٌ وتصحيفها

ومن عندِكَ الجودُ والمغفره