من شوارد الشواهد 13

من شوارد الشواهد

الجزء الثالث عشر

امرؤ القيس ـ عبيد بن الأبرص ـ الخنساء ـ المتلمس

امرؤ القيس

وقد طوّفتُ في الآفاقِ حتى
رضيتُ، من الغنيمةِ بالإيابِ
وأعلمُ أنّني عمّا قريبٍ
سأنشبُ في شَبا ظُفرٍ وناب

عليها فتىً لم تحملِ الأرضُ مثلَهُ
أبرَّ بميثاقٍ وأوفى وأصبرا
أجارتنا ما فاتَ ليسَ يؤوبُ
وما هوَ آتٍ في الزمانِ قريبُ
وليسَ غريباً من تناءت ديارُهُ
ولكنَّ من وارى الترابُ غريبُ

أرى أُمَّ عمروٍ دمعُها قد تحدّرا
بُكاءً على عمروٍ وما كانَ أصبرا
فلما بدتْ حورانُ في الآلِ دونها
نظرتَ فلم تنظر بعينيك منظرا
فقلتُ له لا تبكِ عينُكَ إنّما
نحاولُ مُلكاً أو نموتَ فنعذرا

قولا لدودان عبيد العصا
ما غَرَّكمْ بالأسدِ الباسلِ
فيا رُبَّ مكروبٍ كررتُ وراءَهُ
وعانٍ فككتُ الغُلَّ عنهُ ففدّاني
وفتيانِ صدقٍ قد بعثتُ بِسُحرةٍ
فقاموا جميعاً بين عاثٍ ونشوانِ

أأسماءُ أمسى ودّها قد تغيّرا
سَنبدلُ إن أبدلتِ بالودِّ آخرا
فيا رُبَّ مكروبٍ كررتُ وراءَهُ
وطاعنتُ عنهُ الخيلَ حتى تنفّسا

فتملأ بيتنا أقِطاً وسمناً
وحسبُكَ من غِنىً شِبعٌ ورِيُّ
أرانا مُوضعينَ لأمر غيبٍ
ونُسحرُ بالطعامِ وبالشرابِ
وكلُّ مكارم الأخلاق صارت




إليهِ هِمتي، وبه اكتسابي

ولأشكرنَّ غريبَ نعمتهِ
حتى أموتَ،وفضلهُ الفضلُ
أنتَ الشّجاعُ إذا هُمُ نزلوا
عند المضيقِ وفِعلُكَ الفِعلُ
يا راكباً بَلِّغْ إخواننا
منْ كانَ من كِندة أو وائلِ
ليجلسوا نحنُ كفيناهُمُ
ضربَ الجبانِ العاجزِ الخاذلِ

والخيرُ ما طلعت شمس وما غربت
مطلبٌ يتواصى الخيل مغصوب
فإن تدفنوا الداءِ لا نُخفهِ
وإن تبعثوا الحربَ لا نقعُدِ
فإن تقتلونا نقتّلكمْ
وإن تقصدوا لدمٍ نقصُدِ
متى عهدُنا بطعانِ الكماةِ
والحمدِ والمجدِ والسؤددِ
وبني القبابِ وملءِ الجفانِ
والنارِ والحطبِ المفأدِ

أتت وحياضُ الموت بيني وبينها
وجادتْ بوصل حين لا ينفع الوصل
أقبلتُ مقتصداً،وراجعني
حِلمي،وسُدِّدَ للتقى،فعلي
واللهُ أنجحَ ما طلبتُ به
والبِرّ خيرُ حقيبة الرَّجُل
ومن الطريقةِ جائرٌ،وهُدىً
إني لأصرِمُ من يُصارمنُي

قصدُ السبيلِ ومنهُ ذو دَخلِ
وأجِدُّ وصلَ من ابتغى وصلي

وقوفاً بها صَحبي عليَّ مَطيَّهُمْ
يقولونَ لا تَهلِكْ أسىً وتَحمّلِ
فدعْ عنكَ شيئاً قد مضى لسبيلهِ
ولكن على ما غَالكَ اليوم أقبِل
ثيابُ بني عوف طهارى نقيّةٌ
وأوجههم عند المشاهدِ غرّانُ

أراهُنَّ لا يُحببنَ من قلَّ مالهُ
ولا من رأينَ الشيبَ فيه وقوّسا
ألا إنَّ بعد العدمِ للمرءِ قنوةً
وبعد الشّبابِ طول عمرٍ وملبسا

بعثنا ربيئاً قبل ذاك مخملاً
كذئب الغضا يمشي الضرّاء ويتقي
وإنّكَ لم يَفخَرْ عليكَ كفاخرِ
وإنّكَ لم تقطعْ لُبانةَ عاشقٍ



ضعيفٍ، ولم يَغلبكَ مِثلُ مُغَلَبِ
بمثلِ غُدُوٍّ أو رواحٍ مُؤوَّبِ

ولو عن نَثَا غَيرهِ جاءني
وجرحُ اللسانِ كَجُرحِ اليدِ
فبعضَ اللّومِ عاذلتي فإنّي
ستغنيني التجاربُ وانتسابي
إلى عرقِ الثرى وَشجت عروقي
وهذا الموتُ يسلبني شبابي

إذا المرءُ لم يُخزن عليهِ لسانهُ
فليسَ على شىءٍ سواهُ بخزانِ
فلو أنّها نفسٌ تموتُ جميعها
ولكنها نفسٌ تساقطُ أنفسا

إنّا وإياهم وما بيننا
كَموضعِ الرودِ من الكاهل
سموتُ إليها بعدما نام أهلُها
سمو حبابِ الماءِ حالاً على حال

تلعَّبَ باعِثٌ بذمّةِ خالدٍ
وأودى عصامٌ في الخُطوبِ الأوائلِ
سأشكرُكَ الذي دافعت عني
وما يجزيكَ مني غيرُ شكري
فما جارٌ بأوثقَ منكَ جاراً
ونصرُكَ للفريدِ أعزُّ نصرِ

الخيرُ ما طَلعتْ شمسٌ وما غَرَبتْ
مُطلَّبٌ بنواصي الخيلِ معصوبُ
صُبّتْ عليه وما تَنصبُّ من أَممٍ
إنَّ البلاءَ على الأشقَين مصبوبُ
سأشكرُكَ الذي دافعتَ عني
وما يجزيكَ منّي غيرُ شكري
فما جارٌ بأوثقَ منكَ جاراً
ونصرُكَ للغريب أعزُّ نصرِ

وتعرِفُ فيهِ من أبيهِ شمائلاً
ومن خالهِ ومن يزيدَ ومن حُجُرْ
سماحة ذا ،وبرَّ ذا، ووفاء ذا
ونائلَ ذا إذا صحا وإذا سَكِرْ
ولو أنَّ ما أسعى لأدنى معيشة
كفاني، ولم أطلب قليلٌ من المالِ
ولكنّما أسعى لمجدٍ مُؤثّلٍ
وما المرءُ ما دامتْ حُشاشةُ نفسهِ



وقد يُدركُ المجدَ المؤثلَ أمثالي
بِمُدركِ أطرافِ الخطوبِ ولا آلي

والخيرُ ما طلعت شمسٌ وما غربتْ
مُعلّقٌ بنواصي الخيرِ معصوبُ
وكُنّا أناساً قبل غزوةِ قَرْملٍ
ورثنا الغنى والمجدَ أكبر أكبرا
ونشربُ حتى نحسبَ الخيل حولنا
نِقاداً وحتى نحسبَ الجونَ أشقرا

ألا إنما الدهرُ ليالٍ وأعصر
وليسَ على شىءٍ قويمٍ بمستمر
فإمّا تَريني لا أُغمض ساعةً
من الليلِ إلا أن أُكِبَّ فأنعسا
فيا رُبَّ مكروبٍ كررتُ وراءَهُ
وطاعنتُ عنهُ الخيلَ حتى تنّفسا

وقل ما رأت عيناك أو ما أحطتهُ بعلمٍ
ولا تشهد بشىءٍ على عمى
ألم أخبِركَ أنَّ الدهرَ غولٌ
ختور العهد يلتهمُ الرجالا
أزالَ من المصانعِ ذا رياشٍ
وقد ملكَ السهولةَ والجبالا
بِعزِّهمِ عززتَ فإن يَذلّوا
فذلكمُ أنالكَ ما أنالا

جالتْ لتصرعني فقلتُ لها
:
أقصري
إنّي امرؤٌ صَرعي عليكِ حرام
أقصِرْ إليكَ من الوعيدِ فإنني
مما أُلاقي لا أشدُّ حِزامي
ألا لا تلوماني كفى اللوم ما بيا
فمالكما في اللومِ نفعٌ ولا ليا
ألم تعلما أنَّ الملامةَ نفعُها
قليلٌ وما لومي أخي من شِماليا

ظللِت ردائي فوق رأسي قاعداً
أعدّ الحصى ما تنقضي عبراتي
لَعمرُكَ ما قلبي إلى أهلهِ بِحُرْ
ولا مُقصرٍ يوماً فيأتيني بِقُرْ
ألا إنّما الدّهرُ ليالٍ وأعصُرٌ
وليسَ على شىءٍ قويمٍ بِمُستمر

أفسدتَ بالمَنِّ ما أوليتَ من نِعَمٍ
ليسَ الكريمُ إذا أسدى بِمنّانِ

عمرو بن كلثوم:

ورثناهُنَّ عن آباءِ صِدقٍ
ونُورثها إذا مُتنا بنينا

ورثنا المجدَ قد علمتْ مَعَدٌّ
نُطاعنُ دونَهُ حتى يَبينا
إذا ما الملكُ سامَ النّاسَ خسفاً
لنا الدنيا ومن أمسى عليها

أبينا أن نقرّ الذَّلَّ فينا
ونبطشُ حين نبطشُ قادرينا
بغاة ظالمين وما ظُلمنا
ولكن سنبدأ ظالمينا
ملأنا البرَّ حتى ضاقَ عنا
ونحنُ البحرَ نملؤهُ سفينا
إذا بلغَ الرضيعُ لنا فِطاماً
تخرُّ لهُ الجبابرةُ ساجدينا

وإنَّ الضِّغنَ بعدَ الضِّغنِ يبدو
عليكَ ويُخرِجُ الداءَ الدفينا
وقد علم القبائلُ من مَعدّ
بأنّا المُطعمون إذا قدرنا

إذا قُببَ بأبطحها بُنينا
وأنّا المهلكونَ إذا ابتُلينا
وأنّا المانعونَ لما أردنا
وأنّا النازلونَ بحيُ شِينا
وأنّا التاركونَ إذا سَخطنا
وأنَا الآخذونَ إذا رضينا
ونشربُ إن وردنا الماءَ صفواً
ويشربُ غيرُنا كدراً وطينا

لنا حصونُ من الخَطيِّ عاليةٌ
فيها جداولُ من أسيافنا البُترُ
فمن بنى مَدَراً من خوف حادثةٍ
فإنَّ أسيافنا تُغني عن المَدرِ
إنّ لله علينا نِعماً
ولأيدينا على الناسِ نِعَمْ
فلنا الفضلُ عليهم بالذي
صنعَ الله فمن شاءَ رغم
دُوننا في الناسِ مسعىً واسعٌ
لا يُدانينا وفي الناسِ كرمْ
ففضلّناهم بعزٍّ باذخ
ثابت الأصل عزيز المُدّعمْ

ألا يا مُرّو والأنباء تنمي
علامَ ترى صنائعنا تصيرُ
بأنّا نحنُ أحمينا حِماهم
وأنكرنا وليسَ لهم نكيرُ
حُلّوا إذا أبتغي الحلاوة
واستحبَ الجهدُ مُرّا
كم من عدوٍّ جاهر
بالشرِّ لو يستطيعُ سرا
يغتابُ عرضي غائباً
فإذا تلاقينا اقشعرا
يُبدي كلاماً ليناً
عندي ويحقِرُ مُستسرا

تركنا الخيلَ عاكفةً عليه
مُقلَّدةً أعنتها المنونا
وكنا طوع كفّكَ يا ابن هند
ستعلم حينَ تختلفُ العوالي

بنا ترمي محارم من رميتا
من الحامون ثغركَ إن هويتا
ومن يغشى الحروب بملهبات
تهدم كلَّ بنيان بنيتا
إذا جاءت لهم تسعون ألفاً
عوابسهن ورداً أو كميتا

إليكمْ يا بني بكر إليكم
ألمّا تعرِفوا منا اليقينا
ألمّا تعلموا منا ومنكم
كتائبَ يطعنَّ ويرتمينا
ألا أبلغ بني جشم بن بكر
وتغلب كلّها نبأ جلالا
بأنّ الماجد البطل ابن عمرو
غداة نطاع قد صدق المقالا
كتيبة ململمة رداح
إذا يرمونها تنبي النبالا

ألا فاعلم أبيتَ اللعن أنّا
على عَم
~ْدٍ سنأتي ما نريدُ
وكنتُ امرأً لو شئتَ أن تبلغ النّدى
بلغتَ بأدنى نعمةٍ تستديمها
ولكنَّ فطامُ النّفسِ أثقلُ محملاً
من الصخرةِ الصّماءِ حين ترومها

إذا عُيّروا قالوا مقاديرُ قُدرّتْ
وما العارُ إلا ما تجرُّ المقادِرُ
أبا هندٍ فلا تعجلْ علينا
وأنظرنا نُخبّركَ اليقينا
بأنّا نوردُ الرّاياتِ بيضاً
ونُصدرُهنَّ حُمراً قد رَوينا
وأيامٍ لنا طِوالٍ
عَصينا الملكَ فيها أن ندينا

ألا من مبلغ عمرو بن هند
فما رعيت ذمامة من رعيتا
أتغصب مالكاً بذنوب تيم
لقد جئت المحارم واعتديتا
فلولا نعمة لأبيك فينا
لقد فضت قناتك أو ثويتا
وإنّا سوفَ تُدركنا المنايا
مُقدَّرةً لنا ومُقدرينا
قفي قبلَ التفرُّقِ يا ظعينا
نُخَبّركِ اليقينَ وتُخبرينا
قفي نسألكِ هل أحدثتِ صَرماً
لِوشكِ البَينِ أم خُنتِ الأمينا
وإنَّ غداً وإنَّ اليومَ رَهنٌ
وبعد غدٍ بما لا تعلمينا

المتلمس:

وكنّا إذا الجبّارُ صعّرَ خدّهُ
أقمنا لهُ من زيغهِ فتقوّما
لذي الحِلم قبل اليوم ما تُقرع العصا
وما عُلّم الإنسان إلا ليعلما

ومن كان ذا نسبٍ كريمٍ ولم يكن
له حسبٌ كان اللئيم المُذّمما
فإلّا تجللَّها يُعالوكَ فوقها
وكيفَ تُوَقّى ظهرَ ما أنتَ راكبه

ولو غيرُ أخوالي أرادوا نقيصتي
جعلتُ لهم فوقَ العرانينِ مِيسما
وما كنتُ إلا مثلَ قاطع كفّهِ
بكفّ له أخرى ،فأصبحَ أجذما
يداهُ أصابتْ هذه حتفَ هذهِ
فلم تجدْ الأخرى عليها تقدما
فلما استقادَ الكفَّ بالكفّ لم يجدْ
له دَركاً في أن يبينَ فأحجما
فأطرقَ إطراقَ الشجاعِ ولو يرى
مساغاً لنابيهِ الشجاعُ لَصمما

ومن كانَ ذا نَسبٍ كريمٍ ،ولم يكنْ
له حَسَبٌ،كان اللئيمَ المُذمّما
أحارِثُ إنّا لو تُساط دماؤنا
تَزايلنَ حتى لا يمسّ دمٌ دما
وأصبحتَ ترجو أن أكون لِعقبكمْ
تُعيّرني أمي رجالٌ ولن ترى

زنيماً،فما أحرزتُ أن أتكلّما
أخا كرم إلا بأن يتكرّما
إذا ما أديمُ القومِ أنهجهُ البِلى
فلا بُدَّ يوماً للقوى أن تجذّما

ومن يبغ أو يسعى على الناسِ ظالماً
يقع غير شكل لليدين وللفمِ
يُعيرني أميّ رجال،ولا أرى
أخا كرمٍ إلا بأن يتكرّما
ومن يكُ ذا عرض كريمٍ ،فلم يصنْ
له حَسباً ،كان اللئيمَ المُذمّما
ألا إنني منهم،عِرضي عِرضهم
كذي الأنفِ يحمي أنفهُ أن يصلّما

فما الناس إلا ما رأوا وتحدثوا
وما العجز إلا أن يُضاموا فيجلسوا
واعلم علم حقٍّ غيرَ ظنٍّ
وتقوى الله من خيرِ العتادِ
لحفظُ المالِ خيرٌ من بُغاهُ
وضربٍ في البلادِ بغيرِ زادِ
وإصلاحُ القليلِ يزيدُ فيهِ
ولا يبقى الكثيرُ مع الفسادِ

ولا تقبلن ضيماً مخافة ميتةٍ
وموتنْ بها حرّاً وجِلدُكَ أملس
فمن طلبِ الأوتار ما حزَّ أنفَهُ
قصيرٌ،وخاضَ الموتَ بالسيفِ بيبسُ
شرُّ الملوكِ وشرّها حسباً
الغدرُ الآفاتُ شيمتُهُ

في الناسِ من علموا ومن جهلوا
فافهم فعرقوبٌ له مثلُ
بئسَ الفحولةُ حينَ جدَّ بهم
عركُ الرهانِ وبئسَ ما بخلوا
أعني الخؤولةَ والعمومَ فهم
كالطينِ ليس لبيتهِ حِولُ

قيس بن الخطيم:
ثأرت عدياً والخطيم فلم أضع
طعنت ابن عبد القيس طعنة ثائرٍ

وصية أشياخ جعلت أزاءها
لها نفذ لولا الشعاع أضاءها

وكنت امرءاً لا أسمع الدهر سبّة
وإني في الحرب الضروس موكل
أسب بها إلا كشفت غطاءها
بإقدام نفس ما أريد بقاءها
إذا سقمت نفسي إلى ذي عداوة
فإني بنصل السيف باغ دواءها
متى يأت هذا الموت لا تبق حاجة
لنفسي إلا قد قضيت قضاءها

فما المال والأخلاق إلا معارة
فما شئت من معروفها فتزوّدِ
متى ما تقد بالباطل الحق يأبه
وإن قدت بالحق الرواسي تنقدِ
متى ما أتيت الأمر من غير بابه
ضللت وإن تدخل من الباب تهتد

معن بن أوس:

لَعمرُكَ ما أهويت كفي لريبة
ولا حملتني نحو فاحشة رجلي
ولا قادني سمعي ولا بصري
لها ولا دلني رأي عليها ولا عقلي
,اعلم أني لم تصبني مصيبة
ولستُ بماشٍ ما حييتُ لمنكرٍ

من الدهر إلا وقد أصابت فتى قبلي
من الأمرِ لا يمشي إلى مثله مثلي
ولا مؤثر النفس على ذي قرابة
وأوثر على ضيف ما أقام على أهلي

ويركبُ حدَّ السّيفِ من أن تَضيمهُ
إذا لم يَكُنْ عن شفرةِ السيفِ مَزْحَلُ
أُعلِمهُ الرمايةَ كلَّ يومٍ
فلمّا اشتدَّ ساعدهُ رماني
وكم علّمتهُ نظمَ القوافي
فلما قالَ قافيةً هجاني

إذا المجدُ الرفيعُ تعاورتهُ
بُناةُ السّوءِ أوشكَ أن يضيعا
وذي رَحمٍ قلّمتُ أظفارَ ضِغنهِ
بحلميَ عنهُ،وهو ليسَ لهُ حِلْمُ
يُحاولُ رَغمي لا يُحاولُ غيرَهُ
وكالموتِ عندي أن يَحلَّ به الرّغمُ
فإن أعفُ عنهُ اغِض عيناً على قذى
وليسَ بالعفوِ عن ذنبه عِلمُ
وإن أنتصر منهُ أكنْ مثلَ رائشٍ صبرتُ على ما كانَ بيني وبينه


سهامَ عدوٍّ يُستهاضُ بها العظمُ وما تستوي حربُ الأقاربِ والسَّلمُ
وبادرتُ منهُ النأيَ والمرءُ قادرٌ
على سهمهِ ما دامَ في كفّهِ السهمُ
حفظتُ له ما كان بيني وبينهُ
وما يستوي حربُ الأقاربِ والسّلمُ
ويشتمُ عِرضي في المُغَيِّبِ جاهداً
وليسَ لهُ عندي هوانٌ ولا شَتمُ
إذا سُمتهُ وصلَ القرابةِ سامني
قطيعتَها تلكَ السفاهة والإثم
وإن أدعهُ للنّصفِ يأبى ويعصني
ويدعُ لحكمٍ جائرٍ غيرهُ الحكمُ
ولولا اتقاءُ الله والرّحمِ التي
رعايتُها برُّ وتعطيلها ظلمُ

إذن لعلاهُ بارقي،وخطمتهُ
ويسعى إذ أبني ليهدم صالحي
بوسمٍ شنارٍ لا يُشاركهُ وسمُ
وليسَ الذي يبني كمن شأنهُ الهدمُ
يودُّ أنّي مُعدِمٌ ذو خصاصةٍ
وأكرهُ جُهدي أن يُلِمَّ بهِ العُدمُ
ويعتدُّ غُنماً في الحوادثِ نكبتي
وليسَ له فيها سناءٌ ولا غُنمُ
رأيتُ انثلاماً بيننا فرقعتهُ
برفقي وإحيائي،وقد يُرْقَعُ الثّلمُ
وأدفعُ عنهُ كلَّ ابلخَ ظالمٍ
ألدَّ،شديدِ الشغبِ غايتهُ الغَشمُ

فما زلتُ في ليني له وتَعطُّفي
يودُّ أنّي مُعدِمٌ ذو خصاصةٍ


وأكرهُ جُهدي أن يُلِمَّ بهِ العُدمُ
ويعتدُّ غُنماً في الحوادثِ نكبتي


وليسَ له فيها سناءٌ ولا غُنمُ
رأيتُ انثلاماً بيننا فرقعتهُ


برفقي وإحيائي،وقد يُرْقَعُ الثّلمُ
وأدفعُ عنهُ كلَّ ابلخَ ظالمٍ


ألدَّ،شديدِ الشغبِ غايتهُ الغَشمُ

فما زلتُ في ليني له وتَعطُّفي

وقولي إذا أخشى عليه مصيبة


عليه،كما تحنو على الولدِ الأمُّ
ألا اسلمْ،فداكَ الخالُ والأبُ والعمُّ
وقولي إذا أخشى عليه مصيبة
ألا اسلمْ،فداكَ الخالُ والأبُ والعمُّ
وصبري على أشياءَ منهُ تريبني
لأستلّ منهُ الضّغنَ حتى استللتهُ

وكظمي على غيظي وقد ينفعُ الكظمُ
وقد كان ذا حقد يضيقُ به الجرمُ
فأبرأتُ ضِغنَ الصّدرِ منهُ توسُّعاً
بحلمي،كما يُشفى بأدويةٍ سُقمُ
وأطفأتُ نارَ الحربِ بيني وبينهُ
فأصبحَ بعد الحربِ وهو لنا سِلمُ

فلا تكونوا كمن تغذو بدرتها
أولاد أخرى ولا يُغذى لها ولدُ
إن تصلحوا أمركم تصلح جماعتكم
وفي الجماعة ما يستمسك العَمدُ
وإنّي لأستغني فما أبطرُ الغنى
وأعرضُ ميسوري لمن يبتغي عرضي
وأُعسرُ أحياناً فتشتدُّ عُسرتي
فأُدركُ ميسورَ الغنى ومعي عِرضي
وما نالني حتى تَجلّت فأسفرتْ
أخو ثقةٍ فيها بقرضِ ولا فرضِ

أكاشر ذا الضغنِ المبين ضغنه
وأضحك حتى يظهر الناب أجمع
وأدنه بالقول دهناً ولو رأى
سريرةَ ما أخفي لباتَ يفزعُ
إذا انصرفت نفسي عن الشىء لم تكد
إليه بوجهٍ آخرَ الدهر تُقبلُ

عمرو ابن امرؤ القيس:

نحنُ بما عندنا وأنت بما
عندكَ راضٍ والرأيُ مختلفُ

عبيد بن الأبرص:


الخيرُ يبقى وإن طال الزمان به
والشرُّ أخبث ما أوعيت من زاد

أعاقرٌ مثلُ ذاتِ رحمٍ
أم غانِمٌ مثلُ من يخيبُ


أفلِحْ بما شئتَ،وقد يُدركُ بالضّ
عفِ ،وقد يُخدعُ الأريبُ
لا يَعظُ الناسُ من لم يَعظِ الدّ
هرُ،ولا ينفعُ التلّبيبُ


أبلِغْ أبا كَربٍ عني وإخوتَهُ
قولاً سيذهبُ غَوراً بعدَ إنجادِ
لا ألفينّكَ بعد الموتِ تندبني
وفي حياتي ما زودّتني زادا


إذا أنتَ حَمّلتَ الخؤونَ أمانةً
فإنّكَ قد أسندتها شرَّ مُسنَدِ


إنَّ الحوادثَ قد يجىء بها الغدُ
والصبحُ والإمساءُ منها موعدُ
والناسُ يلحونَ الأمير إذا غوى
خطبَ الصوابِ ولا يُلامُ المرشدُ
والمرءُ من ريبِ المنونِ بغرّةٍ
وعدا العداءُ ولا تُودَّعُ مهددُ


فمنْ لم يمت في اليوم لا بُدَّ أنّهُ
سيعلقهُ حبلُ المنيّةِ في غدِ




يا ذا المخوفنا بقتل أبيهِ
إذلالاً وحَينا
هلّا سألتَ جموعَ كن
دة يومَ ولّموا أين أينا
نحن الألى فاجمع جموعك
ثم وجههم إلينا
ولقد أبحنا ما حميت
ولا مُبيح لما حمينا


يا أيها السائلُ عن مجدنا
إنّكَ عن مسعاتنا جاهِلُ
إن كنت لم تسمع بإبائنا
فسلْ تنبا أيها السائلُ


سَلْ الشعراء هل سَبحوا كَسبحي
بحور الشّعر أو غاصوا مغاصي
لساني بالقريضِ وبالقوافي
وبالأشعارِ أمهر في الغواصِ
من الحوت الذي في لجّ بحر
يُجيدُ السبح في اللجج القماص



إنّنا إنّما خُلقنا رؤوساً
من يُسوِّي الرؤوس بالأذنابِ
لا نقي بالأحسابِ مالاً ولكن
نجعل المال جُنّة الأحساب
ونصدُّ الأعداء عنا بضرب
ذي خذام وطعناً بالحراب



عيّوا بأمرِهمُ كما
عَيَّتْ ببيضتها الحمامه
جعلت لها عُودين من
نشمٍ وآخرَ من ثماوة


إذا أنت لم تعمل برأيٍ ولم تُطعْ
أولي الرأي لم تركن إلى أمرِ مُرشدِ
ولم تجتنب ذمَّ العشيرةِ كلّها
وتدفعُ عنها باللسانِ وباليدِ
وتحلمُ عن جهّالها وتحوطها
وتقمعُ عنها نخوة المُتهددِ
فلست ولو عللتَ نفسكَ بالمنى
بذي سؤددِ بادٍ ولا قرب سؤددِ


الخيرُ لا يأتي على عجلٍ
والشرُّ يسبقُ سيلَهُ مطره


يا صاح مهلاً أقِلّ العذلَ يا صاحِ
ولا تكوننَّ لي باللائمِ اللاحي
حلفتُ بالله إن الله ذو نِعَمٍ
لمن يشاء وذو عفوٍ وتصفاحِ
ما الطّرفُ مني إلى ما لستُ املكهُ
مما بدا لي بباغِ اللحظِ طمّاحِ
إني لأخشى الجهولَ الشّكسَ شيمته
وأتقي ذا التُّقى والحلم بالرّاحِ


وكلُّ ذي إبلٍ موروثٌ
وكلُّ ذي سَلَبٍ مسلوبُ




صَبِّرْ النفسَ عندَ كلِّ مُلّمٍ
إنَّ في الصبرِ حيلة المحتالِ
لا تضيقنَّ في الأمورِ فقد تكشفُ
غمّاؤها بغيرِ احتيال
رُبَّ ما تجزعُ النفوسُ من الأمرِ له
فرجهُ كَحلِّ العقالِ

الخنساء:


دفعتُ بكَ الخطوبَ وأنتَ حيّ
فمن ذا يدفعُ الخطبَ الجليلا؟
إذا قَبُحُ البكاءُ على قتيلٍ
رأيتُ بكاءَكَ الحسنَ الجميلا

كنّا نعدّ لكَ المدائحَ مُدةً
فاليومَ صُرتَ تُناحُ بالأشعارِ

نُهينُ النفوسَ وهونُ النفو
سِ عند الكريهةِ أوقى لها


وسوفَ أبكيك ما ناحتْ مُطوَّقةٌ
وما أضاءت نجومُ الليلِ للساري

تحسِبهُ غضبانَ من عِزِّهِ
ذلكَ منهُ خُلُقٌ لا يَحولُ


دلَّ على معروفهِ وجهُهُ
بوركَ هذا هادياً من دليل
تحسبهُ غضبانَ من عزّة
ذلكَ منهُ خلقٌ ما يحولُ

ترتعُ ما رتعتْ حتى إذا ادّكرتْ
فإنما هي إقبالٌ وإدبارُ


ومن ظنَّ أن سيُلاقي الحروبَ
بأن لا يُصابَ فقد ظنَّ عجزا
نُعِفُ ونعرِفُ حقَّ القِرى
ونتخذُ الحمدَ ذُخراً وكنزا
ونلبسُ في الحربِ نسيجَ الحديدِ
ونلبسُ في الأمنِ خزاً وفزا


وما بلغتْ كفُّ امرىءٍ مُتَناولاً
من المجدَ إلا والذي نلتَ أطولُ
وما بلغَ المُهدونَ في القول مِدحةً
وإن صدقوا إلا الذي فيكَ أفضلُ


وقافيةٍ مثلُ حَدِّ السِنا
ن تبقى ويذهبُ من قالها


تَعرَّقني الدّهرُ نهساً وحزَّاً
وأوجعني الدّهرُ قَرْعاً وغَمزا
وأفنى رجالي فبادوا معاً
فأصبحَ قلبي لهُمْ مُستفزا
كأن لم يكونوا حِمىً يُتقى
وكانوا سراة بني مالكٍ
وهم في القديمِ أساة العديم
إذ الناسُ إذ ذاكَ من عَزَّ بَزَّا
وزين العشيرةِ بذلاً وعزّاً
والكائنون من الخوفِ حرزا


لا تَبعدنَّ فإنَّ الموت مُخترمٌ
كُلَّ الخلائقِ غير الواحدِ الباقي

أنتَ الفتى الكاملُ الحامي حقيقتُه
تُعطي الجزيلَ بوجهٍ منكَ مِشراقِ


فالحمدُ خُلَّتُه ،والجودُ علَّتُهُ
والصدقُ حوزُتهُ إن قِرْنُهُ هابا

وقد كُنتَ في الجدِّ ذا قُوّةٍ
وفي الهزلِ تلهو وتُرخي الإزارا


لم تره جارة يمشي بساحتها
لريبة حين يخلي بيته الجار
مثل الرُّديني لم تدنس عمامته
كأنّهُ تحت طيِّ الردِ أسوار


قد كان فيكم أبو عمروٍ يسودُكمُ
نِعمَ المُعَّممُ للداعينَ نصّارُ
صُلبُ النَّحيزةِ وهّابٌ إذا منعوا
وفي الحروبِ جرىءُ الصّدرِ مِهصارُ
يا صخرُ ورّادَ ماءٍ قد تناذرهُ
أهلُ المواردِ ما في وردهِ عارُ
يوماً بأوجدَ مني يوم فارقني
صخرٌ وللدّهرِ إحلاءٌ وإمرارُ




وإنَّ صخراً لوالينا وسيدُّنا
وإنَّ صخراً إذا نشتو لَنحَّارُ
وإنَّ صخراً لَمِقدامٌ إذا ركبوا
وإنَّ صخراً إذا جاعوا لَعقّارُ
وإنَّ صخراً لتأتَمُّ الهُداةُ بهِ
كأنّهُ عَلَمٌ في رأسهِ نارُ
جَلدٌ جميلُ المُحيّا كامِلٌ ورِعٌ
وللحروبِ غَداةَ الرّوعِ مِسعارُ
حَمَّالُ ألويةٍ هَبَّاطُ أوديةٍ
شَهَّادُ أنديةٍ للجيشِ جَرَّارُ
نَحَّارُ راغيةٍ ملجاءُ طاغيةٍ
فكّاكُ عانيةٍ للعظمِ جبّارُ
لم ترهُ جارةٌ يمشي بساحتها
لريبةٍ حينَ يُخلي بيتهُ الجارُ
ومطعمُ القوم شحماً عندَ مسغبهم
وفي الجدوبِ كريمُ الجدِّ ميسارِ
فَرعٌ لِفرعٍ كريمٍ غيرِ مؤتشَبٍ
جَلدُ المريرةِ عندَ الجمعِ فخَّارُ




رفيعُ العِمادِ،طويلُ النّجا
دِ،سادَ عشيرتَهُ أمردا
إذا بسطَ القومُ عندَ الفِضالِ
أكفُّهم تبتغي المَحمدا
وكانَ ابتدارُهم للِعلى
أشارَ فمدَّ إليها يدا
فنالَ التي فوقَ أيديهم
من المجدِ ثمَّ انتمى مُصعدا
ويحملُ للقومِ ما عالَهُمْ
وإن كانَ أصغرُهم مولِدا
ترى المجد يهوى إلى بيته
يرى أفضل المجد أن يحمدا
وإن ذُكر المجد ألفيته
تأزرَ بالمجدِ ثم ارتدى




لا شيء يبقى غيرُ وجهِ ملكينا
ولستُ أرى حيّاً على الدّهرِ خالدا
ألا إن يومَ ابنِ الشّريدِ ورهطهُ
أبادَ جِفاناً والقُدورَ الرواكدا
هُمُ يملؤونَ لليتيمِ إناءَهُ
وهم ينجزونَ للخليلِ المواعدا


حَمّالُ ألويةٍ،شَهّادُ أنجيةٍ
قطّاعُ أوديّةٍ للوترِ طَلابا
سُمُّ العداةِ،وفكّاكُ العُناة إذا
لاقى الوغى لم يكن للقِرنِ هيّابا


ورأيُهُ حُكمٌ وفي قولهِ
مواعظٌ يُذهبنَ داءَ الغليلِ
ليسَ بخبٍ مانعٍ ظهرَهُ
لا ينهضُ الدّهرَ بعبءٍ ثقيلِ


مثلُ السِّنانِ تُضىءُ الليلَ صورتُهُ
مُرُّ المرارةِ حُرٌ وابنُ أحرارِ


يا صخرُ أنتَ فتى مجدٍ ومَكرُمةٍ
تغشى الطعانَ إذا ما أحجمَ البطلُ
كالليثِ يحمي عريناً دونَ أشبُلهِ
ثبتُ الجَنانِ ‘ذا ما زُعزِعَ الاسَلُ
خطّابُ أنديّةٍ شَهادُ أنجيّةٍ
لا واهنٌ حينَ تلقاهُ ولا وهِلُ

إنَّ الجديدين في طولِ اختلافهما
لا يفسدان ولكن يفسدُ الناسُ

متى ما تُعادلْ ماجداً تعتدلْ به
كما عدلَ الميزانَ بالكفِّ ثاقلُهْ


تُهينُ النفوسَ وهونِ النفو
سِ يومَ الكريهةِ أبقى لها
وتعلمُ أنَّ منايا الرجا
لِ بالغةٌ حين يُبلى لها
وقافيةٍ مثلَ حدِّ السِّنا
نِ تبقى ويهلِكُ من قالها
نَلينُ إذا يُبتغى لينُنا
وإن عادت الحربُ عُدنا لها


كلُّ ابنِ أنثى برَيبِ الدهرِ مرجومُ
وكلُّ بيتٍ طويلِ السَّمكِ مهدومُ
لا سُوقةٌ منهم يبقى ولا مَلِكٌ
ممّنْ تُملّكهُ الأحرارُ والرومُ
هي الشّجاةُ التي خُبّرتُ مَنشَبُها
خلفَ اللَّهى لم تَسوَّغها البلاعيمُ


أرى الدّهرَ يرمي ما تطيشُ سِهامُهُ
وليسَ لمن قد غالهُ الدّهرُ مَرجِعُ


إنّي تذكرتهُ والليلُ مُعتكرٌ
ففي فؤادي صَدْعٌ غيرُ مشعوبِ


تبكي لِفرقتهِ عينٌ مُفجّعةٌ
ما إن يجفُّ لها من ذكرهِ مآقي
فاذهب فلا يبعنك الله من رجلٍ
لاقى الذي كلُّ حيٍّ بعدهُ لاقِ


أعَينيَّ هلّا تبكيان على صخرٍ
بدمعٍ حثيثٍ لا بَكيٍّ ولا نَزْرِ
فتستفرغانِ الدمعَ أو تُذريانهِ
على ذي النُّهى والباعِ والنائلِ الغَمرِ




ألا ثكلتْ أمُّ الذي غدوا بهِ
إلى القبرِ ماذا يحملونَ إلى القبر
وماذا يُواري القبرُ تحتَ ترابه
الخير،يا بؤس الحوادثِ والدهر
فشأنُ المنايا إذا أصابك رَيبها
لتغد على الفتيان بعدك أو تسري




يا عينُ مالكِ لا تبكينَ سَكابا
إذا رابَ دهرٌ وكانَ الدهرُ ريّابا
فابكي أخاكِ لأيتامٍ وأرملةٍ
وابكي أخاكِ إذا جاورتِ أجنابا
وابكي أخاكِ لخيلٍ كالقطا عُصَبٍ
فقدنَ لما ثوى سَيباً وأنهابا


ألا مَنْ لعينٍ لا تجفُّ دُموعُها
إذا قُلتُ ترقا تستهلُّ فَتخضِلُ




ما بالُ عينكِ منها الماءُ مُهراقُ
سحّاً فلا عازبٌ منها ولا راقِ
تبكي على هالكٍ ولّى فأورثني
عند التفرُّقِ حزناً حرَّهُ باقِ

إني سأبكي أبا حسّانَ مُعولةً
في كلِّ ساعةِ إمساءٍ وإشراقِ


وقائلةٍ والنعشُ يسبِقُ خطوها
لِتُدركهُ
:
يا لهفَ نفسي على صخرِ


فأقسمتُ لا ينفكُّ دمعي وعَولتي
عليك بِحُزنٍ ما دعا لله داعيه


أبتْ عيني وعاودتِ السهودا
وبتُّ الليلَ مُكتئباً عميدا
لذكرى معشرٍ ولّوا وخلّوا
علينا من خلافتهم فقودا


يا صخرُ قد كنتَ بدراً يُستضاءُ بهِ
فقد مضى يوم مُتَّ المجدُ والجودُ
فاليومَ أمسيتَ لا يرجوكَ ذو أملٍ
لمّا هلتَ وحوضُ الموتِ مورودُ




يُذكّرني طلوعُ الشمسِ صخراً
وأذكرهُ لِكُلِّ غروبِ شمسِ
فلولا كثرةُ الباكينَ حولي
على إخوانهمْ لقتلتُ نفسي
وما يبكينَ مثلَ أخي ولكنْ
لأُسلّي النفسَ عنهُ بالتأسي


فأبكي لِصخرٍ إذ ثوى
بينَ الضّريحةِ والصفائحِ
ذاكَ الذي كُنّا بهِ
نشفي المريضَ من الجوائحِ


يُؤّرقني التذكرُّ حينَ أُمسي
فأُصبحُ وقد بُليتُ بِفرطِ نُكسِ
على صخرٍ وأيُّ فتىً كصخرٍ
ليومِ كريهةٍ وطِعانِ خَلسِ
ألا يا صخرُ لا أنساكَ حتى
أفارقَ مهجتي ويُشقَّ رمسي


وابكِ أبا حسان واستعبري
على الجرىء المُستضافِ المُخيلْ


أعينيَّ جُودا ولا تجمُدا
ألا تبكيان لصخرِ الندى
ألا تبكيانِ الجرئء الجميعَ
ألا تبكيان الفتى السيدا




تقولُ نساءٌ شِبتِ من غيرِ كَبرةٍ
وأيسرُ مما قد لقيتُ يُشيبُ
أقولُ أبا حسانَ لا العيشُ طيّبٌ
وكيفَ وقد أُفرِدتُ منكَ يطيبُ
ذكرتُكَ فاستعبرتُ والصدرُ كاظمٌ
على غُصّةٍ منها الفؤادًُ يذوبُ
لَعمري لقد أوهيتَ قلبي عن العَزا
وطأطأت رأسي والفؤادُ كئيبُ
لقد قُصمتْ مني قناةٌ صليبيةٌ
ويُقصمُ عودُ النّصبِ وهو صليبُ




فلم أرَ مثلهُ رُزءٌ لجنٍ
ولم أرَ مثلهُ رُزءاً لأنسِ
فقد ودّعتُ يومَ فراقِ صخرٍ
أبي حسانَ لذّاتي وأُنسي
فيا لهفي عليه ولهفَ أُمّي
أيُصبحُ في الضّريحِ وفيه يُمسي


يا عينِ جُودي بالدموعِ الهُمولْ
وابكِ لصخرٍ بالدموعِ الهُجولْ
لا تخذليني حينَ جدَّ البُكا
فليسَ ذا يا عينِ حينَ الخذول


وماذا ثوى في اللحدِ تحتَ ترابهِ
من الخيرِ يا بؤسَ الحوادثِ والدّهرِ
من الحزمِ في العزاءِ والجودِ والنّدى
لدى ملكهِ عند اليسارةِ والعُسرِ




ألا يا عينِ فانهمري بِغزرِ
وفيضي عبرةً نت غيرِ نَزرِ
ولا تعدي عزاءً بعدَ صخرٍ
فقد غُلِبَ العزاءُ وعيلَ صبري
لِمرزئةٍ كأنَّ الجوفَ منها
بُعيدَ النوم يُشعرُ حرَّ جمرِ


يا عين جودي بدمعٍ منكِ مغرارِ
وابكي لصخرٍ بدمعٍ منك مدرارِ




قذىً بعينكِ أم بالعينِ عُوّارُ
أم ذرَّفتْ إذ خلت من أهلها الدارُ
كأنَّ عيني لذكراهُ إذا خطرتْ
فيضٌ يسيلُ على الخدّينِ مدرارُ
لابُدَّ من ميتةٍ في صَرفها غِيرٌ
والدهرُ في صرفهِ حَولٌ وأطوارُ
قد كانَ فيكم أبو عمروٍ يسودكمُ
نِعمَ المُعَمّمُ للداعينَ نصّارُ
صُلبُ لبنَّحيزةِ وهَّابٌ إذا مُنعوا
وفي الحروبِ جرىء الصدرِ مِهصارُ
قد كان خالصتي من كلِّ ذي نسبٍ
فقد أُصيبَ فما للعيشِ أوطارُ
تبكي لصخرٍ هي العبرى وقد ولهتْ
ودونَهُ من جديدِ التُربِ أستارُ
تبكي خُناسٌ على صخرٍ وحُقَّ لها
إذ رابها الدهرُ، إنَّ الدهرَ ضرّارُ

صخر بن عمرو بن الشريد:

وقالوا
:
ألا تهجو فوارس هاشم
ومالي وإهداء الخنى من شماليا


وعاذلةٍ هبّتْ بليلٍ تلومني
ألا لا تلوميني كفى اللومَ ما بيا
أبى الشّتمَ أنّي قد أصابوا كريمتي
وأن ليسَ إهداءُ الخَنا من شماليا
أم ثواب الهزانية
ربيته وهو مثل الفرخ أعظمه
أم الطعام ترى في جلده زغبا
حتى إذا آض كالفحال شذبه
أباره ونفى عن متنه الكربا
أمسى يمزف أثوابي يؤدبني
أبعد شيبي عندي يبنغي الأدبا
إني لأبصر في ترجيل لمته
وخط لحيته في خده عجبا
قالت له عرسه يوماً لتسمعني
مهلاً فإن لنا في أمنا أربا
ولو رأتني في نار مسعرة
ثم استطاعت لزدت فوقها حطبا


عبد الله بن معاوية الطالبي:


يُزينُ الشعرُ أفواهاً إذا نطقت
بالشعرِ يوماً وقد يُزري بأفواهِ


ألم تك لو حفظت الودّ مني
كما بينَ المحاجرِ والحجاجِ
فحلت عن الصفاء وخنت عهدي
بلا سبب كذي الضغنِ المُداجي

ولا تأتين الأمور التي
تعيبُ على الناسِ أمثالها

وإن قال لي ماذا ترى يستشيرني
أخي لم أشر إلا بما كنتُ فاعلا


لا تبخلنّ بالنصحِ إن ضؤولة
بالمرءِ غش المستشير المجهد
وأجبْ أخاكَ إذا استشاركَ ناصحاً
وعلى أخيك نصيحة لا تردُدِ


لا تعجلنَّ فرُبما
عجلَ الفتى فيما يضره
والعيشُ أحلى ما يعو
دُ على حلاوتهِ مُمرُّه
ولرُبما كره الفتى
أمراً عواقبُهُ تسرّه


وأنت إذا وطِئتَ تراب أرضٍ
يطيبُ إذا مشيتَ به التراب


يا أيها الزاجري عن شيمتي سَفهاً
قد لا يُرزقُ المرءُ لا من فضل حيلته
عَمداً عصيتُ مقامَ الزاجرِ الناهي
ويُصرفُ الرزقُ عن ذي الحيلة الداهي
أقصر فإنّكض من قومٍ أرومتُهم
في اللؤم فافخر بهم ما شئتَ أو باهي
ما نالني من غنىً يوماً ولا عُدْمٍ
إلا وقولي عليه

الحمد لله



إذا أنتَ لم تنفعْ فضر فإنما
يراد الفتى كيما يضر وينفعا


رُبّ من كانت منيّته
في مزاح هاجه لعبا

أبو قيس بن الاسلت:


فمن ورث الغنى فليصطنعه
صنيعته ويجهد كل جهد
ولا يمنعه من حمدٍ وشكرٍ
ولا يبخل به عن فعلِ رشدِ

من يصلَّ ناري بلا ذنبٍ ولا تِرةٍ
يصلَ بنارِ كريمٍ غير عوّارِ
وصاحبُ الوترِ ليسَ الدّهرَ يدركه
عندي وإنّي لطلّابٌ لأوتارِ

عبد يغوث بن وقاص الحارثي:

وقد علمت عِرسي مُليكةٌ أننّي
أنا الليثُ مَعدُوّاً عليَّ وعاديا

عمرو بن الأهتم:

ذريني فإنَّ البخلَ يا أمَّ مالكٍ
لصالحِ أخلاقِ الرجالِ سَروقُ
ذريني وحُطّي في هوايَ فإنّني
على الحَسَبِ الزاكي الرفيع شفيقُ
وإنّي كريمٌ ذو عيالٍ تُهمنّي
نوائبُ يغشى رزؤها وحقوقُ

إذا المرءُ لم يحببكَ إلا تكرُماً
بدا لكَ من أخلاقهِ ما يُغالبُ


وكلُّ كريمٍ يتقي الذَمَّ بالقِرى
وللخيرِ بين الصالحين طريقُ

وإنكَ لن تنالَ المجدَ حتى
تجودَ بما يضنُّ بهِ الضمير
بنفسكَ أو بمالكَ في أمورٍ
يهابُ ركوبها الورع الدثورُ


ونكرمُ جارنا ما دام فينا
ونُتبعهُ الكرامة حيث مالا

يزيد بن أنس الحارثي:

وإني امرؤٌ أعطي حقيقي حقه
فلستُ بمظلوم ولست بظالم

أنس بن مدرك الخثعمي:

كم من أخٍ لي كريم قد فُجعت به
ثم بقيت كأني بعده حجر
لا أستكين على ريب الزمان ولا
أغضي على الأمرِ يأتي دونه الغدر

الحارث بن تميم:

أفاً لدهرٍ كنتَ فيه سيّداً
وجرت سوانحه بغيرِ الأسعدِ
ما نلت ما قد نلت إلا بعدما
ذهب الزمان وسادَ غير السيّدِ

شُتيم بن عمرو الباهلي:

وإنّ امرأً في الناس يُعطي ظُلامةٍ
ويمنعُ نصفَ الحقِّ منهُ لواضعُ

قيسية بن كلثوم الكندي:

تالله لولا انكسارُ الرُّمحِ قد علموا
ما وجدوني ذليلاً كالذي وجدوا
قد يُخطمُ الفحلُ قسراً بعدَ عزّتهِ
وقد يُرَدُّ على مكروههِ الأسدُ

هشام بن إبراهيم الكرماني:


فلا تحتقر شراً فكم من شرارةٍ
بها أحرقت أرضٌ فصارت مجاهلا
ورُبَّ مزاح صار جَدّاً ولفظة
بها استحكمت حرب فجرّت زلازلا
وللحزم خيرٌ من توانٍ وغفلةٍ
وإهمالُ أمر يتركُ الرأي فائلا

أبو القاسم بن الحُريش:

فيا مَنْ يكُدُّ النّفسَ في طلبِ العلا
إذا كبرُتْ نفسُ الفتى طالَ شغلهُ

أبو دلف

ليس المروءة أن تبيت منعماً
وتظل معتكفاً على الأقداحِ
ما للرجال وللتنعم إنما
خُلقوا ليوم عظيمة وكفاح

أبو الديبة الطائي:

وأنتَ امرؤٌ منا خلقت لغيرنا
حياتُكَ لا ترجى وموتُكَ فاجع

العلوي الحِماني:

والسيفُ إن قسته يوماً بنا شَبهاً
في الروعِ لم تدر عزماً أينّا السيف

مالك بن العجلان:


زُهرٌ أعفّاءُ في مجالسهمْ
بيضٌ سِراعٌ محاشدٌ أُنفُ

موسى بن عمران:
أصبحتُ من معشرٍ ما في قلوبهم
من السيوفِ ومن خوضِ الرّدى فرق
يستهلّونَ صعابَ الحادثاتِ فَهم
يلقونها بنفوسٍ ما بها قلق

سلمة بن أبي حبابة العبدي:

إنّي أنا المرءُ لا يُعطي على تِرةٍ
ولا يقرُّ على الضّيمِ إذا غُشما

أبو مسلم محمد بن صبيح البصري:

ويومٍ كَليلِ العاشقينَ وصلتهُ
بليل كَوجدي ليسَ تفنى أواخره

منقذ الهلالي:

سئمت العيش حين رأيت دهراً
يُكلّفني التذلل للرجالِ
فحسبُكَ بالتنصف ذل حر
وحسبكَ بالمذلّة سوء حال

سلم بن عمرو:

كيفَ القرارُ،ولم أبلغ رضى ملكٍ
تبدو المنايا بكفّيهِ وتحتجبُ
وأنتَ كالدّهرِ مبثوثاً حبائلهُ
والدّهرُ لا ملجأ منهُ ولا هَربُ
ولو ملكتُ عِنانَ الرّيحِ أصرفهُ
في كلِّ ناحيةٍ ما فاتكَ الطلبُ

عبد هند بن زيد التغلبي:


فإنَّ السنانَ يركبُ المرءُ حدّهُ
من الخزي أو يعدوا على الأسدِ الوَردِ
يُعلللُ والأيامُ تنقصُ عُمرهُ
كما تنقصُ النيرانُ من طرفِ الزّندِ

أبو العيال الهذلي:

يا ليت حظّي من تحدب نصركم
وثنائكم في الناس أن تدعوني

بشر بن أبي عوانة العبدي:

تحاول أن تعلمني فراراً
لَعمرُ أبيك قد حاولت نكرا
فلا تجزعْ فقد لاقيت حُرّاً
يُحاذرْ أن يُعاب فمت حرا

ابن عسكر الموصلي


إنَّ السحائبَ لا تجدي بوارقها
نفعاً إذا هي لم تمطر على الأثر


اسحق الموصلي

وآمرةٍ بالبخلِ قلتُ لها أقصري
فذلكَ شىءٌ ما إليه سبيلُ

الخليل الفراهيدي

لو كنتَ تعلمُ ما أقولُ عذرتني
أو كنتَ تعلمُ ما تقول عذلتكا
لكن جهلت مقالتي فعذلتني
وعلمتُ أنك جاهلٌ فعذرتكا

هلال بن عامر


وحُملّتُ زفرات الضحى فأطقتها
ومالي بزفراتِ العشيِّ يدانِ

خالد بن علقمة:


جزى الله عطّاف بن مدّ ملامة
إذا أشرقَ النفسَ البخيلة ريقها
إذا سئل المعروف بسّلَ وجههُ
وجبهتهُ حتى تَدرَ عروقها
وعدّدَ لي فقراً كثيراً وفاقةً
ومعتبةً لم يدرِ كيفَ طريقها

الحارث بن عباد:

لم أكُنْ من جُناتها علم اللهُ
وإنّ
بحرِّها صالي
الرشيد بن الزبير:


لا تظنَّ خفاء النجمِ من صغرٍ
فالذنبُ في ذاكَ محمولٌ على البصرِ

الأقرع بن معاد:

وما السائلُ المحروبُ يرجعُ خائباً
ولكن بخيلُ الأغنياءِ يخيبُ
وفي المالِ أحداثٌ وإن شحَّ ربُّهُ
يصيبُ الفتى من مالهِ ونصيبُ

الحكم بن عبدل الأسدي

وأمنحهُ مالي ووُدّي ونصرتي
وإن كانَ محنّي الضلوعِ على بغضي

جابر بن موسى الخنعي:


إذا ما علا المرء رام العلا
ويقنع بالدون من كان دونا

عبادة بن أنفِ الكلب:

وعاذلةٍ تخشى الردى أن يُصيبني
تروحُ وتغدو بالملامةِ والقسم
تقول هلكنا إن هلكت وإنّما
على الله أرزاقُ العبادِ كما زعمْ
وإني أحبُّ الخلدَ لو أستطيعهُ
وكالخلدِ عندي أن أموتَ ولم أذم

موسى بن سحيم:

وكنا إذا الجبار بالجيش ضافنا
جعلنا القنا والمُرهفات له نُزلا

خلف بن خليفة الأقطع:

أُعاتبُ نفسي إن تبسّمتُ خالياً
وقد يضحكُ الموتورُ وهو حزينُ

الربيع بن خيثم:

لِنفسي أبكي لستُ أبكي لغيرها
لنفسي من نفسي عن الناسِ شاغِل

عبد الحارث بن ضرار:


ولا تكونن كشاةِ السوءِ إذ بحثت
حتى استثارت طرير الحدّ مسنونا

هبيرة بن أبي وهب المخزومي:

وإن كلام المرءِ في غير حينهِ
لكالنبلِ تهوي ليس فيها نصالها
الحادرة:

إنّا نَعِفُّ فلا نُريبُ حليفنا
ونكفُّ شُحَّ نفوسنا في المطمعِ
ونقي بآمن مالنا أحسابنا
ونُجِرُّ في الهيجا الرماحَ وندّعي
ونخوضُ غمرةَ كلَّ كريهةٍ


تُردي النفوسَ وغُنمها للأشجعِ
ونقيمُ في دارِ الحفاظِ بيوتنا
زمناً،ويطعنُ غيرُنا للأمرعِ

السهروردي

والمرءُ يفرحُ بالأيام يقطعها
وكلُّ يوم مضى يُدني من الأجل
أحمد بن طيفور


إذا ما المنايا أخطأتكَ وصادفت
حبيبكَ فاعلم أنها ستعودُ
أحدهم:
رأيتُ بني القلّمس رهط سوء
لهم غنمٌ وليسَ لهم كلابُ
أُناظرُ عنهم وهمُ حضور
وأطعنُ دونهم وهم غيابُ

لقد سُرَّ حتى استحمقت آلُ مالكٍ
بقتلِ سُويدٍ غَثّها وسمينها
ستعلمُ إن طالَ المدى آلُ مالكٍ
أبالرُشدِ أم بالغَيِّ قرّت عيونها
فإنا وإياكم وإن طالَ تركُكم
كحاملة يزدادُ ثِقلاً جنينها
وما الدّهرُ والأيامُ إلا كما ترى
رزيئة مالٍ أو فراقُ حبيبِ

فإنّكَ لن ترى طرداً لِحرٍّ
كإلصاقٍ بهِ طرفَ الهوان
رأى الأمرَ يُفضي إلى آخرٍ
فصيّرَ آخرهُ أوّلا

تسألني أمُّ الخيارِ جملا
يمشي رويداً ويكونُ أوّلا
بينما المرءُ آمناً راعَهُ را
ئعُ حتفٍ لم يخش منهُ انبعاقَه

والناسُ إن ظلموا البرهان واعتسفوا
فالحربُ أجدى على الدنيا من السَّلمِ
والليالي من الزمانِ حبالى
مثقلات يلدن كل عجيب

وما العجزُ إلا أن تُشاورَ عاجزاً
وما الحزمُ إلا أن تَهُمَّ فتفعلا
حويتُ صنوفَ المالِ من كلِّ وجهةٍ
فما نِلتها إلا بكفٍّ كريم
وإنّي لأرجو أن أموتَ وتنقضي
حياتي وما عندي يدٌ للئيمِ

إذا شئتَ أن تقتاسَ أمرَ قبيلةٍ
وأحلامها فانظر إلى من يسودُها
تراها إذا كانت عزائم أمرها
إلى خيرها صلباً على البري عودُها
جَهولٌ إذا أزرى التَحلُّمَ بالفتى
حليمٌ إذا أزرى بذي الحَسبِ الجهلُ

حليم إذا ما الحلمُ زين أهله
مع الحلمِ في عينِ العدوِّ مهيب
تراهُ إذا ما أظلمَ الخطبُ مُشرقاً
كَمثلِ حسام أخلصته الصياقل

لا يُوجدُ الخيرَ إلا في معادنهِ
والشرُّ حيثُ طلبتَ الشرَّ موجودُ
أي يومي من الموت أفرّ
يوم لا قدر أم يوم قدر
يوم لا قدر لا أرهبه
ومن المقدور لا ينجو الحذر

يقولُ رجالٌ لا يضيرُكَ فقدُهم
بلى إنَّ فقدَ الصالحينَ يضيرُ
خليليَّ ليسَ الرأيُ في صدرِ واحدٍ
أشيرا عليَّ اليومَ ما تريانِ

إنَّ الكريم وأبيكَ يعتملْ
إن لم يجد يوماً على من يتكّلْ
وما يردعُ النفسَ اللّجوجَ عن الهوى
من الناسِ إلا حازمُ الرأي كامله

واليأسُ يحدث في أعضاء صاحبه
ضعفاً ويورث أهل العزم توهينا
يرى فلتاتِ الرأي والرأيُ مقبلُ
كأنَّ لهُ في اليومِ عيناً على غدِ

قام الحمامُ إلى البازي يُهدده
واستأسدت لأسودِ البرِ أضبعه
وقد تخرجُ الحاجاتُ يا أمَّ مالك
كرائمَ عن ربٍ بهنَّ ضنينِ

وإذا الواشي أتى يسعى لها
نفعَ الواشي بما جاءَ يضرُّ
إنّكَ إن كلّفتني ما لم أُطِقْ
ساءكَ ما سرّكَ مني من خُلُق

فما لآخر الإحجام يوماً معجّلاً
ولا عجّلَ الإقدامُ ما آخر القدر
وأتعبُ إن لم يُمنحِ الناسُ راحةً
وغيري إن لم يُتعبِ الناسَ يتعبُ

قد زرتهُ فوجدتُ الناسَ في رجلٍ
والدّهرُ في ساعةٍ والفضلُ في دارِ
وكنا إذا الجبار بالجيش ضافنا
جعلنا القنا والمُرهفات له نُزلا

ومن مدّتِ العلياءُ إليه يمينها
فأكبرُ إنسانٍ لديهِ صغيرُ