الصحة الغذائية بين الطب والاسلام

 بسم الله الرحمن الرحيم

الصحة الغذائية بين الطبّ والإسلام

عناصر الموضوع:

نظرة تشريحية ـ وظيفية

أولاٍ:آداب تناول الطعام

ثانياً:القواعد الصحية

ثالثاٍ:تحريم الخبائث

رابعاٍ:تحليل الطيبات

خامساً:تحريم المذهب النباتي

سادساً :أثر الغذاء في الطباع

نظرة تشريحية ـ وظيفية

يعتبر الفم القسم الأول من انبوب الهضم،وعملية الهضم في الفم تتناول مضغ الطعام،وهذا له علاقة رئيسية بالأسنان والغدد اللعابية .

وتقسم الأسنان الدائمة حسب هيئها وعملها إلى ثلاثة أقسام:

1 ـ القواطع:Incisor:

وتستقر في منتصف القوس السنية،وعددها أربعة في كل فك:اثنان في الناحية الأنسية وهما الثنيتان،واثنان في الناحية الوحشية وتسمى الرباعيتان.

2 ـ الأنياب:وتستقر وحشي القواطع وهي في كل فك اثنان أيمن وأيسر

3 ـ الطواحن(الرحى):Mogar:

وتتوضع خلف الأنياب وتعد عشرة في كل فك خمسة في الأيمن وخمسة في الأيسر،وتقسم إلى طواحن أمامية وتسمى الضواحك،وخلفية تسمى النواجذ.

إن جوف الفم واللسان تغطيهما بشرة مخاطية غنية بالألياف الانتهائية العصبية التي تشارك في حس اللمس والألم والحرارة،بالإضافة إلى براعم الذوق التي تغطي سطح اللسان.وعند دخول الطعام إلى تجويف الفم فإن السيالات العصبية من هذه النهايات العصبية وكذلك من المنطقة الشمية تنقل الإحساس إلى المراكز العليا في الدماغ حيث تبدأ عملية المضغ،ومن ثم البلع.والمضغ يساعد على تمزيق الطعام وسحقه وتشارك في ذلك العصارات اللعابية حيث تقوم بترطيبه وبذا يتحول إلى لقمة طعامية قابلة للبلع.وإن المضغ الجيد يعتبر عامل أساسي ،ولهذا لابد من الاعتناء بصحة الأسنان،وإلا فإن الاصابات السنية وفقد الاسنان (الدرد) يؤدي لصعوبات كبيرة في الهضم.

الغدد اللعابية:

1 ـ الغدة النكفية:وهي من أكبر الغدد اللعابية،ويمر من خلال الغدة الشريان السباتي الظاهر والوريد الوداجي الظاهر وكذلك العصب الوجهي،ولهذا أهمية خاصة حيث أن ضخامات الغدة الاتهابية أو الورمية تسبب انضغاط العصي وحدوث اللقوة.

2 ـ الغدة تحت الفك:وهي أصغر حجماً.

3 ـ الغدة تحت اللسان.

الهضم اللعابي:يفرز اللعاب عند الإنسان بصورة رئيسية من خلال ثلاثة أزواج من الغدد وهي:النكفية،وتحت الفك،وتحت اللسان.

تحتوي الغدة النكفية على خلايا مصلية تفرز اللعاب وهو سيال مائي ورائق وقليل اللزوجة،ولكنه غني بخميرة الأميلاز.وتوجد خلايا مخاطية ذات افراز مخاطي لزج،وغني بمادة المخاطين.

تفرز الغدد اللعابية أثناء الراحة عند الإنسان كميات بسيطة جداً من اللعاب،ولكن دخول الطعام إلى تجويف الفم يسبب افرازاً غزيراً بصورة انعكاسية وبسبب تنبيه براعم الذوق وبواسطة تنبيه النهايات العصبية الحسية،وخاصة مع حركة عضلات المضغ.

يتألف اللعاب من حوالي 90% من الماء،والباقي مركبات شاردية،وبروتينات سكرية،وخمائر ومواد مضادة للجراثيم مثل الغلوبولين المناعي،والليزوزيم.

إن اللعاب المستحصل عليه من الغدد اللعابية يمتاز بأنه لزج عديم اللون،شفاف،ويفرز بكمية تعادل حوالي 750ـ 1000 مل في اليوم.وتساهم الغدة تحت الفك بنسبة 70% والنكفية 25% وتحت اللسان بنسبة 5% فقط.وينعدم تقريباً افراز اللعاب أثناء النوم.

ويحتوي اللعاب على مادة غليكو بروتين المخاطين والذي يعطي اللعاب لزوجيته.ويحتوي أيضاً خميرة اللعابين،والأميلاز.وخميرة اللعابين تنشط بوجود الكلور كوسيط وتساعد على تقويض النشاء  إلى سكر الشعير(المالتوز).

وظائف اللعاب:

1 ـ ترطيب اللقمة الطعامية:وخاصة الطعام الجاف،وبهذا يسهل عملية البلع.

2 ـ يمنع جفاف الفم ويساعد في الحفاظ على رطوبة تجويف الفم.حيث يغطي اللعاب جدار الفم الداخلي ويعمل بشكل آلي على الحفاظ عليه من التآكل والتلف خلال عمليات المضغ والبلع والتحدث.

3 ـ يسهل الكلام وهذا دور آلي هام للعاب

4 ـ المساعدة في هضم الطعام لوجود خمائر مثل اللعابين  والأميلاز،التي تساعد في هضم النشاء.حيث أن 50% من النشا يجري هضمه في الفم.كما يحتوي اللعاب على خميرة الليباز اللعابي الذي يساعد على هضم المواد الدسمة.

حيث أن الخمائر الهاضمة في اللعاب تقوم بتفكيك المواد النشوية،والدهنية،وتحولها إلى مواد أولية بسيطة،يسهل بلعها وهضمها.

5 ـ يلعب اللعاب أيضاً دوراً هاماً في نزع بقايا الطعام العالقة بين الأسنان،وبالتالي يساعد في الحفاظ على صحة الأسنان.

6 ـ صفات قاتلة للجراثيم:والتي تقوم بها مجموعة من الخمائر الحالة للبروتينات في اللعاب،

6 افراغ بعض المواد ومنها:الرصاص والزئبق واليود.

7 ـ يساعد في تنبيه براعم الذوق حيث أن اللعاب كَمُحل  للمركبات يساعد في تنبيه براعم الذوق.وهذه البراعم لا تعمل إلا إذا كانت المادة بشكل سائل محلول.وقد تبين أن اللعاب يحتوي خميرة الأنهيدراز الكربوني الذي ينبه البراعم الذوقية في السان.ومن المعروف أن الأشخاص الذين يعانون من قلة افراز اللعاب يشكون من خللاً في عملية التذوق.

8 ـ يحتوي اللعاب على ثلاثة أجهزة دارئة: البيكربونات،والفوسفات،والمخاطين.ويعتبر الأول أفضلها.وحيث يعمل اللعاب على الحفاظ على حامضية الفم بشكل ثابت ومعين حتى لاينمو فيه الجراثيم.والوضع المثالي لتجويف الفم يكون بدرجة حموضة ضمن المجال 6،2إلى 7،4.

ويهدف المضغ إلى مزج الطعام مع اللعاب،وبذلك تصبح مادة وخميرة اللعابين بتماس مع النشاء،ويتم بصورة جزئية هضم مادة النشاء،لأن الطعام لا يبقى إلا فترة وجيزة في تجويف الفم.ويساعد أيضاً في عملية الهضم خميرة الأميلاز اللعابية.

ولقد تبين أن الغدد اللعابية تأخذ كمية كبيرة من اليود من المصورة الدموية(البلاسما)وقد يكون بشكل يماثل الغدة الدرقية.وهذا اليود لا يضيع من الجسم وإنما يعاد امتصاصه في الأمعاء الدقيقة بعد بلع اللعاب.

وبالرغم من أن العديد من الأدوية قد تؤثر على افراز اللعاب،فإن مادة الأتروبين تعتبر من أفضل المركبات التي تنقص من افراز اللعاب لأنه يعاكس عمل الأستيل كولين الذي ينطلق مع السيالات العصبية التي تنبه افراز اللعاب.وهنا يجب الانتباه عند اعطاء بعض المركبات الدوائية لأنها تسبب جفاف الفم وخاصة مضادات الكولينرجي والتي تعطى في أمراض التهاب القصبات المزمن.

2 ـ البلعوم:

وهو انبوب عضلي عريض يبلغ طوله حوالي 12 سم،ويقع خلف الحفرة الأنفية (البلعوم الأنفي) وخلف الفم(البلعوم الفمي) وخلف الحنجرة(البلعوم الحنجري) وهو يقوم بنقل الهواء من وإلى الحنجرة،ونقل الطعام إلى المري ويقوم البلعوم الفمي بالوظيفتين معاً.

3 ـ المري:

انبوب غشائي عضلي،واسع يبلغ طوله حوالي 25سم،ويمتد من البلعوم وحتى المعدة،ويجاوره الرغامى في الأمام .ويتوضع المري في قسمه الأعظم في المنصف الخلفي.ولايوجد في المري طبقة مصلية.ويغطيه فقط نسيج ليفي منصفي،وإن غياب الطبقة المصلية وعدم توفر التغذية الدموية الخاصة بالمري يسهل انتشار الإنتان،ويخلق صعوبات جراحية.

يتضيق المري حذاء ثلاث مستويات: حذاء الغضروف الحلقي وحذاء قوس الأبهر،وحذاء الحجاب الحاجز.وهذه التضيقات الثلاثة تشكل أكثر الأماكن حساسية للمرض والاجتياح من قبل الأجسام الأجنبية.

ويفصل المري عن المعدة مصرة الفؤاد،والتي في حال عدم انغلاقها تماما يحدث القلس المعدي المريئي.

فيزولوجيا البلع:

يتم البلع وهو تقدم المواد الغذائية من تجويف الفم وحتى مصرة الفؤاد في المري بثلاثة مراحل:

1 ـ المرحلة الفمية:ينغلق الفم وتتحمع اللقمة الطعامية في السطح العلوي من اللسان،ويتمدد الخدلن،ومن ثم تندفع اللقمة الطعامية باتجاه الحلقوم.وذلك بارتفاع اللسان نحو الأعلى وانجذابه نحو الخلف بواسطة العضلة الضرسية اللامية ،وفي نفس الوقت يرتفع شراع الحنك ويقترب من جدار البلعوم الخلفي والذي يقترب نحو الأمام بسبب تقلص العاصرة العليا،وهكذا ينغلق البلعوم الأنفي ويتوقف التنفس،وترتفع الحنجرةمع تقدم اللقمة الطعامية باتجاه اللسان البلعومي،وعندها يصبح البلع لا إرادياً،وبما أن البلعوم الفمي ممر هوائي ـ غذائي فإن المرحلة التالية تتطلب انغلاق الممر الهوائي وبقاء الغذائي.

2 ؤـ المرحلة البلعومية:يتم ارتفاع الحنجرة نحو الأعلى بسبب ارتفاع العظم اللامي نحو الأعلى والامام،وينغلق لسان المزمار،وتلتحم الحبال الصوتية،وينسد بالتالي فتحة المزمار،ويتوقف التنفس ويحدث ارتفاع هام في الضغط في البلعوم الأنفي المغلق وتنفتح الثقبة الداخلية لنفير أوستاش.وتمر اللقمة الطعامية في الميزابة البلعومية ـ الحنجرية ومنه إلى المري.

3 ـ المرحلة المريئية:حيث يمر الطعام في المري بسبب موجات من تقلصات عضلات المري وهذه التقلصات يسيطر عليها مجموعة من الأعصاب وخاصة الأعصاب الخامس والتاسع والعاشر من الأعصاب القحفية.وإن كمية صغيرة من الهواء تبتلع مع كل لقمة طعامية وهي التي تكون جيب الهواء في قاعدة المعدة.ويحدث التجشؤ بسبب طرد الهواء المتجمع في المعدة من خلال فوهة الفؤاد إلى خارج الجسم.وفي حالات قصور عمل مصرة الفؤاد يحدث القلس المعدي المريئي وهو اندفاع كميات من حموضة المعدة إلى المري وهذا يسبب تخرشاً والتهاباً في غشاء المري المخاطي.

4 ـ المعدة:

تعتبر المعدة من أكثر أعضاء الجسم قدرة على التوسع والتمدد،حيث يبلغ حجم المعدة المسترخية الفارغة حوالي 75 ميلي لتر،وعند دخول الطعام تتمدد لتحتوي على حوالي اللتر من الطعام.ويبلغ الحد الأقصى لحجم المعدة عند البالغين 2 ـ 4 لترات.

تتألف المعدة تشريحياً من:

1 ـ قاع المعدة:Fundus:

2 ـ جسم المعدة

3 ـ غار المعدة:Antrum

4 ـ البوابPylorus

إن هذا التقسيم التشريحي والشعاعي ذو أهمية وظيفية. فحذاء الفؤاد فإن الغدد المعدية تفرز المخاط فقط،وأما جسم وقاع المعدة فتشكل أربعة أخماس مخاطية المعدة،وتحتوي على الغدد القاعية والتي تبطنها ثلاثة نماذج من الخلايا:فخلايا عنق الغدة تشغلها خلايا مفرزة للمخاط،وأما خلايا قاع الغدة فتشغلها الخلايا الهامشية الإيوزينية والتي تفرز العامل الداخلي الذي يساعد على امتصاص الفيتامين ب12.وأما البواب والغار فتشغلهما الغدد البوابية وهي غدد مفرزة للمخاط فقط،وإن 15% من القرحات الهضمية المعدية تشاهد في منطقة الغار والبواب،ربما بسبب أن هذا الجزء غير المفرز للأحماض شديد الحساسية للتأثير المخرش لحامض كلور الماء الذي يتشكل في قاع وجسم المعدة.

تتصل  المعدة بالأعلى بالمري عن طريق مصرة الفؤاد،والذي يدفع إليها الطعام والذي يتحول بواسطة افرازاتها وخمائرها وحموضتها إلى سائل لبني يدعى الكيموس.ويتم دفع الكيموس وعلى دفعات باتجاه القسم العلوي من العفج من خلال فتحة البواب التي تفصل المعدة عن الاثني عشر أو العفج.وهذه الفتحة أو مصرة البواب تتحكم في دخول الطعام ودفعه باتجاه العفج.أي أن هناك مصرتان:مصرة الفؤاد بين المري والمعدة،ومصرة البواب بين المعدة والعفج.

ويوجد في الغشاء المخاطي للمعدة مجموعة من الخلايا لها دور في العمل الافرازي وأهم هذه الخلايا:

1 ـ الخلايا الأصلية أو الرئيسية:وهي الخلايا المفرزة للهضمين(الببسين)وتقع تحت اشراف العصب المبهم وهو يحرر الأستيل كولين أي نظير الودي.وهو الذي يقوم بهضم البروتينات.

2 ـ الخلايا الهامشية أو القاعدية:وهي التي تفرز حمض كلور الماء وتفرز مواداً أخرى ومنها حاثة داخلية(العامل الداخلي) ضرورية لامتصاص الفيتامين B12من جدار المعدة.وتوجد بشكل خاص في قاع وجسم المعدة.

3 ـ خلايا مفرزة للمخاط وتوجد مبعثرة بين الخلايا الهامشية .وكذلك توجد خلايا مفرزة للمخاط في منطقة البواب.وتوجد بكمية كبيرة في ناحية الفؤاد.وهذه الخلايا بإفرزها للمخاط تحمي الجدار الداخلي للمعدة من التآكل بسبب حموضة المعدة والخمائر الحالة.

4 ـ الخلايا المحبة للفضة:وهي تفرز هرمون السيروتونين الذي يسبب تقبض الأوعية الدموية ويرفع التوتر الشرياني.

5 ـ الغدد البوابية:توجد في غار البواب وتفرز هرمون الغاسترين من خلال خلايا خاصة.

فيزيولوجية المعدة:

للمعدة وظائف عديدة:

1 ـ خزن الطعام المؤقت وتنظيم مروره إلى العفج على دفعات بحيث أن هذا يساعد على الهضم والامتصاص السريع للطعام.وهذا يتم من خلال تقلص عضلات المعدة.وقد لوحظ أنه عند دخول الطعام إلى المعدة فإن الامتلاء يقع على عاتق الإنحناء الكبير لجسم المعدة والقاع،بينما لا يبدي الأنحناء الصغير أي تبدل،والتقلصات تبدأ من الجسم باتجاه بواب المعدة،وتبلغ حوالي 3 تقلصات في الدقيقة.

2 ـ تحويل الطعام إلى الكيموس وهو السائل اللبني المعدي،وهذا السائل يسهل امتصاصه من الامعاء الدقيقة.وهذا يتم من خلال الإفرازات لحمض كلور الماء والإفرازات الهرمونية والمخاطية.

3 :انقاص وإتلاف الأجسام والعوامل الضارة بسبب البيئة الحامضية لعصارة المعدة.

4 ـ افراز هرمون الغاسترين وكذلك افراز ما يسمى العامل الداخلي.

ويتم تعصيب المعدة من خلال العصب المبهم وهو نظير الودي ويفرز الاستيل كولين.ولقد لوحظ ازدياد في حركة تقلص عضلات المعدة بعد الصيام المديد.كما لوحظ أيضاً أن الانفعالات الشديدة تؤثر على سرعة الانفراغ المعدي،وفي حالات الخوف الشديد قد يبقى الطعام لعدة ساعات في المعدة.

عند دخول الطعام إلى المعدة تطلق المعدة خمائر البروتياز ومنها الببسين الذي يحطم البروتينات إلى عديدات الهضميد،وكذلك من خلال حمض كلور الماء.ويتم تحريك الطعام من المعدة إلى العفج في نفس الوقت بسبب تقلص عضلات المعدة الملساء،وفي نفس الوقت يتحول الطعام إلى الكيموس الذي يسهل نقله إلى العفج.ويتم هضم الطعام في المعدة في مدة تتراوح بين أربعين دقيقة إلى عدة ساعلات حسب كمية الوجبة الطعامية ومحتواها.

ويعمل حمض كلور الماء على قتل الجراثيم داخل المعدة أو يثبط نموها،وكذلك فإنه يوفر الوسط الحمضي اللازم لعمل خمائر البروتياز.كما أن حمض كلور الماء يساعد على تحويل خميرة الببسوجين إلى شكلها الفعال:الببسين.

الإفرازات المعدية:

1 ـ الإفراز المخاطي:وهذا التركيب المخاطي يعدل من حموضة المعدة وخاصة عند دفع الطعام باتجاه العفج ذو الطبيعة القلوية.

2 ـ العامل الداخلي:وتشكله الخلايا الهامشية،وهو يساعد على امتصاص الفيتامين ب12.وفي حالات فقر الدم الخبيث بعوز الفيتامين ب12 لوحظ وجود أجسام مادة للعامل الداخلي في الدوران الدموي.

3 ـ الإفراز الحمضي:حيث يتم تشكيل حمض كلور الماء بواسطة الخلايا الهامشية،ويفرز هذا الحمض من قاع وجسم المعدة فقط حيث تغزر الخلايا الهامشية.وهذا الحمض لا يتشكل في عيولى الخلايا وإنما في أقنيتها فقط .

4 ـ الإفراز الخمائري:حيث يتم إفراز خميرة الهضمين(الببسين)،وتعتبر الخلايا الرئيسية ف قاع الغدد المعدية المصدر الرئيس لطلائع هذه الخميرة.وهذه الخميرة تساعد على تقويض الطعام وهضمه.

كما تفرز المعدة هرموناً آخر هو الغاسترين.وهذا الهرمون يؤدي إلى زيادة افراز حمض كلور الماء من الخلايا الهامشية،ويؤدي إلى زيادة افراز الببسينوجين من الخلايا الرئيسية في المعدة.كما أنه يسبب زيادة حركية المعدة.

ولقد لوحظ أن الانفعالات الناجمة عن الحزن الشديد أو الخوف،والشعور بالغثيان تترافق مع نقص الإفراز الحمضي.

وبشكل عام لا يحدث امتصاص للطعام بشكل يذكر من حلال المعدة،ولذا فإنه في حالات التسممات بأشكالها المختلفة ينصح بإجراء غسيل المعدة وبسرعة قبل أن يصل المادة السمية إلى العفج.ولكن هناك بعض المواد قد تمتص من خلال الغشاء المخاطي للمعدة ومنها:بعض الأدوية مثل الأسبرين،والأحماض الأمينية.

وكذلك فإن هناك افرازات أخرى تتحكم في المعد المعدة ومنها:

1 ـ الكوليسيستوكين:وهو هرمون ذو تأثير كبير على تقلصات المرارة،ويزيد من إفراز عصارة البنكرياس.ويتم تصنيعه في خلايا الأمعاء الدقيقة.

2 ـ السيكرتين:ذو تأثير كبير على إفرازات البنكرياس ويقلل من إفراز الحمض المعدي.وهو يفرز من خلايا في الغشاء المخاطي للعفج والصائم.

3 ـ الغلوكاكون المعوي:يقلل من إفراز الحمض المعدي وحركة المعدة.

5 ـ الأمعاء الدقيقة:

وتنقسم إلى العفج(الاثني عشر)والصائم والدقاق.ويبلغ طولها عند الانسان حوالي ستة أمتار تقريباً.

ـ العفج:أو الاثني عشر:

يعتبر العفج أكثر أقسام الأمعاء الدقيقة ثباتاً،يبلغ طوله حوالي 25 سم،ويمتد من البواب في المعدة،وينتهي بالقسم الثاني من الأمعاء الدقيقة والمسمى بالصائم.ويستقبل العفج الكيموس المعدي كما تصب فيه العصارات الهضمية من البنكرياس والصفراء من الكبد.ويحتوي على غدد برونر ذات الافراز القلوي الغني بالمخاط والبيكربونات والتي تسا على تعديل حموضة الكيموس المعدي.

ـ الصائم:ويشكل النصف العلوي من عرى الأمعاء الدقيقة .وهو القسم المتوسط من الأمعاء الدقيقة،ويبلغ طوله حوالي متران ونصف،وفي هذا القسم من الأمعاء يتم امتصاص السكريات والحموض الأمينية،والحموض الدهنية.

ـ الدقاق:وهو يكمل الباقي من الأمعاء الدقيقة.ويمتاز بوفرة الأجربة اللمفية والتي تسمى صفيحات باير.

ومن الناحية الوظيفية للأمعاء الدقيقة:

تحتوي مخاطية الأمعاء الدقيقة على ما يسمى الزغابات المعوية،والتي يبلغ عددها حوالي خمسة ملايين،وإن كل مم مربع من المخاطية يحتوي 20 ـ 40 زغابة،وكل منها بطول مم واحد.وهذه الزغابات المعوية ذات دور هام في عملية الامتصاص للأغذية وتغيب في بعض تناذرات سوء الامتصاص.

ويوجد نوعان من الغدد:الغدد العفجية وتسمى أيضاً غدد برونر وهي ذات افراز قلوي يحتوي على المخاطين وعلى خمائر حالة للبروتينات.وهناك الغدد المعوية وتسى جويفات ليبركون وتوجد على طول الأمعاء الدقيقة وهي تفرز المخاط وعدداً كبيراً من الخمائر.كما توجد في غدد ليبركون الخلايا المحبة للفضة والتي تفرز مادة السيروتونين.

والخلايا المعوية هي خلايا شديدة النشاط والانقسام بحيث يقال أنه بإمكان مخاطية الأمعاء أن تتبدل كل عشرة أيام.

عندما يدخل الكيموس المعدي الحمضي إلى العفج فإنه يتم تعديله من خلال الافرازات البنكرياسية التي تصب في العفج والأمعاء الدقيقة،وبواسطة الصفراء التي تفرز من الكبد وتصب في الأمعاء الدقيقة،وأخيراً العصارات المعوية.ويتم تحطيم البروتينات في الكيموس وخاصة من خمائر الهضمين الثلاثية والكيموتربسين واللتان تقومان بتقويض البروتينات إلى هضميدات منفصلة،وهناك أيضاً تأثير خمائر أخرى مثل الأمينوبيبتيداز والكربوكسي بيبتيداز وهاتان الخميرتان تقومان بتشطير الحموض الأمينية.

أما السكريات التي تدخل العفج بشكل سكريات ثنائية مثل سكر الشعير(المالتوز)أو سكر القصب أو سكر الحليب(الاكتوز)فإنه يتم تقويضها إلى سكريات أحادية بفعل خكائر الاميلاز البنكرياسية،والخمائر الأخرى.

أما الدسم فإنها تتعرض لتأثير الخمائر الحالة للدسم ومنها الليباز البنكرياسية والمعوية،كما أن الاملاح الصفرواية تقوم في القسم العلوي من الأمعاء الدقيقة باستحلاب الدسم .

وبعد أن يتم تقويض البروتينات والسكريات والدسم إلى عناصرها الأولية،يتم امتصاصها في الامعاء الدقيقة من خلال الزغابات المعوية.وقد تبين أنه يحصل امتصاص سريع لبعض المواد في القسم القريب من الأمعاء الدقيقة وخاصة امتصاص الغلوكوز والحديد والفيتامينات المنحلة بالماء.وهناك الامتصاص البطىء الذي يتم في الأقسام البعيدة من الأمعاء الرقيقة وخاصة للشحوم،ويعلل ذلك بأن الشحوم تحتاج إلى فترة كي تتحول إلى مستحلب وبيئة قلوية وهذا لايتم بشسكل كامل إلا في الأقسام البعيدة من الأمعاء الدقيقة.وأما الفيتامين ب 12 فإنه يتم امتصاصه في الدقاق.وأما الأملاح الصفرواية فإنه يتم امتصاصها من القسم البعيد من الدقاق أيضا.

إن ثلث الأمعاء الدقيقة يستطيع الامتصاص،أما القسم الباقي فله دور خازن فقط.وإن استئصال 50% من الأمعاء الدقيقة ينقص من الامتصاص وخاصة للشحوم،أما السكريات والحموض الأمينية فيكون تأثرها بسيطاً.وإن امتصاص الفيتامينات المنحلة بالدسم والكلسيوم والبوتاسيوم والمغنزيوم يصبح ضعيفاً.

إن امتصاص الماء يحدث بصورة رئيسية في القسم العلوي من الأمعاء الدقيقة.

6 ـ الأمعاء الغليظة:

وتتألف من الأقسام التالية:

ـ الأعور:وهو عبارة عن رتج تبدأ به الأمعاء الغليظة في الحفرة الحرقفية اليمنى،ويبلغ طوله 5 ـ 7 سم،ويتصل مع الكولون الصاعد من جهة والنهاية الدقاقية للأمعاء الدقيقة.

وتتصل الزائدة الدودية مع السطح الخلفي الأنسي للأعور أسفل الدسام الدقاقي الاعوري.وهي عبارة عن رتج انبوبي ،وهي ليست ثابتة بل قابلة للحركة.

ـ القولون الصاعد:وهو الجزء الثاني من الأمعاء الغليظة،ويبلغ طوله 12 ـ 20 سم.

ـ القولون المعترض:ويبلغ طوله 40 ـ 50 سم،وهو أكثر أقسام الأمعاء الغليظة حركة.

ـ القولون النازل:ويبلغ طوله 30 سم.

ـ القولون السيني(السيغما) :يعادل طوله وسطياً 30ى سم،ويبدأ من نهاية القولون النازل وينتهي بالمستقيم.

ـ المستقيم:ويبلغ طوله 12سم تقريباً.

ـ القناة الشرجية:وهي نهاية الأمعاء الغليظة.ويبلغ طولها 4سم.

ومن الناحية الوظيفية:

يعتبر القولون عضو اختزان وامتصاص ولكنه ليس ضرورياً للحياة.

يمر يومياً حوالي 500 من الكيموس من الأمعاء الدقيقة إلى الأعور من خلال الدسام الدقاقي الأعوري.ويتناقص حجم الكيموس أثناء مروره في القولون بسبب امتصاص حوالي 350مل من الماء في الأعور والقولون الصاعد.ولكن هذا الامتصاص لا يعادل شيئاً أمام الامتصاص الحاصل في الأمعاء الدقيقة والذي يبلغ حوالي سبعة لتر.

إن الاسهالات المزمنة والتي تترافق مع فقدان السوائل والشوارد قد تكون مهددة للحياة،وخاصة عند الرضع.ويتم امتصاص كلور الصوديوم في القولون،وكذلك يمكن أن تمتص بعض الحموض الأميتية وبعض الأدوية،وبعض الستيروئيدات.ولكن لا يحصل امتصاص للبروتين أو الدسم أو السكريات أو الكلسيوم.ولايوجد افراز خمائري في القولون ولكن يوجد افراز مخاطي من خلايا الغشاء المخاطي.ويعمل الإفراز المخاطي كوسيلة مزلقة للغائط،وتعديل الحموضة التي قد تتشكل في الأمعاء الغليظة.

إن الأمعاء عند الوليد هي عقيمة من الناحية الجرثومية،ويطرح عند الولادة سائل أخضر يخرج مع البراز عند الوليد ويسمى العقي Meconium وذلك قبل أن يرضع الحليب،والعقي مادة لزجة تحتوي على أصبغة وأملاح صفراوية ومخاط وبعض الحموض وخلايا بشرية متوسفة.وبعد الإرضاع يصبح الغائط بلون أخضر طري يحتوي على الدسم ومادة الجبنين(الكازئين).

وبعد أيام من الولادة فإن الأمعاء الغليظة تستوطن بالجراثيم والتي تأتي إلى الطفل من مهبل الأم بعد الولادة ومن الغائط الذي يكون موجوداً في الأمعاء.

وفي الحالات الطبيعية فإن المعدة وبسبب حموضتها العالية والأمعاء الدقيقة وبسبب الخمائر التي تفرزها وهي مضادة للجراثيم فإن هذا يؤدي إلى عدم وجود الجراثيم فيهما،ولكن بعد استئصال المعدة يرتفع تركيز الجراثيم في الأمعاء الدقيقة.

وتوجد عند الإنسان الطبيعي والسليم مجموعة من المتعضيات وخاصة الباكتروئيد اللاهوائية،كما توجد العصيات القولونية،وتوجد أيضاً المكورات العقدية،وتعمل هذه الجراثيم على تخمير السكريات وتشكيل غاز الكربون والغازات الأخرى مثل الهيدروجين والميتان.

إن القسم الأكبر من الغازات في القولونات تأتي من الهواء الجوي،وإن الهواء المبتلع يصل إلى الاعور بعد 14 دقيقة .وفي الحالة الطبيعية فإن الغازات المعوية القولونية يتم امتصاصها أما القسم الباقي ويبلغ حوالي 500 مل في اليوم فإنه يمر إلى المستقيم ويخرج بشكل الريح(الغازات).

وهناك جراثيم حميدة توجد في الأمعاء تساعد على تشكيل بعض الفيتامينات وخاصة مجموعة الفيتامين ب المركب،كما أنها تساعد في تشكيل الفيتامين K

وأما الغائط فتختلف كميته يومياً تبعاً لنوع الوجبات الطعامية،ويبلغ حوالي 80 ـ 200غرام.وتفاعل الغائط قلوي خفيف،ولونه الاصفر يعود للأصبغة الصفرواية.وفي بعض الأمراض يتلون الغائط فيصبح بلون الزفت الأسود وخاصة في نزوف القسم العلوي من جهاز الهضم كما في قرحات المعدة النازفة أو دوالي المري النازفة،وقد يكون بلون الفخار في أمراض الكبد والأقنية الصفراوية بسبب غياب العصارات الصفراوية،ويصبح بلون أبيض في حالات الاسهالات الدهنية.ورائحة الغائط تعود لوجود المشتقات مثل الاندول،والسكاتول،وبسبب غازات تخمر السكريات.

تبلغ نسبة الماء في الغائط حوالي 60 ـ 80%.

7 ـ البنكرياس أو المعثكلة:

غدة هضمية مختلطة،حيث تفرز عصارتها الخارجية عن طريق قناتها إلى العفج،وهي أيضاً ذات إفراز داخلي حيث توجد فيها جزر لانغرهانس التي تفرز الانسولين من خلايا بيتا، وهرمون الغلوكاكون من خلايا ألفا.وله تأثير معاكس لعمل الانسولين أي يرفع سكر الدم..

وهي غدة كبيرة تقع خلف المعدة،وقريباً من الجزء الأول من الامعاء الدقيقة،وتتألف من رأس وعنق وجسم.وتقع خلف الصفاق أي البريتوان ولذا يصعب فحصها سريرياً وإن الأمراض التي تصيبها لا تكشف عادة إلا في مراحلها المتقدمة.وغالياً لا تظهر أعراض إصابتها إلا حين إصابة المجاورات التشريحية فمثلاً سرطان البنكرياس قد لا يكشف إلا عند إصابة العمود الفقري،أو انسداد المجاري الصفراوية أو بسبب اضطرابات معدية أو معوية.

إن القناة المفرغة الرئيسية للبنكرياس والتي تصب في العفج تسمى قناة ويرسنغ،وفي 60% من الحالات تتصل هذه القناة مع القناة الكبدية المشتركة ويشكلان القناة الجامعة.

يتراوح أقطار البنكرياس 15#5#2.وهي تجاور أحشاء عديدة مثل العفج،مجل فاتر،القناة الصفراوية المشتركة،الشريان المساريقي العلوي،وريد الباب،الطحال والفص الأيسر من الكبد.ولذا فإن التهابات أو أورام البنكرياس تؤثر في هذه المجاورات.

فيزيولوجيا الإفراز الخارجي للمعثكلة:

يبدأ الهضم عندما يصب الإفراز المعثكلي والصفراوي والمعوي.والعصارة البنكرياسية هي عصارة رائقة ذات تفاعل قلوي تحوي كميات كبيرة من الكربونات والبيكربونات.ويقد الإفراز اليومي بحوالي 1200 ـ 1500 مل.ودرجة الحموضة تبلغ 8،وبسبب احتوائها على البيكربونات بنسبة عالية فإنها تتمكن من تعديل الكيموس المعدي ذو التفاعل الحمضي الشديد.

وتفرز البنكرياس مجموعة من الخمائر الهاضمة وأهمها الكيمو تربسين،وله نفس تأثير التربسين الذي يفرز من الأمعاء الدقيقة.وتفرز البنكرياس أيضاً خميرة الكربوكسي بيبتيداز،وخميرة الليباز التي تحل الشحوم،وكذلك خميرة الأميلاز البنكرياسية التي تحل النشويات والسكريات.وبعد استئصال البنكرياس أو انسداد القناة البنكرياسية يتأثر هضم الشحوم والدسم،ولكن بشكل بسيط هضم البروتينات والسكريات.

8 ـ الكبد:والأقنية الصفراوية:

يعتبر الكبد أكبر غدد الجسم،حيث يصل وزنه إلى حوالي 1،5كغ،وهي غدة تقع في الربع العلوي من البطن الايمن,تحت الحجاب الحاجز.ويحاط الكبد بمحفظة تدعى محفظة غليسون.ويتألف الكبد من أربعة فصوص:الأيمن والأيسر والفص المذنب والفص المربع.وهو لايتجاوز الحافة الضلعية اليمنى السفلى،وإذا ما جُس أسفلها فإن هذا يدل على وجود تضخم في الكبد.أو على هبوطه.

يتألف الكبد من فصيصات لكل منها شكل مسدس الأضاع منتظم يشغل مركزه الوريد المركزي ويشغل المسافة بين الفصيصات الكبدية مسافة الباب أو المثلث البوابي والذي يحتوي وريد الباب والأقنية الصفراوية والشريان الكبدي.والكبد مزدوج التروية من وريد الباب والشريان الكبدي.

والخلية الكبدية خلية ناشطة وتعتبر محطة توليد الطاقة في الكبد وتشرف على استقلاب السكريات والشحوم والبروتينات،وتقوم بإنشاء الفيبروجين والألبومين،والبروثرومبين،وعدداً كبيراً من الخمائر،وتوم بعملية ضم الياقوتين(البيلروبين)،ونزع السموم من البدن،وخزن الغليكوجين والبروتين،والفيتامينات وبعض المعادن وخاصة الحديد.

والكبد من الأعضاء شديدة التعرض للتخرب، وعلى الرغم من ذلك فإن علامات قصور الكبد لاتظهر إلا بعد فترة طويلة وذلك بسبب وجود مدخر احتياطي كبير من الخلايا الكبدية،ولكن في بعض الحالات كالتسمات بالفوسفور أو رابع كلور الكربون،أو بسبب بعض الانتانات الفيروسية  قد تظهر أعراض قصور الكبد الحاد خلال فترة قصيرة.

وإن الوظائف الرئيسية للكبد تتجلى فيما يلي:

1 ـ استقلاب حواصل الهضم التي تأتيه من خلال وريد الباب.

2 ـ خزن وتحرير بعض المواد ومنها:الغلوكوز واالغليكوجين وبهذا يحافظ على نسبة سكر الدم.حيث أن الكبد يقوم باصطناع وتخزين حوالي 100 غرام من الغليكوجين عن طريق الغلكوز.كما أنه عند الضرورة يحول الغليكوجين إلى الغلوكوز.

3 ـ تركيب بعض المواد ،فالكبد يقوم باصطناع بعض البروتينات وخاصة تشكيل الألبومين.ويقوم بتصنيع مادة الانجيوتانسين المسؤول عن ضغط الدم.،ويقوم بإزالة سمية بعض المواد،ويحول البروتينات إلى سكريات.حيث يقوم الكبد بتشكيل الجلوكوز من بعض الحموض الأمينية وهذا ما يسمى استحداث السكر.

4 ـ تفكيك الكريات الحمراء التالفة.وكذلك تشكيل الكريات الحمراء.وعند الجنين فإن الكبد يشكل الكريات الحمراء عند الجنين في الثلث الأول من الحمل.

5 ـ يقوم الكبد بتشكيل عوامل تخثر الدم.وخاصة الفيبروجين،والبروثرومبين،والعاملV والعاملVIIوالعاملIXوغيرهم.كما أن الكبد يشكل هرمون الثرومبوبويتين والضروري لتشكل الصفيحات الدموية من قبل نقي العظم.

6 ـ يقوم الكبد بتشكيل الكولسترول،وتكوين الشحوم الثلاثية،ويتم تصنيع القسم الاكبر من البروتينات الشحمية في الكبد.

6 ـ يقوم الكبد بتحطيم كثير من الهرمونات ومنها الإنسولين،والهرمونات الاخرى،كمل يقوم بإزالة البيلروبين الناجم عن تخرب الكريات الحمراء وافرازه مع الصفراء،كما أن الكبد يساهم في إزالة سمية العديد من المركبات وخاصة الأدوية،والأمونيا،وكثير من السموم.

7 ـ الكبد مخزن هام لكثير من الفيتامينات ومنها الفيتامين A،والفيتامينDوالفيتامين B12والفيتامين k،وكذلك تخزين الحديد والنحاس.

إن جميع هذه الوظائف داخلية الإفراز،وبالإضافة إلى ذلك فإن الكبد وظائف خارجية الإفراز وتشارك بشكل رئيسي في عملية هضم الطعام،وخاصة هضم الشحوم وذلك بإفراز عصارة الصفراء.

ويقال أن الكبد مسؤول عن ما يصل إلى 500 وظيفة منفصلة.

فيزلوجيا الكبد الخارجية:وإفرز الصفراء:

تفرز الخلايا الكبدية عصارة الصفراء،وهي عبارة عن سائل لزج قلوي التفاعل،بلون أصفر ذهبي،وذو طعم مر،ويعادل الإفراز اليومي حوالي 500 ـ 1000مل،وتتركب عصارة الصفراء من:الأملاح الصفراوية وتسمى غليكوكولات الصوديوم،وكذلك من الحموض الصفراوية وخاصة منهاغ الكوليك أسيد،.

تمتاز الأملاح الصفراوية بأربعة خصائص رئيسية:

1 ـ أنها تتفاعل مع كثير من الموادوخاصة حمض الشمع،والكولسترول،والفيتامينات المنحلة بالدسم،وتشكل منها معقدات منحلة في الماء.وإن تشكيل هذه المعقدات يعتبر عملية هامة من أجل امتصاص هذه المواد من الامعاء الدقيقة.

2 ـ تقوم الأملاح الصفراوية بخفض التوتر السطحي وهذا يساعد في عمل خميرة الليباز،وفي حال حدوث بعض الأمراض مثل اليرقان الانسدادي فإن هضم الدسم لايحصل وتحدث تخمرات وتفسخات في الامعاء وخاصة أن الأملاح الصفراوية تلعب دوراً هاماً في القضاء على الجراثيم،ويحدث ما يسمى التغوط الشحمي وهو مميز لليرقان الانسدادي.

3 ـ تقوم الأملاح الصفراوية بتنشيط خميرة الليباز في الامعاء الدقيقة،وهذا عمل خاص بها في حل الدسم.

4 ـ إن كمية الأملاح الصفراوية المطروحة مع الغائط كمية صغيرة جداً وإن 90% من الاملاح الصفراوية يعاد امتصاصها في الامعاء الدقيقة وتعود إلى الكبد عن طريق الدوران البابي(وريد الباب)ليعاد افراغها مع الصفراء وهذا ما يسمى:الدارة المعوية ـ الكبدية.وتحدث هذه الدارة كل 8 ـ 16 ساعة.ويتخرب قسم من الأملاح الصفراوية في الأمعاء بسبب المتعضيات الدقيقة،وقسم منها يطرح مع البراز.وإن وجود الدارة المعوية ـ الكبدية ووجود الأملاح الصفراوية فيها يلعب دوراً في تحفيز إفراز الصفراء المستمر من قبل الخلايا الكبدية.

كما أن هرمون السيكرتين يحث المعثكلة على الإفراز،وكذلك يحث الكبد على إفراز الصفراء.

المرارة والجهاز الصفراوي:

هي كيس عضلي غشائي يقع ضمن حفرة على الوجه الإنسي من الفص الأيمن الكبدي.

تصدر عن كل فص من الكبد قناة كبدية وهي تتحد جميعاً لتشكل القناة الكبدية الجامعة وهي تتحد مع قناة المرارة ليشكلان القناة الصفراوية الجامعة.وهي تصب على القطعة النازلة من العفج من خلال توسع في نهايتها يدعى مجل فاتر.

تقوم المرارة باختزان الصفراء،وتكثيفها وتنظم إفراغها إلى العفج.وهي تقع أسفل الكبد،وتقوم بتفريغ الصفراء المتشكلة في الكبد والمخزونة فيها عبر القناة التي تصب في الاثني عشر وتساعد الصفراء خاصة في هضم الشحميات.وقد تتشكل فيها حصيات كولسترولية أو بسبب مادة البيلوروبينوالناجم عن تحطم الهيموغلوبين،وهذه الحصيات تسبب آلاماً والتهاباً في المرارة قد يستدعي استئصالها جراحياً.

الاستقلاب الغذائي:

تتكون الأغذية الداخلة للجسم من البروتينات،والسكريات والشحوم،والفيتامينات والمعادن،وهذه يتم عليها عملية الاستقلابMetabogism بعد دخولها إلى الجسم وقبل أن ندخل في التفاصيل لابد من الحديث عن العنصر الهام في الجسم والذي تتم فيه عملية الاستقلاب ونعني بها الخلية.

تتكون الخلية البشرية من نواة Nucleus وهي بشكل دائري أو بيضاوي،وتحتوي النواة على كروماتين دقيق مبعثر ضمن العصارة النووية،ويحيط بها غشاء أملس.وقد يشاهد فيها نوية أو أكثر.ولكن هذه النويات لاتوجد في كل الخلايا،وهي تشاهد خاصة في الخلايا ذات النشاط الانقسامي الواضح.

وبالمجهر الالكتروني يبد غشاء النواة وفيه مسام،ويتمادى الغلاف الخارجي للغشاء المووي مع الشبكة الهيولية الباطنة،وهذا التصال يفسر لنا دخول بعض مكونات الهيولى الخلوية إلى داخل النواة.وبينت الدراسات أن الكروماتين داخل النواة يحتوي مادةDNAبينما داخل النوية يحتويRNA.

وأما الهيولى الخلوية(السيتوبلاسما) فهي تحتوي على عدة مكونات أهمها:

ـ المتقدرات(الميتوكوندريا):وعددها يختلف من خلية لأخرى،وهي عناصر توليد القدرة في الخلية،ويتم توليد القدرة واختزانها بشكلATP ،وهذا المدخر يستطيع أن يعطي القدرة لربط الحموض الأمينية مع بعضها،وبالتالي إنشاء البروتينات.

ـ وهناك في الهيولى الشبكة الهيولية الباطنة:وعليها توجد حبيبات الRNAومايسمى الريبوزومات،وعليها تنتظم الحموض الأمينية قبل أن يتم تفعيلها وربطها ببعضها.

ـ جهاز غولجي:وله علاقة بعمل الشبكة الهيولية الباطنة والمساهمة في الفعالية الإفرازية للخلية.

ـ الجسيمات الحالة(الليزوزوم):وهي تحتوي خمائر عديدة ومنها الكاثايبسين،والريبونيوكلياز والفسفاتاز،…

ـ الجسيم المركزي:ويوجد بالقرب من النواة ويلعب دوراً في الانقسام الخيطي للخلية.

يحيط بالهيولى غشاء خلوي يحتوي على ثلاث طبقات

ـ استقلاب البروتينات:

تعتبر البروتينات من أهم المقومات الخلوية،وإن الوحدة الرئيسية في تركيب البروتينات هو الحمض الأميني،ويوجد هناك ما لايقل عن 20 من الحموض الامينية المختلفة.

وتقسم الحموض الأمينية إلى :

1 ـ الحموض الأمينية المعتدلة:ومن أشهرها:الغليسين،والألانين،والسيرين،والثريونين،والفالين،واللوسين،والتربتوفان

والغليسين يعتبر من أبسط الحموض الأمينية،ويلعب دوراً في تشكيل نواة البورين والبورفيرين وفي بناء الهيموغلوبين أي خضاب الدم.

وأما الألانين فهو يساهم في تشكيل الغليكوجين،وضروري لتشكيل حمض البانثويك .

وأما التربتوفان فهو يعتبر طليعة تشكل هرمون السيروتونين.

وأما الفنيل ألانين والتيروزين فهما طليعة تشكل الهرمون الدرقي(التيروكسين)وكذلك الأدرنالين والنور أدرنالين، وكذلك في تركيب الميلاتونين والقتامين.

2 ـ الحموض الأمينية الحمضية:ومنها حمض الأسبارتيك،وحمض الغلوتاميك،

3 ـ الحموض الأمينية الاساسية:ومنها حمض الأرجانين،والهيدروكس ليزين..

4 ـ الحموض الأمينية الكبريتية:ومنهاالسيستين،والميثونين…

5 ،ـ الحموض الأمينية الحلقية:ومنها الفنيل ألانين،والثيروسين،والهستيدين،والثيروفان،والبرولين.

ومن اتحاد الحموض الأمينية تتشكل مايسمى الهضميداتPeptides وهي مركبات هامة في تشكيل العديد من الهرمونات كالانسولين والغلوكاكون والبرادي كينين والكاليدين…وكذلك الصادات الحيوية.

وأما البروتينات فهي عبارة عن عديدات الهضميدات ولكن بأوزان كبيرة،وهي تشكل معظم الخمائر.وإن الوزن الجزيئي للبروتينات يتراوح ما بين 6000 للإنسولين إلى 60 ألف للالبومين،وإلى 700 ألف للميوسين.وإن بهض البروتينات مثل ألبومين المصل تحتوي جميع الحموض الأمينية،بينما الإنسولين لا يحتوي بعضها،وبعض البروتينات لاينحل في الماء مثل القرنين(الكيراتين) الموجود في الأشعار والأظافر،وبعضها ينحل في الماء مثل الألبومين.

ويعتبر أهم مركز لاصطناع البروتينات وخاصة الألبومين والفيبروجين خلايا الكبد،وأما الغلوبولين فيتم تشكيله في النسيج الشبكي واللمفاوي،وأما الأضداد المناعية فيتم تشكيلها في الخلايا المصورة(Pgasma cells).

إن الجسم الإنساني يختزن السكريات والشحوم،ولكنه لايختزن الحموض الأمينية أو البروتينات.

ومن الأغذية الغنية بالبروتينات نذكر الحليب(وخاصة حليب الأم للأطفال الرضع والذي يعتبر غنياً بالبروتين والكلسيوم والفسفور وكذلك بعض الفيتامينات)،وكذلك البيض فهو غني بالبروتين والفيتامينات والمعادن،وكذلك اللحوم والأسماك…

استقلاب السكريات أو الكربو هيدرات:

وهي تقسم إلى :

! ـ وحيدات السكريات:

وتضم سكر العنب(الغلوكوز) وسكر الحليب(اللاكتوز)…

والغلوكوز سكر أحادي ينحل في الماء،وهو بالإضافة إلى وجوده بشكله الحر،يوجد بأشكال متحدة في بعض المدخرات داخل الجسم ومنها مولد السكر(الغليكوجين)،وسكر العضلات.كما أنه يوجد في تركيب النشاء والسكر الخلوي(السللوز).

2 ـ سكر الحليب(الغالاكتوز):وهو يدخل في تركيب سكر اللبن(اللاكتوز) وفي بعض الشحوم المعقدة،وفي بعض البروتينات.

3 ـ سكر المن:(المانوز) وهو يدخل في صنع بعض عديدات السكاريد ومنها حمض السيالي.

4 ـ سكر الفواكه(الفركتوز) ويوجد بشكل رئيسي في الفواكه،والشهد(العسل)ويوجد في تركيب العصارة المنوية.

2 ـ السكاكر الثنائية:

وأشهرها:

1 ـ سكر الشعير(المالتوز):وهو يتألف من ارتباط جزئين من سكر العنب.

2 ـ سكر اللبن (اللاكتوز) ويوجد في الحليب،ويصطنع في غدة الثدي،ويتكون من سكر العنب وسكر الحليب.

3 ـ سكر القصب(السكاروز):ويوجد في كثير من النباتات ويتألف من ذرتين من سكر العنب،مع سكر الفواكه.

3 ـ عديدات السكاريد:

وهو اتحاد عدد كبير من السكاكر البسيطة.وهي ذات أوزان مرتفعة،وبعضها لا ينحل في الماء،ومن أشهرها:

1 ـ مولد السكر(الغليكوجين):وهو الشكل الذي يختزن به السكر عند الإنسان.ويتم تحويل الغلوكوز إلى الغليكوجين في خلايا الكبد،وفي العضلات،ويختزن هناك حتى يحتاج الجسم إلى سكر العنب من جديد،فيتم تقويضه.وهو ينحل في الماء،بنسبة 20%.

2 ـ النشاء:Starch:وهو الشكل الذي يختزن به السكر عند النبات،ويسمى السكر النباتي.ويوجد بشكل رئيسي في البطاطا.

3 ـ سكر السيللوز:وهو يشكل النسيج الداعم في النباتات،وهو لا ينحل في الماء،وهو لا يتم هضمه عند الإنسان،لأنه لا توجد خمائر هاضمة له،وتوجد عند بعض الحيوانات العاشبة.

4 ـ مركبات الديكسترينات:

5 ـ الإينولين:ويوجد في الخرشوف(الأنجينار،وفي نبات الأضاليا،وهو يستعمل في الطب من أجل تقدير التصفية الكلوية.

4 ـ عديدات السكاكر المخاطية:

وهي مركبات ذات أهمية كبيرة،تحتوي على السكاكر الأمينية،والحموض الأورونية.وتشمل بعض المركبات الهامة في الجسم ومنها الهيبارين المضاد للتخثر والذي يصنع في الكبد،ومنها بعض الزمر الدموية وخاصةA،والبروتينات المخاطية والتي توجد في الغدة تحت الفك،وفي جهاز الهضم،والعظام والنسيج الضام.ويعتبر الكوندريوتين من أشهر هذه المركبات في الغضاريف والعظام،ودسامات القلب،والأوتار وقرنية العين.

وتشمل البروتينات المخاطية مادةالمخاطينMucine،وحمض الهيالورونيك،والكوندريوتين،وكما ذكرنا الهيبارين.

التنظيم والإشراف على استقلاب السكريات:

تمتص السكاكر من الأمعاء الدقيقة بشكل سكاكر بسيطة أحادية،وهذا الامتصاص يتم بآلية فاعلة، أو بواسطة الانتشار.ولا علاقة للإنسولين بهذا الامتصاص.وعندما يصل سكر العنب (الغلوكوز) إلى الدوران البابي فإن القسم الأعظم منه يبقى بحالة ثابتة،بينما يتحول قسم صغير إلى حمض اللبن.أما سكر الفواكه(الفركتوز) وسكر الحليب(اللاكتوز) فإن قسماً منهما يتحول إلى سكر العنب، والقسم الآخر إلى حمض اللبن.

إن المصدر الرئيسي للسكريات يأتي عن طريق الغذاء والذي يحتوي على النشويات وأيضاً سكر القصب وسكر اللبن.ومن أكثر الاغذية غنى بالسكريات نذكر الدقيق والمعجنات والخبز والبطاطا والمعكرونة…

ويتم هضم النشاء وسكر القصب واللبن بعد تحويلها إلى سكاكر أحادية:أي سكر العنب،وسكر الفواكه،وسكر الحليب,وهذه تمتص بالدوران الوريدي لتذهب إلى الكبد عن طريق وريد الباب،ويتم تحويل سكر الحليب والفواكه بواسطة الخمائر الكبدية إلى سكر العنب،وبحيث أن السكر الذي يخرج عن طريق الأوردة الكبدية إلى الدوران العام هو سكر العنب فقط.

إن الدماغ يأخذ القسم الأكبر من القدرة التي يحتاج إليها بواسطة استقلاب السكريات،ولذلك فإن الدماغ من أكثر أعضاء الجسم تأثراً لتبدلات سكر الدم.حيث أنه لايختزن فيه السكريات إلا بشكل زهيد.فإذا ما هبط سكر الدم من 80 مغ في كل 10مل إلى 40(نقص سكر الدم) فإن الوظيفة الدماغية تضطرب إلى حد بعيد.

وعلى النقيض من ذلك فإن العضلات الصقلية في الجسم تتمكن من اختزان السكر بشكل غليكوجين وتبلغ نسبة الاختزان في العضلات عند الشخص السليم حوالي 250 غرام في العضلات.ويعتبر سكر العنب المورد الأساسي للطاقة في العضلات.وفي الجهود العضلية الشديدة فإن احتراق الغلوكوز قد يتم في الصفحة اللاهوائية لنقص كمية الأوكسجين الوارد وهذا قد يؤدي إلى ازدياد حمض اللبن في النسيج العضلي والدم.

ومن المعروف أن ألإنسان عندما يتناول كمية كبيرة من السكريات فإنه يصاب بالسمنة والبدانة وتشحم الأهضاء كالكبد.وذلك لأنه يتم تحويل السكريات إلى شحوم بواسطة آليات وحمائر خاصة تحول السكريات إلى حموض دسمة ذات سلاسل طويلة.

والكبد بالإضافة إلى كونه يستخدم سكر العنب كمصدر للطاقة،فإن الكبد يلعب دوراً رئيسياً في استقلاب السكريات،فهو يقوم باختزان السكر الفائض على شكل الغليكوجين وفي حالات عوز السكر يقوم بتحويله مجدداً إلى سكر العنب،وبالتالي يحافظ السكر على ثبات مستوى السكر في الدم.وإن كمية الغليكوجين المختزنة في كبد الإنسان السليم وذو التغذية الجيدة تعادل 100غرام.

كما أن للكبد وظيفة هامة أخرى وذلك بأنه يقوم بما يسمى استحداث السكر(الغليكو جينز)أي اصطناع السكريات من غير المواد السكرية.ويتم هذا الاستحداث بتحويل بعض الحموض الأمينية أو حمض اللبن إلى السكريات.

إن استحداث السكر من الحموض الأمينية أو حمض اللبن،يتم بصورة رئيسية في الكبد وفي الكلية،ولا يتم في العضلات التي لاتحتوي على الخمائر الضرورية لهذا الاستحداث.

وأثناء الصيام فإن تقويض البروتينات يؤدي لتشكيل الحموض الأمينية المولدة للسكر وهذه إما أن يتم تحويلها إلى سكر العنب أو الغليكوجين.

ويتم في الكبد تحويل سكر الفواكه إلى سكر العنب وهذا يتم بدون أي تدخل لهرمون الإنسولين.وفي أمراض الكبد المزمنة قد لايتمكن الكبد من تحويل سكر الفواكه إلى الغليكوجين،بالسرعة الكافية وبالتالي يرتفع تركيزه في الدم ويسبب فرط سكر الدم والبيلة السكرية.

وأما سكر الحليب فإنه يتم تحويله إلى الغليكوجين في الكبد بوجود خمائر خاصة،وعند بعض الأطفال الذين ينقص أو ينعدم وجود هذه الخميرة (الغالاكتو كيناز) يحدث لديهم ارتفاع سكر الحليب في الدم وما يسببه من اضطرابات.

وفي حالة الصيام فإن سكر الدم الواصل من انبوب الهضم إلى الدوران فالكبد،يؤدي إلى أن سرعة استحداث السكر تعادل سرعة استخدام السكر في النسج خارج الكبدية،وعلى هذا يبقى مستوى سكر الدم طبيعياً.وإن تركيز سكر الدم يعتمد على عمل ثلاثة غدد صماء على الأقل:

1 ـ جزر لانغرهانس في البنكرياس:

والتي اكتشفها العالم لانغرهانس عام 1869م،وهذه الجزر تحتوي على مجموعتين من الخلايا:فهناك الخلايا ألفا،وتتوضع في محيط الجزر وتفرز مادة الغلوكاكون الرافع لسكر الدم.والخلايا بيتا وتتوضع في مركز الجزر وتشكل هرمون الإنسولين الخافض لسكر الدم.وتم الحصول على هرمون الإنسولين بشكله البلوري عام 1926م.ومن ثم استعمل للمعالجة السريرية.والإنسولين من الهرمونات البروتينية،ولا يعطى عن طريق الفم بل بشكل زرقات تحت الجلد أو في الوريد.وفي حال إعطاء الإنسولين بشكل زائد عن الحاجة تحدث أعراض نقص سكر الدم إذا كان التركيز دون 40 مغ في 100مل من المصورة،وأهم أعراض نقص سكر الدم هي:القلق المشوب بالخوف،والرجفان في الأطراف،وصعوبة في التركيز،والخفقان والتعرق الساخن،والصداع…وإذا استمر نقص السكر ولم يعالج تحدث أعراض نقص سكر الدم في الدماغ والتي تؤدي إلى التشوش والتشنج والاختلاجات والسبات والوفاة.وهذه الأعراض كلها ناجمة عن ازدياد تحرير الأدرنالين من لب الكظر كارتكاس لنقص سكر الدم.وفي حالات نادرة قد تحدث أوراماً في الخلايا المفرزة للإنسولين وهذا يسبب أعراض نقص سكر الدم بشكل متكرر عند المرضى.

يختزن الإنسولين في هيولى الخلايا بيتا من جزر لانغرهانس ويكون بشكل حبيبات ضمن الشبكة الهيولية الباطنة،ويتم تحرير حبيبات الإنسولين بسبب فرط سكر الدم.

يتألف الإنسولين من سلسلتين ترتبطان قبل وصولهما إلى جهاز غولجي في الخلية بسلسلة ثالثة تدعى السلسلةC،ومجموع هذه السلاسل يكون طليعة الإنسولين،وهو في الواقع الشكل غير الفعال للإنسولين،وعندما يصل طليعة الإنسولين إلى جهاز غولجي يتم تفعيله ويختزن بشكل فعال فيزلوجياً.

أما دور الإنسولين الفيزلوجي فهو في مجالين:

1 ـ يسهل دخول السكر إلى الخلية من أجل استقلابه.

2 ـ يسهل الإنسولين فسفرة الغلوكوز،وذلك بتنشيطه خمائر الهيكوكياز أو خمائر أخرى .

وأما الغلوكاكون فهو هرمون تفرزه الخلايا ألفا وهو يرفع سكر الدم ويلعب هرمون النمو الذي يفرز من الغدة النخامية دوراً في تنشيط إفرازه.

2 ـ الغدة الكظرية بقسميها اللب وقشر الكظر.

ـ لب الكظر:وهو يفرز الأدرنالين بشكل رئيسي وأقل منه النور أدرنالين.وكلاهما يرفع سكر الدم من خلال تقويض الغليكوجين في الكبد بواسطة خميرة الفوسفوريلاز.وهما يشابهان في هذا الغلوكاكون.ولكن الاختلاف بينهما أن الأدرنالين ينشط حل الغليكوجين العضلي والكبدي معاً،بينما الغلوكاكون ينشط حل الغليكوجين في الكبد فقط.

ـ قشر الكظر:وهذه تنشط بإفراز الهرمونات الستيروئيدية القشرية،وهذه تنشط استحداث السكر من الحموض الأمينية.كما أنها تقلل من استعمال السكر.وأهم هذه الهرمونات:الكورتيزول، والكورتيزون.

تنظيم سكر الدم:

العوامل التي تساعد على خفض سكر الدم:

1 ـ ازدياد استهلاك الأنسجة للسكر:وذلك من خلال تحويل سكر العنب إلى الغليكوجين والذي يدخر في الكبد والعضلات.وإما لزيادة أكسدة السكر من أجل توليد الطاقة،وإما لتحويل السكر إلى محاصيل أخرى كالدسم مثلاً.

2 ـ العوامل التي تساعد على زيادة إفراغ السكر من الكلية ومنها انخفاض العتبة الكلوية بالنسبة لإمتصاص السكر.

العوامل التي تساعد على ارتفاع سكر الدم:

1 ـ امتصاص السكر بكمية كبيرة

2 ـ نقص استخدام الأنسجة للسكر وهذا غالباً بسبب نقص أو انعدام ىالإنسولين وهذا يسبب الداء السكري من منشأ بنكرياسي

3 ـ ازدياد تحريك الغليكوجين  في الكبد وذلك بسبب وجود الأدرينالين أو ارتفاع الغلوكاكون

4 ـ أمراض الكبد الحادة والتي تمنع اختزان الغليكوجين.

5ـ الغدة النخامية:

وهذه من خلال هرمون النمو قد تسبب ارتفاع سكر الدم.

إن العامل الرئيسي في تنظيم سكر الدم هو الكبد،بسبب اختزانه الغليكوجين،وبسبب إطلاقه سكر العنب بوجود خميرة الغلوكوز 6 فسفاتاز،وهذه الخميرة توجد بشكل رئيسي في الكبد وأقل من ذلك في الكلية،ولكنها لا توجد في العضلات وباقي أنحاء الجسم،ولذلك فإن هذه الأعضاء لا تشارك في تحرير الغلوكوز وإطلاقه للدم.

وإن اختزان السكريات في الكبد لاتبرز أهميته فقط في ادخار الطاقة،ولكنه يقي الكبد أيضاً من التسمم ببعض المواد السمية،مثل رابع كلور الكربون والزرنيخ …

استقلاب الشحميات:

يطلق اسم الدسم أو الشحميات على صنف من المواد كثيرة الاحتلاف والتباين،والخاصة المشتركة التي تجمع بينها أنها ذوابة في المحلات العضوية،وأنها قليلة أو عديمة الذوبان في الماء.

إن 20% من القدرة التي يحتاجها الجسم ترد إليه بواسطة الوجبات البروتينية اليومية،وأما الباقي فإنه يشترك به مناصفة كل من السكريات والدسم.

وتحتوي وجبة الدسم على الغليسريدات الثلاثية المعتدلة،والشحميات الفسفورية،والفيتمامينات المنحلة بالدسم،والحموض الدسمة اللامشبعة ومنها حمض زيت الكتان وحمض فستق العبيد وحمض بزر الكتان وهي من الحموض الضرورية.وتشكل الدسم المعتدلة النباتية والحيوانية القسم الأعظم من هذه الوجبة،وهي عبارة عن أسترة حموض دسمة مع الغليسرول.

والدسم هي مركبات  لا تنحل في الماء،وإنما في المحلات العضوية،ونستطيع أن نقسمها إلى ثلاثة زمر بالاستناد إلى وظائفها:

1 ـ اختزان القدرة:

تختزن القدرة في الجسم على شكل حموض دسمة مشبعة،ومن هذه الحموض نذكر:حمض الخل،وحمض البروبيون،وحمض الزبدة.وارتباط هذه الحموض المشبعة مع الغليسرول يشكل ثنائي أو ثلاثي الغليسريد.

يستطيع الكبد اختزان القدرة على شكل الغليكوجين،ولكن هذا الأخير ينفذ بسرعة بعد ساعات قليلة من الصيام،وأما الدسم فإنها تنفذ ببطء أثناء الصيام ولذا يمكن اعتبارها المخزن الرئيسي للطاقة.وإن احتراق غرام واحد من السكريات يعطي قدرة أقل بكثير من احتراق غرام واحد من الشحوم.

2 ـ الحفاظ على سلامة البنية الخلوية:

إن جميع الخلايا الحيوانية تحاط بأغشية،وإن عدداً من مكونات الخلية كالنوى،والمتقدرات(الميتوكوندريا)تحاط أيضاً بالأغشية،وكذلك فإن الشبكة الهيولية الباطنة ذات بنية غشائية وإن جميع هذه الأغشية ذات مرونة خاصة،كما أنها اصطفائية لشوارد معينة،وبعض الجزيئات التي تسمح بإمرارها،وهذا مما أدى إلى اختلاف تركيب السائل الخلوي والخلالي.وإن هذا كله يبين أن تركيب هذه الأغشية ليست عبارة عن بناءات بسيطة،بل تركيبات معقدة،تستعمل فيها آليات إنفاذية ومضخات خاصة تساعد أو تمنع بعض المواد أو الشوارد من دخول الغشاء الخلوي أو عدمه.وقد تبين أن تركيب هذه الأغشية يدخل فيه بصورة رئيسية الشحوم الفوسفورية(الفوسفو ليبيد)،وهي مركبات هامة جداً وخاصة في الجملة العصبية حيث تشارك في تركيب غمد النخاعين،ومن أشهر أنواعها الليستتين والذي يغزر في صفار البيض،وكذلك مادة السيفالين والذي يدخل في تركيب حفاز التخثر الثرومبو كيناز….

استقلاب الشحوم:

إن الشحوم في مصورة الدم(البلاسما)هي مزيج معقد من الدسم المعتدلة،والفوسفو ليبيد،والكولسترول.وإن من أهم هذه الشحوم:هي الحموض الدسمة اللامتأسترة النيفا(.N. E. F A)وهي ذات أهمية الستقلابية حيوية هامة.وهذه الحموض هي الشكل من الشحوم التي تتحرر من المداخر الشحمية وتنتقل إلى الكبد من أجل الأكسدة.وأماF. F. Aفهي تعني الحموض الدسمة التي تم امتصاصها من الأمعاء وهي لاتوجد في المصورة بشكلها الحر وإنما ترتبط مع البروتينات المصورية وخاصة الألبومين(بنسبة الثلثين) والليبو بروتين(حوالي الثلث).

يتم هضم الدسم الثلاثية في الأمعاء الدقيقة بواسطة خميرة الليباز البنكرياسية والمعوية والمعدية،ولكن الليباز البنكرياسية تبقى الأهم.ويساعد الخميرة في عملها وجود الأملاح الصفراوية والتي تساعد في تصبن واستحلاب الدسم الغذائية.وهذا يساعد على تفتيت الدسم الثلاثية إلى فتائت دِقاق تستطيع الليباز أن تؤثر فيها.وإن العصارة الصفراوية ضرورية جداً من أجل هضم وامتصاص الدسم،ولكن امتصاص الدسم لا ينعدم في حال غياب الصفراء ولكنه يضطرب.وإن قسماً من الأملاح الصفراوية التي تمتص في الأمعاء يعود قسماً منها إلى الكبد فيما يسمى الدارة المعوية ـ الكبدية.ويتشكل من الحموض الدسمة ودمجها مع الغيسرول مايسمى دقائق الكيلوس(الكيلو ميكرون) وهذه الدقائق تمتص عبر الأوعية اللمفية ومنه إلى الأقنية اللمفية الرئيسية ومنه إلى الدوران الوؤيدي ومنها إلى الكبد.

وحسب الدراسات يجري هضم الشحميات وامتصاصها في الأمعاء في أربع مراحل متوالية،يمكن تصنيفها بأحد شكلين اثنين :إما بحسب المواضع التي تجري فيها هذه الأحداث،وإما بحسب الأحداث نفسها.وهي:المرحلة في اللمعة المعوية،والمرحلة عبر زغيبات مخاطية الأمعاء،والمرحلة الصغائرية،ومرحلة الشبكة الهيولية الباطنة وجهاز غولجي.

وهذه المراحل بالترتيب:دور تحلل الشحوم،ودور الاختراق،ودور الإنشاء أو الاصطناع الحيوي،ودور التغليف أو التعليب بشكل الدقائق الكيلوسية.

1 ـ طور تحلل الشحميات:Lipolysis:

حيث تقوم خميرة الليباز البنكرياسية بتحليم كل جزىء من جزيئات التري غليسريد إلى جزيئين من الحموض الدسمة الحرةFFA،وإلى جزىء يضم الكولسترول وحمضاً دسماً واحداً يشكل غليسريد أحادي ندعوه وحيد الغليسريد(مونو غليسريد).

وعلى هذا يبدو في لمعة الأمعاء الدقيقة ثلاث صفحات متمايزة:صفحة صلبة تتألف من بقايا لم يمكن هضمها كالسللوز ،وهي صفحة لا تخلو من أهمية نظراً إلى أن الاملاح الصفراوية وحتى الليباز نفسها يمكن أن تكون ممتزة عليها.والصفحة الثانية:مستحلب زيتي من الغليسريدات الثلاثية والثنائية.والصفحة الثالثة:مزيج رائق مؤلف من الأملاح الصفراوية والحموض الدسمة الحرة،ووحيدات الغليسريد.وإن أهم خميرة تساعد في هضم الشحميات هي الليباز البنكرياسية.وإن الأملاح الصفراوية تفيد في تذويب فعال للحموض الدسمة والغليسريدات الأحادية وتؤدي لتشكل محلول رائق بدلاً من تشكيل المستحلب العكر.

2 ـ طور الاختراق:

حيث أن هذه المذيلات البالغة الصغر لا تجد صعوبة في اختراق جدران الزغابات المعوية ،وإن الحافة الفرجونية لكل خلية في الغشاء المعوي تحوي أكثر من ألف مهذه الزغابات والتي يبلغ طول كل منها مكروناً واحداً.وإن الحموض الدسمة الحرة ووحيدات الغليسريد يمكن أن تخترق هذا الرداء ثم سرعان ما تتفشى في الهيولى الخلوية بعد أن تتخلى عنها الأملاح الصفراوية.

3 ـ طور الإنشاء أو الاصطناع الحيوي:

في الشبكة البطانية للخلية الظهارية المعوية تتم إعادة أسترة الحموض الدسمة والكوليسترول والغليسريدات الأحادية إلى الغليسريدات الثلاثية في بضع دقائق.وجميع الخمائر التي تتولى عمل ذلك موجودة في الصغائر(الميكروسوم) في الشبكة الهيولية الباطنة الملساء.

4 ـ طور التغليف والتعليب:

حيث يتم تغليف هذه الغليسريدات الثلاثية بحيث يتشكل ما يسمى الدقائق الكيلوسية(الكيلو ميكرون)وهذه تستطيع أن تدخل العروق اللمفية.وتتألف هذه الدقائق الكيلوسية من رداء خارجي مؤلف من البروتين والكولسترول والشحميات الفسفورية،يحيط بلب مركزي يحتوي الغليسريدات الثلاثية،ويتم كل هذا في منطقة غولجي والجزء الأخير من الشبكة الهيولية الباطنة الخشنة.

وبالتالي فإن الأمراض التي تساعد على تشوش واضطراب في تركيب وافراز الليباز البنكرياسية،والأمراض التي تمنع تحرر الأملاح الصفراوية إلى الأمعاء الدقيقة وأمراض اضطراب البطانة المعوية كما هو الحال في أدواء سوء الامتصاص ومنها داء الزرب، والداء الزلاقي…تسبب تشوشاً في اضطراب امتصاص الدسم وتسبب حدوث مايسمى تغوط الدسمSteatorrhea.

بعد أن يتم امتصاص الدسم ‘لى الدم فإنها ترتبط مع بعض البروتينات وهي مانسميها مطايا الدسم.وهذه البروتينات الشحمية تقسم إلى :ألفا،وبيتا،وقبيل بيتا،بالإضافة إلى الدقائق الكيلوسية، وكذلك الحموض الدسمة الحرة التي ترتبط في الدم مع الألبومين.

بعد أن يتم هضم الدسم فإن نسبة دسم الدم ترتفع وقد تبقى أعلى من الطبيعي أثناء الصيام لعدة ساعات،وإن هذا يُعزى لوجود الدقائق الكيلوسية(الكيلو ميكرون).كما أن نسبة الشحوم الدموية ترتفع أيضاً بعد الجهود وفي الصيام،والحمل والإرضاع،وفي بعض الأمراض مثل داء الكلاء(النفروز)حيث يرتفع الليبو بروتين في الدم.

وبعد امتصاص الشحوم من الأمعاء الدقيقة فإنها إما أن تؤكسد في الكبد والعضلات،أو تختزن في الجسم إلى حين الحاجة إليها.ويعتبر النسيج الخلوي تحت الجلد بالإضافة إلى الثروب المعوية والمساريقا هي المدخرات الرئيسية للشحوم.

وإن الشحوم في الجسم لاتأتي فقط من الطعام الغني بالدسم،بل قد تأتي وبصورة كبيرة من السكريات.والنسيج الشحمي يتعرض لنشاط استقلابي خاضع للإشراف الهرموني.

ويوجد للنسيج الشحمي نوعان:

أ النسيج الشحمي الأبيض:ويوجد في مختلف أقسام الجسم،ويتألف من خلايا شحمية كبيرة .يوجد فيه بعض الأوعية الشعرية ولكنه خال تقريباً من الألياف العصبية.

2 ـ النسيج الشحمي البني:وهو غني التعصيب والتوعية الدموية,ويحتوي في خلاياه على نسبة عالية من السيتوكروم الغنية بالحديد.

إن الجنين يحتوي هلى كتل من النسيج الشحمي البني حول العنق،وبين عظمي اللوح،وإن هذا النسيج ثابت ومستقر،وهو يعتبر من أكبر المدخرات لنشر الحرارة في الجسم، حيث أنه في حالة التعرض للبرد مثلاً فإنه يتم تحرير النور أدرنالين وهذا ينشط الخمائر التي تفصل الغليسريدات الثلاثية إلى غليسرول وحموض حرة.

إن الدسم المعتدلة تعتبر المصدر الرئيسي للصرف أثناء الصيام،وأما الشحميات الفوسفورية في الدماغ والأنسجة الأخرى فإنها لا تتأثر كثيراً أثناء الصيام.ولذا لابد من التفريق بين الدسم الثابتة ومنها الشحميات الفوسفورية والدسم المدخرة المتغيرة ومنها الشحوم المعتدلة.

يلعب الكبد دوراً هاماً في استقلاب الشحوم.حيث يحتوي الكبد الطبيعي حوالي 4% من الشحوم،وتشكل الدسم المعتدلة حوالي الربع،بينما الأرباع الباقية تكونها الشحوم الفوسفورية.وإن كمية الدسم المعتدلة ترتفع بصورة خاصة في المراحل الأولى من الصيام بسبب نقل الدسم من مداخرها إلى الكبد حيث يقوم بأكسدتها.

عندما يتطلب الجسم أكسدة الشحوم من أجل توليد القدرة فإن هذه الشحوم يتم نقلها من مداخرها الشحمية عبر الدم وتكون بشكل النيفا،ومنه إلى الأنسجة التي تقوم بأكسدتها وهي:الكبد والعضلات.

وبالإضافة إلى الوارد الغذائي،فإن السكريات تلعب دوراً رئيسياً في اصطناع الشحوم.

استقلاب الكولسترول:

يوجد الكولسترول كمقوم من مقومات الوجبة الغذائية المتوازنة.وإن الدسم الحيوانية المنشأ وخاصة مح البيض غنية بالكولسرول.يمر امتصاص وهضم الكولسترول بنفس المراحل التي يتم بها لاهضم وامتصاص سائر الشحميات وهنا لابد من وجود خميرة الكولستروا استراز والأملاح الصفراوية بشكل رئيسي.

يشكل الكولسترول معقدات مع الأملاح الصفراوية وأي نقص في تركيز هذه الأملاح ينقص حجم الكولسترول الحر،ويسبب ترسب الكولسترول في المرارة وبلتالي يساعد على تشكيل الحصى الصفراوية.

إن الحموض الدسمة اللامشبعة والتي توجد في الزيوت النباتية خاصة مثل زيت الذرة وزيت الجوز تساعد على خفض كولسترول الدم.

يعتبر الكبد العضو الرئيسي في اصطناع واستقلاب وإفراغ الكولسترول،ويطرح الكولسترول عن طريق العصارة الصفراوية بشكل كولسترول أو مع الأملاح الصفراوية.ويجب أن نذكر أن الكبد تفرغ يومياً حوالي 2 غرام من الكولسترول يعاد امتصاص ثلثيها تقريباً في الأمعاء،ويتحول حوالي 80% من الكولسترول المستقلب في نسيج الكبد إلى حموض صفراوية، ويتحول جزء آخر لتكوين الهرمونات الستيروئيدية.ويمكن في خلايا مخاطية اامعاء أن يتشكل من الكولسترول طليعة الفيتامين د.

يعتب مرض السكري من الادواء التي تترافق مع ارتفاع كولسترول الم،ولعل ذلك بسبب تحريك الدسم وزيادة استقلابها،بالإضافة إلى زيادة إنشاء وتركيب الكولسترول.وإن ارتفاع كولسترول الدم أحد الأسباب الهامة لحدوث التصلب في الشرايين.

وإن فرط كولسترول الدم قد يكون بدئياً أو ثانوياً.

فأما فرط الكولسترول العائلي البدئي: فهو مرض وراثي ينتقل بشكل صفة قاهرة ،يكون عند مختلف الأمشاج بدرجة بسيطة من الأعراض، وعند متوافقي الأمشاج بشكل شديد.وهذا الأخير يسبب تصلبات شرايانية في الجسم ويسبب احتشاءات مبكرة وخاصة في عضلة القلب عند المرضى الشباب.ويمتاز هذا المرض بوجود أورام صفراء وترية وأخمصية وبقعاً صفراء ،وهذه الأورام الصفراء الجلدية عبارة عن تراكم الدسم ضمن الخلايا الناسجة في أدمة الجلد،وإن أكثر الأماكن التي تشاهد فيها هذه الأورام الصفراء هي الأجفان،والمنطقة تحت الثديين،وفي الراحتين والمرفق والركبتين.

وأما فرط الكولسترول الثانوي: فيشاهد في أمراض عديدة ومنها:الداء السكري غي المضبوط علاجياً،وقصور الغدة الدرقية،وتناذر النفروز الكلوي،وداء الكبد الانسدادي،وأورام الكبد.

أنواع الشحوم:

1 ـ الغليسريدات الثلاثيةTriglycerides:

تبلغ كميتها في المصل 50 ـ 150 مغ%،ولهذا النوع من الشحوم مصدران:المصدر الخارجي أي عن طريق الشحوم في الراتب الغذائي الخارجي،وهذه توجد في الدم بشكل الدقائق الكيلوسية وتؤثر بها خميرةLPLوهي توجد خاصة في النسيج الشحمي الذي يعتبر النسيج الأساسي في استقلاب الغليسريدات الثلاثية ذات المنشأ الخارجي.وهناك مصد داخلي عن طريق استحداث الشحوم من السكاكر وهذا يتم في الكبد،وتوجد الغليسريدات الداخلية المنشأ محمولة على مطيةVLDL. وتبلغ أهمية الغليسريدات الثلاثية أنها المصدر الرئيسي من الشحوم لتوليد القدرة.

2 ـ الشحميات الفوسفورية:Phospho lipid:

توجد في غمد النخاعين،وفي عضيات الخلية الفعالة،ويعتقد أن لها دوراً هاماً في جملة الصبائغ(السيتوكروم)،كما أنها تلعب دوراً في الأحداث الإفرازية ومناقلة الشوراد،والنفوذية الانتخابية،ولذا فهي توجد في الأعضاء الغدية وخاصة الكبد وفي مصورة الدم.ويعتبر الكبد العضو الرئيسي لاصطناعها.وتصل كميتها في الدم 150 ـ 250 مغ%،وهناك أنواع عديدة جداً نذكر منها:

1 ـ المحين:Lecithin:وهو أبرز الشحميات الفسفورية. ويوجد المحين بشكل خاص في مح البيض.

2 ـ السيفالين:وهي مادة توجد في الدماغ.

3 ـ السنغو ميلين

3 ـ الشحميات السكرية:Glycolipid:

وهي توجد في النسيج العصبي .

4 ـ الحموض الدهنية غير المؤسترة:NEFA:(النيفا)

تتكون بشكل خاص من حمض النخل وحمض الشمع وحمض الزيت،ويرتفع تركيزها في الدم في حالات الصيام،ومن جهة أخرى فإن تناول الدسم أو أي مصدر آخر للحريرات يسبب نقصاً في تركيزها في الدم.والنيفا هي الشكل الذي تنقل به الشحميات من مداخرها في الأنسجة للأكسدة حتى تمون بالقدرة اللازمة لفعاليات الأنسجة.وسرعة تقلب النيفا في المصورة كبيرة جداً كما يدل على ذلك عمرها النصفي الذي لا يتجاوز بضع دقائق،والنيفا هي الشكل الفعال استقلابياً من الشحميات.وهي ذات أهمية استقلابية عظيمة.

وكل نسيج في البدن يستطيع أكسدة الحموض الدسمة أكسدة كاملة ينجم عنها غاز ثاني أوكسيد الفحم والماء،وبعض الأنسجة يكون وقودها المفضل هو الحموض الدسمة كما هو الحال في عضلة القلب،حيث أن حوالي 70% من الحرارة اللازمة للقلب ينجم عن مشتقات النيفا.

وفي حالات الصيام فإن أنسجة الجسم تحصل على الحموض الدسمة من المصورة الدموية من أجل توليد القدرة.وتبين أن النسيج الشحمي ليس بالنسيج العاطلبل هو من أنشط أنسجة الجسم استقلابياً.

وإن تناول الغلوكوز أو إعطاء الإنسولين يؤدي لخفض تركيز النيفا في الدم،مع تثبيط انطلاق الدسم من مداخرها، بينما الإيبي نفرين وهرمون النمو والحاثة القشرية الكظرية والغلوكاكون تزيد من إطلاق النيفا للدوران،والإنسولين هو الهرمون الوحيد الذي يمنع إطلاقها إلى الدم.

5 ـ الحموض الدهنية الضرورية:أو الحموض الدهنية غير المشبعة:

وتتكون من حمض فستق العبيد وحمض زيت الكتان(اللينوليك) وحمض بزر الكتان.وهي ذات شأن كبير لأن فقدانها يؤدي إلى وقف النمو،وإلى توسف الجلد وإلى تخرب الكلية،وضعف المناسل.ويعتبر حمض زيت الكتان أهمهاLinolenic Acid،لأنه يمكن أن يتحول إلى حمض فستق العبيد(الأراشيدونيك).

وأكثر ما توجد هذه الحموض الدسمة الضررية اللامشبعة في الزيوت النباتية وخاصة زيت الجوز،وفي زيوت الأسماك.وهذه الحموض لها أهمية في بناء الأنسجة وفي وظيفة التكاثر الخلوي والانقسام الخلوي،وخاصة في المناسل،كما أنها ذات تأثير هام في عمل المتقدرات(الميتوكوندريا)وتلعب دوراً هاماً في عمليات التخثر الدموي،كما أنها تخفض تركيز كولسترول المصل والغليسريدات الثلاثية.وتساهم في تشكيل مركبات البروستاغلاندينات.

6 ـ الكولسترول:

يمتص الكولسترول بشكليه الحر والمؤستر من الأمعاء ،وإن الصفراء الكبدية لازمة للامتصاص.وينقل الجزء الأكبر من الكولسترول متحداً مع البروتينات الشمية بيتا.ويعتبر الكولستيرول مصدراً اٍاسياً في جسم الإنسان من أجل تشكيل الهرمونات الجنسية والحموض الصفراوية والستيروئيدات.ويوجد الكولسترول بشكل خاص في النسيج العصبي وقشر الكظر والجلد والكبد والجسم الاصفر في المبيض.

4 ـ النوويدات والحموض النووية:

يوجد عند الانسان نوعان من الحموض النووية:

1 ـ الحمض الريبي منقوص الأوكسجين:DNA:

يوجد في النواة الخلوية،حيث يكون جزءاً من مادة المورثات.وهو يتألف من سلسلتين مفردتين ترتبطان فيما بينهما بروابط هيدروجينية،وتلتفان حول بعضهما لتشكلا حلزون مضاعف.ويعتبر العالمان واتسون ـ كريك أول من وصفّا تركيب هذا الحمض النووي.

2 ، الحمض الريبي النووي:RNA:

ويوجد في النواة الخلوية،ولكن بصورة رئيسية في هيولى الخلية(البلاسما)حيث يوجد بكمية ملحوظة،وقد ثبت الآن وجوده في النوية الخلوية أيضاً.وله عدة أنواع:

1 ـ الريبوسومال:R ـ RNA:يوجد داخل الهيولى والنواة بشكل جزيئات يطلق عليها اسم الأجسام الريبية(الريبوسوم)ويؤلف حوالي 80% من الحمض النوويRNA،ووظيفته تحديد مكان تركيب البروتينات،وتشكيل الخمائر الموحدة للحموض الأمينية،والإشراف على تفعيل الحموض الأمينية.

2 ـ الترانزفيرز Tـ RNA:ويدعى أيضاً المنحل،أو المستقبل ووظيفته هي نقل الحموض الأمينية المُفّعلة إلى مكان تركيب البروتينات،ويوجد هناك حمض نووي خاص لكل حمض أميني.

3 ـ الرسول MRNA:(الماسنجرز)

وهو يقوم بنقل المعلومات الوراثية من النواة إلى مراكز تركيب البروتينات.

الكيمياء الخلوية:

تتألف الخلية عند الإنسان من المكونات التالية:

1 ـ الغشاء الخلوي:وهو يتألف من طبقتين من البروتينات وبينهما طبقة شحمية

2 ـ النواة:وتحاط بغشاء نووي ذو مسامات وتحتوي على نوية أو أكثر،وتحتوي على شبكة غنية بالكروماتين.

3 ـ الهيولى:أو البلاسما:وهي غزيرة بالمكتنفات العاطلة أو الحية ومن أهم هذه المكونات الحية:

ـ المتقدرات(الميتوكوندريا)وهي تحوي على خمائر الأكسدة والفسفرة وهي مراكز توليد القدرة في الخلية.

ـ الشبكة الهيولية الباطنة:وهي شبكة انبوبية حويصلية تصل بين الغشاء الخلوي والغشاء النووي.وتتوضع عليها جزيئات الريبوزومات

ـ الصغائر:(الميكروسومز):يعتقد أنها مسؤولة عن تشكيل الأجسام الريبية.

ـ الجسيمات الحالة(الليزوزوم)وهي تحتوي على عدد كبير من الخمائر،والتي تقوم بتقويض البروتينات ،وكذلك الفسفاتاز الحمضية.وهذه الجسيمات الحالة مسؤولة عن الانحلال الذاتي بعد وفاة أحد الأنسجة.

الفيتامينات:

وهي مركبات عضوية توجد في كثير من الأغذية،وهي ضرورية للنمو ،ولها أهمية حيوية كبرى في خلايا الجسم والاستقلاب.وهي لاتولد أي قدرة ولكنها تلعب الدور الرئيسي في تفاعلات وتحولات القدرة وتنظيم عمليات الاستقلاب المختلفة في الجسم.وإن معظم الفيتامينات تشارك في العمل الخمائري وفي تفاعلات الأكسدة.وهي تعمل كوسائط أي أنها تسرّع التفاعلات وتمكنها أن تجري ضمن الشروط الحيوية.وبعض الفيتامينات تعتبر طلائع لبعض الخمائر.والفيتامينات تعمل في كل أنحاء الجسم،وهذه الفيتامينات تأتي إلى الجسم عن طريق الغذاء،ولكن بعضها قد يتشكل في الجلد بعد التعرض لأشعة الشمس ومنها الفيتامينDوبعضها قد يتشكل في الأمعاء الدقيقة بفعل بعض الجراثيم النافعة ومنها الفيتامينK

وأهم أسباب عوز الفيتامينات عند الإنسان:

1 ـ نقص الراتب الغذائي ونقص الفيتامين الداخل للجسم:وهذا يشاهد خاصى في حالات الفقر،والحميات والأمراض المزمنة…

2 ـ نقص الأمتصاص في انبوب الهضم:كما في الإقياءات المستمرة،والإسهالات المزمنة،ومتلازمة سوء الإمتصاص،واستعمال الملينات الزيتية باستمرار…

3 ـ أدواء الكبد:حيث لا يتمكن من تحويل الطلائع إلى الفيتامينات،أو عدم القدرة على اختزان الفيتامينات.

1 ـ الفيتامينات المنحلة بالدسم:

وتشمل:الفيتامينات التالية:A D K E

1 ـ الفيتامين A:

ويسمى أيضاً الريتينول.والفيتامين المضاد للعشا الليلي.

ويوجد هذا الفيتامين بشكلين:الريتينول، والديهيدروكسي ريتينول.وفي الغذاء يوجد الفيتامين بذاته أو من خلال طلائعه وهي الجزرانياتCarotens.وتشكل الطلائع القسم الأكبر.ولها ما لايقل عن عشرة أصناف.وأهمها للإنسان الجرانيات بيتا،

.

إن النباتات لاتتمكن من تركيب الفيتامين ،ولكنها تستطيع أن تكون طلائع الفيتامين.والتي توجد بصورة رئيسية في النباتات الخضراء والصفراء.وأما الحيوانات فإنها تستطيع تحويل هذه الطلائع إلى الفيتامين في البشرة المعوية.والذي ينتقل عبر الأوعية الكيلوسية إلى الأنسجة حيث يقوم بوظيفته، أو ليدخر في الكبد(وخاصة في خلايا كوبفر).وتدعى طلائع الفيتامين باسم أشباه الكاروتين.وهي أصبغة غير مشبعة تنحل في الدسم والزيوت ولكنها لاتنحل في الماء.

والطعام المطبوخ يظل محافظاً على القيمة الحيوية لهذا الفيتامين.

فعالية الفيتامين A:

إن الفيتامين له علاقة مع كثير من أنسجة الجسم ولكن الدور الرئيسي يتجلى في شبكية العين وحاسة الرؤية.حيث أن شبكية العين تحتوي على ما يسمى العصي والمخاريط،ومن الثابت أن المخاريط هي التي تقوم بتمييز الألوان في الضوء الساطع،بينما تقوم العصي بالدور عن الرؤية الليلية.وقد تبين أن هذه العصي تحتوي مادة أحينية حساسة تجاه الضوء تدعى الارجوان البصريRhodopsia,،وهي المادة الرئيسية المسؤولة عن الرؤيا في العتمة،وعندما تواجه النور فإنها تنشطر إلى مادتين:الأولى أحينية تدعى Opsin،والثانية تدعى Retinine.ثم تبين أن هذه المادة الأخيرة ليست إلا الفيتامين Aبذاته.ويسمى الريتينال،وأن استمرار التعرض للنور يحول الريتينال إلى الريتينول.والظلام يعيد تشكيل الأرجوان البصري من جديد.

كما أن الفيتامين يتدخل في تشكيل ونمو العظام،والأسنان،وسلامة البشرة الجلدية بمكوناتها من الجلد والأظفر والأشعار.

وأهم مصادر الفيتامين الغذائية نذكر:الكبد والبيض والحليب والزبدة والسمن النباتي وزيت كبد الأسماك.وأما طلائع الفيتامين فتوجد بغزارة في:النباتات والخضر الخضراء والصفراء ومنها الجزر .

والحاجة اليومية للفيتامين حوالي 5000وحدة،للشخص الكهل، ويرتفع المقدار عند الحامل والمرضع إلى 8000.

وفي حالات عوز الفيتامين فإن أهم الاعراض:العشا الليلي،وتقرن النسيج البشري وخاصة قرنية العين التي تصاب بالتجفف والتصلب وتتعرض للالتهابات(اعتلال القرنية)،وكذلك قد يؤثر في النمو عند الأطفال.

وفي حالات التسمم المزمن بالفيتامين والذي يشاهد غالباً بالمعالجة المفرطة به وخاصة في علاج العد(حب الشباب)فإنه يسبب فقدان الأشعار،وآلام عظمية،وفرط توسف الجلد،…

2 ـ الفيتامين D

هناك شكلان فعالان للفيتامين د وهما D2 المستحصل من الارغوستيرول والذي يعرف باسم الكالسيفيرول،والثاني D3 والذي يستحصل من الديهيدرو كوليستيرول ويسمى الكوليكالسيفيرول،وهذا يتواجد في زيوت أكباد الأسماك.ويستطيع جسم الإنسان وسائر الثدييات من تكوين طليعة الفيتامين د حين يتعرض الجلد للشمس.

الأهمية الحيوية:يلعب الفيتامين د دوراً هاماً في امتصاص الكلسيوم من الأمعاء وذلك بزيادة تركيز الليمونات في الأنسجة ،حيث أن ليمونات الكلسيوم يوجد بشكل ملح غير متشرد ولكنه منحل،وهذا الملح يساهم في انتقال شوارد الكلسيوم.وإن الفيتامين كما يسهل امتصاص الكلسيوم والفسفور من الأمعاء الدقيقة فإنه يساعد أيضاً على تثبيت الكلسيوم في العظام.وفي نفس الوقت يساهم الفيتامين د في نزع كلسيوم العظام وهذا يساعد في الحفاظ على التوازن الكلسي بين العظم والمصورة الدموية.

تتشكل العظام في الجسم على مرحلتين متميزتين:

! ـ التشكل الغشائي:حيث تتشكل المادة الأساسية العظمية ضمن النسيج الضام بواسطة خلايا ميزانشمية متخصصة،ومن ثم تتحول إلى عظم بواسطة التكلس أو التمعدن،وذلك بوجود أرومات العظم(اوستيوبلاست).أي أن العظم يتشكل هنا دون المرور بمرحلة الغضروف،وهذا التشكل الغشائي يشاهد في عظام القحف والفك السفلي،وفي جزء من عظم الترقوة،كما أن النمو الطولاني الإضافي في جسم العظام الطوال يتحقق بهذه الطريقة أيضاً.وفي حالات عوز الفيتامين د يحدث نقص في امتصاص الكلسيوم والفسفات،مع سوء ترسب وتوضع هذه المعادن في المادة الأساسية للعظم مما يسبب تشوه العظام بسهولة.

2 ـ التشكل الغضروفي:وهذا يشاهد في العظام الباقية من الجسم،حيث يحدث التعظم في اللوحة المشاشية على مراحل عديدة.

يمتص الفيتامين د من الأمعاء بوجود الأملاح الصفراوية والحموض الدسمة.

وإن الكالسيفيرول وبكميات صغيرة يسبب إفراغ الكلسيوم مع البول،وبكميات كبيرة يسبب إفراغ الكلسيوم مع الفسفور.

تقدر الحاجة اليومية من الفيتامين د حوالي 400 وحدة دولية يومياًزوإن مغ واحد من الكالسيفيرول يحوي 40 ألف وحدة دولية.

المصادر:يوجد الفيتامين د في عدة مصادر وأهمها:زيت كبد الحوت،وزيت كبد السمك.والكبد والبيض والسردين وبعض أنواع الفطور.

كما أن التعرض لأشعة الشمس يعطي الجسم كميات وافرة من الفيتامين.

عوز الفيتامين:يسبب نقص الفيتامين د مايسمى الخرع  أو الكساح Richets،وذلك عند الأطفال، ولين العظام عند الكبار،وعند المواليد الذين يعانون من عوز الفيتامين فإن التعظم يتأخر أو يتوقف بينما النمو الغضروفي يستمر،وهذا يسبب انتفاخ المفاصل المجاورة ويسبب ما يسمى السبحة الضلعية في عظام الأضلاع،ويسبب تقوس العظام وخاصة الأطراف السفلى،،كما يسبب تأخر في التحام اليوافيخ في عظام الجمجمة وتأخر بزوغ الأسنان.

التسمم بالفيتامين:إن إعكاء الفيتامين بجرعات كبيرة يسبب التسمم به،وهذا من أعراضه ظهور التكلس العام في أنسجة الجسم والأنسجة الرخوة وخاصة في الكلية والرئة،وحدوث الحصيات البولية،وفقد الشهية(القهم).

3 ـ الفيتامين E

ويسمى أيضاً التوكوفيرول،أو الفيتامين المضاد للأكسدة،وقد تم عزل الفيتامين عام 1936م،وتم تصنيعه.

ولايوجد مظاهر عوز هذا الفيتامين عند الإنسان،إلا في حالات نادرة من فقر الدم الانحلالي في المواليد الجدد. ومصادره عديدة.ويلعب هذا الهرمون دوراً في عمليات الاستقلاب وفي التأكسدات الحيوية.وأهم مصادره:الحليب والبيض واللحوم وزيت الأسماك والمكسرات والبذور وزيوت البذور.

4 ـ الفيتامينK

ويسمى أيضاً الفيتامين المضاد للنزوف،والفايتوميناديون.

ويوجد في الطبيعة بشكلين:K1,K2،والأول يصنع في الأقسام الخضراء من النبات،والثاني تصنعه بعض العضويات الدنيا.

ولايشاهد عوز هذا الفيتامين،لأن مصادره عديدة،كما أن الجراثيم المفيدة في الأمعاء الدقيقة تقوم بتشكيله.ولكن عند الوليد وعقب الولادة مباشرة فإن الأمعلء لاتحتوي هذه الجراثيم ولذا قد يصاب الوليد بتناذر النزف عند الوليد،ولذا تنصح الأم بأخذ كميات كافية من الفيتامين قبل الولادة أو اعطاء الوليد الفيتامين عن طريق الفم.وإن نقص الفيتامين يؤدي في عدم تخثر الدم بسرعة ،لأن الفيتامين يلعب دوراً في عمليات التخثر .

الأهمية الحيوية:إن العمل الرئيسي للفيتامين هو حث خلايا الكبد على تشكيل البروثرومبين والعوامل:X،IX، VII،وهذا الفيتامين يمتص من الامعاء بوجود الأملاح الصفراوية،وفي اليرقان الانسدادي فإن الداء يترافق مع النزوف لنقص الفيتامين.

وأهم مصادر الفيتامين:الخضر الخضراء وخاصة السبانخ،والملفوف،وكذلك صفار البيض والكبد.

2 ـ الفيتامينات المنحلة بالماء:

وتشمل الفيتامين ب المركب،وب6،وب12،والفيتامين ث،وحمض الورق..

1 ـ الفيتامين B1:

ويسمى أيضاً الثيامين،وهذا الفيتامين يوجد داخل الخلايا بشكله المؤستر،وهو تميم لحمائر نازعات الكاربوكسيل.

عوز الفيتامين:يسبب مايسمى داء الرز أو البيري بيري،وهو يتظاهر بثلاثة مجموعات من الأعراض السريرية:

1 ـ التهاب الاعصاب العديد:وهذا يؤدي إلى الوهن العضلي،والضمور،وعدم تناسق الحركات العضلية،وتشوش في الحواس.

2 ـ تضخم عضلة القلب وحدوث قصور القلب.

3 ـ الاستسقاء والوذمات وخاصة في الرسغين والكاحلين.

المصادر: يوجد بنسبة كبيرة في النباتات،وخاصة بذور وقشر الحبوب،أي النخالة،وفي المكسرات كالجوز.

والحاجة اليومية منه تعادل 25مغ،ويحتوي القلب أكبر نسبة منه وكذلك الدماغ والكبد والكلية،وبما أنه لايجري اختزانه في الجسم لأنه منحل في الماء فلا توجد أمراض تسمم بفرط إعطائه بجرعات كبيرة.

2 ـ الفيتامينB2

ويسمى أيضاً الريبوفلافين.

وهذا الفيتامين يوجد في الخلايا الحية بشكل فوسفات الريبوفلافين،أو بشكلFAD،وهما تميمان هامان يتحدان مع بعض البروتينات ليكونا البروتينات الصفراء.وتعتبر هذه الخمائر ذات أهمية كبيرة في سلسلة مناقلة الالكترون في الجهاز التأكسدي الحي.

يمتص الفيتامين من القسم العلوي من الأمعاء الدقيقة،ويوجد في المصل الدموي متحداً مع الغلوبولين المصلي،وتوجد كميات كبيرة منه في الكبد،والقلب،والكلية.ويفرغ مع البول .

والحاجة اليومية تقدر حوالي 1،5 مغ يومياً،وأهم المصادر في النباتات وخاصة في البذور،والبقوليات،والحليب،ومح البيض،والكبد، والكلية والقلب.والموز والفاصولياء الخضراء،

وفي حالات عوز الفيتامين يصاب الجلد بالخشونة،وتظهر عليه القشور،ويحصل تشقق في الشفتين،وتشقق الصوارين(زوايا الشفتين)وع تورم في الشفتين،كما يتضخم اللسان ويميل لونه إلى الإحمرار،ويحدث توسع وعائي في العين.ومخبرياً يشاهد نقص نشاط خميرة الغلوتاثيون دوكتاز في كريات الدم الحمراء.

3 ـ الفيتامينB6:

ويسمى أيضاً البيرودوكسين.

يدخل هذا الفيتامين كعامل هام في عمل الخمائر التي تستقلب الحموض الامينية وخاصة التيروزين،والا{جنين،وحمض الغلوتام والحموض المولدة للدوبا.وهو ذو أهمية في استقلاب التربتوفان.ولذا فإن عوزه قد يسبب الحصاف.والتهاب الجلد،وفقر الدم بسبب اضطراب تشكيل الخضاب الدموي،والتشنج،ولكن حالات عوزه نادرة لأن هناك بعض الجراثيم تستطيع إنشاء الفيتامين في العضوية.

وقد يشاهد عوز الفيتامين الحاد عند استعمال بعض المضادات أثناء المعالجة الدوائية،وخاصة بعض مضادات السل،وهذا يسبب التهاب الاعصاب المحيطية،ولذا يعطى الفيتامين عند إعطاء هذه الادوية المضادة للسل.ويطرح الفيتامين مع الحليب والعرق.

وأهم مصادر الفيتامين:اللحوم،والخضروات،والجوز والموز

4 ـ النيكوتين أميد:أو النياسين:

إن حمض النيكوتين قد عرف منذ القدم،ولكن دوره المانع لحدوث داء الذرة(الحصاف) لم يعرف إلا عام 1937م،وأطلق على الحمض اسم النياسين.

يدخل هذا الفيتامين في تركيب تميمين هامين جداً وهما:NAD،NADP،وهما تميمان لنازعات الهيدروجين،وسلسلة مناقلة الالكترونات.

إن حمض النيكوتي(وليس الأميد) موسع للأوعية ويسبب لدى استعماله توسع وعائي جلدي وع زيادة حرارة الجلد،كما أنه يسبب خفقان القلب.

وتبلغ الحاجة اليومية من الفيتامين حوالي 20 مغ .

وأهم أعراض عوز الفيتامين حدوث داء الذرة أي الحصاف أو البلاغرا،ويتظاهر هذا الداء بالأعراض الثلاثية:الاسهال،والعته،والتهاب الجلد.ومن الأعراض الثانوية:شدة التحسس، الوهن،نقص الوزن، القهم،تورم اللسان، وانتفاخ في الفم.

وأهم مصادر الفيتامين:الحليب والبيض والحبوب.واللحوم والسمك،والفطر والجوز.

كما أنه يتم اصطناع الفيتامين من التربتوفان وإن 60 مغ من التربتوفان تشكل غراماً واحداً من الفيتامين.

5 ـ البيوتين:

ويلعب دوراً هاماً في عمل بعض الخمائر،ولا تشاهد أعراض عوز له،ولكن قد يحدث نقصه التهاب الجلد،والتهاب الأمعاء. وأهم مصادره:صفار البيض النىء،والكبد،والفول السوداني،والخضروات الخضراء.

6 ـ حمض الورق:Folic Acid

استخرج في البدء من أوراق السبانخ،ولذا سمي حمض الورق.وتستطيع بعض الجراثيم تركيبه في الأمعاء الغليظة.

وفي الخلايا الحية وبوجود الفيتامينC،فإنه يتحول إلى الحمض الورقي،وهو يعتبر تميماً هاماً لعمل بعض الخمائر، وينضم للفيتامين B12،في عمليات الاستقلاب المختلفة.ومنها اصطناع البورينات،وإعطاء الثايمين،وتشكيل السيرين من الغليسين،واصطناع الهستدين.والفيتامين يلعب دوراً هاماً في تشكيل الكريات الحمراء،وعوزه يسبب فقر الدم ضخم الأرومات.ويقال أن عوزه عند الحامل قد يسبب تشوهات خلقية عند الجنين.

تبلغ الحاجة اليومية 200 مكروغرام.وأهم مصادره الخضراوات الورقية،الكبد،الخبز،والحبوب.

وأما مضادات حمض الورق:فهي مركبات تعطى في معالجة بعض السرطانات والقضاء على بعض الجراثيم.ومنها الأمينوبترين،والذي يستعمل في علاج ابيضاض الدم.وهناك المضاد الحيوي المسمى الباكتريم،وهو من مضادات حمض الورق.

7 ـ الفيتامينB12:

ويسمى أيضاً الكوبالامين.

الأهمية الحيوية:يلعب هذا الفيتامين مع حمض الورق دوراً هاماً في تشكيل الكريات الحمراء.وفي حال غياب أحد الإثنين فإن طليعة المصورات(البرو اريثروبلاست) بدلاً من أن تنضج وتتحول إلى المصورات الطبيعية،فإنها تشكل خلايا غير ناضجة تدعى المصورات العرطلة(الميغا بلاست) وهذه تفقد نواها وتظهر بشكل كريات حمراء كبيرة تدعى الخلايا العرطلة(الماكروسايتس)وهذه تدخل إلى دوران الدم.وتسبب نوعاً من فقر الدم يسمى فقر الدم ذو الخلايا العرطلة.أو فقر الدم الخبيث.وبالإضافة إلى ذلك فإن عوز الفيتامين ب12 يؤدي لإزالة مادة النخاعين في الجملة العصبية،وحدوث العته،وأمراض الأعصاب المحيطية.

يتم امتصاص الفيتامين من الأمعاء الدقيقة،ويطرح قسم منه مع البراز.ويساعد على امتصاص الفيتامين وجود العامل الداخلي الذي يفرز من قاع وفؤاد المعدة.

كما أن عوز حمض الورق يسبب نفس فاقة الدم بسيب عوز ب12.

وأهم مصادر الفيتامين ب12:اللحوم،والدواجن،والسمك والبيض والحليب.

8 ـ الفيتامين C:

ويسمى أيضاً حمض الأسكوربيك.

ولقد عرف منذ القدم العلاقة القائمة بين هذا الفيتامين ومرض الأسقربوط.

وهو يلعب دوراً هاماً في الجسم في سلسلة مناقلة الهيدروجين،حتى يقال أنه يكفي هذا الفيتامين مع الغلوتاتيون من أجل تنشيط هذه السلسلة.ويلعب دوراً هاماً في استقلاب الفنيل ألانين والتيروزين.

ويوجد حمض الأسكوربي في جميع سوائل وأنسجة الجسم،ويعتبر قشر الكظر أغناها به،وكذلك النخامى والجسم الاصفر في المبيض…والحاجة اليومية منه 70 مغ.

وإن عوز هذا الهرمون يتجلى باضطراب تشكيل ألياف الكولاجين في النسيج الضام في الجسم،وهو ضروري من أجا التئام الجروح،ولذا فإن النزيف الوعائي من العلامات المميزة لنقص هذا الفيتامين،كما يتشوش تشكل العظام،ويسبب هشاشة العظام،ومن أهم الأمراض المرافقة لعوز هذا الفيتامين داء الحفر(الاسقربوط)والذي يتجلى بالنزوف وانتفاخ وتورم اللثة،وآلام المعدة،والاسهال.

وأهم مصادر الفيتامين الفواكه والخضار .والكبد.

9 ـ الفيتامينات الأخرى:ونذكر منها:

حمض البانتوثنيك:عزل عام 1939م،ويوجد في جميع الا،سجة النباتية والحيوانية،وأغنى مصدر له هو الكبد.وهو ذو دور استقلابي هام في الجسم ولا تشاهد أعراض العوز لتوفره الغزير.

وهناك الحمض الشحماني(الليبويك أسيد):وهو واسع الانتشار ويلعب دوراً في عملية الأكسدة في الجسم.

وهناك الإينوزيتول:وله علاقة بالنمو،ويعتبر من أحد مزيلات تشحم الكبد.وهو متوفر بغزارة في الطبيعة.

ومن الناحية التاريخية:(نقلاً عن الويكيبيديا):

أدرك الإنسان أهمية تناول أغذية معنة للحفاظ على الصحة قبل وقت طويل من اكتشاف الفيتامينات.ولقد عرف المصريون القدماء تناول الكبد في ألأنه يساعد على مقاومة العشى الليلي(الناجم عن نقص الفيتامين A).

كما أدى التوسع في الرحلات عبر المحيطات حلال عصر النهضة ولفترة طويلة دون الحصول على الفاكهة والخضروات الطازجة إلى انتشار أمراض بين طواقم السفن كداء الحفر(الاسقربوط).

وفي عام 1747م اكتشف الجراح الاسكتلندي جيمس لند أن تناول الأغذية الحمضية ساعدت في الحد من عوز الفيتامين ج.وفي عام 1753م نشر ليند كتابه “دراسة عن الاسقربوط” وأوصى فيه باستخدام الليمون لتجنب عوز الفيتامين ج.

وفي أواخر القرن الثامن عشر وأوائل القرن التاسع عشر استخدم الدهن المستخرج من زيت السمك في معالجة كساح الأطفال.

وفي شرق آسيا وحيث كان الأرز المقشور الطعام الرئيسي للطبقى الوسطى لوحظانتشار مرض البيري بيري بسبب عوز الفيتامين الثيامين.

وبين عامي 1913 ـ 1948 تم اكتشاف جميع الفيتامينات أو تم التعرف عليها.

المعادن الضرورية:

1 ـ الكالسيوم:

يلعب الكالسيوم دوراً حيوياً هاماً في الجسم،ولعل أهم وظائق الكلسيوم في البدن اشتراكه في عمليات تخثر الدم،والمحافظة على قابلية النقل العصبي ـ العضلي،ودوره الهام جداً في تكلس العظام.

يشارك الكالسيوم في تحويل البروثرومبين إلى الثرومبين،ويلعب دوراً هاماً في قابلية النقل العصبي العضلي وفي حال نقص تراكيزه في الجسم فإنه يحدث التكزز والاختلاجات.

يوجد الكالسيوم في الراتب الغذائي بكميات وافية،وهو يمتص من القسم العلوي من الأمعاء الدقيقة،وإن امتصاصه يتعلق ببعض العوامل ومنها وجود الفيتامين د،ووجود بيئة حمضية،وإن بعض المواد قد تعيق امتصاص الكلسيوم ومنها شاردة المغنزيوم،والحمض النباتيPhytic acid،والذي يوجد بشكل وافر في الحبوب الغذائية كالحنطة والذرة …كما وجد أن اضطراب امتصاص الدسم يسبب اضطراباً في امتصاص الكلسيوم،وأما اللاكتوز أي الحليب وبعض الحموض الأمينية فإنها تساعد في الامتصاص.

يطرح الكلسيوم عن طريق الرئتين والكبد والأمعاء الغليظة،وإن معظم كلسيوم الغائط هو كلس غير ممتص.

إن تركيز كالسيوم المصورة الدموية ثابت ويعادل 9 ـ 11 مغ لكل 100مل،وهو يوجد في الدم بشكلين:

1 ـ الشكل القابل للتفشي أو الكلسيوم الحر وهو يعادل حوالي 50 ـ 60 % من مجموع كلسيوم المصورة الدموية،وهو الشكل الفعال وظيفياً.

2 ـ الشكل الثابت أو غير الحر أو غير المتشرد وهو يوجد مرتبطاً مع بروتينات المصورة وخاصة الألبومين وهو عاطل وظيفياً.

يساعد في الحفاظ على مستوى الكلس في المصورة عدة عوامل وأهمها: وظيفة جارات الغدة الدرقية،والامتصاص المعوي بوجود الفيتامين د،والعظام.

أما هرمون الغديدات جنب الدرق(الباراثورمون) فهو يساعد على رفع تركيز الكالسيوم في الدم،ويساعد على حفض تركيز الفسفور في الدم،وكذلك يساعد على إفراغ الكلسيوم مع البول،ويقوم بذلك من خلال تأثيره المباشر على العظام والكلية،ولذا فإنه في حالات فرط نشاط الغدد جنب الدرقية يلاحظ فرط كلسيوم الدم وعلى العكس في حالات قصور عمل هذه الغديدات.

وهناك مايسمى دوامة لشاردة الكلس بحيث أن كل 5غرام من كلس العظام يتم تجديده كل يوم.

ومن العوامل التي لها علاقة مع كلسيوم الدم:القلاء والذي يسبب نقص الكلسيوم الشاردي في الدم،وأما الحماض فهو يزيده.ولهذا قد يحدث نقص كلس الدم الوظيفي في القلاء كما هو الحال في فرط التهوية.وأما الحماض كما هو الحالفي القصور الكلوي فهو يزيد من كلسيوم الدم الوظيفي.

أسواء استقلاب الكلسيوم:

1 ـ ضياع الكالسيوم بدون وجود فرط أو نقص كلسيوم الدم:

وهذا يشاهد مثلاً في مرض الخرع Rickets،ويشاهد هنا عوز في الفيتامين د مما يسبب عوزاً في الكلسيوم،وخاصة بسبب نقص امتصاصه المعوي،مما يؤدي إلى نقص تكلس العظام واضطرابات صقلية أخرى.

وكذلك في حالات الزرب والاسهالات الدهنية في متلازمات سوء الامتصاص فإنها تسبب زيادة طرح الكلسيوم مع البراز.

وفي مرض تثقب العظامOsteoporosis،وهو ناجم عن نقص الكلسيوم،وقد يكون تركيزه في الدم طبيعياً.

2 ـ الاضطرابات المترافقة مع فرط كلسيوم الدم:

وهذا اضطراب هام لأنه يترافق مع زيادة التكلس في أنسجة متعددة من البدن،وأهم الأمراض التي تؤدي لذلك:فرط نشاط غديدات جنب الدرقية،والانسمام بالفيتامين د،وازدياد تقوض العظام(كما في أورام العظام وابيضاضات الدم)وفي داء الساركوئيد،وفرط نشاط الدرق(بسبب تقوض العظام وحدوث تثقب العظام)،وفرط كلسيوم الدم مجهول السبب عند الاطفال،وفي داء أديسون.

وإن فرط نشاط الغدد جنب الدرق هو العامل الرئيسي المسبب لفرط كلسيوم الدم،وأهم أسبابه الأورام الغدية في هذه الغدد،وفي حالات نادرة سرطانها أو فرط الاستنساج البدئي،أو الثانوي التالي لقصور الكلية المزمن.

كما أن التسمم بالفيتامين د وهذا يشاهد بسبب المعالجة المفرطة به يسبب فرط كلسيوم الدم والذي قد يستمر فترة طويلة بعد انقطاع المعالجة.

وهناك بعض الأورام الحالة للعظام وخاصة الانتقالات السرطانية لسرطان الثدي في العظام،والورم التقي المتعدد،وابيضاضات الدم والأورام اللمفية تسبب ارتفاع كلسيوم الدم.

ولكن هناك سرطانات ترفع الكلسيوم بدون أن تصيب العظام ومنها سؤرطانات الرئة،والبنكرياس والمري والمثانة…وهذا يفسر بأن هذه الأورام تفرز مواداً شبيهة بهرمون جارات الدرق.

وأما داء الساركوئيد فإنه يترافق في ثلث الحالات مع فرط كلس الدم،والسبب غير معروف.

3 ـ الاضطرابات المترافقة مع نقص تكلس الدم:

وهذا يسبب حدوث التكزز لدى المريض.وأهم الأمراض التي تسبب نقص كلس الدم:قصور الغدد جنب الدرقية،وأدواء الكلية الحابسة للفسفور،والاسهالات المزمنة،…ويشاهد بشكل عارض بسبب القلاء الدموي.كما في فرط التهوية.

2 ـ البوتاسيوم:

يوجد البوتاس بتركيز عال في القطاع الخلوي الجواني بالمقارنة مع خارج الخلوي البراني.ولذا يعتبر البوتاس الشاردة الرئيسية داخل الخلايا، بينما الصوديوم الشاردة الرئيسية خارج الخلايا.

يبلغ تركيز البوتاس في المصل 3ـ 5مك لكل لتر.وهو يفرغ عن طريق الكلية ويشرف على هذه المرحلة الستيروئيدات القشرية وخاصة الألدوستيرون،حيث تزيد من إفراغه أو تحصر عود امتصاصه.وعلى هذا فإن اضطرابات وظيفة الكلية تنعكس على تراكيز البوتاس في المصل.

أسواء استقلاب البوتاسيوم:

1 ـ نقص بوتاسيوم الدم:

وهذا يؤدي إلى اضطرابات شديدة في النقل العصبي ـ العضلي،واضطرابات خطيرة في الكلية والقلب.وأهم أسبابه:

ـ الضياع الشديد للسوائل:بسبب الإقياءات أو الاسهالات الشديدة،ويترافق مع ضياع السوائل والصوديوم والكلور،وإذا ماحدث القلاء في هذه الحالة فإن آليات المعاوضة الكلوية سوف تؤدي إلى طرح البوتاسيوم وامتصاص شاردة الهيدروجين وهذا يسب وخامة الحالة.

ـ الحماض السكري:وهو يسبب نقص البوتاسيوم بعدة آليات:الإقياء،وتمدد السوائل بعد إعادة التميه بزرق محاليل ملحية خالية من البوتاسيوم،وازدياد استقلاب سكر العنب بسبب إعطاء الإنسولين،وازدياد تكوين البروتينات في الخلية والذي يحتاج إلى البوتاس.

ـ ازدياد الهرمونات القشرية:وخاصة الألدوستيرون مما يزيد إفراغ البوتاسيوم،وهذا مايشاهد في تناذر كون أي فرط الألدوستيرون.

ـ المخمصة أو سوء التغذية

ـ الشدات:وخاصة الصدمة الجراحية تسبب نقص البوتاسيوم بسبب ازدياد إفرازات الهرمونات القشرية.

ـ محاولة إعادة التميه بزرق محاليل خالية من البوتاس:كما أن الغلوكوز يزيد من إفراغ البوتاسيوم.

ـ الحماض الكلوي:وهذا يعتبر من أهم عراقيل الداء.

ـ استعمال المدرات الطويل الأجل:وخاصة المدرات الزئبقية،..

ـ الشلل الدوري العائلي: مرض عائلي نادر الحدوث.

2 ـ فرط بوتاسيوم الدم:ويشاهد في:

ـ اضطرابات وظيفة الكلية:

ـ التجفاف الوخيم

ـ الاذيات الخلوية الشديدة:كما في الالتهابات المخربة النخرية،وفقر الدم الانحلالي…

ـ الحماض:

ـ القصور الكلوي

ـ إعطاء السوائل الغنية بالبوتاسيوم

3 ـ الحديد

على الرغم من أهميته الحيوية،فإن جسم الإنسان لا يحتوي أكثر من 3 ـ 6 غرام من الحديد،وهي كمية ثابتة،متوازنة،بواسطة آليات الامتصاص والإطراح.وإن آليات الامتصاص هي الأهم في عملية التوازن هذه.لأن قدرة الجسم على طرح الحديد بواسطة الخلايا الوسفية،وعن طريق العصارة الصفراوية هي قدرة محدودة،مغلولة،لا تساوي أكثر من نصف إلى 1 مغ يومياً.

يحتاج الكهل الذكر حوالي 1مغ يوميا من الحديد،وأما الأنثى  فهي وخاصة في سنين الخصوبة تحتاج كميات أكبر،بسبب القروء(الطمث) والحمل.بحيث يقال أن ما يفقد من الحديد أناء المحيض يعادل نصف إلى 1،5مغ يومياً.إضافة إلى الإطراح العادي والذي يبلغ 1مغ يومياً.

إن الغذاء الطبيعي اليومي يحتوي تقريباً 5 ـ 15مغ من الحديد،وهو يمتص في الأمعاء وخاصة من العفج بمقدار 1مغ تقريباً فقط.وهذا الامتصاص يرتبط بصورة خاصة بحاجيات البدن ،ويزداد امتصاصه أثناء الحمل وفاقات الدم.

والنظرية العلمية في امتصاص الحديد تقول بوجود حصار مخاطيMucosal Block،وهي تنص على أن خلايا الغشاء المخاطي في العفج والصائم من الأمعاء الدقيقة تحتوي على بروتين خاص يستطيع أن يرتبط مع الحديد ويسمى بالبروتين الصميم(أبو فيرتين)وعندما يتحد الحديد الممتص مع هذا البروتين يتشكل الفيرتين،وعندما يتشبع هذا البروتين بالحديد،فإنه لايحدث امتصاص آخر للحديد، أي يحدث بعدها نوع من الحصار.ومن ثم يهب الفيرتين ذرة الحديد إلى بروتين آخر في المصل يرتبط مع الحديدويعرف باسم السيدروفيلين (الترانزفيرين)ويعود البروتين الصميم إلى موقعه الأول.وكلما زادت حاجيات البدن من الحديد كلما زادت كمية البروتين المرتبط مع الحديد،وبالتاي يزداد امتصاص الحديد.

هناك بعض العوامل تزيد امتصاص الحديد ومنها الفيتامين ج،وكذلك حمض الكهرمان(السوكسنيك أسيد)يسرع الامتصاص، أما الفوسفات والحمض النباتي فإنها تنقص الامتصاص.وإن امتصاص الحديد يتم بآلية فاعلة تعتمد على جهاز ناقل فعال ويتطلب الأكسدة من أجل توليد القدرة.

إن معظم حديد البدن يوجد في خضاب الدم(75%)والباقي يكون حديداً قابل للمبادلات، أو داخل الخلايا بشكل مركبات ادخارية(أصبغة،خمائر).وإن الحديد الموجود في خضاب الدم ،إما أن يشتق مباشرة من الحديد القابل للتبادل بواسطة الأرومات الحمر في مراكز توليد الكريات الحمراء،أو أنه يُبتلع بواسطة بالعات الكبار والتي تقوم بدورها بإعطائه للأرومات الحمراء.لإغذا لم تكن كمية الحديد القابلة للنقل كافية،فإنه يتم تحريكه من مداخر الحديد.

إن الحديد القابل للتبادل يوجد في المصل مرتبطاً مع الغلوبولين بيتا باسم الترانزفيرين(السيدروفيلين)وإن هذا البروتين وحده قابل فقط للارتباط بالحديد.وإن سعة الدم على نقل الحديد تعتمد على كمية هذا الغلوبولين.وهذه السعة تعادل حوالي 300 ـ 360 غاما من الحديد لكل 100مل مصل.وفي الحالة العادية فإن مدى الإشباع للغلوبولين تبلغ فقط 30 ـ 40 %،وعلى هذا فإن محتوى المصورة من الحديد في الحالة الطبعية يبلغ 50 ـ 95 مكروغرام(غاما)لكل 100مل.وفي حالات عوز الحديد فإن هذا الرقم ينخفض،وعلى العكس في حالات إشباع المداخر بالحديد.ويجب أن نشير إلى ناحية هامة وهي أن درجة إشباع السعة الكلية الارتباطية ليس لها علاقة مع تنظيم امتصاص الحديد.

هذا عن حديد المصل والخضاب،أما الحديد الجواني داخل الخلايا فإنه يوجد بثلاثة أشكال:

1 ـ يشكل أحد عناصر خمائر السلاسل التنفسية وخاصة الصبائغ(السيتوكروم)والخمائر المؤكسدة الفائقة(البيروكسيداز)وبعض الخمائر الاستقلابية الأخرىومنها الكاتالاز.

2 ـ يشكل الذرة المعدنية للخضاب العضلي (الميو غلوبين)

3 ـ يوجد بشكل مركبات ادخارية مثل الفيرتين أو معقداته مثل الهيموسيدرين.

أما الفيرتين:فهو بروتين حديدي يحتوي على البروتين الصميم ويبلغ وزنه الجزيئي 460ألف دالتون.

وأما الهيموسيدرين:فهو يوجد في الأنسجة بشكل حبيبات بلون أصفر ذهبي،وهو ناجم عن تكثف حبيبات الفرتين والمرتبطة مع عناصر هيلية في الخلية.وإن الهيمو سيدرين لا يوجد في الجسم في الحالة الطبيعية،ولا يشاهد إلا عندما يوجد الحديد في الجسم بشكل فائض ومفرط.كما هو الحال في النزوف الموضعية او الانحلال الدموي أو زيادة الراتب الغذائي بالحديد.وأهم مداخر الحديد توجد في الكبد والطحال ونقي العظم.

وبالإضافة إلى المصادر الخارجية للحديد فهناك حديد ذو منشأ داخلي يتكون على حساب تلف الكريات الحمراء في الجسم،وينجم عن هذا حوالي 25 ـ 30 مغ يومياً.وهذا الحديد يدخل في دورة استقلابية من أجل توليد كريات حمراء جديدة وبعض الخمائر.

أسواء اضطراب عدم توازن الحديد:

1 ـ عوز الحديد:وأهم أسبابه:

ـ نقص الراتب الغذائي:وهذا يشاهد في المجاعات والمسغبات.

ـ سوء الامتصاص:كما في داء الزربSprue،واستئصال المعدة،والتناذر الزلاقيCeliac،والتليف الكيسي للمعثكلة.

وإن حموضة المعدة تلعب دوراً هاماً في امتصاص الحديد،وإن عوز الحديد بالمقابل يسبب تبدلات في مخاطية المعدة تقود إلى تناذر فقد الحموضة.

ـ فرط الإطراح:وهذا يشاهد غالباً في القروء(الحيض)،وحالات الحمل،والرضاعة،وهنا لابد من الموازنة الغذائية،كما يشاهد في النزوف الحادة أو المزمنة.

2 ـ فرط الحديد:وأهم أسبابه:

ـ شدة إتلاف الكريات الحمراء:كما في فاقات الدم الانحلالية،ونقل الدم المتكرر،إذ أنه من المعروف أن الكريات الحمراء في نقل الدم ذات حياة قصيرة وسرعان ما تتخرب وتحرر الحديد،مما يؤدي إلى داء الهيموسيدرين.

ـ نقص تصنيع الكريات الحمراء:ويشاهد في فاقة الدم اللامصنعةAplastic ،وفي متلازمة الثالزيميا

ـ داء السكري الشبهي(الهيموكروماتوز)

ـ المعالجة المديدة بمركبات الحديد،وخاصة المعالجة الوريدية.

أولاً :آداب تناول الطعام والشراب

1-التسمية:

فإن من السنّة ذكر اسم الله عند بدء الطعام،وفي حال نسي الإنسان فإنه يذكر اسم الله عند تذكره، فإن التسمية تطرد الشيطان وتبارك في الطعام،جاء في الحديث النبوي الشريف:عن عائشة رضي الله عنها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:

إذا أكل أحدكم فليذكر اسم الله تعالى،فإن نسي أن يذكر اسم الله تعالى في أوله فليقل بسم الله أوّله وأخره”.[رواه الترمذي والنسائي وأبو داود واللفظ له] .

وجاء في حديث آخر : حدثنا عبد الأعلى عن معمرعن هشام عن عروة عن أبيه عن عمر بن سلمة أنه دخل على رسول الله صلى الله عليه وسلم وعنده طعام فقال:“ادنُ بُنيَّ وسم الله وكل بيمينك وكل مما يليك ” [رواه الشيخان والنسائي وابن ماجه وأبو داود واللفظ له].

وعن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:”إذا دخل الرجل بيته ، فذكر اسم الله عند دخوله وعند طعامه قال الشيطان: لا مبيت لكم ولا عشاء،وإذا دخل فلم يذكر الله عند دخوله قال الشيطان: أدركتم المبيت،فإن لم يذكر الله عند طعامه قال : أدركتم المبيت والعشاء” [رواه مسلم والنسائي وابن ماجه وأبو داود واللفظ له ].

وعن عائشة رضي الله عنها قالت: كان النبي صلى الله عليه وسلم يأكل طعاماً في ستة نفر من أصحابه فجاء أعرابي فأكل بلقمتين، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم :”أما إنه لو سمّى كفاكم” [رواه الترمذي].

ومعنى أكل بلقمتين: اي أكل وكل لقمة منه تعدل لقمتين فعل الأكول ولعل ذلك من جوع ألم به حتى شغل بالطعام عن التسمية ويشير الحديث إلى أن الطعام قد نفد دون أن يشبع الحاضرون، وأن عدم التسمية من الأعرابي استحل بها الشيطان من الطعام ونزعت البركة منه،وفرغ القوم منه دون أن يشبعوا، ولو أن الاعرابي سمّى عند الطعام لبورك فيه وكفى الآكلين.

وعن أبي حذيفة عن حذيفة رضي الله عنهما : قال: كنا إذا حضرنا مع النبي صلى الله عليه وسلم طعاماً لم نضع أيدينا حتى يبدأ رسول الله صلى الله عليه وسلم فيضع يده،وإنا حضرنا معه مرة طعاماً فجاءت جارية كأنها تُدفع، فذهبت لتضع يدها في الطعام فأخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم بيدها ،ثم جاء أعرابي كأنما يُدفع فأخذ بيده، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم :“إن الشيطان يستحل الطعام أن لا يذكر اسم الله عليه وأنه جاء بهذه الجارية ليستحل بها فأخذت بيدها، فجاء بهذا الأعرابي ليستحل به فأخذت بيده،والذي نفسي بيده إن يده في يدي مع يدها “وفي رواية لمسلم بزيادة”ثم ذكر اسم الله وأكل” [رواه مسلم والنسائي وأبو داود] .

(ملاحظة:إن من أدب الجماعة والصحبة يقتضي أن يتقدم الكبير ثم يتبعه من بعده سواء كان الكبر في السن أو في المنزلة لاسيما منزلة العلم والرشد).

وأكمل التسمية أن يقول بسم الله الرحمن الرحيم ،ويكفي أن يقول بسم الله، والأفضل في أكل الجماعة أن يسمي كل إنسان بذاته ، ولا مانع ان يسمي أحدهم عن الجميع .

2-الأكل باليمين والأكل مما يلي:

عن ابن عمر رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:” إذا أكل أحدكم فليأكل بيمينه،وإذا شرب فليشرب بيمينه، فإن الشيطان يأكل بشماله ويشرب بشماله” [رواه مسلم].

عن أنس رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: اذكروا اسم الله، وليأكل كل رجل مما يليه”[رواه البخاري].

عن عمربن أبي سلمة رضي الله عنه كنت غلاماً في حجر رسول الله صلى الله عليه وسلم وكانت يدي تطيش في الصحفة، فقال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم :”يا غلام سم الله وكل بيمينك ،وكل مما يليك، فما زالت تلك طِعمتي بعد” [رواه الشيخان واللفظ للبخاري].

وعن عمر بن أبي سلمة – وهو ابن أم سلمة زوج النبي صلى الله عليه وسلم- قال : أكلت يوماً مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فجعلت أكل من نواحي الصحفة فقال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم : كل مما يليك” [رواه الشيخان وفي رواية لمسلم “فجعلت آخذ من لحم حول الصحفة].

وجاء في عيون الأخبار لابن قتيبة (كتاب الطعام) يقال: سَمُّوا إذا أكلتم ودّنوا وسَمتّوا(دنوا: كلوا مما بين أيديكم وما يليكم وما قرب منكم, سمتوا: الدعاء بالخير والبركة).

3-عدم ذمّ الطعام الذي لايحبه:

عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: ماعاب رسول الله صلى الله عليه وسلم طعاماً قط،إن اشتهاه أكله ،وإن كرهه تركه”[رواه الشيخان والترمذي وأبو داود وابن ماجه ].

جاء في زاد المعاد لإبن القيم رحمه الله ج1:

” كان هديه صلى الله عليه وسلم لا يردُّ موجوداً ،ولا يتكلف مفقوداً ،فما قرب إليه شئ من الطيبات إلا أكله،إلا أن تعافه نفسه فيتركه من غير تحريم ،وما عاب طعاماً قط ،إن اشتهاه أكله ،وإلا تركه، كما ترك أكل الضب ،لمّا لم يعتده، ولم يحرمه على الأمة ،بل أكل على مائدته وهو ينظر، وأكل الحلوى والعسل وكان يحبهما، وأكل لحم الجزور والضأن والدجاج ولحم الحُبارى ولحم حمار الوحش والأرنب، وطعام البحر وأكل الشواء وأكل الرُطب والتمر ،وشرب اللبن خالصاً ومشوباً ،والسويق والعسل بالماء ،وشرب نقيع التمر، وأكل الخزيرة وهي حساء يتخذ من اللبن والدقيق ،وأكل القِثّاء بالرُّطب أاكل الأَقِط ، وأكل التمر بالخبز ،وأكل بالخل، وأكل الثريد وهو الخبز باللحم ،وأكل الخبز بالودك(الشحم المذاب) وأكل الكبد المشوية ،وأكل القديد ،وأكل الدُّباء المطبوخة وكان يحبها ،وأكل الثريد بالسمن وأكل الجبن ،وأكل الخبز بالزيت، وأكل البطيخ بالرطب،وأكل التمر بالزبد وكان يحبه ،ولم يكن يردّ طيباً ولا يتكلفه، بل كان هديه أكل ما تيسر فإن أعوزه صبر حتى إنه ليربط على بطنه الحجر من الجوع ،ويرى الهلال والهلال والهلال ولا يوقد في بيته نار.

لقد ترك رسول الله صلى الله عليه وسلم بعض الطعام لعدم موافقته طبعه ولا مألوفه،تركه واجتنبه معتذراً بأنه يعافه أو أنه لا يألفه كما ذكرنا بالنسبة للضب ،وكما قال في الجراد لا أكله ولا أحرمه، وكما قال في الثوم والبصل إني أخاف أن أوذي صاحبي أي جبريل عليه السلام ،وقال فيه لأخر: كله فإني أناجي ولا تناجي(- يريد جبريل عليه السلام)- وذلك من حسن الأدب لأن مالاتشتهيه أو تكون في غنى عنه قد يشتهيه غيرك ،وربما كان في حاجة إليه ،فينبغي أن لا تذمه له حتى لا ينفر منه فيتركه وينفر منه لذمه وتنقصه متقززا له ،بل ربما تركه مجاراة لمن كرهوه فعابوه،وكل ما أذن فيه الشرع لا عيب فيه . والمطعومات تتبع الإلف والعادة فمن اشتهى أكل ومن كره ترك اقتداء بسنته عليه الصلاة والسلام .

4- عدم مراقبة الضيف أثناء الطعام

جاء في عيون الأخبار – ابن قتيبة- كتاب الطعام :”أجلس هشام بن عبد الملك على مائدته رجلاً يؤاكله ، فأبصر في لقمته شعرة فقال: خذ الشعرة من لقمتك  فقال له الرجل: من يُبصر الشعرة في لقمتي، والله لا أكلت معك ابداً ثم خرج  وهو ينشد شعرا ل:

قيس بن المنقري:

وللموتُ خيرٌ من زيارةِ باخلٍ                          يُلاحظُ اطرافَ الأكيلِ على عَمدِ

5-اطعام الطعام 

روى أبو داود عن وحشي بن حرب أن الصحابة قالوا يارسول الله إنا نأكل ولا نشبع ،قال: فلعلكم تفترقون؟ قالوا : نعم ،قال فاجتمعوا على طعامكم ،واذكروا اسم الله يبارك لكم فيه .[ رواه ابن ماجه وأبو داود واللفظ له ].

وهو حديث يحث على الجود واستضافة الفقراء . وهذا الحديث يبين للمسلمين أن الله يبارك لهم في الطعام لأمرين :

-أن يجتمعوا على الطعام

-أن يذكروا اسم الله عند بدء الطعام فإن التسمية تطرد الشيطان

ولا يجوز أن يفهم من الحديث تحريم الأكل من غير جماعة ، يقول تعالى:{ليس عليكم جناح أن تأكلوا جميعاً أو أشتاتاً}[النور 61].

والسنة النبوية الشريفة تحض وتحث على الضيافة وإطعام الطعام وعلى من يُدعى أن يُلبي إن كان قادراً على التلبية. عن عبد الله ابن عمر رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:”إذا دُعي أحدكم إلى الوليمة فليأتها ،فإن كان مفطراً فليطعَم ، وإن كان صائماً فليدع” [رواه الشيخان وأبو داود والنسائي وابن ماجه].

والوليمة تعريفاً: ما يقام من المآدب في دواعي الخير والمسرة كالزواج والختان وولادة ولد،أوالعودة من السفر ..

وفي حديث أخر قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :”إذا دعا أحدكم أخاه فليجب عُرساً كان أو غيره”[ رواه مسلم وابو داود ].

وعن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :”من دُعي فليُجب،فإن شاء طعم ،وإن شاء ترك” [رواه مسلم والنسائي وابن ماجه وأبو داود واللفظ له ].

وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:”شر الطعام طعام الوليمة، يدعى إليها الأغنياء ،ويترك المساكين، ومن لم يأتِ الدعوة فقد عصى الله ورسوله” [رواه الشيخان والنسائي وابن ماجه وأبو داود واللفظ له].

وقوله قد عصى الله : أي ترك الإجابة كسراً لخاطر الداعي واشعاراً له بالاستهانة ،ويأثم إذا كان الحضور ميسراً وليس لديه عذر من مرض أو غياب..

وعن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه: عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: أطعموا الجائع،وعودوا المريض،وفكوا العاني” [رواه البخاري]. قال سفيان الثوري: العاني: الأسير.

واطعام الجائع:أي بما يكفيه ويشبعه فإنه ان لم يشبع يسمى جائعاً ،واطعام الجائع فرض كفاية يطالب به كل مسلم حتى يقوم به بعضهم فيسقط عن الباقين.

وعن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: “أفشوا السلام، وأطعموا الطعام،واضربوا الهَامَ تورثوا الجنان” [رواه الترمذي] .

(واضربوا الهام:أي الرؤوس في الحرب تحريضا على الشجاعة والشدة في لقاء العدو) .

وعن عبد الله  بن سلام رضي الله عنهما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:” يا أيها الناس:أفشوا السلام،، وأطعموا الطعام،وصِلوا الأرحام،وصلوا بالليل والناس نيام،تدخلوا الجنة بسلام”[رواه أحمد والترمذي والحاكم،وصححه الترمذي  والحاكم ووافقه الذهبي].

ومن آداب الدعوة إلى الطعام أن لا يأتي المدعو بشخص أخر معه إلا بإذن الداعي إن لم يعلم رضاه .

عن أبي مسعود البدري رضي الله عنه قال:”دعا رجل النبي صلى الله عليه وسلم لطعام ، صنعه له ،خامس خمسة ، فتبعهم رجل ، فلما بلغ الباب قال له النبي صلى الله عليه وسلم :”إن هذا تبعنا  فإن شئت أن تأذن ،وإن شئت رجع، قال: بل آذن له يا رسول الله ” [متفق عليه] .

روي عن الإمام أحمد بن حنبل قوله: “يؤكل الطعام بثلاث: مع الإخوان بالسرور،ومع الفقراء بالإيثار، ومع أبناء الدنيا بالمروءة”.

قال أبو بكر الهذلي :” إذا جمع الطعام أربعاً كَمُل، إذا كان حلالاً، واجتمعت عليه الأيدي ،وسُميّ الله في أوله ،وحُمد في آخره”.

6-ذم تناول الطعام والشراب واقفا:

عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم زَجرَ عن الشرب قائماً“[رواه مسلم] .

وعن قتادة عن أنس عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه نهى أن يشرب الرجل قائماً . قال قتادة فالأكل؟ قال: ذاك أشرُّ أو أخبث. [رواه مسلم والترمذي ].

وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: لا يشربن أحدكم قائماً فمن نسي فليستقي” [رواه مسلم]

وجاء في حديث آخرعن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده قال: رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يشرب قائماً وقاعداً.

وجاءت مرويات شتى فيما يتعلق بأن يشرب المرء قائماً أو قاعداً . صح عن الخمسة – ماعدا أبو داود-عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: سقيت رسول الله صلى الله عليه وسلم من ماء زمزم فشرب وهو قائم . وعن ابن عمر رضي الله عنهما قال:كنا نأكل على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم ونحن نمشي ،ونشرب ونحن قيام ” [أخرجه الترمذي وصححه] . وعن مالك أنه بلغه أن عمر وعثمان وعلياً كانوا يشربون قياماً.

ويقول الفقهاء: إن الشرب عن قيام مباح،وإنه عن قعود أفضل ،ولا حرمة فيما لو شرب قائماً.

ويقول الإمام محمد الغزالي رحمه الله في كتاب هموم داعية:

“ويخيل إليَّ أن الأحوال التي تكتنف المرء هي التي تحدد طريقة شربه فلا غريمة في القعود ولا جريمة في القيام”.

وما الحكمة من عدم تناول الطعام والشراب وقوفاً ؟ يقول الدكتور ابراهيم الراوي (– مجلة حضارة الإسلام حزيران-تموز-1967م)-:

“إن الإنسان في حالة الوقوف يكون متوتراً من الوجهة الفسيولوجية،حيث أن جهاز التوازن في الدماغ يكون في حالة فعالية شديدة يسيطر فيها على جميع عضلات الجسم لوضعها في الإنذار لتقوم بمهمة توازن الجسم ووقوفه على قدميه منتصباً فوق الأرض بارتفاع كبير، وليست هذه العملية بالأمر السهل أو اللين .والإنسان عندما يكون واقفاً لاتحصل لديه الطمأنينة العضوية التي هي من أهم الشروط المرجوة عند الطعام أو الشراب . أما إذا جلس الإنسان وحدث له الارتخاء والهدوء العصبي والعضلي والنفسي نتيجة زوال العبء الثقيل الوظيفي على جهاز التوازن والعضلات والمفاصل والأربطة المفصلية ،ففي هذا الجو من الهدوء والارتخاء والطمانينة تنشط الأحاسيس وتزداد فاعليات الجهاز الهضمي لتقبل الطعام والشراب.هذا وإن الجسم في حالة الجلوس يهئ للجهاز الهضمي وضعية صحيحة سليمة لتقبل الطعام والشراب، وقبول مروره من خلال البلعوم والمري والمعدة بسهولة . أما في حالة الوقوف،فإن الطعام والشراب يولد صدمات عنيفة على جدران المعدة فينبهها تنبيهاً ضاراً قاسياً يؤدي إلى حدوث انعكاسات عصبية شديدة  على جدران المعدة تقوم بها شبكة من الأعصاب العائدة للعصب المبهم ،وهذه الإنعكاسات العصبية الشديدة قد يكون لها تأثيراً انعكاسيا سيئاً على عضلة القلب”.

ونهى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يأكل الإنسان متكئاً. عن علي بن الأقمر قال سمعت أبا جُحيفة يقول : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :إني لا أكل متكئاً . [رواه البخاري بلفظه والترمذي والنسائي وأبو داود] .

وعن عبد الله بن عمرو قال : ما روي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم يأكل متكئاً قط ،ولا يطأ عَقِبه رَجْلان .[رواه أبو داود وابن ماجه]

(عقبه: اي يدوس قدم من الخلف،رجلان: الماشي على رجليه يقابله الراكب)

ومعنى الشق الثاني من الحديث: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يتقدم أصحابه بحيث يكونون خلفه متزاحمين متدافعين عليه فعل الملوك وذوي السلطان.

وعن أنس رضي الله عنه قال: بعثني رسول الله صلى الله عليه وسلم فرجعت فوجدته يأكل تمراً وهو مقْعِ .[ رواه مسلم بلفظه والترمذي والنسائي] .

(المقعي: من يجلس على مقعده ناصباً ساقيه وهي أيضاً جلسة النشط المتقلل من الطعام) .

7- الأكل من صحفة واحدة

عن عبد الله بن بُسر قال : كان للنبي صلى الله عليه وسلم قصعة يقال لها”الغَرّاء” يحملها أربعة رجال ، فلما أصبحوا وسجدوا الضحى أتي بتلك القصعة – يعني وقد ثُرد فيها- فالتقوا عليها ، فلما كثروا جثا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال أعرابي: ماهذه الجلسة؟ قال النبي صلى الله عليه وسلم:إن الله جعلني عبداً كريماً ،ولم يجعلني جباراً عنيداً . ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : كلوا من حواليها ودعوا ذروتها يُبارك فيها” [رواه أبو داود وابن ماجه] .

وعن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:” إذا أكل أحدكم فلا يأكل من أعلى الصّحفة ،ولكن ليأكل من أسفلها ،فإن البركة تنزل من أعلاها” [رواه أبو داود والترمذي والنسائي وابن ماجة] .

ومن آداب الطعام إذا كان العدد كبيرا أن يبدأ الأيمن فالأيمن .

عن أنس رضي الله عنه قال: قدم النبي صلى الله عليه وسلم المدينة وأنا ابن عشر سنين ومات وأنا ابن عشرين ،وكن أمهاتي يحثنني على خدمته، فدخل علينا دارنا ، فحلبنا له من شاة داجن، وَشِيبَ له من بئر في الدار، فشرب رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال له عمر وأبو بكر عن شماله يا رسول الله أعط أبا بكر، فأعطاه أعرابياً عن يمينه ،وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : الأيمن فالأيمن” [رواه مسلم] .

وعن سهل بن سعد الساعدي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أُتي بإناء فشرب منه وعن يمينه غلام وعن يساره أشياخ ،فقال للغلام: أتأذن أن أعطي هؤلاء ، فقال الغلام : لا، والله لا أوثر بنصيبي منك أحداً . قال: فتلّه رسول الله صلى الله عليه وسلم في يده.[ رواه مسلم ].

(ملاحظة: الغلام : قيل هو عبد الله بن عباس) .

وفي هذه الأحاديث بيان لسنة التيامن في مناولة الشراب ودورانه على الجلوس، وفيها تأكيد لما تظاهرت عليه الدلائل قولا وفعلا من هذه السنة فالأيمن أحق وإن كان صغير أو مفضولا لأن الرسول صلى الله عليه وسلم قدم الأعرابي والغلام على أبي بكر رضي الله عنه وأما تقديم الأفاضل والكبار فإنما يكون عند التساوي في سائر الصفات ولهذا يقدم الأعلم والأقرأ على الأسن النسيب في الإمامة في الصلاة.

8-إذا فرغ من الطعام

عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا أوى إلى فِراشه قال: الحمد لله الذي أطعمنا وسقانا،وكفانا وآوانا،فكم ممن لا كافيَ له ولا مؤوي”(صحيح مسلم].

وعن أبي أمامة رضي الله عنه قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا رفعت المائدة من بين يديه يقول: “الحمد لله حمداً كثيراً طيباً مباركاً فيه ،غير مكفيٍّ ولا  مُودَّعٍ ولا مُستغنى عنه ربّنا “.[أخرجه البخاري]

وعن انس بن مالك رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :“إن الله ليرضى من العبد أن يأكل الأكلةَ فيحمده عليها و يشرب الشربة فيحمده عليها “.[مجمع الفتاوى لابن تيمية وهو حديث صحيح].

كان سعيد بن جبير رضي الله عنه إذا فرغ من الطعام قال:”اللهم أشبعتَ وأرويتَ فهنئنا  وأكثرت وأطبت فزدنا (عيون الاخبار).

ومن السنة النبوية الكريمة أن يلعق يده بعد  الإنتهاءمن الطعام .

عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :”إ ذا أكل أحدكم طعاماً فلا يمسه يده حتى يَلعقها أو يُلعِقُها”[ متفق عليه ].أي يلعقها بنفسه أو يلعقها زوجته أو ولده ..( واللعق تتبع ما عليها من طعام بلسانه) .

ومن السنة النبوية الشريفة أنه إذا وقعت اللقمة على الأرض أن يمط عنها الأذى ويأكلها .

عن أنس رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:”إذا سقطت لقمة أحدكم فليمط عنها الأذى وليأكلها،ولا يدعها للشيطان “، وأمرنا أن نَسْلُتَ الصحفة، وقال: إن أحدكم لا يدري في أي طعام يُبارك له ” [رواه مسلم والترمذي والنسائي وأبو داود واللفظ له ].

وعن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:”إذا أكل أحدكم طعاماً فسقطت لقمة، فليمط ما رابه ثم ليطعمها ، ولا يدعها للشيطان ” [رواه مسلم والنسائي والترمذي واللفظ له].

ومن آداب الضيافة والطعام نذكر أيضاً:

  • يقول الإمام أبو حامد الغزالي: على المضيف أن لايمسك عن الأكل قبل إخوانه إذا كانوا يحتشمون من الأكل بعده،بل يمد اليد ويقبضها ويتناول قليلاً إلى أن يستوفوا، فإن كان قليل الأكل توقف في الابتداء وقلّل الأكل حتى إذا توسعوا في الطعام أكل معهم أخيراً، فإن امتنع لسببٍ فليعتذر إليهم دفعاً للخجلة عنهم .
  • وقال الأستاذ ناجي الطنطاوي(كلمات نافعة):
  • “والضيافة سنةٌ دعا الإسلام إليها وحض عليها،ورد في الحديث أن النبي صلى الله عليه وسلم سئل يا رسول الله أخبرني بشىء يوجب لي الجنة فقال:”طيبُ الكلام،وبذلُ السلام،وإطعام الطعام“[صحيح الترغيب عن أبي شريح العدوي خويلد بن عمرو وصححه الألباني].ومدح الله سبحانه وتعالى عباده المؤمنين بقوله:{ويُطعمونََ الطعامَ على حُبّهِ مسكيناً ويتيماً وأسيراً* إنما نطعمكم لوجهِ الله لانريدُ منكم جزاءً ولا شكوراً}[الإنسان 8 ـ 9]،وقال تعالى حكاية عن إبراهيم عليه السلام حين جاءته الملائكة{ولقد جاءت رسُلُنا إبراهيمَ  بالبشرى قالوا سلاماً قال سلامٌ فما لبث أن جاءَ بعجلٍ حنيذ}[هود 69](حيذ أي مشوي).
  • فالضيافة من مكارم الأخلاق ومن آداب الإسلام وإكرام الضيف من السنن المؤكدة .ولكن التكلف للضيف رمذموم والأفضل تقديم الكفاية من غير زيادة.
  • جاء في العقد الفريد لابن عبد ربه (ج4 ص11):
    “قدم أعرابي من بني كنانة على معن بن زائدة وهو باليمن،فقال:”إني والله ما أعرف سبباً بعد الإسلام والرحم أقوى من رحلة مثلي من أهل السن والحسب إليك من بلاده،بلا سبب ولا وسيلة إلا دعاءك إلى المكارم،ورغبتك في المعروف،فإن رأيت أن تضعني من نفسك بحيث وضعت نفسي من رجائك فافعل.فوصله وأحسن إليه”.

وقال بعضهم : إذا وضعت المائدة فليجلس كلٌّ حيث أجلسهُ صاحب المنزل، وليأكل ويشرب بيمينه، ولا يُقّلب نظره في ألوان الأطعمة، ولا يُتبع اللقمة بأخرى قبل أن يُسيغها ،ولا يشرب والطعام في فمه .

وتقول العرب: من تمام الضيافة الطلاقة عند أول وهلة ،وإطالة الحديث عند المواكلة .

وجاء في ثمر الآداب للقيرواني (ج2 ص341):

-لا يطيب حضور الخِوان إلا مع الإخوان

-البخل بالطعام من أخلاق الطغام

-الكريم لا يحظر، تقديم ما يحضر ( انتهى القيرواني).

جاء في عيون الأخبار – ابن قتيبة-كتاب الطعام:” تقول العرب:العاشِيةُ تهيجُ الآبية: فالعاشية التي ترعى بالعشي من المواشي وغيرها . والآبية : التي لا تريد العشاء . أي إذا رأت الأبية الإبل العواشي تبعتها فرعت معها . يريدون :ان الذي لا يشتهي أن يأكل إذا نظر إلى من يأكل هاجه ذلك الأكل .

ومن آداب المُضيف:أن يخدم أضيافه بنفسه وأهله ،وأن يحدثهم بما تميل إليه نفوسهم، ولا يشكو الزمن بحضورهم، ويبش عند قدومهم ،ويتألم عند وداعهم ،ولا يُظهر نكداً ،ولا ينهر أحداً.

وجاء في وصية أب لأبنه:إذا أكلت فلا تلتفتنّ يميناً ولا شمالاً ،ولا تنفخ في الطعام والشراب، ولا تتبع بصرك لقمة اخيك ،ولا تراقب الجلساء على المائدة، وأعرض عن البِطنة.

ومن آداب الضيف: أن لا يحضر معه للضيافة غيره بغير إذن ،ويقبل خدمة صاحب المنزل فإنها من الكرامة ، ولا يستعجل بإحضار الطعام، ولا يشكو الجوع ،ولا يحلف على صاحب الضيافة أن لا يشتري شيئاً ،ولا يهن أولاده ، ولا يتآمرعلى غلمانه، ولا يتصّدق من مال صاحب الوليمة إلا بإذنه، ولا يردّ سائلاً من تلقاء نفسه، وبعد الطعام يدعو له بالبركة.

  • قيل لعلي بن الحسين رضي الله عنهما: إنك من أبرّ الناس بأمك ،ولسنا نراك تأكل مع أمك في صحفة ؟ فقال: “أخاف أن تسبق يدي إلى ما قد سبقت عينها إليه فأكون قد عققتها”

آداب الطعام عبادات وعادات:

يقول الشيخ محمد الغزالي رحمه الله (ملخص ماجاء في جريدة الشرق الأوسط بتاريخ 22نيسان عام 1989م):

“لا بد من التفريق بين آداب الطعام كعبادات وكعادات، وعدم الخلط بين العادات والعبادات ومنها أي من العادات: يجب أن يوضع الطعام على الأرض لا على الطاولة، أو يجب على الأكل ان يجلس متربعاً أو على ساق أو جاثماً على الساقين، ولا يتناول الطعام أبداً مستنداً إلى كرسي، فالأكل جائز على الأرض وعلى المنضدة ،ويجوز الجلوس على الكرسي أثناء الأكل ،وله أن يأكل وحده في إنائه أو يأكل مع آخرين .وقد وردت أحاديث شتى في آداب المآكل بعضها صحيح وبعضها موضوع وبعضها من عادات العرب ،ومن الأحاديث الباطلة الموضوعة :لا تقطعوا اللحم بالسكين فإنه من صنع الأعاجم ،وانهشوه نهشاً فإنه أهنأ وأمرأ ،وهو حديث باطل وموضوع، فقد ثبت في الصحاح أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يستخدم السكين في تقطيع اللحم وهو يأكل، ولم يجئ أمر بالأكل على الأرض ،أو نهى عن الأكل فوق طاولة ،وما سكت الشارع عنه فهو في دائرة العفو، ولا مكان لوجوب أو حرمة” .

وجاء في حديث الأربعاء لطه حسين (ج3 ص)612:

“فلو أنك طلبت إلى الذين يسرفون في نصر القديم ،ويمقتون أنصار الجديد، ويصفونهم بالكفر،أن يأكلوا ويشربوا ويجلسوا على نحو ما كان يأكل أجدادهم منذ قرون، وعلى نحو ما كانوا يشربون ويلبسون ويجلسون لما سمعت منهم إلا إنكاراً ،ولما رأيت منهم إلا ازوراراً ،ولقد أريد أن أرى بين أنصار القديم من أولئك الذين لا يزالون يأكلون أو يشربون في الصحاف والأكواب من النحاس والفخار، وقد جلسوا على حصير ورفضوا الكراسي رفضاً وأبوا أن يستمتعوا بكل ما أتاحت لهم الحضارة الحديثة من أدوات الترف واللذة البريئة  وأريد أن أرى هؤلاء ولكني يائس من رؤيتهم ،ولست أشك في أن من بينهم من يستمتعون في حياتهم الخاصة بأحدث  ما اخترعت الحضارة من هذه الأدوات على حين لا يظفر من ذلك أنصار الجديد الملحّون في الدعوة إليه إلا بالشئ القليل”.

القواعد الصحية في تناول الطعام والشراب

1-الإعتدال في الطعام والشراب وعدم الإسراف:

إن الإسراف في التغذية بصورة عامة وفي كل أمر من أمور الحياة مدعاة للتلف والضررالبدني تلحق بالمسرف عاجلاً أو أجلاً، قال تعالى:{يا بني آدم خذوا زينتكم عند كل مسجد،وكلوا واشربوا ولا تسرفوا إنه لا يحب المسرفين}[الأعراف 31.]وقال تعالى: {كُلوا من طيباتِ مارزقناكم ولا تطغوا فيه} [طه 81].

فهنا الأمر بالإعتدال والنهي عن الإسراف في الطعام والشراب، وهذه قاعدة صحية ثابتة ودائمة ومادة دستورية صحيحة لاتتغير ولا تتبدل على مرالدهور وكرالعصور .

وجاء في الحديث النبوي الشريف عن المقدام بن معدي كرب رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:”ما ملأ آدَميٌّ (رواية ابن أدم)  وعاءً شراً من بطنٍ، بحسب ابنِ أدمَ  اُكُلاتٌ يُقمِن صُلبَهُ فإن كان لامَحالةَ: فثلثٌ لطعامِه وثُلثٌ لِشرابهِ  وثُلثٌ لنَفَسه” [رواه الترمذي وقال حسن  صحيح.] ورواه أيضاً ابن حبان وابن ماجة والحاكم وصححه الذهبي وأخرجه احمد والنسائي وابن السني.كما رواه ابن ماجه في سننه عن نفس الصحابي”ماملا آدميٌّ وعاءً شراً من بطنٍ حسبُ الآدميّ لُقيماتٌ يُقِمنَ صُلبَهُ فإن غلبتِ الآدميَّ نفسهُ فثلثٌ للطعام وثلثٌ للشراب وثلثٌ للنفس“.

قال ابن القيم رحمه الله :

“ومراتب الغذاء ثلاثة :مرتبة الحاجة،ومرتبة الكفاية، ومرتبة الفضلة . فأخبر النبي صلى الله عليه وسلم أنه يكفيه لقيمات يقمن صلبه ،فلا تسقط قوته ولا تضعف معها ،فإن تجاوزها فليأكل في ثلث بطنه ويدع الثلث الأخر للماء والثالث للتنفس . وهذا من أنفع ما للبدن والقلب، فإن البطن إذا امتلأ من الطعام ضاق عن الشراب  فإذا أورد عليه الشراب ضاق عن النفس وعرض له الكرب والتعب وصار محمله بمنزلة حامل الحمل الثقيل . هذا إلى ما يلزم ذلك من فساد القلب، وكَلِّ الجوارح عن الطاعات ، وتحركها في الشهوات التي يستلزمها الشبع “-(الطب النبوي لإبن القيم)-.

ويقول ابن القيم ايضاً:

“والأمراض نوعان:أمراض مادية تكون عن زيادة مادة أفرطت في البدن حتى أضرت بأفعاله الطبيعية،وسببها ادخال الطعام على البدن قبل هضم الأول،والزيادة في القدر الذي يحتاج إليه البدن،والسبب الثاني تناول الأغذية القليلة النفع البطيئة الهضم.فإذا توسط في الغذاء وتناول منه قدر الحاجة، وكان معتدلاً في كميته وكيفيته كان انتفاع البدن به أكثر من انتفاعه بالغذاء الكثير”.

وجاء في الحديث الشريف:”كُلوا وتصدقوا،والبسوا في غيرِ إسرافٍ ولا مَخيلة”[أخرجه النسائي عن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما،وقال الألباني حديث حسن].

وفي حديث جابر رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:”طعامُ الواحدِ يكفي الاثنين ،وطعامُ الإثنين يكفي الأربعة ،وطعام الأربعة يكفي الثمانية “[ رواه مسلم].

إن الإفراط في تناول الطعام وحدوث التخمة لها مضارها الصحية والنفسية وتؤثر في سلوكيات العبد وتمنعه من القيام بواجباته الحياتية والدينية بشكل تام ومناسب ولنا في رسول الله صلى الله عليه وسلم القدوة والأسوة الحسنة والمنار الذي ينير لنا الطريق لكل الأجيال وفي كل الأزمان وعلى مدى الزمان .عن أبي هريرة رضي الله عنه قال:”ما شبع آل محمد صلى الله عليه وسلم من طعام ثلاثة أيامٍ حتى قُبِض” وفي رواية “ثلاثة أيام تباعاً“. [أخرجه البخاري] .

وعن عاشة رضي الله عنها قالت:”ما شبع آل محمد منذ قَدِمَ المدينة من طعام البُر ثلاث ليالٍ تباعاً حتى قُبض” [رواه الشيخان والنسائي وابن ماجة] .

يقول الأستاذ مصطفى صادق الرافعي رحمه الله(وحي القلم ج2  ص53):

“هذا هو سيد الأمة،يُمسكه في الحياة نبياً عظيماً ما يُخرجُ غيره منها ذليلاً محتقراً،وكأنما  أشرق صفاء نفسه على تراب الأرض فردّه أشعة نور،على حين يُلقى الناس على هذا التراب من ظلام أنفسهم فلا يبقى تراباً بل يرجع ظلاماً،فكأنهم إذ يمشون عليه يطئون المجهول بخوفه وروهته،ثم لايستقر ظلاماً بل يرجع آلاماً،فكأنهم ينبتون على المرض لا على الحياة،ثم لا يلبث آلاماً بل يتحول فورةً وتوثباً تكون  منه نزوات الحمق والجنون في النفس.

ويتابع رحمه الله:”وذلك الإقلال من فهم اللذة هو الإقلال الحيّ الذي يزيد قوةَ فهم الجمال في السماء والأرض ومابينهما،وذلك الضيقُ في حيِّز المتاع للحاسة هو الضيق الحي الذي يوسع حيز المتاع للروح.وبالجملة فذلك النقص من المادة لم يكن إلا لنفي النقص عن الفضيلة،وذلك الاحتقار للعَرض الفاني الزائل هو المعنى الآخر لتقديس الخالد الباقي.

فليس هناك خبز الشعير،ولا الجوع،ولا رهن الدرع عند اليهودي،كلا،كلا، بل هناك حقيقة نفسية عقلية،ثابتة متزنة،قائمة بعناصرها السامية:من اليقين والعقل والحكمة،إلى الرفق والحلم والتواضع،تُخبر هذه الدنيا العلمية الفلسفية المفكرة أن ذلك النبي العظيم هو الرجل الاجتماعي التام بأخلاقه وفضائله،وهو الذي بعث لتنقيح غريزة تنازع البقاء،وكسر هذه الحيولنية،وقمع نزواتها،وإماتة دواعيها،والسمو بخواطرها،فهو بنفسه صورة الكمال الذي بُعث لتحقيقه وإثبات أنه الممكن لا الممتنع،والحقيقي لا الخيالي”.

يقول الأستاذ عباس محمود العقاد-(عبقرية محمد ص149-150)-:

“وليس أولى بالحب والتعجيل ممن يطلب خير الناس ويزهد في نعمة العيش وهي بين يديه ،فقد ثبت أن محمداً صلى الله عليه وسلم لم يستمتع بدنياه  ولم يشبع ثلاثة أيام تباعاً حتى مضى لسبيله . وقالت عائشة رضي الله عنها :”لقد كنت أبكي رحمة له مما أرى به وأمسح بيدي على بطنه مما أرى به من الجوع، وأقول : نفسي لك الفداء لو تبلغت من الدنيا بقوتك” فيقول يا عائشة: مالي وللدنيا.إخواني من أولي العزم من الرسل صبروا على ما هو أشدّ من هذا .

وقالت زوجته أم سلمة رضي الله عنها تصف ما وجدته في بيته ليلة عرسها:”فإذا جرة فيها شئ من شعير ،وإذا رحى وبرمة وقدر وكعب ،فأخذت ذلك الشعير فطحنته ثم عصدته في البرمة  وأخذت الكعب فأدمته ،فكان ذلك طعام رسول الله صلى الله عليه وسلم وطعام أهله ليلة عرسه”. انتهى حديث العقاد .

ويقول الشيخ العلامة محمد الغزالي رحمه الله(خلق المسلم ـ القصد والعفاف ):

“يوصي الإسلام المرء ألا يكون عبد بطنه،يعيش في الدنيا ليأكل،ويغدو ويروح وليس له من هم إلا أن يجمع على مائدته ألوان الطعام،فإذا حشد فوقها مالذّ وطاب سرّ واطمأن،وإلا تغير وتغيظ وحسب أن القدر يكيد له.

إن الرجال الذين يمعنون في التشبع والامتلاء ويبتكرون في وسائل الطهي وضروب التلذذ،لايصلحون لأعمال جليلة،ولا ترشحهم هممهم القاعدة لجهاد أو تضحية”.

ويقول الأستاذ ناجي الطنطاوي رحمه الله(كلمات نافعة ـ القصد في الطعام):

“الفرق بين الإنسان والحيوان،إن الإنسان يأكل ليعيش،أما الحيوان فليس له همٌّ إلا الأكل فهو يعيش ليأكل لأنه لايعرف من الدنيا سوى ذلك،فإذا شاهدت في هذه الحياة أناساً من بني آدم يأكلون كثيراً ويحشون معدهم بالطعام الكثير فاعلم أنهم أشباه الحيوانات.

وقد ذكر الأطباء أن غي الإكثار من الطعام مفاسد كثيرةً فهو يورث البلادة ويمنع النشاط وهو يعوق الذهن عن التفكير السليم فلا يستطيع صاحبه أن يصل بتفكيره إلى رأيٍ واضحٍ صائبٍ وهو مدعاة للخمول والكسل والنوم”

وجاء في الحديث الشريف عن ابن عمر رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم :”الكافر يأكل في سبعة أمعاء والمؤمن يأكل في معي واحدة(أي يأكل دون الشبع) . [رواه مسلم]. وفي رواية للشيخين وابن ماجة عن أبي هريرة رضي الله عنه”المؤمنُ يأكلُ في مِعَىً واحدٍ والكافر يأكلُ في سبعة أمعاء”.

وأما القول المأثور “المعدة بيت الداء والحمية رأس الدواء” فهو للطبيب العربي المشهور الحارث بن كلدة وليس حديثاً نبوياً كما يجري على ألسنة الكثيرين من الناس كما جاء في كتاب زاد المعاد في هدي خير العباد للإمام ابن القيم رحمه الله .

وكذلك القول المأثور”البطنة أصل الداء والحمية أصل الدواء وعودوا كل جسم ما اعتاد” هو حديث باطل ينسب للنبي صلى الله عليه وسلم وقد أورده الإمام الغزالي في كتاب إحياء علوم الدين مرفوعاً إلى النبي صلى الله عليه وسلم ،قال العراقي:لم أجد له أصلاً وأقره الإمام السخاوي في المقاصد الحسنة.

وكذلك ماينسب للرسول صلى الله عليه وسلم “الفكر نصف العبادة،وقلة الطعام هي العبادة “وهو حديث باطل أورده الغزالي في الإحياء ،وقال العراقي لا أصل له .

كان يوسف الصديق على خزائن مصر وخيراتها،ولكنه ما ملأ بطنه قط ،وعندما سئل في ذلك قال كلمته المشهورة:”اخشى أن أشبع فأنسى الجائع“.

وقد حذر عمر الفاروق رضي الله عنه من الإكثار من اللحوم فقال:”إياكم وهذه المجازر فإن لها ضراوة كضراوة الخمر”.

(ضراوة بالشئ: ولع به)

وقال الفاروق رضي الله عنه:”إياكم والبطنة !! فإنها ثِقلٌ في الحياة ،ونتن في الممات”.

وقال الفاروق أيضاً:”إياكم والبطنة فإنها مكسلةٌ عن الصلاة،ومفسدةٌ للجسم، ومؤديةٌ إلى السَّقم  وعليكم بالقصد في قُوتِكم فإنّه أبعدَ من السّرف وأصحُّ للبدن وأقوى على العبادة ،وإنّ العبدَ لن يهلك حتى يؤثر شهوته على دينه(عبقرية عمر للعقاد ص69)

وكتب عمر الفاروق إلى أبي موسى الأشعري :”وإياك أن ترتع فيرتع عمالك ،فيكون مثلك عند الله عز وجل مثل البهيمة نظرت إلى خضرة من الأرض، فرعت فيها تبتغي بذلك السمنة، وإنما حتفها في سمنها والسلام عليك”.

وقال الإمام علي رضي الله عنه:”كثرة الطعام تميت القلب، كما تميتُ كثرةُ الماءِ الزرع”.

وقال الحسن رضي الله عنه:”والله لقد أدركت أقواماً إن كان أحدهم ليأكل غداءً فما عسى أن يقارب شبعه فيمسك “.وقال:”والله لأن ينبذ رجلٌ طعامه للكلب خيرٌ له من أن يأكل فوق شبعه”.

وعن محمد بن سيرين عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: “لقد رأيتني وإني لأَخِرُّ فيما بين منبر رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى حجرة عائشة رضي الله عنها مغشياً علي ، فيجئ الجائي فيضع رجلهُ على عنقي ويرى أني مجنون ،ومابي من جنون، مابي إلا الجوع “. رواه البخاري.

(كانت العادة لمن يظن أنه وقع من جنون أن توضع الرجل في عنقه حتى يفيق)

وقال لقمان الحكيم ينصح ابنه:”يا بني إذا امتلأت المعدة نامت الفكرة وخرست الحكمة وقعدت الأعضاء عن العبادة”.

ويقول الإمام ابن القيم رحمه الله :”من مفسدات القلب: الطعام ،والمفسد له من ذلك نوعان :

أحدهما: مايفسده لعينه وذاته كالمحرمات وهي نوعان:

محرمات لحق الله: كالميتة والدم ،ولحم الخنزير، وذي الناب من السباع والمخلب من الطير .

وحرمات لحق العباد : كالمسروق والمغصوب والمنهوب، وماأخذ بغير رضا صاحبه،إما قهرا وإما حياء وتذمما.

والثاني: ما يفسده بقدره وتعدي حده، كالإسراف في الحلال ،والشبع المفرط، فإنه يثقله عن الطاعات، ويشغله بمزاولة مؤنة البطنة ومحاولتها حتى يظفر بها ،فإذا ظفر بها شغله بمزاولة تصرفها ووقاية ضررها،والتأذي بثقلها ،وقوى عليه مواد الشهوة ، وطرق مجاري الشيطان ووسعها ،فإنه يجري من ابن آدم مجرى الدم , فالصوم يضيق مجاريه ويسد طرقه ،والشبع يطرقها ويوسعها . ومن أكل كثيراً شرب كثيراً فنام كثيراً فخسر كثيراً “.

ويقول الإمام ابن الجوزي في تلبيس إبليس:

“واعلم أن المذموم من الأكل إنما هو فرط الشبع،وأحسن الآداب في المطعم أدب الشارع صلى الله عليه وسلم .عن المقداد بن معد يكرب رضي الله عنه قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: “ما ملأ ابن أدم وعاءً شراً من بطنه ، حسب ابن أدم أكلات يقمن صلبه فإن كان لابد فثلث طعام وثلث شراب وثلث لنفسه”، ويتابع ابن الجوزي: ولو سمع ابقراط هذه القسمة في قوله ثلث وثلث وثلث لدهش من هذه الحكمة لأن الطعام والشراب يربوان في المعدة فيتقارب ملئها فيبقى للنفس من الثلث قريب ، فهذا أعدل الأمور، فإن نقص منه قليلاً لم يضر وإن زاد النقصان أضعف القوة وضَيّق المجاري من الطعام” .

ويقول الإمام الشافعي رضي الله عنه:”الشبع يعقل البدن ويقسي القلب ويزيل الفطنة ويجلب النوم ويضعف صاحبه عن العبادة”.

وقال الشافعي رضي الله عنه:”ما شبعت منذ ست عشرة سنة لأن الشبع يثقل البدن، ويقسي القلب ويزيل الفطنة ،ويجلب النوم ، ويضعف صاحبه عن العبادة”.

يحيى بن معاذ الرازي:”من كثر شبعه كثرَ لحمه،ومن كثر لحمه كثرت شهوته، ومن كثرت شهوته كثرت ذنوبه ،ومن كثرت ذنوبه قسي قلبه،ومن قسي قلبه غرق في آفات الدنيا وزينتها “.

الفضيل بن عياض:”شيئان يُقسيان القلب:كثرة الكلام وكثرة الأكل”.

قال ابراهيم بن أدهم :”من ضبط بطنه ضبط دينه ،ومن ملك جوعه ملك الأخلاق الصالحة، وإن معصية الله بعيدة من الجائع قريبةٌ من الشبعان، والشبع يميت القلب ومنه يكون الفرح والمرح والضحك”.

قال أبو سليمان الداراني:”لأن أترك لقمةً من عشائي احبُّ إليَّ من قيام ليلةٍ إلى الصبح”.

عبد الله بن المقفع:”أصل الأمر في صلاح الجسد ألا تحمل عليه من المآكل والمشارب والباه إلا خفافاً ،ثم إن قدرت على أن تعلم جميع منافع الجسد ومضاره والانتفاع بذلك كله فهو أفضل”.

قال أحدهم:”ثلاثة تورث ثلاثة: النشاط يورث الغنى،والكسل يورث الفقر، والشراهة تورث المرض”.

قال أكثم بن صيفي:”رُبَّ أكلةٍ تمنعُ أكلات(جمهرة الأمثال للعسكري ج2 ص266).

ثابت بن قرة:”راحة الجسم في قلة الطعام”

وجاء في العقد الفريد لإبن عبد ربه:”الدواء الذي لا داء معه أن تقعد على الطعام وأنت تشتهيه  وتقوم عنه وانت تشتهيه”.

محمد إقبال(روائع إقبال):”عبادة البطن قتل للروح، وإذا شئت اخترت القلب ،وإذا شئت اخترت البطن”.

وجاء في مجمع الأمثال للميداني يقال:”إنّ مما يُنبِتُ الرّبيعُ ما يقتلُ حَبَطاً أو يُلمُّ: الربيع ينبت العشب فتستكثر منها الماشية حتى تنتفخ بطونها إذا جاوزت حد الأحتمال فتنشق أو تهلك “(الحبط: انتفاخ البطن)

وجاء في مجمع الامثال للعسكري (ج2 ص)193:”يقولون: ليسَ الرِّيُّ عن التَّشافِّ: يضرب مثلاً للقناعة ببعض الحاجة . أي ليس قضاء الحاجة أن تدركها إلى أقصاها ،بل في معظمها مَقْنَعٌ . والتشاف:هو استقصاء الشرب حتى لا يبقى في الإناء شئ . والشُّفافة: بقية الشراب في الإناء.

وجاء في نفس المرجع للعسكري (ج2 ص)193:يقولون : لم يُحرم من فُصِدَ له : أي لم يُحرم من نال بعض حاجته . وأصله أن يُملأ المصيرُ دماً من أوداج البعير أو الفرس ثم يُشوى فيؤكل .

قالوا:”من غرس الطعام أثمره الأسقام “

قالوا:”ثلاثة تضر بأربابها:”الإفراط في الأكل إتكالاً على الصحة ،والتفريط في العمل اتكالاً على القدر،وتكلف ما لا يطاق اتكالاً على القوة”.

وجاء في جمهرة الأمثال للعسكري (ج1 ص 122) :” العرب تذم الشهوان الرّغيب (الطامع في الطعام) ولهذا قال أعشى باهلة يمدح المنتشر بقلة الأكل:

تكفيه حُزَّةُ فِلْذٍ إن ألمَّ بها                            من الشَّواءِ ويُروي شُربه الغُمَرُ

(الحزة:القطعة من اللحم اذا كانت مقطوعة طولا,الغمر: القدح الصغير)

وقال ابن سينا:

اسمعْ بُنيَّ وصيتي واعمل بها      فالطبُّ معقودٌ بنصِّ كلامي

لاتشربنْ عُقيبَ أكلٍ عاجلاً        فتقودَ نفسكَ للأذى بزمامِ

واجعل غذاءكَ كلَّ يومٍ مرّة    واحذرْ طعاماً قبل هضمِ طعامِ

واحفظ منيكَ ما استطعت فإنهُ    ماءُ الحياة يُراقُ في الأرحامِ

وقال ابن رقيقة(طبيب وشاعر دمشقي 1168 ـ 1237م):

توقَّ الامتلاءَ وعَدِّ عنه      وادخال الطعام على الطعام

وإكثار الجماع فإنّ فيهِ   لمن والاهُ داعية السقامِ

ولاتشرب عُقيبَ الأكل ماء     فتسلم من مضراتٍ عظام

ولا عند الخوى والجوع حتى   تُلهِّن باليسيرِ من الأدامِ

وخذ منه القليل ففيه نفع    لذي العطش المُبرّح والأوام

وهضمك فاصلحنّه فهو أصلٌ     واسهل بالأبارحِ كل عام

وفصدُ العرق نَكّبْ عنه إلا    لذي مرض وطيب الطبع حامي

ولاتتحركنَّ عُقيبَ أكلٍ      وصيّر ذاك بعد الانهضامِ

لئلا ينزل الكيلوس فجاً   فيولجُ في النتافذ والمسام

وقَلّلْ ما استطعت الماءَ بعد الرياضة واجتنب شُربِ المُدام

وعدّل مزج كأسك فهي تبقي   الخرارة فيك دائمة الضرام

وخلِّ السُّكرَ واهجرهُ ملياً   فإنَّ السكرَ من فعلِ الطغامِ

وأحسن صونَ نفسكَ عن هواها    تفزْ بالخلدِ في دار السلامِ

وجاء في عيون الأخبار لإبن قتيبة (كتاب الحوائج ص 135):

كان شبيب بن شيبة رجلاً شريفاً يفزع إليه أهل البصرة في حوائجهم ،فكان إذا أراد الركوب تناول من الطعام شيئاً ثم ركب ، فقيل له : إنك تباكر الغداء؟ فقال: اجل أطفئ به فورة جوعي ،وأقطع به خُلوف فمي  وأبلغ في قضاء حوائجي، فخذ من الطعام ما يذهب عنك النهم ،ويُداوي من الخوى “.

وفي نفس المرجع أحدهم ينصح ابنه:

“أي بني ، أمرٍ ما طالت أعمار الهند ،وصَحّت أبدان الأعراب، فلله در الحارث ابن كَلَدة حيث يزعم أن الدواء هو الأزَم(ألا تدخل طعاما على طعام)وأن الداء إدخال الطعام إثر الطعام” .

أي بني، لِم صفت أذهان الأعراب، وصَحّت أبدان الرهبان ،مع طول الإقامة في الصوامع حتى لم تعرف النِّقرِس ولا وجع المفاصل ولا الأورام إلا لقلة  الرُّزْءِ وخفة الزاد(الرزء: مايصيب الانسان من قلة الطعام)، وكيف لا ترغب في تدبيرٍ يجمع لك صحة البدن وذكاء الذهن  وصلاح المِعي(الامعاء) وكثرة المال ،والقرب من عيش الملائكة !

أي بني، لم صار الضّب أطول شئ ذَماءً(طول حياة) إلا لأنه يتبلغ بالنسيم ،ولم قال الرسول صلى الله عليه وسلم “إن الصوم وجاء” إلا ليجعله حجاباً دون الشهوات . افهم تأديب الله ،فإنه لم يقصد به إلا مثلك .

أي بني، قد بلغتُ تسعين عاماً ما نَغَض لي سن، ولا انتشر لي عصب (نغض:قلق وتحرك، انتشر:انتفخ) ولا عرفتُ ذنين أنف(المخاط الرقيق يسيل من الأنف)ولا سيلان عين، ولا سلس بول ،ما لذلك علة إلا التخفيف من الزاد، فإن كنت تحب الحياة فهذه سبيل الحياة ،وإن كنت تريد الموت فلا يُبعد الله إلا من ظلم نفسه “.

وجاء في نفس المرجع كتاب الطعام :سأل عبد الملك بن مروان أحدهم فقال: هل أتخمت قط؟ قال: لا ، قال: وكيف ذاك؟ قال: لأنا إذا طبخنا أنضجنا، وإذا مضغنا دّققنا، ولا نَكُظُّ المعدة ولا نخليها”.

وجاء في عيون الأخبار لإبن قتيبة كتاب الطعام :” قال عبد الملك لإعرابي : إنك حَسَنُ الكِدْنه(غلظ الجسم وكثرة اللحم) قال: إني أدفئ رجليَّ في الشتاء  وأُغفل غاشية الغمِّ، وآكل عند الشهوة”.

وفي نفس المرجع عن شُرَحبيل بن مسلم قال : قال أبو الدرداء : “بئس العون على الدِّين قلبٌ نخيب(جبان) وبطنٌ رغيب(واسع الجوف كناية عن كثرة الأكل وشدة النهم) ونعظٌ شديد”.

الحسن البصري: “إن ابن أدم أسير الجوع ،صريع الشبع”.(عيون الاخبار –ابن قتيبة)

وفي نفس المرجع: الأصمعي قال: بلغني أن أقواماً لبسوا المطارفَ العِتاق  والعمائم الرِّقاق ،وأوسعوا دورهم ،وضيقوا قبورهم ، وأسمنوا دوابهم ،وهزلوا دينهم ،طعام أحدهم غصب،وخادمه سُخرة، يتكئ على شماله ،وياكل من غير ماله ،حتى إذا أدركته الكِظّة قال : ياجارية هاتي حاطوماً(الهاضوم وكل ما يهضم الطعام)، ويلك ،وهل تحطم إلا دينك ! أين مساكينك ! أين يتاماك ! أين ما أمرك الله به ، أين أين !؟

قال العتبي : قلت لرجل من أهل البادية : يا أخي ، ني لأعجب من أي فقهاءكم أظرف من فقهائنا ،وعوامكم أظرف من عوامنا، ومجانينكم أظرف من مجانينا !! قال: أوما تدري لم ذاك؟ قلت: لا قال: من الجوع، ألاترى أن العود إنما صفا صوته لخلو جوفه .

وقيل لجالينوس(ونسب لأ بقراط في العقد الفريد): إنك تُقِلّ من الطعام ؟ قال: “غرضي من الطعام أن آكل لأحيا ،وغرض غيري من الطعام أن يحيا ليأكل”. (عيون الاخبار)

كان كسرى أنو شروان يمسك عما تميل إليه شهوته ولا ينهمك عليه، ويقول: “تركنا ما نحبه لنستغني عن العلاج بما نكرهه “.

ويقال: “أقلل طعاماً تَحمدْ مناماً”.(نفس المرجع)

يقال: “نِعمَ الإدامُ الجوعُ، ما ألقيت إليه قَبله”.

قالوا : “راحة الجسم في قلة الطعام، وراحة النفس في قلة الآثام،وراحة القلب في قلة الاهتمام ،وراحة اللسان في قلة الكلام”.(عيون الاخبار-ابن قتيبة-)

ومن النصائح التي جاءت في كتاب القانون لابن سينا فيما يتعلق بصحة الغذاء مايلي:

ـ واعلم أنه لا شىء أردأ من شبع في الخصب،يتبعه جوع في الجدب،وقد رأينا خلقاً ضاق عليهم الطعام في القحط فلما اتسع الطعام امتلؤوا وماتوا.

ـ على أن الامتلاء الشديد في كل حال قتال،كان من طعام أو شراب،فكم من رجل امتلأ بإفراط فاختنق ومات.

ـ أضر شىء بالبدن إدخال غذاء على غذاء لم ينضج وينهضم،ولا شر من التخمة،وخصوصاً ما كان تخمة من أغذية رديئة.

ـ الأعراض النفسانية الفادحة والحركات البدنية الفادحة يمنعان الهضم.

2- عدم ادخال الطعام على الطعام وآداب الشراب الصحية:

جاءت السنة النبوية مبينة وجوه الشرب السليمة ومنها استحباب التنفس ثلاث مرات خارج الإناء.

جاء في الحديث الشريف عن أنس رضي الله عنه “أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يتنفس في الشرب ثلاثاً: [متفق عليه ]. والحديث يعني : يتنفس خارج الإناء . وفيه استحباب أخذ الماء على ثلاث جرعات، والتنفس بعد كل جرعة وهذا مايؤيده الطب والصحة .

وعن ابن عباس رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :”لا تشربوا واحداً كشرب البعير، ولكن اشربوا مثنى وثلاث، وسموا إذا أنتم شربتم ،واحمدوا إذا أنتم رفعتم ” [رواه الترمذي] .

وفي حديث أخر متفق عليه عن أبي قتادة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم” نهى أن يُتنفس في الإناء“.

ومن آداب الشرب أيضاً كراهة الشرب من فم القربة ونحوها كراهة تنزيهية .

عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال : نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن اختناث الأسقية ، (يعني أن تكسر أفواهها ، ويشرب منها) ” [متفق عليه] .وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يشرب من فِي السِقاء أو القِربة“[متفق عليه].

ومن آداب الشرب أيضاً كراهية النفخ في الشراب ،عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن النفخ في الشراب ، فقال رجل: القذاة أُراها في الإناء ؟ فقال : أهرقها ، قال: إني لا أروى من نَفَس واحد؟ قال : فأبن القدح إذن عن فيك ” [رواه الترمذي وقال حسن صحيح ].

(أي أزل الكأس وأبعده عن فمك إذا شربت أكثر من جرعة .)

جاء في جمهرة الأمثال للعسكري (ج1 ص484):”يُقال: الرَّشفُ أنْقَعْ: وأصله أنّ الشراب إذا رُشف قليلاً قليلاً كان أقطع للعطش وأجلبَ للرّي “.

سئل الحارث بن كلدة طبيب العرب: مالدواء الذي لا داء فيه ؟ قال: الا يدخل بطنك طعام وفيه طعام(بهجة المجالس ج1 ص378)

وفي نفس المرجع السابق : ثلاثة تقتل:”الحمام على الكِظّة، والجماع على البطنة، والإكثار من أكل القديد اليابس”.

جاء في جمهرة الأمثال للعسكري( ج1 ص200):يقال: آكلُ من حوت: لبلعه الاشياء من غير مضغ ،وإنما يُسرعُ الشَّبعُ مع المضغ ،ويُبطئ مع البلع من غير مضغ ، فالماضغ يشبعه القليل والبالع لا يشبعه الكثير، وهكذا سبيل الماء في الرّشف والعبّ.

جاء في عيون الأخبار(–ابن قتيبة –كتاب الطعام ص270):

“قال الحجاج لمتطببه تياذوق(طبيب مشهور في صدر الاسلام والدولة الاموية وكان الحجاج يثق به ويعتمد على مداواته): صف لي صفةً آخذ بها في نفسي ولا أعدوها ؟ قال تياذوق: لا تتزوج من النساء إلا شابة،ولا تأكل من اللحم إلا فتياً، ولا تأكله حتى يُنعَم طبخه ،ولا تشربن دواءً إلا من علةٍ، ولا تأكل من الفاكهة إلا نضيجها ،ولا تأكل طعاماً إلا أجدتَ مضغه،وكل ما أحببت من الطعام واشرب عليه ، وإذا شربت فلا تأكل عليه شيئاً ،ولا تحبس الغائط والبول، وإذا أكلت بالنهار فنم ،وإذا أكلت بالليل فتمشى ولو مائة خطوة “.

ومن نصائح تياذوق للحجاج : أربع خصالٍ يهدمن العمر وربما قتلن: دخول الحمام على بِطنةٍ ،والمجامعة على الإمتلاء وأكل القديد الجاف(اللحم المجفف) وشرب الماء البارد على الريق، وقيل مجامعة العجوز”.

وجاء في عيون الأخبار لإبن قتيبة كتاب الطعام.  قال جعفر : كنا نأتي فرقداً السَّبخيَّ ونحن شببة(شباب) فيعلمنا : إن من ورائكم زماناً شديداً ، فَشدُّوا الأزُرَ على أنصاف البطون، وصَغِرّوا اللقم ،وشَددّوا المضغ، ومُصوّا الماء مصاً ،وإذا أكل أحدكم فلا يَحُلنَّ إزاره فتتسع أمعاؤه،وإذا جلس أحدكم ليأكل فليقعد على أليتيه ،وليلزق بطنه بفخذيه،وإذا فرغ فلا يقعد وليجئ وليذهب، واحتموا(من الحمية) فإن من ورائكم زماناً شديداً”.

وجاء في نفس المرجع أحدهم ينصح ابنه: يا بنيّ عَوِّد نفسك الأُثرة(المكرمة) ومجاهدة الهوى والشهوة ،ولا تنهش نهش السباع ، ولا تُدمن الأكل إدمان النعاج،ولا تَلقَم لقمَ الجمال ،فإن الله تعالى جعلك إنساناً وفَضّلك، فلا تجعل نفسك بهيمةً ولا سبعاً  واحذر سرعة الكِظّة (الامتلاء من الطعام) وسَرَف البطنة”.

يقول الشاعر معروف الرصافي في أكول:

أكبَّ على الخوان وكانَ خِفاً     فلما قامَ أثقلهُ القيام

ووالى بينهما لُقماً ضخاماً       فما مرئت له اللُّقم الضخام

وعاجل بلعهنّ بغير مضغ     فهنّ بفيهِ وضع فالتهام

فضاقت بطنه شبعاً وشالت    إلى أن كاد ينقطع الحزام

فأرسلت اللحاظ إليه شزراً   وقلت له رويدك ياغلام

أرى اللقمات تأخذها حلالاً    فتدخل فاك وهي بهِ حرام

قد انتضت بجوفك مفردات    تخلل بينها الداءُ العُقام

أتزدرد الطعام بغير مضغ        على أيام صحتك السلام

فلا تأكل طعامك بازدراء           معاجلة فيأكلك الطعام

ألا إنّ الطعام دواء داء              به ابتليت من القِدم الأنام

فداوِ سقام جوعك عن كفاف       فأكثر الدواء هو السقام

طعام الناس أعجب ما أحبوا        فمنه حياتهم وبهِ الحِمام

يقودهم الزمان إلى المنايا            وماغير الطعام لهم زمامُ

وأعجب منه أن الناس راموا       تنوعهُ ألا بئس المرام

حذارِ حذارِ من جشع فإنّي          رأيتُ الناسَ أجشعها اللئام

وأغبى العالمين فتى أكول          لفطنته ببطنتهِ انهزامُ

ولو أني استطعت صيام دهري      لصمتُ فكان ديدني الصيامُ

ولكن لا أصوم صيام قوم     تكاثر في فطورهم الطعامُ

فإن وضح النهارطووا جياعاً      وقد نهموا إذا اختلط الظلام

وقالوا يانهار لئن تجعنا     فإنّ الليل منك لنا انتقامُ

وناموا متخمين على امتلاء    وقد يتجشئون وهم نيام

فقل للصائمين إداء فرض    ألا ماهكذا فُرض الصيامُ

3- النهي عن البدانة والسمنة:

عن عمران بن حصين رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال:”خيركم قرني ثم الذين يلونهم ثم الذين يلونهم . قال عمران: فما أدري قال النبي صلى الله عليه وسلم مرتين أو ثلاثا – ثم يكون من بعدهم قوم ….ولا يسُتشهدون ، ويخونون ولا يُؤتمنون ،ويندرون ولا يوفون ،ويظهر فيهم السِّمن” [متفق عليه].

روى الشيخان عن أبي هريرة رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:”إنه ليأتي الرجل العظيم السمين يوم القيامة لا يزن عند الله جناح بعوضة” . وقال اقرؤوا: {فلا نقيم لهم يوم القيامة وزنا}.[الكهف 105]

وجاء في الصحيحين أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: “ألا أخبركم بأهل الجنة؟ قالوا: بلى، قال صلى الله عليه وسلم: كل ضعيف متضعف لو أقسم على الله لأبره،ثم قال: الا أخبركم بأهل النار؟قالوا: بلى،قال: كل عتل جواظ مستكبر“.

جاء في لسان العرب:الجواظ: كثير اللحم الجافي الغليظ الضخم المختال في مشيته.وقال الإمام النووي في شرح صحيح مسلم:أما الجَوّاظ فهو الجموع المنوع. وقيل كثير اللحم المختال في مشيته. وقيل : القصير البطين

جاء في البصائر والذخائر ج3 :” قال ابن عباس : خطب عمر فقال:”إياكم والبطنة فإنها مكسلةٌ عن الصلاة ،مفسدةٌ للجسم، مؤديةٌ إلى السقم ،وعليكم بالقصد في قوتكم، فإنهُ أبعد من السّرف وأصَحُّ للبدن وأقوى على العبادة،وإنّ العبد لن يهلك حتى يؤثر شهوته على دينه”.

عمر الفاروق رضي الله عنه:”إياكم والسمنة فإنها عقله(أي أنها تقيد الإنسان في عمله وفكره).

عائشة رضي الله عنها : “أول بلاء حدث في هذه الأمة بعد نبيها الشِبَعْ ،فإن القوم لما شبعت بطونهم سمنت أبدانهم ،فضعفت قلوبهم وجمحت شهواتهم ” [رواه البخاري].

جاء في كتاب القانون لابن سينا:”إن السمن المفرط قيد للبدن عن الحركة والنهوض والتصرف،ضاغط للعروق ضغطاً مضيقاً لها،فينسد على الروح مجاله فيطفا كثيرا.وكذلك لا يصل إليهم نسيم الهواء،فيفسد بذلك مزاج روحهم،ويكونون على حذر من أن يندفع الدم منهم أيضاً إلى مضيق،فربما انصدع عرق بغتة انصداعاً قاتلاً،وفي مثل هذا الحال والحال التي قبلها يحدث بهم ضيق نفس وخفقان،فليتدارك حينئذ حالهم بالفصد،وهؤلاء بالجملة معرضون للموت فجأة،فإن الموت إلى العيال الباغين فيه أسرع،وخصوصاً الذين عبلوا في أول السن فهم دقاق العروق مضغوطوها وهم معرضون للسكتة والفالج والخفقان والذرب ولسوء التنفس والغشي والحميات الرديئة،ولا يصبرون على جوع ولا على عطش بسبب ضيق منافذ الروح وقلة الدم ،ولن يبلغ الإنسان المبلغ العظيم من العبالة إلا وهو بارد المزاج،ولذلك هم غير مولدين ولا منجبين،ومنهم قليل،وكذلك العبلات من النساء لا يعلقن،وإن علقن أسقطن…

جاء في عيون الأخبار لإبن قتيبة – كتاب الطعام :

“قيل لأحدهم : ما أسمنك؟ قال: قِلّة الفكرة، وطُولُ الدّعة ،والنومُ على الكِظّة”.

وفي نفس المرجع قال أحدهم : إذا كنت بطيناً فَعدَّ نفسك من الزمنى”.

وفي نفس المرجع: قال أحدهم: اعلم أن الشبع داعية البَشَم،وأن البشم داعية السقم ،وأن السقم داعية الموت، فمن مات بهذه الميتة فقد مات ميتةً لئيمةً،وهو مع هذا قاتل نفسه، وقاتل نفسه ألام من قاتل غيره .

يابني، والله ما أدى حقّ الركوع والسجود ذو كِظّة ،ولا خشع لله ذو بطنة، والصومُ مصحة، والوَجبات عيش الصالحين “.(الوجبات: جمع وجبة،وهي الأكلة في اليوم والليلة)

وجاء في الأمثال للعسكري (ج1 ص78):” رأى أعرابي أحدهم وكان جَيّدَ الكُدْنة(وفرة الشحم واللحم) فقال له:أرى عليك قميصاً صفيقاً من نَسجِ ضِرسك.”

وفي عيون الأخبار لإبن قتيبة : قيل لرجل: ما أسمنك؟ قال: أكلي الحار ،وشربي القار(البارد)،واتكائي على شمالي ،وأكلي من غير مالي.

صام أبو موسى الأشعري رضي الله عنه حتى عاد كأنّه خلال ،فقيل له: لوأجممت نفسك ؟ فقال: هيهات، إنما يسبق من الخيل المضمرة . وربما خرج من منزله فيقول لأمرأته:شدي رحلك فليس على جسر جهنم معبر.

ومن الناحية الطبية:

يمكن أن نعرف البدانة بتعريف السهل الممتنع:أنها زيادة الوزن بسبب زيادة النسيج الشحمي في البدن عن حد الاعتدال. وإذا أردنا أن نعقد الأمور أكثر كتعقيد معضلة البدانة نقول: أن البدانة هي زيادة النسيج الشحمي أكثر من 25% من وزن الجسم عند الذكور،وأكثر من 30% عند الإناث،وهو تعريف ينحى عن التطبيق السريري إلى المشروع النظري.

وهناك تعريف آخر:إن السمنة تنجم عن اختلال مابين مانصرف من طاقة وبين مانتناول من طعام،ونقول أن أحدهم لدية زيادة في الوزنOver Weight إذا مازاد وزنه عن 10% عن الوزن المثالي،وأنه مصاب بالسمنة إذا زاد وزنه عن 20% من الوزن المثالي.

وأهم مداخر الشحوم في الجسم:

يستطيع الكبد اختزان القدرة بشكل مولد السكر أي الغليكوجين.ولكن الغليكوجين ينضب بعد ساعات قلال من الصيام،أما الدسم فإنها تنفذ ببطء أثناء الصيام.ولذلك لاغرو أن نعتبر أن الدسم هي المدخر والمورد الرئيسي للقدرة في جسم الإنسان.وخاصة إذا تذكرنا أن حرق غرام واحد من السكر يعطي أقل من حرق غرام من الشحوم.

إن البدن يدخر الشحوم في الجسم بصورة رئيسية في ثلاثة مواضع:النسيج الضام تحت الجلد،وتجويف البطن،والنسيج الضام بين العضلات.

1 ـ النسيج الضام تحت الجلد:وهذا يشكل نسبة 50% من المدخرات الشحمية.

2 ـ تجويف البطن:وهذا يشمل:المناسلGonadesوتشمل 20%،والنسيج حول الكلية12%،والنسيج المساريقي10%،والنسيج الثربيOmentum3%.

3 ـ النسيج الضام بين العضلات ويشكل نسبة5%.

وهنا يتبين أن الكبد ليست هي العضو الادخاري الهام للدسم كما هو الحال بشأن السكريات والبروتينات،بل إن تراكم الشحوم في خلايا الكبد يعتبر حالة مرضية.

وأما تأثير نوعية الطعام على الدسم فتبينها النقط التالية:

1 ـ إن الشحوم المتناولة مع الطعام لها تأثير كبير على نوعية الدسم المدخرة،,ان كل حيوان يميل إلى ترسيب دسم خاصة به.

2 ـ إن القوت الغني بالسكريات يسبب ترسباً في الدسم الصلبة.

3 ـ إن القوت الغني بالبروتينات ينقص ادخار الدسم ولكنه يزيد محتوى الكبد من استرات الكلسترول.

وهناك للنسيج الشحمي أنواع في جسم الإنسان:

1 ـ النسيج الشحمي الأبيض:وهو مبثوث في مختلف أرجاء البدن،وهو قليل التعصيب.

2 ـ النسيج الشحمي البني:وهو المكان الخاص لتوليد الحرارة،ويوجد هذا النسيج منذ الحياة داخل الرحم وبشكل ثابت،ولا يضاف له أقسام فيما بعد،ويوجد بشكل رئيسي في الزنار الكتفي،ومابين لوحي الكتفين،وفي الإبط،وعلى شكل شريط أمام الأبهر الصدري.ويشرف على هذا النسيج التعصيب بالجملة الذاتية الودية،فالبرد يستدعي تحرير النور أدرنالين والذي ينشط الخمائر التي تزيد من حلمهة الغليسريدات وتحولها إلى الغليسرل والحموض الدسمة الحرة.وبما أن الخلايا الشحمية لاتحتوي على الخمائر المتعلقة باستقلاب الغليسرول فإنه يطرح إلى الدوران الدموي مع نسبة صغيرة من الحموض الدسمة وحيث يتم استقلابها بشكل خاص في الكبد والعضلات،وإن أكثر من 90% من الحموض الدسمة المتحررة تبقى في الخلايا الشحمية حيث تؤكسد وينتج عن أكسدتها توليد القدرة،وقسماً آخر منها يعاد ربطه مع ألف غليسرول فسفات لتشكيل التريغليسريد.

ولابد من التفريق بين دسم المداخر المتبدلة ومنها الشحوم المعتدلة المصرف الرئيسي للقدرة وخاصة أثناء الصوم والمسغبات.والدسم الثابتة كالشحوم الفسفورية والتي لا تتأثر كثيراً أثناء الصيام أي أنه لاعلاقة لها مع توليد القدرة وإنما تدخل في تركيب النسيج الحي المتواجدة فيه.

والبدانة مشكلة إن لم نقل معضلة تواجه الطبيب النطاسي في حياته العملية اليومية،وتتطلب صبراً وحكمة وأناة في المعالجة،من المُعالِج والمُعالَج،تبوء غالباً بالفشل والدحور،ونادراً بالنجاح والحبور،والبدين أو ضحية البدانة،بالإضافة لما يلاقيه يومياً من متاعب الحياة الاجتماعية،فإنه أيضاً أكثر عرضة للأمراض وأصعبها من الناحية الطبية والصحية.

فإن البدانة تترافق مع كثير من الأمراض المزمنة والخطيرة على صحة الجسم وخاصة ارتباط البدانة والسمنة مع أمراض القلب والدوران مثل أدواء القلب الإكليلي ومنها ذبحة الصدر واحتشاء عضلة القلب وارتفاع الضغط الشرياني،وانسداد الشرايين المحيطية، وأمراض الجملة العصبية المركزية وخاصة نقص التروية الدماغي والفالج والحادث الوعائي الدماغي، وأمراض الإستقلاب وخاصة منها داء السكري من النوع الثاني ومقاومة عمل الإنسولين، وداء النقرس، وارتفاع كولستول الدم والشحوم الثلاثية،وأمراض الجهاز الحركي وخاصة اصابة المفاصل في الركبة والورك وأمراض العمود الفقري،وأمراض الجهاز الهضمي وخاصة الإصابة بالحصيات المرارية والتهاب المرارة، وتشحم الكبد، والفتوق في الحجاب الحاجز وزيادة القلس المعدي المريئي، وكذلك الإصابة بمايسمى انقطاع النفس أثناء النوم وهو مرض يترافق مع التعب الشديد والميل الشديد للنوم اثناء النهار وهذا مايسبب حوادث السيارات للمصابين بهذا المرض كما أنه يسبب اضطرابات قلبية ودماغية وقد يكون أحد اسباب الاكتئاب والعنّة الجنسية…ومايسمى أيضاً المتلازمة الاستقلابية.كما أن البدانة لها تأثيرات سلبية على الناحية الجنسية عند الذكور وتترافق أحياناً مع العجز الجنسي والعنانة.

وقد تبين نقص في مستوى تركيز هرمون الذكورة “التستوستيرون” في حالات البدانة وخاصة مع زيادة شحوم البطن(الكرش)أو ما يسمى “السمنة المركزية”.

كما أن البدانة والكرش قد تؤدي إلى تسريع الشيخوخة وحدوث الخرف وداء الزهايمر.وهناك من يربط البدانة وحدوث بعض أشكال السرطان.

ورغم أن أكثر الدهون يتراكم في الأرداف والأفخاذ إلا أن الدراسات تشير إلى أن الدهون المتراكمة في البطن تعتبر الأخطر(السمنة المركزية)، وهي التي تترافق غالباً مع الأمراض المذكورة سابقاً ولذلك فإن الدراسات الحديثة توجه لقياس الخصر ومعرفة حجم البطن وقطره.وقد تبين علمياً أن الخلايا الدهنية في منطقة البطن هي خلايا نشطة ولها العديد من التأثيرات السلبية على الجسم كما أنها تؤثر على هرمونات الجسم.وهناك نوعان من الدهون في منطقة البطن:

ـ الدهون الحشوية:وهي المحيطة بالأعضاء الداخلية،وخاصة الدهون المساريقية،والدهون المحيطة بالكلية،وهي ذات خطورة على الإنسان فيما يتعلق بالأمراض التي تسببها البدانة.وهذه غالباً ما تكون عنيدة ويصعب التخلص منها سريعاً حتى مع ممارسة الرياضة والحمية الغذائية.

ـ الدهون تحت الجلد:وهذه خطورتها أقل.

أسباب البدانة:

كما ذكرنا فإن البدانة من الناحية الفيزلوجية تنجم عن زيادة الوارد الحروري الذي يفوق الصرف الحراري.ومن أهم أسباب البدانة:

1 ـ العوامل الحضارية:فالحضارة مرتبطة بعدة مراحل، حيث انتقلنا من المجتمع الزراعي ثم إلى المجتمع الصناعي، والآن عصر الالكترونيات والكمبيوتر…بحيث مرّ الإنسان من مرحلة الجهد الجسمي إلى مرحلة الجهد العقلي،وبالتالي وصل إلى مرحلة استعاض عن الجهد البدني واستخدام عضلات الجسم إلى مرحلة استخدام أعصاب دماغه مع اللجوء إلى الاسترخاء والترهل والاستعاضة عن المأكولات الصحية كالخضروات والفواكه باللجوء إلى الأطعمة الجاهزة الخارجية الغنية بالدسم والحريرات واللجوء بدلاً من الأشربة المفيدة والعصائر إلى تناول المشروبات الضارة من الكولا وأضرابها.فانتقلنا من مجتمع الرشاقة والرياضة في المجتمع النباتي إلى مجتمع البدانة والترهل في عصر الالكترونيات.!!!

أي أن الحضارة والمدنية الحديثة وفرت الغذاء الوافر وبشكل مفرط وخاصة في المجتمعات الغربية،وهذا الغذاء الوافر والمفرط يمتاز بالوافر من السعرات الحرارية وخاصة المأكولات الجاهزة من مطاعم الأكلات السريعة،وما يرافق هذا الطعام من شراب غني الحريرات من الكولا وأمثالها،وما يرافق الطعام والشراب الجلوس لساعات طويلة بدون حركة أمام الكمبيوتر والموبايل والأي بايد،وما يتخلل ذلك من التسلي بالمكسرات والشيبس وعند بعض القوم من المسكرات وخاصة البيرة!!!كما أن كثيراً من البدينين يحرص على تناول الوجبات الدسمة مساءً قبل النوم.

2 ـ العامل الوراثي:إن البدانة الشديدة قد تكون ذات طابع عائلي وراثي،وإن البدانة عند الأطفال تزداد إذا ما كان الوالدان بدينين،ويبدو أن العوامل الوراثية تستيقظ عند الولادة لكي تدور الوليد وتجعله مستدير،وكقاعدة عامة:إن الطفل البدين،هو شاب وكهل بدين.

وهؤلاء المصابين بالبدانة منذ الصغر يتميزون ببعض الخصائص التي تميزهم عن غيرهم:فهم بالإضافة إلى أنهم من ذوي الأبدان المكتنزة فإنهم من ذوي القامات القصيرة،ويتميزون بعرض الأحواض والجذوع،وأنهم صغار الأقدام والأيدي.وهناك أمراض وراثية تترافق مع البدانة ومنها تناذر لورانس ـ مون ـ بيدل ،ومتلازمة بابنسكي ـ فروليش،ومتلازمة برادر ـ ويلي.

3 ـ العوامل الغدية:

لا ننكر أنه لا يوجد بدين لا يخلو من اضطراب على مستوى الاستقلاب أو الغدد الصم،والهرمونات تلعب دوراً في البدانة:

1 ـ الإنسولين:هو الهرمون الوحيد الذي يثبط إطلاق الحموض الدسمة من نوع النيفا،فهو بالتالي من الهرمونات البناءة التي تدعم آليات إنشاء الشحميات.ويلاحظ عند بعض البدينين ارتفاع تركيز الإنسولين ،وهذا الارتفاع لا يتناسب مع تركيز الغلوكوز في الدم،والمرجح أن ارتفاع الإنسولين هو نتيجة البدانة وليس السبب في حدوثها في مثل هذه الحالات.

ويشاهد في حالات البدانة عدم تحسس الأنسجة الكافي لعمل الإنسولين،وهذا ماؤهب لحدوث السكري،حيث أن البدانة والوراثة أهم العوامل في حدوث الداء السكري.

2 ـ هرمونات قشر الكظر:يلاحظ في البدانة ارتفاع تركيز هرمونات قشر الكظر وهو نتيجة للبدانة.وفي متلازمة كوشينغ يترافق ارتفاع هذه الهرمونات مع البدانة بشكل واضح.

3 ـ الغدة النخامية: إن هرمونات الغدة تساعد على تحريك الدسم من مداخرها إلى الدورة الدموية،وبشكل خاص هرمون النمو.وإن أكثر العوامل التي تساعد على إفراز هرمون النمو هو نقص سكر الدم والذي يشاهد أثناء الصيام،ولذا سمي هذا الهرمون بهرمون الصيام.

4 ـ الهرمونات الجنسية:إن للهرمونات الجنسية تأثير مضاعف للبدانة،من حيث الكمية ومن حيث توزع الشحوم في البدن.فالنساء لديهن كمية أكبر من النسيج الشحمي تحت الجلد من الرجال،وإن اكتساب النساء البدانة بعد سن الأياس، والرجال بعد الإخصاء يبين تأثير هذه الهرمونات.

5 ـ هرمونات الغدة الدرقية:يحدث زيادة البدانة في قصور الغدة،وعلى العكس النحول في فرط نشاط الغدة.

4 ـ الجملة العصبية المركزية:

هناك مراكز في منطقة ما تحت المهاد تنظم استقلاب الشحميات،ولها علاقة مع الجوع والعطش،وقد تشاهد البدانة في أذيات تحت المهاد لأسباب ورمية أو التهابية أو رضية.

5 ـ السلوك والعوامل الانفعالية:

إن عدم الحركة وعدم النشاط الحركي قد يكون له دور في البدانة أكثر من زيادة السعرات الحرارية.وإن بعض الأمراض مثل الاكتئاب والهمود تسبب قلة الحركة التي تساعد على البدانة.

من الناحية الأدبية:

أحمد حسن الزيات يصف بديناً(من وحي الرسالة  ج1 ص329):

وكان من الممكن  أن يتقلب في نعيم الشرطة مدة أطول ،لولا أن خيرها المتدفق في يديه من الشوارع والحوانيت  قد فاض على جسمه ،فتراكب لحمه ،وتدلى بطنه  واستغار فيه الشحم حتى كاد ينقطع قيامه “.

حافظ ابراهيم :

عَطَّلتَ فنَ الكهرباءِ فلم نجد                     شيئاً يعوقُ مسيرها إلاكا

تسري على وجه البسيطة لحظةً            فتجوبها وتحارُ في أحشاكا

أحدهم :

ولو كنت عذرى الصبابة لم تكن               بطيناً وأنساك الهوى كثرة الأكلِ

أحدهم :

فلا تكونن كمن ألقتهُ بطنتهُ                    في غمرةِ البحرِ لا ينجو وإن سبحا

أحدهم:

رأيتكما يابني أخي قد سمنتُما             وما يُدرِكُ الأوتارَ إلا المُلَّوحُ

4- الحمية:

التعريف:الإقلال أو الإمتناع عن بعض الغذاء لقصد وقائي أو علاجي

وفي أحد أعداد مجلة حضارة الإسلام هناك بحث في موضوع الحمية من هدي رسول الله صلى الله عليه وسلم ومن الناحية الطبية وأنقل الكلام المدرج أدناه من هذا البحث وإن كان غاب عني رقم العدد وصاحب المقال :

والحمية العلاجية: هي التدبير الغذائي الخاص بالمريض من الزامه منهاجاً معيناً من التغذية لايتعداه أو منعه عن بعض أنواع الأغذية مما يزيد المرض أو يؤخر برءه أو يسبب اختلاطات له .

ويتابع صاحب المقال:”لقد قضت حكمة الله تعالى أن يكون في الجسم الإنساني مدخرات كبيرة يستفيد منها في أوقات الحرمان أو نقص الوارد الغذائي . فلذلك لا ينبغي للمريض ولا لذويه أن يغتموا بسبب الحمية المشددة أو بسبب القمه العارض خلال فترة المرض.فإن المعدة في كثير من الأمراض لا تحتمل الطعام الزائد أو لا تحتمله مطلقاً فإذا أجبر المريض على تناوله تقزز منه أو سبب له غثياناً أو قيئاَ .والطبيب هو الذي يحدد طريقة التغذية بحسب نوع المرض، وهو الذي يدرك سبب القمه الحادث ويعرف ما إذا كان يجب احترامه وتركه ريثما تمر المرحلة المرضية بسلام أم يجب رسم تدابير دوائية وغذائية  لتحريك الشهية إلى الطعام .ولذا لا يجوز لذوي المريض أن يجبروا مريضهم على الطعام وقد عافته نفسه وخاصة إذا لم يعرفوا نوع الحمية الخاصة بمرضه . وإلى هذه الناحية التي أشار إليها الطب الحديث أشار سابقاً رسول الله صلى الله عليه وسلم بقوله:”لا تكرهوا مرضاكم على الطعام فإن الله يطعمهم ويسقيهم“[رواه الترمذي وقال حديث حسن غريب وأخرجه ابن ماجة في الطب واخرجه الحاكم وابن السني ].

ويتابع الكاتب:وفي الحمية العلاجية ورد في هدي النبوة مايلي:

  • لقد كان من هدي الرسول الأعظم صلوات الله عليه وسلم أن يغذي المريض بألطف ما اعتاده من الأغذية ،فعن عائشة رضي الله عنها قالت:”كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا أخذ أهله الوعك أمر بالحساء فصنع ُثم أمرهم فحسوا منه، وكان يقول:إنه ليرتو فؤاد الحزين ويسرو عن فؤاد السقيم كما تسرو احداكن الوسخ بالماء عن وجهها “[رواه الترمذي وقال حديث حسن صحيح واخرجه ابن ماجة ].(يرتو: يشد ، يسرو: يكشف ويجلو). وعن عائشة رضي الله عنها أنها كانت تأمر بالتلبين للمريض وللمحزون على الهالك وتقول: سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول:”إن التلبينة تجم فؤاد المريض وتذهب ببعض الحزن ” [رواه البخاري].
  • (تجم:تريح الفؤاد وتزيل عنه الهم وتنشطه)، وفي رواية :”عليكم بالبغيض النافع التلبينة فوالذي نفسي بيده إنه ليغسل بطن أحدكم كما يغسل الوسخ عن وجهه بالماء “[ رواه ابن ماجة والحاكم وهو حديث صحيح ].
  • (وسميت بالبغيض النافع لأن نفس المريض تعافه وهو نافع له)
  • التلبينة والتلبين – كما في النهاية لإبن الأثير-حساء يعمل من دقيق أو نخالة وربما جعل فيها عسل سميت به تشبيها باللبن لبياضها ورقتها .
  • وفي الأحاديث النبوية إشارة إلى أهمية الحمية في الأمراض وإلى ضرورة مراعاتها حتى دور النقاهة فلا يدعها فجأة .فعن أم المنذر بنت قيس الأنصارية قالت:”دخل عليّ رسول الله صلى الله عليه وسلم ومعه علي، ولنا دوال معلقة، قالت فجعل رسول الله صلى الله عليه وسلم يأكل وعلي معه يأكل فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لعلي: مه مه ياعلي فإنك ناقه، قالت فجلس علي والنبي صلى الله عليه وسلم يأكل ، قالت فجعلت لهم سلقاً وشعيراً فقال النبي صلى الله عليه وسلم : يا علي من هذا فأصب فإنه أوفق لك ” [رواه الترمذي وقال حديث حسن غريب ورواه ابن ماجة في الطب وباب الحمية] .(دوالي : جمع دالية وهي العذق من البسر يعلق حتى إذا أرطب أكل)
  • لامبالغة في الحمية: لقد شدد الأقدمون في الحمية تشديدا مفرطاً نظراً لضعف وسائل التشخيص والتفريق بين كثير من الأنواع المرضية التي كانت تحشر في زمر من التناذرات المرضية ونظراً لندرة الأدوية النوعية ، ولذا قال طبيب العرب الحارث بن كلدة:”المعدة بيت الداء والحمية رأس كل دواء”. وقد يتطوع اهل المريض وزواره بوصف حميات حسب معارفهم دون أن تكون موصوفة من قبل الطبيب المعالج ، وقد يبالغون في تطبيق الحمية بدافع الحرص على صحة وسلامة المريض فيمنعونه حتى عن القليل من الغذاء الذي يشتهيه ولم يحظره الطبيب حظراً مطلقاً. انتهى الحديث من حضارة الاسلام .
  • وجاء في الويكيبيديا:
  • الحمية الغذائية:هي كلمة غالباً ما تحمل في طياتها استخدام كميات محدودة من الغذاء للحفاظ على الصحة أو لإدارة الوزن(غالباً ما يتصل الإثنان ببعضهما البعض).وعلى الرغم من أن البشر يأكلون النباتات والحيوانات،إلا أنه في كل ثقافة ولكل شخص بعض التفضيلات الغذائية أو بعض الأطعمة المحرمة،نظراً لأسباب أخلاقية أو لأذواق الشخصية.
  • إن الخيارات الغذائية الفردية قد تكون صحية أو غير صحية.تتطلب التغذية السليمة:البلع السليم،وعلى نفس القدر من الاهمية،امتصاص الفيتامينات والمعادن والطاقة الغذائية في شكل الكربوهيدرات والبروتينات والدهون.
  • وكل مرض له حمية خاصة وأهم الأنواع:
  • حمية مرض السكري:مثلاً بتجنب السكريات سواء منها السكريات السريعة مثل السكر والتمر والعسل،أو البطيئة كالخبز والمعجنات والنشويات.
  • حمية النقرس
  • حمية الحصى الكلوي
  • وأنواع أخرى حسب المرض

تحريم الخبائث 

مقدمة:

ماهو الطعام؟

يقول الدكتور محمد الهواري رحمه الله(الطعام والشراب بين الحلال والحرام):

“الأطعمة جمع طعام وهي ما يأكله الإنسان ويتغذى به من الأقوات وغيرها.وفي القرآن الكريم يقول الله تعالى:{قل لا أجد فيما أوحي إليَّ محرماً على طاعم يطعمه}[الأنعام 145] أي على آكل يأكله.ولا يحل منها إلا ماكان طيباً تتوقه النفس.يقول الله تعالى:{ويسألونك ماذا أحل لهم قل أحل لكم الطيبات}[المائدة 3].والمقصود بالطيب هنا ماتستطيبه النفس وتشتهيه،وهذا مثل قوله تعالى:{يحل لهم الطيبات ويحرم عليهم الخبائث}[الأعراف 157].

والطعام منه ماهو جماد،ومنه ماهو حيوان.والقاعدة الأصولية في الجماد أنه حلال كله ماعدا النجس والمتنجس والضار والمسكر وماتعلق به حق الغير.

وأما الحيوانفمنه ماهو بحري ومنه ماهو بري.ومن الحيوانات مايحل أكله ومنها ماهو حرام.

ولقد فصلت الآيات والأحاديث بعضاً مما هو محرم من اللحوم والحيوانات بالنص وتركت البعض الآخر لاجتهادات المجتهدين حسب فهمهم من الكتاب والسنة التي صحت لديهم.

والأصل أن كل طيب مباح،قال تعالى:{ويسألونك ماذا أحلّ لهم قل أحل لكم الطيبات}[المائدة 4]،وأن كل خبيث محرم.قال تعالى:{ويحرم عليهم الخبائث}[الأعراف 157].

والأصل في الأشياء الإباحة مالم يرد دليل التحريم،لقوله تعالى:{يا أيها الناس كلوا مما في الأرض حلالاً طيباً}[البقرة 168].ولقوله تعالى:{أحلت لكم بهيمة الانعام إلا مايتلى عليكم}[المائدة 1],واستثني ماحرمه الله ورسوله صلى الله عليه وسلم لأن ماحرمه رسول الله صلى الله عليه وسلم أو أباحه فهو من عند الله تعالى.قال سبحانه:{وما آتاكم الرسول فخذوه ومانهاكم عنه فانتهوا}[الحشر 7].وقد بين القرطبي في تفسيره أنّ مايتلى عليكم:أي مايقرأ عليكم من تحريم في القرآن والسنة.وقد أنكر النبي صلى الله عليه وسلم على من تمسك في هذا الباب بعدم وجود نص التحريم في القرآن حيث قال:”لا ألفينَّ أحدكم متكئاً على أريكته يأتيه الأمر من أمري مما أمرت به أو نهيت عنه فيقول: بيننا وبينكم هذا القرآن،فما وجدنا فيه من حرام حرمناه،ألا وإني أوتيت الكتاب ومثله معه،وإن ماحرم رسول الله صلى الله عليه وسلم كما حرم الله تعالى“[صحيح الترمذي وصححه الألباني].وهذا المعنى محفوظ عن النبي صلى الله عليه وسلم من غير وجه.

ولامر ما اقتضت حكمة الله تعالى أن يكون للحوم الحيوانات أهمية كبرى وأن يركز عليها في الشريعة تركيزاً شديداً.فالطعام الذي تتناوله آيات التحليل والتحريم في القرآن الكريم ليس هو الطعام النباتي المنشأ،ولا هو حتى الطعام الحيواني المنشأ الذي ليس من اللحوم كالبيض واللبن ومشتقاته…ولكنه لحم الحيوان ومايلحق به،هو وحده الذي تعتوره أحكام الحل والحرمة.ولعل في ذلك إشارة إلى أهمية هذا الطعام في غذاء الإنسان وتوجيهاً إلى ضرورة إيلائه ما يستحق من اهتمام إلى جانب أنواع الطعام الأخرى المباحة اللازمة للإنسان لترميم مابلي من خلاياه وأنسجته،وتعويض ما ضاع من مقوماته وسوائله،وتزويده بالطاقة اللازمة لاستمرار حياته.

لم تكن مسألة الغذاء تشغل بال المسلمين يوم أن كانت لهم السيادة على الارض،فهم أعلم بطعامهم:حلاله وحرامه،وهم يقومون على توفيره للناس بكل مايتطلبه الأمر الحلال.

وبعد أن انقلبت موازين الأرض،وأصبحت السلطة لأعداء الله على بني البشر،وخضع المسلمون،حتى في تأمين رغيفهم،إلى غيرهم…وبعد أن أصيبت الارض بإنفجار سكاني لم تشهده البشرية في تاريخهم على مر العصور،وبعد أن أجرم الإنسان في حق البيئة فأفسدها وقلت موارد الغذاء وأضحت البشرية على أبواب المخمصة والمجاعة،ومع تطور التقنية التي ابتدأت منذ القرن الماضي..تطورت الصناعة الغذائية،وطرحت في الأسواق أنواعاً لا حصر لها من الأطعمة التي يجهل الكثير مصادرها،وبالتالي صعب الحكم على حلها وحرمتها،فأصبح من فروض الكفاية أن يهتم المختصون من أبناء المسلمين بغذا المسلمين ليحددوا شروطه تبعاً لشريعتهم دون إفراط ولا تفريط.

وبعد أن كانت المشكلة الكبرى ترتبط إلى حد كبير بلحوم الحيوانات وتحديد مايؤكل منها وما لايؤكل،تعدت المشكلة إلى الرغيف وما يدخل في مكوناته الصنعية أو الطبيعية من محسنات للطعم والنكهة والمنظر كالأملاح والأدهان وغيرها،وتعدت المشكلة كذلك إلى مصنعات اللحوم والمعلبات المحفوظة والألبان والأجبان ومشتقاتها،وشملت المشكلة جميع أشكال المعجنات والحلويات وأغذية الأطفال والادوية عامة،والشرابات منها على الخصوص.

وإننا نعترف منذ البداية أن امكاناتنا أمام تعقد المشكلة لاتزال قاصرة مالم تتضافر جهود المؤسسات الإسلامية الكبرى على تفريغ العناصر المختصة وتوفير حاجاتها من المال والمراجع العلمية والمختبرات الفنية المتقدمة حتى تكون الدراسة شاملة وواضحة بحيث إذا قُدمت إلى المراجع الفقهية المعتبرة أمكنها أن تعطي رأيها المناسب في الموضوع”.

وللدخول في صلب الموضوع أي تحريم الخبائث :

أذكر هنا مقالأ رائعاَ للدكتور محمود ناظم النسيمي في مجلة حضارة الإسلام عدد أيار عام 1973وهو موضوع طويل ومفصل أنقله بنصه لأهميته :

” كلما أمعن المسلم في دراسة تعاليم الإسلام كلما ازداد إيماناً بأنها ربانية ،ويقيناً بصلاحيتها لكل زمان ومكان،وبأنها تعاليم تتماشى مع العقل السليم والمنطق القويم والحقائق العلمية التي يراد لها الصواب . والواقع أن أحكام الشريعة الغراء إنما جاءت لحفظ مصالح الناس الدينية والدنيوية ودرء الاختلال فيها .

وتضم تلك المصالح : حفظ الدين ،والنفس،والنسل ،والمال ،والعقل. وقد سماها الفقهاء الأصوليون بالضروريات الخمس .

ولقد أشار القرأن العظيم إلى ذلك المقصد الحق في أحكام الأطعمة حيث أباح الله تعالى أن يأكل الناس مما في الأرض حلالاً طيباً  مستلذاً ،غير مستقذر ولاضار ،ولا خالياً من ملابسات الإعتقادات الباطلة وغير معتدى في تناوله على حق الغير، وحرّم عزّ وعلا أن يتناول الإنسان المطعومات والمشروبات الضارة والمستقذرات،وكل ما فيه خبث مادي أو معنوي فقال تعالى:{يا أيها الناس كلوا مما في الأرض حلالاً طيباً} [البقرة168]، وقال عز وعلا :{يا أيها الذين أمنوا كلوا من طيبات مارزقناكم واشكروا الله إن كنتم إياه تعبدون * إنما حرم عليكم الميتة والدم ولحم الخنزير وما أهل به لغير الله  فمن اضطر غير باغ ولا عاد فلا إثم عليه إن الله غفور رحيم} ” [البقرة172-173]  .

أيتان : أولاهما تبيح كل الطيبات والثانية تفصل المحرمات مشيرة إلى أنها ليست من الطيبات ،وضح خبثها للإنسان أم لا ،وبعد أن ذكر الله تعالى تلك المحرمات في الآية الرابعة من سورة المائدة قال ::{ يسألونك ماذا أحل لهم قل اُحل لكم الطيبات }.. كأنما يقول لهم وما حرمته عليكم خبائث لا يليق بالعاقل أن يتناولها وأن يحيد عن الطيبات إليها . ولولا أن اليهود قوم طغت عليهم المادة والشهوات منذ القديم، فأسرفوا في الذنوب والظلم والبغي  لما حرّم الله عليهم بعض الطيبات التي كانت مباحة لهم وصدق الله العظيم {فبظلم من الذين هادوا حرّمنا عليهم طيباتٍ أحلّت لهم وبصدهم عن سبيل الله كثيراً* وأخذهمُ الربا وقد نُهوا عنه وأكلهم أموال الناس بالباطل وأعتدنا للكافرين منهم عذاباً أليماً}[النساء 160 ـ 161] وقال تعالى:{قل لا أجد فيما أوحي إلي محرماً على طاعم يطعمه إلا أن يكون ميتة أو دماً مسفوحاً أو لحم خنزير فإنه رجس أو فسقاً أهل لغير الله به فمن اضطر غير باغ ولا عاد فإن ربك غفور رحيم *وعلى الذين هادوا حرمنا كل ذي ظفر ومن البقر والغنم حرمنا عليهم شحومهما إلا ما حملت ظهورهما أو الحوايا أو ما اختلط بعظم ذلك جزيناهم ببغيهم وإنا لصادقون} [ الأنعام 145-146].

ولقد شاءت رحمة الله تعالى أن يرفع ذلك التشديد ويضع تلك الأغلال التي كانت على من قبلنا من أهل الكتاب بإتباعهم خاتم المرسلين المبعوث رحمة للعالمين فقال عز وعلا :{والذين يتبعون الرسول النبي الأمي الذي يجدونه مكتوباً عندهم  في التوراة والإنجيل يأمرهم بالمعروف وينهاهم عن المنكر ويحل لهم الطيبات ويحرم عليهم الخبائث ويضع عنهم اصرهم والأغلال التي كانت عليهم فالذين أمنوا به وعزروه ونصروه واتبعوا النور الذي أنزل معه أولئك هم المفلحون} [الأعراف 156]. فالمحرمات من المطعومات والمشروبات إنما حرمت في الإسلام لضرر أو خبث فيها ،مادي أو معنوي ،وإن تحريم الخبائث هي إحدى الأسس الدستورية القرآنية والقواعد العامة الإسلامية وإحدى فقرات التخطيط الصحي في الإسلام”.

يقول الدكتور يوسف القرضاوي (كتاب الحلال والحرام ):

“من محاسن الإسلام ومما جاء به من تيسير على الناس أنه ما حرّم شيئاً عليهم إلا عوضّهم خيراً منه مما يسدّ مسّده ،ويغني عنه ، كما بين ذلك ابن القيم رحمه الله . حرم عليهم الاستقسام بالأزلام وعوضهم عنه دعاء الإستخارة . وحرم عليهم الربا وعوضهم التجارة الرابحة . وحرم عليهم القمار ،وأعاضهم عنه أكل المال بالمسابقة النافعة في الدين بالخيل والإبل والسهام . وحرم عليهم الحرير، وأعاضهم عنه أنواع الملابس الفاخرة من الصوف والكتان والقطن .وحرم عليهم الزنا واللواط، وأعاضهم عنهما بالزواج الحلال . حرم عليهم شرب المسكرات ،وأعاضهم عنه بالأشربة اللذيذة النافعة للروح والبدن . وحرم عليهم الخبائث من المطعومات ،وأعاضهم عنها بالمطاعم الطيبات . وهكذا إذا تتبعنا أحكام الإسلام كلها،وجدنا أن الله جل شأنه لم يضيق على عباده في جانب إلا وسّع عليهم في جانب آخر من جنسه ،لإنه سبحانه لا يريد بعباده عنتاً ولا عسراً ولا إرهاقاً ،بل يريد اليسر والخير والهداية والرحمة كما قال تعالى :”{يريد الله ليبين لكم ويهديكم سنن الذين من قبلكم ويتوب عليكم والله عليم حكيم * والله يريد أن يتوب عليكم ويريد الذين يتبعون الشهوات أن تميلوا ميلاً عظيماً* يريد الله أن يخفف عنكم وخلق الإنسان ضعيفاً} [النساء 26-28] .

الطيب والخبيث لغة وشرعاً:

وردت ألفاظ الطيب والخبيث في النصوص الإسلامية وأريد في بعضها أصل المعنى اللغوي أو ما تفرع عنه ،وأريد في بعضها الآخر المعنى الشرعي الإصطلاحي،ويجوز في بعضها المعنيان.

  • أصل الطيب ما تستلذّه الحواس وما تستلذّه النفس . والخبيث هو ما يكره رداءة وخساسة محسوساً كان أو معقولاً . وذلك يتناول الباطل في الإعتقاد  والكذب في المقال ،والقبيح في الفعال  كما جاء في المفردات في غريب القران للراغب الأصفهاني .

وبأصل المعنى اللغوي لكلمتي الطيب والخبيث قال المفسرون في الآيات المتعلقة بالأطعمة والأشربة في قوله تعالى{قل من حرم زينة الله التي أخرج لعباده والطيبات من الرزق} [الأعراف].وقوله تعالى{حرمنا طيبات أحلت لهم}وقوله سبحانه:{أذهبتم طيباتكم في حياتكم الدنيا واستمتعتم بها}  [فاطر 46]، وقوله تعالى:{ونجيناه من القرية التي كانت تعمل الخبائث}[الأنبياء74]،. أي الأعمال المكروهة المستقبحة .

ويقال في الشئ الكريه الطعم والرائحة خبيث مثل الثوم والبصل والكرات كما جاء في لسان العرب لإبن منظور فعن أنس بن مالك رضي الله عنه قيل له ما سمعت من النبي صلى الله عليه وسلم في الثوم قال: “من أكل من هذه الشجرة الخبيثة فلا يقربنَّ مسجدنا” [رواه الشيخان ].

وعن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال: ياأيها الناس إنكم تأكلون من شجرتين – ما أراهما إلا خبيثتين – هذا البصل وهذا الثوم ،ولقد رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا وجد ريحها من الرجل أمر به فأخرج إلى البقيع ،فمن أكلها فليمتها طبخاً “. (أخرجه النسائي واسناده حسن ). فالمراد في الخبيث في أحاديث البصل والثوم المعنى اللغوي أي مايكره لا الإصطلاح الشرعي الذي هو المحرم.

والطيب من كل شئ أفضله ،ولذا يطلق الطيب على الجيد،والخبيث على الردئ ،لأن الجيد يستلذ والردئ يكره . ورد هذا المعنى في قوله تعالى:{يا أيها الذين أمنوا أنفقوا من طيبات ما كسبتم ومما أخرجنا لكم من الأرض ولا تيمموا الخبيث منه تنفقون ولستم بآخذيه إلا أن تغمضوا فيه واعلموا أن الله غني حميد} [البقرة 267].

والمعنى انفقوا في زكاتكم وصدقاتكم من أفضل وأجود أموالكم ولا تقصدوا الردئ منه الذي أنتم لا تأخذونه من غيركم إلا أن تغمضوا الطرف عن رداءته لحاجتكم إليه .

أما في الإصطلاح الشرعي :

فالطيب هو الحلال والخبيث هو الحرام . قال الأصفهاني في المفردات في غريب القران : الطعام الطيب في الشرع: ما كان متناولاً من حيث ما يجوز وبقدر ما يجوز ومن المكان الذي يجوز، فإنه متى كان كذلك كان طيباً عاجلاً أو آجلاً . وقال ابن منظور في لسان العرب : الحرام البحت يسمى خبيثاً مثل الزنا والمال الحرام وما أشبهها مما حرمه الله تعالى .

إن الإصطلاح الشرعي في كلمتي الطيب والخبيث هو المراد في قوله تعالى :{يا أيها الرسل كلوا من الطيبات واعملوا صالحاً إني بما تعلمون عليم }[المؤمنون 52].ومن قوله سبحانه:{قل لايستوي الخبيث والطيب ولو أعجبك كثرة الخبيث فاتقوا الله يا أولي الألباب لعلكم تفلحون} [المائدة 103 ]. فما يحرم الشارع الحكيم من الأطعمة والأشربة يدعى خبيثاً ،ولاشك أن فيه خبثاً مادياً أو معنوياً تصديقاً لقوله تعالى: {ويحل لهم الطيبات ويحرم عليهم الخبائث}.[الأعراف 157].

وبما أن الطيب من كل شئ أفضله وأجوده ،وأن المؤمن الصالح أفضل من الكافر والفاسق، فإن كلمة الطيب قد تأتي في الشرع ويراد منها المؤمن التقي الصالح ،كما أن كلمة الخبيث قد يراد منها الكافر .

قال في لسان العرب : الطيب من الإنسان من تعرّى من نجاسة الجهل والفسق وقبائح الأعمال وتحلّى بالعلم والإيمان ومحاسن الأعمال . قال تعالى:{الذين تتوفاهمُ الملائكةُ طيبينَ يقولون سلامٌ عليكم ادخلوا الجنة بما كنتم تعملون}[النحل 32] وقال سبحانه:{ ليميز الله الخبيث من الطيب ويجعل الخبيث بعضه على بعض فيركمه جميعاً فيجعله في جهنم أولئك هم الخاسرون} []الأنفال 38] .وقال عز وعلا : {الخبيثات للخبيثين والخبيثون للخبيثات والطيبات للطيبين والطيبون للطيبات}[ النور26 ].

وقد ورد في الشرع الطيب بمعنى الطاهر لأن الطاهر فضل حساً وشرعاً . قال تعالى :{فتيمموا صعيداً طيباً } [المائدة 5 ]. أي تراب طاهر . إنما قد لاتفيد الحصر : قال الإمام الفخر الرازي في تفسيرقوله تعالى”{إنما حرم عليكم الميتة والدم ولحم الخنزير وما أهل به لغير الله}  : واعلم أن إنما على وجهين :أحدهما أن تكون حرفاً واحداً كقوله تعالى :{إنما الله إله واحد} واختلفوا في حكمها على هذا الوجه ،والأكثر على أنها تفيد الحصر ،واحتجوا عليه بالقرآن والشعر والقياس . والثاني: أن تكون منفصلة من أن وتكون بمعنى الذي كقولك ان ما أخذ مالك وقوله تعالى : {إنما صنعوا كيد ساحر}  . إن القائلين بأن كلمة إنما للحصر اتفقوا على أن ظاهر الأية يقتضي أن لا يحرم سوى هذه الاشياء ولكنا نعلم أن في الشرع أشياء أخر سواها من المحرمات، فتصير كلمة إنما متروكة الظاهر في العمل . ومن قال إنها لا تفيد الحصر فالإشكال زائل .

تصنيف الخبائث :

أولاً:المحرمات لخبث مادي في ذاتها :أي أنها تؤدي في الغالب إلى ضرر على صحة الإنسان الجسمية أو العقلية . ولا يعني تغلب الخبث المادي فيها أنها تخلو من خبث معنوي ،وتشمل الفئات التالية:

  • الميتة :ومافي حكمها كالمنخنقة والموقوذة والمتردية والنطيحة وما أكل السبع
  • الدم المسفوح
  • لحم الخنزير
  • النجاسة : فيحرم النجس والمتنجس بما لا يعفى عنه .

قال الإمام الفخر الرازي في قوله تعالى:{أو لحم خنزير فإنه رجس}[الأنعام 145] ،ومعناه أنه تعالى إنما حرم لحم الخنزير لكونه نجساً ،فهذا يقتضي أن النجاسة علة لتحريم الأكل ،فوجب أن يكون كل نجس يحرم أكله  ثم إنه تعالى قال في آية أخرى :{ويحرم عليهم الخبائث}وذلك يقتضي تحريم كل الخبائث ،والنجاسات خبائث فوجب القول بتحريمها ،ثم إن الأمة مجتمعة على حرمة تناول النجاسات.

إن تحريم النجس والمتنجس كما يقتضيه الدليل الشرعي فإن الطب وفن الصحة يؤيدان ذلك لأن ما يحكم عليه الشرع بالنجاسة هو غالباً من مصادر العدوى والأمراض لما يحتويه من جراثيم أو طفيليات أو لأنه وسط صالح جداً لتكاثرها .

  • المسكرات والمخدرات والمرقدات :فيحرم المسكر وهو ما غيّب العقل دون الحواس مع نشوة وطرب . ويحرم المخدر(ويقال له المفسد) وهو غيب العقل دون الحواس بلا نشوة وطرب كالحشيشة و يحرم أيضاً المرقد وهو ما غيب العقل والحواس معاً كالأفيون (التعاريف من الموسوعة الفقهية الكويتية).

إن تعريف الفقهاء لكل من المسكر والمخدر والمرقد إنما هو بحسب الظواهروالأعراض الغالبة تحت تأثيرها عند معظم متعاطيها . وإلا فقد تتجلى إحدى صفات التأثر أو التسمم بإحداها بما يشبه أعراض التسمم بالأخرى فتعريفهم بحسب الأعراض والظواهر الغالبة صحيح ولو حشر علم الأدوية الأفيون والحشيشة معاً في صنف السموم المشدهة .

  • السموم في غير التداوي: مثلاً السَيْكران من السموم الشديدة ،وليس من السموم المشدهة ولا من المرقدات . وإن حشر سلفنا الصالح من الفقهاء للسيكران في زمرة المرقدات مع الأفيون ،إنما هو خطأ ناتج من خطأ من وصف لهم تأثير السيكران ، ومن المعلوم أن الفتوى على قدر النص .
  • الأشياء الضارة الأخرى التي لا نص في تحريمها وليست سامة :وقد ذكر منها في كتب الفقه الطين والتراب والحجر والفحم على سبيل المثال . وإنما تحرم على من تضره . ولا شك أن هذا النوع يشمل ما كان نباتياً وحيوانياً وجمادياً . ويعرف الضار من غير الضار من أقوال الأطباء والمجربين .ولا فرق في الضرر الحاصل بالسميات أو سواها بين أن يكون مرضاَ جسمانياً أياً كان نوعه ،أو آفة تصيب العقل كالجنون والخبل.
  • قال الأستاذ العلامة الفقيه الشيخ مصطفى الزرقا – رحمه الله- الظاهر أن ما يغلب على الظن ضرره يُحرّم ،وما يُشك فيه أو يكون ضرره خفيفاً يُكره . لقد أوصى الإسلام العظيم أن يحرص المؤمن على ما ينفعه، ولا يتم الحرص على ما ينفع إلا بتجنب ما يضر . قال رسول الله صلى الله عليه وسلم “المؤمن القوي خير وأحب إلى الله من المؤمن الضعيف وفي كل خير احرص على ماينفعك واستعن بالله ولا تعجز “[ رواه مسلم وأحمد وابن ماجة عن أبي هريرة رضي الله عنه] .

ثانياً : المحرمات لخبث معنوي:

سواء كان الخبث المعنوي صرفاً أم متغلباً على الخبث المادي فيها . وتصنف إلى :

1-فئة حرمت حفاظاً على سلامة عقيدة الإيمان والتوحيد .

وهي لحوم الحيوانات التي أُهل عند ذبحها اسم معبود غير الله تعالى ، وما ذبح على النصب وكذلك الذبائح التي تقصّد الذابح ترك التسمية عند ذبحها، وكذلك ذبيحة الوثني والمجوسي (الموسوعة الفقهية الكويتية).

2- فئة حرمت حفاظاً على سلامة عبادة الحج والعمرة ،أو حفاظاً على قدسية مكانهما،ولهذا حرم على المحرم صيد البر مادام في عبادة الإحرام لحج أو عمرة ولو خارج الحرم ،وحرم على المسلم صيد حيوان الحرم ما دام ضمن الحرم وذلك التحريم أمر تعبدي صرف .

3- فئة حرمت لتعلق حق الغير بها : فعدم الأذن شرعاً لحق الغير سبب في التحريم ،ومن أمثلة هذا السبب أن يكون الطعام غير مملوك لمن يريد أكله ولم يأذن له فيه مالكه ولا الشارع ،وذلك كالمغصوب أو المسروق أو المأخوذ بالقمار أو البغاء . بخلاف ما لو أذن فيه الشارع كأكل الولي من مال المُولى عليه بالمعروف ،وأكل ناظر الوقف من مال الوقف ،وأكل المضطر من مال غيره ، فإنهم مأذونون من الشارع .ويضمن المضطر ما يستهلكه من مال غيره لدفع الخطر عن نفسه .

4- فئة حرمت بقصد سلامة المعاني الإنسانية ورفع مستوى المسلم عن الدنايا والسفاسف وبقصد عدم تعريضه للمخاطر ولذلك حرمت معظم حشرات الأرض أي صغار دوابها كالبعوض والخنافس والصراصر والعلق .. أما الضفدع فإنها تحرم عند غير  المالكية  للنهي عن قتلها وأما الضب فقد حرمها الحنفية لأثر في ذلك وهي حلال في المذاهب الثلاثة .

  • فئة حرمت بقصد عدم تعريض الإنسان للمخاطر : ولذلك حرمت الحيوانات المفترسة كالسبع والنمر ونحوها عند الحنفية والشافعية والحنابلة ،وقال المالكية : يكره تنزيهاً أكل الحيوانات المفترسة ولا تحرم .وأما الضبع فإنه يحرم عند الحنفية فقط ، وأما الثعلب فإنه يحرم عند الحنفية والحنابلة .وحرمت سباع الطير عند غير المالكية وهو ماله ظفر يبطش به (أي مخلب صائد) كالصقر والباز ونحوهما . ومن أدلة تحريم الحيوانات المفترسة وسباع الطير أو كراهتها كراهة تحريمية الحديث الشريف الذي رواه عبد الله بن عباس رضي الله عنهما قال: نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن كل ذي ناب من السباع وعن كل ذي مخلب من الطير “[ أخرجه مسلم وأبو داود] .
  • والمراد مخلب يصيد به، إذ من المعلوم أنه لا يسمى ذا مخلب عند العرب إلا الصائد بمخلبه وحده.يسأل بعضهم :هل في لحوم سباع البر والجو من ضرر على صحة الإنسان الجسمية أو النفسية ؟ وهل في اختلاف جنس الحيوان أثر على طبائع وسلوك أكل لحمه إذا طال أمد استعماله؟ لم أجد في أبحاث الصحة والطب جواباً على هذا السؤال.
  • فئة حرمت بقصد حفظ مصالح الناس وإيجاد تنظيم في حياتهم: ولذلك حرمت الحمر الأهلية فإنها حمولة الناس منذ القديم . أما لحم الخيل فهو مباح عند الشافعية والحنابلة وصاحبي أبي حنيفة(أبي يوسف القاضى ومحمد) والمشهور عند المالكية تحريم الخيل وهناك قول باباحتها .وقال أبو حنيفة يكره أكل لحم الخيل كراهة لا تنزيهية لأنها ألة الجهاد والتي أمر الله تعالى بتوفيرها وإعدادها {وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة ومن رباط الخيل ترهبون به عدو الله وعدوكم}  [الأنفال 60]. وحجة الإباحة ما رواه جابر بن عبد الله رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم” نهى عن لحوم الحمر الأهلية وأذن في الخيل ” [رواه الشيخان] .

وأما البغال فإنها محرمة عند الشافعية والحنابلة لأن المتولدات بين جنسين تتبع عندهم أخس الاصلين والتحريم هو المشهورعند المالكية وهناك قول عندهم بالكراهة دون تفريق بين كون أمه فرساً أو أتاناً ،وذهب الحنفية إلى أن البغال تابعة للأم (ككل المتولدات) فالبغل الذي أمه أتان يكره أكل لحمه تحريماً تبعاً لأمه، والذي أمه فرس يجري فيه الخلاف الذي في الخيل .

ثالثاً: المحرمات لخبث حسي ومعنوي معاً:

وتضم الفئات التالية:

  • الكلاب: فإن لحمها محرم عند الحنفية والشافعية والحنابلة ومكروه تنزيهياً عند المالكية . ومن المعروف أن الكلاب نجسة وأن لعابها شديد النجاسة ،وأن جلدها ملوث بلعابها، ولعابها ملوث من تنظيف استها بلسانها ،وبرازها قد يحوي بيوض الديدان الشريطية المكورة المشوكة (تعيش في أمعاء الكلاب والذئاب وبنات آوى) فيخشى أثناء ذبحها وسلخها وتفريغ أحشائها من تلويث لحمها بتلك البيوض فتسبب الإصابة بداء الكيسة المائية .
  • بعض حشرات الأرض (صغار دوابها)كالفأر والجرذان والحيات . فهي تعافها النفوس ذوات الطباع السليمة . كما أن الفأر والجرذان يقتاتان بالأقذار والنجاسات أيضاً وهي مثوى لبعض الجراثيم الناقلة لبعض الأمراض كالطاعون . وأما الحية فإن تفتيش اللإنسان عنها ليأكلها يعرضه لخطر لدغها والتسمم بها .
  • المستقذرات سواء كانت نجسة أم غير نجسة :فالاستقذار عند ذوي الطباع السليمة سبب في التحريم ومَثل له الشافعية بالبصاق والمخاط والعرق والمني فكل هذه طاهرة من الإنسان ولكن يحرم تناولها أكلاً للاستقذار .ومثل الحنابلة للمستقذرات بروث ما يؤكل لحمه وبوله وبالقمل وبالبرغوث . ومما ينبغي التنبه له أن الحنابلة يقولون بأن روث ما يؤكل لحمه طاهر وكذا بوله ولكن يحرم تناولهما للاستقذار، فالقذارة لا تنافي الطهارة، إذ ليس كل طاهر يجوز أكله.

إن المؤمن يتحاشى ماحرم الله تعالى من المطعومات والمشروبات طاعة لله الخالق، أدرك شيئاً من الحكمة أو العلة في التحريم أو لم يدرك . وهو مع ذلك يسلم بأن تلك المحرمات إنما حرمت لخبثها وضررها على الجسم أو النفس أو العقل أو العقيدة الربانية السليمة، ولو لم يدرك نوعية الخبث والضرر، تصديقاً لقوله تعالى :{ويحل لهم الطيبات ويحرم عليهم الخبائث}.

وإذا أمكن للإنسان بحسب التجربة والعلم أو الخبرة أن يحكم بضرر مطعوم أو مشروب ما فإن كثيراً من الأضرار والأمراض كانت تلحق جنسه البشري عن طريق الطعام والشراب دون أن يعرف السبب الحقيقي لها، فازداد المؤمنون يقيناً بدينهم وازدادت حجة الله على الكافرين العاصين .

وإذا اكتشف نوع من الضرر الحسي أو المعنوي في مطعوم أو مشروب فحرم فإن ذلك أنه قد اكتشف حكمة من حكم تحريمه ولا يعني ذلك أنه لن تكتشف بعد ذلك حكم أخرى.

(انتهى كلام الدكتور النسيمي ).

يقول الشيخ محمد الغزالي رحمه الله :

“في قوله تعالى :{ولا تأكلوا اموالكم بينكم بالباطل }[البقرة 188] . من المال ما يحرم لمعنى في عينه ،وذلك أن الأموال إما أن تكون من المعادن أو من النبات أو من الحيوان . أما المعادن وهي أجزاء الأرض فلا يحرم شئ منها إلا حيث ما يضر بالأكل وهو يجري مجرى السم ،أما النبات فلا يحرم منه إلا مايزيل الحياة أو الصحة أو العقل ،فمزيل الحياة السموم ،ومزيل الصحة الأدوية في غير وقتها ،ومزيل العقل الخمر والبنج وسائر المسكرات . وأما الحيوان قتقسم إلى ما يؤكل وإلى ما يؤكل ،وما يحل إنما يحل إذا ذبح ذبحا شرعيا ،ثم إذا ذبحت فلا تحل بجميع أجزائها بل يحرم منها الفرث والدم .

جاء في عبقرية الصديق للعقاد ص4:

“ومن يقظة الضميرعند أبي بكر الصديق رضي الله عنه أنه لم يطق أن تستقر في جوفه لقمة يشك في مأتاها، فكان له مملوك ، فأتاه ليلة بطعام فتناول منه لقمة . قال المملوك: مالك كنت تسألني كل ليلة ولم تسألني الليلة ؟ قال : حملني على ذلك الجوع … من أين جئت بهذا؟فأنبأه المملوك أنه مر بقوم كان يرقي لهم في الجاهلية فوعدوه، فلما أن كان ذلك اليوم مر بهم فإذا عرس لهم فأعطوه ذلك الطعام ! قال الصديق : إن كدت لتهلكني، وأدخل يده في حلقه فجعل يتقيأ – وجعلت اللقمة لا تخرج – فقيل له : إن هذه لا تخرج إلا بالماء ،فدعا بطست من ماء فجعل يشرب ويتقيأ حتى رمى بها، قيل له : يرحمك الله ! كل هذا من أجل لقمة ؟ فقال : لو لم تخرج إلا مع نفسي لأخرجتها .

استحالة النجاسات وعلاقة أحكامها باستعمال المحرم والنجس في الغذاء والدواء

جاء في مقال للدكتور محمد الهواري رحمه الله قدمه في الندوة الفقهية الطبية الثامنة التي عقدت في الكويت في آيار عام 1995م:

الاستحالة في اللغة والاصطلاح:

جاء في معنى حالَ:”كل شىء تغيّر عن الاستواء إلى العِوج فقد حال واستحال وهو مستحيل”،وأحال الشىء:تحوّل من حال إلى حال.

ومن معاني الاستحالة لغةً:تغيّر الشىء عن طبعه ووصفه،أو عدم الإمكان.

ومعنى الاستحالة في الاصطلاح:“انقلاب حقيقة إلى حقيقة أخرى”.

والاستحالة:أي تحوّل العين النجسة بنفسها أو بواسطة،كصيرورة دم الغزال مسكاً،وكالخمر إذا تخللت بنفسها،أو بواسطة،والميتة إذا صارت ملحاً،أو الكلب إذا وقع في ملاحة،والروث إذا صار بالإحراق رماداً،والزيت المتنجس بحعله صابوناً،وطين البالوعة إذا جف وذهب أثره،والنجاسة إذا دفنت في الأرض وذهب أثرها بمرور الزمان،وهذا عملٌ بقول الإمام محمد،خلافاً لأبي يوسف،لأن النجاسة إذا استحالت وتبدّلت أوصافها ومعانيها،خرجت عن كونها نجاسة لأنها اسم لذات موصوفة،فتنعدم بإنعدام الوصف،وصارت كالخمر إذا تخللت بإتفاق المذاهب.

وفي المصطلح العلمي الشائع:ينظر إلى كل تفاعل كيميائي يُحوّل المادة إلى مركب آخر،على أنه ضرب من استحالة العين إلى عين أخرى،كتحويل الزيوت والشحوم على اختلاف مصادرها إلى صابون.

حكم استحالة النجس إلى حقيقة أخرى:

اختلف أهل العلم في استحالة النجاسىة إلى حقيقة أخرى بالحرق أو بغيره،هل تكسب الطهارة أم لا؟على قولين:

القول الأول:الاستحالة تكسب الطهارة:

ذهب بعض العلماء إلى القول بالطهارة.وممن قال بذلك أبو حنيفة ومحمد(تلميذه)وأكثر الحنفية والمالكية.ولم يفرقوا مابين ماهو نجس لعينه وما هو نجس لمعنى.

أما الشافعية فوافقوا هذا الرأي في النجس لمعنى كجلد الميتة.

ومن الحنابلة من يقول بالطهارة،وهو ما اختاره شيخ الإسلام ابن تيمية،وهو كذلك ماذهب إليه الظاهرية والإمامية الإثني عشلاية والزيدية والإباضية.

أقوال مذاهب هذا الرأي:

1 ـ مذهب الأحناف:جاء في البحر الرائق:”من الأمور التي يكون بها التطهير انقلاب العين ومضى إلى أن قال:”وإن كان في غيره ـ أي الخمر ـ كالخنزير والميتة تقع في المملحة فتصير ملحاً يؤكل،والسرجين والعذرة تحترق فتصير رماداً تطهر عند محمد”.

وقال أيضاً:”وضم إلى محمد أبا حنيفة في المحيط وكثيراً من المشائخ اختاروا قول محمدلأن الشرع رتّب وصف النجاسة على تلك الحقيقة،وتنتفي تلك الحقيقة بانتفاء بعض أجزاء مفهومها فكيف بالكلّ،فإن الملح غير العظم واللحم،فإذا صار ملحاً ترتب حكم الملح،ونظيره في الشرع النطفة نجسة وتصير علقة وهي نجسة،وتصير مضغة فتطهر.وفي “الخلاصة” وعليه الفتوى،وفي “فتح القدير” أنه المختار.

وفي شرح فتح القدير:”العصير طاهر،فيصير خمراً فينجس،ويصير خلاً فيطهر،فعرفنا أن استحالة العين تستتبع زوال الوصف المرتب عليها.وعلى قول محمد فرّعوا الحكم بطهارة صابون صُنع من زيت نجس”.

وذهب الأحناف إلى الاتفاق فيما بينهم على طهارة انقلاب الخمر إلى خل وتحولها،سواء كان بنفسها أم بغيرها”.

وجاء في الفتاوى الهندية:”السرقين:”إذا أحرق حتى صار رماداً فعند محمد يُحكم بطهارته وعليه الفتوى هكذا في “الخلاصة”.وكذا العِذرة،هكذا في البحر الرائق”.

“إذا أحرق رأس الشاة ملطخاً بالدم،وزال عنه الدم،يُحكم بطهارته”

“الطين النجس إذا جعل منه الكوز أو القدر فطُبخ يكون طاهراً،هكذا في المحيط”.

“وكذا اللّبِن،إذا لُبّن بالماء النجس وأحرق،كذا في فتاوى الغرائب”

“إذا سَعرّت المرأة التنور ثم مسحته بخرقة مبتلة نجسة،ثم خبزت فيه فإن كانت حرارة النار أكلت بلّة الماء قبل إلصاق الخبز بالتنور لايتنجس الخبز،كذا في المحيط”.

وذهب المالكية إلى أن ما استحال إلى صلاح فهو طاهر وأن ما استحال إلى فساد فهو نجس.

خلاصة القول في الاستحالة:

يتبين لنا مما سبق في استحالة المادة وانقلابها إلى مادة أخرى،أن هناك أقوالاً بعضها كان موضع اتفاق وهو:استحالة الخمر إلى خلّ،وذلك لمورد النص،ولو أن البعض اشترط تخللها بنفسها دون مداخلة الغير،والبعض تجاوز هذا الشرط.

وبعض هذه الاقوال مختلف فيه:أي التحول من عين إلى عين،كتحول عظام الميتة إلى رماد أو دخان بالاحتراق،أو تحول العذرة إلى رماد بالاحتراق وغيره…الخ..وقد لاحظنا أن البعض من الفقهاء ـ الشافعية والحنابلة ـ يبقيها على ما كانت عليه قبل الاستحالة، أي أنها تبقى نجسة.

وفريق آخر من الفقهاء ـ المالكية والأحناف ـ يرى أن العين النجسة  يتغير الحكم عليها باستحالتها إلى عين أخرى،بحيث تتغير خصائصها وتصبح ذات مواصفات جديدة مختلفة عن الأصل،ولا يمنع هؤلاء الفقهاء من تناول العين الجديدة إلا إذا حملت في خصائصها خبثاً أو ضرراً يؤذي البدن والعقل.

واستناداً إلى ماذهب إليه الأحناف وغيرهم من المالكية ومن تبعهم،وما اختاره شيخ الإسلام ابن تيمية،وابن القيم والإمامية الاثني عشرية نستطيع أن نستنتج القواعد الآتية المتعلقة باستحالة النجاسة:

1 ـ إذا أحرقت العذرة فصارت رماداً أو نحوه أو تراباً،فهو طاهر.

2 ـ إذا أحرقت الميتة فصارت رماداً أو نحوه من الأعيان الطاهرة،فهو طاهر.

3 ـ إذا استحال الكلب والخنزير وما شابههما إلى عين أخرى،كالملح أو مركبات كيميائية أخرى،فالناتج طاهر.

4 ـ وأن شحم الخنزير والميتة النجس إذا استحال إلى صابون أو معجون أو مرهم،فإنه يصير طاهراً لانقلاب عينه، ويجوز استعماله.

وأن عظم الخنزير ووتره وما تحت أديمه إذا استحال إلى جيلاتين،فإنه يصير طاهراً مأكولاً،جائز الاستعمال بالاستحالة.

5 ـ وأن الأنفحة المستخرجة من معدة الخنزير أو الميتة إذا انقلبت بحلولها في لبن حيوان مأكول اللحم إلى جبن،فإنها تطهر،وتطيب بالاستحالة.

6 ـ إذا استحالت عظام الميتة إلى رماد أو دخان أو بخار أو أية مادة كيميائية أخرى فالناتج طاهر.

7 ـ أذا استحال الطيب خبيثاً،كاستحالة العصير إلى خمر واستحالة الماء والطعام إلى بول وعذرة ،صار نجساً.

8 ـ إذا استحال الخبيث طيباً،كاستحالة الخمر إلى خل،واستحالة العذرة والسماد الحيواني في ثمار الاشجار ونتاج الأرض،فالناتج  طاهر.

9 ـ ويترتب على ذلك أن الاستحالات التي تطرأ على الأعيان النجسة بتأثير التفاعلات الكيميائية والمداخلات الصناعية،تؤدي إلى ناتج طاهر يجوز تناوله مالم يتحقق الضرر في الناتج الجديد.

10 ـ إن الأحكام إنما هي على ماحكم الله بها مما يقه عليه ذلك الاسم الذي به خاطبنا الله عز وجل،فإذا سقط ذلك الاسم فقط فقد سقط الحكم،وأنه غير الذي حكم الله تعالى فيه.والعذرة غير التراب وغير الرماد،وكذلك الخمر غير الخل،والانسان غير الدم الذي خلق منه،والميتة غير التراب.

11 ـ إن استخدام المركبات الكيميائية الناتجة عن استحالة النجاسات في الصناعات الدوائية والغذائية يخضع لهذه القواعد،ومادام المستحضر الناتج طيباً ولا يحمل خبثاً أو ضرراً،فليس هناك ما يمنع من استعماله وتناوله”.

تحريم الميتة

الموضوع نقلاً عن مجلة حضارة الاسلام حزيران 1973 م للدكتور محمود ناظم نسيمي:

الميتة لغة:هي ما فارقته الحياة . وفي اصطلاح الفقهاء كما قاله الواحدي وفي التفسير الكبير للفخر الرازي فهي ما فارقته الحياة من غير ذكاة مما يذبح . والذكاة الشرعية هي ذبح أو نحرأو عقر حيوان مباح للأكل بشرائط مفصلة في المذاهب .

قد يموت الحيوان حتف أنفه بمرض أو هرم ،وذلك أكثر ما يطلق عليه اسم الميتة ،وقد يموت خنقاً بحرمانه من هواء التنفس فيدعى المنخنقة ، وقد يموت بحوادث رضية كالضرب فيسمى الموقوذة،أوالسقوط فيسمى المتردية ،أو بنطح حيوان أخر له فيسمى النطيحة ،وقد يموت بافتراس أحد السباع وهو ما أكل السبع . وقد يموت بذكاة ناقصة شرائطها الشرعية فيخبث ماديا أو معنوياً ويحرم أيضاً . وقد يتعدد السبب في الوفاة ، فقد يتردى الحيوان المريض أو اللديغ ،وقد يموت الحيوان الهرم بمرض طارئ . ولابد من التنبيه إلى أن الحيوان الذي يجده الإنسان ميتاً لا يتأكد من سبب موته إلا بواسطة الطبيب البيطري – وقد يحتاج هذا- اضافة إلى تشريح الجثة –إلى ارسال قطع من أحشائه إلى مخابر التحليل .

إن الميتة بأنواعها نص على تحريمها القران الكريم، واعتبرها من الخبائث، وهي مجموعة من بعض المطعومات المحرمة الأخرى في قوله تعالى :{حرمت عليكم الميتة والدم ولحم الخنزير وما أهل لغير الله به والمنخنقة والموقوذة والمتردية والنطيحة وما اكل السبع إلا ماذكيتم} [المائدة 4 ]. ولقد ثبت بالاجماع أن ميتة الحيوان البري غير الآدمي نجسة لذاتها إذا كان له دم ذاتي يسيل عند جرحه بخلاف ميتة الحيوان البحري فإنها طاهرة لقوله صلى الله عليه وسلم لما سئل عن الوضوء بماء البحر :”هو الطهور ماؤه ،الحل ميتته ” [رواه مالك والشافعي وابو داود والترمذي والنسائي وابن ماجة وغيرهم من حديث أبي هريرة رضي الله عنه] .وبخلاف ميتة الحيوان البري الذي ليس له دم يسيل عند جرحه كالجراد فإنه طاهر .

إن الطب وفن الصحة والذوق السليم تؤيد بقوة تحريم الميتة ونجاستها . فإن احتباس دم الميتة وسرعة تحلل وتفسخ لحمها يغلب وجودها في أنواع الميتة ،وقد ينضم إليهما من حكم التحريم الأخرى واحدة أو أكثر .

حكمة التذكية الشرعية وأذى احتباس دم الميتة :

إن الدم يحمل فضلات الجسم كما يحمل غذائه .وفي حال الحياة تقوم الكريات البيض فيه ببلعمة الجراثيم كما تقوم الأضداد بشل فعل الجراثيم أو تعديل ذيفاناتها . وإن هذه الأعمال الدفاعية تزول بعد فقدان الحياة ،ويصبح الدم بتركيبه الوسط الصالح لنمو الجراثيم ،ولذا كان استنزاف دم الحيوان حين ذبحه مطلوب من الناحية الصحية أيضاً.

إن استنزاف دم الحيوان المذبوح مؤمن على أحسن وجه بطريقة الذبح الشرعية بالتذكية الإختيارية التي تقوم على قطع الأوداج بسرعة ومهارة لينزف دم الذبيحة كله ،وبالتالي يكون اللحم أنقى وأطيب وأبعد عن الفساد .

إن التذكية الشرعية نوعان: اختيارية واضطرارية .

فالإختيارية : هي الذبح أو النحر، وهي شرط لحل جميع الحيوانات المأكولة ما عدا السمك والجراد ،وتذكيتها  تكون بقطع الأوداج في العنق  بشرائط  مخصوصة مفصلة وتراجع في الكتب الفقهية في موضوع الذبائح .واتفقوا على أن من سنة الغنم والطير الذبح وأن من سنة الإبل النحر، وأن البقر يجوز فيها الذبح والنحر .

أما التذكية الإضطرارية في اصطلاح الفقهاء فهي قتل الحيوان المتوحش صيداً بطريق القعر او الجرح لعدم امساكه وذبحه كالحيوان المستأنس .

إن اختلال شريطة من شرائط التذكية الاختيارية أو الاضطرارية يصير معه الحيوان ميتة محرمة ،وإن سال دمه وذكر اسم الله عليه لإقتران ذلك بخبث مادي أو معنوي .

لقد اباح الشارع الحكيم التذكية الإضطرارية حتى لا يكون على الناس حرج في تدارك رزقهم وطعامهم ،ومع ذلك فإن الحيوان المقتول بطريقة الصيد الشرعي أو بطريقة التذكية الإضطرارية المشابهة ،إذا أدرك وفيه حياة ذبح بطريقة التذكية الاختيارية .ولقد نهى الشارع الحكيم عن أكل الذبيحة ذبحاً ناقصاً يتناول الجرح فيها الجلد ولا يتناول الأوداج ،لأن في ذلك تعذيباً للحيوان حيث يطول الأمد بين ذبحه وفقدانه الحس وزهق روحه، ولأن ذلك لا يستنزف معظم دم الحيوان ،كما يستنزف بقطع أوردة العنق فيحتبس قسم من دمائه في لحمه فيقل طيبه ويسرع فساده إذا ترك .ففي مسند الامام أحمد بن حنبل عن ابن عباس وأبي هريرة رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:”لا تأكل الشريطة فإنها ذبيحة الشيطان ” وفي سنن أبي داود عن ابن عباس وزاد أحد الرواة فقال وأبي هريرة قالا: نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن شريطة الشيطان  وزاد عيسى في حديثه : وهي التي تذبح فيقطع الجلد ولا تُعزى الأوداج ثم تترك حتى تموت .

إن في التزام آداب الذبح الأسلامي كسباً صحياً ومزيداً من الإنسانية والرفق بالحيوان الذي خلقه الله تعالى منفعة وغذاء للإنسان . قال رسول الله صلى الله عليه وسلم “إن الله كتب الإحسان على كل شئ فإذا قتلتم فأحسنوا القتلة ،وإذا ذبحتم فأحسنوا الذبحة ، وليُحد أحدكم شفرته وليرح ذبيحته “[رواه مسلم عن أبي يعلى شداد بن أوس رضي الله عنه] .

وبعد أن يتم الذبح وخروج الدم وإراحة الذبيحة يباشر بسلخ جلدها فوراً ،وإخراج أحشائها فوراً من تسرب شئ من جراثيمها ولا سيما جراثيم الأمعاء إلى عضلاتها فتسبب فسادها وتصبح مرضية أو سامة .

فساد لحم الميتة :

تنفذ الجراثيم إلى الميتة من الأمعاء والفتحات الطبيعية للجلد . وتعتبر الأمعاء المنفذ الأكثر أهمية من غيره لأنه مفعم بالجراثيم . فجراثيم الأمعاء تكون زمن الحياة معرضة للبلعمة ،أما بعد الموت فإنها تنمو وتحل خمائرها الأنسجة وتدخل الجدر المعائية ومنها تنفذ إلى الأوعية اللنفاوية والدموية .

اما الفتحات الطبيعية كالفم والأنف والعينين والشرج فإن الجراثيم تصل إليها عن طريق الهواء وعن طريق الحشرات كالذباب الأزرق التي تردها باكراً ناقلة الجراثيم وواصلة إليها بويضاتها . أما الجلد فإن دخول الجراثيم عبره أصعب من غيره مالم يكن متهتكاً متمزقاً كما في المتردية والنطيحة وما أكل السبع . وإن احتباس دم الميتة يساعد على انتشار الجراثيم وتكاثرها في الجثة بسرعة .وكلما طالت المدة بعد هلاك الحيوان كلما كان التعرض للضرر بأكل الميتة أكثر وأشد  وكان تبدل لحمها وفساده وتفسخه أوضح . وهناك بعض العلامات التي نستطيع بها أن نقرر زمن هلاك الحيوان على وجه التقريب – يمكن الرجوع إليها من كتاب القران والطب للدكتور محمد وصفي –

الميتة بمرض:

قد تصيب الحيوانات مأكولة اللحم أمراض جرثومية فتمنع الوصايا الصحية من تناول لحمها ولو ذبح الحيوان بالطريقة الشرعية ، ويستجيب المسلم لتلك الوصايا تجنباً للخبائث وبعداً عما يثبت ضرره .وإذا كانت الكراهة والتحريم بحسب درجة الضرر موجودة في تناول لحم الحيوان المريض المذبوح بذكاة شرعية ،فكيف إذا مات الحيوان نتيجة مرضه لشدة الجراثيم وضعف المقاومة فالحرمة أشد  لانتشار الجراثيم في الجثة عن طريق اللنف والدم المحتبس وتكاثرها بشدة وزيادة مفرزاتها السمية .هنالك لحوم لا يظهر فيها تغير ما ولكنها في الواقع لحوم ضارة وهذه هي لحوم الحيوانات المصابة بمرض من الأمراض الجرثومية المختلفة كالرعام (في الخيل) والسل (في البقر) وبعض اصابات جهاز الهضم بالسالمونيلات أو بالمكورات المعوية . أما لحم الحيوان المصاب بالجمرة الخبيثة فإنه متغير لأن الجمرة خمج دموي عام .

الرعام :

أكثر مايكون هذا المرض في جنس الخيل ،وقد ينتقل للبشر ولكنه نادر . وأكثر ما تكون الآفة في هذا المرض بشكل تقرح في الجلد ،أو بشكل بثور التهابية مختلفة الحجم في الرئة أو بشكل تقرحات نازة في المناخير أو في الرغامى أو القصبات وهو الرعام .وعلى الرغم من أنه قلما يكون اللحم مصاباً بهذه الآفة فإنه يجب اتلافه في الحيوان المريض خشية من أن يكون ملوثاً بجراثيم هذا المرض الفتاك ، فيصاب الإنسان به قبل أكل هذا اللحم .

-السل :

وهذا المرض وإن كان كثير التصادف في البقر فإنه نادر جداً في الضأن ،وقد يوجد كذلك في زمرة الطيورأو الدواجن منها كالدجاج . وإنه وإن كان اللحم لا يحتوي عندئذ على شئ من عصيات هذا الداء إلا ماندر جداً –لأنه أكثر مايكون في الأحشاء والأغشية المصلية أو الغدد – فالأفضل اجتنابه مطلقاً ،أو عدم أكله إلا مطبوخاً جيداً . وإن كتب الطب الخاصة بفحص اللحوم تقرراعدام الجثة التي يعم مكروب السل رئتيها . وكذلك إذا وجدت الجراثيم في الغشاء الذي يغطي الرئتين (الجنب) وفي البريتوان وكذلك إذا وجدت في الجهاز العضلي أو في الغدد اللنفاوية التي تقع بين العضلات وكذلك إذا وجدت علامات  السل في الحيوان الهزيل ، فما بالك بالحيوان الذي بلغ به الداء حداً أهلكه .

الجمرة الخبيثة :

إن الحيوان الذي يموت بالجمرة الخبيثة يجب أن لاتمس جثته البتة ،بل يدفن ويحرق حتى لاتنتشر جراثيمه، فتعدي الإنسان والحيوان عن طريق الهواء أو أكل لحم الجثة الموبوءة .وجراثيم هذا المرض قابلة للتحول إلى بذيرات قادرة على مقاومة المطهرات والمؤثرات الجوية المختلفة وقادرة كذلك على حفظ قوتها الحيوية كامنة لعدة سنوات .

السالمونيللا:

قد يتلوث اللحم بهذه الجراثيم إن كان الحيوان قبل ذبحه مصاباً بأحدها كالعصيات المعوية أو عصيات غارتنر ،تلك العصيات التي تتخرب بحرارة +75 فيتلفها الطبخ الجيد غالباً ،غير أن ذيفانها الممرض يقاوم الحرارة فيكون اللحم الموبوء ضاراً يسبب لأكله التسمم  ولو طبخ ، فإذا تسربت تلك الجراثيم إلى معدة الإنسان عن طريق تناول لحوم الحيوانات المصابة أو المآكل الإخرى المحفوظة (المعلبات أو الكونسروة) الملوثة بها فإنها تتكاثر تكاثراً شديداً وتسبب له إنسماماً حاداً يتجلى بشكل تخمة حادة أو شكل هيضي أوشكل تيفي أو نظير تيفي  إلى جانب التأثير السام لذيفانها .

وبعد فإن تلك المضار توجد في لحم الحيوان المريض، ولو ذبح بالذكاة الشرعية ، فكيف إذا هلك بسبب مرضه ،فإن جراثيمه تزداد قوة وكثرة وانتشاراً ،ويزداد لحمه فساداً وأذى. وأذكر ثانية بأن الحيوان الميت حتف أنفه قد يكون موته بسبب هرم ،وقد يكون بسبب مرض ولا يعرف سبب موته بدون تشريح وتحليل  إلا إذا كان مفحوصاً قبل هلاكه من طبيب بيطري .

الميتة هرماً:

تذكر كتب الصحة أن الحيوان كلما كان كبير السن كانت عضلاته ليفية صلبة ،ولذلك تكون دون غيرها تغذية وانهضاماً . هذا وإن الحيوان الكبير الذي يموت حتف أنفه لايمكن التأكد من أن سبب موته محصور في الهرم دون إجراء تشريح طبي وتحليل مخبري، فقد يكون السبب لدغة أفعى أو تناول غذاء سام أو الإصابة بمرض جرثومي .

الميتة اختناقاً:

يقال خنقه فاختنق . والخنق والاختناق : انعصار الحلق (بما يسد مسالك الهواء). واعلم أن المنخنقة على وجوه : منها أن أهل الجاهلية  كانوا يخنقون الشاة فإذا ماتت أكلوها ،ومنها ما يخنق بحبل الصائد ،ومنها ما يدخل رأسها في شجرة فتختنق ،وبالجملة فبأي وجه اختنقت فهي حرام . واعلم أن هذه المنخنقة من جنس الميتة لأنها لما ماتت وما سال دمها كانت كالميتة حتف أنفها . ويلحق بالإختناق كتم نفس الحيوان بسد فمه وأنفه قصداً ،وكذلك موته غرقاً أو ردماً أو باستنشاق الغازات الخانقة .

الميتة رضاً:

لقد أشار القران الكريم إلى أنواعها بقوله تعالى :{والموقوذة والمتردية والنطيحة}  أما ما أكل السبع فقد يميتها خنقاً وقد يميتها رضاً.

انتهى كلام الدكتور نسيمي .

وجاء في موقع الدكتور زغلول النجار في قوله تعالى {نما حرم عليكم الميتة والدم ولحم الخنزير وما أهل لغير الله به فمن اضطر غير باغ ولا عاد فإن الله غفور رحيم }” [النحل 115].

“إن موت الحيوان قبل تذكيته قد يكون بسبب مرض من الأمراض العضوية أو الفيروسية  التي ألمت به ،أو بسبب شيخوخة أصابته ،وهذا سبب كاف لتحريم أكل لحمه ،فإذا أضفنا إلى ذلك ما يؤدي إليه الموت دون تذكية (أي دون إراقة دمه) إلى تحتباس كل دمه في جسده اتضحت لنا حكمة تحريم أكل لحم الميتة وذلك لأن الدم هو حامل فضلات الجسم المختلفة من مثل ثاني أكسيد الكربون ، واليوريا ، وحمض الأوريك ، وجراثيم الجسم وطفيلياته ، ونواتج عمليات تمثيل الطعام في جسم الحيوان (عمليات الأيض) والتي تنقل عبر الأوردة وتفرعاتها المختلفة ،أو عبر الشرايين وتفرعاتها العديدة في جسم الحيوان ،وأغلبها مواد قابلة للتعفن والتحلل إذا حبست في الجسد الميت للحيوان ،خاصة إذا كان قد انقضى على موته وقت يسمح ببدء تحلل جسده وفساد لحمه . ومن هنا تتضح الحكمة الإلهية من تحريم أكل لحوم الميتة .

حكم السمك والجراد وحكم الميتتان والدمان المستحلان :

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم “أحل لنا ميتتان ودمان :السمك والجراد،والكبد والطحال “[ رواه أحمد وابن ماجة والدارقطني ].

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم في البحر “هو الطهور ماؤه،الحل ميتته “[ رواه مالك في الموطأ] .

وجاء في الصحيحين عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما أنه خرج مع أبي عبيدة بن الجراح يتلقى عيراً لقريش وزودنا جراباً من تمر،فانطلقنا على ساحل البحر،فرفع لنا على ساحل البحر كهيئة الكثيب الضخم فأتيناه فإذا هي دابة تدعى العنبر قال أبو عبيدة ميتة، ثم قال بل نحن رسل رسول الله صلى الله عليه وسلم وقد اضطرتم فكلوا . قال فأقمنا عليه شهراً حتى سمنا وذكر الحديث فلما قدمنا المدينة أتينا رسول الله صلى الله عليه وسلم فذكرنا ذلك فقال: هو رزق أخرجه الله لكم ، فهل معكم من لحمه شئ فتطعموننا قال فأرسلنا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم منه فأكله .

وحديث ابن أبي أوفى “غزونا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم سبع غزوات نأكل الجراد “[ أخرجه مسلم ].

فقد خصص جمهور الفقهاء من الآية ميتة البحر للأحاديث السابقة الذكر ،كما أباحوا أكل الجراد.

الناحية الطبية:

نقلا عن مقال للدكتور حسن هويدي رحمه الله من أحد أعداد مجلة حضارة الإسلام:

إن الحكمة في تحليل ميتة الحيوان البحري دون ميتة الحيوان البري قد تتجلى بالمقارنة التشريحية الغريزية بين الصنفين وذكر الأضرار الكثيرة الناجمة عن أكل الميتة والتفسخ الذي يصيبها ،وصولة الجراثيم في أخلاطها مما لايحدث في الحيوان المائي أو يندر جداً.

السمك:الفروق بين ميتته وميتة الحيوان البري:

– قلة دمه وأخلاطه ورطوباته :فإن ذلك يعدم قابليته للتفسخ ،لكون الدم وبقية الأخلاط مستنبتات صالحة للجراثيم ،ومنها جراثيم جائلة في الدم أو في الأمعاء أو سائر الأخلاط ،لم تستطع أن تصول على جثمان الكائن الحي اثناء حياته لتهيؤ أسباب الدفاع من الكريات البيض والمناعة المصلية ،والتغذية المستمرة والأفعال الغريزية من الأكسدة والإطراح والحموضة والقلوية وغيرها ،حتى إذا انعدمت وسائل الدفاع المذكورة بالموت سنحت الفرصة للجراثيم وصالت على الجثمان ونفثت سمومها وجعلت اللحم غير صالح للتناول وكل ذلك ينعدم أو يندر جداً في أجسام الحيوانات المائية لقلة دمها وأخلاطها وضالة أجهزتها ،هذا بالإضافة إلى أسباب أخرى مؤدية إلى الضرر كالاختناق وغيره وعدم توفر الشروط الضرورية لحياة الجراثيم وصولتها .

وجوده في الماء:يعد الماء “براداً”طبيعياً للحيوان المائي أثناء حياته وبعد موته مما يجعله عقيماً تقريباً من الجراثيم التي تستلزم لحياتها ونموها وتوالدها شروطاً دقيقة من الحرارة والجفاف والحموضة والقلوية ،حتى إذا كان الحيوان في حياته بهذه الدرجة من “الطهارة الجرثومية”تقريبا أمكن أن لا يصاب بأذى التفسخ والانتان بعد موته ،فالحياة المائية هيأته لذلك  دون الحيوان البري الذي يعدم هذه الأسباب بل الذي يكون مهيئاً بالأسباب الكثيرة من الجراثيم وغيرها للتفسخ والأنتان .

خلوه من المرض:تخلو الحيوانات المائية من الأمراض في غالب الأحيان ،وذلك للأسباب المذكورة في الفقرة السابقة من برودة الماء وعدم صلاحه لنمو الجراثيم ،فلما خلا الحيوان المائي من الأمراض اندفع خطر التفسخ وصولة الجراثيم بعد موته على عكس الحيوان البري الذي يتعرض لكثيرمن الأمراض حتى إذا مات بسببها وأُكل أحدث البلايا الكبيرة .

وتأكيداً لهذا الفارق الكبير بين ما يصاب به الحيوان البري وما لايصاب به الحيوان المائي ،أنشئ الطب البيطري للحيوانات لكثرة ما تصاب به من الآفات على حين أن مجال الحيوان المائي لايزال خالياً من ذلك ولم تدع الحاجة إليه بتاتاً ،ولو افترض تصور أن الحيوان المائي مرض فمات حتف أنفه أو أصيب بالتفسخ وخُشي من أكله  امتنعنا عن ذلك للقاعدة العامة في اجتناب الخبيث والضار  قال تعالى”{ويحرم عليهم الخبائث}” وقال تعالى” {وأحل لكم الطيبات}”، وقد اتفق العلماء على تحريم الضار الثابت ضرره فالذريعة في هذا مسدودة ،والاحتياط لذلك مشروع وقد ذكر من الناحية الفقهية احتياط الحنفية بتحريم السمك الطافي على وجه الماء خشية تفسخه . والسمك الذي مات حتف أنفه دون سبب حذراً من كونه مات بسبب مرض من الأمراض .

وبعد ذكر هذه الأسباب الرئيسية علينا القول بأن العلم أثبت اليوم صلاحية أكل هذه اللحوم دون أي ضرر وفي ذلك دليل قطعي على دعم العلم الحديث لما جاء به الشرع منذ أربعة عشر قرنا حيث لامخبر ولا مجهر . كما يمكننا القول بأن ذلك مما امتازت به الشريعة السمحة من التيسير على الناس  في أمور معاشهم ولو كان الأمر على العكس لرأينا ضائقة عظيمة تعم المجتمع البشري من تحريم الحيوان المائي واشتراط ذكاته ،بل أزمة خانقة ليس لها حل ،كما هو الحال في أزمة الهنادك في تحريم لحوم البقر اليوم وحرمان الناس من فوائدها بدون تعليل يشفي الغليل ، فلله الحمد على نعمة الإسلام .

ويقول الدكتور حنفي محمود مدبولي-مجلة الإعجاز العلمي العدد 37 رمضان  1431هجري-:

“قال الله عز وجل :{وهو الذي سخر البحر لتأكلوا منه لحماً طرياً وتستخرجوا منه حلية تلبسونها وترى الفلك مواخر فيه ولتبتغوا من فضله ولعلكم تشكرون}[النحل 14 ].

أقوال علماء التفسير في الأيات :

يقول ابن جرير الطبري:”الذي سخر لكم البحر وهو كل نهر ملحاً كان ماؤه أو عذباً (لتأكلوا منه لحماً طرياً)وهو السمك الذي يصطاد منه .

ويقول ابن كثير:”يخبر تعالى عن تسخيره البحر المتلاطم الأمواج ،ويمتن على عباده بتذليله لهم  وتيسيره للركوب فيه ،وجعله السمك والحيتان فيه ،وإحلاله لعباده لحمها حيها وميتها ،في الحل والإحرام “.

ويتابع الكتور مدبولي:”الأسماك حيوانات باردة الدم ، خيشومية التنفس مما يساعدها على التنفس في الماء .ولقد ظهرت الأسماك منذ أكثر من 450 مليون سنة . يتمتع السمك بقيمة غذائية عالية فهو يحتوي على البروتين ،وهي بروتينات سهلة الهضم بشرط أن تكون طازجة،ودهون تمتاز عن دهون اللحوم الأخرى بأنها أسهل هضماً أيضاً ،ويوجد البروتين في عضلات الأسماك . وتحتوي الأسماك على مجموعة من فيتامينات أ،ب،د، كما تحتوي على أوميجا  3 وهو غير موجود في أنواع اللحوم الحيوانية الأخرى . كما يحتوي على الكلسيوم والمغنزيوم واليود والفسفور .تعتبر الأسماك في قائمة الأغذية الصحية لغناها بالأحماض الدهنية الاساسية والعناصر المعدنية والفيتامينات التي يحتاجها الجسم .

ومن أهم فوائد السمك:

-غناه بالبروتينات :التي تحتوي أحماضاً أمينية مهمة مثل الارجنين ،التريبتوفان ،وغيرهما وهي مهمة للمحافظة على أنسجة الجسم والترميم ،كما يحتوي السمك نسبة عالية من حمض الغلوتاميك وهو مادة ضرورية لوظائف الدماغ والأعصاب والأنسجة

-م صدر هام للكلسيوم واليود والفسفور :الكلسيوم يدخل في نمو العظام والأسنان والفسفور هام لتنشيط الذاكرة وله دور مهم في بناء العظام واليود ضروري لوظائف الغدة الدرقية .

-م صدر هام للفيتامينات : وخاصة أ ود وهي تكثر في الكبد بشكل خاص (زيت كبد الحوت)، فالفيتامين ا هام لسلامة البصر والجلد والأغشية المخاطية ونموالأنسجة والعضلات ،والفيتامين د مع الكلسيوم هام لتكون العظام وللوقاية من تقوس الساقين عند الأطفال .

  • ولا يحتوي لحم السمك على مايسمى أشباه السكر-أي الغلوكسيدات- ولذا يعطى لمن يتبع حمية غذائية لتخفيف الوزن .
  • وجود مادة الاوميغا3 وهي موجودة في دهن السمك وجميع حيوانات البح وهي مادة تمنع اصابة الجسم بالجلطات الدموية-عكس الكولسترول-التي تصيب القلب والدماغ ،وأكثر أنواع السمك احتواء على هذه المادة هي التونة والسردين والسلمون .انتهى كلام د . مدبولي

الكبد والطحال:

إنما وردت تسمية الكبد والطحال بالدم بلسان الشرع من باب التشبيه البليغ لا من باب ذكر الحقيقة ،ذلك أن كلاً من هذين العضوين يشتمل على مقدار كبير من الدم حتى كاد يكون بركة من الدم ،وبهذا أشبه الدم ولكنه اشتمل على خلايا خاصة غير خلايا الدم واختص يوظائف غزيرة وبهذا فارق الدم وأشبه اللحم  فلو كان دماً صرفاً لا يختلف عن الدم بشئ لكان محلاً للشبه في البحث والتساؤل عن سبب حله دون بقية الدماء ،أما وقد اختلف عن الدم بالأسباب المذكورة وأشبه اللحم بالصفات الأخرى فقد زال الشبه إذ لم يكن دماً حقيقياً ينسحب عليه الحكم وإنما نعت بالدم على سبيل التشبيه ولذلك اعتبره بعض العلماء حلالاً لكونه لحماً كبقية اللحوم لا استثناء من الدم .

.مالذي يباح للمضطر من الميتة :

اختلف العلماء في المضطر . أيأكل من الميتة حتى يشبع أم يأكل على قدر سد الرمق ؟ وذهب مالك إلى الأول لأن الضرورة ترفع التحريم فتعود الميتة مباحة . وذهب الجمهور إلى الثاني لأن الإباحة ضرورة فتقدر بقدرها ،وسبب الخلاف يرجع إلى مفهوم قوله تعالى : {غير باغ ولا عاد}[البقرة 173[” فالجمهور فسروا البغي بالأكل من الميته لغير حاجة ،والعاد هو المعتدي حد الضرورة

تحريم الدم شرعا وطباً

الموضوع نقلاً عن مقال للدكتور محمود ناظم نسيمي من أحد أعداد مجلة حضارة الإسلام :

“لمعرفة الحِكم الصحية في تحريم الدم والحكم بنجاسته لابد لنا من دراسة التركيب العام للدماء ومعرفة خواص الدم ،وهل يؤهب تركيبه وخواصه لأن يعتبر من الأغذية ؟ وذلك ما ألخصه-مع تصرف- من كتاب (القرآن والطب ) للدكتور محمد وصفي ،ثم ألخص الأحكام الفقهية المتعلقة بالدماء ونجاستها ثم أبين أحوال الإضطرار إلى الدم .

وأكرر الإشارة هنا إلى ماذكرته في مقال(تحريم الخبائث) بأن الحكمة الأولى في كل أمر أو نهي إلهي هي طاعة الله تعالى فيما أمر أو نهى عنه لليقين بأنه تعالى أعلم بما هو خيرفي حياة الإنسان ومعاشه ،فإنه تعالى هو اللطيف في خلقه العليم في صنعه الخبير بدقائق خواص مخلوقاته وبما يصلح للإنسان {ألا يعلم من خلق وهو اللطيف الخبير} .

إن تلك الحكمة موجودة في كل أمر أو نهي إلى جانب حكم أخرى هي في صالح البشر علينا أن نفتش عنها ،ولكن حذار أن نحصر حِكم التشريع  فيما علمنا واكتشفنا ،بل علينا أن نتطلع دائماً إلى كشف مزيد من الحكم اللطيفة والفوائد الجديدة .

تركيب الدم :

الدم هو ذلك السائل الأحمر المعتم الذي يسير في شرايين الجسم وأوردته . وهو زيتي القوام تقريباً ؛قلوي التفاعل ،ذو مذاق ملحي ورائحة خاصة .

يتألف الدم عموماً من:

  • سائل يسمى البلازما يحتوي 90بالمائة ماء و8 بالمائة مواد بروتينية و2 بالمائة أملاح معدنية وبولة وسكر وغيرها .

تحمل البلازما المواد الغذائية من المواضع التي حصل منها الإمتصاص في الجسم إلى أنسجته المختلفة ،كما تحمل مخلفات الجسم التي نتجت عن الفعل الهدمي في الأنسجة إلى الأمكنة التي تفرزمنها كالكليتين والجلد وغيرها .

  • خلايا حية تسبح في هذا السائل هي :الكريات الحمر التي تحتوي على خضاب الدم ،والكريات البيض التي تدافع عن الجسم ضد الجراثيم أثناء الحياة . والنسبة بين البلازما وهذه الخلايا في الانسان 60:40 .

وبمجرد خروج الدم من الجسم يتجمد في دقائق معدودة ويكون خثرة،وهذه الخثرة عبارة عن شبكة من مادة زلالية تسمى (فيبرين) ثم تنكمش الخثرة وينفصل عنها مادة صفراء تسمى المصل (السيروم).

إن من وظائف الدم حمل مخلفات الجسم التي تنتج عن الفعل الهدمي في الأنسجة المختلفة لنقلها إلى الأعضاء التي تعدل فريقا منها وتخلص الجسم من أضرارها ،وإلى الأعضاء التي تفرزفريقاً آخر إلى خارج الجسم . يعدل الكبد كثيراً من المواد السامة التي يحتويها الدم آتياً بها من الأمعاء ومن الأعضاء المختلفة .وتخرج بعض المواد الضارة والسموم مع العرق كبعض الأملاح والبولة ،وبعضها من الرئتين كغاز ثاني أوكسيد الفحم ،ويُفرز الجزء الأكبر من تلك المخلفات بواسطة الكليتين ثم يجمع في المثانة  ويفرز منها باسم (بول). ومن هذه المواد الضارة حامض البول ومادة البولة وهي المادة التي تعطي الرائحة النشادرية عند تحللها إلى نشادر وثاني اكسيد الفحم ،ويحصل التحليل بواسطة نوع من الجراثيم عند تعرض البول للهواء .وبناء على ذلك فالدم يحوي مخلفات وفضلات سامة ومستقذرة مستخبثة ، ولو أخذ من حيوان سليم . أما إذا كان الحيوان مصاباً بأحد الأمراض العفنية أو الحموية  فهنالك الطامة الكبرى والمصيبة العظمى .

انه من المقرر طبياً أن الدم أصلح الأوساط لنمو شتى الجراثيم ،وأنسب مكان لتكاثرها ،وأحسن الأوساط لانتشارها،إذ يعتبر أطيب غذاء لهذه الكائنات وأفضل تربة لنموها . وسواء في ذلك الدم بقسميه والمصل الذي ينفصل عن الخثرة وحده .وتستعمل المخابر الجرثومية الدم لهذا الغرض لتحصل على مستعمرات من الجراثيم في بضع ساعات .أما كيف تصل الجراثيم القاتلة إلى الدم ؟ فإن الدم بمجرد نزوله من الحيوان سواء أكان ذلك بالذبح أو الفصد ،فإنه ينعزل عن الأوعية الدموية التي تحفظه أثناء الحياة ،وتفقد كريات الدم البيضاء وظيفتها التي أشرنا إليها ،ويصبح الدم بعد ذلك عرضة للجراثيم المنتشرة في اليد وفي السلاح المستعمل للذبح وفي الأنية التي يستقبل فيها ،بل توجد الجراثيم في الأرض وفي الهواء الذي يتعرض له الدم والذي يحمل جراثيم التعفن وسائر الأحياء القاتلة .وبدهي أن الضرر البالغ الناشئ عن انتشار الجراثيم المذكورة ليس قاصرا على العدوى فحسب ،بل أن فيما تفرزه من السموم (توكسين) ما يعد من أشد الأخطار لأن سموم الجراثيم هي في الغالب أشد مقاومة لحرارة الطبخ من الجراثيم ذاتها .

ليس الدم غذاء بشريا:

يتكون غذاء الإنسان من البروتينات والسكريات والدسم والأملاح والفيتامينات .وإذا تأملنا  تركيب الدم ومقادير أجزائه لانجده مصدراً رئيسياً معتبراً لأي واحد من تلك الأصناف، فإن ما في البلازما من المواد الزلالية  ضئيل لا يصلح أن يكون مصدراً للبروتينات لأن مقدارها يبلغ 8% على التفصيل التالي : ألبومين 4%، غلوبولين 3،5% ، فيبرينوجين 5؛%.

أما الكريات الحمر وما فيها من خضاب الدم فهي عسرة الهضم لا تحتملها كثير من المعد .

تحريم الدم :

اتفقت المذاهب على تحريم الدم المسفوح من الحيوان المُذكى لقوله تعالى :{قل لا أجد فيما أوحي إليَّ محرماً على طاعم يطعمه إلا أن يكون ميتة أو دماً مسفوحاً} [الأنعام 145] . وكذلك اتفقوا على أن كل دم يسيل من الحيوان الحيّ حرام قليله وكثيره . وكذلك الدم من الحيوان المحرم الأكل وإن ذكي ،فقليله وكثيره حرام ،ولاخلاف في هذا .

عرف الفقهاء الدم المسفوح بأنه  ما سال من الذبيحة عند تذكية الحيوان المباح الأكل  وما تسرب إلى داخل الحيوان من الحلقوم والمرئ وهو حرام بالإجماع .

أما مابقي في العروق واللحم والكبد والطحال والقلب فإنه حلال الأكل ،حتى أنه لو طبخ اللحم فظهرت الحَمرة في المرق لم ينجس ولم يحرم (الموسوعة الفقهية الكويتية) .

نجاسة الدم :

استدل الفقهاء على نجاسة الدم بحديث أمر المستحاضة والحائض بغسل الدم ،فعن عائشة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم قال للمستحاضة :”إذا أقبلت الحيضة فدعي الصلاة ،وإذا أدبرت فاغسلي عنك الدم وصلي“[رواه الشيخان] .وعن أسماء رضي الله عنها قالت: “جاءت امرأة إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالت:إحدانا يصيب ثوبها من دم الحيض ،كيف تصنع ؟ قال:”تحتُه ،ثم تقرصُهُ بالماء، و تنضحه،و تصلي فيه “.[صحيح البخاري عن أسماء بنت أبي بكر الصديق رضي الله عنهما]

اتفقت المذاهب على نجاسة الدم المسفوح من الحيوان المذكى ،واختلفوا في دم الحوت . وسبب اختلافهم هذا معارضة العموم للقياس . أما العموم فقوله تعالى :{حرمت عليكم الميتة والدم}  وأما القياس فيما يُمكن أن يتوهم من كون الدم تابعاً في التحريم لميتة الحيوان ،أعني أن ما حرم ميتته حرم دمه، وما حل ميتته حل دمه، ولذلك رأى الإمام مالك أن مالا دم له فليس بميتة .

أما دم الشهيد في القتال فقد اعتبره الاسلام طاهراً ما دام عليه تكريماً له .

وأما ما بقي في لحم المذكاة أو عروقها فهو طاهر حلال .

الإضطرار إلى الدم :

الضرورات تبيح المحظورات بنص قوله تعالى:{وقد فصل لكم ما حرم عليكم إلا ما اضطرتم إليه}[الأنعام 119 ].ومن صور الاضطرار إلى الدم :

أولاً : الاضطرار إلى التغذي بالدم لدى فقدان الغذاء المباح،هذا وإذا غلب على ظن المضطر أن الدم فاسد وأنه سيسبب له ضرراً أكثر من ضرر المخمصة فإنه لا يجوز له تناوله .

ثانياً: استعمال المصول الدموية في الدواء لدى تعينها كالمصل المضاد للخناق الدفتريائي ،والمصل المضاد للكزاز،والمصل المضاد لسم الأفعى ،ومصل الناقه من بعض الأمراض ،فإن الاضطرار إليها يبيحها مع أنها مستحصلة من دم الحيوان الممنع كالحصان مثلاً ،أو من دم الإنسان الناقه من مرض معين .

ثالثاً: نقل الدم كما في النزوف الغزيرة وفي العمليات الجراحية التي يفقد الجسم خلالها كمية كبيرة من الدم ،وفي فاقات الدم الشديدة ،وفي بعض الانسمامات .(يمكن الرجوع هنا إلى موضوع التداوي بين الطب والإسلام في الموقع].

ومن أمثلة عدم الإضطرار إلى الدم:

أولاً: تناول شراب الهيموغلوبين المستخلص من الدم  أو تناول الدم بالذات بقصد الاستفادة من الحديد العضوي الموجود فيه ، وذلك في فاقة الدم المسببة عن نقص الحديد. (انتهى كلام الدكتور نسيمي) .

وفي مقال نشره في احد أعداد مجلة الرائد التي كانت تصدر في ألمانيا ذكر الدكتور محمد هواري –رحمه الله – وتحت عنوان الشروط الإسلامية للأطعمة الحيوانية المنشأ – يقول:

بدعوة من رابطة العالم الإسلامي ومنظمة الصحة العالمية ،عقد الإجتماع المشترك حول الشروط الاسلامية للأطعمة الحيوانية المنشأ في مدينة جدة في المدة ما بين 23-25 ربيع الأول 1406هجري الموافقة 5-7 كانون الاول 1985م  ومما جاء فيه :

حكم الإسلام في أكل الحيوانات :

الحيوانات التي يحرم أكلها :

ما لاخلاف في تحريمه :

  • الخنزير
  • الميتة : وهي الحيوان الذي مات حتف أنفه من غير ذكاة . ويعتبر في حكم الميتة ما قُطع من البهيمة قبل ذبحها ،أو بعد ذبحها قبل أن تستقرّ.
  • الدم المسفوح: وهو الدم المُراق من الحيوان نتيجة ذبحه أو جرحه .
  • ما أهل لغير الله به : وهو الحيوان الذي ذبح وذكر عليه اسم غير اسم الله تبارك وتعالى كأسماء الأصنام والطواغيت .
  • المنخنقة: وهي البهيمة التي تموت بالخنق بفعلها أو بفعل غيرها .
  • الموقوذة: وهي البهيمة التي تموت نتيجة الضرب أو بحديدة أو رصاص أو حجر أو غير ذلك مما يقتل بثقله ( ماعدا الصيد الذي يضرب بسهم أو رصاصة أو نحوهما بنية الصيد )
  • المتردية: وهي الحيوان الذي يسقط من مكان عال أو يقع في حفرة أو نحوهما فيموت .
  • النطيحة : وهي الحيوان الذي يموت بسبب النطح .
  • ما أكل السبع : وهو الحيوان الذي افترسه سبع أو طير جارح غير الصيد .
  • ما ذبح على النصب أو تقرب به لغير الله عز وجل .
  • ذبائح المشركين واللادينيين والعلمانيين والملحدين والمجوس وسائر الكفار من غير الكتابيين .
  • ما تحقق فيه الضرر لآكله .
  • وتحريم أكل اللحم في كل ما تقدم يشمل جميع أجزاء الحيوان ومشتقاته بما في ذلك الدّهن والشحم والعظم .

ماذهب الجمهور إلى تحريمه:

1-البغال والحمر الأهلية

2- الحيوانات المفترسة : وهي كل ذي ناب من السباع كالأسد والنمر والذئب والثعلب والفهد والكلب والهر : محرمةً عند الجمهور ،وأكلها مكروه عند الإمام مالك .

3-الطيور الجارحة: وهي كل ذي مخلب من الطير كالصقر والبازي والنسر والعقاب والباشق والشاهين وأمثالها : محرمة عند الجمهور ،وأباحها الامام مالك .

  • الهوام : كالفأر والعقرب والخنافس : محرمة عند الجمهور وكرهها الإمام مالك والإمام الأوزاعي .
  • الفيل : محرم عند الجمهور وأباحه بعض الفقهاء .

تحريم الخنزير

لقد ورد تحريم أكل لحم الخنزير في عدة مواضع من القرآن الكريم ،وذلك في أربع سوروهي: البقرة والمائدة والأنعام والنحل .

قال تعالى:{إنما حرم عليكم الميتة والدم ولحم الخنزير وما أهل به لغير الله فمن اضطر غير باغ ولا عاد فلا إثم عليه إن الله غفور رحيم } [البقرة 173] .

وقال تعالى :{حرمت عليكم الميتة والدم ولحم الخنزير وما أهل لغير الله به والمنخنقة والموقوذة والمتردية والنطيحة وما أكل السبع  إلا ما ذكيتم وما ذبح على النصب وأن تستقسموا بالأزلام ذلكم فسق }[المائدة 3 ].

وقال تعالى :{قل لا أجد في ما أوحي إليّ محرماً على طاعم يطعمه إلا أن يكون ميتة أو دماً مسفوحاً أو لحم خنزير فإنه رجس أو فسقاً أهل لغير الله به فمن اضطر غير باغ ولا عاد فإن ربك غفور رحيم } [الانعام 145] .

وقال تعالى:{إنما حرم عليكم الميتة والدم ولحم الخنزير وما أهل لغير الله به فمن اضطر غير باغ ولا عاد فإن الله غفور رحيم}  [النحل 115] .

وقد جاء تحريم لحم الخنزير عند النصارى واليهود:

ـ جاء في العهد القديم:(سفر التثنية ونحوه في سفر اللاويين:”لا تأكل رجساً ما،هذه البهائم التي تأكلونها…والخنزير لأنه يشق الظلف،لكنه لا يجتر،فهو نجس لكم،فمن لحمها لا تأكلوا،وجثثها لا تلمسوا”.

ـ وجاء في العهد الجديد وفي انجيل متى:”لا تظنوا أني جئت لأنقض الناموس،أو الأنبياء،ما جئت لانقض،بل لأكمل،فإني والحق أقول لكم:إلى أن تزول السماء والأرض لا يزول حرف أو نقطة واحدة من الناموس،حتى يكون الكل”.وجاء في رسالة بطرس الرسول الثانية:”وكان هناك عند الجبال قطيع كبير من الخنازير يرعى.فطلب إليه كل الشياطين قائلين:أرسلنا إلى الخنازير لندخل فيها،فأذن لهم يسوع للوقت،فخرجت الأرواح النجسة،ودخلت في الخنازير”(أنجيل مرقس).

إن الأسباب الحقيقية والحكمة الإلهية من وراء تحريم الخنزير لا يعلمها إلا الله تعالى،ولكن يمكن لنا كأطباء وعلماء أن نذكر بعض المضار الصحية من جراء تناول لحم الخنزير،وإن كنا ندرك تماما أننا ليس على علم بعلة التحريم حيث لايوجد نص شرعي من الكتاب والسنة حول هذا الموضوع وإنما نقول كسائر المسلمي المؤمنين {والراسخون في العلم يقولون آمنا به كل من عند ربنا}[آل عمران 7].

ولقد حرم رب العالمين لحم الخنزير، وبين في كتابه المحكم أنه لما عصى بنو اسرائيل ربهم غضب عليهم ولعنهم في الدنيا والآخرة ومسخهم إلى قردة وخنازير ،يقول تعالى :{قل هل أنبئكم بشر من ذلك مثوبة عند الله من لعنه الله وغضب عليه وجعل منهم القردة والخنازير وعبد الطاغوت أولئك شر مكانا وأضل عن سواء السبيل }[المائدة 60 ].

يقول الشيخ محمد متولي الشعراوي رحمه الله:”وحرم الحق لحم الخنزير،وقلنا إن علّة الإقبال عليه هو أمر الله،فإذا أثبت الزمن صدق القضية الإيمانية في التحريم،فذلك موضوع يؤكد عملية الإيمان،ولكن لو انتظرنا وأجلنا تنفيض حكم الله حتى نتأكد من علة التحريم،لكنا نؤمن بالعلماء والاكتشافات العلمية قبل أن نؤمن بالله ،لأننا إن انتظرنا حتى يقول العلماء كلمتهم،فقد اعتبرنا العلماء آمن علينا من الله،وهل يوجد مخلوق آمن على مخلوق من الخالق؟.

إن ذلك مستحيل.إذن فالمؤمن من يأخذ كل حكم صادر من الله،وهو متيقن أن الله لا يأمره إلا بشىء نافع له،وفي الحقيقة فالشىء الضار غير ضار في ذاته،فقد ينفع في أشياء أخرى.ونضرب هذا المثل ولله المثل الاعلى فأنت ساعة تعاقب ابنك بأمر من الامور،فتحرمه من المصروف أو تحرمه من أكلة شهية،فإن ذلك العقاب ليس ضاراً في ذاته،إنما إغراقك إياه بما يحب ويطلب،مع سيره في طريق لا ترتضيه،هو دعوة للإبن أن يستمر في فعل ما لا ترتضيه.إن عدم تربية الإبن بالثواب والعقاب هو أمر ضار.

ولذلك نقول للذين يريدون أن يوجدوا علّة لكل مُحرّم:أنتم لم تفطنوا إلى تحريم التأديب،فهناك تحريم لامر لأنه ضار،وهناك تحريم لأمر آخر لأنك تريد أن تحرمه تأديباً له،وأنت لا يصح منك أن تجعل عماية التأديب في القيم دون عملية الإصلاح في المادة البدنية.والحق سبحانه وتعالى أرحم بخلقه من الا[ بإبنه،وهو قد حرّم بعضاً من طيبات الحياة على بني إسرائيل للتأديب،فقال عز وجل:{فبظلمٍ من الذين هادوا حرّمنا عليهم طيباتٍ اُحلّت لهم}[النساء 160].

وبالنسبة لتحريم الخنزير،فقد شاءت إرادة الله عز وجل أن يكشف لخلقه سر التحريم،فأثبت العلماء أن هناك أمراضاً في الخنزير لم تكن معروفة قبل ذلك،وتبين لهم خطورتها مثل الدودة الشريطي،وإذا كان الحق سبحانه وتعالى قد كشف لهم سراً واحداً هو الدودة الشريطية،فربما هناك أسرار أخرى أخطر من الدودة الشريطية.

يقول الدكتور زغلول النجار (الموقع الرسمي في الإعجاز العلمي في القران والسنة):

يقول تعالى “{إنما حرم عليكم الميتة والدم ولحم الخنزير وما أهل لغير الله به فمن اضطر غير باغ ولا عاد فإن الله غفور رحيم } [النحل 115] .

“الخنزير وصفه القرآن الكريم في أكثر من مقام بأنه رجس (البقرة173،المائدة3 ،الأنعام145،والنحل115) وهذه كلمة جامعة لكل معاني القذارة والقبح والنجاسة والإثم ،وذلك لأن الخنزير حيوان كسول ،جشع، قذر،رمام ،يأكل النبات والحيوان والجيف والقمامة ،كما يأكل فضلاته هو وفضلات غيره من الحيوانات ،وهذا من أسباب قيامه بدور كبير في نقل العديد من الأمراض الخطيرة للإنسان .وتضم الخنازير عدداً من الأنواع البرية والمستأنسة والتي تجمع كلها في عائلة واحدة تعرف باسم عائلة الخنازير، ويسمى الذكر منها باسم العفر وتسمى الأنثى باسم الخنزيروهي من النوع الولود ،والخنزير المخصي يعرف باسم الحلوف، ويستعار اللفظ وصفاً لكل قذر، شره، أناني من البشر، ويستعمل لفظ الخنزير كذلك لكل حقيرالنفس بخيل اليد قذر المظهروالملبس متصف بأحقر الصفات، أو للمرأة الساقطة المجردة من كل فضيلة .(انتهى كلام الدكتور زغلول النجار) .

ويقول الجاحظ(نقلاً عن كتاب أمراء البيان لمحمد كرد علي ص421): “لو أن الكفر والإفلاس والغدر والكذب تجسدت ثم تصورت لما زادت على قبح الخنزير،وكان ذلك بعض الأسباب التي مسخ بها الإنسان خنزيراً، فإن القرد قبيح الوجه قبيح في كل شئ، وكفاك به جري المثل المضروب به،ولكنه من وجه آخرمليح، فملحه يعرض على قبحه فيمازجه ويصلح منه،والخنزير اقبح منه إلا أن قبحه مُصمت بهيم فصار أسمج منه كثيراً”.

الأمراض التي تنقلها الخنازير :

تبين الدراسات العلمية أن جسم الخنزير يحتوي أكثر من 400 عامل ممرض من الفيروسات والفطريات والطفيليات والجراثيم والديدان…ومن أهم الامراض التي ينقلها:

1داء الشعرية الحلزونية :

داء منتشر تسببه الشعرية الحلزونية (التريشينيللا شبيراليز) والتي تصيب العضلات المخططة والدماغ وهذ يؤدي لآلام عضلية معممة  مع صعوبة التنفس واضطرابات عصبية وقد تصاب أعضاء أخرى في الحالات الشديدة .وهي دودة شعرية صغيرة طولها 3-5 مم .

العامل المسبب والوبائيات: يشاهد الداء في كل أنحاء العالم وينتقل العامل الممرض للإنسان عن طريق تناول لحم الخنزير غير المطهي جيداً ،فالخنزير يعتبر المَعين الرئيسي للعدوى.ولذا تشاهد الإصابات بشكل خاص في الأماكن التي يكثر فيها تناول لحم هذا الحيوان أي في الغرب أكثر من الشرق ،فبعد أن يتناول الإنسان لحم الخنزيرغير المطبوخ جيداً ،يهضم اللحم في المعدة وتتحرر القوائب التي تلتصق بمخاطية العفج(الإثني عشر)بشدة وتتحول القوائب في الغشاء المخاطي إلى ديدان كهلة ،وبعد أن يتم إخصاب الأنثى يموت الذكر المخصب ويطرح مع البراز ،وبينما تدخل الأنثى المخصبة فوهتها التناسلية في مخاطية العفج وقد تصل عميقاً حتى الغشاء العضلي لجدار العفج، وبعد اسبوع تخرج القوائب التي تغزو العروق اللمفية وأحياناً الدموية ومنه إلى الدورة الدموية  فالرئة والقلب ومنه إلى كل أنحاء الجسم عن طريق الدوران العام وتنتخب هذه القوائب بشكل خاص العضلات المخططة، وأكثر العضلات إصابة عضلة الحجاب الحاجز وعضلات الإلية وعضلات جدار الصدر والعضلة الدالية والعضلات الوربية(بين الأضلاع) والعضلات الخارجية للحنجرة وعضلات اللسان وأحيانا عضلة القلب .وعلى كل حال لايوجد عضو في الجسم منيع على الاصابة بهذه الديدان .

تدخل القوائب الألياف العضلية وتسبب اتلافها، وتسبب تفاعلاً التهابيا ،وفي الحالات المزمنة تحدث تكلسات حول القوائب في أماكن توضعها فتدعى القوائب المتكيسة أو الغلف الشعرية، وهذه الغلف الشعرية مقاومة للبرودة والغليان،والتملح والتفسخ ، وتبقى مقاومة لسنوات عديدة .

الأعراض السريرية :

هي متفاوتة ومختلفة ،ولا يكشف المرض عادة إلا بعد أن يقطع المرض مرحلة بعيدة .

وللمرض أدوار:

ففي الدور الأول :أي دور التوضع في العفج : قد تظهر أعراضاً مماثلة للتسمم الغذائي أي آلام بطنية مع إقياء وإسهال،أو بشكل تناذر زحاري وقد ترتفع الحرارة إلى الأربعين .وفي بعض الحالات يمر الدور الأول بدون أعراض.

وفي الدور الثاني: أي دور انتشار القوائب في الدوران فيحدث ترفع حروري بشكل يشبه الحمى التيفية .

والشعرية الحلزونية هي الوحيدة من الديدان الحبلية التي تسبب حرارة مُطبقة وهذيان وآلام عضلية، وقد تحدث اندفاعات شروية.

وأما الدور الثالث: فالأعراض حيث موضع الإصابة العضلية فقد تحدث عسرة بلع أو صعوبة التنفس أو صعوبة تحريك العينين ، ويشكو المريض من الصداع وآلام الربلتين(عضلات الساقين). وإن اصابة الجملة العصبية المركزية تسبب الصداع وفقدان       حس التوجه والبطاح (الهذيان)وأعراض التهاب الدماغ . وإذا أصيبت عضلة القلب يحدث استرخاء القلب وقصوره .

وتذكر بعض الاحصائيات أن عدد المرضى المصابين بهذا المرض في أمريكا يصل إلى نحو 47 مليون شخص ونسبة الوفاة به تبلغ نحو 3%. وكما ذكرنا فإن الخنزير هو المصدر الوحيد لإصابة الإنسان بهذا المرض الخطير .

2-داء الشريطية المسلسلة (المسلحة)=(تينيا سوليوم )وتسمى أيضا الشريطية الخنزيرية :

طول هذه الدودة من 2-3 متر وأحيانا أكبر من هذا ،وهذه الدودة تتكون من رأس فيه خطاف ليمسك بجدار الأمعاء،وممصات لتمتص الطعام الجاهز من الأمعاء .

وتحدث الاصابة بسبب تناول لحم الخنزير الذي يحوي الأكياس المذنبة الخلوية  وهذه الأكياس تتحول في داخل الأمعاء إلى ديدان وتكبر وتباشر معيشتها وتلتصق بجدار الامعاء، وتسبب بعض الأعراض ومنها الاسهالات ونقص الشهية(القهم)والقولنجات البطنية ونقص الوزن وفقر الدم .

وفي حالات نادرة إذا تناول الانسان بيوض هذه الديدان عن طريق الطعام الملوث فإن هذه البيوض وعند وصولها الى المعدة فانه يتم هضم قشرتها وبعدها تنطلق إلى الأمعاء ثم إلى مجرى الدم وتستقر في الدماغ أو القلب أو العضلات أو العين والأعراض حسب مكان التوضع .

3-داء الزقيات القولونية:(بالنتيديوم قولي):الزحار الزقي:

وهي طفيليات تسبب مرض الزحار الشديد المترافق مع زحير ومغص بطني وغثيان وقئ وقد تسبب اسهالا دمويا مع فقر دم . وهو مرض معدي ينتشر بين كل من له علاقة بتربية الخنزير أو ذبحه وسلخه .وهذه الطفيليات تعيش في أمعاء الخنزير والذي يعتبر من أهم مصادر العدوى وتكون العدوى بطريقة تناول الطعام الملوث بالخنازيرالذي يحتوي على أكياس هذا الطفيلي .

4– داء وايل اليرقاني النزفي:

وهو ينتقل للانسان عن طريق الماء الملوث ببول الخنزير أو الكلاب أو الجرذان .

5-داء حمرة الخنزير :(الإريسبيل):

مرض يصاب به الخنزيروغيره من الحيوانات وينتقل إلى بعض الفئات من البشر وخاصة اللحامين والدباغين وتكون الاصابة بشكل بقعة أو منطقة مؤلمة جدا وحارة موضعيا وحارقة وتشاهد خاصة على الأيدي مع أعراض عامة مثل الحرارة والقشعريرة والتهاب العقد اللمفية .

6 ـ انفلونزا الخنازير:

جاء في الويكيبيديا:انفلونزا الخنازير:هو أحد أمراض الجهاز التنفسي التي تسببها فيروسات انفلونزا  H1N1تنتمي إلى أسرة”Ortho myxo virus وهذا النوع من الفيروسات التي تؤثر غالباً على الخنازير.وهذا النوع من الفيروسات يتسبب بتفشي إنفلونزا الخنازير بصورة دورية في عدد من الدول ومنها أمريكا والمكسيك وكندا وأمريكا الجنوبية وأوربا وشرق أسيا.وحتى عام 2009 لاتم التعرف على ستة فيروسات لإنفلونزا الخنازير.وتبقى هذه الفيروسات منتشرة ضمن الخنازير على مدار العام،إلا أن معظم حالات الإنتشار الوبائية ضمن الخنازير تحدث في أواخر الخريف والشتاء كما هو الحال لدى البشر.

كان انتقال فيروس انفلونزا الخنازير للإنسان نادر نسبياً وخاصة أن طبخ لحم الخنزير قبل استهلاكه يؤدي إلى تعطيل الفيروس.ولكن في السنوات الأخيرة ازدادت حالات انتقال الفيروس إلى الإنسان بسبب التحورات الجينية التي حدثت في د ن ا الفيروس،وعادة ما تصيب العدوى العاملين في تربية الخنازير .والأعراض هي كأعراض الانفلونزا الشائعة مثل احتقان البلعوم وارتفاع الحرارة والإرهاق العام والسعال والصداع…وقد سجلت إصابات شديدة عند الأطفال والرضع والحوامل،وعند المرضى المسنين،والمصابين بنقص المناعة،والأمراض المزمنة أو الأورام الخبيثة أو المعالجين بمثبطات المناعةـأو المصابين بداء الإيدز.حيث تحدث الوفاة بسبب القصور التنفسي الشديد،وذلك بسبب ذات الرئة الفيروسية،أو المختلطة بالإصابات الجرثومية،أو بسبب حدوث خمج شديد في الجسم ويترافق مع الصدمة الخمجية،أو بسبب اختلاطات دموية ـ قلبية ـ وعائية ومنها اضطرابات النظم أو قصور القلب …

ويفترض بعض العلماء أن أول وباء لانفلونزا الخنازير حصل عام 1918م.وهو مايسمى الإنفلونزا الإسبانية وسبب بمقتل ما يقارب 51 مليون شخص .

وفي عام 1976م حدثت عدوى بهذا الفيروس في أمريكا في إحدى القواعد الجوية “فورت ديكس”.

في عام 1995 حدث وباء شديد أصاب العالم وكان سببه فيروس مصدره لحم الخنزير.وفي عام 2009 عاد هذا الوباء مرة أخرى،منطلقاً من المكسيك وانتشر في معظم أنحاء العالم.وسبب في وفاة أكثر من 18 ألف حالة وفي عام 2012 سبب وفاة أكثر من ربع مليون إنسان.

صعوبة هضم لحم الخنزير :

تبين الدراسات أن تناول لحم الخنزير يسبب أمراضا استقلابية وجهازية عديدة وذلك بسبب تركيب لحم الخنزير وخاصة ما يحتويه من شحوم ودهنيات .فقد بينت الدراسات أن تناول لحوم الحيوانات التي لم ينهى الشارع عن تناولها كالخرفان والبقر والماعز والجمال.. وهي من الحيوانات العاشبة فإن دهنيات هذه الحيوانات تتحول في الأمعاء الدقيقة وبفضل العصارات البنكرياسية والصفراوية  إلى مستحلبات يتم امتصاصها في الأمعاء الدقيقة وتتحول في جسم الإنسان ودورته الدموية إلى دهون بشرية وتترسب في أنسجة الجسم كدهون بشرية انسانية .

أما إذا تناول الإنسان لحوم ودهون الحيوانات المحرم تناولها كالحيوانات الكاسرة والمتوحشة وكذلك لحم الخنزير ، فإن العصارات البنكرياسية والصفراوية لا تستطيع أن تحول دهونها وتسحلبها وبالتالي يتم امتصاصها بدون تحويل وتترسب في أنسجة الجسم كدهون حيوانية وليس كدهون إنسانية ، وبالتالي كدهن خنزيري وليس كدهن انساني .وهنا يتساءل العلماء هل إن ترسب هذه الدهون وبقائها كدهون حيوانية يؤثر على سلوك الإنسان وطبيعته وشخصيته ؟

وكذلك فإن لحم الخنزير يحتوي على نسب أعلى من الدهون الثلاثية والكولسترول وهذا يؤهب لكثير من الأمراض بسبب التصلب العصيدي الشرياني وماينجم عنه من أمراض خطيرة كاحتشاء القلب والفالج الدماغي وارتفاع التوتر الشرياني …وقد تبين ارتفاع نسبة الأمراض القلبية والوعائية بنسبة تتجاوز ثمانية أضعاف في البلدان التي يكثر تناول لحم الخنزير فيها.ونسبة الكولسترول في لحم الخنزير تعادل خمسة عشر ضعفاً في تلك الموجودة في لحم البقر.

كما أن الخنزير من الحيوانات التي لا تتعرق وهذا سبب آخر يؤدي إلى ترسب السموم في جسمه،فكما هو معروف أنه يتم من خلال التعرق التخلص من كثير من السموم عند الإنسان والحيوان.وبينت الدراسات أن جسم الخنزير يحتوي نسبة عالية من حمض البول ولا يفرغ منه إلا القليل وهذا يؤهب للإصابة بأمراض الرثية والمفاصل.

كما تذكر بعض المعلومات علاقة تناول لحم الخنزير مع بعض أنواع السرطان في الجسم ومنها سرطان القولون والمثانة.

تحليل الطيبات

قال الله تعالى في كتابه العزيز :{الذين يتبعون الرسول الأمي الذي يجدونه مكتوباً عندهم في التوراة والإنجيل يأمرهم بالمعروف وينهاهم عن المنكر ويحل لهم الطيبات ويحرم عليهم الخبائث ويضع عنهم إصرهم والأغلال التي كانت عليهم }[الأعراف 156] .

وقال تعالى: {يا أيها الذين أمنوا كلوا من طيبات ما رزقناكم واشكروا لله إن كنتم إياه تعبدون* إنما حرم عليكم الميتة والدم ولحم الخنزير وما أهل به لغير الله فمن اضطر غير باغ ولا عاد فلا إثم عليه إن الله غفور رحيم } [البقرة 172-173].

ويقول تعالى:{يا أيها الناس كلوا مما في الأرض حلالاً طيباً}[البقرة 168] .

ويقول تعالى: {يا أيها الذين آمنوالا تحرموا طيبات ما أحل الله لكم ولا تعتدوا إن الله لا يحب المعتدين}[المائدة 87].

يقول الاستاذ الدكتور يوسف القرضاوي (موقع القرضاوي –مقالة بعنوان :الأصل في الأشياء الإباحة ):

“كان أول مبدأ قرره الإسلام : أن الأصل فيما خلق الله من أشياء ومنافع ،هو الحل والإباحة ،ولا حرام إلا ماورد نص صحيح صريح من الشارع بتحريمه، فإذا لم يكن النص صحيحا ـ كبعض الأحاديث الضعيفة ـ أو لم يكن صريحاً في الدلالة على الحرمة ، بقي الأمر على أصل الإباحة .وقد استدل علماء الإسلام على أن الأصل في الأشياء والمنافع الإباحة ،بآيات القرآن الواضحة من مثل قوله تعالى :{هو الذي خلق لكم ما في الأرض جميعاً}[البقرة29]، {وسخر لكم ما في السموات والأرض جميعاً منه}[الجاثية13]، {أو لم تروا أن الله سخر لكم ما في السموات وما في الأرض وأسبغ عليكم نعمه ظاهرة وباطنة} [لقمان 20 ].

وما كان الله سبحانه ليخلق هذه الأشياء ويسخرها للإنسان ويمن عليه بها ،ثم يحرمه منها بتحريمها عليه وكيف وقد خلقها له وسخرها له وأنعم بها عليه؟

ومن هنا ضاقت دائرة المحرمات في شريعة الإسلام ضيقاً شديداَ،واتسعت دائرة الحلال اتساعا بالغا. ذلك أن النصوص الصحيحة الصريحة التي جاءت بالتحريم قليلة جداً، وما لم يجئ نص بحله أو حرمته ،فهو باق على أصل الإباحة ،وفي دائرة العفو الإلهي.

وفي هذا ورد الحديث”ما أحل الله في كتابه فهو حلال ،وما حرم فهو حرام . وما سكت عنه فهو عفو . فأقبلوا من الله عافيته ، فإن الله لم يكن لينسى شيئا، وتلا(وما كان ربك نسيا) [مريم 64] .[رواه أبو الدرداء رضي الله عنه وقال الألباني حديث حسن].

وعن سلمان الفارسي رضي الله عنه : سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن السمن والجبن والفراء فقال:”الحلال ما أحل الله في كتابه،والحرام ما حرم الله في كتابه ، وما سكت عنه فهو مما عفا لكم ” فلم يشأ عليه السلام أن يجيب السائلين عن هذه الجزئيات، بل أحالهم على قاعدة يرجعون إليها في معرفة الحلال والحرام ، ويكفي أن يعرفوا ما حرم الله ، فيكون كل ما عداه حلالا طيبا.

وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم :”إن الله فرض فرائض فلا تضيعوها،وحدّ حدودا فلا تعتدوها،وحرّم أشياء فلا تنتهكوها، وسكت عن أشياء رحمة لكم غير نسيان فلا تبحثوا عنها”[رواه أبو ثعلبة الخشي رضي الله عنه وأخرجه الدار قطني وغيره وهو حديث حسن].

(انتهى كلام القرضاوي) .

وقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم مخشوشناً في حياته لا مترفاً ومع ذلك لم يحرم حلالاً ولم يضيق واسعاً.

وقال الشيخ محمد أبو زهرة رحمه الله :

“وكل نصوص الشريعة جاء بهذه الغاية السامية (أي المصلحة الإنسانية) فما من نص شرعي إلا وقد تحققت فيه المصلحة وإن غابت على بعض الأذهان،ولا تغيب هذه المصلحة إلا حيث يختلط معنى المصلحة بالهوى والشهرة ،وحيث تتكاثف الظلمات على العقل حتى يتوهم المصلحة فيما فيه ضرر، كما يتوهم بعض الناس نفعا فيما يثبت الطب وتثبت مكارم الأخلاق قيمه .

ويقول الإمام ابن القيم رحمه الله :

“إذا تأملنا في شرائع دين الله التي وضعها بين عباده وجدتها لا تخرج عن تحصيا المصالح الخالصة أو الراجحة ،وإن تزاحمت قدم أهمها وأجلها وإن فات أدناها . كما لاتخرج عن تعطيل المفاسد الخالصة والراجحة بحسب الامكان وإن تزاحمت عطل أعظمها فساداً بتجمل أدناها .

وقال أبو حيان في تفسير البحر المحيط :” لما أباح الله تعالى لعباده أكل ما في الأرض من الحلال الطيب ،وكانت وجوه الحلال كثيرة ،بين لهم ما حرم عليهم لكونه أقل  فلما بين ماحرم بقي ما سوى ذلك على التحليل حتى يرد منع أخر، وهذا مثل قوله صلى الله عليه وسلم لما سئل عما يلبس المحرم فقال:”لا يلبس القميص ولا السروال ” فعدل عن ذكر المباح إلى ذكر المحظور لكثرة المباح وقلة المحظور وهذا من الإيجاز البليغ .

المراد من الطيبات الرزق الحلال ،فكل ما أحلّه الله فهو طيب  وكل ما حرمه فهو خبيث .

قال عمر بن عبد العزيز رضي الله عنه :”المراد:”طيب الكسب لا طيب الطعام” ويؤيده الحديث الشريف “إن الله طيب لا يقبل إلا طيباً ، وإن الله أمر المؤمنين بما أمر به المرسلين فقال:” يا أيها الرسل كلوا من الطيبات واعملوا صالحا” وقال”يا أيها الذين أمنوا كلوا من طيبات ما رزقناكم ثم ذكر الرجل يطيل السفر ، أشعث أغبر ، يمد يديه إلى السماء يارب يارب ومطعمه حرام ومشربه حرام وملبسه حرام وغذي بالحرام فأنى يستجاب له ” [رواه أحمد ومسلم والترمذي عن ابي هريرة رضي الله عنه].

عدم حرمان المباح ومقاومة المذاهب النباتية

إن الإنسان بحاجة من أجل اكتمال بناء جسمه والقيام بالوظائف الحيوية إلى أن ينوع غذائه مابين البروتينات والدهون والسكريات بالإضافة الى بعض المعادن والفيتامينات .وقد حرم الشرع أن يمتنع الإنسان عن تناول المباح من  بعض الطعام والغذاء – إلا برؤية طبية كالحمية مثلا في بعض الأمراض لفترة تقل أو تقصر كما يراها الطبيب – ومنها من يحرمون على أنفسهم تناول اللحوم دون داع من مرض أو استعداد لمرض أو بسبب فقر .

عندما حرم بعض الصحابة على نفسه اللحم  وحرم بعضهم النساء  وبعضهم النوم على الفراش، وبلغ ذلك النبي صلى الله عليه وسلم قام خطيباً وأنكر عليهم ما عزموا عليه . عن أنس رضي الله عنه أن نفراً من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم سألوا أزواج النبي صلى الله عليه وسلم عن عمله في السر، فقال بعضهم لا أتزوج النساء، وقال بعضهم لا أكل اللحم، وقال بعضهم لا أنام على فراش، وقال بعضهم أصوم ولا أفطر . فقام النبي صلى الله عليه وسلم  فحمد الله وأثنى عليه فقال:”ما بال قوم  قالوا كذا وكذا ؟ لكني اصلي وأنام ،وأصوم وأفطر، وأتزوج النساء، فمن رغب عن سنتي فليس مني ” [رواه مسلم ]. ونزل في ذلك النفر وأمثالهم قوله تعالى : {يا أيها الذين أمنوا لا تحرموا طيبات ما أحل الله لكم ولا تعتدوا إن الله لا يحب المعتدين}.

من هم النباتيون؟:

جاء في مقال لإحدى احدى الصحف الالمانية الطبية (ميديكال تريبون) بتاريخ 13 نوفمبر عام 1992

“يعتبر مؤسس المذهب النباتي الفيلسوف الاغريقي فيثاغورث (عام 600 قبل الميلاد). ومنذ أكثر من ألفي عام يوجد هناك بشر ولأسباب دينية أوعرقية  يحرمون على أنفسهم تناول المشتقات الحيوانية ،وفي أيامنا هذه يضاف لها أيضاً أسباب اقتصادية أو صحية غذائية .

وحسب مايدعي هؤلاء النباتيون فإن التطور البشري بدأ بأن الإنسان كان نباتياً ولا يأكل إلا النبات وأن المشتقات الحيوانية تسبب اضطرابات هضمية وتنشأ منها حواصل استقلابية سمية .

وهؤلاء النباتيون منهم من يتجنب كل المشتقات الحيوانية وحتى الحليب والبيض والعسل، ومنهم من يتجنب اللحوم ولكنهم يتناولون الحليب ومشتقات الحليب والبيض ومنهم من لا يأكلون البيض ولكن يشربون الحليب، وهذه الفئات الثلاثة تتناول الوجبات النباتية ويتجنبون شرب الغول والدخان .

إن الاقتصار على الوجبات النباتية فقط له مضاعفات على الأطفال والكبار على حد سواء، فالإنسان يحتاج إلى المشتقات الحيوانية وإن كانت من منتجات الحليب والبيض،وإن البروتينات النباتية ليست عالية القيمة الغذائية مثل البروتينات الحيوانية ، فالبروتينات الحيوانية يوجد في تركيبها الكثير من الحموض الأمينية الضرورية التي يحتاجها الإنسان ولا توجد في البروتينات النباتية مثل الليزين والإيزولوسين واللوسين والفالين والتريونين والتيروزين ،وهذه الحموض الأمينية الضرورية قد توجد في الحبوب وبعض الثمار والمكسرات ولكنها توجد بشكل رئيسي في اللحوم ،ولابد من تناول كمية كافية منها ومن مصادر متنوعة ولا يمكن الحصول عليها من المصادر النباتية فقط إلا بتناول كميات كبيرة ومتنوعة من الأغذية النباتية ويمكن الحصول عليها بكميات كافية بتناول القليل من المشتقات الحيوانية ،وإن عوز هذه الحموض الأمينية يسبب اضطرابات شديدة مثل فقر الدم وتثقب العظام وتشكل الوذمات .

وبالاضافة إلى نقص الوارد البروتيني فإن هؤلاء النباتيون معرضون لمشاكل نقص الكلسيوم والفيتامين د والحديد والفيتامين ب12 ، حيث أن هذا الفيتامين الأخي لا يوجد إلا في المشتقات الحيوانية ،وإن الحديد والكلسيوم في المصادر الحيوانية ومشتقاتها أسهل هضماً وامتصاصاً في الأمعاء مقارنة مع تلك من المشتقات النباتية ،وإن كان الحديد في بعض المصادر النباتية يوجد بتراكيز عالية .

إن الأطفال والرضع الذين تقتصر تغذيتهمعلى المشتقات النباتية يمكن أن يصابوا بأمراض سوء التغذية وحصول التحسس الغذائي وعرضة لنقص الوزن وسوء النمو ،ولا ينصح للحامل أبداً أن تقتصر تغذيتها على المشتقات النباتية وإلا حصلت مضاعفات لدى الجنين.

وفي مرجع أخر (المجلة الألمانية دي نوي ارتزليشه العدد 28 الموافق 28 نوفمبر 1988)”بينت دراسات معهد ماكس-بلانك للصحة النفسية في ميونيخ أن النساء الذين تقتصر تغذيتهم على المشتقات النباتية فقط عرضة للإصابة بالعقم واضطرابات الطمث ، وقد وجد أن الحمية النباتية الخالية من البروتين تمنع نضج البيضة وانطلاقها من المبيض إلى الرحم ،كما أن نقص الوزن يسبب اضطرابات الطمث وهذا يشاهد في الحمية النباتية حيث أن الحمية غنية السكريات قليلة البروتين تؤدي إلى اضطرابات هرمونية تؤثر في الغدة النخامية والمناسل .

وجاء في موسوعة الويكيبيديا:النباتية:

طريقة عيش لا تعتمد على الحيوانات بأي شكل ولكنها تقبل بالعيش المشترك معها.والنباتية:نظام غذائي يعتمد على النباتات ويستثني أكل اللحوم(بما في ذلك الأسماك،والدجاج،والرخويات،وغيرها)ولا يسمح بأكل أي من المنتجات للملكة الحيوانية مثل الحلي،أو الزبدة،أو البيض،والعسل.

تبلغ نسبة النباتيين في العالم الغربي حوالي اثنان ونصف بالمائة،بينما تصل النسبة في الهند إلى ما يقارب 40 بالمائة،وغالباً ما تكون أسباب النباتيين أخلاقية في أصلها وإن كانت توجد نسبة منهم أيضاً تفعل ذلك لأسباب صحية.

وتأتي أقدم سجلات النباتية بوصفها مفهوماً ومارسة بين عدد كبير من الناس من الهند القديمة،وخصوصاً من الهندوس.

ابن الجوزي في كتاب تلبيس إبليس فيمن يحرمون أكل اللحم :

“وأما كونهم لا يأكلون اللحم فهذا مذهب البراهمة الذين لا يرون ذبح الحيوان، والله عز وجل أعلم بمصالح الأبدان فأباح اللحم لتقويتها ،فأكل اللحم يقوي القوة ،وتركه يضعفها ويسئ الخلق ،وقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلك يأكل اللحم ويحب الذراع من الشاة ،وكان الحسن البصري يشتري كل يوم لحماً ،وعلى هذا كان السلف إلا أن يكون فيهم فقير فيبعد عهده باللحم لأجل الفقر ، أو ليس في الصحيحين أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يأكل القثاء بالرطب ، أو ما أكل عند أبا الهيثم بن التيهان خبزاً وشواءً وبسراً وشرب ماء بارداً.

ومن الذين اشتهروا بالمذهب النباتي الشاعر المعري الذي اعتزل الناس وسمي رهين المحبسين بسبب العمى الذي أصابه صغيرا بعد مرض الجدري وبسبب بقاءه في منزله واعتزاله الناس ،يضاف إلى ذلك أنه حرّم على نفسه أكل اللحوم وما يخرج من اللحوم كالبيض واللبن وعاش نباتيا على مبدأ الرحمة بالحيوان، وقيل إن الطبيب وصف له في مرض ألم به أن يأكل الفروج فأبى حين قدم له وخاطبه بقوله “استضعفوك فوصفوك ، هلا وصفوا شبل الأسد؟”

ومن شعر المعري في اللزوميات حول هذا التحريم للحيوان على نفسه :

غدوت مريض العقل والدين فالقنى                      لتسمع أنباء الأمور الصحائح

فلا تأكلن ما أخرج الماء ظالماً                           ولا تبغ قوتاً من غريض الذبائح

ولا بيض أمات أرادت صريحه                         لأطفالها دون الغواني الصرائح

ولا تفجعن الطير وهي غوافل                             بما وضعت فالظلم شر القبائح

ودع ضَرَبَ النحل الذي بكرت له                         كواسب من أزهار نبت فوائح

فما أحرزته كي يكون لغيرها                              ولا جمعته للندى والمنائح

مسحت يدي من كل هذا فليتني                               أبهت لشأني قبل شيب المائح

وقد اتخذ بعض أعدائه من ذلك المسلك مدخلاً للطعن عليه وتجريحه وتسديد التهم إليه ،ومحاولة تأويل ذلك بما يشكك في دينه ويطعن في عقيدته . وهو يبرر ذلك برقة حاله وضيق ذات يده وملاءمته لصحته فيقول:”ومما حثني على ترك أكل الحيوان أن الذي لي في السنة نيِّفٌ وعشرون ديناراً ،فإذا أخذ خادمي بعض مايجب بقي لي مالا يعجب، فاقتصرت على فول وبلسن، وما لا يعذب على الألسن .. ولست أريد في رزقي زيادة ولالسقمي عيادة “.

ومن النباتيين نذكر بالاضافة إلى فيثاغورث، ونيوتن وجان جاك روسو، وقد كان طعام هؤلاء مقتصراً على الخبز والبقول والخضر وما ينتجه الحيوان .

أثر الغذاء في الطباع والخلق

جاء في مقال للاستاذ الدكتور أحمد شوكت الشطي رحمه الله في مجلة حضارة الإسلام عدد حزيران عام 1973 :

“يقال أن الممثل المشهور كين كان يختار طعامه وفقاً للدور الذي ينوي تمثيله على المسرح فكان يأكل لحم الثيران الوحشية قبل أن يمثل دور الطغاة ،ولحم الخنزير قبل أن يمثل دور الفساق ،ولحم الحمام قبل أن يمثل دور العشاق . وقد جاء في الأمثال الغربية:” قل لي ما تأكل أقل لك من أنت “. قال الفيلسوف بورفيروس في صدود الغذاء والطباع وقساوتها :”إن أكثر الطغاة والسفاحين لحمون يكثرون من أكل اللحم وندر أن يشاهد بين النباتيين من يتصف بالقسوة والخشونة وغلظ الطبع . واختبر الفيلسوف سينيكا على نفسه أثر الغذاء في اخلاقه وطباعه فقال:”لقد تركت اللحم بعد أن كنت أكثر من تناوله فلاحظت بعد انقطاعي عنه سنة واحدة أن طباعي أصبحت سلسة هادئة وعدت ميالاً للمسالمة بعيداً عن الغضب ولم يؤثر ذلك في قواي العضلية أي تأثير با استمر عملها وقوتها كما كانت في السابق .

وخلاصة القول يتميز الاغتذاء بالنبات بقلة سمومه ويتجلى النباتيون بالوداعة ورقة الطباع ودماثة الخلق وقلة الأنانية والميل إلى البر والانصاف والشفقة والحنان ، بينما يتميز التغذي باللحوم بكثرة سمومه ويتصف اللحمون بالقسوة والغلظة والجبروت والميل إلى العدوان .

يقول عمر بن الخطاب رضي الله عنه :”إياكم وهذه المجازر فإن لها ضراوة كضراوة الخمر” .

وختاما يقول الدكتور الشطي : “يحسن بنا أن نبين أن الإسلام يوجهنا إلى المرازمة “تنويع الغذاء وجعل عناصره نباتية وحيوانية في أن واحد ” انتهى كلام الشطي .

وهناك الكثير من المعلومات الحدبثة تبين أنه في المجتمعات التي يكثر فيها من تناول لحوم الجمال فإن سكانها يتصفون بالغيرة،وفي المجتمعات التي يكثر فيها من تناول لحم الخنزير فإنهم أقل غيرة على نسائهم.

وقد ذكر أبو حيان الأندلسي في تفسير البحر المحيط عدة علل لتحريم لحم الخنزير ومنها:أنه يقلع الغيرة ويذهب بالأنفة،فيتساهل الناس في هتك المحرمات وإباحة الزنا.

وقال الخطيب الشريني في تفسيره:قال العلماء:الغذاء يصير جزءاً من جوهر المتغذي،ولا بد أن يحصل للمتغذي أخلاق وصفات من جنس ما كان حاصلاً في الغذاء،والخنزير مطبوع على حرص عظيم ورغبة شديدة في المنهيات،فحلرّم أكله على الإنسان لئلا يتكيف بتلك الكيفية،ولذلك إن الفرنج لما واظبوا على أكل لحم الخنزير أورثهم الحرص العظيم والرغبة الشديدة في المنهيات،وأورثهم عدم الغيرة،فإن الخنزير يرى الذكر من الخنازير ينزو على الأنثى التي له ولا يتعرض له لعدم الغيرة.

وقال ابن عيثمين :”إن من خلق هذا الحيوان النجس قلة الغيرة،فإذا تغذى الإنسان به فقد تسلب منه الغيرة على محارمه وأهله،لأن الإنسان قد يتأثر بما يتغذى به،أفلم تر إلى نهي النبي صلى الله عليه وسلم عن أكل ذي ناب من السباع وعن أكل كل ذي مخلب من الطير،لأن السباع وهذه الطيور من طبيعتها العدوان والافتراس فيخشى إذا تغذى بها الإنسان أن ينال من هذا الطبع لأن الإنسان يتأثر بما يتغذى به.

وقال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في مجموع الفتاوى:”أحلّ النبي صلى الله عليه وسلم الطيبات وحرّم الخبائث،مثل كل ذي ناب من السباع وكل ذي مخلب من الطير،فإنها عادية باغية،فإذا أكلها الناس ـ والغاذي شبيه بالمغتذي ـ صار في أخلاقهم شوب من أخلاق هذه البهائم،وهو البغي والعدوان،كما حرّم الدم المسفوح لأنه مجمع قوى النفس الشهوية الغضبية،وزيادته توجب طغيان هذه القوى،وهو مجرى الشيطان من البدن.

الغذاء  لا الدواء

1 ـ العجوة من الجنة وفيها شفاء من السم

الآيات القرانية:

ورد ذكر النخلة في القرآن الكريم عشرين مرة في تسع عشرة سورة ومنها البقرة266،والأنعام99،والشعراء 148،والكهف 32،وطه71،ق10،القمر20،الرحمن11،الحاقة7،عبس29،مريم 23و25،الرعد4،النحل11،الإسراء91،المؤمنون19،يس34.

{والنخلَ باسقاتٍ لها طلعٌ نضيدٌ}[قاف 10].

ـ {وهو الذي أنشاَ جنّاتٍ معروشاتٍ وغيرَ معروشاتٍ والنَّخلَ والزَّرعَ مختلفاً أُكلُهُ}[الأنعام 141].

ـ {وزُروعٍ ونَخلٍ طلعها هضيمٌ}[الشعراء 148].

ـ {فيها فاكهةٌ والنَّخلُ ذاتُ الأكمامٍ}[الرحمن 11].

ـ {فأنشأنا لكم بهِ جنَّاتٍ من نخيلٍ وأعناب لكم فيها فواكهُ كثيرةٌ ومنها تأكلون}[المؤمنون 19].

ـ {وجعلنا فيها جنَّاتٍ من نخيلٍ وأعناب وفجّرنا فيها من العيون}[يس 34].

ـ {ومن ثَمراتِ النّخيلِ والاعنابِ تتخذونَ منهُ سَكَراً ورزقاً حسناً}[النحل 67].

ـ{وهُزّي إليكِ بِجذعِ النّخلةِ تُساقط عليكِ رُطباً جنيّاً*فَكُلي واشربي وقَرّي عينا}[مريم 25 ـ 26]

الأحاديث النبوية:

ـ عن جابر بن عبد الله وأبو هريرة وأبو سعيد الخدري رضي الله عنهم عن رسول الله صلى الله عليه وسلم:”العجوة من الجنة،وفيها شفاءٌ من السُّم،والكمأة من المنّ،وماؤها شفاءٌ للعين“[صحيح الجامع وصححه الألباني].

ـ عن سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:”من تَصبَّحَ بسبعِ تمراتٍ عجوةً،لم يضرَّهُ ذلك اليومَ سُمٌّ،ولا سِحرٌ“[صحيح مسلم والبخاري].

وجاء في الحديث الشريف عن أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها عن رسول الله صلى الله عليه وسلم:”في عجوة العالية أوّلُ البُكرة،على ريقِ النّفس،شفاءٌ من كلِّ سِحرٌ أو سًمٍّ”[صحيح مسلم والنسائي وأحمد].

)ملاحظة:عجوة العالية:اسم نوع جيد من تمر المدينة المنورة).

ـ وفي حديث آخرللنبي صلى الله عليه وسلم:”ياعائشة،بيتٌ لا تمرَ فيه جياعٌ أهله،يا عائشة،بيتٌ لا تمرَ فيه جياعٌ أهله ـ أو جاع أهله ـ قالها مرتين أو ثلاثا”[أخرجه مسلم عن أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها].

وفي رواية أخرى عن عائشة رضي الله عنها عن رسول الله صلى الله عليه وسلم:”لايجوعُ أهلُ بيتٍ عندهمُ التمر“[صحيح مسلم].

يقول المفسرون:في نفي الجوع ممن عندهم التمر مايفيد أنه يكتفى به في الغذاء،ويتضمن ذلك الحث على ادخاره حتى لايتعرضوا للجوع،فإن من احتاج إلى الغذاء ووجد التمر فلن يجوع،وقد كانوا يقيمون على التمر وعلى الماء الأيام العديدة وليس لهم طعام سواه.

وجاء في شرح ابن العربي المالكي لصحيح الترمذي” أن في الحديث حثاً لكل بلد على اختزان أقواتهم التي تدخر عادة ـ وقت حصادها وجمع ثمارها،فأهل الأندلس مثلاً يقولون بيت لاتين فيه جياع أهله،وأنا أقول: بيت لازبيب فيه جياع أهله”.

ـ وعن أنس بن مالك رضي الله عنه قال:أتيَ النبي صلى الله عليه وسلم بتمرٍ عتيقٍ،فجعل يفتشهُ،يخرجُ السوسَ منه“[أخرجه أبو داود وصححه الألباني].

والتمر العتيق القديم والذي خزم زمناً طويلاً حتى دبّ فيه السوس.والحديث يرشد إلى تنظيف الطعام وتنقيته مما يكون به من كل مستقذر تعافه النفس،وهو في التمر السوس.

وعن عروة بن الزبير عن عائشة رضي الله عنها أنها قالت لعروة:”والله يا ابنَ أختي،إنَّ كنا لننظرُ إلى الهلال ثم الهلال ثم الهلال،ثلاثة أهلَّةٍ في شهرين،وما أوقدت في أبيات رسول الله صلى الله عليه وسلم نار.فقلتُ:ياخالة،ماكان يُعيشكم؟قالت: الأسودان:التمر والماء.إلا أنه قد كان لرسول الله صلى الله عليه وسلم جيران من الأنصار كانت لهم منائحُ،وكانوا يمنحون رسول الله صلى الله عليه وسلم من ألبانهم فيَسقينا”.[رواه الشيخان].

(المنائح:جمع منيحة،وهي الناقة يعيرها صاحبها إنساناً ليشرب لبنها ويعيدها).

وفي رواية لمسلم:”وما شبعنا من الأسودين”.وفي رواية أخرى لمسلم:”توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم حين شبع الناس من الأسودين:التمر والماء”.

(قال الأصمعي:الاسودان التمر والماء،وإنما الأسود التمر دون الماء،وهو الغالب على تمر المدينة،فأضيف إليه الماء،ونُعتا جميعاً بنعت واحدٍ اتباعاً).

عن عبد الله  بن عمر رضي الله عنهما قال: بينا نحن عند النبي صلى الله عليه وسلم جلوسٌ إذ أُتيَ  بجُمّارِنخلة، فقال النبي صلى الله عليه وسلم:إنَّ من الشجرِ لما بركتهُ كبركةِ المسلم فظننتُ أنه يعني النّخلة،فأردتُ أن أقول:هي النخلة يارسول الله،ثم التفتُ فإذا أنا عاشرُ عشَرَةٍ أنا أحدثُهم فسكتُّ،فقال النبي صلى الله عليه وسلم:هي النخلة“[صحيح البخاري ومسلم].

وجاء في الحديث الشريف “كان المسجد مسقوفاً على جذوعٍ من نخلٍ،فكان النبي صلى الله عليه وسلم إذا خطبَيقومُ إلى جذعٍ نتها،فلما صُنعَ له المنبرُ وكان عليه،فسمعنا لذلك الجِذع صوتاً كصوتِ العِشار،حتى جاء النبي صلى الله عليه وسلم فوضع يدهُ عليها فسكنت”[أخرجه البخاري عن جابر بن عبد الله رضي الله عنه].

وعن أنس بن مالك رضي الله عنه :”رأيت النبي صلى الله عليه وسلم مُقعياً يأكلُ تمراً”[صحيح مسلم].

وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:”نِعمَ سَحورُ المؤمن التمرُ”[أخرجه أبو داود والبزار وابن حبان وصححه الألباني].

وفي الحديث الشريف:”إذا أفطر أحدكم فليفطر على تمر فإنه بركة،فإن لم يجد فالماء فإنه طهور“[رواه أبو داود والترمذي].

(يمكن الرجوع إلى موضوع التمر والصيام في الموقع وذلك في موضوع”رمضان حزين يا أمة الحق).

وفي الحديث الشريف:”اتقوا النار ولو بشقِّ تمرة“[صحيح البخاري).

وعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال:قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:”خير تمراتكم البرني يخرج الداء ولاداء فيه“[صحيح الجامع الصغير].

(قال ابن الاثير:وهو ضرب من التمر أكبر من الصيحاني يضرب إلى السواد وهو مما غرسه النبي بيده الشريفة بالمدينة)

ـ ومن السنة النبوية الشريفة تحنيك الطفل،وهو أن تمضغ تمرة وتوضع في فم الطفل حديث الولادة بين حنكيه فيمتص منها.وجاء في صحيح البخاري عن أسماء بنت أبي بكر الصديق رضي الله عنها:”أنها ولدت عبد الله بن الزبير فأتت به النبي صلى الله عليه وسلم فوضعته في حِجره فحنكه بتمرة،ثم دعا له وبرَك عليه“.

من الناحية التاريخية والطبيعية:

تشتمل فصيلة النخلياتPalmae حوالي 200 جنس،وتضم أربعة آلاف نوع،معظمها بري ينمو من تلقاء نفسه.وينتمي النخيل إلى وحيدات الفلقةMonocatyledon،وهو صنف تسوده النباتات العشبية وبذلك يتميز النخيل من بينها بمظهره السامق،سواء على شكل أشجار أو شجيرات.وتتميز الأشجار بأن لها جذعاً اسطوانياً كالعمود كثيراً مايكون باسقاً بالغ الطول.وليس لهذا النمط من الجذوع أية أغصان،بل يحمل الجذع في قمته اكليلاً من الأوراق فقط،وبذلك تختلف أشجار النخيل اختلافاً كبيراً عن سائر الأشجار،فهي ذات منظر تزييني جميل، يطبع بطابعه المناطق الحارة التي ينبت فيها ويكاد يكون رمزاً لها.وأزراق النخيل لها منظر معروف،ولقد استعمل هذا السَعف منذ القديم علامة على النصر والظفر،وهي أوراق عريضة.

وشجرة النخيل يكثر انتشارها بين خطي عرض 30 شمالا وجنوباٍوجذورها ضحلة،لاتمتد لأعماق بعيدة في الأرض وهي لذلك تكون مائلة أحيانا،الأمر الذي يسهل على العواصف الشديدة اقتلاعها من جذورها.وأما ساقها فيتراوح قطره بين عرض قلم الرصاص وقطر متر واحد،كما يصل ارتفاعها إلى 150 قدماً.وينتهي الجذع إلى عنقود من الأوراق الريشية،الدائمة الخضرة،والتي يتراوح طولها بين عدة سنتمترات إلى أكثر من تسعة أمتار.

ولم يذكر الله سبحانه وتعالى شجرة في القرآن الكريم كما ذكر النخل والنخيل،فهي أكثر شجرة ورد ذكرها في القرآن الكريم،فقد ورد ذكرها في عشرين موضعاً من القرآن الكريم،ولقد فضلها الله دائماً عن الفاكهة والزروع والأعناب.ويعتبر التمر من ثمار الجنة.

ويأخذ التمر عدة أنواع،وذلك حسب درجة نضجه،فعندما يكون التمر طرياً وغضاً يسمى بسراً،وعندما يكون أخضراً وغير ناضجاً يسمى بلحاً،وعند تجفيفه قليلاً يسمى رطباً،وعندما يكون ناضجاً يسمى تمراً.وتتكون ثمرة التمر من نواة صلبة أوبذرة يحيط بها غلاف يسمى القطمير،والذي يفصل النواة عن الجزء اللحمي الذي يتم تناوله.

واختلف المؤرخون حول مكان نشوء أشجار النخيل،فقال بعضهم أنها نشأت حول الخليج العربي،ومنهم من يقول أن أقدم أشجار النخيل ينسب إلى بابل قبل أربعة آلاف سنة قبل الميلاد،ويعرف عن المصريين القدماء استخدام التمر في النبيذ.

كانت النخلة عند الفراعنة تسمى”شجرة الحياة”،ولقد عثر العالم زين هارت في مقبرة الزريقات بمصر على مومياء من عصر ماقبل التاريخ ملفوفة في حصير من سعف النخيل،كما عثر على نخلة صغيرة كانت بإحدى مقابر “سقارة” حول مومياء من عصر الأسرة الأولى عام 3200 قبل الميلاد.

ودلت الحفريات في قبور الفراعنة أن نقوشاً خاصة بالتمر قد وجدت في معابدهم،كما أن هناك كثير من الأديرة القبطية فيها كتابات تبين ماكان للتمر من فوائد،وتقول بعض الروايات أنه كان الطعام الوحيد لمريم العذراء عليها السلام مدة حملها بالسيد المسيح عليه السلام.

(يمكن الرجوع للموضوع بالتفصيل في الإعجاز الطبي بين القرآن والسنة ـ فكلي واشربي وقري عينا ـ في الموقع).

والعجوة نوع من أنواع التمور التي اشتهرت بها المدينة المنورة،وقد ذكرت في السنة النبوية الشريفة،ولون العجوة يميل إلى السواد،وتمتاز باحتوائها تركيز عالي من الغلوكوز يبلغ حوالي 32% ومن الفركتوز حوالي 26%.

وتمر العجوة المقصود به إزالة البذور الموجودة داخل ثمار التمر الناضجة،ومن ثم يتم طحنها وضغطها،ويسحب الماء من داخلها،وهو مفيد جداً للجسم.

ويبلغ عدد أصناف التمور في العالم مايزيد على الألفين،وهناك في العراق وحده حوالي 600 صنف،وفي السعودية 400 صنف،وإن أفضل أنواع التمر هو”البُرني”،وهو ماغرسه الرسول صلى الله عليه وسلم بيده الشريفة في المدينة المنورة.

وأكثر الدول المصدرة للتمور بالعالم  دولة الإمارات ومن ثم العراق فباكستان وتونس.

من الناحية الأدبية:

جاء في القاموس المحيط:النخل كالنخيل وواحدته نخلة وجمعه نخيل.

كن كالنخيل عن الأحقاد مرتفعاً     بالطوبِ يُرمى فيلقي أطيب الثمر

وقال زهير بن أبي سلمى:

وهل ينبت الخطى إلا وشيجة    وتغرس إلا في منابتها النخل

عبد الرحمن الداخل عندما رأى نخلة منفردة في رصافة  قرطبة التي أنشأها:

تبدت لنا وسط الرصافة نخلة     تناءت بأرض الغرب عن بلد النخل

فقلت شبيهي بالتقرب والنوى    وطول التنائي عن بني وعن أهلي

نشأت بأرض أنت فيها غريبة   فمثلك في الإقصاء والتنائي مثلي

سقتك غوادي المزن من صوبها الذي    يسح ويستمري السماكين بالوبل

من الناحية الطبية:

شجرة النخيل شجرة مباركة كرمها الله عز وجل وفيها فوائد كثيرة للإنسان لاحتوائها على السكر والأحماض والمعادن والبروتينات والفيتامينات كما تحتوي على مضادات الاكسدة.ويحتوي التمر على قيمة غذائية عالية ويعتبر قوتاً أساسياً للإنسان منذ القدم،وتعتبر ثمار التمور أعلى الفواكه احتواءً على السكريات.وتختلف هذه المكونات حسب طبيعة الثمرة سواء كانت رطبة أو نصف جافة أو جافة.وإن تناول عشرة حبات من التمر يومياً أي حوالي 100جرام،تغني الإنسان يومياً عن كامل احتياجاته من المغنزيوم والمنجنيز والنحاس والكبريت ونصف احتياجاته من الكالسيوم والبوتاسيوم.

ويعتبر التمر ذو قيمة غذائية عالية وهو مقو للعضلات والأعصاب ومرمم ومؤخر لمظاهر الشيخوخة،وإذا أضيف له الحليب كان من أصلح الأغذية وخاصة لمن كان جهازه الهضمي ضعيفاً.وإن القيمة الغذائية في التمر تضارع بعض ما لأنواع اللحوم وثلاثة أمثال ماللسمك،وهو يفيد المصابين بفقر الدم والأمراض الصدرية،كما يفيد خاصة للأولاد الصغار والشبان والرياضيين والناقهين والنساء الحوامل.

والتمر سهل الهضم سريع التأثير في تنشيط الجسم ومدر للبول ،ويفيد منقوعه في علاج السعال والتهاب القصبات،وأملاحه المعدنية القلوية تعدل حموضة الدم والتي قد تنشأ عنها حصيات الكلية والمرارة والنقرس ،وتناوله مع الحليب يزيد في مفعوله،ولكن يحذر من إعطاء التمر لدى البدينينين والمصابين بداء السكري.وبسبب احتوائه على البوتاسيوم بنسبة عالية يحذر تناوله لدى مرضى القصور الكلوي.

يحتوي التمر أو البلح أو الرطب أو العجوة على 70 ـ 87 % من المواد النشوية والسكرية،بينما تبلغ في التفاح 12%،والخوخ17%،والتين 19%،والبطيخ 10%.

فالتمر من أغنى أنواع الفواكه بالسكريات الطبيعية وأرخصها وأكثرها وفرة على مدار السنة،وخاصة احتوائه على سكر الفركتوز والذي يتحول سريعاً إلى الغلوكوز في الجسم،وتبين أن تركيز سكر الدم يرتفع بسرعة بعد اعطاء التمر وهذا يفيد بشكل خاص في حالات هبوط سكر الدم ومايسببه من أعراض.وتشير الدراسات أن التمر هو الغذاء الأكثر قدرة على رفع سكر الدم من بين جميع أنواع الفواكه والاطعمة الحلوة الطبيعية وغير المصنعة.أي أن التمر يحتوي على سكاكر سريعة الامتصاص وسريعة الاستقلاب في الجسم.ولهذا حثت الاحاديث النبوية على تناول التمر عند الإفطار للصائم بسبب سرعة امتصاصه واستقلابه(يمكن الرجوع للموضوع بشكل تفصيلي في موضوع”رمضان حزين يا أمة الحق” والموجود في الموقع).حيث يحصل امتصاص السكاكر الموجودة في التمر خلال ساعة أو بضع ساعة.

وتعطي مائة غرام من التمر وهي تعادل حوتالي 10 ـ 12 حبة تمر مابين 250 ـ 300 كالوري أي سعرة حرورية.ويحتاج الإنسان وسطياً حوالي ألفين سعرة حرورية.

والتمر يمكن أن يخزن لكل فصول السنة،مع قليل من العناية وبدون أن تستطيع الجراثيم أن تحيا فيه وذلك على عكس باقي أنواع الفواكه التي تتطلب مخازن خاصة وبمواصفات معينة،وتبقى رغم ذلك عرضة للتلف.

ويقول الدكتور عبد الله عبد الرزاق السعيد في كتابه”الرطب والنخلة”:حقاً إن التمر لاداء فيه،فالجراثيم لاتعيش فيه”.ويظن أو وجود طبقة التانين في الثمرة يحميها من الطفيليات.

يقول الربيع بن الخيثم:ماللنفساء عندي خيرٌ من الرطب،ولو علم الله شيئاً أفضل من الرطب للنفساء لما أطعمه مريم عليها السلام.

كما أن التمر يستخدم كعلاج للإمساك،وذلك لاحتوائه على الألياف التي تنشط حركة الامعاء،والمائة جرام من التمر تحتوي حوالي 9غرام من الألياف.

وهو مقوٍ عام لجهاز المناعة ،وذلك لاحتوائه على مركبات تنشط الجهاز المناعي ومنها مركب”بيتا 1 ـ 3 دي غلوكان،كما يقلل من الإصابة بأمراض القلب والشرايين،ويخفف من حموضة المعدة لاحتوائه على العناصر القلوية التفاعل..

كما تدل الأبحاث عن وجود مادة تشبه هرمون الأوكسيتوسين في الرطب،وهو من المواد التي تساعد على إفراز الحليب عند المرضع،ويساعد في حدوث التقلصات الرحمية عند المخاض لدى الحامل،ويقلل من النزوف بعد الولادة،كما أن المخاض يحتاج إلى جهد وطاقة وهذا يؤمنها غنى التمر بالسكريات،,كما أن هذا الهرمون يلعب دوراً هاماً في تعابير الحنان ورقة القلب والحب وزيادة العواطف عند الرجل والمرأة.كما توجد في التمر بعض المواد ومنها الجليسي وثريونين وهي منشطة لإفراز هرمون البرولاكتين وبالتالي تساعد على در الحليب عند المرضع.

كما أن التمر غني بعنصرين هامين وهما المغنزيوم والمنجنيز.

والمغنزيوم ذو تأثير مهدىء للجسم والجهاز العصبي،كما أنه ذو تأثير ملين للمفاصل والا{بطة،وله تأثيرات على الهرمونات في الجسم،ويساعد في تهدئة الحالة النفسية كما أنه يساعد على معالجة تشنج العضلات وخاصة في ساقي القدم.ونقصه يسبب الأرق وضعف التركيز،وآلام في العضلات وتشنجها…ويقال أن ندرة اصابة سكان الواحات والصحراء بالسرطان تعود إلى التغذية الرئيسية على التمر وخاصة احتوائه عنصر المغنزيوم.وكذلك احتوائه على الفينولات ومضادات الأكسدة.

وأما المنجنيز فإنه يساعد على زيادة الشعور والعواطف الجميلة والرقة والحنان.

طما يحتوي التمر على مادة الفوسفور،والذي يدخل في تركيب العظام والأسنان،كما أنه مفيد جداً للجهاز العصبي والتناسلي.

كما أن التمر يحتوي على بعض الفيتامينات وخاصة منها الفيتامينA،وهذا الفيتامين هام جداً لصحة العين والرؤية وخاصة في الظلام(العشى الليلي)،كما أنه هام للنمو عند الأطفال،ويزيد من مقاومة الأغشية المخاطية،ويساعد على صحة بشرة الجلد والأشعار.

كما يحتوي التمر على الفيتامينB1،وهو هام في صحة وعمل العضلات والأعصاب وخاصة عضلة القلب،وتزداد الحاجة إليه أثناء الحمل والإرضاع.

كما يحتوي التمر على الفيتامينD وB2.

وقد كان الصحابة رضي الله عنهم في غزواتهم وفتوحاتهم يعتمدون على بضع حبات من التمرتكفيهم وتغنيهم عن أغذية أخرى.وقد فتح المسلمون ربع المسكون من الأرض في أقل من ثلث قرن،وكان غذائهم يقتصر غالباً على التمر والماء.

ـ العسل فيه شفاء للناس 

الآيات الكريمة:

{وأوحى رَبُّكَ إلى النّحلِ أنِ اتَّخذي من الجبالِ بيوتاً ومن الشجرِ ومما يعرِشون*ثمَّ كُلي من كلِّ الثَّمراتِ فاسلكي سُبُلَ ربكِ ذُللاً يخرج من بطونها شرابٌ مختلفٌ ألوانهُ فيه شفاءٌ للنّاسِ إنَّ في ذلكَ لآيةً لقومٍ يتفكرون}[النحل68 ـ 69].

{مَثلُ الجنّةِ التي وُعِدَ المتقونَ فيها أنهارٌ من ماءٍ غيرِ آسنٍ وأنهارٌ من لبنٍ لم يتغير طعمُهُ وأنهارٌ من خمرٍلذَّةٍ للشاربينَ وأنهارٌ من عَسلٍ مُصفَّى}[محمد 15].

الأحاديث النبوية:

1 ـ عن ابن عباس رضي الله عنهما،عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال:”الشفاء في ثلاثة:شَربةِ عسلٍ،وشَرطةِ مِحجمٍ،وكيّةِ نارٍ،وأنهى أمتي عن الكّيّ“[رواه البخاري].

وعن جابر بن عبد الله رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم:”إن كان في شىءٍ من أدويتكم ـ أو يكونُ في شىءٍ من أدويتكم ـ خيرٌ،ففي شَرطةِ مِحجمٍ،أو شَربةْ عسلٍ،أو لذعةٍ بنارٍ توافقُ الداء،وما أحبُّ أن أكتوي“.[رواه البخاري].

2 ـ “عليكم بالشفائين:العسل والقرآن“[رواه الحاكم وصححه ووافقه الذهبي].

3 ـ شكا رجلٌ استطلاقَ بطنِ أخيه فقال عليه الصلاة والسلام:”اسقه عسلاً”فجاءهُ وقال: زادهُ شراً،فقال عليه الصلاة والسلام:”صدق الله وكذبَ بطنُ أخيك،اسقه عسلاً،فسقاه فصح”[رواه الشيخان].

(استطلاق البطن:الاإسهال).

4 ـ عن عائشة أم المؤمنين رضي الله عنها:”كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يحبُّ الحَلواء والعسل”[صحيح البخاري ومسلم].

التفاسير:

يقول الفخر الرازي:أوحى الله تعالى للنحل والوحي هنا الإلهام،والمراد أنه تعالى قرر في أنفسها هذه الأعمال العجيبة التي تعجز عنها العقلاء من البشر.

وقال ابن كثير:المراد بالوحي هنا الإلهام والهداية والإرشاد للنحل أن تتخذ من الجبال بيوتاً  ومن الشجر ومما يعرشون.ثم هي محكمة في غاية الاتقان في رصها بحيث لايكون في بيتها خلل ،وأذن الله تعالى لها أن تأكل من كل الثمرات وأن تسلك الطريق التي جعلها الله مذللة لها ،أي سهلة عليها حيث شاءت من الجو العظيم والبراري الشاسعة والجبال الشاهقة،ثم تعود كل واحدة منها إلى بيتها لاتحيد عنه يمنة ولايسرة بل إلى بيتها ،فتبني الشمع من أجنحتها وتقىء العسل فيها وتبيض الفراخ من دبرها ثم تصبح إلى مراعيها.

يقول إمام الدعاة الشيخ محمد متولي الشعراوي رحمه الله:

“النحل خلق من خلق الله،وكل خلق لله أودع فيه وفي غرائزه مايُقيم مصالحه،يشرح ذلك قوله تعالى:{الذي خلق فسوى *والذي قدر فهدى}[الأعلى 2 ـ 3].أي خلق هذه كذا،وهذه كذا حسب مايتناسب مع طبيعته,ولذلك نجد مادون الإنسان يسير على منهج لايختلف.فالإنسان مثلاً قد يأكل مافوق طاقته،وقد يصل إلى حد التخمة،ثم بعد ذلك يشتكي مرضاً ويطلب له الدواء.أما الحيوان فإذا ما أكل وجبته،وأخذ مايكفيه فلا يزيد عليه أبداً،وإن أجبرته على الاكل،ذلك لأنه محكوم بالغريزة الميكانيكية،وليس له عقل يختار به.

وأما الوحي فهو إعلام من مُعلّم أعلى لمعلم أدنى بطريق خفي،لانعلمه نحن،فلو أعلمه بطريق صريح فلا يكون وحياً.

وكثير من الباحثين شغوفون بدراسة النحل ومراحل حياته منذ القدم،ومن هؤلاء باحث تتبع المراحل التاريخية للنحل،فتوصل إلى أن النحل أول ما وُجد عاش في الجبال،ثم اتخذ الشجر،وجعل فيها أعشاشه،ثم اتخذ العرائش التي صنعها له البشر،وهي مانعرفه الآن باسم الخلية الصناعية أو المنحل،ووجه العجب هنا أن هذا الباحث لايعرف القرآن الكريم،ومع ذلك فقد تطابق ماذهب إليه مع القرآن تمام التطابق.وكذلك توصل إلى أن أقدم أنواع العسل ماوجد في الكهوف والجبال،وقد توصلوا إلى هذه الحقيقة عن طريق حرق العسل وتحويله إلى كربون،ثم عن طريق قياس إشعاع الكربون يتم التوصل إلى عمره.وهكذا وجدوا أن عسل الكهوف أقدم أنواع العسل،ثم عسل الشجر،ثم عسل الخلايا والمناحل.

اذن أوحى الله تعالى إلى النحل بطريق خفيّ لانعلمه نحن،وعملية الوحي تختلف باختلاف الموحي والمُوحى إليه،ويمكن أن نمثل هذه العملية بالخادم الفطن الذي ينظر إليه سيده مجرد نظرة فيفهم منها كل شىء.أهو يريد الشلااب؟أم يريد الطعام؟أم يريد كذا؟

ثم يقول تعالى:{ثم كلي من كل الثمرات….}

علة كون العسل فيه شفاء للناس أن يأكل النحل من كل الثمرات ذلك لأن تنوع الثمرات يجعل العسل غنياً بالعناصر النافعة،فإذا ماتناوله الإنسان ينصرف كل عنصر منه إلى شىء في الجسم،فيكون فيه الشفاء بإذن الله.

والحق سبحانه وتعالى يقول:{فاسلكي سبل ربك ذللا} أي:تنقلي حرة بين الأزهار هنا وهناك،ولذلك لانستطيع أن نبني للنحل بيوتاً يقيم فيها،لابد له من التنقل من بستان لآخر،فإذا ما جفت الزراعات يتغذى النحل من عسله،ولكن الناس الآن يأخذون العسل كله لايتركون له شيئاً،ويضعون مكانه السكر ليتغذى منه طوال هذه الفترة.

وقوله تعالى”ذللا”أي: مذللةممهدة طيعة،فتخرج النحل تسعى في هذه السبل،فلايردها شىء،ولايمنعها مانع،تطير هنا وهناك من زهرة لأخرى،وهل رأيت شجرة مثلاً ردّت نحلة؟لا..قد ذلل الله لها حياتها ويسرّها.

{يخرج من بطونها}ذلك أن النحلة تمتص الرحيق من هنا ومن هنا،ثم تتم في بطنها عملية طهي ربانية تجعل من هذا الرحيق شهداً مصفّى،هذا المعمل الإلهي الذي يعطينا عسلاً فيه شفاء للناس.

{شرابٌ مختلفٌ ألوانه}:مادام النحل يأكل من كل الثمرات،والثمرات لها عطاءات مختلفة باختلاف مادتها،واختلاف ألوانها،واختلاف طعومها وروائحها،اذن:لابد أن يكون شراباً مختلفاً ألوانه.

{فيه شفاءٌ للناس}:لذلك وجدنا كثيراً من الأطباء،جزاهم الله خيراً يهتمون بعسل النحل،ويُجرون عليه كثيراً من التجارب لمعرفة قيمته الطبية،لكن يعوق هذه الجهود أنهم لايجدون العسل الطبيعي كما خلقه الله.ومع ذلك ومع تدخل الإنسان في غذاء النحل بقيت فيه فائدة،وبقيت فيه صفة الشفاء،وأهمها امتصاص المائية من الجسم،وأي ميكروب تريد أن تقضي عليه قم بامتصاص المائية منه يموت فوراً.

فإذا ماتوفر لنا العسل الطبيعي الذي خلقه الله تجلّت حكمة خالقه فيه بالشفاء،ولكنه إذا تدخل الإنسان في هذه العملية أفسدها”.

ويقول الشيخ الدكتور محمد راتب النابلسي حفظه الله:

“إن النحلة هي الحشرة الوحيدة التي تستطيع تخزين رحيق الأزهار من أجل الغذاء،وهي فضلاً عن بناء خلاياها،وتصنيعها للشمع والعسل فهي تقوم بعمل جليل،وهو تلقيح الأزهار،ويغيب عن معظم الناس أن هذه الحشرة لها فائدة كبيرة في تلقيح النباتات،وإنه من دون تدخل النحل فإن عدداً كبيراً من النباتات لايثمر.والنحل من الخلايا ذات النظام الاجتماعي الدقيق المحكم،والنحل والنمل من أرقى الحشرات الاجتماعية،طبعاً في خلقها،وعملها،ودقائق صنعها إعجاز.

ويتابع:”الغريزة في الحيوان عمل معقد جداً،ولكن ليس كسبياً،إنه عمل وهبي كما يقولون.تزور النحلة مايزيد على ألف زهرة لكي تحصل على قطرة من الرحيق.ومن أجل توفير الوقت والجهد فإن النحلة حينما تقع على الزهرة وتمتص رحيقها تترك علامة على أن هذه الزهرة مصّ رحيقها لتوفر على أخواتها وقتاً وجهداً في مص رحيق زهرة قد مُصّ رحيقها،وتحتاج القطرة الواحدة من الرحيق إلى أن تحط النحلة على ألف زهرة أو أكثر،ومن أجل أن تجمع النحلة مئة غرام من الرحيق تحتاج إلى مليون زهرة ،ومن أجل أن تصنع نحلة واحدة كيلو عسل تحتاج لأن تطير مئة ألف كيلومتر،تدور حول الأرض عشر مرات.

ويتابع:”إن سرعة النحلة في طيرانها تزيد على خمسة وستين كيلومتر في الساعة في حال طيرانها من دون حمولة،هذه السرعة تقترب من سرعة السيارة،فإذا كانت محملة بالرحيق تهبط سرعتها إلى ثلاثين كيلومتر،حمولة النحلة من رحيق الأزهار يعادل ثلثي وزنها،السيارة وزنها ألف كيلو تحمل ثلاثمائة تقريباً،ويحتاج كيلو من العسل إلى طيران مايعادل أربعمائة ألف كيلو متر تقريباً،أي يحتاج الكيلو واحد من العسل إلى عشر دورات حول الا{ض إلى خط الاستواء.وفي الطريق من مكان رحيق الأزهار إلى خلاياها تجري عمليات كيميائية معقدة جداً،بحيث يتم تحويل الرحيق إلى عسل،وإذا كان موسم الازهار غزيراً فإنها تعطي حمولتها لنحلة أخرى وتعود سريعاً لكسب الوقت،وجني رحيق الأزهار،حيث توجد نحلات ضعيفة لاتكلف بالسفر إلى مكان بعيد وهذه تأخذ الحمولة من أختها في مدخل الخلية،وتنطلق إلى داخل الخلية كي تضع الحمولة في المكان المناسب.

ويتابع:”الملكة هي أكبر النحل حجماً،وهي تضع كل يوم في فصل الربيع تقريباً من ألف إلى ألفي بيضة كل يوم،والذي يأخذ بالألباب أن هذه الملكة نضع الملكات في مكان،والذكور في مكان،والإناث في مكان،وكأنها تعلم مسبقاً أنها ستلد ملكة أو أنثى أو ذكراً،والملكات لها غذاء خاص والذكور لها غذاء خاص مناسب أيضاً.

إن العاملات من إناث النحل منهن من يأتين بالطعام الخاص للملكة،ويسمى هذا النحل”الوصيفات”،وهناك نحلات وصيفات يقمن على خدمة الملكة،وتأمين الغذاء المناسب لها،ويباع في الأسواق عسل المملكة،وهو غال جداً،وهو أفضل ماعند النحل،وبعض النحلات العاملات يجمعن غبار الطلع ليكون غذاءً ملكياً لملكتهم،وإذا ماتت الملكة اضطربت الخلية،ويلاحظ الإنسان هذا التبدل،والملكة لاتلدغ الإنسان،بل ملكة أخرى تنافسها على منصبها،ولذلك كانت مهمة الذكور تلقيح الملكات،ومهمة الإناث العمل،والملكة مهمتها الولاجة.

هذه آية من آيات الله الدالة على عظمته،لقد شاءت حكمة الله جل جلاله أن يخلق مجتمعاً على أعلى مستويات التعاون،والتكامل،والاختصاص،والعمل الدؤوب المنتج،والتنظيم المعجز،بأمر تكويني لا بأمر تكليفي،لذلك لايمكن أن تجد في مجتمع النحل خللاً ولافسادا،إنه مجتمع موحد متكامل،على رأسه ملكة واحدة لاتنازعها أخرى،تشعر كل نحلة في الخلية بوجود الملكة عن طريق مادة تفرزها الملكة،وتنقلها العاملات إلى كل أفراد الخلية،فإذا ماتت الملكة اضطرب النظام في الخلية،وعمّت الفوضى، وشلت الأعمال.

ويتابع:”وهناك رائدات يقمن بمهمة استكشاف مواقه الأزهار،فإذا عثرن عليها عدن إلى الخلية ورقصن رقصة خاصة تحدد هذه الرقصة لبقية النحلات العاملات الموقع من حيث المسافة،والاتجاه،وغزارة الانتاج،وإذا كانت الوتيرة سريعة جداً والانتاج كثيف جداً،الجمهرة الكبيرة من العاملات تنطلق إلى مكان الأزهار لجني رحيقها،لأنها المادة الأولية للعسل،وقد تبتعد هذه المواقع عن الخلية أكثر من عشرة كيلومترات،ويعود النحل للخلية بعد أخذ الرحيق بطريقة لاتزال مجهولة حتى الآن،والنحل أكفأ الحشرات بنقل وتخزين أكبر قدر ممكن من رحيق الأزهار في أقصر وقت ممكن،وأقل مجهود ممكن،وهي أكفأ الحشرات في تلقيح النباتات كيس تساعدها على انتاج البذور والثمار”.

أقوال السلف الصالح في العسل:

ابن حجر العسقلاني رحمه الله:

“العسل يذكر ويؤنث،وأسماؤه تزيد عن المائة،فيه من المنافع مالخصه الموفق البغدادي وغيره فقالوا:”يجلو الأوساخ التي في العروق والأمعاء،ويدفع الفضلات ويغسل المعدة،ويسخنها تسخيناً معتدلاً،ويفتح أفواه العروق،ويشد المعدة والكبد والكلي والمثانة،وفيه تنقية للكبد والصدر،وادرار البول والطمث،ونفع للسعال الكائن من البلغم،ونفع لأصحاب البلغم والأمزجة الباردة ،ثم هو غذاء الأغذية،ودواء من الأدوية،وشراب من الأشربة،وحلوى من الحلوات،وطلاء من الأطلية،ومفرح من المفرحات”.

وقال أبوبكر بن العربي:”العسل عند الأطباء أقرب إلى أن يكون دواء من كل داء من الحبة السوداء،ومع ذلك فإن من الأمراض مالو شرب صاحبه العسل لتأذى به”.

نظرة تاريخية:

منذ ثمانية ألف سنة عرف الإنسان الحجري العسل واعتمد عليه في طعامه،وعلاجه.وهذا مانجده في الصور والمخططات والبرديات لقدماء المصريين والسومريين بالعراق وسوريا.وكان قدماء المصريين يستخدمون العسل كغذاء وعلاج،ومن أجل التجميل أيضاً وفي التحنيط للمحافظة على أنسجة الموميات.وفي كتاب”الحياة” المعروف عند قدامى الهنود إشارة إلى أن العسل مع الحليب يعتبر أفضل علاج للمصابين بالسل الرئوي.

تدل الأبحاث على أن الذين يتناولون العسل بشكل منتظم يعمرون أكثر من غيرهم،ويقال أن “فيثاغورث” قد عاش أكثر من تسعين عاماً،وكان طعامه “الخبز والعسل”،وأن “أبو قراط” وهو أبو الأطباء كما يقولون عمّر أكثر من مائة عام وكان يأكل العسل يومياً.ويعتبر أبوقراط أول من أشار إلى القيمة العلاجية العظيمة للعسل في الأمراض الرئوية.

وجاء في احدى الصحف الألمانية(MMW) العدد 131 عام 1989م:”كان أبوقراط(460 ـ 377 ق .م)ينصح باستعمال العسل ،وخاصة بالمشاركة مع بعض المواد مثل الماء في حالات العطش،ومع بعض المواد الأخرى في حالات الحمى والألم.والعسل منذ القدم كان معروفاً كمادة علاجية عند المصريين القدماء والأشوريين،والصينيين واليونان والرومان.ويتابع المقال:”وللعسل صفات قاتلة للجراثيم والفطور،وهو يمنع نمو الجراثيم مثل العنقوديات المذهبة والجراثيم المعوية،والفطريات مثل الطوقيات(المونيليا)وبتركيز 40% هو قاتل للجراثيم مثل السالمونيللا،والشيغللا،والإيشرشيا،وبعض الجراثيم إيجابية الغرام.كما أن العسل يفيد في شفاء الجروح وخاصة بعد العمليات ،أو الحروق وقرحات الفراش”.

مملكة النحل:

النحل الأليف الذي يربيه الإنسان يسمى”النحل العسّال”Apis mellifica،وهو أشهر الأنواع المعروفة من النحل.يعيش في مجتمعات تدعى الأثوال(الثَوْل:Swamm)،يتألف كل منها من ملكة مخصبة واحدة،وعدة مئات من الذكور أو اليماخير،وعدة آلاف من العاملات غير المخصبات اللواتي يختصن بصنع الخلية.

تعيش جماعة النحل في بيوت تتخذها من الجبال أو من الشجر أو ممايعرشون.ويحرص النحل على أن تكون كوائره في غاية النظافة،وعلى عواتق العاملات دون سواهن تكاد تقع كل الأعمال اللازمة لحياة مجتمع النحل من تنظيف للكوارة والدفاع عنها،والعناية بالصغار،وتوفير الغذاء.وتختلف وظيفة العاملة باختلاف عمرها،فإذا كانت ابنة ثلاثة أيام كانت وظيفتها تنظيف الكوارة من جثث النحل الميت والحيوانات المعتدية التي قتلتها الحارسات،ثم تهوية الكوارة برفرفة أجنحتها عند المدخل لإحداث تيار هوائي.وإذا بلغ عمرها اليوم الرابع أو تجاوزته قليلاً التفتت إلى تغذية اليرقات بالهلام الملكي،وبعد اليوم الحادي عشر والسابع عشر تهتم العاملات بخزن العسل وغبار الطلع فيجعلنه في نخاريب الكوارة أو خلاياها،ثم يحكمن اغلاق النخاريب،وأيضاً يتولين صنع أقراص الشمع من المادة الشمعية التي تفرزها غدد أربع يقعن بين قطع البطن.وبين اليوم الثامن عشر والعشرين تقوم العاملات بحراسة الخلية.وبعد اليوم الواحد والعشرين تختص العاملات بصنع العسل وذلك بأن يلعقن رحيق لأزهار الذي وصللإلى حواصلهن وامتزج بالخمائر اللعابية والتي تحوله إلى عسل يخرج من بطونها مختلفاً ألواته فيه شفاء للناس.

ومن مهام العاملات أيضاً دعم جدران الخلية  وهن يستعن بذلك بالمواد الراتنجية التي يجمعنها من أشجار الصنوبر وبراعم الحور.

وأما الذكور فدورها للتناسل فقط،لذا لاترى إلا في وقت إنشاء خلايا جديدة فإذا عادت الملكة من طيران الزفاف قامت العاملات بقتل الذكور جميعاً إلا من مات حتف أنفه.

وأما الملكة فلا تكاد تخرج من خليتها إلا للزواج،ويتم ذلك مرة واحدة في حياتها،وفي مراسم مخصوصة،وذلك أنه إذا جاء الربيع خرجت الملكة الشابة من خليتها تتبعها الذكور فتحلق في طيرانهاالزفافي إلى حيث لايدركها إلا أقوى الذكور،فإذا تم الزواج بينهما مات المسكين لأن عضوه التناسلي ينقطع ليبقى في الملكة الملقحة،وتعود الملكة بعدئذ إلى الخلية وقد امتلأ مجمعها المنوي بالنطاف.أما بقية الذكور فتتلقاها العاملات باللسع حتى تقضي عليها.

وتشرع الملكة الملقحة بعد يومين بالإباضة حيث تبيض بيوضاً ملقحة تفقس عنها الإناث،وبيوض غير ملقحة تتكاثر تكاثراً عذرياً لتفقس عنها الذكور.وتستطيع الملكة الواحدة أن تضع ثلاثة آلف بيضة في اليوم وستين ألفاً في الشهر وثلاثمائة ألف في العام ومليونا من البيض خلال حياتها التي تمتد 4 ـ 5 سنوات.

وليس في كل خلية إلا ملكة واحدة فإذا ولدت الملكات الجديدات اقتسمن العاملات والذكور بينهن ثم ذهبت كل واحدة منهن مع رهطها للبحث عن مكان صالح لبناء خلية جديدة.أما الملكة الأم فتبقى في خليتها تحيط بها العاملات المخلصات لها.

النحل وتشكيل العسل:

لقد خلق الله النحل وأوحى إليه أن يأكل من كل الثمرات ويمتص رحيق الزهور بعد أن يتخذ البيوت من الجبال والشجر والعريش،ثم أمره الله أن يسير في طرق ذللها له وأن يبتعد عن الطيران في الطرق الوعرة والمتربة والمطبات الهوائية.وقد أثبت بعض العلماء أن للنحل طرقاً خاصة يسلكها,,,سهلة خالية من الغبار والمطبات ولاتعتريها الهضاب…إنها الطرق التي أشار إليها القرآن الكريم قبل أربعة عشر قرناً.

والقرآن الكريم لم يذكر العسل صراحة في آية سورة النحل{يخرج من بطونها شرابٌ}،ولم يقل يخرج عسل،وترك الله تعالى للإنسان من خلال دراساته وأبحاثه وتجاربه أن يكتشف أن مايخرج من بطون النحل هو العسل،والغذاء الملكي،والشمع،والعكبر،…وفي كل منها شفاء،ففي العسل شفاء وفي الغذاء الملكي شفاء وفي الشمع شفاء…

ويصنع العسل من رحيق الأزهار المتنوعة والمنتشرة في حدود المراعي حول المناحل.وبعد أن يتحول هذا الرحيق عبر عمليات الهضم الجزئي إلى سائل سكري يُخزن في العيون السداسية ويختم عليه بأغطية شمعية.والغرض من تخزينه هو توفيره كطعام للخلية وحضنه وخزنه للشتاء،ويطلق عادة على العسل الذي ينتجه نحل يعيش طليقاً في الطبيعة بالعسل البري.

ويتكون العسل عندما تخلط النحلة رحيق الأزهار بخمائرها في فتحات القرص الشمعي وتجففه بالهواء الصادر عن حركة أجنحتها.

ويعتمد لون وطعم وتركيب العسل على الزهور التي جمع النحل الرحيق منها.

وعندما لاتتوفر الأزهار في الحقول المجاورة للمنحل،يضطر النحل إلى جمع عسل الندوة العسلية من المفرزات العسلية لبعض الحشرات التابعة لرتبة متجانسة الاجنحة مثل المن والحشرات القشرية.

ولكي تجمع النحلة كيلوغراماً واحداً من العسل فإنها تنتقل بين الزهور مسافة تعادل 11مرة من محيط الأرض حول خط الاستواء!!

وأكثر الدول المنتجة للنحل حسب احصائيات عام 2005 كانت الصين والأرجنتين وتركيا وأمريكا.

التركيب الكيميائي للعسل:

عسل  النحل أو لعاب النحل هو ذلك السائل الحلو الذي يجمعه النحل من رحيق الأزهار والورود ويحتفظ به في جوفه لمدة معينة حيث يتم هضمه أولاً ومن ثم يخزنه في المكعبات الشمعية ليتم انضاجه وتركيزه.

العسل يمتاز بقوام الشراب وله رائحة وطعم مميز،ويختلف تركيبه ولونه ونكهته مع الزمن،وكذلك حسب مكان الانتاج وحسب نوع الأزهار التي جمع منها الرحيق،فالرحيق الصادر عن زهر البرتقال والزيزفون من أشهر أنواع العسل.كما يختلف باختلاف الأحوال الجوية والتضاريس،ويختلف لونه كذلك باختلاف تركيبه الكيميائي،وتتوقف درجة الشفاء أيضاً على نوع العسل،فقد وجد أن عسل الجبال أجود وأسرع شفاءً من عسل الشجر،وهذا أسرع شفاءً من عسل العريش،وهذا الترتيب جاء في الآية القرانية 68 من سورة النحل.

والعسل حامضي التفاعل،يحرف الضوء المستقطب إلى اليسار،وينحل في الماء البارد.

والتركيب الكيميائي للعسل يختلف من نوع لآخر،وحسب كمية الماء المدخرة فيه،وحسب كمية الرطوبة الموجودة في مكان تخزينه.

والتركيب الكيميائي للعسل يتضمن مايلي:

يحتوي بنسبة عالية على السكريات وأغلبها السكريات الأحادية مثل:

سكر الفواكه(الفركتوز)39%(وبسبب سكر الفواكه فإن طعم العسل أحلى من سكر المائدة بنسبة 25%)،وسكر العنب(الغلوكوز)34%،والماء17%،والبروتين 2%،والدكسترينأقل من نصف بالمائة،وهناك مركبات أخرى  مثل الحموض الأمينية والخمائر والفيتامينات المنوعة ومعادن ومنها الحديد والنحاس والمنجنيز.والمعادن ورغم قلة تراكيزها في العسل فإنها تجعل العسل غذاء ذا تفاعل قلوي مقاوماً للحموضة وهذا له قيمته في أمراض المعدة وخاصة فرط الحموضة والقرحة.

وأهم الخمائر الموجودة في عسل النحل نذكر:الأميلاز(تحول المواد النشوية إلى سكر عنب)،وخميرة الفوسفاتاز،وخميرة الإنفرتاز(والتي تحول السكريات الثنائية إلى أحادية ومنها تحويل سكر القصب إلى سكر العنب والفواكه)وخميرة الكتالاز والتي تحلل الأكاسيد،وخميرة البيروكسيداز وخميرة الليباز(خاصة بهضم المواد الشحمية).

وأهم الحموض الأمينية التي يحتويها العسل ويقدر عددها مابين 7 ـ 15 حمضاً أمينياً ونذكر منها:حمض الفنيل آلانين،وحمض البرولين،وحمض الثيرونين،وحمض آلأنين،وحمض الغلوتاميك،وحمض الإيزولوسين،وحمض الهستيدين،وحمض الفالين،وحمض اللوسين،وحمض الأرجنين،وحمض الفوسين،وحمض السبارتيك،وحمض السيستين،وحمض الميثونين،وحمض الأرماتين.

وأهم الفيتامينات الموجودة في العسلB1، B2، B3 ،B4، B5 & C، B9، B6،والكاروتين(طليعة الفيتامين A).

وكذلك توجد في العسل زيوت عطرية تعطيه الرائحة والطعم الخاص،ولكن هذه الزيوت قد تتعرض للفقدان عند تسخين العسل وبسترته.

كما توجد في العسل مواد أخرى مثل حبوب اللقاح وقليل من الشمع والمواد الملونة  مثل الكلوروفيل،والنتوفيل،والثيوسيانين.

وتحتوي ملعقة واحدة كبيرة من العسل أي حوالي 21غرام وبحسب وزارة الزراعة الأمريكية على مايلي:64 سعرة حرارية.

أنواع العسل:نقلاً عن الويكيبيديا:

يتنوع العسل حسب تنوع مصدر الرحيق سواء أكان من الزهور أم الإفرازات النباتية أم الأخرجة التي تتركها الحشرات.ويختلف تبعاً لذلك لون العسل ورائحته وطعمه والقابلية للتبلور والكثافة والقلوية وحتى بعض مكوناته ولو بنسب قليلة.وهناك عوامل أخرى أيضاً تؤثر على صفات العسل مثل نوع التربة والعوامل الجوية.ومن أهم أنواعه:

1 ـ عسل المانوكا:ينتج في نيوزيلندا واستراليا فقط،من شجر الشاي ويحتوي على مادة ميثيل غليوكسال ذات الخواص القوية في قتل الجراثيم.

2 ـ عسل الزقوم:وهو من أجود أنواع العسل ويتميز بمذاقه القوي وخصائصه العلاجية،ويعد الدغموس من أفضل أنواع الزقوم.

3 ـ عسل السدر:وهو من أجود أنواع العسل على ىمستوى العالم ويتميز بلونه البني الداكن ورائحته الزكية وطعمه اللذيذ،يستخلصه النحل من شجر السدر.ويوجد في جنوب اليمن وفي حضرموت.

4 ـ عسل الحمضيات:ويمتاز بلونه الأبيض وكثافته القليلة،ومن أنواعه عسل البرتقال والتي تدل الأبحاث على أنه يساعد في تصفية الدم،وبكونه مهدئاً للأعصاب إذا أخذت ملعقة نصف ساعة قبل النوم للأطفال.

5 ـ عسل القبار:من أجود أنواع العسل وأغلاها حيث أن القبار نبت برية تتميز بصفات طبية كثيرة على رأسها أن القبار مقوي جنسي وبالتالي كل هذه الخصائص تنتقل إلى رحيق النبتة ومنها إلى العسل.كما أنه ينبه وينشط الكبد  والطحال ويحسن الدورة الدموية ويفيد في علاج تصلب الشرايين ويساعد في الهضم،ةفي التخلص من نفخة البطن،ويلين الأمعاء،ويدر البول والطمث،ويساعد في التخلص من المفرزات القصبية.ويفيد في علاج بعض حالات فقر الدم.ويستخدم أيضاً في علاج الاستسقاء(تراكم السوائل وخاصة في البطن)وداء النقرس،والتهاب المفاصل،كما يفيد في علاج أمراض الحساسية والاندفاعات الجلدية(الطفح)ويسكن آلام الأسنان ويساعد في التخلص من الرمال البولية.

6 ـ عسل الكينا:ذو لون عنبري غامق ورائحة مميزة وطعم جيد.وهو يعد من الأعسال الراقية،وخاصة في معالجة أمراض الجهاز التنفسي.حيث يفيد في طرح البلغم والقشع والمفرزات القصبية،ويفيد بشكل خاص في علاج داء الربو،كما يفيد في علاج أمراض الجهاز البولي.

7 ـ عسل البرسيم:يمتاز بلونه المائل للصفرة ويحتوي زيتاً طياراً هو شبيه بالفلافون كما يحتوي بعض الصموغ ومستخلصات الكوفارين.

8 ـ عسل دوار الشمس:ويحتوي على مادة الفلافونيد.لونه أصفر ذهبي ورائحته خفيفة وطعمه لاذع لذيذ .

9 ـ عسل البرسيم الحجازي:له رائحة طيبة وطعم خاص ويحتوي سكر الفواكه بنسبة 40% وسكر العنب 37%،وهو مدر للبول .

10 ـ عسل البرسيم الحلو:شهي الطعم،لونه عنبري باهت،ورائحته منعشة كالفانيليا.

11 ـ عسل التفاح:لونه أصفر باهت ورائحته طيبة وطعمه حلو لطيف

12 ـ عسل البرباريس:وهو منقي للدم.

13 ـ عسل توت العليق:وهو أبيض كالماء وطعمه شهي.

14 ـ عسل الخروب الأسود:وهو عسل شفاف .

15 ـ عسل القبأ:له رائحة لطيفة وطعم ممتاز،شديد اللزوجة.

16 ـ عسل الحنطة السوداء:له رائحة ومذاق مميز فهو حريف في الحلق،وفيه نسبة عالية من الحديد والبروتينات ويفيد في علاج فقر الدم.

17 ـ عسل الأرقطيون:له لون غامق زيتوني وله رائحة حادة تشبه التوابل ولزوجة مرتفعة.

18 ـ عسل الجزر

19 ـ عسل الكستناء:

وهناك أنواع أخرى كثيرة.

والعسل الطبيعي لايتلف ولايحتاج لحفظه في الثلاجة وإنما بوعاء محكم الإغلاق،وبحرارة الغرفة العادية.

ومن المتعارف عليه أن للعسل أربعة ألوان وهي:العسل الأبيض،والعسل الكهرماني الفاتح،والعسل الكهرماني،والعسل الكهرماني الداكن أو الغامق.ولقد أشار المولى سبحانه وتعالى إلى اختلاف ألوان العسل في الآية الكريمة من سورة النحل{يخرج من بطونها شرابٌ مختلفٌ ألوانه}.

والسبب في اختلاف ألوان العسل تنجم عن شيئين هامين أثبتهما العلم الحديث:

أولاهما:أن اختلاف مرعى النحل يؤثر تأثيراً كبيراً في لون العسل،وذلك لأن نوعية الرحيق تختلف حسب نوعية الأزهار التي يرعاها النحل.

وثانيهما:اختلاف تركيب التربة الكيميائي بين بقاع الأرض المختلفة،يؤدي إلى اختلاف لون العسل.وذلك أن رحيق الأزهار يعتمد اعتماداً كبيراً على مايمتصه النبات من المعادن التي في التربة.

أضف إلى ذلك فإن اختلاف لون العسل يعتمد أيضاً على الأقراص الشمعية المستعملة في الخلية،فإذا كانت هذه الأقراص جديدة أعطت عسلاً فاتح اللون،وإذا كانت قديمة أعطت عسلاً داكناً.

الشفاء بالعسل:

يقول تعالى في كتابه العزيز”{شفاءٌ للناس}،ولم يقل شفاء لكل الناس،بل ترك الأمر للعلماء والأطباء والباحثين أن يعرفوا فوائد العسل وماهي الأمراض التي قد يتحقق بها الشفاء من تناول العسل بعد مشيئة الله في ذلك.

ولفظ الشفاء في الآية الكريمة جاء بلفظ النكرة،والنكرةفي سياق الثبوت لاتعم كما قال الإمام القرطبي،فلا يفيد النص أن العسل شفاء من كل داء ولكل إنسان في مختلف الأحوال.

ويقول الإمام الفخر الرازي وهو الضليع في الاصول وفي كل العلوم الإسلامية أنه تعالى لم يقل إنه شفاء لكل الناس ولكل داء وفي كل حال.بل كان شفاء للبعض ،ولبعض الأدواء.

وقال العلامة الزمخشري في تفسير الكشاف:وليس الغرض أنه شفاء لكل مريض،كما أن كل دواء كذلك.وتنكيره إما لتعظيم الشفاء الذي فيه أولاً أو لأن فيه بعض الشفاء وكلاهما محتمل.

وقد أقر العلم الحديث المتوارث الحضاري حول كون العسل مضاداً حيوياً طبيعياً ومقوياً لجسم الإنسان،وله خصائص مثبتة في علاج الحروق والجروح وكثير من الأمراض الأخرى،وهو الآن دواء لأكثر من أربع وسبعين مادة علاجية توجد في العسل، ولنفصل:

أهم الأمراض التي يشفي بها العسل نذكر:
1 ـ العسل مقاوم للجراثيم:

وهذا ماذكرناه أعلاه من خلال المقال في المجلة الألمانية”وللعسل صفات قاتلة للجراثيم والفطور،وهو يمنع نمو الجراثيم مثل العنقوديات المذهبة والجراثيم المعوية،والفطريات مثل الطوقيات(المونيليا)وبتركيز 40% هو قاتل للجراثيم مثل السالمونيللا،والشيغللا،والإيشرشيا،وبعض الجراثيم إيجابية الغرام.كما أن العسل يفيد في شفاء الجروح وخاصة بعد العمليات ،أو الحروق وقرحات الفراش(وخاصة الجراثيم التي تسبب فيها انتانات وخاصة العصيات الزرقPseudomonas”.

2 ـ الاستشفاء بالعسل في الأمراض الجلدية:

تبين فائدة العسل في معالجة الحروق والجروح وقرحات الفراش،والعسل مفيد جداً في التئامهاوتسريع شفائها،ومن هنا دخل العسل في تركيب بعض المراهم والضمادات الجلدية.وتبين أن العسل يفيد في تنشيط الجلد وتطريته وتغذيته،وإعطائه النعومة والنضارة والرونق.

كما تبين فائدة العسل بعد العمليات الجراحية،والجراح العالمي ألبرت شفايتزر(1965) والحائز على شهادة نوبل،كان يستعمل في شفاء الجروح الشاش المعقم المغمس بالعسل.

3 ـ معالجة الأمراض التنفسية:

حيث يفيد استعمال العسل في علاج التهاب القصبات الحاد،ويدخل العسل في تركيب بعض أدوية السعال.كما يفيد في علاج التهاب الجيوب الأنفية المزمنة.

4 ـ أمراض جهاز الهضم:

يفيد في علاج الإمساك،واضطراب الحموضة المعدية،ويفيد في علاج القرحات المعدية والعفجية.كما يفيد العسل في علاج أمراض الكبد والمجاري الصفراوية.حيث أن العسل ينشط عملية التمثيل الغذائي والاستقلاب في الكبد.

5ـ أمراض الدم:

يفيد العسل في علاج فقر الدم،كما أنه يحتوي على الفيتامينK المضاد  وكذلك الحديد وحمض الورق.

6 ـ أمراض القلب والدوران:

يفيد في علاج بعض أمراض القلب مثل التهاب عضلة القلب واضطرابات النظم.

7 ـ أمراض الجهاز البولي:

يعتبر العسل مدر للبول،وينشط التروية الدموية في الكلية،ويساعد في طرح الرمال والحصى البولية،كما يفيد في شفاء التهابات الإحليل والمثانة.

8 ـ الجهاز العصبي:

يعتبر العسل من المواد المضادة للأرق،وذو تأثير مهدىء،كما يفيد في علاج الشقيقة.

9 ـ العسل في علاج التسمم الغولي:

يفيد العسل في علاج التسمم الغولي الحاد.

10 ـ النقاهة والضعف العام:

العسل يمتص بسرعة في الأمعاء ويصل إلى الدم بسرعة،وهو يفيد عند الضعفاء والمجهدين والناقهين من الأمراض الشديدة المنهكة.ويحتوي على كميات كبيرة من السعرات الحرارية اللازمة للطاقة،كما أنه غني بمجموعة كبيرة من المعادن والفيتامينات.

11ـ أمراض العين:

تبين فائدة العسل في شفاء التهاب الجفون والملتحمة وتقرح القرنية،وإن بعض المراهم العينية تحتوي على العسل.

طرفة:

جاء في كتاب الأغاني(ج5 ص218):

“كان بشار بن برد جالساً في دار المهدي والناس ينتظرون الأذن،فقال بعض موالي المهدي لمن حضر:ماعندكم في قول الله عز وجل:{وأوحى ربك إلى النحل أن اتخذي من الجبال…}فقال له بشار:النحل التي يعرفها الناس.قال: هيهات يا أبا معاذ1 النحل:بنو هاشم،وقوله “يخرج من بطونها” يعني العلم.فقال له بشار:أراني الله طعامك وشرابك وشفاءك فيما يخرج من بطون بني هاشم،فقد أوسعتنا غثاثة.فغضب وشتم بشاراً،وبلغ المهدي ،فدعا بهما فسألهما القصة،فحدثه بشار بها،فضحك المهدي حتى أمسك على بطنه ثم قال للرجل:أجل! فجعل الله طعامك وشرابك مما يخرج من بطون بني هاشم فإنك بارد غث”.

 

9 ـ “وشجرةً تخرجُ من طُورِ سَيناءَ تَنبتُ بالدُّهنِ وصِبغٍ للآكلين”

الآيات الكريمة:

يقول تعالى:{وشجرةً تخرجُ من طُورِ سَيناءَ تنبتُ بالدُّهنِ وصِبغٍ للآكلين}[المؤمنون 20].

ويقول تعالى:{اللهُ نورُ السَّماواتِ والأرضِ مَثَلُ نُورهِ كَمشكاةٍ فيها مصباحٌ المصباحُ في زجاجةٍ الزُّجاجةُ كأنّها كوكبٌ دُرِّيٌ يُوقدُ من شجرةٍ مُباركةٍ زَيتونةٍ لا شرقيةٍ ولاغربيةٍ يكادُ زَيتها يُضىءُ ولو لم تمسسهُ نارٌ نورٌ على نورٍ يهدي الله لِنورهِ من يشاءُ ويضربُ اللهُ الأمثالَ للناسِ واللهُ بكلِّ شىءٍ عليمٌ}[النور 35].

ويقول تعالى:{والتِّينِ والزيتونِ}[التين 1].

الأحاديث النبوية:

ـ حدثنا الحسين بن مهدي،حدثنا عبد الرزاق،أنبأنا معمر،عن زيد بن أسلم،عن أبيه،عن عمر بن الخطاب،قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:

“ائتدموا بالزيتِ وادهنوا به فإنه يخرج من شجرة مباركة” وفي رواية“كلوا الزيت” وفي رواية”كلوا هذا الزيت“[صحيح الجامع الصغير،وصححه الألباني]

(ائتدموا: أي اغمسوا).

فالشجرة مباركة والزيت مبارك وصدق الله ورسوله.

أقوال المفسرين:

ـ جاء في تفسير القرطبي: يقول ابن عباس رضي الله عنهما:

“في الزيتونة منافع،يسرج الزيت وهو إدام ودهان ودباغ ووقود يوقد بحطبه وتفله.وليس فيه شىء إلا وفيه منفعة،حتى الرماد يغسل به الإببريسم(وهو الحرير).وهي أول شجرة نبتت في الدنيا،وأول شجرة بعد الطوفان،وتنبت في منازل الأنبياء والارض المقدسة ودعا لها سبعون نبياً بالبركة ومنهم إبراهيم ومحمد عليهما السلام “.

وقال الإمام ابن قيم الجوزية رحمه الله في كتابه”الطب النبوي”:

“الزيت حار رطب،والزيت بحسب زيتونه،فالمعتصر من النضيج أعدله وأجوده،ومن النضج فيه برودة ويبوسة،ومن الزيتون الأحمر متوسط بين الزيتين،ومن الأسود يسخن ويرطب باعتدال،وينفع من السموم،ويطلق البطن،ويخرج الدود،والعتيق منهى أشد تسخيناً وتحليلاً،وما استخرج منه بالماء فهو أقل حرارة،وألطف وأبلغ في النفع،وجميع أصنافه مُليّنة للبشرة،وتبطىء الشيب.وماء الزيتون المالح يمنع من تنفط حرق النار،ويشد اللثة،وورقه ينفع من الحمرة والقروح الوسخة،والشرى،ويمنع العرق،ومنافعه أضعاف ماذكرناه”.

وجاء في تفسير الظلال:

“يوقد من شجرة مباركة زيتونة”:ونور زيت الزيتون كان أصفى نور يعرفه المخاطبون ولكن ليس لهذا وحده كان اختيار هذا المثل،إنما هو كذلك الظلال المقدسة التي تلقيها الشجرة المباركة.ظلال الوادي المقدس في الطور،وهو أقرب منابت الزيتون لجزيرة العرب وفي القرآن إشارة لها وظلالها حولها وشجرة تخرج من طور سيناء تنبت بالدهن وصبغ للآكلين،وهي شجرة معمرة وكل مافيها مما ينفع الناس،زيتها وخشبها وورقها وثمارها”.

ونعود إلى الآية الكريمة في سورة المؤمنون”تنبتُ بالدهن وصبغ للآكلين”:

يقول الدكتور نظمي خليل أبو العطا في كتابه”إعجاز النبات في القرآن الكريم”:وقد كشفت في لسان العرب لابن منظور عن معنى كلمة صبغ فوجدت:(الصبغ والصباغ والصبغة:مايصبغ به الثياب،والصبغ المصدر والجمع أصباغ،والصبغ في كلام العرب التغيير ومنهى صبغ الثوب إذا غيّر لونه وأزيل عن حاله إلى حالة سواد أو حمرة أو صفرة).

وقد اشتملت هذه الآية الكريمة على أمور عظيمة،وقد تبين علمياً أن زيت الزيتون يحتوي على بعض الحموض الدسمة ومنها الفنيا آلانين والذي يعطي التيروزين وهو من الأحماض العطرية الأساسية والتي يتكون منها صبغة “الميلانين” وهي التي تصبغ بشرة الجلد،وحسب كميتها فإن الجلد يكون أسوداً أو أسمراً،وإذا كانت معدومة كان الجلد أبيضاً وهو مايسمى مرض البهاق.

وجاء في تفسير إمام الدعاة الشيخ محمد متولي الشعراوي رحمه الله:

“ومعنى”تنبت بالدهن”:الدهن هو الدسم،والمراد هنا شجرة الزيتون التي يستخرجون منها الزيت المعروف.

و”صبغ للآكلين”:يعني يتخذونه إداماً يغمسون فيه الخبز ويأكلونه،وهو من أشهى الأكلات وألذّها عند من يزرعون الزيتون في سيناء وفي بلاد الشام”.

وجاء في تفسير الطاهر بن عاشور رحمه الله:

“ومعنى”تنبت بالدهن” أنها تنبت ملابسة للدهن،فإن ثمرتها تشتمل على الزيت وهو يكون دهناً وصبغاً للآكلين،فأما كونه دهناً،فهو أنه يدهن به الناس أجسادهم ويرجلون به شعورهم ويجعلون فيه عطوراً فيرجلون به الشعور،وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يدّهن بالزيت في رأسه.

و”صبغ للآكلين”:سمي الزيت صبغاً لأنه يصبغ به الخبز،وكانوا يأدِمون به الطعام”.

من الناحية التاريخية:

شجرة الزيتون هي أقدم شجرة في تاريخ البشرية المعروف.ويقول بعض المؤرخون أن تاريخها يعود إلى 60 ألف عام،وكانت توجد في حوض البحر الأبيض المتوسط ويظن أن الفينيقيين هم من بدأ في زراعة هذه الشجرة.وهناك من يقول أنهم البابليون.

وعرفها قدماء المصريين قبل أن يزرعوها لاحقاً،لكنهم لم يستخرجوا زيتها إلا بعد 2000عام من زراعتها،وقيل أنه أحد أسرار التحنيط.

وشجرة الزيتون شجرة مباركة ومقدسة عند الأديان السماوية،وترمز إلى الحياة والخلود والقوة.كما أنها ترمز أيضاً للسلام،لأنه يقال أن الحمامة البيضاء التي أرسلها نوح عليه السلام لمعرفة إذا ما انحسر الطوفان عادت بغصن زيتون،فكان دليلاً على انحسار الطوفان وظهور اليابسة.والنصارى يجعلون الزيتون رمزاً للدين والآلام لأن السيد المسيح تألم على جبل الزيتون.وكان الإغريق يجدلون غصن الزيتون ويجعلونه أكاليل توضع فوق رؤوس الفائزين في الدورات الاولمبية.

وأول ماستخدم زيت الزيتون قديماً للحفاظ على المواد الغذائية من التلف،وانطلقت تجارته مع الحضارات الفينيقية القديمة ثم اليونانية فالرومانية،ثم تطور استخدامه لاحقاً ليتم تناوله في الطعام مباشرة وإنارة المصابيح ثم للتداوي فالتجميل.

ويقال أن الملكة كليوباترا كانت تستخدمه للعناية ببشرة جلدها،لأنه يضفي عليه النضارة واللمعان .ويقال بأن رمسيس الثاني الذي حكم مصر مابين 1300 ـ 1200 قبل الميلاد كان يتناول زيت الزيتون لأي شكاية مرضية.

ويبلغ عدد أشجار الزيتون حوالي 150 نوعاً،ويتراوح ارتفاعها بين خمسة واثني عشر متراً.وهي تحتاج إلى مناخ معتدل في فصل الشتاء وجاف في الصيف.وإلى كمية كبيرة من الأمطار في فصلي الربيع والخريف.والشجرة تتمتع بأوراق دائمة الخضرة،وتتجدد كل ثلاثة سنوات،وهي تنمو ببطء.

من الناحية العلمية والطبية:

يستخرج زيت الزيتون من ثمار الزيتون الناضجة.ويعتبر زيت الزيتون الوحيد من الزيوت التي يمكن استخدامه بشكله الخام،حيث يستخدم في الطهي وتحضير السلطات.ويستخلص الزيت بعصر ثمار الزيتون الناضجة في مطحنة ثم تضغط الكتلة اللزجة المتبقية فنحصل على أفخر أنواع الزيتون وهو الذي يعرف بالزيتون البكر،ثم يعودون للكتلة المتبقية ويضاف لها الماء ثم تعصر فنحصل على النوع الثاني،وفي آخر المراحل وحيث لايعود بالإمكان استخلاص أي قطرة زيت يضاف للكتلة المتبقية ثنائي سلفات الكربون.

وينصح باستعمال مايسمى “زيت الزيتون البكر” وهو الذي يتم عصره وانتاجه بطريقة الكبس البارد وهذا الأفضل جودة.ويتم في عملية الكبس استخراج الزيت بدرجات حرارة أقل من 38 درجة مئوية ودون إضافة مواد كيميائية.وبهذه الطريقة يمكن الحصول على زيت الزيتون الغني بالحموض الدسمة غير المشبعة وخاصة حمض الزيت(الأوليك) وبنسبة قد تصل إلى 73%.وهذه الحموض الدسمة الأحادية غير المشبعة تقلل من مستوى الكولسترول الضار في الدم،وتساعد على خفض التوتر الشرياني وتقلل من الإصابات بأمراض القلب.وعلى العكس فإن الزيوت المتعددة غير المشبعة والتي توجد مثلاً في زيت عباد الشمس وزيت الذرة والصويا فإنها تتأكسد بسهولة عند وجود الاوكسجين مما يؤدي إلى زيادة الكولسترول الضار في الجسم.

وأهم أنواع زيت الزيتون البكر:

1 ـ زيت الزيتون البكر الممتاز:Extra Virgin:وهو الأفضل والأجود،ذو درجة حموضة قصوى حتى 1%وينجم عن عملية الكبس البارد،وهو خالي من المواد الكيميائية.

2 ـ زيت الزيتون البكر الجيد:Fine Virgin:وهو أقل درجة وجودة.

3 ـ زيت الزيتون البكر من النوع المكرر:Current Virgin وهو ذو درجة حموضة قصوى تصل إلى 3% وهو مناسب للطهي وليس مناسباً للأكل.

ويمكن التمييز بين الأنواع الثلاثة بوضع زيت الزيتون في الثلاجة ليوم واحد فإذا أصبح أكثر كثافة وأكثر صلابة وتخثر فهذه علامة على أنه نقي.أما إذا بقي سائلاً فهذه علامة على أنه قد تم خلطه بزيت آخر.

جاء في موسوعة الويكيبيديا:

“زيت الزيتون:هو زيت ناتج من عصر أو ضغط ثمار الزيتون،وهي شجرة في حوض البحر الأبيض المتوسط،يستعمل زيت الزيتون في الطبخ والصيدلة والطب،وفي إشعال المواقيد الزيتية وفي صناعة الصابون.

وزيت الزيتون يستعمل بكثرة لكونه غذاء صحي غني بالدهون المفيدة والفيتامينات.وتعتبر 85% من الدهون الموجودة فيه نافعة للقلب،كما تساعد في التقليل من نسبة الكولسترول في الدم.

وهناك أكثر من 750 مليون شجرة زيتون تزرع في جميع أنحاء العالم.95% منها في منطقة البحر الأبيض المتوسط.وأكثر الإنتاج العالمي يأتي من جنوب أوروبا والمغرب العربي والمشرق العربي.ويوجد في اسبانيا وحدها أكثر من 350 مليون شجرة على مساحة قدرها 2،5 مليون هكتار أي مايعادل 27% من المساحة المزروعة في العالم،كما تحتوي تونس على أكثر من مائة مليون شجرة زيتون موزعة على مساحة 1،9 مليون هكتار.

وأكثر الناس استهلاكاً لزيت الزيتون هم سكان جزيرة كريت،ويتبعهم الإيطاليون ثم اليونانيون ثم سكان البحر الأبيض المتوسط.

وأما فوائد زيت الزيتون:

تعتبر شجرة الزيتون مصدر غذاء جيد ،وعصير أوراق الزيتون أو خلاصتها أو مسحوقها يعتبر ذو تأثير كالمضادات الحيوية ومضاد للفيروسات،كما أنها مقوية لجهاز المناعة.ويوجد في أوراق شجرة الزيتون حموض دهنية غير مشبعة ذات تأثير ضد الجراثيم والفيروسات والطفيليات.

أما زيت الزيتون والمحضر من ثمار الزيتون بعد العصر على البارد(يطلق عليه زيت عذري) أو بالمذيبات، فإن له تأثيرات مفيدة على أجهزة الجسم وخلاياه،ويتميز زيت الزيتون عن غيره من الدهون الحيوانية والنباتية بأنه سهل الهضم،والدهون التي توجد فيه سريعة الامتصاص من انبوب الهضم،وهذا مايجعله غذاءً مفيداً للأطفال وكبار السن.وتحتوي ملعقة كبيرة من زيت الزيتون(حوالي 13 غرام) على مايلي:119 سعرات حرورية،ونسبة 14% من الدهون غير المشبعة،ونسبة أقل من 2% من الدهون المشبعة،ولاتحتوي أبداً على السكريات أو الألياف أو السكر أو البروتينات أو الكولسترول.

1 ـ الجهاز الهضمي:يفيد في علاج اضطرابات جهاز الهضم وله تأثير ملين خفيف،ويحسن من حركة الامعاء.كما أنه يعمل على إبطاء الهضم في المعدة مما يساعد على إبطاء زيادة السكر في الدم.كما أنه يقي من حصيات المرارة.

2 ـ الجهاز الحركي:ذو تأثير في معالجة الأمراض الرثوية وانتفاخ المفاصل وآلامها.وخاصة لوجود بعض مضادات الأكسدة ومنها الهيدروكسي تيروز.كما أنه يحتوي على مادة الوليو كانثال وهي مادة مضادة للالتهاب ولها خصائص مسكنة للآلام .

كما يفيد في علاج داء النقرس.

3 ـ الجهاز التنفسي:يفيد في علاج داء الربو،والتهابات الجيوب الأنفية.

4 ـ أمراض الجلد:وخاصة قروحات الجلد ومعالجة الحكة.وكان الإغريق يستخدمونه في علاج تنظيف الجروح والتئامها.

5 ـ مقوٍ للجملة المناعية:وبالتالي يساعد ضد الالتهابات الجرثومية والفيروسية والطفيلية.

6 ـ الأمراض الاستقلابية:يفيد في خفض سكر الدم.

7 ـ الأمراض القلبوعائية:يفيد في خفض ضغط الدم،وخفض شحوم الدم.و‘ن حوالي 85% من الدهون في زيت الزيتون صديقة للقلب.وهذا مايفسر نسبة الحدوث الأقل في سكان إيطاليا واسبانيا وبعض مناطق حوض البحر المتوسط بالمقارنة مع شمال أوروبا وأمريكا لازدياد استهلاك زيت الزيتون في هذه المناطق.واعتمادهم عليه كمصدر أساسي للدهون في طعامهم بدلاً من السمنة والزبدة و”المرغرين” وأشباهها.وتبين أن زيت الزيتون يخفض نسبة الكولسترول في الدم وخاصة منه الكولسترول الضارLDL.ويرفع مستوى الكولسترول المفيد.

8 ـ يحتوي على تركيز عال من الفيتامين”D”،ويحتوي الفيتامين “E وهو من مضادات الأكسدة الطبيعية(حيث أن نسبة هذا الفيتامين في زيت الزيتون أعلى منها في أي زيت نباتي)و” K، ويحتوي على الكاروتين،ويحتوي على مضادات للاكسدة ومنها الفلافونيد، والبولي فينول،كما يحتوي على الحموض غير المشبعة،وحيدة الرابطة المزدوجة،  والتي تسمى الحموض الدهنية الأساسية Essential Fatty Acids،والمفيدة للجسم وخاصة حمض الزيت(Oleic acid) وحمض الشمع(اPalmatic). وحمضLinoleic وحمض Stearic.

وبسبب احتوائه على الدهون غير المشبعة بنسبة عالية فأنه لايتأكسد(لايزنخ)

9 ـ يمنع تخثر الدم وذلك باحتوائه على مواد تمنع تراص الصفيحات الدموية في العروق الدموية ومنها:مركب الأوليوروبين(Oleuropein)وهو من مضادات الأكسدة ويزيل تصلب الشرايين ،واليوكانتال،والهيدروكسي تيروزول(Hydoxytyrosol).

10 ـ الوقاية من الشيخوخة:إن تناول زيت الزيتون باستمرار يساهم في إبعاد شبح الشيخوخة عن الإنسان وذلك بسبب احتوائه على الكثير من الأحماض الضرورية لجسم الإنسان والتي تساعد في مكافحة عملية الشيخوخة.وإن زيت الزيتون يعمل على تحسين صحة البشرة والشعر والأظافر .

11 ـ يساعد زيت الزيتون في مكافحة السرطان وتعطيل نمو الخلايا السرطانية.وخاصة الوقاية من سرطان الأمعاء والكبد.وسرطان الثدي.وسرطان الرحم وسرطان المعدة.

12 ـ يحسن وظائف الكبد وخاصة أنه مضاد للسموم،ويزيد من قدرة الكبد على إزالة السمية.

13 ـ بينت بعض الدراسات أن الإدهان بزيت الزيتون موضعياً بعد السباحة والتعرض للشمس قد يقي من حدوث سرطان الجلد.

14 ـ يساعد في الوقاية من مرض الزهايمر،ويحسن الذاكرة.ويقلل حدوث السكتات الدماغية.ويقلل من الاكتئاب.

كيفية استعمال زيت الزيتون:

يعتبر زيت الزيتون من الوصفات الرائعة في الاستعمال وخاصة بتحضير السلطات والحمص وللقلي…ولكن يجب مراعاة بعض الأمور:

1 ـ يعتبر زيت الزيتون الأفضل لأنه سهل الهضم،ولكن تسخينه أثناء الطهي قد يؤثر على رائحته وطعمه وجودته أيضاً.

2 ـ وإذا اضطر للتسخين فإنه ينصح أن يتم تسخين الزيت بسرعة ولفترة قصيرة،مع إضافة كمية صغيرة من الماء لمنع ارتفاع درجة حرارته إلى درجة عالية جداً.

3 ـ على الرغم من محتواه العالي من الدهون غير المشبعة إلا أن نسبة الدهون غير المشبعة فيه قد تميل للتلف بسرعة ولذا ينصح بشراء وعاء صغير من الزيت.

 ـ “لتأكلوا منه لحماً طرياً”

السمك ومنافعه للجسم البشري

الآيات الكريمة:

{وهو الذي سَخَّرَ البحرَ لتأكلوا منهُ لحماً طرياً}[النحل 14].

{وما يستوي البحرانِ هذا عذبٌ فراتٌ سائغٌ شَرابُهُ وهذا مِلحٌ أجاجٌ ومن كل تأكلون لحماً طرياً وتستخرجونَ حِليةً تلبسونها}[فاطر 12].

{أُّحِلَّ لكمْ صَيدُ البحرِ وطعامُهُ متاعاً لكم وللسّيارة وحُرِّمَ عليكم صيدُ البرِّ مادُمتُم حُرُماً واتقوا الله الذي إليه تحشرون}[المائدة 96].

(وهذا من رحمة رب العالمين أن أباح صيد البحر للمحرمين سواء بحج أو عمرة وقاية لهم من نفاد مؤونتهم وتعرضهم لجوع أو مخمصة في لجة البحر).

الأحاديث النبوية:

1 ـ عن أنس بن مالك رضي الله عنه أن عبد الله بن سلام بلغه مقدمَ النبي صلى الله عليه وسلم المدينة،فأتاه يسأله عن أشياء،فقال إني سائلُكَ عن ثلاثٍ لايعلمهنَّ إلا نبي،ما أول أشراط الساعة؟وما أولُ طعامٍ يأكلهُ أهل الجنة؟وما بال الولد ينزِعُ إلى أبيه أو إلى أمه؟قال: أخبرني به جبريلُ آنفاً….وأما أولُ طعام يأكلهُ أهل الجنة فزيادةُ كبدِ الحوت“.(رواه البخاري)

قال ابن حجر العسقلاني رحمه الله:”والزيادة هي القطعة المنفردة المعلقة في الكبد،وهي في المطعم في غاية اللذة،ويقالُ:أنها أهنأُ طعامٍ وأمرأه”.

2 ـ عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:”أحلتْ لنا ميتتان ودمان،فأما الميتتان:فالحوت والجراد،وأما الدّمان: فالكبد والطحال”.[صحيح الجامع الصغير].

3 ـ سأل رجلٌ رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال يا رسول الله إنا نركبُ البحرَ ونحملُ معنا القليل من الماء فإن توضأنا به عطشنا أفنتوضأ من ماء البحر؟فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:”هو الطهورُ ماؤه،الحلُّ ميتتهُ”[رواه أبو هريرة رضي الله عنه وأخرجه الترمذي في صحيحه وقال الألباني:حديث صحيح].

4 ـ بعثنا رسول الله صلى الله عليه وسلم وأمّرَ علينا أبا عبيدة،نتلقى عيراً لقريشِ،وزوّدنا جراباً من تمر لم يجد لنا غيره،فكان أبو عبيدة يُعطينا تمرةً تمرة،قال: فقلتُ :كيف كنتم تصنعونَ بها؟قال: نمصها كما يمصُّ الصبي،ثم نشرب عليها من الماء،فتكفينا يومنا إلى الليل،وكنّا نضربُ بعصينا الخَبَطَ،ثم نبلهُ بالماء فنأكله،قال: وانطلقنا على ساحل البحر،فرُفع لنا على ساحل البحر كهيئة الكَثيب الضخم،فأتيناه فإذا هو دابةٌ تُدعى العنبر،قال: قال أبو عبيدة:ميتةٌ،ثم قال: لا،بل نحنُ رسلُ رسول الله صلى الله عليه وسلم،وفي سبيل الله،وقد اضطرتم،فكلوا،قال: فأقمنا عليه شهراً ونحن ثلاثُ مائةٍ حتى سَمنّا،قال: ولقد رأيتنا نغترفُ من وقبِ عينهِ بالقلالِ الدُّهنَ،ونقتطع منه الفِدرَ كالثورـ أو كَقدر الثور ـ فلقد أخذ منا أبو عبيدة ثلاثة عشر رجلاً،فأقعدهم في وقب عينه،وأخذ ضلعاً من أضلاعه فأقامها،ثم رحلَ أعظمَ بعيرٍ معنا،فمرَّ من تحتها،وتزودنا من لحمه وشائق،فلما قدمنا المدينة أتينا رسول الله صلى الله عليه وسلم،فذكرنا ذلك له،فقال: هو رزقٌ أخرجه الله لكم،فهل معكم من لحمه شىءٌ فتُطعمونا؟فأرسلنا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم منه فأكله“[رواه جابر بن عبد الله رضي الله عنه وأخرجه مسلم].

التفاسير:

يقول الشيخ محمد متولي الشعراوي إمام الدعاة رحمه الله:

“ومن بعض عطاءات الحق سبحانه أن يأتي المد أحياناً ثم يعقبه الجزر،فيبقى بعض من السمك على الشاطىء،أو قد تحمل موجة عفوية بعضاً من السمك وتلقيه على الشاطىء.وهكذا يكون العطاء بلا جهد من الإنسان،بل إن وجود بعض من الأسماك على الشلطىء هو الذي نبه الإنسان أن يحتال ويصنع السنارة،ويغزل الشبكة،ثم ينتقل من تلك الوسائل البدائية إلى التقنيات الحديثة في صيد الأسماك.

ويتابع:ونعلم أن ماء البحر مالح،عكس ماء النهر وماء المطر،فالمائية تنقسم إلى قسمين:مائية عذبة،ومائية ملحية.وقوله الحق عن ذلك:{ومايستوي البحران هذا عذب فرات سائغ شرابه وهذا ملح أجاج ومن كل تأكلون لحماً طرياً}ويسمونهم الإثنين على التغليب في قوله الحق:{مرج البحرين يلتقيان}[الرحمن 19] والمقصود هنا الماء العذب والماء المالح.

ويتابع رحمه الله:”واللحم إذا أطلق يكون المقصود به اللحم المأخوذ من الأنعام،أما إذا قيد “ب”لحم طري،فالمقصود هو السمك،وهذه مسألة من إعجازية التعبير القرآني،لأن السمك الصالح للأكل يكون طرياً دائماً.ونجد من يشتري السمك وهو يثني السمكة،فإن كانت طرية فتلك علامة على أنها صالحة للأكل،وإن كانت لاتثنى فهذا يعني أنها فاسدة.وأنت إن أخرجت سمكة من البحر تجد لحمها طرياً،فإن ألقيتها في الماء فهي تعود إلى السباحة والحركة تحت الماء،أما إذا كانت ميتة فهي تنتفخ وتطفو.لذلك نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن أكل السمك الطافي لأنه الميتة،وتقيد اللحم هنا بأنه طري كي يخرج عن اللحم العادي وهو لحم الأنعام”.

يقول الشيخ الدكتور محمد راتب النابلسي حفظه الله:

“ولم يذكر الله سبحانه وتعالى اللحم الطري إلا في اللحم الذي يستخرج من البحر،نحن نعلم أن الدابة لابد من أن تذبح حتى تزكى، يجوز أكلها،ولكننا نأكل السمك من دون ذبح،ولقد اكتشف العلماء حقيقة مذهلة أن السمك حينما يصطاد ينتقل دمه كله إلى غلاصمه وكأنه ذبح تماماً”.

من الناحية العلمية والطبية:

إن الأسماك وزيت السمك ذات قيمة غذائية عالية حيث أنها تحتوي بروتينات سهلة الهضم،وهي غنية بالحموض الأمينية الأساسية،وخاصة حمض الأرجنين والتربتوفان…وهي مهمة للحفاظ على أنسجة الجسم وعمليات الترميم الخلوي.

وكذلك غنية باليود وهو ضروري جداً لوظائف الغدة الدرقية،وكذلك غنية بالفوسفور والضروري لأنسجة الدماغ والعظام،وكذلك حمض الغلوتاميك وهو مادة ضرورية لوظائف الدماغ والأعصاب .

وكذلك بالحديد والمغنزيوم والفلور.وكذلك غنية بالفيتامينات وخاصة الفيتامينD.والفيتامينA وخاصة في الأسماك الدهنية مثل الإسقمري(Mackerel) والسلمون.

وبروتين السمك ذو قيمة غذائية عالية،وهو سهل الهضم،ولا يخلف بعد امتصاصه إلا القليل من الفضلات،وهو مفيد للمرضى المصابين باضطرابات هضمية بالمقارنة مع اللحم الأحمر.ويمتاز باحتوائه على معظم البروتينات 1ات الحموض الأمينية الكبريتية.

ولقد بينت الدراسات العلمية أن الذين يتناولون الأسماك وزيوتها بشكل مستمر كما هو الحال في الذين يعيشون في منطقة القطب الشمالي واليابان، فإنهم يصابون بنسبة ضئيلة بأمراض القلب وتصلب الشرايين،ولذا ينصح بتناول السمك بدلاً من تناول اللحوم الحمراء،لأن مافيه من البروتينات يعوض مايوجد في اللحوم الحمراء،مع تجنب السمك المقلي أو المملح لتجنب الدهون المستخدمة في القلي والملح الزائد الضار للجسم.ومن الشروط التي ينبغي توفرها لإختيار السمك الطازج مايلي:أن تكون رائحته غير كريهة،وعيناه لامعتان،وأن يكون لحمه متماسكاً وصلباً عند اللمس،وأن تكون الخياشيم حمراء لامعة،والزعانف صلبة.

وكذلك يجب الانتباه إلى أن بعض أنواع السمك وخاصة المفترسة منها مثل أسماك التونة وسمك القرش وسمك السيف قد تحتوي نسبة عالية من السموم والملوثات السمية وخاصة الزئبق والديوكسين …

ومن المعروف أن السمك يحتوي على الحموض الدسمة اللامشبعة  والتي يطلق عليها أوميغا 3،وأهمها حمضي:Eicosapentaaenoic Decosahexaenoic, Acid.وهذه الحموض تساعد على خفض الشحوم في الدم وخاصة الكولسترول وهذا يقي من تصلب الشرايين وأمراض القلب الإكليلية.وهما يؤثران في استقلاب دسم الدم ،ويقللان من ارتفاع الشحوم الثلاثية(التريغليسريد) في الدم،ويثبطان خمائر السيكلواوكسجيناز والليبوكسي جيناز.وبالتالي تخفف من الالتهابات في الجسم.وتنصح جمعية القلب الأمريكية بتناول حوالي 250 ـ 500 ملغ يومياً من زيت السمك للوقاية من أمراض القلب الإكليلية.

وكذلك تحسن التروية الدموية وتقلل من تخثر الدم.وتمنع تراص الصفيحات الدموية.

كما أن هذه الحموض ذات تأثيرات جيدة في أمراض الرثية،حيث تبين أن الحموض الدسمة اللامشبعة تمنع تشكل الوسائط الالتهابية عند مرضى التهاب المفاصل الرثياني،وتفيد أيضاً في أمراض الجلد ومنها داء الصدفية حيث أن إعطاء زيت السمك يحسن من أعراض الداء ويخفف الأعراض المرافقة له وخاصة الحكة.كما أنها تعمل على خفض سكر الدم ،وتقلل من الإصابة بالسرطان(يمكن الرجوع إلى بحث زيت السمك وفوائده).

كما تذكر الدراسات فائدة زيت ولحوم السمك في معالجة الاكتئاب والهمود النفسي.

كما أن السمك يفيد للنشاط الجنسي والخصوبة وخاصة لوجود الفيتامينات فيه،وكذلك الحصول على “الكافيار” من بيوضه.وفي مصر يؤكل”البطارخ” للتغذية وتنشيط الطاقة الجنسية،و”البطرخ”هو رحم السمك المملوء بالبيض.

وقد تبين أن الأسماك لاتنتج الحموض أوميغا3 بل تنجم عن تراكمها في أجسامها عن طريق استهلاك الطحالب الدقيقة أو الأسماك الفريسة التي جمعت هذه الحموض.

والمصدر الرئيسي الأكثر انتشاراً للحموض الدسمة اللامشبعة أي أوميغا 3 هي الأسماك الزيتية الباردة مثل سمك السلمون،والرنجة،والماكريل،والسردين،والانشوجة،حيث تحتوي الزيوت الناتجة عن هذه الأسماك على نسبة عالية من هذه الحموض،بينما الاسماك الزيتية مثل التونة تحتوي كميات أقل بكثير.

وقد تبين أن أسماك المياه العذبة(الأنهار) غنية بالمغنزيوم والفوسفور والحديد والنحاس،بينما أسماك المياه المالحة(البحار) غنية باليود والفلور والكوبالت.

ـ الحبة السوداء(حبة البركة)

الأحاديث النبوية:

جاء في الحديث الشريف:”خرجنا ومعنا غالبُ بنُ أبجرَ،فمرض في الطريق،فقدمنا المدينة وهو مريض،فعادهُ ابن أبي عَتيق،فقال لنا: عليكم بهذه الُحبيبة السوداء،فخذوا منها خمساً أو سبعاً فاسحقوها،ثمَّ اقطروها في أنفه بقطراتِ زيتٍ،في هذا الجانب وفي هذا الجانب،فإنَّ عائشة حدَّثتني:أنها سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول:إنَّ هذه الحبَّةَ السوداءَ شفاءٌ من كل داءٍ،إلا من السَّامِ،قلتُ: وما السّامُ؟قال: الموت”[صحيح البخاري عن أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها].

هذا الحديث أخرجه الإمام البخاري في صحيحه في كتاب الطب باب (الحبة السوداء)،وأخرجه الإمام مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه في كتاب السلام باب التداوي بالحبة السوداء،وأخرجه الإمام الترمذي عن أبي هريرة أيضاً في كتاب الطب باب ماجاء في الحبة السوداء،وأخرجه الإمام أحمد في المسند عن أبي هريرة،كما أخرجه من حديث بريدة الأسلمي رضي الله عنه،ومن حديث عائشة رضي الله عنها.

وجاء عن أبي هريرة رضي الله عنه عن الرسول صلى الله عليه وسلم:”مامن داء إلا وفي الحبة السوداء منه شفاء إلا السام”[أخرجه مسلم].

أقوال علماء المسلمين من القدامى:

يقول ابن حجر العسقلاني رحمه الله في الفتح:

“ويؤخذ من ذلك أن معنى كون الحبة السوداء شفاء من كل داء أنها لاتستعمل في كل داء صرفاً،بل ربما استعملت مفردة وربما استعملت مركبة،وربما استعملت مسحوقة وغير مسحوقة،وربما استعملت أكلاً أو شرباً وسعوطاً وضماداً وغير ذلك….

ويقول الإمام العظيم ابن القيم رحمه الله في الطب النبوي:

“وهي أي الحبة السوداء كثيرة المنافع جداً.وقوله”شفاء من كل داء” مثل قوله تعالى{تدمر كلَّ شىء بأمر ربها}أي كل شىء يقبل التدمير ونظائره.

ومثلها قوله سبحانه وتعالى في العسل:{فيهِ شفاءٌ للناس} فقد ذهب كثير من أهل التفسير وغيرهم من علماء الأمة إلى أن العسل شفاء لكثير من الناس من كثير من الأدواء..وليس شفاء لكل الناس من كل الأدواء والأمراض..

وعدد فوائد الحبة السوداء العديد من مشاهير أطباء المسلمين مثل الرازي وابن سينا وداود الإنطاكي وغيرهم…حيث قال ابن سينا في كتابه”القانون في الطب” أن الحبة السوداء ذات تأثير مقشع وتفيد في علاج ضيق التنفس.كما يقول أن “الشونيز”أي الحبة السوداء تفيد في علاج الزكام.

من الناحية العلمية والتاريخية:

يقول المهندس الزراعي أجود الحراكي في أحد أعداد مجلة حضارة الإسلام:

“ماهي الحبة السوداء(حبة البركة)؟

الاسم العلمي:Nigella Sativa:لهذه الحبة العطرية الطبية أسماء متعددة،فقد يطلق عليها اسم الكمون الهندي،أو القزحة،أو الحبة السوداء،وتسمى بالفارسيةالشونيز،وفي أمريكا الكراويا السوداءBlack Cumin،وفي انجلترا الكمون الاسود.وهذه النبتة معروفة لدى سكان حوض البحر الأبيض المتوسط منذ أقدم العصور وتنمو في سورية منذ القديم ومنها عرفت الحبة السوداء الدمشقية الشهيرة.

ويتابع:”كان الأقدمون يصفونها لأوجاع الصدر والسعال وضيق النفس والغثيان والاستسقاء واليرقان وتفتيت الحصى وادرار البول والصداع والزكام وزيادة ادرار الحليب عند المرضعات ومنشطة للجنس ومطمثة.

وتدخل الحبة السوداء في صناعة بعض الحلوى ومنها الحلوى الشعبية في مصر والمسماة “المفتقة”والتي يدخل في صناعتها حبة البركة والعسل الاسود والبندق والجوز.كما تستعمل في كثير من البلدان كمادة متبلة محسنة للطعم والنكهة والرائحة فتضاف للخبز لاسيما في رمضان أو مع الفطائر أو مع الجبنة المدقوقة،كما تضاف للزعتر أو العسل أو الزهورات في استعمالات مختلفة.

وإن استعمال الحبوب بوضعها الطبيعي قد يقلل من أخذ الفائدة منها ولاسيما للذين لايحسنون طحن الأغذية بأسنانهم كالأطفال والشيوخ وبذا تمر الحبوب بالجهاز الهضمي وتخرج دون فائدة،ولذا يتبين أن طحنها أوهرسها يزيد فرصة الاستفادة منها.

كما أن تعريض الحبة السوداء للحرارة وطبخها يؤدي إلى فقدان بعض مزاياها،حيث أنها تفقد زيتها الطيار والمفيد في المعالجة وخاصة في داء الربو.

ويقول زكريا حسيني في مقال له بعنوان”الحبة السوداء شفاء من كل داء”:

“عرف المصريون القدماء نبات حبة البركة،ولكن لم يعرف على وجه التحديد كيف استخدموه في حياتهم اليومية،وكانوا يعرفونها باسم”شنتت”.إلا أن اكتشاف زيت هذا النبات ضمن مقتنيات أحد ملوكهم(توت عنخ آمون) يدل بصورة قاطعة على مدى أهمية هذا النبات في هذه الفترة.

وكتب “ديسكوريدس” وهو طبيب يوناني عاش في القرن الأول الميلادي أن بذور حبة البركة كانت تستخدم في علاج الصداع واحتقان الانف وآلام الأسنان،بالإضافة إلى استخدامها لطرد الديدان،وكذلك استخدمت كمدر للبول واللبن.

وذكر الحبة السوداء قديماً داوود الأنطاكي في كتابه “التذكرة” باسمها الفارسي”الشونيز” ونسب إليها الكثير من الفوائد ومنها أنها مدرة للبول.

ويقول الدكتور حسان شمسي باشا في كتابه”الشفاء بالحبة السوداء”:

“الحبة السوداء نبتة عشبية من الفصيلة الحوذانيةRenonculacees(فصيلة النباتات الشقيقية) تزرع لحبها أو لزهرها.وكان السم الغالب على الحبة السوداء أيام الرسول صلى الله عليه وسلم وفي فجر الإسلام”الشونيز”.وهو اسمها الفارسي وأصله”الششهنيز”.

ولون هذه البذور أسود ويختلف اسمها باختلاف الأقطار والدول،فهي تسمى في بعضها الكراويا السوداء،وفي بعضها الآخر الكمون الأسود،كما في انجلترا والولايات المتحدة ويطلق على الحبة السوداء أحياناً”حبة البركة”في جمهورية مصر العربية،وتسمى الكمون الأسود في السودان وفي اليمن تعرف بالقحطة.وقد عرف قدماء مصر هذا النبات وكانوا يسمونه”شنقت” وذكروه في بردياتهم في علاج أمراض الصدر والكحة.ويعتبر حوض البحر الأبيض المتوسط الموطن الأصلي للنبات،وتنتشر زراعته في جنوب أوروبا وغرب آسيا وشمال أفريقيا،وتكثر تجارته بالإتحاد السوفييتي والدول البلقانية.والبذور هي الجزء من النبات الذي يستخرج منه زيت حبة البركة المستعمل طبياً”.

المكونات الفعالة في حبة البركة:

“تحتوي بذور حبة البركة على زيت طيار يصل نسبته إلى 1،5%(وهذا الزيت الطيار يحتوي على المادة الفعالة المسماة الثيموكينون)Thymoquinone وزيت ثابت حوالي 33%،ويحتوي الزيت الطيار الذي يحصل عليه بواسطة عملية التقطير على مادة النجلون وهي التي يعزى إليها المفعول الطبي لزيت حبة البركة.كما تحوي البذور على مادة الميلانتين.وتحوي العديد من الحموض الدهنية الأساسية.

(ملاحظة:إن الحبة السوداء تعتبر مادة نباتية وإن تعريضها لاي مصدر حراري أثناء الطبخ أو الغلي يفقدها البعض من مزاياها إذ أنها قد تفقد زيتها الطيار والفعال علاجياً)

وهناك أصناف للحبة السوداء أشهرها:

1 ـ  الحبة السوداء الحقليةNigella Arvensis:ويتميز ببذور صغيرة الحجم ولايستعمل طبياً.

2 ـ   الحبة السوداء الدمشقية Nigella Damacina:وهو نوع واسع الانتشار إلا أنه لايستخدم طبياً.ويستخرج منها قلواني بشكل موشورات صفر يسمى الدمشقيينDamascenin

3  ـ  الحبة السوداء المزروعة Nigella Sativa:وهذا النوع الوحيد المستخدم طبياً.ويتميز هذا النوع ببذور كبيرة الحجم وتحتوي على كمية عالية من الزيوت الطبية.

من الناحية الطبية:

إن المادة الفعالة في الحبة السوداء عبارة عن مركب كيتوني يسمى “نيجللون”، والذي استخرج من الحبة السوداء عام 1959م ،وهي مادة مضادة للأكسدة.

وقد تبين أن هذه المادة كما تدل الأبحاث والتطبيقات السريرية والدراسات العلمية تفيد في معالجة مجموعة من الأمراض وأهمها:

1 ـ الأمراض الصدرية والتحسسية، وخاصة مرض الربو،وذلك بسبب التأثير الموسع للقصبات والمرخي للعضلات الملس في الشجرة القصبية،وكذلك علاج بعض الأمراض التحسسية ومنها التهلب الأنف التحسسي والربو التحسسي والاكزيما التحسسية.وتبين أن مادة النيجللون هي مضادة للهستامين.

2 ـ معالجة الأمراض الانتانية:حيث تبين أن الحبة السوداء ذات تأثير مضاد للجراثيم كما هو الحال في استعمال الصادات الحيوية،حيث تبين أن الحبة السوداء بمركباتها تنشط الجهاز المناعي في الجسم،كما أن لها دور في مقاومة السرطان.وتبين أنها تعزز المناعة الخلوية بشكل خاص.كما تبين أنها تنشط من عمل الادوية المضادة للبلهارزيا،وتحسن مناعة المريض المصاب بهذا المرض والذي يصيب الأمعاء والمثانة.وإن التأثير المنشط للمناعة يفيد في علاج الكثير من الأمراض الانتانية الجرثومية أو الفيروسية.

3 ـ الأمراض السرطانية:وكما ذكرنا فإن الحبة السوداء تنشط المناعة بشقيها الخلطي والخلوي،وتبين أن المناعة الخلوية والتي تعتمد على الخلايا اللمفية تزداد وتنشط عند استعمال الحبة السوداء وهذا ذو تأثير مهم في مكافحة الخلايا السرطانية.وقد تبين أن مزيج العسل مع الحبة السوداء يفيد في مقاومة السرطان.

4 ـ الأمراض الاستقلابية :وخاصة داء السكري،وارتفاع شحوم الدم.حيث تبين أن الحبة السوداء تخفض سكر الدم وترفع تركيز هرمون الإنسولين .

5 ـ الأمراض الرثوية:وخاصة التهاب المفاصل الرثياني.وكذلك يفيد في علاج داء النقرس الناجم عن ارتفاع حمض البول في الدم.

6 ـ الامراض الهضمية:حيث تبين أنها تفيد في علاج التهابات المعدة.كما تفيد الحبة السوداء في زيادة طرح العصارة الصفراوية في المرارة وكذلك الأحماض الصفراوية.كما أنها تحوي على زيت إيثيري يجعلها تفيد في علاج المغص المعوي وطارد للغازات.كما أن البذور مضادة للديدان المعوية ولاسيما عند الأطفال.

7 ـ أمراض القلب والشرايين:حيث تفيد في خفض توتر الدم وإنقاص الشحوم في الدم.وخفض الكولسترول في الدم.

8 ـ ذات تأثير مدر للحليب عند المرضعات.كما أنها مدرة للطمث.

9 ـ شفاء الجروح القاطعة ولدغات العقارب باستعمال عجينة من البذور.

10 ـ تفيد في أمراض البروستاتا،ومدرة للبول.ومنشطة للأعصاب والجنس.كما أنها تفيد في الوقاية من اعتلال الكلية.

11ـ تحمي من التسممات وخاصة الكبدية،وخاصة وقاية الكبد من أحد السموم وهو مادة رباعي كلور الكربون.

وأما من حيث طريقة الاستعمال:فيمكن إعطاء حبة البركة بشكل مفرد أو بشكل مركب مع غيرها كالعسل والخل وزيت الزيتون وغير ذلك،ويمكن أن تستعمل بشكل كبسولات للتناول عن طريق الفم.

نِعم الإدام الخل 

الأحاديث النبوية:

عن أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:”نِعمَ الأُدم ـ أو الإدام ـ الخل“وفي رواية:”نعم الأُدم،ولم يَشُكَّ”.[رواه مسلم].

وعن جابر بن عبد الله رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم سأل أهله الأُدمَ،فقالوا: ماعندنا إلا خلٌّ،فدعا به،فجعل يأكل به،ويقول: نِعمَ الأُدمُ الخلَّ،نعمَ الأُدم الخل“[صحيح مسلم].

(الأدم أو الإدام:هو كل مايؤتدم به،وما يُستمرأ ويستساغ به الخبز،أي:الغموسُ من أي صنف).

والثابت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه كان يأكل الخل مع الزيت،وفي عام الرمادة كان سيدنا عمر الفاروق رضي الله عنه لايأكل إلا الزيت والخل،وما أكل لحماً إلا بعد أن أكل فقراء المسلمين.

ويقول الإمام ابن القيم رحمه الله:

“الخل مركب من الحرارة،والبرودة أغلب عليه…يمنع من انصباب المواد،ويلطف الطبيعة،والخل ينفع المعدة الملتهبة،ويقمع الصفراء،ويدفع ضرر الأدوية القتالة،ويحلّل اللبن والدم إذا جمدا في الجوف،وينفع الطحال،ويدبغ المعدة،ويعقل البطن،ويقطع العطش،ويعين على الهضم،ويضاد البلغم،ويلطف الأغذية الغليظة،ويُرّق الدم،وإذا تمضمض به مسخناً نفع من وجع الاسنان،وقوى اللثة وهو مُشه للأكل…

جاء في موسوعة الويكيبيديا:

“الخل:هو محلول مخفف من حمض الخل ويمكن الحصول عليه بتخمير ثمار معظم الفواكه مثل التمر أو العنب أو التفاح أو الشمندر أو قصب السكر أو التوت.

ويحصل الخل نتيجة تخمر السوائل السكرية كالشعير والتفاح والعنب وغيرها،ونتيجة التخمر الذي يحصل في بيئة هوائية بخلاف التخمر الغولي الذي يحدث في بيئة لاهوائية،حيث يتحول الغول في هذه السوائل إلى حمض الخل.ويحتوي الخل على 4% أو أكثر من حمص الخل.ويختلف لونه ونكهته حسب المادة التي صنع منها الخل.

وأفضل أنواع الخل هو خل التفاح،لأنه بجانب حمض الأستيك المكون الأساسي له،فإنه يحتوي على العديد من الحموض العضوية اللازمة في عملية التمثيل الغذائي،إلى جانب العديد من المعادن.

ويحتوي الخل على بعض المعادن مثل البوتاسيوم والفسفور والصوديوم والمغنزيوم والكلسيوم.وقيمته الحرورية صفر.

والخل في الطب:

قال علي عباس نعمة سنة 1955م:توصلت جميع المراكز العلمية في العالم إلى نتيجة واحدة مفادها أن بدايات الطب كانت تعتمد على استخدام الخل في علاج الأمراض،ذلك أنه يعد العلاج السحري الذي يضمن حياة أكثر صحة وعافية،وفي هذه الأيام فإن العديد من الدراسات العلمية تؤكد على القدرات العلاجية والوقائية للخل إذا ما استخدم في النظام الغذائي اليومي،حيث تعتمد استخداماته عند تحضير أصناف الطعام.وهناك أكثر من 300 طريقة يتم فيها استخدام الخل لمكافحة الجراثيم والتخفيف من متاعب الجسم والحفاظ على صحتع ،إضافة إلى استخدامه في عمليات التنظيف وإزالة آثار المواد الدهنية عن الملابس وداخل المنازل،كما أن الخل يخفف من آلام الحلق ويهدىء السعال ويقتل الجراثيم التي تتواجد في الطعام،كما أن الخل يعد واسطة علاجية فعالة في تنشيط الدورة الدموية في الساقين والتخفيف من أوجاع الروماتيزم،والتقليل من تأثير ضربات الشمس وتهدئة الحروق والتخفيف من متاعب الأقدام المؤلمة والمساعدة على إيقاف ظاهرة الفواق وتهدئة الكدمات والطفح الجلدي.والخل يقلل من تركيز الشحوم في الدم لأنه يحول الزائد منها إلى المركب الوسطي الأسيتوأسيتات والذي يدخل في عملية التمثيل الغذائي.كما يفيد الخل في معالجة السمنة وزيادة الوزن.

والخل يقتل الجراثيم خلال دقائق داخل المعدة،فإذا كان التعقيم غير جيد فإن طبق من السلطة غير جيد يقتل الخل إن كان موجوداً فيه كل الأخطاء الناجمة عن التنظيف غير الكافي.

كما أن الخل يسبب تحسن الشهية ويقلل من البقع الملونة للجلد والناجمة عن الشيخوخة،ويحمي الجلد من الاحمرار نتيجة التعرض للشمس،وتهدئة الآلام العضلية.

والخل ذو فوائد عديدة بالاستعمال الخارجي كما جاء في موسوعة مارتيندل الصيدلانية الشهيرة ومنها:

1 ـ أنه يستعمل ممداً في معالجة حالات التسمم بالمواد القلوية كالصودا وغيرها.

2 ـ يفيد الخل المحلول بالماء في تخفيف الحمى،إذ يوضع الخل الممزوج بالماء على شكل كمادات لتخفيف ارتفاع درجة الحرارة.

3 ـ يفيد استعمال كمادات الخل على المفاصل المصابة بالالتهاب فيخفف اللآلام.

4 ـ يفيد الخل في معالجة لدغات النحل،حيث يفرك مكان اللدغة بمزيج يحتوي ملعقة صغيرة من الملح مع ملعقة صغيرة من الخل،فيخف الألم ويتراجع الالتهاب.

وكذلك تبين أن الخل ذو تأثير مضاد للفطور ولذا يفيد في علاج الآفات الفطرية في الجلد ومنها مايسمى قدم الرياضيين.حيث تغسل القدم في الخل مرة كل يوم.

وقد أثبتت الأبحاث العلمية أن الخل يحتوي نسبة عالية من مادة الغلوسايدGlucides،والألياف المفيدة لصحة الجسم.وحين يتم تحضير الخل من ثمار التفاح فإنه يحتوي نسبة عالية من مادة البكتين وهذه عند دخولها انبوب الهضم تتحد مع جزيئات الكولسترول،ويساعد على طرحها من الجسم،وبالتالي يقلل من تركيز الكولسترول ويخفف الإصابات الوعائية وخاصة القلبية.

كما أن الخل يفيد في حفظ العديد من الخضراوات كالباذنجان والقرنبيط والشمندر والجزر والفاصولياء .

التين وفوائده الصحية 

يقول تعالى في كتابه العزيز:{والتين والزيتون*وطورِ سنين* وهذا البلد الأمين}[التين 1 ـ 3].

يقول الدكتور محمد راتب النابلسي حفظه الله:

“التين هو التين الذي نأكله،والزيتون هو الزيتون الذي نعصره،وقد يأكل الإنسان الطعام ولايفقه ماذا يأكل؟ولا يعرف قيمة ما يأكل؟ولايعرف عظمة الله عز وجل من خلال هذا الذي يأكله،هل نظرت إلى التين؟إن كل بذرة في التينة يمكن أن تتحول إلى شجرة،ما أدقّ هذه البذرة،فيها رشيم وفي الرشيم حياة،فإذا ذهبت تعدّ عدد بذرات التينة الواحدة،كل بذرة يمكن أن تكون شجرة،وإذا ذهبت تعدّ عدد الثمرات التي تحملها الشجرة في العام وتضربها بعدد البذرات،هذا عطاؤنا.

الله سبحانه وتعالى تفضل علينا بنعمة الإيجاد،وعن طريق التوالد والبذور تفضل علينا بنعمة الإمداد،نعمة الإيجاد ونعمة الإمداد،النبي صلى الله عليه وسلم تروي الأحاديث أهدي إليه سل تين،فقال: كلوا وأكل منه،وقال: لو قلت إن فاكهة نزلت من الجنة لقلت هذه لأن فاكهة الجنة بلا عجم،أي بلا نوى.

انظر إلى التينة وهي خضراء قاسية لو تذوقتها لرأيت لها طعماً حريفاً حاداً ،انظر إليها وقد اصفر لونها وسال عسلها وعذب طعمها وصار كالعسل ولان ملمسها،ونمت في الجبال بلا هناية ولاسقي ولاشىء من هذا القبيل،فهذه آية من آيات الله سبحانه وتعالى”.

ويقول الدكتور زغلول النجار حفظه الله:

“وسورة التين هي السورة القرآنية الوحيدة التي سميت باسم ثمرة من ثمار الفاكهة،ومن الثمار النباتية على الاطلاق،وقد ذكر فيها التين مرة واحدة،وهي المرة الوحيدة التي ذكر فيها التين في القرآن الكريم،بينما جاء ذكر كل من الزيتون وزيته في ست آيات قرآنية أخرى.

ويتابع:”القسم بكل من التين والزيتون،إشارة إلى مافيهما من قيمة غذائية كبيرة وتكامل في المحتوى كغذاء للإنسان،وإشارة إلى بركة منابتهما الأصلية وهي من الأماكن المقدسة في الإسلام،منذ خلق الله السماوات والارض.

ويتابع:”ثمرة التين هي ثمرة غير حقيقية مركبة،تتكون نتيجة لنمو نورة مخروطية الشكل تحوي بداخلها الازهار المؤنتثة التي تبطن جدار النورة من الداخل،والأزهار المذكرة التي تنتشر حول الفتحة الخارجية للنورة،وهي فتحة ضيقة في أعلى النورة،وتنضج الأزهار المؤنتثة عادة قبل نضج الأزهار المذكرة،ولذلك يسخر الخالق سبحانه وتعالى حشرة خاصة تعرف باسم ذات البلعوم المتفجرBlastophaga تقوم بتلقيح نورات التين من خلال منفعة متبادلة بينهما،تقوم فيها نورات شجرة التين بتهيئة المكان الدافىء الأمين للحشرة تضع فيها بيضها حتى يفقس،ثم تغذي صغارها حتى يكتمل نموها،وعند خروجها من النورة يحتك جسمها بالأزهار المذكرة فيتعفر بحبوب اللقاح التي تحملها إلى الأزهاء المؤنثة،فتتم بذلك عملية الإخصاب اللازمة لإثمار شجرة التين.

ويتابع:”ويتكون على شجرة التين سنوياً ثلاثة أجيال من النورات:الجيل الأول منها يحمل أزهاراً مذكرة وحاضنة للحشرات،وتحمل نورات الجيل الثاني أزهاراً مؤنثة فقط تلقحها الحشرات الخارجة من نورات الجيل الأول فتخصبها،وبذلك تمثل المحصول الرئيسي لشجرة التين،أما نورات الجيل الثالث فتحوي أزهاراً حاضنة للحشرة المعايشة معها فقط،وفيها تقضي الحشرة فصل الشتاء”.

التين:ويسمى باللاتينية Ficus carica

هو نوع نباتي يتبع جنس التين من الفصيلة التوتية.يزرع في معظم مناطق الوطن العربي وحوض البحر الأبيض المتوسط ،ويمتد موطنه من تركيا حتى شمال الهند.ووصلت شجرة التين مع البعثات التبشيرية الإسبانية إلى جنوب ولاية كاليفورنيا عام 1759م.

وإن جذور شجر التين البري في المقاطعة الشرقية من ترنسفال تمتد إلى عمق 130 متر في الأرض وهو أعمق مكان تصل إليه جذور النباتات.

والتين شجرة زراعية برية،ذات سيقان قائمة وأغصان اسطوانية،يصل ارتفاعها إلى عشرة أمتار.وعند كسرها يخرج منها سائل حليبي أبيض.لاتظهر لأشجار التين أية أزهار،ولذا تعد الثمرة ذاتها زهرة،ولكن مقلوبة إلى الداخل،ويمكن أن يلاحظ ذلك عند فتح الثمرة،حيث تبدو وكأنها زهرة داخلية.وداخل ثمرة التين توجد بذور صغيرة يصل عددها مابين 30 إلى 1600 بذرة.

يوجد من التين حوالي 700 نوعاً ولكن المشهور منها النوع الصيني الأخضر الحشيشي اللون والتركي أو الشامي ذو اللون المحمر أو الأسود أو الرجواني،وهو أفضلها مذاقاً.

من الناحية التاريخية:

والتين فاكهة عرفت منذ أقدم العصور بشكليها الجاف والغض الأخضر.وقد استعمله الفينيقيون في رحلاتهم البحرية والبرية.وظهر التين في الرسوم والنقوش والمنحوتات التي اكتشقت في سورية.وكان التين طعاماً رئيسياً عند الاغريق،وقد استعمله الإسبارطيون في موائد طعامهم اليومية.كما اعتمد علت التين في غذاء الرياضيين لاعتقادهم أنه يزيد من قوتهم.وقد سنّت الدولة الاغريقية في ذلك الوقت قانوناً يمنع تصدير التين والفاكهة ذات الصنف الممتاز خارج بلادهم.

ودخل التين أوروبا عبر إيطاليا.ووجد التين المجفف في مدينة بومبي الرومانية خلال حملات التنقيب التي أجريت في البلدة التي كانت مطمورة بالرمال.ويذكر أحد المؤرخين بأن التين المزروع في حدائق المنازل كان يستعمل لإطعام العبيد لكي يمدهم بالطاقة والقوة للخدمة.ويلعب التين دوراً مهماً في الأساطير اللاتينية وكان يقدم كقربان إلى الإله باخوس في الطقوس الدينية.

وتقول الأساطير الرومانية بأن الذئب الذي أرضع روملوس وراموس مؤسسي الإمبراطورية الرومانية استراح تحت شجرة تين،ومن هنا كان لشجرة التين قدسية عند الرومان.ويذكر بعض المؤرخين بأن التين كان يقدم كهدية خلال احتفالات رأس السنة عند الرومان.

ويصدر التين المجفف حالياً إلى العالم من تركيا واسبانيا ومالطا وفرنسا.

الناحية الطبية والغذائية:

المركب الرئيسي في التين هو سكر الدكستروز وهو يشكل 50% من تركيب التين.ويعطي التين سعرات عالية،فكل مائة غرام من التين الطازج تعطي سبعين سعرة حرارية،والتين الجاف 270 سعرة لنفس الوزن.

وقد كشف في ثمرة التين عن مجموعة من المركبات النشوية تعرف باسم مجموعة السوراليتر وثبت أن لها دوؤاً فعالاً في حماية الدم من مجموعة من الفيروسات والجراثيم والطفيليات التي تتسبب في كثير من الأمراض ومنها فيروس التهاب الكبد الوبائي.وتوجد هذه المجموعة بوفرة في ثمار التين وفي الدبس الناتج عنه وفي كل من عصائره وأنواع المربيات المصنوعة منه.

ويزود التين جسم الإنسان بالفيتامينات وخاصة الفيتامينات C،B،A والمعادن والألياف التي تصل نسبتها إلى حوالي 19%.،ويحتوي على نسبة عالية من السكر والأملاح المعدنية مثل الكالسيوم والفوسفور والحديد والنحاس،ويحتوي نسبة بسيطة من البروتينات أقل من 4%.

وتبين احتواء التين على مادة بنزألدهيد وهي تفيد في مكافحة السرطان.وتبين فائدته في الوقاية من سرطان البروستات.

كما يحتوي على خميرة خاصة تسمى أنزيم التين أو Ficin ثبت أن له دوراً هاماً في هضم الطعام.

ويستعمل التين كمادة ملينة،ويستعمل مع غيره من المركبات مثل مادة السنامكة( Senna)والرواند(Rhubarts) لتصنيع الشرابات الملينة وخاصة في بريطانيا.

كما أنه يستخد لإزالة النفخة البطنية والأرياح.وهو ملطف للبشرة ويعطيها النعومة ويزيل البثور.كما يفيد في علاج الرشوحات والزكام.وتستعمل لبخات التين على خراجات الأسنان والتهابات اللثة والاورام بالفم.

كذلك ثبت دور التين في إدرار اللبن وعلاج داء البواسير،والإمساك المزمن،والنقرس،,امراض الصدر،واضطراب الحيض عند النساء،وحالات الصرع،وتقرحات الفم،والتهاب اللثة والحلق واللوزات.

وكذلك يفيد التين في علاج الضعف العام نظراً لاحتوائه على الكثير من السعرات الحرورية والفيتامينات والأملاح المعدنية والحموض الأمينية.ويستخد التين في صناعة الحلويات والعصائر والمعجنات.

كما يستعمل الحليب الذي يخرج من عنق التين غير الناضج لإزالة الثآليل بوضع الحليب على الثؤلول.كما يفيد هذا السائل في تخثير الحليب وصناعة الجبن.كما أن له تأثيرات مقاومة لنشاط الخلايا السرطانية.

كما يمزج التين  مع الشمر واليانسون والسمسم ويؤكل صباحاً حيث يساعد على النشاط والقوة ويزيد في الوزن.

كما أن التين يقوي الكبد وينشطه ويزيل تضخم الطحال.كما أن التين يعالج أمراض الدورة الدموية والأوردة وخاصة البواسير.ويؤكل ويوضع موضعياً.كما أن التين ينشط الكلى ويزيد في الدوران الدموي  الكلوي ومدر للبول ويساعد على تفتيت الحصى والرمل.

كما يفيد في أمراض الصدر والسعال والربو وتشنج القصبات والتهابها.ويفيد في معالجة تسرعات القلب ويخفض الضغط الشرياني.وينشط الدماغ والدورة الدموية فيه وخاصة إذا اقترن إعطاءه مع مركبات الفوسفور وخاصة المكسرات واللوز والفستق الحلبي والصنوبر.كما يفيد كمهدء لحالات التوتر والقلق والخوف.

كما يفيد في معالجة أمراض الجلد مثل البهاق.وداء النقرس حيث يزيد من طرح حمض البول من الجسم عن طريق البول والتعرق.

كما يفيد التين في تقوية الطاقة الجنسية عند الذكور والإناث على غرار الفراولة والتوت البري الأزرق.

المعالجة بالصَّبر 

في الحديث النبوي:خرجنا مع أبان بن عثمان،حتى إذا كُنّا بمللٍ اشتكى عمر بن عُبيد الله عينيه،فلما كنّا بالرَّوحاء اشتدَّ وجعهُ،فأرسل إلى أبان بن عثمان يسأله،فأرسل إليه أن اضمدهما بالصَّبر،فإن عثمان رضي الله عنه حدَّث،عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في الرّجل إذا اشتكى عينيه وهو محرم،ضمدّهما بالصّبر”.[أخرجه مسلم عن عثمان بن عفان رضي الله عنه].

وعن المغيرة بن الضحاك،يقول: حدثتني أم حكيم بنت أسيد،عن أمها:أن زوجها توفي وكانت تشتكي عينها فتكتحل الجلاء،فأرسلت مولاة لها إلى أم سلمة،فسألتها عن كحل الجلاء،فقالن:لاتكتحل،إلا من أمر لابد منه،دخل علي رسول الله صلى الله عليه وسلم حين توفي أبو سلمة،وقد جعلت على عيني صبرا،فقال:”ماهذا يا أم سلمة؟”قلت: إنما هو صبر يارسول الله ليس فيه طيب،قال:”إنه يشب الوجه، فلا تجعليه إلا بالليل،ولاتمتشطي بالطيب ولابالحناء،فإنه خضاب”قلت:بأي شىء أمتشط يارسول الله؟قال: بالسدر تغلفين به رأسك”[أخرجه النسائي وأبو داود  وسنده حسن].

(الجلاء:الإثمد وهو ضرب من الكحل،يشبُّ الوجه:أي يلونه ويحسنّه.تغلفين به رأسك:تجعلينه كالغلاف لرأسك أي تكثرين منه على شعرك).

(والصّبر:عصارة جامدة لشجرٍ مرّ،والمقصود أن يخلط الصبر بالماء فيقطره في عينيه،أو يكتحل به،أو يضعه على عينيه،والصّبر ليس بطيبٍ،فلا يمنع منه المحرم).

من الناحية العلمية والتاريخية:

نبات الصّبر:ويسمى باللاتينية Aloe vera:وهو من النباتات تدخل في جنس الصبر،أصله من جنوب أفريقيا ومدغشقر وشبه الجزيرة العربية،ينمو في المناخ الجاف،ويخزن الماء في أوراقه السميكة.وهو يحتوي على مواد ذات خصائص مطهرة ومكافحة للجراثيم والعفن والفطريات والفيروسات.

وهو من النباتات المعمرة من الفصيلة الزنبفيةLiliaceae،من النباتات الصحراوية دائمة الخضرة.ويمتاز بطعم شديد المرارة ومن هنا المثل العربي”أشد مرارة من الصبر”.

والصبر نبات معمر يصل طوله إلى 50 سم،ويعيش في المناطق الجافة.وهو عرف لدى اليونانيين منذ القرن الرابع قبل الميلاد،كما عرفه اليمنيون القدامى والفراعنة.

وأثبت المؤرخون أن الرحالة المسلمين أثبتوا أن سُقطرة كانت هي المكان الوحيد الذي تكثر فيه زراعة الصبر.وقد نقلع العرب إلى أوروبا في القرون الوسطى.

من الناحية الطبية:

يقول الدكتور حسان شمسي باشا في كتابه”قبسات من الطب النبوي”:يحتوي الصبر على أربع مواد كيميائية فعالة وهي:

1 ـ البرادي كينيناز:Bradykininase:

وهي مادة مانعة لحالات البروتين وتتدخل في فعل مادة البرادي كينين وهي مادة مسؤولة عن الألم في أماكن الالتهاب.وهذه المادة توجد في الصبر وذات تأثير مقبض للشرايين،وهذا يخفف الانتفاخ والاحمرار الحاصل في مكان الالتهاب.ولذا أدخلت مادة الصبر في بعض المواد المستعملة في معالجة حروق الشمس.

2 ـ لاكتات المغنزيوم:

وهي مادة تمنع تشكل مادة الهستامين  وهو من المواد التي تسبب الحكة في الجلد.ويفيد في معالجة لدغ الحشرات.

3 ـ مضاد البروستاغلاندين:

وهذه المادة تخفف الألم والالتهاب.

4 ـ مادة الأنثراكينولون:

وهي مادة لها تأثير مخرش للجهاز الهضمي،مما يفسر خاصية الصبر كمادة مسهلة،وهذه المادة هي أيضاً العنصر الفعال في مركب الأنثرالين والذي يستخدم في معالجة داء الصدف.وهو أيضاً له تاُير مرطب للجلد حيث يلطفه وينعنه،بسبب احتباس الماء الذي يسببه في المكان الذي يوضع فيه على الجلد،ومن هنا صدق رسول الله صلى الله عليه وسلم حينما قال لام سلمة:إنه يشبُّ الوجه”فيلمعه ويحسنه.

وبينت الأبحاث أيضاً فائدة الصبر في معالجة التهاب المفاصل الرثياني.

الزنجبيل 

يقول تعالى في كتابه العزيز:{ويُسقونَ فيها كأساً كان مزاجُها زنجبيلا}[الإنسان 17].

(هذا ولم يذكر الزنجبيل في القرآن الكريم إلا في هذه الآية من سورة الإنسان)

يقول الإمام ابن كثير في تفسيره:”أي ويسقون الأبرار من هذه الأكواب كأساً أي خمراً  تمزج تارة بالكافور وهو بارد وتارة بالزنجبيل وهو خار ليعتدل الأمر”.

وجاء في تفسير الإمام القرطبي:”أي مزاج الكأس زنجبيل،وكانت العرب تستلذ من الشراب مايمزج بالزنجبيل لطيب رائحته،لأنه يحذو اللسان،ويهضم المأكول،فرغبوا في نعيم الآخرة بما اعتقدوه نهاية النعمة والطيب.وقال المسيب بن علس يصف ثغر المرأة:”وكأن طعم الزنجبيل به”.

وجاء في تفسير الظلال للشهيد سيد قطب:

“وهذه العبارة تفيد أن شراب الأبرار في الجنة ممزوج بالكافور،يشربونه في كأس تغترف من عين تفجر لهم تفجيراً أي في كثرة ووفرة.وقد كان العرب يمزجون كؤوس الخمر بالكافور حيناً وبالزنجبيل حيناً زيادة في التلذذ بها.

يقول الإمام ابن القيم في كتابه الطب النبوي:

“الزنجبيل معين على الهضم،ملين للبطن،ينفع في أمراض الكبد،ومن ظلمة البصر الحادثة عن الرطوبة كحلاً واكتحالاً،ومعين على الجماع،وهو محلل للرياح الغليظة الحادثة في الأمعاء والمعدة،وهو بالجملة صالح للكبد والمعدة”.

وأما ماينسب إلى الرسول صلى الله عليه وسلم من حديث:أن ملك الروم أهدى إلى النبي صلى الله عليه وسلم جرّة زنجبيل فقسمها بين أصحابه…” فهو حديث منكر كما قال الإمام الذهبي.

من الناحية النباتية:

الزنجبيل:Ginger

وهو نوع نباتي من جنس الزنجبيل من الفصيلة الزنجبلية،من نباتات المناطق الحارة،تستعمل جذاميره النامية تحت التربة والتي تحتوي على زيت طيار،لها رائحة نفادة وطعم لاذع ولونها سنجابي أو أبيض مصفر.يستعمل منه جذوره وسيقانه المدفونة في الأرض.

يكثر في بلاد الهند الشرقية  والفليبين والصين وسريلانكا والمكسيك وباكستان وجامايكا.وأفضل أنواعه الزنجبيل الجاميكي.

يستعمل كبهارات أو كتوابل في تجهيز الأطعمة ومنحها الطعم المميز،ويضاف إلى أنواع من المربيات والحلوى والمشروبات الساخنة كالسحلب والقرفة.

الفوائد الطبية:

تحتوي جذامير الزنجبيل على زيوت طيارة بنسبة 3%،كما يحتوي على مجموعة أخرى تسمىAryl alkanes وهي المكونات الفهالة فيه والتي تعطيه الطعم اللاذع،وتضم مجموعتين:

1 ـ Gingerols:والتي تحتوي مركبGingenol وهو المركب الذي يعزى إليه الطعم الحار في الزنجبيل،وهو من الراتنجات الزيتية،ويعتبر مضاداً لحدوث الجلطة ومضاداً للالتهب بأنواعه،ويفيد في علاج الربو والتهاب المفاصل،والتهاب القولون، وكمادة مشهية للطعام.

2 ـ Shogaols ومن ىأهم مركباتها Shogaol وهي أيضاً مادة حارة وتساعد في هضم الدهون.

كما يحتوي الزنجبيل على النشاء بنسبة 50% والبروتين 9% والدسم 7% وخميرة البروتياز 2%.

يستعمل بشكل منقوع مثل الشاي ويفيد في كونه طارد للأرياح.كما يستعمل في النزلات البردية والرشوحات والتهاب الحلق والحنجرة،ويفيد في الهضم ومنع التقلصات،وهو طارد للغازات.كما يفيد في علاج النقرس.كما يفيد في توسيع الأوعية الدموية(وهناك بعض الأدوية الموسعة للدم يدخل الزنجبيل في تركيبها)،  كما أن الزنجبيل مميع للدم، عن طريق تأثيره في الصفيحات الدموية ،ويعمل على زيادة العرق والشعور بالدفء،وتلطيف الحرارة.كما يفيد في تقوية الطاقة الجنسية.ويفيد في علاج آلام الحيض.ويفيد في سرطان الرحم

كما أنه مدر للبول،وينفع في أمراض الكلى والمثانة.

كما أنه يقوي الذاكرة،ويساعد على التركيز،ويعالج الشقيقة،والعشى الليلي،ويقوي البصر.ويفيد في علاج الدوخة ودوار البحر.وتذكر بعض الدراسات أن إعطاء الزنجبيل في دوار البحر ودوار السفر أفضل من مادة الدرامامين،وأنه لايسبب النعاس الذي يحدثه هذا الدواء وأمثاله.

ويفيد في علاج الأرق والقلق والتوتر العصبي.

ويفيد كطارد للبلغم ومضاد للتشنج القصبي ويفيد في معالجة الربو

لاينصح بإعطائه للحوامل.كما أن اعطائه بشكل يومي قد يسبب تدخلاً في امتصاص الحديد والفيتامينات المنحلة بالدسم،وبعض المضادات للحيوية ومركب الديجوكسين في معالجة أمراض القلب، ومركب الفينوتوين في معالجة الصرع.

كما لاينصح بإعطاء الزنجبيل منفرداً عن طريق الفم لأن تناول ملعقة صغيرة منه قد تسبب حروقاً في المري،وينصح بإعطائه مع بعض المشروبات مثل الشاي وغيره.ويمكن تناوله مع اليانسون،ويضاف له شىء من العسل والليمون وخاصة في التهاب المجاري التنفسية .

الكافور 

يقول تعالى في كتابه العزيز:{إنَّ الأبرارَ يشربون من كأسٍ كانَ مزاجها كافوراً}[الإنسان 5].

جاء في التفاسير:أن الذين كانوا في الدنيا أبراراً بطاعتهم لله تعالى يشربون كأساً من الخمر في الآخرة ممزوجة بأنفس أنواع الطيب وهو الكافور،وهو طيب،ومن شرب من تلك الكأس وجدها في طيب رائحتها وشذاها كالكافور.والكافور في ريحها لا طعمها.

وقال عبد الله بن عباس رضي الله عنهما:الكافور اسم عين ماء في الجنة يقال لها”عين الكافور” تمتزج الكأس بماء هذه العين وتختم بالمسك فتكون ألذ شراب،ولهذا قال الله تعالى{عيناً يشرب بها عباد الله}أي يتدفق هذا الكافور من عين جارية من عيون الجنة يشرب منها عباد الله الأبرار،ووصفهم بالعبودية تكريماً لهم وتشريفاً بإضافتهم إليه تعالى والمراد بهم المؤمنون المتقون.

وقال سعيد بن قتادة:”تمزج لهم بالكافور وتختم بالمسك”.

وقال مقاتل:”ليس \بكافور الدنيا،ولكن سمى الله ماعنده بما عندكم حتى تهتدي لها القلوب”.

الأحاديث النبوية:

عن أم عطية الأنصارية رضي الله عنها قالت: دخل علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم ونحن نغسل ابنته فقال: “اغسلنها ثلاثاً ،أو خمساً،أو أكثر من ذلك بماءٍ وسِدرٍ واجعلنَ في الآخرة كافوراً فإذا فرغتُنَّ فآذِنّني. فلما فرغنا آذناهُ فألقى إلينا حِقوه فقال أشعرنها إيّاه”.“[رواه الشيخان وأصحاب السنن].

(ألقى إلينا حقوه:أي: إزاره المشدود به خصره.أشعرنها:اجعلنه شِعارها،والشِّعار:الثوب الذي يلي الجسد لأنه يلي شعره)

الكافور:Camphora:

الكافور مادة صلبة توجد بشكل صفائح بيضاء بللورية أو على هيئة كتل مربعة متلاصقة بيضاء ،وهو سهل التبخر أو التطاير وحتى في درجة حرارة الغرفة العادية.يذوب في الماء بصعوبة.

يستحصل على الكافور من شجرة الكافور.وهي من الفصيلة الغارية.والكافور يعتبر واحداً من أندر وأثمن أنواع العطور.

وهذه الشجرة قد يصل ارتفاعها أكثر من خمسين متراً.وتعد من أسرع الأشجار نمواً في العالم حيث يمكن أن تنمو بمعدل عشرة أمتار في العام الواحد.وهي شجرة دائمة الخضرة وذات أفرع كثيرة.وذكية الرائحة.وقد يصل عمر الشجرة إلى ألفي عام.وهي شجرة ضخمة ويقال أنها تظلل مئة رجل.

ويوجد الكافور بشكل خاص في الصين واليابان والمناطق الاستوائية وتحت الاستوائية كالهند وسيلان ومصر ومدغشقر.

وتبدأ الانتاج بعد ربع قرن من زراعتها.ويستخرج من أوراقها وسيقانها زيت الكافور العطري.

وهناك بعض النباتات الأخرى يمكن الحصول منها على مادة الكافور غير شجرة الكافور مثل نبات المريمية ونبات الشيح وبعض الأعشاب مثل أعشاب اللاوندة والريحان وغيرها.

أقوال السلف في الكافور:

قال ابن سينا:إنه يمنع الأورام الحارة والرعاف،وينفع الصداع في الحميات الحادة،ويقوي الحواس.

وقال ابن البيطار:”إن الكافور نافع للمحرورين وأصحاب الصداع الصفراوي،إذا استنشقوا رائحته مفرداً أو مع ماء الورد والصندل يقطع حرارة الدماغ ويذهب بالصداع ويحبس الدم المفرط ويقطع الرهاف،وينفع للنفساء.

وقال داود الأنطاكي في تذكرته:”الكافور اسم لصمغ شجرة هندية،خشبها شديد البياض خفيف زكي الرائحة،وليس لها زهر،والكافور إما متصاعد منها إلى خارج العود ويسمى الرياح لتصاعده مع الريح،وقيل الرياحي نسبة إلى رياح أحد ملوك الهند أول من عرفه وهو أبيض يميل إلى حمرة ويتخذ الملوك من أخشاب الكافور أسرة،فلا تقربها الحشرات ذات السموم ولا الهوام كالقمل والبق وغيرها،والكافور حابس للإسهال،قاطع للعطش والحميات،مزيل لقروح الرئة والسل،والتهاب الكبد وحرقة البول وكل مرض حار.

من الناحية الطبية:

إن زيت نبات الكافور يحتوي على عدة مركبات وأهمها: الكافور،والسافرول،وSafrol Eugenog، Terpinol،و Cineole،و Ligans.

وقد صرحت السلطات الألمانية الصحية باستخدام الكافور لعلاج الأمراض التالية:السعال والتهاب القصبات الرئوية،والربو.ويمكن وضع الكافور الصلب النقي في وعاء ماء مغلي ويستعمل البخار المتصاعد للإنشاق بمعدل ثلاث مرات يومياً،وتكون مدة شم البخار المشبع بالكافور حوالي عشر دقائق.ويجب عدم المبالغة باستنشاق الكافور مخافة حدوث التسمم به.

كما يمكن دهن الصدر بمرهم يحتوي على الكافور.ويستخدم كمرهم أو مستحلب للتخفيف من آلام الروماتيزم بشكل موضعي ثلاثة مرات يومياً.ولآلام العمود الفقري.

ويفيد الكافور في علاج اضطرابات نظم القلب،وفي أمراض الجملة العصبية كالصرع والجنون.كما يفيد في علاج هبوط الضغط الدموي إما عن طريق الفم أو الاستنشاق.

ويجب عدم استخدام زيت الكافور قطعياً داخلياً لاحتوائه مادة السافرول وهي مادة مسرطنة.كما يجب عدم استخدام الكافور النقي من قبل المرأة الحامل وكذلك الأطفال دون السنتين من العمر بأي حال من الأحوال.

التلبينة 

الأحاديث النبوية:

1 ـ عن عروة بن الزبير عن عائشة رضي الله عنها أنها قالت:”أنها كانت إذا مات الميت من أهلها واجتمع لذلك النساء ثم تفرقن إلى أهلهن أمرت بِبُرمة من تلبينة فطُبخت،وصنعت ثريداً ثم صبت التلبينة عليه،ثم قالت: كلوا منها فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:”التلبينة مُجمَّةٌ لفؤادِ المريض تذهب ببعض الحزن”[رواه الشيخان].

2 ـ وعن عائشة رضي الله عنها قالت: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا أخذ أحداً من أهله الوعكُ أمر بالحساء من شعير فَصُنع،ثم أمرهم فحسَوا منه ثم يقول:”إنه يرتو فؤاد الحزين،ويسرو فؤاد السقيم،كما تسرو إحداكن الوسخ بالماء عن وجهها”[أخرجه ابن ماجه والترمذي وقال:حسن صحيح].

3 ـ عن أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها أنها كانت تأمر بالتلبينة وتقول:هو البغيض النافع“[صحيح البخاري]

التلبينة لغة:

هو حساء من دقيق الشعير(عصيدة) بنخالته يضاف لهما كوب من الماء وتطهى على نار هادئة لمدة خمس دقائق ثم يضاف كوب من الحليب وملعقة عسل.وقد سميت تلبينة تشبيهاً لها باللبن في بياضها ورقتها.ويتم تحضير التلبينة بإضافة كوب من مطحون الشعير إلى خمسة أكواب من الماء ويتم غليها مع التحريك المستمر حتى يصبح القوام كثيفاًويمكن إضافة الملح أو العسل أو الليمون أو تؤكل كما هي.ذلك لأن طعم التلبينة ليس لذيذاً،وفي ذلك يقول الرسول صلى الله عليه وسلم :”عليكم بالبغيض النافع:التلبينة”وقد سماه رسول الله صلى الله عليه وسلم البغيض وذلك لأن طعمه غير مستساغ.

والشعير:Hordeum

هو نبات حولي من الفصيلة النجيلية ويشبه في شكله العام نبات الشوفان والقمح وهو أقدم غذاء للإنسان.

أقوال السلف:

قال ابن القيم رحمه الله:

“وهذا الغذاء هو النافع للعليل وهو الرقيق الناضج،لا الغليظ النيىء،وإذا شئت أن تعرف فضل التلبينة فاعرف فضل ماء الشعير،فإنها حساء متخذ من دقيق الشعير بنخالته والفرق بينها وبين ماء الشعير أنه يطبخ صحاحاً والتلبينة تُطبخ منه مطحوناً،وهي أنفع منه لخروج خاصية الشعير بالطحن.

ويتابع رحمه الله:وقوله صلى الله عليه وسلم”مجمة لفؤاد المريض” يُروى بوجهين بفتح الميم والجيم،وبضم الميم وكسر الجيم،والأول أشهر ومعناه مريحة له أي تريحه وتسكنه،من الإجمام وهو الراحة.وقوله”تذهب ببعض الحزن” قد يقال وهو الأقرب:إنها تذهب ببعض الحزن بخاصية فيها من جنس خواص الأغذية المفرحة،فإن من الأغذية مايفرح بالخاصية والله أعلم.

ويقول رحمه الله وفي قوله”إنه ليرتو فؤاد الحزين….”ومعنى يرتو أي يشد ويقوي،ويسرو يكشف ويزيل.

ثم يقول رحمه الله:”وقد تقدم أن هذا ماء الشعير المغلي وهو أكثر غذاء من سويقه وهو نافع للسعال،وخشونة الحلق،صالح لقمع حدة الفضول،مدر للبول،جلاء لما في المعدة،قاطع للعطش،مطفىء للحرارة.

ويقول الإمام النووي رحمه الله:””مجمة”: أي تريح فؤاده،وتزيل عنه الهم،وتنشطه.

وذكر ابن سينا في كتابه “القانون في الطب” عن الفوائد العلاجية لماء الشعير والحساء والمرق في حالات الحمى.

الفوائد الصحية والغذائية:

يعتبر الشعير مصدراً جيداً للألياف الغذائية القابلة والغير قابلة للذوبان.يحتوي جزء الألياف القابلة للذوبان على أغنى مصدر من “البيتاغلوكان” مقارنة بأي نوع آخر من الحبوب،وهو مايمكن أن يساعد على تقوية المناعة.

ويحتوي الشعير أيضاً على الفيتامينات ب والحديد والمغنزيوم والزنك والفوسفور والنحاس.وهو من أغنى مصادر الكروم،وهو مهم أيضاً في الحفاظ على مستويات السكر في الدم.

والشعير غني أيضاً بمضادات الأكسدة ويحتوي تركيز عال من التوكولات والتوكوترينول،وهي زيوت تساعد في تقليل المخاطر بالإصابة بالسرطان وأمراض القلب.

والتلبينة لها عدة فوائد ومنها:

مهدئة للتوتر العصبي،ومنشطة للكبد،ومكافحة الإمساك،ومعالجة الضعف العام،ومفيدة للنمو عند الأطفال،ومقوية للذاكرة عند الكبار،وتخفض كولسترول الدم،وتساعد في التغلب على الارق(لاحتوائها مادة التربتوفان)،ومدرة لحليب المرضع،وتعالج الاكتئاب.

ويكون تأثير الشعير في خفض كولسترول الدم بعدة وسائط ومنها:احتواء الشعير على مضادات الأكسدة والتي لها القدرة على تثبيط الخمائر المصنعة للكولسترول.كما يحتوي الشعير على مادة البيتا غلوكانBeta glucan وهي تتحد مع الكولسترول في الأمعاء وتمنع دخوله الدم.

والشعير يساعد في خفض الضغط الدموي من خلال احتوائه تراكيز عالية من البوتاسيوم،ومن خلال تأثيره المدر للبول.

كما أن الشعير يسبب هبوطاً في سكر الدم لأنه يعيق امتصاص الغلوكوز في الأمعاء من خلال تشكيل معقدات من البكتينات تكون مع الماء هلاماً لزجاً يبطىء من هضم وامتصاص النشويات والسكريات،كما أن الشعير غني بالألياف المنحلة وغير المنحلة مما يقلل من الرغبة في تناول الأطعمة السكرية وغيرها.

والشعير يقلل من الحزن والاكتئاب(يذهب ببعض الحزن  كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم) بعدة آليات ومنها احتوائه عنصري البوتاسيوم والمغنزيوم  والذي يؤدي نقصهماإلى سرعة الغضب والانفعال والشعور بالاكتئاب،بالإضافة إلى احتواء الشعير على تركيز عال من الفيتامينات ب المركب،وهو هام جداً للنشاط العصبي،وكذلك احتواء الشعير على مضادات الأكسدة.كما أن الشعير غني بمادة التربتوفان والذي يساعد على تشكيل أحد النواقل العصبية الهامة في الجسم وهو السيروتونين والتي لها علاقة واضحة بالحالة النفسية والعصبية للمريض.

والشعير مليّن للأمعاء ومهدىء للقولون(التلبينة تغسل بطن أحدكم كما تغسل إحداكن وجهها من الوسخ بالماء):والشعير كغذاء لطيف سهل الهضم،وغني بالألياف المنحلة وغير المنحلة،وهذه الأخيرة تمتص كميات كبيرة من الماء وتحبسه داخلها،فتزيد من كتلة الفضلات مع الحفاظ على ليونتها مما يسهل رويسرع خروجها من الأمعاء الغليظة،وينشط الحركة الحوية للأمعاء،وهذا يساعد أيضاً على التقليل من نسبة السرطان في الأمعاء الغليظة.

ويفيد الشعير في علاج الأرق والقلق(إنه يرتو فؤاد الحزين ويسرو فؤاد القيم) حيث تبين احتواء الشعير على تراكيز عالية من مادة الميلاتونين وهو هرمون تفرزه الغدة الصنوبرية في الدماغ ويكون أعلى تراكيزه في الليل وهو يساعد على النوم المريح،كما يفيد في الوقاية من أمراض القلب،ويخفض كولسترول الدم،ويفيد في علاج الشلل الرعاش عند المسنين،كما أنه يقوي من مناعة الجسم ويفيد في علاج الاكتئاب.

والشعير يقوي جهاز المناعة في الجسم،وذلك لاحتوائه مادة البيتا غلوكان،وهي تنشط عمل الكريات البيضاء في الدم،وتسرع في شفاء النسيج التالف.

الثريد:

عن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم:”كملَ من الرجال كثيرٌ،ولم يَكمل من النساء إلا مريمُ بنتُ عمران،وآسية امرأة فرعون،وفضلُ عائشة على النساء كفضل الثريد على سائر الطعام”[أخرجه البخاري].

وقال عبد الله بن عباس رضي الله عنهما أن الطعام الذي كان يفضله الرسول صلى الله عليه وسلم هو الثريد المصنوع من الخبز والثريد المصنوع من الحيس(والحيس: خليط من البلح والزبد المصفى).

والثريد:الخبزُ المكسر الذي وضع عليه اللحم والمرق.وهذه الوجبة معروفة في الدول العربية وتسمى “الفتة”.

ويقال أن نبي الله إبراهيم عليه السلام هو أول من صنع الثريد،وكانت العرب تقدمها للضيوف على سبيل الكرم.

ومن الناحية الغذائية والصحية فإن الثريد غني بالبروتينات،ويحتوي على الدهون والنشويات.

اللبن والحليب 

الآيات القرانية:

{وإنَّ لكمْ في الأنعامِ لَعِبرةً نُسقيكم ممّا في بطونهِ من بينِ فَرْثٍ ودمٍ لبناً خالصاً سائغاً للشاربين}[النحل 66].

{فيها أنهارٌ من ماءٍ غيرِ آسنٍ وأنهارٌ من لبنٍ لم يتغير طعمه}[محمد 15].

الأحاديث النبوية:

عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما قال:دخلت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم أنا وخالد بن الوليد على ميمونة فجاءتنا بإناءٍ من لبنٍ فشرب رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنا عن يمينه وخالد عن شماله فقال لي الشربة لك فإن شئت آثرت بها خالداً فقلتُ ماكنتُ أوثرُ على سؤرك أحداً ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من أطعمه الله الطعام فليقل اللهم بارك لنا فيه وأطعمنا خيراً منه ومن سقاه الله لبناً فليقل اللهم بارك لنا فيه وزدنا منه وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ليس شىء يُجزىء مكان الطعام والشراب غير اللبن:”[أخرجه الترمذي واللفظ له وابن ماجه وأحمد وهو حديث حسن].

وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أُتي ليلة أُسري به بإيلياء بقدحين من خمرٍ ولبنٍ،فنظر إليهما،ثم أخذ اللبن،فقال جبريل:الحمد لله الذي هداك للفطرة،ولو أخذت الخمرَ غوتْ أمتك“[صحيح البخاري].

من الناحية التاريخية:

استخدم الحليب كغذاء للإنسان من حوالي ستة آلف عام.وفي أكثر البلدان يتناولون حليب البقر أو الماعز أو النعاج وفي بلاد شرقية كثيرة من ناقة الجمال.

الحليب أو اللبن:

واللبن هو أول طعام يأخذه الإنسان بعيد الولادة،فهو غذاء حيواني كامل.ويتغير تركيب اللبن من حيوان إلى حيوان بتغير بيئته ومناخها..فنجد أن حليب عجل البحر وغيره من الثدييات المائية يحوي أكثر من ثلثه دهناً،ولذا يشبه القشدة في تكوينه.وذلك لأن هذه الحيوانات تعيش في مناطق باردة أو متجمدة ويحتاج رضيعها إلى المزيد من الدفء،فهو يحتاج المزيد من الدهن.

أما لبن الناقة وهي تعيش في المناطق الدافئة أو الحارة فيحوي لبنها القليل من الدهن والكثير من السكريات.

هو إحدى صور الطعام السائل وهو ينتج من غدد الثدي عند الثدييات،وهو مصدر التغذية الأساسي لصغار الثدييات،وينطبق هذا أيضاً على صغار البشر،فرضيع الإنسان يتغذى عن طريق الرضاعة الطبيعية إلى أن يتمكن من هضم الأطعمة الصلبة.

يسمى الحليب المبكر أو حليب الأيام الاولى باللبأ،والذي يحتوي على الأجسام المضادة التي تقوي الجهاز المناعي لدى الأطفال،وبذلك يقلل خطر الإصابة بالعديد من الامراض.

وللحليب أسماء عدة ومنها:اللبن،والدر،ورسل، وشِخاب.

أنواع الحليب:

يحكم على جودة الحليب وفق عدة أمور:المصدر(أي الحيوان الذي أخذ منه وتغذيته وعمره)والموسم الذي يتم الحصول عليه فيه.وهناك عدة أنواع للحليب ومنها:

1 ـ حليب البقر:وهو أكثر أنواع الحليب شيوعاً في العالم.ففي عام 2018 تم انتاج 505 مليون طن من حليب الأبقار في العالم،ويرجع ذلك لإلى سهولة حلب البقر،بالإضافة إلى قدرة البقر على تكوين وتخزينالحليب أكثر من الحيوانات الأخرى.

2 ـ حليب الجاموس:وهو ثاني أكبر مصدر للحليب بعد البقر،ففي عام 2012 تم انتاج 92 مليون طن في العالم.

3 ـ حليب الماعز:ويشابه مع حليب البقر ويعتبر البديل الصحي له.

4 ـ حليب الغنم:ويعتبر أيضاً بديل جيد لحليب البقر،لاحتوائه على البروتينات والكالسيوم،ويحتوي أيضاً على مكونات صلبة تجعله مناسباً لصنعمنتجات الحليب مثل الجبنة ،واللبن.

5 ـ الحليب العيران:وهو شائع جداً في الشرق الأوسط وخاصة في شهر الصيف لانه يشرب بارداً بالإضافة إلى أنه يحتوي على الاملاح التي تعوض مايفقده الجسم في موسم الصيف,

6 ـ حليب الناقة:يعتبر أكثر ملوحة من باقي أنواع الحليب الأخرى ويتميز باحتوائه تركيز عال من الفيتامينC،ولا يحتوي اللاكتوز فهو مناسب للمرضى الذين يعانون من عدم تحمل اللاكتوز.

الخواص الفيزيائية والكيميائية للحليب:

يعتبر الحليب من الأغذية الضرورية لنمو الجسم وخاصة عند الأطفال،ويحتوي على مختلف المركبات الحيوية التي يحتاجها الجسم فهو غذاء كامل.وليس هناك غذاء واحد بمفرده يمكن أن يزود الجسم بجميع احتياجاته من المواد الضرورية إلا الحليب،والذي أهده الخالق لتغذية الصغار قبل أن يتمكنوا من تناول الأغذية المختلطة.(يمكن الرجوع إلى موضوع الارضاع الطبيعي في الموقع في خلق الجنين بين الطب والدين)

وأهم العناصر المكونة للحليب نذكر:

1 ـ الشحميات:

وهي تتواجد في الحليب بشكل كريات دهنية دقيقة الحجم عالقة فيه،ولاترى بالعين المجردة، محاطة بغشاء.وتتكون كل كرية دهنية من الغليسريدات الثلاثية محاطة بغشاء يتكون من شحوم معقدة وأهمها الدهون الفسفورية.وتعمل هذه المستحلبات على حماية الكريات الدهنية من الخمائر المختلفة والتي توجد في الجزء السائل من الحليب.وعلى الرغم من أن الغليسريدات الثلاثية تشكل حوالي 97 ـ 98% من الدهون في الحليب إلا أنه يحتوي أيضاً على ىكمية بسيطة من الغليسريدات الثنائية والأحادية،وكذلك استرات الكولسترول،والشحوم الفوسفورية. وكمية الدهون في الحليب هي التي تحدد نوعية الحليب,حيث تقسم إلى الانواع التالية:

1 ـ الحليب كامل الدسم والذي يحتوي على 3،25% من الدهون.

2 ـ الحليب قليل الدسم:وهو يحتوي على مايقارب 1% من الدهون.

3 ـ الحليب منزوع الدسم:ويحتوي على أقل من نصف بالملئة من الدهون.

2 ـ البروتينات:

يحتوي حليب الأبقار على 30 ـ 35 غراماً من البروتين لكل لتر.ويوجد 80% منها بشكل أيونات الكازين.وتكون البروتينات حوالي 3 ـ 4^ من تركيب الحليب.

وتمثل الكازينات Caseinogen الجزء الأكبر من بنية الجزء السائل من الحليب،وهي توجد بشكل تجمعات تربطها أيونات غروية وجسيمات نانومترية من فوسفات الكالسيوم وتشكل مايسمى كازينات الكالسيوم.وهناك أربعة أنواع مختلفة من بروتينات الكازئين.

وإذا ما أضيف حمض إلى الحليب أو ترك الحليب تحدث عليه حموضة تلقائية بواسطة جرثومة حمض اللبن ويحدث أن يتخثر الكازين وينفصل عن الكالسيوم والفوسفور وتتشكل الجبنة.

كما يحتوي الحليب على بروتينات أخرى أكثر ذوباناً في الماء من الكازينات،وأهمها اللاكتوجين.والألبومين Lactalbumin والجلوبولينLactglobulin.وحين يسخن الحليب فإن هاتين المادتين تتخثرات وتتشكل طبقة القشدة على سطح الحليب.

وبعض البروتينات تحتوي على الحموض الأمينية الضرورية للجسم وتسمى البروتينات الكاملة،بينما البعض الآخر تنقصه بعض الحموض الأمينية الضرورية للجسم وتسمى البروتينات الناقصة،وبروتينات الحليب تعتبر من البروتينات الكاملة.

3 ـ الأملاح والمعادن والفيتامينات:

وأهمها الكالسيوم والفوسفات والمغنزيوم والصوديوم والبوتاسيوم والسترات والكلوريد .وتتفاعل أملاح الحليب بقوة مع الكازئين وبالأخص فوسفات الكالسيوم.

ويعد الحليب من أفضل مصادر الكالسيوم المتوفرة،وميزته أن الجسم يستطيع امتصاص الكالسيوم في الحليب بسهولة،والكالسيوم هو أكثر المعادن المخزنة في الجسم.

وتوجد الأملاح المعدنية في الحليب على حالة ذائبة وبعضها على حالة معلقة في اللبن وبعضها متحد مع الكازين.

كما يحتوي الحليب على مجموعة من الفيتامينات ومنهاA،B،B2 ،C وغيرها.وكمية الفيتامينات في الحليب تخضع لتغيرات عديدة في الأنواع المختلفة من الحليب،وتغيرات عند تصنيع الحليب إلى منتجاته المختلفة،وكذلك عند نقله من البقرة الحلوب إلى المستهلك.وهذه الفيتامينات إما أن تكون منحلة في الدهن كما هو الحال في الفيتامينA،ويوجد أغلبه بدهن الحليب البقري بشكل كاروتين.وهناك فيتامينات ذوابة في الماء مثل مجموعة الفيتامين ب المركب والفيتامينC.

ويزداد مقدار طليعة الفيتامين Aأي الكاروتين في حليب الأبقار بزيادة ماتتناوله من حشائش خضراء كالبرسيم.ولا يـاثر هذا الفيتامين بحرارة الطهو العادية فهو يوجد في الحليب المبستر والمغلي والمعقم وفي السمن.وكذلك الحال أيضاً في الفيتامينD فهو لايـتاثر بحرارة الطهو العادية ويوجد في الحليب المبستر والمعقم والمغلي وفي السمن.

4 ـ السكريات:

يحتوي الحليب على العديد من السكريات ومنها اللاكتوز والجلوكوز وغيرها من السكريات الأحادية.ويعطي اللاكتوز الحليب مذاقه الحلو،ويساهم بحوالي 40% من السعرات الحرارية الموجودة في حليب البقر.واللاكتوز عبارة عن مركب سكري ثنائي يتألف من اتحاد الجلوكوز والجالاكتوز.وتقل حلاوة اللاكتوز عن سكر القصب.ويتحول اللاكتوز في الأمعاء وبسبب بعض الخمائر المعوية إلى حمض اللبن،وتقوم جراثيم حمض اللبن بتخمير سكر اللاكتوز إلى حمض اللبن مما يؤدي إلى تخثر الحليب واحمضاضه..

وسكر اللاكتوز له نفس الطاقة الحرارية التي لأي سكر آخر وزناً بوزن.ويحتوي حليب البقر على 5% من سكر اللاكتوز،بينما حليب الأم أكثر  من 7% من هذا السكر.

وأما الفرق بين الحليب واللبن الرائب فإن اللبن الرائب ينجم عن عملية التخمير أو التحميض للحليب.ويتم تصنيع الألبان بإضافة بعض أنواع الجراثيم على الحليب الساخن وخاصة منها جراثيم العصيات اللبنيةLactobacillus وغيرها.حيث تحول هذه الجراثيم سكر اللاكتوز إلى حمض اللبن Lactic acid وهو مايفسر القوام السميك والجامد للبن.وكذلك النكهة لللاذعة للبن بالمقارنة مع الحليب.وبالتالي يكون اللبن أقل احتواء على سكر اللاكتوز من الحليب.

البيض 

يعد البيض من المصادر الهامة لطعام الإنسان،ويهتبر بيض الدجاج والبط والسمان هي أكثر أنواع البيض المفضل عند الإنسان،وبشكل خاص بيض الدجاج.

يحتوي البيض على العديد من العناصر الغذائية وبشكل خاص البروتين عالي الجودة والمفيد في وجبات الصغار والكباربمعدل 7غرام من البروتين في البيضة التي تحتوي 80 سعرة حرارية،كما يحتوي على الدهون وخاصة منها الفوسفوليبيد وهي هامة من أجل الوقاية من الالتهابات في الجسم ،وهو غني بالأحماض الدهنية والتي تساعد على زيادة مستوى الكولسترول الجيد في الجسم، وتحسن وظائف الكبد،وتساعد في انتاج بعض الهرمونات،وتساعد في الحفاظ على وظائف القلب والكلى والدماغ،وبعض الفيتامينات ومنهاB2و B3 وB5و B6و B12 Aو Eو D وحمض الورق، والمعادن الضرورية ومنها الزنك.كما أن تناول البيض وبدون إفراط يساعد على تخفيض وزن الجسم.

وتتوي البيضة الواحدة حوالي 6% من الحاجة اليومية للفيتامين د،كما أن احتوائه على البروتين بنسبة عالية يزيد من الكتلة العضلية ولذا يحرص الرياضيون على تناوله.

ويحتوي البيض على مادة”الكولين” و”الليستئين”وهي مادة هامة للدماغ والذاكرة عند الإنسان،كما أنها تقلل من كولسترول الدم.كما يحتوي على “الكاروتينات”وهي هامة للوقاية من بعض الأمراض.وأشهرها مركب”اللوتين” ومركب”الزياكسانثين”وهي مواد شبيهة بمضادات الأكسدة،يسهل هضمها وامتصاصها في الأمعاء،وتلعب دوراً هاماً في حماية البصر والرؤية،وتقلل من حدوث مرض السادCataract.

وأكثر من نصف السعرات الحرارية في البيض تاتي من الدهون في صفار البيض ومنها الكولسترول،وحوالي 27% منها دهون مشبعة،وأما بياض البيض فإنه يتكون بنسبة 87% من الماء وحوالي 13% من البروتين،ولايحتوي البياض على الكولسترول.

ومن أضرار البيض وخاصة الإفراط في تناوله:حدوث تفاعلات تحسسسية وهي شائعة عند تناول البيض بالنسبة لبعض الأشخاص ومنها حدوث الحكة والشرى وفي بعض الحالات ضيق التنفس والربو…وكذلك فإن تناول البيض بشكل نىء قد يسبب التسمم الغذائي وخاصة بسبب الإصابة بالسالمونيللا…

ـ الثوم والبصل والكراث

الثوم:Allum sativum:

نوع نباتي عشبي من الفصيلة الثومية،وتنتشر زراعته في جميع أنحاء العالم،ويتميز بوجود بصلة تحت الأرض تتكون من عدة فصوص.ولأوراقه رائحة مميزة نفاذة.وكل فص من فصوصه يعطي نباتاً جديداً ويشابه كثيراً مع البصل والكراث،وقد استخدمه الإنسان منذ أكثر من سبعة آلاف سنة.وموطنه الاصلي آسيا الوسطى.وكان معروفاً عند المصريين القدماء،واستخدم للطهي والعلاج.

من الناحية التاريخية:

البصل والثوم من الفصيلة الزئبقية وكلاهما من أقدم النباتات المزروعة.

يعود استخدام الثوم في الصين إلى 2000 سنة قبل الميلاد.ووصف “جالينوس” الثوم بأنه ترياق.ووصفه الطبيب اليوناني “بليني” للعديد من الأمراض.ونصح به أبو الطب”أبقراط” كمدر للبول ومسهل .

وقد استعمله المصريون القدماء كدواء،ويقال بأن العبيد الذين بنوا الاهرامات في مصر كانوا يعطون الثوم يومياً للمحافظة على قوتهم.وقد وجدت في أوراق البردي المصرية المكتوبة 1500 سنة قبل الميلاد أكثر من 22 وصفة ثوم للعديد من الشكايات.

في العصور الوسطى في أوروبا اعتبر الثوم قوة حماية ضد الشياطين،والذئاب،ومصاصي الدماء.وفي إيران في احتفالات النيروز يعتبر الثوم جزءاً من الطاولة المعروفة باسمSeven Seen.وعند الهندوس فإن الثوم يدفىء الجسم ويزيد من الرغبة.ولذا فإن المتدينين من الهندوس يتجنبون وضع الثوم أو البصل في الطعام.ولايسمح للرهبان في البوذية بتناول الثوم لأنه يزيد من العدوانية والرغبات الجنسية.

وفي عام 1858  ذكر باستور أن الثوم فعال تجاه الجراثيم.واستعمله الأطباء لبيريطانيون خلال الحرب العالمية الثانية لمعالجة جروح الحرب.

الأحاديث النبوية:

عن جابر بن عبد الله رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:”من أكل من هذه الشجرة.قال:أول يوم(الثوم* ثم قال: الثوم والبصل والكراث فلا يقربنا في مساجدنا،فإن الملائكة تتأذى مما يـاذى منه الإنس“[أخرجه النسائي واللفظ له وأخرجه البخاري بلفظ مقارب ودون ذكر الكراث ومسلم باختلاف يسير].

وعن جابر بن عبد الله رضي الله  عنه :”نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن أكل البصل والكراث،فغلبتنا الحاجة،فأكلنا منها،فقال: من أكل من هذه الشجرة المنتنة،فلا يقربن مسجدنا،فإن الملائكة تأذّى،مما يتأذى منه الإنس”[صحيح مسلم].

وعن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال:”من أكل ثوماً أو بصلاً ؤفليعتزلنا ـ أو ليعتزل مساجدنا ـ وليقعد في بيته.وأتي بقدرٍ فيه خضرات من بقول،فوجد لها ريحاً،فسأل فأخبر بما فيها من البقول،فقال: قرّبوها إلى بعض أصحابي،فلما رآه كره أكلها قال: كل،فإني أناجي من لاتناجي”

وعن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:”من أكل الثوم والبصل والكُراث فلايقربن مسجدنا،فإن الملائكة تتأذى مما يتأذى منه بنو آدم”[متفق عليه]

من الناحية الطبية:

1 ـ التأثير المضاد للجراثيم:

عرف منذ القدم التأثير المضاد للجراثيم والعوامل الممرضة للثوم،وقد أمكن تجريبياً إثبات أن خلاصة الثوم توقف نمو بعض المزارع الجرثومية،كما تبين أن الثوم له تأثير مضاد للفطور،وإن تركيزاً يعادل 68مكروغرام من خلاصة الثوم المجفف له تأثير قاتل للفطور من نوع الطوقيات(المونيليا)،كما أن الثوم يثبط نمو وإفراز الذيفان من فطور الرشاشياتAspergillusبأنواعها.وتبين أن المادة الفعالة في الثوم ذات التأثير القاتل للجراثيم هو مادة آليسيا Allicia وهي مادة كبيريتية عضوية.كما تبين من خلال الدراسات التي أجريت في الحرب العالمية الأولى أن الجنود الذين يتناولون الثوم أقل إصابة بالزحار والانتانات الأخرى.

2 ـ التأثير الخافض للكولسترول:

بينت بعض الدراسات أن الثوم له تأثير خاقض للكولسترول ويقال عن طريق مادة “أليسيا” بآلية لازالت مجهولة.وتبين الدراسات أن تناول مستحضرات الثوم لأكثر من شهرين تقلل من كولسترول الدم

3 ـ التأثير الحال لليفين:

يزيد الثوم من الفعالية الحالة لليفين وبالتالي يمنع تخثر الدم.

4 ـ التأثير المضاد لتراص الصفيحات الدموية:

وجد أن تراص الصفيحات الدموية المحرض من خلال ATP أو الادرنالين أو السيروتونين ينقص بإعطاء الثوم،ويعتقد بأن الثوم يثبط تشكيل “الثرومبوكسان”،ويقال أن المادة الفعالة المثبطة لتراص الصفيحات في الثوم هي مادة”ميثيل ألليل تري سولفيد”وهذه توجد بتركيز 4 ـ 10% من نبات الثوم.وعند تناول الثوم فإن الكمية المناسبة حوالي 100 ـ 150 غرام من الثوم الطازج حتى يكون له تأثير مضاد للصفيحات.ويستمر التأثير 1 ـ 2 ساعة.ولابد من الانتباه من تناول الثوم بشكل مستمر عند المعالجين بمثبطات تراص الصفيحات الدموية خوفاً من النزوف.

وهذا يفسر لنا التاثير المضاد للتصلب الشرياني بعد تناول الثوم بشكل مستمر.وكذلك خافض للتوتر الشرياني.

(نقلاً عن M M W 123 1981):

كما أن الثوم غني بالكالسيوم والفوسفور فهو منشط للجسم ويحرض على الشهية،ويزيد افراز اللعاب.كما أنه ينشط الإفراز اعصارة المعدة،وبسبب وجود الزيوت الطيارة فيه فإنه يفيد في أمراض الرئة والقصبات.وهو طارد للديدان.

كما وجد أن تناول الثوم المستمر يقلل من سرطان المعدة والبروستات.

التأثيرات الجانبية للثوم:

من المعروف أن تناول الثوم يسبب رائحة سيئة للنفس وكذلك رائحة الجسم.وتوصف بأنها رائحة لاذعة مع التعرق الجلدي.وسبب هذه الرائحة هو مادة “كبريتيد ميثيل الأليل”وهو مادة سيالة طيارة،يمتصها الجسم من خلال عملية استقلاب الكبريت المشتق من الثوم،فينتقل من الدم إلى الرئة،ومنها إلى الفم حيث يسبب الرائحة الكريهة،وينتقل إلى البشرة حيث يطرح مع العرق عن طريق مسامات الجلد.وتبين بعض الدراسات أن تناول الحليب بنفس وقت تناول الثوم يخفف من هذه الرائحة الكريهة.وإن خلط الثوم مع الحليب في الفم قبل بلعه يقلل الرائحة بشكل أفضل من شرب الحليب بعد تناول الثوم.ويمكن للفطر والحبق أن تقلل من رائحة الثوم الكريهة.ولكن خليط الماء والدهن في الحليب هو الأفضل.

ولقد جاءت السنة النبوية المطهرة تنهى عن تناول الثوم في أماكن التجمعات وخاصة في صلاة الجمعة.والرسول صلى الله عليه وسلم لم يحب تناول الثوم.ولكنه لم يحرّمه.

وأما البصل:Onion

فهو أيضاً من أقدم الخضروات المعروفة،وهو يتوفر حالياً بالشكل الطازج،والمجمد،وبشكل معلبات،وبشكل المخلل أو المجفف.وهو يستعمل مع كثير من الأكلات أو بعض السلطات،وقد يكون ذا مذاق حاد أو حار أو حلو،أو ذو نكهة قوية،أو ذو نكهة معتدلة.

وهو من الفصيلة الثومية،وله رائحة نفاذة لاحتوائه على مواد كبريتية طيارة.ولايوجد فروق كبيرة بين نوعيه الأبيض والأحمر من الناحية الصحية.

وأكثر الدول المنتجة للبصل الصين والهند وأمريكا وتركيا.

من الناحية التاريخية:

عرف البصل منذ القدم وخاصة من قبل الإغريق وقدامى المصريين،وقد وصفه”بلليني” في العلاج.

وفي عام 1961 اكتشف فيرتانين الحائز على جائزة نوبل في الكيمياء وجود مادة في البصل تشبه مادة ألينين في الثوم،وأن هناك خميرة تدعى أليناز البصل وهي التي تحول هذه المادة الكبريتية إلى مادة تسبب سيلان الدموع حين تناول البصل أو تحضيره.

الفوائد الطبية:

يفيد البصل ضد الرشوحات والزكام فهو مضاد للجراثيم والفطريات،،كما أنه يفيد في أمراض القلب وداء السكري،وهشاشة العظام،وتوجد فيه مركبات خافضة من كولسترول الدم،ومضادات أكسدة،ومنها مادة الكورسيتينQuercetin،ومضادات الأكسدة الأخرى من مركبات الفينول والفلافونيد.

وهو  يقلل من أمراض القلب والتصلب الشرياني،ويمنع تخثر الدم ويقلل من تركيز الكولسترول في الجدم.وهو مفيد كمدر للبول ويساعد على نمو الأشعار.

وهو يفيد أيضاً تجاه بعض أنواع السرطان.وخاصة يفيد في علاج الآفات المهيئة للسرطان وخاصة سرطان المعدة.

كما أن البصل يفيد كمدر للبول،وتليين الأمعاء،وهو غني بالفيتامينات ومنها C ,A، والبيوتين ،كما يحتوي بعض الأملاح المعدنية مثل الصوديوم والكالسيوم والمغنزيوم والفوسفور والكروم.كما يحتوي على بعض المركبات الكبريتية الطيارة مثل الثوم وهي التي تعطي رائحته النفاذة غير المقبولة.ومنها مركب ثنائي كبريتيد بروبيل الأليل وهذا غني جداً بمادة الكروم،والذي يساعد على استجابة الخلايا للإنسولين.كما أن البصل ينقص تركيز الغلوكوز في الدم،وذلك عن طريق زيادة افراز الانسولين.

ويفيد البصل في معالجة أمراض الروماتزم،وأمراض تشنج القصبات كالربو.وأعطي قديماً لمعالجة السل الرئوي.

وأما الكراث:

وهو أيضاً من الفصيلة الثومية.وهو نوع من الخضراوات ينتمي كالثوم والبصل إلى جنس الثوميات.

وتفيد الدراسات أنه يفيد كواق من السرطان وخاصة سرطان القولون والبروستات والثدي والكبد ،ويزيد القدرة الجنسية،وهو غني بالفيتامينات والمعادن مثل الحديد والكبريت والمغنزيوم ،وهو ملين طبيعي،لما يحويه من مادة”الكلوروفيل”،ويساعد كمدر للبول.ويفيد لدى مرضى السكري.

الكمأة من المَنِّ

الآيات القرانية في المنِّ:

{وظللنا عليكمُ الغمامَ وأنزلنا عليكم المنَّ والسلوى}

{وظللنا عليهمُ الغمامَ وأنزلنا عليهمُ المنَّ والسلوى}

{يابني إسرائيل قد أنجيناكم من عدوكم وواعدناكم جانب الطورِ الأيمنِ ونزلنا عليكمُ المنَّ والسلوى}

الأحاديث النبوية:

عن سعيد بن زيد رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم:“الكمأة من المَنِّ، وماؤها شفاءٌ للعين“[أخرجه الشيخان].

وفي رواية لمسلم:”الكمأة من المنَّ الذي أنزل الله على موسى،وماؤها شفاءٌ للعين“.

وفي رواية لإبن ماجه:”الكمأة من المنِّ الذي أنزل الله على بنو إسرائيل وماؤها شفاءٌ للعين”.

من الناحية الزراعية:

الكمأة أو الكما أو الفقع أو نبات الرعد أو بنت الرعد هو اسم لعائلة من الفطريات تسمى الترفزيةTerfeziaceae:وهو فطر موسمي بري ينمو في الصحراء بعد سقوط الأمطار بعمق 5 ـ 15 سم تحت الأرض ويستخدم كطعام.ويتراوح وزن الكمأة مابين 30 ـ 300 غرام،وهي من ألذ وأثمن أنواع الفطريات الصحراوية.وتمتاز الكمأة بالرائحة القوية والمذاق اللذيذ.

وهي تنمو على شكل درنة البطاطا في الصحارى،وبالقرب من نوع من النباتات الصحراوية قريباً من جذور الأشجار الضخمة كالبلوط ،وتختلف ألوان الكمأة من الأبيض إلى الأسود،وأحجامها تتفاوت مابين حجم البندقة وحجم البرتقالة.وأكثر أماكن تواجد الكمأة في منطقة البحر الأبيض المتوسط وشمال أفريقيا.وخاصة في السعودية والكويت والأردن والأنبار غرب العراق وبلاد الشام وخاصة في البادية وشمال أفريقيا وفرسا وإيطاليا.

وهناك أكثر من أربعين نوعاً من الكمأة.

يقول الدكتور زغلول النجار حفظه الله:

“الكمأة واحدها كم،وهي درنة من الفطريات التي تنمو تحت الأرض بالتكافل مع جذور نباتات معينة إلى عمق حوالي ثلاثين سم،وتنمو في جماعات من عشرة إلى عشرين درنة في المكان الواحد من التربة،وهذه الدرنات كروية أو شبه كروية،لحمية الملمس،ويتدرج لونها من الأبيض إلى الرمادي والبني والأسود،ولها رائحة نفاذة،والكمأة تنمو في صحارى الوطنين العربي والإسلامي من موريتانيا غرباً إلى أواسط آسيا شرقاً في بيئات تراوح بين الرمال العميقة،والحصى الضحل،والحجر.ويزدهر نموها بعد مواسم العواصف الرعدية ومن هنا أطلق عليها العرب اسم”بنات الرعد”.

ويتابع:”للكمأة أنواع عديدة،ودرناتها مختلفة الأشكال والألوان وتنمو في الطبقة السطحية من التربة وتدرك عن طريق تشققات التربة في اتجاهين عموديين وقت نضجها،وإذا لم تجمع الدرنات فإنها سرعان مايتكون بداخلها أبواغ(وهو التراب الناعم جداً والذي يطير من دقته لإذا مس)وبانفجار كيس الأبواغ تنتثر محتوياته في التربة،فإذا جاء موسم المطر في أواخر شهر اكتوبر الذي يتميز بالأمطار الرعدية فإن محتوى الأبواغ ينبت ليعطي خيوطاً فطرية دقيقة تنفذ بقدرة الله إلى داخل نسيج جذور نباتات نامية في نفس المنطقة وتتطفل عليها حتى يكتمل نموها على هيئة الدرنات كاملة النفخ”.

من الناحية الغذائية والطبية:

تحتوي الكمأة على البروتينات بنسبة 9% والمواد النشوية بنسبة 13% والدهون بنسبة1% وتحتوي على بعض المعادن وخاصة الفوسفور والصوديوم والكالسيوم والبوتاسيوم.كما تحتوي على الفيتامينات B1،” A ،B2.وتحتوي الحموض الأمينية الضرورية.وتستعمل الكمأة كغذاء حيث تبلغ قيمتها الغذائية أكثر من 20% من وزنها لغناها بالبروتين.

ويجب أن تؤكل الكمأة مطبوخة وغير نيئة وإلا سببت عسر الهضم.ويجب أن تغسل جيداً قبل طبخها.وينصح بالاستفادة منها خلال عشرة أيام من حصادها.ويمكن استخدامها في صنع الكثير من الاطباق وخاصة مع البيض أو المعكرونة،والأرز،والسلطات المنوعة،والدجاج والسمك.ويمكن خفقها بعد طحنها وع زيت الزيتون أو الزبدة حيث يمكن الاستفادة منها لوقت طويل.

وتفيد الكمأة في علاج مايلي من الامراض:

1 ـ تقي من الأمراض المزمنة.

2 ـ مصدر أساسي لحماية العينين من الالتهاب والتورم.واضطرابات الرؤية.ويستعمل عصير الكمأة لجلاء البصر(كما ورد في الحديث النبوي الشريف).ويتم حك الإثمد مع الكمأة والتكحل به لتقوية النظر والجفون ،ويستعمل ماء الكمأة لمنع حدوث التليف بسبب مرض التراخوما في العين.وتستعمل الكمأة في علاج التراخوما بمراحل المرض المختلفة.

3 ـ تنشط الدورة الدموية عند الإنسان.

4 ـ تفيد في نمو وتقوية العظام.

5 ـ تفيد في أمراض الجلد وهشاشة الأظافر .

6 ـ تفيد في تقوية الباءة وكمنشط جنسي.

يمكن أن تسبب الكمأة بعض الأعراض التحسسية وخاصة لدى بعض المرضى فيجب الانتباه عند تناولها من المرضى بالأمراض التحسسية وخاصة الجلدية.

المنِّ والسلوى:

تعددت التفاسير في معنى المنّ الذي أنعم الله به على بني إسرائيل،ومنها ماقيل بأنه كالصمغ أو شراب حلو يمزجونه بالماء ويشربونه،وكذلك ذكر تفسيرات أخرى له ومنها العسل والزنجبيل والخبز المنبسط الرقيق…وقال القرطبي بأنه الطرنجين وهو قول أكثر المفسرين وهو طلّ ينزل من السماء على شجر أو حجر،ويحلو وينعقد عسلاً،ويجف جفاف الصمغ.ومن المفسرين المعاصرين من يقول بأنه نقط حمراء تتجمع على أوراق الشجر بين الفجر وطلوع الشمس،وهي نوع من الحلوى اللذيذة المغذية سهلة الهضم من غير تعب ولازرع،وهي سهلة الهضم سريعة الامتصاص في الجسم.

وأما معنى الكمأة في الحديث الشريف بأنها من المنّ فقد جاءت عدة تفسيرات ومنها تفسير ابن حجر العسقلاني رحمه الله:

1 ـ إنها من المنّ الذي أنزل على بني إسرائيل:وهو الطل الذي يسقط على الشجر،أي شبه به الكمأة والجامع بينهما أن كلاً منهما يوجد بغير تدخل من الإنسان.

2 ـ إنها من المنّ الذي امتنّ الله به على عباده عفواً بغير علاج .قال الخطابي:ليس المراد أنها نوع من المنّ الذي أنزل على بني إسرائيل،وإنما المعنى أن الكمأة شىء ينبت من غير تكلف ببذر ولاسقي”.

3 ـ يحتمل أن يكون الذي أنزل على بني إسرائيل كان أنواعاً:منها مايسقط على الشجر ومنها مايخرج من الا{ض فتكون الكمأة منه.وبهذا جزم بعض أهل العلم.

(وأما السلوى:فهو طائر السمان الغني بالبروتينات وهو يسافر بشكل جماعات).

اليقطين أو الدباء 

الآيات القرآنية:

{وأنبتنا عليهِ شجرةً من يقطين}[الصافات 146].

الأحاديث النبوية:

عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما:دخلت على النبي صلى الله عليه وسلم في بيته وعنده هذا الدُّباء فقلت أيُّ شىءٍ هذا قال هذا القرع هو  الدُّباء نُكثرُ به طعامنا“[أخرجه ابن ماجه واللفظ له،وأحمد والنسائي وصححه الألباني].

وعن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: إن خياطاً دعا رسول الله صلى الله عليه وسلم لطعام صنعه قال أنس: فذهبت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فرأيته يتتبع الدُّباء من حوالي القصعة،قال: فلم أزل أحبّ الدُّباء من يومئذ”[صحيح البخاري].

أقوال السلف:

يقول الإمام ابن القيم رحمه الله:

“اليقطين  هو الدُّباء والقرع،يعد غذاءً رطباً بلغمياً،وينفع المحمومين ومزيل للعطش،ويذهب الصداع إذا شرب أو غسل به االرأس،وهو ملين للبطن وبالجملة فهو من ألطف الأغذية وأسرعها انفعالاً”.

ويقول المعلم ابن سينا:”القرع المسلوق يغذو غذاءً يسيراً،وعصارته تسكن وجع الاذن ،وسلق القرع نافع للسعال ووجع الصدر،وطبيخه ينفع من الفضول الحارة في المعدة ويزلقها،ويقطع العطش وينفع من الحميات الحادة”.

اليقطين:

أو قرع العسل،صنف من النباتات وأكثر أنواعه شيوعاً القرع البلدي،له شكل دائري وملمس ناعم،ولونه يتراوح من الأصفر الغامق إلى اللون البرتقالي.له قشرة سميكة،تحتوي على البذور واللب.

الموطن الأصلي هو أمريكا الشمالية،وبذور اليقطين يرجع تاريخها مابين 7000 ـ 5500 قبل الميلاد،وعثر عليها في المكسيك.

واليقطينات فصيلة كبيرة بها حوالي ألف نوع نباتي،ومنها القرع العسلي،وقرع الكوسة،وقرع الأواني،والعجور،والبطيخ،والشمام،والقاوون وغيرها.

الفوائد الغذائية والطبية:

يتكون اليقطين من الماء بنسبة 94% والنشاء والسكر بكمية قليلة3% والزيوت والألياف  ويحتوي على الحديد والكالسيوم و طليعةالفيتامينA(الكاروتين).وتعطي المائة غرام منه 65حريرة فقط.وهو فقير بالصوديوم فهو يناسب مرضى ارتفاع التوتر الشرياني ،وهو غني بالبوتاسيوم

وتبين الدراسات أن اليقطين والمواد التي تركبه لها تأثير إيجابي على مستويات الإنسولين والغلوكوز في الجسم.وخاصة مركبات التريغونيلين وحمض النيكوتينيك.ويحتوي بذر اليقطين على الحموض الدهنية ومنها حمض الأوليك،وحمض الفالينوليك.

ومن فوائد اليقطين الطبية:

ملين للأمعاء،وينشط وظائف الكبد،ومضاد للصداع،وخاصة الشقيقة،ومهدىء للأعصاب،ومدر للبول،ويفيد تجاه التهابات المجاري البولية،ويكسر العطش وينزل الحرارة،وينفع في أمراض الصدر ومضاد للسعال،وينشط اللثة ،وبذوره طاردة للديدان وخاصة الدودة الوحيدة.ويفيد في معالجة أمراض البروستات.ويقلل من التبول الليلي عند المسنين.

وكذلك تبين الدراسات الحديثة أن اليقطين يفيد في الوقاية من السرطان.جيث عثر في بذور اليقطين على مواد كيميائية تمنع السرطان.وخاصة وجود مضادات الأكسدة ومنها مادة “البيتاكاروتين”.

البقوليات:

الآية الكريمة:

{وإذ قلتم ياموسى لن نصبر على طعامٍ واحدٍ فادعُ لنا ربّكَ يُخرج لنا مما تُنبتُ الأرضُ من بقلها وقثائها وعدسها وبصلها}[البقرة 61]

هي فصيلة نبات من صنف ثنائيات الفلقة،وتضم حوالي 730 جنساً وأكثر من 19 ألف نوع.وأهم أنواعها:

1 ـ البقوليات الغذائية:مثل الفاصولياء،والبازلاء،والفول،وفول الصويا،والحمص والعدس والترمس،والفول السوداني واللوبياء.

وهي تمتاز باحتوائها نسبة عالية من البروتين وتعتبر بديلاً اقتصادياً عن اللحوم،وإن كانت البروتينات الحيوانية هي أقرب إلى البروتينات الإنسانية .

ولقد أثبتت الأبحاث العلمية بأن تناول البقوليات الجافة يؤدي إلى بقاء جزء منها في الأمعاء،وخاصة الألياف منها، حيث لاتهضم بأكملها،وهذا يؤدي إلى مهاجمة جراثيم الأمعاء ماتبقى من البقول في الأمعاء وتتخذه غذاء لها،وهذا يؤدي لتحرر بعض المركبات الكيميائية التي تلعب دوراً هاماً في إنقاص تركيز الكولسترول في الدم،وتقلل من حدوث بعض الأنواع من السرطانات وخاصة في القولون والمستقيم.

كما ثبتأن تناول البقول يؤدي إلى انقاص جرعة الإنسولين اللازمة لعلاد الداء السكري الكهلي.

كما أنها ولغناها بالألياف الذوابة وغير الذوابة تقلل من حدوث الإمساك ،وتساعد على الهضم.

1 ـ العدس:Lentil

يزرع في أغلب دول العالم وأكثر الدول المنجة كندا والهند واستراليا وتكيا.وعرف العدس منذ القدم ويقال أنه عرف منذ أكثر من 13000ألف سنة،ويعتبر موقع تل الكرخ في محافظة ادلب في سورية من أقدم المواقع التي اكتشفت بها بذور مزروعة للعدس.

من الناحية الغذائية والصحية:

يحتوي كل كوب من العدس(198غرام):230 سعرة حرارية،ونسبة الكاربوهيدرات 40% ونسبة البروتينات 18% والألياف 15%.

كما يحتوي على الفيتامين ب1.وهو يخفض الكولسترول في الدم،ويقلل من أمراض القلب والدوران،ويخفض ضغط الدم،وهو غني بحمض الورق(الفوليك)وبالتالي ضروري للحوامل،وهو يقلل من السرطان،ويقوي من الجهاز المناعي،ويفيد في معالجة التعب والإرهاق،وهو غني بعنصر الحديد.

2 ـ الفاصولياء:Beans

وهي غنية بالألياف وتساعد على خفض الكولسترول،وغنية بالإضافىة إلى البروتين بحمض الورق،والحديد.وتقلل من أمراض القلب،وتخفض الضغط الشرياني،وتحتوي على مضادات الأكسدة وخاصة الفاصولياء الحمراء والسوداء.وتفيد في داء السكري من النموذج الثاني،وتقلل من الإمساك،وتقوي الجهاز المناعي،وتقلل من سرطان القولون،ومفيدة للحامل،وتقلل من داء الشلل الرعاش والزهايمر.

3 ـ الحمص:Chick pea

يحتوي على الحديد والزنك والمغنزيوم وحمض الورق والفوسفور.وهو يخفض مستوى الكولسترول والسكر في الدم،وبالتالي يفيد في أمراض القلب والأوعية،ويساعد ضد الإمساك،ويقلل من سرطان القولون والمستقيم،ويفيد في الوقاية من هشاشة العظام،ويفيد من أجل بشرة الجلد والأشعار.

ولابد من الحذر من الإفراط فب تناوله لأنه يحتوي مادة البورين وبالتالي الحذر في أمراض النقرس والكلى .

الريحان والأعشاب الطبية:

جاء في موسوعة سفير (دائرة المعارف الإسلامية):

الأعشاب في اللغة:جمع عشب،وهو نبات طريّ غير متخشب،ساقه خضراء ضعيفة الاحتمال،واحدته”عشبة”،ويدخل في العشب أحرار البقول وذكورها،فأحرارها:ما رقّ منها، وكان ناعماً،وذكورها:ما صلب وغلظ منها.

والبقل: كل نابتة في أول ماتنبت،واحدته بقلة،ويقال: كل نبات اخضرّت له الأرض،فهو بَقْل،ومن ثم يدخل في العشب.

كذلك تضمنت النصوص الإسلامية ذكر أسماء أخرى للأعشاب مثل الخردل،والحنظل،والبصل والثوم والحبة السوداء وغيرها…

وقد ورد ذكر العديد من أسماء”الأعشاب” والنباتات،في آيات قرآنية كريمة،وأحاديث نبوية شريفة،فقد ورد ذكر”الريحان” ـ على سبيل المثال ـ في قوله تعالى:{فأما إن كانَ من المُقرَّبينَ* فَرَوحٌ ورَيحانٌ وجناتُ نعيم}[الواقعة88 ـ 89]،وقوله عز وجل:{والحبُّ ذو العصفِ والرَّيحان}[الرحمن 12].

كما ورد في الحديث الشريف:”من عُرض عليه ريحان فلا يرده،فإنه خفيف الحمل،طيّب الريح”[صحيح مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه].

والريحان بأنواعه المختلفة نباتٌ عشبي يُستفاد من زيته في صناعة العطور والصابون،ويستخدم عشب الريحان بأكمله أو تستخدم أوراقه فقط،في الأغراض الطبية،أو توابل في بعض الأغذية،ليكسبها طعماً مقبولاً ورائحة طيبة.

وقد أثبتت التجارب أن منقوع أوراق الريحان وأزهاره يُستعمل طارداً للغازات،ومزيلاً للمغص المعوي،ومدراً للبول،أما مغلى البذور فيستخدم في علاج”الدوسنتاريا”.

وتستعمل أوراق الريحان الكافوري على شكل عجينة في علاج بعض الأمراض الجلدية،ويدخل الزيت المميز بوجود مادة الكافور في معظم التركيبات الخاصة بعلاج الروماتزم ونزلات البرد والتهاب المفاصل”.

وجاء في موسوعة الويكيبيديا:

الرّيحان أو الحبق أو الحوك ويلقب في أوروبا بالريحان الملكي أو العشبة الملكية :هو نبات عطري عشبي حولي ينتمي إلى الفصيلة الشفوية.يستخدم في التزيين والطهي والعلاج.ويعد الريحان من التوابل القديمة،شائعة الاستخدام في تحضير الحساء والسلطات وتحسين نكهة الشاي،بينما يدخل زيته العطري المستخرج من أوراقه في صناعة العطور والأشربة.كما ويعد الريحان من الأدوية لكثير من الأمراض  في الطب القديم.

من الناحية الصحية:

يعد الريح في الطب الحديث مضاداً للتشنج،ومنبهاً هاضماً،ويدخل في صناعة معاجين الأسنان.وهو مدر للبول،ويستخدم في أمراض الكلى وتقرحات اللثة،ويفيد في أمراض الروماتزم والمفاصل،ويفيد في معالجة أمراض البشرة ومنها حب الشباب والبثور،كما أنه يفيد في أمراض الجهاز التنفسي كطارد للقشع والبلغم،ومفيد ضد الحمى،ويمنع ترسب الكولسترول،…

وجاء في موسوعة سفير:

النعناع:Mentha

عشب صغير توجد منه أنواع عديدة أشهرها يعرف باسم النعناع الفلفي ويسمى في بعض المناطق النعناع البستاني.ويفاد من زيت النعناع في أغراض عديدة،حيث يستعمل بكثرة في عمل الحلويات،والعطور،ومستحضرات التجميل،كما يفيد طبياً،كطارد للغازات في حالات الانتفاخ والمغص،وكمسكن للتشنجات،ومطهر موضعي،ومخدر خفيف،بالإضافة إلى استعماله في المستحضرات الصيدلية،فيكسبها طعماً مقبولاً،أما أوراق النعناع الجافة فتدخل في المأكولات،مثل التوابل،لتكسبها طعماً مقبولاً،وتساعد على فتح الشهية للاكل.

ومستحلب النعناع يكسب الجسم المتعب نشاطاً وحيوية،وينصح بعدم استعماله في حالة الحميات وعند وجود استعداد للقىء لأنه يثير القىء،ويزيد جفاف الفم والشعور بالعطش.

وجاء في موسوعة الويكيبيديا:

النعناع أو النغنغ:جنس من النباتات،يضم بين 42 نوعاً مقبولاً،وهو عشبة معمرة ذات رائحة نفاذة،وينتشر بشكل شبه عالمي حول قارة أوروبا،وأفريقيا،وآسيا واستراليا وأمريكا الشمالية.

ويعتبر شراب النعناع دواء نافع لمعالجة اضطرابات المرارة وتسكين المغص المعوي،وآلام الحيض،وطرد الغازات المعوية.

ويحتوي النعناع على زيت طيار هو المانتول ومواد دابغة مسكنة للتشنجات وهو مفيد للقلب،ومريح للأعصاب،ومدر للبول،ويخفف من حساسية الغشاء المخاطي للمعدة.

الزعتر أو السعتر أو الصعتر:

جاء في موسوعة سفير:

“نبات الزعتر العادي،عشب معمر صغير،يصل ارتفاعه 20 ـ 40 سم ويزرع كمحصول أو ينمو برياً على سفوح المرتفعات ووديان الجبال.

ويمتاز الزعتر بخواصه الهاضمة والمضادة للتخمرات المعدية والمعوية ويضاف إلى بعض الأطعمة لتحسين طعمها.

ويفيد مغلى الزعتر في تهدئة الآلام الناشئة عن حصيات المثانة،وهو طارد للديدان،ومطهر قوي للجهاز التنفسي ويخفف من السعال الديكي والربو.

وترجع الفوائد الطبية لنبات الزعتر إلى احتوائه على مادة الثيمول والتي تعمل على طرد الغازات وإزالة المغص،وتدخل هذه المادة في صناعة معجون الأسنان،كمادة مطهرة ومسكنة لآلام الأسنان.

وجاء في الويكيبيديا:

يحتوي الزعتر على كمية جيدة من الفيتامينA وهو مفيد لسلامة الأغشية المخاطية والجلد والشعر والمحافظة على البصر.كما يحتوي على الفيتامبنB وهو مهم لسلامة الجهاز العصبي والهضمي.ويحتوي على الفيتامينC وهو يساعد على التئام الجروح والوقاية من أمراض الشتاء.كما يحتوي على الحديد والكالسيوم والفوسفور.

المكسرات 

هي فواكه أو بذور جافة صالحة للأكل وعادة ماتحتوي على نسبة عالية من الدهون.فهي مصدر غذائي وطاقة عالية القيمة.وأهم أنواعها:

اللوز والجوز والكاجو وجوز الهند والصنوبر والفستق والبندق والكستناء والفول السوداني….

الفوائد الغذائية والصحية:

المكسرات تلعب دوراً هاماً في الوقاية من حدوث أمراض القلب،حيث أنها تخفض معدل الكولسترول الضار،وذلك عند تناولها بشكل منتظم ومن دون إفراط وبشكل مناسب.كما أن دهون اللوز تحتوي نسبة عالية من الفيتامينات ومنها الفيتامينDوE،وهي فيتامينات تعمل كمضادات للأكسدة،وهذا يقلل من حدوث السرطان،كما أنها تحتوي نسبة جيدة من الأليافالغذائية وخاصة في الكاجو والبندق،وهذا يفيد في أمراض القولون.كما أنها تحتوي عنصر البوتاسيوم وهذا هام لعمل العضلات وخاصة عضلة القلب.وتحتوي على الفوسفور والمفيد للمخ والعظام،وخاصة منها البندق.كما أن الجوز يحتوي كمية كبيرة من الفوسفور تعادل الموجودة في الكبدة والبيض والسمك.كما أن اللوز يحتوي المغنزيوم وهذا مفيد لخفض الضغط الشرياني.والذي يسبب توسع الأوعية الدموية ويقلل من التشنجات العضلية.كما أن المكسرات غنية بالكلسيوم والحديد،وخاصة منها اللوز.كما أن المكسرات تقوي من الرغبة الجنسية وخاصة منها الجوز حيث يزيد من تشكل وإخصاب الحيوانات المنوية،وذلك لاحتواء المكسرات على مضادات الاكسدة والأوميغا3 ومجموعة الفيتامين ب المركب،كما أن المكسرات تقلل من حدوث الأرق وذلك لأنها تساعد على تحرير الميلاتونين وخاصة في الجوز.

ولكن يجب عدم الإفراط في تناول المكسرات لأن هذا قد يسبب بعض التأثيرات الضارة لأنها تحتوي نسبة عالية من الدهون والتي تزيد من السعرات الحرارية،وبالتالي قد تحدث البدانة والسمنة،ولذا ينصح بتناول 50 غراماً فقط يومياً.

كما أن المكسرات من أكثر الأغذية المسببة للحساسية عند الأطفال والكبار.

كما ينصح المرضى بالقصور الكلوي المزمن والحصيات الكلوية من الإقلال بتناول المكسرات.

كما أن الإكثار من المكسرات قد يترافق مع انتفاخ البطن والغازات.

الرمان شجروفاكهة الجنة 

الآيات القرانية:

{فيهما فاكهةٌ ونخلٌ ورمان}[الرحمن 68].

{والرُّمانَ مُشتبهاً وغيرَ متشابهٍ انظُروا إلى ثمرهِ إذا أثمرَ وينعهِ إنَّ في ذلكم لآياتٍ لقومٍ يؤمنون}[الأنعام 99].

{والرُّمانَ متشابهاً وغيرَ متشابهٍ كُلُوا من ثمرهِ إذا أثمرَ وآتُوا حقَّهُ يومَ حصادهِ ولاتُسرفوا إنه لايحب المُسرفين}[الأنعام 141].

من الناحية النباتية:

الرمان:Punica granatum:

هو فاكهة خريفية مفيدة صحياً،وتسمى زهور الرمان|جُلنار” مأخوذ من الفارسية.وزهر الرمان أبيض أو أخمر ويحتوي غلاف الثمرة على المئات من الحبوب اللامعة الحمراء أو البضاء اللون وفي كل حبة بذرة صلبة أو لينة وفقاً للنوعية والصنف.

وشجرة الرمان يصل ارتفاعها حوالي ستة أمتار،ولها أغصان متدلية،في أطرافها أشزاك،وشجر الرمان من الأشجار المعمرة (حيث تعمر حوالي 50 سنة)،وموطنها الأصلي إيران وتنتشر زراعتها في كثير من البلدان العربية.ويعد الرمان اليمني من أجود أنواع الرمان بالعالم،يليه رمان الطائف،وتشتهر اسبانيا بزراعة الرمان والذي نقله العرب إليها منذ القدم ومنها انتقل إلى الولايات  المتحدة الامريكية.

من الناحية الغذائية والطبية:

يحتوي كل كوب من شراب الرمان(250مل) على:103 سعرات حرارية،وهو خالي من الدهون،وخالي من الكولسترول،ونسبة الكاربوهيدرات 26%.ونسبة الماء فيه 85%.وهو غني بالبوتاسيوم والكلور،وكميات بسيطة من الكالسيوم والمغنزيوم.وهو غني بحمض الليمون،ويحتوي الفيتامينC.

ويحتوي الرمان على مادة الفيتوكيميكال.وعصير الرمان غني بنوعين من المركبات هما:البولي فينولك،والانثوثيانين.

وبذور الرمان مصدراً هاماً للألياف والسكريات والبكتين كما تحتوي هرمون الاستروجين.

والرمان غني بمضادات الاكسدة والتي تعمل على الخفاظ على سلامة الخلايا البدنية وتقاوم الامراض.مثل البولي فينول القابل للذوبان.

ويفيد الرمان في أمراض الجهاز الهضمي مثل الإسهال(حيث أن لقشر الرمان وثمره تأثيراً قابضاً ومضاداً للإسهال) والمغص المعوي والتهابات القولون وعسر الهضم وضد الديدان وخاصة الديدان الشريطية.ويفيد في البواسير الشرجية.

ويفيد في أمراض الجهاز التناسلي وخاصة الالتهابات والإفرازات البضاء وفرط الطمث .زالتهابات الثدي.

ويفيد في أمراض الجلد والأنسجة الرخوة،حيث يفيد قشر الرمان كدهان خارجي في التهابات الجلد التحسسية.والعد(حب الشباب).

ويفيد في أمراض الجهاز العصبي مثل الشلل والصداه والهستريا.

ويفيد في أمراض العين والأذن مثل آلام الأذن وضعف الرؤية.

ويفيد في أمراض القلب والاوعية،فهو مضاد للتصلب الشرياني،من خلال تأثيره على الصفيحات الدموية،وتأثير على مادة الليبوبروتين.

كما أن الرمان مضاد للميكروبات وللالتهابات ومقوٍ لجهاز المناعة.

وهو يفيد في أمراض الكبد وله تأثيرات مضادة لتليف الكبد.

كما تبين أن الرمان يقي من السرطان،وخاصة سرطان الثدي،وسرطان المثانة البولية.

وتدل الدراسات الحديثة أن قشر الرمان يحتوي على نسب عالية من مضادات الاكسدة من الفلافونيدات والفينوللينكات أكثر من حبوب الرمان،واستخدم الهنود في الطب الشعبي القديم قشور الرمان المجفف لعلاج الكثير من المشاكل الصحية.

أغذية أخرى مختلفة:

1 ـ البطيخ الأحمر:

الأحاديث النبوية:

عن أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم أكل البطيخ بالرُّطب”[فتح الباري لابن حجر وإسناده صحيح).

وعن أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها:”كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يأكل البطيخ بالرُّطب فيقول:”نكسر حرّ هذا ببردِ هذا،وبردَ هذا بحرِّ هذا“[أخرجه أبو داود واللفظ له والترمذي والنسائي وقال ألالباني حديث حسن].

الفوائد الطبية:

يشكل الماء 93% من البطيخ،ويحتوي كل 100غرام على 5غرام من السكريات وكذلك الألياف ولايعطي ال 100غرام أكثر من 24 حريرة.

أثبتت الدراسات الحديثة أن لفاكهة البطيخ فوائد عديدة ومنها:يطفىء العطش،ويرطب الجلد،ومنعش للجسم،وملين للأمعاء،ويساعد على الهضم،ومقوي للدم،ومفتت لحصى الكلية،ويفيد في معالجة ارتفاع توتر الدم،ومفيد للكلى حيث يقلل من ترسب حمض البول،وواق من السرطان لوجود مادة الليكوبين وهي إحدى مضادات الأكسدة،ومنشط جنسي مقوٍ للباء،ويقلل من سكر الدم.وهو يحتوي البوتاسيوم والمنغنيز والمغنزيوم .وكذلك الفيتامين A.وطليعته الكاروتين(200مغ لكل 100 غرام بطيخ).

كما أن البطيخ له تأثيرات مضادة لتخثر الدم،وذلك لاحتوائه مادة الادينوزين.

2 ـ الجرجير:أو الكثأ واسمه العلمي Eruca Sativa:

وهو من الخضروات الورقية،مثل الخس،وله أنواع كثيرة ومنها الرشاد البستاني والرشاد الشتوي،والرشاد المر والجرجير الهندي .

وأما الفوائد الصحية:

يحتوي نسبة عالية من الفيتامينA C، والثيامين والنياسين والفيتامين ب12،وهو غني بالمعادن مثل الكالسيوم والحديد والزنك والفوسفور.

وهو مفيد لمرضى القلب والصدر والسكر والكبد والغدة الدرقية(لاحتوائه على اليود).ويساعد على تقوية القدرة الجنسية،ويمنع تساقط الأشعار،وواق من الإمساك.ومدر للبول.

كما أنه مفيد للعظام لاحتوائه على الكالسيوم،كما أنه ينقص تركيز الشحوم في الدم،ويفيد في أمراض عسرة الهضم والقولون،ويساعد على تقوية الذاكرة.

كما يفيد في تنقيص الوزن،ويحمي البشرة ويؤخر الشيخوخة،ومفيد لصحة الحامل والجنين.

3 ـ التفاح:Malus domestica

شجرة التفاح صغيرة ،يتراوح طولها 3 ـ 12 متر.وأكثر دول العالم لإنتاج التفاح الصين والولايات المتحدة الامريكية،ومن ثم تركيا وفرنسا وإيطاليا.وهناك عدة أنواع للتفاح.ويبلغ عدد أصناف التفاح أكثر من 7500.

الفوائد الطبية والغذائية:

تحتوي كل تفاحة متوسطة الحجم مع قشرها (180غرام) على 95 سعرة حرورية،ونسبة 25% من الكاربوهيدرات وحوالي 5% من الالأياف،و19% من السكر،وأقل من نصف بالمائة من الدهون والبروتينات.

يقوي التفاح الدماغ والقلب،ويفيد في علاج آلام المفاصل وخفقان الفلب،وهو مسكن للعطش،ويوقف القىء.وهو مقوي للثة والأسنان،ويمنع الإمساك،ويقلل الكولسترول،وهو مفيد لبشرة الجلد،ويقي من السرطان لاحتوائه على بعض مضادات الأكسدة.

والتفاح غني بالفيتامينات:AوBوC،وهو يحتوي على مواد سكرية وبروتين ومواد دهنية وبكتين،وأحماض عضوية وأملاح معدنية وخاصة البوتاسيوم والكالسيوم والصوديوم..وهو مفيد لتخليص الجسم من السموم كما أن عصيره يقتل الفيروسات والجراثيم.

4 ـ التوت وأنواعه المختلفة 

التوت أو الفرصاد Morus: له أنواع كثيرة ومتعددة،مفيد للجسم بجميع أشكاله.ومن أهم أنواعه:

التوت البري،والتوت الأبيض،والتوت الأحمر والتوت الأسمر.والأخير هو مايوصف دوائياً وعلاجياً بشكل خاص.

أقوال السلف:

يقول ابن سينا:”التوت صنفان أحدهما الفرصاد الحلو،والآخر هو المر والذي يعرف بالتوت الشامي،وعصارته قابضة.

وقال ابن البيطار:”التوت صنفان أحدهما الفرضاد وله سائر أحوال التين،ولكن دونه،وأما المر والذي يعرف بالشامي فالحلو منه حار رطب والحامض الشامي هو البرد والرطوبة والحامض يحبس أورام الحلق والفم .

وقال داود الأنطاكي:التوت يصلح الكبد ويطفىء اللهيب ويفتح الشهوة وينفع أورام الحلق واللثة والجدري والحصبة والسعال .

الفوائد الغذائية والصحية:

يوجد في التوت بأنواعه المختلفة مادة الانثوسيانين وهي من مضادات الأكسدة ويعتبر التوت من أكثر الفواكه غنىً بمضادات الأكسدة،،وهي التي تعطي التوت لونه الداكن،كما أنه غني بالفيتامينات وخاصة CBووE.كما أنه غني بالمعادن وخاصة المنجنيز.والزنك والنحاس والكالسيوم والسلينيوم والفوسفور.

وللتوت فوائد عديدة ومنها:أنه يفيد الحامل،ويحافظ على بشرة الجلد،ويمنع من الشيخوخة،كما أنه يمنع تساقط الأشعار.كما أنه يزيد من الرغبة الجنسية،وخاصة لاحتوائه تركيزاً عالياً من الزنك،ويزيد من تركيز التستوستيرون.

كما أنه يقلل من سكر الدم وبالتالي يفيد مرضى السكري،ويحتوي على الألياف وخالي من الدهون،وبالتالي قليل السعرات الحرورية.

كما أنه ينشط الدورة الدموية،وينشط عمل عضلة القلب لاحتوائه حمض التنيك،ويفيد في أمراض الربو،وقاتل للجراثيم.

والتوت مفيد جداً في حالات فقر الدم وأورام الحلق واللثة،وهو خافض للحرارة،ومطفىء للعطش،ويستخدم عصير التوت في المجال الطبي مع الأدوية بغرض التلوين وتحسين الطعم.

5 ـ الفراولة أو الفريز أو توت الأرض:

وهي من الثمار التي تتلون عدة مرات أثناء نضجها،ففي البداية تكون خضراء اللون ثم تتحول إلى اللون الأبيض ثم الوردي فالأحمر.

وأكثر الدول المنتجة هي أمريكا،وتركيا واسبانيا .

والفراولة غنية بالأملاح المعدنية وخاصة الكالسيوم والحديد والفوسفور،كما تحتوي على حمض الليمون وحمض التفاح،وعلى سكر الفواكه،وتحتوي تراكيز عالية من الفيتامينات AوBوC.وهي غنية بالكربوهيدرات.وخاصة سكر الفواكه(الفركتوز) وهي مناسبة لأكلها طازجة لمرضى السكري ومفيدة للنمو عند الأطفال،وكذلك عند المسنين،وتحتوي الكثير من الحموض الأمينية.

العنب: فاكهة أهل الجنة

الآيات القرانية:

ذكر العنب في القرآن الكريم إحدى عشرة مرة ومن هذه الأيات الكريمة:

{إن للمتقين مفازاً *حدائق وأعناباً}[النبأ 31 ـ 32].

{وجناتٍ من أعنابٍ }[الأنعام 99].

{وفي الأرض قطعٌ متجاوراتٌ وجناتٌ من أعنابٍ}[الرعد4]

{واضرب لهم مثلاً رجلين جعلنا لأحدهما جنتينِ من أعنابٍ}[الكهف32].

{أيودُ أحدكم أن تكون لهُ جنةٌ من نخيلٍ وأعنابٍ}[البقرة 266].

{يُنبتُ لكم به الزرعَ والزيتونَ والنخيلَ والأعنابَ ومن كلِ الثمرات}[النحل 11]

{أو تكونَ لكَ جنةٌ من نخيلٍ وعنب}[الإسراء 91]

{فأنشأنا لكم بهِ جناتٍ من نخيلٍ وأعنابٍ}[المؤمنون 19]

{وجعلنا فيها جناتٍ من نخيلٍ وأعنابٍ}[يس 34]

{وعنباً وقَضباً}[عبس 28].

الأحاديث النبوية:

روى مسلم في صحيحه  عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال:”لايقولنَّ أحدكم للعنب: الكَرْمَ. فإنَّ الكَرْمَ الرجلُ المُسلم” .

(كانت العرب تقول عن العنب والخمر الكرم،لأنهم كانوا يظنون أن الخمر المشتقة من العنب تحملهم على السخاء والكرم،فكره الشرع إطلاق هذه التسمية على العنب وشجره).

وفي رواية أخرى للإمام مسلم من حديث علقمة بن وائل عن أبيه :”لاتقولوا :الكَرْمُ، ولكن قولوا: الحَبلةُ،يعني العنب”.

أقوال السلف:

يقول الإمام ابن القيم رحمه الله:”العنب: من أفضل الفواكه وأكثرها منافع.وهو فاكهة من الفواكه وقوت من الأقوات وأدم من الإدام ودواء مع الأدوية وشراب مع الاشربة.مقوٍ للبدن،ومنفعة العنب يسل الطبع ويسمن ويغذي غذاءً حسناً”.

وكان الكثير من الأطباء العرب يوصون مرضاهم بتناول العنب نظراً لفوائده الغذائية والعلاجية.وذكروا أنه ينفع المعدة،ويقوي البدن،ويقوي الدم،ويفيد الصدر والرئة،وينشط القوة الجنسية.

من الناحية الزراعية:

العنب ثمر ناعم القشرة،عصيري،ينمو على شجر الكرم.ويظهر بشكل عناقيد،يوجد فيها عادة مابين ست ثمرات إلى ثلاثمائة ثمرة.يتفاوت لون ثمار العنب بحسب أصنافه وتكون ألوانها إما سوداء أو زرقاء أو بنفسجية أو ذهبية اللون تميل إلى الخضرة أو بيضاء.أو أحمر اللون.

وقد عرف العنب منذ عصور ماقبل التاريخ،وعرف في الحضارات القديمة في بلاد وادي الرافدين وبلاد الشام والمصريون القدماء.وتعتبر آسيا هي أصل شجرة العنب،والفينيقيون هم من نقلوه إلى جزر اليونان وإيطاليا ومرسيليا ومصر.

وتكثر زراعة العنب حالياً  في معظم البلاد العربية وخاصة سوريا والأردن ولبنان وفلسطين والطائف ومصر واليمن والمغرب والجزائر..وكذلك تعتبر أمريكا وتركيا والمغرب من الدول الرئيسية في انتاج العنب،والذي يدخل في صناعة المربى والعصائر  والتعليب والتجفيف لصنع الزبيب.

الفوائد الغذائية والصحية:

يعد العنب من الفواكه ذات القيمة الغذائية والعلاجية،وقد عرف ذلك الصينيون والهنود.

يحتوي كأس من العنب(150غرام) على 104 سعرات حرارية،ونسبة 27% من السكريات(الكاربوهيدرات)،و23% من السكر،ونسبة بسيطة من البروتينات والدهون والألياف.

يتميز العنب باحتوائه نسبة جيدة من المواد السكرية سريعة الامتصاص،وسهلة الهضم،وخاصة سكر الغلوكوز وسكر الفركتوز،وبالتالي يمد الجسم بالطاقة الفورية،ولكن يجب الحذر من الإفراط في  تناوله عند مرضى السكري والبدينين.

وهو غني بالفيتامينات وخاصة الفيتامينC. وكذلك مجموعة الفيتامينB،A: كما يحتوي على الكثير من المعادن مثل البوتاسيوم والكالسيوم والصوديوم والحديد.وكذلك معدن السلينيون الذي يقي من تصلب الشرايين والسرطان.

ويحتوي العنب على مواد ذات مفعول علاجي ومنها مركبResveratol،وهي مادة تقلل من تصلب الشرايين،وتقلل الكولسترول في الدم،وخاصة الكولسترول السىء.وهو يوقف زحف الشيخوخة،ويقي من السرطان والخرف الشيخي.

وتوجد في العنب بعض الأحماض الواقية من السرطان.والمفيدة للبشرة الجلدية.

وكذلك فإن قشور وبذور العنب تحتوي على مركبات البولي فينولات والتي لها تأثير قاتل للجراثيم وخاصة في تجويف الفم،والمسببة لتسوس الأسنان.وهيؤ من مضادات الاكسدة.

ويفيد العنب في الوقاية من هشاشة العظام،وذلك لاحتواء العنب على معدن البودون والذي يزيد من ىتركيز الاستروجين عند الإناث وهو هرمون يقي من هشاشة العظام.

كما يفيد العنب في تحسين بشرة الجلد،ويعالج تساقط الشعر،لاحتوائه تراكيز عالية من الفيتامينE.

كما يفيد العنب في أمراض الكبد،وذلك لاحتوائه مادة الفولافونيد،وهو مضاد لسموم الكبد.ومن مضادات الاكسدة القوية.ويوجد بتراكيز عالية وخاصة في الأصناف الداكنة من العنب مثل الحمراء والسوداء.وتتركز هذه المركبات بالقرب من قشرة العنب.

كما أن العنب بسبب غنائه بالألياف فهو يساعد ضد الإمساك.

لاينصح بتناول العنب للمصابين بالقرحة الهضمية،والداء السكري والبدانة.والذين يعانون مشاكل مزمنة في الأسنان.كما يحذر من تناوله لدى المرضى بالحصيات الكلوية من نوع أوكسالات الكالسيوم.

ويفضل غسل العنب قبل تناوله لأنه من أكثر الفواكه التي تعلق بها المبيدات.

 الحمضيات 

الحمضيات عائلة نباتية تسمى Rutaceae وتضم أنواعاً مختلفة من الفواكه وتتميز باحتزائها تركيز عال من حمض الليمون.وأهم أنواع الحمضيات نذكر:البرتقال،والليمون بأنواعه،والنارنج)،والبوملي،والمندرين،واليوسفي،والأترجGrapefrut،والكباد.وتتميز أشجارها بأنها دائمة الخضرة.

فوائد الحمضيات بشكل عام:

1 ـ تحتوي على تركيز عال من الفيتامينC وهو فيتامين ينشط الجسم وينشط توليد الكولاجين في النسيج الضام فيخافظ على بشرة جلدية سليمة وناضرة،كما أنه يفيد في الالتهابات والانتانات،…

2 ـ بسبب ارتفاع تركيز “السترات” في الحمضيات فإنها تؤدي لنقص تشكل الحصى الكلوية،والحالبية.وذلك من خلال زيادة حموضة البول بفعل مركب السيترات.

3 ـ تحسين صحة القلب والأوعية الدموية:حيث تبين احتواء الحمضيات على مركبات تقلل من التصلب الشرياني،وتسبب هبوطاً في الضغط الدموي وتقلل من أمراض القلب.

4 تقي من السرطان وتقوي جهاز المناعة،وتحسن وظائف الدماغ وتفيد في معالجة الرشوحات والاتهابات.

5 ـ غنية بالفيتامينات وخاصة الفيتامينC، وكذلك حمض الورق،والفيتامين ب6 ،ومضادات الأكسدة وخاصة الفلافونيدات،وكذلك بالألياف الغذائية التي تمنع الإمساك،وتخفض سكر الدم والكولسترول.كما أنها غنية بالمعادن مثل الكالسيوم والبوتاسيوم والفوسفور والنحاس.

وبعد الإجمال نأتي للتفصيل:

1 ـ البرتقال:

هو أحد أنواع الحمضيات،وتعد البرازيل الدولة الاولى في انتاجه،وتليها أمريكا والمكسيك ثم الهند والصين واسبانيا وإيطاليا.

وشجرة البرتقال من النباتات دائمة الخضرة،وقد تصل لطول عشرة أمتار.ويمكن للشجرة أن تعطي حوالي ألف ثمرة برتقال.ويمكن أن تستمر في انتاج البرتقال لمدة 50 سنة.

وللبرتقال عدة أنواع:البرتقال الحلو أو السكري،وستفاد منه خاصة من أجل تحضير العصائر.والبرتقال اليوسفي:وهو نوع شديد الحلاوة صغير الحجم،لاتوجد فيه بذور،ويستعمل خاصة كفاكهة للتحلية والتعليب.والبرتقال الحمضي:والذي يزرع خاصة في اسبانيا وايطاليا ويستعمل في النكهة وفي صناعة العطور.والبرتقال أبو سرة.

تحتوي كل حبة برتقال بوزن حوالي 180غرام على 86 سعرة حرارية،ولاتحتوي الدهون المشبعة.ونسبة الكاربوهيدرات حوالي21% والالأياف رحوالي4%،والبروتينات دون 2%.

ويحتوي البرتقال على 28 عنصراً غذائياً هاماً ومنها:الحديد وسكر الفواكه(الفركتوز)،والفوسفور،والفيتامين C B1،والكالسيوم.

كما يحتوي حمض الليمون(الستريك)،وهو قليل الحريرات حيث يحتوي كل 100غرام على 43سعرة حرارية.

ويساعد البرتقال على تثبيت الكلس في العظام،والوقاية من الأمراض الانتانية،وتستعمل أوراقه لمعالجة الصداع،والسعال.وهو مثير للشهية،ويخفف من ريح البطن،كما لاأنه منعش وطارد للديدان،ومقوي للعظام،وذو تأثير مهدىء .وهو يقوي الأظافر والشعر والأسنان،ويقلل من نسبة الكولسترول في الدم.ويفيد تجاه السرطان.

2 ـ الليمون:Citrus limon

شجرة الليمون تكون عادة صغيرة،ونادراً ماتصل ستة أمتار.وأوراق الليمون مرة المذاق لاحتوائها الراتنجاتResins.

ويعتبر الليمون من أغنى الثمار بالفيتاميناتCو B وB2وB3،والتي تفيد في تكوين الكريات الحمراء وانتاج الاضداد المناعية،ويحتوي أيضاً معادن الكالسيم والبوتاسيوم.

ويعتبر الليمون بغناه بالفيتامين ث من أفضل المواد الواقية من الاسقربوط،كما أنه يقوي الأوعية الدموية.ويفيد في معالجة الرشوحات والالتهابات،وتضميد الجروح كما أنه يحتوي على أملاح وحوامض عضوية تفيد في حرق الفضلات،ويوصف للروماتزم،والنقرس،وارتفاع الضغط الشرياني.كما أنه مدر للبول،ويقاوم التسممات،وهو مزيل للعطش ومنعش في الصيف،كما أنه مطهر للمسالك البولية والمثانة.وهو غني بالبوتاسيوم.وهو مفيد للبشرة الجلدية ويمنع تساقط الأشعار،ويفيد في تخفيف الوزن.

3 ـ الأترج:

الحديث النبوي:عن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:”مثل المؤمن الذي يقرأ القرآن مثل الأُترجَّة،ريحُها طيب وطعمها طيب،ومثل المؤمن الذي لايقرأ القرآن مثل التمرة،لاريح لها  وطعمها حلو،ومثل المنافق الذي يقرأ القرآن،مثل الريحانة،ريحها طيبوطعمها مرُّ،ومثل المنافق الذي لايقرأ القرآن،كمثل الحنظلة،ليس لها ريح وطعمها مر”[أخرجه مسلم والبخاري].

وقيل أن بعض الملوك الأكاسرة سجنوا بعض الأطباء وأمروا أن لايقدم لهم من الأكل إلا الخبز وأدام واحد،فاختاروا الأترج وسئلوا عن ذلك فقالوا:” لأنه في العاجل ريحان ومنظره مفرح،وقشره طيب الرائحة ولحمه فاكهة وحماضه إدام،وحبّه ترياق وفيه دهن”.

والأترج:أو الليمون الطبي أو الكُبّاد أو الاترنج واسمه العلميCitrus medica.

أقوال السلف:

يقول العالم اسحق بن سليمان في كتابه”الأغذية والأدوية”:أما الأترج فمركب من قوى أربع:أحدها في قشره،والثانية في لحمه،والثالثة في لبّه،والرابعة في حبّه(أي بذره)،فأما قشره فمن منافعه أنه إذا  جعل مع الثياب منع السوس،ورائحته تُصلح فساد الهواء والوباء،يُطيّب النكهة إذا أمسكه في الفم ويُحلل الرياح”.

وقال ابن حجر الهسقلاني:”قيل الحكمة من تخصيص الأترجة بالتمثيل(حديث الرسول صلى الله عليه وسلم) دون غيرها من الفاكهة التي تجمع طيب الطعم والريح كالتفاحة لأنه يتداوى بقشرها وهو مفرح بالخاصيّة،ويستخرج من حبّها الدهن وله منافع”.

وقال ديسقوريدس:”أنه إذا شُرب بشراب كانت له قوة تضاد قوة الأدوية القتّالة.وأما لحم الأترج بلا قشره فبارد رطب،وبرده أقوى من رطوبته،وفي جسمه كثافة وغلظ وهو لبرده صار فيه قوة مبردة لحرارة المعدة،ولغلظه وكثافته صار بطىء الانهضام والانحدار.أما ماء الأترج فرقيق سائل ليس فيه شىء من الغذاء لأن رطوبته ليس فيها من الجسمانية شىء أصلاً.

ويقول المعلم ابن سينا:”لحمه ملطف لحرارة المعدة نافع لأصحاب المرة الصفراء”.

وقال فيه بعض الأطباء العرب:”هو قشر ولب وحمض وبذر ولكل منها منافع وخواص.فمن منافع قشره أنه إذا جُفف وسحق ثم جعل بين الملابس أو الفراش منع السوس ورائحته تطيسب رائحة الهواء والوباء،ويطيب النكهة إذا أمسكها في الفم،ويحلل الرياح،وإذا أضيف إلى الطعام أعان على الهضم.وعصارة القشرة الطازجة تنفع من نهش الأفاعي شرباً،كما ينفع القشر ضماداً على الجروح،وإذا أحرق قشره بعد جفافه فإن رماده طلاء جيد للبهاق.أما لبه فملطف للمعدة،وحماضه قابض وكاسر للصفراء،ومسكن للخفقان الحار،يفيد اليرقان شرباً،يقطع القىء،ومُشه للأكل،ويفيد ضد الإسهال الصفراوي،ومقو للمعدة ويسكن العطش.أما بذره فينفع من السموم القاتلة إذا شرب منه مثقالين مقشراً بماء فاتر،ملين للطبيعة مطيب للنكهة.

وقال ابن البيطار:”قوة الأترج تلطف وتقطع وتبرد وتطفىء حرارة الكبد وتقوي المعدة وتزيد في شهوة الطعام وتقمع حدة المرّة الصفراء وتزيل الغم العارض منها،وحب الأترج ينفع من لدغ العقارب”.

ومن فوائد الأترج علمياً:فاتح للشهية،ومهضم،ومنبه للجهاز الهضمي ومطهر ومضاد للفيروسات وقاتل للبكتريا وخافض للحمى،ويفيد في الرشوحات والزكام والنزلات والحمى،وهو يقوي جهاز المناعة ويفيد في ضغط الدم.

الطلح(الموز) 

الآيات القرانية:

{وأصحابُ اليمين ما أصحابُ اليمين*في سِدرٍ مخضود*وطلحٍ منضود}[الواقعة 27 ـ 29].

أجمع المفسرون أن الطلح هو الموز،وكلمة منضود تعني أنه متراكم الثمر أي أنه يتراكم فوق بعضه،وهذا هو الشكل الطبيعي لشجرة الموز.

وقد جاء في كتاب صحيح البخاري أن ابن عباس رضي الله عنهما قال عن الطلح المنضود هو الموز.

من الناحية التاريخية والزراعية:

وجاءت تسمية الموز بهذا الإسم من الأصول الهندية،وقد شبه العرب قديماً الموز بالبنان،ومن هنا جاءت تسمية الموز في اللغة الانجليزية باسم”البانانا”.

يعتبر الموز من أهم محاصيل الفاكهة الاستوائية،ويحتل مركزاً كبيراً في التجارة العالمية،والموز ليس شجرة كما يظن البعض بل هو من فصيلة الأعشاب،ويعود ذلك إلى ساق النبتة غير الخشبي والذي يتألف من أوراق ملتفة على بعضها.والموز نبات معمر يتراوح طوله مابين 3 ـ 8أمتار حسب الاصناف.

وتعتبر الصومال وموريتانيا والسودان من أكبر الدول المنتجة للموز.ويزرع أيضاً في مصر والمغرب وتونس والجزائر.

من الناحية الغذائية والطبية:

يحتوي الموز على ثلاثة أنواع من السكاكر:السكروز،والفركتوز،والغلوكوز.كما أنه غني بالألياف،وتناوله يعطي طاقة كبيرة ونشاط.حيث أثبتت البحوث بأن تناول موزتين فقط يمكن أن تزودا الجسم بطاقة كافية للقيام بتمرين رياضي لمدة تسعون دقيقة.ولذا يعتبر الموز من الفواكه المفضلة لدى الرياضيين.

ويفيد الموز في علاج الكآبة،وذلك لاحتوائه التربتوفان وهو نوع من الحموض الأمينية والذي يتحول إلى السيروتونين في الجسم والذي يمنح الراحة والاسترخاء والشعور بالطمأنينة.ويحسن المزاج.

كما يحتوي الموز على الحديد ولذا يفيد في فقر الدم،ويساعد على تشكيل الهيموغلوبين .كما أنه غني بالبوتاسيوم وبالتالي يفيد في علاج ارتفاع ضغط الدم.ويساعد على تنشيط عمل الدماغ.وهو مهدىء عصبي لاحتوائه على مجموعة الفيتامين ب المركب.

كما أنه غني بالالأياف ولذا يساعد في معالجة الإمساك.وله تأثير معدل للحموضة المعدية.كما أنه يقلل من حدوث الغثيان الصباحي عند الحوامل.ويفيد في علاج القرحة الهضمية.

ماء زمزم 

الأحاديث النبوية:

عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم:”ماءُ زمزمَ لما شُربَ له”[أخرجه ابن ماجه وصححه الألباني].

وعن أبي ذر الغفاري رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال في ماء زمزم:”إنها مباركة إنها طعام طعم[رواه مسلم] وزاد الطيالسي في رواية له:”وشفاء سقم”

(أي أن ماء زمزم يغني شربها عن الطعام ويشفي من السقام).

وعن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم:”خيرُ ماءٍ على وجهِ الأرض ماءُ زمزم،فيهِ طعامٌ من الطُّعمِ،وشفاءٌ من السُّقم،وشرُّ ماءٍ على وجهِ الأرض ماءُ بوادي بَرَهُتَ بِقُبّةٍ بحضرموتَ كَرِجلِ الجرادِ من الهوامِ،تُصبحُ تتدفق وتُمسي لا بِلالَ لها”[أخرجه الطبراني وصححه الألباني].

وعن أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها أنها كانت تحمل من ماء زمزم،وتخبر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يحمل ماء زمزم في الأداوي والقرب،وكان يصب على المرضى ويسقيهم”[أخرجه البخاري والترمذي].

يقول الإمام ابن القيم رحمه الله(زاد المعاد):

ماء زمزم سيد المياه وأشرفها،وأجلّها قدراً،وأحبها إلى النفوس وأغلاها ثمناً،وأنفسُها عند الناس،وهو هَزْمةُ جبريل،وسقيا الله إسماعيل”

( هزمة جبريل:أي ضربها برجله فنبع الماء).

ويتابع ابن القيم:”وقد جربتُ أنا وغيري من الاستشفاء بماء زمزم أموراً عجيبة،واستشفيت به من عدة أمراض،فبرأت بإذن الله،وشاهدتُ من يتغذّى به الأيام ذوات العدد قريباً من نصف الشهر،أو أكثر،ولايجد جوعاً،ويطوف مع الناس كأحدهم”.

بئر زمزم:

يقع في الحرم المكي على بعد 21متر شرقي الكعبة،ويرجعه المؤرخون إلى حوالي 2000قبل الميلاد من عهد النبي إبراهيم وابنه إسماعيل عليهما السلام.يبلغ عمقه حوالي 30 متراً،وتصب فيه عدد من عيون الماء .وقد تفجر ماء زمزم بعد مانبش جبريل عليه السلام بعقبه أو بجناحه الأرض للسيدة هاجر زوجة النبي إبراهيم الخليل وابنها إسماعيل،وذلك حين نفد ماعندهما من ماء وزاد،فقد تركهما نبي الله إبراهيم عليه السلام في ذلك الوادي القفر الذي لازرع فيه ولاماء بأمر من الله تعالى.{ربنا إني أسكنتُ من ذريتي بوادٍ غير ذي زرعٍ عند بيتك المحرم}[إبراهيم 37]

وجهدت هلجر وأتعبها البحث ساعية بين الصفا والمروة ناظرة في الأفق البعيد علها تجد مغيثاً يغيثها،حتى كان مشيها بينهما سبع مرات ثم رجعت إلى ابنها فسمعت صوتاً حيث ضرب جبريل الأرض فظهر الماء فحاضته أم إسماعيل برمل ترده خشية أن يفوتها،قبل أن تأتي بالوعاء فشربت ودرت على ابنها،وفي الحديث النبوي عن ابن عباس رضي الله عنهما قال النبي صلى الله عليه وسلم:” فجاء الملكُ بها،حتى انتهى إلى موضع زمزم،فضربَ بعقبهِ ففارت عيناً،فعجلت الإنسانة،فجعلت تقدح في شَنتها،فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم :”رحم الله أم إسماعيل، لولا أنها هجلت، لكانت زمزم عيناً مَعينا”.[صحيح البخاري]

وقد روى الإمام البخاري هذه الواقعة مطولة في صحيحه.

وبئر زمزم هو أشهر بئر على وجه الارض لأهميته عند المسلمين وارتباط بعض شعائر الحج والعمرة به.

نتائج التحاليل الكيميائية لماء زمزم:

تذكر الدراسات أن العيون المغذية للبئر تضخ مابين 11 ـ 18 لتراً من الماء في الثانية.

جاء في كتاب وصايا طبيب عام 1997م والذي يبين نتائج تحاليل ماء \زمزم لمركز أبحاث الحج بجامعة الملك عبد العزيز المعلومات التالية:

ـ ماء زمزم نقي لالون له ولا رائحة،ذو مذاق رائح قليلاً.وتفاعله قلوي بسيط(PH7،8).

ـ يحتوي تركيز عالي من الصوديوم والكالسيوم والمغنزيوم وجميعها تقع ضمن مقاييس منظمة الصحة العالمية ماعدا الصوديوم فهو مرتفع.

ـ العناصر السامة الأربعة وهي الزرنيخ والرصاص والكادميوم والسلينيوم توجد بتراكيز بسيطة جداً بحيث لاتسبب الضرر عند الاستخدام البشري.

ـ ماء زمزم خالية من الجراثيم.

الفوائد الصحية لماء زمزم:

ـ يمد الجسم بقدر كبير من الطاقة.

ـ يعادل الأس الهيدروجيني للجسم.

ـ يزيل الفضلات الحمضية من الجسم.

ـ مضاد للأكسدة ومزيل قوي للسموم.

وثبت أنه يفيد في كثير من الأمراض ومنها:السكري وارتفاع الضغط الدموي،وأمراض الحساسية،وفرط الحموضة، وعسر الهضم،وهشاشة العظلم،ومقو للمناعة،ويؤخر الشيخوخة…

شراب العرقسوس 

العرقسوس أو نبات السوس:

نبات شجري معمر ينبت في كثير من بلاد العالم مثل سوريا ومصر وآسيا الصغرى.وتستخرج من جذور الشجرة مادة العرقسوس،وهي أكثر حلاوة من السكر العادي ويمكن مضغها أو تؤكل حلويات.وهناك 12 نوع من جذور العرقسوس تختلف في الطعم.

ولقد عرفت الحضارات القديمة في سورية ومصر والرومان والعرب هذا النبات،وكان المصريون القدماء يطلقون عليه”شفا وخمير يا عرقسوس”.وعثر على جذور نبتة العرقسوس في قبر الملك توت عنخ أمون،وقد كان الأطباء المصريون القدامى يخلطونه بالأدوية المرة لإخفاء طعم المرارة.

كما عرف العرقسوس عند البابليين منذ \أكثر من أربعة آلاف سنة.وقد كان الطبيب اليوناني ثيوكريتوس يعالج به السعال الجاف والربو والعطش الشديد.

وقد أثبتت الدراسات الحديثة احتواء العرقسوس على مادةGlycerrhizin والتي يشتق منها “كاربن أوكسيلين” وهي مادة تساعد في شفاء القرحة الهضمية.

قال عنه ابن سينا في كتابه “القانون”:إن عصارته تنفع في الجروح وهو يلين قصبة الرئة وينقيها وينفع الرئة والحلق وينقي الصوت ويسكن العطش وينفع في التهاب المعدة والأمعاء وحرقة البول.

وقال ابن البيطار:”أنفع ما في نبات العرقسوس عصارة أصله وطعم هذه العصارة حلو كحلاوة الأصل مع قبض فيها يسير ولذلك صارت تنفع الخشونة الحادثة في المري والمثانة وهي تصلح لخشونة قصبة الرئة إذا وضعت تحت اللسان وامتص ماؤها وإذا شربت أوقفت التهاب المعدة والأمعاء وأوجاع الصدر والكبد والمثانة ووجع الكلى،وإذا امتصت قطعت العطش وإن مضغت وابتلع ماؤها تنفع المعدة والأمعاء .

الفوائد الطبية والعلاجية:

المادة الفعالة في العرقسوس كما ذكرنا مادة الغلنتيسرين وثبت أن عرق السوس يحتوي مواد سكرية وأملاح معدنية ومن أهمها البوتاسيوم والكالسيوم والمغنزيوم والفوسفور،ومواد صابونية تسبب الرغوة عند صب عصيره،ويحتوي كذلك على زيت طيار.

وفي عام 1955 تم فصل مركب ستيروئيدي وأطلق عليه اسم حمض Glycerrhysic من جذور نبات العرقسوس وتبين أنه في بنيته الكيميائية يشبه مركب الكورتيزون إلا أنه يتميز بخلوه من الآثار الجانبية المعروفة للكورتيزون وخاصة عند المعالجة المديدة.وهذا الحمض له تأثيرات مضادة للالتهابات ويفيد في معالجة قرحة المعدة والإثني عشر،واستخرج منه مركب الكارينكسنول والذي يستخدم لمعالجة القرحة الهضمية وذلك عن طريق زيادة إفراز مادةMucin والتي تحمي جدار المعدة،وكذلك توقف نشاط الخمائر التي تثبط إفراز البروستاغلاندينات والتي لها أهمية في منع حدوث القرحة.

ويفيد العرقسوس كمقشع ومضاد للسعال،ومضاد للفيروسات،ويساعد في التئام الجروح،ولاخوف من إعطائه لمرضى السكري.

وهناك دراسات حديثة تبين أيضاً فعالية الجلسرين في معالجة التهاب الكبد الفيروسي وخاصة فيروس سي.

ويحذر من تناول العرقسوس عند المرضى بارتفاع التوتر الشرياني لأنه يسبب احتباس السوائل في الجسم.

عصير التمرهندي 

التمر هندي:Tamarindus indica:

هو لب ثمار قرنية لنبات شجري دائم الخضرة،سريع النمو يصل ارتفاعه حوالي ثلاثة أمتار،وله عدة أسماء منها الحمر والحومر والعرديب.

والموطن الأصلي هو افريقيا الاستوائية،وعرف منذ القدم في السودان ومصر والهند وانتشر في بقاع العالم.ويقال أن موطنها جزيرة مدغشقر وشرق أفريقيا.

ويقال أن الفراعنة لهم الفضل في إدخال زراعة التمر هندي إلى مناطق البحر الأبيض المتوسط،وقد عرفت أوروبا التمر هندي من خلال العرب.

أقوال السلف:

قال أبو بكر الرازي:”عصارة التمرهندي تقطع العطش لأنهغا باردة طرية”.

وقال ابن سينا:”التمر هندي ينفع مع القىء والعطش في الحميات ويقبض المعدة المسترخية من كثرة القىء،يسهل الصفراء،وينفع في الحميات”.

وقال ابن البيطار:”التمر هندي أجوده الطري الذي يذبل وهو يكسر وهج الدم،مسهل وينفع مع القىء والعطش ويسهل الصفراء ويسيل الصفراء وينفع في الحميات”.

من الناحية الغذائية والطبية:

يحتوي التمر هندي على حوالي16 ـ 18% من الأحماض وخاصة حمض الليمون وحمض الطرطير وحمض الماليك،كما يحتوي مواداً عفصية قابضة،وسترات البوتاسيوم وأملاح معدنية مثل الفوسفور والمغنزيوم والحديد والمنجنيز والكالسيوم والصوديوم…ويحتوي على الفيتامينB3،وعلى زيوت طيارة،كما يحتوي على مضادات حيوية قادرة على قتل الجراثيم.

كما أنه يفيد كملين ومضاد للحموضة وملطف وخافض للحرارة،وهناك بعض الشركات تضيف الخلاصة المائية لثمار التمرهندي إلى أدوية الأطفال.

كما أنه يحسن الهضم ويطرد الريح،ويلطف التهابات الحلق ويفتح الشهية.

القهوة والكاكاو  والشاي 

1 ـ القهوة:

مشروب يعد من بذور البن المحمصة،وينمو في أكثر من 70 بلداً وخاصة في المناطق الاستوائية في أمريكا الشمالية والجنوبية وجنوب شرق آسيا وشبه القارة الهندية وأفريقيا.

والبن الأخضر هو ثاني أكثر السلع تداولاً في العالم بعد النفط الخام.والقهوة من أكثر المشروبات الأكثر شعبية في جميع أنحاء العالم.

اكتشاف القهوة:

من المعتقد أن الموطن الأول للبن هو بلاد الحبشة(قبيلة الأورومو) ثم نقلت أشجار منها إلى البلاد العربية في القرن السابع أو الثامن الهجري(الثالث عشر أو الرابع عشر ميلادي)ومنه انتشر في البلاد الإسلامية.وأدخلها الفاتحون العثمانيون إلى أوروبا،وانتشرت في أماكن شرب القهوة في بريطانيا منذ أواسط القرن السابع عشر،ونقل الهولنديون زراعة البن إلى أجزاء من الهند الشرقية واشتهرت بها جزيرة جاوة،كما نقلوها إلى أمريكا الجنوبية وانتشرت في البرازيل وفنزويلا وكولومبيا.

الأصل اللغوي للقهوة:

ذكرت الموسوعة العربية العالمية أن القهوة لم تكن معروقة في جزيرة العرب في الجاهلية ولافي صدر الإسلام ولا في العصر الأموي لأنها لم تدخل جزيرة العرب إلا في القرن الثالث عشر الميلادي،عرفها أهل اليمن ومنها انتقلت إلى مكة والقاهرة واسطنبول.

ويذكر العالم اللغوي الفيروز أبادي في معجم مختار الصحاح أن كلمة “القهوة” كانت معروفة عندعرب الجاهلية وكانت تسمى الخمر بالقهوة لأنها تقهي أي تذهب بشهوة الطعام.

يقول الشاعر سعد بن هاشم الخالدي:

هتف الصبح بالدجى فاسقنيها         قهوةً تترك الحليم سفيها

لست تدري لرقةٍ وصفاء       هي في كأسها أم الكأس فيها

أهم أنواع البن:

يتم انتاج ثمار البن التي تحتوي حبوب القهوة عن طريق عدة أنواع من الشجيرات دائمة الخضرة.وتستمر الشجيرة بالانتاج 8 ـ 10 سنوات،وبعضها حتى عشرون سنة.

أهم أنواع شجيرات البن :البنُ العربي: Coffea arabica وموطنه الأصلي في الحبشة،وأهم أنواعه بن مُخاMoka أو البن العدني وله نكهة وطعم مميزين. والبن الملكي Leroy

وهناك البن القوي Coffea robusta والذي يزرع في اندونيسيا وأمريكا الجنوبية.ومن أنواعه بن بوربون وبن سومطرة أو البن البرازيلي.

وهناك البن الليبيري.Cofea liberica.

وتعتبر اليمن من أوائل الدول التي زرعت البن وصدرته إلى العالم،والدليل أن القهوة العربية مصدرها اليمن.ويعتبر ميناء المخاء الأول الذي انطلقت منه سفن تجارة وتصدير البن إلى أوروبا وباقي العالم.

وإن نبات البن يحتاج إلى مناخ دافىء ورطب.ويعتبر من النباتات المدارية،وينتشر في المرتفعات الجبلية،ويحتاج إلى مناخ جاف نسبياً وقت النضج وجني المحصول،ويحتاج إلى تربة غنية وخاصة التربة البركانية المنشأ،الناعمة،العميقة.

ولابد من تحميص حبوب البن قبل استعمالها،لأنها تكون عديمة النكهة عند جنيها.وتحتاج أثناء تحميصها لدرجة حرارة عالية.ولابد من تحريكها أثناء التحميص حتى تأخذ لوناً متجانساً يقترب من السواد.والبن المحمص الأسود ذو مذاق مر ولابد من طحنه قبل استعماله.وقد يضاف إليه حبوب الهال لإعطائه النكهة المستحبة.

الفوائد الصحية:

أثبتت الدراسات المختلفة أن الاعتدال بتناول القهوة ذو فوائد صحية،وأن الذين يتناولون القهوة بدون إفراط يعيشون أكثر من الذين يمتنعون عن تناولها مطلقاً.

وتبين الدراسات الغربية أن تناول القهوة يقلل من الإصابة بمرض الزهايمر والخرف والشلل الرعاش وأمراض القلب والداء السكري من النموذج الثاني وتشحم الكبد غير الغولي وتليف الكبد والنقرس وسرطانات الكبد والجلد والبروستات والأمعاء والقولون والثدي وبطانة الرحم والفم والبلعوم(الويكيبيديا العربية).

وقد ثبت احتواء القهوة على مضادات الأكسدة التي تمنع التلف الخلوي والذي يؤهب للسرطان.وتبين أن مستوى الأكسدة يعتمد على كيفية تحميص حبوب البن والمدة.وتشير الدلائل إلى أن البن المحمص يتأثر بمضاد للأكسدة أكثر من القهوة الخضراء.

كما تحتوي القهوة على مركبات الثيوبرومين والثيوفيلين.وهي مرمبات موسعة للقصبات.

كما تحتوي القهوة مركبات البولي فينول ومن أشهرها:حمضChlorogenic،وحمض Ferulic ،وحمضCaffeic،وحمض Sinapic ،وحمض،Nicotinzc  ،وحمضTannic  وغيرها.

وتختلف تراكيز هذه المركبات في القهوة بحسب: كمية القهوة المطحونة،وعملية تحضير القهوة،وجودة الماء المستعمل في تحضيرها.

وتبين أن الاستهلاك المعتدل للقهوة(حوالي أربعة فناجين يومياً) يحسن من وظيفة الأوعية الدموية.

والمركب الرئيسي في القهوة هو مركب الكافئينCaffeine،وتبين أن التأثيرات المركزية للكافئين والأشربة الغنية به(مثل الشاي والكاكاو والكولا) تختلف من شخص لآخر تبعاً لعدة عوامل ومنها:وزن الجسم،فإن تأثير القهوة المنبه المركزي يكون ضعف التأثير عند شخص بوزن 50 كغ بالمقارنة مع شخص بوزن 100كغ.كما أن الأمر له علاقة مع سرعة المتصاص في الأمعاء للكافئين ـوهذا ليس له علاقة فقط مع طبيعة الشراب الغني بالكافئين بل أيضاً مع حالة المعدة وامتلائها وإفراغها وتفريغها.

وإن تناول فنجان القهوة العربي يحتوي كل فنجان على حوالي 60 ـ 120 مغ من مادة الكافئين.

ويقدر نسبة استهلاك الكافئين اليومي في انكلترا لكل شخص حوالي 165مغ،وفي أمريكا 245مغ،وفي فنلندا 465مغ.

والكافئين يعبر المشيمة عند الحامل ولكن لاتأثير له مشوه للجنين.كما أن الكافئين ليس له تأثير مسرطن.

والكافئين يعمل على منع التأثيرات المثبطة للأدينوزين على الدوبامين وهو أحد النواقل العصبية وبالتالي يقلل من حدوث الاكتئاب.

تناول القهوة وارتفاع الضغط الدموي وكولسترول الدم:

إن إعطاء الكافئين بمعدل 250 مغ ثلاث مرات يومياً يؤدي حتى الأشخاص الأسوياء وعند المصابين بارتفاع الضغط الدموي إلى ارتفاع طارىء وعارض في الضغط الانقباضي في اليوم الأول وحوالي 7 ـ 11مم زئبق، ولكنه ينخفض في اليوم التالي.والذين لديهم ارتفاع توتر حدّي(أي على الحدود) لايتفاعلون بشكل أشدّ للكافئين بالمقارنة مع الذين لديهم ارتفاع توتر سريري،ولذا لايعتبر الكافئين عامل خطورة لارتفاع الضغط الشرياني،ولكن تناول القهوة أكثر من أربعة فناجين يومياً وخاصة عند الرجال يؤدي لارتفاع كولسترول الدم وخاصة السىء منه،ولم يشاهد ارتفاع الكولسترول عند تناول الشاي ولذا يظن أن مركبات أخرى في القهوة تسبب ارتفاع الكولسترول(MMMW44 1984).

القهوة والجهد الجسمي:

إن الكافئين يزيد من قابلية الجهد الجسمي إذا أعطي بكميات مناسبة،والسبب في ذلك هو تحريك الزائد من الحموض الدسمة الحرة.وكذلك تأثيره على النورأدرنالين والدوبامين.ولقد لوحط أن تناول كميات كبيرة من القهوة لايحقق هذه الفائدة،ويحدث مايسمى بالاعتياد.بينما إيقاف تناول القهوة وإعادة تناولها مجدداً يفيد في إعادة النشاط الجسمي وقابلية الجهد.وكذلك لوحظ أن أيقاف شرب القهوة لمدة أربعة أيام قم تناولها بكميات معقولة يزيد من قابيلة النشاط .(NAZ 1986):

التأثيرات الجانبية للقهوة:

على الرغم من أن الكثيرين يستبعدون وجود أذيات جسدية من جراء الإفراط في تناول القهوة إلا أن الـاثيرات النفسية لايوجد شك بوقوعها.

ووجد أن تناول القهوة المطبوخة ولكن غير المرشحة(وهذا يشاهد في البلدان الاسكندينافية) يسبب ارتفاع كولسترول الدم من خلال نقص إفراغه عن طريق المجاري الصفراوية.وأما القهوة المرشحة فلا تؤثر على الوظيفة الإفراغية للمرارة.

وتفيد الدراسات أن الاضطرابات النفسية بسبب الإفراط في تناول القهوة ينجم عن إطلاق “البيتا اندورفنين” والنور أدرنالين.حيث أن الإفراط في تناول القهوة وبالتالي الكافئين قد يسبب أعراضاً مثل عصاب القلق،واضطرابات النوم،والصداع والرجفان والغثيان والإسهال.والأعراض تختلف من شخص لآخر،ولها علاقة بالجرعة.

وإن الإفراط في تناول القهوة يسبب نقص الحديد في الدم من خلال نقص امتصاصه في الأمعاء وخصوصاً لدى الأمهات والرضع،والسبب في ذلك يعود لاحتواء القهوة مادة البوليفينول.

كما ثبت أن القهوة تزيد من طرح الكلسيوم مع البول وهذا يسبب نتائج سلبية وخاصة لدى مرضى ترقق العظام.

كما أن القهوة قد تؤثر على امتصاص بعض المركبات الدوائية ومنها الأسبرين، والثيروكسين،ومضادات الألتهاب من نوع الكينولين،ومركبات الايفدرين…

وحسب الدراسات فإنه لم يثبت أن تناول القهوة يزيد من القلس المعدي المريئي.

القهوة منزوعة الكافئين:

وتبين الدراسات أن تناول القهوة الخالية من الكافئين يقلل كثيراً من التأثيرات الجانبية لها.وهي القهوة المصنوعة من حبوب البن المنزوع منها 97% على الأقل من محتواها من الكافئين،وذلك قبل تعرض حبوب البن لأي نوع من أنواع المعالجة أو التحميص.وهناك عدة طرق لانتزاع الكافئين من البن.

وأما القهوة التركية أو الحلوة:

فهي غير مفلترة وتحوي تركيز عالي من الكافئين .وبالتالي تساعد على تحسين النشاط الجسمي والرياضي،وتحتوي مضادات الاكسدة بتراكيز عالية(لأنها غير مصفاة أو مفلترة)وبالتالي تساعد في خفض الكولسترول والسكر في الدم.

كما تحتوي مادةDiterpenoids وهي مادة تقلل من حدوث الألتهاب وتدعم صحة القلب.

وعند إضافة مادة الهيل لها فإن هذا يساعد أيضاً على تقليل الالتهاب وتقليل خطر الإصابة بالأمراض المزمنة.

2 ـ الكاكاو:

شجرة الكاكاو Theobroma caca موطنها الأصلي في أمريكا الجنوبية،وتستخدم بذورها في صناعة الكاكاو والشيكولاته.

وهي شجرة دائمة الخضرة،وقد عرفت منذ 4000سنة قبل الميلاد.

تم اكتشاف شجرة الكاكاو من قبل شعوب المايا والأزتيك في أمريكا الشمالية والوسطى قبل 2000سنة .وأكثر دول العالم المنتجة للكاكاو حالياً ساحل العاج وغانا واندونيسيا ونيجيريا والبرازيل.

الفوائد الطبية:

يختلف مشروب الكاكاو عن القهوة والشاي أنه يحضر بشكل معلق وليس سائل مغلي صافي.وبخلاف القهوة والشاي فإنه لابد من تناول الكاكاو بمقادير كبيرة حتى يحدث التأثير المنشط لها.

يحتوي كل كوب من الكاكاو غير المحلى(86غرام) على: ذ96 رسعرة حرورية،ونسبة 12% من الدهون،وحوالي 50% من الكاربوهيدرات،وحوالي 28% من الالأياف،وحوالي أقل من 2% من السكر،وحوالي 17% من البروتينات.

تحتوي بذور الكاكاو على المغنزيوم والنحاس والحديد والفوسفور والكالسيوم والبوتاسيوم..

وتشفي بذور الكاكاو من الحمى وذات تأثر مضاد للسعال،ومدرة للبول،ومقوية للقلب(من خلال خفض الكولسترول الضار في الجسم) والكلى.

وتحتوي بذور الكاكاو مادة الثيوبرومين وهي مادة تسبب استرخاء العضلات الملس في انبوب الهضم،كما أنها تساعد ضد الاسهال ،وتحسن المزاج والحالة النفسية.وتفيد ضد الاكتئاب.وذلك من خلال رفع مستوى السيروتونين في الدم وهو ناقل عصبي مضاد للاكتئاب.

كما لوحظ أنها تفيد ضد مرض السكري،وذلك لاحتوائها مادة الفلافونيدات،كما أن الشوكولا السوداء تفيد في حالات ارتفاع ضغط الدم،وذلك عن طريق تحسين أكسيد النتريك في الدم.بوجود مركب الفلافينول.

كما وجد أن الكاكاو يقي من السرطان لاحتوائه مادة الفلافينول وهو من مضادات الأكسدة.

كما يفيد في علاج الربو وتشنج القصبات لاحتوائه الثيوفيلين والثيوبرومين وهي موسعة للقصبات.

3 ـ الشاي:

الشاي اسم صيني يطلق على شجرة وعلى أوراقها وعلى المشروب الذي يصنع من الأوراق.وهي شجرة دائمة الخضرة،وموطنها الاصلي شرقي آسيا.وتنمو حتى ارتفاع 9 أمتار،ولكن في المزارع يقلم بشكل شجيرات صغيرة طولها 150 ـ 90 سم.تبدأ الشجيرة بإعطاء الجني بعد ثلاثة سنوات،وقد تظل تنتج لمدة خمسين عاماً.

نكهة الشاي بسبب زيت طيار،وتأثيره المنبه سببه الكافئين،وخاصيته المقبضة سببها حمض العفص(التائين)والذي يتناقص في الشاي الأسود بسبب التخمير.

ذكر الشاي في المصنفات الصينية بديلاً للأنبذة القوية،وزرع في القرن الثامن على نطاق تجاري.استوردته شركة الهند الشرقية الهولندية إلى أوروبا،واستعمل في انجلترا حوالي 1660م.واحتكرت شركة الهند الشرقية البريطانية توريده لبريطانيا حتى عام 1834م.وصل إلى المستعمرات الأمريكية 1680م وكان الشراب المفضل حتى استبدلت به القهوة.

يعتبر الشاي أكثر المشروبات استهلاكاً بعد الماء.

أهم الدول المنتجة للشاي:الهند،والصين،وسيلان،واندونيسيا واليابان.وأهم الدول المستوردة له:بريطانيا والولايات المتحدة الأمريكية ،واستراليا،وروسيا وكندا وهولندا.

أنواع الشاي:

1 ـ الشاي الأسود:

أوراق الشاي عطرية،ويحضر من أوراق الشاي الأخضر بعد القيام بعملية الأكسدة،وكلا النوعين بهما كافئين طبيعي ومركبات أكسدة من نوع البيوفلافونيد،وينشطان الجهاز العصبي بصورة سلبية عبر تعطيل بعض المستقبلات العصبية في المخ،كما أنهما يذيبان بعض الدهون ويحرقان سعرات حرارية عالية.

ويحتوي الشاي على مضادات الأكسدة من نوع البوليفينول والفلافونيد.

2 ـ الشاي الأخضر:

اكتشفه الصينيون قبل نحو خمسة آلاف سنة،وأوراقه من نفس أوراق الشاي الاسود،ولكن لم تعرض للتخمير فتظل مواده كما هي.ولذلك فهي أنفع قليلاً من الشاي الأسود وأقل ضرراً.ولكنه يحتوي الكافئين.

فوائد الشاي:

أثبتت الدراسات أن للشاي فوائد صحية وله القابلية على زيادة مناعة الجسم وأنه يقلل الإصابة من السرطان وخاصة المبيض عند النساء،وأنه يقلل من حدوث داء الزهايمر.كما أنه يقلل من ترسب الكولسترول على جدران الشرايين،لاحتوائه الفلافونيد.

والشاي الأخضر يساعد في أمراض الروماتزم،ويقلل من الإصابة بأمراض القلب.ويقلل من أمراض السرطان،وصحي للثة والأسنان.

وأما الشاي المغربي فهو عبارة عن الشاي الأخضر مضافاً له النعناع وبعض الأعشاب الضرورية لصحة الجسم وهو يساعد في تخفيف الوزن ويقلل من ارتفاع الضغط الدموي لاحتوائه على البوتاسيوم،ويساعد في عملية الهضم ويقلل من حموضة المعدة،ويزيد من القدرة الجنسية لاحتوائه على الكافئين والجنسنج،ويحتوي بعض الفيتامينات والمعادن مثل المنغنيز.كما يقلل من الكولسترول في الدم،ويقلل من السرطان وخاصة البروستات،ويفيد للبشرة الجلدية.

الغذاء ومضادات التأكسد 

مضادات التأكسد:Antioxidant:

هي مواد قادرة على إبطاء أو منع تأكسد الجزيئات الشاردة أو الجذور الحرة أو الأيونات في الجسم الحي.

والتأكسد: هو تفاعل كيميائي يقوم بتحويل الإلكترونات من مادة معينة إلى هامل مؤكسد والذي قد يتلف بعض الخلايا.

ومضادات التأكسد:تنهي هذه السلسلة من التفاعلات بإزالة الوسيط الشارد الأساسي تماماً،ومنع تفاعلات الأكسدة الأخرى من أكسدة نفسها،ونتيجة لذلك عادة ماتنزع مضادات الأكسدة عامل الأوكسجين كالثيول أو البولي فينول.

جاء في مقال للدكتور موسى محمد المعطي:

“من الثابت أن هناك أمراضاً تصيب الإنسان في خريف العمر،وقد زادت هذه الأمراض مع دخول الحضارة لبيوتنا،والأطعمة الجديدة لأبداننا،والجهد الزائد لعقولنا،والدعة والخمول لتحركاتنا،كما ازداد تلوث البيئة،وانشقت طبقة الأوزون،وكثرت الإشعاعات الذرية،وزاد انتشار عادم السيارات والمصانع والمعامل.

في هذه البيئة بدأنا نشكو من الجلطات،والذبحات الصدرية،وداء السكري وآلام المفاصل والعضلات،وتجاعيد الوجه،والشيخوخة المبكرة،وبعض الأمراض العصبية،وحتى السرطان.\هذه المنغصات والأمراض جعلت بعض العلماء يفكرون في الأسباب الحقيقية لهذه الأمراض والبحث عن جذور المشكلات،وكان هناك تساؤل:هل هذه الأمراض يجمعها قاسم مشترك واحد؟وهل نحن فعلاً نعالج الأمراض أم عوارض الأمراض؟

وقد فسر كثير من العلماء حدوث أمراض العصر المختلفة ـ والتي يزيد ععدها عن ستين مرضاً ـ بنظرية أسموها نظرية الشوارد أو الكاسيد الخطرة أو المشتقات الطليقة،فما هي هذه النظرية؟

ملخص النظرية:إن بعض خلايا الجسم وبعض محتوياته تتضرر بسبب وجود ذرات أوكسجين في حالة نشطة،أو مايسمى في علم الكيمياء الأيونات،حيث تهاجم هذه الخلايا وتحدث بها اضطرابات تسبب الأمراض.

وأما العوامل المساعدة على حدوث هذه الذرات النشطة:هنلك عمليات حيوية تحثل في الجسم بسبب عمليات التنفس والبناء والهدم،وهي مانسميها في مجموعها بعمليات الاستقلاب أو الأيض.وأثناء حصول هذه العمليات تنتج مجموعة كبيرة من الذرات النشطة ا, الأيونات ومنها أيونات الأوكسجين الحر.

يتعرض الجسم لمواد موجودة في البيئة أو الطعام تساعد على حصول عمليات التأكسد مثل:

التدخين:وقد قيل إن كل نفس يؤخذ من السيجارة ينتج عنه بلايين البلايين من الجذور النشطة.

2 ـ تهتك طبقة الأوزون.

3 ـ استعمال مبيدات الحشرات والمواد الكيميائية في المزارع والبيوت.

4 ـ التعرض المستمر لموجات من الإشعاعات الكهرومغنطيسية المنبعثة من المصابيح الكهربائية والتلفزيون والأشعة التي تنطلق من المفاعلات والتجارب النووية.

5 ـ، الدخان الذي يخرج من عادم السيارات والمصانع.

6 ـ الرياضة العنيفة.

ماهو السبيل للوقاية من أخطار التأكسد والجذور النشطة؟

لقد خلق الله في أجسامنا بعض الأساليب التي تقاوم هذه الشوارد وتحمينا من أخطارها،وذلك عن طريق وجود بعض الانزيمات الهامة التي تساعد في التخلص من هذه الجذور الحرة الخطرة،وتسمى مضادات الأكسدة الذاتية المنشأ، مثل:Gluta thion per oxidaseو Super oxide dismutaseو catalase،أما إذا كانت سرعة تكوين هذه الجذور أكبر من طاقة الجسم الدفاعية فإن الجسم لايستطيع التخلص منها وتظهر عليه علامات المرض.

وأهم المواد الواقية أو مايسمى مضادات التأكسد فنذكر منها:مضادات الأكسدة الذاتية(ينتجها الجسم)،ومضادات الأكسدة الخارجية:

والأخيرة يمكن الحصول عليها من مصادر طبيعية نباتية أو مصادر صناعية،وأهم مركباتها:

1 ـ الفيتامينE:الشكل الوحيد الذي يلبي احتياجات الإنسان هو ألفا توكوفيرول،والذي يتواجد  في زيت جنين القمح،وبذور عباد الشمس،أو زيت عباد الشمس،واللوز والبندق.

2  ـ Caroten B

3  ـ الفيتامين C:وأهم الأطعمة التي تحويه:عصير البرتقال،والفليفلة الحمراء،والكيوي،وعصير الفريز.

4 Flavonoides

5 ـ مادة الليكوبين (موجودة في البندورة المطبوخة)

6 ـ مادة الميلاتونين

7 ـ  الأطعمة الغنية بمضادات الأكسدة   وأهمها: البروكلي، البصل والتفاح والشاي  الأخضر،وعصير العنب الأحمر.والبندورة،والشوكولا الداكنة، والخرشوف،وزيت الزيتون،والتوت،والسبانخ،والباذنجان.

فأما البروكلي:فهو يحتوي على مغذيات نباتية تسمى”سلفورافان” ويحتوي نسبة عالية من الفيتاميناتوAوCوE،وعلى المعادن وخاصة الزنك والبوتاسيوم .

وأما الشاي الأخضر:فهو يحتوي نسبة عالية من البوليفينول،والذي يمنع أكسدة الدهون،وله تأثيرات واقية من السرطان،ويقلل منى أمراض القلب والأوعية.

وأما الشوكولاته الداكنة:فينصح بتناولها لأنها مضادة للالتهاب،وتقي من أمراض القلب والأوعية.

8 ـ مجموعة الفيتامين ب المركب.

9 ـ مواد موجودة في بعض الأسماك مثل سمك السردين والماكريل والسلمون.

10 ـ عن طريق أدوية مضادات الأكسدة أو حبوب مضادة الأكسدة والتي هي عبارة عن مكملات غذائية.

11 ـ بعض المعادن ومنها السلينيوم وهو من مضادات الأكسدة الفعالة،ويحمي بشكل خاص القلب،ويقلل من بعض أنواع السرطان،ومن الأطعمة الغنية به:المكسرات،والتونة،والسردين،وسمك الهلبوت.

ومعدن النحاس وهو مضاد أكسدة فعال،ويوجد في:المحار،والفاصولياء،وفول الصويا،ومعجون البندورة.

ومعدن الزنك:وهو مفيد تجاه الالتهاب،وله دور فعال في نشاط مايقرب من مائة انزيم في الجسم،ومن الأطعمة الغنية به:لحم البقر،والمحار.

ومعدن الحديد:ويتوفر بشكل خاص في:المحار،والفاصولياء البيضاء،والشوكولا الداكنة،وكبد البقر.

وأهم مصادر مضادات الأكسدة:

1 ـ النباتات:توجد في بعض النباتات مركبات كيميائية تسمى المغذيات النباتيةPhytonutrients وأهم مركباتها:

ـ الأنثوسيانين Anthocyanin:وهذه تفيد في تعزيز صحة الأوعية الدموية وهي توجد في الفواكه والخضروات الزرقاء أو الارجوانية مثل:التوت،والجزر والباذنجان.

ـ الريسفيراتول:Resveratrol:وهو يفيد لصحة القلب والرئة،وتخفيف الالتهاب،والتقليل من بعض أنواع السرطان،ويوجد في الشوكولاته الداكنة،والفول السوداني،والعنب.

ـ الليكوبين:Lycopene:ويفيد لصحة القلب والبروستات ويوجد في البندورة،والجريب فروت،والبطيخ،والفليفلة الحمراء.

ـ اللوتين:Lutein:يفيد لصحة العين والقلب،ويقلل من بعض أنواع السرطان،ويوجد في السبانخ،والبروكلي،والخس،واللفت،والخرشوف،والكرنب.

بعض التأثيرات السيئة لعمليات الأكسدة:

يصبح الكولسترول بعد اتحاده بالأوكسجين النشط مادة جديدة اسمها أوكسيد أو بيرو أوكسيد الكولسترول،وهذا المركب الجديد يهاجم بطانة الأوعية الدموية ويسبب حدوث تصلبات عصيدية فيها مما ينتج عنه تصلب الشريين.وبالتالي خطر الإصابة بالجلطات القلبية والدماغية..

دراسات حول العلاقة بين الأكاسيد الخطرة والسرطان:

في بعض الدرسات وجد أن استعمال الفيتامينات C و E وحمض الورق(الموجود في الخضر والفواكه) يمكن أن يقلل من أخطار السرطان.

عمليات التأكسد والمناعة:

تبين أن تناول الفيتامينات السابقة الذكر يحسن الوظيفة المناعية ويخفف من الأمراض والالتهابات.

فوائد مضادات الأكسدة:

يعتبر الدور الأهم هو التخلص من الجذور الحرة وتجنب ضررها على الخلايا المختلفة في الجسم،وهذا يعني حدوث بعض الفوائد ومنها:

1 ـ الوقاية من أمراض القلب :وخاصة مضاد الأكسدة من نوع البولي فينول،والذي يعمل على منع أكسدة الدهون،وبالتالي الوقاية من أمراض القلب والسكري وأهم الأغذية التي تحتويه القهوة والشاي.

2 ـ تأخير الشيخوخة:حيث أن مضادات الأكسدة تقلل من حدوث التجاعيد الوجهية وعلامات الشيخوخة الأخرى،وتحافظ على النسيج الجلدي،وتقلل من التلف الذي يتعرض له وخاصة بعد التعرض لأشعة الشمس.

3 ـ تقوية جهاز المناعة.