الكرم والجود وقِرى الضيف

الكرم والجود وقِرى الضيف

زهير بن أبي سلمى:

أخي ثقةٍ لا تُتلفُ الخمرُ مالَهُ

ولكنّهُ قد يُهلِكُ المالَ نائلهْ

تراهُ إذا ما جئتهُ متهللاً

كأنّكَ تعطيه الذي أنت سائله

هوَ البحر من أي النواحي أتيتهُ

فلجّتهُ المعروف والجودُ ساحلهْ

ولو لم يكن في كفهِ غيرُ نفسَهِ

لجادَ بها فليتقِ الله سائلهْ

زهير بن أبي سلمى:

على مُكثريهمْ حقٌّ من يعتريهمُ

وعِندَ المُقلينَ السماحةُ والبذلُ

سعى بعدَهمْ قومٌ لكي يُدركوهمُ

فلم يفعلوا ولم يُليموا ولم يألوا

زهير:

زهير:

إنّ البخيلَ مُلوّمٌ حيثُ كان ولكنّ

الجوادَ على عِلّاتهِ هَرِمُ

هو الجوادُ الذي يُعطيكَ نائلهُ

عفوان ويُظلمُ أحياناً فيظلِمث

وإن أتاهُ خليلٌ يومَ مسغبةٍ

يقولُ لا غائبٌ مالي ولا حَرِمُ

 

 

 

إذا ما أتوا أبوابهُ قال:مرحباً

لِجوا البابَ حتى يأتي الجوعَ قاتِلُهْ

زهير:

عطاؤكَ زَينٌ لإمرىءٍ إن حبوتَهُ

كسيبٍ وما كلُّ العطاءِ يَزينُ

وليسَ بِشَينٍ لإمرىءٍ بذلُ وجههِ

إليكَ كما بعضُ السؤالِ يَشينُ

زهير:

من يَلْقَ يوماً على عِلّاتهِ هَرِماً

يلْقَ السّماحةَ منهُ والنّدى خُلقا

لو نالَ حيٌّ من الدنيا بمكرمةٍ

أُفقَ السماءِ لنالت كفّهُ الأفقا

زهير:

لو كان يقعدُ فوقَ الشمسِ من كرمٍ

قومٌ بأحسابهم أو مجدهم قَعدوا

زهير بن أبي سلمى:

أغَرُّ أبيضُ فيّاضٍ يُفكِّكُ عن

أيدي العُناةِ وعن أعناقها الرّبقا

وذاكَ أحزمُهُمْ رأياً إذا نبا

فَضْلَ الجيادِ على الخيلِ البطاءِ فلا

من الحوادثِ غادى الناسَ أو طرقا

يُعطي بذلكَ ممنوناً ولا نزقا

قد جعلَ المُبتغون الخيرَ في هرم

من يلقَ يوماً على عِلاتهِ هَرماً

والسائلونَ إلى أبوابه طُرُقا

يلقى السماحة منه والندى خُلقا

زهير:

قد جعلَ الطالبونَ الخيرَ في هَرِمٍ

والسائلونَ إلى أبوابهِ طُرقا

زهير:

وليس مانعَ ذي قربى ولا رحمٍ

يوماً ولا مُعدماً من خابطٍ ورقا

زهير بن أبي سلمى:

وأبيضَ فياضٍ يداهُ غمامةٌ

بَكرتُ عليه غُدوةً فرأيتهُ

على مُعتفيهِ ما تغِبُّ فواضِلُهْ

قعوداً لديهِ بالصَّريمِ عواذله

يُفدِّينهُ طوراً وطوراً يَلمنهُ

وأعيا فما يدرينَ أينَ مخاتلهْ

فأقصرنَ منه عن كريمٍ مُرَزأٍ

عَزومٍ على الأمرِ الذي هو فاعله

 

 

 

المتنبي:

ويدٌ لها كرمُ الغَمامِ لأنّهُ

يسقي العمارةَ والمكانَ البلقعا

يهتزُ للجدوى اهتزازَ مُهندٍ

يومَ الرجاءِ هززتهُ يوم الوغى

 

المتنبي:

أكثرت من بذلِ النوالِ ولم تزلْ

علماً على الإفضالِ والإنعامِ

المتنبي:

مُحبُّ النّدى الصابي إلى بذلِ مالهِ

صُبّواً كما يصبو المُحبُّ المُتيّمُ

المتني:

وإن جادَ قبلك قوم مضوا

فإنّكَ في الكرمِ الأول

المتنبي:

إذا تولّوا عداوةً كشفوا

وإن تولّوا صنيعةً كتموا

تظنُ من فقدِكَ اعتدادَهمُ

أنهم أنعموا وما علموا

المتنبي:

كأنّما يولد النّدى معهم

لا صفرٌ عاذرٌ ولا هرَمُ

المتنبي:

ونادى النّدى بالنائمين عن السُّرى

فأسمعَهمْ هُبّوا فقد هلكَ البُخلُ

وحالت عطايا كفّهِ دونَ وعدهِ

فليسَ لهُ إنجازُ وعدٍ ولا مَطْلُ

فأقربُ من تحديدها ردُّ فائتٍ

وأيسرُ من إحصائها القطرُ والرّملُ

المتنبي:

لقد حالَ بالسيفِ دونَ الوعيد

وحالت عطاياهُ دونَ الوعودِ

فأنجمُ أموالهِ في النّحوسِ

وأنجمُ سؤَّالهِ في السُّعودِ

المتنبي:

مالنا في النّدى عليكَ اقتراحٌ

كلُّ ما يمنحُ الشّريفُ شريفُ

المتنبي:

أرجو نداكَ ولا أخشى المِطالَ بهِ

يا مَنْ إذا وهب الدنيا فقد بخلا

المتنبي:

هُمُ المحسنونَ الكرَّ في حومة الوغى

وأحسنُ منه كرُّهم في المكارمِ

وهم يُحسنون العفو عن كلِّ مذنبٍ

ويحتملونَ الغُرْمَ عن كلِّ غارمِ

المتنبي:

ومَكرُماتٍ مشت على قدم ال

برِّ،إلى منزلي تردُّدها

فَعُدْ بها لا عدمتها أبداً

خيرُ صِلاتِ الكريمِ أعودُها

المتنبي:

وإنَّ سحاباً جَودهُ مثلُ جُودهِ

سحابٌ على كلِّ السّحابِ له فَخرُ

المتنبي:

وألقى الفمَ الضّحاك أعلم أنه

قريبٌ بذي الكفِّ المفدَّاةِ عهده

المتنبي:

وإن بذلَ الإنسانُ لي جودَ عابسٍ

جزيتُ بجودِ التاركِ المبتسمِ

المتنبي:

برجاءِ جُدكَ يُطردُ الفقرُ

وبأن تعادى ينفد العمرُ

المتنبي:

أذا الجودِ أعطِ الناسَ ما أنتَ مالكٌ

ولا تُعطينَّ الناسَ ما أنا قائلُ

المتنبي:

يتداوى من كثرةِ المالِ بالإقلالِ

جوداً كأنَّ مالاً سقامُ

المتنبي:

هزمت مكارمه المكارم كلها

حتى كأن المكرمات قنابل

المتنبي:

ألا أيها المالُ الذي قد أبادهُ

تعزَّ فهذا فِعلهُ في الكتائبِ

لعلّكَ في وقتٍ شغلتَ فؤادهُ

عن الجودِ أو كثرّتَ جيش محاربِ

المتنبي:

إذا استعطيتهُ ما في يديهِ

فقد سألتَ عن سرٍّ مُذيعا

قبولُكَ مَنَّهُ مَنٌّ عليهِ

وإلا يبتدي يرهُ فظيعا

لهونِ المالِ أفرشَهُ أديماً

وللتفريقِ يكرَهُ أن يضيعا

المتنبي:

عن المُقتني بذلَ التلادِ تلادَهُ

ومُجتنبِ البُخلِ اجتنابَ المحارمِ

تمنّى أعاديهِ محلَّ عُفاتهِ

وتحسدُ كفّيهِ ثِقالَ الغمائمِ

المتنبي:

أشدُّهم في الندى هِزّةً

وأبدهم في عدوٍّ مُغارا

المتنبي:

ودعوهُ من فرطِ السخاءِ مُبذراً

ودعوهُ من غَصْبِ النفوسِ الغاصبا

المتنبي:

لا أستزيدُكَ فيما فيكَ من كرمٍ

أنا الذي نامَ إن نبهّتُ يقظانا

فإنّ مثلُكَ باهيتُ الكرامَ بهِ

وردَّ سُخطاً على الأيام رضوانا

المتنبي:

وحاشا لارتياحكَ أن يُبارى

وللكرمِ الذي لك أن يُباقى

ولكنّا نُداعبُ منكَ قرماً

تراجعتِ القرومُ لهُ حِقاقا

المتنبي:

يمشي الكِرامُ على آثار غيرهمُ

وأنتَ تخلُقُ ما تأتي وتبتدعُ

المتنبي:

ومن فرَّ من إحسانهِ حَسَداً لهُ

تلقّاهُ منهُ حيثما سارَ نائِلُ

فتىً لا يرى إحسانهُ وهو كاملٌ

لهُ كاملاً حتى يُرى وهو شامِلُ

المتنبي:

سروركَ أن تَسُّرَ الناسَ طُرّاً

تُعلّمهمْ عليكَ به الدلالا

إذا سألوا شكرتهم عليهِ

وإن سكتوا سألتهمُ السؤالا

وأسعدُ من رأينا مُستميحٌ

يُنيلُ المُستماحَ بأن ينالا

 

وعطاءُ مالٍ لو عداهُ طالب

أنفقته في أن تلاقي طالبا

المتنبي:

ولا يَرُدُّ بفيهِ كفَّ سائلهِ

عن نفسهِ ويردُّ الجحفلَ اللَجبا

وكُلّما لقيَ الدينارُ صاحبهُ

في مُلكهِ افترقا من قبلِ أن يصطحبا

المتنبي:

قد شغلَ الناسَ كثرةُ الأملِ

وأنتَ بالمكرماتِ في شُغُلِ

تَمثّلوا حاتماً ولو عَقلوا

لكنتَ في الجودِ غاية المثلِ

المتنبي:

فعلتَ بنا فِعلَ السماءِ بأرضهِ

خِلَعُ الأميرِ وحقّهُ لم نقضهِ

فكأن صحة نسجها من لفظهِ

وكأنَ حسن نقائها من عِرضهِ

وإذا وكلتَ إلى كريمٍ رأيهُ

في الجودِ بانَ مذيقهُ من مَحضهِ

المتنبي:

أيا رامياً يُصمي فؤادَ مرامهِ

تُرّبي عِداهُ ريشها لسهامهِ

فتىً يهبُ الإقليمَ بالمالِ والقُرى

ومن فيه من فرسانهِ وكرامهِ

ويجعلُ ما خوّلتهُ من نوالهِ

جزاءً لما خُوّلتهُ من كلامهِ

المتنبي:/

ملك إذا امتلأت مالاً خزائنهُ

أذاقها طعم ثكلِ الأم للولدِ

أي الأكفِّ تباري الغيث ما اتفقا

حتى إذا افترقا عادت ولم يعد

 

يُدّبرُ شرقَ الأرضِ والغربَ كفّهُ

وليس لها وقتٌ عن الجودِ شاغِلُ

ومن فرَّ من إحسانهِ حسداً له

تلّقاهُ منهُ حيثما سارَ نائلُ

المتنبي:

أفي الرأي يُشبَهُ أم في السخاءِ

أم في الشجاعةِ أم في الأدبِ

إذا حازَ مالاً فقد حازهُ

فتىً لا يُسَرُّ ربما لا يهب

المتنبي:

كالبحرِ يقذفُ للقريبِ جواهراً

جوداً ويبعثُ للبعيدِ سحائبا

المتنبي:

وما ثناكَ كلامُ الناس عن كَرَمٍ

ومن يَسدُّ طريقَ العارضِ الهَطلِ

أنتَ الجوادُ بلا مَنٍّ ولا كذبٍ

ولا مِطالٍ ولا وعدٍ ولا مذلِ

المتنبي:

لو فرّقَ الكرمَ المفَرّقَ مالهُ

في الناسِ لم يكُ في الزمانِ شحيحُ

المتنبي:

فيا أيها المطلوبُ جاورهُ تمتنعْ

ويا أيها المحرومُ يَممِّهُ ترزقُ

المتنبي:

ليسَ التعجبُ من مواهبِ مالهِ

بل من سلامتها إلى أوقاتها

عجباً له حفظ العنان بأنملٍ

ما حفظها الأشياء من عاداتها

كرمٌ تبيّن في كلامكَ ماثلاً

ويبينُ عتقُ الخيل في أصواتها

المتنبي:

كريم نفضت الناس لما لقيته

كأنّهم ما جف من زاد قادم

وكاد سروري لا يفي بندامتي

على تركهِ في عمري المتقادمِ

المتنبي:

جزى الله المسير إليه خيراً

وإن ترك المطايا كالزاد

 

وأنفسهم مبذولة لوفودهم

وأموالهم في دار من لم يفد وفد

المتنبي:

إنكَ من معشرٍ إذا وهَبوا

ما دونَ أعمارِهمْ فقد بخلوا

المتنبي:

لم أعرف الخير إلا مذ عرفتُ فتىً

لم يولد الجود إلا عند مولده

المتنبي:

تمثلوا حاتماً ولو عقلوا

لكنت في الجودِ غاية المثلِ

المتنبي:

وإنّ سجايا جودهِ مثلُ جودهِ

سحابٌ على كلِّ السحابِ له فخرُ

المتنبي:

كريمٌ نَفضتُ الناسَ لمّا بلغتهُ

كأنّهمُ ما جَفَّ من زاد قادِمِ

وكادَ سروري لا يفي بندامتي

على تركهِ في عمريَ المتقادمِ

 

تباعدت الآمال عن كل مطلب

وضاقت بها إلا إلى بابها السبل

ونادى الندى بالنائمين على السرى

فأسمعهم هبوا لقد هلك البخل

وحالت عطايا كفّه دون وعده

فليس له إنجاز وعد ولا مطل

المتنبي:

قالوا هجرتَ إليهِ الغيثَ قلتُ لهم

إلى غيوثِ يديهِ والشآبيبِ

إلى الذي تهَبُ الدَولاتِ راحَتهُ

ولا يَمُنُّ على آثارِ موهوبِ

ولا يَروعُ بمعذورٍ به أحداً

ولا يُفَزَّعُ موفوراً بمنكوبِ

المتنبي:

حَجَّبَ ذا البحرَ بحارٌ دُونَهُ

يَذُمُّها الناسُ ويحمدونَهُ

يا ماءُ هل حَسدتنا مَعينَهُ

أم اشتهيتَ أن تُرى قرينَهُ

أم انتجعتَ للغنى يمينَهُ

أم زُرتَهُ مُكثراً قطينَهُ

أم جئتَهُ مُخندقاً حصونَهُ

إنَّ الجيادَ والقنا يكفينَهُ

المتنبي:

كفى بأنكَ من قحطانَ في شَرَفٍ

ولو نقصتُ كما قد زدتُ من كرمٍ

وإن فخرتَ فكلٌ من مواليكا

على الورى لرأوني مثلَ شانيكا

لبّى نداكَ لقد نادى فأسمعني

يفديك من رجل صحبي وأفديكا

ما زلتَ تُتبِعُ ما تُولي يداً بيدٍ

حتى ظننتُ حياتي من أياديكا

فإن تَقُلْهافعاداتٌ عُرفتَ بها

أولافإنكَ لا يسخو بها فوكا

المتنبي:

هُوَ البحرُ غُص فيه إذا كانَ راكداً

على الدُّرِّ واحذرهُ إذا كانَ مُزبدا

فإنّي رأيتُ البحرَ يَعثُرُ بالفتى

وهذا الذي يأتي الفتى مُتعمدا

المتنبي:

رُويدكَ أيُّها الملكُ الجليلُ

تأيَّ وعُدَّهُ مما تُنيلُ

وجودَكَ بالمُقامِ ولو قليلاً

فما فيما تجودُ به قليلُ

وكنتُ أعيبُ عذلاً في سماح

فها أنا في السّماحِ له عذولُ

المتنبي:

جزى الله المسيرَ إليه خيراً

وإن تركَ المطايا كالمزادِ

ألم يكُ بيننا بلدٌ بعيدٌ

فَصيّرَ طولهُ عرضَ النجادِ

وأبعدَ بُعدنا بُعدَ التداني

وقَرّبَ قربنا قُربَ البعادِ

المتنبي:

لو كفرَ العالمونَ نِعمتُهُ

لما عَدَتْ نفسُهُ سجاياها

كالشمسِ لا تبتغي بما صنعتْ

تكرمةً عندهم ولا جاها

المتنبي:

تركتُ السُّرى خلفي لمن قلَّ مالهُ

وأنعلتُ أفراسي بِنعُماكَ عَسجدا

وقيّدتُ نفسي في ذُراكَ محبةً

ومن وجدَ الإحسانَ قيداً تَقيّدا

إذا سألَ الإنسانُ أيامَهُ الغِنى

وكنتَ على بعدٍ جعلتُكَ موعدا

المتنبي:

وإذا سألتَ بنانَهُ عن نيلهِ

لم يرضَ بالدنيا قضاءَ ذِمامِ

المتنبي:

لو فُرِّقَ الكرمُ المُفرَّقُ مالَهُ

في الناسِ لم يكُ في الزمانِ شحيحُ

المتنبي:

وتملكهُ المسائلُ في العطايا

ومن إحدى فوائدهُ العطايا

وأما في الجدالِ فلا يُرامُ

ومن إحدى عطاياهُ الذّمام

وقبضُ نوالِهِ شَرفٌ وعِزٌّ

وقبضُ نوالِ بعضِ القومِ ذامُ

أقامت في الرقابِ لهُ أيادٍ

هيَ الأطواقُ والناسُ الحمامُ

إذا عُدَّ الكِرامُ فتلكَ عِجْلٌ

كما الأنواءُ حينَ تُعدّ عامُ

المتنبي:

من القاسمينَ الشُّكرَ بيني وبينَهُمْ

لأنّهمْ يُسدى إليهم بأن يُسددوا

فَشكري لهم شكرانِ:شكرٌ على الندى

وشكرٌ على الشكرِ الذي وهبوا بعدُ

صيامٌ بأبوابِ القبابِ جيادُهم

وأشخاصُها في قلبِ خائفهم تعدو

وأنفسهم مبذولةٌ لوفودهم

وأموالهم في دار من لم يفِدْ وفدُ

المتنبي/:

أما بنو أوس بن معد بن الرِّضي

كبرّتُ حول ديارهم لما بدتْ

فأعزُّ من تحدى إليه الأنيقُ

منها الشموسُ وليسَ فيها المشرقُ

وعجبتُ من أرضٍ سحابُ أكفِّهم

من فوقها وصخورُها لا تُورِقُ

وتفوحُ من طيبِ الثناءِ روائح

لهمُ بكلِّ مكانةٍ تستنشقُ

مسكيّةُ النفحاتِ إلا أنها

وحشيةٌ بسواهم لا تعبقُ

المتنبي:

ومن إحدى فوائده العطايا

ومن إحدى عطاياه الذمام

وقد خفيَ الزمانُ به علينا

كسلك الدُّرِ يُخفيه النظام

تلذُّ له المروءة وهي تؤذي

ومن يعشق يلذُّ له الغرام

وقبضُ نوالهِ شرفٌ وعزٌّ

وقبضُ نوالِ بعضُ القومِ ذامُ

المتنبي:

وكيفَ الصبرُ عنكَ وقد كفاني

نداكَ المستفيضُ وما كفاكا

أتتركني وعينُ الشمسِ نعلي

فتقطعُ مشيتي فيها الشراكا

المتنبي:

يا أيُّها القمرُ المُباهي وجهَهُ

لا تكذبنَّ فلستَ من أشكالهِ

وإذا طما البحرُ المحيطُ فقل له

دعْ ذا فإنّكَ عاجزٌ عن حالهِ

المتنبي:

فلما جئتهُ أعلى محلّي

وأجلسني على السَبعِ الشِّدادِ

تَهلّلَ قبلَ تسليمي عليه

وألقى مالهُ قبل الوسادِ

المتنبي:

إلى ليثِ حربٍ يُلحِمُ الليثَ سيفهُ

وبحر ندىً في موجهِ يغرقُ البحرُ

وإن كان يُبقي جودُهُ من تليدهِ

شبيهاً بما يُبقي من العاشقِ الهجرُ

المتنبي:

ليسَ التعجبُ من مواهبِ مالهِ

بل من سلامتها إلى أوقاتها

المتنبي:

وباشرَ أبكارَ المكارمِ أمردا

وكان كذا آباؤه وهُمُ مردُ

مدحتُ أباهُ قبلَهُ فشفى يدي

من العُدْمِ من تُشفى بهِ الأعينُ الرمدُ

المتنبي:

يا من لجودِ يديه في أموالهِ

نِقَمٌ تعودُ على اليتامى أنعما

حتى يقولَ الناسَ ماذا عاقلاً

ويقولُ بيتُ المالِ ماذا مُسلما

ذكارُ مثلِكَ تركُ إذكاري له

إذ لا تُريدُ لما أُريدُ مُترجما

المتنبي:

وإنّكَ للَمشكورُ في كلِّ حالةٍ

ولو لم يكن إلا البشاشة رفدهُ

فكلُّ نوالٍ كانَ أو كائنٌ

فلحظهُ طرفٍ منكَ عنديَ نِدّهُ

وإنّي لفي بحرٍ من الخيرِ أصلُهُ

عطاياكَ أرجو مدّها وهي مَدُّهُ

 

أعطى فقلتُ لجودهِ ما يُقتنى

وسطا فقلتُ لسيفهِ ما يولَدُ

المتنبي:

تزيدُ عطاياهُ على اللَبثِ كثرةً

وتلبثُ أمواهُ السّحابِ فتنضبُ

المتنبي:

كأنّما يولَدُ النّدى مَعهُمْ

لا صِغَرٌ عاذرٌ ولا هَرَمُ

المتنبي:

أمطِرْ عليَّ سحابَ جودكَ ثَرّةً

وانظر إليَّ برحمةٍ لا أغرقُ

كذب ابنُ فاعلةٍ يقولُ بجهله:

ماتَ الكرامُ وأنتَ حيٌّ ترزق

المتنبي:

إذا الجُودُ لم يُرْزَقْ خلاصاً من الأذى

فلا الحمدُ مكسوباً ولا المالُ باقيا

وللنفسِ أخلاقٌ تدلّ ُعلى الفتى

أكانَ سخاءً ما أتى أم تساخيا

المتنبي:

وكلٌّ يرى طرق الشجاعة والنّدى

ولكن طبع النفس للنفس قائدُ

المتنبي:

أرجو نَداكَ ولا أخشى المِطالَ بهِ

يامنْ إذا وهبَ الدنيا فقد بخلا

المتنبي:

كأنّكَ في الإعطاءِ للمالِ مُبغِضٌ

وفي كُلِّ حَرْبٍ للمنيّةِ عاشقُ

المتنبي:

وأحسنُ وجهٍ في الورى وجهُ مُحسنٍ

وأيمنُ كفٍّ فيهمُ كفُّ مُنعمِ

المتنبي:

وما يُوجعُ الحِرمانُ من كفِّ حارمٍ

كما يُوجعُ الحرمانُ من كفِّ رازقِ

المتنبي:

وآنفُ من أخي لأبي وأمي

إذا ما لم أجدهُ من الكرام

ولم أرَ في عيوبِ الناسِ شيئاً

كنقصِ القادرينَ على التمامِ

المتنبي:

فتىً لا يُرَجّي أن تتِمَّ طهارةٌ

لمن لم يُطهّر راحتيهِ من البُخلِ

المتنبي:

كَفانيَ الذّمَّ أنني رجلٌ

أكرَمُ مالٍ مَلكتهُ الكَرَمُ

يجني الغِنى للِئامِ لو عَقلوا

ما ليسَ يجني عليهم العُدُمُ

هُمُ لأموالهمْ ولَسنَ لَهثمْ

والعارُ يبقى والجُرْحُ يلتئمُ

المتنبي:

وإن فقدَ الإعطاءَ حَنّتْ يمينهُ

إليهِ حَنينَ الغلفِ فارقهُ الإلفُ

 

وما كلٌّ بمعذورٍ ببِخلٍ

ولا كلٌّ على بُخلٍ يُلام

المتنبي:

يُعطي فلا مَطْلُهُ يُكَدِّرُها

بها ولا مَنُّهُ يُنكّدُها

له أيادٍ إليَّ سابقةٌ

فَعُدْ بها لا عَدمتُها أبداً

أعدُّ منها ولا أعدِّدهُا

خيرُ صلاتِ الكريمِ أعودُها

المتنبي:

أنتَ الجوادُ بلا مَنٍّ ولا كَدرٍ

ولا مِطالٍ ولا وعدٍ ولا مَذَلِ

المتنبي:

ومن إحدى فوائدِهِ العطايا

ومن إحدى عطاياهُ الدّوامُ

وقبضُ نوالهِ شَرَفٌ وعزٌّ

وقبضُ نوالِ بعضِ القوم ذامُ

لقد حَسنُتْ بك الأوقاتُ حتى

كأنّكَ في فمِ الدّهرِ ابتسامُ

المتنبي:

أَذا الجودِ أعطِ الناسَ ما أنتَ مالكٌ

ولا تُعطينَّ الناسَ ما أنا قائلُ

المتنبي:

إذا اكَتسَبَ الناسُ المعاليَ بالنّدى

فإنّكَ تُعطي في نداكَ المعاليا

وغيرُ كثيرٍ أن يَزُوركَ راجِلٌ

فيرجِعُ مَلكاً للعراقينِ واليا

المتنبي:

وإذا اهتزَّ للنّدى كان بحراً

وإذا اهتزَّ للوغى كان نصلاً

المتنبي:

إنّكَ من معشرٍ إذا وهبوا

ما دُونَ أعمارِهمْ فقد بخلوا

المتنبي:

ونادى النّدى بالنائمينَ عن السُّرى

فأسمعهم هُبّوا فقد هلكَ البُخلُ

المتنبي:

لا تَطلبَنَّ كريماً بعدَ رؤيتهِ

إنّ الكِرامَ بأسخاهُمْ يداً خُتموا

المتنبي:

ليسَ التعجُّبُ من مواهبِ مالهِ

بل من سلامتها إلى أوقاتِها

المتنبي:

وما كلُّ سيفٍ يقطعُ الهامَ حَدُّهُ

وتقطعُ لزَباتِ الزمان مكارمُهْ

المتنبي:

يُعطيك مبتدئاً فإن أعجلته

أعطاكَ معتذراً كمن قد أجرما

المتنبي:

إذا حازَ مالاً فقد حازهُ

فتىً لا يسر بما لا يهب

المتنبي:

لم أعرفِ الخيرَ إلا مُذْ عرفتُ فتىً

لم يُولدِ الجُودُ إلا منذ مولدهِ

المتنبي:

فكمْ وكمْ نِعمةٍ مُجّللةٍ

رَبيّتها،كان منكَ مَولدُها

وكم وكم حاجةٍ سمحتَ لها

أقربُ مني إليَّ موعدُها

ومكرُماتٍ مشت على قدم البرِّ

أقرَّ جلدي بها عليّ فما

إلى منزلي ترددها

أقدرُ حتى المماتِ أجحدها

فَعُدْ بها لا عدمتها أبداً

خيرُ صلاتِ الكريمِ أعودُها

المتنبي:

فجاءا به صَلْتَ الجبينِ مُعظّماً

ترى الناسَ قلاً حولهُ وهُمُ كثرُ

مُفدى بآباءِ الرجال سَمَيدعاً

هو الكرمُ المدُّ الذي مالهُ جَزرُ

المتنبي:

نَلومكَ يا عليُّ لغيرِ ذنبٍ

لأنّكَ قد زريتَ على العبادِ

وأنّكَ لا تجودُ على جوادٍ

هباتُكَ أن يُلعبَ بالجوادِ

كأنَّ سخاءكَ الإسلامُ تخشى

إذا ماحُلْتَ عاقبة ارتدادِ

 

فكمْ وكمْ نعمةٍ مُجلّلةٍ

وكم وكمْ حاجةٍ سمحتَ بها

ربيّتها كان منكَ مولدها

أقربُ مني إليَّ موعدها

ومكرُماتٍ مشت على قدم البرِّ

إلى منزلي تردُدها

أقرَّ جِلدي بها عليَّ فلا

أقدرُ حتى المماتِ أجحدُها

فَعُدْ بها لا عدمتُها

أبداً خيرُ صلاتِ الكريمِ أعودُها

المتنبي:

إذا كسبَ الناسُ المعاليَ بالنّدى

فإنّكَ تُعطي في نداك المعاليا

المتنبي:

غيث يبين للنظار موقعه

إن الغيوث بما تأتيه جهال

لا وارث جهلت يمناه ما وهبت

ولا كسوب بغير السيف سآل

المتنبي:

عند الهمام أبي المسك الذي غرقت

في جودهِ مضر الحمراء واليمن

وإن تأخر عني بعض موعده

فما تأخر آمالي ولا تهن

هو الوفي ولكني ذكرت له

مودة فهو يبلوها ويمتحن

المتنبي:

مضى وبنوه وانفردت بفضلهم

وألف إذا ما جمعت واحد فرد

لهم أوجه غرّ وأيدٍ كريمةٍ

ومعرفة عد وألسنة لد

المتنبي:

وإنَّ سحاباً جَودهُ مثل جودهِ

سحابٌ على كلِّ السّحابِ لهُ فخرُ

ولا ينفعُ الإمكانُ لولا سخاؤهُ

وهل نافعٌ لولا الأكفُّ القنا السُّمرُ

المتنبي:

ومن بعدهِ فقر ومن قربهِ غنى

ومن عرضه حر ومن ماله عبد

ويصطنعُ المعروف مبتدئأ به

ويمنعه من من ذمه حمد

 

كسائله من يسألُ الغيثَ قطرةً

كعاذله من قال للفلك ارفقِ

المتنبي:

ترّفعَ عن عَونِ المكارمِ قدرُهُ

فما يفعلُ الفَعلاتِ إلا عذاريا

المتنبي:

غمامٌ علينا مُمطرٌ ليسَ يُقشِعُ

ولا البرقُ فيه خلباً حينَ يلمعُ

إذا عرضتْ حاجٌ إليه فنفسُهُ

إلى نفسهِ فيها شفيعٌ مُشَفّعُ

المتنبي:

وإن فقد الإعطاء حَنّتْ يمينهُ

إليهِ حنينَ الإلفِ فارقهُ الإلفُ

المتنبي:

كالبحرِ يقذفُ للقريبِ جواهراً

جوداً ويبعثُ للبعيدِ سحائبا

المتنبي:

همُ المحسنونَ الكرَّ في حومة الوغى

وأحسنَ منه كرّهمْ في المكارمِ

المتنبي:

واجز الأمير الذي نعماه فاجئة

بغير قول ونعمى الناس أقوال

المتنبي:

ألا كُلُّ سَمْحٍ غيركَ اليومَ باطلٌ

وكلُّ مديحٍ في سِواكَ مُضيَّعُ

المتنبي:

من طلبَ المجدَ فليكن كَعليٍّ

يهبُ الألفَ وهو يبتسِمُ

المتنبي:

وعُظمُ قدركَ في الآفاقِ أوهمني

أني بقلّةِ ما أثنيتَ أهجوكا

شُكرُ العُفاةِ لما أوليتَ أوجدَ لي

إلى نداكَ طريقَ العُرفِ مسلوكا

المتنبي:

فتىً كالسحابِ الجُونِ يُخشى ويرُتجى

يُرجى الحيا منها وتُخشى الصواعقُ

ولكنّها تمضي وهذا مُخيّمٌ

وتكذبُ أحياناً وذا الدهر صادقُ

المتنبي:

كَبرّتُ حولَ ديارهم لمّا بدتْ

منها الشموسُ وليسَ فيها المشرقُ

وعجبتُ من أرضٍ سحابُ أكفّهم

من فوقها وصخورها لا تُورِقُ

وتفوحُ من طيبِ الثناءِ روائحٌ

لهمُ بكلِّ مكانةٍ تُستنشقُ

أمُريدَ مثل محمدٍ في عصرنا

لا تبلُنا بطلابِ ما لايُلحقُ

 

يا ذا الذي يهبُ الجزيلَ وعندَهُ

أني عليهِ بأخذةِ أتصدّقُ

أمطِرْ عليَّ سحابَ جودِكَ ثرّةً

وانظر إليَّ برحمةٍ لا أغرقُ

كذبَ ابنُ فاعلةٍ يقولُ بجهلهِ

ماتَ الكرامُ وأنتَ حيٌّ تُرزقُ

المتنبي:

فتىً كُلّ يوم تحتوي نفسَ مالهِ

رماحُ المعالي لا الردينيةُ السمرُ

تباعدَ ما بينَ السحابِ وبينهُ

فنائلها قطرٌ ونائلهُ غَمرُ

ولو تنزلُ الدنيا على حكم كَفّهِ

لأصبحت الدنيا وأكثرها نزرُ

المتنبي:

أستغفرُ الله لشخص مضى

كان نداهُ منتهى ذنبه

وكان من عدد إحسانه

كأنّهُ أفرط في سبّهِ

يريد من حب العلا عيشه

ولا يريد العيش من حبه

المتنبي:

فأنجمُ أموالهِ في النُحوسِ

وأنجمُ سُؤلهِ في السُعودِ

ولو لم أخف غير أعدائهِ

عليه لبشرّتهُ بالخلودِ

المتنبي:

أنتَ الذي سبكَ الأموالَ مكرُمةً

ثمَّ اتخذتَ لها السؤالَ خُزانا

عليكَ منكَ إذا أخليت مرتقِبٌ

لم تأتِ في السرِّ ما لم تأتِ إعلانا

المتنبي:

ولم بخلُ من أسمائهِ عودُ منبر

ولم يخلُ دينارٌ ولم يخلُ درهمُ

المتنبي:

ولم أرَ قبلي من مشى البحرُ نحوهُ

ولا رجلاً قامتْ تُعانقهُ الأُسْدُ

المتنبي:

أعدى الزمانَ سخاؤهُ فسخا بهِ

ولقد يكونُ به الزمانُ بخيلا

المتنبي:

كأنَّ نوالكَ بعضُ القضاءِ

فما تُعطِ منهُ نجدهُ جُدودا

المتنبي:

أصبحَ مالٌ كمالهِ لذوي الحاجةِ

لا يُبتدى ولا يُسَلُ

المتنبي:

إن حلَّ فارقتِ الخزائنُ مالَهُ

أو سارَ فارقت الجسومُ الروسا

المتنبي:

تتبّعَ أثارَ الرزايا بجودهِ

تتبُّعَ آثار الأسنةِ بالقتلِ

المتنبي:

لقد جُدْتَ حتى جدتَ في كل ملّةٍ

وحتى أتاكَ الحمدُ من كلِّ منطق

المتنبي:

جوادٌ على العلّاتِ بالمالِ كلّهِ

ولكنّهُ بالدارِ عينَ بخيل

المتنبي:

ما ينقضي لك في أيامه كرمٌ

ولا انقضى لك في أعوامه عُمرُ

المتنبي:

فتى كالسحابِ الجون يرجى ويُتقى

يُرّجى الحيا منه وتخشى الصواعق

المتنبي:

لا تطلبنَّ كريماً بعدَ رؤيتهِ

إنَّ الكِرامَ بأسخاهم يداً خُتموا

المتنبي:

ليسَ التعجبُ من مواهبِ مالهِ

بل من سلامتها إلى أوقاتها

المتنبي:

تركتُ السُّرى خلفي لمن قلَّ مالهُ

وأنعلتُ أفراسي بنعماك عسجدا

المتنبي:

وكُلّما لقيَ الدينارُ صاحبَهُ

في مُلكهِ افترقا من قبلِ يصطحبا

مكارِمٌ لكَ فُتَّ العالمينَ بها

من يستطيعُ لأمرٍ فائتٍ طلبا

المتنبي:

لقد جُدْتَ حتى جُدتَ في كلِّ مِلّةٍ

وحتى أتاكَ الحمدُ من كلِّ منطقِ

المتنبي:

يا مَنْ لِجودِ يديهِ في أموالهِ

نِقَمٌ تعودُ على اليتامى أنعُما

حتى يقولَ الناسُ ماذا عاقلاً

ويقولُ بيتُ المالِ ماذا مُسلما

المتنبي:

وإذا وكَلتَ إلى كريمٍ رأيَهُ

في الجودِ بانَ مذيقهُ من مَحضهِ

المتنبي:

ويُميتُ قبلَ قتالهِ ويبشُّ قبلَ

نوالهِ ويُيلُ قبلَ سؤالهِ

المتنبي:

وإذا غَنوا بعطائهِ عن هَزْهِ

والى فأغنى أن يقولوا والهِ

وكأنّما جدواهُ من إكثارهِ

حسدٌ لسائلهِ على إقلالهِ

غَربَ النجومُ فغُرنَ دونَ همومهِ

وطلعنَ حينَ طلعنَ دونَ منالهِ

المتنبي:

لا يعرفُ الرزء في مال ولا ولدِ

إلا إذا خفر الأضياف ترحال

المتنبي:

ظالمُ الجودِ كُلّما حلَّ ركبٌ

سِيمَ أن تحملَ البحارَ مزادُه

غمرتني فوائدٌ شاءَ فيها

أن يكون الكلامُ مما أفاده

ما سمعنا بمن أحبَّ العطايا

فاشتهى أن يكونَ فيها فؤادُه

المتنبي:

وأنكَ لا تجود على جوادٍ

هِباتُكَ أن يُلّقب بالجوادِ

المتنبي:

أمطِرهُ عليَّ سحابَ جُودكَ ثرَّةً

وانظرْ إليَّ برحمةٍ لا أغرَقُ

المتنبي:

لولا مفارقةُ الأحبابِ ما وجدتْ

لها المنايا إلى أرواحنا سُبُلا

المتنبي:

لا أستزيدُكَ فيما فيك من كرمٍ

أنا الذي نام إن نبّهتُ يقظانا

 

وحاشا لارتياحك أن يُبارى

وللكرم الذي لك أن يباقى

 

ولكنا نداعب منك قرماً

تراجعت القروم له حقاقا

 

 

أبو فراس الحمداني:

إن قصَّرَ الجُهدُ عن إدراكِ غايته

فأعذرُ الناسِ من أعطاكَ ما وجدا

أبو فراس الحمداني:

ويُصبحُ الضيفُ أولانا بمنزلنا

نرضى بذاكَ، ويمضي حكمُهُ فينا

أبو فراس:

أفضتَ عليه الجودَ من قبل هذه

وأفضلُ منه ما يؤّمله بعد

أبو فراس:

فإن عدتُ يوماً عاد للحربِ والندى

وبذل الندى والمجد أكرم عائدِ

أبو فراس:

وأفعالهُ للراغبينَ كريمةٌ

وأموالهُ للطالبينَ نِهابُ

أبو فراس:

بليثٍ ،إذا ما الليثُ حاد عن الوغى

وغيثٍ،إذا ما الغيثُ أكدتْ سواجمه

أبو فراس الحمداني:

كَفاني سطوةَ الدّهرِ

جوادٌ نسلُ أجوادِ

نماهُ خيرُ آباءٍ

نمتهم خيرُ أجدادِ

فما يصبو إلى أرضٍ

سوى أرضي وروّادي

وقاهُ الله فيما عاشَ

شرَّ الزمن العادي

أبو فراس:

أنتَ ليثُ الوغى،وحتفُ الأعادي

وغياثُ الملهوف والمستجير

أبو فراس:

أعزّ العالمين حِمى وجارا

وأكرم مستعان مستماح

أبو فراس الحمداني:

فإن عدت يوماً،عاد للحربِ والعلا

وبذل النّدى،والجود،أكرم عائدِ

مريرٌ على الأعداء،لكن جاره

إلى خصب الأكنافِ،عذبُ المواردِ

أبو فراس الحمداني:

وندعو كريماً من يجودُ بمالهِ

ومن يبذُلِ النفسَ الكريمةَ أكرمُ

أبو فراس الحمداني:

يا باذلَ النَّفسِ والأموالِ مُبتسماً

أما يَهولُكَ لا موتٌ ولا عَدَمُ؟

نشدُتكَ بالله لا تسمحْ بنفسِ عُلاً

حياةُ صاحبها تحيا بها الاُمَمُ

أبو فراس:

ولا راحَ يُطغيني بأثوابهِ الغنى

ولا باتَ يثنيني عن الكَرَمِ الفقرُ

أبو فراس الحمداني:

يا مُنفقَ المال،لا يُريدُ بهِ

إلا المعالي التي يؤّثلها

أصبحت تشري مكارماً فُضلاً

فداؤنا،وقد علمت أفضلها

لا يقبل الله منك فرضك ذا

نافلةً عندهُ تُنّفلها

أبو فراس الحمداني:

المشتري الحمدَ بأموالهِ

والبائع النائلَ بالنائلِ

دانٍ إلى سُبل الندى والعلا

الأسدُ الباسلُ والعارضِ الهطلِ

ناءٍ عن الفحشاءِ والباطلِ

عند الزمن الماحلِ

أبو فراس:

يا سيداً ما تُعَدَّ مكرمةً

إلا وفي راحتيك أكملها

ليست تنال القيود من قدمي

وفي اتباعي رضاك أحملها

لا تتيَّمْ والماء تدركه

غيرك يرضى الصغرى ويقبلها

أبو فراس:

وما أدعي ما يعلم الله غيره

رحابعليللعفاة رحاب

وأفعالهُ للراغبين كريمة

وأموالهُ للطالبين نهاب

أبو فراس:

ولستُ بجهمِ الوجهِ في وجهِ صاحبي

ولا قائلٍ للضيف:هل أنتَ راحِلُ؟

ولكن قِراهُ ما تشّهى، ورِفدهُ

ولو سأل الأعمارَ ما هو سائلُ

أبو فراس :

ولا والله ما بخلت يميني

ولا أصبحتُ أشقاكم بمالي

ولا أمسي يُحكّم فيه بعدي

قليلُ الحمدِ،لي سوء الفعالِ

ولكني سأفنيه،وأفني

ذخائر من ثوابٍ أو كمالِ

أبو فراس الحمداني:

ليس جُوداً عطيةً بسؤال

قد يهزُّ السؤالُ غير الجوادِ

إنّما الجودُ ما أتاكَ ابتداءً

لم تَذُقْ فيه ذلّة التردادِ

أبو فراس:

أنا الجارُ لا زادي بطيء عليهم

ولا دون مالي في الحوادث باب

 

أبو فراس الحمداني:

لو كانَ يفدي معشرٌ هالكاً

فداهُ من حافٍ ومن ناعلِ

فكم حشا قبرك من راغبٍ

وكم حشا تربك من آملِ

 

بشار بن برد:

قومٌ لهم كرمُ الإخاءِ وعزّة

لا يمكنون بها الظلامة صيدا

تأبى قلوبهم المذلّة والخنا

وأبتْ أكفُّهم البحورُ جُمودا

فطنٌ لمعروفٍ وإن لم يفطنوا

للغيِّ يعرفهُ الخليلُ معيدا

وترى عليهم نضرةً ومهابةً

شرفاً وإن ملكوا أمنت وعيدا

بشار بن برد:

أيُّها السائلي عن الحزمِ والنجدةِ

والبأسِ والندى والوفاءِ

إنّ تلكَ الخلال عند ابن سلم

ومزيدٌ من مثلها في الغَناءِ

كخراجِ السماءِ سيبُ يديهِ

لقريبٍ ونازحِ الدارِ ناءِ

حرّمَ الله أن ترى كابن سلم

عُقبةِ الخيرِ مُطعمُ الفقراء

بشار بن برد:

لعمرُكَ لقد أجدى على ابن برمكٍ

وما كلُّ من كانَ الغنى عنده يُجدي

حلبتُ بشعري راحتيهِ وقد رنا

سماحاً كما درَّ السّحابُ على الرعدِ

بشار:

متوازنون على المحامدِ والندى

لا يحسبون غنىً يديم خلودا

بشار:

أخالدُ إنَّ الحمدَ يبقى لأهلهِ

جمالاً ولا تبقى الكنوزُ على الكَدِّ

فأطعم وكل من عارةٍ مُستردةٍ

ولا تبقها إن العواريَ للردِ

بشار:

لا يحقب القطر إلا فاضَ نائلهُ

ولا تزلزلَ إلا خلته يقِر

بشار:

يطوفُ العُفاةُ بأبوابهِ

كطوافِ الحجيجِ ببيتِ الحرم

بشار بن برد:

لعمري لقد أجدى عليَّ ابنُ بَرْمكٍ

وما كلُّ من كانَ الغِنى عندَهُ يُجدي

حلبتُ بشعري راحتيهِ فدرّتا

سماحاً كما درَّ السحابُ مع الرّعدِ

بشار

حرّمَ الله أن ترى كابن سَلْمٍ

عُقبةِ الخيرِ مُطعمِ الفقراءِ

إنّما لذّةُ الجوادِ ابنِ سَلْمٍ

في عطاءٍ ومركبٍ للقاءِ

ليسَ يُعطيكَ للرجاءِ ولاالخو

لا يهابُ الوغى ولا يعبدُ المالَ

فِ ولكن يلذُّ طعمَ العطاءِ

ولكن يُهينهُ للثناء

بشار بن برد:

لما رآني بدتْ مكارمهُ

نوراً على وجههِ وما اكتأبا

كأنّما جئتهُ أبشّرهُ

ولم أجىء راغباً ومختلبا

بشار بن برد:

دعاني إلى عُمرٍ جُودُهُ

وقولُ العشيرةِ بَحرٌ خِضَمْ

ولولا الذي زعموا لم أكنْ

لأحمدَ رَيحانةً قبلَ شَمّْ

بشار:

لا يهابُ الوغى ولا يَعبدُ

المالَ ولكن يُهينهُ للثناءِ

أرْيحيٌّ لهُ يدٌ تُمطِرُ النَيلَ

وأخرى سُّمٌّ على الأعداءِ

بشار بن برد:

إلى فتىً تسقي يداهُ النّدى

حيناً وأحياناً دمَ المُذنبِ

إذا دنا العيشُ فمعروفهُ

دان بعيش القانع المتربِ

بشار بن برد:

ليسَ يُعطيكَ للرجاء ولا الخو

فِ ولكن يَلذُّ طعمَ العطاء

يسقطُ الطير حيث يَنتثرُِ الح

بُّ وتغُشى منازِلُ الكرماء

بشار بن برد:

أنفِقِ المالَ ولا تشقَ بهِ

خيرُ ديناريكَ دينارٌ نَفَقْ

بشار بن برد:

إنّ الكريمَ ليُخفي عنكَ عُسرتهُ

حتى تراهُ غنياً وهو مجهودُ

إذا تكّرهتَ أن تعطي القليلَ ولم

تقدر على سَعةٍ لم يظهر الجودُ

أورقْ بخيرٍ تُرَجّى للنوالِ فما

تُرجى الثمارُ إذا لم يُورِقِ العودُ

بُثَّ النوال ولا تمنعكَ قِلتهُ

فكلُّ ما سدَّ فقراً فهو محمودُ

بشار بن برد:

لقد كنتُ لا أرضى بأدنى معيشةٍ

ولا يشتكي بُخلاً عليَّ رفيقُ

خليليَّ إنَّ المالَ ليس بنافعٍ

إذا لم ينلْ منهُ أخٌ وصديقُ

بشار بن برد:

إذا جئتَهُ للحمدِ أشرقَ وجههُ

لهُ نِعَمٌ في القومِ لا يستثيبها

إليكَ وأعطاكَ الكرامةَ بالحمدِ

جزاءً وكَيلَ التاجرِ المدُّ بالمُدِّ

مفيدٌ ومتلافٌ سبيلُ تُراثُه

لمستُ بكفّي كَفّهُ أبتغي الغنى

فلا أنا منهُ ما أفادَ ذوو الغنى

إذا ما غدا أو راحَ كالجَزرِ والمدِّ

ولم أدرِ أن الجودَ من كفّهِ يُعدي

أفدتُ وأعداني فأتلفتُ ما عندي

بشار:

فلا يُسرُّ بمال لا يجود به

وليسَ يقنع إلا بالذي يهبُّ

بشار:

وما ضاعَ مالٌ أورثَ الحمدَ أهلهُ

ولكنَّ أموالِ البخيلِ تضيعُ

بشار بن برد:

تَعوّدَ أخذَ الحمدِ منا بمالهِ

وكلُّ امرىءٍ جارٍ على ما تعوّدا

يجودُ لنا لا يمنعُ المال باخلاً

كذلكَ تلقى الهاشميّ إذا غدا

ولا اليومَ إن أعطاكَ مانِعهُ غدا

جواداً وإن عاودتهُ كانَ أجودا

بشار بن برد:

فجزى الله عن أخيكَ ابنَ سِلمٍ

حينَ قلَّ المعروفُ خيرَ الجزاءِ

صنعتني يداهُ حتى كأنّي

ذو ثراءٍ من سرِّ أهلِ الثراءِ

لا أُبالي صفحَ اللئيمِ ولا تجري

دموعي على الخؤونِ الصفاءِ

وكفاني أمراً أبرَّ على البخلِ

بكفٍّ محمودةٍ بيضاء

بشار بن برد:

أيُّها السائلي عن الحزمِ والنجدةِ وال

بأسِ والندى والوفاء

إن تلكَ الخللَ عند ابن سلمٍ

ومزيداً من مثلها في الغَناء

كخراج السماء سيبُ يديه

لقريبٍ ونازح الدار ناء

حرّمَ الله أن ترى كابنِ سلمٍ

عُقبةِ الخيرِ طعم الفقراء

بشار بن برد:

أخالدُ لم أخبطْ إليك بنعمة

سوى أنني عافٍ وأنتَ جوادُ

فإن تعطني أفرغ إليك محامدي

وإن تأبَ لا يُضرَبْ عليك سِدادُ

أخالِدُ بينَ الأجرِ والحمد حاجتي

فأيّهما تأتي فأنت عِمادُ

وما خابَ بينَ الأجرِ والحمدِ عاملٌ

لهُ منهما عندَ العواقبِ زادُ

بشار بن برد:

كأنَّ لهم دَيناً عليه وما لهم

سوى جود كفيه عليه حقوق

 

 

 

أبو تمام:

ونغمة مُعْتَفٍ يرجوه أحلى

على أذنيه من نغم السماع

جعلت الجود لألاء المساعي

وهل شمسٌ تكون بلا شعاع؟

ولم يحفظ مَضاعَ المجد شيء

من الأشياء كالمال المضاع

ولو صورت نفسك لم تزدها

على ما فيك من كرم الطباع

أبو تمام:

هيهاتَ لا ينأى الفخارُ وإن نأى

أنّى يفوتُكَ ما طلبتَ وإنّما

عن طالب كانت مطيتهُ النّدى

وطراكَ أن تُعطي الجزيلَ وتُحمدا

لما زهدتَ زهدتَ في جمع الغنى

ولقد رغبتَ فكنتَ فيه أزهدا

فالمالُ إن ملتَ ليس بسالمٍ

من بطشِ \جودِكَ مُلحاً أو مُفسدا

ولأنتَ أكرمُ من نوالكَ محتدا

ونداكَ أكرمُ من عدوكَ محتدا

لا تعدمنّكَ طيءٌ فلقلّما

عدِمتْ عشيرتُكَ الجوادَ السيّدا

أبو تمام:

أبا سعيدٍ تلاقتْ عندكَ النِعَمُ

فأنتَ طودٌ لنا مُنجٍ ومُعتصَمُ

لا زالَ جودُكَ يخشى البخلُ صولتَهُ

وزالَ عودُكَ تسقي روضهُ الديمُ

أشرفتُ منكَ على بحرِ الغنى ويدي

يجولُ في مستواها الفقرُ والعدَمُ

أحرمتُ دونكَ خوفَ النائباتِ فما

شككتُ إذ قُمتَ دوني أنّكَ الحرمُ

أبو تمام:

مفيدُ جزلِ المال معطي جزلهِ

يحويه من حرامهِ وحلهِ

ويجعلُ النائلَ أدنى سُبلهِ

وبلدٍ نائي المحلّ محلهِ

أبو تمام:

فتىً لم يَقُمْ فرداً ليومِ كريهةٍ

ولا نائلٍ إلا كفى كلَّ قاعدِ

ولا اشتدتِ الأيامُ إلا لأنها

أشمُّ شديدُ الوطءِ فوقَ الشدائدِ

أبو تمام:

كريمٌ إذا زرناهُ لم يقتصر بنا

على الكرِ المولودِ أو يتكرما

أبو تمام:

وتبصرّي خببَ الرّكابِ ينصُّها

مُحيّ القريض إلى مُميتِ المالِ

أبو تمام:

أقولُ لمرتادِ الندى عند مالكٍ

تعوّد بجدوى مالكٍ وصلاتهِ

فتىً جعلَ المعروفَ من دونِ عرضهِ

سريعاً إلى المُمتاحِ قبل عِداتهِ

ولو قصرّت أموالهُ عن سماحةٍ

لقاسمَ من يرجوهُ شطرَ حياتهِ

ولو لم يجد في قسمةِ العمر حيلةً

وجازَ له الإعطاءُ من حسناته

لجادَ بها من غير كفرٍ بربّه

وآساهم من صومهِ وصلاتهِ

أبو تمام:

إذا أحسنَ الأقوامُ أن يتطولوا

بلا مِنّةٍ أحسنتَ أن تتطولا

وجدناكَ أندى من رجالِ أناملا

وأحسنَ في الحاجاتِ وجهاً وأجملا

تُضيءُ إذا اسودَّ الزمان وبعضهم

يرى الموتَ أن ينهلَّ أو يتهللا

أبو تمام:

أادريسُ ضاعَ المجدُ بعدك كلُّهُ

ورأيُّ الذي يرجوهُ بعدكَ أضيعُ

وتبسطُ كفاً في الحقوقِ كأنّما

أناملُها في الجودِ والبأس أذرعُ

أبو تمام:

وما كانَ إلا مالَ من قلَّ مالُهُ

وذُخراً لمن أمسى وليسَ لهُ ذُخرُ

وما كانَ يدري مُجتدي جودِ كفّهِ

إذا ما استهلّتْ أنّهُ خُلِقَ العُسرُ

أبو تمام:

ما جادَ جودك ‘ذ تعطي بلا عدةٍ

ما يرتجى منكَ لا كعبٌ ولا هرِمُ

أبو تمام:

كمْ وَقعةٍ لكَ في المكارمِ فخمةٍ

غادرتَ فيها ما ملكتَ فتيلا

أبو تمام:

لن ينالَ العلا خصوصاً من الفتيان

من لم يكنْ نداهُ عموما

أبو تمام:

فعلمنا أن ليسَ إلا بِشقِّ النفس

صارَ الكريمُ يُدعى كريماً

أبو تمام:

كِرامٌ لا يرونَ العُسرَ فقراً

وفي العرض الغنى والإفتقار

أبو تمام:

لا كانت الآمال يكفُلُ نجحها

كرم يريكَ تجهماً وقطوبا

أبو تمام:

أبى قدرنا في الجودِ إلا نباهة

فليسَ لمالٍ عندنا أبداً قدرُ

أبو تمام:

أوطأتَ أرضَ البُخلِ فيها غارةً

تركتْ حُزونَ الحادثاتِ سُهولا

فرأيتَ أكثرَ ما حبوتَ من اللّهى

نَزْراً وأصغرَ ما شُكرتَ جزيلا

لم يترك في المجد من جعل النّدى

في مالهِ للمُعتفين وكيلا

أو ليسَ عمروٌ بثّ في الناسِ النّدى

حتى اشتهينا أن نُصيبَ بخيلا

أبو تمام:

بدرٌ إذا الإحسانُ قُنِّع لم يزلْ

وجهُ الصّنيعة عنده مكشوفا

وإذا غدا المعروفُ مجهولاً غدا

معروف كفّك عنده معروفا

أبو تمام:

قد كساني من كسوة الصيف خِرْقٌ

مُكتسٍ من مكارمٍ ومساعِ

سوف أكسوكَ ما يفوق عليه

من ثناءٍ كالبُردِ بُردِ الصّاعِ

حُسن هاتيكَ في العيون وهذا

حسنهُ في القلوبِ بالأسماعِ

أبو تمام:

جزى الله كفّاً ملؤها من سعادةٍ

سعتْ في هلاكِ المال والمالُ نائمُ

فلم يجتمع شرقٌ وغربٌ لقاصدٍ

ولا المجدُ في كفِّ امرىءٍ والدراهمُ

أبو تمام:

إلى سالمِ الأخلاقِ من كلِّ عائبٍ

وليسَ له مالٌ على الجودِ سالِمُ

جديرٌ بأن لا يُصبحَ المالُ عندَهُ

جديراً بأن يبقى وفي الأرضِ غارِمُ

وليسَ ببانٍ للِعلى خُلُقُ امرىءٍ

وإن حلَّ إلا وهو للمالِ هادِمُ

أبو تمام:

كَرُمتْ راحتاهُ في أزماتٍ

كانَ صوبُ الغمامِ فيها لئيما

لا رُزِيناهُ ما ألذَّ إذا هُزَّ

وأندى كفاً وأكرمَ خيما

وأحقُّ الأقوامِ أن يقضي الدينَ

امرؤٌ كان للإله غريما

في طريقٍ قد كانَ قبلُ شراكاً

ثم لمّا علاهُ صارَ أديما

أبو تمام:

وكم مشهدٍ أشهدتَهُ الجودَ فانقضى

ومجدُكَ يُستحيا ومالُكَ يُقتلُ

بلوناكَ أمّا كعبُ عِرضكَ في العُلى

فعالٍ ولكن خدُّ مالكَ أسفلُ

أبوكَ شقيقٌ لم يزلْ وهو للندى

شقيقٌ وللملهوفِ حِرزٌ ومَعقِلُ

أفادَ من العليا كنوزاً لو أنّها

صوامتُ مالٍ وما درى أين تُجعلُ

أبو تمام:

تنّصب البرقُ مختالاً فقلت له:

لو جُدتَ جودَ بني يزدان لم تزد

أبو تمام:

مازالَ يهذي بالمكارمِ والنّدى

حتى ظننا أنّهُ محمومُ

 

أبو تمام:

يا أيُّها الملكُ النائي برؤيتهِ

وجودُهُ لمرجي جودهِ كثبُ

ليسَ الحجابُ بِمقُصٍ عنكَ لي أملاً

إنَّ السماءَ تُرّجى حينَ تحتجبُ

ما دونَ بابكَ لي بابٌ ألوذُ به

ولا وراءكَ لي مثوىً ومطلبُ

يا خيرَ من سمعتْ أذنٌ به ورأت

عينٌ ومن وردتْ أبوابَهُ القربُ

أما السكوتُ فمطويٌّ على عِدَةٍ

وفي كلامكَ غُرُّ المالِ يُنتهبُ

أبو تمام:

أبا دلفٍ لم يبقَ طالبُ حاجةٍ

من الناسِ غيري والمحلُّ جديبُ

يسرُكَ أني أُبتُ عنكَ مَخيباً

ولم يُرَ خَلْقٍ من جَداكَ يخيبُ؟

وأنّي صيّرتُ الثناءَ مذمةً

وقام بها في العالمينَ خطيبُ

فإن نلتُ ما أملتُ فيكَ فإنني

جديرٌ وإلا فالرحيلُ قريبُ

أبو تمام:

إذا قال أهلاً مرحباً نبعتْ لهم

مياهُ الندى من تحتِ أهلٍ ومرحبِ

أبو تمام:

لهُ رياضُ ندىً لم يُكْبِ زهرتها

مدى العفاةِ فلم تحلل به قدمٌ

خَلفٌ ولم تتبخترْ بينها العللُ

إ

إذا اخلعَ الليلُ النهار رأيتها

ما إن يُبالي إذا حلّى خلائقهُ

بجودهِ أيُّ فطريهِ حوى العطَلُ

كأنَّ أموالهُ والبذلُ يمحقها

نهبٌ تعسفهُ التبذيرُ أو نفلُ

شرسْتَ بل لِنْتَ بل قانيتَ ذاك بذا

فأنتَ لا شكَ فيكَ أنتَ السهلُ والجبلُ

أبو تمام:

ليسقم الدهرُ أو تصحح مودّتهُ

فاليومَ أوّلَ يومٍ صحَّ لي أمَلُ

أدنيتُ رحلي إلى مُدْنٍ مكارِمَهُ

إليَّ يهتبلُ اللذّ حيثُ أهتبلُ

يحميه حزمٌ لِحزمِ البُخلِ مُهتضِمٌ

جوداً وعرضٌ لعرضِ المالِ مبتذلُ

أبو تمام:

لا مُلبِسٌ مالَهُ من دونِ سائلهِ

ستراً ولا ناصِبُ المعروفِ للعذلِ

لا شمسهُ جمرةٌ تُشوى الوجوهُ بها

يوماً ولا ظلّهُ عنا بِمنتقلِ

تحولُ أموالهُ عن عهدها أبداً

ولم يَزُلْ قطّ عن عهدٍ ولم يَحُلِ

أبو تمام:

مضوا وكأن المكرمات لديهم

لكثرةِ ما أوصوا بهنّ شرائِعُ

فأيّ يد في المحل مُدت فلم يكن

لها راحة من جودهم وأصابعُ

هم استودعوا المعروف محفوظ مالنا

فضاعَ وما ضاعتْ لدينا الودائعُ

أبو تمام:

ملكٌ إذا الحاجاتُ لِذنَ بحفوهِ

صافحنَ كفَّ نوالهِ المُتيسرِ

أبو تمام:

أما أبو بِشْرٍ فقد أضحى الورى

كلاً على نفحاتهِ ونوالهِ

فمتى تُلِمَّ به تؤبُ مُستيقناً

أن ليسَ أولى من سِواهُ بمالهِ

كرمٌ يزيدُ على الكرامِ وتحتهُ

أدبٌ يُفكُّ القلبَ من أغلالهِ

أبو تمام:

محمدُ يا بن المستهلّ تهللتْ

عليكَ سماءٌ من ثنائي تهطلُ

وكم مشهدٍ أشهدتهُ الجودَ فانقضى

ومجدُكَ يُستحيا ومالُكَ يقتلُ

أبو تمام:

تَعِبُ الخلائقِ والنّوالِ ولم يكن

بالمُستريحِ العِرْضِ من لم يتعبِ

بشحوبهِ في المجدِ أشرقَ وجهُهُ

لا يستنيرُ فعالَ من لم يَشحُبِ

بحرٌ يَطمُّ على العُفاةِ وإن تتهِجْ

ريحُ السؤالِ بموجهِ يغلولبِ

والشّولُ ما حُلبِتْ تدفق رِسلُها

وتجفُّ درّتها إذا لم تُحّلبِ

أبو تمام:

بحرٌ من الجودِ يرمي موجَهُ زَبداً

لولا ابن حسانَ ماتَ الجودُ وانتشرتْ

حبابهُ فضةٌ زينت بعقيانِ

مناحِسُ البخلِ تطوي كل إحسانِ

لمّا تواترتِ الأيامُ تعبثُ بي

وأسقطت ريحُها أوراقَ أغصاني

وصلتُ كفَّ مُنىً بكفِ غِنىً

فارقتُ بينهما همّي وأحزاني

حتى لبستُ كسى لليُسرِ تنشرها

على اعتساري يدٌ لم تسهُ عن شأني

 

يدٌ من اليُسرِ قدّتْ حلتي عسري

حتى مشى عُسري في شخص عريانِ

وصالحتني الليالي بعدما رجحتْ

على سروري غمومي أيَّ رجحانِ

فاليومَ سالمني دهري وذكرني

من المدائحِ ما قد كانَ أنساني

ثم انتضتْ للِعدا الأيامُ صارِمها

واستقبلتها بوجهٍ غيرِ حُسّانِ

أبو تمام:

جودٌ كَجودِ السّيلِ إلا أن ذا

كَدرٌ وأنَّ نداكَ غيرُ مُكَدّرِ

أبو تمام:

أغرُّ يداهُ فرضتا كلِّ طالبٍ

وجدواهُ وقفٌ في سبيلِ المحامدِ

أبو تمام:

افخر بجودكَ دونَ فخركَ إنّما

جدواكَ تنشرُ عنكَ ما لم تنشر

أبو تمام:

أسائِلَ نصر لا تسلهُ فإنّهُ

أحنُّ إلى الأرفادِ منك إلى الرفدِ

أبو تمام:

يُعطي عطاءَ المُحسنِ الخضل النّدى

ومُرحبٍ بالزائرينَ وبِشرُهُ

عفواً ويعتذِرُ اعتذارَ المُذنبِ

يُغنيكَ عن أهلٍ لديهِ ومرحبِ

يغدو مؤّلهُ إذا ما حطّ في

سلسَ اللّبانةِ والرجاءِ ببابهِ

أكنافهِ رحلَ المُكلِ المُلغبِ

كتبَ المنى مُمتّدَ ظل المطلبِ

الجدُّ شيمتهُ وفيه فكاهةٌ

سجعٌ ولا جدُّ لمن لم يلعبِ

شرسٌ،ويُتبِعُ ذاكَ لينَ خليقةٍ

لا خيرَ في الصّباءِ مالم تُقطبِ

أبو تمام:

صدفتُ عنهُ فلم تصدفْ مودّتهُ

عني وعاودهُ ظنّي،فلم يَخبِ

كالغيثِ إن جئتهُ وافاكَ ريَقهُ

وإن تحملّت عنهُ كانَ في الطلبِ

أبو تمام:

لآلِ سهلٍ أكفٌّ كُلّما اجتُديتْ

فعلنَ في المَحْلِ ما لا تفعلُ الدَيمُ

قومٌ تراهُمْ غيارى دونَ مجدهمُ

حتى كأنَ المعالي عندهم حُرَمُ

أبو تمام:

فتىً ما يُبالي حينَ تجتمعُ العُلى

لهُ أن يكونَ المالُ في السحقِّ والبعدِ

فتىً جودهُ طبعٌ فليسَ بحافلٍ

أفي الجورِ كان الجودُ منه أو القصدِ

أبو تمام:

أنضرتْ أيكتي عطاياكَ حتى

صارَ ساقاً عُودي وكانَ قضيبا

مُمطراً لي بالجاهِ والمالِ لا

ألقاكَ إلا مُستوهباً أو وهوبا

أبو تمام:

سهلن عليكَ المكرمات فوصفها

علينا إذا ما استجمعت فيك أسهلُ

أبو تمام:

قومٌ إذا هطلت جوداً أكفّهمُ

علمتَ أنَّ الندى مُذْ كانَ في اليمنِ

أبو تمام:

لا جودَ في الأقوامِ يُعلَمُ ما خلا

جوداً حليفاً في بني عتابِ

متدفقاً صقلوا به أحسابُهمْ

إنّ السماحةَ صَيقلُ الأحسابِ

أبو تمام:

رأيتُكَ للسَّفرِ المُطّردِ غايةً

سألتُكَ ألا تسألَ الله حاجةٍ

يؤمونها حتى كأنّكَ منهلُ

سوى عَفوهِ ما دُمتَ تُرجى وتُسألُ

وإياكَ لا إيايَ أمدحُ مثلما

عليكَ يقيناً لا عليَّ المعولُ

ولستَ ترى أنَّ العُلى لكَ عندما

تقولُ ولكنَّ العُلى حينَ تفعلُ

ولا شكَّ أنَّ الخيرَ منكَ سجيةٌ

ولكنَّ خيرَ الخيرِ عندي المُعجّلُ

أبو تمام:

ما زلت ترغب في الندى حتى بدتْ

للراغبين زهادة في العسجدِ

فإذا ابتنين بجود يومكَ مفخراً

عصفت به أرواح جودكَ في غدِ

أبو تمام:

تضاءلَ الجودُ مُذْ مُدّتْ إليكَ يدٌ

من بعضِ أيدي الضنى واستأسدَ البَخَلُ

لم يبقَ في صدرِ راجي حاجةٍ أملٌ

إلا وقد ذابَ سُقماً ذلكَ الأملُ

أبو تمام:

اشدُدْ يديكَ بحبلِ نوحٍ مُعتصماً

تلقاهُ حبلاً بالندى موصولا

ذاكَ الذي إن كانَ خِلُّكَ لم تَقُلْ

يا ليتني لم أتخذهُ خليلا

أبو تمام:

قُلْ للأميرِ أبي سعيدٍ ذي الندى

والمجدِ زادَ الله في إكرامهِ

أنتَ المُباري الريحَ في نفحاتها

والمُستهينُ مع الندى بملامهِ

فمن أينَ أرهبُ أن يراني راجلاً

أحدٌ وما أرجو سوى أيامهِ

قسمَ الحياءُ على الأنام جميعهم

وتقسّمَ الناسُ السخاءَ مجزاً

فذهبتَ أنت فقدتهُ بزمامهِ

وذهبتَ أنت برأسهِ وسنامهِ

وتركتَ للناس الإهابَ وما بقى

من فرثهِ وعروقهِ وعظامهِ

أبو تمام:

وإذ أنا ممنونٌ عليَّ ومُنعَمٌ

فأصبحتُ من خضراء نعماكَ مُنعما

ومنْ خدمَ الأقوامَ يرجو نوالهم

فإني لم أخدمكَ إلا لأخدما

أبو تمام:

قُلْ للأمير تجدْ للقولِ مضطربا

وتلاقَ في كنفيهِ السهلَ والرّحبا

فداءُ نعلكَ معطى حظ مكرمةٍ

أصغى إلى المَطلِ حتى باعَ ما وهبا

أبو تمام:

رأيتُ لِعيّاشٍ خلائقَ لم تكن

لتكملَ إلا في اللّبابِ المُهذّبِ

لهُ كرمٌ لو كانَ في الماءِ لم يَغضْ

وفي البرقِ ما شامَ امرؤٌ بَرْق خُلّبِ

أخو أزماتٍ،بذلهُ بذلُ محسنٍ

إلينا ولكن عذرهُ عُذرُ مُذنبِ

أبو تمام:

لا شيء أحسنُ من ثنائي سائراً

ونداكَ في أفقِ البلادِ يسايرهُ

وإذا الفتى المأمولُ أنجحَ عقلَهُ

في نفسهِ ونداهُ أنجحَ شاعرِه

أبو تمام:

قد بلونا أبا سعيدٍ حديثاً

وبلونا أبا سعيدٍ قديما

ووردناهُ ساحلاً وقليباً

ورعيناهُ بارضاً وجميماً

فعلمنا أن ليسَ إلا بشقِّ النفسِ

صار الكريمُ يُدعى كريماً

أبو تمام:

للهِ أفعالُ عياشٍ وشيمتهُ

يزدَنهُ كرماً إن ساسَ أو سيسا

ما شاهدَ اللبسَ إلا كان متضحاً

ولا نأى الحقّ إلا كانَ ملبوساً

فاضتْ سحائبُ من نعمائهِ فطمتْ

نُعماهُ بالبؤسِ حتى اجتثتِ البؤسا

يحرسن بالبذلِ عرضاً ما يزالُ

من الآفات بالنفحاتِ الغرِّ محروسا

أبو تمام:

وكان لهم غيثاً وعِلماً فمعدِمٍ

فيسأله أو باحثٍ فيسائله

ومُبتدَرُ المعروفِ تسري هِباتهُ

إليهم ولا تسري إليهم غوائلهُ

فتىً لم تكن تغلي الحقودُ بصدرهِ

وتغلي لأضيافِ الشتاءِ مراجِله

مليكٌ لأملاكٍ تُضيفُ ضيوفهُ

ويُرجى مرجَيه ويُسألُ سائله

أبو تمام:

فتىً تراهُ فتنفي العُسرَ غُرّتهُ

يمناً وينبعُ من أسرارها اليُسرُ

فدىً له مُقشعِرٌّ حين تسألهُ

خوفَ السؤالِ كأنَّ في جلدهِ وبرُ

أنى ترى عاطلاً منحلي مكرمةٍ

وكلَّ يومٍ تُرى في مالكَ الغِيَرُ

لله درُّ بني عبد العزيز فكم

أردوا عزيزِ عدىً في خدّهِ صعرُ

أبو تمام:

يفدي أبا العباسِ من لم يفدهِ

من لائميهِ جِذْمُهُ وعناصره

مستنفرٌ للمادحينَ،كأنّما

آتيه يمدحهُ أتاهُ يفاخره

ماذا ترى فيمن رآك لمدحهِ

أهلاً وصارت في يديك مصايره

أبو تمام:

ما يُحسنُ الدهرُ أن يسطو على رجلٍ

إذا تعلّقَ حبلاً من أبي حَسَنِ

كم حالَ فيضُ نداهُ يومَ مُعضلةٍ

وبأسهُ بينَ من يرجوهُ والمِحنِ

كأنني يومَ جردتُ الرجاءَ لهُ

عَضباً أخذتُ به سيفاً على الزمنِ

أبو تمام:

شهدتُ لقد لبست أبا سعيدٍ

مكارمَ تبهرُ الشرفَ الطُّوالا

إذا حرَّ الزمانُ جرت أيادي

نداهُ فغشتِ الدنيا ظلالا

وإن نَفسُ امرىءٍ دَقّتْ رأينا

بعرضه جوده كرماً جلالا

أبو تمام:

كريمٌ إذا ألقى عصاهُ مُخَيماً

بأرضٍ فقد ألقى بها رحلةُ المجدِ

فتىً لا يرى بُداً من البأسِ والندى

ولا شيء إلا منهُ غيرهما بدُّ

أبو تمام:

أنضرتْ أيكتي عطاياكَ حتى

صار سوقاً عُودي وكان قضيبا

مُمطراً لي بالجاهِ والمالِ لا

ألقاكَ إلا مستوهباً أو وهوباً

باسطاً بالندى سحائبَ كفٍّ

بنداها أمسى حبيبٌ حبيباً

أبو تمام:

لا يُتبعُ المَنَّ ما جادتْ يداهُ بهِ

ولا تحكمُ في معروفهِ العِللُ

ما قالَ كانَ إذا ما القومُ أكذبَ ما

أطالَ من قولهم تقصيرُ ما فعلوا

أبو تمام:

وما سافرتُ في الآفاق إلا

ومن جدواك راحلتي وزادي

أبو تمام:

وفتكت بالمالِ الجزيلِ وبالعدا

فتكَ الصّبابةِ بالمُحبِّ المغرمِ

أبو تمام:

رأى البُخلَ من كلِّ فظيعاً فعافَهُ

على أنّهُ منهُ أمرُّ وأفظعُ

 

وما كنتُ أدري يعلمُ الله قبلها

بأنَّ النّدى في أهلهِ يتشيّعُ

 

أبو تمام:

سبقَ الدهرَ بالتلادِ ولم ينتظرِ

النائباتِ حتى تنوبا

فإذا ما الخطوبُ أعفتهُ كانت

راحتاهُ حوادثاً وخطوبا

أبو تمام:

إن حنَّ نجدٌ وأهلوهُ إليكَ فقد

مررتَ فيه مرورَ العارضِ الهطلِ

أبو تمام:

فهو مُدنٍ للجودِ وهو بغيضٌ

وهو مُقصٍ للمالِ وهو حبيبُ

أبو تمام:

وفدتْ إلى الآفاق من نفحاته

نِعم تسائل عن ذوي الإقتارِ

أبو تمام:

لئن كنت أخطو ساحة المَحْل إنني

لأترك روضاً من جَداكَ وجدولا

أبو تمام:

أنضرتْ أيكتي عطاياكَ حتى

عادَ غصني ساقاً وكان قضيباً

أبو تمام:

فتى تريشُ جناحَ الجودِ راحتهُ

حتى يخالَ بأن البخل لم يكنِ

وتشتري نفسهُ المعروفَ بالثمنِ

الغالي ولو أنّها كانت من الثمنِ

أموالهُ وعِداهُ من مواهبهِ

وبأسهُ يطلبونَ الدهرَ بالإحنِ

أبو تمام:

لو يعلمُ العافونَ كم لك في الندى

من فرحةٍ وقريحة لم تخمدِ

أبو تمام:

وطئت خزون الجود حتى خلتها

فجرت عيوناً في متونِ الجلمدِ

أبو تمام:

تكادُ عطاياهُ يُجنُّ جُنونُها

إذا لم يُعَوِّها بنعمةِ طالبِ

تكادُ مغانيه تَهَشُّ عِراصُها

فتركب من شوقٍ إلى كلِّ راكبِ

 

أبو تمام:

للجودِ بابٌ في الأنامِ ولم تزلْ

يُمناكَ مفتاحاً لذاكَ الباب

أبو تمام:

جودٌ مشيتَ به الضّراءَ تواضعاً

وعظُمتَ عن ذكراه وهو عظيمُ

أخفيتهُ فخفيتهُ وطويته

فنشرتهُ والشخص عنه عميمُ

أبو تمام:

ما يُبالونَ إذا ما أفضلوا

ما بقي من مالهم أو ما هلكْ

عُقِلتْ ألسنتهمْ عن قولِ:لا

فهي لا تعرف إلا:هُوَ لكْ

منهمُ موسى جوادٌ ماجدٌ

لا يرى ما لم يهبْ ممَا ملكْ

زيّنوا الأرضَ كما قد زُيّنتْ

بنجومِ الليلِ آفاقُ الفلكْ

أبو تمام:

لذلك قيل بعض المنع أدنى

إلى مجد،وبعض الجود عار

أبو تمام:

وما كان إلا مالَ من قلّ مالهُ

وذُخراً لمن أمسى وليس له ذخر

وما كان يدري مُجتدي جود كفهِ

إذا ما استهلّت،أنه خُلِق العُسر

فتىً كلما فاضت عيونُ قبيلةٍ

دماً ضحكت عنه الأحاديث والذكرُ

فتى دهره شطران فيما ينوبه

ففي بأسه شطر وفي جودهِ شطر

أبو تمام:

لما بلغنا ساحة الحسنِ انقضى

عنا تعجرفُ دولةِ الإمحالِ

بسطَ الرجاءَ لنا برغمِ نوائبٍ

كثُرتْ بهنَّ مصارعُ الآمال

أغلى عذارى الشعرِ إنَّ مُهورها

عندَ الكريمِ وإن رخصنَ غوالي

تردُ الظنونُ به على تصديقها

ويحكمُ الآمالَ في الأموالِ

كالغيثِ ليس له،أريدَ غمامهُ

أو لم يُردْ،بدُّ من الهَطالِ

أبو تمام:

بِمحمدٍ صارَ الزمانُ مُحمداً

بمزوق الأخلاق لو عاشرتهُ

عندي وأعتبَ بعد سَوءِ فِعالهِ

لرأيتَ نُجحكَ من جميعِ خصالهِ

من ودّني بلسانهِ وبقلبهِ

وأنالني بيمينه وشمالهِ

أبداً يُفيدُ غرائباً من ظرفهِ

ورغائباً من جودهِ ونوالهِ

وسألتَ عن امرىء،فسَلْ عن أمرهِ

دوني فحالي قطعةٌ من حالهِ

لو كنتَ شاهدَ بذلهِ لشهدتَ لي

بوراثةٍ أو شركةٍ في مالهِ

أبو تمام:

بأيِّ نجومِ وجهكَ يُستضاءُ

أتتركُ حاجتي غرضَ التواني

أبا حسن وشيمتُكَ الإباء؟

وأنتَ الدلوُّ فيها والرشاءُ

تألف آل إدريس بني بدر

وخُذهم بالرّقى إن المهاري

فتسبيبُ العطاءِ هو العطاءُ

يُهيجها على السَّيرِ الحُداءِ

وأنتَ المرءُ تعشقهُ المعالي

ويحكم في مواهبهِ الرجاءُ

فإنّكَ لا تُسرُّ بيومِ حَمْدٍ

شهرتَ به ومالكَ لا يُساءُ

وإن المدحَ في الأقوام ما لم

يُشيّع بالجزاءِ هو الهجاءُ

أبو تمام:

لا مُلبسٌ مالهُ من دونِ سائلهِ

ستراً ولا ناصبُ المعروفِ للعذلِ

لا شمسهُ جمرةٌ تُشوى الوجوهُ بها

يوماً ولا ظلّهُ عنا بمنتقلِ

تحولُ أموالهُ عن عهدها أبداً

ولم يزل قطّ عن عهدٍ ولم يَحُلِ

أبو تمام:

فتى سيط حبُّ المكرماتِ بلحمهِ

وخامرهُ حقُّ السماحِ وباطلهْ

فتى لم يذق سكرَ الشباب ولم تكنْ

تهبُّ شمالاً للصديقِ شمائلهْ

فتى جاءَهُ مقدارُهُ وأثنتا العُلا

يداهُ وعشرُ المكرمات أناملهْ

فتى يَنْفَجُ الأقوامُ من طيبِ ذكرهِ

ثناءً كأن العنبر الورد شامله

أبو تمام:

بهاليل لو عاينت فيض أكفهم

لأيقنت أن الرزق في الأرض واسعُ

إذا خفقت بالبذل أرواح جودهم

حداها الندى واستنشقتها المدامعُ

رياح كرياح العنبر الغضِّ في الندى

ولكنها يوم اللقاء زعازعُ

هي السمُّ ما تنفكُّ في بلدة

تسيلُ به أرماحهم وهو ناقعُ

أبو تمام:

بِجودِكَ تبيضُّ الخطوبُ إذا دَجتْ

وترجعُ في ألوانها الحججُ الشّهبُ

هو المركبُ المُدني إلى كلِّ سؤددٍ

وعلياءَ إلا أنهُ المركبّ الصعبُ

أبو تمام:

لو اقتُسمتْ أخلاقُهُ الغُرُّ لم تجد

مَعيباً ولا خلقاً من الناسِ عائبا

إذا شئتَ أن تُحصي فواضِلَ كفّهِ

فكن كاتباً أو فاتخذ لك كاتبا

عطايا هي الأنواءُ إلا علامةً

دعت تلكَ أنواءً وتلكَ مواهبا

هو الغيثُ لو أفرطتُ في الوصفِ عامدا

لأكذِبَ في مَدحيهِ ما كنتُ كاذبا

 

ثوى مالهُ نهبَ المعالي فأوجبتْ

عليه زكاةُ الجُودِ ما ليس واجبا

تُحَسّنُ في عينيه إن كنتَ زائراً

خدين العلى أبقى لهُ البذلُ والتُّقى

وتزدادُ حسناُ كُلّما جئتَ طالبا

عواقبَ منْ عُرفِ كفتهُ العواقبا

أبو تمام:

إني أرى ثمر المدائحِ يانعاً

وغصونها تهتزُّ فوقَ العُنصرِ

لولاكَ لم أخلع عنان مدائحي

أبداً ولم أفتح رتاجَ تشكري

وأعوذُ باسمكَ أن تكونَ كعارضٍ

لا يُرتجى،وكنابتٍ لم يثمرِ

وأعلم بأني لم أقمْ بكَ فاخراً

لكَ مادحاً في مدحهِ لم أُنذرِ

أبو تمام:

كأنَّ أموالَهُ والبذلُ يمحقها

نهبٌ تعسفهُ التبذيرُ أو نفلُ

أبو تمام:

أبا الليثِ،لولا أنتَ لانصرمَ النّدى

وأدركت الأحداثُ ما قد تمنتِ

أبو تمام:

إلى حيثُ يلفى الجودُ سهلاً منالهُ

وخيرِ امرىءٍ شدتْ إليه وحطتِ

إلى خيرِ من ساسَ الرعية عدلهُ

ووطدَ أعلامَ الهدى فاستقرتِ

أبو تمام:

بأوفاهم برقاً إذا أخلف السنا

وأصدقهم رعداً إذا كذبَ الرعدُ

أبلهمُ ريقاً وكفاً لسائلٍ

وأنصرهم وعداً ،إذا صوحَ الوعدُ

أبو تمام:

ومنْ شكَّ أنَّ الجودَ والبأسَ فيهم

كمن شكَّ في أنّ الفصاحةَ في نجدِ

أنّخْتُ إلى ساحاتهم وجَنابهمْ

ركابي وأضحى في ديارهم وفدي

فلمْ أغشَ باباً أنكرتني كلابهُ

ولم أتشبثْ بالوسيلةِ من بُعدِ

فأصبحتُ لا ذلَّ السؤالِ أصابني

ولا قدحتُ في خاطري روعةُ الردِ

أبو تمام:

لدى ملكٍ من أيكهِ الجودِ لم يزلْ

على كبدِ المعروفِ من فعلهِ بردُ

وداني الجَد تأتي عطاياهُ من علٍ

ومنصبهُ وعرٌ مطالعهُ جردُ

أبو تمام:

إذا ما يدُ الأيامِ مدَّتْ بنانَها

إليكَ بخطبٍ لم تنلكَ وشلتِ

وإن أزماتُ الدهرِ حلّتْ بمعشرٍ

أرقتَ دماءَ المحلِ فيها فطلتِ

إذا ما امتطينا العيسَ نحوكَ لم نخفْ

عِثاراً ولم نخشَ اللّتيا ولا التي

أبو تمام:

وأضحتْ عطاياهُ نوازع شرداً

تسائل في الآفاقِ عن كلِّ سائلِ

مواهب جدن الأرض حتى كأنما

أخذنَ بأهدابِ السحابِ الهواطلِ

أبو تمام:

جُعِلتَ نظامَ المكرمات،فلم تدرْ

رحا سُؤددٍ،إلا وأنتَ لها قطبُ

أبو تمام:

فإنْ يكُّ أربى عفوُ شكري على نَدى

أُناسٍ فقد أربى نداهُ على جَهدي

وما زالَ منشوراً عليَّ نوالهُ

وعنديَ حتى قد بقيتُ بلاعندي

وقَصّرَ قولي من بعدِ ما أرى

أقولُ فأشجي أمةً وأنا وحدي

بغيتُ بشعري فاعتلاهُ ببذلهِ

فلا يبغِ في شعر له أحدٌ بعدي

أبو تمام:

خدينُ العُلى أبقى لهُ البذلُ والتقى

عواقبَ من عُرْفٍ كفتهُ العواقبا

أبو تمام:

وما سافرتُ في الآفاقِ إلا

ومن جدواك راحلتي وزادي

مُقيمُ الظنِّ عندكَ والأماني

وإن قَلِقَتْ ركابي في البلادِ

أبو تمام:

صدمتْ مواهبهُ النوائبَ صدمةً

شغبتْ على شَغبِ الزمانِ الأنكدِ

وطئت خزونَ الجودِ حتى خلتها

فجرَتْ عيوناً في مُتونِ الجلمدِ

أبو تمام:

فقد نزلَ المُرتادُ منهُ بماجدِ

مواهبهُ غورٌ وسؤددهُ نجدُ

غدا بالأماني لم يُرِقْ ماءَ وجههِ

مطالٌ ولم يقعدْ بآمالهِ الردُّ

أبو تمام:

ونغمةُ مُعتفٍ تأتيهِ أحلى

على أذنيهِ من نغمِ السّماعِ

أبو تمام:

وحياةُ القريضِ إحياؤكَ الجود

فإن مات الجود مات القريض

يا مُحبَّ الإحسان في زمن أصبح

فيه الإحسانُ وهو بغيضُ

أبو تمام:

لا تنكري عَطَلَ الكريم من الغنى

فالسّيلُ حربٌ للمكان العالي

أبو تمام:

أمطلع الشمس تبغي أن تَؤُمَّ بنا؟

فقلتُ:كلا،ولكن مطلعَ الجُودِ

أبو تمام:

إقدامُ عمروٍ في سماحةِ حاتمٍ

في حِلمِ أحنفَ في ذكاءِ إياسِ

لا تُنكري ضربي لهُ منْ دونَهُ

مثلاً شَروداً في النّدى والباسِ

فاللهُ قد ضربَ الأقلَّ لنورهِ

مثلاً من المِشكاةِ والنبراسِ

أبو تمام:

فإن يكُ أربى عفو شكري على نَدى

أُناسٍ فقد أربى نَداهُ على جُهدي

أبو تمام:

هوَ اليَمُّ من أي النواحي أتيتهُ

فلجتهُ المعروفُ والجودُ ساحلهْ

تعوّدَ بسطَ الكفِّ حتى لو أنّهُ

ثناها لقبضٍ لم تُجبهُ أناملهْ

ولو لم يكن في كفهِ غيرُ روحهِ

لجادَ بها فليتقِ الله سائله

عطاءٌ لو اسطاعَ الذي يستميحُهُ

لأصبحَ من بين الورى وهو عاذلهْ

أبو تمام:

عطاؤُكَ لا يفنى ويستغرِقُ المنى

وتبقى وجوهُ الراغبين بمائها

أبو تمام:

يكادُ نداهُ يتركهُ عديماً

إذا هطلت يداهُ على عديم

أبو تمام:

ذُلُّ السؤالِ شجاً في الحلقِ معترِضٌ

من دُونهِ شَرَقٌ من خلفهِ جَرَضُ

ما ماءُ كفّكَ إن جادتْ وإن بخلتْ

من ماء وجهي إذا أفنيتهُ عِوضُ

إنّي بأيسرِ ما أدنيتَ منبسطٌ

كما بأكثر ما أقصيتَ منقبضُ

أبو تمام:

فلو كانَ ما يُعطيه غيثاً لأمطرتْ

سحائبهُ من غيرِ برقٍ ولا رعدِ

من القومِ جَعْدٌ أبيضُ الوجه والنّدى

وليسَ بنانٌ يجتدى منهُ بالجعدِ

أبو تمام:

لئنْ جَحَدْتُكَ ما أوليتَ من نِعَمِ

إنّي لفي اللؤمِ أمضى منكَ في الكَرَمِ

أنسى ابتسامُكَ والألوانُ كاسفةٌ

تَبَسُّمَ الصبحِ في داجِ من الظُلمِ

رددتَ رَونقَ وجهي في صحيفتهِ

ردَّ الصِّقالِ بهاءَ الصّارمِ الخذِمِ

وما أُبالي وخيرُ القولِ أصدقُهُ

حقنتَ لي ماءَ وجهي أم حقنتَ دمي

أبو تمام:

يُحصى مع الأنواءِ فَيضُ بَنانهِ

ويُعَدُّ من حسناتِ أهلِ المشرقِ

يستنزِلُ الأملَ البعيدَ ببِشرهِ

وبُشرى الخميلةِ بالربيعِ المُغدقِ

وكذا السحائبُ قلّما تدعو إلى

مَعروفها الرَّواد إن لم تُبرقِ

أبو تمام:

كالغيثِ إن جئتهُ وافاكَ رَيّقُهُ

وإن ترحلتَ عنهُ لجَّ في الطلّبِ

أبو تمام:

إذا العيسُ لاقتْ بي أبا دُلَفٍ فقدْ

هنالكَ تلقى الجودَ حيثُ تقطعّتْ

تَقَّطعَ ما بيني وبينَ النوائبِ

تمائمهُ والمجدُ مُرخى الذوائبُ

تكادُ عطاياهُ يُجنُّ جُنونَها

إذا لم يُعَوِّذها بنعمةِ طالبِ

إذا حَرّكتهُ هِزّةُ المجدِ غَيّرتْ

تكادُ مغانيهِ تَهَشُّ عِراصُها

عطاياهُ أسماء الأماني الكواذبُ

فتركبُ من شوقٍ إلى كلِّ راكبِ

يرى أقبحَ الأشياءِ آوبةَ آملٍ

كَستهُ يدُ المأمولِ حُلّةَ خائبِ

وأحسَنَ من نَورٍ يُفتّحهُ النّدى

بياضُ العطايا في سوادِ المطالبِ

أبو تمام:

ليس الحجابُ بِمُقصٍ عنك لي أملاً

إنَّ السماءَ تُرَجّى حين تحتجبُ

أبو تمام:

جزى الله كَفاً مِلؤُها من سعادةٍ

سَعَتْ في هلاكِ المالِ والمالُ نائِمُ

فلمْ يجتمعْ شرقٌ وغربٌ لقاصدٍ

ولا المجدُ في كفِّ امرىءٍ والدراهِمُ

أبو تمام:

إذا شئتَ أن تُحصي فواضلَ كفّهِ

فَكُنْ كاتباً أو فاتخذ لك كاتباً

ثوى مالهُ نهب المعالي فأوجبت

عليه زكاةُ الجودِ ما ليسَ واجبا

وتَحسنُ في عينيهِ إن جئت زائراً

وتزدادُ حسناً كلّما جئتَ طالباً

أبو تمام:

كم ماجدٍ سَمْحٍ تناولَ جودَهُ

مَطْلٌ فأصبحَ وجهُ آملهِ قَفا

أبو تمام:

أحقُّ الناسِ بالكرمِ امرؤٌ لم

يزلْ يأوي إلى أصلٍ كريمِ

 

وما كان يدري مُجتدي جود كفّه

إذا ما استهلّت أنه خلق العسرُ

أبو تمام:

أنا ابنُ الذي استرضعَ الجود فيهمُ

نجومٌ طواليعٌ جبالٌ فوارع

وقد سادَ فيهم وهو كهلٌ ويافعُ

غيوثٌ هواميعُ سيولٌ دوافع

مضوا وكأن المكرمات لديهمُ

لكثرة ما أوصوا بهنَّ شرائعُ

فأي يد في المحل مدّت فلم يكن

لها راحةٌ من جودهم وأصابعُ

هم استودعوا المعروفَ محفوظ مالنا

فضاعَ وما ضاعت لدينا الودائعُ

بهاليلُ لو عاينتَ فيضَ أكفِّهم

لأيقنتَ أن الرزقَ في الأرض واسعُ

أبو تمام:

نفقَ المديحُ ببابهِ فكسوتُهُ

أولى المديحُ بأن يكون مُهذباً

عِقداً من الياقوتِ غيرَ مُثَقّبِ

ما كانَ منهُ في أغرَّ مُهذّبِ

لمّا كَرُمتَ نطقتُ فيكَ بمنطقٍ

حقّ فلم آثم ولم أتحوّبِ

ومتى امتدحتُ سِواكَ كنتُ متى يَضِقْ

عني لهُ صدقُ المقالةِ أكذِب

أبو تمام:

يا مالكَ ابنَ المالكينَ ولم تزل

تُدعى ليومي نائلٍ وعِقابِ

لم تَرْمِ ذا رحمٍ ببائقةٍ ولا

طلّمتَ قومكَ من وراءِ حجابِ

للِجودِ بابٌ في الأنامِ ولم تزلْ

يُمناكَ مفتاحاً لذاكَ البابِ

أبو تمام:

يا خاطباً مدحي إليه بجودهِ

ولقد خطبتَ قليلة الخُطّابِ

أبو تمام:

لهُ كرمٌ لو كانَ في الماءِ لم يَغِضْ

أخو أزماتٍ بذلهُ بذلُ محسنٍ

وفي البرقِ ما شامَ امرؤٌ برقَ خُلّبِ

إلينا ولكن عُذرهُ عذرُ مُذنبِ

إذا أمّهُ العافونَ ألفوا حِياضهُ

مِلاءً، وألفوا روضَهُ غيرَ مُجدبِ

إذا قالَ أهلاً مرحباً نبعتْ لهم

مياهُ النّدى من تحتِ أهلٍ ومرحبِ

يَهولُكَ أن تلقاهُ صدراً لِمحفلٍ

ونحراً لأعداءٍ وقلباً لموكبِ

أبو تمام:

بأسمحَ من غُرِّ الغمام سماحةً

وأشجعَ من صرفِ الزمانِ وأنجدِ

أبو تمام:

إني انتجعتك يا أبا الفضل الذي

بالجودِ قرّب موردي من مصدري

عشْ سالماً تبني العلا بيدِ النّدى

حتى تكونَ مناوئاً للمشتري

أبو تمام:

سيروا بني الحاجاتِ ينجحْ سعيكمْ

غيثٌ سحابُ الجودِ منهُ هَتونُ

فالحادثاتُ بوبله مصفودةٌ

والمَحْلُ في شؤبوبهِ مسجونُ

أبو تمام:

لهم بكَ فخرٌ لا الربابُ تُرِبُّهُ

بدعوى ولم تسعدْ بأيامهِ سعدُ

وكم لك عندي من يدِ مستهلةٍ

عليَّ ولا كُفرانَ عندي ولا جحدُ

يدٌ يستذلُ الدّهرُ في نفحاتها

ويَخضَرُّ من معروفها الوَردُ

 

يَهني الرعية أنَّ الله مُقتدراً

أعطاهمُ بأبي اسحقَ ما سألوا

لو كانَ في عاجل من آجل بدلٌ

لكانَ في وعدهِ من رفدهِ بدلُ

نِعمَ الفتى عُمَرٌ في كلِّ نائبةٍ

نابت وقلت له:“نعم الفتى عمرُ

يُعطي ويَحمدُ من يأتيهِ يَحمده

فشكرهُ عوضٌ ومالهُ هدرُ

أبو نواس:

كأن فيض يديه قبل مسألةٍ

بابُ السماءِ إذا ما بالحيا انفتحا

أبو نواس:

ألم ترَ أنَّ المالَ عونٌ على التقى

وليسَ جوادٌ مُعدِمٌ كبخيل

أبو نواس:

تأن مواعيدَ الكِرامِ فرُّبما

أصبتَ من الإلحاح سَمحاً على بُخلِ

أبو نواس:

فما جازَهُ جُودٌ ولا حَلَّ دُونهُ

ولكن يصيرُ الجودُ حيثُ يصيرُ

أبو نواس:

جوادٌ إذا الأيدي كَفَفنَ عن النّدى

ومن دونِ عَوراتِ النساءِ غَيورُ

أبو نواس:

ألمْ ترَ أنَ المالَ عونٌ على النّدى

وليسَ جوادٌ مُعدِمٌ كبخيلِ

أبو نواس:

اختصم الجود والجمال

فيك فصار إلى جدال

فقال هذا يمينه لي

للعرفِ والبذلِ والنّوالِ

وقال هذاك وجهه لي

للظرفِ والحسنِ والكمالِ

فافترقا فيك عن تراضٍ

كلاهما صادقُ المقال

أبو نواس:

تتجافى حوادثُ الدّهرِ عمّنْ

كان في جانبِ الحُسينِ مُقيما

قال لي الناس إذ هززتُكَ للحا

جةِ:أبشِرْ فقد هززتَ كريما

فاسألنهُ إذا سألتَ عظيماً

إنّما يسألُ العظيمُ العظيما

أبو نواس:

قد قُلتُ للعباسِ مُعتذراً

أنتَ امرؤٌ جَللّتني نِعماً

من ضَعْفِ شُكريهِ ومُعترفا

أوهتْ قُوى شكري فقد ضَعُفا

فإليكَ بعدَ اليوم تقدِمةً

لاقتكَ بالتصريحِ منكشفاً

لا تُحدثِنَّ إليَّ عارفةً

حتى أقومُ بشكرِ ما سلفا

أبو نواس:

إذا لم تَزُرْ أرضَ الخصيبِ ركابنا

فأيّ فتىً بعد الخصيبِ تزورُ

فما جازَهُ جودُ ولا حلَّ دونهُ

ولكن يصيرُ الجودُ حيثُ يصيرُ

فتىً يشتري حسنَ الثناءِ بمالهِ

فما جازهُ جود ولا حلّ دونه

ويعلمُ أن الدائراتِ تدورُ

ولكن يسيرُ الجودُ حيث يسير

أبو نواس:

فإذا المطيُّ بنا بلغنَ محمداً

فظهرهنَّ على الرجالِ حرامُ

أبو نواس:

اسمحْ وجُدْ بالذي تحوي يداكَ لها

لا تذخرِ اليومَ شيئاً خوفَ فقرِ غدِ

أبو نواس:

أنت للمالِ إذا أمسكته

فإذا أنفقته فالمالُ لك

أبو نواس:

كفى حزناً أن الجواد مقتر

عليه ولا معروف عند بخيل

 

أبو نواس:

ما جمعتْ راحتاكَ مالاً

ومُعدماً قطّ في مكانِ

المالُ يفنى على الليالي

وجودِ كفّيكَ غيرُ قانِ

أبو نواس:

أميرٌ رأيتُ المال في نِعماتهِ

ذليلاً مهينَ النفس بالضيم موقنا

إذا ضنَّ ربُّ المالِ أعلن جودُهُ

وللفضلِ صولاتٌ على صُلبِ مالهِ

تجيَّ على مالِ الأميرِ وآذنا

ترى المالَ فيها بالمهانة مُذعنا

أبو نواس:

يا عمرو! ما للناسِ قد

كَلفوا بلا ونَسوا نَعَمْ

أترى السماحةَ والنّدى

رُفعا كما رُفِعَ الكرمْ

مُسِخَ الندى بُخلاً فما

أحدٌ يجودُ لذي عَدَمْ

 

أبو نواس:

أنتَ الذي تأخذُ الأيدي بِحجزتهِ

إذا الزمان على أبنائهِ كلحا

وكّلتَ بالدهرِ عيناً غيرَ غافلةٍ

من جُودِ كفّكَ تأسو كلَّ ما جرحا

أبو نواس:

صُوِّرَ الجودُ مِثالاً

ولهُ العباسُ روحُ

فهو بالمالِ جوادٌ

وهو بالعِرضِ شحيحُ

 

 

دعبل:

إنّ الكرامَ إذا ما أسهلوا ذكروا

من كانَ يألفهم في المنزلِ الخشنِ

 

دعبل:

زمني بِمُطلبٍ سُقيت زماناً

ما كنتُ لإلا روضة وجنانا

كلُّ النّدى إلا نداكَ تكلُّفٌ

لم أرض غيرك كائناً من كانا

دعبل:

ما يَرحلُ الضيفُ عندي بعدَ تكرمةٍ

إلا برفدٍ وتشييعٍ ومعذرةِ

دعبل:

عَلّلاني بسماع وطلا

وبضيف طارقٍ يبغي القِرى

نُنزِلُ الضيفَ إذا ما حلَّ في

حَبّةِ القلبِ وألواذ الحشا

رُبَّ ضيف تاجرُ أخسَرتهُ

بعتهُ المطعم وابتعتُ الثّنا

أبغض المال إذا جمّعتهُ

إنَّ بغض المالِ من حُبِّ العُلا

 

إنّما العيشُ خِلالٌ خمسة

حبّذا تلك خلالا حبّذا

خدمةُ الضيف،وكأس لذة

ونديمٌ،وفتاة وغنا

وإذا ما فاتكَ منها واحدٌ

نقصَ العيشُ بنقصان الهوى

دعبل:

بدأتَ بإحسانٍ،وثُنيّتَ بالعلا

وثَلثتَ بالحسنى ورُبعّتَ بالكرمِ

ويسّرتَ أمري،واعتنيتَ بحاجتي

وآخرتَ لاعني،وقدّمتَ لي نعمْ

فإن نحنُ كافأنا فأهلٌ لوِدّنا

وإن نحنُ قصّرنا فما الودُّ مُتّهمْ

دعبل:

أنا من علمتِ إذا دعيتُ لغارةٍ

وإذا تناوحتِ الشمالُ بشتوةٍ

في طعنِ أكبادٍ وضربِ رقابِ

كيفَ ارتقابي الضيف في أصحابي

ويدُّلُ ضيفي في الظلامِ على القِرى

إشراقُ ناري أو نباحُ كلابي

حتى إذا واجهنهُ،ولقينهُ

حَيّينهُ ببصابصِ الأذنابِ

فتكادُ من عرفانِ ما قد عُوّدتْ

من ذاك،أن يفصحن بالترحابِ

دعبل:

علّلاني بسماعٍ وطلا وبضيفٍ

طارقٍ يبغي القِرى

نغماتُ الضيفِ أحلى عندنا من

ثغاءِ الشاءِ أو ذاتِ الرُّغا

نُنزلُ الضيفَ إذا ما حلَّ في

حبّةِ القلب وألواذ الحشا

رُبَّ ضيفٍ تاجرٍ أخسرتهُ

بعته المطعم وابتعتُ الثنا

 

أبغضُ المالَ إذا جمعتهُ

إنَّ بغضَ المال حبّ العلا

إنّما العيشُ خِلالٌ خمسةٌ

حبذا تلكَ خلالاً حبّذا

خدمةُ الضيفِ،وكأسٌ لذّةٌ

ونديمٌ،وفتاة وغنا

وإذا فاتكَ منها واحدٌ

نقص العيشُ بنقصان الهوى

دعبل:

وليس الفتى المُعطي على اليُسرِ وحدهُ

ولكنّهُ المُعطي على العُسرِ واليُسرِ

دعبل:

ماذا أقولُ إذا أتيتُ معاشري

صِفراً يدايَ من الجوادِ المُجزلِ

إن قلتُ:أعطاني،كذبتُ وإن أقلْ

ضنَّ الأميرُ بمالهِ لم يَجمُلِ

ولأنتَ أعلمُ بالمكارمِ والعلا

من أن أقول:فعلتَ ما لم تفعلِ

 

فاختر لنفسك ما أقولُ فإنني

لا بُدَّ مخبرهم وإن لم أسالِ

البحتري:

منْ شاكِرٌ عني الخليفةَ بالذي

أولاهُ من طَوْلٍ ومن إحسانِ

ملأتْ يداهُ يدي وشرّدَ جودُهُ

بخلي،فأفقرني كما أغناني

حتى لقد أفضلتُ من إفضالهِ

ورأيتُ نهجَ الجودِ حيثُ أراني

ووثقتُ بالخَلَفِ الجميلِ مُعجّلاً

منه،فأعطيتُ الذي أعطاني

البحتري:

كريمُ السّجايا،وافرُ الجودِ والنّدى

فلا ناقصُ النُّعمى ولا جامدُ الكفِّ

يَحِنُّ إلى المعروفِ حتى يُنيلهُ

كما حَنَّ إلفٌ مُستهامٌ إلى إلفِ

وإما أعِدْ نفسي عليك رغيبةً

من النيلِ أُصبحُ في أمانٍ من الخُلفِ

وما ألفُ ألفٍ من جداكَ كثيرةٌ

فكيفَ أخافُ الفَوتَ عندكَ في ألفِ

البحتري:

يطولُ بكفٍّ في السّماحةِ طَلقةٍ

ووجهٍ إلى المسترفدينَ طليقُ

البحتري:

ألحَّ جُوداً ولم تَضرُرْ سحائبه

وربما ضرَّ في إلحاحهِ المطرُ

 

إمّا تنفّلتِ العهودُ فإنّهُ

ثَبْتٌ على عهدِ النّدى وذمامهِ

ويبيتُ يحلمُ بالمكارمِ والعُلا

حتى يكونَ المجدُ جُلَّ منامهِ

أما الجوادُ فقد بلونا يومَهُ

وكفى بيوم مُخبراً عن عامهِ

البحتري:

بوجهٍ يملأ الدنيا ضياءً

وكفٍّ تملأ الدنيا نوالا

البحتري:

يُنسيكَ جودَ الغيثِ جُودُهم

إذا عَثرتْ أكفُّهُم بعامٍ مُجدبِ

البحتري:

ما قصدناهُ للتفضلِ إلا

أعشبتْ أرضهُ وصابتْ سناؤهْ

حَسَنُ الفِعلِ والرُّواءِ،وكم دلَّ

على سؤددِ الشريفِ رواؤهْ

ماءُ وجهٍ إذا تبلّجَ أعطا

ك أماناً من نبوةِ الدهر ماؤهْ

البحتري:

أما السّماحُ فإنَّ أولَ خَلّةٍ

زانتهُ أنّكَ صِنوهُ وحليفهُ

لما لقيتُ بك الزمان تصدّعتْ

عن ساحتي أحداثهُ وصروفُهُ

فلئن جحدتُ عظيمَ ما أوليتني

إني إذاً واهي الوفاءِ ضعيفهُ

البحتري:

أغرُّ لهُ من جودهِ وسماحهِ

ظهيرٌ عليهِ ما يخيبُ وشافِعُ

البحتري:

ورأينا سيما ندىً وسماحٍ

لم نُرِدْ بعدها عليه دليلا

وجوادٌ لو أنّ عافيهِ راموا

بُخلَهُ لم يروا إليه سبيلا

البحتري:

يستمطرونَ يدا يفيضُ نَوالها

فَيغرِّقُ المحرومَ والمرزوقا

البحتري:

يَرُدُّ بني الآمالِ بيضاً وجوهُهمْ

بنائلهِ جمُّ العطايا جزيلُها

البحتري:

أنتَ الذي لو قيلَ للجودِ:اتخذْ

خِلّاً أشارَ إليكَ لا يعدوكا

وكأنّما آليتَ،والمعروفُ لا

تألوهُ مصطفياً ولا لايألوكا

البحتري:

مُتهلّلٍ،طَلْقٍ إذا وعدَ الغِنى

بالبِشرِ أتبعَ بِشرهُ بالنائلِ

كا لمُزنِ إن سطعتْ لوامِعُ برقهِ

أجلت لنا عن دِيمةٍ أو وابلِ

 

تَدفقُّ كفٍّ بالسماحةِ ثَرَّهُ

وإسفارُ وجهٍ بالطلاقةِ مُشرِقِ

توالت أياديهِ على الناسِ \فاكتفى

بها كلُّ حيٍّ من شآمٍ ومُعرقِ

لهُ خُلُقٌ في الجودِ لا يستطيعهُ

رجالٌ يرومونَ العُلا بالتَخلُّقِ

البحتري:

إذا قيلَ قد فَنيَ السائلونَ

قالت عطايكَ هل من مزيد؟

وكم لكَ في الناسِ من حاسدٍ

وفي الحسدِ النَزرِ حظُّ الحسودِ

بقيت لنا ياأبا نهشل

بقاءَ البَقا وخلودَ الخلودِ

البحتري:

بِجودكَ يدنو النائلُ المتباعدُ

ويصلحُ فِعلُ الدهرِ والدهرُ فاسدُ

البحتري:

هو الغيثُ ينهلُّ في صَوبهِ

سجالاً ويَعْذُبُ في وردهِ

لقد عَلِقت منه آمالنا

بحبلِ غريب النّدى فَردهِ

فدامَ لهُ المُلكُ في خفضهِ

وتمَ له العيش في رغدهِ

البحتري:

جوادٌ يرى أن الفضيلة لم تكنْ

تجوزُ به الغاياتِ أو يتطوّعا

كريمٌ تنالُ الرّاحُ منه إذا سَرَتْ

ويُعجلهُ داعي التصابي إذا دعا

وأبيضُ وضّاحٌ إذا ما تغيّمتْ

يداهُ تجلّى وجههُ فتقشّعا

البحتري:

ويرخصُ الحمدُ،حتى أنَّ عارِفةً

بذلُ السلام ،فكيفَ الرّفدُ والصّفدُ

كم قد عجلت إلى النّعماء تصنعها

مُبادراً وبخيلِ القوم متئدُ

وكم وعدت وأنتَ الغيثُ تعرِفهُ

مُذْ حالفَ الجودَ يُعطي فوقَ ما يعدُ

البحتري:

أبا خالدٍ ما جاورَ الله نِعمةً

بمثلك إلا وكانَ جَمّاً خلودها

وجدنا خِلالَ الخيرِ عندكَ كلّها

ولو طُلبتْ في الغيثِ عزَّ وجودها

فأولِهمُ نعمى،فكلُّ صنيعةٍ

رأيناك تُبديها فأنتَ تُعيدها

البحتري:

هو الغيثُ يجري من عطاءٍ ونائلٍ

عليك فخُذ من صَيّبِ الغيثِ أو ذَرِ

ولما تولى البحرَ والجودُ صِنوهُ

غدا البحرَ من أخلاقهِ بين أبحُرِ

البحتري:

يُعظِمُ المالَ معشراً وأرى المالَ

بحيثُ ازدرادهُ واحتقارُه

بَيَّنَ الجودَ بِشرُهُ وأرانا

العفوَ منه على العُداةِ اقتدارُه

البحتري:

أموالهم مبذولةٌ لِضيوفهمْ

إنَّ الكريمَ مُسامِحٌ ومُواسِ

البحتري:

ما احتجَّ يوماً كما احتجَّ البخيل ولا

يحبُّ من مالهِ إلا الذي يهبُ

البحتري:

تُنبي طلاقةُ بِشرهِ عن جُودِهِ

فتكادُ تلقى النُّجحَ قبلَ لقائِهِ

البحتري:

أحشمتني بِندى يديكَ فَسوَّدتْ

ما بيننا تلك اليدُ البيضاءُ

وقطعتني بالجودِ حتى إنني

مُتَخوِّفٌ أن لا يكونَ لِقاءُ

البحتري:

ألحَّ جُوداً ولم تَضرُرْ سحائبُهُ

ورُبما ضرَّ في إلحاحِهِ المطرُ

لا يُتعِبُ النائلُ المبذولُ هِمّتهُ

وكيفَ يُتعِبُ عينَ الناظرِ النَظَرُ؟

البحتري:

جادَ حتى أفنى السؤالَ، فلّما

بادَ منّا السؤالُ جادَ ابتداءَ

فهو يُعطي جَزلاً ونُثني عليه

جلَّ عن مذهبِ المديحِ فقد كاد

ثمّ يُعطي على الثناءِ جزاءَ

يكونُ المديحُ فيه هجاءَ

البحتري:

كريمٌ لا يزالُ لهُ عَطاءٌ

يُغيرُ سُنّةَ السّنة الجماد

ولا إسرافَ غيرُ الجودِ فيه

وسائرهُ لِهدىً واقتصاد

البحتري:

لئن طالَ حِرمانُ الزمانِ فإنّهُ

سَيُسليهِ يومٌ من عطائكَ واحدُ

وإنّي وإن أمّلتُ في جُودكَ الغِنى

لبالغِ ما أملّتُ منكَ وزائدُ

البحتري:

أبدعتْ راحتاهُ في الجودِ ما لم

يك لولا نداهُ بالموجودِ

لو سعى قبلَ رِفدهِ رِفدُ كفٍّ

لسعى رِفدهُ إلى المرفودِ

البحتري:

أمواهبٌ هاتيكَ أم أنواءُ

هُطُلٌ؟ وأخذٌ ذاكَ أم إعطاءُ؟

إن دام ذا،أو بعضُ ذا،من فِعل ذا

فنيَ السّخاءُ فلا يُحسُّ سخاءُ

البحتري:

لهُ بِدَعٌ في الجودِ تدعو عَذولَهُ

عليه إلى استحسانها فيساعده

إذا ذهبت أموالهُ نحو أوجهٍ

من البذلِ جاءت من وجوهٍ محامده

البحتري:

أعطيتَ حتى تركتَ الريحَ حاسرةً

وجُدْتَ حتى كأنَّ الغيثَ لم يُجْدِ

البحتري:

إنْ ساحَ فَيضُ يديهِ لم يَكُنْ عَجباً

أن يُسرفَ الظّنُ فيهِ وهو مُقتصِدُ

أو ضَمِنَ اليومُ من جدواهُ مرغبةً

كان الكفيلُ عليها بالوفاءِ غدُ

يبينُ بالفضلِ أقوامٌ ويَفضُلهم

مُوّحدٌ بغريبِ الذكرِ مُنفردُ

عَفْوٌ من الجودِ لم تكذبْ مخيلَتهُ

يُقصّرُ القَطرُ عنهُ وهو مُجتهدُ

البحتري:

ووجهٍ جالَ ماءُ الجودِ فيه

على العِرنين والخدِّ الأسيل

يُريك تألقُّ المعروفِ فيه

شُعاع الشمس في السيفِ الصّقيل

البحتري:

أعطيتَ سائلكَ المُحَسَّدَ سُؤْلَهُ

وطلبتَ بالمعروفِ غيرَ الطالبِ

علّمتني الطّلبَ الشريفَ ورُبّما

كنتُ الوضيعَ من اتضاعِ مطالبي

فلئن شكرُتكَ إنني لَمعذرٌ

في واجبٍ،ومقصّرٌ في واجبِ

البحتري:

وجُودُكَ كلّهُ حَسَنٌ،ولكن

أجَلُّ الجودِ حُسنُ الابتداء

البحتري:

ولقد أتيتك طالباً فبسطتَ من

أملي وأطلب جودُ كفّك مَطلبي

البحتري:

قد تَبدأتَ مُنعماً،وكريمُ ال

قومِ من يسبقُ السؤالَ ابتداؤه

البحتري:

لو جاودَ الغيثُ المُثَّحجُ كَفَّهُ

لأتت بأطولَ من نداهُ ,اعرضا

كم من يدٍ بيضاءَ منهُ ثَنى بها

وجهاً تلألأ للبشاشةِ أبيضا

البحتري:

حليفُ ندى إن سيلَ فاضتْ حياضُهُ

وذو كَرَمٍ إلا يُسَلْ يتبّرعِ

تُؤَّملُ نُعماهُ،ويُرجى نوالُهُ

لِعانٍ ضريكٍ،أو لِعافٍ مُدَقّعِ

البحتري:

أيها الراغبُ الذي طلبَ الجودَ

فأبلى كُومَ المطايا وأنضى

رِدْ حِياضَ الإمامِ تلْقَ نوالاً

يَسَعُ الراغبينَ طولاً ؤوعرضا

فهناكَ العطاءُ جَزلاً لمن رامَ

جزيلَ العطاءِ والجودُ مَحضا

هو أندى من الغَمامِ،وأوفى

وقعاتٍ من الحُسامِ وأمضى

البحتري:

مِنْ شأنهِ القصدُ ولكنّهُ

إن يُعطِ في عازفةٍ يُسرفِ

لو جُمِعَ الناسُ لأكرومةٍ

ولم يكن في الجمعِ لم نكتفِ

البحتري:

دانٍ على أيدي العفاةِ وشاسع

عن كلِّ ند في النّدى وضريب

كالبدرِ أفرط في العلو وضوءه

للعصبةِ السارين جدّ قريب

البحتري:

هل المكارِمُ إلا ما تجّمعهُ

أو المواهب إلا ما تفرّقهُ

البحتري:

عريقونَ في الإفضالِ يؤتَنفُ النّدى

لناشئهم من حيثُ يؤتنفُ العُمرُ

البحتري:

أيها الراغبُ الذي طلبَ الجود

فأبلى كوم المطايا وأنضى

رِدْ حِياضَ الإمامِ تلقَ نوالاً

يسع الراغبينَ طولاً وعرضاً

فهناكَ العطاءُ جزلاً لمن رامَ

جزيلَ العطاءِ والجود محضا

البحتري:

غريبُ المكرماتِ ترى لديهِ

رقابَ المال تُهتضمُ اهتضاما

إذا وهبَ البدورَ رأيتَ وجهاً

يُخال لحسنهِ االبدرَ التماما

البحتري:

تَبسّمٌ وقطوبٌ في ندى ووغى

كالرّعدِ والبرقِ تحتَ العارضِ البَرِد

البحتري:

لو شئت لم تُفسد سماحة حاتم

كرماً ولم تهدم مآثر خالدِ

 

نُثني عليهِ بأنعُمٍ سلفتْ

أصغرُها في النفوسِ أكبرُها

كالروضِ أثنى على سحائبهِ

بزهرةِ الرّوضِ حين ينشرُها

البحتري:

بلغتْ يداهُ إلى التي لم أحتسبْ

وثنى الأخرى فهو بادٍ عائدُ

هو واحدٌ في المكرماتِ وإنّما

يكفيكَ عاديةَ الزمان الواحدُ

البحتري:

كريمٌ يُرّجى منهُ ما لا يُرتجى

عُظماً ويوهبُ منهُ ما لا يُهبُ

البحتري:

سماحاً وبأساً كالصواعقِ والحيا

إذا اجتمعا في العارضِ المتراكمِ

البحتري:

حتى وردنا بَحرهُ فتقطّعتْ

غُلَلُ الظمأ عن بحرهِ المورودِ

عَجِلٌ إلى نُجحِ الفَعالِ كأنّما

يُمسي على وِترٍ من الموعودِ

يعلو بِقدرٍ في القلوبِ معَظّم

أبداً،وعزٍّ في النفوسِ جديدِ

البحتري:

يا أكثرَ الناسِ إحساناً وأعرضهمْ

سَيباً،وأطولهم في المكرمات يدا

ما نسألُ الله إلا أن تدومَ لك ال

نعماءُ فينا،وأن تبقى لنا أبدا

البحتري:

هو بحرُ السّماحِ والجود فازددْ

منهُ قرباً تزددْ من الفقرِ بُعدا

بك نستعتبُ الليالي

ونستعدي على دهرنا المسيء فَنُعدى

البحتري:

حوى عن أبيهِ الذي حازَهُ

أبوهُ المهذّبُ عن جَدّهِ

عَفافٌ يعودُ على بدئهِ

وهدى يسيرُ على قصدهِ

هو الغيثُ يَنهلّ في صوبهِ

دراكاً،ويعذبُ في وِردهِ

البحتري:

كريمُ ،إذا ضاقَ اللئامُ،فإنّهُ

يضيقُ الفضاءُ الرّحبُ في صدرهِ الرَّحبِ

البحتري:

واقْرَ السّلام على السماحةِ إنّها

محظورةٌ من دونهِ وورائهِ

 

فارقتُ يومَ فِراقهِ الزمنَ الذي

لا قيتهُ يهتزُّ يوم لقائهِ

ما كنتُ أفهمُ نَيلهُ في قُربهِ

حتى نأى ففهمتهُ في نائهِ

يفديكَ راحٍ مادِحٌ لم ينقلبْ

إلا بصدقِ مديحهِ ورجائهِ

البحتري:

وما أنا إلا غرسُ نعمتكَ الذي

أفضتَ له ماءَ النّوالِ فأورقا

البحتري:

ووجهٌ رقَّ ماءُ الجودِ فيه

على العرنينِ والخدِّ الأسيلِ

يُريكَ تألقُ المعروفِ فيه

شُعاعَ الشمس في السيفِ الصقيل

البحتري:

وليسَ لساني للئيمِ ولا يدي

ولا ناقتي عند البخيل ولا رحلي

وما كلُّ من يُدعى كريماً لديهم

بِندٍّ لهُ في المكرماتِ ولا مِثْلِ

البحتري:

وأرى الجودَ نشاطاً يعتري

سادة الأقوام،والبُخل كَسلْ

البحتري:

ويحكمُ في ذخائرهِ نداهُ

كما حكم العزيزُ على الذليلِ

أخٌ للمكرُماتِ يُعَدُّ فيها

لهُ فضلُ الشقيقِ على الحميلِ

البحتري:

يا أبا جعفرٍ،لقد راحَ إفضا

لُكَ خطباً على الكرامِ جليلا

ردَّ معروفُكَ الكثيرَ قليلا

وأرى جُدكَ الجوادَ بخيلا

لا أظنُّ البُخّالَ يوفونكَ ال

شكرَ ولو كان بكرةً وأصيلا

جَعلتهمْ من غيرهم دُفَعٌ منكَ

أفادت حمداً وأعطت جزيلا

البحتري:

إحسانهُ دَرْكُ الرجاءِ وقولُهُ

عندَ المواعدِ شُعبةٌ من فِعلهِ

قسمَ التلادَ مُباعداً ومُقارباً

ورأى سبيل الحمدِ أصلحَ سُبلهِ

لم تُجهدِ الأجوادَ غايةُ سؤددٍ

إلا تناولها بأهونِ رُسلهِ

يُنبيكَ عن قُربِ النُّبوةِ هَديهُ

والشىء يُخبرُ بعضهُ عن كُلّهِ

البحتري:

عَمّتْ صنائعهُ فمنها جالِبٌ

شكراً،ومنها للحسودِ لجام

البحتري:

تداركني الإحسانُ منكَ ونالني

على فاقةٍ ذاك الندى والتطولُ

البحتري:

ولأنتَ غالبُ غالبٍ يوم الندى

كَرماً وواهبُ رفدها وجزيلها

البحتري:

لو أنَّ كفّكَ لم تَجُدْ لمؤّملِ

لكفاهُ عاجلُ وجهكَ المتهلّلِ

البحتري:

لهُ جوهرٌ في الجودِ يُبديهِ بِشرهُ

كذا السيفُ يبدو أثره بِصقالِ

البحتري:

فتىً لا نَداهُ حَجْرَةٌ حين يبتدي

ولا مالهُ مِلْكٌ لهُ حين يسألُ

إذا نحنُ أملناهُ لم يرَ حظّهُ

زكا،أو يرى جدواهُ حيثُ يُؤّملُ

البحتري:

باتَ مُضيفاً وبتُّ ضيفاً

فاشتبهَ الضّيفُ والمُضيفُ

البحتري:

حسبي بِجودكَ فذا أستعينُ بهِ

على الخُطوبِ إذا ما اعصوصت وكفى

البحتري:

رأوكَ أندى الورى كفاً وأمنعهمْ

كهفاً،وأوطأهم للمعتفي كنف

 

إذا جادَ كان الجودُ منهُ خليقةً

ولو ضنَّ كانَ الضّنُ منهُ تَخلّقا

البحتري:

كَرَمٌ يدرأ الخطوبَ ولا يدرأ

لؤمَ الخطوبِ غيرُ الكريمِ

البحتري:

سَمْحُ اليدينِ لهُ أيادٍ جَمّةٌ

عندي،ومنٌّ ليسَ بالممنونِ

البحتري:

تناولَ جودُهُ أقصى الأماني

وصدّقَ فِعلهُ حُسنَ الظنونِ

تروَعُ المالَ ضحكتهُ إذا ما

غدا مُتهللاً طِلْقَ الجبينِ

البحتري:

فكمْ من يدٍ بيضاءَ منكَ بلا يدٍ

ومن مِنّةٍ زهراءَ منكَ بلا مَنِّ

البحتري:

إذا سئلوا جاءت سَيولُ أكفُّهمْ

نظائرَ جَمّاتِ التلاعِ السوائلِ

البحتري:

وكمْ سُئلتَ فما أُلفيتَ ذا بَخل

ولا وجدنا عطاءً منكَ مَمنونا

البحتري:

والكريمُ النامي لأصلٍ كريمٍ

حَسَنٌ في العيونِ يزدادُ حسنا

البحتري:

تَقصّاهمُ بالجودِ حتى لأقسموا

بأنَّ نداهُ كان والبحر توأما

 

البحتري:

سحابٌ خطاني جودهُ وهو مسبلٌ

وبحرٌ عداني فيضهُ وهو مُفعمُ

البحتري:

تَبسُّمٌ وقطوبٌ في ندىً ووغىً

كالغيثِ والبرقِ تحت العارضِ البردِ

البحتري:

وحكى القَطر،بل أبرّ على القطر

بكف على البرية تندى

هو بحرُ السّماح والجود فازدد

منه قُرباً تزدد من الفقر بُعدا

البحتري:

هو أندى من الغمام وأوفى

وقعاتٍ من الحسام وأمضى

يتوخى الإحسان قولاً وفعلاً

ويُطيعُ الإله بسطاً وقبضاً

البحتري:

لو أنَّ كفّكَ لم تَجُدْ لِمؤِّملٍ

لكفاهُ عاجلُ وجهكَ المُتهلّلِ

ولو أنَّ مجدك لم يكنْ مُتقادماً

أغناكَ آخرُ سؤددٍ عن أوّلِ

البحتري:

والأرضُ تبذلُ في الربيعِ نباتها

وكذاكَ بذلُ الحُرِّ في سلطانهِ

واعلمْ بأنَّ الغيثَ ليسَ بنافعٍ

للناسِ ما لم يأتِ في إبّانهِ

البحتري:

وحليفي على الزّمانِ سَماحٌ

من كريمٍ للمكرُماتِ حليفِ

أريَحيٌّ لهُ على مُجتديهِ

وقّةُ الوالدِ الرحيمِ الرؤوفِ

البحتري:

متى جئتهُ عن موعدٍ أو فُجاءةً

تَهللَّ بدرٌ واستهلَّ غَمامُ

البحتري:

عَطاءٌ كضوءِ الشمسِ عمَّ،فمغربٌ

يكونُ سواءً في سناهُ ومشرِقُ

فلا بذلَ إلا بَذلهُ وهو ضاحِكٌ

ولا عزمَ إلا عَزمهُ وهو مُطرِقُ

البحتري:

وما اخترتُ داراً غيرَ داركَ من قِلىً

وأين تُرى قصدي ومن خلفيَ البحرُ؟

فإن بِنتُ عنكم مُصبحاً حضرَ الهدى

وإن غبتُ عنكم سائراً شهدَ الشعرُ

سأشكرُ لا أني أجازيكَ نعمةً

بأخرى،ولكن كي يُقالَ لهُ شكرُ

وأذكرُ أيامي لديكَ ونعمتي

وآخرُ ما يبقى من الذاهبِ الذّكرُ

البحتري:

ألامتْ سجاياهمْ وضنّتْ أكفُّهمْ

فإحسانهمْ سوء ومعروفهم نُكرُ

يكونُ وفُور العِرضِ هَمّكَ دونهمْ

إذا كانَ هَمُّ القومِ أن يفر الوفرُ

ولو ضربوا في المكرماتِ بِسُهمةٍ

لكانَ لهم في اللّفا،ولكَ الكُثرُ

البحتري:

نحن من تقريظهِ في خُطَبٍ

ما تقضّى وثناءٍ ما يُخِلْ

إن صمتنا لم يَدعنا جودهُ

وإذا لم يحسن الصمتُ فَقُلْ

البحتري:

يُحَسِّنُ من مديحي فيك أنّي

متى أعدُدْ عُلاكَ أجِدْ مقالا

ولستُ ألامُ في تقصير شُكري

وقد حملّتني المِننَ الثقالا

إذا سبقت يداكَ إلى عطاءٍ

أمِنّا الخُلفَ عندك والمطالا

وإن يَسّرتَ للمعروفِ قولاً

فإنّكَ تُتبعُ القولَ الفعالا

البحتري:

ومن يرَ جدوىيوسفَ بن محمدٍ

يرَ البحرَ لم يجمع نواحيهِ ساحلُ

البحتري:

هوَ الغيثُ يجري من عطاء ونائل عليك

فخذ من صبيبِ الغيث أو ذرِ

ولمّا تولّى البحر،والجود صنوه

غدا البحر من أخلاقه بين أبحرِ

البحتري:

وجدناهُ في ظلِّ السماحةِ مُشرقاً

بوجهٍ أرانا الشمسَ في ذلك الظِلِّ

ومن نعمةٍ في معشرٍ لو دفعتها

على جبلٍ لانهدَّ من فادحِ الثقلِ

شكرتُكَ شُكري لامرىءٍ جادَ ساحتي

بأنوائهِ طُرّاً ولما أقل:جُدْ لي

البحتري:

بني مَخْلَدٍ كفوا تدفُّقَ جودكم

ولا تبخسونا حظنا في المكارمِ

وكانَ لنا اسمُ الجودِ حتى جعلتمُ

تغضون منا بالخلالِ الكرائمِ

البحتري:

ساموكَ من حَسدٍ فأفضلَ منهمُ

غيرُ الجوادِ وجادَ غيرُ المُفضلِ

فبذلتَ فينا ما بذلتَ سماحة

وتكرّماً وبذلتَ مالم تبذلِ

البحتري:

لو أن كفّكَ لم تجد لمؤمل

لكفاه عاجل وجهك المتهلل

وتصرفت بك في المكارم همّة

نزلت من العلياء أعلى منزل

البحتري:

بقيت،فكائن جئت بادىء نعمة

يقلُّ السحاب أن يجيء رسيلها

وأعطيت طلابَ النوافل سؤلهم

فمن أين لا تعطى القصائد سولها؟

ووليت عمال السواد،فولني

قرارة بيتي مدة لن أطيلها

البحتري:

وقد شمل امتنانك كل حيّ

فهل من يفك به أسيرُ؟

وأعتقت الرقاب فَمُرْ بعتقي

إلى بلدي،وأنت به جدير

 

البحتري:

نَصبتَ لهم طَرفاً حديداً ومنطِقاً

سديداً ورأياً مثل ما انتضيَ النّصلُ

فما برحوا حتى تعاطتْ أكفّهم

قِراكَ ولا ضِغنٌ لديهم ولا ذحل

بكَ التأم الشَّعبُ الذي كان بينهم

على حين بُعدٍ منه واجتمع الشّمل

البحتري:

جوادٌ يرى أنَّ الفضيلةَ لم تَكُنْ

تجوزُ به الغاياتِ أو يتطوّعا

كريمٌ تنالُ الرّاحُ منه إذا سَرَتْ

ويُعجلُهُ داعي التصابي إذا دعا

وأبيضُ وَضّاحٌ إذا ما تَغَيّمتْ

يداهُ تجلّى وجههُ فتقشَّعا

ترى ولعَ السّؤالِ يكسو جبينَهُ

إذا قطَّبَ المسئولُ بشراً مُولّعا

 

تَخّلفَ شيئاً في رَويّةِ حلْمهِ

وحَنَّ إلينا بُذلُهُ فتسرّعا

فلا جُودَ إلا جُودُهُ أو كجودهِ

ولا بدرَ ما لم يُوفِ عشراً وأربعا

عددتُ فلم أُدرِكْ لفضلكَ غايةً

وهل يُدرِكُ السارونَ للشمسِ مطلعا

البحتري:

إلى مُسرفٍ في الجودِ لو أنَّ حاتماً

لديهِ لأضحى حاتِمٌ وهو عاذِلُهْ

فلما تأملّتُ الطلاقةَ وانثنى

إليَّ بِبشرٍ آنستني مخايلُهْ

دنوتُ فقّلتُ النّدى من يدِ امرىءٍ

جميلٍ مُحياهُ سِباطٍ أنامِلهْ

البحتري:

فأنتَ أكرمُ منسوبٍ إلى كَرَمٍ

وأنتَ أجودُ مُرتاحٍ إلى الجودِ

 

حاتم الطائي:

وإني لأقري الضّيفَ قبلَ سؤالهِ

وأطعن قدماً،والأسنةُ ترعفُ

وإني لأخزى أن ترى بي بطنة

وجارات بيتي طاويات وتُخَفُ

وإني لأعطي سائلي ولرُبما

أكلفُ ما لا يستطاع فأكلفُ

 

حاتم الطائي:

إذا كانَ بعضُ المالِ ربّاً لأهلهِ

فإنّي،بحمدِ الله،مالي مُعَبّدُ

يُفَكُّ به العاني،ويؤكَلُ طيبّاً

ويُعطى،إذا منَّ البخيلُ المُطّرَدُ

إذا ما البخيلُ الخب أخمد ناره

أقولُ لِمنْ يصلى بناري أوقدوا

توّسعْ قليلاً،أو يَكُنْ ثمَّ حَسبنا

وموقدها الباري أعف وأحمدُ

حاتم:

وكيفَ يُسيغُ المرءُ زاداً وجارُهُ

خفيفُ المِعا بادي الخصاصة والجَهدِ

حاتم الطائي:

متى يأتِ يوماً وارثي يبتغي الغنى

يجد جمع كف،غير ملء،ولا صفر

حاتم:

ألم تعلمي أني إذا الضيف نابني

وعزّ القِرى،أقري السديف المرهدا

حاتم الطائي:

يقولون لي،أهلكتَ مالكَ فاقتصدْ

وما كنتُ ـ لولا ما يقولون ـ سيدا

حاتم:

فلوميني،إذا لم أُقرِ ضيفاً

وأُكرِمْ مُكرمي،وأُهِنْ مُهيني

حاتم الطائي:

لا تعذليني في مالٍ وصلتُ بهِ

رحماً، وخيرُ سبيل المالِ ما وصلا

حاتم الطائي:

أماويَّ !إنَّ المالَ غادٍ ورائحٌ

أماويَّ !إني لا أقولُ لسائلٍ

ويبقى من المالِ الأحاديثُ والذِكرُ

إذا جاءَ يوماً حلَّ في مالنا النَّزرُ

أماويَّ! إما مانِعٌ فَمُبَيَّنٌ

وإمَّا عَطاءٌ لا يُنهنهُ الزَّجرُ

أماويَّ! ما يُغني الثراءُ عن الفتى

إذا حشرجت يوماً وضاقَ بها الصدرُ

أماويَّ !إنّ المال إمّا بذلتهُ

أماويَّ! إن يُصبحْ صدايَ بقفرةٍ

تَري أنَّ ما أفنيتُ لم يكُ ضرَّني

فأولّهُ شكرٌ وآخرهُ ذكرُ

من الأرضِ،لا ماءٌ هناك ولا خمرُ

وأنَ يدي ممّا بخلتُ بهِ صِفرُ

حاتم الطائي:

أعاذِلُ إنّ المالَ غيرُ مُخَلّدِ

وإنَّ الغنى عاريةٌ فتزوَّدِ

وكم من جوادٍ يُفسِدُ اليومَ جُودَهُ

وساوسُ قد ذكّرتهُ الفقر في غدِ

وكم لِيمَ آبائي فما كفَّ جُودَهم

ملامٌ ومن أيديهمُ خُلقت يدي

حاتم الطائي لغلامه:

أوقِدْ فإنَّ الليل ليلٌ قَرُّ

والرِّيحُ يا مُوقِدُ ريحٌ صرُّ

عسى يرى نارَكَ من يَمُرُّ

إن جَلبتْ ضيفاً فأنتَ حُرُّ

حاتم الطائي:

لا الجود يُفني المالَ قبل فنائهِ

ولا البخلُ في مالِ الشحيحِ يزيدُ

فلا تلتمس مالاً بعيش مُقَتِّرٍ

لِكُلِّ غد رزق يعود جديد

حاتم الطائي لزوجته نوار:

مَهلاً نَوَارُ، أقلّي اللّومَ والعَذلا

ولا تقولي لشيءٍ فاتَ ،ما فعلا

ولا تقولي لمالٍ كنتُ مُهلِكَهُ

مهلاً وإن كنتُ أعطي الجنَّ والخَبلا

يرى البخيلُ سبيلَ المالِ واحدةً

لاتعذليني في مالٍ وصلتُ بهِ

إنَّ الجوادَ يرى في مالهِ سُبُلا

رحماً وخيرُ سبيل المالِ ما وصلا

حاتم الطائي:

أما والذي لا يعلمُ الغيبَ غيرهُ

ويُحي العظامَ البيضَ وهي رميمُ

لقد كنتُ أطوي البطنَ والزادُ يُشتهى

مخافةَ يومٍ أن يُقالَ لئيمُ

حاتم الطائي:

أريني كريماً ماتَ من قبلِ حينهِ

فيرضى فؤادي أو بخيلاً مُخلّدا

حاتم الطائي:

وقد علِمَ الأقوامُ، لو أنَّ حاتِماً

أرادَ ثراءَ المالِ كانَ لهُ وَفْرُ

وإني لا آلو ،بمالٍ صنيعةً

فأوّلهُ زادٌ، وآخرهُ ذُخْرُ

يُفَكُّ بهِ العاني ويُؤكَلُ طَيباً

وما إن تُعَريهِ القِداحُ ولا لا الخمرُ

حاتم الطائي وفي بعض الروايات قيس بن عاصم المنقري:

أيا ابنةَ عبدِ الله وابنةَ مالكٍ

ويا ابنة ذي البُردينِ والفَرَسِ الوَردِ

إذا ما صنعتِ الزاد فالتمسي لهُ

أكيلاً فإنّي لستُ آكلَهُ وحدي

أخاً طارقاً أو جارَ بيتٍ فإنّني

أخاف مذَمّاتِ الأحاديثِ من بَعدي

وإنّي لعبدُ الضّيفِ مادامَ ثاوي

وما فيَّ إلا تلكَ من شِيمِةِ العبدِ

حاتم الطائي:

وعاذلتين هَبّتا بعد هَجعةٍ

تلومانِ متلافاً مُفيداً مُلوّما

تلومان،لمّا غَوَّرَ النجمُ،ضَلة

فتىً لا يرى الإنفاق في الحمدِ مغرما

فقلتُ،وقد طال العتاب عليهما

ألا لا تلوماني على ما تقدَّما

وأوعدتماني أن تبينا وتصرما:

كفى بصروف الدهرِ للمرءِ مُحَكِّما

فإنّكما لا ما مضى تدركانه

ولستُ على ما فاتني مُتندِّما

 

فنفسك أكرمها،فإنّكَ إن تَهُن

عليك،فلن تلقى لها الدهر مكرما

أهِن للذي تهوى التلادَ،فإنّهُ

إذا مُتَّ كان المالُ نهباً مُقسّما

ولا تشقينَ فيه فيسعد وارثٌ

به،حين يغشى أغبرَ الجوفِ مظلما

يُقسّمهُ غنماً ويشري كِرامه

قليلاً به ما يَحمدنَّكَ وارثٌ

وقد صرتَ في خطِّ من الأرضِ اعظما

إذا نالَ ممّا كنتَ تجمعُ مغنما

حاتم الطائي:

وإنّي لأستحي حياء يسّرني

إذا اللؤم من بعضِ الرجال تطلعا

إذا كان أصحاب الإناء ثلاثة

حيياً ومستحيا وكلبا مجاشعا

فإنّي لأستحي أكيلي أن يرى

أكفُّ يدي من أن تمسّ أكفهم

مكان يدي من جانب الزاد أقرعا

إذا نحنُ أهوينا وحاجتنا معا

وإنك مهما تُعطِ بطنكَ سؤله

وفرجكَ نالا منتهى الذمِّ أجمعا

حاتم الطائي:

وقائلةٍ أهلكتَ بالجودِ مالنا

ونفسَكَ حتى ضرَّ نفسك جودُها

فقلت:دعيني،إنما تلكَ عادتي

لكلِّ كريمٍ عادةٌ يستعيدها

حاتم:

تلومُ على إعطائي المال،ضِلةً

إذا ضنَّ بالمالِ البخيلُ وصّردا

تقولُ:ألا أمسِكْ عليكَ،فإنّني

أرى المال عند المسكين معبّدا

ذريني وحالي،‘نَّ مالِ وافِرٌ

وكلُّ امرىءٍ جارٍ على ما تعوّدا

حاتم الطائي:

وأجعلُ مالي دونَ عِرضي، جنةً

لنفسي،فأستغني بما كان من فضلي

ولي مع بذلِ المال والبأس،صولةٌ

إذا الحربُ أبدت عن نواجذها العصل

وما من لئيمٍ عالهُ الدهرُ مرةً

فيذكرها،إستمال إلى البخلِ

حاتم الطائي:

أشاوِرُ نفسَ الجودِ حتى تُطيعني

وأتركُ نفسَ البُخلِ لا أستشيرُها

وليسَ على ناري حجاب يكنها

لمستوبص ليلاً،ولكن أنيرها

حاتم الطائي:

ذريني يكُنْ مالي لِعرضي جُنّةً

يقي المالُ عِرضي،قبل أن يتبددا

أريني جواداً مات هَزلاً،لعلّني

أرى ما ترينَ أو بخيلاً مُخلّدا

وإلا فَكُفّي بعض لومكِ،واجعلي

إلى رأي من تلحين،رأيك مسندا

حاتم:

ولله صعلوك يساور همّهُ

ويمضي على الأحداثِ والدهرُ مُقدما

فتى طلباتٍ،لا يرى الخمص ترحة

ولا شبعةً،إن نالها،عدَّ مغنما

إذا ما أرى يوماً مكارم أعرضتْ

تيممَ كبراهنّ،تمت صمما

حاتم:

ولا تسأليني،واسألي أيُّ فارسٍ

إذا بادر القومُ الكنيفَ المُسّبرا

فلا هي ما ترعى جميعاً عشارها

ويصبحُ ضيفي ساهِمَ الوجهِ أغبرا

متى ترني أمشي بسيفيَ،وسطها

تخفني وتضمره بينها أن تجزرّا

حاتم:

إذا ما بخيلُ الناس هرت كلابه

وشق على الضيف الضعيف عقورها

فإني جبانُ الكلب،بيتي مُوَطأً

أجودُ،إذا ما الأنفسُ شح ضميرها

حاتم:

وإني لتهواني الضيوفُ إذا رأتْ

بعلياء ناري آخرَ الليل توقدُ

 

 

 

عنترة العبسي:

ومالي في الشدائدِ من مُعين

سوى قيس الذي منها يقيني

كريمُ في النوائبِ أرتجيهِ

كما هو للمعامعِ يصطفيني

لقد أضحى متيناً حبلُ راجٍ

تمسكَ منهُ بالحبلِ المتينِ

عنترة العبسي:

يا أيها الملكُ الذي راحاتُهُ

قامتْ مقامَ الغيثِ في أزمانهِ

يا مُخجلاً نوءَ السماءِ بِجودهِ

يا مُنقذَ المحزونِ من أحزانهِ

عنترة:

كفى حاجةَ الأضيافِ حتى يريحها

على الحيِّ منا كلُّ أروعَ ماجد

تراهُ بتفريجِ الأمور ولفّها

لما نالَ من معروفها غيرَ زاهدِ

عنترة:

وإذا صحوتُ فما أُقصّرُ عن ندىً

وكما علمت شمائلي وتكرمي

عنترة:

يفيضُ عطاؤه من راحتيهِ

فما ندري أبحرٌ أم غمام

 

عمرو بن معدي يكرب:

ويبقى بعد حلم القوم حلمي

ويفنى قبل زادِ القومِ زادي

 

علقمة الفحل:

لتبلغني دار امرىءٍ كان نائياً

فقد قَرّبتني من نداكَ قروبُ

 

عروة بن الورد:

هلا سألت بني عيلان كُلُّهم

عندَ السنين إذا ما هبت الريح

قد حانَ قدح عيال الحي إذ شبعوا

وآخر لذوي الجيرانِ ممنوحُ

عروة بن الورد:

فِراشي فراشُ الضيفِ والبيتُ بيتَهُ

ولم يلهني عنه غزال مُقَنّعُ

أحدثهُ إنَّ الحديثَ من القِرى

وتعلمُ نفسي أنه سوفَ يَهجعُ

عروة بن الورد:

إنّي امرؤٌ عافي إنائي شِركةٌ

وأنتَ امرؤٌ عافي إنائكَ واحدُ

أتهزأ مني أن سمنتَ وأن ترى

بوجهي شحوبَ الحقِّ والحقُّ جاهدُ

أُقَسِمُ جسمي في جسومٍ كثيرةٍ

وأحسو قَراحَ الماءِ والماءُ باردُ

عروة بن الورد:

وقد علمت سُليمى أن رأي

ورأي البخل مختلف شتيت

وأني لا يريني البخل رأي

سواءٌ إن عطشتُ وإن رويت

وأكفى ما علمتُ بفضلِ علمٍ

وأسالُ ذا البيانِ إذا عميت

 

ذو الإصبع العدواني:

أُكرِمُ الضّيفَ والنزيل،وإن بتّ

خميصاً،يضمُّ بعضيَ بعضي

 

معن بن أوس:

ولا مؤثراً نفسي على ذي قرابة

وأُؤثرُ ضيفي ما أقامَ على أهلي

 

أبو نُخيلة الراجز السعدي:

شكرتُكَ إنَّ الشكر حبلٌ من التقى

وما كلُّ من أوليته نعمةً يقضي

وألفيتَ،لما أن أتيتُكَ زائراً

عليَّ لحافاً سابغَ الطَولِ والعرضِ

وأحييتَ لي ذكري وما كان خاملاً

ولكن بعضَ الذكر أنبَهُ من بعضِ

 

المرار الفقعسي:

إذا افتقرَ المرَّارُ لم يُرَ فقرهُ

وإن أيسرَ المرَّارُ أيسرَ صاحبُهُ

 

امرؤ القيس:

وشمائلي ما قد علمتِ وما

نبحتْ كلابُكَ طارقاً مثلي

 

رويد بن وابصة الكناني:

كفى لك أن تخيّرها كريمٌ

لهُ في كلِّ مَكرُمةٍ يمينُ

يُقسِّمُ مالهُ والروضُ يُندي

وفي اللزبات أكرمُ ما يكونُ

 

ابن وابصة الثقفي:

وما وجدَ الأضيافُ فيما ينوبهم

لهم عند أزماتِ الشتاءِ فتىً مثلي

 

الأحنف بن قيس:

فلو مُدَّ سَروْي بمالٍ كثير

لَجُدتُ وكنتُ لهُ باذلاً

فإنَّ المروءة لن تُستطاع

إذا لم يكن مالها فاضلا

 

 

 

ابن الرومي:

لتهنأ رجالٌ لا تزال تجودهم

سحائبُ من كلتا يديك مواطِرُ

عُنيت بهم حتى كأنّك والدٌ

لهم وهم ـ دوني ـ بنوك الأصاغرُ

 

ابن الرومي:

فتى لا يرى تأخير غوث وليه

ولا يقتضيه الشكر بالعرض الأدنى

ولكنهُ يُعطي البلاغ إلى الغنى

إلى أن يعين الوجد هِمّته الكبرى

هنالك يدعو الشاكرين لشكره

بغير لسان بل بألسنة الجدوى

ابن الرومي:

من كُلِّ طُولٍ وطَولٍ في شمائلهِ

وكلِّ جودٍ في أناملهِ

من لا يرى المالَ إلا هَمَّ خازنهِ

ولا يرى الزادَ إلا ثقل آكلهِ

مما حفظناهُ من أمثالِ حكمته:

لن يملكَ المالَ إلا كفُّ باذلهِ

ابن الرومي:

لا تُفرطُ الجدوى أنامل كفّهِ

حتى يهشَّ إلى فَعال ثاني

يبغي بذلك قربةً أو صيتةً

وأثيرُ هِمّتهِ رضا الرحمن

عجزت يداي عن الجزاء فألقتا

عبء الشكور على ثناء لساني

ابن الرومي:

وأريحيُّ إذا جادتْ أناملهُ

في المَحْلِ لم يُستبَنْ للغيثِ فقدان

وكيفَ يبخلُ من نيطتْ به شِيمٌ

تقضي بأن ليس غير البذلِ قُنيان

وإنّ حاصلَ ما جادتْ يدا رجل

ما حُملّتْ ألسنٌ منه وآذان

ابن الرومي:

إذا أبو قاسمٍ جادتْ لنا يدهُ

لم يُحمد الأجودان:البحرُ والمطرُ

ابن الرومي:

كأن مواهبهُ في المحول

آراؤه عند ضيق الحيلْ

فلو كانَ غيثاً لعمَّ البلادَ

ولو كان سيفاً لكان الأجل

ولو كان يعطي على قدره

لأغنى النفوس وأفنى الأمل

ابن الرومي:

ليسَ الكريم الذي يُعطي عَطيّتهُ

عن الثناءِ وإن أغلى به الثّمنا

بل الكريمُ الذي يُعطي عطيّتهُ

لغيرِ شيئٍ سوى استحسانه الحَسنا

لا يستثيبُ ببذلِ العُرفِ مَحمدةً

ولا يَمُنّ إذا ما قَلّد المِننا

ابن الرومي:

غَمرتنا منكَ الأيادي اللّواتي

ما لِمعشارِها لدينا كِفاءُ

فنهانا عنكَ الحياءُ طويلاً

ثم قد ردَّنا إليك الحياءُ

ابن الرومي:

رأيتُ المَطل مَيداناً طويلاً

يروضُ طِباعَهُ فيه البخيلُ

فما هذا المِطالُ فدتك نفسي

وباعُكَ في النّدى باعٌ طويلُ

أظُنُّكَ حينَ تقدِرُ ليَ نوالاً

يَقِلُّ لديكَ منهُ الجزيلُ

ويُعوِّزُكَ الذي ترضى لمثلي

وإن لم يُعوِز الرأيُ الجميلُ

 

وفيما بينَ مَطْلِكَ واختلالي

يموتُ بدائهِ الرّجلُ الهزيلُ

فلا تَقدِرْ بِقدرِكَ ليَ نوالاً

ولا قَدري فتحقِرْ ما تُنيلُ

وأطلِقْ ما تهُّمُ به عساهُ

كفاني أيّها الرجل النبيلُ

ابن الرومي:

المُنعمونَ وما منّوا على أحدٍ

يومَ العطاءِ ولو مَنّوا لما مانوا

كمْ ضَنَّ بالمالِ أقوامٌ وعندهمُ

وَفْرٌ،وأعطى العطايا وهو يدانُ

ابن الرومي:

يامن غدا مالهُ في الناسِ مُشتركاً

ومن تَوحّدَ بالمعروف وانفردا

ابن الرومي:

لهُ مواعيدُ بالخيراتِ ناجزةٌ

لكنّهُ يسبقُ الميعاد بالصَّفَدِ

يُعطيكَ في اليوم حق اليوم مبتدئاً

ولا يضيع بعد اليوم حقّ غدِ

ابن الرومي:

وهذا شتاء قد أظلَّ رواقه

وجارُكَ جارٌ لا يخاف

ابن الرومي:

يا وجه ذي كرمٍ حالت بشاشتهُ

لن تُحسن الشمسُ إلا ذاتَ إشراق

ابن الرومي:

إذا أمطرت كفاه بالبذل نوَّرت

له الأرض واهتزت رباها من الخصب

ابن الرومي:

يتلقى المُدفّعين عن الأب

واب بالبِشرِ منه والترحيبِ

لو أبى الراغبونَ يوماً نداهُ

لدعاهم إليه بالترهيبِ

رُبَّ أُكرومةٍ له لم تَخَلها

قبلهُ في الطباعِ والتركيبِ

ابن الرومي:

رأيتُكَ لا تَلَذُّ لطعمِ شيءٍ

تَطعّمهُ سوى طعمِ العطاءِ

وما أهدي إليك من امتياحي

أحبَّ إليكَ من حسنِ الثناءِ

ولكنّي أُلقيِّ العُرفَ عُرفاً

وإن كنتُ الغنيَّ عن الجزاءِ

ابن الرومي:

لاقيتُ من لا أُبالي بعدهُ أبداً

من ضَنَّ عني بمعروفٍ ومن سمحا

وجادَ جودين:أما الكفُّ فانبسطت

بما أنالَ،وأما الصدرُ فانشرحا

ابن الرومي:

ليسَ الجوادُ بمن يجودُ غُدّوهُ

حتى يجودَ غدُّوه ورَواحهُ

ويطولُ بين السائلينَ بقاؤهُ

وكأن خاتمَ وجوده مفتاحهُ

ابن الرومي:

رأيتُكَ تُعطي المالَ إعطاءَ واهبٍ

إذا المرءُ أعطى المالَ إعطاءَ مشتري

ولكن رأيتَ العُرفَ عرفاً لعينهِ

فجُدتَ ببذلِ العرفِ جُودَ مُخيّرِ

وفي الناسِ من يُعطي عطاءً مُتاجرٍ

وآخر يعطي كالسحابِ المثسّخرِ

ابن الرومي:

منابذ لأعاديه وثروتهِ

ممن يرى المنعَ إسرافاً وحُقَّ لهُ

فليس يألوُهما ما اسطاع إتلافا

أليسَ ما يُتلف الأعراض إسرافا

أمسى أبا منزلٍ والجودُ خادِمهُ

والأرضُ داراً له والناسُ أضيافا

أولى المضيفين بالدفء الملوذ به

مشتىً وأجدرهم بالظلِّ مصطافا

يلينُ للريحِ إن هزّتهُ ليّنةً

ولا يلين إذا هزّته مِعصافا

ابن الرومي:

وإذا امرؤٌ مدحَ امرأً لنوالهِ

وأطالَ فيه فقد أرادَ هجاءه

ابن الرومي:

والناسُ تحت سماء منكَ مُشمسةٍ

والناسُ تحتَ سماء منك مدرار

ابن الرومي:

هب الروض لا يثني على الغيث نشره

أمنظره يُخفي مآثره الحسنى

ابن الرومي:

أصبحتُ بين حضاضةٍ ومذّلةٍ

والحرُّ بينهما يموت هزيلا

فامُددْ إليَّ يداً تعوّدَ بطنُها

بذلَ النّدى وظهورها التقبيلا

ابن الرومي(رواية أخرى):

أصبحتُ بين ضراعة وتجمّل

فامدد إليَّ يداً تعوّدَ بطنها

والمرءُ بينهما يموت هزيلا

بذلَ النوالِ وظهرُها التقبيلا

ابن الرومي:

قومٌ سماحتهم غيثٌ،ونجدتهم

غَوثٌ،وأراؤهم في الخطب شُهبانُ

صانوا النفوسَ عن الفحشاء وابتذلوا

منهنّ في سُبُلِ العلياء ما صانوا

المُنعمونَ وما منّوا على أحدٍ

يوماً بنعمى،ولو منّوا لما مانوا

ابن الرومي:

مهما أتى الناسُ من طَولٍ ومن كَرَمٍ

فإنّما دخلوا البابَ الذي فتحا

ابن الرومي:

هو بحرٌ من البحورِ فرات

ليسَ ملحاً،وليسَ حاشاهُ ضحلا

ابن الرومي:

مُقَبَّلُ ظهرَ الكفِّ،وهّابُ بطنها

لهُ راحةٌ فيها الحطيمُ وزمزمُ

فظاهرها للناس ركنٌ مُقَبّلٌ

وباطنها عينٌ من الجودِ عَيلَمُ

ابن الرومي:

تعوّدتِ المواهبَ والعطايا

أناملُ فيضُ راحتها انسجامُ

فليس لها عن الحمد انفراج

وليس لها على المال انضام

ابن الرومي:

وأنت الذي لا يُنكرُ الناس أنه

هدىً لأخي جورٍ،غنىً لفقيرِ

لكَ الدهرُ معروفٌ شهيرٌ،وإنّما

تحب من المعروفِ كلَّ ستير

إذا زاركَ العافونَ كان إيابُهم

إيابَ بشيرٍ لا إيابَ نذير

ابن الرومي:

والحمدُ رلله أعلاني وشرفني

حتى تعاليتُ أن تُسدى إليَّ يدُ

للِعُرفِ نحو أناسٍ مسلك صَبَبٌ

ومسك العرف نحوي مسلك صَعَدُ

ابن الرومي:

فتى يرى ماله كالداءِ يحسمهُ

ولا يراه كعضوٍ منه محروزِ

يهتزُّ للمجدِ من تلقاء شيمته

والحرّث يهتزُ عفواً غيرَ مهزوز

ابن الرومي:

إذا أبو قاسمٍ جادتْ لنا يدهُ

لم يُحمد الأجودان:البحر والمطرُ

 

جمعنَ العُلا بالجودِ بعد افتراقها

إلينا كما الأيامُ يجمعها الشهر

ابن الرومي:

مديحي عصا موسى وذلكَ أنني

ضربتُ به بحرَ النّدى فتضحضحا

فيا ليتَ شعري إن ضربتُ به الصّفا

أيبعث لي منه جداولَ سُيّحا

كتلكَ التي أندتْ ثرى الأرض يابساً

وأبدتْ عيوناً في الحجارة سُفحّا

سأمدحُ بعض الباخلينَ لعلّه

إن اطّردَ القياس أن يتسّمحا

ابن الرومي:

قومٌ يُحبّونَ مبطانَ الضيوف وما

فيهم على حُبّهمْ إياهُ مبطانِ

بل كُلُّهم لابسٌ حلماً ومُنتزعٌ

رأياً ومطعامُ أضياف ومعطانِ

ابن الرومي:

ليسَ الكريمُ الذي يُعطي عطيتهُ

على الثناءِ وإن أغلى بهِ الثمنا

بل الكريمُ الذي يُعطي عطيتهُ

لغير شيء سوى استحسانه الحسنا

لا يستثيبُ ببذلِ العُرْفِ محمدةً

ولا يَمُنُّ إذا ماقلّد المِننا

حتى لتحسب أن الله أجبرهُ

على السماحِ ولم يَخلقهُ مُمتحنا

ابن الرومي:

كم ظهر ميتٍ مقفرٍ جاوزتهُ

فحللتُ ربعاً منك ليسَ بمقفرِ

جودٌ كَجودِ السيلِ إلا أنّ ذا

كَدِرٍ وأن نداكَ غير مكدّرِ

ابن الرومي:

أيعطش أمثالي وواديك فائضٌ

ويُجدِبُ أمثالي ووداديكَ أخضر؟

ابن الرومي:

يا سائلي عن جودهِ بجزيلهِ

ورضاه من شُكرِ امرىء بطفيفه

أضحى حليفاً للسّماحِ ولم يكن

ليراهُ ربك غادراً بحليفه

نغدو بمدح فيه أيسرُ حقّهِ

فنحوزُ كل تليده وطريفه

ابن الرومي:

ما زالَ يتبعُ بشرَهُ معروفه

والغيثُ يتبعُ برقَهُ تنضاحهُ

ابن الرومي:

يُعطي الرغائبَ جوداً من طبيعتهِ

لا كالمتاجرِ بالمعروفِ أحياناً

لا يستثيبُ ببذلِ العُرفِ محمدةً

ولا تراهُ بما أسداهُ منانا

ابن الرومي:

وما في الناسِ أجودُ من شُجاعٍ

وإن أعطى القليلَ من النوالِ

وذلكَ أنّهُ يُعطيكَ ممّا

تفىء عليه أطرافُ العوالي

وحسبُكَ جودُ من أعطاكَ مالاً

جباهٌ بالطِّرادِ وبالنزالِ

شرى دمهُ ليحويهُ فلّما

حواهُ حوى به حمدَ الرجال

ابن الرومي:

ليس لذي الجودِ سوى عِرضهِ

من ملكهِ دون النّدى مَحرمُ

 

ابن الرومي:

ليسَ الكريم من اشترى بنوالهِ

حَمْدَ الرجالِ وإن أنالَ جزيلا

لكنهُ من جادَ جُودَ طبيعةٍ

ورأى الفعالَ من الفعال جميلا

 

ربيعة الرّقي:

لَشتان ما بين اليزيدين في الندى

يزيد سليم والأغرّ ابن حاتم

فَهَمُّ الفتى الأزديِّ إتلاف مالهِ

وهَمُّ الفتى القيسي جمعُ الدراهمِ

فلا يحسب التمتامُ أني هجوتهُ

ولكنني فضّلتُ أهل المكارمِ

عاصم بن هلال النمري:

ألم تعلمي أنّي لِكُلِّ مُلّمةٍ

تَحيّفُ أموالَ الكرام رؤومُ

وأنَّ النّدى مولى طريفي وتالدي

وأني قريبٌ للِعفاةِ حميمُ

كعب بن زهير:

وقد علِمَ الضيفُ والمٌرملونَ

إذا اغبرَّ أُفقٌ وهَبّت شمالا

بأنّكَ ربيعٌ وغيثٌ مَريعٌ

وقِدْماً هُناكَ تكونُ الثِّمالا

كعب بن زهير:

المُطعمون إذا ما أزمةٌ أزَمَتْ

والطيّبونَ ثياباً كُلّما عَرقوا

 

 

القطامي:

جزى الله خيراً والجزاءُ بكفّهِ

هُمُ حملوا رَحلي ،وآدوا أمانتي

بني دارمٍ عن كُلِّ جان وغارمِ

إليَّ، وردُّوا فيَّ ريشَ القوادمِ

ولا عيبَ فيهم غيرَ أنَّ قدورَهُمْ

على المالِ أمثالُ السِّنينَ الحواطمِ

وأنَّ مواريثَ الأُلى يرثونهمْ

كُنوزُ المعالي لا كنوزُ الدراهمِ

وما ضرَّ منسوباً أبوهُ وأُمّهُ

إلى دارمٍ أن لا يكونَ لهاشمِ

الكميت بن زيد:

لو قيل للجود من حليفُكَ ما

إن إلا إليك ينتسِبُ

أنتَ أخوهُ وأنتَ صورتهُ

والرأسُ منكَ وغيرُكَ الذّنبُ

أحرزت فضلَ النضال في مَهلٍ

لو أن كعباً وحاتماً نُشرا

فكلّ يومٍ بكفّكَ القصبُ

كانا جميعاً من بعضِ ما تهبُ

لا تُخلفُ الوعد إن وعدت ولا

ما دونك اليوم من نوالٍ ولا

أنتَ عن المعتفين تحتجبُ

خلفكَ للراغبين منقلبُ

الكميت بن زيد الأسدي:

بلوناكَ في أهل النّدى ففضلتهم

وباعك في الأبواعِ قِدماً فطالها

فأنت الندى فيما ينوبك والسُّدى

إذا الخود عدَّت عقبة القِدر مالها

 

 

أحدهم:

ولرّبما بخلَ الكريمُ وما بهِ

بخل ولكن سوءُ حظِّ الطالبِ

أبو العتاهية:

وكنتُ إذا جئتُ في حاجة

فأمري يجوزُ على أمرهِ

فتىً،لم يُخَلِّ الندى ساعةً

على يُسرهِ كان ،أو عُسرهِ

تظلُّ نهاركَ في خَيرهِ

وتأمنُ ليلكَ من شرّهِ

 

أبو العتاهية:

فإذا ابتُليتَ ببذلِ وجهك سائلاً

فابذلهُ للمتكّرمِ المِفضالِ

أبو العتاهية:

بسطتُ كَفي نحوكم سائلاً

ماذا تردّونَ على السائلِ؟

إن لمْ تُنيلوهُ فقولوا لهُ

قولاً جميلاً بدلَ النائلِ

أو كنتُمُ العامَ على عُسرةٍ

ويلي فَمنُّوهُ إلى قابلِ

أبو العتاهية:

أبو العتاهية:

إنّ المطايا تشتكيك لأنها

قطعت إليكَ سَباسباً ورِمالا

فإذا وردَن بنا وردنَ خفائفاً

وإذا صَدرنَ بنا صَدرنَ ثقالا

أبو العتاهية:

فتى ما استفاد المال إلا أفاده

سواه كانَ الملك في كفه حلم

إذا ابتسم المهدي نادت يمينه:

ألا من أتانا زائراً فله الحكم

أبو العتاهية:

ما كان هذا الجودُ حتى كُنتَ يا

عمروٌ ولو يوماً تزول لزالا

إنّ المطايا تشتكيكَ لأنها

قطعت إليك سباسباً ورمالا

فإذا وردنَ بنا وردنَ خفافاً

وإذا صدرنَ بنا صدرنَ ثِقالا

أبو العتاهية:

أبو العتاهية:

إذا المرءُ لم يُعتِق من المالِ نفسَه

تملكَّهُ المالُ الذي هو مالِكُه

ألا إنّما مالي الذي أنا مُنفِقٌ

وليس ليَ المالُ الذي أنا تارِكُهْ

 

جرير:

إن المُهاجرَ حينَ يبسط كفّهُ

سِبْطُ البنان طويلُ عظمِ الساعدِ

قَرْمٌ أغرُّ إذا الجدودُ تواضعتْ

سامى من البزرى بجدِّ صاعدِ

يا ابنَ الفروع يمدُّها طيبُ الثرى

وابنَ الفوارسِ والرئيس القائدِ

 

جرير:

سيروا إلى البلدِ المباركِ فانزلوا

وخذوا منازلكم من الغيثِ الحَيا

سيروا إلى ابنِ أرومة عاديةٍ

وابنِ الفروعِ يمدُّها طيبُ الثرى

جرير:

وإنّي لَعفُّ الفقر مُشتركُ الغنى

سريع ـ إذا لم أرض جاري ـ انتقاليا

جرير:

ما أوقدَ الناسُ من نيرانِ مَكرُمةٍ

إلا اصطلينا وكنا مُوقدي النارِ

جرير:

ألستم خيرَ من ركبَ المطايا

وأندى العالمين بطون راح

جرير:

وراضِ بني تيم بن مرّة إنهم

قرومٌ تسامى للعلى والمكارم

جرير:

وإذا المُجاوِرُ خافَ من أزماتهِ

كَرْباً،وحلَّ إليكمُ لم يَكربِ

فانفخ لنا بسجالِ فضلٍ منكمُ

واسمع ثنائي في تلاقي الأركبِ

آباؤكَ المتخيَّرونَ أولوا النهى

رفعوا بناءكَ في اليفاعِ المرقبِ

تندى أكفّهُمُ بخيرِ فاضلٍ

قدماً إذا يبست أكفُّ الخيبِ

جرير:

لولا ابن عائشة المُباركُ سَيبهُ

أبكى بنيَّ وأُمهمْ طولُ الطوى

 

جرير:

أغثنِي يا فداكَ أبي وأمّي

بِسَيبٍ منك إنّكَ ذو ارتياحِ

فإنّي قد رأيتُ عليَّ حقاً

زيارتي الخليفة وامتداحي

سأشكرُ أن رددتَ عليَّ ريشي

ألستم خيرَ من ركبَ المطايا

وأنبتَّ القوادمَ في جناحي

وأندى العالمين بطون راحِ

جرير:

فما كعبُ بن مامةَ وابن سُعدى

بأجودَ منكَ يا عُمَرُ الجوادا

وتبني المجدَ يا عمرُ بن ليلى

وتكفي المُمحِلَ السّنة الجمادا

 

الفرزدق:

لا يستطيعُ جوادٌ بعدَ جُودِهمُ

ولا يُدانيهمُ قومٌ وإن كرموا

هُمُ الغيوثُ،إذا ما أزمةٌ أزَمتْ

والأسدُ أُسدُ الشّرى والبأسُ محتدمُ

لا يُنقِصُ العُسرُ بسطاً من أكفهمُ

سيّان ذلك:إن أثروا وإن عَدموا

 

وحبل الله حبلك من نيله

فما لعرى إليه من انفصام

فإني حامل رجلي ورحلي

إليك على الوهون من الفطام

الفرزدق:

أنتَ الجوادُ الذي تُرجى نوافلهُ

وأبعدُ الناسِ كلَّ الناسِ من عارِ

وأقربُ الناسِ كلِّ الناس من كَرَمٍ

يُعطي الرغائبَ لم يَهمُم بإقتارِ

الفرزدق:

لا يستطيعُ جوادٌ بُعدَ غايتهم

و لا يُدانيهمُ قومٌ وإن كرموا

لا ينقصُ العسرُ بسطاً من أكفّهمُ

سِيّان ذلك إن أثروا وإن عدموا

الفرزدق:

فلما دنا قلتُ ادنُ دُونكَ إنني

وإيّاكَ في زادي المشتركانِ

فبتُّ أقُدُّ الزادَ بيني وبينَهُ

على ضوءِ نارٍ مرةً ودُخانِ

الفرزدق:

أعطانيَ المالَ حتى قلتُ يُودعني

أو قلتُ أودعَ لي مالاً رآه لنا

فَجودُهُ متعبٌ شكري ومِننهُ

وكلما زدت شكراً زادني مِننا

يرمى بهمته أقصى مسافتها

ولا يريدُ على معروفهِ ثمنا

الفرزدق:

إنَّ المهالبةَ الكرامَ تحملّوا

دفعَ المكارهِ عن ذوي المكروه

زانوا قديمهم بحسنِ حديثهم

وكريمَ أخلاقٍ بحسنِ وجوه

الفرزدق:

وقد خمدتْ نارُ النّدى بعد غالبٍ

وقصّرَ عن معروفهِ كلُّ فاعلِ

الفرزدق:

حَمّالُ أثقالَ أقوامٍ،إذا افتُدحوا

حلوُّ الشمائلِ،تحلو عندهُ نعمُ

ما قالَ :لا قط،إلا في تشهده

لولا التشهدُ كانت لاءه نعمُ

عمَّ البرية بالإحسان،فانقشعت

عنها الغياهب والإملاق والعدمُ

الفرزدق:

لهُ راحةٌ بيضاءُ يندى بنانُها

قليلٌ،إذا اعتلَّ البخيلُ اعتلالها

الفرزدق:

إذا مِسمَعٌ أعطتكَ يوماً يمينُهُ

فَغُدْتَ غداً عادت عليك شمالُها

شِمالٌ من الأيمانِ خيرٌ عَطيّةً

يُهانُ ويُعطى في الحقائقِ مالُها

أعِدْ لي عطاءً كنتَ عوّدتني لهُ

جَداً دَفقةٍ كانت غِزاراً سجالها

الفرزدق:

رأيتُ بلالاً يشتري بتلادهِ

مكارِمَ فضلٍ لا تُنالُ فواضلهْ

هو المُشتري ما لا يُنالُ بما غلا

من المجدِ والمفضولُ رامٍ يُناضلهْ

رأيت أكُفّاً قصّرَ المجدُ دونها

وكفّا بلالٍ فيهما الخيرُ كامِلهْ

الفرزدق:

أرى الثقلين الجنّ والإنس أصبحا

يمدّان أعناقاً إليك تقرّبُ

وما منهما إلا يرّجى كرامة

بكفيك أو يخشى العقابَ فيهربُ

وما دونك كفيك انتهاءٌ لراغبِ

ولا لِمناهُ من ورائكَ مذهبُ

الفرزدق:

وأنتَ امرؤٌ تحمي ذِمارَ عشيرةٍ

كِرامٍ بِجزلٍ من عطائكَ نافعِ

جمعتَ العُلى والجودَ والحِلمَ تقتدي

بقتل أبيك الجوعَ عن كلِّ جائعِ

وأنتَ الجوادُ ابنُ الجوادِ وسيّدٍ

لسادةِ صدقٍ والكهولِ الأصالعِ

وأنتَ امرؤٌ إن تُسألِ الخيرَ تُعطهِ

جزيلاً وإن تشفع تكنْ خيرَ شافعِ

الفرزدق:

دعي الذين همُ البُخّالُ وانطلقي

إلى كثير،فتى الجودِ ابنِ سَيّارِ

إلى الذي يَفضلُ الفتيانَ نائلهُ

يداهُ مثلُ خليجي دجلةَ الجاري

الفرزدق:

أبى طيبُ كفيكَ الكثير نداهُما

وإعطاؤُكَ المعروف أن تتشّددا

لِحقنِ دمٍ أو ثروةٍ من عَطيّةٍ

تكون حيا من حلَّ غوراً وأنجدا

وما سالَ في وادٍ كأوديةٍ لهُ

دفعنَ معاً في بحرهِ حين أزبدا

الفرزدق:

وما بِجودِ أبي الأشبال من شَبَهٍ

إلا السّحابُ وإلا البحرُ إذ زَخرا

كلتا يديه يمينٌ غيرُ مُخلِقةٍ

تُزجي المنايا وتسقي المُجدبَ المطرا

الفرزدق:

رأيتُ يديكَ خيرَ يدي جوادٍ

وأعيا دونَ جَريكَ كلُّ جارِ

كريمٌ يشتري بالمالِ حَمداً

مكارِمَ قد غلونَ على التِّجارِ

الفرزدق:

لَنِعمَ أبو الأضيافِ في المَحْلِ غالبٌ

إذا لبس الغادي يديه من البَرْدِ

وما كانَ وقّافاً على الضيفِ مُحجماً

إذا جاءهُ يوماً ولا كابيَ الزِّندِ

الفرزدق:

يجودُ وإن لم ترتحلْ يا ابنَ غالبٍ

إليه،وإن لاقيتهُ فهو أجودُ

الفرزدق:

أخو شتواتٍ يرفعُ النارَ للقِرى

إذا كعمَ الكلب اللئيم وأخمدا

الفرزدق:

فقلت إلى الطعام فقال منهم

فريقٌ يحسد الإنس الطعاما

الفرزدق:

يكادُ يُمْسِكهُ عِرفانَ راحتهِ

رُكنُ الحطيمِ إذا ما جاء يَستلمُ

الفرزدق:

لن تدركوا كرمي بلؤم أبيكم

وأوابدي بتنحل الأشعار

الفرزدق:

على ساعة،لو كان في القوم حاتم

على جوده،ضنّت به نفس حاتم

الفرزدق:

ومنا الذي اختيرَ الرجالَ سماحةً

وجوداً إذا هبَّ الرياحُ الزعازعُ

 

 

الأخطل:

هم الذين يبارون الرياح إذا

قلَّ الطعام على العافين أو قَتروا

الأخطل:

وإن كانت النعماءُ فيهم جَزوا بها

وإن أنعموا لا كدّروها ولا كَدُّوا

الأخطل:

كِرامُ الرفدِ لا نُعطي قليلاً

ولا ننبو لسائلنا اعتلالا

سَلْ الضيفان ليلة كل ريح

تلفُّ البركَ عازمةً شمالا

ألسنا بالقِرى نمشي إليهم

سراعاً قبل أن يضعوا الرحالا

فما نجفو الضيافة إن أقاموا

ولا الجيران إن كرهوا زوالا

الأخطل:

إذا مُتَّ ماتَ العُرْفُ وانقطعَ النّدى

فلم يبقَ إلا من قليلٍ مصرَّدِ

ورُدَّتْ أكفُّ السائلينَ وأمسكوا

عن الدين والدنيا بحزن مجدَّدِ

 

الأخطل:

وما لبهاءٍ بعد عِزِّكَ بهجةٌ

ولا لجوادٍ بعدَ جُودِكَ جُودُ

الأخطل:

إنَّ اللئيمَ إذا سألت بَهرتهُ

وترى الكريمَ يَراحُ كالمختال

الأخطل:

إذا أتيتَ أبا مروان تسأله

وجدتهُ حاضراهُ الجودُ والحَسَبُ

ترى عليه رفاقَ الناس سائلة

من كلِّ أوبٍ على أبوابه عُصَبُ

يحتضرون سجالاً من فواضله

والخيرُ محتضرُ الأبوابُ مُنتهَبُ

الأخطل:

إذا أتيتَ أبا مروانَ تسألهُ

ترى إليهِ رفاقً الناسِ سائلةً

وجدتهُ حاضراهُ الجودُ والحسبُ

من كلِّ أوبٍ على أبوابهِ عُصَبُ

يحتضرون سجالاً من فواضلهِ

والخيرُ محتضرُ الأبوابِ مُنتهَبُ

لا يبلغُ الناسُ أقصى وادييه،ولا

يُعطي جوادٌ،كما يعطي ولا يهبُ

الأخطل:

إذا أتيتَ أبا مروان تسألهُ

وجدتهُ حاضراهُ الجودُ والحسبُ

ترى إليه رفاقَ الناسِ سائلةً

من كلِّ أوبٍ على أبوابه عُصَبُ

يحتضرون سِجالاً من فواضلهِ

والخيرُ محتضرُ الأبواب منتهبُ

لا يبلغُ الناسُ أقصى وادييهِ ولا

يُعطى جوادٌ،كما يُعطي ولا يهبُ

الأخطل:

إلى الملكِ النفاح،أهلي فداؤه

وكوري وأعلاقي العلى وسوامي

فلا تخلفنَّ الظن،إنك والندى

حليفا صفاءِ في محل مقامِ

فأنتَ المُرجى من أمية كلها

وتُرفدُ حَمداً من ندىً وتمامِ

الأخطل:

فهم هنالك خيرُ الناس كلهم

عند البلاء وأحماهمْ على الكرمِ

الباسطونَ بدنياهم أكفُّهمُ

والضاربونَ غداةَ العارضِ الشَّبمِ

والمطعمونَ إذا ما أزْمةٌ أزمتْ

والمقدمونَ على الغاراتِ بالجذمِ

الأخطل:

فما يزالُ جَدا نعماكَ يمطرني

وإن نأيتُ وسيبٌ منكَ مرفودُ

الأخطل:

وإذا عدلتَ به رجالاً لم تجدْ

فيضَ الفُراتِ كراشحِ الأوشالِ

ليست عطيّته إذا ما جئتهُ

نَزْراً وليس سِجالهُ كسجالِ

فهو الجوادُ لمن تعرّضَ سَيبهُ

وابن الجوادِ وحاملُ الأثقالِ

الأخطل:

إني دعاني إلى بشرٍ فواضلهُ

والخيرُ قد علمَ الأقوامُ مُتبَّعُ

فاليومَ أجهدُ نفسي ما وسعت لكم

وهل تكلّفُ نفسٌ فوقَ ما تسعُ

 

الأخطل:

ولئن نجوتُ من الحوادثِ سالماً

والنّفسُ مُشرفةٌ على الآجالِ

لأغلِفنَّ إلى كريمٍ مدحةً

ولأثنينَّ بنائلٍ وفَعالِ

الأخطل:

إنا نعجلُ بالعبيطِ لضيفنا

قبلَ العيال،ونقتلُ الأبطالا

الأخطل:

وإنّي لحلالٌ بي الحقّ،أتقي

إذا نزلَ الأضيافُ أن أتجهما

 

النابغة الذبياني:

سبقتَ الرجال الباهشين إلى العلى

كسبق الجواد اصطاد قبل الطوارد

علوت معداً نائلاً ونكايةً

فأنت،لغيث الحمد،أول رائد

النابغة الذبياني:

فما الفراتُ إذا هبَّ الرياحُ له

ترمى غوارِبُهُ العِبرَينِ بالزَّبدِ

يوماً بأجودَ منهُ سَيبَ نافلةٍ

ولا يحولُ عطاءُ اليومِ دونَ غدِ

النابغة:

إلا لِمثلكَ أو من أنتَ سابقهُ

سَبْقَ الجوادِ إذا استولى على الأمدِ

النابغة:

متى تلقهم لا تلقَ للبيتِ عورة

فلا الضيفُ ممنوعاً ولا الجارُ ضائعا

النابغة:

لهم شِيمةٌ لم يُعطها الله غيرهم

من الجودِ والأحلامُ غير عوازبِ

 

 

امرؤ القيس:

وشمائلي ما قد علمتِ وما

نبحت كلابُكِ طارقاً مثلي

امرؤ القيس:

أفسدتَ بالمنِّ ما أوليتَ من نِعَمٍ

ليسَ الكريمُ إذا أسدى بمنَّان

امرؤ القيس وقيل غيره:

فما تُمدُّ لهم كفٌّ فتقبضها

عما تريدُ سوى قبض المقاديرِ

جُدودُ قومٍ إذا ما ساعدتْ أحداً

سحت عليه بفضلٍ غير منزورِ

امرؤ القيس:

فظل طهاة اللحم ما بين مُنضج

ضعيف شِواء أو قديرٍ مُعَجّل

 

لبيد بن ربيعة:

جميلُ الأسى فيما أتى الدهرُ دونه

كريمُ الثنا حلوّ الشمائلِ مُعجبِ

تراهُ رخيَّ البالِ إن تَلْقَ تلقَهُ

كريماً وما يذهب بهِ الدهرُ يذهبِ

يشبيِّ ثناءً من كريمٍ وقولهُ

ألا أنعم على حسن التحية واشربِ

 

ابنة لبيد بن ربيعة:

فَعُدْ إنَّ الكريمَ له مَعادٌ

وظَنّي بابن أروى أن يعودا

 

أوس بن حجر:

يجودُ ويُعطي المالَ من غيرِ ضَنّةٍ

ويضربُ أنفَ الأبلخِ المُتَغشمِ

 

أوس بن حجر:

ولستُ بخابىءٍ أبداً طعاماً

حذارَ غدٍ لِكلِّ غدٍ طعامُ

 

 

عمرو بن كلثوم:

نَزلتم منزِلَ الأضيافِ منّا

فأعجلنا القِرى أن تشتمونا

 

الأعشى:

فرع نَبعٍ يهتزُّ في غُصنِ المج

دِ غزيرُ النّدى شديدُ المِحال

الأعشى:

إن يعاقب يكن غراماً وإن يُعط

جزيلاً فإنه لا يبالي

الأعشى:

فكان أكرمهم عهداً وأوثقهم

مجداً أبوك بِعُرفٍ غيرِ إنكار

كالغيثِ ما استمطروهُ جادَ وابلُهُ

وفي الشّدائدِ كالمستأسدِ الضاري

الأعشى:

ترى الجودَ يجري ظاهراً فوق وجههِ

كما زانَ مَتنُ الهِندواني رونقُ

أبا مسمع،صار الذي قد صنعتم

فأنجدَ أقوامٌ بذلك وأعرقوا

وإنَّ عِتاقَ العيس سوف يزوركم

ثناءً على أعناقهنَّ معلّقُ

به تُنغض الأحلاسُ في كلِّ منزلٍ

يداه يدا صدق فكفٌ مبيدةٌ

وتُعْقَدُ أطرافُ الحبالِ وتُطلقُ

وكفٌ إذا ما ضُنَّ بالمالِ تُنفِقُ

الأعشى(ميمون بن قيس):

لهُ صدقاتٌ ما تغِبُّ ونائلٌ

وليسَ عطاءُ اليوم يمنعهُ غدا

الأعشى:

فما نيلُ مصرٍ إذ تسامى عُبابهُ

ولا بحرُ سَيحان إذا راحَ مُفْعَما

بأجودَ منه نائلاً إنَّ بعضهم

إذا سئل المعروفَ صدَّ وجمجما

الأعشى:

يرى البخلَ مرّاً والعطاءَ كأنّما

يلذُّ به عذباً من الماءِ باردا

الاعشى:

أخو رغائب يعطيها ويسألها

يأبى الظلامة منه النّوفل الزفر

الأعشى:

في هوذة الوهاب أهديت مدحتي

أرجو نوالاً فاضلاً من عطائكا

سمعتُ برحبِ الباع والجود والندى

فأدليتُ دلوي فاستقتْ برشائكا

الأعشى:

يداكَ يدا صدقٍ، فكفٌّ مفيدةٌ

وأخرى إذا ما ضُنَّ بالزادِ تُنفِقُ

ترى الجودَ يجري ظاهراً فوق وجههِ

كما زانَ متنَ الهندواني رونَقُ

الأعشى:

لما رأيتُ زماناً كالحاً شبماً

يَمّمتُ خيرَ فتىً في الناس كلهمُ

قد صار فيه رؤوس الناس أذنابا

الشاهدينَ به أعني ومن غابا

لما رآني إياسٌ في مُرَجّمةٍ

رثَّ الشّوارِ قليلَ المال مُنشابا

أثوى ثواءَ كريم ثم متعني

يوم العروبةِ إذ ودعتُ أصحابا

جزى الإلهُ إياساً خيرَ نعمتهِ

كما جزى المرءَ نُوحاً بعدما شابا

الأعشى:

من ذا يبلغني ربيعة

ثمَّ لا يُنسى ثوابهْ

إنّي متى ما آتهِ

لا يجفُ راحلتي ثوابهْ

إنّ الكريمَ ابن الكريمِ

لكُلِّ ذي كرم نِصابهْ

 

الأعشى ميمون:

يبيتون في المشتى خِماصاً وعندَهم

من الزادِ فضلات تُعَدُّ لِمنْ يُقرْى

إذا ضلَّ عنهم طارِقٌ رفعوا له

من النارِ في الظلماءِ ألويةً حُمرا

الأعشى الباهلي وقيل غيره:

لا يُعجلُ القومَ أن تُغلي مراجلُهمْ

ويُدلجُ الليلَ حتى يَفسح البصرُ

عليهِ أوَّلُ زادِ القوم إن رحلوا

ثُمَّ المَطيُّ إذا ما أرملوا جُزرُ

لا يأمنُ القومُ مُمساهُ ومُصبحهُ

من كلِّ أدبٍ وإن لم يَغزُ يُنتظرُ

الأعشى:

ولقد جررتَ إلى الغنى ذا فاقةِ

وأصابَ غَزوكَ إمَّةً فأذالها

أعشى باهلة:

من ليسَ في خيرهِ منٌّ يُكدّرهُ

على الصديقِ،ولا في صفوهِ كَدَرُ

الأعشى:

وما ذاكَ إلا أن كفيك بالنّدى

تجودان بالمعروف قبل سؤالكا

 

طرفة بن العبد:

أبلغْ قتاده غيرَ سائلهِ

إني حمدتُكَ للعشيرة إذ

منه الثواب وعاجلَ الشّكمِ

جاءت إليكَ مُرِقةَ العظمِ

ألقوا إليكَ بكلِّ أرملةٍ

ففتحت بابك للمكارم حين

شعثاءَ،تحملُ مَنقعَ البُرمِ

تواصت الأبوابُ بالأزمِ

وأهنتَ إذ قدِموا التلادَ لهم

وكذلكَ يفعلُ مُتبني النّعمِ

فسقى بلادك،غيرَ مفسدها

صوبَ الغمامِ وديمةً تهمي

طرفة بن العبد:

يداك يد خيرها يُرتجى

وأخرى لأعدائها غائظة

طرفة بن العبد:

وهمُ الحكامُ أربابُ النّدى

وسَراة الناسِ في الأمرِ الشَّجِرْ

 

المقنع الكندي:

ليسَ العطاءُ منَ الفُضُولِ سماحةً

حتى تجودَ وما لديكَ قليلُ

المقنع الكندي:

إنّي أُحَرِّضُ أهلَ البخلِ كُلّهم

لو كان ينفعُ أهلَ البخلِ تحريضي

ما قلَّ ماليَ إلا زادني كَرَماً

حتى يكونَ برزقِ الله تعويضي

 

النابغة الجعدي:

فتى كَمُلتْ أخلاقهُ غيرَ أنّهُ

جوادٌ فما يُبقي من المالِ باقيا

النابغة الجعدي:

ألا يا سُميّةُ شُبيِّ الوَقودا

لعلَّ الليالي تُدَنيِّ يزيدا

كفاني الذي كنتُ أسعى لهُ

فصارَ أباً لي وصرتُ الوليدا

فنفسي فدى لك من مالكٍ

إذا ما البيوتُ اكتسينَ الجليدا

ومالي،فداؤك من غائبٍ

إذا الأوجهُ البيضُ أصبحن سودا

 

السموأل:

وما أُخمِدتْ نارٌ لنا دونَ طارقٍ

ولا ذَمنا في النازلينَ نزيلُ

السموأل:

ولقد ضربتُ بفضل مالي حقهُ

عند الشتاءِ وهبةِ الأرواح

الحطيئة:

إذا أجحفت بالناسِ شهباء صعبة

لها حَرْجَفٌ مما يَقلُّ بها القُتر

نصبنا وكانَ المجدُ منا سجيةٌ

قدوراً،وقد تشفى بأسيافنا الجُزُر

ومنا المحامي من وراء ذماركم

ونمنع أخراكم إذا ضيّع الدُّبرُ

الحطيئة:

فَنعم الفتى نعشو إلى ضوءِ نارهِ

إذا الريحُ هَبّتْ والمكانُ جديبُ

وما زلت تعطي النفس حتى كأنّما

يظلُّ لأقوام عليك نحوب

إليكَ تناهى كلُّ أمرٍ ينوبنا

وعند ظلال الموتِ أنت حسيب

الحطيئة:

أقلوا عليهم لا أباً لأبيكم

من اللوم أو سدّوا المكان الذي سدّوا

أولئك قوم إن بنوا أحسنوا البنا

وإن عاهدوا أوفوا وإن عقدوا شدوا

وإن كانت النعماء فيهم جزوا بها

وإن أنعموا لاكدروها ولا كدوا

الحطيئة:

إذا غبتَ عنا غابَ ربيعنا

ونسقي الغمامَ الغُرَّ حين تؤوبُ

الحطيئة:

الحطيئة:

تزورُ فتىً يُعطي على الحمدِ مالَهُ

ومن يُعطِ أثمانَ المحامدِ يُحمَدِ

يرى البُخلَ لا يُبقي على المرءِ مالَهُ

ويعلمُ أنّ المرءَ غيرُ مُخَلّدِ

كَسوبٌ ومِتلافٌ إذا ما سألتهُ

تَهلّلَ واهتزَّ اهتزازَ المُهنَّدِ

الحطيئة:

الحطيئة:

متى تأتهِ تعشو إلى ضوءِ نارهِ

تجدْ خيرَ نارٍ عندها خيرُ مُوقدِ

الحطيئة:

لا يُبعدِ الله إذ ودعتُ أرضَهمُ

أخي بغيضاً ولكن غيرهُ بعدا

لا يُبعدِ الله من يُعطي الجزيل ومن

يحبو الجليل وما أكدى ولا نكدا

ومن تلاقيه بالمعروفِ مبتهجاً

إذا أجَرهَدَ صفا المذمومُ أو صلدا

لا قيتهُ ثلجاً تندى أناملهُ

إن يُعطِكَ اليومَ لا يمنعُكَ ذاك غدا

إني لرافدهُ وُدّي ومنصرتي

وحافظُ غيبهِ إن غابَ أو شهدا

الحطيئة:

سرينا فلما أن أتينا بلاده

أقمنا وأرتعنا بخير مرتعِ

تفرّستُ فيهِ الخير لما لقيتهُ

لما أورث الدفاع غير مُضيّعِ

فتىً غيرَ مِفراحٍ إذا الخيرُ مسّهُ

ومن نكباتِ الدّهرِ غير جزوعِ

وقسٌ إذا ما شاءَ حلماً ونائلاً

وإن كان أمضى من أحد وقيعِ

فذاكَ فتىً إن تأتِهِ في صنيعةٍ

إلى ماله لا تأتهِ بشفيعِ

الحطيئة:

وإني قد عَلِقتُ بحبلِ قومٍ

أعانهُمُ على الحَسبِ الثّراءُ

إذا نزلَ الشتاءُ بدارِ قومٍ

تَجنّبَ جارَ بيتهم الشتاءُ

 

حسان بن ثابت:

لنا الجفنانُ الغُرُّ يلمعنَ بالضحى

وأسيافنا يقطرُنَ من نجدةٍ دما

حسان بن ثابت:

فلا الدّهرُ يُنسيني الحَيا وحَفيظتي

ولا وقعاتُ الدّهرِ يَفْلُلنَ مِبردي

وأُكثِرُ أهلي من عيالٍ سِواهمُ

وأطوي على الماءِ القَراحِ المُبَّردِ

إذا كانَ ذو البُخلِ الذّميمةُ بَطنُهُ

كَبطنِ حمارٍ في الحشيشِ مُقيّدِ

فألفيتهُ بحراً كثيراً نوالُهُ

جواداً متى يُذكرْ الحمدُ يزددِ

حسان بن ثابت:

يُغشَونَ حتى ما تهرُّ كلابُهُم

لا يسألون عن السّوادِ المُقبلِ

حسان بن ثابت:

والخالطونَ فقيرهم بغنيّهم

حتى يكونَ فقيرهم كالكافي

حسان بن ثابت:

وإّني لقوالٌ لدى البيتِ :مرحباً

وأهلاً،إذا ما رِيعَ من كلِّ مَرْصدِ

وإنّي ليدعوني النّدى ،فأجيبهُ

وأضرِبُ بَيض العارضِ المُتوقدِّ

حسان بن ثابت:

أصونُ عِرضي بمالي لا أدَنسَهُ

لا باركَ الله بعد العِرضِ بالمالِ

أحتالُ للمالِ إن أودى فأجمعهُ

ولستُ للِعرضِ إن أودى بِمحتالِ

الفقرُ يُزري بأقوامٍ ذوي حَسبٍ

ويُقتدى بلئامِ الأصلِ أنذالِ

حسان بن ثابت:

ألستُ بنعمَ الجارُ يؤلِفُ بيتهُ

أخا قلّةٍ أو مُعِدمَ المالِ مُصرِما

 

عدي بن زيد:

عَفُّ المكاسبِ لا تُكْدى مكاسبه

كالبحرِ يُلحِقُ بالتيارِ أنهارا

عدي بن زيد العبادي:

ذريني ومالي،إنَّ مالي ما مضى

أماميَ من مالٍ إذا خفَّ عُوّدي

وللوارثِ الباقي من المالِ فاتركي

عتابي،إني مصلحٌ غيرُ مُفسدِ

 

 

المسيب بن علس:

وإذا الملوكُ تدافعت أركانها

أفضلتَ فوقَ أكفهم بذراع

 

عمرو بن الأهتم المنقري:

وكلُّ كريمٍ يتقي الذمَّ بالقِرى

وللخيرِ بين الصالحينَ طريقُ

عمرو بن الأهتم المنقري:

ذريني فإنّ الشُحَّ يا أُمَّ هيثمٍ

لصالحِ أخلاقِ الرجالِ سَروقُ

ذريني وحُطِّي في هوايَ فإنّني

على الحسبِ العالي الرفيعِ شفيقُ

ومُستمنحٍ بعد الهدوءِ دعوتُهُ

وقد كانَ ساري الشتاءِ طُروقُ

فقلت له أهلاً وسهلاً ومرحباً

فهذا مبيتٌ صالحٌ وصديقُ

أضفتُ، فلم أُفحش عليه، ولم أقل

لَعمرُكَ ما ضاقت بلادٌ باهلها

لأحرمهُ إن الفناءَ مضيقُ

ولكنَّ أخلاقَ الرجالِ تضيقُ

 

عمرو بن الأيهم التغلبي:

ونُكرِمُ جارَنا ما دامَ فينا

ونتبعه الكرامةَ حيث كانا

 

 

أحيحة بن الجلاح:

استبقْ مالكَ،لا يَغرُركَ ذو نَشَبٍ

من ابن عمٍّ ولا عمٌّ ولا خالِ

فلن أزالَ على الزوراءِ أعمرُها

إنَّ الكريمَ إلى الإخوان ذو المالِ

كلُّ النداءِ إذا ناديتُ يخذلني

إلا ندايَ إذا ناديتُ يا مالي

 

عبد قيس بن خُفاف البُرجمي:

يعيشُ النّدى ما عاشَ حاتِمُ طيءٍ

وإن ماتَ قامتْ للسخاءِ مآتِمُ

يُنادينَ:ماتَ الجودُ معكَ فلا نرى

مُجيباً له ما حامَ في الجوِّ حائِمُ

وقال رجالٌ:أنهبَ العامَ مالَهُ

فقلت لهم:إني بذلك عالِمُ

عبدُ قيس بن خُفاف:

والضيف أكرمه فإنّ مبيتهُ

حقّق ولا تك لعنةً للنزَّلِ

واعلمْ بأنَّ الضيفَ مخبرُ أهلهِ

بمبيتِ ليلتهِ وإن لم يُسألِ

عبد القيس بن خفاف البرجمي:

ونارٍ دعوتُ بها الطارقينَ

والليلُ مُلقٍ عليها سُدُلا

إلى مَلِقٍ بضيوفِ الشتاءِ

إذا الرّيحُ هبتْ بليلٍ بليلا

 

المهلهل:

وقد كان يكفي كل وغدٍ مُواكلٍ

ويحفظُ أسرارَ الخليلِ المُناصحِ

كأنْ لم يكن في الحِمى حَياً ولم يَرُح

إليهِ عُفاةُ الناسِ أو كلُّ رابحِ

ولم يَدعُهُ في النَكبِ كلُّ مُكبّلٍ

لفكِ إسارٍ،أو دعا عند صالحِ

المهلهل:

سقاكَ الغيثُ إنّكَ كنتَ غيثاً

ويُسراً ،حين يُلتمسُ اليَسارُ

المهلهل:

عَدّياً أخا المعروفِ في كلِّ شتوةٍ

وفارسها المرهوبَ عند التكافح

 

نهار بن توسعة:

هنيئاً مريئاً جودُ كفِّ ابن خالدٍ

إذا المُمسكُ الرّعديدُ أعطى تكلّفا

 

الخنساء:

لهُ كفٌّ يَشدُّ بها وكَفٌّ

تجودُ،فما يَجفُّ ثرى نداها

الخنساء:

نَعِفُّ ونعرِفُ حقَّ القِرى

ونتخذُ الحمدَ ذُخراً وكنزا

الخنساء:

الخنساء:

كأن لم يَقُلْ أهلاً لطالبِ حاجةٍ

بوجهٍ بشيرِ الأمرِ مُنشرحِ الصّدرِ

فمن يَجبرُ المكسورَ أو يضمنُ القِرى

ضمانكَ أو يقري الضيوفَ كما تقري

الخنساء:

فإذا أضاءَ وجاشَ مِرجَلهُ

فَلنِعمَ رَبُّ النارِ والقِدْرِ

أبلغْ مواليهُ فقد رُزئوا

مولىً يَريشُهمُ ولا يبري

تلقى عيالهمُ نوافلهُ

فتصيبُ ذا الميسورِ والعُسرِ

قد كان مأوى كلُّ أرملةٍ

ومُدَفَّعٍ لم يدرِ أو يدري

(المدفع: اليتيم)

الخنساء:

لا يقصرُ الفضلَ على نفسهِ

بل عندهُ مَنْ نابَهُ في فضول

عطاؤهُ جَزلٌ وصولاتهُ

صولاُ قَرْمٍ لقُرومٍ صؤول

الخنساء:

نِعمَ الفتى كانَ للأضيافِ إن نزلوا

وسائلٍ حلَّ بعد الهدِ محروبُ

كم من مُنادٍ دعا والليلُ مكتنعٌ

نَفَّستَ عنهُ حبالَ الموتِ مكروبُ

الخنساء:

وما الغيثُ في جَعْدِ الثرى دَمثِ الرُّبى

تعبَّقَ فيه العارِضُ المُتهلّلُ

بأجزلَ سَيباً من يديكَ ونعمةً

وجارُكَ ممنوعٌ مَنيعٌ بنجوةٍ

تجودُ بها،بل سَيبُ كفّكَ أجزلُ

من الضَّيمِ لا يُزرى ولا يتذلّلُ

فما بلغتْ كفُّ امرىءٍ مُتناولاً

من المجدِ إلا حيثُ ما نلتَ أفضلُ

ولا بلغَ المُهدونَ في القولِ مِدحةً

ولو أكثروا إلا الذي فيكَ أفضلُ

الخنساء:

نِعمَ أخو الشّتوةِ حلّتْ به

أراملُ الحيّ غداةَ البليل

أتينهُ معتصماتٍ به

يُعلنَّ بالدعوى نداءَ الأليل

ونِعمَ جارُ القومِ في ذمّةٍ

إذا نبا الناسُ بجارٍ ذليل

دلَّ على معروفه وجههُ

بُورِكَ هذا هادياً من دليلِ

الخنساء:

جَموعُ الضيوفِ إلى بيتهِ

يرى أفضلَ الكسبِ أن يُحمدا

غِياثُ العشيرةِ إن أمحلوا

يُهينُ التلادَ ويُحي الجَدا

الخنساء:

ألا لا أرى في الناسِ مثلَ معاويهْ

إذا طرقَتْ إحدى الليالي بداهيهْ

بداهيةٍ يُضغي الكلابَ حسيسَها

وتُخرجُ من سرِّ النجيِّ علانيه

 

على صَخرٍ وأيُّ فتىً كَصخرٍ

لِعانٍ عائلٍ غِلقٍ بوترِ

وللأضيافِ إن طرقوا هُدوءاً

وللجارِ المُكلِّ وكلِّ سَفْرِ

 

حطائط بن يعفر النهشلي:

قلتُ،ولم أعيَ الجوابَ تبيّني

أكانَ الهُزالُ حتفَ زيدٍ وأربدا

أريني أكنْ للمالِ رباً ولا يكنْ

لي المالُ ربّاً تحمدي غِبّهُ غدا

أريني جواداً مات هزلاً لعلّني

أرى ما ترينَ أو بخيلاً مُخلّدا

 

ذو الإصبع العدواني:

وأنتم معشر زيد على مئة

فأجمعوا أمركم طراً فكيدوني

 

 

زينب بنت الطثرية في أخيها:

إذا نزلَ الأضيافُ كان عذورا

على الحيِّ حتى تستقلَّ مراجله

إذا كانَ خيرُ الجدِّ أرضاكَ جدُّه

وذو باطلٍ إن شئتَ أرضاكَ باطله

عمرو بن شاس الأسدي:

إذا نحنُ أدلجنا وأنتَ أمامنا

كفى لمطايانا بضوئك حاديا

أليسَ يزيدُ العيسَ خِفّةِ أذرعٍ

وإن كُنَّ حسرى أن تكونَ أماميا

 

 

حماد عَجرد:

إنّ الكريمَ لَيُخفي عنكَ عُسرته

حتى تراه غنياً وهو مجهودُ

إذا تكرّمتَ أن تُعطي القليل ولم

تقدر على سَعةٍ لم يظهر الجودُ

أورِق بخيرٍ تُرَجَّى للنوالِ فما

تُرجى الثمار إذا لم يُورِقِ العودُ

بُثّ النوال ولا تمنعكَ قِلتهُ

فكلُّ ما سدَّ فقراً فهو محمودُ

 

المتلمس الضبعي يتكلم عن كلب أحد المضيفين:

يكادُ إذا ما أبصرَ الضيفَ مُقبلاً

يُكّلمهُ من حُبّهِ وهوَ أعجمُ

 

عدي بن ربيعة:

نُبئتُ أنَّ النارَ بعدكَ أُوقدت

واستبَّ بعدك يا كُليبُ المجلسُ

بشر بن أبي خازم:

إلى ماجد أعطى على الحمد مالهُ

جميلُ المحيّا للمغارمِ دافِعُ

 

عمرو بن الإطنابة:

إنّي من القوم الذين إذا انتدَوا

بدأوا بحقِّ الله ثم النائلِ

المانعينَ من الخنا جيراَنهم

والخالطينَ فقيرهم بغنيّهم

والحاشدينَ على طعامِ النّازلِ

والباذلينَ عطاءَهم للسائلِ

عمرو بن الإطنابة:

أبتْ لي عِفتي وأبى حيائي

وأخذي الحمدَ بالثمنِ الرَّبيحِ

وإعطائي على المكروهِ مالي

وضربي هامةَ البطلِ المُشيحِ

وقولي كلّما جشأتْ لنفسي

مكانكِ تُحمدي أو تستريحي

لأدفعَ عن مكارمٍ صالحاتٍ

وأحمي بعدُ عن حسبٍ صحيح

 

الضبيّ:

ولَرُبَّ عانٍ قد فككتَ وسائلٍ

أعطيتهُ فغدا وأنتَ حميدُ

يُثني عليكَ وأنتَ أهلُ ثنائهِ

ولديكَ إمّا يستزدكَ مزيدُ

ر

سويد بن أبي كاهل:

بُسطُ الأيدي إذا ما سُئلوا

نُفُعُ النائلِ إن شيءٌ نفعْ

من أناسٍ ليس من أخلاقهم

عاجلُ الفحشِ ولا سوءُ الجزع

 

العتابي:

أتتركني جَدبَ المعيشةِ مُقتراً

وكفّاكَ من ماءِ النّدى تَكِفانِ

وتجعلني سهمَ المطامعِ بعدما

بَللَتَ يميني بالندى ولساني

 

العتبي:

هبّتْ تلومُ وتلحاني على خُلُقٍ

عُودّتهُ عادةً والخيرُ تعويدُ

قلتُ اتركيني أبعْ مالي بمكرمةٍ

ويبقى ثنائي بها ما أورقَ العودُ

إنا إذا ما أتينا أمر مَكرُمةٍ

قالت لنا أنفسق عُتبيّةٌ عودوا

 

سلامة بن جندل:

إنّا،إذا غَرَبتْ شمسٌ أو ارتفعتْ

وفي مباركها يُزلُ المصاعيبُ

قد يسعدُ الجارُ،والضيفُ الغريبُ بنا

والسائلون،ونغلي ميسرَ النيب

 

دريد بن الصّمة:

فأنتم أهلُ عائدةٍ وفضلٍ

وأيدٍ في مواهبكم طوال

متى ما تمنعوا شيئاً فليستْ

حبائلُ آخذهِ غيرَ السؤالِ

أبو صخر الهذلي:

تكادُ يدي تندى إذا ما لمستها

وينبتُ في أطرافها الوَرَقُ النَّ

الشماخ:

لما كفيتَ قُريشاً كلَّ معضلة

قالت قريشُ:فدتكَ المردُ والشيبُ

إنا أتيناكَ نرجو منكَ نافلةً

من رمل يبرين إنَّ الخير مطلوب

الشّماخ:

إنّكَ يابن جعفرٍ خيرُ فتىً

وخيرهم لطارق إذا أتى

ورُبَّ نِضوٍ طرقَ الحيُّ سُرى

صادف زاداً وحديثاً ما اشتهى

 

بكير بن الأخنس:

نزلتُ على آل المُهلّب شاتياً

غريباً عن الأوطانِ في زَمنٍ مَحْلِ

فما زالَ بي إكرامهم واقتفاؤهم

وإلطافهم حتى حسبتهمُ أهلي

 

أبو هفان:

عيبُ بني مَخلدٍ سماحهم

وأنهم يُتلفونَ ما ملكوا

وأنّ فيهم لمن يُلاينهم

لينٌ وفيهم لغيرهم حَسَكُ

أبو هفان:

ولا عيبَ فينا غيرَ أن سماحنا

أضرَّ بنا،والبأس من كلِّ جانبِ

فأفنى الردى أرواحنا غيرَ ظالم

وأفنى النّدى أموالنا غير عائبِ

 

سلمة بن مالك الجعفي:

فتىً كان يُعطي السيفَ في الرّوعِ حقّهُ

إذا توَّبَ الداعي وتشقى به الجُزر

فتىً كان يُدنيه الغنى من صديقهِ

إذا ما هو استغنى ويُبعدهُ الفقرُ

 

عامر بن الظرب:

فلو لامسَ الصّخرَ الأصمَّ أكفُّهمْ

لفاضَ ينابيعَ النّدى ذلكَ الصّخرُ

 

سوادة اليربوعي:

ذَريني فإنّ البُخلَ لا يُخلِد الفتى

ولا يُهلك المعروفُ من هوَ فاعلهْ

أبو الأسود الدؤلي:

وإنّ أحقَّ الناسِ إن كنت مادحاً

بمدحكَ من أعطاكَ والوجهُ وافِرُ

ابن صَرَّدُر:

قومٌ إذا حيّا الضيوفُ جِفانَهم

ردّت عليهم السنُ النيرانِ

 

عمرو بن شأس:

وما أُخمِدتْ نارٌ لنا دونَ طارق

ولا ذمنا في النازلين نزيلُ

كعب بن الأشقري:

أنتَ الكريمُ الذي لا شيء يُشبههُ

لا عيبَ فيكَ سوى أن قيلَ من بشر

كعب بن جعيل:

لا ينكثونَ الأرض عند سؤالهم

لتطلُّبِ العِلّاتِ بالعِدانِ

بل يبسطونَ وجوههم فترى لهم

عند السؤال كأحسنِ الألوانِ

 

أبو مُحلّم السعدي:

لعمر أبيك الخير إني لخادمٌ

لضيفي وإني إن ركبتُ لفارِسُ

 

 

جَزءُ بن ضرار:

وحُدِّثتُ قومي أحدثَ الدهر فيهم

وعهدُهمُ بالحادثاتِ قريبُ

فإنْ يكُ حقاً ما أتاني فإنّهمْ

كِرامٌ إذا ما النائباتُ تنوبُ

فقيرُهمُ مُبدي الغِنى وغنيُّهمْ

لهُ ورقٌ للسائلينَ رَطيبُ

 

الشريف الرضي:

وما جمعيَ الأموالَ إلا غنيمةٌ

لمنْ عاشَ بعدي واتهامٌ لرازقي

ر

مهيار:

يدينُ بالبخلِ إذا سِيلَ فإن

أخطأ يوماً بنوالٍ لم يُعُدْ

مهيار الديلمي:

ضَربوا بمدَرَجةِ الطريقِ خيامَهم

يتقارعونَ على قِرى الضيفانِ

ويكادُ مُوقِدُهم يجودُ بنفسهِ

حُبَّ القِرى حطباً على النيرانِ

مهيار الديلمي:

وأعجبُ ما في الجُودِ أنكَ سالِبٌ

به كلَّ ذي فَضلٍ وأنتَ سليبُ؟

مهيار الديلمي:

ولي عوائِدُ جودٍ منكَ لو طرقت

مستامُ مُلكك لم تُحرَمْ ولم تَخبِ

ملأتُ بالشُّكرِ قلبَ الحافظِ الغزلِ

الفؤادِ منها وأذنَ السمعِ الطّربِ

 

استمِع ـ أسمعت عطاياك أذني

كَ ـ ثناءً تَبحُّ منه الحلوقُ

أخلَق الدهرُ من سماحك ما أنتَ

بتجديده عليَّ خليق

مهيار:

كأنّكَ مالكَ داءٌ أنتَ ضامِنُهُ

فما يُصِّحُكَ إلا علّةُ النشّبِ

لو كانَ يُنصفُكَ العارفونَ لا حتشموا

بعضَ السؤالِ،فكفّوا أيسرَ الطلبِ

مهيار:

وشاهدةٍ بالفخرِ أوفت صفاتُها

على كُلِّ معنىً في الجمالِ عجيبُ

أتت شرفاً من سيّدٍ وكأنّها

أتتْ من مُحبٍّ تحفةً لحبيبِ

نصيبٌ من الدنيا أتاكَ ففز به

ولا تنسَ من فضلِ العطاءِ نصيبي

مهيار الديلمي:

أتتني طاب ما أتتِ ابتداءً

بلا حقٍّ عليه ولا وجوبِ

يدٌ منه وفَتْ بيدِ الغمامِ الم

صيبِ،هَمَتْ على العامِ الجديبِ

فَمثَّلهُ التصورُ لي بقلبٍ

يرى بالظنِّ من خَلَلِ الغيوبِ

مهيار الديلمي:

وكالراحِ أخلاقاً إذا امتزجت به

ولكنهُ للكأسِ غيرُ صريعِ

ومُشفقةٍ تنهاهُ من فرط جودهِ

ألا تعباً تنهينَ غير مُطيعِ

تسومين كف المزن أن تضبط الحيا

ولا تسلم الأسرارُ عند مذيعِ

مهيار:

فتىً ملءُ كفّكَ إن جئته

وفاءً إذا العضدُ خانَ الذراعا

فلو جئت تسأله نفسه

لخالكَ كلّفتهُ ما استطاعا

مهيار:

لله دَرُّكَ واهباً متبرعاً

وسواك مرغوبٌ إليه مانعُ

مهيار:

ما أبحرُ الأرضِ من بحرٍ تمدّ به

إلى العفاةِ يداً إلا رواضعه

كأنَّ مالكَ شخصٌ أنتَ مُبغضهُ

فأنتَ مقصيهِ بالجدوى وقاطعه

أثارَ جودكَ فيمن أنت منهضهُ

أثار بطشكَ فيمن أنت صارِعه

فلا قرارَ لمالٍ أنت باذله

ولا انزعاجَ لثغرٍ أنتَ مانعه

موحدَ الملك لا تُدعى بتثنيةٍ

إلا بنيك،وشبلُ الليثِ تابعه

مهيار:

آنستُ منه بوارقاً أمطرنني

ماءَ الحفاظ على خِلاب بروقي

مهيار:

فمن نعمةٍ خضراء تسبق نعمةً

لهُ ويدٍ بيضاء لا حقةٍ يدا

مهيار الديلمي:

لقبٌ يصدّق فيك معناه اسمهُ

ومن الرجال مُموّهُ التلقيبِ

وشمائلٍ لكَ في الندى مطبوعةٍ

كالتبرِ ليس صفاؤه بِمَشوبِ

مهيار:

ملكَ الجودُ أمره فحديثُ المالِ

عن راحتيه:أعطى وأجدى

زِدْ لجاجاً إذا سألتَ وإلحاحاً

عليه يزدك صبراً ورِفدا

مهيار:

ومالُكَ في الآفاقِ شتّى مُوّزعٌ

كرائمهُ والبادياتُ الصوالحُ

وجاريتَ سَيبَ البحرِ ثم فضلتهُ

وهل يستوي البحران عذبٌ ومالحُ؟

مهيار:

هو ابتدأ النّدى لم أحتسبه

وأورى لي ولم يكن اقتداحُ

ودرّتْ راحتاهُ ولم تَعصّبْ

وكم من مُزنةٍ لا تُستماحُ

وظنّي أن سيشفعها بأخرى

يسابقُ سعيهُ فيها النجاحُ

مهيار:

أرِيحيٌّ إذا ذكرت الندى

أصغى بأذنيه مُخلياً لك فهمه

مهيار الديلمي:

يرى المالَ وِزراً في الرقابِ مُجَمّعا

فيعيا به حتى يراهُ مُفَرّقا

من النفر المطفين جدبَ بلادهم

بماءِ الندى الجاري إذا العامُ أحرقا

مهيار:

لا يعدمُ الجارُ فيهم عزّ أُسرتهِ

ولا يكونُ قراهم خجلة الجارِ

ولا يردّون في صدر الحقوقِ إذا

توجّهت بتساويفٍ وأعذارِ

يأوي الطريدُ إليهم غير مُهتضمٍ

ويرحلُ الضيفُ عنهم غير مختارِ

صحبتهم والصّبا ريعانُ في ورقي

فما بَنوا بي حتى حان إصغاري

مهيار الديلمي:

والجودُ دينٌ فيكم متوارِثٌ

والحرُّ ليس براجعٍ عن دينهِ

حاشا لمجدك أن يقال:بدا له

في المكرمات وشكَّ بعد يقينهِ

مهيار :

توعّد اللّوامَ في الجودِ فلو

كأنّما عاذلهُ على الجَدا

جادَ بما خلف الضلوع لم يُلَمْ

مجتهدٌ يحثو على النارِ الفحمْ

قال له العافون:قلْ مالي سُدىً

فقالها:ولم يقل:كيف ولمْ

لم يعترفْ بنانَهُ ندامةً

على الندى،ولا ندى مع الندمْ

قد عاهدوهُ فوفَى وعالجوا

برأيهِ الداءَ العُضالَ فَحُسِمْ

وجرّبوه فارساً وجالساً

يوم الوغى ويوم يُلقون السَّلمْ

مهيار الديلمي:

كريمٌ إذا ما ظلَّ يقسِمُ مالَهُ

فأنزرهُ مستقسماً ما يصيبهُ

يُحبُّ ثراءَ المال حُبّاً لبذلهِ

وليسَ كسوبَ المالِ إلا وهوبهُ

أطلتَ يدي بالنصر في نيلِ مطلبي

فأصبحَ لي أقصاهُ وهو قريبهُ

مهيار:

فالبحرُ من خَلّفهُ خَلفهُ

لم يقتنع بالوشل الناضبِ

وكاثرَ الناسَ بإحسانهِ

فلم يحزهُ عددُ الحاسبِ

فظلَّ لا يُشرفُ من جانبٍ

إلا دعاهُ الفخرُ من جانبِ

مهيار:

فتىً لا يُريدُ المجدَ إلا لنفسهِ

ولا المالَ إلا قسمةً ومنائحا

ينازعُ أزماتِ السنين بأنملٍ

جوابرَ للأحوالِ تُسمى جوارحا

مهيار:

تركتُ لِمعطي النائلِ الغَمْرِ نيلَهُ

وإني إلى تركِ البخيلِ لأقربُ

مهيار الديلمي:

عطاؤكَ كافٍ،واعتذارُكَ فضلةٌ

وغيرُكَ لا يُعطي ولا يتعذرُ

كريمٌ يرى أنَّ الغنى تركهُ الغِنى

وإنّ اتقاءَ الفقرِ بالفقرِ مُفقِرُ

مهيار الديلمي:

يُغيّر حسنُ أخلاق الليالي

عليه،وخلُقُهُ في الجود خَلْقُ

ولا يرضى بعذرٍ وهو حقٌّ

مُبينٌ في النّدى وعليه حَقُّ

مهيار:

ضمَّ فُلولَ الفضل حتى اجتمعت

مفرّقٌ ماله ما اجتمعا

وأنشرَ الجودَ الدفينَ مُطلقُ

الكفِّ إذا أعطى ابتداءً أتبعا

وفى بما سنَّ الكِرامُ في الندى

ثم استقلَّ فعلهم فابتدعا

مهيار:

وهل هباتك يبغيها مغالبةً

من أنت واهِبهُ أو أنتَ بائعهُ

عادوا وبسطةُ أيديهم تُثقلها

أغلالُ مَنّكَ فيها أو جوامعه

مهيار:

إنَّ الكريمَ من قِرى أضيافَهُ

ما يسعُ الإمكانِ من إكرامها

مهيار:

جُدْ غائباً لي مثل جودك حاضراً

إنّي أراكَ على البعاد تراني

مهيار الديلمي:

كريمٌ إذا صَمَّ الزمانُ فجودُهُ

سميعٌ لأصواتِ العُفاةِ أذينُ

مهيار:

تُعطي السماءُ قليلاً وهي باكيةٌ

شحّاً ويُعطي كثيراً وهو يبتسمُ

مهيار الديلمي:

يداهُ في الجودِ يمينان،

والأكفُّ مع كلِّ يمين وفي شمالِ

لذَّ لهُ الحمدُ فعافَ الثرا

وقلّما تنمي مع الحمدِ حال

لو عيب بالجودِ وإفراطهِ

مُعطٍ،رأى العائبُ فيه مقال

مهيار:

ويُعطي بلا مَنٍّ مُقلاً ومُكثراً

بكفِّ سواءٍ عندها الفقرُ والغنى

مهيار الديلمي:

ضربوا بِمدرجةِ الطريق قبابهم

يتقارعون على قِرى الضيفانِ

ويكادُ موقِدهم يجودُ بنفسهِ

حُبَّ القشرى حطباً على النيرانِ

 

 

المعري:

فإن رُمتَ جُوداً فليجيء منكَ مطلقاً

وأكرِمهُ عن تقييده بالمواعدِ

المعري:

ومن كانَ ذا جُودٍ وليسَ بِمُكثرٍ

فليسَ بمحسوبٍ من الكرماءِ

المعري:

لا تسألِ الضّيفَ إن أطعمتهُ ظُهراً

بالليل:هل لكَ في بعضِ القِرى ارَبُ

المعري:

والشّحُ ليس غريباً عند أنفسنا

بل الغريبُ وإن لم يُرحمِ الجودُ

المعري:

إن جادَ بالمالِ سَمحٌ يبتغي شرفاً

قالت معاشِرُ:ما في كفذهِ جودُ

المعري:

أسَعِدْ بلا مَنٍّ فإنَّ

الجودَ بالنُّعمى سَعودُ

والغيثُ أهنؤهُ الذي

يهمي وليسَ له رُعودُ

 

 

 

كثير:

رأيتُ ابن ليلى يعتري صُلبَ مالهِ

مسائلُ شتى من غَنيٍّ ومُصرِمِ

مسائِلُ إن توجد لديك تَجُد بها

يداك،وإن تُظْلَمْ بها تتظلّمِ

كثير:

أبا مروان أنت فتى قريش

تُوليه العشيرة ما عناها

وكهلهم إذا عُدَّ الكهولُ

فلا ضَيّق الذراعِ ولا بخيلُ

إليكَ تُشيرُ أيديهم إذا ما

رَضوا أو غالهم أمرُ جليلُ

كلا يوميه بالمعروفِ طلقٌ

وكلُّ فعاله حسنٌ جميلُ

جوادٌ سابقٌ في اليُسرِ بحرٌ

وفي العلات وهابٌ بذولُ

كثير:

كريمٌ يؤولُ الراغبونَ ببابهِ

إلى واسعِ المعروفِ جزل المواهبِ

كثير:

كثيرُ النّدى يأتي النّدى حيث ُما أتى

وإن غابَ غابَ العُرْفُ حيثُ يغيبُ

كريمُ كرامٍ لا يُرى في ذوي النّدى

له في النّدى والمأثراتِ ضريبُ

كثير:

متى يعتهدُهُ الراغبون فيكثروا

على بابه يكثر قراهُ فيعجَلِ

ويُعطي عطاءً تنتهي دونه المنى

عطاء وهوبٍ للرغائبِ مجزلِ

أشدّ حياءً من فتاةٍ حَيّيةٍ

وأمضى مضاءً من سنانٍ مؤثلِ

كثير:

دَعْ عنكَ سلمى إذ فاتَ مطلبها

واذكرْ خليليكَ من بني الحكم

ما أعطياني ولا سألتهما

إلا وإنّي لحاجزي كرمي

إلى متى لا يكن نوالهما

عندي بما قد فعلتُ أحتشم

مبدي الرضا عنهما ومنصرفٌ

عن بعض ما لو فعلت لم ألم

كثير:

فكم من يتامى بؤسٍ قد جبرتها

وألبستها من بعد عري ثيابها

وأرملة هلكى ضعافٍ وصلتها

وأسرى عناة قد فككت رقابها

فتىً ساد بالمعروف غير مُدافع

كهول قريش كلّها وشبابها

وراض برفق ما أراد ولم تزل

رياضته حتى أذلّ صعابها

كثير:

ويُضربُ من نوالك في بلاد

من المعروفِ واسعة رحابِ

وأنتَ دعامةٌ من عبدِ شمس

إذا انتجبوا من السرِّ اللباب

من اللائي يعودُ الحلمُ فيهمْ

ويعطون الجزيل بلا حسابِ

كثير:

جرى ناسياً للمجدِ في كلِّ حلبة

فجاءَ مجىء السابق المُتهلّلِ

متى يعتهدهُ الراغبون فيكثروا

على بابه يكثر قِراهُ فيعجلِ

ويُعطي عطاء تنتهي دونه المنى

عطاء وهوب للرغائبِ مجزلِ

كثير:

كريمٌ يُميتُ السرَّ حتى كأنّهُ

إذا استبحثوه عن حديثك جاهله

كثير:

ونازعني إلى مدحِ ابن ليلى

قوافيها منازعة الطراب

فليسَ النيلُ حين علت قراهُ

غوالبهُ بأغلب ذي عباب

بأفضل نائلاً منه إذا ما

تسامى الماء فانغمس الروابي

كثير:

كثيرٌ عطاءُ الفاعلينَ مع الغنى

بجودِ إن كاثروكَ قليل

 

 

أحدهم:

حليف الندى يدعو الندى فيجيبه

قريباً ويدعوه الندى فيجيبُ

 

أحدهم:

فتى عاهد الرحمن في بذل مالهِ

فلست تراه الدهر إلا على العهدِ

فتى قصرّت آماله عن فعالهِ

وليس على الحرِّ الكريم سوى الجهدِ

 

 

مكنف من ولد زهير بن أبي سلمى:

يا خيرَ من بكتِ المكارمُ فقدَهُ

لم يبقَ بعدكَ للمكارمِ باقِ

ما بتَّ من كَرمِ الطبائعِ ليلةً

إلا لعرضكَ من نوالكَ واقِ

بخلت بما حوتِ الأكفُّ وإنّما

خلق الإلهُ يديكَ للإنفاقِ

العرندس الكلابي:

هينون لينونَ أيسارٌ ذوو كرمٍ

سُوّاسُ مكرمةٍ أبناءُ أيسارِ

إن يسألوا الخيرَ يُعطوهُ وإن جهدوا

فالجهدُ يكشفُ منهم طيبَ أخبارِ

فهم ومنهم يعدُّ الخيرُ متلّداً

ولا يعدُّننا خزيٌ ولا عارُ

لا ينطقونَ عن الفحشاءِ إن نطقوا

ولا يُمارونَ إن ماروا بإكثارِ

من تلقَ منهم تَقُلْ لاقيتُ سيّدهم

مثل النجومِ التي يسري بها الساري

 

ليلى الأخيلية:

لقد علمَ الجوعُ الذي باتَ سارياً

على الضعيفِ والجيرانَ أنّكَ قاتله

وأنّكَ رحبُ الباعِ يا توبَ للقِرى

إذا ما لئيمُ القومِ ضاقت منازلهْ

يبيتُ قريرَ العينِ من كانَ جارَهُ

ويُضحي بخيرٍ ضيفهُ ومُنازِله

سلامة بن جندل:

أغرَّ، من الفتيان ،يهتزُّ للندى

كما اهتزَّ عَضبٌ باليمين ،صقيلُ

 

يزيد بن مفرغ الحميري:

يُسائلني أهل العراق عن النّدى

فقلتُ عبيد الله حلف المكارم

 

عمرو بن كلثوم:

نزلتمُ منزلَ الأضيافِ منّا

فعجلّنا القِرى أن تشتمونا

الشماخ:

إنكَ يا بنَ جعفرٍ نِعمَ الفتى

ونِعمَ مأوى طارقٍ إذا أتى

ورُبَّ ضيفٍ طرقَ الحيَّ سُرىً

صادفَ زاداً وحديثاً ما اشتهى

 

علي بن الجهم:

ولا يجمعُ الأموالَ إلا لبذلها

كما لا يُساقُ الهديُ إلا إلى النحرِ

وفرّق شَملَ المالِ جودُ يمينهِ

على أنه أبقى له حَسَن الذكر

علي بن الجهم:

وليسَ يبيدُ مالٌ عن نوالٍ

ولا يؤتى سخيٌّ من سخاء

علي بن الجهم:

وفرّقَ شملَ المالِ جودُ يمينهِ

على أنه أبقى له حُسنُ الذِكر

علي بن الجهم:

فأُخلصُ مدحي للذي إن دعوتهُ

أجابَ وإلا أسعدتني مدائحهْ

علي بن الجهم:

قال وأينَ البحرُ من جودهِ

قلتُ ولا أضعافهُ أبحرُ

البحرُ محصورٌ لهُ برزخٌ

والجودُ في كفّيهِ لا يُحصرُ

علي بن الجهم:

كريمٌ حوى فخرَ الأنامِ وجُودَهُمْ

يرى الحمدَ غُنْماً واستدامتهُ فرضا

كفانا من الآمالِ مُعضِلَ أمرِها

فلا كاشِحٌ يرجو لإبرامهِ نقضا

علي بن الجهم:

أبو صالحٍ من أتى بابَهُ

أتى راجياً وانثنى راضيا

ترى قلم المُلكِ في كفّهِ

ضحوكاً ومن قبلهِ باكيا

علي بن الجهم:

بديهتُهُ مثلُ تفكيرهِ

إذا رُمتهُ فهو مُستَجمعُ

ومن كفّهِ للحيا مَطلبٌ

وللسرِّ من صدرهِ مَوضِعُ

علي بن الجهم:

إذا نحنُ شبهناهُ بالبدرِ طالعاً

وبالشمسِ قالوا حٌقَّ للشمسِ والبدرِ

ومن قال إنّ البحرَ والقطرَ أشبها

نداهُ فقد أثنى على البحرِ والقَطرِ

ولو قُرنتْ بالبحرِ سبعةُ أبحُرٍ

لما بلغتْ جدوى أناملِهِ العشرِ

 

عي بن الجهم:

ولا يجمعُ الأموالَ إلا لبذلها

كما لا يُساقُ الهديُ إلا إلى النحرِ

وما غايةُ المُثني عليه لو أنّهُ

زهيرٌ وأعشى وامرؤ القيس من حُجرِ

علي بن الجهم:

ولستَ ببحرٍ أنتَ أعذبُ مورداً

وأنفعُ للرّاجي نداكَ وأشملُ

ولا وصفَ إلا قد تجاوزتَ حَدّهُ

ولا سَيبَ إلا سيبُ كفّكَ أفضلُ

علي بن الجهم:

يُعاقِبُ تأديباً ويعفو تَطولاً

ويجزي على الحُسنى ويُعطي فَيُجزلُ

ولا يُتبِعُ المعروفَ منّاً ولا أذىً

ولا البخلُ من عاداتهِ حينَ يُسألُ

 

زينب بنت الطثرية:

إذا القومُ أمّوا بيتهُ فهو عامدٌ

لأحسن ما ظنوا به فهو فاعله

إذا نزل الضِّيفانُ كان عَذوّرا

على الأهلِ حتى تستقلَّ مراجله

فتىً ليسَ لإبن العمِّ كالذئبِ إن رأى

بصاحبه يوماً دماً فهو آكله

 

محمد بن وُهيب:

تحكي أفاعيلَه في كلِّ نائبةٍ

الغيثُ والليثُ والصمصامةُ الذّكِرُ

 

ابن هرمة:

يكادُ إذا ما أبصرَ الضيفَ مقبلاً

يُكلمهُ من حبهِ وهو أعجمُ

ابن هرمة:

أشارتُ إليكَ أكفُّ الورى

إشارةَ غرقى إلى ساحل

ابن هرمة:

كريمٌ له وجهان:وجهٌ لدى الرّضا

طليقٌ ووجهٌ في الكريهةِ باسلُ

ابن هرمة وقيل غيره:

هشّ إذا نزل الوفود ببابهِ

سهل الحجاب مؤدب الخدام

فإذا رأيتَ صديقه وشقيقه

لم تدرِ أيهما أخو الأرحامِ

ابن هرمة:

أتيناكَ نُزجي حاجةً ووسيلةً

إليكّ،وقد تخطى لديك الوسائلُ

ونذكرُ وُدّاً شدَّهُ الله بيننا

على الدّهرِ لم تَدبُبْ إليه الغوائلُ

فأقسِمُ ما أكبى زنادكَ قادِحٌ

ولا أكذبتْ فيكَ الرجاءُ القوابلُ

ولا رجعت ذا حاجةٍ عنك علّةٌ

ولا عاقَ خيراً عاجلاً منكَ آجلُ

ولا لامَ فيكَ الباذلُ الوجهَ نفسَهُ

ولا احتكمتْ في الجودِ منكَ المباخلُ

 

 

ابن شُهيد:

إنَّ الكريمَ إذا نالتهُ مَخمصةٌ

أبدى إلى الناسِ رِيّاً وهو ظمآن

ابن شهيد الأندلسي:

تقولُ التي من بيتها كف مركبي

أقربكَ دان أم نواكَ بعيد

فقلت لها أمري إلى من سمت به

إلى المجدِ آباء له وجدودُ

إلى المعتلي عاليت همي طالباً

لكرته إن الكريم يعودُ

ابن شهيد الأندلسي:

همام أراهُ جودهُ سبل العلا

وعلّمه الإحسان كيف يسود

نفى الذمَّ عنهُ أن طي بروده

عفافٌ على سن الشباب وجود

أبو حفص ابن شهيد:

سَبطُ اليدينِ كأنَّ كلَّ غمامة

قد ركّبتْ في راحتيهِ أناملا

تفديكَ أنفُسنا التي ألبستها

حُللاً من النُّعمى وكُنَّ عواطلا

 

ابن زيدون:

أغرُّ إذا شِمنا سحائبُ جودهِ

تهلّلَ وجهٌ واستهلّتْ أنامِلُ

يُبشرّنا بالنائلِ الغمرِ وجههُ

وقبلَ الحيا ما تستطيرُ المخايلُ

ابن زيدون:

بَعيدُ منالِ الحالِ داني جنى الندى

إذا ذُكرتْ أخلاقهُ خجلَ الوردُ

تهللَّ فانهلّتْ سماءُ يمينهِ

عطايا ثرى الآمالِ من صوبها جَعدُ

ابن زيدون:

هُمُ النَفرُ البيضُ الذينَ وجوهُهم

تروقُ فتستشفي بها الأعينُ الرمدُ

كِرامٌ يمدُّ الراغبونَ أكفُّهمْ

إلى أبحر منهم لها باللُّها مدُّ

فلا يُنعَ منهم هالكٌ فهو خالدٌ

بآثارهِ إنَّ الثناءَ هو الخلدُ

 

ابن زيدون:

أيها البحرُ الذي مهما تَفِضْ

بالندى يُمناهُ فالبحرُ وَشَل

ابن زيدون:

جوادٌ ذراهُ مطافُ العُفاةِ

ويُمناهُ ركنُ النّدى المُستلم

ابن زيدون:

جوادٌ متى استعجلتَ أولى هباتهِ

كفاكَ من البحرِ الخِضّم عُبابُ

غنيٌّ عن الإبساسِ دَرُّ نوالهِ

إذا استنزلَ الدَرَّ البكىءَ عصابُ

إذا حسبَ النيلَ الزهيدَ مُنيلُهُ

فما لعطايا الحسابِ حسابُ

عطايا يُصيبُ الحاسدونَ بحمدهِ

عليها ولم يُحبوا بها فيُحابوا

ابن زيدون:

لكَ الخيرُ إني واثق بك شاكر

لمثنى أياديكَ التي كفرُها الكُفرُ

ابن زيدون:

وإنك عندي في النوالِ وغيره

وفي كلِّ حالٍ ما بقيتَ حميدُ

بسطتَ كفَّ يدٍ طلق بنانها

ببذلكَ إن في بعضهن جمودُ

ابن زيدون:

هُمامٌ عريقٌ في الكِرامِ وقلّما

ترى الفرعَ إلا مُستمداً من الأصلِ

نَهوضٌ بأعباءِ المروءة والتقى

سحوبٌ لأذيالِ السيادةِ والفضلِ

ابن زيدون:

لكَ النعمةُ الخضراءَ تندى ظلالُها

عليَّ ولا جَحْدٌ لديَّ ولا غَمْطُ

ابن زيدون:

أفاضَ سَماحُكَ بحرَ النّدى

وأقبسَ هَديُكَ نورَ الهدى

وردَّ الشبابَ اعتلاقُكَ بعد

مفارقتي ظلّهُ الأبردا

 

الشاعر الأبيرد:

فتى إن هو استغنى تخرّقَ في الغنى

وإن قلَّ مالاً يؤد متنهُ الفقرُ

وسامى جسيمات الأمورِ فنالها

على العسرِ حتى أدركَ العُسرَ اليُسرُ

 

أبو اسحق الالبيري:

وكنزاً لا تخاف عليه لصّاً

خفيف الحمل يوجدُ حيتُ كُنتا

يزيدُ بكثرةِ الإنفاقِ منهُ

وينقصُ أن به كفاً شددتا

فلو قد ذقتُ من حلواهُ طعماً

لآثرتُ التعلّمَ واجتهدتا

ولم يشغلكَ عنهُ هوى مطاعٌ

ولا ألهاكَ عنهُ أنيقُ روضٍ

ولا دنيا بزخرفها فُتنتا

ولا خِدرٌ بربربه كَلِفتا

 

اسحق ابن إبراهيم الموصلي:

وآمرةٍ بالبُخلِ قلت لها اقصُري

فليس إلى ما تأمرينَ سبيلُ

أرى الناسَ خُلّانَ الجواد ولا أرى

بخيلاً له في العالمين خليلُ

وإني رأيتُ البُخلَ يُزري بأهلهِ

فأكرمتُ نفسي أن يُقالَ بخيلُ

ومن خيرِ حالاتِ الفتى لو علمته

إذا نالَ شيئاً أن يكونَ نبيلُ

فَعالي فَعالُ الموسرين تكرُّماً

وكيفَ أخافُ الفقرَ أو أحرم الغنى

ومالي كما قد تعلمينَ قليلُ

ورأيُ أميرِ المؤمنينَ جميلُ

 

صفي الدين الحلي:

أبو الوليد قد استوفى مناقبَهُم

فللتفاريقِ منها فيهِ مُجتمعُ

هو الكريمُ الذي سنَّ الكِرامُ لهُ

زُهرَ المساعي فلم تستهوهِ البِدَعُ

صفي الدين الحلي:

كفاكَ تَهمي بالنوالِ وتهمُلُ

ويداكَ تجزي بالجميلِ وتجزلُ

وعُلاكَ يقضي للمؤمل بالرضى

وعطاكَ يكفي الوافدين ويكفلُ

صفي الدين الحلي:

سأثني على نُعماك بالكلمِ التي

محاسنُها تُبلي الزمانَ ولا تبلى

وأشكرُ شكراً ليس لي فيه مِنّةٌ

ولا مِنّةٌ للروضِ إن شكرَ الوبلا

صفي الدين الحلي:

كيفَ أستملِكُ النهوضَ يظهر

أثقلتهُ يداك بالإنعام

صفي الدين الحلي:

فسيلُ عطاياهُ للمُجتدي

ونورُ محيّاهُ للمجتلي

صفي الدين الحلي:

أغارَ الغيثَ كفُّكَ حين جادا

فأفرطَ في تواتره وزادا

أظنُّ الغيثَ يحسدنا عليه

فيمنعُ من زيارتك العبادا

صفي الدين الحلي:

مليكٌ يرى كسبَ النّضارِ نوافلاً

بعينٍ ترى بذلَ الهبات من الفرض

حباني بما لم يوفِ جهدي بشكرهِ

وأنجدني والدهرُ يجهدُ في رفضي

فَبُعداً لأمنٍ صدّني عن جَنابهِ

ويا حبذا خوفٌ إلى قصدهِ يُفضي

صفي الدين الحلي:

لاقيتنا ملقى الكريمِ لضيفهِ

وضممتنا ضمّ الكميِّ لسيفهِ

وجعلتَ ربعكَ للمؤّمل كعبةً

هي رحلةٌ لشتائهِ ولصيفهِ

صفي الدين الحلي:

أعطى،فلا جودُهُ قد كان عن غلطٍ

منهُنولا أجرهُ قد كان ممنونا

صفي الدين الحلي:

بأروعَ مبنيِّ على الفتحِ كفُّهُ

إذا بنيت كفُّ اللئيمِ على الضّمِّ

ملاذي جلالُ الدين نجلُ محاسنٍ

حليفُ العفاف الطلّقِ والنائلِ الجمِّ

فتىً خُلِقتْ كفّاهُ للجودِ والسّطا

كما العينُ للإبصارِ والأنفُ للشمِّ

صفي الدين الحلي:

عزيزُ جارٍ لو الليلُ استجارَ بهِ

من الصباحِ لعاشَ الناسُ في الظُلَمِ

صفي الدين الحلي:

وإني لستُ أبدأهم بمدحٍ

أرومُ به المواهبَ والعطايا

ولكني أصيرهُ جزاءً

لما أولوه من كرمِ السجايا

صفي الدين الحلي:

سراةٌ يُقِرُّ الحاسدونَ بفضلهم

كِرامُ السجايا والعُلى والمناصبِ

يجودون للراجي بكلِّ نفيسةٍ

لديهم سوى أعراضهم والمناقبِ

صفي الدين الحلي:

إن قصّرَ لفظي فإن طولكَ قد طالَ

ما من فعلَ البرَّ الجميلَ كمن قال

أو خفّفَ نهضي جميل صنعكَ عندي

قد حمّل ظهري لفرطِ منكَ أثقال

صفي الدين الحلي:

يا منْ جعلَ البرّ للِعفاةِ قيوداً

قد زدتَ من المنِّ عُنقَ عبدِكَ أغلالُ

أظهرتَ علينا من السماحِ شِماتٌ

إن قصرَ نطقي بوصفها نطقَ الحالُ

صفي الدين الحلي:

 

حَسدت جودَ كفّكَ الأمطارُ

فغدتْ منكَ بل عليكَ تغارُ

صدّنا الغيثُ عن زيارةِ غيثٍ

عاقَ أجسادَنا فزرناهُ بالقلوبِ

بشره البرق والنُضار القطار

وذو الفضلِ بالقلوبِ يُزارُ

 

أيا ربِّ قد عوّدتني منك نعمةً

أجودُ بها للوافدين بلا مَنٍّ

فأقسمُ ما دامتْ عطاياكَ جَمّةً

ونعماك لا حَييتُ ذا الظن بالمنِ

إذا بخلت كفي بنعمةِ مُنعمٍ

فقد ساءَ في تكرارِ أنعمهِ ظني

صفي الدين الحلي:

قد سئمت جوده الأنام ولا

يلقاه من بذلهِ النّدى سأم

ما عُرفت منهلاولا نعم

بل دونهنَّ الآلاءُ والنِعَمُ

الواهبُ الألف وهو مُبتسم

القاتلُ الألف وهو مُقتحمُ

 

صفي الدين الحلي:

وما الجودُ إلا حِليةٌ مُستجادةٌ

إذا ظهرتْ أخفتْ وجوهَ المعائبِ

صفي الدين الحلي:

ما كنتَ في إحدى الشدائدِ مُرتجى

إلا رأينا بابَ جودكَ مُرتجا

وكذاكَ ما نُسبتْ إليك رذيلةٌ

إلا مُدحتَ بها،وكان لها الهجا

صفي الدين الحلي:

بحرٌ ولكنّهُ بالدُرِّ منفردٌ

والبحرُ يجمعُ فيهِ الدُّرُّ والزّبدُ

من معشرٍ إن دُعوا جادوا لآملهمْ

قبل السؤالِ وأعطوا فوقَ ما وجدوا

 

 

ابن مقبل:

وإنّي إذا ضنَّ الرُّفودُ برِفدهِ

لمختبطٌ من تالدِ المالِ جارِحُ

 

ابن دارج القسطلي:

فما تصلُ الأيام من أنت قاطع

ولا تقطع الأيام من أنت واصل

وهل خيبت يمناك من جاء آمالا

فيكذب رب العرش ما أنت آملُ

ابن دارج القسطلي:

منن بأيسر شكرها أعييتني

فمتى أقوم بشكرها ما أوليتني

أعطيتني ذخر الزمان وإنما

لبيك شاكر نعمة أنت الذي

شرف الحياة وعزّها أعطيتني

لما دعوت غياثها لبيتني

فقتلتَ هماً ذقت حدّ سيوفه

بسيوفِ إنعام بها استحيتني

ابن دارج القسطلي:

فكأنّما استيقنت مالك في الحشا

من طاعة ونصيحة فجزيتني

وعلمت أني في وفائك سابق

فسبقت بالنعم التي وفيتني

فلو أن آمالي بقربك أسعفت

ما قلت ما بعد بلوغها يا ليتني

حتى أقبل كلما قابلتها

كفا بجود عطائها أحييتني

ابن دارج القسطلي:

أنت الذي فرجت عني كربة

للدهرِ قد سدت علي رتاجها

وجلوت لي فلق المنى من ليلةٍ

طاولت في ظلم الأسى إدلاجها

وسقيتني من جود كفّك مُنعماً

كأساً وجدت من الحياة مزاجها

ابن دارج القسطلي:

إن أقلعت ديم السحاب فلم تجد

فسحاب كفّكَ ما يزال يجود

ولئن طوى عنا الربيع ثيابه

فربيع جودك شاهد مشهود

 

 

ابن سناء الملك:

لا يستقرُّ المالُ فوق بنانه

حتى كأنَّ بنانهُ مخروقُ

يا طالبينَ ذُرى علاهُ توقفوا

ومؤملين ندى يديهِ أفيقوا

 

 

خالد بن جعفر:

إذا ما أردتَ العزَّ في دار يثرب

فنادِ بصوتٍ يا أحيحةُ تُمنعِ

رأينا أبا عمروٍ أحيحةَ جارُهُ

يبيتُ قريرَ العينِ غيرَ مُرّوعِ

ومن يأتهِ من خائفٍ ينسى خوفهُ

ومن يأتهِ من جائعِ البطنِ يشبع

فضائل كانت للجلاحِ قديمة

وأكرم بفخرٍ من خصالك أربع

 

 

عبد الله بن الزبير الأسدي وقيل غيره:

سأشكرُ عَمراً ما تراختْ منيتي

أياديَ لم تُمْنَنْ وإن هيَ جَلَّتِ

فتىً غيرُ محجوبِ الغنى عن صديقهِ

ولا مُظهرِ الشكوى إذا النَّعلُ زَلّتِ

رأى خلتي من حيثُ يخفى مكانُها

فكانت قذى عينيهِ حتى تَجلّتِ

زياد بن حمل بن سعد:

غمرُ النّدى،لا يبيتُ الحقُّ يثمدهُ

إلا غدا وهو سامي الطرف يبتسمُ

إلى المكارمِ يبنيها ويَعمرُها

حتى ينالَ أموراً دونها قُحَمُ

النّمر بن تَولب:

لا تَغضبنَّ على امرىءٍ في مالهِ

وعلى كرائمِ صُلبِ مالكَ،فاغضبِ

ومتى تُصبكَ خصاصةٌ،فارجُ الغِنى

وإلى الذي يُعطي الرغائبَ فارغبِ

 

حُميد الأرقط:

إذا ما أتانا وارِدُ المصرِ مُرملاً

تأوبَ ناري أصفر العقل قافِلُ

فقلتُ لعبدي أعجلا بِعشائهِ

فقال وقد ألقى المراسي للقِرى

وخيرُ عشاءِ الضيفِ ماهو عاجلُ

أبن لي ما الحجاج بالناس فاعل

فقلت لَعمري ما لهذا طرقتنا

تُجّهزِّ كفاهُ فيحدرُ حلقهُ

فكُلْ ودعِ الأخبارَ ما أنتَ آكلُ

إلى الزّورِ وما ضُمّتْ عليه الأناملُ

أتانا ولم يَعْدِ له سحبانُ وائلٍ

بياناً وعلماً بالذي هو قائلُ

فما زال منه اللَّقمُ حتى كأنه

من العِىّ لما أن تكلّم باقلُ

حميد الأرقط:

لا أبغضُ الضيفَ ما بسي جُلُّ مأكله

إلا تنفخُّهُ حولي إذا قعدا

ما زال ينفخُ جنبيه وحَبوته

حتى أقول لعل الضيفَ قد ولدا

معاوية بن مالك بن جعفر:

قالت سُميّةُ:قد غويت،بأن رأتْ

حقاً تناوبَ مالنا ووفودُ

غيٌّ لَعمُركِ لا أزالُ أعودُهُ

مادامَ مالٌ عندنا موجودُ

حضرمي بن عامر:

من واجدٍ ماجدٍ أخي ثقةٍ

يُعطي جزيلاً ويضربُ البطلا

إن جئتهُ خائفاً أمنتَ وإن

قال سأحبوكَ نائلا فعلا

العتابي:

حُسنُ ظَنّي وحُسنُ ما عوَّد اللهُ

سواي منك الغداةَ أتى بي

أيُّ شيءٍ يكونُ أحسنَ من حُسنِ

يقينٍ حَدا إليك ركابي

 

ابن المعتز:

وداعِ دعا والليل بيني وبينه

فكنتُ مكان الظن منه وأعجلا

 

ابراهيم بن العباس الصولي:

لا تلمني فإنّ هَمّكَ أن تث

رى وهَمّي مكارمُ الأخلاقِ

كيفَ يسطيع حفظ ما جمعت كف

اه من ذاقَ لذّة الإنفاقِ

ابراهيم بن العباس الصولي:

ولكنَّ الجوادَ أبا هشامٍ

كريمُ الصّدِّ مأمونُ المغيبِ

بطىءٌ عنكَ ما استغنيتَ عنهُ

وطَلاعٌ إليكَ مع الخطوبِ

 

سهل بن هارون:

خِلٌ إذا جئتهُ يوماً لتسألهُ

أعطاكَ ما ملكتْ كفّاه واعتذرا

يُخفي صنائعه، والله يُظهرها

إن الجميلَ ولو أخفيتهُ ظهرا

 

 

 

داود بن سلم التميمي:

نجوتِ من حَلٍّ ومن رحلةٍ

يا ناقَ إن أدنيتني من قُثَمْ

إنكِ إن بلغتنيه غداً

أحيا ليَ اليُسرَ وماتَ العدمْ

 

مسلم بن الوليد:

رآني بعينِ الجودِ فانتهزَ التي

طلبتُ ولم أفَغَرْ إليهِ فَما

ظِلمتُكَ إن لم أجزِلِ الشُّكرَ بعدما

جَعلتَ إلى شُكري نَوالكَ سُلّما

إذا كنتَ ذا نفسٍ جَوادٍ ضَميرُها

فليسَ يضيرُ الجودَ أن كنتَ مُعدِما

مسلم بن الوليد:

أعطيتَ حتى ملَّ سائلُكَ الغنى

وعلوتَ حتى ما يُقالُ لكَ ازْدَدِ

مسلم بن الوليد:

قومٌ همُ موتٌ إذا ما حاربوا

قوماً وإمّا سالموا فَبحورُ

مسلم بن الوليد:

ذاكَ الرّجاءُ المُستجارُ بِجودهِ

من نائباتِ الدّهرِ حينَ تنوبُ

غَمْرُ النّدى مَغشيةٌ حُجراتُهُ

سَلِسُ العطاءِ مُؤّملٌ مرهوبُ

مُتَقّسِمٌ إمّا لبذلِ عَطيّةٍ

أو نكبةٍ يُدعى لها فيجيبُ

مسلم بن الوليد:

تَظلّمَ المالُ والأعداءُ من يدهِ

لا زالَ للمالِ والأعداءِ ظَلاّما

مسلم بن الوليد:

مسلم بن الوليد:

فلأنتَ أمضى في اللقاءِ وفي الندى

من باسل وَرْدٍ وغادٍ مرعدِ

أعطيتَ حتى ملَّ سائلُكَ الغنى

وعلوتَ حتى ما يُقالُ لك ازددِ\

مسلم بن الوليد:

بأبي وأمي أنت ما أندى يداً

وأبرّ ميثاقاً وما أزكاكا

يغدو عدوكَ خائفاً فإذا رأى

أن قد قدرت على العقاب رجاكا

مسلم بن الوليد:

لهُ عطايا تردُّ الروحَ نفحتُها

إلى النفوسِ وتحي ميتَ الأمل

يهدى العُفاةَ إليها قبل رغبتهم

فيها ويُغنيهم عن كلفة الرِّحل

مسلم بن الوليد:

إن يشكر الناس ما أوليت من حسنٍ

فقد وسعتَ بني حواء إنعاما

مسلم بن الوليد:

تُساقطُ يُمناهُ النّدى وشماله ال

ردى وعيونُ القول منطقهُ الفصلُ

عَجولٌ إلى أن يُودِعَ الحمدَ مالَهُ

يَعُدّ النّدى غُنماً إذا أغُتنمَ البخلُ

بكفِّ أبي العباس يُستمطرُ الغنى

وتُستنزلُ النُّعمى ويسترعفُ النّصلُ

متى شئتَ رفّعتَ الستور عن الغنى

إذا أنت زرتَ الفضل أو أذن الفضل

مسلم بن الوليد:

لو أنَّ كَفاً أعشبتْ لسماحةٍ

لبدا براحتهِ النباتُ الأخضرُ

مسلم بن الوليد:

مسلم بن الوليد:

يُذكرنيكَ الجودُ والبُخلُ إنّهُ

بعرضك ـ لا بالمال حاشا لك ـ البخلُ

فألقاكَ عن مذمومها مُتنزّهاً

وألقاكَ في محمودها ولكَ الفضلُ

 

مسلم بن الوليد:

وله إذا فنيَ السؤالُ مذاهبٌ

في الجودِ تبحثُ عن سؤالِ المجتدي

يستصغرُ الدنيا إذا عرضتْ لهُ

في هِمّةٍ أو نائلٍ أو موعدِ

مسلم بن الوليد:

ركبنا إليهِ البحر في أخرياته

فأوفتْ بنا من بعدِ بحرٍ إلى بحر

 

طريح بن أسماعيل الثقفي:

جوادٌ إذا جئتَهُ راجياً

كفاكَ السؤالَ،وإن عُدتَ عادا

خلائقهُ كسبيكِ النّضارِ

لا يعملُ الدهرُ فيها فسادا

طريح بن اسماعيل الثقفي:

ودّوا لو أنّهم ينالُ أكفُّهمُ

شلل وأنكَ عن ضيفكَ تنزِعُ

أو تستليمُ فيجعلوكَ أسوةً

وأبى الملامَ لك النّدى والموضعُ

طُريح بن اسماعيل الثقفي:

طلبت ابتغاءَ الشكر فيما فعلتَ بي

فقصّرتُ مغلوباً وإني لشاكرُ

وقد كُنتَ تعطيني الجزيلَ بديهةً

وأنتَ لما استكثرتُ من ذاك حاقِرُ

فأرجعُ مغبوطاً وترجعُ بالتي

لها أوّلٌ في المكرماتِ وآخرُ

طريح الثقفي:

أصلحتني بالجودِ بل أفسدتني

وتركتني أتسّخط الإحسانا

من جاءَ بعدك كان جُودكَ فوقه

لا كانَ بعدكَ كائناً من كانا

 

 

عبد الله بن رواحة:

وقد علِمَ القبائلُ غيرَ فخرٍ

إذا لم تُلفِ ماثلةً رَكودا

بأنا تُخرجُ الشّتواتُ منا

إذا ما استحكمتْ حسباً وجودا

قدوراً،تغرقُ الأوصالُ فيها

خضيباً لونها،بيضاً وسودا

 

القتال الكلابي:

ويبيتُ يستحي الأمورَ وبطنهُ

طيانُ طيَّ البردِ ويحسبُ جائعا

من غيرِ لا عدمٍ ولكن شيمةٌ

إنّ الكرام همُ الكرامُ طبائعا

 

المغيرة بن حبناء:

أرى الناس قد ملّوا الفعالَ ولا أرى

بني خلفٍ إلا وراء المواردِ

إذا نفعوا عادوا لمن ينفعونه

وكائن ترى من نافع غير عائد

إذا ما انجلت عنهم غمامةُ غمرةٍ

من الموتِ أجلتْ عن كرامِ مذاودِ

 

ابن دريد:

لا يُصطلى بنارهَ عند الوغى

ويُصطلى بنارهِ عند القِرى

 

ابن قلاقس:

دعوتَ بصوتِ الجودِ حيَّ على النّدى

لأنّكَ تروي عن بلالٍ وتُسنِدُ

أحدهم:

مالي أرى أبوابَهم مهجورةً

وكأنَّ بابكَ\ مَجمعُ الأسواقِ

أرَجوكَ أم خافوكَ أم شاموا النّدى

بيديكَ فاجتمعوا من الآفاقِ

إني رأيتُكَ للمكارمِ عاشقاً

والمكرماتُ قليلةُ العشاقِ

سلم الخاسر:

وفتىً خلا من مالهِ

ومن المروءةِ غيرُ خالِ

وإذا وأى لكَ موعداً

كانَ الفِعالُ مع المقالِ

لله دَرُّكَ من فتى

كافيكَ من كَرمِ الخلالِ

أعطاكَ قبل سُؤالهِ

فكفاكَ مكروهَ السؤالِ

 

المتوكل الليثي:

أخو ثقةٍ يرى يبني المعالي

يضيمُ ويحتمي من أن يُضاما

يرى قولاً نعم حقاً عليه

وقولاً لا لسائلهِ حراما

 

الأحوص:

كريم قريش حين ينسب والذي

أقرّت له بالملكِ كهلاً وأمردا

أهانَ تلاد المال في الحمد،إنّه

إمام هدىً يجري على ما تعوّدا

ولو كان بذل الجود والمال مخلداً

من الناس إنساناً لكنتَ المخلدا

 

البهاء زهير:

وأوسعته لما أتاني بشاشة

ولطفاً وترحيباً وخلقاً ومنزلا

بسطت له وجهاً حبيباً ومنطقاً

وفيا ومعروفاً هنياً معجلا

وراح يراني مُنعماً متفضلاً

ورحتُ أراهُ المنعم المتفضلا

البهاء زهير:

وما نالني من أنعم الله نعمة

وإن عظمت إلا وأنتَ سفيرها

ومن بدأ النعما وجاد تكرما

بأولها يرجى لديه أخيرها

وإني وإن كانت أياديك جمّة

لدي فإني عبدها وشكورها

البهاء \زهير:

وإذا نظرتُ وجدتُ بعض هباتهِ

فيها المفاخرُ والمآثرُ والعُلى

يُروى حديثُ الجودِ عنهُ مُسنداً

فعلامَ ترويه السحائبُ مُرسلا

من معشرٍ فاقوا الملوكَ سيادةً

وسعادةً وتطولاً وتفضلا

 

 

ابراهيم بن العباس:

لفصل بن سهل يدٌ

تقاصرَ عنها الأمل

فباطنها للنّدى

وظاهرُها للِقُبل

وبسطتها للغنى

وسطوتها للأجل

ابراهيم بن العباس:

أسدٌ ضارٍ إذا هيجّتهُ

وأبٌ بر إذا ما قدرا

يعرفُ الأبعدَ إن أثرى ولا

يعرفُ الأدنى إذا ما افتقرا

أحدهم:

فلا الجودُ يُفني المال والجدُّ مقبلٌ

ولا البخلُ يُبقي المالَ والجدُّ مُدبرُ

أحدهم:

فذو الحلم منّا جاهلٌ دونَ ضيفهِ

وذو الجهلِ منّا عن أذاهُ حليمُ

أبو الجويرية عيسى بن أوس بن عبد الله:

المجدُ بابٌ على الأقوامِ ذو غَلْقٍ

وفي أكفهم منهُ المقاليدُ

يحيى النّدى ما حييتُم في بيوتكم

وإن فُقدتم فإنَّ الجودَ مفقودُ

نرجو لباقيةِ الأيامِ باقيكمُ

ومن مضى فهو مأمورٌ ومحمودُ

ابن نباتة السعدي:

جدتَ لي باللها حتى ضجرت بها

وكدت من ضجر أُثني على البخلِ

إن كنت ترغب في بذل النوال لنا

فأخلق لنا رغبة أو فلا تنلِ

لم يبق جودك لي شيئاً أومله

تركتني أصحب الدنيا بلا أملِ

ابن نباتة المصري:

أغَرُّ يسقي بيمناهُ وطلعتهُ

صوبَ الحيا عام سرّاء وضّراء

ابن نباتة المصري:

ملك يطوّقُ بالإحسان وفد رجا

وبالظبا والعوالي وفد هيجاء

ذا بالنضار وهذا بالحديد فما

ينفكُّ آسرَ أحبابٍ وأعداءِ

ابن نباتة المصري:

داع لجودِ يدٍ بيضاء ما برحت

تقضي على كلِّ صفراءٍ وبيضاءِ

يدافع النكباتِ الموعداتِ لنا

حتى الرياح فما تسري بنكباءِ

ويوقد الله نوراً من سعادته

فكيفَ يطمعُ حسادٌ بإطغادِ

ابن نباتة المصري:

ليتَ شعري من منك أولى بمثلي

يا فريدَ الأجوادِ والكرماءِ

دمتَ سامي المقام هامي العطايا

قاهرَ البأسِ فارجَ الغماءِ

لمواليكَ ما ارتجى من بقاءٍ

ولشانيكَ ما اختشى من فناءِ

ابن نباتة المصري:

ملك أنشر الثنا في زمانٍ

نسيَ الناسُ فيه ذكر الثناء

يسبقُ الوعدَ بالنوالِ فلا يحوجُ

قُصادهُ إلى الشنعاء

شاعَ بالكتمِ جودُ كفيهِ ذكراً

كلما ظنَّ جود في انتهاء

فهو كالمسكِ فاحَ بالإخفاءِ

لائمٌ عاد جودهُ في ابتداء

عذلوهُ على النوالِ فأغروا

فنداه نصبٌ على الإغراء

ابن نباتة المصري:

لا عيبَ فيهِ سوى تعجيل أنعُمهِ

فما يلذُّ برجوى بعد إرجاءِ

يلقاكَ بالبشرِ تلو البرِّ مبتسماً

كالبرقِ تلو هتونِ المزنِ وطفاءِ

إن أقطع الليل في مدحي له فلقد

حمدتُ عند صباحِ البشر إسرائي

ابن نباتة المصري:

هو الغيثُ ولّى بالثناءِ مُشيّعاً

وأبقاكَ بحراً بالمواهب مُنّعما

ابن نباتة:

روت عنك أخبارُ المعالي محاسناً

كفت بلسان الحالِ عن ألسنِ الحمدِ

فوجهك عن بشر وكفُّكَ عن عطا

وخلقكَ عن سهل ورأيكَ عن سعدِ

 

أحدهم:

أكرِم الجارَ وراعي حقّهُ

إنّ عرفان الفتى الحقّ كرم

 

ابن نباتة السعدي:

فصونوا يدي عن شلها بعطائكُمْ

فما أنا في أخذِ الرغائبِ راغبُ

خُلِقتُ أرى المواهب سُبّةً

فمن نِعمِ الأيامِ عندي مصائِبُ

ولا تجبهوا بالرّدِّ سائلَ حاجةٍ

ولو أنّها أحسابُكم والمناقبُ

وقد كدتُ أعطي الحاسدينَ مُناهمُ

مخافة أن يلقى المطالبَ خائبُ

فكونوا على الأسيافِ مثلي إذا انثنتْ

سواعدها مفلولةٌ والمضاربُ

 

 

ابن نباتة المصري:

لا تستقر يداه في أموالهِ

فكأنما هو سابحٌ في ماءِ

جمعت شمائله المديحَ كمثل ما

جمعت أبي جادٍ حروف هجاء

وتفردت كرماً وإن قال العدى

وتقدمت في كلِّ محفلِ سؤددٍ

أنَّ الغمامَ لها من النظراء

تقديمَ بسم الله في الأسماء

 

الراعي:

عَجبتُ من السّارينَ والريحُ قَرَّةٌ

إلى ضوءِ نارٍ بين فَرْدَةَ والرّحى

إلى ضوءِ نارٍ يشتوى القِدَّ أهلها

وقد يُكرَمُ الأضيافُ والقِدُّ يُشتوى

فلما أتونا فاشتكينا إليهمُ

بَكوا وكلا الحييّنِ مما به بكى

بكى مُعْوِزٌ من أن يُلامَ وطارِقٌ

يَشُدُّ من الجوعِ الغزارَ على الحشا

 

 

الشافعي:

يا لهفَ نفسي على مالٍ أفرِّقهُ

على المُقلين من أهل المروءاتِ

إن اعتذاري إلى من جاء يسألني

ما ليس عندي لمن إحدى المصيباتِ

 

الشافعي:

أجود بموجود ولو بتَ طاوياً

على الجوعِ كشحا والحشا يتألم

الشافعي وقيل غيره:

جوادٌ إذا استغنيت عن أخذ ماله

وعند احتمال الفقر عنك بخيل

 

زياد الأعجم:

إذا كنتَ مُرتادَ السَّماحةِ والنّدى

فسائلْ تُخَبِّرْ عن ديارِ الأشاهبِ

زياد الأعجم:

أشمُّ إذا ما جئتَ للِعُرفِ طالباً

حَباكَ بما تحوي عليه أناملهْ

ولو لم يكن في كفّهِ غيرُ نفسهِ

لجادَ بها فليتقِ الله سائلهْ

(البيت الثاني استلحقه أبو تمام في شعره)

العكوك:

ولا مددتَ يداً بالخيرِ واهبة

إلا قضيتَ بأرزاقٍ وآجالِ

 

قيس بن الخطيم:

ولا يعطي الحريصُ غنىً لحرصٍ

وقد ينمى على الجودِ الثراءُ

أبو الحسن التهامي:

تندى أسرّة وجههِ ويمينُهُ

في حالةِ الإعسارِ والإيسارِ

ويمدُّ نحو المكرُماتٍ أناملاً

للرزقِ في أثنائهن مجارِ

يحوي المعالي كاسباً أو غالباً

أبداً يُداري دونها ويُداري

 

النجاشي الحارثي:

إذا كنتَ مُرتادَ السّماحةِ والنّدى

فَدُونكَ هذا الحيِّ عَمر بنَ مالِكِ

أولئك فرسانُ الهزاهز والوغى

وأهلُ البيوتِ الباذخاتِ السَّوامكِ

ونِعمَ كُماةُ الحيِّ في خِلل الوغى

إذا مامشوا بالمرهفاتِ البواتكِ

 

ابن المخش:

إذا كنتَ مُرتادَ السّماحةِ والنّدى

فناد زياداً أو أخاً لزياد

يُجبكَ امرؤٌ يُعطي على الحمدِ مالَهُ

إذا ضَنَّ بالمعروفِ كُلَّ جوادِ

ومالي لا أُثني عليه وإنما

طريفي منهم كلُّهُ وتلادي

 

رؤبة بن العجاج:

حارثْ قد فرّجت عني هَمّي

فنام ليلي وتجلّى غمّي

محمد بن خارجة:

سهل الفِناءِ إذا حللتَ ببابهِ

طلقُ اليدينِ مؤدَّبُ الخُدّامِ

وإذا رأيتَ صديقهُ وشقيقهُ

لم تدرِ:أيهما أخو الأرحامِ

 

الوأواء الدمشقي:

من قاس جدواك بالغمامِ فما

أنصف في الحكم بين اثنين

أنت إذا جُدت ضاحكٌ أبداً

وهو إذا جادَ دامع العين

أحدهم:

لزمتَ نعمْ حتى كأنّكَ لم تكن

سمعتَ من الأشياءِ سوى نَعمْ

وأنكرتَ لا حتى كأنّكَ لم تكن

بلا عارفاً في سالفِ الدهر والأمم

ربيعة بن مقروم الضبي:

وقد سمعتُ بقوم يُحمدون فلم

أسمع بمثلكَ لا حلماً ولا جُودا

ولا عفافاً ولا صبراً بنائبةٍ

ولا أخُبرُّ عنك الباطلَ السيدا

 

 

ليلى بنت مسلمة:

فتىً كان يُعطي السيف في الروع حقه

إذا ثوب الداعي وتشقى به الجزر

فتىً كان يُدنيه الغنى من صديقهِ

إذا ما هو استغنى ويُبعدهُ الفقرُ

فتىً لا يعدّ المالَ رباً ولا ترى

له جفوة إن نال مالاً ولا كبرُ

ومأوى اليتامى الممحلين إذا انتهوا

إلى بابه شعثاً وقد قحط المطرُ

أبو الهندي:

نزلتُ على آل المُهلّب شاتياً

غريباً عن الأوطانِ في زمن المَحل

فما زالَ بي إحسانُهُمْ وافتقادُهُم

وإيناسُهُمْ حتى حسبتُهُم أهلي

أبو دُلَف:

إن المكارمَ كُلّها حَسَنٌ

والبذلُ أحسنُ ذلكَ الحَسَنِ

كم عارفٍ بي لستُ اعرِفهُ

ومُخبرٍ عني ولم يَرني

 

المعوج الرقي:

تلقاهُ إن وهب الدنيا بأجمعها

لسائل خجلا في زيِّ معتذر

 

عبد الصمد بن المعذل:

يُعطيك فوق المنى من فضل نائلهِ

وليس يعطيكَ إلا وهو يعتذر

 

الخطيم المحرزي:

ألم تعلمي يا عمركِ الله أنني

أضمنُ سيفي حقّ ضيفي ومرجل

 

أبو دهبل الجمحي:

عُقِمَ النساءُ فلم يَلدنَ شبيههُ

إنّ النساءَ بمثلهِ عُقْمُ

متهللٌ بِنَعمْ،بلا مُتباعِدٌ

سِيّان منه الوَفرُ والعُدمُ

نَزرُ الكلام من الحياءِ تخالهُ

ضَمِناً ،وليسَ بجسمه سُقمُ

أبو دهبل الجمحي:

فلو كنتَ ما تعطي رئاءً تنازعتْ

به خلجاتُ البخل يجذبنهُ جذبا

ولكنّما تبغي به الله وحدهُ

لعمري لقد أربحتَ في السعة الكسبا

 

ابن المعتز:

يا عاذلي في الندى لا تعذلنَّ فتىً

أفنى شبابَ الغِنى في صاغةِ الكرمِ

هل الغِنى غيرُ ما جادتْ يدايَ به

لسائلٍ ظلَّ يشكو سطوة العَدمِ

جرى إلى حيثُ تجري الرّيح جودُ يدي

وخَيّمتْ فوق أفاق العلا هممي

تأبى لي الذمَّ كفٌّ غيرُ جامدةٍ

يعنيكَ عارضها عن عارضِ الذِّيم

ابن المعتز:

أيا مُوصل النُّعمى على كُلِّ حالةٍ

إليَّ قريباً كنتَ أو نازحَ الدّارِ

كما يلحقُ الغيثُ البلادَ بسيلهِ

وإن جادَ في أرضٍ سواها بأمطارِ

 

أحدهم:

أتيتُ ابنَ وَهْبٍ أبتغي فضلَ عُرفهِ

وما زالَ حلوَ المنع حلوَ المذاهبِ

فأصفحني عن حاجتي بطلاقةٍ

سلوتُ بها عن مُنفساتِ الرغائبِ

مُرّة بن محكان:

يا ربّة البيت قومي غير صاغرةٍ

ضُمّي إليكِ رجال القوم والقربا

في ليلة من جمادى ذات أندية

لا يُبصر الكلب من ظلمائها الطنبا

لا ينبحُ الكلب فيها غير واحدة

حتى يلفّ على خيشومه الذنبا

عُويف القوافي:

يُصَمُّ رجالٌ حينَ يُدعون للندى

ويَدعونَ ابنَ عوفٍ للندى فيُجيب

وذاكَ امرؤ من أيِّ عِطفيهِ يلتفت

إلى المجدِ يحوي المجدَ وهو قريب

ابن قيس الرُّقيات:

إذا زرتُ عبد الله،نفسي فداؤه

رجعتُ بفضلٍ من نداهُ ونائلِ

وإن غبتُ عنه كانَ للوّد حافظاً

ولم يكُ عني في المغيب بغافلِ

 

عبد الله بن الزَبير:

يداك ابنَ مروانٍ بذا تعتل العِدا

وفي يدك الأخرى غياثٌ ونائلُ

 

العُديل بن الفَرح:

يداهُ يدٌ بالعُرفِ تُنهِبُ ما حوت

وأخرى على الأعداءِ تسطو وتجرح

 

نُصيب:

فعاجُوا فأثنوا بالذي أنتَ أهلُهُ

ولو سكتوا أثنتْ عليكَ الحقائبُ

 

طفيل بن الأخرم:

أعاذِلَ إنَّ الشُّحَ لا يُخلِدُ الفتى

ولا يُهلِكُ النفسَ الكريمةَ جودُها

 

منضور النمري:

يدٌ لكَ في رقابِ بني عليّ

ومَنٌّ ليسَ بالمنِّ اليسير

منصور النمري:

وداعٍ دعا بعد الهدوءِ كأنّهُ

دعا يائساً شِبهَ الجنونِ وما بهِ

يُقاتلُ أهوال السُّرى وتُقاتله

جنونٌ ولكن كيدُ أمرٍ يُحاوله

فلما سمعتُ الصوتَ ناديتُ نحوه

بصوتِ كريمِ الجَدِّ حلوٍ شمائله

فأبرزتُ ناري ثمَّ أثقبتُ ضوءَها

فلما رآني كبرَّ الله وحدَهُ

وأخرجتُ كلبي وهو في البيتِ داخِله

وبَثرّ قلباً كان جَمّاً بلابله

وقلتُ له: أهلاً وسهلاً ومرحبا

رَشِدتَ ولم أقعد إليه أُسائله

 

فَقمتُ إلى بركٍ هِجانٍ أُعدُّهُ

لوجبةِ حقّ نازلٍ أنا فاعله

بذلك أوصاني أبي وبمثلهِ

كذلكَ أوصاهُ قديماً أوائله

منصور النمري:

يقري العدوَّ المنايا والعُفاةَ ندىً

من كلِّ ذاكَ الندى أحواضُهُ

 

لا تقربنَّ يزيداً عند صولتهِ

لكنْ إذا ما احتبى للجودِ فاقتربِ

منصور النمري:

إنّ المكارم والمعروف أودية

أحلّكَ الله منها حيث تجتمعُ

إن أخلفَ الغيثُ لم تُخلِفْ أناملهُ

أو ضاقَ أمرٌ ذكرناهُ فيتسعُ

منصور النمري:

لا يملكُ البخلُ من هارونَ أنملةً

والجودُ يملكهُ والمالُ يُنتزعُ

 

 

أبو الوليد الأنصاري:

أولئك قومي فإن تسألي

كرامٌ إذا الضيفُ ليلاً الّمْ

عِظامُ القدورِ لأيسارهم

يكبّونَ فيها المسنَّ السّنيمْ

يواسونَ مولاهم في الغنى

ويجمعونَ جارُهمُ إن ظلمْ

 

أبو محمد بن وكيع:

قومي يظلُّ الضيفُ بين رحالهم

ماضي المشيئةِ مُؤثر الإيثارِ

مُتحكّماً فيما أرادَ كأنّما

تمضي إرادتهُ على المقدارِ

وكأنَّ ربَّ الدارِ بعضُ عيالهِ

وكأنّهُ في الدارِ ربُّ الدارِ

 

 

أشجع السلمي:

بذلَ الرجالُ ما ملكتَ

وبجودِ جودِ يمينهِ البذلُ

فلغيرهِ الأموالُ صامتةً

ولنا التوسُّعُ والندى الجزلُ

فضلت يداهُ الفاخرينَ معاً

فلهُ على من فاخرَ الفضلُ

 

آمنَ الزمانُ وريبهُ رَجلٌ

في ظلِّ راحتهِ لهُ رَحلُ

ثنتانِ يحتلبان زائرهُ

كرمٌ ووجهٌ ضاحكٌ سهلُ

لا مجدَ نعرفهُ ولا كرمٌ

إلا ومنصورٌ لهُ أهلُ

أشجع السلمي:

إليكَ أبا العباس سارتْ نجائبٌ

لها هِمَمٌ تسري إليكَ وتنزِعُ

بِذكرِكَ نحدوها إذا ما تأخرتْ

فتمضي على هولِ المُضي وتُسرِعُ

فما للِسانِ المدحُ دونكَ مَشرعٌ

وما للمطايا دونَ بابكَ مترعُ

أشجع السلمي:

رأيتُكَ لا تستلذّ المطالَ

وتُوفي إذا غدرَ الخائنُ

فلماذا تؤخر حاجتي

وأنتَ لتعجيلها ضامِنُ

ألم ترَ أن احتباس النوال

لمعروفِ صاحبه شائنُ

أشجع السلمي:

يَسلكُ في الكُلِّ طريقَ النّدى

مُنكباً عن طرُقِ العذرِ

ويجعلُ البِشرَ دليلاً على

توفير ما يُبذلُ من وَفرِ

أشجع السلمي:

وما كنتُ أدري ما فواضِلُ كفّهِ

على الناسِ حتى غيّبتهُ الصفائِحُ

أشجع السلمي:

إذا ما حِياضُ المجدِ قلتْ مياهُها

فحوضُ أبي العباسِ بالجودِ مُنزَعُ

فَزرهُ تَزُرْ عِلماً وحِلماً وسؤدداً

وباساً به أنفُ الحوادثِ يُجدعُ

أشجع السلمي:

تُغيِّرُ الأيامُ حالاتهِ

وجودُهُ باقٍ على حال

أشجع السلمي:

ما مدَّ يحيى كفّهُ لكريمةٍ

بَعُدتْ على الآمالِ إلا نالها

أشجع السلمي:

إنَّ كفي محمدٍ لتجودان

على مُجتديهِ جودَ الغمامِ

أشجع السلمي:

وما بعد هارونَ الإمامَ لزائرٍ

يُرَجّى الغنى جَدبٌ ولا دُونهُ خِصبُ

أشجع السلمي:

وما بَعُدتْ بلادٌ أنتَ فيها

ولا كذبتْ مُؤّملُكَ الظنونُ

وما نالَ الغنى من لم تَنُلهُ

شمالٌ من عطائكَ أو يمينُ

أشجع السلمي:

ففي كفّهِ للِغنى مطلبٌ

وللسرِّ في صدرهِ موضِعُ

أشجع السلمي:

تَرُبَّ معروفَه عوائدهُ

والعُرفُ عند الكرامِ مربوبُ

لابسٌ تاجين تاجُ مكرُمةٍ

وتاجُ مَلكٍ عليهِ معصوبُ

أشجع السلمي:

إلى ملكٍ يَدينُ المالُ منهُ

سَماحٌ لا يطيفُ بهِ امتناعُ

لهُ القدمُ التي سبقت سِواهُ

إلى العلياءِ والشرفِ اليفاعُ

مُجيرٌ حين لا يُرجى مُجيرٌ

ومُسطيعٌ لما لا يُستطاعُ

أشجع السلمي:

كريمٍ في مواقعِ راحتيهِ

ينالُ الريَّ والشّبعَ الجياعُ

يحوطُ ودائعَ الأسرارِ منهُ

بصدرٍ فيه إن ضاقوا اتساعُ

إذا التفّت أضالعهُ عليهِ

فليس عليه للأذنِ اطّلاعُ

أشجع السلمي:

ملِكٌ يفيضُ سجالُ نائلهِ

أبداً فليسَ يغبهُ سجلُ

أشجع السلمي:

هوَ الغيثُ من أيِّ الوجوهِ انتجعتَهُ

وجدتَ جَناباً مستطاباً ومَشرعاً

فلا سِعةُ الأموالِ تبلغُ جودَهُ

ولا ضيقُها ينهاهُ أن يتوسعا

أشجع السلمي:

ونِعمَ مُناخُ المُستجيرُ بجودهِ

لفكِّ رقابٍ لم تجد من يُجيرُها

أشجع السلمي:

يُهينُ المالَ أقوامٌ كِرامٌ

ومالُ الباخلينَ لهم مُهينُ

وما يُفني الكريمَ فناءُ مالٍ

ولا يبقى لما يُبقي الضنينُ

 

المرار بن المنقذ العدوي:

أعرفُ الحقَّ ولا أُنكره

وكلابي أُنسٌ غيرُ عُقرْ

لا ترى كلبي إلا آنساً

إن أتى خابطُ ليل لم يَهرْ

الجسين بن مطير:

لو يعبدُ الناسُ يا مهديُّ أفضلَهُمْ

ما كانَ في الناسِ إلا أنتَ معبودُ

أضحتْ يمينُكَ من جودٍ مُصورَةً

لا بل يمينُكَ منها صورَ الجودِ

الحسين بن مطير:

لهُ يومُ بؤسٍ فيه للناسِ أبؤسٌ

ويومُ نعيمٍ فيهِ للناسِ أنعُمُ

فَيمطرُ يومَ الجودِ من كفّهِ النّدى

ويمطرُ يومَ البأسِ من كفّهِ الدّمُ

فلو أنَّ يومَ البؤسِ خلّى عقابَهُ

على الناسِ لم يُصبح على الأرضِ مجرم

ولو أنَّ يومَ الجُودِ خلّى نوالَهُ

على الأرضِ لم يُصبح على الأرضِ مُعدمُ

الحسين بن مطير:

بلى قد وسعتَ الجود والجودُ ميتٌ

ولو كان حياً ضقت حتى تصدعا

فتى عيشَ في معروفهِ بعد موتهِ

كما كان بعد السيل مجراهُ مرتعا

ولما مضى معنٌ مضى الجود وانقضى

وأصبح عرنين المكارمِ أجدعا

 

الحسين بن الضحاك:

يصبُّ ببذلِ المالِ حتى كأنّما

يرى بذلهِ للمالِ نهباً يُبادره

 

مروان بن أبي حفصة:

كأنَّ البرمكيَ بِكُلِّ مالٍ

تجودُ به يداهُ يفيدُ مالا

مروان بن أبي حفصة:

له إن رأى سائلاً يجتديه

نفسٌ تجودُ بأقواتها

مروان بن أبي حفصة:

رأيتُ ابن معنٍ أنطقَ الناسَ جودٌ

فكلّفَ قول الشعر من كان مفحما

مروان بن أبي حفصة:

إنّ الجوادَ ابن يحيى الفضل لا ورقٌ

ما مرَّ يومٌ لهُ مُذْ شدَّ مئزرهُ

يبقى على جودِ كفّيهِ ولا ذهبُ

إلا تمولَ أقوامٌ بما يهبُ

كمْ غايةٍ في النّدى والبأسِ أحرزها

للطالبينَ مداها دونها تعبُ

يُعطي اللها حين لا يُعطي الجوادُ ولا

ينبو إذا سُلّتِ الهِنديّةُ القصبُ

ولا الرضا والرضا لله غايتهُ

إلى سوى الحقّ يدعوهُ ولا الغضبُ

مروان بن أبي حفصة:

لهُ راحتان الحتفُ والغيثُ فيهما

أبى الله إلا أن تضرَّ وتنفعا

مروان ابن أبي حفصة:

وما الغيثُ إذ عمَّ البلادَ بصوبهِ

على الناسِ من معروفِ معنٍ بأوسعا

مروان ابن أبي حفصة:

إن عُدَّ أيامُ الفَعالِ فإنّما

يوماهُ يوم ندىً ويوم طعان

مروان بن أبي حفصة:

همُ القومُ:إن قالوا أصابوا،وإن دُعوا

ولا يستطيع الفاعلون فَعَلهمْ

أجابوا،وإن أعطوا أطابوا وأجزلوا

وإن أحسنوا في النائباتِ وأجملوا

مروان ابن أبي حفصة:

مضى من كان يحملُ كلّ ثِقْلٍ

ويسبقُ فيضُ نائله السؤالا

وما عمدَ الوفودُ لمثل معن

ولا حلّوا بساحته الرِّحالا

ولا بلغتْ أكفُّ ذوي العطايا

يميناً من يديه ولا شِمالا

وما كانت تَجِفُّ لهُ حياضٌ

من المعروفِ مترعة سجالا

مروان بن أبي حفصة:

أُروي الظِّماءَ بكلِّ حوض مُفْعَم

جوداً واُترِعُ للسِّغابِ قدوري

مروان بن أبي حفصة:

هو المرءُ أما دينهُ فهو مانعٌ

صنونٌ وأما مالهُ فهو بادلهْ

أمرَّ وأحلى ما بلا الناسُ طَعمهُ

عقابُ أمير المؤمنين ونائلهْ

مروان بن أبي حفصة:

إليكَ قصرنا النصف من صلواتنا

مسيرة شهرٍ بعدَ شهرٍ نُواصلهْ

فلا نحنُ نخشى أن يخيبَ رَجاؤنا

إليكَ ولكن أهنأ الخيرِ عاجلهْ

مروان بن أبي حفصة:

قد فاضَ عُرْفُكَ حتى ما يُعادِلهُ

غيثٌ مُغيثٌ ولا بحرٌ لهُ حَدَبُ

مروان بن أبي حفصة:

إلى ملِكٍ تندى إذا يَبسَ الثرى

بنائلِ كفّيهِ الأكفُّ الجوامدُ

لهُ فوقَ مجد الناسِ مجدان منهما

طريفٌ وعاديُّ الجاثيمُ تالدُ

وأحواضُ عز حومة الموت دونها

وأحواضُ عُرْفٍ ليس عنهنَّ ذائدُ

مروان بن أبي حفصة:

مروان بن أبي حفصة:

قد آمنَ الله من خوفٍ ومن عَدَمٍ

من كانَ مَعْنٌ له جاراً من الزمنِ

يرى العطايا التي تبقى محامدُها

غُنْماً،إذا عدَّها المُعطي من الغبنِ

مروان بن أبي حفصة:

يا مَنْ بمطلع شمسٍ ثم مغربها

إنَّ السخاءَ عليكم غير مردودِ

قُلْ للعفاةِ أريحوا العيسَ من طلبٍ

ما بعدَ معنِ حليفِ الجودِ من جودِ

قُلْ للمنيّةِ لا تُبقي على أحدٍ

إذا ماتَ معنٌ فما ميتٌ بمفقودِ

 

 

صالح بن عبد القدوس:

ويظهر عيب المرء في الناس بخله

ويسترهُ عنهم جميعاً سخاؤه

تغطَّ بأثواب السخاءِ فإنني

أرى كل عيبٍ والسخاءُ غطاؤه

صالح بن عبد القدوس:

لا تجد بالعطاءِ في غيرِ حقّ

ليس في منع غير ذي الحقِّ بخل

إنما الجود أن تجود على من

هو للجودِ منك والبذلُ أهل

 

العباس بن مرداس:

وما عِظمُ الرجالِ لهم بفخرٍ

ولكن فخرهم كرمٌ وخيرُ

 

مسكين الدارمي:

ناري ونارُ الجارِ واحدةٌ

وإليه قبلي تُنزلُ القِدرُ

ما ضرَّ جاراً لي أجاورهُ

ألا يكونَ لبابهِ سِترُ

 

قيس بن عاصم المنقري:

وكيفَ يُسيغُ المرءُ زاداً وجارهُ

خفيفُ المِعى بادي الخصاصة والجهدِ

محمد بن يسير:

ماذا عليَّ إذا ضيفٌ تأوّبني

ما كانَ عندي إذا أعطيتُ مجهودي

جُهدُ المُقلِّ إذا أعطاهُ مُصطبراً

أو مُكثرٍ من غنى سِيّان في الجودِ

لا يعدَمُ السائلونَ الخيرَ أفعلُهُ

إما نوالاً وإما حُسنَ مردودِ

 

أبو قُحفان الأعشى عامر بن الحارث الباهلي وقيل غيره:

من ليسَ في خيرهِ من يُكدّرهُ

على الصديق ولا في صفوهِ كَدَرُ

أخو رغائبَ يُعطيها ويُسألها

يأبى الظُلامةَ منه النوفِلُ الزُّفرُ

لم ترَ أرضاً ولم تسمع بساكنها

إلا بها من بوادي وقعهِ أثرُ

وضاح اليمن:

والقَ ابنَ مروان الذي قد هزّهُ

واشكُ الذي لاقيتهُ من دونهِ

عِرقُ المكارمِ والندى فاقلّه

وانشر إليهِ داءَ قلبكَ كلّه

فعلى ابن مروانَ السلامُ من امرىءٍ

أمسى يذوقُ من الرقادِ أقلّه

شوقاً إليكَ فما تنالُكَ حالُهُ

وإذا يَحِلُّ البابَ لم يؤذن له

فإليكَ أعلمتُ المطايا ضمراً

وقطعتُ أرواحَ الشتاءِ وظلّهُ

وليالياً لو أنَّ حاضرَ بثها

طرفَ القضيبِ أصابهُ لأشلّه

 

مالك بن الريب:

لِيهنكَ أني لم أجدْ لكَ عائباً

سوى حاسدٍ،والحاسدونَ كثيرُ

وأنّكَ مثلُ الغيثِ،أما نباتهُ

فظِلٌّ،وأما ماؤهُ فَطهورُ

زياد بن الأعجم:

سألناهُ الجزيلَ فما تلكاّ

وأعطى فوقَ مُنيتنا وزادَ

مراراً ما دنوتُ إليه إلا

تَبسّمَ ضاحكاً وثنى الوِسادا

قعنب بن أم صاحب:

مهلاً أعاذل قد جرّبتَ من خُلقي

إني أجودُ لأقوامٍ وإن ضنوا

 

ذو الرمة:

على وجهِ ميٌّ مسحة من ملاحة

وتحتَ الثيابِ الخِزي لو كان باديا

ألم ترَ أن الماء يُخِلف طعمُه

و إن كان لون الماء أبيضا صافيا

 

ذو الرمة:

إذا انعقدتْ نفسُ البخيلِ بمالهِ

وأبقى على الحَبِّ الذي ليسَ باقيا

تفيضُ يداهُ الخيرَ من كلِّ جانبٍ

كما فاضَ عَجّاجٌ يُروِّي التناهيا

أبو عطاء السندي:

أقامَ على الفُرات يزيدُ شهراً

فقال الناسُ أيهما الفراتُ

فيا عجباً لبحرٍ فاض يسقي

جميعَ الناسِ لم يَبلُل لهاتي

 

سلمة الجعفي:

فتىً كان يُدنيه الغنى من صديقهِ

إذا ما هو استغنى ويُبعدهُ الفقرُ

ابن دريد الأزدي:

تلافيا العيش الذي رَنَّقهُ

صرفُ الزمان فاستساغ وصفا

وأجريا ماءَ الحَيا لي رَغَداً

فاهتزَّ غُصني بعد ما كان ذوى

أبو الفتح البستي:

إذا اغترَّ بالمالِ الرجالُ فإننا

نرى عِزّنا في أن نجودَ وأن نسخو

وعِزُّ الورى بالمالِ يُنسخُ عاجلاً

وعِزُّ الفتى بالجودِ ليس لهُ نسخُ

 

بكر بن النطاح:

لهُ هِمَمٌ لا منتهى لكبارِها

وهِمّتهُ الصغرى أجلُّ من الدهرِ

لهُ راحةٌ لو أنّ معشارَ جودها

على البرِّ صارَ البرُّ أندى من البحرِ

بكر بن النطاح:

وألبست نُعماكَ الفقيرَ وغيرَهُ

وأتبعت براً واصلاً بصلات

فَعزُّكَ مقرونٌ بعلمٍ وسؤددٍ

وجُودُكَ مقرونٌ بصدقِ عِدات

بكر بن النطاح:

ولو خَذَلَتْ أموالهُ جودَ كفّه

لقاسمَ مَنْ يرجوهُ بعضَ حياته

ولو لم يجد في العُمر قِسماً لزائرٍ

لجادَ له بالشّطر من حسناته

 

بكر بن النطاح:

فتىً شقيتْ أموالهُ بهباتهِ

كما شقيتْ بكرٌ بأرماحِ تغلبِ

بكر بن النطاح:

فكفُّكَ قوسٌ والنّدى وترٌ لها

وسهمُكَ فيه اليُسرُ فارمِ بهِ عُسري

بكر بن النطاح:

ليس الفتى بجماله وكمالهِ

إنَّ الجواد بمالهِ يُدعى الفتى

ابن القيسراني:

وسماح إذا استغاث به الآمل

لبى نداه قبل النداء

أحدهم:

ولو جحدتك إحسانُكَ لاكذبتني

آثارهُ ونمتْ علي شواهده

متمم بن نويرة:

جميلُ المُحيّا ضاحِكٌ عند ضيفهِ

أغرّث جميعُ الرأي مشتملُ الرّحلِ

متمم بن نويرة:

تراهُ كنصلِ السيفِ، يهتزُّ للِنّدى

إذا لم تجدْ عند امرىءِ السَّوءِ مطمعا

متمم بن نويرة:

وإن جاءَ طارقُ الليلِ يخبطُ طارقاً

تهلّلَ معروفٌ خلائقهُ جَزْلُ

أخو ثقةٍ لا يعتري الذمُّ نارَهُ

إذا لم يكن في القومِ شُرْبٌ ولا أكلُ

 

أحمد بن أبي طاهر:

الجودُ منه عِيانٌ لا ارتيابَ فيه

إذ جودُ كلِّ جوادٍ عنده خَبَرُ

السري الموصلي:

كالغيثِ يُحيى إن همى والسّيل يُردي

إن طما والدهر يُصمي إن رمى

شتى الخلال يروحُ إمّا سالباً

مثل الشهابِ أصاب فجاً مُعشباً

نِعم العِدا قسراً وإمّا مُنعما

بحريقه وأضاءَ فجاً مظلماً

ابن هانىء الأندلسي:

ولا الجودَ يجري من صفيحةِ وجههِ

إذا كان من ذاكَ الجبينِ شروقُ

وهزّتهُ للمجدِ حتى كأنّما

جرت في سجاياهُ العذابِ رحيقُ

أحدهم:

وكأنَّ آدمَ حينَ حُمَّ حِمائه

أوصاكَ وهو يجودُ بالحوباء

ببنيهِ أن ترعاهم فرعيتهم

وكفيتَ آدمَ عَيلةَ الأبناءِ

أحدهم:

كُلّما قيلَ قد تناهى أرانا

كرماً ما اهتدت إليه الكرام

 

أبو الاسد نباته بن عبد الله الحماني:

ولائمةٍ لامتكَ يا فيضُ في النّدى

فقلتُ لها هل يَقْدَحَ اللومُ في البحرِ

أرادت لتثني الفيضَ عن عادةِ النّدى

ومن ذا الذي يثني السحابَ عن القَطرِ

مواقعُ جُودِ الفيضِ في كلِّ بلدةٍ

كأنّ وفودَ الفيضِ يومَ تحملّوا

مواقعُ ماءِ المزنِ في البلدِ القفرِ

إلى الفيضِ لا قوا عنده ليلة القدرِ

 

أرطأة بن سهية:

ومادونَ ضيفي من تلادٍ تحوزُهُ

إلى النفس إلا أن تُصانَ الحلائلُ

أبو الطمحان القيني:

إذا ما كنتَ جارَ بني لؤيٍّ

فأنتَ لأكرمِ الثقلينِ جارُ

 

سلمة بن يزيد الجعفي:

فتىً كانَ يُدنيهِ الغِنى من صديقهِ

إذا ما هو استغنى ويُبعدهُ الفقرُ

 

الشمردل بن شريك اليربوعي:

إذا بدى المسكُ يندى في مفارقهم

راحوا كأنّهمُ مرضى من الكَرمِ

الشمردل:

وقد علمتُ وإن خفَّ الذي بيدي

إنَّ السماحة مني والندى خلقُ

ولا يؤنبُ أضيافي إذا نزلوا

ولا يكونُ خليلي الفاحشُ النزقُ

 

ابن الخياط:

إذا كنت راجي نعمةٍ من مؤمّلٍ

فحسبي أن أرجو العميدَ المهذبا

عسى جودُهُ المأمولُ ينتاشُ هالكاً

أسيرَ زمانٍ بالخطوبِ مُعذّبا

ابن الخياط:

لقد سُدّتْ موارِدُ كلِّ خيرٍ

وساحَ بكفِّكَ الكرمُ الغزيرُ

على رُغمِ الزمانِ أجرْتَ منهُ

وقد قلَّ المُمانعُ والمُجيرُ

تَخطّى النائباتِ إليَّ جودٌ

كما فاجاكَ في الظلماءِ نورُ

وأينَ الشكرُ مما خوّلتهُ

جهلتُ ورُبما جهلَ الخبيرُ

سماحٌ ردَّ روحاً في الأماني

ومعروفٌ به جُبرَ الكسيرُ

 

ابن الخياط:

كريماً متى عاطيته كأسَ عِشرةٍ

تعلّمت من أخلاقهِ كيفَ يُشكر

ابن الخياط:

محا الدهرُ آثار الكرامِ فلم يدعْ

من البأسِ والمعروفِ غير رُسومِ

وأصبحتُ أستجدي البخيلَ نوالهُ

وأحمدُ في اللّزباتِ كلُّ ذميم

ابن الخياط:

قد توالتْ عليَّ منك أيادي

عائداتٍ بالمكرماتِ بوادي

والجميلُ المُعادُ أحلى وإن أز

رى بشكري من الشبابِ المُعادِ

ابن الخياط:

فحسبي من النعماء أنّكَ والندى

خليلا صفاءٍ ليس يفترقان

ابن الخياط:

لئنْ أغربتَ في كرمِ السجايا

لقد أعربتَ عن كرمِ الأصولِ

ابن الخياط:

تبقى الذخائرُ من فضلاِتِ نائلهِ

كأنّها عُذارٌ من بعدِ أمطارِ

ابن الخياط:

إذا وهبوا جادَ الغمامُ بصوبهِ

وإن غضبوا جاءَ العرينُ بِغُلبهِ

ابن الخياط:

وأيُّ مرامٍ أبتغي بعد جودهِ

كفى الغيثُ من يُجدى عليهِ ومن يُجدي

ابن الخياط:

مُجاورهمْ في الخوفِ للجارِ مَعقِلٌ

ووفدُهمُ في المحل منتجَعُ الوفدِ

إذا الغيثُ أكدى أنشأت مَكرماتهمْ

مواطِرَ غيثٍ لا يُغِبُّ ولا يكدي

وإن زمنُ الوَرْدِ انتضى كانَ عندهمْ

مواهبُ يُلغى عندها زمن الوردِ

ابن الخياط:

وإن تكُ مُستقلاً ما أتاني

فمثلُكَ يُستقلُّ لهُ الكثيرُ

وأذكى ما يكونُ الروضُ نشراً

إذا ما أصابهُ القَطرُ اليسيرُ

ابن الخياط:

حلَتْ أعراقُهُ كرماً فباتتْ

تُتيّمُ كلُّ ذي أملٍ وتُصبي

مكارِمُ طالما رَويّتُ صدري

بها ووردتُ منها كلَّ عذبِ

ابن الخياط:

إلى ملكٍ تعنو الملوكُ لبأسهِ

ويقصُرُ يومَ لبفخرِ عنهُ فُخورَها

أعمّتهمُ غيثاً إذا بخلَ الحيا

وأطعنهم والخيلُ تدمى نحورُها

إلى حيثُ تلقى الجود هيناً مرامهُ

لباغيهِ والحاجاتِ سهلاً عسيرُها

لدى ملكٍ ما نفكَّ من مكرماتهِ

موارِدُ يصفو عذبُها ونَميرُها

ابن الخياط:

يُعنَّفُ من لم يأتهِ يومَ جُودهِ

ويَعذرُ من لم يلقَهُ يوم حربهِ

كأنّي إذا حَييتهُ بصفاتهِ

أمُتُّ لإلى بدرِ السماءِ بِشُهبهِ

ابن الخياط:

ألستَ أبرَّ البرايا يداً

وأندى من المُزنِ كفّاً وأجدا

ابن الخياط:

إن كانَ يقصرُ عنكَ ثوبُ مدائحي

فلقد يكونُ على سواكَ طويلاً

من ذا يقومُ بشكرِ ما أوليتهُ

حملّتني منّاً عليَّ ثقيلاً

ابن الخياط:

تَصوّبَ جودهُ في كلِّ وادٍ

كما يَتصوّبُ السيلُ الرّكام

ابن الخياط:

المانعُ الجارَ لو شاءَ الزمانُ له

إنّ الزمانَ بَرتْ عُودي نوائبا

الباذِلُ المالَ مسئولاً ومبتدئاً

والصائنُ المجدَ موروثاً ومُكتسبا

الواهبُ النّعمة الخضراءَ يتبعها

أمثالها غير مُعتدٍّ بما وهبا

ابن الخياط:

ما إن تراهُ الدّهرَ إلا قائلاً

للمكرُماتِ الباهراتِ فَعولا

إن سيلَ عند الجودِ كان غمامةً

أو عُدَّ يوم البأسِ كان قبيلا

ابن الخياط:

فليعلمِ الغيثُ المُجلجِلُ رعدُهُ

أنَّ السّماحَ مُعِينهُ بمعينهِ

ابن الخياط:

وقد غدوتُ بعزِّ الدينِ مُعتصماً

إنّ الكِرامَ على الأيامِ أنصاري

ملكٌ إذا ذُكرتْ يوماً مواهِبُهُ

أثرى الرجاءُ بها من بعد إقتارِ

يُعطيكَ جُوداً على الإقلالِ تحسبهُ

وافاكَ عن نشبٍ جمٍّ وإكثارِ

ابن الخياط:

من كانَ مثلَ أبي عليٍّ فلينلْ

أفقَ السماءِ بِهمّةٍ لم تُخفَضِ

أغنى وقد أبدى النّدى وأعادَهُ

عن أن أقولَ لهُ أطلتَ فاعرضِ

ما كانَ فيما نلتُ منهُ بواعدٍ

فأقولَ إنَّ الوعدَ غيرُ مُمَرِّضِ

ابن الخياط:

فلو طُبِعَ الفخرُ سيفاً لَكنتَ

دونَ الورى حَدَّهُ والفِرندا

وكم لكَ من نائلٍ

رقابَ المآثرِ شكراً وحمدا

ندىً يعتقُ العبدَ من رِقِّهِ

ولكنّهُ يتركُ الحُرَّ عبدا

ابن الخياط:

سَبقتْ مواهبِهُ الوعودَ ورُبّما

جادَ السحابُ وبرقهُ لم يُومضِ

وقفَ الحسينُ على السّماحِ غَرامَهُ

ليسَ المُحِبُّ عن الحبيبِ بِمُعرِضِ

كشّافُ كُلِّ عظيمةٍ إن تَدعًهُ

لا تدعُهُ للخطبِ ما لم يُرمضِ

ابن الخياط:

ولأنتَ أعرفُ في المكارمِ منصباً

من أن تبيت بغيرها موصوفا

وإذا الغنى كان السماحُ حليفَهُ

أمسى وأصبحَ للثناءِ حليفا

كم هزّةٍ لكَ وارتياح للندى

لولاهُ ما كانَ الشريفُ شريفا

ابن الخياط:

أبتْ أخلاقُكَ الغُرُّ اللواتي

أحبُّ إلى النفوسِ من البقاءِ

وكونُّكَ والسماحُ إليك أشهى

من الماءِ الزُّلالِ إلى الظماءِ

سوى كرمٍ ومعروفٍ وحلمٍ

وضربٍ في التكرُّمِ والسخاءِ

وقد أسستُ بالميعادِ شُكري

وما بعدَ الأساسِ سوى البناءِ

فإن تسمح يداكَ فلا عجيبٌ

ومن ذا مُنكرُّ قَطرَ السماءِ

ابن الخياط:

ما ثنائي وإن تطاولَ إلا

دونَ آلائكَ الحسانِ المرادِ

كيفَ أشكو حظاً علياً وحالاً

كان فيها نداك من عُوادّي

ابن الخياط:

سوفَ أُثني على الجيادِ فقد أهدت

إلينا الجيادُ خيرَ جوادِ

حملتْ صوبَ مُزنةٍ من بلادٍ

منك أحيت به ربيعَ بلادي

ابن الخياط:

كنتُ أرتادُ جودَ كلِّ كريم

فكفى جودُ راحتيك ارتيادي

زرتنا مُنعماً وما برحَ الزا

ئرُ يرجو الإنعامَ في كلِّ وادِ

وكذا الحيا يروحُ من الغَورِ

وتغدو له بنجدٍ غوادِ

لا أرى لي حقاً عليك سوى برّكَ

عندي ومنطقي وودادي

وإذا ما الخطوبُ كانت شِداداً

دفعتنا إلى الكِرامِ الشّدادِ

ابن الخياط:

وأنتُم بنو الجودِ الذي ابتسمت بهِ

من الزّمنِ المُرَبدِّ أيامهُ العُبْس

سماحاً فإن تدعو كِفاحاً فأنتم الفوارسُ

لا ميل هناك ولا نُكس

فما بال سُوقي ليست تنفقُ عندكمْ

وحظُّ ثنائي منكمُ الثمنُ البَخْس

أيرتجعُ المعروفَ من كان واهباً

ويسلبُ ثوبَ المنِّ من لم يزل يكسو

ابن الخياط:

ومالي في الدهر من حامدٍ

إذا لم أعُذْ بعلى حامدِ

هو البدر يشرق للمستنير

تجمّع فيه خلالُ الكرام

هو البحر يزخر للوارد

وقد يُجمعُ الفضلُ في واحد

فتىً يحجبُ الفضلَ عن طالبيه

يدُلُّ على جودهِ بشرهُ

ولا يحجبُ الرفدَ عن قاصدِ

وقد يُعرفُ الروضُ بالرائدِ

وينطقُ عن بأسهِ سيفهُ

بشيطان فتك له مارد

ومن يك مولاهُ هذا المحتدُ

يكن فواق كل فتى ماجد

ابن الخياط:

وإني لتقتادُ المطالبَ هِمتي

فأرجعُ مثنياً إليكَ عَناني

وإني لأرجو من عطائكَ رتبةً

يُقصّرُ عن إدراكها الثقلانِ

فما تقربُ الدنيا وعطفكَ نازِحٌ

ولا تبعدُ النعمى وجودكَ دانِ

ابن الخياط:

ظننتُ بكَ الجميلَ فكنتَ أهلاً

لتصديقي وتصديقَ الظنونِ

وما شيمتْ سحابُ نداكَ إلا

سحبتُ ذلاذلَ الحمد المصونِ

فما بالي جُفيتُ وكنتُ ممّنْ

إليه الشوقُ مجلوبِ الحنينِ

ابن الخياط:

إذا آل عمار أظلّكَ عزّهُمْ

فغيرُكَ من يخشى يد الحدثانِ

همُ القومُ إلا أن بينَ بيوتهم

يُهان القِرى والجارُ غيرُ مهانِ

همُ أطلقوا بالجودِ كلَّ مُصفّدٍ

كما أنطقوا بالحمدِ كلَّ لسانِ

ابن الخياط:

يقولون تِربٌ للغمام وإنّما

رجاءُ الغمام أن يُعدَّ كتربه

 

ابن الخياط:

يدٌ لكَ عندي لا تؤدى حقوقُها

بشكرِ وأيُّ الشكر مني يُطيقُها

سماحٌ وبِشرٌ كالسحائبِ ثَرّةً

توالى حياها واستطارت بروقها

ابن الخياط:

وكيف ولمّا تزل للندى

مُحباً إذا كَثُرَ المُبغضُ

دعاني بِشرُكَ قبل النوال

وأحرى الحيا أن يُرَوِّي الثرى

وأثرى به الأملُ المُنغِضُ

حياً باتَ بارقُهُ يُومِضُ

وأطمعني في نداكَ الجزيل

خلائق يُشقى بها المُمرضُ

ووجُهكَ والفعلُ إذ يُشرقان

كأنّهما عِرضُكَ الأبيضُ

فإما وهبتَ فنعمَ الوهوبُ

وإلا فكالواهبِ المُقرِضُ

ابن الخياط:

سبقتَ إلى جميلِ الصُنع ظنّي

وقرطسَ جودُ كفّكَ في رجائي

وكانَ نداكَ حين يسيرُ نحوي

جَنيباً للمودّةِ والصفاءِ

فما أدري أأشكرُ منكَ قصدي

بجودكَ واصطناعكَ أم إخائي

ابن الخياط:

وما استصرختُ فيضَ نداكَ حتى

عناني منهُ بالحربِ الزّبونِ

بقيتَ لروح مكروبٍ لهيفٍ

دعاكَ وفكِّ مأسورٍ رهينِ

وعشتَ مُحَسَّدَ الأيام تسمو

إلى العلياء منقطعَ القرينِ

ابن الخياط:

ترفعتُ إلا عن ندى ابنِ محسنٍ

وخيرُ الندى ما كانَ فيه جمال

وأخلاقُ غيثٍ كُلّما جئتُ صادياً

وردتُ بهنَّ العيشَ وهو زلالُ

ابن الخياط:

أتيتُكَ للعليا فإن كنتَ مُنعماً

فبالعزّةِ القعساءِ لا العيشةِ الرّغدِ

إذا نائلٌ لم يَحبُني الفخرَ نَيلهُ

فإنّ انقطاع الرّفدِ فيه من الرِّفدِ

 

أبو الجويرية العبدي:

لم تزل غاية الكرام فلّما

متّ مات الندى ومات الكرام

حُجيّة بن المُضرِّب:

أناسٌ إذا ما الدهرُ أظلمَ وجههُ

فأيديهمُ بيضٌ وأوجُهُم زُهرْ

يصونونَ أحساباً ومجداً مؤَثلاً

ببذلِ أكُفٍّ دونها المُزنُ والبحرْ

شكرتُ لكم آلاءكم وبلاءكم

وما ضاعَ معروف يكافئه شكر

 

حُجيّة بن المُضرِّب:

أضاءت لهم أحسابُهُمْ فتضاءلتْ

لنورهم الشمسُ المنيرة والبدرُ

ولو لامسَ الصخرَ الأصمَّ أكفُّهم

أفاضَ ينابيعَ الندى ذلكَ الصخرُ

ولو كان في الأرضِ البسيطةِ مثلهمْ

لمختبطٍ عافٍ لما عُرِفَ الفقرُ

ابن القيسراني:

لم تزلْ تسعى بحمد حامد

وعليهِ من سنا الفضل لواء

أيضيقُ الجود عن مثلي يدا

بعدما ضاقَ بأمثالي الفضاء

 

أبو بكر بن عمار:

أقسمتُ باسمِ الفضلِ حتى شِمتهُ

فرأيتهُ في بُردتيهِ مُصوّرا

وجهلتُ معنى الجودِ حتى زرتهُ

فقرأتهُ في راحتيهِ مُفسرا

أحدهم:

أجودُ بمالي دون عِرضي،ومن يُرِدْ

رزيّة عِرضي يعترض دونهُ البخلُ

إذا المرءُ أثرى ثم ضنَّ بمالهِ

أبى الناسُ يوماً أن يكون له الفضلُ

محمد بن البعيث:

كم قد قضيتُ أموراً كان أهملها

غيري وقد أخذ الإبلاسُ بالكظمِ

لا تعذليني فيما ليس ينفعني

إليكَ عني جرى المقدارُ بالقلمِ

سأتلفُ المالَ في عُسرٍ وفي يُسرٍ

إنَّ الجوادَ الذي يعطي على العدمِ

ابن حمديس:

لو أضحتْ الأرضُ يوماً كفَّ سائلهِ

لم تفتقرْ بعد جدواه إلى مطرِ

كعب بن سعد الغنوي:

كعب بن سعد الغنوي:

إذا نزل الأضيافُ أو غبتَ عنهمُ

كفى ذاكَ وَضّاحُ الجبينِ أريبُ

كعب بن سعد الغنوي:

جزى الله عنا جعفراً حين أزلفتْ

بنا نَعلنا في الواطئينَ فَزلّتِ

أبوا أن يَملونا ولو أن أُمنا

تُلاقي الذي لاقوهُ منها لملّتِ

همُ أسكنونا في ظلالِ بيوتهم

ظِلالِ بيوتٍ أدفات وأكنّتِ

كعب بن سعد الغنوي:

حليفُ النّدى،يدعو النّدى فيجيبهُ

سريعاً،ويدعوه النّدى فيُجيبُ

فتى أريحيّ كان يهتزُ للنّدى

كما اهتز ماضي الشفرتين قضيبُ

كعب بن سعد الغنوي:

وزادٍ رفعتُ الكفَّ عنهُ تجملاً

لأوثِرَ في زادي عليَّ أكيلي

وما أنا للشيء الذي ليس نافعي

ويغضبُ منه صاحبي بقؤولِ

كعب بن سعد الغنوي:

أخو شتوات يعلمُ الضيفُ أنه

حبيبٌ إلى الخِلانِ غِشيانُ بيتهِ

سيكثرُ ما في قِدرهِ ويطيبُ

جميلُ المُحيّا شبَّ وهو أديبُ

وداعٍ دعا:يا من يجيبُ إلى النّدى

فقلتُ ادعُ أخرى وارفع الصوتَ دعوةً

فلم يستجبهُ عند ذاكَ مُجيبُ

لعلَّ أبا المغوارِ منك قريبُ

يُجبكَ كما قد كان يفعلُ إنه

بأمثالها رَحبُ الذراعِ أريبُ

فتىً أرْيَحيّاً يهتزُ للنّدى

كما اهتزَّ من ماءِ الحديدِ قضيبُ

أثال بن الفدعاء:

ألم ترني شكرتُ أبا سعيدٍ

بِنعماهُ وقد كفرَ الموالي

ولم أكفر سحائبهُ اللّواتي

مَطرنَ عليَّ واهيةَ العزالى

فمن يكُ كافراً نُعماهُ يوماً

فغني شاكرٌ أخرى الليالي

 

فتىً لم تطلعِ الشِّعرى من أفقٍ

ولم تعرِض ليُمنٍ أو شمالِ

على نِدٍّ لهُ إن عُدَّ مجدٌ

وأصبرَ في الحوادثِ إن ألمّتْ

ومكرمةٌ وإتلافُ لمالِ

وأسعى للمحامدِ والمعالي

فتىً عَمَّ البريّةَ بالعطايا

فقد صاروا لهُ أدنى العيالِ

 

صفوان بن أمية الديلمي:

بكَ الله أحيَّ الجودَ بعد مماتهِ

وقد بارتِ الأحسابُ إلا توّهما

عاصم بن الحدثان الشاري:

وهم إذا كسروا الجفونَ أكارِمٌ

صبرٌ وحين تحلَّلُ الأزرارُ

لا يشترون سوى الثناءِ بمالهم

وهم إذا مدّوا الرماحَ تِجارُ

أبو الفرج الببغاء:

لم يُبقِ جُودكَ لي شيئاً أُوملهُ

دهري لأنكَ قد أفنيت آمالي

ابن ربيع الهذلي عبد مناف:

أعيني ألا ابكي العامريَّ فإنّهُ

وصولٌ لأرحامٍ ومعطاءُ سائلِ

فأقسمُ لو أدركتهُ لحميتهُ

وإن كان لم يتركْ مقالاً لقائلِ

جحظة البرمكي وقيل علي بن ذكوان:

أنفِقْ ولا تخش إقلالاً

فقد قُسِمتْ بين العبادِ مع الآجال أرزاقُ

لا ينفعُ البُخلُ مع دنيا مُوليّةٍ

ولا يَضرُّ مع الإقبالِ إنفاقُ

هدبة بن الخشرم:

وأشرعَ في المقِرى وفي دعوة الندى

إذا رائدٌ للقوم رادَ فأجدبا

وأقولنا للضيفِ ينزلُ طارقاً

إذا كُرهَ الأضيافُ أهلاً ومرحبا

الخريمي:

هُمامٌ عطاياهُ بدورٌ طوالعٌ

على آمليهِ في ليالي المطالبِ

الخريمي:

يُلامُ أبو الفضلِ في جُودِهِ

وهل يملكُ البحرُ ألا يفيضا؟

الخريمي:

هو الشهدُ سِلماً والزُعافُ عداوةً

وبحر على الوراد تجري غواربه

فيا حسنَ الحُسن الذي عمَّ فضله

وتمّتْ أياديه وجمّتْ مناقبهْ

الخريمي:

لا يُناجي في الندى إلا الندى

وإذا همَّ به لا يستشيرُ

زادَ معروفكَ عندي عِظماً

أنهُ عندكَ مستورٌ حقيرُ

تتناساهُ كأن لم تأتهِ

وهو عند الناسِ مشهورٌ خطير

كمْ وكمْ أوليتني من نعمةٍ

تَدَعْ المُثني بها وهو حسيرُ

الخريمي:

لأنّكَ تُعطي الجزيلَ بداهةً

وأنتَ لما استكثرتَ من ذاكَ حاقِرُ

الخريمي:

وإني لسهل الوجه للمُبتغي النّدى

وإنّ فنائي للقِرى ارحيبِ

أُضاحكُ ضيفي قبل إنزالِ رحلهِ

ويُخصبُ عندي والمحلُ جَديبُ

وما الخِصبُ للأضيافِ أن يكثر القِرى

ولكنّما وجهُ الكريمِ خصيبُ

 

الشيخ شمس الدين البديوي:

إذا المرء وافى منزلاً منك قاصداً

قِراكَ وأرمتهُ لديكَ المسالكُ

فكن باسماً في وجهه متهللاً

وقل مرحباً أهلاً ويومٌ مباركُ

وقدِّم له ما تستطيعُ من القِرى

عجولاً ولا تبخل بما هو هالك

بشاشة وجه المرء خيرٌ من القِرى

فكيف بمن يأتي به وهو ضاحك

ابن حيوس:

وطال مقامي في إسار جميلكم

فدامت معاليكم ودامَ لي الأمرُ

وأنجزَ لي ربُّ السموات وعده الكريم

بأنّ العُسرَ يتبعهُ اليسرُ

وقد كنت مأمولاً تُرجى لمثلها

فكيف وطوعاً أمرك النهي والأمرُ

وما بي إلا الإلحاح والحرص حاجةً

وقد عرف المبتاع وانقطع السعرُ

 

ابن حيوس:

أنت الذي نفق الثناءَ بسوقهِ

وجرى الندى بعروقهِ قبل الدمِ

القاسم بن أمية بن أبي الصلت:

لا ينكتونَ الأرضَ عندَ سُؤالهمْ

لِتطلّبِ العِلّات بالعَدانِ

بل يبسطونَ وجوهمْ فترى لها

عند السؤالِ كأحسنِ الألوانِ

أمية بن أبي الصلت:

أأذكرُ حاجتي أم قد كفاني

وعِلمُكَ بالحقوقِ وأنتَ فَرْعٌ

حياؤُكَ؟ إنَّ شيمتكَ الحياءُ

لكَ الحَسَبُ المؤّثلُ والسّناءُ

كريمٌ لا يُغيّرهُ صباحٌ

عن الخُلُقِ الكريمِ ولا مساءُ

فأرضُكَ كلُّ مَكرُمةٍ بَنتها

بنو تيمٍ وأنتَ لهم سماءُ

 

إذا أثنى عليكَ المرءُ يوماً

تُباري الريح مكرمةً وجوداً

كَفاهُ من تَعرُّضهِ الثناءُ

إذا ما الكلبُ أحجَرهُ الشتاء

أمية بن أبي الصلت:

وما لاقيتُ مثلكَ يا ابن سعدٍ

لمعروفٍ وخيرٍ مُستفاد

 

منصور الفقيه:

لو أنّ مافيه من جود تقسّمهُ

أولادُ آدمَ عادوا كلهم سمحا

أحدهم:

وما نظرتُ إلى نعماء سابغةٍ

إلا وجدُتكَ فيها الأصلَ والسببا

أحدهم:

تَكّرم لتعتاد الجميل فلن ترى

أخا كرمٍ إلا بأن يتكرما

أحدهم:

إذا افتقروا عضُّوا على الفَقرِ حِسبةً

وإن أيسروا عادوا إسراعاً إلى الفقرِ

 

لو لم ترد نيل ما أرجو وأطلبه

من جود كفّك ما عودتني الطلبا

أحدهم:

يجودُ علينا الخَيرون بمالهمْ

ونحنُ بمالِ الخيرين نجودُ

قال الأصمعي:قدم على يزيد بن المهلب قوم من قضاعة من بني ضبّة،فقال رجل منهم:

والله ما ندري إذا ما فاتنا

طلب إليك من الذي نتطلب؟

ولقد ضربنا في البلاد فلم نجد

أحداً سواك إلى المكارم يُنسب

فاصبر لعادتنا التي عودتنا

أو لا فأرشدنا إلى من نذهب؟

أحدهم:

إذا نزل الفضلُ بن يحيى ببلدة

رأيت بها غيثَ السماحةِ ينبتُ

فليس بسعال إذا سيل حاجة

ولا بمكبِ في ثرى الأرض ينكتُ

البديع الإسطرلابي:

أهدي لمجلسه الكريم وإنما

أهدي له ما حزت من نعمائه

كالبحر يمطره السحاب وما له

فضل عليه لأنه من مائه

أحدهم:

كسوتني حلةً تبلى محاسنها

فسوفَ أكسوكَ من حُسنِ الثناءِ حُللا

إن نلت حسن الثناء قد نلت مكرمة

وليس تبغي بما قدمته بدلا

إن الثناء ليُحي ذكر صاحبه

كالغيث يحي نداه السهل والجبلا

لا تزهد الدهر في عرف بدأت به

كل امرىء سوف يجزى بالذي فعلا

الفقيمي:

ما كلّفَ الله نفساً فوقَ طاقتها

ولا تجودُ يداً إلا بما تجِدُ

أحدهم:

إذا أتت العطية بعد مُطلٍ

ذممناها ولو كانت جزيله

ونفرحُ بالعطية حين تأتي

معجلة ولو كانت قليله

السيد الحميري:

هِمّةٌ تنطحُ الثريا وعزٌّ

نبويٌّ يزعزعُ الأجبالا

وعطاءٌ إذا تأخرَ عنه

سائلوهُ اقتضاهم استعجالا

والبة بن الحباب:

وقتلتني بالجودِ بل أحييتني

يا قاتلَ الأعداءِ بالصّمصامِ

طرفي تحيّر فيك فرط مهابة

وتطاولت مِدحي وحار كلامي

أحدهم:

لا يُبعدِ الله قوماً إن سالتهمُ

أعطوا وإن قلتُ يا قوم انصروا نصروا

وإن أصابهم نعماءُ سابغةٌ

لم يَبطروها وإن فاتتهم صبروا

أبو الشّغب العبسي:

لنا جانبٌ منه يلينُ وجانبٌ

ثقيلٌ على الأعداء،مركبه صَعبُ

وتأخذهُ عند المكارم هِزّةٌ

كما اهتزَّ تحت البارحِ الغصنُ الرّطبُ

أبو الشيص الخزاعي:

عشِقَ المكارمَ فهو مُشتغلٌ بها

والمكرماتُ قليلةُ العُشّاقِ

بثَّ الصنائعَ في البلادِ فأصبحتْ

تُجبى إليه محامدُ الآفاقِ

أبو الشيص الخزاعي:

تكاملت فيكَ أوصافُ خُصصتَ بها

فكلنا بك مسرورٌ ومغتبطُ

السنُ ضاحكة والكفُّ مانحة

والنفسُ واسعة والوجه منبسطُ

أبو الشيص:

إنَّ الأمانَ من الزمان وريبه

يا عُقبَ شَطّا بحرك الفياض

بحرٌ يلوذُ المعتفونَ بِنَيلهِ

فَعمُ الجداولِ مُترع الأحواض

غيث توشّحت الرياض عِهاده

ليث يطوف بغابة وغياض

ومُشمرٍ للموت ذيلَ قميصهِ

قاني القناة إلى الردى خوّاض

فَيدٌ تدفّق بالندى لوليّه

ويدٌ على الأعداء سمٌ قاضِ

 

ابن النبيه:

كم اصطنعت وكم أوليتني حسناً

فليس يبلغ أقصى الشكر أدناه

دامت علينا به النعمى وأمتنا

مما نخاف أدام الله نعماه

أرجو لقاك لآمال ومنزلة

فأنت لي سبب،والرازق الله

فأغنني يا ابن ذي المجد العلي وكن

لي مسعداً في الذي أرجو وأخشاه

 

أبو الشيص:

وركائبٍ صرفتْ إليكَ وجوهَها

نكباتُ دهرٍ للفتى عضّاضِ

شَدَّوا بأعوادِ الرّحال مَطيّهمْ

من كلِّ أهوجَ للحصى رضَّاضِ

يرمين بالمرء الطريقَ وتارةً

يحذفن وجهَ الأرضِ بالرضراض

قطعوا إليكَ رياض كل تنوفة

ومهامةٍ مُلس المتون عراضِ

أكل الوجيفُ لُحومَها ولحومَهم

ولقد أتتكَ على الزمانِ سواخطاً

فأتوكَ أنقاضاً على أنقاضِ

فرجعنَ عنكَ وهنَّ عنه رواضِ

يزيد بن حِمّان السَّكوني:

ومنْ تَكرُّمهم في المَحْلِ أنّهمُ

لا يعلمُ الجار فيهم أنه الجارُ

أحدهم:

أبى جوده لا البخلِ واستعجلتْ به

نَعمٌ من فتىً لا يمنع الجودَ قاتله

ابن مُناذر:

فما خُلِقتْ إلا لجودٍ أكفهم

وأقدامهمْ إلا لأعواد مِنبرِ

أحدهم:

ضحوكُ السّنِ يطربُ للعطايا

ويفرحُ إن تُعرِّضَ بالسؤالِ

أحدهم:

لهُ سحائبُ جودٍ في أنامله

أمطارُها الفضّةُ البيضاءُ والذّهبُ

يقول في العسر:إن أيسرت ثانيةً

أقصرتُ عن بعضِ ما أُعطي وما أهبُ

حتى إذا عادت أيامُ اليسار له

رأيتَ أموالَهُ في الناس تُنتهبُ

أبو الأسد الحِماني التميمي :

ولائمةٍ لامتك ـ يا فَيضُ ـ في الندى

فقلتُ لها:لن يَقْدَحَ اللومُ في البحرِ

أرادت لِتنهى الفيضَ عن عادة الندى

ومن ذا الذي يثني السحابَ عن القَطرِ

مواقعُ جودِ الفيض في كلِّ بلدةٍ

مواقِعُ ماءِ المُزنِ في البلدِ القَفرِ

كأنَّ وفودَ الفيضِ لما تحملّوا

إلى الفيضِ لاقوا عنده ليلة القدرِ

أحدهم:

وما خُلقت إلا لجودٍ أكفّهم

وأقدامهم إلا لأعواد منبرِ

أحدهم:

كِرامٌ حينَ تنكفت الأفاعي

إلى أجحارهن من الصقيعِ

شمس الدين البديوي:

إذا المرءُ وافى منزلاً منكَ قاصداً

قِراكَ وأرمتهُ لديك المسالكُ

فَكُنْ باسماً في وجههِ مُتهللاً

وقُلْ مرحباً أهلاً ويومٌ مباركُ

وقَدّم له ما تستطيعُ من القِرى

عَجولاً ولا تبخل بما هو هالكُ

فقد قيل بيتٌ سالِفٌ متقدم

تداوله زيد وعمرو ومالكُ

بشاشةُ وجهِ المرءِ خيرٌ من القِرى

فكيفَ بمن يأتي به وهو ضاحِكُ

أحدهم:

مطية الضيف عندي مثل صاحبها

لا أكرم الضيف حتى أكرم الفرسا

أحدهم:

لو لم ترد ما أرجو وأطلبه

من جود كفيك ما علّمتني الطلبا

أحدهم:

أفسدت بالمنِّ ما أسديت من حسن

ليس الكريم إذا أسدى بمنانِ

أحدهم:

وإنَّ امرأً ضَنّتْ يداهُ على امرىءٍ

بنيلِ يدٍ من غيره لبخيلُ

أحدهم:

من قاسَ جدواك يوماً

بالسُّحبِ أخطأ مدحكْ

فالسُّحبُ تعطي وتبكي

وأنتَ تُعطي وتضحك

زياد بن حمل العدوي:

غمرُ النّدى لا يبيتُ الحقُّ يثمدُهُ

إلا غدا وهو سامي الطرف مبتسمُ

إلى المكارمِ يبنيها ويعمرُها

حتى ينالَ أموراً دونها قُحَمُ

أبو مناذر:

فما صلحت إلا لجودٍ أكفُّهمْ

وأرجلهم إلا لأعوادِ منبر

أبو زبيد الطائي:

سأقطعُ ما بيني وبين ابن عامر

قطيعة وصل لستُ أقطع جافيا

فتى يُتبعُ النّعمى بنعمى تربها

ولا يتبع الإخوان بالذمِّ زاريا

إذا كانَ شكري دونَ فيضِ بنانهِ

وطاولني جوداً فكيف اختياليا

المسيب ابن عامر:

جزى الله عني والجزاءُ بكفّهِ

عُمارةَ عبسٍ نضرةً وسلاما

كسيفِ الفِرند العضبِ أُخلِصَ ؤصقلهُ

تُراوحهُ أيدي الرجال قياما

إذا ما ملّماتِ الأمور غَشينهُ

تفرَّجنَ عنهُ أصَلتياً حساما

لَعمرُكَ ما ألفيتهُ مُتعبساً

ولا مالهُ دونَ الصديقِ حراما

عبد الرحمن بن حسان الكلابي:

وركبٍ قد هَووا لك بعد ركبٍ

تَخطّوا نحو نارك كلّ نارٍ

تلفُّهم شآميةٌ بليلُ

ووجهُكَ والندى لهم دليلُ

إلى رحبِ الفناءِ ندٍ نجيبٍ

كأنَّ جَبينهُ سيفٌ صقيلُ

أغرُّ تُفرِّجُ الغّماء عنه

إمامتهُ الكريمةُ والرحيلُ

يزينُ الركبَ حينَ يكونُ فيهم

ويحمدُ المُرافقُ والخليلُ

كأنّ الأرضَ غذ فقدت عُميراً

وإن جادَ الربيعُ بها مَحولُ

أحدهم:

وما كسبَ المحامدَ طالبوها

بمثلِ البذلِ والوجهِ الطليقِ

أحدهم:

ما كلفّ الله نفساً فوق طاقتها

ولا تجودُ يدٌ إلا بما تجدِ

أحدهم:

يجودُ علينا الخيِّرونَ بمالهم

ونحنُ بمالِ الخيِّرينَ نجودُ

أحدهم:

ولائمة لامتكَ يا فيضُ في النّدى

فقلتُ لها هل يقدحُ اللومُ في البحرِ؟

أرادت لتثني الفيض عن عادة النّدى

ومن ذا الذي يثني السحابَ عن القَطرِ

أحدهم:

وكأنّهُ من وفدهِ عندَ القِرى

لولا مقامُ المادحِ المُتكلمِ

وكأنّهُ أحد النّدى ببابه

لولا مقالتهُ أطِبْ للمؤدَمِ

مطرود بن كعب الخزاعي:

يا أيّها الرّجلُ المُحوِّلُ رحلَهُ

ألا نزلتَ بآلِ عبدِ منافِ

هَبلتكَ أمُّكَ لو نزلت عليهم

الآخذونَ العهدَ من آفاقها

ضمِنوكَ من جوعٍ ومن إقرافِ

والرّاحلونَ لرحلةِ الإيلافِ

والمُطعمونَ إذا الرِّياحُ تناوحتْ

ورجالُ مكّةَ مُسنتونَ عجافُ

والمُفضلونَ إذا المحولُ ترادفتْ

والقائلونَ هَلُمَّ للأضيافِ

والخالطونَ غَنيّهم بفقيرهم

حتى يكونَ فقيرهم كالكافي

 

أحدهم:

ألم تعلمي يا عمرك الله أنني

كريم على حين الكرام قليل

وإني لا أخزى إذا قيل مقتر

جواد وأخزى أن يقال بخيل

وإلا يكن عظمي طويلاً فإنني

له بالخصال الصالحات طويل

إذا كنت في القوم الطوال فضلتهم

بطولي حتى يقال طويل

أحدهم:

ما لقينا من جودِ فضل بن يحيى

ترك الناسَ كلّهم شعراء

أحدهم:

السّمحُ في الناسِ محمودٌ خلائقهُ

وجامدُ الكفِّ ما ينفكُّ مذموما

أحدهم:

فتىً لا تراهُ الدهرَ إلا مُشمراً

ليدرك مجداً أو ليرغمَ لوّما

تَقسّمت الأموالُ عن طيبِ ذكرهِ

وإن كان يُبكيها إذا ما تبسما

أحدهم:

ورُبَّ جوادٍ يمسك الله جوده

كما يُمسك الله السحاب عن المطر

ورُبَّ كريمٍ تعتريه كزازةٌ

كما قد يكون الشوك في أكرم الشجر

أحدهم:

فتىً جواداً أعارَ النّيلَ نائله

فالنيلُ يشكرُ منه كثرةَ النيلِ

أمضى من النجم إن نابتهُ نائبةٌ

وعند أعدائهِ أجرى من السيلِ

يُقصّرُ المالُ عنهُ في مكارمهِ

كما يُقصّرُ عن أفعالهِ قولي

لا يستريحُ إلى الدنيا ولذّتها

ولا تراهُ إليها ساحبَ الذيلِ

أحدهم:

يا ضيفنا لو زرتنا لوجدتنا

نحن الضيوف وأنت ربُّ المنزلِ

الهذلول بن كعب:

لعمر أبيك الخير إني لخادم

لضيفي وإني إن ركبت لفارس

أحدهم:

وتأخذهُ عندَ المكارمِ هِزّةٌ

كما اهتزَّ تحت البارحِ الغصنُ الرّطبُ

أحدهم:

يزدحمُ الناس على بابهِ

والمنهلُ العذبُ كثيرُ الزحام

أحدهم:

نغالي اللحمَ للأضيافِ نيئاً

ونرخصهُ إذا نضجَ القدور

أحدهم:

قومٌ إذا نزلَ الغريبُ بدارهم

تركوهُ ربَّ صَواهلٍ وقيانِ

وإذا دعوتهم ليومِ كريهةٍ

سَدُّوا شعاعَ الشمسِ بالفرسانِ

لا ينقرونَ الأرضَ عند سؤالهم

لِتلمُسِ العِلّاتِ بالعيدانِ

بل يبسطونَ وجوههم فترى لها

عند السؤالِ كأحسنِ الألوانِ

أحدهم:

أتيتُك لا أدلي بقربى ولا يدٍ

إليك سوى أني بجودكَ واثقُ

فإن تولني عُرفاً أكن لك شاكراً

وإن قلت لي عذراً أقل أنتَ صادقُ

أحدهم:

وما أبالي إذا ضيفٌ تضَيفني

ما كان عندي إذا أعطيتُ مجهودي

جُهدُ المقِلّ إذا أعطاك مصطبراً

ومُكثرٌ من غنىً سِيانِ في الجودِ

أحدهم:

إنّي حَمدتُ بني شيبان إذ خَمدتْ

نيرانُ قومي فَشّبتْ فيهم النارُ

ومن تكرّمهم في المَحْلِ إنّهم

لا يَحسبُ الجارُ فيهم أنه جارُ

أبو الفرج الببغاء:

يا عارضاً لم أشم مذ كنت بارقه

إلا رويت بغيث منه هطّال

رُويدَ جودكَ قد ضاقت به هممي

وردَّ عني برغم الدّهرِ إقلالي

لم يبق لي أمل أرجو نداك بهِ

دهري لأنك قد أفنيت آمالي

 

مروان بن صرد:

أنفقتَ مالكَ تُعطيهِ وتبذلهُ

يا مُتلِفَ الفضة البيضاءِ والذهبِ

 

أبو الشغب العبسي وتروى للأقرع بن معاذ العامري:

وتأخذهُ عندَ المكارمِ هِزّةٌ

كما اهتزّتْ تحتَ البارحِ الغُصنُ الرّطبُ

ابن أبي حَصينة:

جادتْ يداكَ إلى أن هُجِّنَ المطرُ

وزانَ وجهُكَ حتى قُبِّحَ القمرُ

أمستْ عقولُ البرايا فيكَ حائِرةٌ

فليسَ يُدرى هِلالٌ أنتَ أم بشرُ

سهل بن هارون:

خِلٌ إذا جئتَهُ يوماً لتسألهُ

أعطاكَ ما ملكتْ كفاهُ واعتذرا

يُخفي صنائعهُ،واللهُ يظهرها

إنَّ الجميلَ إذا أخفيتهُ ظهرا

 

أحدهم:

ما كلف الله نفساً فوق طاقتها

ولا تجودُ يد إلا بما تجِدُ

حافظ إبراهيم:

أيا ابنَ الأكرمين أباً وجدّاً

ويا بنَ عُضادةِ الدينِ القويمِ

أتيتُكَ والخطوبُ تُزِفُّ رَحلي

ولي حالٌ أرقُّ من السديمِ

وقد أصبحتُ من سعي وكدحي

على الأرزاقِ كالثوبِ الرّديمِ

فلا تُخِلقْ ـ فُديتَ ـ أديمَ وجهي

ولا تقطع مُواصلةَ الحميمِ

حافظ إبراهيم:

خيرُ الصنائعِ في الأنامِ صنيعةٌ

تنبو بحاملها عن الإذلالِ

وإذا النَّوالُ أتى ولم يُهرَقْ له

ماءُ الوجوهِ فذاكَ خيرُ نوالِ

من جاد بعد السؤالِ فإنّهُ

ـ وهو الجواد ـ يُعَدُّ في البُخالِ

حافظ إبراهيم:

فتسابقوا الخيراتِ فهي أمامكم

ميدانُ سَبْقٍ للجوادِ النّالِ

والمحسنون لهم على إحسانهم

يوم الإثابةِ عشرةُ الأمثالِ

وجزاءُ ربِّ المحسنين يَجِلُّ عن

عدٍّ وعن وزنٍ وعن مكيالِ

حافظ إبراهيم:

أهلِ اليتيمِ وكهفهِ وحُماتهِ

وربيعِ أهلِ البؤس والإمحالِ

لا تُهملوا في الصالحاتِ فإنّكم

لا تجهلوا عواقبَ الإهمالِ

إني أرى فُقراؤكم في حاجةٍ

لو تعلمون لقائلٍ فعّالِ

حافظ ابراهيم:

يبذلُ المعروفَ في السرِّ كما

يرقبُ العاشِقُ إغفاءَ الرّقيبِ

حافظ ابراهيم:

تنزلُ الأضياف منه والمنى

والخِلالُ الغُرُّ في مرعىً خصيبِ

حافظ ابراهيم:

وحياءٌ عندَ العطيّةِ ينفي

خجلَ السائلِ الكريم الأبي

يا كريماً حَللتَ ساحَ كريمٍ

وضعيفاً حللتَ ساحَ القوي

حافظ إبراهيم:

أقرضوا الله يُضاعفُ أجركم

إنّ خيرَ الأجرِ أجرٌ مُدّخر

حافظ إبراهيم:

نَهشُّ إلى الدينارِ حتى إذا مشى

بهِ ربُّهُ للسوقِ ألفاهُ درهما

فلا تحسبوا في وفرةِ المالِ لم تُفِدْ

متاعاً ولم تعصمْ من الفقرِ مغنما

فإنَّ كثيرَ المالِ والخفضُ وارِفٌ

قليلٌ إذا حلَّ الغلاء وختّما

 

دعوةُ البائسِ المعذّبِ سورٌ

يدفعُ الشرَّ عن حياضِ الكرامِ

وهي حربٌ على البخيلِ وذي البغي

وسيفٌ على رقابِ اللئامِ

إنَّ هذا الكريمُ قد صان عرضي

وحماني من عادياتِ السّقامِ

حافظ ابراهيم:

لهفَ نفسي على انبساطكَ للضيفِ

وذَيالكَ الحديثُ الشهيُّ

خُلُقٌ مثلما انشقت أريج الزّهرِ

جادته زورةُ الوَسمي

واهتزازٌ للِعُرفِ مثلَ اهتزازِ

السيفِ في قبضةِ الشجاعِ الكمي

وحياءٌ عند العطيّةِ ينفي

خجلَ السائلِ الكريمِ الأبي

حافظ ابراهيم:

قد كانَ متلافاً لأموالهِ

وكانَ نَهَّاضاً بمن يَعثُرُ

أوشكَ أن يُفقره جودُهُ

ومن صنوفِ الجودِ ما يُفقِرُ

 

أحمد شوقي:

ويكادُ من طربٍ لعادته النّدى

ينسلُّ للفقراء من أثوابه

الطيّبُ ابن الطيبين وربما

نضح الفتى فأبانَ عن أحسابه

شوقي:

ألا في سبيل الله والحقّ طارف

من المال لم تبخلْ به وتليد

وجودك بعد المال بالنفس صابراً

إذا جزع المحضور وهو يجود

شوقي:

فإذا سخوتَ بلغتَ بالجودِ المدى

وفعلتَ ما لا تفعل الأنواء

والحسنُ من كرم الوجوه وخيره

ما أوتى القوادُ والزعماء

شوقي:

سراة مصر،عهدناكم إذا بسطت

يد الدعاء،سراة غير بُخّالِ

تبين الصدق من مين الأمور لكم

فامضوا إلى المال لا تلووا على الآلِ

محمود سامي البارودي:

بسطتَ يداً بالخيرِ فينا كريمةً

هي الغيثُ أو في الغيثِ منها شمائل

 

محمود سامي البارودي:

كَرَمُ الطّبعِ شِيمةُ الأمجادِ

وجفاءُ الأخلاقِ شأنُ الجمادِ

لن يسودَ الفتى ولو ملكَ الحكمة

ما لم يكن من الأجوادِ

 

خليل مطران:

ولرّبما كذبَ الجوادُ

فكانَ اصدق في السخاء

يُخفي الكريمُ مكانَهُ

فتراهُ أطيارُ السماء

خليل مطران:

رَميتَ بِحُرِّ المالِ مرمى زِرايةٍ

كأنّكَ تُلقيهِ جُزافاً إلى البحرِ

خليل مطران:

نِعمَ الثوابُ لذي مآثرَ في الندى

فرضتْ محبتهُ على الأجيالِ

خليل مطران:

يهِبُ الهِباتِ لغيرِ ما عِللٍ

فيزيدُها براً تجرُّدها

ويكادُ يُنقصُ فضلُ باذلها

في غِبْنِ نائلها تعودّها

شأنُ النفوسِ وقد تَنزّهَ عن

إحرازِ شُكرِ الناس مقصدُها

خَلُصتْ لوجهِ الخيرِ نيتها

فزكا من الذكرى تزددها

يا راحلاً رُزءُ القلوبِ به

لم ينتقصْ منهُ تعدُّدها

 

خليل مطران:

مهما تَقِلَّ ثمالةُ الموجودِ

لا تحرمِ المسكينَ قطرةَ جُودِ

فإذا حباكَ الله فضلاً واسعاً

فالبخلُ خسرانٌ وشبهُ جحودِ

بيضُ الأيادي خيرُ ما أسلفتَهُ

دفعاً لآفاتِ الليالي السودِ

والمالُ أعودُهُ وأجزلُهُ رِياً

ما كانَ فرضَ العبد للمعبودِ

خليل مطران:

برِّقةِ الجودِ استرّقوا النهى

والجودُ من يُعطي ومن يسترُ

 

خليل مطران:

أدركتَ من كرمٍ وهم لم يُدركوا

ما للحوادثِ من بعيدِ عواقبِ

الجودُ للمُبقي على أموالهِ

هو أوّلُ الرأيُ السديد الصائبِ

وبهِ يُوقى العالِمونَ تحوُّلاً

راعَ النهى بنذيرهِ المتعاقبِ

خليل مطران:

أيصدقُ كلّ الصدقِ ما هو مُوعدٌ

ويكذبُ كُلَّ الكذبِ ما هو واعِدُ

اسماعيل صبري:

مَن كفّهُ بحرُ عطاء زاخرٌ

منهُ جميعُ السُحبِ تستجدي

من ذا الذي في الناس من بعدهِ

يليقُ بالمدحِ أو الحمدِ

اسماعيل صبري:

وما الغيثُ إلا من بحارِ نوالهِ

ألم ترها تُروى الوفودَ بلا نهر

ألم ترَ كيفَ الغيثُ يبكي إذا همى

وهذا الذي يُولي ويضحك بالبشر

فقل للذي قد رامَ حصرَ صفاتهِ

رُويدكَ يا هذا القطرِ من حَصرِ؟

مآثرُ علياهُ التي شاعَ ذِكرُها

تحلّت بها مصرٌ ومن حلَّ في مصرِ

اسماعيل صبري:

سَمْحٌ تراهُ إذا حللتَ بحيّهِ

أبداً يحنُّ إلى خصالِ الجودِ

طبعاً يميلُ إلى السماحِ وأهلهِ

كتمايلُ الأغصانِ بالتأويد

 

خليل مردم بك:

صُنعُ الجميلِ وفِعلُ الخير إن أُثرا

أبقى وأحمد أعمال الفتى أثرا

بل لستُ افهم معنى للحياة سوى

والناسُ ما لم يواسوا بعضهم فَهُم

عن الضعيفِ وإنقاذِ الذي عثرا

كالسائماتِ وإن سميّيتهم بشرا

إن كان قلبكَ لم تعطفه عاطفة

على المساكين فاستبدل به حجرا

هي الإغاثة عنوانُ الحياة فإنْ

فقدتها كنت ميتاً بعد ما قُبرا

ديني الذي عُظمت عندي شعائره

ودينُ كلِّ امرىءٍ قد رقَّ أو شعرا

 

خفضُ الجناحِ لأبناء السبيل إذا

ما ازداد خدي لذي الكبرياء صعرا

بسْلٌ على العين تكرى بالنعيم إذا

ما كان جاري من ضرَّائه سهرا

فجنةُ الخلدِ ما أنفكُّ أحسبها

إذا انفردت بها دون الورى سقرا

قومي:ودعوتهم قد كانت الجَفلى

إن كان غيرهم يختصُّ بالنَقرى

المؤثرون ولو أعيت خصاصتهم

والحافظون إذا ما غيرهم غدرا

 

إيليا أبو ماضي:

لا يقبضون مع اللأواء أيديهم

وقلّما جاد ذو وفر مع الأزمِ

 

ناصيف اليازجي:

يُسَرُّ بما يُعطي مَسَرةَ آخذٍ

فيشكرُ منّا طارقاً شكرَ طارقِ

لهُ في رؤوسِ القومِ تيجانُ نعمةٍ

وأطواقُ أمنٍ في نحورِ العواتقِ

ناصيف اليازجي:

إذا نابَ خَطبُ الدهرِ فادعُ تَيمناً

بأسعدِ خلقِ الله دعوةَ واثقِ

عزيزٌ أذلَّ الدهرَ وهو عدوّهُ

لأن الخنا في سوقهِ غيرُ نافقِ

كريمُ السجايا ملءُ قلبِ مؤملٍ

وراحةِ مُستجدٍ ومقلة وامقِ