من طرائف الشعر

من طرائف الشعر

حافظ إبراهيم

إنّي دُعيتُ إلى احتفالكَ فجأةً
فأجبتُ رغمَ شواغلي وسَقامي
ودعوتُ شعري يا “أمينُ” فخانني
أدبي ولم يرعَ القريضُ ذمامي
فأتيتُ صِفرَ الكفِّ لم أملكْ سوى
أملي بصفحكَ عن قصورِ كلامي
ياسيدي وإمامي
ويا أديبَ الزمانِ
قد عاقني سوءُ حظّي
عن حفلة المهرجانِ
وكنتُ أولَ ساعٍ
إلى رحابِ “ابن هاني”
لكن مرضنُ لنحسي
في يوم ذاكَ القِرانِ
وقد كفاني عقاباً
ما كانَ من حرماني
حُرمتُ رؤية “شوقي”
ولثمِ تلك البنانِ
فاصفح فأنتَ خليقٌ
بالصفحِ عن كلِّ جاني
وعشْ لعرشِ المعاني
ودٌمْ لتاجِ البيانِ
إن فاتني أن أُوفّي
بالأمسِ حقّ التهاني
فاقبلهُ مني قضاءً
والله يقبل منا
(حافظ يعتذر لشوقي عدم حضور قران ابنته لمرضه)

وكنْ كريمِ الجنانِ
الصلاةَ بعد الأوان
يُرغي ويُزبدُ بالقافاتِ تحسبها
قصفَ المدافعِ في أُفقِ البساتينِ
من كلِّ قافٍ كأنّ الله صورّها
من مارجِ النارِ تصويرَ الشياطينِ
قد خصّهُ الله بالقافاتِ يعلِكها
واختصَّ سبحانه بالكافِ والنونِ
يغيبُ عنه الحَجا حيناً ويحضرهُ
حيناً فيخلِك مختلاً بموزونِ
يُعفى من المهرِ إكراماً للحيتهِ
(يداعب الدكتور محجوب ثابت الذي عرف بكثرة ورود حرف القاف في حديثه)

ولما أظلّتهُ من دنيا ومن دينِ
وبيتي فارغٌ لاشىءَ فيه
سوايَ،وإنني في البيتِ عاري
ومالي جزمةٌ سوداءُ حتى
أوافيكمُ على قُربِ المزارِ
وعندي من صحابي الآن رهطٌ
إذا أكلوا فآسادٌ ضواري
فإن لم تبعثنَّ إليّ حالاً
بمائدةٍ على متنِ البُخارِ
تغطيها الحلوى صنوفٌ
ومن حَمَلٍ تتبتلَ بالبهارِ
فإني شاعرٌ يُخشى لساني
وسوفَ أُريكَ عاقبةُ احتقاري
عَطّلتَ فنَ الكهرباءِ فلم نجدْ
شيئاً يعوقُ مسيرها إلاكا
تسري على وجهِ البسيطةِ لحظةً
(حافظ يصف إنساناً عظيم البطن)

فتجوبها وتحارُ في أحشاكا
ثقلت عليكَ مؤونتي
إني أراها واهيهْ
فافرحْ فإنّي ذاهبٌ
(مخاطباً خاله)

مُتوجهٌ في داهيهْ
لي ولدٌ سميّتهُ حافظاً
تيمناً بحافظ الشاعرِ
كحافظ إبراهيم لكنّهُ
أجملُ خلقاً منهُ في الظاهرِ
فلعنةُ الله على حافظٍ
إن لم يكن بالشاعرِ الماهرِ
لعلّ أرض الشام تُزهى به
على بلاد الأدبِ الزاهرِ
على بلادِ النيل تلك التي
تاهت بأصحابِ الذكاء النادرِ
شوقيو مطرانو صبري ومن
سميتهُ في مطلعي الباهرِ
يقولون أن الشوق نارُ ولوعة
فما بال(شوقي) أصبح اليوم بارد

فأجابه أحمد شوقي

وأودعتُ إنساناً وكلباً وديعة
فضيّعها الإنسانُ والكلبُ(حافظ)

أحمد شوقي

إذا مانفقت ومات الحمار
أبينك فرق وبين الحمار
لنا صاحبٌ قد مُسَّ إلا بقية
فليسَ بمجنون،وليسَ بعاقلِ
لهُ قدمٌ لا تستقرُّ بموضعٍ
كما يتنزى في الحصى غيرُ ناعلِ
إذا ما بدا في مجلسٍ ظُنَّ حافلاً
من الصخبِ العالي،وليسَ بحافلِ
ويُمطرنا من لفظهِ كلّ جامدٍ
ويُمطرنا من رَيلهِ شرَّ سائلِ
ويُلقي على السُّمارِ كفاً دعابُها
كَعضّةِ بردٍ في نواحي المفاصلِ
سقط الثقيلُ من السفينةِ في الدجى
فبكى الرفاقُ لفقدهِ وترّحموا
حتى إذا طلعَ النهارُ أتت به
نحوَ السفينة كوجةٌ تتقدّمُ
قالت خذوهُ كما أتاني سالماً
لمأبتلعهُ لأنهُ لا يُهضمُ
رزقت صاحب عهدي
وتمَّ لي النسلُ بعدي
هم يحسدوني عليه
ويغبطوني بسعدي
ولا أراني ونجلي
سنلتقي عند مجدِ
وسوف يعلم بيتي
أني أنا النسلُ وحدي
فيا علي،لا تلمني
فما احتقارُكَ قصدي
وأنتَ مني كروحي
وأنتَ أنتَ عندي
فغن أساءكَ قولي
كذب أباك بوعدِ
صارَ شوقي أبا علي
في الزمانِ”الترلّلي”
وجناها جنايةً
(بعدما بُشر بابنه علي)

ليسَ فيها بأوّلِ
لقد وافتني البشرى
وأنبئتُ بما سرّا
وقالوا عنك لي أمس
ربحت النمرة الكبرى
فيا مطران،ما أولى
ويا مطران،ما أحرى
لقد أقبلت الدنيا
فلا تجزع على الأخرى
أخذت الصفر باليمنى
وكان الصفر باليسرى
وكانت فضة بيضا
فصارت ذهباً صفرا
وقال البعض:ألفين
(شوقي في خليل مطران بعد ربحه اليانصيب)

وقالوا: فوق ذا قدرا

خليل مطران

ومأدبةٍ بالنيوبِ الحِدادِ
غزونا مآكلها الطيبهْ
أكلنا بلا أدبٍ ما بها
ففيمَ يُقالُ لها مأدُبه

إبراهيم ناجي

يا جمالَ الصِّبا وأنس النفوسِ
خبرينا عن زوجكِ المنحوسِ
حَدّثي أنتِ عن عماهُ الحسّي
(يتحدث عن امرأة حسناء تزوجت أعمى بغيض)

وصفي لي الغرام بالتحسيسِ
بصرت به والصحنُ بالصحنِ يلتقي
فلم أرَ أبهى من غنيم وأظرفا
تراءى لهُ لحم فلم يدر عنه
كديك من بعد الطوى أم تخرفا
وأومأ لي باللحظِ يسألني به
أتعرفهُ ؟أومأتُ باللحظِ مسعفا
وقدمتهُ للديك وهو كأنما
يطيرُ إليهِ واثباً متلهفا
غنيم!أخونا الديك! قدّمتُ ذا لذا
فهذا لهذا بعد لأيٍّ تعرّفا
وما هي إلا لحظة وتغازلا
وقد رفعا بعد السلامِ التكلفا
فمالَ على الوركِ الشهيِّ ممزقاً
ومال على الصدرِ النظيف منظفا
جزى الله أسناناً هناك عتيقة
ظللن على الصحنِ الأباظيِّ عُكفا

علي الجارم

أتى رمضان غير أن سراتنا
يزيدون صوماً تضيقُ به النفس
يصومون صوم المسلمين نهاره
وصوم النصارى حين تغرب الشمس
تباً لهُ من ثقيل
دماً وروحاً وطينهْ
لو كانَ من قومِ نوح
لما ركبتُ السفينهْ
لنا شيخٌ تولّى أطيباهُ
يهيمُ بِحبِّ رباتِ القدودِ
يُغازلُ إذ يُغازلُ من قيامٍ
(أطيباه:الشباب والغنى)

وإن صلى يُصلي من قعودِ

عباس محمود العقاد

مُتحكّم في الراكبين
ومالهُ أبداً ركوبه
لهم المثوبة من بنانك
حين تأمر والعقوبة
مُرْ ما بدا لك في الطريق
ورض على مهل شعوبه
أنا ثائر أبداً وما في
ثورتي أبداً صعوبة
أنا راكبٌ رجلي فلا
(يصف عسكري المرور)

أمرٌ عليَ ولا ضريبة

حفني ناصف

أتذكر إذ كنا على القبرِ ستة
نعدّدُ آثارَ اللإمامِ ونندبُ
وقفنا بترتيب وقد دبَّ بيننا
ممات على دفق الرثاء مرتبُ
أبو خطوة ولّى وقفّاه عاصم
وجاءَ لعبد الرزاق الموت يطلبُ
فلبى وغابت بعده شمسُ قاسم
وعما قليل نجم حياتي يغربُ
فلا تخشَ هلكاً ما حييتُ وإن أمت
فما أنتَ إلا خائفٌ تترقبُ
فخاطر وقعْ تحت القطار ولا تخفْ
ونمْ تحت بيت الوقف وهو مخربُ
وخضْ لجج الهيجاءِ أعزلَ آمناً
فإن المنايا عنك تنأى وتهربُ

أرسل حفني ناصف هذه الرسالة إلى حافظ إبراهيم وكانوا ستة مات الواحد تلو الآخر عندما كانوا يشيعون الشيخ محمد عبده وكانت الوفاة بالترتيب لكل منهم:الشيخ أحمد أبو خطوة،ثم حسن عاصم،ثم حسن عبد الرزاق،ثم قاسم أمين،ثم حفني ناصف وآخرهم حافظ إبراهي

ابن الرومي

يُخالفُ إخوانهُ في الطريق
إلى أن تضمهم المائدهْ
فبينا كذلك إذ هُمْ بهِ
مع القومِ كالحيّةِ الراصدهْ
يلينُ الطعامُ على ضرسهِ
ولو كانَ من صخرةٍ جامدهْ
ويأكلُ زاد الورى كلّه
ولكنها أكلةُ واحدهْ
ولو عاينتهُ جحيمُ الإله
لخرّتْ لمعدته ساجدهْ
ترى الأفدامَ يعتلفون ثوماً
ويغشونَ المجالسَ كالهمومِ
فشهمُ القومِ مأثومٌ بخمرٍ
وفدمُ القومِ مأثومٌ بثومِ
فإن عيرّتهم بالنتنِ قالوا:
كذا نكهاتُ أفواه القرومِ
فسوء الفعل يردفُ سوءَ قول
ونتن الثومِ يردفُ نتن لوم
ألا قبحاً على قبحٍ وسحقاً
لهاتيك المناظر والجسومِ
شهرُ القيام وإن عظمت حرمتهُ

شهرٌ طويلٌ ثقيلُ الظلِّ والحركهْ
يمشي الهوينا،وأما حين يطلبنا

فلا السُليكُ يُدانيه ولا السُلكهْ
يا صدقَ من قال: أيامٌ مباركةٌ

إن كانَ يُكنى عن اسمِ الطولِ بالبركهْ
شهرٌ كأنّ وقوعي فيهِ من قلقي

وسوءِ حالي وقوعُ الحوتِ في الشبكهْ
قد كان لولا دفاعُ الله يُسلمنا

إلى الردى ويُؤدينا إلى الهلكهْ
أصبحَ يعقوبُ وتبجيلُهُ
للخبزِ مرئيٌّ ومسموعُ
رغيفهُ في قَدرِ ديناره
بتلكمُ السّكة مطبوعُ
لا يشتكي ضيفٌ لهُ كِظّةً
لكنهُ يقتلهُ الجوعُ
لإبنِ أبي الجهمِ وجهُ سوءٍ
مُقَبحٌ ظاهرٌ قبوحه
يعلوهُ بغضٌ له شديد
على قلوبِ الورى طفوحه
بغض تراه ولا يراه
ولو لم يُقصّر به وضوحه
لولا عمى ناظريه عنه
لذاب حتى تجف روحه
رأيتُ جحظةَ يخشى الناسَ كُلَّهمُ
إذا هم عاينوهُ الفالجَ الذكرا
تخال ما برقابِ الناسِ من مَيَلٍ
عنهُ،إذا ماتراءى وجههُ ،صَعرا
وإن تبدّى بصوتٍ ،خرَّ سامعُهُ
للبردِ ميتاً،ولو درّعتهُ سقرا
تخالهُ أبداً من قبحِ منظرهِ
مجاذباً وتراً أو بالعاً حجرا
كأنّهُ ضفدعٌ في لُجّةٍ هرمٌ
إذا شدا نغماً أو كرّرَ النظرا
لو كان لله في تخليدنا قَدرٌ
مع قربه،ما أردنا ذلكَ القدرا

وجهُكَ يا عمرو فيهِ طولُ
مقابحُ الكلبِ فيك طرّاً
وفيهِ أشياء صالحات

وفي وُجوهِ الكلابِ طولُ
يزولُ عنها ولا تزولُ
حماكها الله والرسولُ
فالكلبُ وافٍ ،وفيكَ غدرٌ
ففيكَ عن قدْرهِ سُفولُ
وقد يُحامي عن المواشي
وما تُحامي ولا تصولُ
وأنتَ من أهلِ بيتِ سوءٍ
قصتهم قصةٌ تطولُ
وجوهُهم للورى عِظاتٌ
لكنَّ أقفاءَهم طبولُ
مُستفعلن فاعلن فَعولنْ
مستفعلن فاعلن فعول
بيتٌ كمعناكَ ليسَ فيهِ
معنىً سوى أنه فضولُ
عشقنا قفا عمروٍ وإن كان وجههُ
يُذكرنا قُبحَ الخيانةِ والغدرِ
فتى وجههُ كالهجرِ لا وصلَ بعدَهُ
وأما قفاهُ فهو وصلٌ بلا هجرِ
لكَ أنفٌ يا ابنَ حربٍ
أنِفتْ منهُ الأنوفُ
أنتَ في القدسِ تصلي
وهو في البيتِ يطوفُ
حملتَ أنفاً يراهُ الناسُ كُلّهمُ
من رأسِ ميل عياناً لا بمقياس
قولوا لنحوِّينا أبي حسن
إنّ حسامي متى ضربتُ مضى
لا يأمننَّ السفيهُ بادرتي
فإنني عارضٌ لمن عرضا
عندي لهُ السوطُ إن تلوّمَ
في السيرِ وعندي اللجامُ إن ركضا
أقسمتُ بالله لا غفرتُ له
إن واحداً من عروقهِ نبضا
عجبَ الناسُ من أبي الصقرِ إذ ولّ
ى بعد الإجارة الديوانا
ولعمري ما ذاك أعجبُ من أن
كان علجاً فصارَ من شيبانا
إنّ للجدِّ كيمياء إذا ما
مسَّ كلباً أحالهُ إنسانا
يفعلُ الله مايشاء كما شا
ء متى شاء كائناً ما كانا
كانَ للأرضِ مرةً ثقلانِ
فلها اليومَ ثالثٌ بِفلانِ
أتقي عُضّةَ اسمهِ عَلِمَ الله
فأُكنّي عن ذكرهِ بالمعاني
يا ثقيلَ الثَّقالِ أفديتَ عيني
ليتَ أنّي كما أراكَ تراني
من يكنْ غانياً بُحبِّ حبيبٍ
ففؤادي بِبُغضكَ الدهرَ عانِ
وما صلحَ الرأسُ الذي أنتَ حاملٌ
(أي لصفع القفا)

أبا حسنٍ إلا لقفدِ قَذالِ
رجل وجههُ كضرعِ المِردِّ
حاش لله،أو كَسحر المُفِدِّ
جدَليٌّ إذا تُنوزعَ شِعرٌ
شاعرٌ حضرة الجدال الألدِّ
مستجيرٌ من ذكرِ هذا بهذا
ما لديهِ لسائل من مَرَدِّ
وبغيض …من بغيضٍ
(يصف ثقيلاً)

وتعالى عن كلِّ مثلٍ ونِدِّ
وأمّا يدُ البصري في كلِّ صُحفةٍ
فأقلعُ من سيلٍ وأغرفُ من رَفشِ
يُغيرُ على مالِ الوزيرِ وآلهِ
فَيُنفِشُ في رُغفاتهمْ أيّما نفشِ
على أنّهُ ينعي إلى كلِّ صاحبٍ
ضُروساً له تأتي على الثورِ والكبشِ
يُخبّرُ عنها أنَّ فيها تَتلّماً
وذلكمُ أدهى وأوكدُ للِجِرشِ
ألم تعلموا أنّ الرّحى عند نقرها
وتجريشها تأتي على الصُلبِ والهشِ
إن تَطُلْ لحيةٌ عليكَ وتَعرُضْ
فالمخالي معروفةٌ للحميرِ
علّقَ الله في عِذاريك مِخلاةً
لو غدا حكمها إليَّ لطارت

ولكنها بغيرِ شعيرِ
في مهبِ الرياحِ كلَّ مطير
لحيةٌ أُهملتْ فطالتْ وفاضتْ
ألقِها عنكَ يا طويلة!أو لا
إرعَ فيها الموسى فإنكَ فيها

فإليها تُشيرُ كفُّ المشير
فاتبسها شرارةً في السعير
يشهدُ الله في آثامٍ كبير
ما رأتها عينُ امرىءٍ ما رآها
روعة تستخفهُ لم يُرعها
فاتقِ الله ذا الجلالِ وغيّر
أو فقصّرْ منها فحسبكَ منها
لو رأى مثلها النبيُّ لاجرى
واستحبَّ الإحفاءَ فيهن والحل

قطُّ إلا أهلَّ بالتكبير
من رأى وجهَ منكر ونكير
منكراً فيك ممكن التغيير
نصفُ شبرٍ علامة التذكير
في لحى الناسِ سُنّة التقصير
ق مكانَ الإعفاءِ والتوفير
ولحيةٍ ذاتِ أصوافٍ وأوبارِ
منها يُحاكُ أثاثُ البيتِ والدارِ
منها متاعٌ إلى حينٍ لصاحبها
وللعيالِ وللإخوانِ والجارِ
ولحيةٍ يحملها مائقٌ
شبه الشراعين إذا أُشرعا
لو قابلَ الريحَ بها مرةً
لم ينبعث من خطوهِ إصبعا
أو غاصَ بها في البحرِ غوصة
صاد بها حيتانهُ أجمعا
إنّ أبا عمرو لهُ لحيةٌ
بعيدةُ البعضِ عن البعضِ
مضى إلى السوقِ وعثنونهُ
أقامَ في البيتِ فلم يمضِ
وهو إذا مامرَّ في سكّةٍ
يملؤها بالطولِ والعرضِ
يدوسها الناسُ بأقدامهم
كأنها أرضٌ على أرضِ
إن أنتَ صادفتَ أخا لحيةٍ
قد جللّتْ من كبر صدرَهْ
فاقبض بِيُسراكَ على أصلها
وضع على حلقومهِ الشفره
فأنّي خشيت الله في قتلهْ
وخفتُ منهُ سطوةًَ مره
فَثِبْ إلى عُثنونهِ ناتفاً
فأتِ عليهِ شعرةً فشعرهْ
لله لحيةُ حائكٍ أبصرتها
ما أبصرتْ عيناي في مقدارها
إنّي لأحسبُ أن من أشعارها
هذا الأثاثُ معاً ومن أوبارها
تخالهُ أبداً من قُبحِ منظرهِ
مُجاذباً وتراً، أو بالعاً حجرا
كأنّهُ ضِفدعٌ في لُجّةٍ هَرمٌ
إذا شدا نغماً أو كررا النظرا
لو كانَ لله في تخليدنا قَدرٌ
(يهجو جحظة المغني)

مع قُربةِ ما أردنا ذلكَ القَدرا
يا رحمتا لمنادميهِ تجشّموا
(يصف جحظة المغني)

ألمَ العيونِ للّةِ الآذان
حسبي منها يانديمي حسبي
وقد أصدأت سمعي وغمّت قلبي
ومُسمعٍ لا عدِمتُ فَرقتهُ
فإنها نعمةٌ من النِّعمِ
يفتحُ فاهُ من الجهادِ كما
يفتحُ فاهُ لأعظمِ اللقمِ
كأنني طولَ ما أشاهدهُ
أشربُ كأسي ممزوجةً بدمي
يُفزِّعُ الصبيةَ الصغارُ به
إذا بكى بعضهم ولم ينمِ
بتُّ وباتَ الصبيانُ في أرقٍ
من بحّةٍ لم تزل تُفزّعنا
يبكون من خوفها ويُسهرني
بكاؤهم،فالبلاءُ يجمعنا
نحتالُ للنومِ كي يُواتينا
بكلِّ شىءٍ وليسَ ينفعنا
لا حفظَ الله تلك مُسمعةً
مايكرهُ السامعون تُسمعنا
تضغط الصوت الذي تشدو به
غصّةً في حلقها معترضهْ
فإذا غنّتْ بدا في جيدها
كلُّ عِرقٍ مثلُ بيتِ الأرضهْ
لها غناءٌ يُثيبُ الله سامعهُ
ضِعفي ثوابِ صلاةِ الليلِ والصومِ
ظللتُ أشربُ بالأرطالِ لا طَرباً
عليه،بل طلباً للسُّكرِ والنَّومِ
أبو سُليمان لا تُرضي طريقتهُ
لا في غناءٍ ولا تعليمِ صبيانِ
له إذا جاوبَ الطنبورُ محتفلاً
صوتٌ بمصر وضربٌ في خراسان
عواء كلب على أوتار منذقةٍ
في قُبحِ قردٍ وفي استكبارِ هامان
وتحسبُ العين فكيه إذا اختلفا
(يهجو مغنياً)

عند التنغمِ فكي بغلِ طحان
دُريرةُ تجلبُ الطّربا
ونزهة تجلبُ الكُربا
تُغني هذه فيظ
لُّ عنك الحزنُ قد غربا
وتعوي هذه فتُطي
لُ منكَ الحزنَ والوصبا
أقولُ لجامعٍ لهما:
(يمدح مغنية ويهجو أخرى)

لقد أحضرتنا عجبا
غَنَتْ فمسَّ القلبَ كلُّ كَرب
واستوجبتْ منّا أليمَ الضّربِ
إذا ما شنطفٌ نكهتْ أماتتْ
فمن ندمائها قتلى وصرعى
يُلاقي الأنفُ من فمها عذاباً
وترعى العين منها شرّ مرعى
وإنّ سكوتها عندي لبشرى
وإن غناءها عندي لمنعى
مُغنيةٌ حقاً بإسقاطِ نقطةٍ
إذا ماشدتْ ظلّتْ وأشداقها تُلّوى
لها نكهةٌ تحكي بها إن تكلمتْ
فأهدتْ إلى المُشتّمِ من ريحها الفسوى
إذا شهدت للقومِ في اللهوِ مَعرساً
غدا مأتماً يمحو بأحزانهِ اللهوى
وإنّ امرأً يقوى على لثمِ ثغرها
على الضغطِ والتعذيبِ في قبرهِ يقوى
شُنطف،يا عُوذة السمواتِ والأ
رضِ وشمس النهار والقمر
إن كان إبليسُ خالقاً بشراً
فأنتِ عندي من ذلكَ البشر
لم تقطعي قطُّ ذا منكايدةٍ
بل تقطعينَ الوتين بالبَخر
ترمينَ آنافنا بأسهمهِ
عن شرِّ قوسٍ،وشرِّ ما وتر
قَصُرتْ أخادِعهُ وغابَ قذاله
فكأنّهُ متربصٌ أن يُصفعا
وكأنّما صُفعتْ قفاهُ مرةً
(يصف أحدباً)

وأحسَّ ثانيةً لها فتجمّعا
وقصيرٍ تراهُ فوقَ يفاعٍ
فتراهُ كأنّهُ في غَيابهْ
لم تدعْ قفدهُ يدُ الدهرِ حتى
قمعتْ فيهِ طولَهُ وشبابهْ
وجَلتْ رأسَهُ نِعمّا فأضحى
بارزَ الصّرحِ ما يُواري صُؤابه
يا أبا حفصٍ الذي فطنَ الده
رُ لميدانِ رأسهِ فاستطابهْ
ظَرُفَ الدهرُ في اتخاذك صنعا
ناً وما خلتهُ ظريفَ الدّعابهْ
وصفعانٍ يجودُ بمصفعيه
ويصفع نفسه في الصافعينا
كهدمِ المشركين بيوت سوءٍ
بأيديهم وأيدي المؤمنينا
أبا حفصٍ جزاكَ الله خيراً
فأنتَ السيد المفضال فينا
قفاكَ لمن أراد الصفع وقفٌ
وعِرسك منحةٌ للناكحينا

ضَرطةُ إبراهيمَ في البَربخِ
كنفخة النافخِ في المِنفخِ
رِيعَ لها الأحياءُ من هولها
وأفزعَ الامواتَ في البرزخِ
لولا دفاعُ الله قد زلزلت
بالارضِ في أجبالها الشّمخِ
قد أحسنَ الله بأسماعنا
إذ سلمتْ منها فلم تُصمخِ
أنذرتُ من في دارهِ مطبخٌ
ضرطةَ إبراهيم من فرسخِ
بَخ بَخ لإبراهيم من ضارط
ذي ضرطة مرهوبة بَخِ بَخِ
يظلُّ من يسمعُ أهوالها
من صارخ ذُعراً ومُستصرخِ
ضراطُ ابن ميمون فيه سَعَهْ
وضرطُ أبي صالح في دَعَهْ
فيضرط هذا على رجلهِ
ويضرطُ هذا على أربعهْ
إذا ما تضارط هذا وذا
سمعت رعوداً لها قعقعهْ
أتيتُكَ شاعراً فهجوتَ شعري
وكانت هفوةً مني وغلطهْ
لقد أذكرتني مثلاً قديماً:
جزاءُ مُقبّلِ الوجعاء ضرطه
يا أيها السائلي لأخبره
عني،لِمْ لا أراك معتجرا
أسترُ شيئاً لو كان يمكنني
(يتحدث عن صلعته)

تعريفُهُ السائلينَ ما سُترا
تَعمّمتُ إحصاناً لراسي برهةً
من القُرِّ يوماً والحرور إذا سفع
عزمتُ على وضع العمامة حيلة
لتستر ما جرّت عليَّ من الصلع
نحن تركناهُ قصيراً أصلعا
من بعدِ ما كانَ طويلاً أفرعا
مازالَ يكسوه إذا ما استصفعا
صعفاً…حتى قرّعا
يا صلعةً لأبي حفص مُمرّدةً
كأنّ ساحتها مرآةُ فولاذِ
ترنُّ تحتَ الأكفِّ الواقعاتِ بها
حتى ترنّ لها أكنافُ بغداذِ
كم من غناءٍ سمعنا في جوانبها
من حاذقٍ بلحونِ الصنعِ أستاذِ
قُلْ لأبي حفصٍ إذا جئتهُ
قول أخي نُصحٍ وإرشادِ:
آنّىّ تزوجتُ على صَلعةٍ
كأنّها سِندانُ حداد
للموزِ إحسانٌ بلا ذنوبِ
ليسَ بمعدودٍ ولا محسوبِ
يكادُ من موقعهِ المحبوبِ
يدفعهُ البلعُ إلى القلوبِ
أقصِرٌ وعَورٌ
وصلعٌ في واحدِ؟
شواهدٌ مقبولةٌ
ناهيكَ من شواهدِ
تُخبرنا عن رجلٍ
أقمأهُ القفدُ فأض

مستعمل المقافدِ(صفيع القفا بباطن الكف)
حى قائماً كقاعدِ
إذا عُرضتْ لحيةٌ للفتى
وطالت وصارتْ إلى سُرتهِ
فنقصانُ عقل الفتى عندنا
بمقدارِ مازاد في لحيته
ولحيةٍ يحملها مائقٌ
شِبه الشّراعينِ إذا أُشرعا
لو قابل الريح بها مرةً
لم ينبعث من خَطوهِ إصبعا
أو غاص في البحر غوصةً
صادَ بها حيتانهُ أجمعا
شِبه عصا موسى ولكنّه
لم يخلق الله لها فاها
رِفقاً بزادِ القوم لا تُفنهِ
يا ناقة الله وسُقياها
أكلتُ رغيفاً عند عيسى فَملّني
وكان كهميِّ من مُحبٍّ مُقرّبِ
رآني قليلَ الخوفِ من لحظاتهِ
وذلك من شأني لهُ غيرُ مُعجبِ
يُريدُ أكيلاً رزؤُهُ من طعامهِ
كَرزءِ كتابٍ من تراب مُترِّبِ
إذا لحظتهُ عينُهُ عندَ مَضغهِ
طوى الانسَ طيَّ الخائفِ المُترقبِ
يُحبُّ الخميصَ البطنِ من أُكلائهِ
ويضحى ويُمسي بطنهُ بطنَ مُقرِبِ
وما أُنسُ ذي أُنسٍ لعيسى بمؤنسٍ
ولا وقعُ أضراسِ الأكيلِ بِمُطربِ
تَزوّدْ إذا آكلتهُ فهي أكلةٌ
وما أختها إلا كعنقاءِ مُغربِ
بخيلٌ يُصوِّمُ أضيافَهُ
ويبخلُ عنهم بأجرِ الصيامِ
يَدسُ الغلامَ فيوليهمُ
جفاءً فيُشتمُ مولى الغلام
فهم مُفطرونَ ولا يُطعمونَ
وهم صائمون وهم في آثام
فيحتالُ بخلاً لأن يُفطروا
على رفثِ القولِ دونَ الطعام
لقد جاءَ باللؤمِ من فصهِ
وتمَّ لهُ البخلُ كلَّ التمام
يا أيها الهارب من دهرهِ
أدرككَ الدهرُ على خيله
يسوق من نقرته طرة
إلى مدى يقصرُ عن نيله
فوجههُ يأخذ من رأسه
أخذ نهارِ الصيف من ليله
مثل الذي يرفع من جبينه
وهباً بما يأخذ من ذيله
من كانَ يبكي الشّبابَ من جزعٍ
فلستُ أبكي عليهِ من جزعِ
لأنَّ وجهي بقبحِ صورته
مازالَ لي كالمشيبِ والصّلعِ
إذا أخذتُ المرآة سلّمني
وجهي وما متُّ هولَ مطلعي
شُغفتُ بالخرَّدِ الحسانِ وما
يصلحُ وجهي إلا لذي ورعِ
كي يعبد الله في الفلاةِ ولا
يشهد فيهِ مشاهد الجُمعِ
وفارسٍ ما شئتَ من فارسٍ
يهزم صفينِ من القملِ
إذا سرى في الجيشِ أغناهمُ
ضريطةٌ جُبناً عن الطبلِ
إقدامهُ تضبيعهُ حذره
من هوجٍ فيه ومن خبلِ
ينزعُ طولَ الدهرِ من جُبنهِ
لكنهُ نزعٌ على مهلِ
لنا صديق كلا صديقٍ
غثٍّ على أنهُ سمينُ
من أقبحِ الناس ولا أحاشي
من كان منهم ومن يكونُ
إذا بدا وجهه لقوم
لاذت بأجفانها العيون
كأنّهُ عندهم غريمٌ
حلّت عليهم له ديون
وهو على ما وصفتُ منه
متهم ودّه ظنين
شغفتُ بالخُردِ الحسانِ وما يص
لحُ وجهي إلا لذي ورع
كي يعبد الله في الفلاة ولا يش
هد فيها مشاهد الجمع
قد عاشَ دهراً خفيف الرأسِ نعلمهُ
حتى تزوجها بكراً على كِبرهْ
والبكرُ لاتترك الشّبانَ طائعةً
للشيخِ في أرذلِ النصفينِ من عمره
أقولُ لما علا قرناهُ صلعتهُ:
لبئس ما عُوِّض المسكينُ من شعره
ولقد منعت من المرافقِ كلّها
حتى مُنعتُ مرافقَ الأحلام
من ذاكَ أنّي ما أراني طاعماً
في النومِ أو متعرضاً لطعامِ
إلا رأيت من الشقاءِ كأنني
(كان ابن الرومي منهوما شرها للطعام ويأسف أن يذاد عنه ولو في المنام)

أثنى وأكبح دونه بلجام
جزى الله عني قُبحَ وجهي سعادةً
كما قد جزاهُ ،والإلهُ قديرُ
ذعرتُ به قوماً فأدّوا إتاوةً
كأنّي عليهم عند ذاكَ أميرُ
فدى نفسَهُ من قُبحِ وجهي سيّدٌ
وزيرٌ،أبوهُ سيّدٌ ووزيرُ
إنّي ليعجبني تمام هلاله
(هلال رمضان)

وأسرُّ بعد تمامهِ بنحوله
رم
شهرٌ
وك
ت
ف
ل
لح
شهرُ الصيامِ مباركٌ لكنّما
جُعلت لنا بركاتهُ في طولهِ
إنّي ليعجبني تمامُ هلاله
وأسرُّ بعد تمامهِ بنحولِه
شهرٌ يصدُّ المرءَ عن مشروبهِ
مما يحلُّ له ومن مأكولِه
لا أستثيبُ على قبولِ صيامهِ
حسبي تصرّمهُ ثوابَ قبوله
شهرُ الصيامِ مباركٌ
ما لم يكنْ في شهرِ آب
خفتُ العذابَ فصمتهُ
فوقعتُ في نفسِ العذاب
وأما يدُ البصري في كلِّ صفحةٍ

فأقلعُ من سيلٍ وأغرقُ من رفشِ
أأوعده بالشعر وهو مسلّطٌ

على الإنس والجنِ والطيرِ والوحشِ
ألم أره لو شاءَ بلْعَ تهامةٍ

وأجبالها،طاحت هناك بلا أرشِ
على أنّهُ ينعى إلي كل صاحبٍ

ضروساً له تأبى على الثورِ والكبشِ
يخبر عنها أن فيها تثلماً

وذلكم أدهى وأوكد للجرشِ

أبو نواس:

ألومُ عباساً على بُخلهِ
كأنَّ عباساً منَ الناسِ
وإنّما العباسُ في قومهِ
كالثومِ بينَ الوردِ والآسِ
لبني البرمكيّ قصرٌ منيفُ
وجمالٌ،وليسَ فيهم حنيفُ
دارهم مسجدٌ يُؤذنُ فيها
لاتقاءٍ،وليسَ فيها كنيفُ
فإذا أذنوا لوقتِ صلاةٍ
(كنيف:مرحاض)

كرروا:لا إله إلا الرغيف
صَحّفتْ أمُّكَ إذ
سَمتّكَ في المهدِ أبانا
صيّرتْ باءً مكان التاءِ
تصحيفاً عيانا
قد علمنا ما أرادتْ
لم تُردْ إلا أتانا
ثقيلٌ يُطالعنا من أَممْ(قريب)
لطلعته وخزةٌ في الحشا

إذا سَرّهُ رعفّ أنفي ألمْ(زار)
كوقعِ المشارطِ في المُحتجِم
أقولُ له إذ بدا: لا بدا
ولا حملتهُ إلينا قدمْ
فقدتُ خيالكَ لا من عمىً
تغطّ بما شئت من ناظري

وصوتَ كلامكَ لا من صممْ
ولو بالرداء بهِ تلتثِم
رأيتُ الرّقاشي في موضعٍ
وكانَ إليَّ بغيضاً مقيتا
فقال اقترحْ بعضَ ما تشتهي
فقلتُ اقترحتُ عليكَ السكوتا
نمتُ إلى الصُبحِ وإبليسُ لي
في كلِّ مايُؤثمني خصمُ
رأيتهُ في الجو مستعلياً
ثمّ هوى يتبعهُ نجمُ
فقال لي لما هوى:مرحبا
بتائبٍ توبتهُ وهم
ما أنا بالآيسِ من عودةٍ
منكَ،على رغمكَ :يا فدم
لستُ أبا مُرّةٍ إن لم تعدْ
فغيرُ ذا من فعلك الغشم
وجهُ بنانٍ كأنّهُ قمرٌ
يلوحُ في ليلةِ الثلاثين
والخدّ من حسنهِ وبهجته
كطاقة الشوكِ في الرياحين
والفم من شيقهِ إذا ابتسمتْ
كأنّهُ قصعةُ المساكين
لهُ ثنايا تحكي ببهجتها
وحسنها ألسن الموازين
والجيدُ زَينٌ لمن تأملهُ
أشبه شىءٍ بجيدِ تنين
ومنكباها في حُسنِ خلقهما
في مثلِ رمانتين من طين
والبطنُ طاوٍ تحكي لطافتهُ
ما ضمنوهُ كتبَ الدواوين
تفتنُ من رامها بلحظتها
ولدت من أسرةٍ مباركةٍ

كأنهُ لحظةُ المجانين
لا عيبَ فيهم…من الشياطين
إنّي قصدتُ إلى فقيه عالم
مُتنسك حبرٌ من الأحبارِ
مُتعّمقٌ في دينهِ،متفقه
مُتبصر في العلمِ والأخبارِ
قلتُ :النبيذَ تُحلّه؟فأجابَ لا
إلا عقاراً ترتمي بشرارِ
قلتُ السماعَ فما علمت أجابني:
إلا بخفقِ العودِ والمزمارِ
قلتُ المنادم من يكون؟أجابني:
لا تعدلنَ عن ماجنٍ عيّارِ
قلتُ الصلاةَ فقال: فرضٌ واجبٌ
صلِ الصلاةَ وبت حليفَ عَقارِ
اجمع عليَ صلاة حولٍ كاملٍ
من فرضِ ليل فاقضهِ بنهارِ
قلتُ :الصيام فقال لي:لا تنوهِ
واشدد عرى الإفطارِ بالإفطارِ
لم يكن فيك غيرَ شيئين مما
قلت من بعد خَلقِكَ الدّحداح
لحية سبطة وأنف طويل
وهباءٌ سواهما في الرياح
فيك تيهٌ وفيكَ عُجبٌ شديدٌ
وطِماحٌ يفوقُ كلَّ طِماح

باردُ الطرفِ مظلمُ الكذبِ تيا

هٌ معيدُ الحديثِ غثّ المزاح
أماتَ الله من جوعٍ رُقاشاً
فلولا الجوعُ ما ماتت رُقاشُ
ولو أشممتَ موتاهم رغيفاً
وقد سكنوا القبورَ إذاً لعاشوا
وباخلٍ جئتهُ فقدّمَ لي
كِسرةَ خبز وعينهُ عبرى
فقال ما تشتهي؟فقلتُ له:
قطعةُ جُبنٍ وكسرةً أخرى
على خبز إسماعيل واقية البخلِ
فقد حلَّ في دارِ الأمانِ من الأكلِ
وما خبزهُ إلا كآوى يرى ابنها
ولسنا نراها في الحزون ولا السّهلِ
أصبحتَ أجوعَ خلقِ الله كلّهم
وأفرغَ الناسِ من خيرٍ إذا وضعا
خبزُ ابن سابه مكتوبٌ عليه ألا
لا باركَ الله في ضيفٍ إذا شبعا
إنّي أحذركم من خبز صاحبنا
فقد ترونَ بحلقي اليومَ ما صنعا
قالوا:امتدحت فماذا اعتضت، قلت لهم
خَرقُ النعالِ وإخلاق السرابيل
قالوا:فسمِّ لنا الممدوحَ،قلت لهم
أو وصفهُ يعدلُ التفسيرَ في القيل
ذاكَ الأميرُ الذي طالت علافتهُ
(يهجو جعفر بن يحيى وكان طويل العنق)

كأنّهُ ناظرٌ في السيفِ بالطولِ
لي صاحبٌ أثقلُ من أحد
قرينهُ ما عاشَ في جهدِ
علامة البغضِ على وجههِ
تبينُ مذ أن حلّ في المهدِ
إن دخل النار طفا حرّها
فمات من شدّةِ البردِ
نفسُ الخصيبِ جميعهُ كذِبُ
وحديثُهُ لجليسهِ كربُ
تبكي الثيابُ عليه مُعولةً
أن قد يُجر ذيولها كلبُ

فأق

ع
أ
وأ

ضر
يخبر
وذلك
قولا لإبراهيمَ قولاً هِترا
غلبتني زندقةً وكفرا
إن قلت:ماتتركُ؟قال برّا
أوقلتَ:ماترهبُ؟قال:بحرا
أو قلتَ:ماتقولُ؟قال:شرّا
أصلاهُ ربي لهيباً وجمرا
رأيتُ الفضلَ مكتئباً
يُناغي الخبز والسمكا
فقطب حين أبصرني
ونكس رأسه فبكى
فلما ان حلفت له
بأني صائمٌ ضحكا
فتى لرغيفهِ قرطٌ وشنفُ
وخلخالان من حرزٍ وشذرِ
إذا فقد الرغيفَ بكى عليه
بُكا الخنساء إذ فُجعت بصخر
ودونَ رغيفه قلعُ الثنايا
وحربٍ، مثل وقعة يوم بدر
ارفقْ بحفصٍ حين تأ
كلُ يا مُعاويَ من طعامه
الموتُ أيسرُ عندهُ
من مضغِ ضيفٍ والتقامه
وتراهُ من خوفِ النزيلِ
به يُروّعُ في منامه
سيّان كسرُ رغيفه
أو كسرُ عظمٍ من عظامه
لا تكسرنَّ رغيفهُ
لإن كنتَ ترغبُ في كلامه
وإذا مررتَ ببابهِ
فاحفظ رغيفكَ من غلامه
سِيَّانِ كسرُ رغيفهِ
أو كسرُ عظمٍ من عظامهْ
فارفقْ بكسرِ رغيفهِ
إن كنتَ ترغبُ في كلامهْ
أبو نوحٍ دخلتُ عليهِ يوماً
فَغدّاني برائحةِ الطعامِ
وقدّمَ بيننا لحماً سميناً
أكلناهُ على طبقِ الكلامِ
فلما أن رفعتُ يدي سقاني
كؤوساً خمرُها ريحُ المُدامِ
فكانَ كمن سقى الظمآن آلاً
وكنتُ كمن تغدّى في المنام
رغيفُ سعيدٍ عندهُ عِدلُ نفسه
يُقلّبهُ طوراً وطوراً يُلاعبهْ
ويُخرجهُ من كُمّهِ فيشمُّهُ
ويُجلسهُ في حجرهِ ويُخاطبه
وإن جاءهُ المسكينُ يطلبُ فضلََهُ
فقد ثكلتهُ أمّهُ وأقاربُه
يكرُّ عليهِ السوطَُ من كلِّ جانبٍ
وتُكسرُ رجلاهُ ويُنتفُ شاربه
أيُّ ديوان كآبهْ
مذ تولاهُ ابنُ سابه
يا غرابَ البينِ في الشؤ
مِ وميزابَ الجنابهْ
يا كتاباً بطلاقٍ
يا عزاءً ومصابه
ما على وجهٍ به قابل
تني اليومَ مهابهْ
كاتبٌ أيضاً فما مرَّ
على رأس الكتابهْ
خبزُ الخصيبِ مُعلّقٌ بالكوكبِ
يُحمى بكلِّ مُثقَفٍ ومشطبِ
جعل الطعامَ على بنيه محرّماً
قوتاً وحلّلهُ لمن لم يسغبِ
فإذا همُ نظروا الرغيفَ تطرّبوا
طربَ الصيامِ إلى أذان المغربِ
فإذا همُ رأوا الرغيفَ تَطرّبوا
طربَ الصيامِ إلى أذان المغربِ
إذا ما كنت عند قيانِ موسى
فعند الله فاحتسب السرورا
إذا غنينَ صوتاً قيل موتا
وهجنَ بهِ عليك الزمهريرا
أبا العباس كُفَّ عن الملام
ودعْ عنكَ التعمق في الكلام
فقد،وحياةُ من أهوى وتهوى
أقامَ قيامتي شهرُ الصيام
أماتَ مجانتي وأبادَ لهوي
وعطلَّ راحتي عن المُدام
ولو أبصرتني عند السواري
أطوفُ عند تأذين الإمام
علمت بأنني عذبتُ نفساً
لها عاد ورسم في الحرام
فكم لي ثم من تقبيلِ خدٍّ
ومن عضٍّ ورشف والتثام
شهرُ القيام وإن عظمت حرمتهُ
شهرٌ طويلٌ ثقيلُ الظلِّ والحركهْ
يمشي الهوينا،وأما حين يطلبنا
فلا السُليكُ يُدانيه ولا السُلكهْ
يا صدقَ من قال: أيامٌ مباركةٌ
إن كانَ يُكنى عن اسمِ الطولِ بالبركهْ
شهرٌ كأنّ وقوعي فيهِ من قلقي
وسوءِ حالي وقوعُ الحوتِ في الشبكهْ
قد كان لولا دفاعُ الله يُسلمنا
(الشعر لإبن الرومي وليس لأبي نواس)

إلى الردى ويُؤدينا إلى الهلكهْ
لقد سرّني أنّ الهلالَ غُدّيةً
بدا وهو ممشوقُ الخيالِ دقيقُ
أضرّتْ به الأيامُ حتى كأنّهُ
عِنانٌ لواهُ باليدينِ رفيقُ
وقفتُ أُعزيهِ وقد دقّ عظمهُ
وقد حانَ من شمسِ النهارِ شروقُ
ليهنَ ولاة اللهو أنك هالكٌ
فأنتَ بما يجري عليك حقيقُ
وإني بشهر الصومِ إذ بانَ شامتٌ
وإنك يا شوالُ لي لصديقُ
فقد عاودت نفسي الصبابة والهوى
وحانَ صبوحٌ باكرٌ وغبوق
أكثري أو فأقلّي
قد مللناكِ فَحلّي
ما إلى حبكِ عَودٌ
ما دعا الله مصلي
لم يكن مثلكِ لولا
سفهُ الرأي وهوىً لي
أيها السائلُ عنها
اسمع اللفظ المُجلّي
شخصها شخصٌ قبيحٌ
ولها موجهُ مُولّى
وخفت عن كلِّ عينٍ
وخفت عن كلِّ دلِّ
ولها ثغرٌ كأن الله
غشاهُ بكحلِ
تصف النكهة منها
جيفةً في يومِ طلِّ
ردفها طستٌ ولكن
بطنها كوّةُ خلِّ
اشهدوا أني برىءٌ
من هواها مُتخلّي

المتنبي

يمشي بأربعةٍ على أعقابهِ
تحتَ العلوجِ ومن وراءٍ يُلجمُ
وجفونُهُ ما تستقرُّ كأنّها
مطروفةٌ أو فُتَّ فيها حصرمُ
وإذا أشارَ مُحدثاً فكأنهُ
قردٌ يقهقهُ أو عجوزٌ تلطمُ
يقلي مُفارقة الأكفِّ قذالهُ
حتى يكادَ على يدٍ يتعمّمُ

بشار بن برد

أبو دُلفٍ كالطّبلِ يذهبُ جوفُهُ
وباطنهُ خِلوٌ من الخيرِ أخربُ
أبا دُلفٍ يا أكذبَ الناسِ كُلّهم
سِوايَ،فإني في مديحكَ أكذبُ
قُلْ لشهرِ الصيامِ أنحلتَ جسمي
إنّ ميقاتنا طلوع الهلالِ
اجهدْ الآن كلّ جهدكَ فينا
سترى ما يكونُ في شوال
إذا سلّمَ المسكينُ طارَ فؤادهُ
مخافةَ سُؤلٍ واعتراهُ جنونُ
سيدي !مِلْ بِعناني
نحو بابِ الأصبهاني
إنّ بالبابِ أتاناً
فَضلتْ كلَّ أتانِ
تيّمتني يوم يومَ رُحنا
بثناياها الحِانِ
تيّمتني ببنانٍ
وبِّدلٍّ قد شجاني
وبُحسٍ ودلالٍ
سلَّ جسمي وبراني
ولها خدٌّ أسيلٌ
مثلُ خدِّ الشيفرانِ
فَبها مِتُ ولو عِش
(بشار يتندر عن حمار مات عشقاً بأتان)

تُ إذن طال هواني

المعري

هذا أبو القاسمِ أعجوبة
لِكلِّ من يدري ولا يدري
لا يقرض الشعر ولا يقرأ ال
قرآن،وهو الشاعر المقري
سألتْ مُنجمها عن الطفل الذي
في المهدِ كم هو عائش دهره
فأجابها مائةٌ ليأخذ درهماً
وأتى الحِمامُ وليدها في شهره

الحطيئة

كدحتُ بأظفاري، وأعملتُ معولي
فصادفتُ جلموداً من الصخرِ أملسا
تشاغلَ لما جئته في وجه حاجتي
فأجمعتُ أن أنعاهُ حينَ رأيتهُ

وأطرقَ حتى قلتُ:قد ماتَ أو عسى
يفوقُ فواقَ الموتِ حتى تنّفسا
فقلتُ له:لابأس،لست بعائدٍ
فأفرخَ، تعلوه السمادير مُبلسا
جزاكِ الله شراً من عجوزٍ
ولقّاكِ العقوقَ من البنينا
تَنّحي فاقعدي مني بعيداً
أراحَ الله منكِ العالمينا
أغربالاً إذا استودعتِ سراً
وكانوناً على المتحدثينا
ألم أُظهر لكِ الشحناء مني
ولكنْ لا إخالُكِ تعقلينا
حياتُكِ ما علمتُ حياةُ سوءٍ
وموتُكِ قد يسرُّ الصالحينا
أبت شفتايَ اليومَ إلا تكلّما
بِشرٍّ فما أدري لمنْ أنا قائلهْ
أرى لي وجهاً شوّهَ الله خَلقَهُ
فقبُحَ من وجهٍ وقبح حامله

البحتري

بكى المنبرُ الشرقيُّ إذ خارَ فوقَهُ
على الناسِ ثورٌ قد تدّلتْ غباغبهْ
ثقيلٌ على جَنبِ الثّريدِ،مُراقبٌ
لشخصِ الخوانِ يبتدي فيواثبه
إذا ما احتشى من حاضرِ الزادِ لم يُبلْ
(يهجو الخليفة المستعين بالله)

أضاءَ شهابُ الملك أم كلَّ ثاقبه
لم يسمعوا بالمكرُماتِ ولم يَنُحْ
في دارهم ضيفٌ سوى إبليسِ
فعلى وجوههم لباسُ خوايةٍ
وعلى رؤوسهم قرونُ تيوسِ
لا تدعونَ أبا الوليدِ لنائلٍ
خُلُقُ الحمارِ وخِلقةُ الجاموسِ
رأيتُ(الخثعميّ) يُقِلُّ أنفاً
يضيقُ بعرضهِ البلدُ الفضاء
سما صَعداً فقصّرَ كلُّ سامٍ
لهيبتهِ وغصَّ به الهواء
هو الجبلُ الذي لولا ذُراهُ
(يهجو اخثعمي الشاعر)

إذاً وقعت على الارضِ السماء
جُعلتُ فِداكَ! لي خبرٌ طريفٌ
وأنتَ بكلِّ مكرُمةٍ خبيرُ
غداةَ النّحرِ ينحرُ كلّ قومٍ
ولا شاةً لديَّ ولا بعيرُ
بلى عندي حمارٌ لي،فقل لي
أتُقبلُ من مُضحيها الحميرُ؟
لئن لم تفدِهِ ـ تفديك نفسي ـ
بذبحٍ فهو في غدهِ نحيرُ
تزيدُ الإهانةُ في شأنهِ
صلاحاً،وتفسدهُ التكرمة
يُرعشُ لَحييهِ عند الغناءِ
كأنَّ بهِ النافِضَ المؤلمة
وأنفٌ إذا احمرَّ في وجههِ
وقامَ توهمّتهُ محجمه
ومُنتشرُ الحلقِ واهي اللَهاة
إذا ما شدا فاحِشُ الغلصمه
إذا صاحَ سالت له مَخطةٌ
على العودِ وانقلعت بلغمه
كثيرُ التلفتِ والاعتراض
شديدُ التفلتِ والهمهمه
يجىء بما هو أهلٌ له
فلولا الحياء كسرنا فمه
تَغنّى ونحنُ على لذّةٍ
فأرعدَ بعضٌ،وبعضٌ نَعَسْ
فقال:اقترحْ بعضَ ما تشتهي
فقلتُ:اقترحتُ عليكَ الخَرَسْ

أبو تمام

قد كان يُعجبني لو أنّ غيرتهُ
على جراذقِهِ كانت على حُرَمِهْ
إن رمتَ قتلته فافتك بخبزتهِ
(جراذق:الرغيف)

فإنّ موقعها من لحمه ودمه
يا منْ تبرّمتِ الدنيا بطلعتهِ
كما تبرّمتِ الأجفانُ بالرّمدِ
يمشي على الارضِ مختالاً فأحسبهُ
لِبُغضِ طلعتهِ يمشي على كبدي
لو أنّ في الأرضِ جزءاً من سماجتهِ
لم يقدم الموتُ إشفاقاً على أحدِ

أبو العتاهية

رُبّما يثُقلُ الجليسُ وإن كان
خفيفاً في كفّةِ الميزانِ
كيفَ لا تحمل الأمانةَ أرضٌ
حملت فوقها أبا عمران
لا جعلَ الله لي إليكَ ولا
عندكَ ما عشتُ حاجة أبدا
ما جئتُ في حاجةٍ أُسرُّ بها
إلا تثاقلتَ ثمّ قلتَ غدا

الفرزدق

بَكَرت عليَّ نوارُ تنتِفُ لحيتي
تنتافَ جَعدة لحية الخشخاش
كلتاهما أسدٌ إذا ما أُغضبت
ورضاهما وأبيكَ خيرُ معاشِ

الأخطل

كأنّ أبا مروانَ يُنزعُ ضِرسُهُ
إذا القومُ قالوا متعونا بدرهمِ

مسلم بن الوليد

يا ضيفَ موسى أخي خُزيمة صُمْ
أو فتزوّدْ إن كنتَ لم تَصُمِ
أطرقَ لما أتيتُ مُمتدحاً
فلم يَقُلْ لا فضلاً على نعمِ
فَخفتُ إن ماتَ أن أُقادَ به
فقمتُ أبغي النجاةَ من أَممِ
لو أنَّ كنزُ البلادِ في يدهِ
لم يَدَعِ الإعتلال بالعدمِ

النجاشي الحارثي

وأُقسمُ لو خرّتْ من استِكَ بيضةٌ
(يهجو قصيرا)

لما انكسرتْ من قربِ بعضكَ من بعض

ابن مفرغ الحميري

ألا ليتَ اللُحى كانت حشيشاً
فنعلفها دوابَ المسلمينا
يغسل الماءُ مافعلتَ وقولي
راسخٌ منك في العظام البوالي
إذا ما الرزقُ أحجمَ عن كريمٍ
فالجأهُ الزمانُ إلى زياد
تلّقاهُ بوجهٍ مكفهِر
كأنّ عليهِ أرزاقُ العباد

أبو حية النميري

إذا أنتَ رافقتَ الحُتات بن جابر
فقلْ في رفيقٍ غائبٍ وهو شاهدُ
أصمّ إذا ناديتَ جهلاً وإن تسرْ
فأعمى وإن تفعل جميلاً فجاحدْ
أواني وإياهُ الطريق عشيّةً
يهابُ سُراها إلا حمسيُّ المعاود
فأقسمَ براً أنّ لولا خيالهُ
لما كنتُ إلا مثل من هو واحد

أبو العيناء

من كانَ يملكُ درهمين تعلّمتْ
شفتاهُ أنواعَ الكلامِ فقالا
وتقدّمَ الفصحاء فاستمعوا لهُ
ورأيتهُ بين الورى مختالا
لولا دراهمهُ التي في كيسهِ
لرأيتهُ شرَّ البرية حالا
إنّ الغنيَّ إذا تكلم كاذباً
قالوا:صدقتَ وما نطقتَ مُحالا
وإذا الفقيرُ أصابَ قالوا:لم يُصبْ
وكذبتَ يا هذا وقلتَ ضلالا
إنّ الدراهمَ في المواطنِ كلها
تكسو الرجالَ مهابةً وجلالا
فهي اللسانُ لمن أرادَ فصاحةً
وهي السلاحُ لمن أرادَ قتالا

ابن حمديس الصقلي

لا أركبُ البحرَ خوفاً
عليَّ منهُ المعاطب
طينٌ أنا وهو ماءٌ
والطينُ في الماءِ ذائب

أبو القاسم الإلبيري

قالوا أتسكنُ بلدةً
نفسُ العزيزِ بها تهونْ
فأجبتهم بتأوهٍ
كيفَ الخلاصُ بما يكونْ
غرناطةٌ مثوى الج
نينِ يلذُّ ظلمتهُ الجنين

أبو الفتح البُستي

رغيفُ أبي عليٍّ حلَّ خوفاً
من الاضيافِ منزلةَ السِّماكِ
إذا كسروا رغيفَ أبي عليٍّ
بكى يبكي بكاءً فهوَ باكِ

الراعي النميري

طافَ الخيالُ بأصحابي فقلت لهم:
أأم شذرة زارتنا أم الغول
لا مرحباً بابنةِ الأقيانِ إن طرقت
كأنّ محجرها بالقارِ مكحول
سودٌ معاصمها جعدٌ معاقصها
قد مسّها من عقيد القارِ تفصيل

مروان بن أبي حفصة

لقد كانت مجالسنا فساحاً
فضيّقها بلحيتهِ رباحُ
مبعثرةُ الأسافلِ والأعالي
لها في كلِّ زاويةٍ جناحُ

دعبل

رأيت أبا عمران يبذلُ عرضهُ
وخبزُ أبي عمران في أحرز الحرز
ومُغنٍّ إن تغنّى
أورثَ الندمانَ همّاً
أحسنُ الأقوام حالاً
فيهِ كانَ أصمّا
بعثتَ إليَّ بأُضحيةٍ
وكنتَ حريّاً بأن تفعلا
ولكنّها خرجت غثيّة
كأنّكَ أرعيتها حَرملا
فإن قبلَ الله قربانها
فسبحان ربّكَ ما أعدلا
يا تاركَ البيتِ على الضيفِ
وهارباً منهُ من الخوفِ
ضيفُكَ قد جاء بزادٍ لهُ
فارجع فكن ضيفاً على الضيفِ
إذا اشتهى الضيفُ طبيخَ الشتاء
أتاهُ بالشهوةِ في الصيف
وإن دنا المسكينُ من بابهِ
شَدَّ على المسكينِ بالسيفِ
وضيفُ عمروٍ وعمروٌ يسهران معاً
عمروٌ لبطنتهِ والضيفُ للجوع
استبقِ وُدَّ أبي المقا
تلِ حينَ تأكل من طعامهِ
سِيّانِ كسرُ رغيفهِ
أو كسرُ عظمٍ من عظامهِ
فتراهُ من خوفِ النز
يلِ به يُروّع في منامه
فإذا مررتَ ببابهِ
فاحفظ رغيفكَ من غلامه
بُرهانُ لا تُطربُ جُلاسها
حتى تُريكِ الصّدرَ مكشوفا
شبهُها لما تغنّت لهم
بنعجةٍ قد مضغت صوفا

حماد عجرد

ويا أقبح من قردٍ
(يهجو بشار بن برد)

إذا عميَ القردُ
نهارهُ أخبثُ من ليلهِ
ويومهُ أخبثُ من أمسهِ
ما خلقَ الله شبيهاً لهُ
من جنّهِ طُراً ومن إنسهِ
والله ما الخنزيرُ في نتنهِ
بربعه في النتنِ أو خُمسهِ
بل ريحهُ أطيبُ من ريحهِ
(يهجو بشارا)

ومسّهُ أطيبُ من مسَهِ
ألا من مُبلغ عني ال
ذي والدهُ بُردُ
إذا ما نسبَ الناسُ
فلا قبلُ ولا بعدُ
وأعمى قلطبانٍ ما
على قاذفهِ حدّ
وأعمى يشبهُ القردَ
إذا ما عميَ القردُ
دنىءٌ لم يَرُح يوماً
إلى المجدِ ولم يغدُ
ولم يحضر مع الحا
ضرِ في خير ولم يُبدُ
ولم يخشى لهُ ذمُّ
ولم يرجَ له حمدُ
جرى بالنحسِ مذ كا
نَ ولم يجرِ له سعدُ
هو الكلبُ إذا ما ما
تَ لم يوجد لهُ فقدُ
لو طُليتْ جِلدتهُ عنبراً
لَنتنّت جلدتهُ العنبرا
أو طُليتْ مسكاً ذكيّاً إذاً
(يهجو بشارا)

تحوّلَ المسكُ عليهِ خرا
زرتُ امرأً في بيتهِ مرةً
لهُ حياءٌ ولهُ خِيرُ
يكرهُ أن يُتخِمَ أضيافهُ
إنّ أذى التخمةِ محذورُ
ويشتهي أن يُؤجروا عندَهُ
بالصومِ والصائمُ مأجورُ

البهاء زهير

وأحمقَ ذي لحيةٍ
كبيرةٍ منتشرة
طلبتُ فيها وجههُ
بشدّةٍ فلم أره
معروفةٌ لكنّهُ
أصبحَ فيها نكره
وثقيلٍ ما برحنا
نتمنى البُعدَ عنهُ
غابَ عنا ففرحنا
جاءنا أثقل منه

أبو دلامة

ألا أبلِغْ إليك أبا دُلامة
فلستَ من الكرامِ ولا كرامه
إذا لبسَ العِمامه كانَ قرداً
وخنزيراً إذا نزعَ العِمامه
جمعتَ دمامةً وجمعتَ لؤماً
كذاك اللؤمُ تتبعهُ الدمامه
فإن تكُ قد أصبتَ نعيمَ دُنيا
(يهجو نفسه)

فلا تفرحْ فقد دنتِ القيامه
فما ولدتك مريم أمُّ عيسى
ولم يكفلكِ لقمانُ الحكيمُ
ولكن قد تضمّكِ أمُّ سوءٍ
(بعد أن رزق بابنة)

إلى لَبّاتِها وأبٌ لئيم

صفي الدين الحلي

وبخيلٌ ينالُ من عِرضهِ النا
سُ ولكنَّ رغيفُهُ لا يُنالُ
كلّ يوم يأتي بحرف رغيفٍ
كهلالٍ لم يدنُ منه كمال
مُستقرٌ في وسطِ سفرتهِ الزر
قاء لا يعتريه منهُ زوال
فتعجّبتُ من سماءٍ بأرضٍ
كلّ يوم يلوحُ فيها هلال
أعودُ حماركم في كلِّ يوم
إذا ما ضرّهُ فرطُ الشعيرِ
ويُمرضني التألم من جفاكم
فلم أرَ عائداً لي من زفيري
فإن يكُ ذا حقّ جزايَ منكم
لإفراطِ المحبة في ضميري
فشكراً للمحبةِ إذ حططتم
بها الأصحاب عن قدرِ الحمير
وشحيحٍ من لؤمهِ يخبزُ الب
خلَ ببسطِ الأخلاقِ بين الرفاقِ
فهو من شُحّهِ يُثّمنُ في الخر
جِ علينا مكارمَ الأخلاق
وليلةٍ زارني فقيهٌ
في رُشدهِ ليسَ بالفقيهِ
رأى بِيُمنايَ كأسَ خمرٍ
فظلَّ ينأى ويتقيهِ
فقلتُ هلا،فقال كلا
فقلتُ لم لا،فقال إيهِ
ما ذاكَ قنّي فقلتُ عدلٌ
أنزّهُ الكأسَ عن سفيه
وشادٍ يُشتت شملَ الطربْ
يُميتُ السرورَ ويُحي الكُربْ
بوجهٍ يبيدُ إذا ما بدا
وكفٍّ تضرُّ إذا ما ضربْ
شدا،فغدا كلُّ قلبٍ بهِ
قليل النصيب كثيرَ النَّصَب
تغنّى،فغنّى قلوبَ الرفاق
وماسَ،فمسّى القلوبَ العطب
حَوتْ ضدينِ إذ ضربتْ وغنّتْ
فقد ساءت وسرّت من رآها
غناءٌ تستحقُ عليه ضرباً
وضرباً يستحقُّ به غناها
لو تراني من فوقِ طودٍ من الجو
عِ أناجي رغيف نجل سنان
كلما قمتُ قائلاً أرني وجه
كَ نادى وعزتي لن تراني
يحفظُ في الجوعِ ألفَ منفعةٍ
ومثلها في مضرّةِ البطنة
ويُوهمُ الناسَ أنَّ شبعهمْ
يطفىءُ نورَ الذكاءِ والفطنة
إن حاول الضيفُ أن يُلّمَ به
أعطاهُ من قبل نطقهِ القَطَنة
لما اغتنى أفقدنا نفعَهُ
وتلكَ من شيمةٍ بيت الخلا
يُسعى إليه إن غدا فارغاً
وما بهِ نفعٌ إذا ما امتلا
وافى،وقد شفع التقطبُ وجهه
وطحا بها مرحُ التكبرِّ فانثنى
يبدو فتقذفهُ النفوسُ لثقلهِ
فتراهُ أبعدَ مايكونُ إذا دنا
فطفقتُ أُنشدُ إذ بصرتُ بحمقهِ
بيتاً جعلتُ الشّطرَ نته مضمناً
يا ثقلَ صورته،وخفة رأسهِ
هلا نقلتِ إلى هنا من ها هنا

علي بن الجهم

أمّا الرغيفُ لدى الخِوا
نِ فمن حماماتِ الحرمْ
ما إن يُمسُّ ولا يُجسُّ
ولا يُذاقُ ولا يُشم
وتراهُ أخضرَ يابساً
يأبى النفوس من الهرم
أنتَ كالكلبِ في حفاظكَ للودِّ
وكالتيسِ في قراعِ الخطوبِ
أنتَ كالدلوِ لا عدمناك دلواً
من كبارِ الدلا كثير الذنوبِ
ما كنتُ أحسَبُ أنَّ الخبزَ فاكهةٌ
حتى نزلتُ على زيد بن منصور
الحابسِ الروثَ في أعفاجِ بغلتهِ
خوفاً على الحَبِّ من لقطِ العصافير
يا أُمّنا أفديكِ من أُمِّ
أشكو إليك فظاظةَ الجَهمِ
قد سرّحَ الصبيانَ كلّهم
(كتب هذا وهو صغير بعد أن حبسه والده)

وبقيتُ محصوراً بلا جُرمِ

محمود الوراق

أظهروا للناسِ نُسكاً
وعلى المنقوشِ داروا
ولهُ صاموا وصلوا
ولهُ حجوا وزاروا
ولهُ قاموا وقالوا
ولهُ حلّوا وساروا
لو غدا فوقَ الثريا
ولهم ريشٌ لطاروا

محيى الدين بن عربي

إذا رأى أهل بيتي الكيسَ ممتلئاً
تبسمت ودنتْ مني تُمازحني
وإن رأتهُ خلياً من دراهمهِ
تكرّهتْ وانثنتْ عني تقابحني

الحارث الكندي

فلما أن أتيناهُ وقلنا
بحاجتنا تلوّنَ لونَ وَرسِ
وآضَ بكفّهِ يحتكُّ ضِرساً
يُرينا أنّهُ وجعٌ بضرسِ
فقلتُ لصاحبي أبِهِ كُزازٌ
وقلتُ أسرّه أتراهُ يُمسي
وقمنا هاربين معاً جميعاً
نُحاذرُ أن نُزنَّ بقتلِ نفسِ

ابن هانىء الاندلسي

يا ليتَ شعري،إذا أومى إلى فمهِ
أحلقُهُ لهوات أم ميادينُ
كأنّها وخبيثُ الزادِ يضرمها
(يصف أكولا)

جهنم،قذفت فيها الشياطين

أحمد بن كشاجم

صديقُ لنا من أبرعِ الناسِ في البخلِ
وأفضلهم فيه،وليسَ بذي فضلِ
دعاني كما يدعو الصديقُ صديقَهُ
فجئتُ كما يأتي إلى مثلهِ مثلي
فلما جلسنا للطعامِ رأيتُهُ
يرى أنّهُ من بعضِ أعضائه أكلي
ويغتاظُ أحياناً ويشتمُ عبدَهُ
وأعلمُ أنَّ الغيظَ والشتمَ من أجلي
فأقبلتُ أستلُّ الغداءَ مخافةً
وألحاظُ عينيهِ رقيبٌ على فِعلي
أمدُّ يدي سراً لاسرقَ لقمةً
فيلحظني شرراً فأعبثُ بالبَقلِ
إلى أن جنت كفّي لحتفي جنايةً
وذلكَ أنّ الجوعَ أعدمني عقلي
فجرّت يدي للحين رِجلَ دجاجةٍ
فَجُرّتْ،كما جرّتْ يدي رجلها رجلي
وقدّمَ من بعد الطعامِ حلاوةً
فلم أستطعْ فيها أُمرُّ ولا أُحلي
وقمتُ لو أني كنتُ بَيّتَ نيّةً
ربحتُ ثوابَ الصومِ مع عدم الأكلِ

ابن عنين

طوّلت يا دولعيُّ فقصّرْ
فأنتَ في غيرِ ذا مُقصّرْ
خطابةٌ كلها خطوبٌ
وبعضها للورى مُنّفرْ
البغلُ والجاموس في جدليهما
قد أصبحا مثلاً لكلِّ مناظرِ
برزا عشيّة ليلةٍ فتناظرا
هذا بقرنيهِ وذا بالحافرِ

بديع الزمان الهمذاني

ويلي على كَفينِ من سَويق
أو شحمةٍ تُضربُ بالدقيقِ
تفتأ عنا سطواتِ الريقِ
يا جالبَ الرحمة بعد الضيقِ

أبو علي البصير

غناؤُكِ عندي يُميتُ الطرب
وضرُبكِ بالعودِ يُحي الكرب
ولم أرَ قبلكِ من قينةٍ
تغني فأحسبها تنتحبْ
ولا شاهدَ الناسُ إنسيّةً
سواكِ لها بدنٌ من خشبْ
ووجه رقيب على نفسهِ
ينفر عنه عيون الرِّيب

ابن هرمة

نكس لما أتيتُ سائلَهُ
واعتلَّ تنكيس ناظم الخرز

أبو الحسن علي بن يونس المنجم

وذي حرصٍ تراهُ يلمُّ وَفراً
لوارثه،ويدفع عن حِماه
ككلبِ الصيدِ يُمسك وهو طاوي
فريستهُ ليأكلها سواه

إسماعيل بن عمار

جارٌ لهُ باب ساج مغلقٌ أبداً
عليه من داخلٍ حُرّاسُ أحراسِ
عبدٌ وعبدٌ وبنتاهُ وخادمهُ
يدعونَ مثلهم ماليسَ من ناسِ
صفرُ الوجوهِ كأنَّ السّلَ خامرهم
وما بهم غير جهدِ الجوعِ من باسِ
لهُ بنونٌ كأطباءٍ مُعلقة
في بطنِ خنزيرٍ في دارِ كناسِ
إن نفتح الباب عنهم بعد عاشرة
تظنهم خرجوا من قعرِ أرماسِ

الحمدوي

عذلوني على الحماقةِ جهلاً
وهيَ من عقلهم ألذُّ وأحلى
لو رأوا ما لقيتُ من حرفةِ العقل
لطاروا إلى الحماقة رسلا
حُمقي اليومَ قائمٌ بعيالي
ويموتونَ إن تعاقلتُ ذلا

ابن العلاف

يا هر فارقتنا ولم تعد
وكنتَ منا بمنزلة الولد
وكيف ننفكُّ عن هواك
وقد كنت لنا عدّة من العدد
تمنعُ عنا الاذى وتحرسنا
بالغيبِ من حية ومن جرد
وتخرج الفأر من مكامنها
ما بين مفتوحها إلى السدد
يلقاك في البيت منهم عدد
وأنت تلقاهم بلا عدد

محمد بن موسى الحدادي البلخي

نال الحمارُ بالسقوطِ في الوحل
ما كانَ يهوى ونجا من العمل

أبو اسحق الصابي

يا منْ تَعمّمَ فوق رأسٍ فارغٍ
بعمامةٍ مَروية بيضاء
حسنت وقُبِحَ كلّ شىء تحتها
فكأنّها نورٌ على ظلماء
لما بدا فيها أطلت تعجبني
من شرِّ شىءٍ في أجلِّ إناء
لو أنني مُكنت مما أشتهي
وأرى من الشهواتِ والآراء
لجعلتُ موضعك الثرى وجعلتها
في رأس حرِّ من ذوي العلياء

الهلال الحموي

ليت شعري منْ لقلبي أمرضوا
هم إلى الآن غضابٌ أم رضوا
غرضي همُ أعرضوا أم أغرضوا
بالتجني أم على قتلي نووا
عني لووا،قلبي كووا،عزّاً حووا
وعلى العرش من الحسنِ استووا

زين الدين الحمصي

لحماً شووا،خبزاً طووا،بيضاً قلووا
وعلى السّمنِ القبوات استووا
أيها الإخوان للأكل انهضوا
وذروا الجوعَ وعنهُ أعرضوا
وعلى الخروفِ بالكفِّ اقبضوا
بأصابيع على الصحنِ هووا
يا صدرَ بَصما كم برزتُ أحاربه
والقطرُ طابت للنفوسِ مشاربه
ما من أرز واللحوم تصاحبه
إلا ومغناطيس قلبي جاذبه
بالكفّ والاسنان بالله
يا جوعان ،قم سغسغ الرغفان
فالجوع شَين
والطعام يناسبه

يحيى بن عبد العظيم الملقب بالجزار

لا تلمني يا مولاي في سوءِ فعلي
عندما قد رأيتني قصّابا
وكيفَ لا أرضى الجزارة ما ع
شتُ قديماً وأترك الأدابا
وبها صارت الكلاب ترجي
ني وبالشعر كنت أرجو الكلابا

ابن حزمون

تأملتُ في المرآة وجهي فخِلتهُ
كوجهِ عجوزٍ قد أشارتْ إلى اللهوِ
إذا شئتَ أن تهجو تأمّلْ خليقتي
فإنّ بها ما قد أردتَ من الهجوِّ
كأنَّ على الأزرارِ مني عَورةً
تُنادي الورى غُضوا ولا تنظروا نحوي
فلو كنتُ مما تُنبتُ الأرضُ لم أكنْ
من الرائقِ الباهي ولا الطيّبِ الحلوِ

حميد الأرقط

أواثبُ ضيفي حينَ يُقبلُ طارقاً
بسيفي ولا أرضى بما صنعَ الكلبُ
وأضربهُ حتى يقول قتلتني
على غيرِ جرمٍ قلتُ قلَّ لكَ الضربُ

أوس بن ثعلبة التيمي

صبرتُ على ليلى ثلاثينَ حجّةً
تُعذبني ليلى مراراً وتصخبُ
إذا قلتُ هذا يوم ترضى تنّمرتْ
وقالتْ فقيرٌ سىء الخُلقِ أشيبُ
فقلتُ لها قد يفقرُ المرءُ حقبة
ويصبرُ والأيامُ فيها التقلّبُ
فلما رأيتُ أنّها ليَ شانىءٌ
تنكبتها والحرُّ يحمى ويغضبُ
وطلقتها إني رأيتُ طلاقها
أعفُّ في الأرض العريضة مذهبُ

الشاعر القروي

قالوا حلقت الشاربين
ويا ضياع الشاربين
فأجبتهم بل بئس ذان
ولا رأت عيناي ذين
الشاغلين المزعجين
الطالعين النازلين
ويلي إذا ما أرهفا
ذنبيهما كالعقربين
إن ينزلا لجما فمي
أو يطلعا التطما بعينين
وإذا هما بُسِطَ الخوان
تراهما بسط اليدين
فإذا أردت الأكل يقتسمان
بينهما وبيني
وإذا أردت الشرب يمتص
ان كالاسفنجيين
فكأنني بهما وقد وقفا
ببابِ المنخرين
عبدان من أشقى العبيد
تقاضيا ملكاً بدينِ

معروف الرصافي

سوّدَ الله منك يا شيخ وجهاً
غشَّ حتى باللحيةِ السوداءِ
لو نتفنا من شعرها وغزلنا
لنسجنا خمسين ثوب رياء

أحمد صافي النجفي

أُكابدُ البردَ في سراجٍ
يكادُ من ضعفهِ يموتُ
في غرفةٍ ملؤها ثقوبٌ
أو قُلْ ملؤها بيوتُ
يسكنُ فيها بلا كراءٍ
فأرٌ وبقٌ وعنكبوتُ
للفأرِ في مأكلي غذاءٌ
والبقُّ جسمي لديهِ قوتُ
واعتزل العنكبوتُ أمري
وفي بقاهُ معي رضيتُ
كم صادَ في الصيفِ من بعوضٍ
قد كنتُ من لذعهِ خشيتُ
ينسجُ فوقَ الثقوبِ بيتاً
به من الشمسِ قد وُقيتُ

عبد الله النجار الوزير السوري السابق

ولقد ذكرتُكِ والحمارُ مُعاندي
فوقَ الحديدِ وقد أتى الوابور

خليل مردم بك

جَهمٌ كظلِّ الصخرِ من يرهُ يقُل
هو وجهُ ميت بالسخام مُحنطُ
فإذا تمعرَّ أو تكشرَّ ضاحكاً
أحفى شواربه ولحيته معاً
ومشى العَرضنة حاسراً عن رأسه
ويشيرُ إذ يبدى بعشر أصابعٍ

فكأنّهُ من وجههِ يتغوّطُ
أرأيتَ رأسَ التيس ساعة يُسمطُ
فكانهُ إذ ذاكَ قردٌ أشمطُ
ويدورُ مثل أبي الرياح وبلعطُ
وإذا تنحنحَ في الكلامِ حسبتهُ
وكلامهُ متقطع بسعاله
فكأنهُ بضجيجهِ وعجيجهِ

ثوراً يخورُعلى العليقِ وينحطُ
كالعيرِ يبهر في النهيقِ فيغططُ
ذو جنّةٍ بقيودهِ يتخبطُ

جمال الدين المصري

تزوجَ الشيخُ أبي شيخةً
ليسَ لها عقلٌ ولا ذهنُ
لو برزت صورتها في الدجى
ما جسرتْ تبصرها الجنُّ
كأنّها في فرشها رَمّةً
وشعرها من حولها قطنُ
وقائلٍ قال فما سِنّها
فقلتُ ما في فمها سنُّ

حسن جبينة الدسوقي

إن ترغبوا يا قومُ في السيران
فجمعوا دراهم الإخوان
وبعدُ سيروا بالسرورِ والهنا
وأرسلوا أكلاً لنا يُشبعنا
وهيئوا هذا الذي ذكرتهُ
ونوع حلوى ليس يخفى نعتهُ
واصطحبوا صوتاً جميلاً حسناً
ومن يكونُ مطرباً يُضحكنا
وأبعدوا عنا عذولاً يرقبُ
وإن تشاؤوا في الرياضِ فالعبوا
وانتخبوا لنا مكاناً معتبر
وأجلسونا حول زهرٍ ونهر
لنجتلي ثلاثة تجلو الحَزن
الماءُ والخضرةُ والشكل الحسن

نعمة قازان

لقد أهديتُ توفيقاً حذاءً
فقال الحاسدون وما عليه
اما قال الفتى العربي يوماً
شبيهُ الشىء مُنجذبٌ إليه
فردّ عليه:

لو كان يُهدى إلى الإنسانِ قيمته
لكنت أستأهلُ الدنيا وما فيها
لكن تقبلتُ هذا النعل معتقداً
أن الهدايا على مقدارِ مُهديها

فضالة بن شريك

إذا جئتهُ تبغي القِرى باتَ نائماً
بطيناً وأمسى ضيفهُ غيرُنائمِ
أناسٌ إذا ما الضيفُ حلَّ بيوتهم
غدا جائعاً عيمانَ ليسَ بغانمِ

حران العود

يقولونَ في البيتِ لي نعجةٌ
وفي البيتِ لو يعلمون النّمرْ
أحبّي لي الخيرَ أو ابغضي
كلانا بصاحبهِ ينتظرْ

ابن دريد الأزدي

لو أنزل الوحيُ على نفطويه
لكانَ هذا الوحيُ سُخطاً عليه
وشاعرٌ يُدعى بنصف اسمه
مستأهلٌ للصفعِ في أخدعيه
أفٍ على النحو وأربابهِ
قد صار من أربابه نفطويه
أحرقهُ الله بنصف اسمه
وصيّرَ الباقي صُراخاً عليه

حماد بن جعفر

حديثُ أبي الصّلتِ ذو خبرةٍ
بما يُصلحُ المعدة الفاسده
تَخوّفَ تُخمةَ إخوانهِ
فعوّدهم أكلةً واحده

الضحاك بن قيس الشيباني

تزوجتُ أبغي قُرّة العين أربعاً
فياليتني والله لم أتزوجِ
فواحدةٌ لا تعرفُ الله ربّها
ولم تدرِ ما التقوى ولا ما التحرّجِ
وثانيةٌ حمقاء تزني مخافةً
تُواثبُ من مرّتْ به لا تُعَرِّجُ
وثالثةٌ ما إن توارى بثوبها
مُذكرّةٌ مشهورةٌ بالتبرّجِ
ورابعةٌ ورهاءُ في كلِّ أمرها
مُفَرّكةٌ هوجاءُ من نسلِ أهوجِ
فهُنَّ طلاقٌ كلّهنَّ بوائنٌ
ثلاثاً ثباتاً فاشهدوا لا ألجلج

أبو الشمقمق

إنّ رياحَ اللؤمِ من شحهِ
لا يطمعُ الخنزيرُ في سَلحهِ
كفاهُ قفلٌ ضلَّ مفتاحهُ
قد يئسَ الحدادُ من فتحهِ
برزتُ من المنازلِ والقبابِ
فلم يعثر على أحد حجابي
فمنزليَ الفضاءُ وسقفُ بيتي
سماءُ الله أو قطعُ السحابِ
فأنتَ إذا أردتَ دخلتَ بيتي
عليَّ مُسلّماً من غيرِ بابِ
لاني لم أجد مصراعَ بابٍ
يكونُ من السحابِ إلى الترابِ
ولا انشقّ الثرى عن عودِ تختٍ
أُؤمل أن أشدّ به ثيابي
ولا خفتُ الإباقَ على عبيدي
ولا خفتُ الهلاكَ على دوابي
ولا حاسبتُ يوماً قهرماناً
مُحاسبةَ فأغلظُ في حسابي
وفي ذا راحةٌ وفراغُ بالٍ
فدأبُ الدهرِ ذا أبداً ودأبي
لي بُييتٌ من النضارة قفرٌ
ليسَ فيهِ إلا النوى والنُخالة
فارقتهُ الجرذان من قلّة الخير
وطارَ الذبابُ نحو زبالة
وأقامَ السنّورُ فيهِ بِشرٍ
يسأل الله ذا العلا والجلالة
أن يرى فأرةً فلم يرَ شيئاً
ناكساً رأسه لطول الملالة
ثم ولّى كأنه شيخُ سوءٍ
أخرجوهُ من مَحبسٍ بكفالة
ما جمعَ الناسُ لدنياهم
أنفعَ في البيتِ من الخبزِ
وقد دنا الفِطرُ وصبياننا
ليسوا بذي تمرٍ ولا أرزِ
كانت لهم عنزٌ فأودى بها
وأجدبوا من لبنِ العنزِ
فلو رأوا خبزاً على شاهقٍ
لأسرعوا للخبزِ بالقفزِ
ولهُ لحيةُ تيسٍ
ولهُ منقارُ نَسرْ
ولهُ نكهةُ ليثٍ
خالطت نكهتهُ صَقرْ
هيهات تضربُ في حديدٍ باردٍ
إن كنتَ تطمعُ في نوالِ سعيدِ
والله لو ملكَ البحارَ بأسرها
وأتاهُ سُلمٌ في زمانِ مدودِ
يبغيه منها شَربة لطهورهِ
لأبى وقال تيممنَ بصعيدِ

حميد بن مالك الارقط

أتى يخبطُ الظلماءَ والليلُ دامسٌ
يُسائلُ عن غير الذي هوَ آملُ
فقلتُ لها قومي إليهِ فيسري
طعاماً فإنّ الضيفَ لا بدّ نازلُ
يقولُ وقد ألقى مراسيهِ للقِرى
أبنْ ليَ ما الحجاجُ بالناسِ فاعلُ
فقلتُ لعمري مالهذا طرقتنا
فكُلْ ودعِ الحجاجَ ما أنتَ آكلُ
فما زالَ عنهُ اللقم حتى كأنّهُ
من العِيِّ لما أن تكلمَ باقلُ

ابن دانيال الكحال

أصبحتُ أفقرَ من يروحُ ويغتدي
ما في يدي من فاقةٍ إلا يدي
في منزلٍ لم يحوِ غيري قاعداً
فإذا رقدتُ رقدت غيرَ ممدّدِ
لم يبقَ فيه سوى رسوم حصيرةٍ
ومِخدّةٍ كانت لأم المهتدي
ملقى على طَرحة في حشوها
وترى البعوضَ يطيرُ وهو بريشةٍ

قملٌ كمثل السمسم المتبدِّدِ
فإذا تمكنَ فوقَ عِرقٍ يفصدِ
والفأرُ يركض كالخيولِ تسابقت
وترى الخنافسَ كالزنوجِ تصفّعتْ

من كلِّ جرداء الأديم وأجردِ
من كلِّ سوداءِ الاديمِ وأسودِ
هذا ولي ثوبٌ تراهُ مرقعاً
ولكيفَ أرضى بالحياةِ وهمتي

من كلِّ لون مثل لونِ الهدهد
تسمو وحظّي في الحضيضِ الأوهدِ

اسحق بن خلف

ما سرّني أنني في طولِ داوودِ
وأنني علمٌ في البأسِ والجودِ
ماشيتُ داوودَ فاستضحكتُ من عَجبٍ
كأنني والدٌ يمشي بمولودِ
ما طولُ داوودَ إلا طولُ لحيتهِ
يظلُّ داوود فيها غيرَ موجودِ
لكنّهُ خصلةٌ منها إذا نفختْ
ريحُ الشتاءِ وجفَّ الماءُ في العودِ

أرطأة بن سهية

لقد رأيتُكَ عُرياناً ومؤتزرا
فما دريتُ أأنثى كنتَ أم ذكرا

الحزين الكناني

كأنما خلقت كفاهُ من حجر
فليسَ بين يديه والندى عمل
يرى التيمّمَ في برٍّ وفي بحرٍ
مخافة أن يرى في كفّهِ بللُ

مسكويه

أيا ذا الفضائل واللام حاءُ
وياذا المكارم والميم هاء
ويا أنجب الناس والباء سينٌ
ويا ذا الصيانة والصاد خاء
ويا أكتب الناس والتاء ذالٌ
ويا أعلمَ الناسِ والعينُ ظاء
تجود على الكلِّ والدال راء
فأنتَ السخيُّ ويتلوه فاء

ابن المجاور

صديق قال لي لما رآني
وقد صلّيت زهداً ثم صُمت:
على يدِ أيّ شيخٍ تبت؟قل لي
فقلت: على يدِ الإفلاسِ تبت

ابن الحجاج الكاتب

يا رائحاً في دارهِ غاديا
بغيرِ معنىً وبلا فائدة
قد جُنَّ أضيافُكَ من جوعهم
فاقرأ عليهم سورة المائدة

مزاحم العقيلي

أتاني بظهرِ الغيبِ أن قد تزوجتْ
فظلّتْ بيَ الأرضُ الفضاء تدورُ
وقد زايلتْ لُبّي ـ وقد كان حاضراً ـ
وكاد جناني عند ذاك يطيرُ
فقلتُ وقد أيقنتُ أن ليسَ بيننا
تلاقٍ وعيني بالدموعِ تمورُ:
أيا سُرعة الأحبابِ حين تزوجتْ
فهل يأتيني بالطلاقِ بشيرُ

أبو الحسين يحيى الجزار

سقى الله أكناف الكنافة بالقطر
وجادَ عليها سكراً دائم الدّر
وتباً لأيامِ المخلل إنها
تمرُّ بلا نفع وتُحسب من عمري

أبو العباس الأعمى

ألا من يشتري جاراً نؤوماً
بجارٍ لا ينامُ ولا يُنيمُ
ويلبسُ بالنهارِ ثيابَ ناسٍ
وشطرَ الليلِ شيطانٌ رجيمُ

عبد الله بن أوفى الخزاعي

فإن تشربْ الزقّ لا يَروِها
وإن تأكلِ الشاةَ لا تشبعِ
وليستْ بتاركةٍ مُحرّماً
ولو حُفَّ بالأسلِ الشُّرَعِ

ابن منير الطرابلسي

وصاحبٍ لا أملُّ الدهرَ صُحبتهُ
يشقى لنفعي وأجني ضرّهُ بيدي
أدنى إلى القلبِ من سمعي ومن بصري
ومن تلادي ومن مالي ومن ولدي
أخلو ببثي من خالٍ بوجنته
مدادهُ زايدُ التقصيرِ للمددِ
لم ألقه مذ تصاحبنا فحين بدا
(يتكلم عن الضرس)

لناظريَّ افترقنا فرقةَ الأبد

اسماعيل بن إبراهيم الحمدوني

يا بنَ حربٍ كسوتني طيلسانا
ملَّ من صحبةِ الزمانِ وصدّا
إن تنفّستُ فيه ينشقُّ شقاً
أو تنحنحتُ فيه ينقدُّ قدّا
طال تردادهُ إلى الرّفو حتى
(طيلسان:ثوب)

لو بعثناهُ وحده لتهدّى

إبراهيم بن نصر الشافعي

متى سمع الناسُ في دينهم
بأنّ الغنا سنّةٌ تُتبعْ
وأن يأكلَ المرءُ أكلَ البعيرِ
ويرقص في الجمعِ حتى يقع
وقالوا:سكرنا بِحُبِّ الإله
وما أسكرَ القوم إلا القِصع
كذاكَ الحميرُ إذا أخصبت
يُهيّجها رِيّها والشبع

أحدهم

ولو عليكَ اتكالي في الغِداءِ إذاً
لكنتُ أولَ مدفونٍ من الجوعِ
وتراهم خشيّةَ الأضيافِ خُرساً
يُصلون الصلاةَ بلا أذان
ويكَ أبا طلحة ما تستحي
بلغتَ سبعين ولم تلتحي
وإنّي لأجفو الضيفَ من غيرِ عُسرةٍ
مخافةَ أن يضرى بنا فيعودُ
حيوا الحكيمَ ولا تنسوا قرينته
فهو سليمان والمدام بلقيس
لهُ غلامٌ أطالَ الله مدّتهُ
تنازع العرب فيه والفرنسيس
لا تعذلوه إذا ما خانَ أمته
فنصفهُ صالح والنصف موريس
إذا ما ماتَ ميتٌ من تميم
فَسرّكَ أن يعيش فجىء بزادِ
بخبزٍ أو بسمنٍ أو بتمر
أو الشىءُ المُلفّفِ في البجادِ
تراهُ يطوفُ في الآفاقِ حرصاً
ليأكل رأسَ لقمان بن عادِ
تزوجتُ اثنتينِ لفرطِ جهلي
بما يشقى بهِ زوجُ اثنتين
فقلتُ أصيرُ بينهما خروفاً
أنعمُ بين أكرمِ نعجتين
فصرتُ كنعجةٍ تُضحي وتُمسي
تداولُ بينَ أخبثِ ذئبتين
ولقد مدحتُكَ كي أجيدَ قريحتي
وعرفتُ أنّ المدحَ فيكَ مُضيَعُ
فلما تبدّى للقوابلِ وجههُ
نكصنَ على أعقابهن من الندمِ
وقُلنَ وأخفينَ الكلامَ تستراً
ألا ليتنا كنا تركناهُ في الرّحمِ
وإن أتوكَ وقالوا إنها نصف
فإن أحسنَ نصفيها الذي ذهب
عجوزٌ تُرَجّي أن تكونَ فتيةً
وقد لُحِبَ الجنبانِ واحدودبَ الظهرُ
تدسُ إلى العطارِ سِلعةَ أهلها
وهل يُصلحُ العطار ما أفسدَ الدهرُ
تسائلني عن نفسها هل أحبّها
فقلت لها:لا والذي أمرهُ الأمرُ
وما غرّني إلا خضابٌ بكفّها
وكُحلٌ بعينها وأثوابُها الصفرُ
وجاؤوا بها قبل المِحاقِ بليلةٍ
فكان مِحاقاً كلّهُ ذلك الشهر
لو أنَّ خِفةَ عقلهِ في رجلهِ
سبقَ الغزالَ ولم يُفتهُ الأرنبُ
ولقد قتلتك بالهجاءِ فلم تمتْ
إنّ الكلابَ طويلةُ الأعمار
وجيرةٍ لاترى في الناسِ مثلهم
إذا يكونُ لهم عيدٌ وإفطارُ
إن يوقدوا يوسعونا من دُخانهمُ
وليسَ يبلغنا ما تُنضجُ النارُ
لها جسمُ بُرغوثٍ وساقا بعوضة
ووجهٌ كوجهِ القردِ بل هو أقبحُ
وتبرُقُ عيناها إذا ما رأيتها
وتعبِسُ في وجهِ الضجيعِ وتكلَحُ
وتفتحُ ـ لا كانت ـ فماً لو رأيته
توهمتهُ باباً من النارِ يُفتحُ
فما ضحكت في الناسِ إلا ظننتها
أمامهم كلباً يَهرُّ وينبحُ
إذا علينَ الشيطانُ صورةَ وجهها
تعوّذَ منها حينَ يُمسي ويُصبحُ
وقد أعجبتها نفسُها فتملحت
بآيّ جمال ليت شعري تَملحُ
أتيتُ المُساورَ في حاجةٍ
فما زالَ يسعلُ حتى ضَرطْ
وحكَّ قفاهُ بكرسوعهِ
ومسّحَ عثنونهُ وامتخط
فأمسكتُ عن حاجتي خيفةً
لأخرى تُقطَعُ شرجَ السَّقط
فأقسم لو عدتُ في حاجتي
للطخَ بالسّلحِ وشىَ النمط
وقالَ غلطنا حسابَ الخراج
فقلتُ من الضرطِ جاء الغلط
خبروها بأنني قد تزوج
تُ فظلتْ تكاتمُ الغيظَ سراً
ثم قالت لأختها ولأخرى
جزعاً:ليتهُ تزوجَ عشرا!
وأشارتْ إلى نساءٍ لديها
لا ترى دونهنَّ للسرِّ سترا
ما لقلبي كأنّهُ ليسَ مني
وعظامي كأنَّ فيهنَّ فترا
من حديثٍ نما إليَّ فظيعٌ
خِلتُ في القلبِ من تلظيهِ جمرا
إخواننا طلبوا الصبوح بسحرة
بعثوا رسولهم إليَّ خصيصا
قالوا اقترح شيئاً نجد لك طبخه
قلت اطبخوا لي جبّةً وقميصا
يجوعُ ضيفُ أبي نو
حٍ بُكرةً وعشيّة
أجاعَ بطني حتى
وجدتُ طعمَ المنيّه
وجاءني برغيفٍ
قد أدركَ الجاهليه
فقمتُ بالفأسِ كيما
أدقُّ منه شظيه
فَثلمَ الفأسَ وانصا
عَ مثلَ سهمِ الرّميه
فشجَّ رأسي ثلاثاً
ودقَّ مني ثنيّه
فما الفيلُ تحملهُ ميتاً
بأثقلَ من بعضِ جُلاسنا
أيا من أذاقَ النفوسَ الغصص
رفعنا إلى الله فيك القصص
فوقع فيها ألا فاصبروا
فما زاد مازاد إلا نقص
قالت وقد شاهدت بِلمّته
صِبغاً وسجادة بجبهته
هذا الذي كنت قبل أعرفه
يكذب في وجهه ولحيته
شيخ كبير لهُ ذنوب
تعجز عن حملها المطايا
قد بيضّت شعرهُ الليالي
وسوّدت وجهه الخطايا
رأى”الصيف” مكتوباً على بابِ داره
فصحّفهُ “ضيفاً” فقام إلى السيفِ
فقلنا له”خيراً” فظنَّ بأننا
نقول له”خبزاً” فماتَ من الخوفِ
نوالُكَ دونهُ خرطُ القتادِ
وخبزُك كالثريا في البعادِ
ولو أبصرت ضيفاً في منامٍ
لحرّمت الرقاد على العبادِ
تغيّرَ إذ دخلتُ عليه حتى
فطنتُ فقلتُ في عرض المقالِ
عليَّ اليوم نذرٌ من صيامٍ
فأشرقَ وجهه مثل الهلال
لحمصَ أم لحماة اليوم تنتسبُ
هنا العمى وهناكَ المعشرُ الجدبُ
وفي دمشق علاكاتٌ مصدّيةٌ
وللتناحةِ دارٌ اسمها حلبُ
جئتُ إلى بابِ صديقٍ لنا
وبابهُ من دونهِ مُقفلُ
وحول ذاك البابِ غلمانه
قد أحدقوا بالبابِ واستكملوا
فقلتُ: ما يفعلُ مولاكم؟
قالوا:سمعنا أنه يأكلُ
قلتُ:وهل يفتحُ مولاكم؟
قالوا:نعم رأس الذي يدخلُ
إن شئت أن تبصر أعجوبةً
من جَورِ أحكامِ أبي السائب
فاعمِدْ من الليلِ إلى صُرّةٍ
وقرر الأمرَ مع الحاجب
حتى ترى مروان يقضي له
على علي بن أبي طالب
يُحصّنُ زادهُ عن كلِّ ضرسٍ
ويُعملُ ضرسهُ في كل زاد
ليتني كنتُ ساعةً مَلكَ المو
ت فأفني الثقالَ حتى يبيدوا
ولو أني وأنتَ في جنةِ الخ
لدِ لقلتُ الخروج منها أريدُ
لدخول الجحيم أهون من
جنة خلدٍ أراكَ فيها ترودُ
أوصيتُ من بَرَّة قلباً حراً
بالكلبِ خيراً والحماة شراً
لا تسأمي ضرباً لها وجرّاً
حتى يروا حلوَ الحياةِ مرا
سُبي الحماةَ وابهتي عليها
وإن رنت فازدلفي إليها
وأوجعي بالفِهرِ ركبيها
ومرفقيها واضربي جنبيها
لا تخبري الدهر بذاك لبنيها

أهدتْ إليهِ سفرجلا فتطيرَّ
منهُ وظلّ متيماً مستعبرا
خاف الفراق لأن أول اسمه
سفر فحقّ له بأن يتطيرا
لا يحبُّ الشقائقا
كلّ من كان عاشقا
إن نصف اسمه شقا
ء إذا فهت ناطقا
أهدى لهُ أحبابهُ أترجة
فبكى وأشفقَ من عيافة زاجر
خاف التلون إذ أتتهُ لأنها
لونان باطنها خلاف الظاهر
أهدت إليه بنفسجاً يسليه
تُنبيه أن بنفسها تفديه

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *