من شوارد الشواهد
الجزء السابع عشر
مروان بن أبي حفصة ـ الأعور الشني ـدعبل ـ ابن الخياط
ابن الخياط:
أشكو إلى الأيامِ فيكَ رزيتي | لو تسمعُ الأيام شكوى موجع | |
وأبيتُ ممنوعَ القرارِ كأنني | ما راعني الحدثان قطُّ بأروع | |
ورنين مفجوعٍ لديكَ وصلتهُ | بحنينٍ باكيةٍ عليكَ مُرّجعُ | |
من كانَ مثلكَ لم يمتْ إلا لقىً | بين الصوارمِ والقنا المتنطعُ |
رُزئتُكَ حياً وخطبُ الفراقِ
أشبه شىءٍ بخطبِ الحِمامِ
ولم يبق بعدكَ لي مقلةٌ
تبيت لفقدك ذات انسجام
تاللهِ ما جازَ الزمان ولا اعتدى | بأشدَّ من هذا المُصابِ وأوجع | |
خطبٌ يُبرِحُ بالخطوبِ وفادحٌ | من لم يمتْ جزعاً له لم يجزع | |
لا أسمع الناعي فأيسرُ ما جنى | صدعُ الفؤادِ به ووقرُ المسمعِ |
أعزِزْ عليَّ بمثلِ فقدكَ هالكاً
خلعَ الشّباب وبرده لم يخلعِ
قل لي لأيِّ فضيلةٍ لم تُبكني
إن كانَ قلبي ما بكاكَ ومدمعي
ومثلُكَ لا يُعطي الدموعَ قيادَهُ | ولو أنّ ادمانَ البكا لك أروحُ | |
ولو كانَ يُبكى كلُّ ميتٍ بقدرهِ | إذاً علمتْ جَمّاتها كيف تُنزحُ | |
لسالتْ نفوسٌ لا دموعٌ مُرشّةٌ | وعمَّ حِمامٌ لا سقامٌ مُبرِّحُ |
وما عزّاك مثلُك عن مصابٍ
إذا ما راضكَ اللبُّ الأصيلُ
ليسَ البكاءُ وإن أُطيلَ بِمقنعي | الخطبُ أعظمُ قيمةً من أدمعي | |
أو كلّما أودى الزمانُ بِمنفس | مني جعلتُ إلى المدامعِ مفزعي | |
هلّا شجاني أنَّ نفسي لم تغِظ | أسفاً وأنّ حشايَ لم تتقطع | |
ما كانَ هذا القلبُ أوّل صخرةٍ | ملمومةً قُرعتْ فلم تتصدّعِ | |
ألقى السلامَ على أبرِّ مؤّملٍ | وحثا الترابَ على أغرَّ سميدع | |
يا للرجالِ لنازلٍ لم يُحتسب | ولِحادثٍ ما كانَ بالمُتوّقعِ |
فيا قبراً حوى الشرفَ المُعلّى
وضُمنَ لحدهُ المجدُ الأثيلُ
أحِلَّ ثراك من كرمٍ غمامٌ
وأودِعَ فيكَ من بأسٍ قبيلُ
أذا الوجهِ الجميلِ وقد تولّى | قبيحٌ بعدكَ الصبرُ الجميلُ | |
رحلتَ مفارقاً فمتى التلاقي | وبِنتَ مُودّعاً فمتى القفولُ | |
وكنتَ يقينَ من يرجوكَ يوماً | فأنتَ اليومَ ظنٌّ مستحيلُ | |
ولو تدري الحوادثُ ما جنتهُ | بكتكَ غداةُ دهركَ والأصيلُ |
فيا للمعالي والعوالي لهالكٍ
لهُ المجدُ باكٍ والمكارمُ نوَّحُ
وما منْ رمى من غيرِ عمدٍ فأقصدت
نوافذُهُ كمن تعمّد أن يرمي
لقد أخذ الأسى من كلِّ قلبٍ | كما أخذتْ من السيفِ الفلولُ | |
وما كبدٌ تذوبُ عليكَ وجداً | بشافيةٍ ولا نفسٌ تسيلُ |
فلم يأتِ عندي غيرُ ما أنتَ أهلُهُ
ولا عجبٌ للغيثِ أن روّضَ المحلا
إذا ما النارُ كان لها اضطرامٌ | فما الداعي إلى قدحِ الزِّنادِ | |
رجوتُ فما تجاوزهُ رجائي | وكانَ الماءُ غاية كلِّ صادِ | |
إذا ما رُوضّتْ أرضي وساحت | فما معنى انتجاعي وارتيادي |
إنَّ خيرَ المعروفِ ما جاءَ لا سينُ
سؤالٍ فيهِ ولا واو وعدٍ
كمْ ذا التجنُّبُ والتجنّي | كمْ ذا التحاملُ والتعدّي | |
أتظنني لا أستطيعُ | أُحيلُ عنك الدهر وُدّي | |
من ظنَّ أن لا بُدَّ منهُ | فإنَّ منهُ ألفَ بُدِّ |
عسى باخلٌ بلقاءٍ يجودُ
عسى ما مضى من تدانٍ يعودُ
نفضتُ يدي من الآمالِ لمّا | رأيتُ زمامها بيدِ القضاءِ | |
وما تنفّكُ معرفتي بحظّي | تُريني اليأسَ في نفسِ الرجاءِ |
سِرْ في ضمانِ الله مُكتنَفاً
حتى تعودَ مُبلَّغَ الأملِ
أذلّني حبّكمُ في الهوى | فما حمتني ذلّتي منكمُ | |
ومذهبٌ مازالَ مُستقبحاً | في الحربِ أن يُقتلَ مُستسلمُ |
نأيتَ على قُربٍ من الدار بيننا
وكلُّ قريبٍ لا يودّكَ نائي
رأيتُكَ لمّا شمتُ برقكَ خُلاً | وما أربي في عارضٍ ليسَ يُمطرُ | |
فأخطأني منكَ الذي كنتُ أرتجي | وأدركني منكَ الذي كنتُ أحذرُ | |
وما ذاكَ عن عُذرٍ فأسلوهُ مطلباً | تعذّرَ لكن حظّيَّ المتعذرُ |
عليكم سلامٌ لم أقلْ ما يُريبكم
ولكنهُ عتبٌ تجيشُ به النفس
منَ الحقِّ ما يقضي عليك بأن أرى | لديك وحظّي من نوالكَ أوفرُ | |
وما هي إلا حُرمةٌ لو رعيتها | رعيتَ فتىً عن شكرها لا يُقصّرُ | |
كريماً متى عاطيتهُ كأسَ عِشرةٍ | تعلمتَ من أخلاقهِ كيف يُشكرُ |
وكم مانعٍ رِفداً وما كان مانعاً
ولكن آبى ذاكَ القضاءُ المُقدّرُ
وقد كانَ فيما بيننا من مودّةٍ
ومعرفةٍ معروفها ليسَ يُنكرُ
أُعيذُك بالنفسِ الكريمة أن تُرى | مُخلاً بفرضِ الجودِ في الكرماء | |
وبالخلقِ السهل الذي لو سقيته | غليلَ الثرى لم يرض بعدُ يماءِ |
فلا تزهدنَ في صالحِ الذكرِ إنما
يليقُ رداءُ الفضلِ بالفضلاءِ
فليسَ بمحظوظٍ من الحمدِ من غدا
وليس لهُ حظّ من الشعراء
أيرتجعُ المعروفَ من كان واهياً | ويسلبُ ثوبَ المنِّ من لم يزلْ يكسو | |
أساهِلُ إغضاءً وفيكم تصعُّبٌ | وأرطبُ إجمالاً وفي عودِكم يُبسُ | |
وليسَ بعدلٍ أن ألينَ وتخشنوا | وليسَ بحقٍّ أن أرِقَّ وأن تقسوا |
وكيفَ جحودُ معروفٍ توالى
فكان من الخطوبِ دواء دائي
أأجحدُ منّةً بدأتْ وعادتْ
إذن فعدلتُ عن سنن الوفاء
تغيّرتم عن عهدكم آلَ كاملٍ نبا السيف منكم في يدي وهو قاطع | فلليومِ منكم غيرُ ما أسلفَ الأمسُ كما أظلمت في ناظري منكمُ الشمسُ | |
وأوحشتمُ مني مكانَ اصطفائكم | كأن لم تكن تلك المودةُ والأنسُ |
غرستم ثناءً لم تُجدهُ سحابكمْ
بريٍّ وهل ينمي مع العطشِ الغَرسُ
أُعيذُكَ من رضى يتلوهُ سخطٌ | ومن نُعمى يُكدّرها انتقامُ | |
أيرجعُ جفوةً ذاكَ التصافي | ويُخفرُ ذمةً ذاكَ الذِمامُ | |
أتبريني يدٌ راشتْ جناحي | ويحسمني ندىً هو لي حسامُ | |
ويُغري بي الحِمامُ أخو سَماحٍ | بهِ عن مهجتي دُفِعَ الحِمامُ |
ومن كانَ حربَ الدهر عودَ نفسَهُ
قِراعَ الليالي لا قِراعَ الكتائبِ
أقرَّ ذوو الآدابِ طُراً لمنطقي | وغيرهمُ فيما حكى كاذبُ الزعمِ | |
فلستُ بمحتاجٍ على ما ادعيتهُ | إلى شاهدٍ بعد اعترافٍ من الخصمِ |
معانٍ تحتَ ألفاظٍ حسانٍ
كما اجتمعَ القلائدُ والنحورُ
أصونُ لساني والجنانُ يذالُ | وأُقصرُ بثّي والشجونُ طِوالُ | |
وأحبسُ عن قومٍ عنانَ قصائدي | وقد أمكنَ الطرفَ الجوادَ مجالُ |
وما لذّةُ السُّكرِ إلا بحيثُ
تُعَنى المنى ويدورُ السرورُ
لا يمنعنكَ من يدٍ واليتها | أنّي بشكرِ صنيعها لم أنهضِ | |
إنَّ الغمامَ إذا ترادفَ وابلُهُ | أبقى أنيقَ الروض غير مروّضِ |
تعافُ النفوسُ المرُّ من وردِ عيشها
وتكرهُ حتى يستمرَّ مريرُها
أصبحتُ في قبضةِ الأيامِ مُرتهناً | نائي المَحلِّ طريداً عنهُ مُغتربا | |
ألحَّ دهرٌ لجوجٌ في مُعاندتي | فكلّما رُضتهُ في مطلبٍ صَعُبا | |
كخائضِ الوحلِ إذ طالَ العناءُ بهِ | فكلّما قلقلتهُ نهضةٌ رسبا |
وما عن سلوةٍ إغبابُ دمعي
وإقصارُ العواذلِ عن لجاجي
ولكن جلَّ عن فندٍ ولومٍ
غرامي بالمحامدِ والتهاجي
أرى الإلفَ ما بينَ النفوسِ جنى لها | جوانحَ تُذكى أو مدامعَ تَقرَحُ | |
فيا ويحَ إخوانِ الصفاءِ من الأسى | إذا ما استردَّ الدّهرُ ما كانَ يمنحُ | |
ومن عاشَ يوماً ساءَهُ ما يسرُّهُ | وأحزنهُ الشىءُ الذي كان يُفرحُ |
كُنْ كيفَ شئتَ إذا ما لمْ تخِمْ فَرَقاً
لا عيبَ للسيفِ إلا أن يُقالَ نبا
لا تَلْحَ في طلبِ العلياءِ ذا كلَفٍ
فقلّما أعتبَ المُشتاقُ من عتبا
خليليَّ ما أحلى الحياة لوَكنّها | لطاعمها لم تخلطِ الصّابَ بالشُهدِ | |
لقد حالتِ الأيامُ عن حالِ عهدها | ومن لي بأيامٍ تدومُ على العهدِ |
أيا قمرَ العُلى بمن التسلّي
إذا لم تستنرْ ومن البديلُ
متى حالت محاسنُكَ اللواتي
لها في القلبِ عهدٌ لا يحولُ
أحتى إلى العلياءِ يا خطبُ تطمحُ | وحتى فؤادَ المجدِ يا حزنُ تجرحُ | |
أكلُّ بقاءٍ للفناءِ مُؤَّهلٌ | وكلُ حياةٍ للحِمامِ تُرَشّحُ | |
سلبتَ فلم تتركْ لباقٍ بقيّةً | فيا دهرُ هلّا بالأفاضلِ تسمحُ |
أرى نيل أقوامٍ وآبى امتنانهم
وليس تفي لي لذّةُ الشُّهدِ بالسُّمِ
ما أطيبَ العيش لو أني وفدتُ بهِ | على شبابٍ ودهرٍ غير غدّارِ | |
الآن وقد هجرتْ نفسي غوايتها | وحانَ بعد حلولِ الشيبِ إقصارُ | |
والعيشُ ما صحبَ الفتيانُ دهرهمُ | مُقسّمٌ بين إحلاءٍ وإمرارُ |
ومثلُكَ لا تجودُ بهِ الليالي
ولكن ربما سَمحَ البخيلُ
فذا الدّهرُ مطويٌّ على البُخلِ بذلُهُ | يعودُ بِمُرِّ المَذقِ حينَ يُصرِّحُ | |
يُساوي لديهِ الفضلَ بالنقص جهلُهُ | وسيانِ للمكفوفِ مُمسىً ومُصبَحُ |
وما أنسَ لا أنسَ الحِمى وأهلّهً
تُضِلُّ ومن حقِّ الأهلّةِ أن تهدي
زمانٌ إخالُ الجهلَ فيهِ من النُّهى
وحبٌّ أعدُّ الغيَّ فيه من الرُشدِ
وإنّي لتصميني سهامُ ادّكاركمْ | وإن كانَ رامي الشّوقِ مني على بُعدِ | |
تمادي غرامٍ ليسَ يجري إلى مدىً | وفرطُ سقامٍ لا يُقيمُ على حدِّ |
فأُقسمُ لا نقعتُ صدىً بماءٍ
إلى غير الكرامِ به احتياجي
إنَّ العشائرَ من أحياءِ ذي يَمنٍ | لما بغوكَ جروا في غيرِ مضمارِ | |
أصحرتَ إذ مُدَّ بالمِدّانِ سيلُهمُ | والليثُ لا يُتقى من غيرِ إصحارِ |
وإني لَمُهدٍ إليكَ القريضَ يُطوى
على النصُحِ والنُصحُ يُهدا
وآياتُ مجدٍ باهراتٍ كأنّها | بدائعُ تأتي بالمعاني النوادرِ | |
وأخلاقُ معشوقِ السجايا كأنّما | سقاكَ بها كأسَ النديمِ المُعاقرِ |
إذا العذبُ النميرُ حماهُ ضَيمٌ
فجاوزهُ إلى الملح الأجاج
لقد جاوزتَ فيكَ مقدارَها | خطوبٌ قضتْ منكَ أوطارها | |
وكيف ترّقتْ إلى مُهجةٍ | يودُّ الرّدى لو غدا جارها |
وقد نادى الندى هل من رجاءٍ
وقال النيّلُ هل من مستنيلِ
مُنيتُ ببيعِ الشّعرِ من كلِّ باخلٍ ومن لي بأن يُبتاعَ منّي وإنّما | بِخُلفِ مواعيدٍ وزَور أماني أُقيمُ لماءِ الوجهِ سوقُ هوانِ | |
إذا رُمتُ أن ألقى به القومَ لم يزل أخافُ سؤالَ الباخلينَ كأنني | حيائي ومسُّ العدم يقتتلان مُلاقي الوغى كُرهاً بقلبِ جبانِ | |
قعدتُ بمجرى الحادثاتِ مُعرِّضاً | لأسبابها ما شئنَ فيَّ أتاني | |
مُصاحبَ أيامٍ تجرُّ ذيولها | عليَّ بأنواعٍ من الحدثانِ | |
أرى الرزقَ أما العزمُ مني فموشك | إليه وأما الحظُّ عنهُ فَوانِ |
إذا أهلُ الثناءِ عليكَ أثنوا
فَسِرْ في المكرُماتِ بلا دليل
تجرد نصلاً والخلائق مفصل فلا نحنُ يوماً نستطيعُ دفاعها | وتنيض سهماً والبريّة مقتلُ ولا خطبها عنا يعفُّ فيجملُ | |
ولا خلفنا منها مفرٌ لهاربٍ ولا ناصرٌ إلا التململُ والأسى | فكيفَ لمن رامَ النجاةَ التحيّلُ وما الذي يُجدي الأسى والتململُ | |
بنيتُ على وعدٍ من الموتِ صادقٍ | فمن حائنٍ يقضي وآخرَ يًمطلُ | |
وكلٌّ وإن طالَ الثواءُ مصيرُهُ | إلى موردٍ ما عنهُ للخلقِ معدِلُ | |
فواعجباً من حازمٍ مُتيقنٍ | بان سوفَ يردى كيفَ يلهو ويغفُلُ |
وهل نافعي شيمٌ من العزمِ صادقٌ
إذا كنت ذا برقٍ من الحظِّ كاذبِ
صروفُ المنايا ليسَ يؤدي قتيلُها مُنيتُ بها مُستكرهاً فاجتويتها | ودارُ الرزايا لا يصحُّ عليلها كما يجتوي دارَ الهوانِ نزيلُها | |
يُشهيَّ إليَّ الموتَ علمي بأمرها | ورُبَّ حياةٍ لا يسرّكَ طولها | |
وأكدرُ ما كانت حياةُ نفوسها | إذا ما صفت أذهانها وعقولُها | |
ومن ذا الذي يحلو له العيش بعدما | رأت كلُّ نفس أن هذا سبيلها |
لقد نصحَ الدّهرُ من غرّهُ
فحتامَ يتهمُ الناصحُ
لو كنتُ أقدِرُ والأقدارُ غالبةٌ | لبعتُ فضلي بحظّي غير مغبونِ | |
لو كان في الفضل من خيرٍ لصاحبهِ | لكانَ فضلي عن ذي النقضِ يُغنيني | |
يا هذه قد أصابَ الدهرُ حاجتَهُ | مني فحتامَ لا ينفكُ يرميني | |
إن كان يجهد أن أصلى نوائبهُ | جمعاً فواحدةٌ منهنَّ تكفيني | |
كأنّهُ ليس يغدو مُرسلاً يدَهُ | بكلِّ نافذةٍ إلا ليُصميني | |
سلوتُ لا مللاً عمن كلفتُ به | ومثلُ ما نالَ مني الدهرُ يُسليني |
وقد أبلغُ الغاياتِ لستُ بسائر
وأظفرُ بالحاجاتِ لستُ بطالبِ
وركبٍ أماطوا الهمَّ عنهم بِهمّةٍ | سواءٌ بها أقصى المَرامِ وأدناهُ | |
قطعتُ بهم عرْضَ الفلاة وطالما | رمى مقتلَ البيداءِ عزمي فأصماهُ |
يُكلّفني الزمانُ مديحَ قومٍ
يرونَ كسادَ ذكرهمُ نفاقا
ومن يرجون من النارِ ارتواءً
كمن يخشى من الماءِ احتراقا
وإني لأغنى بالحديثِ عن القِرى | وبالبرقِ عن صوبِ الغيوثِ السواكبِ | |
قناعةُ عزٍّ لا طماعةُ ذلّةٍ | تُزّهدُ في نيلِ الغنى كلّ راغبِ |
وأيُّ فتىً تمرّسَ بالمعالي
فلم يهجمْ على خطرٍ مهولِ
وإنّ عناقَ حرِّ الموتِ أولّى
بذي الإملاقِ من بردِ المقيلِ
لئن عداني زمان عن لقائكمُ | لما عداني عن تذكارِ ما سلفا | |
وإن تعوّضَ قومٌ من أحبتهم | فما تعوّضتُ إلا الوجدَ والأسفا | |
وكيفَ يصرفُ قلباً عن ودادكمُ | من لا يرى منكمْ بُداً إذا انصرفا | |
ما حقُّ شوقيَ أن يُثنى بلائمةٍ | ولا لدمعي أن يُنهى إذا ذرفا |
فإنَّ السيفَ يُعرفُ ما بلاهُ
بما في مضربيه من الفلول
ومن يجزيكَ عن فعلٍ بقولٍ | لقد حاولتَ عين المستحيلِ | |
وكيفَ لي السبيلُ إلى مقالٍ | يُخفّفُ محملَ المنِّ الثقيلِ |
هوىً كلّما عادتْ من الشّرقِ نفحةٌ
أعادَ ليّ الشّوقَ الذي كان أبداهُ
إنا وإن عَظُمَ المصابُ فلا الأسى | فيه القصيُّ ولا السّلوُّ بطيِّعِ | |
ولقد علمتَ ولم تكن بِمُعلَّمٍ | أن الاسى والوجدَ ليسَ بِمُنجعِ |
يَعُبُّ إذا أصابَ الضيمُ شَرْباً
وبعضُ الذلِّ أولّى بالذليلِ
أعِرني طرفَ عدلكَ تلقَّ عِرّاً | نقياً لا يُلمُّ به الملامُ | |
وأوخَذُ في حِماكَ بذنبِ غيري | فأينَ العدلُ عني والكِرامُ | |
وأينَ خلائقٌ ستحولُ عنها | إذا حالت عن السّكر المدام |
ولا تحملْ على الأيام سيفاً
فإنَّ الدهرَ يقطعُ بالنجادِ
وما يتحامى الليثُ لولا صيالهُ | ولا تُتوقى النارُ لولا حريقها |
تُذمُ الليالي إن تعذرَ مطلبٌ
وأولى لعمري أن تذُمَّ رجالُ
أيعظمُ أن تذودَ الخطبَ عني | وعندكَ تصغُرُ النوّبُ العظام |
قطعتُ صدورَ العمر لم أدر لذّةً
وغفلةَ عيش كيفَ كانَ مُرورها
وما فقدُ الفروعِ كبيرُ رُزءٍ | إذا سلمتْ على الدّهرِ الأصولُ |
والجَدُّ والفهمُ أسنى منحةٍ قُسمتْ
للطالبينَ ولكن قلّما اصطحبا
لا تسقني سوى جدوى يديكَ فما | يروي من السّحبِ إلا كلُّ مدرارِ | |
ولستُ أوّلَ راجِ قادهُ املٌ | قد راحَ منك على شقراءِ محضار |
وهيهاتَ ما يثني الحمامَ إذا أتى
جدارٌ مُعلّى أو رتاجٌ مصفحُ
ولا سؤدَدٌ جمُّ به الخطبُ يُزدهى
ولا نائلٌ غمرٌ به القطرُ يُفضحُ
خليليَّ ما كلُّ العسيرِ بمعجز | مرامي ولا كلُّ اليسير يُنالُ | |
وليسَ أخو الحاجاتِ من باتَ راضياً | يعجزُ على الأقدار فيه يُحالُ | |
تقلّبتُ في ثوبي رخاءٍ وشدّةٍ | كذلكَ أحوالُ الزمانِ سجالُ |
وما للبدورِ أن تكفَّ ضياءَها
ولا البخلُ في طبعِ الغمامِ البواكي
يقولُ أناسٌ كيفَ يُعزُّكَ الغنى | ومثلُكَ يكفيهِ الفِعالِ مقالُ | |
وما عندهم أن ذَا السؤالَ مذلّةٌ | ونقصٌ وما قدرُ الحياة سؤالُ |
وما من رمى من غير عمدٍ فأقصدتْ
نوافذُهُ كمن تمّدَ أن يرمي
إذا كنتَ عن ذي الفضل لستَ بصافح | فوا حسرتا عمّنْ تكفُّ وتصفحُ |
تميلُ بها الآمالُ عن كلِّ مطمعٍ
دنىءٍ وتسمو للطلاب الذي يسمي
هذا ولستَ ببالغِ بعض الذي | أوليت ما لُبسَ الظلامُ وما نُضي | |
أقرضتني حُسنَ الصنيعِ تبرُّعاً | والقرضُ افضلُ من جزاءِ المُقرضِ | |
فاعذرْ إذا ما الدهرُ أخمدَ فكرتي | أيُّ الكرامِ بدهرهِ لم يَفرِضِ |
رأيتُكَ حاضراً في حالِ غيبٍ
وبعضُ القومِ كالغَيبِ الحضور
وحزنٌ تساوى الناسُ فيهِ وإنّما | يعمُّ من الأحزانِ ما هو أبرَحُ |
ولي عزمٌ أنالُ بهِ انفتاحاً
لبابِ المجدِ إن خِفتُ انغلاقا
شرفاً لمجدكَ بانياً ومُقوِّضاً | ولسعدِ جدِّكَ ناهضاً أو منهضا | |
إمّا أقمتَ أو ارتحلتَ فللِعُلى | والسيفُ يشرفُ مُغمداً أو مُنتضا |
ولَرُبَّ قولٍ لا يُعابُ بأنّهُ
خَطَلٌ ولكن عيبهُ الإكثار
فإمّا تريني يا ابنة القومِ ناحلاً | فأعلى أنابيبُ الرماحِ دقيقُها | |
وكلُّ سيوفِ الهندِ للقطعِ آلةٌ | وأقطعها يومِ الجلاد رقيقها |
ولئن بقيتُ لتسمعنَّ غرائباً
يقضي الزمانَ وفضلُها لم ينقضِ
يظمأ إليها المُنعمونَ فمن يردْ
يردِ الثناءَ العذبَ غيرَ مُبرضِ
جادتْ أناملُكَ الغِزارُ بهِ الورى | ومن السحائبِ تُغدِقُ الأمطارُ | |
وتتابعتْ قطراتُ غيثكَ أنعُما | إنَّ الكريمَ سماؤهُ مِدرارُ |
أولئكَ لم يرضوا من العزِّ والغنى
سوى ما استباحوا بالقنا والقواضبِ
وللأقوالِ إن سُمعتْ سِهامٌ فما نُصحاً لمجدكَ بل مُراداً | تُقصِّرُ عن مواقعها السهامُ لما قد ساءني قعدوا وقاموا | |
فليتكَ تسمعُ القولين حتى | يُبيّن في من الحقِّ الخصامُ |
وما كلُّ ظلٍّ يَستظلُّ
من شفَّهُ الرَّمضُ اللافحُ
تزورُ امراً لا يُجتنى ثمرُ الغِنى
بمثلِ نداهُ الغمرَ والنائل الجمّ
متى جئتهُ والمعتفونَ ببابهِ
شهدتَ بِنُعمى كفّهِ مصرعَ العُدمِ
يقيني يقيني حادثاتِ النوائبِ | وحزميَ حزمي في ظهورِ النجائبِ | |
سينجدني جيشٌ من العزمِ طالما | غلبتُ به الخطبَ الذي هو غالبِ |
فيا قلب كم تشقى بِدانٍ ونازحٍ
فَشاكٍ إلى خصمٍ وباكٍ على رسمِ
أرى كلَّ يومٍ من الحادثاتِ فيا ليتَ شعري ـ وما نفعُ ليتَ ـ | لنا وقعةٌ نصطلي نارَها متى تضعُ الحربُ أوزارها | |
وحتّامَ ذمّةُ هذي الجسوُ | مُ لا يرهبُ الموتُ إخفارها | |
تُفيتُ المقاديرُ أرواحها | ويُتلى على الدهرِ أبشارها | |
هربنا بأنفسنا والقضا | ءُ يسبق بالمشي إحضارها |
ألا لا يثقْ بالدهرِ ما عاشَ ذو حِجىً
فما واثقٌ بالدهرِ إلا سيخجلُ
وما اعترفتْ أنفسٌ بالحِما | مِ لو كانَ يقبلُ إنكارها | |
إذا أقبلتْ بالفتى عيشةٌ | توقعَ بالموتِ إدبارها | |
وكيفَ يحاولُ صفوَ الحيا | ةِ من ليسَ يُمنحُ إكدارها | |
وما عمرُ من أدركته الوفا | ةَ إلا كمرحلةٍ سارها |
ومن يحمي الوهادَ بكلِّ أرضٍ
إذا ما السيلُ طمَّ على النجادِ
أُمنّي النفسَ وصلاً من سعادِ | وأينَ من المنى دركُ المُرادِ | |
وكيفَ يصحُّ وصلٌ من خليل | إذا ما كانَ مُعتلَّ الودادِ |
وليسَ يبينُ الدّهرُ إخلاصَ باطنٍ
إذا أنتَ لم تُدلل عليه بظاهرِ
حياةٌ غدتْ لاقحاً بالحِمامِ | ولا بُدَّ أن تُنتجَ اللاقحُ | |
وكلُّ تمادٍ إلى غايةٍ | وإن جرَّ أرسانهُ الجامحُ |
لقد قبض الزمانُ يدي وأعيتْ
عليَّ رياضةُ الحظِّ الحرونِ
إذا ما امتطى الأقوامُ مركب ثروةٍ | خضوعاً رأيتُ العُدْمَ خيرَ مراكبي | |
ولو ركب الناس الغنى ببراعةٍ | وفضلٍ مبينٍ كنتُ أولَ راكبِ |
على أنَّ لي في مذهبِ الصّبرِ مذهباً
يزيدُ اتساعاً عند ضيق المذاهبِ
وما وضعتْ مني الخطوبُ بقدر ما
رفعنَ وقد هذّبتني بالتجاربِ
إذا ماءُ عيني بانَ كانَ مُعولي | على الدمع إنَّ الدمعَ بئس المِعول | |
كفى حزناً أن يُوقنَ الحيُّ أنهُ | بسيفِ الردى لا بُدَّ أن سوفَ يُقتلُ |
وقد يهوى المحبُّ العذلَ شوقاً
إلى ذكرِ الأحبّةِ لا العذولِ
وغيري من يُصاحبهُ خضوعٌ
أنمٌّ من الدموعِ على الغليلِ
رأيتُكَ بين الحزمِ والجُودِ قائماً | مقام فتى المجدِ الصميمِ ونديه | |
فمن غِبّ لا تُساءُ بوردهِ | ومن ورد جودٍ لا تُسرُّ بغبهِ | |
ولما استطالَ الخطبُ قصّرتَ باعَهُ | فعادَ وجِدُّ الدهرِ فيه كَلعبهِ |
أغرُّ إذا ما الخطبُ أعشى ظلامُهُ
تبلجَّ طلقَ الرأي في الحادثِ الجهمِ
هبوا طيفكم أعدى على النأي مسراهُ | فمن لِمشوقٍ أن يُهوِّمَ جفناهُ | |
وهل يهتدي طيفُ الخيالِ لناحلٍ | إذا السّقمُ عن لحظِ العوائدِ أخفاهُ |
أنا والنّدى سيفان في
يدِ ماجدٍ نصرَ المكارمْ
هذا يَفِلُّ به الخطو
بَ وذا يقدُّ بهِ الجماجمْ
أغرُّ إذا ما الخطبُ أعشى ظلامُهُ | تبلجَّ طلقَ الرأي في الحادثِ الجهمِ | |
ترقُّ حواشي الدّهر في ظلِّ مجدهِ | وتظرفُ منهُ شيمةُ الزمنِ الفدمِ | |
ويكبرُ قدراً أن يُرى متكبراً | ويعظمُ مجداً أن يتيه مع العُظمِ | |
ويكرُمُ عدلاً أن يميل به الهوى | ويشرفُ نفساً أن يلذَّ مع الإثمِ | |
ويُورِدُ عن فضل عن نُهى | ويصمتُ عن حلمٍ وينطِقُ عن علمِ | |
بديهة رأي في رويّة وسؤددٍ | وإقدامُ عزمٍ في تأيّدِ ذي حزمِ |
وما خانني من هِمّةٍ تأمُلُ العُلى
سوى أنَّ أسبابَ القضاءِ تعوقها
سأجعلُ هَمّي في الشدائدِ هِمّتي
فكم كُربةٍ بالهَمِّ فرَّجَ ضيقها
لكَ الذروةُ العلياءُ من كلِّ مَفخرٍ | سَنّيٍّ وما للحاسدين سوى الرّغمِ | |
وكيفَ يُرَجيّ نيلَ مجدكَ طالبٌ | وبينهما ما بين عرضكَ والوصم |
قومٌ لهم شرفُ الحطيمِ ومُبتنى العزُّ
المُشيّدِ في البطاحِ الأعرضِ
يُحي الثنا موتى الكرام ورُبما
مات اللئيمُ وروحهُ لم تُقبضِ
وفي أيِّ خطبٍ لم تكن قاضبَ الشّبا | وفي أيِّ فضلٍ لم تكن ثاقب الزّندِ | |
كأنّكَ مجبورٌ على الفضلِ وحدَهُ | فمالكَ من أن تُدركَ الفضلَ من بُدِّ |
فَكُنْ لبني الأحرارِ حصناً ومعقلاً
إذا خانهمْ صرفُ الزمانِ وخَيّبا
سواكَ يُعابُ المادحونَ بنيلهِ
وغيركَ من أبى لِجدواهُ مطلبا
يكدرُ وصلهُ والودُّ صافٍ | ويبعدُ كلّما قَرُبَ المزارُ | |
وأحلى ما ظفرتُ به وصالٌ | إذا هو لم يشنِهُ الانتظارُ |
فتى ظافرت همّاتهُ عَزماتهِ
كما ظافرتْ سُمرُ الصِّعادِ نِصالُ
وقد يُعجبُ الروضُ الأنيقُ وإنّما | يَدُلُّ على فضلِ الحيا المتراكمِ |
أرى الدهرَ لا يزدادُ إلا فظاظةً
عليَّ ولا أزدادُ إلا تَعتُبا
ما أطيبَ العيشَ لو أنّي وَفدتُ بهِ | على شبابٍ ودهرٍ غيرِ غدّارِ |
لقد حالت الأيامُ عن حالِ عهدها
ومنْ لي بأيامٍ تدومُ على العهدِ
أصبحتُ في قبضةِ الأيام مُرتَهناً | نائي المَحَلَّ طريداً عنه مُغتربا | |
كخائض الوحل ـ إذ طال العناء به ـ | فكُلّما قلقلته نهضةٌ رسبا | |
عندي عزائمُ رأيٍ لو لقيتُ بها | صَرْفَ الزمانِ لولّى مُمعناً هربا |
خليليَّ ما أحلى الحياةَ لو أنّها
لِطاعمها لم تَخلِطِ الصّابَ بالشّهدِ
وقد يُحرَمُ الجَلدُ الحريصُ مرامَهُ | ويُعطى مُناهُ العاجزُ المتواني | |
ومن أنكدِ الأحداثِ عندي أنني | على نَكدِ الأحداثِ غيرُ مُعانِ |
وقد كنتُ جَلداً أبيَّ القِيا
دِ لو أنَّ غيرَ الهوى قائدي
فها أنا متروكٌ وكلَّ عظيمةٍ | أقارِعُها شأنَ الخطوبِ وشاني | |
فعثراً لدهرٍ لا ترى فيه قائلاً | لعاً،لفتىً زلّت به القدمانِ |
يُنبي الفتى قبل الفِطامِ بفضلهِ
ويبينُ عتِقُ الخيل وهي مِهارُ
متى ارتجعتْ مواهبها الكِرامُ | وهل يسترجعُ الغيثَ الغَمامُ | |
أيصعدُ عائداً في السُّحبِ قَطرٌ | تنزّلَ في الوهادِ بهِ الرِّهامُ | |
أرى العلياءَ من تقصيري أمري | بها خجلٌ وبالمجدِ احتشامُ |
فكلُّ اجتماعٍ به للشتات
وكلُّ رضاعٍ به للفطام
وهل ينفعني أنَّ عزميَ مُطلقٌ | وحظّي متى رُمتُ المطالبِ عانِ | |
وما زالَ شؤُمُ الجدّ من كلِّ طالبٍ | كفيلاً يُبعدِ المطلب المتداني |
فلا تَعدِلْ إلى الواشينَ سمعاً
فإنّ كلامَ أكثرُهم كلامُ
وإنَّ الوُدَّ عندَهمُ نفاقٌ
إذا طاوعتهم والحمدَ ذامُ
كتمَ الصنائعَ فاستشاع ثناؤها
من ذا يصدُّ الصُبحَ أن يُشرقا
لكَ الخيرُ قد أنحى عليَّ زماني | ومالي بما يأتي الزمانُ يدانِ | |
كأنَّ صروفَ الدّهرِ ليسَ يَعُدُّها | صروفاً إذا مكروهنَّ عداني | |
ولو أنَّ غيرَ الدّهرِ بالجَورِ قادني | حجمتُ ولكن في يديه عِناني |
وكيفَ أُحيِّ ساكنَ الخُلدِ بالحَيا
وما ذُخرتْ إلا لهُ سلسبيلها
سيشرِفُ في دارِ الحسابِ مقامها
ويردُ في ظلِّ الجنانِ مقيلُها
نلوذُ بأسبابِ العزاءِ وإنّهُ | لَيقبُحُ في حُكمِ الوفاءِ جميلُها | |
وهل ينفع المَرزيَّ أن طالَ عتبهُ | على الدّهرِ والأيامٌ صَعبٌ ذلولُها | |
فلا يَثلمنَّ الحُزنُ قلبكَ بعدَها | فَقِدماً أبادَ المُرهفاتُ فُلولُها |
وكيف ترى مياهَ الفضل إلا
وقد رُشِفتْ بأفواهِ العقولِ
تجافَ عن العُفاةِ ولا ترُعهم | فإنّي ناصحٌ لك يا زمانُ | |
أخافُ ندى يمين المُلْكِ يقضي | عليك إذا هَمتْ تلك البنانُ | |
وقد عانيتَ سطوتها غداة استطلَتْ | وليس الخبرُ كالعيان |
وكنتُ إذا ما رابني الدّهرُ مرّةً
وقد ولدَ الدهرُ الكِرامَ فأنجبا
دعوتُ كريماً فاستجابَ لدعوتي
أغرّ إذا ما رادهُ الظنُّ أخصبا
فداويتُ شوقي بذكرِ اللقاءِ | وعلّلتُ شملي بعودِ النظامِ | |
أُوّملُ قُربكَ في كلِّ يومٍ | وأرجو لقاءكَ في كلِّ عامِ | |
ولم أدرِ أنَّ مرامي القضا | ء قد حُلْنَ بيني وبينَ المرامِ |
يا قبرُ ما للمجدِ عندكَ فاحتفظْ
بِمهندٍ ما كنتَ من أغمادهِ
لَعمري لئن شرَّفتني بِضيعةٍ | وحلّيتَ مني بالنّدى راحةً عُطلا | |
فلم يأتِ عندي غيرُ ما أنتَ أهلُهُ | ولا عَجبٌ للغيثِ أن رَوَّضَ المحلا |
تشتاقُ منهُ العينُ مثلَ سوادِها
ويضمُّ منه الصدرُ مثلَ فؤادهِ
يا ليتَ أنَّ يدي شلّتْ ولم يرني | خلقٌ أمدُّ إليهِ بالسؤالِ يدا | |
وليتَ سُقمي الذي في الحالِ من عَدمي | أحلّهُ الدهرُ مني الروحَ والجسدا | |
بل ليتني لم أكن خَلقاً وإذ قسمَ ال | حياةَ قاسِمُها لي قصّرَ الأمدا | |
فالموتُ أروح من عيشٍ مُنيتُ بهِ | ولم يَعِشْ من تقضى عيشهُ نكَدا |
وافى كتابُكَ أسنى ما يعودُ بهِ
وفدُ المسرّةِ مني إذ يوافيني
فظلْتُ أطويهِ من شوقٍ وأنشرُهُ
والشّوقُ ينشرني فيه ويطويني
لا أرسِلُ اللحظ إلا كان موقعه | على شموس منيراتٍ وأقمار | |
ما أطيبَ العيش لو أني وفدت به | على زمان ودهر غير غدار |
وإذا ما الخطوبُ كانت شِداداً
دفعتنا إلى الكرامِ الشّدادِ
ويعتادُني ذكراكَ في كلِّ حالةٍ | فتشتفُّني حتى تُهيّجَ وسواسي | |
وأشتاقكُمْ واليأسُ بين جوانحي | وأبرحُ شوقٍ ما أقامَ مع اليأسِ |
وإنّي للزمانِ لذو نضالٍ
في من حدِّ أسهمهِ كُلومُ
يا دهرُ قد عَديتُ عنكَ طلابي ورأيتُ صرفكَ بالكرامِ موكّلاً | ومللتُ من أريٍ لديكَ وصَابِ فعرفتُ وجهَ غرامهِ بعقابي | |
ما فوقَ جَوركَ من مزيدٍ بعدما | عندي فذرني يا زمانُ لما بي | |
أتظنُّ أنكَ ضائري بأشدَّ من | عُدْمِ الشّبابِ وفُرقةِ الأحبابِ |
وسلاني عن الأحبابِ دهرٌ
يَضيمُ الحرُّ حادثهُ الغَشومُ
فقد أصبحتُ لا تُجري دموعي الط
لولُ ولا تهيجني الرسومُ
وقفت أداري الوجدَ خوفَ مدامع | تبيحُ من السرِّ المُمنّع ما أحمي | |
أُغالِبُ بالشَّكِ اليقين صبابة | وأدفعُ من صدرِ الحقيقة بالوهم |
أغرُّ تُمزّقُ عنهُ الخطوبُ
كما مزّقَ البدرُ ثوبَ الظلام
وكم كُرْبةٍ ناديتُ جُودكَ عندها | فما رامني حتى تفرَّج ضيقُها | |
ومكرُمةٍ واليتها وصنيعةٍ | زَكتْ لك عندي حِدثها وعتيقُها | |
مناقبُ إن تُنسبْ فأنتَ لها أبٌ | وعلياءُ إن عُدّتْ فأنتَ شقيقُها | |
ووليتها نفساً لديكَ كريمةً | تبيتُ أغاريدُ السّماحِ تشوقها |
أغرُّ صبيحٌ عرضهُ وجبينهُ
كأنّهما أفعالُهُ وسجاياهُ
أبا حسن لئن كانت أجابتْ | هباتكَ مطلبي قبل الدعاء | |
لما ضاعَ اصطناعُكَ في كريمٍ | مليٍّ حين تقرض بالجزاء | |
سأثني بالذي أوليتَ جهدي | ويثني السامعون على ثنائي |
كالوردِ نشراً ولكن من سجيّتهِ
أن ليسَ يبرحُ غضّاً كُلّما قُطفا
مكارِمُ بعضها فيه دليلٌ | على ما فيكَ من كرمِ الولادِ | |
هجرتَ لها الكرى شغفاً ووجداً | وكلُّ أخي هوى قلِقُ الوسادِ | |
ثنائي لا يكدره عتابي | وقولي لا يخالفهُ اعتقادي |
كأنّكَ لا ترى فعلاً شريفاً
سوى ما كانَ ذُخراً للمعادِ
مناجيدُ وثّابونَ في كلِّ صهوةٍ | من العزِّ قوّالونَ للمجدِ فُّعَلُ |
يا خيرَ من سُميّ وأكرمَ من رُجي
وأبرّ من نُودي وأشرفَ من دُعي
ومن يكُ منسيَ الفِعالِ فإنّهُ | مدى الدّهرِ بالذكرِ الجميلِ كفيلُها | |
يطيبُ بقدر الفائحاتِ نسيمُها | وتزكو الفروعُ الطيّباتُ أصولُها |
هو المرءُ يشجعُ في كلِّ خطبٍ
مَهولٍ ويجبُنُ عن كلِّ ذام
يابن الكرامِ الألى ما زال مجدهم | مُغرىً بقلّةِ أشباهٍ وأنظارِ | |
المانعينَ غداةِ الخوفِ جارُهمُ | والحافظينَ بغيبٍ حُرمةَ الجارِ | |
لا يصحبُ الدّهرَ منهم طولَ ما ذُكروا | إلا الثناءُ وإلا طيبُ أخبارِ |
تَدُلُّ عليه في الجُلّى عُلاهُ
وهل للبدرِ في الظُّلمِ اكتتامُ
فتىً لا تُصافي طرفَهُ لذّةُ الكرى | ولا تطيّ أجفانهُ خُدعُ الحُلم | |
يُسهدهُ تشييدهُ المجدُ والعُلى | وتفريجُ غَمّاءِ الحوادثِ والغَمِّ | |
وغيرُ النجوم الزُّهر يألفها الكرى | ويقدمها الإشراقُ في الظُّلمِ العتم |
محامدٌ ليسَ يُبلي الدّهرُ جدّتها
وكيف تبلى وقد أودعتها الصُّحفا
جَلوتَ القَذى عن ناظرِ الدِّينِ بعدما | أتاكَ بعينِ الشمسِ في الأعينِ الرُّمد | |
وكنت ثقافاً للزمانِ فلم تزلْ | تُقوِّم منهُ كُلَّ أعوجَ مُنأدِّ | |
فلم تُخل سَرحاً ذلَّ راعيهِ من حِمىٍ | ولم تُخلِ ثغراً قلَّ حاميهِ من سَدِّ |
يَعدُّ المنايا مُستساغاً كَريُهها
وبيضَ العطايا مُستقلاً كثيرُها
سخا بالنفسِ شُحاً بالمعالي | وجاهدَ بالطريفِ وبالتلادِ | |
وهذا المجدُ من تلك المساعي | وهذا الغيثُ من تلك الغوادي |
إذا التبسَ الرايُّ كنتَ الأسدَّ
وإن غالبَ الخطب كنتَ الأشدّا
وإن قصّرَ الناسُ عن غايةٍ
سبقتَ إليها من الناس فردا
وما كنتَ إذ تلقى الخطوبَ بضارعٍ | لها أبداً أنّى وحِلمُكَ أرجَحُ | |
وكمْ عصفتْ في جانبيكَ فلم تبتْ | لها قَلِقاً والطودُ لا يتزحزحُ |
ولّى وخَلّفَ كلّ فضلٍ فيكمٌ
والغيثُ تُحمدُ بعدَهُ الآثارُ
فتىً لم يَبِتْ والمجدُ من غيرِ هَمّهِ
ولم يحترِفْ والحمدُ من غيرِ كسبهِ
إذا ما هززتُ الدّهرَ باسمكَ مادحاً | تَثنّى تثني ناضر العود رطبه |
فلا تكُ كالذي إن جئت أشكو
إليهِ الوجدَ أوسعني ملاما
يمرُّ مع الغوايةِ كيفَ شاءت
ويعذِلُ في تطرُّفها الأناما
فتىً لم يَبِتْ والمجدُ من غيرِ هَمّهِ | ولم يحترِفْ والحمدُ من غيرِ كسبهِ | |
ولم يُرَ يوماً راجياً غير سيفهِ | ولم يُرَ يوماً خائفاً غير ربّهِ | |
تنزّهَ عن نيلِ الغنى بضراعةٍ | وليسَ طعامُ الليثِ إلا بغصبهِ |
إذا كَرُمَ الدّهرُ في عصرنا
فكيفَ نكون عليه شحاحا
عفت الدنيّة والمنيّة دونها | فشرعت في حدِّ الرماح الشّرع | |
ولو أنّكَ اخترت الأمان وجدتهُ | أنى وخدُّ الليثِ ليس بأضرعِ | |
من كان مثلُك لم يمت إلا لقىً | بين الصوارمِ والقنا المتقطع |
غِنىً في يد الأحلام لا أستفيدهُ
ودَينٌ على الأيامِ لا أتقاضاهُ
وما كلُّ مسلوبِ الرُّقادِ معادُهُ
ولا كلُّ مأسورِ الفؤادِ مُفاداهُ
يا بنَ من شادَ المعالي جُودُهُ كلّما يَمّمَ عافٍ ربعَهُ | وبنى المجدَ فأعلى ما بنا عَذُبَ المنهلُ أو ساغَ الجنا | |
قد نَحتْ عظمي خطوبٌ لم تزلْ | تأكلُ الأحرارَ أكلاً مُمعنا | |
وأتتني بعدها نازلةٌ | أنزلتْ في ساحتيَّ المحنا | |
ولأنتَ اليوم أولّى أن تلي | كشفها يا بنَ أمين الأمنا |
والعجزُ أن أتركَ الأوطار مُقبلةً
حتى إذا أدبرت حاولتها طلبا
مالي وللحظِّ لا ينفكُّ يقذفُ بي
صُمّ المطالبِ لا ورداً ولا قَرَبا
أيا زمن اللئامِ إلاما حملاً | عليَّ وبعضُ ما حُملّتُ حسبي | |
أما يحظى الكرامُ لديكَ يوماً | فأركبَ فيكَ عيشاً غير صعبِ | |
أعُدْماً واغتراباً واكتئاباً | لقد أغريتَ بي يادهر نحبي |
أقِمْ مأتماً قد أُثكلَ الفضلُ أهلَهُ
وبكّ المعالي قد أجدَّ رحيلُها
إذا أنتَ كلّفتَ المدامعَ حملَ ما
عناكَ من الأحزانِ خفّ ثقيلها
فحاموا على دينكم والحريمِ | مُحاماةَ من لا يرى الموت فقدا | |
وسدّوا الثغورَ بطعنِ النحورِ | فمن حق ثغر بكمُ أن يُسدّا | |
فلن تعدموا في انتشارِ الأمورِ | أخا تُدرا حازم الرأي جلدا |
يرى الصّبرَ محمود العواقبِ معشرٌ
وما كلُّ صبر يحمدُ المرء عُقباهُ
تمرُّ بنا وقائعُ كلّ يومٍ | يُسمى ميتاً فيها القتيلُ | |
وما فارقت من يُسلى ولكن | سوى الآسادِ تحزنها الشّبولً |
إنَّ اللبيبَ إذا ما عنَّ مطلبُهُ
أهوى إليهِ ولم ينظر بهِ الرُّخصا
فهل أنتَ مُولٍ نعمةً فمبادرٍ | إليَّ وقد ألقى الردى بحرانِ | |
وحطَّ عليَّ الدّهرُ أثقالَ لؤمهِ | وتلك التي يعيا بها الثقلان | |
ومستخلص من قبضة الفقر بعدما | تملك رقيّ ذلة وحواني | |
وجاعلُ حمدي ما بقيتُ مُخلداً | عليك زما أرست هضابُ أبانِ |
تحملّتُ من جورِ الأحبّة ما كفى
فلا يبهظني اليومَ جورُ زماني
وكيفَ احتفالي بالزمانِ عدَّ كرامه
بأوّلِ من يُثنى عليهِ بناني
وإذا الفتى جعلَ المحامدَ غايةً | للمكرماتِ فبذلها المضمارُ | |
فاسعد ودامَ لكَ الهناءُ بماجدٍ | طالتْ بهِ الآمالُ وهي قصارُ | |
لولاهُ في كرمِ الخليقةِ والنهى | لم تكتحل بشبيهكَ الأبصارُ | |
كم ليلةْ لكَ مالها من ضَرّةٍ | منهُ ويومٍ مالهُ أنظارُ |
ألا فتىً من صروفِ الدهرِ يحميني
ألا كريمٌ على الأيام يُعديني
مضى الكرامُ وقد خُلّفتُ بعدهمُ
أشكو الزمانَ إلى من ليس يُشكيني
يا مُفلتَ الظبيةِ الغناءِ من يدهِ | هلّا علقتَ بها حُييتَ مُقتنصاً | |
ذُقِ الملامة محقوقاً فما ظلمتْ | كأسُ الندامة إن جُرّعتها غُصصاً | |
قد أمكنتكَ فما بادرت فُرصتها | من شاورَ العجزَ لم يستنهض الفرصا | |
وقد تحاماكَ فيها حاذِقٌ دربٌ | بالصيدِ لولاك لم يُحجم ولا نكصا |
ابن التعاويذي:
خذ في أفانين الصدود فإن لي
قلباً على العِلّاتِ لا يتقلّبُ
أتظنني أضمرتُ بعدكَ سلوةً
هيهاتَ عطفكَ من سلوي أقربُ
قد كنت تنصفني بالمودّة راكباً
في الحبِّ من أخطارهِ ما أركبُ
فاليوم أقنع أن يمرَّ بمضجعي
في النوم طيف خيالك المتأوبُ
يا واثقاً من عمرهِ بشبيبةٍ
علِقتْ يداكَ بأضعفِ الأسبابِ
ضيّعتَ ما يجدي عليك بقاؤه
وحفظت ما هو مؤذِنٌ بذهابِ
المالُ يضبط في يديك حسابه
والعمرُ تنفقهُ بغيرِ حسابِ
قيس بن عاصم المنقري
سَنَّ العداوةَ آباء لنا سلفوا | فلن تبيد وللآباء أبناء |
عدي بن الرقاع:
فما عزلوكَ مسبوقاً ولكن | إلى الخيراتِ سبّاقاً جوادا | |
وكنت أخي وما ولدتك أمي | أليسَ أخاك من أدّى وآدى | |
وقد هيضت لنكبتك القوافي | كذاك الله يفعل ما أرادا |
أبو بكر الصولي:
مددت على الإسلامِ أكناف نعمةٍ | لاعطافها ظلٌّ عليهِ ظليلُ |
يزيد بن الحكم الثقفي
ذوو الأحسابِ أكرم مخبرات | وأصبرُ عند نائبة الحقوق | |
وما استخبأتُ في رجل خبيئاً | كدين الصدق أو حسب عتيق |
ولا تصفين بالودِّ من ليس أهله
ولا تبعدن بالودِّ ممن توددا
وما خير من لا ينفع الأهل ماله | فإن مات لم تحزن عليه أقاربه | |
كهامٌ عن الأقصى كليل لسانه | وفي بشر الأدنى حديدٌ مخالبه |
رأيت السخيّ النفس يأتيه رزقه
هنيئاً ولا يعطى على الحرص جاشع
وكل حريص لن يجاوز رزقه
وكم من موفي رزقه وهو وادع
وما فضل من كانت سراباً عداته | ومن هو إن طالبته الوعد ماطله | |
ومن إنما موعوده برق خلب | أو الآل منفساً بفيفاء جاعله | |
أماني ترجى مثل ما راح عارض | من المزن لا يندى حسان مخايله |
ولا يفرحن الشامتون فإنما
يعيشون بعد الذاهبين لياليا
ولا تحسبوا الآجال منهم بعيدة
فإن قريباً كل ما كان جائيا
أرى غير الأيام تحتبل الفتى | وإن كان شهماً في العشيرةِ أروعا | |
وكل جديد سوف يخلق حسنه | وما لم يودع مثل ما كان ودعا |
قد قلت خيراً وخير القول أصدقه
لو كان منك بفعل صدق القيل
ترى المرءَ يخشى بعضَ ما لا يضيرهُ | ويأملُ شيئاً دونَهُ الموتُ واقِعُ | |
وكلُّ أمانيِّ امرىءٍ لا ينالُها | كأضغاثِ أحلامٍ يُراهنَّ هاجِعُ | |
وفي اليأسِ عن بعضِ المطامعِ راحةٌ | ويا رُبَّ خيرٍ أدركتهُ المطامِعُ | |
أبى الشّيبُ والإسلامُ أن أتبعَ الهوى | وفي الشّيبِ والإسلامِ للمرءِ رادِعُ |
ابن جبير:
صبرتُ على غدرِ الزمانِ وحقده | وشاب ليَ السُّمَّ الزُّعافُ بشهدِه | |
وجرّبتُ إخوانَ الزمانِ فلم أجدْ | صديقاً جميلَ الغيبِ في حالِ بُعدهِ | |
وكم صاحبٍ عاشرتهُ وألفتهُ | فما دامَ لي يوماً على حسنِ عهدهِ | |
وكم غرّني تحسينُ ظنّي بهِ وأغربُ من عنقاءَ في الدهرِ مُغْربٍ | يضىء لي على طولِ اقتداحي لزندهِ أخو ثقةٍ يسقيكَ صافي ودّهِ |
ابن جبير:
بنفسك صادمْ كلَّ أمرٍ تريدُهُ | فليسَ مضاءُ السيفِ إلا بِحدّهِ | |
وعَزمكَ جَرِّدْ عند كُلِّ مَهمّة | فما نافعٌ مُكثُ الحسامِ بغمدهِ | |
وما يُحرمُ الإنسانُ رزقاً لعجزهِ | كما لا ينالُ الرزقُ يوماً بكدّهِ | |
حظوظُ الفتى من شقوةٍ وسعادةٍ | جَرتْ بقضاءٍ لا سبيلَ لردّهِ |
أبو الحسن بن جبير:
عجبتُ للمرءِ في دنياهُ تُطمعهُ | في العيشِ والأجلُ المحتومُ يقطعهُ | |
يُمسي ويُصبحُ في عشواءَ يخبطها | أعمى البصيرة والآمال تخدعه | |
يغترُّ بالدنيا مسروراً بصحبتها | وقد تيقنَ أن الموتَ يصرعه |
ويجمعُ المالَ حرصاً لا يُفارقهُ
وقد درى أنه للغيرِ يجمعهُ
تراهُ يُشفقُ من تضييع درهمه
وليس يُشفقُ من دينٍ يُضيّعه
وأسوأ الناس تدبيراً لعاقبةٍ
من أنفق العمرَ فيما ليسَ ينفعهُ
كشاجم:
بكرتْ تلوم على السّماح | وتعدُ ذلكَ من صلاحي | |
هيهاتَ ليسَ يصون لي عر | ضي سوى المالِ المباحِ | |
فاقني حياءك إن لو | مك غير ثانٍ من جماحي | |
وآبى اللواحي إنّني | لهج بعصيان اللواحي |
ما كانَ أحوج ذا الكمال إلى
عيبٍ يُوقيّهِ من العينِ
نفسي الفداء لمن إذا جرح الأسى | قلبي أسوتُ به جروح أسائي | |
وإذا يجنّ الليل بات مسامري | ومجاوري وممثلاً بإزائي | |
فأبيتُ أدني مهجتي من مهجتي | وأضمُّ أحشائي إلى أحشائي |
أبعد مصابِ الأم آلفُ مضجعاً
وآوي إلى خفضٍ من العيشِ والظلِّ
رُبَّ حسناءَ كالمهاةِ تهادى | قد دعتني لنفسها فأبيتُ | |
لم يكن لي تحرّجٌ غير أني | كنتُ ندمان زوجها فاستحييتُ |
شخصَ الأنام إلى كمالكِ فاستعذ
من شرِّ أعينهم بعيب واحدِ
ديك الجن:
سمعوا الصلاة على النبي توالى | فتفرّقوا شيعاً وقالوا لا لا | |
ثم استمرَّ على الصلاة إمامهم | فتحزّبوا ورمى الرجال رجالا | |
يا آل حمص توقعوا من عارها | خزياً يحلّ عليكم ووبالا | |
شاهت وجوهكم وجوهاً طالما | رغمت معاطساً وساءت حالا |
أأترك لذة الصهباء نقداً
لما وعدوه من لبنٍ وخمرِ
حياةٌ ثم موتٌ ثم بعثٌ
حديث خرافةٍ يا أم عمرو
تمتع من الدنيا فإنك فان | وإنك في أيدي الحوادثِ عانِ | |
ولان تنظرن اليوم لهواً إلى غدٍ | ومن لغدٍ من حادثٍ بأمانِ | |
فإني رأيت الدهر يُسرع بالفتى | وينقله حالين تختلفان | |
فأما الذي يمضي فأحلامُ نائم | وأما الذي يبقى له فأماني |
لو كانَ يدري الميتُ ماذا بعده
بالحيِّ منهُ بكى لهُ في قبرهِ
غُصصٌ تكادُ تفيضُ منها نفسهُ
ويكادُ يخرجُ قلبهُ من صدره
فيا قبره جُدْ كلَّ قبرٍ بجوده فإنك لو تدري بما فيك من عُلا | ففيك سماءٌ ثرّةٌ وسحائبُ علوتَ، وباتت في ذراك الكواكبُ | |
أخاً كنت أبكيه دماً وهو نائم | حذاراً، وتعمى مقلتي وهو غائبُ | |
فمات فما صبري على الأجرِ واقف أأسعى لأحظى فيك بالأجر إنّه | ولا أنا في عمرٍ إلى الله راغبُ لسعيٌّ إذن مني لدى الله خائبُ | |
وما الإثم إلا الصبر عنك وإنّما يقولون مقدار على المرء واجب | عواقبُ حمدٍ أن تذم العواقبُ فقلت وإعوال على المرء واجبُ | |
هو القلب لما حمَّ يوم ابن أمه فوالله إخلاصاً من القول صادقاً | وهي جانب منه وأسقم جانب وإلا فَحبّي آل أحمد كاذبُ | |
لو أن دمي كانت شفاؤك أو دمي لسلمت تسليم الرضا وتخذتها | دم القلب حتى يقضب القلب قاضبُ يداً للردى ما حجَّ لله راكبُ | |
فتى كان مثل السيف من حيث جئته ترشّفتُ أيامي وهنَّ كوالحٌ | لنائبةٍ نابتك فهو مضاربُ عليكَ،وغالبتُ الرّدى وهو غالبُ | |
بكاك أخٌ لم تحوهِ بقرابةٍ | بلى إنّ إخوان الصفاءِ أقاربُ | |
وأظلمت الدنيا التي كنتَ جارَها يُبرِّدُ نيران المصائبِ أنني | كأنّك للدنيا أخٌ ومناسبُ أرى زمناً لم تبقَ فيهِ مصائبُ |
كنتَ زين الأحياء إذ كنتَ فيهم
ولقد صرت زين أهل القبور
بأبي أنتَ في الحياة وفي الموت
وتحت الثرى،ويوم النشور
يا طَلعة طلعَ الحِمامُ عليها | فجنى لها ثمر الرّدى بيديها | |
روّيت من دمها الثرى ولطالما | روّى الهوى شفتيَّ من شفتيها | |
حكّمتُ سيفي في مجالِ خناقها | ومدامعي تجري على خدّيها | |
ما كانَ قتلها لأني لم أكنْ | أخشى إذا سقط الغبارُ عليها | |
لكن ضننتُ على العيون بلحظها | وأنفت من نظر الحسود إليها | |
فو حقّ نعليها فما وطىء الحصى | شىءٌ أعزّ عليَّ من نعليها |
ديك الجن:
أساكنُ حفرةٍ وقرارِ لحد أجبني إن قدرت على جوابي | مفارق خلّهُ من بعد عهدِ بحقِّ الودَّ كيفَ ظللتَ بعدي | |
وأين حللت بعد حلول قلبي أما والله لو عاينت وجدي | وأحشائي وأضلاعي وكبدي إذا استعبرت في الظلماء وحدي | |
وجدَّ نفسي وعلا زفيري إذاً لعلمت أنّي عن قريبٍ | وفاضت عبرتي في صحنِ خدّي ستحفرُ حفرتي ويشقُّ لحدي | |
ويعذلني السفيه على بكائي | كأنّي مُبتلى بالحزنِ وحدي | |
يقول قتلتها سفهاً وجهلاً | وتبكيها بكاءً ليسَ يُجدي | |
كَصياد الطيور له انتحاب | عليها وهو يذبحها بِجدِّ |
ديك الجن:
قمرٌ حينَ همَّ أن يتجلّى | سارَ فيهِ المُحاقُ قبلَ الطلوعِ | |
فِلذةٌ من صميمِ قلبي، وجزءٌ | من فؤادي وقطعةٌ من ضلوعي | |
لصغيرٍ أعارَ رزءَ كبيرٍ | وفريدٍ أذاقَ فقد جميعِ | |
إن تكن في الترابِ خيرَ ضجيعٍ | كنتَ لي في المعادِ خيرَ شفيعِ |
سالم بن وابصة الأسدي:
بل موقفٌ مثل حدِّ السيفِ قُمتُ بهِ | أحمي الذمارَ وترميني بهِ الحَدَقُ | |
فما زللتُ ولا أُلفيتُ ذا خَطلٍ | إذا الرجالُ على أمثالها ذلقوا |
إنَّ من الحِلمِ ذُلاً أنتَ عارِفُه
والحِلمُ عن قُدرةٍ فضلٌ من الكَرمِ
يا أيها المُتحلّي غير شيمتهِ | ومن سجيّتهُ الإكثارُ والملقُ | |
اعمدْ إلى القصدِ فيما أنتَ راكبُهْ | إن التَخلُّقَ يأتي دونهُ الخُلقُ |
غِنى النّفسِ ما يكفيكَ من سدِّ حاجةٍ
فإن زادَ شيئاً عادَ ذاكَ الغنى فقرا
السيد الحميري:
ما أتعبَ الإنسانَ في مسعاتهِ | إلا إذا واتاهُ جَدٌّ صاعدُ | |
ثِقْ واستعن بالله فيما تبتغي | تبلغ مناكَ وأنتَ عنهُ راقدُ | |
وإذا أردتَ تناهياً في مطلب | فخطاكَ قاصرةٌ ونقصُكَ زائدُ |
إن تُعطهم لا يشكروا لك نعمةً
ويكافئوكَ بأن تُذَمَّ وتُشتما
ولئن منعتُهم لقد بدأوكمُ
بالمنعِ إذ مَلكوا وكانوا أظلما
قوم نبالهم ليست بطائشة | وفيهم لفساد الدين إصلاح | |
ويفصحون عن المعنى بألسنة | كأنما هي أسياف وأرماح |
أقول لما رأيت الناسَ قد ذهبوا
في كل فن بلا علم يتيهونا
تلك الدماء معاً يا رب في عنقي
ثم اسقني بعدها أمين آمينا
الحارث بن كلدة الثقفي:
ألا رُبَّ من يغشى الأباعدَ نفعُهُ | وتشقى بهِ حتى الممات أقارُبهْ | |
فَخلِّ ابنَ عمِّ السّوءِ والدّهر،إنّهُ | سيكفيكهُ أيامهُ وتجاربه | |
أراني إذا استغنيتُمْ فعدوُّكم | وأُدعى إذا ما الدّهرُ نابتْ نوائبهْ | |
فإن يكُ خيرٌ فالبعيدُ ينالُهُ | وإن يكُ شرٌّ فابنُ عمّكَ صاحبُهْ |
فما أدري أغيّرهم تناءٍ
وطولُ العهدِ أم مالٌ أصابوا
إنَّ السعيدَ لهُ في غيرهِ عِظةٌ | وفيي الحوادثِ تحكيمٌ ومُعتبرُ | |
لا أعرِفنكَ أن أرسلتَ قافيةً | تلقى المعاذيرَ إن لم ينفعِ العُذرُ |
المظفر الأبيوردي:
منْ أغفلَ الحزمَ أدمى كفّهُ ندما | واستضحكَ النصرَ من أبكى السّيوفَ دما | |
فالرأيُ يُدرِكُ ما يعيا الحسامُ بهِ | إذا الزمانُ بِذيلِ الفتنةِ التثما |
يلقاك،والعسل المصفى يُجتنى
من قوله،ومن الفعال العلقم
يبدي الهوى ويثور ـ إن عرضت
له فرص ـ عليك كما يثور الأرقم
وسلْ بي المجد تعلم أيّ ذي حسب يلين للخلِّ في عزِّ عريكته | في بردتيّ غذا ما حادت هجما محض الهوى وله العتبى إذا ظلما | |
من معشر لا يُناجي الضيم جارهم | نضو الهموم غضيض الطرف مهتضما | |
والدهرُ يعلم أني لا أذلّ له | فكيفَ أفتح بالشكوى إليه فما |
أنا ابنُ الأكرمين أباً وجداً
وهم خيرُ الورى عماً وخالا
أشدّهم إذا اجتلدوا قتالاً
وأرجحهم لدى الغمرات عوداً
وأوثقهم إذا عقدوا حبالا
إذا الخفرات خلين الحجالا
وصدق قولي فيك أفعالك التي | أبت لقريضي أن أوشحه كذبا | |
لا زلتَ تلقح آمالاً وتنتجها | مواهباً يمتريها كل محروب | |
وتودع الدهر من شعر أحبره | مدائحاً لم توشح بالأكاذيب |
الأبيوردي:
أنا ابنُ الأكرمين أباً وجداً | وهم خيرُ الورى عماً وخالا | |
أشدّهم إذا اجتلدوا قتالاً وأرجحهم لدى الغمرات عوداً | وأوثقهم إذا عقدوا حبالا إذا الخفرات خلين الحجالا | |
وهم فتحوا البلادَ بباتراتٍ ولولاهم لما درّت بفىء | كأنّ على أغرتها نمالا ولا أرى بها العرب النصالا | |
وأصرحهم إذا انتسبوا أصولا | وأعظمهم إذا وهبوا سجالا |
أبو مظفر الأبيوردي:
وبي عن خطّة الضيم ازورار | إذا ما جدَّ للعلياءِ جدّي | |
فهل من مبلغ سروات قومي وإدلاجي وجُنح الليل طاوٍ | مصاحبتي على العزاء غمدي جناحيه على نصب وكدِّ | |
وقد رنت النجومُ إليَّ خُوصاً | بأعين كاسرات الطرف رُمدِ | |
لأوردتهم مكارم صالحات | شفعت طريفها لهم بِتلدِ |
أفنون بن صريم التغلبي(
صريم بن معشر):
فلا خيرَ فيما يكذبُ المرءُ نفسَهُ | وتقوالهِ للشىء يا ليتَ ذا ليا | |
لَعمرُكَ ما يدري امرؤٌ كيفَ يتقي | إذا هو لم يجعل لهُ الله واقيا |
عميير بن شُييم الثقفي:
من كانَ ذا عَضُدٍ يُدرك ظُلامتهُ | إنَّ الذليلَ الذي ليستْ لهُ عَضدُ | |
تنبو يداهُ إذا ما قلَّ ناصرُهُ | ويأنفُ الضّيمَ إن أثرى له عَددُ |
الحصين الرقاشي:
إنّ المروءة ليس يُدركها امرؤ | ورث المكارم عن أب فأضاعها | |
أمرتهُ نفسٌ بالدناءة والخنا | ونهتهُ عن سُبل العُلى فأطاعها |
المضرب بن كعب بن زهير:
فقلت لها فيئي إليكِ فإنّني | حرامٌ وإنّي بعد ذاكَ لبيبُ |
كعب بن زهير:
صموتٌ،وقوّالٌ،فللحلمِ صمتهُ فتىً لم يدعْ رُشداً،ولم يأتِ منكراً | وبالعلمِ يجلو الشكَ منطقهُ الفصلُ ولم يدرِ من فضلِ السماحةِ ما البخلُ | |
به أنجبتِ للبدر شمسٌ منيرةٌ | مباركةٌ ينمي بها الفرعُ والأصلُ | |
إذا كان نجلُ الفحلِ بين نجيبةٍ | وبينَ هِجانِ مُنجبٍ كرُمَ النّجلُ |
فالمرءُ ما عاشَ ممدود له أملُ
لا ينتهي العمر حتى ينتهي الأثر
منْ سَرَّهُ كرمُ الحياةِ فلا يزلْ | في مِقنبٍ من صالحي الأنصارِ | |
والباذلينَ نفوسهم لنبيهم | للموتِ يوم تعانقٍ وكِرارُ | |
يتطهرونَ يرونهُ نُسكاً لهُمْ | بدماءِ من علقوا من الكفارِ |
طاف الرماةُ بصيدٍ راعهم فإذا
بعضُ الرماةِ بنبلِ الصّيدِ مقتول
أنا ابنُ الذي قد عاشَ تسعينَ حِجّةً وأكرمهُ الأكفاءُ من كلِّ معشرٍ | فلم يَخزَ يوماً في معَدٍّ ولم يُلَمِ كِرامٍ فإن كذَّبتني فاسأل الأمم | |
وأُعطيَ حتى ماتَ فضلاً ورهبةً | وأورثني إذ ودَّعَ المجدَ والكرمْ | |
وأشبهتهُ من بينِ من وطىءَ الحصا | ولم يَنُبْ عنّي شِبهُ خالٍ ولا ابنُ عمْ |
وقالَ كلُّ خليلٍ كنتُ آملهُ
لا ألهينكَ إنّي عنكَ مشغولُ
لا تفشِ سرّكَ إلا عندَ ذي ثقةٍ | أو لا فأفضلُ ما استودعت أسرارا | |
صدراً رحيباً وقلباً واسعاً صمتاً | لم تخشَ منه لما استودعتَ إظهارا |
فقلتُ شبيهاتٍ بما قالَ عالمٌ
بهنَّ ومنْ يُشبهْ أباهُ فما ظلمْ
إن يُدرككَ موتٌ أو مشيبٌ | فقبلكَ مات أقوامٌ وشابوا | |
تلبثنا وفرّطنا رجالاً | دُعوا وإذا الأنامُ دُعوا أجابوا | |
وإن سبيلنا لسبيلُ قومٍ | شهدنا الأمرَ بعدهمُ وغابوا | |
فلا تسألْ ستثكلُ كلّ أمٍ | إذا ما إخوةٌ كثروا وطابوا |
لقد نال زيد الخيلِ مال أخيكمُ
وأصبحَ زيدٌ بعد فقرٍ قد اقتنى
فما خلتكم يا قوم كنتم أذلةٍ لقد كنتم بالسهلِ والحزن حية | وما خلتكم كنتم لِمختلسٍ جنى إذا لدغت لم تشفِ لدغتها الرُّقى | |
فإن تغضبوا أو تدركوا لي بذمةٍ | لعمركم لمثلُ سعيكم كفى |
هلا سألتِ وأنتِ غيرُ عيّيةٍ
وشفاءُ ذي العيِّ السؤال عن العمى
لو كنت أعجب من شىءٍ لأعجبني | سعيُ الفتى وهو مخبوءٌ له القَدرُ | |
يسعى الفتى لأمور ليس يُدركها | والنفسُ واحدة،والهمّ منتشرُ | |
والمرءُ ما عاش محدودٌ له أمل | لا تنتهي العينُ حتى ينتهي الأثرُ |
قيس بن زهير العبسي:
ولولا ظلمهُ ما زلتُ أبكي | عليهِ الدهرَ ما طلعَ النجوم | |
ولكنَّ الفتى حَملَ بن بدر | بغى، والبغيُ مرتعهُ وخيمُ |
وأمرٌ يسرُّ الحاسدينَ إذا مضى
ونرعى بهِ الأحساب عند المحافل
أظنُّ الحلمَ دلَّ عليَّ قومي | وقد يُستجهلُ الرجلُ الحليمُ | |
ومارستُ الرجالَ ومارسوني | فمُعوجٌ عليَّ ومستقيمُ |
ابن نباتة المصري
نَمْ غيرَ باكٍ على ما شدتَ من كرمٍ | ما شُيّدَ للحقّ فهو السرمدُ الأبدُ |
خداش بن زهير العامري:
ألم تعلمي والعلمُ ينفعُ أهلهُ | وليسَ الذي يدري كآخرَ لا يدري | |
بأنا على سَرّائنا غيرُ جُهَّلٍ | وأنّا على ضرّائنا من ذوي الصّبرِ | |
ونصبرُ للمكروهِ عند لقائهِ | فنرجعُ عنهُ بالغنيمةِ والذكرِ |
جبلة بن حريث العذري:
يا قلبُ إنكَ في الأحياءِ مغرورُ حتى متى أنتَ فيها مُدنفٌ ولِهٌ | فاذكر وهل ينفعنكَ اليومَ تذكيرُ لا يستفزنّكَ منها البدرُ والحورُ | |
قد بُحتَ بالجهلِ لا تُخفيهِ عن أحدٍ | حتى جرتْ بكَ أطلاقٌ محاضيرُ | |
تريدُ أمراً فما تدري أعاجلهُ | خيرٌ لنفسكَ أم ما فيهٍ تأخيرُ | |
فاستقدرِ الله خيراً وارضينَّ بهِ | فبينما العسرُ إذ دارتْ مياسيرُ |
جبلة بن حريث العذري:
وبينما المرءُ في ألأحياءِ مُغتبطاً | إذ صارَ في الرمسِ تعفوهُ الأعاصيرُ | |
يبكي الغريبُ عليهِ ليسَ يعرفهُ | وذو قرابتهِ في الحيِّ مسرورُ | |
حتى كأن لم يكن إلا تذكرُهُ | والدهرُ أينما حالٍ دهاريرُ | |
الخيرُ والشرُّ مقرونانِ في قرَنٍ | والخيرُ مُتبّعٌ والشرُّ محذورُ |
والناسُ أولادُ علّاتٍ فمن علموا
أن قد أقلَّ فَمجفوٌ ومحفورٌ
وهمْ بنو الأُمِّ إن رأوا له نشباً
فذاكَ بالغيبِ محفوظٌ ومخفورُ
مقبل بن عبد العزى:
وكيفَ أخاف أو أخشى وعيدا | ونصرهُمُ إذا أدعو عتيدُ |
أبو الطفيل عامر بن واثلة:
تركتني حينَ لا مالٍ أعيشُ به | وحينَ جُنَّ زمانُ الناسِ أو كلبا |
عبدة بن الطبيب:/
عليكَ سلام الله قيس بن عاصم | ورحمته ما شاء أن يترّحما | |
تحية من غادرته غرض الردى | إذا زار ـ عن شحط ـ بلادك سلّما | |
فما كان قيس هُلكهُ هلكَ واحد | ولكنّهُ بنيان قومٍ تهدّما |
محمد بن حازم الباهلي:
سأعملُ نصَّ العيسِ يكفني | غنى المالِ يوماً أو غنى الحدثانِ | |
فللموتُ خيرٌ من حياةٍ يرى لها | على الحرِّ بالإقلالِ وسمُ هوانِ | |
متى يتكلمُ يُلغَ حكمُ كلامهِ | وإن لم يَقُلْ قالوا عديمُ بيانِ | |
كأنَّ الغنى في أهلهِ بُوركَ الغنى | بغيرِ لسان ناطقٌ بلسانِ |
محمد بن يزيد الأموي:
هانت عليَّ نوائبُ الدّهرِ | فَلتجرِ كيف تُحبُّ أن تجري | |
هل بعد يومكَ ما أحاذرهُ | يا بكرُ،كلُّ مصيبةٍ بكرُ |
محمد بن أمية:
ومن دعا الناس إلى ذمّهِ | ذموهُ بالحقِّ وبالباطلِ | |
مقالة السوءِ إلى أهلها | أسرع من منحدر سائلِ |
أوس بن غلفاء:
وهم ضربوكَ ذاتَ الرأسِ حتى | بدتْ أُمُّ الدماغِ من العظام |
الأشهب بن رميلة
فاقعَسْ إذا حَدبُوا واحدَبْ إذ قعسوا | ووازنِ الشرَّ مثقالاً بمثقالِ |
الحارث بن حلزة اليشكري
أبرموا أمرهم عشاءً فلمّا | أصبحوا أصبحتْ لهم ضوضاءُ | |
من منادٍ ومن مُجيبٍ ومن تص | هالِ خيلٍ خلالَ ذاكَ رغاءُ |
ابن شرف القيرواني
أغري الناس بامتداح القديم | وبذم الحديث غير الذميم | |
ليس إلا لأنهم حسدوا الحيّ | ورقوا على العظام الرميم |
د مصطفى محمود
ولِكُلِّ شيءٍ آفةٌ من جنسهِ | حتى الحديد سطا عليه المبردُ |
الشميندر الحارثي:
بني عمّنا لا تذكروا الشّعرَ بعدما | دفنتم بصحراء الغُمير القوافيا |
محمد بن بشير:
ولا يَغُرنَّكَ صفوٌ أنتَ شاربهُ | فَرُّبما كانَ بالتكدير ممتزجا |
محمد بن بشير الخارجي:
فاصبرْ فإن لِكُلِّ ذي أجلٍ | يوماً يجىء فينقضي عدده |
افرغ لحاجتنا ما دُمتَ مشغولاً
فلو فرغتَ لكنتَ الدهرَ مبذولا
لا تيأسنَّ وإن طالت مُطالبةٌ | إذا استعنتَ بصبرٍ أن ترى فرجا | |
إنَّ الأمورَ إذا انسدَّتْ مسالكُها | فالصبرُ يفتحُ منها كُلَّ ما ارتتجا | |
ولا يَغرُّنكَ صفوٌ أنتَ شاربهُ | فربما كان بالتكديرِ ممتزجا |
وكل امرىءٍ سيركبُ كارهاً
على النعشِ العِدا والأقاربِ
كم من فتى قصُرتْ في الرزقِ خطوتهُ | ألفيتهُ بسهامِ الرزقِ قد فُلجا | |
قدرْ لرجلكَ قبلَ الخطوِ موضعها | فمن علا زُلفاً عن غرةٍ زلجا |
إذا افتقر المولى سعى لك جاهداً
لترضى وإن نال الغنى عنك أدبرا
الخليل بن أحمد الفراهيدي:
وما هي إلا ليلةٌ ثم يومها | وحولٌ إلى حول وشهرٌ إلى شهرِ | |
مطايا يُقرّبنَ الجديدَ إلى البِلى | ويُدنينَ أشلاءَ الكريمِ إلى القبرِ | |
ويتركنَ أزواجَ الغيورِ لغيره | ويقسمنَ ما يحوي الشحيحُ من الوَفرِ |
مسكين الدارمي:
رُبَّ أمورٍ قد بريتُ لِحاءَها | وقوَّمتُ من أصلابها ثمَّ زُعتُها | |
أُقيمُ بدارِ الحربِ ما لم أهُن بها | فإن خفتُ من دار هواناً تركتها | |
وأُصلِحُ جُلَّ المالِ حتى تخالني | شحيحاً وإن حَقٌّ عراني أهنتُها | |
ولستُ بولاجِ البيوتِ لفاقةٍ | ولكن إذا استغنيتُ عنها ولجتُها | |
أبيتُ عن الإدلاجِ في الحيِّ نائماً | وأرضٌ بإدلاجٍ وهَمٍّ قطعتها | |
ألا أيُّها الجاري سَنيحاً وبارِحاً | تُعرِّضُ نفساً لو أشاءُ قتلتها | |
تُعارِضُ فخرَ الفاخرينَ بعصبةٍ | ولو وُضعتْ لي في إناء أكلتها | |
وإنَ لنا رِبعيَّة المجدِ كلّها | موارِثُ آباءٍ كرامٍ ورثتُها | |
إذا قَصرُتْ أيدي الرجالِ عن العُلا | مددتُ يدي باعاً عليهم فنلتها | |
وداعٍ دعاني للعُلا فأجبتُهُ | ودعوة داعٍ في الصَّديقِ خذلتها |
مسكين الدارمي:
ومَكرُمةٍ كانت رعاية والدي | فعلمنيها والدي ففعلتُها | |
ووراءَ من قيلِ امرىءٍ ذي قرابةٍ | تصاممتُ عنها بعدما قد سمعتُها | |
رجاء غدٍ أن يعطِفَ الرحمُ بيننا | ومظلمةٍ منهُ بجنبي عركتها | |
إذا أمورُ الناسِ رَثَّتْ وضُيّعتْ | وجدتُ أموري كلّها قد رَممتها | |
وإني سألقى الله لم أرمِ حُرَّةً | ولم تتمنّى يومَ سرٍ فخنتها | |
ولا قاذِفٌ نفسي ونفسي بريئةٌ | وكيفَ اعتذاري بعدما قد قذفتها |
مسكين الدارمي:
ولستُ إذا ما سرّني الدّهرُ ضاحكاً | ولا خاشعاً ما عشتُ من حادثِ الدّهرِ | |
ولا جاعلاً عِرضي لمالي وقايةً | ولكن أقي عِرضي فيحرزهُ وفري | |
أعِفُّ لدى عُسري وأُبدي تجملاً | ولا خيرَ فيمن لا يَعفُّ لدى العُسرِ | |
وإنّي لأستحيى إذا كنتُ مُعسراً | صديقي وإخواني بأن يعلموا فقري | |
وأقطعُ إخواني وما حالَ عهدُهم | حياءً وإعراضاً وما بي من كبرِ | |
فإن يكُ عاراً ما أتيتُ فَرُّبما | أتى المرءُ يومُ السوءِ حيث لا يدري | |
ومن يفتقرْ يعلم مكانَ صديقه | ومن يحيَ لا يعدم بلاءً من الدّهرِ |
ما مدَّ قومٌ بأيديهم إلى شرفٍ
إلا رأونا قياماً فقوقهم دَرجاً
إنّما الفحشُ ومن يعتادُهُ | كَغرابِ السّوءِ ما شاءَ نعقْ | |
أو حمار السّوءِ إن أشبعتهُ | رمح الناسَ وإن جاعَ نهقْ | |
أو غلام السّوءِ إن جوّعتهُ | سرقَ الجارَ وإن يشبعْ فسقْ |
سُميّتُ مسكيناً وكانت لجاجةً
وإنّي لمسكينٌ إلى الله راغبِ
وفتيانِ صدقٍ لستُ مُطلعَ بعضهم | على سرِّ بعضٍ كان عندي جِماعُها | |
لِكُلِّ امرىء شِعبٌ من القلبِ فارغٌ | وموضعُ نجوى لا يُرامُ اطّلاعُها |
مسكين الدارمي:
اتقِ الأحمقَ أن تصحبه كُلّما رقّعتَ منهُ جانباً | إنّما الأحمقُ كالثوبِ الخَلقْ حرّكتهُ الريحُ وهناً فانخرَقْ | |
وإذا جالستهُ في مجلسٍ | أفسدَ المجلس منهُ بالخَرَقْ | |
وإذا نبهّتهُ كي يرعوي | زادَ جهلاً وتمادى في الحمقْ |
أيها السائلُ عن من قد مضى
هل جديدٌ مثل ملبوسٍ خَلَقْ؟
وإذا الفاحشُ لاقى فاحشاً | فهناكمْ وافقَ الشنُ الطبقْ | |
إنما الفحشُ ومن يعتادهُ أو حمار السوءِ إن أشبعتهُ | كغرابِ السوءِ ما شاء نعق رمحَ الناسَ وإن جاعَ نهقْ | |
أو غلامَ السوءِ إن جوّعتهُ | سرقَ الجارَ وإن يشبع فسقْ | |
أو كغيرى رفعت من ذيلها | ثم أرختهُ ضراراً فامزّقْ |
أعِفُّ لدى عُسري وأُبدي تجملاً
الخبزأرزي:
الخبزأرزي:
ولا خيرَ فيمنْ لا يعِفُّ لدى العُسرِ
إنَّ الليالي للأنامِ مناهلٌ | تطوى وتُنشرُ دونها الأعمارُ | |
فقِصارُهنَّ مع الهمومِ طويلةٌ | وطِوالهُنَّ مع السرورِ قِصارُ |
أتوعدني وأنتَ بذاتِ عرق
وقد غصّتْ تهامة بالرجال
لعلّكَ يا ابن فرخ اللؤم ترجو
زوالَ الراسيات من الجبال
شكرتُكَ إن الشكر للعبدِ نعمة | ومن يشكر المعروف فالله زائده | |
لكلِّ زمان واحد يقتدي به | وهذا زمان أنت لا شكّ واحده |
الخبزأرزي:
وكنتُ فتىً من جندِ إبليسَ فارتقتْ | بي الحالُ حتى صارَ إبليسُ من جُندي |
الخبز أرزي:
فما زلت في كد هو الفوز بالمنى | وكم راحة للروح في ذلك الكدِّ |
بشر بن المعتمر:
وإذا الغبي رأيتهُ مستغنياً | أعيا الطبيب وحيلةُ المحتال |
ذو الإصبع العدواني:
أأسيد إن مالاً ملك | تَ فَسِرْ به سَيراً جميلاً | |
آخِ الكرامَ إن استطع | تَ إلى إخائهم سبيلا | |
واشربْ بكأسهم وإن | شربوا به السُّمَّ الثميلا | |
أهِنِ اللئامَ ولا تكنْ إنَّ الكرامَ إذا تؤا | لإخائهم جَملاً ذلولا خيهم وجدتَ لهم فضولا |
ذو الإصبع العدواني يوصي ابنه:
أأسيد إن مالاً ملك | تَ فَسِرْ به سَيراً جميلاً | |
آخِ الكرامَ إن استطع | تَ إلى إخائهم سبيلا | |
واشربْ بكأسهم وإن | شربوا به السُّمَّ الثميلا | |
أهِنِ اللئامَ ولا تكنْ إنَّ الكرامَ إذا تؤا | لإخائهم جَملاً ذلولا خيهم وجدتَ لهم فضولا |
ذو الإصبع العدواني يوصي ابنه:
أبنيَّ إن المال لا وصِلِ الكرامَ وكنْ لِمنْ | يبكي إذا فقد البخيلا ترجو مودّته وَصولا | |
ودعِ التواني في الأمور وابسط يمينك بالنّدى | وكنْ لها سلساً ذلولا وامدُد لها باعاً طويلا |
وابسط يديك بما ملكت
وشيدِ الحبَّ الأثيلا
وابذلْ لضيفكَ ذاتَ رحل
كَ مكرماً حتى يزولا
ذو الاصبع العدواني:
وأنتم معشر زَيدٌ على مائة | فأجمعوا أمركم كلاً فكيدوني | |
فإن عرفتُم سبيلَ الرُّشدِ فانطلقوا | وإن جهلتم سبيلَ الرُّشدِ فأتوني |
ذو الإصبع العدواني:
لي ابنُ عمٍّ ،على ما كان من خُلُقٍ | مختلفان:فأقليهِ ويقليني | |
فإن تُردْ عَرَضَ الدنيا بمنقصتي | فإن ذلك ممّا ليسَ يشجيني | |
لولا أواصرُ قُربى لستَ تحفظها | ورهبة اللهِ في من لا يُعاديني | |
إذاً بريتُكَ بريّاً لا انجبارَ لهُ | إنّي رأيتُكَ لا تنفكُّ تبريني | |
إليكَ عني،فما أمّي براعيةٍ | ترعى المخاضَ ولا رأي بمغبونِ | |
إن الذي يقبضُ الدنيا ويبسطها | إن كانَ أغناكَ عنّي سوفَ يُغنيني | |
ماذا عليَّ،وإن كنتم ذوي رحمٍ | ألا أُحبّكمُ إن لم تُحبوني؟ | |
لو تشربونَ دمّي لم يرو شاربُكمْ | ولا دماؤكم جمعاً تُرّويني | |
يا عمرو إلا تدعْ شتمي ومنقصتي | أضربُكَ حتى تقول الهامة:اسقوني | |
إنّي أبيٌّ أبيٌّ ذو محافظةِ | وابنُ أبيٍّ من أبيين | |
لا يُخرجُ القَسرُ مني غير نأبيةٍ | ولا ألينُ لِمنْ لا يبتغي ليني | |
عَفٌّ يؤوس: إذا ما خفتُ من بلدٍ | هُوناً، فلستُ بوقّافٍ على الهُونِ | |
لا يُخرجُ القَسرُ مني غير مأبيةٍ | ولا أينُ لِمنْ لا يبتغي ليني |
لا أسألُ الناسَ عمّا في ضمائرهم
ما في ضميري لهم من ذاكَ يكفيني
كلُّ امرىءٍ صائرٌ يوماً لشيمتهِ | وإن تخلّقَ أخلاقاً إلى حينِ | |
إنّي لَعمرُك ما بابي بذي غلَقٍ | على الصديقِ،ولا خيري بِممنونِ | |
ولا لساني على الأدنى بِمنطلقٍ | بالفاحشاتِ ولا فتكي بمأمونِ |
ماذا عليَّ إذ تدعونني فزعاً
ألا أجيبكم إذ لا تجيبوني
وكنتُ أعطيكم مالي وأمنحكم
ودّي على مُثبتٍ في الصدر مكنونِ
يا عمرو لو كنتَ لي ألفيتني يَسراً
سمحاً كريماً أجازي من يُجازيني
ابن المضرّب:
وحاجةٍ دونَ أخرى قد سنحتُ بها | جعلتها للتي أخفيت عنوانا |
عبد قيس بن خُفاف:
صحوتُ وزايلني باطلي | لعمرُ أبيكَ زيالاً طويلاً | |
وأصبحتُ أعددتُ للنائباتِ | عرضاً بريئاً وغضباً صقيلا | |
ووقعَ لسانٍ كحدِّ السّنانِ | ورُمحاً من الخط لدناً طويلا | |
فهذا عتادي وإني امرؤٌ | أوالي الكريمً وأجفو البخيلا |
وإذا أتتكَ من العدوِّ قوارصٌ
فاقرُصْ كذاكَ ولا تقُلْ لم أفعلِ
وإذا افتقرتَ فلا تكن متخشعاً | ترجو الفواضلَ عند غير المفضل | |
وإذا لقيتَ القوم فاضرب فيهمُ | حتى يروكَ طلاء أجربَ مهمل |
علي بن جبلة:
وما لإمرىءٍ حاولتهُ منكَ مهربٌ
ولو رفعتهُ في السّماءِ المطالعُ
ولا هاربٌ لا يهتدي لمكانهِ
ظلامٌ ولا ضوءٌ من الصبحِ ساطعُ
لو أنَّ لي صبرها أو عندها جزعي | لكنتُ أعلمُ ما آتي وما أدعُ | |
لا أحملُ اللومَ فيها والغرامَ بها | ما حمّلَ الله نفساً فوقَ ما تسعُ | |
إذا دعا بإسمها داعٍ فأسمعني | كادت له شُعبة من مهجتي تقعُ |
علي بن جبلة:
هجرتُكَ لم أهجركَ من كفرِ نعمةٍ ولكنني لما أتيتك زائراً | وهل يُرتجى نيلُ الزيادةِ بالكفرِ فأفرطت في بري عجزت عن الشكر | |
فآليتُ لا آتيك إلا مسلماً | أزوركَ في الشهرين يوماً أو الشهرِ | |
فإن زدتني براً تزايدتُ جفوةً | ولم تلقني طولَ الحياةِ إلى الحشرِ |
وأرى الليالي ما طوتْ من قوّتي
ردّتهُ في عظتي وفي أفهامي
الأبيرد اليربوعي يرثي أخاه:
فإن تكن الأيامُ فرّقنَ بيننا | فقد عذرتنا في صحابتنا العذرُ | |
وكنتُ أرى هجراً فراقكَ ساعة | ألا لا بل الموتُ التفرّقُ والهجرُ | |
فتىً إن هو استغنى تخرّق في الندى | وإن فاتَ مالٌ لم يضع متنهُ الفقرُ | |
فتىً يشتري حسنَ الثناءِ بمالهِ | إذا السنّةُ الشهباء قلَّ بها القطرُ |
الأبيرد اليربوعي يرثي أخاه:
ويعلمُ أنَّ الدائراتِ دوائرٌ إلى الله أشكو في بُريدٍ مصيبتي وما زالَ في عيني بعدُ غشاوةً فحيّاكَ عني الليلُ والصبحُ إن بدا | على المرءِ حتى يدركَ العسرةَ اليسرُ وبثّي وأحزاني يضيقُ بها الصدرُ وسمعي عمّا كنت أسمعه وقرُ وهوج من الأرواح غدوتها شهرُ | |
وقد كنتُ أستعفي الإله إذا اشتكى فتى الحيِّ والأضيافِ إن روّحتهم | عن الأجرِ لجافيه وإن سرّني الأجرُ بليلٍ وزادُ السفرِ إن أرملَ السَّفرُ | |
سلكتْ سبيل العالمين فما لهم | وراءَ الذي لاقيت معدىً ولا قصرُ | |
وأبليتَ خيراً في الحياة وإنّما | ثوابُكَ عندي اليوم أن ينطق الشعرُ |
الأبيرد الرياحي:
رأيت أبا المنهال يزدادُ صدره | انفساحاً إذا ما الخطبُ ضاقَ بهِ الصدرُ | |
فتىً إن هو استغنى تخرق في الغنى | وإن كان فقرٌ لم يضع متنه الفقر |
الأبيرد الرياحي:
متى تر موصوفاً من الناسِ غائباً | تراهُ عِياناً دونَ ما قالَ واصِفُ | |
وما المرءُ في الأخلاقِ إلا كإلفهِ | وأخدانهِ،فانظر من المرءُ آلِفُ | |
ويا رُبَّ كُرهٍ جاءَ من حيثُ لم تَخَفْ | وميسورِ أمرٍ في الذي أنتَ خائِفُ |
ابن حنزابة
إن الرياحَ إذا اشتدت عواصِفُها | فليسَ ترمي سوى العالي من الشجر |
عويف القوافي
نَخَلْتُ لهُ نفسي النصيحةُ إنّهُ | عندَ الشّدائدِ تذهبُ الأحقادُ |
صالح بن جناح:
إذا كُنتَ بينَ الجهلِ والحلمِ قاعداً | وخُيرتَ أنّى شئت فالحلم أفضل |
المُسيب بن علس:
تبيتُ الملوكُ على عَتبها | وشيبانُ إن غضبتْ تُعتِبُ | |
وكالراحِ بالملءِ أخلاقُهم | وأخلاقُهم منهما أعذبُ | |
وكالمِسكِ تُربُ مقاماتهم | وتُربُ قبورهم أطيبُ |
مالك بن الريب:
يقول المشفقون عليَّ حتى | متى تلقى الجنود بغير جُندِ | |
وما من كان ذا سيفٍ ورمحٍ | وطابَ بنفسهِ موتاً بفردِ | |
ألم تعلمي يا ضلَّ رأيُك أنني | لوصلِ الغواني متلف ومفيدُ |
ابن الفارض:
أنتم فروضي ونفلي | أنتم حديثي وشغلي | |
يا قبلتي في صلاتي | إذا وقفتُ اصلي | |
جمالكم نصب عيني | إليه وجهت كلي | |
وسركم في ضميري | والقلب طور التجلي |
إن كان منزلتي في الحبِّ عندكم
ما قد رأيت فقد ضيّعتُ أيامي
هل نارُ ليلى بدتْ ليلاً بذي سلمِ | أم بارق لاحَ بالزوراءِ فالعَلمِ | |
أرواحَ نُعمانَ هلا نسمة سحراً | وماء وَجرة هلاّ نهلةً بفمي | |
يا سائقَ الظعنِ يطوي البيد معتسفاً | طيّ السجلِ لذاتِ الشيحِ من إضمِ | |
عُجْ بالحمى يا رعاكَ الله معتمداً | خميلة الضال ذات الرَند والخزمِ |
على نفسهِ فليبكِ من ضاعَ عمرُهُ
وليسَ لهُ فيها نصيبٌ ولا سهمُ
شربنا على ذكرِ الحبيبِ مُدامة | سكرنا بها من قبل أن يُخلق الكرمُ | |
يقولون لي صِفها،فأنتَ بوصفها | خبيرٌ،أجل عندي بأوصافها عِلمُ | |
صفاءٌ ولا ماء،ٌولطفٌ ولا هوىً | ونورٌ ولا نارُ،وروحٌ ولا جسمُ |
وأحلى أماني الحُبِّ للنفسِ ما قضتْ
عناها بهِ من أذكرتها وأنستِ
وكم في الورى مثلي أماتت صبابةً | ولو نظرتْ عطفاً إليهِ لأحييتِ | |
إذا ما أحلّتْ في هواها دمي ففي | ذرى العزّ والعلياءِ قدري أحلّتِ |
وقد آنَ أن أُبدي هواكَ ومن بهِ
ضناكَ بما ينفي ادّعاكَ محبتي
فلا بابَ لي يُغشى ولا جاهَ يُرتجى | ولا جارَ لي يُحمى لفقد حميّتي | |
كأن لم أكن فيهم خطيراً ولم أزل | لديهم حقيراً في رخاءٍ وشدّةِ |
أتيت بيوتاً لم تنلْ من ظهورها
وأبوابها عن قرعِ مثلك سُدّتِ
ونهجُ سبيلي واضحٌ لمن اهتدى
ولكنها الأهواءُ عمَتْ فأعمتِ
وعيدُكَ لي وعدٌ وإنجازهُ مُنى | وليَّ بغيرِ البُعدِ إن يُرْمَ يثبُتِ |
فإن أُجْنِ من غَرْسِ المنى ثمرَ العنا
فلله نفسٌ في مناها تعنتِ
وبي مَنْ بها نافستُ بالروحِ سالكاً | سبيلَ الأُلى قبلي أتوا غير شرعتي | |
بكُلِّ قبيلٍ كم قتيلٍ بها قضى | أسىً لم يفز يوماً إليها بنظرةِ |
ومن درجاتِ العزِّ أمسيتُ مُخلداً
إلى درجاتِ الذلِّ من بعد تخوني
أسرَّتْ تمنّي حبها النفسُ حيث لا | رقيبَ حِجاً سراً لسرّي | |
فأشفقت من سرِّ الحديثِ بسائري | فتعرِبُ عن سرّي عبارةٌ وخُصّتِ |
أحباي أنتم،أحسن الدهر أم أسا
فكونوا كما شئتم،أنا ذلك الخلُّ
إذا كان حظي الهجر منكم،ولم يكن
بعاد،فذاكَ الهجرُ عندي هو الوصلُ
ما أعجب الأيام تُوجبُ للفتى | منحاً،وتمحنهُ بسلبِ عطاءِ | |
يا هل لماضي عيشنا من عودة | يوماً وأسمحُ بعده ببقائي | |
هيهات خابَ السعيُ وانفصمت عُرى | حبلُ المنى وانحلّ عقدُ رجائي | |
وكفى غراماً أن أبيتَ مُتيّماً | شوقي أمامي،والقضاءُ ورائي |
أخالف ذا في لومهِ عن تقىً كما
أخالفُ ذا في لؤمه عن تقيهِ
وما ردَ وجهي عن سبيلك هولُ ما
لقيتُ ولا ضرّارُ في ذاك مسّتِ
حرام شِفا سُقمي لديها،رضيتُ ما | به قسمت لي في الهوى،ودمي حلّ | |
فحالي وإن ساءت فقد حسنت به | وما حظُّ قدري في هواها به أعلو | |
ولي هِمّة تعلو،إذا ما ذكرتُها | وروحٌ بذكراها إذا رخصت،تغلو |
أراني ما أوليتهُ خيرَ فتنةٍ
قديمُ ولائي فيك من شرِّ فتنةِ
واحسرتي ضاعَ الزمانُ ولم أفز | منكم أهيلَ مودّتي بلقاءِ | |
ومتى يُؤمِّلُ راحةً من عُمرُهُ | يومان:يومُ قِلىً ويومُ تناءِ | |
وحياتِكمُ يا أهل مكة وهي لي | قسمٌ لقد كلِفتْ بكم أحشائي | |
حُبيّكمُ في الناسِ أضحى مذهبي | وهواكمُ ديني وعَقدُ ولائي |
وكلُّ أذىً في الحُبِّ منكَ إذا بدا
جعلتُ له شُكري مكانَ شكيّتي
فَهُمُ هُمُ صدوا دَنَوا وصَلوا جَفوا | غدروا أوفوا هجروا رثوا لضنائي | |
وهم عيادي حيثُ لم تُغنِ الرُّقى | وهمُ ملاذي إن غدت أعداني | |
وهُمُ بقلبي إن تناءت دارهمْ | عني وسُخطي في الهوى ورضائي |
يا لائماً لامني في حُبّهمْ سَفهاً
كُفْ الملامَ فلو أحببتَ لم تَلُمِ
إبائي أبى إلا خلافي ناصحاً | يُحاولُ مني شيمةً غيرَ شيمتي | |
يلذُّ لهُ عَذلي عليكِ كأنّما | يرى منّهُ مِنّي وسلواه سلوتي |
وعقبى اصطباري في هواكِ حميدةٌ
عليكِ ولكن عنكِ غيرُ حميدة
طوعاً لقاضٍ أتى في حُكمهِ عجباً | أفتى بسفكِ دمي في الحِلِّ والحرمِ | |
أصمَّ لم يسمعِ الشكوى وأبكم لم | يُحِرْ جواباً وعن حالِ المشوقِ عَمي |
يا راحلاً وجميلُ الصبرِ يتبعهُ
هل من سبيل إلى لقياك يتفقُ
ما أنصفتك جفوني،وهي دامية
ولا وفى لك قلبي،وهو يحترقُ
واهاً على ذاكَ الزمانُ وما حوى أيامَ أرتعُ في ميادينَ المُنى | طيبَ المكانِ بغفلةِ الرُّقباءِ جَذلاً وأرفُلُ في ذيولِ حِباءِ | |
ما أعجبَ الأيامَ تُوجِبُ للفتى يا هل لماضي عيشنا من عودةٍ | مِنحاً وتمنحهُ بِسلبِ عطاءِ يوماً وأسمحُ بعدهُ ببقائي | |
هيهاتَ خابَ السعيُ وانفصمتْ عُرى | حَبْلِ المُنى وانحلَّ عقدُ رجائي |
ولما أبتْ إلا جماحاً ودارها انتزاحاً
وضنَّ الدهرُ منها بأوبةِ
تيقنتُ أن لا دارَ من بعدِ طَيبةٍ
تطيبُ وأن لا عِزّةَ بعد عزّةِ
سلامٌ على تلك المعاهدِ من فتىً | على حفظِ عهد العامرية ما فتي | |
أعِدْ عندَ سمعي شادي القوم ذكر من | بهجرانها للوصلِ جادتْ وضنّتِ | |
تُضَمِّنهُ ما قلتُ والسُّكرُ مُعلِنٌ | لِسرِّي وما أخفت بصحوي سريرتي |
وكفى غراماً أن أبيتَ مُتيّماً
شوقي أمامي والقضاءُ ورائي
وكم راحةٍ لي أقبلت حين أقبلت | ومن راحتي لما تولّتْ تولّتِ |
ويمنعُني شكواي حُسنُ تصبرُّي
ولو أشكُ للأعداءِ ما بي لأشكتِ
كأنّا حلفنا للقريبِ على الجفا | وأن لا وفا لكن حنِثتُ وبرّتِ |
ويَحسنُ إظهارُ التجلُّدِ للِعدى
ويقبحُ غيرُ العجزِ عندَ الأحبّةِ
فصبري أراهُ تحتَ قَدري عليكم | مُطاقاً وعنكمُ فاعذروا فوقَ قدرتي |
ولا حِلمَ لي في حملِ ما فيكِ نالني
يؤدي لِحمدي أو لمدحِ مودّتي
ومعنى وراءَ الحُسنِ فيك شهدتهُ | به دقَّ عن إدراكِ عين بصيرتي |
وقد كان عندي وصلًها دونَ مطلبي
فعادَ تمنّي الهجرِ في القُربِ قربتي
وقد كنتُ أدعى قبلَ حُبيّكِ باسلاً | فعدتُ به مُستبسلاً بعدَ منعتي | |
أُقادُ أسيراً واصطباري مهاجري | وأنجدُ أنصاري أسى بعد لهفتي |
ولم أحكِ في حُبيِّكِ حالي تبرُّماً
بها لاضطرابٍ بل لتنفيسِ كربتي
وليسوا بقومي ما استعابوا تهتُّكي | فأبدوا قلىً واستحسنوا فيك جفوتي | |
وأهلي في دينِ الهوى أهلُهُ وقد | رضوا لي عاري وما استطابوا فضيحتي | |
فمن شاء فليغضبْ سِواكِ ولا أذىً | إذا رضيت عني كِرامُ عشيرتي |
وما حلَّ بي من مِحنةٍ فهو مِنحةٌ
وقد سلمتْ من حلِّ عقدٍ عزيمتي
سعيد بن حميد
ولقد علمت فلا تكنْ متجنيّاً | أنَّ الصدود هو الفراقُ الأوّلُ | |
حسب الأحبّة أن يفرّق بينهم | كأسُ المنيّةِ مالنا نستعجلُ |
ابن الوردي
إنَّ المقاديرَ إذا ساعدت | ألحقتِ العاجزَ بالحازمِ |
الحارث بن خالد المخزومي:
أظَلومُ إنَّ مُصابَكُم رجلاً | أهدى السلام تحية ظلم |
أبو ذؤيب الهذلي:
ما الدّهرُ إلا ليلةٌ ونهارُها | وإلا طلوعُ الشمس ثم غيارها |
ولو أنني استودعتهُ الشمس لارتقت
إليه المنايا عينها ورسولها
وصبرُ على حدثِ النائباتِ | وحلمٌ رزينٌ وعقلٌ ذكيّ |
زياد الأعجم:
قالوا:الأسافرُ تهجونا،فقلت لهم: | ما كنتُ أحسبهم كانوا ولا خُلقوا |
ونبئتهم يستنصرون بكاهلِ
وللؤمِ فيهم كاهل وسنامُ
أوس بن مغراء:
يشيبُ على لؤمِ الفعال كبيرُها | ويغذى بثدي اللؤم منها وليدها |
الحكيم بن الحجاج بن ثعلبة:
وقد يدنو الصغير إلى هُداةُ | ويُدبرُ بعد وفرتهِ الكبيرُ |
أبو رميلة:
هم ساعدُ الدّهرِ الذي يُتقى به | وما خيرُ كفّ لا تنوء بساعد |
الخليع الباهلي:
لقد ملأت عيني بغرِّ محاسنٍ | ملأن فؤادي لوعةً وهموماً |
يحيى بن طالب:
يُزهدني في كلِّ خير صنعته | إلى الناس ما جرّبتُ من قلّة الشكرِ |
سليمان بن قتّة:
فإنَّ الألى بالطّف من آلِ هاشمٍ | تآسوا فسنّوا للكرامِ التآسيا |
حميد بن ثور الهلالي:
وأعلمُ أني إن تغطيتُ مرةً | من الدهرِ،مكشوف غطائي فناظرُ |
ابن رشيق القيرواني
من يصحب الناس مطوياً على دَخَلٍ لا تستطيلوا على ضعفي بقوّتكم | لا يصحبوه،فخلوا كل تدخيل إنَّ البعوضة قد تعدو على الفيلِ | |
وجانبوا المزحَ إن الجِدَّ يتبعه | وربّ مُوجعة في إثرِ تقبيلِ |
شبيب بن البرصاء:
تُرجّي النفوس الشىءَ لا تستطيعهُ ألا إنّما يكفي النفوس إذا اتقت | وتخشى من الأشياءِ ما لا يضيرُها تقى الله مما حاذرت فَيُجيرُها | |
ولا خيرَ في العيدانِ إلا صِلابُها | ولا ناهضاتِ الطيرِ إلا صقورُها | |
وإنّي لترّاكُ الضّغينةِ قد بدا | ثَراها من المولى فما أستثيرها | |
مخافةَ أن تجني عليَّ وإنّما | يَهيجُ كبيراتُ الأمورِ صغيرُها |
فَهُنَّ ينبذنَ من قولٍ يُصبنَ به
مواقعِ الماءِ من ذي الغُلّة الصادي
سويد اليشكري
لَعمرُكَ ما سبَّ الأميرَ عدوّهُ | ولكنّما سبَّ الأميرَ المُبلِّغُ |
قيس بن الخطيم:
وكنت امرءاً لا أبعث الحرب ظالماً | فلما أبوا أشعلتها كلّ جانب | |
أربت لدفع الحربِ حتى رأيتها | على الدفعِ لا تزداد غير تقارب | |
فإن لم يكن عن غاية الحربِ مدفعٌ | فأهلاً بها إذ لم تزل في المراحب | |
ولما رأيت الحرب حرباً تجردت | لبست مع البردين ثوب المحارب |
سَلي منْ جليسي في النّديِّ ومألفي
إلى الرأي في الأحداثِ حين تحينُ
فأبري لهم صدري وأصفي موّدتي
وسرُّكَ عندي بعدَ ذاكَ مصونُ
يريد المرء أن يُعطى مناه | ويأبى الله إلا ما يشاء | |
وكلُّ شديدةٍ نزلتْ بقومٍ كذاك الدّهر يصرف حالتيه | سيأتي بعد شدَّتها رخاء ويعقب طلعة الصبحِ المساء | |
ولا يُعطى الحريص غنى الحرص | وقد ينمى على الجودِ الثراء | |
غنيُّ النّفسِ ما عَمرتْ غنيٌّ | وفقرُ النفس ما عَمرَتْ شقاء |
فإني لأغنى الناسَ عن كلِّ واعظٍ
يرى الناسَ ضُلالاً وليسَ بمهتدي
إذا جاوزَ الإثنينِ سرٌّ فإنّهُ | ببثٍّ وتكثير الحديثِ قمين | |
يكون له عندي إذا ما ضمنته | مكانٌ بسوداءِ الفؤادِ مكين |
أتهجو أُناساً سوّدتكَ رماحُهم
بعد المشيبِ وكنت غيرَ مسوّدِ
وكنت امرءاً لا أسمع الدّهرَ سُبّةً | أُسبُّ بها إلا كشفتُ غطاءها | |
وإنّي في الحربِ العوانِ مُوكَّلٌ | بإقدامِ نفسٍ لا أريدُ بقاؤها | |
إذا سقمت نفسي إلى ذي عداوة | فأني بنصل السيف باغٍ دواؤها | |
متى يأتِ هذا الموتُ لا تبق حاجة | لنفسيَ إلا وقد قضيتُ قضاؤها |
أرِبتُ بِدَفعِ الحربِ لما رايتُها
على الدفعِ،لاتزدادُ غيرَ تقارُبِ
فما المالُ والأخلاقُ إلا معارة | فما شئت من معروفها فتزّودِ | |
متى ما تقد بالباطل الحق يأبه | وإن قدت بالحقِّ الرواسي تنقدِ | |
متى ما أتيت الأمر من غير بابه | ضللتَ وإن تدخل من الباب تهتدِ |
متى يأتِ هذا الموتُ لا يُلفِ حاجةً
لنفسي إلا وقد قضيتُ قضاءها
أجود بِمكنونِ التلادِ وإنني إذا جاوزَ الإثنين سرٌّ فإنّهُ | بِسرِّي عمن سألني لَضنينْ بنَثٍ وتكثيرِ الحديثِ قمينُ | |
وإن ضيّعَ الأقوامُ سِرّي فإنّني | كتومٌ لأسرارِ العشيرِ أمين |
وليسَ بنافعٍ ذا البخلِ مالٌ
ولا مُزرٍ بصاحبهِ السخاءُ
إذا المرءُ لم يُفضِلْ ولم يلقَ نجدةً | مع القومِ فليقعدْ بِصغُرٍ ويبعُدِ | |
وذي شيمةٍ عسراء يكرهُ شيمتي | فقلتُ له دعني ونفسِكَ أرشدِ |
أمُرُّ على الباغي، ويغلظُ جانبي
وذو الودِّ أحلو له وألينُ
ألم تر أحوال الزمان وريبها | وكيف على هذا الورى تتنقلُ | |
فكائن رأينا من أناس ذوي غنى | وجدّة عيش أصبحوا قد تبدلوا |
فيهم للمُلاينيين أناة
وطماح إذا يراد الطماح
إذا ما فررنا كان أسوأ فرارنا | صدود الخدودِ وازوار المناكب |
إذا المرءُ لم يفضل ولم يلق نجدةً
مع القومِ فليقعد بضعفٍ ويبعد
أبى الذمَّ لي آباءُ تنمي جدودهم | وفعلي بفعلِ الصالحينَ مُعينُ |
ولا يُنسيني الحَدثانُ عرضي
ولا أُرخي من المَرحِ الإزارا
فإنَّ الضغطَ يحويه وعاءٌ | ويتركهُ إذا فرغَ الوعاءُ | |
وما مُلىءَ الإناءُ وشُدَّ إلا | ليخرجَ ما به امتلأ الإناء |
نحنُ بما عندنا وأنتَ بما
عندكَ راضٍ،والرأي مختلفُ
ديك الجن:
على هذه كانت تدورُ النوائبُ | وفي كُلِّ جَمعٍ للذهابِ مذاهبُ | |
نزلنا على حُكمِ الزمانِ وأمرهِ | وقد يقبلُ النصفَ الألدُّ المشاغِبُ | |
وتضحكُ سِنُّ المرءِ والقلبُ عابسٌ | ويرضى الفتى عن دهرهِ وهو عاتِبُ |
فتىً كان مثلَ السيف من حيث جئتَهُ
لنائبةٍ نابتكَ فهو مُضارِبُ
وما الإثمُ إلا الصّبرُ عنكَ وإنّما | عواقِبُ حَمْدٍ أن تُذمَّ العواقبُ | |
يقولون:مقدارٌ على الحُرِّ واجبٌ | فقلتُ:وإعوالٌ على الحُرِّ واجبُ |
ليسَ ذا الدمعُ دمعَ عيني ولكن
هي نفس تذيبها أنفاسي
إذا شجرةُ المودّة لم تُجده | بغيثِ البرِّ أسرع في الجفاف |
لو كانَ يدري الميتُ ماذا بعده
بالحيِّ حلَّ بكى لهُ في قبرهِ
غُصصٌ تكادُ تفيضُ منها نفسهُ
وتكادُ تخرجُ قلبه من صدره
وإنّي برىءٌ من أخي وانتسابه | إليَّ إذا ألفيتُ في طبعهِ بخلا | |
فإن لم تكن بالطبعِ نفسي كريمةٌ | وإن كرُمَ الآباءُ لم أره فضلا |
الكلبُ فوقَ أناس أنتَ مالكهم
ونعمةُ أنتَ فيها عندنا نِقَمُ
وإنّ دهراً علوتَ الناسَ كلّهم
فيه فبالجهلِ والخذلان متهم
قولي لطيفك ينثني عند الرقادِ،عند الهجوع | عن مضجعي عند المنام عند الهجودِ،عند الوسن | |
فعسى أن أنام فتنطفي في الفؤاد،في الضلوع | نار تأججُ في العظام في الكبود، في البدن | |
جسد تقلّبه الأكف من قتاد،من دموع | على فراش من سقام من وقود،من حزن | |
أما أنا فكما علمت من معاد،من رجوع | فهل لوصلك من دوام من وجود،من ثمن |
ابن قيس الرقيات:
ما نقموا من بني أميّة إلا | أنهم يحلمونَ إن غضبوا | |
وأنهم معدِن الكرام،وما | تصلحُ إلا عليهمُ العربُ | |
إن جلسوا لم تَضقْ مجالسهُم | والأسدُ أسدُ العرين إن ركبوا |
وقومكَ لا تجهل عليهم ولا تَكُنْ
بهم هرشاً تغتابهم وتقاتلُ
لو كان حولي بنو أميّة لم | ينطِقْ رجالٌ إذا همُ نطقوا | |
إن جلسوا لم تَضِقْ مجالسهُمْ | أو ركبوا ضاقَ عنهمُ الأفقُ | |
كم فيهمُ من فتىً أخي ثقةٍ | عن منكبيهِ القميصُ مُنخرِقُ |
وما ينهضُ البازيُّ بغير جناحهِ
ولا يحملُ الماشينَ إلا الحواملُ
ولا سابقٌ إلا بساقٍ سليمةٍ
ولا باطنٌ ما لم تُعنهُ الأناملُ
إنّما مُصعبٌ شِهابٌ من اللهِ | تجلّت عن وجههِ الظلماء | |
مُلكهُ مُلكُ قوّةٍ ليسَ فيهِ | جبروتٌ ولا بهِ كبرياء | |
يتقي الله في الأمورِ وقد أف | لحَ من كانَ همّهُ الإتقاء |
ابن قيس الرقيات:
اهرُبْ بنفسكَ واستأنسْ بوحدتها | تلقَ السُّعودَ إذا كنتَ مُنفردا | |
ليتَ السِّباعَ لنا كانت مُعاشرةً | وأنّنا لا نرى ممّنْ نرى أحدا | |
إنَّ السِّباعَ لتهدأ في مرابضها | والناسُ ليسَ بهادٍ شرُّهُم أبدا |
ابن قيس الرقيات:
نضّرَ الله أعظُماً دفنوها كان لا يحرِمُ الخليلَ ولا | بسجستانَ طلحة الطلحات يُعتلُّ بالبُخلِ طيّبَ الغدرات | |
سبط الكفِّ بالنوال إذا ما | كان جودُ الخليلِ حُسنَ العدات |
ابن حيوس الدمشقي:
لقد آلت بي الدنيا فقُبحاً | لما صنعتْ إلى هذا المآلِ | |
وغالَ الدّهرُ منزلتي ووفري | فأرخصَ من مديحي كلَّ غالِ |
من جاورَ الأُسدَ لم يأمن بوائقها
وليسَ للأسدِ إبقاءٌ على الجارِ
كفى الدين عزّاً ما قضاهُ لكَ الدّهرُ | فمن كانَ ذا نَذرٍ فقد وجبَ النذرُ | |
ثمانية لم تفترق مذ جمعتها | فلا افترقت ما ذبَّ عن ناظرٍ شَفرُ | |
يقينكَ والتقوى وجودك والغنى | ولفظكَ والمعنى وسيفُكَ والنصرُ |
فبكى وأضحكهُ الرجاءُ فما رأت
عينٌ سواهُ ضاحكاً مستعبر
وكُنّا نظنُّ الأرضُ تَظلمُ بعده | فقمت مقام الشمسِ إذا أفلَ البدرُ | |
صبرنا على حكم الزمانِ الذي سطا | على أنه لولاكَ لم يكن الصبرُ | |
غزانا ببؤسى لا يفارقها الاسى | تُقارنُ نعمى لا يقوم بها شكرُ |
شفع الشّجاعة بالخشوعِ لربّهِ
ما أحسنَ المحرابَ في المحرابِ
تَحيّفني الزمانُ بكلِّ فنٍ | فما أنفكّ من داءٍ عضالِ | |
وأعوزتِ الأمانةُ فيه حتى | تخوّفتِ اليمينُ من الشّمالِ | |
وأذهبَ كلَّ ما أحوي ضَياعاً | فها أنا بنارِ الفقرِ صالِ | |
وقد أودعتُ ما أبقى صديقاً | فعرّضتُ البقيةُ للوبالِ |
سويد بن صامت الأنصاري:
أدينُ وما دَيني عليكم بِمَغرمٍ | ولكن على السُّمِ الجلادِ القراوحِ |
ابن اللبانة الداني:
فتيةٌ لم تلدْ سواها المعالي | والمعالي قليلةُ الأولادِ |
ابن الشبل البغدادي::
بربّكَ أيها الفُلكُ المُدار | أقصدٌ ذا المسير أم اضطرار؟ | |
مدارُكَ قل لنا في أي شىء | ففي أفهامنا منكَ انبهار! | |
وفيكَ نرى الفضاءَ وهل فضاءٌ | سوى هذا الفضاء به ندار؟ | |
وعندكَ تُرفعُ الأرواح أم هل | مع الأجساد يدركها البوار |
لا تظهرن لعاذل أو عاذر
حاليكَ في الضّراءِ والسّراءِ
فلرحمة المتوجعينَ غضاضةً
في القلبِ مثل شماتة الأعداء
يفنى البخيل بجمعِ المال مدّته | وللحوادثِ والأيام ما يدع | |
كَدودةِ القز ما تبنيه يهدمها | وغيرها بالذي تبنيه ينتفع |
ابن الشبل البغدادي::
غايةُ الحزنِ والسرورِ انقضاء | ما لحيٍّ من بعدِ ميتٍ بقاءُ | |
غيرَ أنَّ الأمواتَ زالوا وأبقوا | غُصصاً لا يُسيغها الأحياءُ |
ابن الشبل البغدادي:
إنّما نحنُ بينَ ظُفرٍ ونابِ | من خُطوبٍ أسودهنَّ ضِراءُ | |
نتمنى وفي المنى قصر الع | مر فنغدو بما نُسرُّ نساءُ | |
صحّةُ المرء للسّقامِ طريقٌ | وطريقُ الفناءِ هذا البقاءُ… | |
بالذي تغتذي نموت ونحيا | أقتلُ الداء للنفوس الدواءُ |
ابن الشبل البغدادي:
ما لقينا من غدر دنيا؟فلا | كانت ولا كانَ أخذها العطاء | |
راجع جودها عليها فمهما | يهبّ الصبحُ يستردّ المساءُ | |
ليت شعري حلماً تمرُّ بنا الأ | يامُ أم ليسَ تُعقَّلُ الأشياءُ |
ابن الشبل البغدادي:
قبَّحَ اللهُ لذةً لشقانا | نالها الأمهاتُ والآباءُ | |
نحنُ لولا الوجود لم نألم الفقرَ | فإيجادنا علينا بلاءُ | |
وقليلاً ما تصحبُ المهجةَ الجسمَ | ففيمَ الأسى وفيمَ العناءُ؟ | |
كيفَ أرجو شفاءَ ما بي؟وما بي | دونَ سُكنايَ في ثراكَ شفاءُ | |
إنّما الناسُ قادمٌ إثرَ ماضٍ | بدءُ قومٍ للآخرينَ انتهاءُ |
عبد الله بن الحسن
فتىً كان يحميه من الذلِّ سيفهُ | ويكفيهِ سوآتِ الأمورِ اجتنابها |
دوقلة المنبجي:
فالسيف يقطع وهو ذو صَدءٍ هل تنفعنِّ السيفَ حليتهُ | والنصلُ يعلى الهام لا الغمدُ يوم الجلاد إذا نبا الحدُّ | |
ولقد علمتِ بأنني رجلٌ سَلْمٌ على الأدنى ومرحمةٌ | في الصالحاتِ أروحُ أو أغدو وعلى الحوادثِ ثابتٌ جَلِدُ | |
اجملْ إذا حاولتُ في طَلب | فالجدُّ يغني عنكَ لا الجدُّ | |
ليكُنْ لديكَ لسائلٍ فرَجٌ | إن لم يكن، فليُحسنِ الردُّ |
ابن حمام الأزدي:
كالثوبِ إن أنهج فيه البِلى | أعيا على ذي الحيلةِ الصانع | |
كنّا نداريها وقد مزّقت | فاتّسع الخرقُ على الراقعِ |
الحُصين بن الحُمام المري:
ولما رأيتُ الوُدَّ ليس بنافعي | وإن كان يوماً ذا كواكبَ مُظلما | |
صَبرنا وكانَ الصبرُ فينا سَجيّةً | بأسيافنا يَقطعنَ كفّاً ومِعصما | |
يُفَلّقنَ هاماً من رجالٍ أعزّةٍ | علينا،وهم كانوا أعقّ وأظلما | |
وجوهُ عدّوٍ،والصدورُ حديثةٌ | بِوُدٍّ،فأودى كلّ ودّ فأنعما |
الحصين بن الحمام:
فلستُ بِمبتاعِ الحياةِ بِسُبةٍ | ولا مُبتغٍ من رهبةِ الموت سُلّما |
فلوذوا بأدبار البيوتِ فإنّما
يلوذُ الذليلُ بالعزيزِ ليُعصما
البعيث بن حريث بن جابر الحنفي:
خيال الأم السلسبيل ودونها وإن مسيري في البلاد ومنزلي | مسيرة شهر للبريد المذبذب لبالمنزل الأقصى إذا لم أقرب | |
ولست،وإن قربت يوماً ببائع ويعتده قوم كثير تجارة | خلاقي ولا لاديني ابتغاء التحبب ويمنعني من ذلك ديني ومنصبي | |
دعاني يزيد،بعد ما ساء ظنّه وقد علما أن العشيرة كلها | وعبس،وقد كانا على حد منكب سوى محضري،من خاذلين وغيب | |
فكنت أنا الحامي حقيقة وائل | كما كان يحمي حقائقها أبي |
ابن الأحمر الباهلي:
أبتْ عيناكَ إلا أن تَلجّا | وتختالا بمائهما اختيالا |
علقمة بن عبدة:
فلا تحرمني نائلاً عن جنابة | فإني امرؤ وسط القباب غريب |
النبهاني العماني
وإذا الكريمُ كبتْ به أيامهُ | لم ينتعشْ إلا بعطفِ كريمِ |
أبو كبير الهذلي:
ولقد نُقيمُ إذا الخصومُ تناقدوا | أحلامهم صعرَ الخصيمِ المُجنفِ | |
حتى يظلَّ كأنّهُ مُتثّبتٌ | بركوحِ أمغر ذي ريودٍ مشرفِ |
محمود الوراق
لَعمرُكّ ما يدري الفتى كيف يتقى | إذا هو لم يجعل لهُ الله واقيا |
الحارث بن حلزة:
لا أعرفنّكَ إن أرسلتُ قافية | تُلقي المعاذيرَ إذا لم تنفع العذُرِ | |
إنَّ السعيدَ لهُ في غيرهِ عِظّةٌ | وفي التجاربِ تحكيمٌ ومُعتبرُ |
لا يُقيمُ العزيزُ بالبلدِ السّهلِ
ولا ينفعُ الدليل النجاءُ
وفعلنا بهم كما يفعلُ الله | وما أن للخائنين دماءُ |
ومن يلق خيراً يحمدُ الناسُ أمرهُ
ومن يغوَ لا يعدم على الغيِّ لائما
وأتانا من الحوادثِ والأنبا | ءِ خطبٌ نُغنى به ونُساءُ | |
إنَّ إخوانَنا الأراقِمَ يعلو | نَ علينا،في قيلهم إحفاءُ | |
يخلطونَ البرىءَ منا بذي الذنبِ | ولا ينفعُ الخليَّ الخلاءُ | |
أجمعوا أمرَهم عِشاءً فلّما | أصبحوا أصبحت لهم ضوضاءُ |
أيها الناطقُ المُبلِّغُ عنا
عند عمروٍ ،وهل لذاكَ انتهاءُ
لم يكن إلا الذي كان يكون ربما قرّتْ عيونٌ بشجا | وخطوبُ الدهرِ بالناسِ فنونُ مرمضٍ قد سخنت منه عيون | |
والملماتُ فما أعجبها يلعبُ الناس على أقدارهم | للُملماتِ ظهورٌ وبطونُ ورحى الأيام للناس طحونُ | |
يأمنُ الأيامُ معتبر بها | ما رأينا قطّ دهراً لا يخونُ | |
لا تكنْ محتقراً شأن امرىءٍ | ربما كانت من الشأنِ الشؤونُ |
إنَّ السيدَ لهُ في غيرهِ عِظةٌ
وفي التجاريبِ تحكيمٌ ومُعتبرُ
لو أنَّ لي صبرها أو عندها جزعي | لكنتُ أعلمُ ما آتي وما أدعُ | |
لا أحملُ اللومَ فيها والغرامَ بها | ما حمّلَ الله نفساً فوقَ ما تسعُ | |
إذا دعا بإسمها داعٍ فأسمعني | كادت له شُعبة من مهجتي تقعُ |
لو أنَّ لي صبرها أو عندها جزعي
لكنتُ أعلمُ ما آتي وما أدعُ
لا أحملُ اللومَ فيها والغرامَ بها
ما حمّلَ الله نفساً فوقَ ما تسعُ
إذا دعا بإسمها داعٍ فأسمعني
كادت له شُعبة من مهجتي تقعُ
الأسود بن يَعفر:
إنَّ المنيّةَ والحتوفَ كِلاهما | يُوفي المخارِمَ يُرقبان سوادي | |
لن يرضيا مني وفاءَ رهينةٍ | من دونِ نفسي طارفي وتلادي |
المؤمل بن أُميل المحاربي:
وكم من لئيمٍ ودَّ أني شتمتهُ | وإن كانَ شتمي فيه صابٌ وعلقَمُ | |
وللكَفُّ عن شتمِ اللئيمِ تَكرُّماً | أضرُّ له من شتمهِ حين يُشتَمُ |
والناسُ كالعيدانِ يفضل بعضهم
بعضاً كذاكَ يفوق عود عودا
نحنُ إذاً في الجفاءِ مثلهُمُ | إذا غدرنا بهم كما غدروا | |
إن يهجرونا فطالما وصلوا | وإن يغيبوا فطالما حضروا |
المؤمل بن أُميل المحاربي:
لا تغضبنَّ على قوم تحبّهمُ | فليسَ منك عليهم ينفعُ الغضبُ | |
يا جائرينَ علينا في حكومتهم | والجَورُ أقبحُ ما يُؤتى ويُرتكبُ | |
لسنا إلى غيركم منكم نفرّ إذا | جُرتم ولكن إليكم منكمُ الهربُ |
بشر بن أبي حازم
فعفوتُ عنهم عفوَ غيرِ مُثرِّبٍ | وتركتهم لعقابِ يومٍ سَرمَدِ |
الفضل بن العباس المهلبي:
بني عمنا لا تذكروا الشعر بعدما
دفنتُمْ بصحراءِ الغَميم القوافيا
الأخفش بن شهاب:
وكنتُ الدهرَ،لست أُطيعُ أُنثى | فصِرتُ اليومَ أطوعَ من ثوابِ |
مدرك بن حصن:
ألم تعلمي أنَّ الأحاديثَ في غدٍ | وبعدَ غدٍ،يالبْنَ ألْبَ الطرائدِ |
عمرو بن الأهتم التغلبي:
وإن من الصديق عليك ضِغنا | بدا لي،إنني رجلٌ بصير | |
بأدواءِ الرجال إذا التقينا | وما تُخفي من الحسكِ الصدورُ | |
فإن قصدوا لِمرِّ الحقِّ فاقصدْ | وإن جاروا فَجر حتى يصيروا |
شهاب الدين الإعزازي:
لا يطربون لغير ذكر حبيبهم | أبداً فكلُّ زمانهم أفراحُ | |
حضروا وقد غابت شواهد ذاتهم | فتهتكوا لما رأوه وصاحوا | |
أفناهم عنهم وقد كشفت لهم | حجب البقا فتلاشت الأرواح | |
فتشبهوا إن لم تكونوا مثلهم | إن التشبه بالكرام فلاحُ |
الأسعر الجعفي:
إخوانُ صدق لو رأوك بغبطة | وإذا افتقرتَ إليهم فهمُ العِدا |
عامر بن حذيفة العدوي أبو الجهم:
والمرءُ منسوبٌ إلى فعلهِ | والناسُ أخبارٌ وأمثالُ | |
يا أيُّها المرسلُ آماله | من دونِ آمالك آجالُ |
الأحنف العكبري
وما هذهِ الأيام إلا مُعارةٌ | فما اسطعتَ من معروفها فتزوّدِ | |
فإنّكَ لا تدري بأيّةِ بلدةٍ | تموتُ ولا ما يحدث الله في غدِ |
سويد بن أبي كاهل
ولساناً صيرفياً صارماً | كَحسامِ السيفِ ما مسَّ قطع |
السهروردي
المرءُ يفرحُ بالأيامِ يقطعها | وكلّ يومٍ نقصٌ من الأجلِ |
أبو محجن الثقفي:
عسى فرجٌ يأتي بهِ اللهُ إنّهُ عسى ما ترى ألا يدومَ وأن ترى | لهُ كلَّ يومٍ في خليقتهِ أمرُ لهُ فرجاً ممّا ألحَّ بهِ الدّهرُ | |
إذا اشتدّ عُسرٌ فارجُ يُسراً فإنّهُ | قضى الله أنَّ العُسرَ يتبعهُ اليُسرُ |
إنَّ الكِرامَ على الجيادِ مقيلهم
فذري الجيادَ لأهلها وتعطري
نعاهدُ أطرافَ القنا فنفي لها | إذا لم تُضرَّج من دمٍ أن تحطّما | |
حرامٌ علينا أن نشيمَ سيوفنا | ولم تروَ من أعناقِ أعدائنا دما |
سيكثرُ المالُ يوماً بعد قلّتهِ
ويكتسي العودُ بعد اليُبسِ بالورقِ
وقد أجودُ وما مالي بذي فَناءٍ | وأكتمُ السِّرَّ فيهِ ضربةُ العُنُقِ |
رواس بن تميم:
وإنّا لنعطي النّصف منّا وإنّنا | لنأخذه من كلِّ أبلخ ظالم |
أنس بن مدرك الأكلبي:
ودعوتُ بني قحافة فاستجابوا | فقلتُ رِدوا فقد طابَ الورود |
البعيث المجاشعي:
فلا تُكثرنَّ في إثرِ شيءٍ ندامةً | إذا نَزعتهُ من يديكَ النوازِعُ |
البعيث بن حريث:
ولست وإن قُرِّبتُ يوماً ببائعِ | خَلاقي ولا قومي ابتغاءَ التَحبُّبِ |
عقيل بن علفة المري:
ولست بسائل جارات بيتي | أغياب رجالك أم حضور |
مسافر بن عمرو:
تَمدُّ إلى الأقصى بِثديكَ كُلِّهِ | وأنتَ على الأدنى صَرورٌ مُجَدَّدُ | |
فإنكَ لو أصلحتَ ما أنتَ مفسدٌ | تَودّدكَ الأقصى الذي تتودّدُ | |
أخوكَ الذي إن تَجنِ يوماً عظيمةً | يبت ساهراً والمستذيقونَ رُقّدُ |
يزيد بن الخذاق الشني:
أقيموا بَني النعمان عنّا صُدورَكم | وإلا تُقيموا كارهينَ الرؤوسا |
تميم بن أبي مقبل:
قومي فهلّا تسألينَ بعزّهم | إذ كان قومُكِ موضعَ الأذنابِ | |
مُضرُ التي لا يُستباحُ حريمُها | والآخذونَ نوافلَ الأنهابِ | |
والحائطونَ فلا يُرامُ ذمارُهمْ | والحافظونَ معاقد الأحسابِ |
ما أنعمَ العيشَ لو أنّ الفتى حَجَرٌ
تنبو الحوادِثُ عنه وهو مَلمومُ
خليليَّ لا تستعجلا وانظرا غدا | عسى أن يكونَ الرِّفقُ في الأمرِ أرشدا |
وإن يكن ذاك مقداراً أصبت به
فسيرة الدّهرِ تعويج وتقويم
سأترك للظن ما بعده | ومن يكُ ذا ريبة يستبن | |
فلا تتبع الظنّ إنَّ الظنون | تُريك من الأمرِ ما لم يكن |
إن ينقص الدّهر عيني الفتى غرضٌ
للدّهر من عوده واف ومكلوم
ولقد أرانا لا يشيعُ حديثنا | في الأقربين،ولا إلى ألاجنابِ | |
ولقد نعيشُ وواشينا بيننا | صَلفانِ،وهي غريزة الأترابِ |
وأن لا ألوم النفس فيما أصابني
وأن لا أكاد بالذي نلتُ أفرَحُ
إذا الناسُ قالوا:كيفَ أنتَ وقد بدا | ضميرُ الذي بي،قلتُ للناس:صالحُ | |
ليرضى صديقٌ،أو ليبلغَ كاشحاً | وما كلُّ من سلفتهُ الودَّ ناصحُ |
ومستكبرٍ من باتَ حاجبَ بابه
من الناسِ إلا إذا المهابة يُحجب
وما الدهرُ إلا تارتانِ،فمنهما | أوتُ،وأخرى أبتغي العيشَ أكدحُ | |
وكلتاهما قد خُطَّ لي في صحيفتي | فللعيشُ أشهى لي،وللموتُ أروحُ |
وأهونُ مفقودٍ،وأيسرُ هالكٍ
على الحيِّ من لا يبلغُ الحيَّ نائله
إذا مُتُّ فانعيني بما أنا أهلهُ
وذُمّي الحياةَ كلُّ عيشٍ مُبرَّجُ
وإنّا وإياكم وموعدُ بيننا | كَمثلِ لبيدٍ يوم زايلَ أربدا | |
وحدثهُ أنَّ السبيل ثنيّةٌ | صَعُوداءُ تدعو كلّ كهلٍ وأمردا | |
صعوداءُ، من تُلمعْ به اليوم يأتيها | ومن لا تلةَّ بالضّحاءِ فأوردا |
ابن مقبل:
وقد يبعثُ الشرَّ الضعيفُ ولا ترى | إذا غابت الأحسابُ،عنهنّ مِذودا | |
فللعفوِ أقوامٌ وللجهلِ غيرهم | إذا لم تُوَفَّ البُزَّل الكومُ مِرفدا | |
دعا الدهرَ يفعل ما أرادَ فإنّهُ | إذا كُلِّفَ الإفسادَ بالناسِ أفسدا |
كلثوم بن عمرو العتابي:
ولو كان يستغني عن الشكرِ ماجدٌ | لِعزّةِ مُلْكٍ أو عُلّوِ مكانِ | |
لما أمرَ الله العبادَ بشكرهِ | فقال أشكروا لي أيّها الثقلانِ |
لا تَرْجُ توبةَ مُذنبٍ
خلطَ احتجاجاً باعتذارِ
عوف بن الأحوص الكلابي:
أقِرُّ بحكمكم ما دمتُ حياً | وألزمهُ وإن بلغَ الفناءُ | |
فلا تتعوّجوا في الحكمِ عمداً | كما يتعوّجُ العودُ السّراءُ |
الأسود بن يعفر النهشلي:
ألا ما لهذا الدّهرِ من مُتعللِ | عن الناسِ مهما شاءَ بالناسِ يفعلِ |
الصلتان العبدي:
إذا ليلة هرمت يومها | أتى بعد ذلك يوم فتي | |
نروحُ ونغدو لحاجتنا | وحاجةُ من عاشَ لا تنقضي | |
ويسلبهُ الموت أثوابه | ويمنعهُ الموتُ ما يشتهي | |
تموتُ مع المرءِ حاجاتهُ | وتبقى لهُ حاجةٌ ما بقي |
الصلتان العبدي:
ومن بين الحصون ليوم حربٍ | فليس حصونُنا إلا السيوفُ | |
ومن كرهَ الحتوفَ فإنَّ فينا | مغاويراً شعارهم الحتوفُ | |
ومن يجفُ الضيوفَ فما أردنا | طعاماً قطّ ليس لهُ ضيوفُ |
الصّمة القشيري:
سقى الله أياماً لنا وليالياً | لهُنَّ بأكنافِ الشّبابِ ملاعبُ | |
إذ العيشُ غضٌّ والزمانُ بغبطةٍ | وشاهدُ آفات المحبينَ غائبُ |
إذا ما أتتنا الريحُ من نحو أرضكم
أتتنا بريّاكم فطابَ هبوبها
مُغَلَّس بن لقيط:
فإنكَ لا تُعطي امرءاً غير حظّهِ | ولا تمنع الشقَّ الذي الغيث ماطرُهْ |
المنخل اليشكري:
وإنا لنُعطي النَصفَ من لو نُضيمه | أقرَّ ونأبى نخوة المُتظَّلمِ |
العجير السّلولي:
يسرّك مظلوماً ويرضيكَ ظالماً | وكلّ الذي حملته فهو حامله |
طَلوعُ الثنايا بالمطايا وسابقٌ
إلى غايةٍ من يبتدرها يُقدّمِ
النظّار الفقعسي:
قد تَخفِرُ المُغترَّ غُرَّتهُ | وتزِلُ بالمُتَثبتِ النعلُ |
حارثة بن بدر الغداني:
ولقد وليتُ إمارةً فرجعتُها | في المالِ سالمةً ولم أتموَّلِ | |
ولقد منعتُ النُّصحَ من مُتقبلٍ | ولقد رفدتُ النصحَ من لم يقبلِ | |
فبأيِّ لمسةِ لامسٍ لم ألتمسْ | وبأيِّ حيلةِ حائلٍ لم أحتلِ | |
يا طالبَ الحاجاتِ يرجو نُجحها | ليسَ النجاحُ مع الأخفِّ الأعجلِ | |
فاصدُقْ إذا حَدّثتَ تُكتبُ صادقاً | وإذا حلفتَ مُمارياً فتحلّلِ | |
وإذا رأيتَ الباهشينَ إلى العلا | غُبراً أكفُّهم بريثٍ فاعجلِ | |
واحذر مكانَ السُّوءِ لا تَحلُل بهِ | وإذا نبا بك منزلٌ فتحوّلِ | |
وإذا ابنُ عمّكَ لجَّ بعضَ لجاجة | فانظرْ بهِ عِدَةً ولا تستعجلِ | |
وإذا افتقرتَ فلا تكنْ متخشعاً | ترجو الفواضلَ عند غيرِ المُفضِلِ | |
واستغنِ ما أغناكَ ربُّكَ بالغنى | وإذا تكونُ خصاصةٌ فتجمّلِ |
حارثة بن بدر:
وشَيّبَ رأسي اليوم والأمس قبلهُ | رعودُ المنايا فوقنا وبروقها | |
لنا نبعةٌ كانت تقينا فروُعها | فقد قطعت إلا قليلاً عروقها | |
وإنّا لتستحلي المنايا نفوسنا | وتتركُ أخرى مرّة لا تذوقها |
قد يكثرُ المالُ يوماً بعد قلّته
ويكتسي الغصنُ بعد اليبس بالورقِ
ولا تجعلن سِراً إلى غيرِ أهلهِ | فتقعدَ إن أفشى عليكَ تُجادلهْ | |
ولا تسألِ المالَ البخيلَ ترى لهُ | غنىً بعد ضُرٍّ أورثتهُ أوائلهْ | |
أرى المالَ أفياءَ الظلالِ فتارةً | ينوبُ وأخرى يختِلُ المالَ خاتلهْ |
حارثة بن بدر الغداني:
أُهانُ وأُقصى ثم تنتصحونني رأيتُ أكفَّ المُصلتين عليكمُ | وأيُّ امرىء يُعطي نصيحتهُ قسرا مِلاءً وكفّي من عطاياكم صفرا | |
وإنّي مع الساعي إليكمُ بسيفهِ | إذا أحدثَ الأيامُ في عظمكم كسرا | |
متى تسألوني ما عليَّ وتمنعوا ال | ذي ليَ لا أسطِعْ على ذلّكم صبرا |
هوَ الشّمسُ إلا أنّهُ للشمسِ غيبة
وهذا الفتى العمريُّ ليسَ يغيبُ
يروحُ ويغدو ما يفترُّ ساعة
وإن قيلَ ناءٍ منك فهو قريبُ
يا أيها الشامتُ المبدي عداوته | ما بالمنايا التي عيرت من عارِ | |
تراك تنجو سليماً من غوائلها | هيهات لا بدّ أن يسري بك الساري |
لا تلتمس أمر الشديدة بامرىء
إذا رامَ حزماً عوّقتهُ عواذله
وقل للفؤادِ إن نزا بك نزوة
من الروعِ أفرِخْ،أكثر الروع باطله
وبينا تُرّجي النفس ما هو نازحٌ | من الأمرِ لا قت دونه ما يعوقها | |
وبينا تقولُ النفس أفعل في غد | كذا وكذا فاستعلقته علوقها |
حارثة بن بدر الغداني:
لهفي عليكَ للهفةٍ من خائفٍ أمّا القبورُ فإنهنَّ أوانسٌ | يبغي جواركَ حينَ ليسَ مُجيرُ بجوارِ قبركَ والديارُ قبورُ | |
عمّت فواضلُهُ فعمَّ مُصابهُ | فالناسُ فيهِ كلّهم مأجورُ |
حميدة بنت النعمان بن بشير:
ألا يا فيضُ كنتُ أراكَ فيضاً | فلا فيضاً أصبتُ ولا فراتا |
أحمد بن أبي فنن:
رُبَّ أمرٍ سرَّ آخرهُ | بعدما ساءت أوائلُهُ |
ابن الأعرابي(
الحيص بيص):
إلا إنّما العينانِ للقلبِ رائدٌ | فما تألفُ العينانِ فالقلبُ آلفُ |
سوار بن المُضرِّب:
يا أيُّها القلبُ هل تنهاكَ موعظةٌ | أو يُحدِثن لك طولُ الدّهرِ نسيانا | |
إنّي سأستر ما ذو العقلِ ساترُهُ | من حاجةٍ وأُميتُ السِّرَّ كِتمانا |
محمد بن حازم:
صفحتُ برغمي عنكَ صفحَ ضرورةٍ | إليكَ وفي قلبي ندوبٌ من العتبِ | |
خضعتُ وما ذنبيَ أنَّ الحبَّ عزَّني | فأغضيتُ صفحاً عن مُعالجةِ الحُبِّ | |
وما زالَ بي فقرٌ إليكَ مُنازعٌ | يُذلّلُ مني كلَّ مُمتنعٍ صعبِ | |
إلى الله أشكو أنَّ ودّي مُحصّلٌ | وقلبي جميعاً عند مُقتسمِ القلبِ |
هو الدهرُ يومٌ يومُ بؤسٍ وشدّةٍ
ويومُ سرورٍ للفتى ونعيم
والرزقُ عن قَدَرٍ يجري إلى أجلٍ والناسُ فيما أرى عندي بأنفسهم | بالعجزِ والكَيسِ والتضييعِ والطلبِ لا بالتكلّفِ ولا الأسلاف والنّسبِ | |
إنّي وإن قلَّ مالي لم تقف هِممي | دونَ الجميلِ من الأخلاقِ والأدبِ | |
صبراً على الحقِّ في مالٍ سمحتُ بهِ | وللزمانِ على اللأواءِ والكذبِ | |
يا صاحباً لم يدعْ لي فقدهُ جَلداً | ظُلمتُ بعدكَ إنّ الدهرَ ذو عُقبِ |
وإذا الزمانُ جنى عليَّ وجدتني
عُوداً لبعضِ صفائحِ الأقتابِ
ولئن سالتَ ليخبرنكَّ عالمٌ
وأكونُ مُشتركَ الغنى متبذلاً
أني بحيثُ أحُبَّ من آدابِ
فإذا افتقرتُ قعدتُ عن أصحابي
طوبى لمن يتولّى الله خالقه ورُبَّ حاذرِ أمرٍ يستكينُ لهُ | ومن إلى الله يلجا يكفِه الله ينجو وخيرته ما قدّرَ الله | |
ومن دعا الله في اللأواءِ أنقذهُ | وكلُّ كربٍ شديد يكفِه الله |
إن كنت لا ترهبُ ذمّي لما
تعرفُ من صفحي عن الجاهلِ
فاخشَ سكوتي واستماعي لما
يؤثرهُ فيك خنا القائلِ
كمْ إلى كمْ أنتَ للحرصِ | وللآمالِ عبدُ | |
ليسَ يُجدي الحرصُ والسعيُّ ما لما قد قدّرَ الله | إذا لم يكُ جَدُّ من الأمرِ مرَدُّ |
ما الجودُ عن كثرةِ الأموالِ والنشبِ
ولا البلاغةُ في الإكثارِ بالخطبِ
ولا الشجاعةُ عن جِسمٍ ولا جَلَدِ | ولا الأمانةُ إرثٌ عن أبٍ فأبِ | |
لِكنها هِمَمٌ أدَّت إلى نُجُحٍ | في كُلّش ذاكَ بِطبعٍ غيرُ مُكتَسبِ |
الأسود بن يَعفر:
إنَّ المنيّةَ والحتوفَ كِلاهما | يُوفي المخارِمَ يُرقبان سوادي | |
لن يرضيا مني وفاءَ رهينةٍ | من دونِ نفسي طارفي وتلادي |
فإذا النعيمُ وكلُّ ما يُلهى به
يوماً يصيرُ إلى بلىً ونفاد
علباء:
والعيشُ مُنقطِعٌ وإن أحببتهُ | والموتُ موردهُ الهيوبُ النافرُ |
الحارث بن نمر التنوخي
وقد تسلبُ الأيام حالات أهلها | وتعدو على أسد الرجال الثعالب |
الببغاء(أبو الفرج عبد الواحد المخزومي):
وقد كان حسنُ الظنِّ بعضَ مذاهبي | فأدّبني هذا الزمانُ وأهلُهُ |
أكلُّ وميضِ بارقةٍ كذوبُ تشابهتِ الطّباعُ فلا دنىء | أما في الدّهرِ شىءٌ لا يُريبُ يَحنُّ إلى الثناءِ ولا حسيبُ | |
وشاعَ البُخلُ في الأشياءِ حتى | يكادُ يشحُّ بالريحِ الهبُوبُ | |
فكيفَ أخصُّ باسمِ العيبِ شيئاً | وأكثرُ ما نشاهدهُ مَعيبُ |
سعدى بنت الشمردل:
ولقد بدا لي قبلُ فيما قد مضى | وعلمتُ ذاكَ لو أنَّ علماً ينفعُ | |
أنَّ الحوادثَ والمنونَ كليهما | لا يُعتبانِ ولو بكى من يَجزعُ | |
ولقد علمتُ بأنَّ كلَّ مؤخَرِ | يوماً سبيلَ الأوَّلينَ سيتبعُ |
جليلة أخت جساس:
يا ابنةَ الأقوام إن شئتِ فلا | تعجلي باللومِ حتى تسألي | |
فإذا أنتِ تبيّنتِ الذي | يُوجبُ اللومَ فلومي واعذلي |
هند بنت النعمان
وما نُبالي إذا أرواحنا سَلِمتْ | بما فقدناهُ من مالٍ ومنِ نَشَبِ | |
فالمالُ مُكتسبٌ والعزُّ مُرتجعٌ | إذا النفوسُ وقاها الله من عَطبِ |
نهار بن توسعة وقيل عبد الرحمن بن حسان :
فلا ويمينِ الله مالا عنْ جِنايةٍ | هُجرِتُ ولكنَّ الظَّنينَ ظنينُ |
بشر بن أبي خازم الأسدي:
اضرعْ إلى الله لا تضرع إلى الناس | واقنعْ بيأسٍ فإنَّ العزَّ في الياسِ | |
واستغنِ عن كلِّ ذي قربى وذي رحمٍ | إنَّ الغنيّ من استغنى عن الناسِ |
لكن لك في قومي يدٌ يشكرونها
وأيدي النّدى في الصالحين قروض
هوى في مُلحدٍ لا بُدَّ منهُ رهينُ بِلىً ،وكلُّ فتى سيبلى | كفى بالموتِ نأياً واغترابا فأذري الدمعَ وانتحبي انتحابا | |
مضى قصدُ السبيلِ وكلُّ حيٍّ | إذا يُدعى لميتتةٍ أجابا |
ألا أبلغ بني سعدٍ رسولاً
ومولاهم فقد حلبتُ صرامُ
نسومكم الرّشادَ ونحنُ قومٌ
لتاركِ ودِّنا في الحربِ ذامُ
أحقٌّ ما رأيتُ أم احتِلامُ | أم الأهوالُ إذ صحبي نيامُ | |
ألا ظعنتْ لنيّتها إدامُ | وكلُّ وصالِ غانيةٍ رِمامُ |
وغَيّرها ما غيّرَ الناسَ قَبلها
فناءتْ،وحاجاتُ النفوسِ تُصيبُها
فباتَ يقولُ اصبِحْ ليلُ حتى | تجلّى عن صرعيه الظّلام |
سائل تميماً في الحروبِ وعامراً
وهلِ المُجرّب مثلُ من لم يعلم؟
هل لعيشٍ إذا مضى لزوالٍ | من رجوع أم هل مثمرُ مال | |
ما رأيتُ المنون عرَّينَ حيّاً | لا لعدمٍ ولا لكثرةِ مال |
ثوى في مَلحدٍ لا بُدَّ منه
كفى بالموتِ نأياً واغترابا
ومن عجبِ الدنيا تُبقيكَ للِبلى | وأنتَ فيها للبقاءِ مُريدُ | |
وأيُّ بني الأيامِ إلا وعندهُ | من الدّهرِ ذنبٌ طارفٌ وتليدُ |
ومن يأمنِ الأيامَ أمّا اتساعها
فخطرٌ وأمّا فجعها فعتيد
إذا اعتادتِ النّفسُ الرّضاعَ عن الهوى | فإنَّ فطامَ النّفسِ عنهُ شديدُ |
بشر بن الحارث:
أقسمُ بالله لَرضحُ النّوى أعزُّ للإنسانِ من حِرصهِ | وشُربُ ماء القُلب المالحه ومن سؤالِ الأوجهِ الكالحهْ | |
فاستغنِ باليأسِ تكنْ ذا غِنىً | مغتبطاً بالصفقةِ الرابحهْ | |
اليأسُ عزٌّ والتُقى سؤددٌ | ورغبةُ النّفسِ لها فاضحهْ | |
من كانتِ الدنيا بهِ برّة | فإنها يوماً لهُ ذابحهْ |
قطعُ الليالي مع الأيامِ في خلق
والنومُ تحتَ رواقِ الهمِّ والقلقِ
أحرى وأعذر لي من أن يُقالَ غداً
إني التمستُ الغِنى من كفِّ مختلقِ
عبيد الله بن الحرّ الجعفي:
لو متُّ في قومي ولم آتِ عجزةً | يُضّعفني فيها امرؤٌ غيرُ عادلِ | |
وأكرِمْ بها من ميتةٍ لو لقيتها | أطاعنُ عنها كلَّ خِرْقٍ مُنازلِ |
إذا ما رأيتَ السن لا تعظ امرءاً
قديماً وقد قاسى الأمورَ وجرّبا
فدعهُ وما استهوى عليه فإنّهُ
ضعيفٌ ونكب عنه كيف تنكّبا
ومن كانَ ذا بابٍ شديدٍ وحاجبٍ | فعمّا قليل يهجرُ البابَ حاجبهْ |
العديل العجلي:
أهمُّ فتثنيني أواصرُ بَيننَا | وأيدٍ حسانٍ لا أودّي لها شكراً |
النمر بن تولب
لا تجزعي إن مُنفِساً أهلكتُهُ | وإذا هلكتُ فعند ذلك فاجزعي |
النضر بن أبي النضر التميمي:
فما كل ما يخشى الفتى بمصيبه | ولا كلُّ ما يرجو الفتى هو نائل |
المبلد بن حرملة:
شكا إليَّ جَملي طولَ السُّرى | صبرٌ جميلٌ فكلانا مُبتلى |
أبو الأعور سعيد بن زيد بن نفيل:
ويكأنَّ من لهُ نَشَبٌ يُحبّ | ومن يفتقر يعِشْ عيشَ ضُرِّ | |
ويُجّنب سرَّ النجي ولكنَّ | أخا المالِ مُحضَرٌ كلَّ سِرِّ |
سحيم:
رأيتُ الحبيبَ لا يُملُّ حديثهُ | ولا ينفعُ المشنوءَ أن يتودّدا |
بشامة بن الغدير:
إن التي سامكم قومكم | هم جعلوها عليكم عدولا | |
أخزي الحياة وخزي الممات | وكلا أراه طعاماً وبيلاً | |
فإن لم تكن غير إحداها | فسيروا إلى الموتِ سيراً جميلا | |
ولا تقعدوا ولكم منّة | كفى بالحوادثِ للمرءِ غولا |
هوانُ الحياة وخزي الممات
وكلاّ أراهُ طعاماً وبيلا
معقر بن أوس بن حمار البارقي وقيل سفيان بن أوس بن حمار:
فألقت عصاها واستقرّ بها النوى | كما قرَّ عيناً بالإيابِ المسافِرُ |
الهذلي
وإن سياسةَ الأقوامِ فاعلمْ | لها صعداءُ مطلعَها طويلُ |
عبد الله الحارثي
لا تيأسنَّ إذا ما ضِقتَ من فرجٍ | يأتي به الله في الرّوحاتِ والدُّلجِ | |
فما تجرّعَ كأسَ الصبرِ مُعتصم | بالله إلا أتاه الله بالفرجِ |
علقمة الفحل:
وشامتٍ بي لا تخفى عداوتهُ | إذا حِماميَ ساقتهُ المقاديرُ | |
إذا تضّمني بيتٌ برابيةٍ | آبوا سِراعاً وأمسى وهو مهجورُ |
ومُطعِمُ الغُنمِ يومَ الغُنمِ مُطعِمهُ
أنّى توجه والمحرومُ محرومُ
ذهبتَ من الهجرانِ في كُلِّ مذهبِ | ولم يكُ حقاً كلُّ هذا التَجنُّبِ |
ترى الشرَّ قد أفنى دوائِرَ وجههِ
كَضَبِّ الكُدى أفنى أنامِلهُ الحَفرُ
أخا ثقةٍ لا يلعنُ الحيُّ شخصهُ | صبوراً على العِلاتِ غيرِ مُسبَّبِ |
إذا عرفوا ما قدّموا لنفوسهمْ
من الشرِّ إنَّ الشر مُردٍ أراهطا
فلم أرَ يوماً كان أكثر باكياً
وأكثرَ مغبوطاً يُجلّ وغابطا
هل ما علمت وما استودعت مكتوم | أم حبلها إذ نأتك مصرومُ | |
أم هل كبير بكى لم يقض عبرته | إثر الأحبة يوم البين مشكوم | |
لم أدر بالبين حتى أزمعوا ظعنا | كل الجمال قبيل الصبح مزموم | |
يحملن أترجة نضخ العبير بها | كأن تطيابها في الأنف مشموم |
علقمة بن عبدة(
علقمة الفحل):
وكلُّ قوم وإن عزّوا وإن كَثروا | عزيزهم بأثافي الدهر مرجوم | |
والجود نافيةٌ للمالِ مهلكة | والبخلُ مُبقٍ لأهليه ومذموم | |
والحمدُ لا يُشترى إلا لهُ ثمن | مما تضنُّ به النفوسُ معلوم | |
والجهلُ ذو عَرضٍ لا يُسترادُ له | والحلمُ أونةً في الناسِ معدوم |
علقمة الفحل:
ومُطعَمُ الغُنم يومَ الغُنم مُطعمَه | أنى توجّه والمحرومُ محرومُ | |
ومن تعرض للغربانِ يزجرُها | على سلامته لا بد مشؤوم | |
وكلُّ بيتٍ وإن طالت إقامتُه | على دعائمهِ لابُدَّ مهدوم | |
وقد أصاحب فتيانا طعامهم | خضر المزاد ولحم فيه تنشيم |
علقمة الفحل:
تبلّغني دار امرىءٍ كانَ نائياً | فقد قَرّبتني من نداكَ قروبُ | |
وأنتَ امرؤٌ أفضتْ إليكَ أمانتي | وقبلكَ رَتبتني فضِقت ربوبُ | |
وأنت الذي آثارهُ في عَدوّهِ | من البؤسِ والنعمى لهن ندوبُ |
وفي كلِّ حيٍّ قد خَبطت بنعمةٍ
فحقٌ لشاكٍ من نداكَ ذَنوبُ
وما مثلُهُ في الناسِ إلا قبيلُهُ
مُساءٍ ولا دانٍ لذاكَ قريبُ
فلا تحرمني نائلاً عن جَنايةٍ
فإني امرؤٌ وسطَ القبابِ غريبُ
يقول رجالٌ من صديقٍ وحاسدٍ | أراكَ أبا الوضاحِ أصبحت ثاويا | |
فلا يعدمُ البانونَ بيتاً يكنَّهم | ولا يعدمُ الميراثَ مني المواليا | |
وجفّت عيونُ الباكياتِ وأقبلوا | إلى مالهم،قد نِبتُ عنهُ،وماليا | |
حراصاً على ما كنتُ أجمعُ قبلهم | هنيئاً لهم جمعي وما كنتُ وانيا |
محمد بن مناذر:
كلُّ حيّ لاقي الحِمام فَمُودي | ما لحيٍّ مُؤَّملٌ من خلودِ | |
لا تهابُ المنونُ شيئاً ولا ترا | عى على والدٍ ولا مولودِ | |
ولقد تترك الحوادثُ والأ | يامُ وهياً في الصخرة الجلمودِ | |
وأرانا كالزرعِ يحصدهُ الد | هرُ فما بينَ قائمٍ وحصيدِ | |
وكأنّا للموتِ ركبٌ مُخبّو | نَ سراعاً للمنهلِ المورودِ |
ابن جبير الرحالة الأندلسي:
أراكَ صحبتَ حياة الغرورِ | وتسحبُ جهلاً ذيولَ اغترارِ | |
ألستَ ترى كدراً صفوها | ونجمكَ قد مالَ يبغي انكدار | |
وكيفَ تنامُ على غرّةٍ | وسيفُ المنيّةِ ماضي الغرارِ | |
فلو كنتَ تحذرُ صرفَ الرّدى | إذاً انفى النومُ عنكَ الحِذارِ |
عبرتَ مراحل عمرِ الأشدِّ
ولستَ أرى لكَ فيها اعتبار
وجرتَ بها عن طريق الهدى
صلاةً وتعدو على أن تُجار
أتاكَ الرحيلُ فشمر لهُ
فإما إلى جنّةٍ أو لنارِ
وكيفَ تقرُّ بدنياكَ عيناً
ولم تدرِ أين يكونُ القرار
البعيث المجاشعي:
ولستُ بمفراح إذا الدهرُ سرّني | ولا جازع من صرفه المُتقلّبِ | |
ولا أتمنى الشرَّ والشر تاركي | ولكن متى أحمل على الشرِّ أركبِ | |
ويعتدّهُ قوم كثيرٌ تجارةً | ويمنعني من ذلك ديني ومنصبي | |
فإن مسيري في البلاد ومنزلي | لبا لمنزل الأقصى إذا لم أقربِ |
عبد الله بن أيوب التميمي:
ومن عَجبٍ قَصدنَ له المنايا | على عَمدٍ وهُنَّ له جنود |
عبد الصمد بن المُعذَّل:
هي النفسُ تجزي الودَّ بالودِّ أهلَه | وإن سُمتها الهجرانَ فالهجرُ دينُها | |
إذا ما قرينٌ بتَّ منها حِباله | فأهونُ مفقودٍ عليها قرينُها | |
لبئسَ مُعارُ الودِّ من لا يودّهُ | ومستودعُ الأسرارِ من لا يصونها |
تيهُ الملوكِ إذا فَلسٌ ظفرتَ بهِ
وحينَ تفقدهُ ذلُّ المساكينِ
وقائلٍ لي ما يُضنيكَ قلتُ له
شخصٌ ترى عينهُ عيني فيضنيني
أفنى بحدِّ السيفِ آجالَ العدا | وسيوفهُ وعوالي المُرّانِ | |
والضربُ يفعل بالحسامِ وحدِّهِ | ما تفعلُ الآجالِ بالإنسان |
لَعمرُ التي وعدتك الثراء
بجدوى النسيبِ ورِفدِ الخليلِ
لقد قذفت بكَ صعبَ المرام
واستجملت لك غير الجميلِ
أنتَ بينَ اثنتين تبرزُ للناس لستَ تنفكُّ طالباً لوصالٍ | وكلتاهما بوجهٍ مذالِ من حبيبٍ أو طالباً لنوالِ | |
أيُّ ماءٍ لِحُرِّ وجهكَ يبقى | بين ذُلِّ الهوى وذُلِّ السؤال |
عبد الصمد بن المُعذل:
عبد الصمد بن المُعذل:
سأقنى الكفاف وأرضى العفافَ | فليسَ غنى المرءِ حوزَ الخيولِ | |
ولا أتصدى لمدحِ الجوادِ | ولا أستعدُّ لذمِّ البخيلِ | |
وأعلمُ أن نباتِ الرجاءِ | تُحلُّ العزيزَ محلَّ الذليلِ | |
وأن ليسَ مستغنياً بالكثيرِ | من ليسَ مُستغنياً بالقليلِ |
مليل بن دهقانة التغالبي:
ألا ليسَ الرزيّة فقد مال
ولا شاةٌ تموتُ ولا بعيرُ
ولكن الرزيّة فقدُ قومٍ
يموتُ لموتهم خَلْقٌ كثيرُ
ساعدة بن جؤية:
شابَ الغرابُ ،ولا فؤادَكَ تارِكٌ
ذِكرَ الغَضوبِ،ولا عتابُكَ يُعتَبُ
عمر بن الشهيد:
سَبطُ البَنانِ كأنَّ كلَّ غمامةٍ
قد رُكِّبتْ في راحتيهِ أناملا
لا عيشَ إلا حيثُ كنتَ،وإنّما
تمضي ليالي العمر بعدك باطلا
ابن المقري:
زيادةُ القولِ تحكي النقصَ في العملِ
ومنطقُ المرءِ قد يهديه للزلّلِ
إنَّ اللسان صغيرٌ جرمهُ وله
جرمٌ عظيمٌ كما قد قيلَ في المثلِ
فكم ندمتَ على ما كنتَ فهتَ بهِ
وما ندمتَ على ما لم تكن تقلِ
أبو يعلى بن الهبارية:
لما علا الجُهالُ في أيامنا
ورقوا ونالوا منزلاً وسريرا
أخفيتُ علمي واطّرحتُ فضائلي
عليَّ أكونُ إذا جهلتُ أميرا
ذو الاصبع العدواني
فإن يُصبكَ من الأيام جائحةٌ
لم أبكِ منكَ على دنيا ولا دين
أنس بن زنيم:
لقد كنتُ أسعى في هواكَ،وأبتغي
رضاكَ،وأعصي أسرتي والأدانيا
حِفاظاً وإشفاقاً لما كانَ بينَنا
لتجزيني يوم،فما كنتَ جازيا
أراني إذا ما شِمتُ منكَ سحابةً
لِتُمطرني عادتْ عجاجاً وسافيا
إذا قلتُ نالتني سماؤُكَ،يمانَتْ
شآبيبُها وانعنجرتْ عن شماليا
وأدليتُ دلوي في دلاءٍ كثيرةٍ
فأُبنَ ملاءً غير دلوي كما هيا
أأقصى،ويُدنى من يُقَصِّرُ رأيهُ
ومن ليس يُغني عنكَ مثلَ غنائيا
ابن الأسلت:
أسعى على جلِّ بني مالك
كلُّ امرىءٍ في شأنهِ ساعِ
محمد بن عبد الملك الزيات:
ألا من عذير النفس ممّن يلومها
على حُبّها جهلاً ألا من عذيرها؟
تذكرتُ أياماً تولّى سرورُها
فدر لعيني عند ذاك درورها
فبتُّ كأنّي بالنجومِ مُوكل
أقلّبُ فيها مقلتي وأديرها
ألا يا لها من ليلة حار نجمها
وغاب الكرى فيها وطال قصيرُها
نِعمَ الخليفةُ للرعيّةِ من إذا
رقدتْ وطابَ لها الكرى لم يرقُدِ
ألم ترَ أنَّ الشىء للشىءِ عِلّةٌ
يكونُ له كالنارِ تُقدَحُ بالزّندِ
كذلكَ جرّبنا الأمورَ وإنّما
يَدُلك ما قد كان قبلُ على البُعدِ
سيف الدين الآمدي:
حسدوا الفتى إذ لم ينالوا سعيَهُ
فالقومُ أعداءٌ لهُ وخصومُ
قيس بن الملوح
كَعصفورة في كفِّ طفل يسومها
حياض الردى،والطفل يلهو ويلعب
دعبل:
وما الناسُ إلا حاسدٌ ومُكِّذبٌ | ومضطغنٌ ذو إحنةٍ وتراتِ | |
لقد لا ينوهُ في المقالِ وأضمروا | قُلوباً على الأحقادِ مُنطوياتِ | |
فيا نفسُ طيبي ثمَّ يا نفسُ ابشري | فغيرُ بعيدٍ كلُّ ما هو آتِ | |
ولا تجزعي من مُدَّةِ الجَورِ إنني | كأنّي بها قد آذنتْ ببتاتِ |
إني لأهجون من يجود بمالهِ
أتظنني أدعُ اللئيمَ الواضعا
أُحاوِلُ نقلَ الشمسِ من مُستقرها | وإسماعَ أحجارٍ من الصلدات | |
فَمن عارفٍ لم ينتفع ومُعاندٍ | يميلُ مع الأهواء والشهوات | |
إذا قلتُ عُرفاً أنكروهُ بمُنكرٍ | وغطوا على التحقيقِ بالشبهاتِ | |
كأنّكَ بالأضلاعِ قد ضاقَ رحبُها | لِما ضُمّنتْ من شدّةِ الزفراتِ |
تمّتْ مقابحُ وجههِ فكأنّهُ
طللٌ تحمّلَ ساكنوهُ فأوحشا
تلكَ المساعي إذا ما أخَّرتْ رجلاً | أحبَّ للناسِ عَيباً كالذي عابَهْ | |
كذاكَ من كانَ هَدمُ المجدِ عادَتهُ | فإنّهُ لبناءِ المجدِ عَيابَهْ |
كذاكَ الليالي صرفهُن كما ترى
لكُلِّ أناسٍ جَدبة وربيع
فلو أني بُليتُ بهاشمي | خؤولتهُ بنو عبد المدان | |
صبرت على عداوته ولكن | تعالي فانظري بمن ابتلاني |
وأفضل ما يأتيه ذو الدين والحجا
إصابةُ شكرٍ لم يضِعْ منه أجرُ
وإنَّ أولى البرايا أن تُواسيهُ | عندَ المسرّةِ من آساكَ في الحَزَنِ | |
إنَّ الكِرامَ إذا ما أسهلوا ذكروا | من كان يألفهمْ في الموطنِ الخشنِ |
أصلحتني بالبِرِّ بل أفسدتني
وتركتني أتسَّخطُ الإحسانا
تَبيّنْ،فكم دارٍ تفرَّقَ شَملُها | وشملٍ شتيتٍ عاد وهو جميعُ | |
كذاك الليالي صَرفُهنَّ كما ترى | لِكُلِّ أُناسٍ،جَدبةٌ وربيعُ |
فعلى أيمانِنا يجري النّدى
وعلى أسيافِنا تجري المُهج
مساعيَ لا يعيا المقالُ بذكرها
وينفدُ ذكرُ الناسِ وهيَ كما هيا
يا ليتَ شعري كيفَ نَومكُمَا | يا صاحبيَّ إذا دمي سُفِكا | |
لا تأخذا بظُلامتي أحداً | قلبي وطرفي في دمي اشتركا |
يُلامُ أبو الفضلِ في جودهِ
وهل يملكُ البحرُ ألا يفيضا
لَعمرُ أبيكَ ما نُسِبَ المُعلّى | إلى كَرَمٍ وفي الدنيا كريمُ | |
ولكنَّ البلادَ إذا اقشعرّتْ | وصوَّحَ نبتُها رُعيَ الهشيمُ |
فعلى أيمانِنا يجري النّدى
وعلى أسيافِنا تجري المُهج
نعوني ولّما ينعني غيرُ شامتٍ | وغيرُ عدوٍّ قد أُصيبتْ مقاتلهْ | |
يقولونَ إن ذاق الردى مات شِعرهُ | وهيهاتَ عمرُ الشعرِ طالتْ طوائلهْ | |
سأقضي ببيتٍ يَحمدُ الناسُ أمرَهُ | ويُكثرُ من أهلِ الروايةِ حاملهْ | |
يموتُ ردىء الشعرِ من قَبلِ أهلهِ | وجيدُهُ يبقى،وإن ماتَ قائلهْ |
إنّي أنا السيفُ لا تُرضيكَ جدَّتُهُ
وليسَ يُرضيكَ إلا بعد إخلاقِ
جئتُكَ مُتَشفعاً بلا سببِ | إليكَ إلا بِحرمةِ الأدبِ | |
فاقضِ ذمامي فإنّني رجلٌ | غيرُ مُلّحٍ عليكَ في الطلبِ |
تنافسَ فيهِ الحزمُ والبأسُ والتُّقى
وبذلُ اللُّها،حتى أصبحنَ ضرائرا
وقد قطعَ الواشونَ ما كانَ بيننا | ونحنُ إلى أن يُوصلَ الحبلُ أحوجُ | |
رأوا عورةً فاستقبلوها بألبهم | فلم يَنههم حِلمٌ ولم يتحرّجوا | |
وكانوا أُناساً كنتُ آمنُ غيبهم | فراحوا على ما لا نُحبُّ فأدلجوا |
اسقِهم السُّمَّ إن ظفرتَ بهم
وامزجْ لهم من لسانكَ العسلا
مهدت له ودّي صغيراً ونصرتي | وقاسمتهُ مالي وبرأته حجري | |
وقد كان يكفيه من العيشِ كلّه | رجاء ويأس يرجعان إلى الفقر | |
وفيه عيوب ليس يحصى عدادها | فأصغرها عيباً يجلّ عن الفكر | |
ولو أنني أبديتُ للناسِ بعضها | لأصبح من بصقِ الأحبّة في بحر | |
فدونكَ عِرضي فاهجُ حيّاً وإن أمت | فأقسم إلا ما خريت على قبري |
فرحمةُ الله على مسلمٍ
أرشدَ مفقوداً إلى فاقدِ
وما تُنسنا الأيامُ لا تنسَ جوعنا | بدارِ بني بدرٍ وطولَ التلدُّدِ | |
ظلِلنا كأنّا بينهم أهلُ مأتمٍ | على ميتٍ مُستودع بطنَ مُلحدِ | |
يُحدّثُ بعضٌ بعضنا عن مُصابهِ | ويأمرُ بعضُ بعضنا بالتَجلُّدِ |
جئنا به يشفع في حاجة
فاحتاج في الأذن إلى شافع
وإذا التمست دخول أمر فالتمس | من قبلِ مدخلهِ سبيلَ المخرجِ |
وقالت وقد ذكرتها عهد الصّبا
باليأسِ تقطعُ عادةُ المُتعوّد
ولكنّني لما أتيتُكَ زائراً | فأفرطتَ في برّي وعجزتُ عن الشّكرِ | |
فإن زدتني برّاً تزيّدتُ جفوةً | فلا نلتقي حتى القيامة والحشر |
صبرتُ وكانَ الصبرُ مني سجيّةٌ
وذلكَ أنَّ الله أثنى على الصّبرِ
ذَممتُكَ أولاً حتى إذا ما | بلوتُ سواكَ عادَ الذمُّ حمدا | |
فلم أحمدكَ من خيرٍ ولكن | رأيتُ سواكَ شراً منكَ حدّا | |
فعدتُ إليكَ مُجتدياً ذليلاً | لأنّي لم أجد من ذاكَ بُدا | |
كَمجهودٍ تحامى لحمَ ميتٍ | فلما اضطرَ عادَ إليهِ شدّا |
إنَّ الكريمَ إذا حرّكتَ نسبتهُ
سمتْ بهِ سامياتُ المجدِ والهِممِ
فإن كنتَ تعجبُ ممّا ترى | فما سترى بعدهُ أعجبُ | |
فإن كنتَ تحسبني جاهلاً | فأنتَ الأحقُّ بما تحسبُ | |
ولو كنتُ أملكُ عنكَ الدفاعَ | دفعتُ،ولكنني أغلبُ |
ولستُ أرجو انتصافاً منك ما ذرفت
عيني دموعاً وأنتَ الخصمُ والحكمُ
غششت الهوى حتى تداعت أصوله | بنا وابتذلت الوصل حتى تقطّعا | |
وأنزلتَ ما بين الجوانحِ والحشا | ذخيرة ودّ طالما قد تمنّعا | |
فلا تعذلني ليس لي فيكَ مطمعٌ | تخرّقتَ حتى لم أجد لك مرقعا | |
فَهبكَ يميني استأكلتْ فقطعتها | وصبرّتُ قلبي بعدها فتشجّعا |
ما يصنعُ الشيخُ بالعذراءِ يملكها
كَجوزةٍ بين فكي أدردٍ خَرِفِ
إن رامَ يكسرها بالسنِّ تُثلمهُ
وكسرُها راحةٌ للهائمِ الدَنفِ
إذا ما أعضلَ الأمرُ | دفعنا الشرَّ بالشرِّ | |
وما للِحرِّ منجاةٌ | كَمثلِ السيفِ والصّبرِ |
إني هززتُكَ لا آلوكَ مُجتهداً
لو كنتَ سيفاً ولكني هززتُ عصا
ولا تُعطِ ودَّكَ غيرَ الثقاتِ | وصفوَ المودّةِ إلا لبيبا | |
إذا ما الفتى كانَ ذا مُسكة | فإنّ لحاليهِ منه طبيبا | |
فبعضُ المودّة عند الإخاءِ | وبعضُ العداوةِ كي تستنيبا | |
فإنَّ الحبَّ يكونُ البغيضَ | وإنَّ البغيضَ يمونُ الحبيبا |
سألنا خلعةً على ما تغنّى
فجعلنا على قفاه النعالا
نعوني ولمّا ينعيني غيرَ شامتٍ | وغيرُ عدوٍّ قد أصيبتْ مقاتلهْ | |
يقولون:إن ذاقَ الرّدى ماتَ شعرهُ | وهيهاتَ عمرُ الشعرِ طالت طوائلهْ |
أترى الزمانَ يَسرّنا بتلاقِ
ويضمُّ مشتاقاً إلى مشتاقِ
أخنى الزمانُ على أهلي فصدعهم | تصدّع الشّعبِ لاقى صدمة الحجرِ | |
بعضٌ أقام،وبعضٌ قد أهابَ به | داعي المنيّة،والباقي على الأثرِ | |
أما المقيمُ فأخشى أن يفارقني | ولستُ أوبة من ولّى بمنتظر | |
أصبحتُ أخبرُ عن أهلي وعن ولدي | كحالمٍ قصّ رؤيا بعد مدّكرِ |
إنَّ القليلَ الذي يأتيكَ في دعة
هو الكثيرُ فأعفِ النفسَ من تعبِ
لا قسم أوفرُ من قسمٍ تنالُ بهِ
وقاية الدين والأعراضِ والحسبِ
أحوطُكَ بالودِّ الذي أنتَ حائطي | وأيجعُ إشفاقاً لأن تتوجعا | |
فصيّرتني بعد انتحائكَ مُتهماً | لنفسي،عليها أرهبُ الخلقَ أجمعا |
خبرتُ الهوى حتى عرفتُ أمورَهُ
وجرّبتهُ في السرِّ منه وفي الجهرِ
فلا البعدُ يُسليني ولا القربُ نافعي
وفي الطمعِ الأدواءِ واليأسُ لا يُبري
زمني بِمُطلّبٍ،سُقيتَ زمانا | ما كنتَ إلا روضة وجنانا | |
كلُّ الندى ـ إلا نداك ـ تكلّفٌ | لم أرضَ بعدكَ كائناً من كانا | |
أصلحتني بالبرِّ، بل أفسدتني | فتركتني أتسخطُ الإحسانا |
فتىً كنتُ أرجوهُ وآملُ يومَهُ
وأشفق أن يغتالهُ حدثُ الدهرِ
فلما تبوأ منزل اليسر والغنى
رمى أملي منه بقاصمة الظهرِ
لا تحسبن جهلي كَحلمِ أبي ،فما | حلمُ المشايخِ مثلُ جهلِ الأمردِ |
ما أضيعَ الغمدَ بغير نصلهِ
والعُرْفَ ما لم يكُ عند أهلهِ
ولستُ بقائلٍ قَذْعاً ولكن | لأمرٍ ما تعبدّكَ العبيدُ |
يا ربِّ إن غنى اللئيمِ يسؤوني
فاصرفْ غناهُ إلى الجوادِ المفلسِ
وأحزمُ الناسِ من يلقى أعديهُ | في جسمِ حقدٍ وثوبٍ من مودّاتِ | |
وأُظهرُ البِشرَ للإنسانِ أبغضُهُ | كأنّهُ قد حشى قلبي محبّاتِ |
من معشرٍ إن تدعهم لِمُلّمةٍ
وصلوا الحياة إلى العلا بحديد
هدايا الناس بعضهم لبعضٍ | تُولِّدُ في قلوبهمُ الوصالا | |
وتُودعُ في الضميرِ هوىً وودّاً | وتكسوهم إذا حضروا جمالا |
ما أعجبَ الدّهرَ في تصرّفهِ
والدّهرُ لا تنقضي عجائبه
فكم رأينا في الدهرِ من اسدٍ
بالت على رأسهِ ثعالبه
وما المرءُ إلا الأصغران:لسانهُ | ومعقولهُ،والجسمُ خلقٌ مُصوّرُ | |
وإن طُرّةٌ راقتكَ فانظر فرُبما | أمرَّ مذاقُ العودِ والعودُ أخضرُ |
هيهاتِ،كلُّ امرىءٍ رهنٌ بما كسبتْ
لهُ يداه،فُخذ ما شئتَ أو فَذَرِ
جئتُكَ مُسترفداً بلا سببِ | إليكَ إلا بحُرمةِ الأدبِ | |
فاقضِ ذمامي فإنني رجلٌ | غيرُ ملحٍ عليكَ في الطلبِ |
يشفى غليلُكَ في الديار بقدر ما
فاضت بها من مقلتيك نجومُ
فإذا انقضتْ حرقُ البكا عاد الهوى
وترادفتك مع الهموم همومُ
إني من القوم الذين سيوفهم | قتلت أخاك،وشرّفتك بمقعدِ | |
رفعوا محلّكَ بعد طولِ خمولهِ | واستنقذوكَ من الحضيضِ الأوهدِ |
قالتْ وقد ذكّرتها عهدَ الصِّبا
باليأسِ تقطعُ عادةُ المعتادِ
إلا الإمامَ فإنَّ عادةَ جودهِ
موصولةٌ بزيادةِ المُزدادِ
لَعمرُ أبيكَ ما نُسِب المُعلّى | إلى كرمٍ وفي الدنيا كريمُ | |
ولكنَّ البلادَ إذا اقشعرت | وصوّحَ نبتها رُعي الهشيم |
خليليَّ ماذا أرتجي من عند امرىءٍ
طوى الكَشحَ عني اليوم وهو مكينُ
وإنّ امرأً قد ضنَّ منهُ بمنطقٍ
يسدُّ بهِ فقرَ امرىءٍ لضنين
وأرى النوالَ يزينهُ تعجيلهُ | والمطلُ آفةُ نائلِ الوهاب |
يا جوادَ اللسانِ من غيرِ فعلٍ
ليتَ في راحتيكَ جودَ اللسانِ
وصاحبٍ مُغرمٍ بالجودِ قلتُ له | والبخلُ يصرفهُ عن شيمة الجودِ | |
لا تقضينْ حاجةً أتعبتَ صاحبها | بالمَطلِ منكَ فترزأ غير محمودِ | |
كأنني رحتُ منهُ حين نوّلني | بمدمجِ الصدرِ من منيّتهِ مقدودِ | |
كأنَّ أعضاءَهُ في كلِّ مكرمة | ينزعنَ مستكرهاتٍ بالسفافيدِ |
أُسودٌ إذا ما كانَ يومُ وليمةٍ
ولكنهم يومَ اللقاءِ ثعالبُ
لا خيرَ فيكَ سوى كلامٍ طيبٍ | ومواعدٍ تدني،وفعلٍ يُبعدِ |
الناسُ كلُّهمُ يغدو لحاجتهِ
من بينِ ذي فرحٍ منها ومهمومِ
أأسبلتَ دمعَ العينِ بالعبراتِ | وبِتَّ تُقاسي شدّةَ الزفراتِ | |
وتبكي على آثارِ آلِ محمدٍ فقد | ضاقَ منكَ الصدرُ بالحسراتِ | |
ألا فابكهم حقاً وأجر عليهم | عيوناً لريبِ الدهرِ منسكباتِ |
ومالكٌ ظلَّ مشغولاً بنسبتهِ
يرُمُّ منها بناءً غيرَ مرمومِ
يبني بيوتاً خراباً لا أنيسَ بها
ما بين طوق إلى عمرو بن كلثوم
ألا ما لعيني بالدموعِ استهلّتِ | ولو فقدتْ ماء الشؤونِ لقرّتِ | |
على من بكتهُ الارضُ واسترجعتْ | له رؤوسُ الجبالِ الشامخاتِ وذلّتِ | |
وقد أعولت تبكي السماءُ لفقدهِ | وأنجمها ناحت عليه وكلّتِ | |
فنحنُ عليه اليومَ أجدرُ بالبُكا | لمرزئةٍ عزّتْ لدينا وجلّتِ |
سويد المراثد:
إنّي إذا ما الأمرُ بين شكه
وبدت بصائره لمن يتأملِ
وتبرأ الضعفاء من إخوانهم
وألحّ من حرّ الصميم الكلكلِ
أدع التي هي أرفق الخلات بي
عند الحفيظة للتي هي أجمل
عمارة اليمني
ولا تغترّ منهم بِحسنِ بشاشة | فأكثرُ إيماضِ البوارق خلّبُ |
مضرس بن ربعي:
تمنيتُ أن ألقى سليماً ومالكاً
على ساعةٍ تُنسي الحليم الأمانيا
يزيد بن الحكم الكلابي:
دفعناكمُ بالقولِ حتى بطرتمُ
وبالراحِ حتى كان دفعَ الأصابعِ
فلما رأينا جهلكم غيرَ مُنتهٍ
وما غابَ من أحلامكم غيرَ راجعِ
مسسنا من الآباءِ شيئاً وكلّنا
إلى حسبٍ في قومهِ غير واضعِ
فلما بلغنا الأمهات وجدتمُ
بني عمكم كانوا كرامَ المضاجعِ
محمد بن حازم الباهلي
كأنَّ الغنى عن أهلهِ بُوركَ الغنى | بغيرِ لسانٍ ناطقٍ بلسانِ |
سابق البربري:
استخبِرِ الناسَ عمّا أنتَ جاهِلهُ
من الأمورِ فقد يجلو العمى الخَبرُ
فإن أقمتَ على أن لا مساءلةٌ
فلستَ تعرِفُ ما تأتي وما تذرُ
قِسْ بالتجاربِ أحداثَ الزمانِ كما
تقيسُ نعلاً بنعلٍ حينَ تحذوها
والله ما عبرت في الأرضِ قاطرة
إلا وصرفُ الليالي سوف يفنيها
النّفسُ تكلفُ بالدنيا وقد علمتْ
أنَّ السّلامةَ منها تركُ ما فيها
والله ما قنعت نفس بما رزقت
من المعيشةِ إلا سوف يكفيها
أموالنا لذوي الميراثِ نجمعها
ودورنا لخرابِ الدّهرِ نبنيها
فكمْ من صحيحٍ باتَ للموتِ آمناً
أتتهُ المنايا بغتةً بعدما هجعْ
فلم يستطع إذ جاءهُ الموتُ بغتةً
فراراً ولا منهُ بقوّته امتنعْ
فأصبح تبكيه النساء مُقنعاً
ولا يسمعُ الداعي وإن صوتهُ رفعْ
إن عبت يوماً على قومٍ بعاقبةٍ
أمراً أتوه فلا تصنع لما صنعوا
أمية بن أبي الصلت
يُوشِكُ من فرَّ من منيّتهِ | في بعضِ غِرّاتهِ يُوافقها |
عصام بن عبيدة الزِّماني:
أبلِغْ أبا مِسمعٍ عني مُغلغلةً
وفي العتابِ حياةٌ بينَ أقوامِ
أدخلتَ قبلي قوماً لم يكنْ لهمُ
في الحقِّ أن يلجوا الأبوابَ قُدّامي
لو عُدّ قبرٌ وقبرٌ كنتُ أكرمَهُم
ميتاً،وأبعدَهُم عن منزلِ الذّامِ
فقد جعلتُ إذا ما حاجتي عرضتْ
ببابِ داركَ أدلوها بأقوامِ
جمل بن بدر أحد فرسان داحس والغبراء:
قتلنا بِعوفٍ مالكاً وهو ثأرُنا | فإن تطلبوا شيئاً سوى الحقّ تندموا | |
خذوا الحقّ منا قد أخذناهُ منكمُ | وهل بعد عقلٍ كاملٍ مُتكلَّمُ | |
وإن تقطعوا ما بيننا من قرابةٍ | وبينكم عند التشاجرِ فاعلموا | |
بني عَمّنا لا تجزعوا إنَّ حربنا | يغصُّ بها ذو النخوةِ المتقدّمُ |
مُضرس بن قرط المزني:
تُكذبني بالودِّ سُعدى فليتها | تحمّلُ مني مثلَهُ فتذوقُ | |
ولو تعلمين العلمَ أيقنتِ أنّني | لكم والهدايا المشعراتِ صديقُ | |
أذودُ سوادَ العينِ عنكِ ومالهُ | إلى أحدٍ إلا إليكِ طريقُ | |
أهُمُّ بِصرمِ الحبلِ يا أمَّ مالكٍ | بما رَحبتْ يوماً عليَّ تضيقُ | |
تتوقُّ إليكِ النّفسُ ثمَّ أردُّها | حياءً ومثلي بالحياءِ حقيقُ | |
مضرس بن ربعي الأسدي:
يحاذر حتى يحسب الناس كلهم | من الخوفِ لا تخفى عليهم سرائره |
مضرس بن ربعي الأسدي:
وإني لِمنجازٌ لما قلتُ إنني | أرى وصمةً أن يُخلفَ الحرَّ واعده |
صفوان بن أمية الديلمي:
ترى المنبر الشرقي يختالُ أن يرى | جبينُكَ يوماً حاسراً ومُعمّما | |
وحُقَّ لهُ من مِنبرٍ أنتَ زَينهُ | وحقَّ بأن يختالَ أو يتقحّما | |
أخالدُ لولا أنتَ ما قامُ قائمٌ | ليرأبَ صدىً من زجاج ولا دما |
كعب الغنوي
إذا ما تراءاهُ الرجال تحفظوا | فلم تنطق العوراءُ وهو قريبُ | |
حبيب إلى الزوار غشيان بيته | جميل المُحيّا وهو أديبُ | |
فتى لا يُبالي أن يكون بجسمهِ | إذا نال خلات الكرام شحوب |
مروان بن أبي حفصة يرثي معن بن زائدة:
أصابَ الموتُ يومَ أصابَ معناً | من الأحياءِ أكرمهمْ فعالا | |
مضى من كان يحملُ كلَّ عبءٍ مضى لسبيلهِ من كنتَ ترجو | ويسبقُ فضلُ نائلهِ السؤالا بهِ عثراتُ دهركَ أن تُقالا | |
وقلنا أينَ نرحلُ بعد معنٍ | وقد ذهبَ النوالُ فلا نوالا؟ |
مضى من كانَ يحملُ كلَّ ثِقلٍ
ويسبقُ فيضُ نائلهِ السؤالا
ولا بلغت أكفُّ ذوي العطايا
يميناً من يديه ولا شمالا
مروان بن أبي حفصة يرثي معن بن زائدة:
بكى الشامُ معناً يوم خلّى مكانهُ ثوى القائدُ الميمونُ والذائدُ الذي | فكادتْ لهُ أرضُ العراقينِ ترجفُ بهِ كان يُرمى الجانبُ المتحوّفُ | |
أتى الموتُ معناً وهو للِعرضِ صائنٌ | وللمجدِ مُبتاعٌ وللمالِ متلفُ | |
وكم من يدٍ عندي لمعنٍ كريمةٍ | سأشكرها ما دامت العينُ تطرِفُ |
مروان بن أبي حفصة يرثي معن بن زائدة:
قلْ للمنيةِ لا تبقي على أحدٍ | إذا ماتَ \معنٌ فما ميتٌ بمفقودِ | |
فابكوا السّخاءَ ومعناً طولَ دهركمُ | إنّ السخاءَ عليكم غير موجودِ | |
قد ماتَ وماتَ الجودُ فافتقدوا | فليسَ معنٌ ولا جودٌ بموجودِ |
مروان بن أبي حفصة:
إن خلدت بعد الإمامِ محمدٍ | نفسي لما فرحتْ بطولِ بقائها | |
إنَّ البلادَ غداةَ أصبحَ ثاوياً | كادتْ تكونُ جبالُها كَفضائها | |
اليومَ أظلمتِ البلادُ وربّما | كُشفتْ بِغربةِ دجى ظلمائها |
مروان بن أبي حفصة:
لقد أصبحت تختالُ في كلِّ بلدةٍ | بقبرِ أميرِ المؤمنينَ المقابرُ | |
أتتهُ التي ابتزتْ سليمانَ مُلكَهُ | وألوت بذي القرنين منها الدوابر | |
أتتهُ فغالتهُ المنايا وعدلُهُ | ومعروفهُ في الشّرقِ والغربِ ظاهرُ |
ولو كان تجريدُ السيوفِ يردُّها
ثنتْ حدّها عنهُ السيوفُ البواترُ
بأيدٍ تعطى الصوارم حقّها
وتُروى لدى الرّوعِ الرّماحُ الشواجرُ
أتى الموتُ مَعناُ وهو للِعرضِ صائنٌ | وللمجدِ مبتاعٌ وللمالِ مُتلفُ | |
وما ماتَ حتى قلدتهُ أمورها | ربيعة،والحَيّانُ قيسٌ وخُندفُ | |
وحتى فشا في كلِّ شرقٍ ومغربِ | أيادٍ له بالضُرِّ والنفعِ تُعرفُ |
عجبتُ لطفٍّ هالتِ التُربَ فوقهُ
ضحاً كيفَ لم ترجع بغير بنان
بكى الشامُ مَعناً يوم خلّى مكانهُ | فكادتْ لهُ أرضُ العراقينِ ترجفُ | |
ثوى القائدُ الميمونُ والذائدُ الذي | به كان يرمى الجانب المتخوف |
قبرٌ يضمُّ مع الشّجاعةِ والنّدى
حِلماً يُخالطهُ تُقىً ووقارُ
وإن كانَ مطوياً على الغدرِ كشحهُ | فلم أدرِ منهُ ما تجنُّ الأضالعُ |
والرأيُ كالسيفِ ينبو إن ضربتَ به
في غمدهِ ،وإذا جرّدتهُ قطعا
قاسيت شدّة أيامي فما ظفرت | يداي منها بصابٍ ولا عسلِ |
وما كانَ لي إلا إليكَ ذريعة
وما ملِكٌ إلا إليهِ الذرائعُ
لهُ خلائِقُ بيضٌ لا يُغيّرها | صرفُ الزمانِ كما لا يصدأ الذهبُ |
ما ضرّني حسدُ اللئامِ ولم يزلْ
ذو الفضلِ يحسدُهُ ذوو التقصيرِ
أقمنا باليمامة إذ يئسنا | مقاماً لا نريد له زيالا | |
وقُلنا:أين نرحلُ بعد معن | وقد ذهب النوالُ فلا نوالا |
فإن يعلُ البلادَ له خشوعٌ
فقد كانت تطولُ به اختيالا
أصابَ الموتُ يوم أصابَ معناً
من الأحياءِ أكرمهم فِعالا
هُمُ القوم إن قالوا أصابوا وإن دُعُوا | أجابوا وإن أعطوا أطابوا وأجزلوا | |
وما يستطيعُ الفاعلونَ فعالَهم | وإن أحسنوا في النائباتِ وأجملوا |
سيذكرُك الخليفةُ غير قالٍ
إذا هوَ بالأمورِ بَلا الرجالا
هو المرءُ،أما دينُهُ فهو مانِعٌ | صؤون،وأما مالهُ فهو باذلهْ | |
أمرَّ وأحلى ما بلى الناسُ طعمهُ | عِقابُ أمير المؤمنينَ ونائلهْ | |
أبيٌّ لما يأبى ذوو الحزم والتُّقى | فعولٌ إذا ما جدَّ بالأمرِ فاعلهْ | |
تروكُ الهوى،لا السُّخطُ منهُ ولا الرضا | لدى موطنِ إلا على الحقِّ حاملهْ |
ليحيا بك الإسلامُ إنّكَ عِزّهُ
وإنّكَ من قومٍ صغيرُهم كهلُ
معنُ بن زائدة الذي زيدت بهِ | شرفاً لإلى شرفٍ بنو شيبان | |
إن عُدَّ أيّامُ الفَعال فإنّما | يوماه يوم ندىً ويومُ طِعانِ |
وأرخصَ بالعدلِ السلاح بأرضنا
فما يبلغُ السّيفُ المهند درهما
مسحت ربيعة وجه معنٍ سابقاً | لما جرى وجرى ذوو الأحسابِ | |
خلّى الطريق له الجيادُ قواصراً | من دونِ غايتهِ وهُنَّ كوابي |
وما خُلِقت إلا لبذلٍ أكفُّهم
وألسنهم إلا لتحبيرِ منطقِ
فيوماً يُبارونَ الرياحَ سماحة
ويوماً لبذلِ الخاطبِ المتشدّقِ
هل البابُ مُفضٍ بي إليكَ ابنَ هاشم | فَعذري إن أفضى بي الباب ناصع |
وقعتْ مواقعها بعفوكَ أنفسٌ
أذهبتَ بعد مخافةٍ أوجالها
ونصبتَ نفسكَ خيرَ نفسٍ دونها
وجعلتَ مالكَ واقياً أموالها
تدارك مَعنٌ قُبةَ الدينِ بعدما | خشينا على أوتادها أن تُنزَّعا | |
أقامَ على الثَّغرِ المَخُوفِ، وهاشمٌ | تساقى سِماماً بالأسنّةِ مُنقّعا | |
مُقامَ امرىءٍ يأبى سوى الخطَّةِ التي | تكونُ لدى غِبِّ الأحاديثِ أرفعا |
صحيحُ الضميرِ سِرُّهُ مثلُ جهرهِ
قياسَ الشّراكِ بالشَراكِ تقابله
وإذا جهلتَ من امرىءٍ أعراقه | وقديمهُ فانظر إلى ما يصنعُ | |
إنَّ العروقَ إذا استسر بها الندى | أشبَّ النباتُ بها وطابَ المزرعُ |
يرى أنَّ أمر الحقِّ أحلى مغبّةً
وأنجى ولو كانت زُعافاً مناهله
سواعدُ عزّ المسلمين وإنّما
تنوءُ بصولاتِ الأكفّ السواعدُ
فبرز حتى ما يُجارى وإنما | إلى عرقه ينمى الجوادُ ويُنسبُ |
قُلْ للمنيةِّ لا تُبقي على أحدٍ
إذا ماتَ معنٌ فما ميتٌ بمفقودِ
كأنَّ الليل واصلٌ بعد معنٍ فلهف أبي عليك إذ اليتامى | لياليَ قد قُرنَّ به فطالا غدوا شُعثاً كأنَّ بهم سُلالا | |
ولهفُ أبي عليك لِكلِّ هيجا | غدت تلقي حواضنها السِّخالا | |
ولهف أبي عليك إذ القوافي | لِممتدحٍ بها ذهبَ ضلالا |
تشابهتُما حلماً وعدلاً ونائلاً
وحزماً إذا أمرٌ أقامَ وأقعدا
أنتَ الذي ترجو ربيعة سَيبهُ | وتُعِدُّهُ لنوائبِ الحَدثانِ | |
فُتَّ الذينَ رجوا نَداكَ ولم ينلْ | أدنى بنائِكَ في المكارمِ بان |
ما منْ عدوٌّ ويرى مَعناً بساحتهِ
إلا يظنُّ المنايا تسبقُ القدرا
فإنَّ طليقَ الله من هو مطلِقُ | وإنَّ قتيلَ اللهِ من هوَ قاتلهْ | |
فإنّكَ بعدَ الله للحُكمِ الذي | تُصابُ بهِ من كلَِّ حقٍّ مفاصلهْ |
وهل لبياضِ الصُّبحِ إن لاحَ ضؤوهُ
فجابَ الدُّجى من ظُلمةِ الليلِ ساترُ
يلين لمن أعطى الخليفة طاعة | ويسقي دمَ العاصي الحسامَ المُهندا | |
أدلتْ مع الشركِ النفاقَ سيوفُهُ | وكانت لأهلِ الدِّينِ عزاً مؤبدا |
فدعوا الأسودَ خوادراً في غيلها
لا تولغنَّ دماءكم أشبالها
فليتَ الشامتين به فدوهُ | وليتَ العمرَ مُدَّ له فطالا | |
ولم يكُ كنزهُ ذهباً ولكن | سيوفَ الهند والحَلق الفضالا |
وذابلة من الخطى سُمراً
ترى فيهنَّ ليناً واعتدالا
وذخراً من محامدَ باقياتٍ | وفضل لها به الإفضال نالا | |
مضى لسبيلهِ من كنتَ ترجو فلستُ بمالكٍ عبراتِ عيني | بهِ عثراتِ دهركَ أن تُقالا أبت دموعها إلا انهمالا |
وكان الناسُ كلُّهمُ لمعنٍ
إلى أن زار حفرتهُ عِيالا
ولم يكُ طالبٌ للعُرفِ ينوى
إلى غير ابن زائدة ارتحالا
مضى لسبيله معنٌ وأبقى | مكارمَ لن تَبيدَ ولن تُنالا | |
كأنَّ الشمسَ يوم أصيبَ معنٌ | من الإظلامِ مُلْبَسةُ جِلالا | |
هو الجبلُ الذي كانت نزارٌ | تهدُّ من العدوِّ به جبالا | |
تعطّلت الثغورُ لفقد معنٍ | وقد يُروِى بها الأسلَ النهالا | |
وأظلمتِ العراقُ وأورثتها | مصيبتهُ المُجلّلةُ اختلالا | |
وظلَّ الشام يرجفُ جانباه | لركنِ العزِّ حين وهى ومالا | |
وكادت من تِهامةَ كلُّ أرضٍ | ومن نجدٍ تزولُ غداة زالا |
مروان بن أبي حفصة:
وأظلمت العراق وأورثتها وظلّ الشام يرجف جانباه | مصيبتهُ المجللة اعتلالا لركن العزّ حين وهى فمالا | |
وكادت من تهامة كلّ أرض | ومن نجد تزولُ غداة زالا | |
فإن يعلُ البلاد له خشوع | فقد كانت تطولُ بهِ اختيالا |
نهشل بن حري:
إذا كنتَ جاراً لامرىءٍ فارهبِ الخنا | على عِرضهِ إنَّ الخنا طرفُ الغدرِ | |
وذُدْ عن حَراهُ ما عقدتَّ حبالهُ | بحبلكَ واسترهُ بمالكَ من سِترِ | |
وجارٍ منعناهُ من الضّيمِ والعدا | وجيرانُ أقوامٍ بمدرجةَ الدهرِ |
الأعور الشني:
خذ العفو واغفر أيها المرء إنني
أرى الحلم ما لم تخشى منقصةً غُنما
يا أمّ عقبة سمعاً إنّني رجلٌ
إذا النفوسُ ادّرعنَ الرعبَ والرّهبا
لا أمدحُ المرءَ أبغي فضلَ نائلهِ
ولا أظلُّ أُداجيهِ إذا غضبا
ولا تريني على بابٍ أراقبهُ
أبغي الدخولَ إذا ما بابهُ حُجبا
وإنّي لا أضِنُّ على ابن عمي
بنصرٍ في الخطوبِ ولا نوالِ
وأكرمُ ما تكونُ عليَّ نفسي
إذا ما قلَّ في اللّزباتِ مالي
فتحسنُ نُصرتي،وأصونُ عرضي
ويجملُ عند أهل الرأي حالي
ولستُ بقائلٍ قولاً لأحظى
بوعدٍ لا يصدقهُ فعالي
ولكني أحققه بِنجحٍ
يقصر عنده عمر المطالِ
وما التقصيرُ،قد علمتْ مَعدٌ
وأخلاقُ الدنيّة من خلالي
ألم ترَ مفتاحَ الفؤادِ لسانهُ
إذا هو أبدى ما يقولُ من الفمِ
لقد علمتْ عُميرةُ أن جاري
إذا ضنَّ المُثمِّرُ، من عيالي
وأني لا أضنُّ على ابن عمي
بنصري في الخطوبِ ولا نوالي
إذا ما المرءُ قصّرَ ثم مرّتْ
عليهِ الأربعون،من الرّجالِ
ولم يلحقْ بصالحهم فدعهُ
فليسَ بلاحقٍ أخرى الليالي
وإن نلتُ الغنى لم أغلُ فيه
ولم أخصصْ بجفوتي الموالي
وقد أصبحتُ لا أحتاج مما
بلوتُ من الأمورِ إلى سؤال
وذلكَ أنّني أدّبتُ نفسي
وما حَلتُ الرجالَ ذوي المحال
ومن يقترف خلقاً سوى خلق نفسه
يدعه وتغلبه عليه الطبائع
وأدوم أخلاق الفتى ما نشأ به
وأقصر أفعال الرجالِ البدائع
نهشل بن حري
إذا كنتَ جاراً لامرىءٍ فارهبِ الخنا | على عِرضهِ إنَّ الخنا طرفُ الغدرِ | |
وذُدْ عن حَراهُ ما عقدتَّ حبالهُ | بحبلكَ واسترهُ بمالكَ من سِترِ | |
وجارٍ منعناهُ من الضّيمِ والعدا | وجيرانُ أقوامٍ بمدرجةَ الدهرِ |
نهشل بن حري
أيا عمرو لم أصبرْ ولي فيكَ حيلةٌ | ولكن دعاني اليأسُ منكَ إلى الصبرِ | |
تصّبرتُ مغلوباً وإني لموجَعٌ | كما صبرَ الظمآنُ في البلدِ القفِر |
أرى كل عُود نابتاً في أرومة
أبى نسب العيدان أن يتغيرا
بنو الصالحين الصالحون ومن يكن
لآباء سوء تلقهم حيث سَيّرا
المسور بن زيادة العذري:
وكنّا بني عم جرى الجهلُ بيننا | وكل توفى حقّه غير وادع | |
فنلنا من الآباءِ شيئاً وكلنا | إلى حسب في قومه غير واضع | |
فلما بلغنا الأمهات وجدتم | بني عمكم كانوا كرام المضاجع | |
فما لهم عندي ومالي عندهم | وإن أكثر المقرون وترٌ لتابع |
أبو الاسود القريعي وقيل غيره:
فتىً مثلُ صفو الماء ليسَ بباخل | عليك ولا مُدْلٍ ملاماً بباطلِ | |
ولا قائلٍ عوراء تؤذي رفيقهُ | ولا رافع رأساً بعوراء قائلِ | |
ولا مُسلمٍ مولى لأمرٍ يُضيمهُ | ولا مُخلطٍ مصيباً بباطلِ | |
ولا رافع أحدوثة السّوءِ مُعجباً | بها بين أيدي المجلس المتقابل |
أبو حيان الأندلسي
ومضت بشاشةُ كل عيشٍ صالح | وبقيتُ أكدحُ للحياةِ وأنصب |
يزيد بن مفرغ الحميري:
شجاعٌ في المجانةِ والمخازي | جبانٌ عند محتضرِ المِصاعِ |
رفيع الوالبي:
كذبتكَ ما وعدتكَ أمسِ صلاحُ | وعسى يكونُ لما وُعدتَ نجاحُ | |
برءٌ من السّقمِ الطويلِ ضمانُهُ | لا يستوي سَقمٌ بكم وصحاحُ |
محمد بن يزيد الحصني:
قرينةُ إلفٍ لم تفارقهُ عن قلى | غداةَ غدا يومٌ عليهِ مشومُ | |
وراحت بِهَمٍّ لو تضمن مثلهُ | حشى آدميٍّ راحَ وهو رميمُ | |
فللبرقِ إيماضٌ وللدّمعِ واكفٌ | وللريحِ من نحو العراقِ نسيمُ | |
وللطائر المحزونِ نغمٌ كأنّها | على كبدِ الصبِّ المحبِّ كلومُ | |
غناءُ يروعُ المنصتين وتارة | بكاءٌ كما يبكي الحميمَ حميمُ | |
فطوراً أشيمُ البرقَ أين مصابهُ | وطوراً إلى إعوال تلك أهيمُ | |
ومن دون ذا يشتاقُ من كان ذا هوى | ويعزبُ عنه الحلمُ وهو حليمُ |
المهلهل بن مالك الكتاني وقيل غيره:
ولا تقطعْ أخاً لك عن ذنبٍ
فإنَّ الذنبَ يغفرِهُ الكريمُ
ولا تعجلْ على أحدٍ بِظُلمٍ
فإنَّ الظُلمَ مرتعهُ وخيمُ
ولا تفحِش وإن مُلئتَ غيظاً
على أحدٍ فإنَّ الفُحشَ لومُ
الحصني:
نفسي مُوكلة بالمجدِ تطلبهُ | ومطلبُ المجدِ مقرونٌ به التلفُ |
أبو محجن الثقفي
رأوهُ فازدروهُ وهو حرٌّ
وينفعُ أهلَهُ الرجلُ القبيح
ولم يخشوا مصالتهُ عليهم
وتحتَ الرِّغوة اللبنُ الصريح
ابن جابر:
إذا ما علا المرءُ رامَ العُلا | ويقنعُ بالدونِ من كان دونا |
الأقيشر السعدي:
وسألتني يومَ الرحيل قصائدا
فملاتُهنَّ قصائداً وكتابا
إني صدقتُكَ إذ وجدُتكَ كاذباً
وكذبتني فوجدتني كَذّابا
وفتحتُ باباً للخيانةِ عامداً
لما فتحتَ من الخيانةِ بابا
شجاع بن مرثد:
أقولُ لكَ القولَ الذي لا يردُّه | حكيمٌ ولا يلقاهُ بالحيِّ سامِعُ | |
وجدتُ بكَ الوجدَ الذي ما وجدتهُ | بنفسي وأطرافُ الرّماحِ شوارِعُ |
عبد الله بن أيوب التميمي:
أما القبورُ فإنهنَّ أوانسٌ
بجوارِ قبركَ والديارُ قبورُ
والناسُ مأتمهم عليه واحدٌ
في كلِّ دارٍ رنّةٌ وزفيرُ
عجباً لأربع أذرعٍ في خمسةٍ
في جوفها جبلٌ أشمُّ كبيرُ
عاصم بن هلال النمري:
ألم تعلمي أنّي،لِكُلِّ مُلّمةٍ | تحيَّفُ أموالَ الرّجالِ رؤومُ | |
وأنَّ الندى مولى طريفي وتالدي | وأني قريبٌ للِعُفاةِ حميمُ |
يزيد بن محمد المهلبي يرثي المتوكل
لا وَجْدَ إلا أراه دونَ ما أجدُإذا بكيتُ فإن الدمع منهملٌ
ولا كَمنْ فقدتْ عينايَ مُفتقدُ
وإن رثيتُ فإنَّ الشعرَ مُطردُ
إنا فقدناك حتى لا اصطبارَ لنا
ومات قبلك أقوامٌ فما فُقدوا
يزيد المهلبي:
لمّا اعتقدتُم أُناساً لا حُلومَ لهم
ضِعتُمْ وضيّعتُمْ من كانَ يعتقِدُ
ولو جعلتم على الأحرار نقمتكم
حمتكم السادة المذكورة الحشُدُ
قومٌ هُمُ الجذمُ والأنسابُ تجمعهم
والمجد والدين والأرحام والبلد
إذا قريش أرادوا شدَّ ملكهم
بغير قحطانَ لم يبرحْ به أوّدُ
عاصم بن هلال النمري:
أصونُ ببذلِ المالِ عِرضاً تَكشفتْ | صروفُ الليالي عنهُ وهو سليمُ |
نافع بن سعدٍ الطائي:
ألم تعلمي أنّي إذا النَّفسُ أشرفت
على طَمَعٍ لم أنسَ أن أتكرّما
ولستُ بلوَّامٍ على الأمرِ بعدما
يفوتُ ولكن عَلَّ أن أتقدما
عُيينة بن حصن الفزاري:
والدهرُ آخرهُ شبه لأوله | قوم كقوم وأيام كأيام |
عمرو بن براقة:
كالهندواني لم تُفلل مضارِبهُ
وجهٌ جميلٌ وقلبٌ غير وجّابِ
عبد الله بن عُيينة:
كلُّ المصائبِ قد تمرُّ على الفتى | فتهونُ غيرَ شماتةِ الحُسّادِ |
الحارث بن خالد بن العاص المخزومي:
وإنّي لأستحي أخي أن أبرَّهُ
قريباً وأجفو والمزارُ بعيدُ
اليشكري:
ولكنّني أنفي عن الذم والدَنا
وبعضهم للغدرِ في ثوبهِ دَسَمْ
صالح بن جناح اللخمي:
ألا إنّما الإنسانُ غِمدٌ لقلبهِ
ولا خيرَ في غِمدٍ إذا لم يكن نصلُ
وإن تُجمعِ الآفاتِ،فالبُخلُ شرُّها
وشرٌّ من البُخلِ المواعيدُ والمَطلُ
ولا خيرَ في وعدٍ إذا كانَ كاذباً
ولا خيرَ في قولٍ إذا لم يكن فِعلُ
الصلتان العبدي:
أشابَ الصغيرَ وأفنى الكبيرَ | كرُّ الليالي ومَرُّ العشي | |
إذا ليلةٌ هَرَّمتْ يومهَا | أتى بعد ذلكَ يومٌ فتي |
مزاحم العُقيلي:
وَدِدت على ما كان من سَرَفِ الهوى
وغَيِّ الأماني أن ما شئتُ يُفْعَلُ
فترجِعَ أيامٌ مَضَينَ ولذّةٌ
تولّتْ وهل يُثنى من العيشِ أولُ
مزاحم العقيلي:
وجوه لو أن المدلجين اعتشوا بها
صدعنَ الدُّجى حتى ترى الليل ينجلي
عصام بن عبيد الله وقيل همام الرقاشي:
أبلِغْ أبا مِسْمَعٍ عنّي مُغلغلةً | وفي العتابِ حياةٌ بين أقوامِ |
المزني:
دعوتُ بني قُحافة فاستجابوا
فقلتُ رِدوا فقد طابَ الورودُ
يحيى بن نوفل
فأنكحها،لا في كَفاءٍ ولا غِنىً | زيادٌ،أضلَّ الله سعيَ زيادِ |
كعب بن سعد الغنوي وقيل مالك بن حريم الهمداني:
وما أنا للشيءِ الذي ليسَ نافعي | ويغضبَ منهُ صاحبي بِقؤولِ | |
ولن يلبث الجُهّالُ أن يتهضَّموا | أخا الحلمِ ما لم يستعنْ بجهولِ |
الحسن بن عمرو الإباضي وقيل أبو محمد التيمي
إذا ما خلوتَ الدّهرَ يوماً فلا تَقُلْ
خلوتُ،ولكن قُلْ عليَّ رقيبُ
ولا تحسبنَّ الله يغفلُ ساعةً
ولا أنَّ ما يخفى عليهِ يغيبُ
ابن الضحاك البصري:
إذا خنتم بالغيبِ عهدي فما لكم | تدلون إدلال المُقيم على العهدِ | |
صلوا وافعلوا فعل المُدّل بوصله | وإلا فصدوا وافعلوا فعل ذي صدِ |
ابن دريد
من لم تفده عبراً أيامه
كان العمى أولّى بهِ من الهدى
أبو أذينة:
لا تقطعنَّ ذنبَ الأفعى وترسلها | إن كنتَ شهماً فأتبعْ رأسها الذنبا |
أبو الميّاح العبدي:
وما المرءُ إلا حيثُ يجعلُ نفسَهُ
ففي صالحِ الأعمال نفسكَ فاجعلِ
أحدهم:
وما يُجدي عليكَ ليوثُ غابٍ | بِنصرتها إذا أدماكَ ذئبُ |
قد تخرج الحاجاتُ يا أمّ مالكٍ
كرائِمَ من ربٍّ بهنَّ ضنينُ
ولما أصابتني من الدّهرِ نبوةٌ | شُغلِتُ،وألهى الناسَ عني شؤونها |
فقلتُ
:
بلى كم من كريمٍ مُهّذبٍ
سليلُ لئيمٍ عاجزٍ خاملِ الأصلِ
وكم من فتىً كِنِّ اليدين مُذمّمٍ
وكانَ أبوهُ عصمةَ الناسِ في المَحْلِ
كلّ إلى أجل والدّهرُ ذو دول | والحرصُ مخيبة والرزقُ مقسوم |
تَتبُّعُ الأمرِ بعد الفوتِ تغريرُ
وتركهُ مُقبلاً عجزٌ وتقصيرُ
منىً إن تكُنْ حقاً تكن أحسن المنى | وإلا فقد عشنا بها زمناً رغدا | |
أماني من سعدى حساناً كأنّما | سقتكَ بها سعدى على ظمأٍ بردا |
الدهرُ أبلاني وما أبليتهُ
والدهرُ غيّرني وما يتغيّرُ
والدهرُ قيدّني بحبلٍ مُبرمٍ
فمشيتُ فيه وكلّ يوم يقصرُ
إذا أنتَ لم تستقلْ الأمرَ لم تجدْ | لِكفِّكَ في إدبارهِ مُتعلّقا | |
فإن أنتَ لم تترُك أخاكَ وزلّة | إذا زلّها أوشكتُما أن تفرقا | |
إذا كدِرتْ أخلاقُ مولاكَ فاقتصِرْ | على ما صفا منهُ ودعْ ما ترّنقا |
النفسُ تبكي على الدنيا وقد علِمت
أنَّ السلامة فيها ترك ما فيها
لا دارَ للمرءِ بعد الموتِ يسكنها
إلا التي كان قبلَ الموتِ بانيها
فيا رُبَّ كُرهٍ جاءَ من حيثُ لم تَخفْ | وسرور أمرٍ في الذي أنتَ خائِفُ | |
وما الناسُ إلا كالسيوفِ اختلافهُم | فكلٌّ مُحلّى الجَفنِ والبعضُ قاطِفُ |
تَمنى أن تُلاقيني قُييسٌ
وددِتُ وأينما منّي ودادي
أعينَيَّ!ساءَ الله من كان سرَّهُ | بكاءُكما أو من يُحبُّ أذاكُما |
لم يبقَ في الناسِ إلا المكرُ والملقُ
شوكٌ إذا أختبروا زَهرٌ إذا رُمقوا
فإن دعاكَ إلى إيلافهم قدرٌ
فكن جحيماً لعلَّ الشوكَ يحترقُ
وما كانَ ظنّي أن تُرى لي زلّةٌ | ولكنْ قضاءُ الله ما عنهُ مذهبُ | |
إذا اعتذرَ الجاني،محا العذرُ ذنبُهُ | وكلُّ امرىءٍ لا يقبلُ العُذرَ مُذنبُ |
فمن لم يكن منكم مسيئاً فإنّه
يشدُّ على كفِّ المُسىء فيجلب
شكونا إليهِ خرابَ السّوادِ | فحرّمَ فينا لحومَ البقرْ | |
وكان كما قيلَ في بُعدهِ | أريها السُّها وتُريني القمر |
أصبحت ترجو الغوث من قبلي
والمُستغاث إليه في شغل
لا يوجد الخير إلا في معادنه | أو يجري الماء إلا في مجاريه |
ومما يقتلُ الشّعراءَ غمّاً
عداوةُ من يقلُّ عن الهجاءِ
سأمضي وما بالموتِ عارٌ على الفتى | إذا ما نوى حقاً وجاهدَ مُسلما | |
وواسى رجالاً صالحين بنفسهِ | وخالفَ مثبوراً وفارقَ مُجرما | |
فإن عشتُ لم أندم وإن متُ لم أنم | كفى بك ذلاً أن تعيشَ وترغما |
إن عادتِ العقربُ عُدنا لها
وكانت النعلُ لها حاضره
تمرُّ بنا الأيام تترى وإننا | نُساقُ إلى آجالنا والعينُ تنظرُ |
فكنت كالنخلِ بالأحجارِ قد رُميت
فأمطرت قاذفَ الأحجارِ بالنِعَمِ
ما إن دعاني الهوى لفاحشةٍ | إلا نهاني الحياءُ والكرمُ | |
فلا إلى محرمٍ مددتُ يدي | ولا مشت بي لريبةٍ قدمُ |
تشادقَ حتى مال بالقولِ شدقه
وكلُّ خطيب ـ لا أبا لك ـ أشدق
على أبوابكم عبد ذليل | كثير الشّوق ناصره قليل | |
له أسف على ما كان منه | وحزن من معاصيه طويل | |
يمدّ إليكم كفّ افتقار | ودمع العين منهمل يسيل | |
يرى الأحباب قد وردوا جميعاً | وليسَ إلى ورد سبيل | |
أكون نزيلكم ويُضام قلبي | وحاشا أن يضام لكم نزيل | |
فإن يرضيكم طردي وبعدي | فصبري في محبتكم جميل | |
وحق ولائكم وشديد شوقي | سلّوي عن هواكم مستحيل | |
قضيت بحبّكم أيام عمري | فلا أسلوا وهل يسلى الجميل |
ومَنْ في الناسِ يُرضي كل نفس
وبين هوى النفوسِ مدى بعيد
لئامٌ يبخلونَ بكلِّ شىءٍ | من المعروفِ حتى بالسلام |
أهدى الحبيبُ مع الرسول تحية
يا مهدي الحسنى فديتُكَ مُحسنا
أمُبشري ممّن أحب بزورة
أهلاً وسهلاً بالبشارة والهنا
ما كان أسمحني عليك بخلعةٍ
لو أن عندي حلّة غير الضنى
عافوا حِياضَ الموتِ فاختلجتهمُ | حياضَ المنايا عن لئيمِ المشاربِ | |
فماتوا جميعاً خشية العارِ وابتنوا | مكارمَ ناطوا عزّها بالكواكبِ | |
شروا أنفساً قديماً أضنّةً | بها،طمعاً في باقياتِ العواقبِ | |
وأضحوا وهم سَنّوا الوفاءَ وأورثوا | مواريثَ مجدٍ ذكرها غيرُ ذاهبِ |
وليسَ الغِنى إلا غنى العلمِ إنّهُ
لنور الفتى يجلو ظلام افتقاره
ولا تحسبنَّ العلم في الناسِ مُنجياً
إذا نكبت أخلاقهم عن مناره
وما العلمُ إلا النور يجلو دجى العمر
لكن تزيغُ العينُ عند انكساره
وإذا كان آخر العمر موتاً | فسواءٌ قصيرهُ والطويلُ |
تحملّتُ خوفَ المنِّ كلَّ رزيئةٍ
وحملُ رزايا الدّهرِ أحلى من المنِّ
سَبكناهُ ونحسبهُ لُجيناً | فأبدى الكِيرُ عن خَبَثِ الحديدِ |
ولو أنَّ لي في كُلِّ مَنبتِ شَعرةٍ
لساناً يبثُّ الشُّكرَ فيكَ لقصّرا
يُفارقني من لا أُطيقُ فِراقهُ | ويصحبني في الناسِ من لا أريدهُ |
وليس يزجركم ما توعظون به
والبَهم يزجرها الراعي فتنزجرُ
هنيئاً لمنْ لا ذاقَ للدّهرِ لوعةً | ولم تأخذِ الأيامُ منهُ نصيبُ |
رأتْ صِرمةً لابني عُبيدٍ تمنعتْ
من الحقِّ لم تؤزَلْ بحقٍّ إفالُها
فقالت
:
ألا تغدوا فِصالَكَ هكذا
فقلتُ
:
أبتْ ضيفانُها وعيالُها
دببتَ للمجدِ والساعونَ قد بلغوا | جَهدَ النفوسِ وألقوا دونَهُ الأُزرا | |
وكابدوا المجد حتى ملَّ أكثرُهمْ | وعانق المجدَ من أوفى ومن صبرا | |
لا تحسبِ المجدَ تمراً أنتَ آكلهُ | لن تبلغ المجدَ حتى تلعق الصّبرا |
تُعاقبُ من أساءَ القولَ فيهمْ
ومن يُحسنْ فليسَ له ثوابُ
ولا يتهّضمكِ انخفاضٌ فطالما | تخفَّضَ نسرٌ صاعدٌ وعقابُ | |
وشامخةُ الأدواحِ يُلوى عِنانها | مع الريح،والمحضُ الصريحُ يُرابُ | |
ومالكِ من عتبٍ على الدهرِ إنّما | عليكِ لما هوّنتِ منه عتاب |