صرخةُ التحدي ـ استنهاض النفوس ومقاومة الظلم(أشعار)

بسم الله الرحمن الرحيم

صرخةُ التحدي

المسلمون في فلسطين المحتلة مُعذّبون،مُحاصرون،مُضطهدون.والعالم كلّه من أقصاه إلى أقصاه ينظرُ إليهم ولايبالي،والجلادون هم من بني صهيون.

والمسلمون في البوسنة والهرسك مُعذبون،محاصرون،مضطهدون،والعالم كله من أقصاه إلى أقصاه ينظر إليهم ولا يبالي،والجلادون هم حفدة الصليبيين من الصرب والكروات وأتباعهم.

والمسلمون في بورما،معذبون،محاصرون،مضطهدون،والعالم كله من أقصاه إلى أقصاه ينظر إليهم ولا يبالي،والجلادون هم من أتباع بوذا.

والمسلمون في الهند معذبون،محاصرون،مضطهدون،والعالم كله من أقصاه إلى أقصاه ينظر إليهم ولا يبالي،والجلادون هم من عبّاد البقر من الهندوس.

الضحية في كل مكان واحدة،وهي كل من انتسب إلى الإسلام،ولو لم يكن مسلماً صادق الإيمان،ولو كان فقط إسلام الهوية أو التقاليد.

والجلادون،اختلفوا في الشعارات واتفقوا على الغايات،بل قُل على الغاية الرئيسية وهي استئصال المسلمين.

ونحن نقول لكلِّ هؤلاء الجلادين:

اضربونا…فلن يزيدنا الضرب إلا صقلاً،فالذهب لا يُنقّى إلا بالصهر والحريق.

وجوعونا…فلن تزيدنا مرارة الجوع إلا قُرباً من الله ومن صراطه المستقيم.

وعذّبونا…فمع كل سوط يهوي على الأجسام تتّفتح جروح جديدة،تهتف باسم الله،وتندمل معها جروح قديمة كانت بعيدة كلِّ البعد عن الله.

ومع كلِّ غلٍّ يضغط على الأعناق،تصدر عنها أنات،تنادي ربَّ السماء،بعد أن كان لايصدر عنها إلا الهباء.

ومع كلِّ قذيفة تسقط على الديار،يخرج ضياء مُتصّل بنور الله،يُنير لنا القلوب التي كان يُعشّشُ بها الظلام.

افعلوا بنا ما شئتم،فلقد تعلّمنا من خلال التعذيب والتشريد والتقتيل أنه لا ناصر لنا إلا الله،وأن عدوّنا هو عدوُّ الله.

وثقوا تماماً أيها الجلادون :

أن الصرخات ستتحوّل إلى صلوات.

وأنّ الأنات ستتحوّل إلى دعوات.

وأنّ الحصار لن يزيد فينا إلا الإصرار.

وثقوا تماماً أن أطفال تل الزعتر والبوسنة،وأطفال القدس وبورما،سوف يكبرون وسوف يصبحون رجالاً تظنون أنهم أقرب إليكم قلباً…ولكنهم سوف يكونون عليكم حرباً.

وأردتم لهم عن الإسلام الإنسلاخ…فزادهم من الإسلام قُرباً صيحات الصراخ

ثقوا تماماً أن الإسلام سوف يعود،وحتى يعود الإسلام سوف نبقى:

غصّة في حلوقكم

وشوكة في أجسادكم

ونكداً في عيشكم

لأنكم أعلنتم علينا الحرب وأردنا لكم السلام.

وأردتم لنا الجحيم وكنا نتمنى لكم الهداية والنعيم.

ولأنكم  تربيّتم على الغدر والخيانة،ونحن رضعنا من ثدي العهد والأمانة.

ثقوا تماماً أنه عندما يصقل الحديد بالضرب،ويُفتن الذهب بالحريق،وينّقى الثوب الأبيض  من الدنس بالتغريق.

ثقوا تماماً أننا عندها سوف نعود لكم،ولكننا لن نكون مثلكم لأن التاريخ يقول عنا أننا نعفو عند المقدرة،ونصمد عند النائبة.

(نشر في مجلة الرائد العدد145 بتاريخ آب عام 1992)

استنهاض النفوس ومقاومة الظلم

أحمد شوقي

كيف تُهدى لما تشيد عيونٌ

 

في الثرى ملؤها حصىً ورغام؟

مُقلٌ عانت الظلامَ طويلاً

 

فعماها في أن يزولَ الظلام

قد تعيشُ النفوسُ في الضيمِ حتى

 

لترى الضيم أنها لا تُضام

أيها النافرون،عودوا

 

إليناولجوا البابَ إنهُ الإسلام

غرضٌ أنتم؟وفي الدهر سهمٌ

 

يوم لا تدفعُ السهامَ السهام

نِمتمْ،ثم تطلبونَ المعالي

 

والمعالي على النيامِ حرام

شرُّ عيشِ الرجالِ ما كانَ حلماً

 

قد تسيغُ المنية الأحلام

ويبيتُ الزمانُ أندلسياً

 

ثمّ يُضحي وناسهُ أعجام

أحمد شوقي

أعلنتْ أمرها الذئابُ وكانوا
في ثيابِ الرُّعاةِ من قبل جاءوا
إن ملكت النفوسَ فابغِ رضاها
فلها ثورةٌ وفيها مضاءُ
يسكنُ الوحشُ للوثوبِ من الأسرِ
فكيفَ الخلائق العقلاء
والشعبُ إن رامَ الحياة كبيرةً
خاضَ الغمارَ دماً إلى آمالهِ
نبذَ الهوى وصحا من الأحلام
شرقٌ تنبّهَ بعد طولِ منام
ثابت سلامته، وأقبل صحوه
إلا بقايا فترةٍ وسقام
صاحتْ بهِ الآجامُ:هنت! فلم ينمْ
أعلى الهوانِ نيامُ في الأجام؟
أُمَمٌ وراءَ الكهفِ جهدُ حياتهم
حركاتُ عيشٍ في سكونِ حِمام
نفضوا العيونَ من الكرى،واستأنفوا
سفر الحياة،ورحلة الأيام
من ليسَ في ركبِ الزمانِ مُغبراً
فاعددهُ بين غوابرِ الأقوام
في كلّ حاضرةٍ وكلِّ قبيلةٍ
هِممٌ ذهبنَ يرمنَ كلّ مرام
من كلِّ ممتنعٍ على أرسانه
أو جامح يعدو بنصف لجام
أنتم غدا أهل الأمور وإنّما
كُنّا عليكم في الامورِ وفودا
فابنوا على أسسِ الزمانِ وروحهِ
رُكنَ الحضارةِ باذخاً وشديدا
الهدمُ أجملُ من بناية مُصلح
يبني على الأس العتاقِ جديدا
ومن شرفِ الأوطانِ ألا يفوتها
حسامٌ مُعزٌّ أو يراعٌ مُهذبُ
غطةٌ قومي بها أولى،وإن
بعد العهدُ،فهل يعتبرون؟
هذه الأهرامُ تاريخهم
كيفَ من تاريخهم لا يستحون؟

أحمد شوقي

ذعرتْ عروشُ الظالمينَ فزُلزلتْ
وعلت على تيجانهم أصداء
إنْ ملكتَ النفوسَ فابغِ رِضاها
فلها ثورةٌ…وفيها مَضاءُ
يسكنُ الوحشُ للوثوبِ من الأس
رِ فكيفَ الخلائقُ العقلاءُ
يحسَبُ الظالمونَ أن سيسود
ونَ وأن لن يُؤّيدُ الضعفاءُ
والليالي جوائرٌ مثلما جا
روا،وللدهرِ مثلهم أهواءُ
شرُّ الحكومة أن يُساسَ بواحدٍ
في المُلكِ أقوامٌ عِدادُ رماله
فيا قومُ أينَ الجيشُ فيما زعمتمُ
وأينَ الجواري والدفاعُ المُرّكبُ
وأينَ أميرُ البأسِ والعزمِ والحِجى
وأينَ رجاءٌ في الأميرِ مُخيّبُ
وأينَ تخومٌ تستبيحونَ دوسها
وأينَ عصاباتٌ لكم تتوّثبُ
وأينَ الذي قالت لنا الصحفُ عنكمُ
وأسندَ أهلوها إليكم فأطنبوا
وما قد روى برقٌ من القولِ كاذبٌ
وآخرُ من فعلِ المحبينَ أكذبُ
يا أيها الشعبُ القريبُ أسامعٌ
أم ألجمتْ فاكَ الخطوبُ وحرّمت
ذهبَ الزعيمُ وأنتَ باقٍ خالدٌ
وأرحْ شيوخكَ من تكاليفِ الوغى
(رثاء عمر المختار)

فأصوغ في عمرَ الشهي رثاء؟
أذنيكَ حينَ تخاطبُ الإصغاء؟
فانقدْ رجالكَ،واختر الزعماء
واحملْ على فتيانك الأعباء
صبراً على الدهرِ إن جلتْ مصائبه
إنّ المصائبَ مما يوقظُ الأمما
أينَ مروانُ في المشارقِ عرشٌ
أُمويٌّ وفي المغاربِ كرسي
سقمت شمهم فردَّ عليها
نورها كلّ ثاقبِ الرأي نطسِ
ثم غابت وكلّ شمس سوى ها
تيكَ تبلى وتنطوي تحتَ رمسِ
أمّا الخلافةُ فهي حائط بيتكم
حتى يبين الحشرُ عن أهواله
لا تسمعوا للمُرجفينَ وجهلهم
فمصيبةُ الإسلامِ من جُهاله
هذي البقية لو حر ضم دولة
صالَ الرشيدُ بها وطالَ هشامُ
قسم الأئمة والخلائف قبلكم
في الأرضِ لم تعدل بهِ الأقسام
سرتْ النبوّة في طهور فضائه
ومشى عليه الوحي والإلهام
وتدفقَ النهران فيه وأزهرت
بغداد تحت ظلاله والشام
أثرتْ سواحله وطابتْ أرضهُ
فالدرُّ لجٌّ والنضارُ رغام
تغلي بساكنها ضغناً ونائرةً
غليَ الصدورِ إذا ثارت دواعيها
عاثتْ عصائبُ فيها كالذئابِ عدتْ
على الأقاطيعِ لما نام راعيها
وإذا الشعوبُ بنوا حقيقةَ ملكهم
جعلوا المآتمَ حائط الأفراحِ
صوتُ الشعوبِ من الزئيرِ مجمعاً
فغذا تفرّقَ كان بعض نباحِ
نبذ الهوى وصحا من الأحلام
شرقٌ تنّبهَ بعد طولِ منامِ
ثابت سلامتهُ وأقبلَ صحوهُ
إلا بقايا فترةٍ وسقام
نفضوا العيونَ من الكرى واستأنفوا
سَفرَ الحياةِ ورحلة الأيام
من ليسَ في رَكبِ الزمانِ مُغبراً
فاعددهُ بين غوابرِ الأقوام
أدِّبهُ أدبَ أمير المؤمنين،فما
في العفوِ عن فاسقٍ فضل ولا كرم
لاترج فيه وقاراً للرسول فما
بينَ البغاةِ وبينَ المصطفى رَحمُ
فجرّدِ السيفَ في وقتٍ يفيدُ به
فإنّ للسيفِ يوماً ثم ينصرم
كمْ هِمّةٍ رفعتْ جيلاً ذُرى شرفٍ
ونومةٍ هدمتْ بنيانَ أجيالِ
ضُموا الجهودَ وخلّوها مُنّكرةً
لا تملأوا الشِدقَ من تعريفها عَجبا
يحسب الظالمونَ أن سيسودون
وأن لن يؤيد الضعفاء
والليالي جوائرٌ مثلما جا
روا وللدهر مثلهم أهواء
لم يكن ذاك من عمىً،كلُّ عينٍ
حجب الليلُ ضوءها عمياء
فلما سللتَ السيفَ أخلبَ برقهم
وما كنتَ يا برق المنيةِ تُخلبُ
أتعلمُ أنّهم صلفوا وتاهوا
وصدّوا البابَ عنا موصدينا
ولو كنّا نجرُّ هناكَ سيفاً
وجدنا عندهم عطفاً ولينا
زمانُ الفردِ يا فرعون ولّى
ودالتْ دولةُ المُتجبرينا
وأصبحت الرعاةُ بكلِّ أرضٍ
على حكمِ الرعيةِ نازلينا

حافظ إبراهيم

إننا عند فجرِ ليلٍ طويلٍ
قد قطعناهُ بينَ سُهدٍ ووجدِ
غمرتنا سودُ الأهاويل فيه
والأمانيُّ بينَ جزرٍ ومدِّ
وتجلّى ضياؤهُ بعد لأيٍّ
وهو رمزٌ لعهدي المُستردِّ
فاستبينوا قصدَ السبيلِ وجِدّوا
فالمعالي مخطوبةٌ للِمُجدِّ
لحى الله عهدَ القاسطينَ الذي بهِ
تهدّمَ من بنياننا ماتهدّما
إذا شئتَ أن تلقى السعادةَ بينهم
فلا تكُ مصرياً ولا تكُ مسلماً
فيا قلبُ لا تجزعْ إذا عضّكَ الأسى
فإنّكَ بعدَ اليومِ لن تتألما
ويا قدمي ما سرتِ بي لمذّلةٍ
ولم ترتقي إلا العز سُلما
ويا نفسُ كم جشمتكِ الصبر والرضا
وجشمتني أن ألبسَ المجد مُعلما
فما اسطعتِ أن تستمرئي مرَّ طعمه
وما اسطعتُ بين القومِ أن أتقدّما
لقد كانتِ الأمثالُ تُضربُ بيننا
بِجَورِ (سدومٍ) وهو من أظلم البشرْ
فلما بدتْ في الكونِ آياتُ ظُلمهم
إذا(بسدوم) في حكومته عمر

حافظ إبراهيم في اللورد كرومر عند عودته من مصيفه بعد حادثة دنشواي

نقلت لنا الأسلاكُ عنكَ رسالةً
باتتْ لها أحشاؤنا تتلّهبُ
ماذا أقولُ وأنتَ أصدقُ ناقلٍ
عنا ولكنَّ السياسةً تكذبُ
علّمتنا معنى الحياة فما لنا
لا نشرئبُ لها ومالكَ تغضبُ
أنقِمتَ منا أن نُحسَّ؟وإنما
هذا الذي تدعو إليهِ وتُندَبُ
أو كلّما باحَ الحزينُ بأنّةٍ
أمستْ إلى معنى التعصبِ تُنسبُ
رفقاً عميدَ الدولتينِ بأمّةٍ
ضاقَ الرجاءُ بها وضاقَ المذهبُ
رفقاً عميدَ الدولتين بأمّةٍ
ليست بغير ولائها تتعذّبُ
ألم ترَ في الطريقِ إلى “اكيادِ”
تصيدُ البطَّ بؤسَ العالمينا
ألم تلمحْ دموعَ الناسِ تجري
من البلوى ألم تسمع أنينا؟
ألم تُخبر بني التاميز عنّا
وقد بعثوكَ مندوباً أمينا
بأنّا قد لمسنا الغدرَ لمساً
وأصبحَ ظنّنا فيكم يقينا
كشفنا عن نواياكم فلستمْ
وقد برحَ الخفاءُ مُحايدينا
سنجمعُ أمرنا وترونَ منا
لدى الجُلّى كراماً صابرينا
قيلَ اسكتوا فسكتنا ثم أنطقنا
عَسَفُ الجفاةِ وأعلى صوتنا الألمُ
بنيتمْ على الأخلاقِ أساسَ مُلكِكُمْ
فكانَ لكمْ بينَ الشعوبِ ذِمام
فما لي أرى الأخلاقَ قد شابَ قرنها
وحلَّ بها ضعفٌ ودبَّ سَقامُ
أخافُ عليكم عثرةً بعدَ نهضةٍ
فليسَ لُملكِ الظالمينَ دوامُ
أضعتُمْ وداداً لو رعيتم عهودَهُ
لما قامَ بين الأمتينِ خصامُ
أبعدَ حيادٍ لا رعى الله عهدَهُ
وبعدِ الجروحِ الناغراتِ وئامُ
إذا كانَ في حسنِ التفاهمِ موتنا
فليسَ على باغي الحياةِ ملام
أيها القائمونَ بالأمرِ فينا
هل نسيتمْ ولاءنا والودادا
خفضّوا جيشكم وناموا هنيئاً
وابتغوا صيدكم وجوبوا البلادا
وإذا أعوزتكم ذاتُ طوقٍ
بينَ تلكَ الرُّبا فصيدوا العبادا
إنما نحنُ والحمامُ سواءٌ
لم تُغادر أطواقنا الأجيادا
لا تظنوا بنا العقوقَ ولكن
أكرمونا بأرضنا حيث كنتم

أرشدونا إذا ضللنا الرشادا
إنما يُكرمُ الجوادُ الجوادا
جاءَ جُهّالنا بأمرٍ وجئتم
ضعفَ ضعفيهِ قسوةً واشتدادا
أحسنوا القتلَ إن ضننتم بعفوٍ
أقصاصاً أردتم أم كيادا؟
أحسنوا القتلَ إن ضنِنتم بعفوٍ
(بعد حادثة دنشواي)

أنفوساً أصبتمُ أم جمادا؟
وللسياسةِ فينا كلَّ آونةٍ
لونٌ جديدٌ وعهدٌ ليسَ يُحترمُ
ماذا يريدون؟لا قرّتْ عيونهم
إنّ الكنانةَ لا يُطوى لها علمُ
كم أمّةٍ رغبت فيها فما رسختْ
لها ـ على حولها ـ في أرضها قدمُ
ما كانَ ربُّكَ ربِّ البيتِ تاركها
وهي التي بحبالٍ منهُ تعتصمُ
رأيُ الجماعةِ لا تشقى البلادُ بهِ
رغم الخلافِ ورأيُ الفردِ يُشقيها
والي الحجاز الخارجيّ وما بهِ
إلا اقتناص الأصفر الرّنان
ما للشريفِ المنتمي حسباً إلى
خيرِ البريّةِ من بني عدنان
أمسى يُمالئه وينصرُ غيّه
وضلاله بِحثالةِ العُربان
تالله لو جندتما رمل النّقا
ونزلتُما بمواطنِ العقبان
وغرستُما أرضَ الحجازِ أسنّةً
وأرسلتُما بحراً من النيران
لدهاكما ورماكما وذراكما
ماحي الحصونِ وماسحِ البلدان
وإذا بجيشٍ مُقبلٍ
والخيلُ مطلقةُ الأعنّة
وإذا الجنودُ سيوفها
قد صُوّبت لنحورهنه
وإذا المدافعُ والبنادقُ
والصوارمُ والأسنّة
والخيلُ والفرسانُ قد
ضربتْ نطاقاً حولهنه
فليهنأ الجيش الفخور
(وقوف الجيش أمام مظاهرة السيدات السلمية)

بنصرهِ وبكسرهنه
إيهِ يا مِدَرَةَ القضاءِ ويامنْ
سادَ في غفلةِ الزمانِ وشادا
أنتَ جلادُنا فلا تنسَ أنّا
قد لبسنا على يديكَ الحِدادا
هَبوا(دنلوب) أرحبكم جَنانا
وأقدركم على نزعِ الحقودِ
وأعلى من (غلادستون) رأياً
وأحكمَ من فلاسفةِ الهنودِ
فإنّا لا نُطيقُ لهُ جواراً
وقد أودى بنا أو كادَ يُودي
مللنا طولَ صحبتهِ وملّتْ
سوابقنا من المشي الوئيدِ
بحمدِ الله مُلككمْ كبير
وأنتم أهلَ مرحمةٍ وجودِ
خذوهُ لإامتعوا شعباً سوانا
بهذا الفضل والعلم المفيدِ
إذا استوزرتَ فاستوزر علينا
فتىً كالفضلِ أو كإبن العميد

حافظ إبراهيم

سلوا التركَ عمّا أدركوا فيهِ من منىً
وما بدّلوا في المشرقينِ وغيّروا
تواصوا بصبرٍ ثمّ سلوا من الحِجا
سيوفاً وجدّوا جدّهم وتدبروا
سلوا الفرسَ عن ماضي أياديه عندهم
فقد كانَ فيه الفرس عمياً فأبصروا
جلا لهم وجهُ الحياةِ فشاقهم
فباتوا على أبوابها وتجمهروا
ينادون أن مُنّي علينا بنظرةٍ
وأحَيِّ قلوباً أوشكتْ تتفطّرُ
أسطولنا الحقُّ الصُّراحُ وجيشنا ال
نُجحُ الفصاحُ وحربنا التدليلُ
ما الحربُ تُذكيها قناً وصوارمٌ
كالحربِ تُذكيها نُهىً وعقولُ
خُضها هنالكَ باليقينِ مُدّرعاً
والله بالنصرِ المبينِ كفيلُ
أزعيمهم شاكي السلاحِ مُدّججٌ
وزعيمنا في كفّهِ منديلُ؟
وكذلكَ المنديلُ أبلغُ ضربةً
من صارمٍ في حدّهِ التضليلُ
القوم قد ملكوا عِنانَ زمانهم
ولهم رواياتٌ به وفصولُ
ولهم أحابيلٌ إذا ألقوا بها
قنصوا النُّهى فأسيرهم مخبولُ
ولكلِّ لفظٍ في المعاجمِ عندهم
معنىً يُقالُ بأنهُ معقولُ
نصلتْ سياستهم وحالَ صباغُها
ولكلِّ كاذبة الخضابِ نصولُ
جمعوا عقاقيرَ الدهاءِ وركبّوا
(يصف الإنجليز)

ما ركبّوهُ وعندكَ التحليلُ
حاتمَ الطليانِ قد قلّدتنا
مِنّةً نذكرها عاماً فعاما
أنتَ أهديتَ إلينا عُدّةً
ولباساً وشراباً وطعاما
وسلاحاً كان في أيديكمُ
ذا كلالٍ فغدا يفري العظاما
أكثروا النزهة في أحيائنا
ورُبانا إنها تشفى السقاما
وأقيموا كلَّ عامٍ موسماً
يُشبعُ الأيتامَ منا والأيامى
يا أيّها الشعبُ الكريمُ تماسكوا
وخذوا أموركم بغير تواني
مالي أذكركم وتلكَ ربوعكم
مرعى النهى ومنابت الشجعانِ
أدركتمُ الدستورَ غيرَ ملوّثٍ
بدمٍ ولا متلطخاً بهوانِ
وفعلتمُ فعلَ الرجالِ وكنتمُ
يومَ الفخارِ كأمّةَ اليابانِ
فتفيئوا ظلّ الهلالِ فإنّهُ
جمُّ المبرّةِ واسعُ الإحسانِ
يرعى لموسى والمسيح وأحمدٍ
حقّ الولاءِ وحرمةَ الأديانِ
رجالَ الغدِ المأمولِ إنا بحاجةٍ
إلى قادةٍ تبني وشعبٍ يُعمّرُ
رجالَ الغدِ المأمولِ إنا بحاجةٍ
إلى عالمٍ يدعو وداعٍ يُذّكرُ
رجالَ الغدِ المأمولِ إنا بحاجةٍ
إلى عالمٍ”يدري” وعلمٍ يُقرَّرُ
رجالَ الغدِ المأمولِ إنا بحاجةٍ
إلى حكمةٍ تُملى وكُفٍّ تُحرِّرُ
رجالَ الغدِ المأمولِ إنا بحاجةٍ
إليكم فسدّوا النقصَ فينا وشمرّوا
رجالَ الغدِ المأمولِ لا تتركوا غداً
يمرُّ مرورَ الأمسِ والعيشُ أغبرُ
رجالَ الغدِ المأمولِ إنّ بلادكم
تناشدكم بالله أن تتذكروا
عليكم حقوقٌ للبلادِ أجلّها
تعهدُ روضِ العلمِ فالروضُ مُقفرُ
قصارى مُنى أوطانكم أن ترى لكم
يداً تبتني مجداً ورأساً يفكرُ
فكونوا رجالاً عاملينَ أعزّةً
وصونوا حمى أوطانكم وتحرروا
ويا طالبي الدستور لا تسكنوا ولا
تبيتوا على يأسٍ ولا تتضجّروا
أعدوا لهُ صدرَ المكانِ فإنني
أراهُ على أبوابكم يتخطّرُ
لا تيأسوا أن تستردوا مجدكم
فَلُربَّ مغلوبٍ هوى ثمّ ارتقى
مدّتْ له الآمالُ من أفلاكها
خيطُ الرجاءِ إلى العلا فتسلقا
فتجشّموا للمجدِ كلّ عظيمةٍ
إنّي رأيتُ المجدَ صعبَ المرتقى
من رامَ وصلَ الشمسِ حاكَ خيوطها
سبباً إلى آمالهِ وتعلقا
أو كلّما قالوا تجّمعَ شملهم
لعبَ الشقاقُ بجمعنا فتفرّقا
مضى زمنٌ والغربُ يسطو بحولهِ
عليَّ ومالي في الأنامِ ظهيرُ
إلى أن أتاحَ الله للصقرِ نهضةً
فقلت غِرارَ الخطبِ وهو طريرُ
جرتْ أمّةُ اليابان شوطاً إلى العلا
ومصرٌ على آثارها ستسيرُ
أبناؤنا وهم أحاديث الندى
ليسوا على أوطانهم بِشحاحِ
صبروا على مُرِّ الخطوبِ فأدركوا
حُلو المنى معسولة الاقداحِ
شاكي سلاح الصبر ليسَ بأعزلٍ
يغزوهُ رُبَّ عوامل وصفاحِ
الصبرُ إن فكرت أعظمُ عُدّةٍ
والحقُّ لو يدرونَ خير سلاحِ
يا أيها النشءُ سيروا في طريقتهِ
وثابروا رضيَ الأعداءُ أو نقموا
فكلكمْ”مصطفى” لو سارَ سيرته
وكلكم”كامل” لو جازهُ السأمُ
يُناشدنا بالله ألا تفرّقوا
وكونوا رجالاً لا تسروا الأعاديا
فروحي من هذا المقامِ مُطلةٌ
تُشارفكمْ عني وإن كنتُ باليا
فلا تحزنوها بالخلافِ فإنّني
أخافُ عليكم في الخلافِ الدواهيا
مضى زمنُ التنويمُ يا نيلُ وانقضى
ففي مصر أيقاظٌ على مصرَ تسهرُ
وقد كانَ مُرفين الدهاءِ مخدراً
فأصبحَ في أعصابنا يتخدّرُ
شعرنا بحاجات الحياة فإن ونت
عزائمنا عن نيلها كيفَ نُعذرُ
شعرنا وأحسسنا وباتت نفوسنا
من العيشِ إلا في ذرا العزِّ تسخرُ
فخذوا المواثقَ والعهودَ على
هدى التوراة والإنجيل والفرقان
وتذوّقوا معنى الحياة فإنّها
في مصر ألفاظٌ بغير معاني
ودعوا التقاطعَ في المذاهبِ بينكم
إنّ التقاطعَ آيةُ الخذلان
وتسابقوا للباقياتِ وأظهروا
للعالمينَ دفائنَ الأذهان
قُلْ للمُحايدِ هل شهدتَ دماءنا
تجري وهل بعدَ الدماءِ سلامُ
سُفكتْ مودتنا لكم وبدا لنا
أنّ الحيادَ على الخصامِ لثامُ
فما أنا واقفٌ برسومِ دارٍ
أسائلها ولا كَلفٌ برودِ
ولا مستنزلٌ هبةً بمدحٍ
ولا مُستنجزٌ حُرَّ الوعودِ
ولكنّي وقفتُ أنوحُ نَوحاً
على قومي وأهتفُ بالنشيدِ
وأدفعُ عنهم بِشبا يراع
يصولُ بكلِّ قافيةٍ شرودِ
أذيقونا الرجاءَ فقد ظمئنا
بعهدِ المُصلحينَ إلى الورودِ
ومُنّوا بالوجودِ فقد جهلنا
إذا اعلولى الصباح فلا تلمنا
على قدرِ الأذى والظلم يعلو
جراحٌ في النفوسِ نَفرنَ نفراً

بفضلِ وجودكم معنى الوجودِ
فإنّ الناسَ في جَهدٍ جهيدِ
صياح المشفقين من المزيد
وكُنَّ قد اندملن على صديد
إذا الله أحيا أمّة لن يردّها
إلى الموتِ قهّارٌ ولا متجبرُ
ينامونَ تحت الظلمِ والارضُ رحبةٌ
لمن باتَ يأبى جانب الظلمِ جانبهْ
فياليتَ لي وجدان قومي فأرتضي
حياتي ولا أشقى بما أنا طالبهْ
يا ساهد النجم هل للصبحِ من خبر
إنّي أراكَ على شىءٍ من الضجر
أظنُّ ليلُكَ مذ طالَ المقامُ به
كالقوم في مصر لا ينوي على سفر
رمى دار المعارفِ بالرزايا
وجاءَ بكلِّ جبّارٍ عنيدِ
يُدّلُ بِحَولهِ ويتيهُ تيهاً
ويعبثُ بالنُّهى عبثَ الوليد
فبدّدَ شملها وأدالَ منها
وصاحَ بها سبيلكِ أن تبيدي
أيها المصلحون ضاقَ بنا العيشُ
ولم تحسنوا عليهِ القياما
عزّتْ السلعةُ الذليلة حتى
بات مسح الحذاء خطباً جساما
وغدا القوتُ في يدِ الناس كاليا
قوت حتى نوى الفقير الصياما
يقطعُ اليومَ طاوياً ولديهِ
دون ريح القتار ريح الخزامى
ويخالُ الرغيف في البعدِ بدراً
ويظن اللحوم صيداً حراما
أيها المصلحون أصلحتم الأرض
وبتم عن النفوسِ نياما
إنّ المراجلَ شرّها لا يُتقى
حتى يُنّفسَ كربهنَّ صِمامُ
لم يبقَ فينا من يُمنّي نفسَهُ
بودادكمْ فودادكم أحلامُ
أمنَ السياسةِ والمروءةِ أننا
نشقى بكم في أرضنا ونُضامُ؟
إنّا جمعنا للجهادِ صفوفنا
سنموتُ أو نحيا ونحنُ كرامُ
فما جئنا نطاولكم بجاهٍ
يطولكم ولا ركنٍ شديد
ولا بتنا نفاخركم بعلمٍ
يبين به الغويُّ من الرشيد
ولكنّا نطالبكم بحقٍّ
أضرَّ بأهلهِ نقضُ العهود
فليتَ كرومراً قد دامَ فينا
يُطوّقُ بالسلاسلِ كلَّ جِيدِ
ويُتحفُ مصرَ آناً بعد آنٍ
بمجلودٍ ومقتولٍ وشهيدِ
لننزعَ هذه الأكفانَ عنّا
ونُبعثَ في العوالمِ من جديد
أكلُّ موظف منكم قديرٌ
على التشريعِ في ظلِّ العميد
فضعْ حداً لهم وانظر إلينا
إذا أنصفتنا نظر الودودِ
وخبّرهم وأنتَ بنا خبيرٌ
بأنّ الذلَّ شِنشنه العبيد
وأنّ نفوس هذا الخلق تأبى
وما أدري وقد زودّتُ شعري
أجئتَ تحوطنا وترُد عنا
أم اللُردُ الذي أنحى علينا

لغيرِ إلهها ذُلَّ السجودِ
وظنّي فيكَ بالأملِ الوطيدِ
وترفعنا إلى أوجِ السّعودِ؟
أتى في ثوبِ معتمدٍ جديد
فاطمئنّي أُممَ الشّرقِ ولا
تقنطي اليومَ فإنّ الجَدَّ قاما
إنّ في أضلاعنا أفئدةً
تعشقُ المجدَ وتأبى أن تُضاما
أمنَ العدلِ أنهم يَردِونَ ال
ماءَ صَفواً وأن يُكدّرَ وردي؟
إنّي أرى قيداً فلا تُسلموا
أيديكمْ فالقيدُ لا يُسجحُ
إن هيأوهُ من حريرٍ لكم
فهو على لينٍ بهِ أفدَحُ
بُوركتَ يا يومَ الخلاصِ ولا ونتْ
عنكَ السُّعودُ بغدوةٍ ورواحِ
بالله كنْ يُمناً وكنْ بشرى لنا
في ردِّ مغتربٍ وفكِّ سَراحِ
تِه يا فؤادُ فحولَ عرشكَ أمّةٌ
عقدت خناصرها على الإصلاحِ
واصفحوا عن هَناتِ من كان منكم
رُبَّ هافٍ هفا على غيرِ عَمدِ
نحنُ نجتازُ موقفاً تعثرُ الآ
راءُ فيه وعثرةُ الرأي تُردي
ونُعيرُ الأهواءَ حرباً عواناً
من خِلافٍ والخُلفُ كالسّلِ يُعدي
فشهدنا ظُلماً يُقالُ لهُ العد
لُ وودّاً يسقي الحميمَ الحميما
فاتقوا غضبةَ العواصفِ إنّي
قد رأيتُ المصيرَ أمسى وخيما
فاجعلْ شعاركَ رحمةً ومودّةً
إنّ القلوبَ مع المودّةِ تُكسبُ
كيفَ يحلو من القويِّ التشفيّ
من ضعيفٍ ألقى إليهِ القيادا؟
أيها الرافلونَ في حُللِ الوشي
يجرونَ الذيولَ افتخارا
إنّ فوقَ العراءِ قوماً جياعاً
يتوارونَ ذلّةً وانكسارا
أيهذا السجينُ لا يمنعُ الس
جنَ كريماً أن يُقيلَ العِثارا
مُرْ بألفٍ لهم وإن شئت زدها
وأجرهمْ كما أجَرتَ النصارى
قد شهدنا بالأمسِ في مصرَ غرساً
ملأ العينَ والفؤادَ ابتهارا
سالَ فيهِ النُّضارُ حتى حسبنا
أنّ ذاكَ الفناءَ يجري نُضارا
باتَ فيهِ المُنّعمونَ بليلٍ
أخجلَ الصبحَ حسنهُ فتوارى
يكتسون السرورَ طوراً وطوراً
في يدِ الكأسِ يخلعونَ الوقارا
جلَّ من قسّمَ الحظوظَ فهذا
يتغنّى وذاكَ يبكي الديارا
ورُدّوا على المُلكِ الشبابَ الذي ذوى
فإني رأيتُ المُلكَ شابت ذوائبه
فاحجبوا الشمسَ واحبسوا الروحَ عنا
وامنعونا طعامنا والشرابا
قد ملكتم فمَ السبيلِ علينا
وفتحتم لكلِّ شعواءَ بابا
وملأتم جوانبَ النيلِ وعدا
ووعيداً ورحمةً وعذابا
لا تقولوا خلا العرينُ ففيهِ
ألفُ ليثٍ إذا العرينُ أهابا
فاجمعوا كيدكم ورُوعوا حماها
إنّ عندَ العرينِ أُسداً غضابا

خليل مطران

تلكَ الدُّجنّةُ آذنت بجلاءِ
وبدا الصباحُ فَحيِّ وجهَ ذُكاءِ
العدلُ يجلوها مُقلاً عرشها
والظلمُ يعثرُ عثرةَ الظلماءِ
يا أيها اليومُ العظيمُ تحيةً
فُكَّ الأسارى بعد طولِ عناءِ
أوشكتُ قيكَ وقد نسيتُ شكّيتي
أن أُوسعَ الأيامَ طِيبَ ثناءِ
اليتطلعون إلى الحياةِ بأعينٍشمسُ يزدادُ ائتلاقاً نورها
بعد اعتكارِ الليلةِ الليلاءِ
ويُضاعفُ السّراءُ في إقبالها
تذكارُ ما ولّى من الضرّاءِ
فلم يَرِمْ زمناً أن ردَّ غارتُهم
والحكمُ ما شاءهُ الحقُّ متبوعُ
والشعبُ مستيقظٌ من غفلةٍ سلفتْ
والعلمُ مستقبلٌ والجهلُ مدفوعُ
قلتُ لقد حلَّ المُصابُ الذي
يُوقظها يا نفسُ فاستبشري
ما لشعوبٍ جمدتْ باعثٌ
كالخطبِ مهما يَطوها تُنشرِ
لله حُسنُ بلائهم لما أبوا
متضافرينَ دوامَ تلكَ الحالِ
وتوثبوا بعزيمةٍ مصدوقةٍ
برئت من الاحقادِ والاوجالِ
يَردِونَ حوضاً والمنايا دونهُ
مستبسلينَ ضروبَ الاستبسالِ
حتى أُتيحَ الفتحُ يجلو حُسنَهُ
في يومهِ إحسانُ يومٍ خالِ
أعززْ علينا أن نرى أوطاننا
فِرقاً وتُقتسمُ اقتسامَ غنائمِ
ما إن دهاها من عداها ما دهى
من أنفُسٍ فيها مِراض عزائم
تهوى الحياة على الهوانِ وراء ما
بلغ الهوى من قلبٍ صّبٍّ هائمِ
يا أمتي إن تذكري مجداً مضى
فالمجدُ لا يثرضيهِ نوحُ حمائمِ
أيُّ جيشٍ يُدربون لمصرٍ
ووليُّ التدريبِ فيهِ العادي
ولمن تملأ الفضاء وعيداً
عُدَدٌ من حديدهِ الرَّعادِ
وأنتم يا أمتي أريدكمْ
عند رجائي حكمةً ورُشدا
يا أمتي بالعلمِ ترقونَ العلى
وتكسبونَ رفعةً وحمدا
وبالوفاقِ تملكونَ أمركمْ
وتغنمونَ العيشَ طلقاً رغدا
فمن يُخالف صابروه إنّه
لذاهبٌ فراجعٌ لا بُدا
جرى حكمُ الحديد على النياقِ
ودالت دولةُ الجُربِ العتاق
ردّوا على الوطنِ الباكي أعزّتهُ
ودافعوا الموتَ عنهم دفعَ أكياسِ
فإنّ أسقامهم في كلِّ جارحةٍ
منا وآلامهم في كلِّ إحساسِ
إن يركب الباغي هواهُ مطيّةً
فأشدُّ بغياً خُضَّعُ الأجيادِ
من يلم نيرون إنّي لائمٌ
أمّةً لو كهرتهُ ارتدَّ كهرا
لم يَطُلْ عهدُ مصرَ بالوثبةِ الأولى
ودونَ الوصول خرطُ القتاد
كم سبقتنا أمّةٌ فاتحدّتْ
وأدركتْ شأناً به مُعتدّا
قام بنوها كالعمادِ حولها
فبسطوا رُزاقها مُمتدا
سعتْ إلى عنايتها قصدا على
تثبّتٍ فبلغتها قصدا
تلك لعمري سُنّةٌ نجا بها
من قبلُ أقواماً تتحدّى

محمود سامي البارودي

ومن ذلّ خوف الموتِ كانت حياتهُ
أضرَّ عليهِ من حِمامٍ يؤدّه
إذا المرءُ لم يدفع يدَ الجور إن سُلطت
عليهِ فلا يأسف إذا ضاعَ مجده
يستعظمونَ من الحجاجِ صولتهُ
وكلُّ قومٍ بهم للظلمِ حجّاجُ
أصبراً على مسِّ الهوانِ وأنتمُ
عديدُ الحصى إنّي إلى الله راجعُ
وكيفَ ترونَ الذُلَّ دارَ إقامةٍ
وذلكَ فضلُ الله في الأرضِ واسعُ
أبى الضيمَ فاستلَّ الحسامَ وأصحرا
وذو الحلمِ إن سيمَ الهوانَ تنّمرا
وطارتْ بهِ في ملتقى الخيلِ عزمةٌ
أعادتْ جبينَ الصبحِ بالنقعِ أكدرا
يا أيها الظالمُ في مُلكهِ
أغرّكَ المُلكُ الذي ينفدُ؟
اصنعْ بنا ماشئت من قسوةٍ
فالله عدلٌ والتلاقي غدُ
لكننا عرض للشرِّ في زمنٍ
أهلُ العقولِ بهِ في طاعةِ الخملِ
قامتْ بهِ من رجالِ السوءِ طائفةٌ
أدهى على النفسِ من بؤسٍ على ثكلِ
ذلّتْ بهم مصر بعد العزِّ واضطربتْ
قواعد الملك حتى ظلّ في خلل

سيد قطب

أخي أنتَ حرٌ وراءَ السدود
أخي أنتَ حرٌّ بتلكَ القيود
إذا كنتَ بالله مُستعصماً
فماذا يضيرُكَ كيدُ العبيد
أخي ستبيدُ جيوشَ الظلام
ويُشرقُ في الكونِ فجرٌ جديد
فأطلقْ لروحكَ إشراقها
ترى الفجرَ يرمقنا من بعيد
أخي قد أصابكَ سهمٌ ذليل
وغدراً رماكَ ذراعٌ كليل
ستُبترُ يوماً فصبرٌ جميل
ولم يَدْمَ بعد عرينُ الاسود
أخي قد سرتْ من يديك الدماء
أبتْ أن تُشلَّ بقيدِ الإماء
سترفعُ قربانها للسماء
مُخضّبةٌ بدماءِ الخلود
أخي هل تُراكَ سئمتَ الكفاح
وألقيتَ عن كاهليكَ السلاح
فمن للضحايا يُواسي الجراح
ويرفعُ راياتها من جديد
أخي هل سمعتَ أنينَ التراب
تدّكُ حصاهُ جيوشَ الخراب
تُمزّقُ أحشاءهُ بالحراب
وتصفعه وهو صلبٌ عنيد
أخي إنّني اليومَ صلبُ المِراس
أدّكُ صخورَ الجبالِ الرواسي
غداً سأشيحُ بفأسِ الخلاصِ
رؤوسَ الأفاعي إلى أن تبيد
أخي إن ذرفتَ عليَّ الدموع
وبلّلتَ قبري بها في خشوع
فأوقد لهم من رفاتي الشموع
وسيروا بها نحو مجدٍ تليد
أخي إن نَمتْ نلقَ أحبابنا
فروضاتُ ربّي أُعدَت لنا
وأطيارُها رفرفت حولنا
فطوبى لنا في ديارِ الخلود
أخي إنني ماسئمتُ الكفاح
ولا أنا ألقيتُ عني السلاح
وإن طوقتني جيوشَ الظلام
فإنني على ثقةٍ بالصباح
وإني على ثقةٍ من طريقي
إلى الله ربِّ السنا والشروق
فإن عافني السوقُ أو عقنّي
فإني أمينٌ لعهدي الوثيق
أخي أخذوكَ على إثرنا
وفوجٌ على إثرِ فجر جديد
فإن أنا مُتُّ فإني شهيد
وأنتَ ستمضي بنصرٍ جديد
قد اختارنا الله في دعوته
وإننا سنمضي على سنته
فمنا الذين قضوا نحبهم
ومنا الحفيظ على ذمته
أخي فامضِ لا تلتفت للوراء
طريقُكَ قد خضَبته الدماء
ولا تلتفت ههنا أو هناك
ولا تتطلع لغير السماء
فلسنا بطير مهيض الجناح
وإني لأسمعُ صوت الدماء

ولن نُستذل..ولن نُستباح
قوياً ينادي الكفاح الكفاح
سأثأر لكن لربٍ ودين
فإمّا إلى النصرِ فوقَ الأنام

وأمضي على سنتي في يقين
وإمّا إلى الله في الخالدين

سيد قطب

ليتَ أهلُ الأرضِ يدرونَ بما
صنعَ الغُصّاب بالنفسِ البراء
أترى أنعمتها وحشية
في ظلامِ الكهفِ لم تدرِ الضياء؟
أظلمُ الوحش إذا شبهتهُ
بوحوشِ الغربِ تمتص الدماء
يفتكُ الوحشُ ليحيا بينما
يفتكُ الغربي حباً في الثراء
يا شبابَ الشرق هذا موقف
تقشعرُ الأرض منهُ والسماء
ودمُ المختار مازال نديّاً
يستحثُ الخانعينَ الضعفاء
وضحايا الأمس والأمس نذير
اليوم يدعون ويجيبون الدعاء

نزار قباني

قالت:هنا(الحمراءُ) زَهوُ جدودنا
فاقرأ عل جدرانها أمجادي
أمجادُها!ومسحتُ جرحاً نازفاً
ومسحتُ جرحاً ثانياً فؤادي
يا ليتَ وارثتي الجميلة أدركتْ
أن!ّ الذينَ عَنتهمُ أجدادي
لا تسكروا بالنصرِ إذا قتلتم خالداً
فسوفَ يأتي عمرو
وإن سحقتم وردةً
فسوفَ يبقى العطرُ

بدوي الجبل

أُنزهُ آلامي عن الدمعِ والأسى
فتُؤنسُها مني الطلاقةُ والبِشرُ
وأضحكُ سُخراً بالطغاةِ ورحمةً
وفي كبدي جرحٌ وفي أضلعي جمرُ
لَعمرُكَ للضعفِ الخفاءُ وكيدهُ
وللقوةِ الكبرى الصراحة والجهرُ
وكنتُ إذا الطاغي رماني رميتهُ
فلا نُصرتي همسٌ ولا غضبي سرُّ
أيها الأقوياء ليناً وعطفاً
أشعوباً ترعونها أم سواما
في رمادِ الضعيفِ نار فمهلاً
إنّ ظلمَ القوي يُذكي الضراما
أنا أخشى من الضعيفِ عليكم
بعد حين تمرداً وانتقاما
أنا أخشى من الضعيفِ عليكم
شدّةُ البغي والأذى علّمتهُ
أرهقونا ما شئتم واظلمونا
واملؤوا هذه السجون إلى أن

ثورةً تبعثُ الخطوبَ الجساما
كيفَ يغشى يومَ الصدامِ الصداما
وامنعونا حتى الكرى والطعاما
تشتكي من ضيوفها الازدحاما
يا بني أمّ هبّة بعد نومٍ
كشفَ الصبحُ بالضياءِ الظلاما
قفْ على اليرموكِ واخشعْ باكياً
وتيّمم من صعيدِ القادسية
تربة طيبة طاهرة
وقبور من حيا الدمعِ رويّة
ها هنا مثوى الصناديدِ الألى
قد لووا قسراً عنانَ الجاهلية
دوّخوا الروم وثلّوا عرشها
يا قبوراً مُحيت واندثرت
لكِ من دمعي إذا ضنَّ الحيا

وطووا حمر البنودِ الفارسية
أنت نبراس الهدى والوطنية
ديمة تبكي ووطفاء رويّة
تاج هارون خبا لألأوهُ
فبكت دجلة حزناً والفرات
وذُرى الزهراء خرّتْ بعدما
طاولتْ زهرَ النجومِ النيّرات
وبنو مروان ولّوا وانطووا
وتخلّوا عن متونِ الصافنات
قلْ لجيشِ الروم ماذا تتقي
طاحَ ريبُ الدهر غدراً بالغزاة
ملّ الشعوب من الرقادِ وبكرّوا
للطيباتِ فهل تملّ رقادها
بنت الغزاة الفاتحين تحكّمت
فيها العداةُ وأحكمت أصفادها
ملكوا عليها الدجلتين وحرّموا
بردى وذادوا بالظبى ورّادها
وكست جنودهم العواصم فارتدّتْ
ثوبَ الحدادِ وودّعتْ أعيادها
يا للعواصم خُطّة مغزوة
ملك الغريببُ بياضها وسوادها
مدّتْ إلى الفيحاءِ كفَّ رجائها
متروكة وترّقبتْ إسعادها
ما أسرع الفيحاء،لولا أنها
طغت الخطوب فرثيت أنجادها
وشكت لبغداد الخطوب وما درتْ
أنّ الخطوبَ تعرّقت بغدادها

بدوي الجبل

يا شاربَ الماءِ القراحِ:بِجلقٍّ
لم يشربوا إلا الدموعَ قراحا
عُرسُ الشآمِ،طغى عليهِ ظالمٌ
فطوى البساطَ وحطّمَ الأقداحا
أما لداتُكَ بالشآمِ فإنهمْ
حملوا الإباءَ وسلاسلاً وجراحا

بدوي الجبل

وأُسرُّ الشكوى حياءً وكبرا
رُبَّ شكوى إسرارها إعلانُ
كيفَ أُغضي على الهوانِ لجبّارٍ
وعندي الشبابُ والعنفوانُ
ما لسلطانهم على الحُرِّ حكمٌ
كلّ نفسٍ إباؤها سلطانُ
أخرستني الشآم تخفر للقبر
عليها الطيوب والأكفان
يالها ميتة،ومن صور الموت
همودُ الإباءِ والإذعان
إنّهُ الموت لا اختلاف عليه
فعزاء بالشام يا مروان
بدعةُ الذلِّ حين لا يذكر
الإنسانُ في الشام أنه إنسان
أيها الحاكمونَ ما ضاعت الحجّة منكنم
ولا انطوى البرهان
حقُّ هذي النفوس أن تُرفعَ
الأصنامُ فيها وتعبد الأوثان
إن طبعنا على الإباء فبعض
الذلِّ في النفس عادة ومران
يا لها دولة يعاقبُ فيها
كالجناةِ العقولُ والاذهان
أين حريتي؟فلم يبق حرّ
من جهيرِ النداءِ إلا الأذان
سُبّةُ الدهرِ أن يُحاسبَ فكر
في هواه وأن يُغلّ لسان
الضحى والشجاع حلفا كفاح
ما احتمّى بالظلامِ إلا جبان
حرنوا الشعوب في موكبِ السبق
ومن شيمة الهجين الحران
يعثر الدهرُ والشعوبُ وتشقى
بالمناكيدِ أمّة وزمان
قد سقينا من قلبنا الموت حتى
نبت الضرب في الربى والطعان
تخجل الخيلُ بالذليل إذا صا
لت ويشقى سرجٌ ويشكو عنان
ليسَ خلفَ البرود إلا هباء
فاحكم الناس أيها الطيلسان
يظلم القلب لا مروءة فيه
فهو كالقبر موحشٌ حرّان
غيرةَ الله! أينَ قومي وعهدي
بهم ينهدونَ للشرِّ نهدا
نعشقُ القدّ للعوالي وأحببنا
لهنديّة الصوارمِ هندا
ودفنا الكنوزَ يوم دفنا
في ثراها الآباءَ جداً فجدا
لا يخدعنّكَ زهو الظالمين وإن
تاهتْ على الفلكِ الأبراجُ والعَمد
ثلاثةٌ لهوانِ الدّهرِ قد خُلقوا
تكبّرَ الحقُّ أن تلقاهُ مُضطهداً

الظالمونَ وعيرُ الحيِّ والوتدُ
ألظلمُ في عنفوانِ الظلمِ مُضطهددُ
سائلوا زحمةَ العواصفِ لمّا
رجّتْ الأرض أينَ كنّا وكانوا
وسلوا ظُلمةَ السجونِ فلن
يُنبىء عنهم سجن ولا سجّانُ
كتب المجد ما اشتهت غرر المجد
نحنُ تاريخ هذه الأمة الفخم

ونحنُ الكتابُ والعنوانُ
ونحنُ المكانُ والسكانُ
وعقودٌ من السنينَ نظمناها
سجوناً وكبرياءً وضيقا
نحن كنّا الزلزال نعصفُ بالشرق
نرجُّ الشعوبَ حتى تفيقا
فابتدعنا من الرؤى واقع الحقّ
ومن غمرةِ الظلامِ البريقا
نقحمُ الغامض الأشمُّ من المجدِ
ونأبى المُمهد المطروقا
ربِّ في الكون نفوس جمّة تتألم
تحملُ البؤسَ حزيناتٍ ولا تتكلمْ
هي ماجور البرايا فاحمها تتظلّم

عزّ يا ربّ لجرحاها الدواءُ والأساة
ربّ عدلاً ما المطيعون سواءً والعصاة
يفوزُ بأوطارِ الحياةِ محاربٌ
ويرجعُ بالخذلانِ فيها مسالمُ
فقلْ لضعيفٍ راحَ يسألُ رحمةً
رويدكَ ما للضعيفِ في الناسِ راحمُ
وقلْ للذي جافى على القربِ أهلهُ
رويدكَ تقوى بالخوافي القوادمُ
إنّما الشعبُ وهو يقظان حي
واقفٌ ،فاحذروه،بالمرصادِ
انزلوا عند حكمهِ ورضاهُ
تجدوا الصعبَ منهُ سلسَ القيادِ
واحذروا منهُ غضبةُ تخفضُ العا
لي فتغدو الجبالُ مثل الوهادِ
لا أبالي وقد قسوتُ على الظالمِ
عسفُ الدّجى وعضّ الحديدِ
عشرينَ عاماً شربنا الكأسَ مترعةً
من الاذى فتملّى صرفها الآنا
ما للطواغيت في باريسَ قد مُسخوا
على الأرائكِ خُدّاماً وأعوانا
الله أكبر هذا الكون أجمعه
لله لا لك تدبيراً وسلطانا
ضغينةٌ تتنزى في جوانحنا
ما كانَ أغناكم عنها وأغنانا
ولقد جزعتُ من السياسةِ إنها
غول وهل تلد السلامة غول؟
دينُ السياسة جاءَ فيهِ مبشراً
بالمشرقين: الجيش والاسطولُ
تحملّوا وزرَ هذا الشرق مزّقهُ
جنونُ طاغٍ فأضحى شملهُ بددا
لا أكذب الله قد أضحت كنوزكم
لصرحِ طغيانهِ الأركان والعمدا
لا أكذب الله من أموالكم صقلت
خناجر طعنت حريتي ومِدى
أبا جميل سلام الله لا كتب
إليك تحملُ أشواقي ولا برد
لقيت في الحقّ ما لاقى نفرٌ
من الهداة وما عانوا وما جهدوا
والعبقريُّ غريبٌ في مواطنهِ
يدورُ حيثُ يدورُ الحقدُ والحسدُ
وحاملينَ رسالاتٍ مقدسةٍ
توحدوا بالجهادِ السمحِ وانفردوا
مُشتتينَ بعصفِ الريحِ ولا وطنٌ
يلمُّ أشتاتَ بلواهم ولا بلدُ
معاركُ الحقِّ من أجسادهم مزق
على ثراها ومن مرّانهم قصدُ
حسبوا ضحكة الشعوبِ ارتياحاً
لا يهن الشعوب إلا رضاها
ما لِشمِّ الذرى تغض من الذلِّ

واللظى حينَ يضحكُ البركان
رضى الناسُ بالهوانِ فهانوا
فأين النسور والعقبان
فيمَ التخاذل لا فُلّتْ جموعكم
مالي وللناس، جدّ الناس كلهم

والدهرُ يزحفُ بالأرزاءِ والنُوّبِ
وضاعَ قومي بينَ الجدِّ واللعبِ
هل لإبن دجلة حقٌّ غير مغتصب
أم لإبن جِلّق إرثٌ غير مُنتهبِ
أينَ الشبابُ وفتيانٌ غطارفة
كالأسد في النيل ما واثبها تثبِ
اليعربيون لا حقد ولا غضب
قد يسلب الحقّ بينَ الحقدِ والغضبِ
سلهُ عن الزمانِ الخؤونِ وأهلهِ
تراهُ عليماً بالزمانِ خبيرا
سلب الزمانُ بها ملوك أميّةٍ
تاجاً يشع ضياؤه وسريرا
يا لاثماً فيها الثرى من حُبّهِ
أعلمتَ أنّكَ تلثمُ الكافورا
وياربّ علّمها المسير إلى الرّدى
بسبيلِ عزّتها ونيلِ مرامها
هذي دماء كرامها مطلولة
فاقبلْ ضحيتها دماء كرامها
لا ترتجي إلا حياة حرّة
وياربّ،أجر صلاتها وصيامها
إن لم ترج الفوز قبل حِمامها
فاسمحْ بهِ ياربّ بعد حِمامها
فتراهُ بعد الموت في أرواحها
إن لم تكن شهدته في أجسامها
يا صديدَ الجراحِ بوركت طيبا
يتملّى ريّاهُ جيلٌ فَجيل
كلّ روضٍ في الشرق من
دم آبائي مُندّى مُعطّر مطلول

عندي كنوزُ حنان لا نفادَ لها
أنهبتها كلَّ مظلومٍ ومقهور

بدوي الجبل

لا تلمنا إذا تركنا الميادين
سمّواً بحقّنا ووثوقا
فالأصيلُ العتيقُ يأنف شوطاً
لم يشاهد فيه أصيلاً عتيقا
ذلّ شوط يكونُ بين البراذين
فلا سابقاً ولا مسبوقا
لم تحمحم تختالُ بالحسن والقوة
بل حمحمت تريد العليقا
مانزلنا عن السروجِ عياء
لو ركبنا لما اطاقوا اللحوقا
ولنا السبقُ فامسحوا غرر
الخيل بأيمتنكم تشمّوا الخلوقا
أيهاالزاعمونَ أنّا فرقنا
صائدُ الليثِ لا يكونُ فروقا
كيفَ يرمي بالخوف من زحم
الأسد وأعيا أنيابها والحلوقا
أنكرونا يشهد حطيم قيود
وسمت منكم رقابا وسوقا
سدّةُ الحكم بعد آساد خُفان
تضمُ الأحلافَ شاءَ ونوقا

بدوي الجبل

فَتنّمرْ واغضبْ لقومكَ وارجمْ
بالشهابِ اللّماح كلّ مريد
واغزُ بالجيشِ قبّة الفلك الدائر
واقحم بهِ عرين الاسودِ
جيشُكَ الجيشْ لو تنكّر للنوم
لضاقتْ به جفون الرقود
فإذا هجتهُ ترّنحت الاعلام
وازّينت لفتح جديد
وإذا هجتهُ تلفتت الدنيا
وهمّتْ أفلاكها بالسجود
ويلُ الشعوبِ التي لم تَسقِ من دمها
ثاراتها الحمر أحقاداً وأضغانا
يُعطي الشهيدُ فلا والله ما شهدتْ
عيني كإحسانهِ في القومِ إحسانا
وغايةُ الجودِ أن يسقي الثرى دمه
عند الكفاحِ ويلقى الله ظمآنا
والحقُّ والسيفُ من طبعٍ ومن نَسبٍ
كلاهما يتلقى الخطب عريانا

بدوي الجبل

حشدوا جندهم وأقبل سعد
يحشد الناسَ والعقيدة جندا
ضاحك الثغر والضحى مكفهر
روعوهُ قصفاً وبرقاً ورعدا
والتقينا لا وإيمان سعد
ماتحدوا بالموتِ إلا تحدّى
ضربَ الظلم ضربة رنّحته
فتداعى مزمجراً فترّدى
يا سامرَ الحيِّ هل تعنيكَ شكوانا
رَقَّ الحديدُ وما رقّوا لِبلوانا
خلِّ العتابَ دموعاً لا غَناءَ بها
وعاتبِ القومَ أشلاءً ونيرانا
آمنتُ بالحقدِ يُذكي من عزائمنا
وأبعدَ الله إشفاقاً وتحنانا
ويلَ الشعوبِ التي لم تسقِ من دمها
ثاراتها الحُمرَ أحقاداً وأضغانا
ترّنحَ السوط في يُمنى مُعذّبها
ريّانَ من دمها المسفوح سكرانا
أما الشآمُ فلم تُبقِ الخطوبُ بها
رَوحاً أحبَّ من النُعمى ورَيحانا
ألمَّ والليلُ قد أرخى ذوائبهُ
طيفٌ من الشامِ حيّانا فأحيانا
حنا علينا ظِماءً في مناهلنا
فأترعَ الكأسَ بالذكرى وعاطانا
السامرُ الحلوُّ قد مرَّ الزمانُ بهِ
فمزّقَ الشّملَ سُماراً وندمانا
هل في الشآمِ وهل في القدسِ والدةٌ
لا تشتكي الثُكلَ إعوالاً وإرنانا
ثاراتُ يعرب ظمأى في مصارعها
ألا دمٌّ يتنزّى في سلافتها
لا خالد الفتح يغزو الروم منتصراً

تجاوزتها سقاة الحيِّ نسيانا
أستغفرُ الثأر بل جفّت حمّيانا
ولا المثنى على رايات شيبانا
يا وحشةَ الثأرِ لم ينهد له أحد
فاستنجدَ الثأرُ أجداثاً وأكفانا
أفدي شمائل قومي ثورةً ولظى
وعاصفاً زحمَ الدنيا وبركانا
من أطفأ الجذوةَ الكبرى بأنفسنا
أدهرنا حالَ أم حالتْ سجايانا
هي الكؤوسُ ولكن أين نشوتنا
وهي الحروفُ ولكن أين معنانا
يريدُ حسابي ظالمٌ بعدَ ظالمٍ
وما غيرُ جبّارِ السماءِ حسيبي
على الرمالِ طيوفٌ من كتائبنا
نشوى الفتوحِ ونفح من سرايانا
لإبن الوليد على كثبانها عبق
سقى الهجير من الذكرى فنّدانا
وفي النسيم على الصحراء نرشفه
طيبُ المثنى على رايات شيبانا
قالوا :السياسة،قلت:رغم دهاتها
ظلّ العروبة في الربوعِ ظليل
نسبٌ أغرّ وذروة مضرية
نبت الربيع بها قنا ونصولُ
وعقيدة وطنية عربية
فيها نصول على العدى ونطول
إرجعوا للشعوبِ يا حاكميها
لا يُفيدُ التهويلُ والتغريرُ
لا يقودُ الشعوبَ ظلمٌ وفقرٌ
وسِبابٌ مُكرّرٌ مسعورُ
واتقوا ساعةَ الحسابِ إذا دقّتْ
فيومُ الحسابِ يومٌ عسيرُ
كلُّ حكمٍ وإن طالتِ
الأيامُ يومان:أوّلٌ وأخيرُ
وكلُّ طاغٍ مهما استبدَّ ضعيفٌ
كلُّ شعبٍ مهما استكان قديرُ
يُبغضُ الظلمُ ناصحيهِ وإني
لَملومٌ في نُصحكم معذورُ؟
لم أهادنْ ظلماً وتدري الليالي
في غدٍ،أينا هو المدحورُ
ما للطغاةِ سيادةٌ،يخشى الظلامُ ولا يسودُ
يتسللُ النذلُ الجبانُ دُجىً وتقتحمُ الاسودُ
أرقَّ الناسِ عاطفةً وطبعاً
وأعنفهم على الطاغي جماحا

بدوي الجبل

بدعةُ الذلِّ حين لا يذكر
الإنسانُ في الشاتمِ أنّهُ إنسان
بدعةُ الذلِّ أن يصاغ من
الفردِ إلهٌ مهيمنٌ ديّان
أيها الحاكمونَ ما ضاعت الحجّة
منكم ولا انطوى البرهان
حقّ هذي النفوس أن ترفع
الأصنام فيها وتعبد الاوثان

عمر أبو ريشة

رجالٌ لا تلينُ لهم قناةٌ
إذا عصفَ الحديدُ على الحديدِ
وأفظعُ منظر حرّ جريح
بكى أسفاً على حُرٍّ شهيد
كتائبُ الفتحِ في إعصارِ عاصفةٍ
بالحقدِ والغضب العلوي تنفجرُ
كتائبُ بالنضالِ الحقِّ مؤمنةٌ
إذا الطواغيتُ من إيمانها سخروا
ليسَ عاراً إن في النضالِ عثرنا
إنّما العارُ في اجتنابِ النضالِ
رَبعُ حطّينَ مُوحشٌ يا صلاحَ
الدين،إلا من ذكرياتٍ غوالِ
سِرْ بنا صوبَهُ وصَلِّ بنا في
القدسِ واضربْ حرامَهُ بالحلالِ
أيهزنّي طربٌ وأشباحُ الخنى
في موطني مسنونةُ الأنيابِ
من خانعٍ متكبرٍ ومخاتلٍ
متطلبٍ ومحاورٍ كذّابِ
في سبيلِ المجدِ والأوطان نحيا ونبيد
كلنّا ذو همّة شمّاء جبار عنيد
لا تطيق السادة الأحرار أطواق الحديد
إنّ عيشَ الذلِّ والإرهابِ أولّى بالعبيد
يا ظلامَ الأجيالِ قُصَّ جناحيك
فهذي طلائعُ الإصباحِ
غضب البغي فانبرى يحشد الهول
ويرنو إلى الاذى بارتياحِ
أمضي ويذهلني طِلابي
عني وعن دنيا شبابي
أمضي،ويسألني الربيع
ولا أجيبُ متى إيابي
بيني وبينَ الموت ميعاد
أحثُّ لهُ ركابي
عبق بأنفاسِ النعيمِ
السمحِ والمجدِ اللباب
أسري على إيمائه
والحقدُ يسري في إهابي
هذي الربوع،ربوع
آبائي وأجدادي الغضاب
عطرِّ فداك العمر يا
ميعاد من جرحي ترابي
فلسوفَ تركز فيه أعلامي
(قصيدة الفدائي)

وتحرسها حِرابي
يا شعب لا تشك الشقاءَ
ولا تُطلْ فيهِ نواحك
لو لم تكن بيديك مجروحاً
لضمدنا جراحك
أنتَ انتقيتَ رجال أمرك
وارتقبتَ بهم صلاحك
فإذا بهم يرخون فوقَ
خسيس دنياهم وشاحك
كم مرة خفروا عهودك
واستسقوا برضاكَ راحك
أيسيل صدرك من جراحتهم
وتعطيهم سلاحك
لهفي عليكَ أهكذا
تطوي على ذلِّ جناحك
لو لم تُبح لهواك علياءَ
الحياة لما استباحك

عمر أبو ريشة

قلْ لمن يعشق الحياة على الذلِ
ويخشى بروق عمرٍ قصير
النواعيرُ تنفثُ الصخر القاتل
مابينَ دمعها والزفير
سئمت عمرها الطويل فما تندب
إلا خلودها في الدهور
أمتي هلْ لك بينَ الأمم
منبرٌ للسيفِ أو للقلم
أتلقاك وطرفي…مطرقٌ
خجلاً من أمسكِ المنصرم
ويكادُ الدمعُ يهمي عابثاً
ببقايا…كبرياء…الألم
أينَ دنياكِ التي أوحتْ إلى
وتري كل يتيم النغم
كم تخطيت على أصدائه
ملعب العزّ ومغنى الشمم
وتهاديت كأنّي ساحب
مئزري فوق جباه الأنجم
أمتي !كم صَنمٍ مَجدّتهِ
لم يكنْ يحملُ طُهرَ الصنمِ
لا يُلامُ الذئبُ في عدوانهِ
إن يكُ الراعي عدوَّ الغنمِ
فاحبسي الشكوى فلولاكِ لما
كانَ في الحكمِ عبيدُ الدرهمِ
لا تنامي يا روايات الزمان
فهو لولاكِ موجةٌ من دخان
تتوالى عصورهُ وبها منكِ
ظلاللٌ طريّة الألوان
أسمعيني حفيف أجنحةِ الإلهام
من أفقك القصيِّ الداني
وانثري حولي الأساطير فالروح
على شبه غصّةِ الظمآن
روايات الزمان هل شَعر الرمل
بنفضِ الغبارِ عن أرداني
وهبوبُ الأجيال في يقظة الذكرى
وتهويمة الطيوف الرواني
وانفلاتي من الغيوبِ بأقدام
غريبٍ نائي الحمى حيران

خير الدين الزركلي

إنّ الشعوبَ لتستفيق إن انتشت
والصحوُّ غاية نشوة الإسكارِ
تأبى الجماعة أن تهون لغاصبٍ
والفردُ موقوفٌ على الأقدارِ

خير الدين الزركلي

أنذرتنا بالموتِ ما أعذبَ المو
تَ إذا كانَ للحياةِ طريقا
نُسامُ خسفاً ونُقصى عن مَحجتنا
ويُوثقُ الفم حتى تخفت الكلمُ
نسجو على الضيمِ والأطماعُ حائمة
ونكظمُ الغيظَ والاكبادُ تضطرمُ
واشحذْ غرارك لا يعلق به صدأ
فإن يَجُرْ حكم فالصارمُ الحكمُ
يا نابضاً فيهِ عرق من بني مُضر
أسرِجْ جيادكَ ولتنطلق لها اللجمُ
واشحذ عزارك لا يعلق بهِ صدأ
فإن يَجُرْ حكم فالصارمُ الحكمُ
كفكف دموع فلسطين وجارتها
بيروت واكفف يداً في بسطها النقمُ
تأهبوا لِقراعِ الطامعينَ بكم
ولا تغرّكم الآلاء والنعم
يا أمّة وقفت على حُبِّ العلا
أفلاذها والشيب والشّبانا
لبس العداة لها الرياء جلاببا
وطووا لها الأحقادَ والأضغانا
هم عاهدوك على الوفاء وما وفوا
ووثقت منهم بالحليفِ فخانا
عطفوا على الضعفاءِ حتى خيلوا
لهم المخاوف مؤئلاً وأمانا
وحنوا على الإنسان حتى استوثقوا
متحكمين فأنكروا الإنسانا
فيمَ الونى وديارُ الشامِ تُقتسمُ
أينَ العهودُ ـ التي لم ترع ـ والذمم
إن لم يكن في حياة المرء من شرف
فإنها بالردى قد تشرف الرمم!
والظلمُ منطلقُ اليدينِ محكم
يا ليتَ كل الخطب خطب النار
ومن أغارَ على شعبٍ ليملكه
قبل القلوب،تولّى وهو منهزم
لا التاجُ ينفعهُ ولا استقلاله
إن لم يُحلَّ وثاقهُ وعقاله
وإذا الظلامُ عتا تبلج فجره
ظلمُ الحوادثِ مطلع الأنوار

خليل مردم بك

وما دامتْ نفوسُ القومِ يوماً
تثورُ فلا يزالُ لهم رجاء
وشبَّ الثورة الأولى فأزكى
نفوساً كادَ يدركها انطفاء
فعلمنا جزاهُ الله خيراً
طريقتها إذا طفحَ الإناء
وما دامتْ نفوسُ القوم يوماً
تثورُ فلا يزالُ لها رجاء
ومنتدباً عليَّ برغم أنفي
ولستُ بقاصر يومَ النزالِ
يضنُّ عليّ من مالي ويسخو
على غيري بميراثي ومالي
يُعلمني الخشونةَ في معاشي
وينعمُ بالأطايبِ من غلالي
بني العروبة كم من صيحةٍ ذهبتْ
لو يُستثارُ بها الموتى إذن ثاروا
يا ليتَ شعري ماذا يستفزكمُ
حمىً مبالحٌ وإذلالٌ وإفقارُ
أرى الحجارةَ أحمى من أنوفكمُ
كم أرسلت شرراً بالقدحِ أحجار

شفيق جبري

شفيق جبري

هلّا أفاقَ الشرقُ من إغفائهِ
ومشى إلى العلياءِ مشيَ كرامِ
وأماطَ عن آفاقهِ جُهدَ الاذى
فقضى السنينَ مُوطأ الأقدامِ
لا يستبدُ بهِ الأجانبُ في الحمى
قيُقاد مثل طوائفِ الأنعام
بدمي وروحي الناهضينَ على الحِمى
الطالعينَ على العرينِ أسودا
الزاحفينَ إلى القيودِ وملؤهمْ
عزمٌ يَحُلُّ سلاسلاً وقيودا
الرافعينَ إلى الثريا عِزّهمْ
عزاً يُقلقلُ دهرهم صيخودا
المخلصينَ لربعهم مضضَ الهوى
النازعينَ سخائماً وحقودا
طمحوا إلى استقلالهم بدمائهم
لم يألفوا التذليلَ والتقييدا
لما رأوا بابَ الكرامةِ مغلقاً
جعلوا السيوفَ لبابها إقليدا
أبتِ المكارمُ أن تُذلَّ رقابهم
وأبت أميّة أن تكونَ عبيدا
أيها القوم أفيقوا ويحكمْ
وثبَ الدهرُ فما هذا الونى؟
إخفض الصوتَ ولا تجهر بهِ
رُبَّ صوتٍ هاجَ فيك الظننا
عقدوا الألسنَ حتى صمتتْ
ما ترى للقوم فينا ألسنا
يابنَ النبيِّ وما الأذانُ سامعةٌ
فهل تلبي زحوفاً أنتَ داعيها
لما رأيتَ قلوبَ العُربِ واجفةً
من الشدائدِ ما تسجو سواجيها
وأهلَ جِلّقَ بالأعوادِ عالقةً
أعناقهم وسيوفُ القومِ تفريها
مبعثرونَ عن الأوطانِ تلحظهم
عينُ المنيّةِ ما تغفو غوافيها
يا للثغور من الضباع
فمن يغيث ومن يناضل
عزَّ النصيرُ فليسَ ينصرُ
في الشدائد والنوازل
إلا الأسنّة والصوارم
والمدافع والقنابل
أبت الطبائع أن يقررَ
العدلُ في جنبِ الاعازل
والحقُّ معقود بأطراف
اللهاذم والمناصل
أُمّةٌ تنشدُ الحياةَ وماضٍ
ملأ الدنيا من دويِّ وثابهْ
سحبَ المجدَ كالخِضمِّ على الأرض
فضاقتْ فجاجُها بانسحابهْ
حاولوا صدعَ شملها واستاثاروا
كلَّ جنسٍ لصدعهِ وانشعابهْ
حجبَ الله كيدهم عن مغانيها
فعاشتْ منيعةً في حجابهْ
خلقَ الله للعمارةِ قوماً
واصطفاهم لهدمهِ وخرابهْ
غدونا لهُ مُستنجزينَ وعودَهُ
فمرّتْ بإخلافِ الوعودِ سحائبهْ
ودّبرَ في جُنحِ الدياجيرِ كيدَهُ
فلما انجلى الإصباحُ دّبتْ عقاربهْ
غضبنا له والنصرُ لم يبْدُ نجمهُ
ولم ندرِ أنّ الغربَ سودٌ رغائبهْ
وملنا إليهِ بالسيوفِ وبالقنا
ولولا مواضينا لضلّتْ ركائبهْ
فكافأنا بالسّوءِ بعد صنيعنا
وأقحمنا في الذلِّ وهو مُجانبهْ
لئن يجحدِ المعروفَ فالليلُ شاهدٌ
وطَيُّ الفيافي والسّرى ومعاطبهْ
يا دولةً أعيا الزمانُ خُضوعها
لا يستكينُ عميدُها وأميرُها
يُلوي بجبّارِ الملوكِ زئيرُها
ويدّبُّ في جَذرِ القلوبِ سعيرُها
بأبي النفوس السائلاتِ على الظُبى
البانياتِ على القنا استقلالها
المُرغياتِ المُزبداتِ نخالها
أُسداً ينازعها الرّدى أشبالها
الثائراتِ وقد أمضَّ ديارها
رِقّ تغلغلَ في الديارِ فعالها
نهضتْ إلى الأغلالِ نهضةَ واثقٍ
بالله حتى حطّمتْ أغلالها

عصام العطار

ثورةُ الدينِ ثورةُ الوحي والعقلِ
تسامتْ أصلاً وروحاً وفكرا
مِشعلُ الحقِّ والعدالةِ سارتْ
بهما في الزمانِ عصراً فعصرا
تملأ الارضَ والجوانحَ نوراً
وتُحيلُ الحياةَ حُبّاً وخيرا
ما لقومي ـ لقد أسيتُ لقومي ـ
قد تجافوا عن الحنيفةِ صدرا
حملوا رايةَ الترابِ وألقوا
رايةَ الله عزاً ونصرا
فإذا الأنفُ في الرغامِ خضيبٌ
وإذا بالهوانِ دنيا وأخرى
أيها المؤمنُ الأبيُّ تمرّدْ
ليسَ يرضى الإيمانُ ذلاً وقهرا
حطّمِ القيدَ قيدَ جسمٍ وفكرٍ
إنّ شرَّ القيودِ ما قيّدَ الفكرا
أفلحَ اليومَ مؤمنٌ ثارَ حُراً
فإذا النصرُ فاتهُ ماتَ حرا
ثورةٌ من خلالِ صِدقٍ وبرٍّ
دونها المُزنُ والينابيعُ طهرا
والمؤمن الحقّ لا يعنو لطاغيةٍ
ولو تفجّرَ هذا الكونُ طغيانا
طالَ العناءُ بليل الظلمِ وانطفأتْ
زهر الرجاء فلا سلوى من الأمل
وعربد الباطلُ المزهو في سفه
وغابَ وجهُ الهدى في السهلِ والجبلِ
وأصبحَ الناسُ عبداناً قد انصرفوا
إلى الصغائرِ دونَ المطلبِ الجللِ
يا قوم هُبّوا…فإنّ الموتَ أكرم من
عيشِ المهانةِ في ذلٍّ وفي وجلِ
ولا يكونُ خلاص في الحياة لمن
رام الخلاص بلا بذل ولا عمل
وشعلةُ الفجرِ ما ضاءت وما اتقدّت
إلا بما قبست مهجةُ البطل
وقادم النصر حقّ لا مراء به
في كلِّ قلب بنورِ الحقِّ متصل
نمضي إلى الغايةِ الكبرى على ثقةٍ
عزمٌ حديدٌ ونهجٌ غيرُ مُنبهمِ
وأنفسٌ قد شراها الله صادقةٌ
أقوى من الموتِ والتشريدِ والألمِ
ما طأطأت قطُّ للطاغوتِ صاغرةٌ
خوفاً وعجزاً وما ألقت يدَ السّلمِ
ثورةٌ من خلالِ علمٍ ووعيٍ
لم تُخادنْ جهلاً ولم تقف غِرّا
ثورةٌ من خلالِ عزمٍ وبذلٍ
تملأ الارضَ والاحاديث عطرا
أيها المؤمنُ الأبيُّ تقدّمْ
نحملُ الشمسَ والكواكبَ ذكرا
لا يُرُعكَ الظلامُ سادَ وهيّا
نقذفُ الحقَّ في الدياجيرِ فجرا
أصدقِ الله نيّةً وجهاداً
يُنبتِ القفرُ والجلاميدُ نصرا
طالَ المنامُ على الهوان
فأينَ زمجرةُ الأسود
واستنسرت عُصبُ البُغاثِ
ونحنُ في ذلِّ العبيد
قيدُ العبيدِ من الخنوعِ
وليسَ من زردِ الحديد
فمتى نثورُ على القيودِ
متى نثورُ على القيود؟
الليلُ طالَ وأمتي
لا تستفيقُ من الهجودِ
همدتْ على اليأسِ الشديد
وصولةِ الباغي الشديد
وأنا المؤرقُ جفنهُ
يرنو إلى الأفقِ البعيد
طال اشتياقي للضياءِ
ويقظة البطلِ الشهيد
يا أخوة الهدفِ العتيد
يا صرخة الإسلام

وأخوة الدرب العتيد
والإسلام مطوي البنود
يا ثورةَ الحق المبين
هيا فقد آن الأوان

على الضلالةِ والجحود
لمولدِ الفجرِ الجديد
حَنينَ ظهري الليالي في تتابعها
وما انحنى لأعاصيرٍ وأنواءِ
أعيشُ حراً فلا الطاغوتُ ذلّلني
ولا ذلّلتُ لأطماعٍ وأهواءِ
مازلتُ أمضي على دربي بلا وهنٍ
فأينَ أينَ رفاقُ الدربِ قد ذهبوا
أما رأوا من وراءِ الأفقِ ما طلبوا
أم أنّهم من طويلِ السيرِ قد تعبوا
أم أنَّ دنياهم اجتالت قلوبهم
فأصبحوا عن سبيلِ الله قد رغبوا
وما بوارقُ دنياهم وإن خدعت
بِخُلبِ الوعدِ إلا الزُّورُ والكذبُ
نمضي مع الله قُدماً لا تُعوّقنا
عن المضي وإن جلّت مآسينا
نمضي مع الله والإسلام يهدينا
الله يمسكنا والله يزجينا
نمضي مع الله والجلّى تُنادينا
راضينَ راضينَ ما يختارُ راضينا

عمر بهاء الدين الأميري

هيهات تقدر أن تجتث ما غرست
يدُ الإله طواغيتُ وأوثانُ
ما العيدُ والقدسُ في الأغلالِ رازحةٌ
والمسلمات سبيّات لِفُسّاقِ
وأستجيرُ بربِّ البيتِ في قلقٍ
على “المدينة” من فتكٍ وإزهاقِ
وأرسلُ الدعوة الحرّى على ثقةٍ
بالله في صبرٍ فذ العزم عملاق
فالنصرُ في قدر الله الحكيم على
وعد مع الصبر في إيمان سبّاق

فارس الخوري يرثي فوزي الغزي

إن ماتَ فوزي فما ماتت قضيتنا
ردى المُطالب لا يردى به الطلبُ
قد عوّدتنا البلادُ خوض لجتها
إلى الحناجرِ إن غاصت الركبُ

فارس الخوري

الله أكبر فالظُلامُ قد علموا
لأي مُنقلبٍ يُفضي الألى ظلموا
لقد هوى اليوم صرح الظلم وانتقضت
أركانهُ وتولّت أهلهُ النُقمُ
شادوا لكَ العزّة القعساء من قِدم
فجئت تهدم ما شادوا وما رسموا
كانت لهم بالسيفِ ناهضةً
وفي زمانكَ لا سيفٌ ولا قلمُ
حصدت مازرعوا،فرّقت ما جمعوا
هدّمتَ ما رفعوا،بعثرت ما نظموا

محمد البزم

كفكفوا الدمعَ وضنوا بالأنينِ
واغضبوا للشمسِ والحقِّ المبينِ
جلّ خطبُ الشمسِ عن ماءِ الجفونِ
وتعالى عن نشيجِ النادين
آذنوا الدهر لظى الحرب فقد
وترت كفّاهُ أم العالمين
توأم الدهر سطا الدهرُ به
وانثنى بادي الأسى في النادمين
يا أيها الوطنُ الذي عبثت به
أبناؤه فترأست جهاله
وتناوبتهُ الحادثاتُ فساسهُ
في النازلات المعميات رذاله

عدنان مردم بك

إن ضاقت الغبراءُ عن أطماعهِ
رمقَ السماءَ وكلّهُ أوطارُ
لا تستسيغُ الذلّ أشبال الحمى
أو كانَ يرضى بالأذى جبارُ؟
ما هيضَ حقّ لو تصحُّ عزيمة
وتعيثُ في كنفِ الحمى الاشرارُ
لم تنعمِ الأوطانُ في استقلالها
إلا وغصّت دونهُ الاحرارُ

عبد القادر المبارك

لحى الله من يغدو ببهتانِ قولهِ
لنيرانِ شحناء العناصر موقدا
أيبغونَ قسم الشعب لا درّ درّهم
طوائف شتى حسبما تشتهي العدا
فيا ويحكم خلو العناصر وابتغوا
سلامة شرق فجرُ إصلاحهِ بدا

أمجد الطرابلسي

أحبُّ الفتى والغلُّ يُثقلُ عنقهُ
وسيفُ المنايا بين عينيهِ مُشهرُ
يصيحُ بأعلى صوتهِ يُنكرُ الأذى
ويضحكُ من بطشِ الطغاةِ ويسخرُ

جورج صيدح

وطني المنكوبُ إن تحصي الضحايا
أحصني،إني جريحٌ في حشايا
لستُ أرثيكَ بتعديد الشكايا
بل أهاديك سلاحاً وسرايا
خذْ عن المدفع دفعاً للرزايا
لغة المستعمرين الأعجمية
إن حفظناها
حفظنا الضاد حيّة

الأخطل الصغير في شهداء 6 آيار الذين قتلهم جمال باشا السفاح

كتلةٌ من لهب
في سماءِ العرب
ولواءٌ من هدى
وشعاعٌ من نبي
يا شهيداً دمهُ
قال يا أرض اشربي
إن أنت لم ترتو
بدمِ الحرِّ الابي
ذلَّ فيك العربي
واستبدّ الأجنبي
تَعساً لها من أمّةٍ…أزعيمها
جلادها،وأمينها جاسوسها
رُشيتْ مآذنها،فلم تغضب لها
غضبَ الكرامِ،وباعها ناقوسها
إلا شباباً كالربيعِ تهزّهم
نسماتُها،ويصدّهم كابوسها
أبناءَ أحمدَ والمسيح ألا انهضوا
أتُباحُ حُرَمها وأنتم شُوسها؟
ليست من الأشبالِ فتيةُ أمّةٍ
إن سادَ أحمقُها وعزَّ خسيسُها
أيُحكّمُ الغوغاءُ في أدبائها
ويذودُ عن سفهائها”بوليسها”
ومتى تؤيد بالرعاعِ حكومةٌ:
كانت أحطَّ من الرعاعِ نفوسُها
وعصابةٍ،ملأ المناخرَنتنُها
خضعتْ طوائفكم لها وطقوسُها
من دمعِ بأسكم وقوتِ فقيركم
تُجبى ضرائبُ ظُلمها ومَكوسها
أتموتُ من فرطِ الهزالِ صغاركم
لتغِرَّ شوكها ويسمنَ كيسُها
لو حاقَ مكرهمُ بأجهلِ أمّةٍ
برِمتْ محاكمها بهم وحُبوسُها
هبطوا الجحيمَ فردّهم بوابها
إذ خافَ من إبليسهم إبليسها

الأخطل الصغير

ياليالي الجهاد ما أنت
إلا ذكريات يسوغها الفكر
كبقايا حلم علقن بذيل
الليالي حتى أطلّ فجرُ
أو كصمصامة تكشف الأبطال
عنها مابين أسر
رقدت في قرابها بيسط النصر
عليها من المعامع ظلا
أو كقيثارةٍ علاها غبار المجد
غنت عرس البطولة قبلا
فاستراحت على جدار من التاريخ
تستعرض المواكبَ جذلى
قبسة منك يا ليالي في البدر
بأضوا ولا الصباح بأحلى
اعصفي في النفوس أنشودة
الأمس فتمشي إلى المكارمِ عجلى
نشء لبنان هذه راية الأرز
فإما الفداء بالنفسِ أو لا
قمْ نخشن منا اليدين فلا نحصد
حقلاً إلا ونزرع حقلا
أشبالَ ذا الوطنِ الجريحِ إلى متى؟
أنتم سيوفُ بلادكم وتروسها
موتوا كراماً أو فعيشوا أمّةً
تهوي على يدها العلى وتبوسها
ذلَك الليلُ في السنينَ الخوالي
سوفَ يغدو فجرَ السنينَ القوادمْ
الأكف اللذان من شغف الغيد
فجدد منهن للحق نصلا
شقيت أمة إذا الجد ناداها
تلوت على الأسرة كسلى
إي فتى الأرز هبْ نستبق الفجر
بفجر من ناظريك أطلا
أغل مهر العلى إن كنت شهماً
هان من نام في الطريق وذلا
قُمْ نُقبّلْ ثغرَ الجهادِ وجيدهِ
أشرقَ الكونُ يوم جدّدَ عيده
أيهذا اللواء من خضرةِ الأرض
كساها دمُ الجهادِ وروده
قد نشدناك عند كلِّ قناةٍ
وعلى كلِّ أيكة غريدة
قلْ لمن حدد القيود رويداً
يعرفُ الحقُّ أن يفكَّ قيوده
نحن لا نحسبُ الحياة حياة
أو نفدّي أوطاننا المعبودة
لن نراها إن لم نمت في هواها
أمّةً حرةً ودنيا جديدة
بني وطني والحادثاتُ غنيمة
فمالي أرى هذي العيون غوافيا
أينتعلونَ الحزمَ في طلبِ العلا
وتمشونَ إن تمشوا إليها حوافيا
ويقنصون الحقّ صيداً غوازياً
وتلتمسونَ الحقّ أسرى عوانيا
فقلْ للقاسطِ الجاني ترّفقْ
أترعى الناسَ أم ترعى السواما
مضى حكمُ الحسامِ ورُبَّ سطرٍ
غزا لبنان وافتتح الشاما

الشاعر القروي

صغرت نفس حاضر النفس في
أشبار أرض يعدها أوطانا
أنت حر فاستوطن البلد الحرّ
وصاحب من أهلهِ إخوانا
مثلك الكون والزمان فلا تلح
مكاناً ولا تذم زمانا
ليسَ في قضمكَ الحديد هوان
إنّ في بثّكَ الشكاة هوانا
بسمة تظهر الفقير غنياً
دمعة تمسح الشجاع جبانا
فتلقَ الحياة بالبشر فالعيش
نعيم إن لم تكن شيطانا
كن إله النضار ،إنك عندي
لست شيئاً ما لم تكن إنسانا
أشبع العقل حكمة واختباراً
واملأ القلب رحمةً وحنانا
نادى يُطالبُ بالحقوق فلم يكن
غيرَ الرصاصِ له جوابَ ندائهِ
يا ويل َهذا الشعبِ من مُسترحمٍ
إن كانت الحكامُ من أعدائهِ
رأيتُ غناكم ماحلاً ما أفادكم
سوى أنّهُ أغرى الغريبَ فَسادكم

الشاعر القروي

بجراحك اشف جراح نفسك في العلى
ما الجلد خير من فؤاد دامي
هَبْ كان راعيك المسيح وداعة
أيردُّ عنك شراسة الضرغام؟
إنّ الاسود إذا تولّى أمرها
راعٍ فقد حُشرت مع الأغنام
كم ذا تشيدُ على أساسٍ واهنٍ
والبيتُ مفتقر إلى هدّام
تبدي الكساح وأنت إن يدع الغنى
تطو الدُنى عشراً على الأقدام
فاحملْ على الظلامِ حملة باسلٍ
لن تنفع الشكوى إلى الظُّلام
ذُدْ عن حماكَ ونادِ باستقلالهِ
لا ترعَ فيهِ خواطرَ الحكامِ
حرّرهُ من رقِّ السياسةِ أولاً
يُنجبُ مُحرّرهُ من الأوهام
ماذا يطيقُ من الفعالِ مُقيّدٌ
بزمامِ غير مقيدٍ بذمامِ؟
جرّدْ لهم غصنَ السلامِ فربما
أغناكَ عن تجريدِ ألف حسامِ
إن كَلَّ زندٌ لن تَكلَّ إرادةٌ
والعزمُ في الا{واحِ لا الأجسامِ
أفنيتُ أعدائي بسيفِ تجلّدي
وبرئتُ عند الله من إجرامِ
إن عفتَ تبغك في القصورِ فإنني
قد عفتُ قبلكَ في السجونِ طعامي

الشاعر المدني

سقيناكَ يا غربُ ماءَ الحياةِ
فكانَ وفاؤُكَ نفثُ الحمم
تعلمتَ رعي النجومِ وفاتكَ
أن تتعلم رعي الذمم

إيليا أبو ماضي

أقولُ لكلِّ نوّاح:رويداً
فإنّ الحزنَ لا يغني ويضنيني
وجدتُ الدمعَ بالأحرارِ يُزري
فليتَ الدمعُ لم يخلق بجفنِ
الليالي غادياتٌ رائحه
بالدواهي وأراكم تضحكون
ما اتعظتم بالسنين البارحه
لا ولا أنتم غداً متعظون
يا لهول الخطب،يا للفادحه
أمة تفنى وأنتم تلعبون
فادفنوا أضغانكم يا زعماء
يبعث الله من القبر الوئام
وابسطوا أيديكم يا أغنياء
أبغض السحب إلى الصادي الجهام
ضيمَ أحرارنا وريع حمانا
وصمتنا…والصمتُ للجبناء
سوف يدرون أنّما العرب قوم
لا يبالون غير ربِّ السماء
يوم لا تنبت السهول سوى الجند
وغير الأسنّة السمراء
يوم نمشي على جبال من الأشلاء
تمشي في أبحر من دماء

الياس فرحات

سلامٌ على الإسلامِ أيامَ مجده
طويلٌ عريضٌ يغمرُ الأرض والسما
نما فنمتْ في ظلّهِ خيرُ أمّةٍ
أعدّت لنصر الحقّ سيفاً ومِرقما
فواهاً على الإسلامِ واهاً على الهدى
وواهاً على نبراسهِ كيفَ أظلما

إبراهيم اليازجي

بالله يا قومنا هُبّوا لشانكمُ
فكمْ تُناديكم الاسفارُ والخطبُ
فمالكمْ ويحكمْ أصبحتم هَملاً
ووجه عزّكم بالهونِ منتقبُ
لا دولةٌ لكم يشتدُّ أزركم
بها ولا ناصرٌ للخطبِ يُنتدبُ

إبراهيم اليازجي

كم تُظلمون ولستم تشتكون وكمْ
تُستغضبونَ فلا يبدو لكم غضبُ
ألفتمُ الهونَ حتى صارَ عندكم
طبعاً وبعضُ طباعِ المرءِ مكتسبُ
وفارقتكم لطولِ الذلِّ نخوتكم
كم بين صبرٍ غدا للذلِّ مجتلباً

فليسَ يؤلمكم خسفٌ ولا عَطبُ
وبينَ صبرٍ غدا للعزِّ يجتلبُ

إبراهيم اليازجي

تنبهوا واستفيقوا أيها العرب
فقد طمى الخطبُ حتى غاصت الركبُ
فيمَ التعلّلُ بالآمالِ تخدعكم
وأنتم بين راحاتِ القنا سُلبُ
الله أكبر ماهذا المنامُ فقد
شكاكم المهندُ واشتاقتكم التربُ
فشمروا وانهضوا للأمرِ وابتدروا
من دهركم فرصة ضنّت بها الحقبُ
لا تبتغوا بالمنى فوزاً لأنفسكم
لا يصدقُ الفوزُ ما لم يصدقُ الطلبُ
خلّوا التعصبَ عنكم واستوا عصباً
على الوئام لدفعِ الظلم تعتصبُ
هذا الذي قد رمى بالضعفِ قوتكم
وغادرَ الشمل منكم وهو منشعبُ
وسلطَ الجورَ في أقطاركم فغدتْ
وأرضُها دونَ أقطارِ الملا خِربُ
وحكّمَ العِلجَ فيكم مع مهانتهِ
يقتادكم لهواهُ حيثُ ينقلبُ
من كُلٍّ وغدٍ زنيمٍ مالهُ نسبٌ
وكل ذي خبث في الفحش منغمس

يُدرى وليسَ لهُ دينٌ ولا أدبُ
يزداد بالحكِّ في وجعائه الجرب
أعناقكم لهم رقٌ ومالكمُ
بين الدُّمى والطَّلا والنردِ مُنتهبُ
باتتْ سِمانُ نعاجٍ بين أذرعكم
وباتَ غيركم للدرِّ يحتلبُ
هبْ أنّهُ ليسَ فيكم أهل منزلة
يقلد الامر أو تُعطى لهُ الرتبُ
وليسَ فيكم أخو حزم ومخبرة
للعقدِ والحلِّ في الأحكام يُنتخبُ
وليسَ فيكم أخو علمٍ يحكم في
فصل القضاءِ ومنكم جاءت الكتبُ
أليسَ فيكم دمٌ يهتاجهُ أنّفٌ
يوماً فيدفع هذا العار إذ يثبُ
فصاحبُ الأرضِ منكم ضمن ضيعته
مُستخدمٌ وربيبُ الدارِ مُغتربُ
فمالكمْ ويحكم أصبحتمُ هَمَلاً
ووجهُ عزّكم بالهونِ مُنتقبُ
وليسَ فيكم أخو علمٍ يُحكم في
فصلِ القضاءِ ومنكم جاءت الكتبُ
أليسَ فيكم دمٌ يهتاجهُ أَنَفٌ
يوماً فيدفع هذا العارَ إذ يثبُ

رزق سلوم أحد من قتلهم جمال باشا السفاح

لا العرب أهلي ولا سورية داري
إن لم تهبوا لنيلِ الحقِّ والثارِ
قُتلتُ ظلماً وغدراً بل وتضحيةً
عنكم بأيدي وحوشٍ كلها ضارِ
كم أهرقوا من دمٍ ظلماً وكم هتكوا
في الارضش عفّة زوجاتٍ وأبكارِ
فاليومَ من مضجعي أُبدي لكم أسفي
كذا أخطُّ بالدمِ انذاري

إبراهيم المنذر

يا قوم إنّ الداءَ معروفٌ ولم
ترقَ الشعوبُ بغيرِ أربابِ الهِمم
فاشكوا بكلِّ صراحةٍ علناً وكم
قتلَ المريض تسترٌ وتكتمُ

شفيق المعلوف

أطلّ عليكم والمنى تزحم المنى
بصدري وأنتم ملء قلبي ومسمعي
بني النهضة الكبرى أعيدوا نشيدها
على عاشقيها مقطعاً بعد مقطعِ
وردّوا على الفصحى أغاني مجدها
فنحنُ سكارى من صداها المرجع

محمد مهدي الجواهري

تباً لهم،أفلا ثاروا ليطربهم
شدوا الرصاص ولحن الصارم اللدنِ
فمنْ يَطحْ منهم في غيرِ معترك
فلا سقت قبرهُ صبابةُ المزنِ
ومن يعشْ ليناغي سمعهُ نغمٌ
فليُصغِ سمعاً إلى مستنقعٍ نتنِ
نقّ الضفادعُ يغنيه ويؤنسه
وإنّهُ عن هُتافِ الثائرين غني
وقد خبروني أنّ في الشرقِ وحدة
كنائسهُ تدعو فتبكي الجوامعُ
وقد خبروني أنّ للعرب نهضة
بشائر قد لاحت لها وطلائعُ
وقد خبروني أنّ مصر بعزمها
تناضلُ عن حقٍّ لها وتدافعُ
هبوا أن هذا الشرق كان وديعة
“فلا بدّ يوماً أن تردّ الودائعُ”
ويوم نضت فيه الخمول غطارف
يصان الحمى فيهم وتحمى المطالعُ
تشوقهم للعزِّ نهضةُ ثائر
حنين ظماء أسلمتها المشارعُ
هم افترشوا خدّ الذليلِ وأوطئت
لأقدامهم تلك الخدود الضوارع
لو أنّ مقاليدَ الجماهير في يدي
سلكتُ بأوطاني سبيلَ التمرّدِ
إذن علمت أن لاحياةَ لأمّةٍ
تحاولُ أن تحيا بغيرِ التجدّدِ
لو الأمرُ في كفّي لجهّزتُ قوةً
تُعوِّدُ هذا الشعب مالم يُعوّدِ
لو الأمرُ في كفّي لأعلنتُ ثورةً
على كلِّ هدّام بألفي مُشيّدِ
على كلِّ رجعيٍّ بألفي مناهضٍ
يرى اليوم مُستاءً فيبكي على الغدِ
ولكنني أسعى برجلٍ مؤوفةٍ
ويا رُبّما أسطو ولكن بلا يدِّ
وحولي برّامون مَيناً وكذبةً
متى تختبرهم لا ترى غيرَ قُعددِ

محمد مهدي الجواهري

يا مصرُ مصرَ الأكثرين ولم يزلْ
في الشرقِ يرضخُ للأقلِّ الأكثرُ
وهنا،وثمةَ،لا يزالُ مُنّعمٌ
أشرٌّ بنعمة خالقيهِ يكفرُ
هذا السوادُ أعزُّ ما ضمّت يدٌ
للطارئاتِ وخيرُ ما يستذخرُ
مُديهِ بالعيشِ الرّخي فلم يكنْ
ليصونَ ملكاً جائعٌ يتضوّرُ
ودعيهِ يشعر أنّ شِقة بيتهِ
عِلقٌ يًصانُ ونعمةٌ لا تُكفرُ
ثمّ اقذفي المستعمرين بوعيهِ
نااً تشبُّ وصاعقاً يتمطرُ
وتَقحمي الغمراتِ صدرُكِ محتمٍ
ومداكِ مُتسعٌ ووجهُكِ مُسفرُ
حتامَ هذا الوعدُ والإيعادُ
وإلى متى كتم الإبراق والإرعاد
أنا إن غصصتُ بما أُحسُّ ففي فمي
ماء وبينَ جوانحي إيقاد
يا نائمينَ على الأذى لا شامكم
شامُ ولا بغدادكم بغدادُ
تلكَ المروجُ الزاهرات تحولّتْ
فخلا العرينُ وصوّحَ المرتادُ
هُضمتْ حقوقُ ذوي الحقوقِ وضُيّعت
تلك العهودُ وخاست الآسادُ
كمْ طريقٍ مُعبدٍ بدماءٍ
لشهيدٍ على عظامِ شهيدِ
كمْ رؤوسٍ هوت لرأسِ شَموخٍ
ونفوسٍ شقتْ لأجلِ سعيدِ
كمْ كؤوسٍ من الدموعِ أُذيلتْ
نخباً مُسلفاً لِغرّةِ عيدِ
رُبَّ مليونِ جثةٍ في نعوشٍ
من بطونِ الوحوشِ عبر البيدِ
كُنَّ مهراً حراً كريماً عزيزاً
لنعوشٍ تكللّت بالورودِ

محمد مهدي الجواهري

أتعلمُ أم أنتَ لا تعلم
بأنّ جراحَ الضحايا فم
يَمجُّ دماً ويبغي دماً
ويبقى يلحّ ويستطعمُ
فمٌ ليسَ كالمدي قولةً
وليسَ كآخر يسترحمُ
يصيخُ على المدقعين الجياع
أريقوا دماءكم تطعموا
ويهتفُ بالنفر المهطعين
أهينوا لئامكم تكرموا
أتعلمُ أنّ رقابَ الطغاة
أثقلها الغنمُ والمأثمُ
وأن بطون العتاة التي
من السحتِ تهضم ما تهضمُ
ستنهدّ إن فار هذا الدم
وصوّت هذا الفم الأعجم
فيالك من مرهم ما اهتدى
إليهِ الأساة…وما رهموا
يا أنتَ يا كِبراً بجبهتنا
يزهو بظلِّ شموخهِ الشَّممُ
بَشر بفجرِ الجيلِ قافلةً
تغفو على أضلاعِ قيدهمُ
واصمدْ لتبعثْ أمةً غرقتْ
في ألفِ حلمٍ من وعودهمُ
يا ابنَ الفراتين لا تحزنْ لنازلةٍ
أغلى من النازلاتِ الحزنُ والكمدُ
دوح الرجولة لا تلوي الرياحُ بهِ
لكن تُنّفضُ أوراقاً وتُختضدُ
أزِحْ عن صدركَ الزّبدا
ودعهُ يبثُّ ما وجدا
وخَلِّ حُطامَ موجدةٍ
تناثرُ فوقهُ قَصدا
أزحْ عن صدركَ الزّبدا
وقُلْ تُعِدِ العصورُ صدى
أأنتَ تخافُ من أحدٍ
أأنتَ مصانعٌ أحدا
أتخشى الناسَ،أشجعهم
يخافُكَ مغضباً حردا
ولا يعلوكَ خيرُهم
ولست بخيرهم أبدا
يا موطنَ الأبطالِ حيثُ تناثرتْ
قصصُ الكفاحِ حديثها والأقدمُ
حيثُ انبرى مجدٌ لمجدٍ والتقى
جيلٌ بآخر زاحفٌ يتسلمُ
وبحيثُ ينضح كلُّ برعم زهرة
بشذى عبيرِ دمٍ بها يُتنسمُ
وبحيثُ تلتحمُ القبور كأنّها
سورٌ يؤلفها كتابٌ محكمُ
يا موطنَ الأبطالِ بَثٌّ مؤلمٌ
وألذُّ أطرافِ الحديثِ المؤلمُ
ولقد يلذُّك من شكاةِ أن ترى
فيها الضميرُ بنفسهِ يتكلمُ
أنا مثلُ دأبكَ في كفاحكَ محربٌ
شاكي العزيمةِ أعزلٌ مُتقّحمُ
مشتْ إذ نضتْ ثوبَ الجمودِ مواطنٌ
رأت طرحهُ حتماً فلم تتردّدِ
وقرّتْ على ضيمِ بلادي تسومها
من الخسفِ ما شاءت يدُ المتعبدِ
فيالكَ من شعبٍ بطيئاً لخيرهِ
مشى وحثيثاً للعمى والتبلدِ
متى يُدْعَ للإصلاحِ يحرِنْ جماحه
وإن قيد في حبلِ الدجالة ينقدِ
يومَ الشهيد:تحيةٌ وسلامُ
بكَ والنضالُ تُؤرّخُ الأعوامُ
بكَ والضحايا الغُرِّ يزهو شامخاً
علمُ الحسابِ وتفخرُ الأرقامُ
بكَ والذينَ ضمَّ الثرى من طيبهم
تتعطرُ الأرضونَ والأيامُ
بكَ يبعثُ”الجيلُ” المحتمُ بعثهِ
وبكَ”القيامة” للطغاةِ تُقام
رمقَ الأفقَ طرفهُ فترامى
ورأى الحقّ فوقهُ فتعامى
كل يوم للحاكمينَ كؤوس
جرّعوها الشعوبَ جاماً فجاما
كذب الخائفون ما الضيم منا
أيّ شعبٍ يُرضيهِ أن يُستضاما؟
إن حفظتم على الصدورِ وساماً
فمن الشعب قد أضعتم وساما
آيتا العرب في ندى وزحام
طيّبوا ذكركم وموتوا كراما
أنا ذاك الحرُّ العراقي إمّا
حَنَّ يستنهضُ العراق الشاما
لو في يدي لحبستُ الغيثَ عن بلد
مستسلم وقطعت السلسل الجاري

معروف الرصافي

يا قومُ إنّ العدى قد هاجموا الوطنا
فانضوا الصوارمَ واحموا الأهلَ والسكنا
واستنفروا لعدوِّ الله كلّ فتىً
واستنهضوا من بني الإسلامِ قاطبة
واستلئموا للعدى بالصبر واتخذوا
إن لم تموتوا كراماً في مواطنكم

ممّن نأى في أقاصي أرضكم ودنا
من يسكن البدو والأريافِ والمدنا
صدقَ العزائم في تدميرهم…
متمْ أذلاءَ فيها ميتةَ الجُبنا
لا زلتَ يا وطن الإسلام منتصراً
يردُّ عنكَ يدَ الأعداءِ خاسرةً
سعديكَ من وطن جلّت مفاخرهُ
تالله إنّ معاليكَ التي سلفتْ
كم قد أقمتَ على الأيامِ من شرفٍ

بالجيشِ يزحفُ من أبنائك الأمنا
ويكشفُ الغمَّ عن أفقيك والمحنا
عن الزوالِ فلا تخشى بِلى وفَنا
تعي الفصاحة والتبيان…
لنا وأنبتَّ من نبعِ العلى غصنا
إنا نحبّك حباً لا انتهاءَ له
نفديكَ منا بأرواحٍ مطهرّةٍ

يستغرقُ الرض والاكوان والزمنا
أخلصنَ لله فيك السرَ والعلنا
أما والله لو كنّا قروداً
لما رضيت بعيشنا القرود
يا ملوك الأنامِ هل اعتبرتم
بملوكٍ تجورُ في الأفعالِ
هل جنيتم من التجبر إلا
كل إثمٍ عليكم ووبال

معروف الرصافي

وخيرُ الناسِ ذو حسبٍ قديم
أقامَ لنفسهِ حسباً جديداً
تراه إذا ادّعى في الناسِ فخراً
تقيمُ له مكارمهُ الشهودا
قد ابتسمت وجوه الدهرِ بيضاً
لهم ورأيتنا فعبسن سودا
وقد عهدوا لنا بتراث مُلك
أضعنا في رعايته العهودا
وعاشوا سادةً في كلّ أرضٍ
وعشنا في مواطننا عبيدا
إذا ما الجهلُ خيّمَ في بلادٍ
رأيتَ أسودها مُسخت قرودا
علمٌ ودستورٌ ومجلسُ أمّةٍ
كلٌّ عن المعنى الصحيح مُحرف
أسماء ليس لنا سوى ألفاظها
أما معانيها فليست تُعرف
من يقرأ الدستور يعلم أنّه
وفقاً لصكِّ الانتداب مصنف
حدثينا بحديثِ الأولين
فلقد شاهدت تلكَ الأعصرا
أفكانوا مثلنا مختلفين
لا يغيثون إذا خطب عرا

معروف الرصافي

تقدّم أيها العربي شوطاً
فإن أمامكَ العيشَ الرغيدا
وأسس من بنائك كل مجدٍ
طريفٍ ،واتركِ المجدَ التليدا
فشرُّ العالمين ذوو خمول
إذا فاخرتهم ذكروا الجدودا
وخيرُ الناسِ ذو حسبٍ قديم
أقام لنفسهِ حسباً جديدا

معروف الرصافي

رويدك”غورو” أيهذا الجنيرال
فقد ألمتنا من خطابك أقوالُ
أتيتَ بلاد الشرق من بعد هدنة
قد اضطربت في المسلمين بها الحال
فقمت له في محفل القوم خاطباً
تجرُّ ذيول الفخر عجباً وتختال
فذكرته أهلَ الصليب وحربهم
إذا انبعثت منهم إلى الشرق أبطال
وقلتُ عن الإفرنج قومك إنهم
لأبطالِ هاتيك المعارك أنسال
فحرّكتَ حزناً كانَ في الشرق ساكناً
وجدّدتَ عهد أمنه في الشرق أوجال
أسأت إلينا بالذي قد ذكرته
من الأمرِ فاستاءت عصورٌ وأجيال
ذكرتَ لنا الحرب الصليبية التي
بها اليوم قد تمّت لقومك آمال
وتلكَ لَعمري قرحة قد نكأتها
بما قلته فاهتاجَ بالشرق بلبال
إنما نحنُ أمّة تدرأ ال
ضيمَ ولا تستكينُ لوالِ
أمّةٌ سادتْ الأنامَ وطابتْ
عنصراً من أواخرٍ وأوالِ
فإذا ما علا الغشومُ نهضتنا
فقذفناهُ سافلاً من عالِ
نحنُ من شعلةِ الجحيم خلقنا
لأولي الجورِ لا من الصلصال
يا ملوك الأنام هلّا اعتبرتم
بملوكٍ تجورُ في الأفعالِ
فاتركوا الناسَ مطلقين وإلا
عشتم موثقين بالأوجال
آهاً فآهاً على ما كانَ من شرفٍ
لليعربيين قد ألوى بهِ القِدَمُ
أيامَ كانوا وشملُ المجدِ مجتمعٌ
والشعبُ ملتئمٌ والمُلكُ منتظمُ
كانوا أجلَّ الورى عزّاً ومقدرةً
إذا الخطوبُ بحبلِ البغي تُخترمُ
وأربطُ الناسِ جأشاً في مواقفه
من شدّةِ الرعب فيها ترجفُ اللّممُ
على الحصافة قد ليثت عمائمهم
وبالحزامةِ شُدّت منهمُ الحُزمُ
قضوا أعاريبَ أقحاحاً وأعقبهم
خَلَفٌ هم اليومَ لا عُربٌ ولا عجمُ

أحمد الصافي النجفي

يا بني العرب يا ليوثَ الغابِ
عاثَ في غابكم قطيعُ الذئابِ
قد تركتم أشبالكم مهملات
فاحتوتها خوارجُ الأحزاب
أنشأتها على عِداكم فعافت
يعرباً وانتمتْ إلى الأغراب
فانتأت عن فضيلة الانتساب
وتباهتْ بِسُبّةِ الأنساب
آثرت نسبة الجماجم حتى
أوشكت أن تعيشَ تحت التراب
حشرات مع الجماجم تحيا
تحت أقدام أمّة الأعراب
إن ذا صُنعُ حفنة من ذئاب
وفئات هجينة الاصلاب
ضللّتْ منكم شبيبة عُرب
نشأ من سلالةِ الأنجاب
راعها منطق العروبة محضاً
فاحملوا حملة على الاذناب

فاحتمتْ بالمغالطاتِ الكذاب
لا تخافوا طنينَ هذا الذباب
وإذا ما تعاورتكم دعاوى
هكذا العربُ إن غوت فلسفات

باطلاتٌ فالسيفُ خير جواب
تجعل السيف هادياً للصواب
فلا أحداً دعته ولا استشارت
وكل حكومة ظلمت وجارت
فبشرها بتمزيق الجلود

أقول وليسَ بعض القول جدّا
لسلطانٍ تجبّرَ واستبدا
تعدّى في الأمورِ وما استعدا
ألا أيها الملكُ المُفدّى
ومن لولاه لم تك في الوجود

أنم عن أن نسوسَ الملكَ طرفاً
أقمْ ماتشتهي زَمراً وعزفا
أطلْ نكر الرعية خل عرفا
سُمِ البلدان مهما شئت خسفا
وأرسل من تشاء إلى اللحود

جميل صدقي الزهاوي

إنّ الشعوبَ إذا هاجت عواطفها
كالبحرِ يضربُ أمواجاً بأمواجِ
ألا فانتبه للأمرِ حتامَ تغفلُ؟
أما علّمتكَ الحال ما كنتَ تجهلُ
أغِثْ بلداً منها نشأت،فقد عَدتْ
عليها عوادٍ للدمارِ تعجلُ
تمهلْ قليلاً لا تعظ أمّةً إذا
تحرّكَ فيها الغيظُ لا تتمهل
وأيديك إن طالتْ فلا تغترر بها
فإنّ يدَ الأيام منهن أطولُ
حَيِّ الذينَ إذا الهوانُ أصابهم
تخذوا الإباءَ من الهوانِ عصاما
يا حاملَ الصمصامِ لا يحمي به
حقاً،لماذا تحملُ الصمصاما
مافي المساواة التي نشدوا بها
أنّ الوهادَ تطاولُ الآكاما
العدلُ كالغيثِ يُحي الأرضَ وابلُهُ
والظلمُ في المُلكِ مثل النارِ في القصبِ
إنّ الرعيةَ أغنامٌ يحدُّ لهم
ولاتُك المستبدون السكاكينا
يا عدلُ إنّ التفاتاً منكَ يُسعدنا
يا عدلُ إنّ ابتساماً منك يكفينا
ما جاءنا الشرُّ إلا من تهاوننا
وعمّنا الظلمُ إلا من تغاضينا
لابدّ من فك ما قد شُدَّ من عُقدٍ
كفُّ الإسار ـ بأيدينا ـ بأيدينا
إنّ الذينَ استحبوا قتل أنفسهم
فراً من الضيمِ ما كانوا مجانينا
ألا رعى الله أوطاناً لنا انتهكت
محبوبة السهل والوديانِ والكُثبِ
قد أضرمَ الجورُ ناراً في جوانبها
وأهلها بينَ نفاخٍ ومُحتطبُ

نازك الملائكة

اغضبْ،أحبكَ غاضباً متمرداً
في ثورةٍ مشبوبةٍ وتمزّقِ
أبغضتُ نومَ النار فيك فكنْ لظىً
كنْ عرْقَ شوقٍ صارخ متحرّقِ
اغضبْ كفاكَ وداعة
أنا لا أحبُّ الوادعين
النارُ شرعي لا الجمودُ
ولا مهادنة السنين
إني ضجرتُ من الوقار
ووجههِ الجهمِ الرصين
وصرختُ لا كان الرماد
اغضب على الصمتِ المهين

وعاش عاشَ لظى الحنين
أنا لا أحبّ الساكنين

أحمد مطر

ربما الماءُ يروب
ربما الزيتُ يذوب
ربما يحمل ماء في ثقوب
ربما الزاني يتوب
ربما تطلع شمس الضحى
من صوب الغروب
ربما يبرأ شيطان
فيعفو عنه غفار الذنوب
إنما لا يبرأ الحكام في كل
بلاد العرب من ذنب الشعوب

عبد الكريم الكرمي(أبو سلمى)

يا أيها الشعبُ المُفدّى
قل لي بربك كيفَ تهدا
يتدفقُ العذبُ الزلال
فيرتوون وأنت تصدّى
تكسوهم حُلل الربيع
ويُنكرونَ عليكَ بُردا
أنتَ الذي تهبُ الخلودَ
فيحملونَ إليكَ لحدا
قوموا اسمعوا من كلّ ناحية
يصيحُ دمُّ الشهيد
قوموا انظروا القسامَ يُشرقُ
نورهُ فوقَ الصرود
يُومي إلى الدنيا
ومنْ فيها بأسرارِ الخلود
قوموا انظروا فرحان فوق
جبينه أثر السجود
يمشي إلى حبل الشهادة
صائماً مشيَ الاسود
سبعون عاماً في
سبيلِ الله والحقّ التليد
أمهلتِ ظالمُكِ العتلّ وما درى
أنّ التهامسَ يستحيلُ صليلا
جبلَ المُكبّر…طالَ نومكَ فانتبهْ
قُمْ واسمعِ التكبيرَ والتهليلا
فكأنّما الفاروق دوّى صوته
فجلا لنا الدنيا وهزّ الجيلا
جبل المكبر لن تلينَ قناتنا
مالم نحطّم فوق البستيلا
انشرْ على لهبِ القصيدِ
شكوى العبيدِ إلى العبيدِ
شكوى يُردّدها الزمانُ
قوموا واسمعوا في كل نا
يمشي إلى حبلِ الشهادة
سبعون عاماً في
خجل الشبابُ من المشيب

غداً إلى الأبدِ الأبيدِ
حية يصيحُ دمُ الشهيد
صائماً مشي الأسود
سبيل الله والحقّ التليد
بل السنون من القعود
سحقاً لمن لا يعرفون
قوموا اسمعوا في كل ناحية

سوى التعلل بالوعودِ
يصيح دمُّ الشهيد
أيها الأهل!في القطاعِ وفي الضفة
لو تُنطقُ الدموعُ لساني
يعصب الجمرُ جانبيه،وهل
أبلغُ ما لم تروهِ الشفتانِ
تلكَ أكبادُنا الممزّقة الحرّى
على كلِّ شفرةٍ وسنانِ
وقفتُ أناجي”سيلة الظهر” باكياً
وأذللتُ دمعي بعدما كان عاصياً
أبو خالد يا “سيلة الظهر” خالدٌ
يُزَفُّ إلى العلياءِ سيفاً يمانيا
يَمتُّ إلى القسام بالنور والهدى
ولمّا يزلْ فينا إماماً وهاديا
سنثأرُ ما عشنا ويثأر بعدنا
بنونا بثورات تُشيبُ النواصيا
فيا دهرُ لا تغلق على المجد واستمع
ألوف الضحايا تقرع البابَ ثانيا
وحرية الفكر نحن الذين
رفعنا لواها كما تعلمين
ونحنُ الذينَ نثورُ على الظلم
والجهلِ والفقرِ في كلِّ حين
ومبدأنا عالمٌ واحدٌ
وتخليد حرية العالمين
أيها الظالمُ الذي دنّسَ التاريخَ
هلّا من ثورةِ الشعبِ تحذرْ
ثورةٌ تجعلُ الطغاةَ رماداً
وتُذيبُ القيودَ فيها وتصهرْ
ثورةُ الشعب! طهّري كل أرضٍ
واحطمي كلّ من طغى وتجبر

توفيق زياد

أناديكم أشدُّ على أياديكم أبوسُ الارض تحت نعالكم وأقولُ أفديكم وأهديكم ضيا عيني ودفء القلب أعطيكم فماسأتي التي أحيا نصيبي من مآسيكم
أناديكم أشدُّ على أياديكم أنا ماهنتُ في وطني ولا صَغرت أكتافي وقفتُ بوجه ظُلّامي يتيماً،عارياً،حافي حملتُ دمي على كفّي وما نكّستُ أعلامي
وصُنتُ العشب فوق قبور أسلافي أناديكم أشدُ على أياديكم

سميح القاسم

وشعوذ الساحر فانطلق من قمقم البحار…ماردٌ صغير يريد للزورق…أن يقبل الغرق يريد للحرية الحمراءُأن تقطن في كوخ…من الورق
يريد للجذور أن تحيا بلا شجر يريد للأشجار أن تحيا بلا ثمر يريدُ للإنسان أن يموت في الحياة يريد أن…
وانفجرَ البركان! والتهمتْ ساحرهُ النيرانَ فعاد للقمقم يستجير بساحر جديد بساحر..ليس له وجود
دم أسلافي القدامى
لم يزل يقطر مني
وصهيلُ الخيلِ مازالَ
وتقريعُ السيوف
وأنا أحملُ شمساً
في يميني وأطوف
في مغاليقِ الدجى
جرحاً يغني
هنا في قرارتنا الجائعة
هنا…حفرت كهفها الفاجعة
هنا في معالمنا الدارساتِ
هنا في محاجرنا الدامية
نبوخذ نصرُ والفاتحون
وأشلاء رايتنا الضائعة
فباسمكَ يا نسلنا المرتجى
وباسمكِ يا زوجنا الضارعة
نردُّ الزمانَ إلى رشده
ونبصقُ في كأسه السابغة
ونرفعُ في الأفقِ فجرَ الدماء
ونلهمه شمسنا الطالعة

عبد الرحيم محمود

نحنُ لم نحمل السيوفَ لهدرٍ
بل لإحقاقِ ضائعٍ مهدور
نحنُ لم نرفعِ المشاعلَ للحرقِ
ولكن للهدي والتنوير
نحن لم نطعنِ الضميرَ ولكن
بقنانا احتمى طعينُ الضمير
كان فينا نصرُ الضعيفِ المُعنّى
وانجبارُ المُحطّمِ المكسور
أمتي إن تجرؤ عليك الزعاما
تُ فلا تيأسي ذريها وسيري
القديمُ الجميلُ ريشُ جنا
حيكِ فرّفي في العالمين وطيري
دعا الوطنُ الذبيح إلى الجهادِ
فخفَّ لفرط فرحتهِ فؤادي
وسابقتُ النسيمَ ولا افتخارٌ
وقلتُ لمن يخاف المنايا
فدونكَ خدر أمتك فاقتحمه

أليسَ عليَّ أن أفدي بلادي؟
أتفرقْ من مجابهة العوادي؟
وحسبكَ خسّة هذا التهادي
حملتُ على يدي روحي وقلبي
أتقعد والحمى يرجوكَ عوناً
وللاوطانِ أجناد شداد
بني وطني دنا يوم الضحايا

وما حملّتها إلا عتادي
وتجبنْ عن مصاولة الأعادي؟
يكيلون الدمارَ لكلّ عادي
أغرّ على ربا أرضِ المعادِ
فسيروا للنضالِ الحقِّ ناراً
تصبُّ على العِدا في كلِّ وادِ
فليسَ أحطُّ من شعبٍ قعيدٍ
عن الجلّى وموطنهُ ينادي
أمتي! إن تجرْ عليك الزعامات
فلا تيأسي ذريها وسيري
إنها إن تسؤ تشلّ قوى
الشعب وتبل الأقوام بالتأخيرِ
كنت خير الوجوج قد شهد الله
وأحرى الأنام في أن تصيري
القديم الجميل ريش جناحيك
فرقي في العالمين وطيري
رتلي سورة السلام على الأرض
وغنّي انشودةَ التحرير
بني وطني أفيقوا من رقادِ
فما بعد التعسفِ من رقادِ
قفوا في وجه أيّ كان صفاً
جديداً لا يؤول إلى انفرادِ
ولا تجموا إذا اربدّت سماء
ولا تهنوا إذا ثارت بواد
ولا تقفوا إذا الدنيا تصدّتْ
لكم وتكاتفوا في كلّ نادِ
إذا ضاعت فلسطين وأنتم
على قيدِ الحياة ففي اعتقادي
بأنّ بني عروبتنا استكانوا
وأخطأ سعيهم نهج الرشادِ
فمن كبشِ الفداء سوى شباب
أبيٌّ لايقيمُ على اضطهاد؟
ومن للحرب إن هاجت لظاها
ومن الألم قدح الزناد؟
فسيروا للنضال الحقّ ناراً
تصبُّ على العدا في كلِّ وادِ
سأحمل روحي على راحتي
وألقي بها في مهاوى الردى
فإمّا حياةٌ تُسرُّ الصديق
وإمّا مماتٌ يُغيظُ العدى
ونفسُ الشريفِ لها غايتان:
ورودُ المنايا ونيلُ المنى
لَعمرُكَ إنّي أرى مصرعي
ولكن أغُذُ إليهِ الخُطا
أرى مقتلي دونَ حقي السليب
ودونَ بلادي هو المُبتغى
أخوفاً وعندي تهونُ الحياة
وذلاً وإنّي لَربُّ الإبا
بقلبي سأرمي وجوهَ العداة
وقلبي حديدٌ وناري لظى
وأحمي حياضي بحدِّ الحسامِ
فيعلم قومي بأنّي الفتى
فللأوطانِ أجناد شداد
يكيلونَ الدمارَ لايّ عادِ
يُلاقونَ الصعابَ ولا تشاكي
أشاوس في ميادين الجلادِ
تراهم في الوغى أسداً غضاباً
مغاويراً إذا نادى المنادي
بني وطني دنا يوم الضحايا
أغرّ على ربى أرض المعادِ
قلْ لا وأتبعها الغعال ولا تخفْ
وانظر هنالك كيف تحنى الهام
اصهر بنارك غلّ عنقك ينصهر
فعلى الجماجم تركز الأعلام
وأقمْ على الأشلاء صرحكَ إنما
من فوقهِ تبنى العلا وتُقام
واغصب حقوقكَ قط لا تستجدها
إنّ الألى سلبوا الحقوق لئام
هذي طريقكَ في الحياة فلا تحد
قد سارها من قبلك القسام
يا شعب يا مسكين لم
تنكب بنكبتك الشعوب
قلّدت أمرك من بهم
لا يرجع الحق الغصيب
لهفي عليك ألا ترى
يا شعب حولك ما يُريب؟

هارون هاشم الرشيد

هم نبتُكَ الغالي…شبابٌ ناضرٌ
نذروا الحياة فِداكَ والعمرانا
يا نيلُ …يا نبع الحياة…وفيضها
قد شاءَ شعبُكَ أن يكونَ فكانا
يا نيلُ بشرى سوفَ ينكشفُ الأذى
وتعود ترفل هانئاً جذلانا
يوم التحرر من دخيلٍ غاشمٍ
غالَ البلاد وشتّتَ السكانا
أخي مهما ادّلهم الليل
سوفَ نطالعُ الفجر
ومهما هدّنا الفقرُ
غداً سنحطّمُ الفقر
أخي والخيمة السوداء
قد أمست لنا قبر
غداً سنحيلها روضاً
ونبني فوقها قصر
غداً يوم انطلاق الشعب
يوم الوثبة الكبرى
سنمشي ملء عين الشمس
نحدو ركبها الحر
فلسطين التي ذهبت
سترجع مرة أخرى

إبراهيم طوقان

قد شهدنا لعهدكم “بالعدالة”
وختمنا لجندكم بالبسالة
وعرفنا بكم صديقاً وفيّاً
كيفَ ننسى انتدابه واحتلاله
وخجلنا من لطفكم يوم قلتم:
وعد بلفور نافذ لا محالة
كلّ أفضالكم على الرأس والعينِ
وليستْ في حاجة لدلالة
ولئن ساء حالنا فكفانا
غيرَ أنّ الطريقَ طالت علينا
أجلاءً عن البلاد تريدون فنجلو

أنكم عندنا بأحسن حالة
وعليكم،فمالنا والإطالة؟
أم محقنا والإزالة؟
فدعيني أصرفُ فؤادي لقوم
وبلادٍ تلقى البلاء الرهيبا
وطني مرهقٌ وأهلي نيامٌ
واستحالَ الراعي فأصبحَ ذيبا
لهفُ نفسي وهم سكارى غرور
كيفَ يُبدي مخالباً ونيوبا
لهف نفسي وقد دنا يتقرّى
مقتلاً يستشف منه القلوبا
أين ما للشبابِ من نزواتٍ
يصعق الدهر كرّها والخطوبا
كيفَ يرضى أن يقطع العمر مطلوباً؟
وليسَ الشّبابُ إلا طلوبا
عهدته الأوطانُ في الروعِ يبدي
ساعداً أيّداً وعوداً صليبا
وإذا الخطوبُ شدّت تصدّى
كيف تغشى الخطوبَ صدراً رحيبا
وطني أخافُ عليكَ قوماً أصبحوا
يتساءلون من الزعيم الأليقُ؟
لا تفتحوا بابَ الشّقاقِ فإنّهُ
بابٌ على سوءِ العواقبِ مغلقُ
والله لا يرجى الخلاصَ وأمركم
فوضى،وشملُ العاملينَ ممزّقُ
أين الصفوف تنسقت فكأنّما
هي حائط دون الهوان وخندق
أينَ القلوب تآلفت فتدافعت
تغشى اللهيب وكل قلب فيلق
أين الأكفُّ تصافحت وتساحلت
تبني وتصنع للخلاص وتتفق
انفروا أيها النيام فهذا
يوم لا ينفع العين كراها
نبئوني عن القوي متى كان
رحيماً؟هيهاتَ من عزّ تاها
لا يلينُ القوي حتى يُلاقي
مثلهُ عزّة وبطشاً وجاها
لا سمتْ أمّة دهتها خطوب
أرهقتها ولا يثورُ فتاها
قالوا الشباب…فقلت: سيف باتر
وإذا تثّقفْ كان صافي المعدن
مرحى لشبان البلاد إذا غدا
كلّ بغيرِ بلاده لم يُفتن
مرحى لشبان البلاد فما لهم
إلا السمو إلى العلا من ديدن
نهض الشباب يطالبون بمجدهم
يا أيها الوطن المجيد تيمّن

فؤاد الخطيب

أيام لم يك من ملكٍ ولا بلد
إلا وللعربِ فيه العِلمُ والعَلمُ
إن سار عسكرهم فالبرُّ مضطربٌ
أو ثار أسطولهم فالبحرُ مضطرمُ
واليومَ باتوا لا مجدٌ ولا حسبٌ
ولا وفاءٌ ولا علمٌ ولا كرمُ
كأن أجسامهم أكفان أنفسهم
فلا يُبالونَ ما يزكو وما يصمُّ
وأصبحَ الشرقُ فيهم بعد نضرته
قبراً به تزفرُ الأرواحُ والنسمُ
ولست أدري أمر البعث فانصرفت
عنهم سوانحه أم أنّه أممُ
لمنْ المضارب في ظلالِ الوادي
ريّانة الجنباتِ بالورّادِ
الله أكبر تلكَ أمّة يعرب
نفرت من الأغوارِ والأنجادِ
ومشتْ على الأسلافِ مشية واثق
بالله والتاريخ والأمجادِ
ومن اشترى استقلاله بدمائه
لم يستنمْ لأذى ولا لا استعباد
فقوموا انظروا المبعوث من جوف قبره
فقد باتَ في دارِ السعادةِ ثاويا
تحومُ عليهِ اليوم آمال أمةٍ
ترى منهُ للداءِ الدّوي مُداويا
رقبناهُ لا نخشى من الدهر نبوة
ولكننا كنا جبالاً رواسيا
وناءت بأعباءِ القيود جسوماً
وأحيت بأعماقِ السجون اللياليا
وفينا نفوسٌ حرّةٌ لا تذلّها
شداد الدواهي بل تذلّ الدواهيا
فلا القيدُ أوهاها ولا السجنُ راعها
ولا هي عافتْ في العلاءِ التفانيا
ولكن أعادتْ مجدها وشأت به
بمعتركِ العيش العصور الخواليا
فهنأها من قامَ بالأمسِ ناعيا
وذلَّ لها من كان بالأمسِ طاعنا
والشرق يضؤل والأهواءُ تخربه
فليتَ شعري أعربٌ فيهِ أم رِمم
كم صرخةٍ لي فيهم واليراعُ فمُ
ودمعةٍ لي عليهم والمدادُ دمُ
أيذكرونَ وقد كانوا إذا ذُكروا
يُسبّحُ السيف والقرطاسُ والقلمُ

يوسف الخطيب

أخي،إن عشت ذلَّ
الأمسِ مغلوباً على أمرك
ذراعُكَ هذه الشّماء
لم ترضخْ إلى أسركْ
حطّمتَ بها الحديد
ورحت والتاريخ في إثرك
تصارعُ لجّةَ الأقدار
تُمعنُ في خطى ثأرك
فقمْ،واسحب رداء العزّ
مختالاً على فجرك
فمن صدري،توّردَ
صبحُ أمتنا،ومن صدرك
أكادُ أؤمن،من شك ومن عجب
هذي الملايين ليست أُمّةُ العربِ
هذي الملايين لم يدرِ الزمانُ بها
ولا بذي قار،شدّت رايةَ الغَلَبِ
ولا تنّزلَ وحيٌ في مرابعها
ولا تبوك روت منها غليلَ نبي
ولا على…اليرموك من دمها
توّهجَ الصبحُ تيّاهاً على الحِقبِ
ولا السفينُ اشتعالٌ في المحيط،ولا
جواد عقبةَ فيه جامعُ الخَببِ
لكنّني وبني شعبي تخّطفنا
قيلُ الملوكِ:ألا لابدُّ من هَربِ
فكلُّ عُرْسٍ على بُقيا جماجمنا
أرسى قوائمهُ مختالةَ الطّنبِ
لم يدرِ أن عظامَ الأبرياء بهِ
ألغامُ ثأرٍ،تدوي ساعةَ الغضبِ
ما للجماهيرِ لم تفتح جهنمها
للفاتحين،ولم تزأر،ولم تثبِ
أقدْ سرى خدرُ الأفيون في دمها
فما تُحسُّ عليه صحوةَ الغضبِ

مأمون جرار

لابأس يا جنين ملحمة تضاف في ملاحم السنين نقرأ فيها قسوة الجزار إذ يعمل في أعصابك السكين لكنه لم يسمع الأنين
صبرت حتى الموت عن قوله(أخ) ولم تجئك نصرة ابن العمائمَأو معونة من أخ وأنت تذبحين والأعينُ العمياء تبصر الجزار والسكين

الشيخ رائد صلاح

القدس تسألنا أليسَ
لعفتي حقّ عليكم؟
أنا في المذلّة أرتمي
يا حسرتي ماذا لديكم؟
أنا في المهانةِ غارق
حتى من أسفي عليكم
ومتى تثور زحوفكم
وتجيبني:جئنا إليكم
يا عاركم من ذى التي عن
نصرتي شلّت يديكم

وليد الأعظمي

مآتمُ الظلمِ تتلوهنَّ أعيادُ
إياكِ أن تجزعي إياكِ بغداد
أمس استبدَّ بأهليك الطغاةُ أذى
وراحَ يمتحنُ الأحرارَ جلّادُ
فهبّ أبناؤك الأحرارُ في هِممٍ
تغارُ منها لدى الهيجاءِ آسادُ
فلم يرعهم رصاصُ الخائنين ولا
قيد وحبسٌ وتعذيبٌ وإبعادُ
حتى تهدّمَ صرحُ الظلمِ وانكفأت
قِدرُ الفسادِ وأهل الظلمِ قد بادوا
إياكِ أن تجزعي إياكِ بغداد
شدّي الوثاق فصرح الظلم ميّادُ
سُدّي ثغورَ العدى واستجمعي هِمماً
لنا مع الفجر يا بغداد ميعادُ
يا قوم كفوا عن اللذاتِ أنفسكم
وحاسبوها فما في الأمرِ ملهاة
متى النهوضُ وهذا العِرضُ منتهك
والصفُ مضطربٌ والشملُ أشتاتِ
في كلِّ يومٍ لنا شكوى نقدّمها
وليسَ تجدي شكاوى واحتجاجات
مارفرف فوقَ هامِ العُربِ رايات
لو لم تصنها من الإسلامِ آيات
ولا ازدهت بمعانيها حضارتنا
لو لم تكن عندنا للمجدِ غايات
شقَّ الجدودُ طريقَ المجدِ لاحبةً
للسالكينَ صُوىً فيها وشارات
وبيّنوا سُنناً ما ضلَّ تابعها
ولا استبدّتْ به يوماً خرافات
لا خيرَ في العيشِ إن كانت مواطننا
نهباً بأيدي الأعادي أينما كانوا
لا خيرَ في العيشِ إنكانت حضارتنا
في كلّ يومٍ تنهدُّ أركانُ
لا خير في العيشِ إن كانت عقيدتنا
أضحى يُزاحمها كفرٌ وعصيانُ
لا خيرِ في العيشِ إن كتنت مبادؤنا
جادت علينا بها للكفرِ أذهانُ

أبو القاسم الشابي

إذا الشعبُ يوماً أرادَ الحياة
فلابدّ أن يستجيبَ القدرْ
ولابدَّ لليلِ أن ينجلي
ولابدّ للقيدِ أن ينكسرْ
ومن لم يُعانقهُ شوقُ الحياةِ
تبخّرَ في جوها واندثر
كذلكَ قالت لي الكائناتُ
وحدّثني روحها المُستترْ
إذا ما طمحتُ إلى غايةٍ
ركبتُ المنى ونسيتُ الحَذرْ
ومن لا يُحبُ صعودَ الجبالِ
يعشْ أبدَ الدهرِ بينَ الحفرْ
فَعجّتْ بقلبي دماءُ الشباب
وضجَّتْ بصدري رياحٌ أُخرْ
وأطرقتُ أُصغي لقصفِ الرعودِ
وعزفِ الرياحِ ووقعِ المطرْ

أبو القاسم الشابي

أباركُ في الناسِ أهل الطموح
ومن يستلذّ ركوبَ الخطر
وألعن من لا يُماشي الزمان
ويقنعُ بالعيشِ عيشَ الحجر
إذا طمحت للحياة النفوس
فلا بدّ أن يستجيب القدر

أبو القاسم الشابي

ألا أيها الظالمُ المُستبدّ
حبيب الفناءِ عدوّ الحياة
سخرتَ بأنّاتِ شعبٍ ضعيفٍ
وكفّ!كَ مخضوبةٌ من دماه
وعشتَ تُدنس سحرَ الوجودِ
وتبذرُ شوكَ الأسى في رباه
رويدك لا يخدعنّكَ الربيعُ
وصحوُ الفضاءِ وضوءُ الصباح
ففي الأفقِ الرحبِ هولُ الظلام
وقصف الرعودِ وعصف الرياح
ولا تهزأن بنواحِ الضعيف
فمن يبذر الشوكَ يجنِ الجراح
فيا أيها الظالم المُصّعرُ خدّهُ
رويدك! إنّ الدهرَ يبني ويهدمُ
سيثأرُ للعز المحطم تاجه
رجال إذا جاشَ الردى فهمُ همُ
رجالٌ يرونَ الذلَّ عاراً وسُبّةً
ولا يرهبونَ الموتَ والموتُ مقدمُ
وهل تعتلي إلا نفوس أبيّةٌ
تصدّعُ أغلالَ الهوانِ وتحطمُ
لحى الله من لم تستثرهُ حميّةٌ
على دينهِ إن داهمتهُ العظائمُ
لحى الله قوماً لم يُبالوا بأسهم
يُصوّبها نحو الديانةِ ظالمُ
لستُ أبكي لِعسفِ ليلٍ طويلٍ
أو لربعٍ غدا العفاءُ مراحهْ
إنما عبرتي لخطبٍ ثقيلٍ
قد عرانا،ولم نجد من أزاحهْ
كلّما قامَ في البلاِدِ خطيباً
مُوقظُ شعبَهُ يريدُ صلاحهْ
ألبسوا روحَهُ قميصَ اضطهادٍ
فاتكٍ شائكٍ يردُّ جماحه
وتوّخوا طرائقَ العسفِ الإر
هافِ تواً،وما توّخوا سماحهْ
هكذا المخلصونَ في كلِّ صوبٍ
رشقاتُ الرّدى إليهم متاحه
غيرَ أنا تناوبتنا الرزايا
واستباحتْ حمانا أيّ استباحهْ
إنّ ذا عصرُ ظلمة غير أنّي
من وراءِ الظلامِ شِمتُ صباحهْ
ضيّعَ الدّهرُ مجدَ شعبي ولكنْ
ستردُ الحياةُ يوماً وشاحهْ
لا ينهض الشعبُ إلا حينَ يدفعهُ
عزمُ الحياة،إذا ما استيقظت فيهِ
والحبُّ يخترقُ الغبراءَ مندفعاً
إلى السماءِ،إذا هبّت تناديهِ
والقيدُ يألفهُ الأمواتُ،مالبثوا
أما الحياةُ فيبُليها وتُبليهِ

محمد محمود الزبيري

سَجّلْ مكانكَ في التاريخِ يا قلمُ
فها هنا تبعثُ الأجيال والأممُ
هنا البراكين هبّت من مراقدها
تطغى وتكتسح الطاغي وتلتهمُ
والحقُّ يبدأ في آهاتِ مكتئبٍ
وينتهي بزئيرٍ ملؤهُ نِقمُ

محمد محمود الزبيري

إنّ اللصوصَ وإن كانوا جبابرةً
لهم قلوبٌ من الأطفالِ تنهزمُ
والشعبُ لو كانَ حياً ما استخفَ به
فردٌ ولا عاثَ فيه الظالم النهمُ
يقولونَ غابَ الأمنُ إذا غبتُ عنهمُ
فما خطبهم ياليت عري…ومن همُ
أشعبٌ يخافُ الشعب؟فليهبطوا إذاً
جهنمَ أو تهبط عليهم جهنمُ
ألا يستطيعُ السيرَ إلا مقيدٌ؟
ألا يستطيعُ العيشَ إلا مُنوّمُ؟
ألا يمنحُ الناس الأمان بأرضنا
الأبية إلا السجنُ والصلبُ والدمُ
ألا تنشقُ الأنفاسَ إلا خياشمٌ
بقبضةِ سجان تحرُّ وتخرمُ؟
أيأبى فراق الذلِّ شعبٌ؟فهللوا
إذاً يا طغاةُ وابطشوا وتحكّموا
يقولون:هذا الشعبُ عبدٌ تلذّهُ
السياطُ ويعطيهِ الهناءة علقمُ
فإن كنته…يا شعب فافرح بعهدك
الذي أنتَ فيهِ مستضامُ ومرغمُ
وطِبْ بالكرى عيناً فإنّك موثق
وعشْ صامتاً واهناً فإنّكَ مُلجمُ
ولا تخشَ من زلزال شعر أصوغه
فإنّكَ ـ قد قالوا ـ أصمُّ وأبكمُ
ولا تتحرك،لو تحرّكَ جندلٌ!
ولا تتكلم لو تكلّمَ أعجمُ
ولا تتخوّف من أشعة أنجمٍ
فليسَ لأعمى في السمواتِ أنجمُ
ولا ترتقبْ فجراً فحولكَ ظلمةٌ
تغوصُ بها كلّ النجوم وتظلمُ
وكنْ آمناً من لسعة النحل إنّهُ
سيحميكَ ذئبٌ أو يداويكَ أرقمُ
هراء يقول الكافرونَ بشعبهم
فسحقاً لما فاهوا به وتكلموا

محمد محمود الزبيري

ليسَ في الدينِ أن نُقيمَ على الضيمِ
ونحني جباهنا للدنيّة
ليسَ في الدينِ أن نؤّلهَ طغيانا
ونعنو للسلطة البربرية
ليسَ في الدينِ أن نقدّسَ جلاداً
ويُمناهُ من دمانا رَويّة
الملايين العطاش المشرئبه
بدأت تقتلعُ الطاغي وصحبه
سامها الحرمانُ دهراً لا يرى
الغيث إلا غيثه والسحبُ سحبهْ
لم تنلْ جرعةَ ماء دون أن
تتقاضاهُ بحربِ أو بغضبهْ
ظمئت في قيده..وهي ترى
أكله من دمها الغالي وشربهْ
ليتَ شعري أيّ شىءٍ كان يخشاه
في دنياه لو هادنَ شعبه
هاهو الشعبُ صحا من خطبه
بينما الطغيان يستقبل خطبه
لعنَ الله كلَّ ظُلمٍ وجَورٍ
لعنةً في كتابهِ سَرمديه
فَليمتْ من يُضفي على الظالمِ الطاغي
رداءَ الجلالِ والقُدسيّه
الركوعُ الذليلُ في غيرِ وجهِ الله
رُجعى بنا إلى الوثنيه
وعبيدُ الأحجارِ أشرفُ ممن
يجعلُ السيفَ ربّهُ وبنيّه

عبد الله البردوني

سوفَ نمشي على الجراحاتِ حتى
نشعل الفجر من لهيب الجراح
فاستبيحوا دماءنا تتورد
وجنةُ الصبحِ بالدمِ المستباح
إنما تنبتُ الكرامات أرض
“سمدت تربها” عظام الاضاحي
ودماءُ الشهيدِ أنضر غار
في جبينِ البطولة اللّماح

إبراهيم ناجي

قد عرفنا صولة الجسم التي
تحكمُ الحي،وتطغى في دماه
وسمعنا صرخةً في رعدها
سوطُ جلاد وتعذيب إله
أمرتنا،فعصينا أمرها
وأبينا الذلّ أن يغشى الجباه
حكم الطاغي،فكنا في العصاة
وطردنا خلف أسوار الحياة
فخذوا السبيلَ إلى الحياةِ تآلفاً
وتكاتفاً في رغبةٍ وودادِ
خيرُ الصحائفِ ما كتبتَ سطورَهُ
بيدِ الكفاحِ الحرّ لا بِمداد
صونوا البلادَ وأدركوا فلاحكمْ
كادَ الحِمى يغدو بغيرِ عماد
حيران من مرض إلى بؤس إلى
كربٍ تمر به بلاد تعدادِ
مهلاً بني قومي أتيتُ مُذكراً
في ساحةٍ مجموعة الأشهادِ
واخجلتا مما نقدّمه إذا
حانَ الحسابُ وجاءَ يومُ معادِ
أيّ الصحائف في غدو حسابكم
في ذمّةِ الأبناء والأحفاد
لا خيرَ في الأرواحِ تسكن منزلاً
مُهدّماً رثاً من الأجسادِ
لا خيرَ في الأرواح تسكن موطناً
متخاذلاً لا يُرتجى لِجلاد
أبَكتْ عيونكم الضعيف يصير في
نابِ القوي فريسة استعباد
اليوم يومُكَ في الشبابِ فَنادِ
لا نومَ بعد،ولا شهيَّ رقادِ
قل للذي يبغي الصلاحَ لقومهِ
بنبيلِ صُنعٍ أو شريفِ جهادِ
بالطبِّ أو بالشعرِ أو بكليهما
كلّ الجهود فداء هذا الوادي

أحمد نسيم

ما ضاعَ حقٌ لشعبٍ راحَ يطلبهُ
برأي محتزمٍ أو سعي محترمِ
والشعبُ يربضُ حيناً ثمّ يُنهضهُ
إلى التحفز ما يلقى من الألم
حتى إذا شبَّ يبغي مجده صَعداً
هيهاتَ تنفع في شعبٍ بهِ شَممٌ

شبّتْ عزائمهُ كالنارِ في الضّرم
وسائلُ العنفِ والإجحافِ والغشمُ

أحمد محرم في نكبة فلسطين

في حِمى الحقِّ،ومن حولِ الحرمْ
أمّةٌ تؤذى وشعبٌ يُهتضمْ
فزعَ القدسُ وضجّتْ مكةٌ
وبكتْ يثرب من فرطِ الألأم
ومضى الظلمُ خليّاً ناعماً
يسحبُ البردين من نارٍ ودم
أهونُ الاشياءِ في شرعتها
أمّةٌ تمحى وشعبٌ يُلتهم

أحمد محرم

وفت الظنون وبرّت الآمال
مابعد ذلك للخصومِ مقال
إن يذكروا همم الرجال فحسبهم
هِممٌ بمصر أبيّةٌ ورجال
يتطلعونَ إلى الحياةِ بأعينٍ
حيرى اللحاظ ودونها أهوالُ
ما تصنعُ الأيدي نهُدُّ عظامها
وتُشدّ في أرساغها الاغلال
جهل الحياة لكل شعب حقّه
ورضى الشعوب بأن تموت محال
فهل يسمع القول أهل القبور
خطيبٌ فيسهب في خطبته
يُناديهم فيمَ هذا الرقاد
كفى مادهى الشرق من رقدته
لقد ضاعَ بعدكم مجده
وأنتم رجالٌ ذوو نجدةٍ

وكلّ المثالب في ضيعته
فلا تقعدوا اليومَ عن نجدته
حنانكَ إنّ الأمرَ قد جاوزَ المدى
ولم يبق في الدنيا لقومكَ راحم
أحاطتْ بنا الأسد المغيرة جهرة
ودّبت إلينا في الظلامِ الأراقم
وأبرح ما يجني العدو إذا رمى
كأهون مايجني الصديق المسالم
لحا الله قوماً حملّونا من الاذى
بما ضيّعوا الأوطانَ ماليس يحمل
همو خذلوها فاستبيحَ حريمها
وما برحت تبغي انتصاراً فتخذل
بني النيل جدّوا في المطالب واصدقوا
فلا مجدَ حتى يصدق العزم والجدّ
متى ينهضُ الشرقُ من كبوته
وحتى متى هو في غفوته
كبا وكذلك يكبو الجواد
براكبه وهو في حلبته
ونام كما نام ذو كربة
تملّكه اليس في كربته
وهى عزمه ما يطيقُ الحراك
وقد كان كالليث في وثبته
تجرّ عليه عوادي الخطوب
كلالكلها وهو في غفلته
نواهب ما كان من مجده
سوالب ما كان من عزّته
فلا هو يدفع عن حوضه
ولا هو يمنع من حوزته

أحمد محرم

تسعى الشعوبُ ونحن في غفلاتنا
نأبى الفعال ونُكثرُ الأقوالا
ركبوا متونَ العاصفات،وشأننا
أن نركبَ الأوهامَ والآمالا
يا باعثَ المتى ليومِ معادها
تنسابُ من أجداثها أرسالا
أعدِ الحياةَ لأمّةٍ أودت بها
غفلاتها،فثوت سنين طوالا
وأضىء لها سبل النجاة ليهتدي
منةزاغَ عن وضح الطريقِ ومالا
وتولّها بالصالحات،ولقّها
منكَ الأمان،ووقها الأوجالا
وامننْ عليها من لَدُنكَ بقوّةٍ
توهي القيودَ وتصدعُ الأغلالا

أحمد محرم

يا أمّة خاط الكرى أجفانها
هُبّي فقد أودتْ بكِ الاحلامُ
هُبّي فما يحمي المحارم راقدٌ
والمرءُ يُظلمُ غافلاً ويُضامُ
هُبّي فما يُغني رقادك والعدا
حولَ الحمى مستيقظون قيامُ
شيئان يذهب بالشعوب كلاهما:
نومٌ عن الأوطان واستسلامُ
دعا فأثارَ الساكنينَ دعاؤه
ونادى فراعَ الآمنينَ نداؤه
أخو وصبٍ ما إن يحمّ انقضاؤه
وذو أربٍ ما إن يحينُ قضاؤه
بهِ من بني مصر عناءٌ مبرّحٌ
فياليتَ شعري هل يزولُ عناؤه
أما إنه لو كان يشفي غليله
بكاءٌ على مصر لطالَ بكاؤه
تقسمها الأقوام لا ذو حمية
فيحمي ولا واقٍ فيرجى وقاؤه
أما للشياطين التي قد تمردت
بأرضكَ شهبٌ من سمائك رجم
غياثُكَ يا ربِّ لأمةٍ
يهدم عالي مجدها ويهضمُ
غياثكَ إنا قد سئمنا حياتنا
ومثل حياة الحرِّ في مصر تسأمُ
لَعمرُ أبيكَ ما ضعفتْ قوانا
فنجنح صاغرين إلى السلام
معاذ الله من خورٍ وضعفٍ
ومن عابٍ نقارفه وذام
ولا والله نرضى الخسف ديناً
كدأبِ المستذل المستضام
إذا حكم العدى جنفاً علينا
فأعدل منهم حكم الحسام
مهلاً دعاة الشرِّ إنّ وراءكم
يوماً تظلُّ به الشعوب تخطف
تتخبّطُ الأحداثُ في غمراته
وتظلُّ عن أهوالهِ تتكّشفُ
لله فيما تفعلون بدينهِ
عهدٌ أبرُّ وموعدٌ ما يُخلفُ
مهلاً فيومئذٍ يحمّ قضاؤه
إنّ القضاءَ إذا جرى لا يصرفُ
كشف الكتاب عن المحجّة فانظروا
وأرى المحجّة عندكم أن تصدفوا

ولي الدين يكن

صحا كلّ شعبٍ فاستردَ حقوقَهُ
فيا ليتَ يصحو شعبكَ المتناومُ
هو الشعبُ أفتى دهرهُ وهو خادمٌ
وليسَ له فيمن تولوهُ خادمُ
يقلّبُ من عهدٍ لعهدٍ على الاذى
إذا زالَ عنهُ غاشمٌ جدَّ غاشمُ
أن تندموا ليسَ يفيدُ الندم
قد قُضي الأمرُ وجفَّ القلمْ
الله خلّاق الورى عادل
فلا يلومن غيره من ظلمْ
يا أمّة يقتلها جهلها
جهلك لا يشبه جهل الأمم
يا وطناً قد جرى الفسادُ بهِ
متى يُرينا إصلاحك الزمن

عبد الحكيم عابدين

بدمي وروحي الفتيةَ الأشبالا
الحافظينَ عهودهم أجيالا
العاقدينَ على السيوفِ رجاءهم
والخائضينَ غمارها استبسالا
الواهبينَ العزّ سِلما نفسهم
والحاسبينَ لظى قناهُ ظلالا
البائعينَ بلادهم أرواحهم
الناهضينَ بِشمّها أحمالا
النافذينَ إلى المنى كسهامهم
الجاهلينَ مع المضاءِ محالا
الداعمينَ إباءهم بدمائهم
الناسفينَ به ربىً وجبالا
الخالعينَ على الصباحِ جمالهُ
والساطعينَ على الفضاءِ هلالا
المانحينَ شذا الورودِ أريجَهُ
النافذينَ إلى الظلام نبالا
الكاشفينَ دجى الخطوبِ إذا بدت
والراجعينَ ضحى بها الأصالا
الطامحينَ إلى الثريا منزلاً
الآنفين سوى السماءِ مجالا

المنفلوطي

قدومٌ ولكن لا أقولُ سعيد
وملك وإن طال المدى سيبيد
يُذكرنا مرآكَ أيام أنزلت
علينا خطوب من جدودك سودُ
أعباس ترجو أن تكون خليفة
كما ودَّ آباءٌ ورامَ جدودُ
فياليتَ دنيانا تزولُ وليتنا
نكونُ ببطنِ الأرضِ حينَ تسودُ

باحثة البادية

قومي عليكم بتقوى الله إنكمو
رزئتمو بصروفِ الدهرِ والغِيَر
ماتت جدودٌ لكم لكنْ ذكرهمو
باقٍ لنا في جبينِ الدهرِ كالغُرر
قد خلّفوا الفضلَ والازمان شاهدة
بمجدهم ودليلُ القول في الاثر
يا أمّة نثرت منظومها الغِيرُ
حتامَ صبرٌ ونارُ الشرِّ تستعرُ
ماذا تقولون في ضيم يُراد بكم
حتى كأنكمو الأوتاد والحجر
ستسلبون غداً أغلى نفائسكم
حرية ضاع في تحصيلها العمرُ
حرية طالما منوا بها كذباً
على بني النيلِ في الآفاقِ وافتخروا
أتصبرون وهذا بدء بطشهم
وأول الغيثِ قطرٌ ثم ينهمرُ
كيفَ اصطبارُ وسيل الظلم مكتسح
عرائسَ الخير لا يُبقي ولا يذرُ
وكم يقولونَ في ذا المنعِ مصلحة
تالله ما صدقوا لكنهم قدروا

كامل الشناوي(نشيد الحرية)

كنتَ في صبركَ مرغم
كنتَ في صمتكَ مُكره
فتكلم وتألمْ
وتعلم كيفَ تكره
عرضكَ الغالي على الظالمِ هان
ومشى العارُ إليهِ وإليك
أرضُكَ الحرّةُ غطاها الهوان
وطغى الظلمُ عليها وعليك
قدّم الآجالَ قرباناً لعِرضك
اجعلْ العمرَ سياجاً حولَ أرضك
غضبةٌ للعرضِ،للأرضِ ،لنا
غضبةٌ تبعثُ فينا مجدنا
وإذا ما هتفَ الهولُ بنا
فليقلْ كلّ فتى إنّي هنا
أنا يا مصرُ فتاكِ،بدمي
أحمي حماكِ،ودمي ملءُ ثراكِ
أنا ومضٌ وبريق
أنا صخرٌ أنا جمرُ
لفحُ أنفاسي حريق
ودمي نارٌ وثأرُ
بلدي لا عشتُ إن لم أفتدِ
يومكَ الحرَّ بيومي وغدي
نازفاً من دمِ أعدائكَ ما
نزفوهُ من أبي أو ولدي
آخذاً حريتي من غاصبها
سألبيها وبروحي أفتديها
هات أذنيك معي،واسمع معي
صيحةَ اليقظةِ تجتاحُ الجموع
صيحةٌ شدّت ظهورَ الرّكعِ
ومحتْ أصداؤها عار الخضوع
أنت إذا لم تتحرر
بيدي يا بلدي
فأمضي أتحرر
من قيودِ الجسدِ
لا أبالي الهول،بل أعشقه
إنه لو لم يكن…أخلقه

ولا أباليه وإن مت صريعا
لأرى فيه ضحايانا جميعا
في دماهم أملُ النيلِ توّحد
فاحترمْ بالثأرِ ذكرى شهدائك

في دماهم دمُ عيسى ومحمد
بذلوا أرواحهم بذلَ السخي
وانتقمْ..إنّ هنا أزكى دمائك
وهنا أمي..وأختي..وأخي

مأمون الشناوي(نشيد الجهاد)

هتفَ الداعي ونادى بالجهادِ
أيُّ بشرى يوم نادى بالنفيرِ
نحنُ شعبٌ حكمَ الدنيا وساد
ونما والدهرُ في المهدِ صغير
كلّ مصريٍّ ينادي
أنا مُلكٌ لبلادي
قلبي يميني،لساني
روحي فدى أوطاني
كانَ الجهادُ أماني
واليوم يومُ الجهاد
إن بدا للنيلِ يوماً خطرٌ
لاندفعنا وسبقنا الخطرا
أو مشى في شاطئيه مُعتدٍ
لزرعنا شاطئيهِ شررا
كم تباهينا بمجدِ الأولين
فتعالى قدرنا في العالمين
لم لا نبني بأيدينا العلا
لم لا نصبح فخرَ الأقدمين

علي محمود طه

سدّتْ طريقكما الحتوف وأنتما
تتحرقان هوىً إلى الأوطانِ
ومشى الردى بكما وتحت جناحهِ
جسمان بل قلبان محترقان
أنا من يُغنّي بالمصارعِ في العلى
ويشيدُ بالآلام والاحزان
ماذا وراء الدمعِ من أمنية
أو ماوراء النوح من نشدان؟
أصبحتُ ذا القلب الحديد وإن أكن
في الناسِ ذاك الشاعرُ الإنساني
ووهبتُ قلبي للخطار،فللهوى
شطر،وللعلياء شطر ثاني
وعشقتُ موتَ الخالدين وعفت من
عمري حقارة كلّ يوم فاني
لولا الضحايا الباذلون دماءهم
طوت الوجود غيابة النسيان
هذا الدمُ الغالس الذي أرخصتم
هو في بناءِ المجدِ أول باني
تبنون للوطن الحياة وهكذا
تبنى الحياة مصارع الشجعان
بني الشرق كونوا لأوطانكم
قوى تتحدّى الهوى والضلالا
أقيموا صدوركمُ للخطوبِ
فما شطّ طالبُ حقّ وغالى
فزعت لكم من وراء السقام
وقد جلللَ الشيبُ رأسي اشتعالا
وما أن بكيت الهوى والشباب
ولكن ذكرت العلى والرجالا

علي محمود طه

ألسنا بني الشرقِ من يَعرُبٍ
أصولاً سمتْ وجباهاً تعالى؟
أجئنا نسائلُ عطفَ الحليفِ
ونرقبُ منه الندى والنوالا
نصرناهُ بالأمسِ في محنةٍ
تمادى الجبابرُ فيها صيالا
فكيفَ تناسى حواريَّهُ
غداةَ السلامِ وأغضى ومالا

محمود حسن إسماعيل

حرٌّ رأى الأغلالَ موثوقةٌ
أحكمها في الطوقِ ضيفٌ جحود
فهبَّ كالإعصارِ في صرخةٍ
تنهزم في الوادي هزيمَ الرعود
براحةٍ عزلاء لكنّها
تروعُ بالحقِّ جنانَ الحسود

محمود غنيم

ما أيدَّ الحقّ المضاع كمنطق
تدلي به شَفهُ السلاح الأبكمِ
تتحررُ الأوطانُ بالدم وحدَهُ
إنّ الخطابةَ رأسُ مال المُعدمِ
من قال إني أعزلٌ وبكفهِ
حجر فليسَ إلى الكنانة ينتمي
صِدقُ العزيمةِ درعُ كلِّ مدّرعٍ
عند اللقاءِ ولأمةُ المستلئمِ
من قاومَ الأُسدَ الغِضابَ مُسلحاً
بيقينهِ وبحقّهِ لم يُهزمِ
لا تعصبي جُرحَ الجريحِ فإنّهُ
في جسمهِ مثلُ الفمِ المتبسمِ
استرشدَ الغربُ بالماضي فأرسدهُ
ونحنُ كان لنا ماضٍ نسيناهُ
إنّا مشينا وراءَ الغربِ نقبسُ من
ضيائهِ فأصابتنا شظاياهُ
بالله سَلْ خلفَ بحرِ الرومِ عن عربٍ
بالامسِ كانوا هنا ما بالهم تاهوا
فإن تراءت لكَ الحمراءُ عن كثبٍ
فسائلِ الصرحَ أينَ المجدُ والجاهُ
وانزل دمشقَ وخاطب صخرَ مسجدها
عمّن بناهُ لعلَّ الصخر ينعاهُ
وطفْ ببغدادَ وابحثْ في مقابرها
علَّ امرءاً من بني العباسِ تلقاهُ
أين الرشيدُ وقد طافَ الغمامُ بهِ
فحينَ جاوزَ بغدادَ تحدّاهُ
هذي معالمُ خرسٌ كلُّ واحدةٍ
منهنَّ قامتْ خطيباً فاغراً فاهُ

علي الجارم

سنا الشرق،أشرق وابعث النور ساطعاً
يشقُّ دياجيرَ الظلامِ ويصدعُ
نزفنا دموعَ المقلتينِ تفجعاً
فهل مرةً أجدى علينا التفجعُ
وعشنا بآمالٍ كأطيافِ نائمٍ
يُروّعها من دهرنا ما يروّعُ
إذا ضيّعَ التاريخَ أبناءُ أمّةٍ
فأنفسهم في شِرعةِ الحقِّ ضيّعوا
صحا الشرقُ وانجابَ الكرى عن عيونه
وليسَ لمن رامَ الكواكبَ مضجعُ
لقد كان حلماً أن نرى الشرقَ وحدهُ
ولكن من الأحلامِ ما يُتوّقعُ
إذا عُددت راياتهُ فهي رايةٌ
وإن كثرت أوطانهُ فهي موضعُ
فليستْ حدودُ الأرضِ تفصلً بيننا
لنا الشرقُ حدٌّ والعروبةُ موقعُ
تذوبُ حشاشاتُ العواصمِ حسرةً
إذا دميتْ كفِّ بغداد إصبعُ
المجدُ بابٌ إن تعاصى فتحهُ
فاسأل كتائبهم عن المفتاحِ
دقوا فما أودى بعزمِ أكفهم
بأسُ الحديدِ وقسوةُ الألواحِ
أسمعونا برغمنا فصبرنا
ثم ثُرنا غيظاً على الأذان
أسروهُ ليحبسوا صوتهُ العالي
فنادى بصوتهِ الخافقانِ
احبسوا السيلَ إن قدرتم وسدّوا
إن أردتم منافذَ البركانِ

إسماعيل صبري

عَمْرَكَ الله هلْ سلامُ ودادٍ
ذاكَ أم حاولَ المُسلِّمُ أمرا
عَميتَ عن طريقها أم تعامتْ
أمَمٌ في مفاوزِ الجهلِ حيرى
غرَّها سَعدُها ومن عادةِ السعدِ
يُواتي يوماً ويخذلُ دهرا
فتجنّتا على الشعوبِ وشَنّتْ
غارةً في البلادِ من بعدِ أخرى

صالح جودت

بلقيس،عفواً إن حملتُ
على الملوكِ بكلِّ شِرّه
لا الصولجانُ له البقاء ولا
الأرائك مستقره
إن لم تكن لذوي العروش
من التفاف الشعب سدره

عدنان النحوي

مالي أرى الأرضَ ثارتْ من تقاعسنا
ورجّعتْ بيننا صوتاً ينادينا
كأنّما اتقدّتْ أحشاؤها جزعاً
وولولّتْ رهباً من واقعٍ فينا
هُبوا سراعاً إلى حوماتِ معتركٍ
من الجهادِ يُدّوي من روابينا
هل تحسبونَ بأنّ الليل منعقد
فنمتم،وضللتم في دياجينا
لا تذهبوا فُرصَ الأيام عاطلة
وقد أتتكم حُلاها من أمانينا
وحققوا أملاً في الصدرِ مضطرباً
لولاهُ ما نبضت أعراقنا فينا
أنا يا أخت ضائعٌ لست أدري
أينَ قومي وأيّ أرضٍ أجوب
في ضلوعي أسىً وفي العينِ دمعٌ
يتنزى وفي الفؤادِ ندوبُ
وعلى الوجهِ بسمةٌ ظللتها
غبرة الموت واعتراها شحوبُ
ودبيبُ الأيام ينزع مني
نفساً خافتاً وروحاً يغيب
أمتي عودةٌ إلى الله تُحي
ميت الأرضِ والنفوسُ الخواء
أمتي عودةٌ تردُّ إلى النفسِ
ضياءً يمزّقُ الظلماء
عودة ترجع الجهاد وتعلي
رايةَ الحقّ واليقين علاء
أَدمٌ يُراقُ وفتيةٌ يتساقطون
وعُصبةُ الطاغوت فيهم تحكمُ
والشعبُ مسكين يُجرّدُ فوقه
سيفٌ تشلُّ به اليدان ويُلجمُ
وتُردُّ أبوابُ السجونِ وخلفها
جسدٌ يغيبُ ….تتقدّمُ

مصطفى صادق الرافعي

ألستَ ترى العرب الماجدين
وكيفَ تهدّمَ مجدُ العرب
فأينَ الذي رفعتهُ الرماح
وأينَ الذي شيّدتهُ القضب
وأينَ شواهق عزٍّ لنا
تكادُ تمسُّ ذراها السحب
لقد أشرقَ العلمُ لما شرقنا
وما زالَ يضؤلُ حتى غرب
وكنا صعدنا مراقي المعالي
فأصبحَ صاعدنا في صبب
بني الشرق أينَ الذي بيننا
وبينَ رجال العلا من نسب
لقد غابتْ الشمسُ عن أرضكم
إلى حيث لو شئتم لم تغب
إلى الغربِ حيث أولاء الرجال
وتيكَ العلومُ وتلك الكتب
وإن كان مما أردتم فما
تنالُ العلا من وراءِ الحجب

محمد إقبال

الليلُ ولّى لن يعود
وجاءَ دوركَ يا صباح
وسفينةُ الإيمانِ سارتْ
لا تُبالي بالرياح
وحياتنا انشودة
صيغت على لحنِ الكفاح
وطريقنا محفوفةٌ
بالشوكِ، بالدمِّ، بالجراح
يا دربنا يا معبر الأب
طالِ يا دربَ الفلاح
إنّا إذا وضعَ السلاح
بوجهنا ضجَّ السلاح
وإذا تلعثمت الشفاه
تكلّمتْ منا الجراح

الشهيد محمد عواد

كتبنا النصر من دمنا
على أشلاء قتلانا
جعلنا من جماجمنا
لشرعِ الله بنيانا
بذلنا النفسَ في شمم
إلى الإسلامِ قربانا

مصطفى عبد الرحمن

أمتي يا أمةَ الأمجادِ والماضي العريقِ
يا نشيداً في دمي يحيا ويجري في عروقي
أذنَ الفجرُ الذي شقَّ الدياجي بالشروقِ
وطريقُ النصرِ قد لاحَ فسيري في الطريقِ
قبلةَ الأنظارِ يا أرضَ الهدى والحقِّ كنتِ
ومناراً في دجى الأيام للعالمِ عشت
أنتِ مهد النور..مهد الفن والعرفان أنت
وستبقينَ ويبقى لك منا ما أردتِ
لا تُبالي إن أساءَ الدهرُ يوماً لا تُبالي
قد صحونا لأمانينا ..صحونا لليالي
لك يا أرضَ البطولاتِ ويا أمّ الرجالِ
ترخصُ الارواحُ في يوم الفدى يوم النضالِ
للغدِ المشرق يندى بالأماني والعطور
أمتي..سيري إلى المجدِ وجِدّي في المسير
حققي بالعمل البناء أحلامَ الدهور
واصعدي بالعلمٍِ والأخلاقِ للنصر الكبير
اصعدي يا أرضَ أجدادي وأمي وأبي
اصعدي يا قلعةً يحرسها كلُّ أبي
اصعدي يا مشرقَ النورِ لأغلى مأربِ
اصعدي للقمم الشّماءِ فوقَ الشهبِ

أبو الفضل الوليد

سلامٌ أيها العُربُ الكرامُ
وجادَ ربوعُ قَطركمُ الغمامُ
لقد كثرت من العرب الضحايا
ولم يهتز في الغمدِ الحسام
وحتامَ المخافةُ من علوجٍ
لهم ذَمٌ وليسَ لهم ذِمامُ
صليلُ الظُبى وصريرُ القلمْ
لفكِّ القيودِ وشقِّ الظُلمْ
بدونهما لا حياةَ لنا
فهذا وذاكَ حياةُ الأمم

طاهر أبو فاشا

ألق عن وجهها الغضوب النقابا
لا تخاصم إلى الذئابِ الذئابا
أمِرَ الأمرُ فادّرعهم شيوخاً
عاقروا الصبر،وادّرعهم شبابا
وأدرك لحنكَ الذي أيقظ الثو
رة،واخمر في صهده الأعصابا
نحن في عالم تحيفه الشّك
وضلّ الصوابُ فيه الصوابا
أمّة تنشدُ السلام…فما بال
حمام السلام أمسى غرابا؟
أي امثولة أصمّ بها الدا
عي وإن هاجَ ثائرين غضابى
معبد صور العدالة في الأر
ض إلها،والأمن فيها نصابا
ما لرهبانه العجائز كانوا
أول الملحدين لما أهابا
ما لالحانه الجميلة باتت
فوق أطلاله بكا ونُعابا؟
إنما نحنُ أمة تمضغ الحقد
فما بالنا نعافُ اللّهابا

وإذا الحقُّ لم يصادف سميعاً
أوشكِ الحقّ أن يحول احترابا
ليس في شرعة الطواغيت غير النار
رباً،وغيرها محرابا
والذي يطلب الحياة سلاماً
كالذي يطلب الحياة سرابا
ذلّ من يركب الرجاء وفي كفّيه
ظفر يذود

ذلّ وخابا

المتنبي
ولا أُعاشرُ من أملاكهم ملكاً
إلا أحقَّ بضربِ الرأسِ من وثنِ
إنّي لأعذرهم ممّا أعنفهم
حتى أعنّفَ نفسي فيهم وأني

نامت نواطيرُ مصرٍ عن ثعالبها
فقد بَشمنَ وما تفنى العناقيدُ
ما كنتُ أحسبني أحيا إلى زمنٍ
يُسىءُ بي فيه عبدٌ وهو محمودُ

أبا سعيدٍ جَنّبِ العتابا
فَرُبَّ رأي أخطأ الصوابا
فإنهم قد أكثروا الحُجّابا
واستوقفوا الردّنا البوابا
وإنّ حدّ الصارمِ القِرضابا
والذابلات السُّمرُ والعرابا
ترفعُ فيما بيننا الحِجابا

ابن الرومي
يا أولياءَ عهودِ الشرِّ هَونكمُ
منْ غالبَ الله في سلطانهِ غُلبا
لقد جزيتم أباكم حينَ كرّمكم
بالعهدِ أسوأ ما يجزي البنونَ أبا

أشكو إلى الله ظلماً لا انكشافَ لهُ
مازلتُ أرزقُ منهُ شرَّ أرزاقِ

أبو فراس الحمداني
إنّي أبيتُ قليلَ النومِ، أرّقني
قلبٌ،تصارع فيهِ الهَمُّ والهِممُ
يا للرجالِ!
أما لله منتصفٌ
من الطغاةِ؟ أما للدينِ منتقمُ؟

كيفَ أرجو الصلاحَ من أمرِ قومٍ
ضيّعوا الحزمَ فيهِ أيِّ ضياعِ
فمطاعُ القولِ غير سديدٍ
وسديدُ المقالِ غيرُ مطاعِ
بشار بن برد
لحى الله قوماً رأسوكَ عليهم
ومازلتَ مرؤوساً خبيثَ المطاعم

طرفة بت العبد
لعمرُكَ إن قابوس بن هند
ليخلط ملكه نوك كثير


عنترة
وإذا ظُلمتُ فإنّ ظُلميَ باسلٌ
مرُّ مذاقتهُ كطعمِ العلقمِ

حكم سيوفكَ في رقابِ العذَلِ
وإذا نزلتَ بدارِ ذلٍ فارحلِ
وإذا بُليتَ بظالمٍ كن ظالماً
وإذا لقيتَ ذوي الجهالة فاجهلِ
جرير
لا يأمننَّ قويٌ نقضَ مِرّتهِ
إني أرى الدهرَ ذا نقضٍ وأمرارِ

فدعوا الحكومةَ لستمُ من أهلها
إنّ الحكومةَ في بني شيبان

ولا يمنعُكَ من أربٍ لِحاهمْ
سواءٌ ذو العِمامةِ والخِمار

الفرزدق
ترى كلّ مظلومٍ إلينا فِرارهُ
ويهربُ منا جهدهُ كلُّ ظالمِ

ومن يتخّمط بالمظالمِ قومَهُ
ولو كَرُمتْ فيهم وعزّتْ مضاربه
يُخدّشُ بأظفارِ العشيرةِ خدُّهُ
وتُجرّحُ ركوباً صفحتاهُ وغاربه
أذلَّ بهِ الله الذي كانَ ظالماً
وعزَّ بهِ المظلومُ واشتدّ جانبه

أميرَ المؤمنين وأنت تشفي
بعدلِ يديكًَ أدواءَ الصدورِ
فكيفَ بعاملٍ يسعى علينا
يُكلفنا الدراهمَ في البدورِ

المعري
أيا والي المصر لا تظلمن
فكمْ جاءَ مثلُك ثمّ انصرف

مُلَّ المقام، فكم أعاشرُ أمّةً
أمرت بغير صلاحها أمراءها
ظلموا الرعيةَ واستجازوا كيدها
فعدوا مصالحها وهم أجراؤها

إذا لم تقمْ بالعدلِ فينا حكومةٌ
فنحنُ على تغييرها قدراء

مالي رأيتُ دعاةَ الغيِّ ناطقةً
والرشدُ يصمتُ خوفَ القتلِ داعوه

ساسَ الأنامَ شياطينٌ مسلطةٌ
في كلِّ مصرٍ من الوالينَ شيطانُ
حتى يقومَ إمامٌ يستقيدُ لنا
فتعرف العدل أجيالٌ وغيطانُ

لاشىءَ في الجوِّ وأفاقهِ
أصعدُ من دعوةِ مظلوم

خيرٌ من الظالمِ الجبارِ شيمتهُ
ظلمٌ وحَيفٌ ،ظليمٌ يرتعي الذُّبحا

أبو االعتاهية
أما والله إنّ الظلمَ شؤمُ
ومازالَ المسىءُ هو الظَلومُ
إلى ديّانِ يومِ الدينِ نمضي
وعندَ الله تجتمعُ الخصومُ
تموتُ غداً وأنتَ قريرُ عينٍ
من الغفلاتِ في لُججٍ تعومُ
تنامُ ولم تنمْ عنكَ المنايا
تنبّه للمنيّة يا نؤومُ
ترومُ الخلدَ في دارِ المنايا
وكم قد رامَ غيرُكَ ماترومُ

صاحبُ البغي ليس يسلم منهُ
وعلى نفسهِ بغى كلُّ باغي

ستعلمُ في المعادِ إذا التقينا
غداً عند المليكِ من الملومُ

كفاكَ بحقِّ الله ماقد ظلمتني
فهذا مقامُ المستجيرِ من الظلمِ

لا تأمنِ الموتَ في لحظٍ ولا نَفَسٍ
وإن تمنّعتَ بالحُجّابِ والحرسِ
واعلم بأنّ سهامَ الموتِ قاصدةً
لِكلِّ مدّرعٍ منها ومترّسِ
أبو نواس
هذا زمانُ القرودِ فاخضعْ
وكنْ لهم سامعاً مطيعاً



مهيار الديلمي

بشراك يا ساعي الفسادِ وغبطةً
ذهبَ المُقدِّمُ يا بني الإجرام
عادَ القويُّ على الضعيفِ مُسلطاً
ونمى السّفاهُ فدبَّ في الاحلام
من للبلادِ تضمّها ورعيةٍ
أرضعتها الإنصافَ بعد فِطام
الكميت بن زيد
فتلكَ ولاةُ السوءِ قد طالَ عهدُها
فحتامَ حتامَ العناءُ المُطوّلُ

ألا هلْ عَمٍ في رأيهِ متأملُ
وهلْ مُدبرٌ بعد الإساءةِ مُقبلُ
وهل أمّةٌ مستيقظونَ لرشدهم
فيكشف عنه النعسة المتزملُ
فقد طالَ هذا النوم واستخرج الكرى
مساويهم لو كان ذا المَيلُ يُعدلُ
وعُطلّت الأحكامُ حتى كأننا
على مِلّةٍ غير التي نتنحلُ

عبيد بن الأبرص
ما الحاكمونَ بلا سمعٍ ولا بصرٍ
ولا لسانٍ فصيحٍ يُعجبُ الناسا

الأفوه الأودي
لا يَصلحُ الناسُ فوضى لا سراةَ لهم
ولا سراةَ إذا جُهالهم سادوا
تبقى الأمورُ بأهلِ الرأي ما صلحتْ
فإن تولّتْ فبالأشرارِ تنقادُ
إذا تولى القوم أمرَهُمُ
نما على ذاكَ أمرُ القوم فازدادوا
أمارةُ الغيِّ أن يُلقي الجميعُ لذي
الإبرامِ للأمرِ والأذنابُ أكتادُ

المتلمس الضبعي
فلا تقبلن ضيماً مخافة ميتةٍ
ومتن بها حراً وجلدك أملسُ
وما الناسُ إلا مارأوا وتحدثوا
وما العجزُ إلا أن يُضاموا فيجلسوا

من كانَ ذا عَضُدٍ يُدرك ظلامته
إنّ الذليلَ الذي ليست له عضدُ
تنبو يداهُ إذا ما قلَّ ناصرُهُ
ويأنفُ الضيمَ إن أثرى له عددُ

وكنا إذا الجبارُ صعّرَ خدّهُ
أقمنا له من مَيلهِ فتقوّما

عدي بن زيد
إنّ للدهرِ صولةٌ فاحذروها
لا تبينَّ قد أمنتَ الدهورا

دعبل
أنّى يكونُ،وليسَ ذاكَ بكائنِ
يرثُ الخلافةَ فاسقٌ عن فاسقِ

وليسَ حيٌّ من الأحياءِ نعلمهُ
من ذي يمانٍ ومن بكرٍ ومن مُضرِ
إلا وهم شركاءٌ في دمائهم
كما تشارك أيسارٌ على جُزُرِ
قتلٌ وأسرٌ وتحريقٌ ومنهبةٌ
فعل الغزاةِ بأرضِ الروم والخرزِ

بكى لشتاتِ الدينِ مكتئبٌ صَبُّ
وفاضَ بفرطِ الدمعِ من عينيهِ غربُ
وقامَ إمامٌ لم يكن ذا هدايةٍ
فليسَ لهُ دينٌ وليسَ لهُ لبُّ
وما كانت الأنباءُ تأتي بمثلهِ
يُملّك يوماً،أو تدينَ له العربُ
ولكن كما قال الذين تتابعوا
من السلفِ الماضيين إذ عظُمَ الخطبُ
ملوكُ بني العباسِ في الكتبِ سبعةٌ
ولم تأتنا عن ثامنٍ لهمُ كتبُ
كذلكَ أهلُ الكهفِ ،في الكهفِ سبعةٌ
خيارٌ إذا عُدّوا وثامنهم كلبُ
وإني لأُعلي كلبهم عنكَ رِفعةً
لأنكَ ذو ذَنبٍ وليسَ لهُ ذنبُ
لقد ضاعَ ملكُ الناسِ إذ ساسَ ملكهم
وصيفٌ وأشناسٌ وقد عظُمَ الكربُ
وإني لأرجو أن ترى من مغيبها
مطالعُ شمس قد يغصُّ بها الشربُ

أيمن بن خريم عندما دعي إلى القتال بمرج راهط
ولستُ بقاتلٍ رجلاً يُصلي
على سلطانِ آخرَ من قريشِ
لهُ سلطانهُ وعليَّ إثمي
معاذَ الله من سَفهٍ وطيشِ
أأقتلُ مسلماً في غيرِ جُرمٍ
فلستُ بنافعي ما عشتُ عيشي

منصور النمري

لو كنتُ أخشى معادي حقّ خشيته
لم تَسمُ عيني إلى الدنيا ولم تنمِ
لكنني عن طِلابِ الدِّينِ مُختبلٌ
والعلمُ مثلُ الغنى والجهلُ كالعدمِ
يحاولونَ دخولي في سوادهمُ
فقد أطافوا بصدعٍ غيرِ ملتئمِ
ما يغلبون حب النصارى واليهودَ على
حُبِّ القلوبِ ولا العُبّادِ للصنمِ

الطغرائي
ما كنتُ أوثرُ أن يمتد بي زمني
حتى أرى دولة الأوغادِ والسّفلِ

صالح بن عبد القدوس
واحذر من المظلومِ سهماً صائباً
واعلمْ بأنّ دعاءَهُ لا يُحجب

الشافعي
وحسبُكَ أن ينجو الظّلومُ وخلفهُ
سهامُ دعاءٍ من قسيِّ ركوعِ
مُريّشةٌ بالهدبِ من كلِّ ساهرٍ
مُنهلّةٌ أطرافها بدموعِ

عبد الله بن المبارك
وهل بدّلَ الدين إلا الملوك
وأحبار سوء ورهبانها
وباعوا النفوس فلم يربحوا
ولم تغل في البيع أثمانها
لقد رتع القوم في جيفة
يبين لذي العقل أنتانها

علي بن مقرب
لا يقبل الضيمَ إلا عاجزٌ ضرعٌ
إذا رأى الشرّ يغلي قدره وجما
وذو النباهة لا يرضى بمنقصةٍ
لو لم يجد غيرَ اطراف القنا عصما
وذو الدناءة لو مزّقت جلدته
بشفرةِ الضيمِ لم يحسس لها ألما
وأخسرُ الناس سعياً ربُّ مملكةٍ
أطاعَ في أمرهِ النسوانَ والخدما

عبد الله بن محمد بن أبي عيينة
ولابدَّ للماءِ في مِرجلٍ
على النارِ مُوقدةٌ أن يفورا

العباس بن الوليد
إنّي أُعيذكم بالله من فِتنٍ
مثل الجبالِ تسامى ثمّ تندفعُ
إنّ البريّةَ قد ملّت سياستكم
فاستمسكوا بعمودِ الدينِ وارتدعوا
لا تُلحِمُنَّ ذئابَ الناس أنفُسكم
إنّ الذئابَ إذا ما ألحمت رتعوا
لا تبقرن بأيديكم بطونكم
فثمّ لا حسرةً تغني ولا جزعُ

بشامة بن الغدير
بأن قومكم خيروا خصلتين
كلتاهما جعلوها عدولا
هوانُ الحياة وخزي الممات
وكلٌّ أراهُ طعاماً وبيلا
فإن لم يكن غير إحداهما
فسيروا إلى الموتِ سيراً جميلا

حصين بن الحمام المري
يُفلقنَّ هاماً من رجالٍ أعزّةٍ
علينا وهم كانوا أعقَّ وأظلما

نصر بن سيار
أرى خلل الرماد وميض جمر
ويوشكُ أن يكونَ له ضِرام
فقلتُ من التعجبِ ليت شعري
أأيقاظٌ أميّة أم نيام
فَفري عن رحالك ثمّ قولي
على الإسلام والعرب السلام

أمية بن طارق الاسدي وقيل نافع بن لقيط
إياكَ والظلمَ المبينَ إنني
أرى الظلمَ يغشَ بالرجالِ المغاشيا
ولا تكُ حفاراً بظلفك إنما
تُصيبُ سهامُ الغيِّ من كان غاويا

إبراهيم بن العباس الصولي
أبا جعفرٍ خَفْ خفضةً بعدَ رِفعةٍ
وقصّرْ قليلاً عن مدى غلوائكا
فإن كنتَ قد أُوتيتَ عزاً ورفعةً
فإنّ رجائي في غدٍ كرجائكا

سديف بن ميمون
ولقد ساءني وساءَ سِوائي
قربهم من منابرٍ وكراسي

إنا لنأملُ أن ترتدَّ الفُتنا
بعد التباعدِ والشحناءِ والإحنِ
وتنقضي دولةٌ أحكامُ قادتها
فيها كأحكامِ قومٍ عابدي وثنِ

عبد الله بن همام السلولي
لقد ضاعت رعيتكم وأنتم
تصيدونَ الارانبَ غافلينا

أبو بكر بن العلاف الضرير
ياهرُّ قد فارقتنا ولم تَعُدِ
وكنتَ عندي بمنزلِ الولدِ
عاقبةُ الظلم لا تنام وإن
تأخرت مدةً من المُدد

عامر بن الطفبل
لا تفرحنَّ فكلُّ والٍ يُعزلُ
وكما عزلت فعن قريبٍ تُقتلُ
وكذا الزمانُ بما يسركَ تارةً
وبما يسوءك تالرةً يتنقلُ

أبو أذينة
لا تقطعن ذنب الافعى وتُرسلها
إن كنتَ شهماً فأتبع رأسها الذنبا

واثلة بن خليفة السدوسي
لقد صبرتْ للذلِّ أعوادُ منبرٍ
تقومُ عليها في يديك قضيبُ
بكى المنبرُ الغربيُّ إذ قُمتَ فوقهُ
وكادت مساميرُ الحديد تذوبُ

الشريف المرتضى
ما ضرَّ من رهبَ الملوكَ لو أنّهُ
رهبَ الذي جعلَ الملوكَ ملوكا
وإذا رجوتَ لنعمةٍ أو نقمةٍ
فارجو المليكَ وحاذر المملوكا

عمر بن الوردي
أشكو إلى الله الزمانَ فدأبهُ
عزُّ العبيدِ وذلةُ الأحرارِ

سليم بن يزيد العدوي
حتى متى لا نرى عدلاً نُسَرُّ بهِ
ولا نرى لولاةِ الحقِّ أعوانا
مستمسكينَ بحقٍّ قائمينَ بهِ
إذا تلوّنَ أهلُ الجَورِ ألوانا
يا للرجالِ لداءٍ لا دواءَ لهُ
وقائدٍ ذي عمىً يقتادُ عميانا

جمال الدين بن نباتة
يا رُبَّ ذي ظُلمٍ كمنتُ لحربهِ
فأوقعهُ المقدورُ أيَّ وقوعِ
وما كانَ لي إلا سلاحُ تهجدٍ
وأدعيةٌ لا تُتقى بدروعِ
وهيهاتَ أن ينجو الظلومُ وخلفهُ
سهامُ دعاءِ من قِسيٍّ ركوعِ
مُريّشةٌ بالهدبِ من جفنِ ساهرٍ
متصلةٌ أطرافها بنجيعِ

مُحرز بن خلف
إذا ظالمٌ قد حالفَ الظلمَ مذهباً
وجارَ غُلولً في قبيحِ اكتسابه
فَكِلهُ إلى ريبِ الزمانِ وجَورهِ
سيبدي له ما لم يكنْ في حسابه

جَواس الكلبي وقيل عمرو بن محلاة الكلبي
فلا تكفروا حُسنى مضتْ من بلائنا
ولا تمنحونا بعدَ لينٍ تجبرا

أبو دهبل الجمحي
وما أفسدَ الإسلامَ إلا عصابةٌ
تأمرَّ نوكاها ودامَ نعيمها
فصارتْ قناةَ الدينِ في كفِّ ظالمٍ
إذا اعوّجَ منها جانبٌ لا يُقيمها

عمرو بن براقة الهمذاني
فلا تأمننَّ الدهرَ حراً ظلمتهُ
فما ليلُ مظلومٍ كريمٍ بنائمِ

عُبيد الله بن قيس الرقيات
حبذا العيشُ حينَ قومي جميعاً
لم تُفرّق~ أمورها الأهواءُ
قبل أن تطمعَ القبائلُ في مُلكِ
قريشٍ وتشمتَ الأعداءُ

.