من شوارد الشواهد
الجزء الرابع عشر
حسان بن ثابت ـ حاتم الطائي ـ لامية
لامية العجم للطغرائي(معجم الأدباء لياقوت الحموي)
أصالةُ الرأيِ صانتني عن الخَطَلِ | وحِليةُ الفضلِ زانتني لدى العَطَلِ | |
مَجدي أخيراً ومجدي أوَّلاً شَرَعٌ | والشّمسُ رأدَ الضحى كالشّمسِ في الطَّفلِ | |
فيمَ الإقامةُ بالزّوراءِ لا سَكني | بها ولا ناقتي فيها ولا جملي؟ | |
ناءٍ عن الأهلِ صِفرُ الكفِّ مُنفردٌ | كالسّيفِ عُرِّيَ مَتناهُ عن الخَللِ | |
فلا صديق إليهِ مُشتكى حَزني | ولا أنيس إليهِ مُنتهى جَذلي | |
طالَ اغترابي حتى حنَّ راحلتي | ورَحلُها وقَرا العَسَّالةِ الذُّبُلِ | |
وضجَّ من لَغَبٍ نِضوي وعجَّ لما | ألقى رِكابي، ولجَّ الرَّكبُ في عَذَلي | |
أريدُ بسطةَ كفٍّ أستعينُ بها | على قضاءِ حقوقٍ للِعلا قِبلي | |
والدّهرُ يعكِسُ آمالي ويُقنعني | من الغنيمةِ بعدَ الجِدِّ بالقَفَلِ | |
وذي شَطاطٍ كصدرِ الرُّمحِ مُعتقلٍ | بمثلهِ غيرَ هيّابٍ ولا وَكِلِ | |
حُلوُ الفكاهةِ مُرُّ الجِدِّ قد مُزجت | بشدّةِ البأسِ منهُ رقّةُ الغزَلِ | |
طردتُ سَرْحَ الكرى عن وِردِ مُقلتهِ | والليلُ أغرى سوامَ النَّومِ بالمُقلِ | |
والرّكبُ ميلٌ على الأكوارِ من طرِبٍ | صاحٍ ،وآخرَ من خمرِ الكرى ثَملِ | |
فقلتُ: أدعوكَ للِجُلّى لتنصرَني | وأنتَ تخذُلُني في الحادثِ الجَللِ | |
تنامُ عيني وعينُ النّجمُ ساهرةٌ | وتستحيلُ وصِبغُ الليلِ لم يَحُلِ | |
فهل تُعينُ على غَيٍّ هممتُ بهِ | والغيُّ يزجرُ أحياناً عن الفشلِ؟ | |
إنّي أريدُ طُروقَ الحيِّ من إضمٍ | وقد حماهُ رُماةٌ من بني ثُعلِ | |
يحمونَ بالبيضِ والسُّمرِ اللِّدانِ بهِ | سود الغدائرِ حُمرَ الحَلي والحُلَلِ | |
فَسِرْ بنا في ذِمامِ الليلِ مُعتسفاً | فنفحةُ الطيبِ تهدينا إلى الحِللِ | |
فالحِبُّ حيثُ العِدا والأسدُ رابضةٌ | حولَ الكِناسِ لها غابٌ من الأسلِ | |
تؤُمُّ ناشئةً بالجِزم قد سُقيت | نصالها بمياهِ الغُنجِ والكَحَلِ |
قد زادَ طيبَ أحاديثِ الكرامِ بها
ما بالكرائمِ من جُبنٍ ومن بَخلِ
تبيتُ نارُ الهوى منهُنَّ في كبدٍ
حرَّى ونارُ القِرى منهم على القُلَلِ
يقتُلنَ أنضاءَ حُبٍّ لا حَراكَ بهِم | وينحرونَ كرامَ الخيلِ والإبلِ | |
يُشفى لديغُ العوالي في بيوتهمُ | بنهلةٍ من غديرِ الخمرِ والعَسلِ | |
لعلَّ إلمامةً بالجزعِ ثانية | يَدبُّ منها نسيمُ البُرءِ في عِللي | |
لا أكرهُ الطّعنةَ النّجلاءَ قد شُفعت | برشقةٍ من نبالِ الأعيُنِ النُّجُلِ | |
ولا أهابُ الصِّفاحَ البيضَ تُسعدني | باللّمحِ من خِللِ الأستارِ والكِللِ | |
ولا أُخِلُّ بغزلانٍ تُغازلني | ولو دهتني أسودُ الغَيلِ بالغِيَلِ | |
حبُّ السّلامةِ يثني همَّ صاحبهِ | عن المعالي ويُغري المرءَ بالكَسَلِ | |
فإن جنحتَ إليهِ فاتخِذْ نَفقاً | في الأرضِ أو سُلَّماً في الجوِّ فاعتزلِ | |
ودَع غِمارَ العلا للِمُقدمينَ على | رُكوبها واقتنعْ منهنَّ بالبَللِ | |
يرضى الذليلُ بِخفضِ العيشِ مسكنةً | والعزُّ تحتَ رسيمِ الأينقِ الذُّلُلِ | |
فادرأ بها في نحورِ البيدِ جافلةً | مُعارضاتٍ مثاني اللُّجمِ بالجُدُلِ | |
إنَّ العُلا حدّثتني وهيَ صادقةٌ | فيما تُحدِّثُ أنَّ العِزَّ في النُّقَلِ |
لو أنَّ في شرفِ المأوى بلوغَ مِنىً
لم تَبرَحِ الشّمسُ يوماً دارةَ الحَمَلِ
أهبتُ بالحَظِّ لو ناديتُ مُستمعاً
والحظُّ عنّي بالجُهّالِ في شُغُلِ
لعلّهُ إن بدا فضلي ونَقصُهُمُ | لعينيهِ نامَ عنهم أو تَنبّه لي | |
أُعِللُ النفس بالآمالِ أرقُبُها | ما أضيقَ العيشَ لولا فُسحةُ الأملِ | |
لم أرتضِ العيشَ والأيامُ مُقبلةٌ | فكيفَ أرضى وقد ولّت على عَجلِ؟ | |
غالى بنفسيَ عِرفاني بقيمتها | فَصُنتُها عن رخيصِ القَدرِ مُبتذَلِ | |
وعادةُ النَّصلِ أن يُزهى بجوهرهِ | وليسَ يعملُ إلا في يدي بطلِ | |
ما كنتُ أُوثِرُ أن يمتدَّ بي زمني | حتى أرى دولةَ الأوغادِ والسَّفَلِ | |
تقدّمتني أناسٌ كانَ شَوطُهُمُ | وراءَ خَطوي إذ أمشي على مَهَلِ | |
هذا جزاءُ امرىءٍ أقرانُهُ دَرجوا | من قبلهِ فتمنّى فُسحةَ الأجلِ | |
فإن علاني مَنْ دوني فلا عَجبٌ | لي أُسوةٌ بانحطاطِ الشّمسِ عن زُحَلِ | |
فاصبرْ لها غيرَ مُحتالٍ ولا ضَجرٍ | في حادثِ الدّهرِ ما يُغني عن الحِيَلِ | |
أعدى عَدُوِّكَ أدنى من وثقتَ بهِ | فحاذرِ الناسَ واصحبهم على دَخَلِ | |
وإنّما رجلُ الدنيا وواحِدُها | من لا يُعَوِّلُ في الدنيا على رَجُلِ | |
وحُسنُ ظنِّكَ بالأيامِ مَعجزةٌ | فَظُنَّ شراً وكنْ منها على وَجَلِ | |
غاضَ الوفاءُ وفاضَ الغدرُ وانفرجت | مسافةُ الخُلفِ بين القولِ والعملِ | |
وشانَ صِدقَكَ عند الناسِ كِذبُهُمُ | وهل يُطابَقُ مُعوَجٌ بِمعتدلِ | |
إن كان ينجعُ شىءٌ في ثباتهمُ | على العهودِ فسبقُ السيفِ للِعَذَلِ | |
يا وارداً سُؤرَ عيشٍ كُلّهُ كَدرٌ | أنفقتَ صفوكَ في أيامكَ الأولُ | |
فيمَ اقتحامُكَ لُجَّ البحرِ تركبهُ | وأنتَ يكفيكَ منهُ مصّةُ الوشلِ | |
مُلكُ القناعةِ لا يُخشى عليهِ ولا | يُحتاجُ فيه إلى الأنصارِ والخَوَلِ | |
ترجو البقاءَ بدارٍ لا ثباتَ لها | فهل سمعتَ بظلٍّ غيرِ مُنتقلِ؟ | |
ويا خبيراً على الأسرارِ مُطَّلعاً | أُصمتْ ففي الصّمتِ منجاةٌ من الزَّللِ |
قد رَشَّحوكَ لأمرٍ لو فَطنتَ لهُ
فاربأ بنفسِكَ أن ترعى مع الهَمَلِ
دعبل في مدح آل البيت
مدارسُ آياتٍ خَلتْ من تلاوةٍ | ومنزلُ وحيٍ مُقفرُ العَرصاتِ | |
لآلِ رسول الله بالخَيفِ من مِنىً | وبالرُّكنِ والتعريفِ والجمراتِ | |
ديارُ عليٍّ والحسينِ وجعفرٍ | وحمزةَ والسَّجادِ ذي الثَّفناتِ | |
ديارٌ عفاها كلُّ جَونٍ مُباكرٍ | ولم تعفُ للأيامِ والسّنواتِ | |
قفا نسألِ الدارَ التي خفَّ أهلُها | متى عهدُها بالصَّومِ والصّلواتِ؟ | |
وأينَ الأولى شطَّتْ بهم غُربةُ النّوى | أفانينَ في الآفاقِ مُفترقاتِ | |
هُمُ أهلُ ميراثِ النبيِّ إذا اعتزوا | وهم خيرُ قاداتٍ وخيرُ حماةِ | |
وما الناسُ إلا حاسدٌ ومُكذِّبٌ | ومُضطغنٌ ذو إحنةٍ وتِراتِ | |
إذا ذَكروا قتلى ببدرٍ وخيبرٍ | ويومَ حُنينٍ أسبلوا العبراتِ | |
قبورٌ بِكوفاتٍ وأخرى بِطيبةٍ | وأخرى بِفخٍّ نالها صلواتي | |
وقبرٌ ببغدادٍ لنفسٍ زكيّةٍ | تضمنها الرحمنُ في الغرفاتِ | |
فأمّا المُصِمّاتُ التي لستُ بالغاً | مَبالغَها منّي بِكُنهِ صفاتِ | |
إلى الحشرِ حتى يبعثَ الله قائماً | يُفرّجُ منها الهمَّ والكُرباتُ | |
نفوسٌ لدى النّهرينِ من أرضِ كَربلا | مُعَرَّسُهُم فيها بِشطِّ فراتِ | |
تقسّمهم رَيبُ الزّمانِ كما ترى | لهم عُمرةٌ مغشيّةُ الحُجراتِ | |
سوى أنّ منهم بالمدينة عصبةٌ | مدى الدّهرِ أنضاءً من الأزماتِ | |
قليلةَ زُوَّارٍ سوى بعضِ زُوّرٍ | من الضّبعِ والعِقبانِ والرّخماتِ | |
لهم كلَّ حينٍ نومةٌ بمضاجعٍ | لهم في نواحي الأرضِ مُختلفاتِ | |
وقد كان منهم بالحجاز وأهلها | مغاويرُ يُختارون في السّرواتِ | |
تَنكّبَ لأواءُ السِّنينَ جوارَهم | فلا تصطليهم جمرةُ الجمرات | |
إذا وردوا خيلاً تَشَمَّسَ بالقنا | مساعرُ جمرِ الموتِ والغمرات | |
وإن فخَروا يوماً أتوا بِمحمدٍ | وجبريلَ والفُرقانِ ذي السُّورات | |
ملامكَ في أهلِ النبيِّ فإنّهم | أحبَّايَ ما عاشوا وأهلُ ثِقاتي | |
تخيَّرتُهم رُشداً لأمري فإنّهم | على كلِّ حالٍ خِيرةُ الخِيراتِ | |
فيا ربِّ زِدني من يقيني بصيرةً | وزِدْ حُبَّهُم يا ربِّ في حسناتي | |
بنفسيَ أنتم من كهولٍ وفتيةٍ | لِفكِّ عُناةٍ أو لحملِ دِياتِ | |
أحبُّ قصيَّ الرّحمِ من أجلِ حُبِّكم | وأهجرُ فيكم أسرتي وبناتي | |
وأكتمُ حُبِّكم مخافة كاشحٍ | عنيدٍ لأهلِ الحقِّ غيرِ مُواتِ | |
لقد حَفَّتِ الأيامُ حولي بِشرِّها | وإنّي لأرجو الأمنَ بعد وفاتي | |
ألم ترَ أنّي من ثلاثينَ حِجّةً | أروحُ وأغدو دائمَ الحسراتِ | |
أرى فيئهم في غيرهم مُتقَسماً | وأيديهم من فَيئهم صَفراتِ | |
فآلُ رسول الله نُحفٌ جسومُهم | وآلُ زيادٍ حُفَّلُ القَصَرات | |
بناتُ زيادٍ في القصورِ مصونةٌ | وآلُ رسول اللعه في الفَلواتِ | |
إذا وُتروا مدُّوا إلى أهلِ وِترهم | أكفاً عن الأوتارِ مُنقبضاتِ | |
فلولا الذي أرجوهُ في اليومِ أو غدٍ | لقطَّعَ قلبي إثرَهُم حسراتي | |
خروجُ إمامٍ لا مَحالةَ خارجٍ | يقومُ على اسمِ الله والبركاتِ | |
يُميزُ فينا كلَّ حقٍّ وباطلٍ | ويجزي على النّعماءِ والنّقماتِ | |
سأقصُرُ نفسي جاهداً عن جِدالهم | كفانيَ ما ألقى من العَبراتِ | |
فيا نفسُ طِيبي ثمَّ يا نفسُ أبشري | فغيرُ بعيدٍ كلُّ ما هو آتِ | |
فإن قرّبَ الرحمنُ من تلكَ مُدّتي | وأخَّرَ من عمري لِطولِ حياتي | |
شُفيتُ ولم أترك لنفسي رَزيّةً | ورَوّيتُ منهم مُنصلي وقناتي | |
أحاولُ نقلَ الشّمسِ من مُستقرِّها | وأسمِعُ أحجاراً من الصّلداتِ | |
فمن عارفٍ لم ينتفع ومُعاندٍ | يميلُ مع الأهواءِ والشُّبهاتِ | |
قُصارايَ منهم أن أموتَ بِغُصّةٍ | تردَّدُ بين الصّدرِ واللّهواتِ | |
كأنّكَ بالأضلاعِ قد ضاقَ رَحبها | لما ضُمّنتْ من شدّةِ الزّفراتِ | |
لامية ابن الوردي: | ||
اعتزلْ ذكرَ الأغاني والغزل | وقُلِ الفصلَ وجانبْ من هَزل | |
ودعِ الذكرى لأيام الصبا | فلأيامِ الصبا نجمٌ أفَلْ | |
واهُجرِ الخمرةَ إن كنتَ فتىً | كيفَ يسعى في جنونٍ من عقلْ | |
واتق الله فتقوى الله ما | جاورت قلبَ امرىءٍ إلا وصل | |
ليسَ من يقطعُ طُرْقاً بطلاً | إنّما من يتقي اللهَ البطل | |
اطلبِ العلمَ ولا تكسل،فما | أبعدَ الخيرَ على أهلِ الكسل | |
لا تقلْ:قد ذهبت أربابُه | كل من سارَ على الدرب وصل | |
في ازدياد العلم إرغامُ العدا | وجمالُ العلم إصلاح العمل | |
أنا لا أختارُ تقبيلَ يدٍ | قطعها أجملُ من تلك القُبل | |
مُلكُ كسرى عنه تغني كِسرةٌ | وعن البحر اجتزاءٌ بالوَشل | |
لا تقل:أصلي وفصلي! أبداً | إنما أصلُ الفتى ما قد حصل | |
قد يسودُ المرءُ من غيرِ أبٍ | وبحُسنِ السَبكِ قد يُنفى الزَغل | |
وكذا الوردُ من الشوك،وما | ينبتُ النرجسُ إلا من بصل | |
قيمةُ الإنسان ما يُحسنهُ | أكثرَ الإنسانُ منه أم أقل | |
بينَ تبذيرٍ وبخلٍ رُتبةٌ | وكلا هذين إن زاد قتل | |
ليس يخلو المرءُ من ضدٍّ وإن | حاول العزلة في رأس جبل | |
جانبِ السلطان واحذر بطشهُ | لا تُعاند من إذا قال فعل | |
لا تلِ الحُكمَ وإن هم سألوا | ـ رغبةً فيك ـ وخالف من عذل | |
إن نصفَ الناس أعداءٌ لمنْ | وليَ الأحكام،هذا إن عدل | |
خذْ بنصلِ السيف واترك غمدهُ | واعتبر فضلَ الفتى دون الحُلل | |
لا يضرُّ الفضلَ إقلالٌ،كما | لا يضرُّ الشمسَ إطباقُ الطَفَل | |
حبُّكَ الأوطانَ عجزٌ ظاهرٌ | فاغترب تلقَ عن الأهل بدل | |
السموأل
إذا المرءُ لم يدنس من اللؤمِ عِرضهُ | فكلُّ رداءٍ يرتديه جميلُ | |
وإن هو لم يحمل على النفسِ ضَيمها | فليسَ إلى حُسنِ الثناءِ سبيلُ |
إذا المرءُ أعيتهُ المروءة يافعاً
فمطلبُها كهلاً عليه ثقيلُ
تُعيّرُنا أنّا قليلٌ عِدادُنا
فقلتُ لها إنَّ الكرامَ قليلُ
وما ضرّنا أنّا قليلٌ وجارُنا | عزيزٌ وجارُ الأكثرينَ ذليلُ | |
ونحنُ أُناسُ لا نرى القتلَ سُبّةً | إذا ما رأتهُ عامرٌ وسلولُ | |
يُقرِّبُ حبُّ الموتِ آجالنا لنا | وتكرههُ آجالهم فتطولُ | |
وما ماتَ منّا سيدٌ حتفَ أنفِهِ | ولا طُلَّ منا حيثُ كان قتيلُ | |
تسيلُ على حدِّ السيوفِ نفوسُنا | وليستْ على غيرِ السيوفِ تسيلُ | |
ونُنكرُ إن شئنا على الناسِ قولَهم | ولا يُنكرونَ القول حين نقولُ | |
فنحنُ كماءِ المُزنِ ما في نصابنا | كَهامٌ ولا فينا يُعدُّ بخيلُ | |
وأسيافنا في كلِّ شرقٍ ومغربٍ | بها من قراع الدارعين فلولُ |
حسان بن ثابت:
نفتكمْ عن العلياءِ أمٌّ ذميمةٌ | وزَندٌ،متى تُقدحْ بهِ النارُ يَصلدِ |
يا معشرَ الناسِ أبدوا ذاتَ أنفُسكم
لا يستوي الحقُّ عند الله والكذبِ
ما يقسم الله أقبل غير مبتئس | منه واقعد كريماً ناعم البالِ | |
لقد علمت بأني غالبي خلقي | على السماحةِ صعلوكاً وذا مالِ | |
والمالُ يغشى أناس لا طباخ لهم | كالسيلِ يغشى أصول الدنون البالي | |
والفقر يزري بأقوام ذوي حسب | ويقتدى بلئام الأصل أنذالِ |
وكم حافرٍ حفرةً لامرىءٍ
سيصرعهُ البغي فيما احتفرْ
وقومٍ من البغضاءِ زَورٍ كأنّما | بأجوافهم،مما تُجِنُّ لنا،الجمرُ | |
يجيشُ بما فيه لنا الصّدرُ مثلما | تجيشُ بما فيها من اللّهبِ القِدرُ |
أكرِمْ بقومٍ رسولُ الله قائدُهُمْ
إذا تفرّقتِ الأهواءُ والشيَعُ
وإنهم أفضلُ الأحياءِ كلُّهم
إن جدَّ بالناسِ جَدُّ القول أو سمعوا
متى تسألي عنّا تُنبي بأننا وأنا عرانينٌ صقورٌ مَصالتٌ | كرامٌ وأنا أهلُ عزٍّ مُقدَّمِ تهزُّ قناةً متنها لم يُوصَّمِ | |
لَعمرُكَ ما المُعتَدُّ يأتي بلادنا ولا ضيفنا عند القرى بمدَفَّعٍ | لنمنعهُ،بالضائعِ المُهتَضَّمِ ولا جارُنا في النائباتِ بِمُسَلمِ | |
نبيحُ حِمى ذي العزِّ حين نكيدهُ | ونحمي حِمانا بالوشيجِ المُقدَّمِ | |
ونحنُ إذا لم يُبرمِ الناسُ أمرَهُم | نكونُ على أمرٍ من الحقِّ مُبرَمِ |
لساني وسيفي صارمان كلاهما
ويبلغ ما لا يبلغ السيف مذودي
فلا المال يُنسيني حيائي وعفّتي
ولا واقعات الدّهرِ يفللنَ مبردي
لعمرُكَ ما …يأتي بلادنا | لنمنعه بالضائعِ المُتهضّمِ | |
ولا ضيفنا عند القِرى بِمدقّعٍ | ولا جارنا في النائباتِ بِمُسلمِ | |
ولا السيّدُ الجّبارُ حين يُريدنا | بكيدٍ،على أرماحنا بِمُحرّمِ | |
نُبيحُ حمى ذي العزِّ حين نكيدهُ | ونحمي حِمانا بالوشيجِ المُقوّمِ |
بيضُ الوجوهِ كريمةٌ أحسابهم
شُمُّ الأنوفِ من الطرازِ الأولِ
ولقد يعلمُ من حاربنا | أننا ننفعُ قِدْماً ونضرُّ | |
صَبرٌ للموتِ إن حلَّ بنا | صادقو البأسِ غطاريفٌ فُخر | |
وأقامَ العزُّ فينا والغنى | فلنا منه على الناسِ الكُبر | |
منهم أصلي فمن يفخر به | يعرف الناس بفخرِ المفتخر |
جدّي أبو ليلى،ووالدهُ
عمرو،وأخوالي بنو كعب
وأنا من القوم الذين إذا
أزمَ الشتاءُ مُحالِفُ الجَدبِ
أعطى ذوو الأموالِ مُعسِرُهمْ
والضاربينَ بموطنِ الرُّعبِ
إنَّ الذوائبَ من فِهرٍ وإخوتِهمْ | قد بيّنوا سُنناً للناسِ تُتّبعُ | |
يرضى بها كلُّ من كانت سريرتُهُ | تقوى الإلهِ،وبالأمرِ الذي شرعوا | |
أعفّةٌ ذكرتْ في الوحي عِفّتهمْ | لا يطمعونَ ولا يُزري بهم طمعُ |
فمن للقوافي بعد حسان وابنه
ومن للمعاني بعد زيد بن ثابت
رُبَّ عِلْمٍ أضاعهُ عَدَمُ المالِ | وجهلٍ غطى عليه النعيمُ |
أبوكَ أبوكَ،وأنتَ ابنُهُ
فبئسَ البُنيُّ،وبئسَ الأبُ
فإنّا ومن أهدى القصائدَ نحونا | كَمُستبضعٍ تمراً إلى أهلِ خيبرا |
فدع عنكَ التذكر كلَّ يوم
ورُدّ حزازة الصدرِ الكئيبِ
من يفعلِ الحسناتِ الله يشكرها | والشرُّ بالشرِّ عند الله سِيّانِ |
رُبَّ علمٍ أضاعهُ عدمُ الما
لِ ،وجهلٍ غطى عليه النعيمُ
أعفّةٍ ذُكرتْ في الوحي عِفَّتُهمْ | لا يطبعونَ ولا يُرديهم الطمعُ | |
كم من صديقٍ لهم نالوا كرامتهُ | ومن عدوٍّ عليهم جاهدٍ جَدعوا | |
أعطوا نبيَّ الهدى والبرِّ طاعتُهُمْ | فما ونى نصرُهُم عنه وما نزعوا | |
إن قال سيروا أجَدّوا السيرَ جَهدَهُمُ | أو قالَ عُوجوا علينا ساعةً رَبعوا | |
ما زالَ سيرُهمُ حتى استقادَ لهم | أهلُ الصليبِ ومن كانت له البيَعُ |
إذا قال لم يترك مقالاً لقائلٍ
بملتقطاتٍ لا ترى بينها فصلا
شفى وكفى ما في النفوسِ فلم يدعْ
لذي إربةٍ في القولِ جدّا ولا هزلا
سموتَ إلى العليا بغيرِ مَشقّةٍ
فَنلتَ ذُراها لا دنيا ولا وغلا
أعفّةٍ ذُكرتْ في الوحي عِفَّتُهمْ | لا يطبعونَ ولا يُرديهم الطمعُ | |
ولا يضنون عن جارٍ بفضلهم | ولا يمسّهم من مطمعٍ طَبَعُ | |
لا يفرحون إذا نالوا عدوهم | وإن أصيبوا فلا خُورٌ ولا جُزعُ | |
كأنّهم في الوغى والموتُ مُكتنعٌ | أسودُ بيشة في أرساغها فَدعُ | |
خذ منهم ما أتى عفواً وإن منعوا | فلا يكن هَمُّكَ الأمرَ الذي منعوا | |
فإنَّ في حربهم فاترك عداوتهم | سُماً يخاض عليه الصابُ والسَلَعُ |
قومٌ إذا حاربوا ضَرّوا عدوَّهُم | أو حاولوا النفعَ في أشياعهم نفعوا | |
سَجيّةٌ تلك منهُمْ غيرُ مُحدثةٍ | إن الخلائقَ ـ فاعلمْ ـ شَرُّها البِدَعُ | |
لا يرقعُ الناسُ ما أوهتْ أكفُّهُمُ | عندَ الدفاعِ ولا يُوهونَ ما رقعوا | |
إن كان في الناسِ سبَّاقونَ بَعدَهُمُ | فكلُّ سَبْقٍ لأدنى سَبقهِمْ تَبَعُ | |
ولا يضنونَ عن مولىً بفضلِهمُ | ولا يُصيبُهم في مطمعٍ طَبَعُ | |
لا يجهلونَ وإن حاولتَ جَهْلَهُم | في فَضلِ أحلامهم عن ذاكَ مُتَّسَعُ |
إن يأخذ الله من عينيَّ نورهما
ففي فؤادي وسمعي منهما نورُ
قلبي ذكيٌّ وعرضي غيرُ ذي دَخل
وفي فمي صارمٌ كالسيفِ مأثورُ
أكرم بقومٍ رسول الله قائدهم | إذا تفر!ّقت الأهواءُ والشِيَعُ | |
أهدى لهم مدحي قلبٌ يؤازره | فيما أرادك من حائكٌ صَنعُ | |
فإنهم أفضل الأحياءِ كُلِّهم | إن جَدَّ بالناسِ جِدُّ القولِ أو شمعوا |
ولقد تقلدنا العشيرة أمرها
ونسود يوم النائبات ونعتلي
وتزور أبواب الملوك ركابنا
ومتى نحكم في البرية نعدل
ونحاول الأمر المهم خطابه
فيهم ونفصل كل أمر مفصل
متى ما تزرنا من مَعدٍّ بِعُصبةٍ | وغسّانَ نمنعُ حوضنا أن يُهدّما | |
بكلِّ فتى عاري الأشاجعِ لاحَهُ | قِراعُ الكُماةِ يرشحُ المِسكَ والدّما | |
ولدنا بني العنقاءِ وابنَ مُحرِّقِ | فأكرِمْ بنا خالاً وأكرِم بنا عما | |
يُسَوِّدُ ذو المالِ القليلِ إذا بدتْ | مروءتهُ فينا وإن كانَ مُعدما |
ولو وُزنتْ رضوى بحلمِ سَراتنا
لمالَ برضوى حلمنا ويلملمِ
نكونُ زمام القائدينَ إلى الوغى
إذا الفَشلُ الرّعديدُ لم يتقدّمِ
جمحت بنو جمح بشقوة جدّهم | إن الذليل موكل بذليل | |
جحدوا الكتاب وكذبوا بمحمد | والله يظهر دين كلّ رسول |
لساني صارِمٌ لا عيبَ فيه
وبحري لا تُكدّرهُ الدِّلاءُ
لنا في كلِّ يومٍ من مَعَدٍّ | سبابٌ أو قتالٌ أو هجاء | |
فَنُحكمُ بالقوافي من هجانا | ونضربُ حين تختلطُ الدماء |
وإنّما الشّعرُ لبّ المرءِ يعرضهُ
على المجالسِ إن كيساً وإن حمقا
وإنَّ أحسنَ شعرٍ أنتَ قائلهُ
بيتٌ يقال إذا أنشدتهُ صدقا
فإمّا تُعرضوا عنّا اعتمرنا | وكانَ الفتحُ وانكشفَ الغطاءُ | |
وإلا فاصبروا لِجلادِ يومٍ | يُعزُّ الله فيه من يشاءُ |
رُبّ حِلمٍ أضاعهُ عدمُ المال
وجهلٍ غطّى عليه
النعيم
نميزُ ساقطه منهُ ونغزلهُ | كما يميزُ خبثَ الفضة النارُ |
أعالجُ نفسي أن أقوم فأركبا
وكدتُ غداةَ البعينِ يغلبني الهوى
أتجمعُ شوقاً إن تراخت بها النوى إذا أنبتَّ أسبابُ الهوى وتصدّعتْ | وصداً،إذا ما أسقبت وتجنبا عصا البينِ لم تسطِعْ الشعثاء مطلبا | |
وكيفَ تصدّي المرء ذي اللّبِ للصِّبا أطيلُ اجتناباً عنهمُ،غيرَ بغضةٍ | وليسَ بمعذورٍ إذا ما تطرّبا ولكنّ بُقيا رهبةٍ وتصحبّا | |
ألا لا أرى جاراً يُعللُ نفسَهُ | مطاعاً،ولا جاراً لشعثاءَ معتبا |
نُسوِّدُ ذا المالِ القليلِ إذا بدتْ
مروءته فينا وإن كان مُصرما
فلا المال يُنسني حيائي وحفظتي | ولا وقعاتِ الدّهر يُفللن مِبردي |
فدعِ السؤال عن الأمورِ وبحثها
ولرُبّ حافر حفرة وهو يصرع
أعرِضْ عن العوراءِ حيث سمعتها | واصفح كأنكَ غافل لا تسمعُ |
فلا تك كالشاة التي كان حتفها
بحفرِ ذراعيها تثير وتحفرُ
وإني إذا ما قلتُ قولاً فعلته | وأعرض عمّا ليس قلبي بفاعلِ | |
ومن مكرهي إن شئت ألا أقوله | ومنع خليل مذهبٌ غير طائل |
ونحنُ إذا لم يُبرمِ الناسُ أمرَهُم
نكونُ على أمرٍ من الحقِّ مُبرم
فنحنُ كذاكَ الدهرَ ما هَبّتِ الصَّبا | نعودُ على جُهالهم بالتَحلُّمِ | |
فلو فهموا أو وُقفوا رُشدَ أمرِهمْ | لعدنا عليهم بعد بؤسى بأنعُمِ |
أصونُ عرضي بِمالي لا أُدنسّهُ
لا باركَ اللهُ بعدَ العِرضِ في المالِ
أحتالُ للمالِ إن أودى فأكسبهُ
ولستُ للعرضِ إن أودى بِمحتالِ
فنحكمُ بالقوافي من هجانا | ونضربُ حينَ تختلطُ الدماء | |
فدعْ عنكَ التذكرَ كلَّ يوم | ورُدَّ حرارة الصّدرِ الكئيبِ | |
وخبّرْ بالذي لا عيبَ فيهِ | بصدقٍ،غير إخبارِ الكذوبِ |
وإني لحلو تعتريني مرارةٌ
وإنّي لترّاك لما لم أعود
وقوم من البغضاء زور كأنّما | بأجوافهم مما تجنّ لنا الحمر | |
يجيش بما فيها لنا الغلي مثلما | تجيش بما فيها من اللهبِ القدرُ | |
تصد إذا ما واجهتني خدودهم | لدى محفل حتى كأنّهم صبرُ |
فدعِ الديارَ وذكرَ كلّ خريدة
بيضاءَ،آنسةِ الحديثِ،كَعاب
كرهوا الموت فاستبيح حِماهم | وأقاموا فعل اللئيم الذليل | |
أمن الموت تهربون فإن الموت | موت الهزال غير جميل |
واشكُ الهمومَ إلى الإله وما ترى
من معشرٍ متألبينَ غِضاب
فدعْ عنكَ التذكرَ كلَّ يوم | ورُدَّ حرارةَ الصدر الكئيبِ | |
وخبّرْ بالذي لا عيبَ فيه | بصدقٍ،غير إخبار الكذوبِ |
أطيلُ اجتناباً عنهمُ،غيرَ بغضةٍ
ولكنّ بُقيّا رهبةٍ وتصحبا
يا أيها الناس أبدوا ذاتَ أنفسكم | لا يستوي الصدق عند الله والكذبُ | |
إلا تنيبوا لأمر الله تعترفوا | بغارةٍ عصبٍ من خلفها عصب | |
فيهم حبيبٌ شهابُ الحربِ يقدمهم | مستلئماً قد بدا في وجهه الغضبُ |
ألم تجدوا حديثي كانَ حقاً
وأمرُ الله يأخذُ بالقلوبِ
فما نطقوا،ولو نطقوا لقالوا
صدقتَ وكنتَ ذا رأي مصيبِ
بكت عيني وحُقَّ لها بُكاها | وما يُغني البكاءُ ولا العويل | |
على أسدِ الإلهِ غداةَ قالوا | أحمزةُ ذلكَ الرجلُ القتيلُ | |
أُصيبَ المسلمونَ بهِ جميعاً | هناكَ،وقد أًصيبَ به الرسولُ |
حسان بن ثابت:
يرثي عثمان بن عفان رضي الله عنه
إن تُمس دارُ ابن أروى منه خاليةً
بابٌ صريعٌ وبابٌ مُخرَقٌ خَرِبُ
فقد يُصادفُ باغي الخير حاجتهُ
فيها ويأوي إليها الذكرُ والحسبُ
حسان بن ثابت:يرثي رسول الله صلى الله عليه وسلم
كنتَ السّوادَ لناظري | فعمى عليك الناظرُ | |
من شاءَ بعدك فَليمُت | فعليكَ كنتُ أُحاذرُ |
وشتان بينكما في النّدى
وفي البأسِ والخُبر والمنظرِ
لنا الجفناتُ الغُرُّ يلمعن في الضحى | وأسيافُنا يقطرنَ من نجدةٍ دما | |
أبى فِعلُنا المعروفَ أن ننطقَ الخنا | وقائلنُا بالعُرفِ إلا تكلّما |
الفقرُ يزري بأقوام ذوي حسب
ويقتدي بلئام الأصل أنذال
وأُكثِرُ أهلي من عيالٍ سواهُمُ | وأطوي على الماءِ القَراحِ المُبرّدِ | |
إذا كانَ ذو البُخلِ الذميمةُ بطنُهُ | كَبطنِ حمارٍ في الحشيشِ مُقيّدُ |
أبوكَ أبو سَوءٍ وخالُكَ مثلُهُ
ولستَ بخيرٍ من أبيكَ وخالكا
وإنَّ أحقَّ الناس أن لا تلومهُ
على اللؤمِ من ألفى أباهُ كذلكا
يا جار قد كنت لولا ما رُميتَ به | لله درُّك في عزٍّ وفي حسبِ | |
جلّلتَ قومكَ مخزاةً ومنقصةً | ما لم يُجلّلهُ حيٌّ من العربِ | |
بئس البنونَ وبئسَ الشيخُ شيخهمُ | تباً لذلك من شيخٍ ومن عقبِ |
قبيلةٌ،ألأمُ الأحياءِ أكرمها
وأغدرُ الناس بالجيرانِ وافيها
تبلى عظامُهمُ إمّا هُمو دُفنوا
تحت التراب،ولا تبلى مخازيها
أما الحماس فإنّي غيرُ شاتمهم | لا هُمْ كرامٌ ولا عرضي لهم خطرُ | |
أولادُ حامٍ فلن تلقى لهم شَبهاً | إلا التيوسَ على أكتافها الشّعرُ | |
شِبهُ الإماءِ فلا دين ولا حسب | لو قامروا الزَّنجَ عن أحسابهم قمروا |
أبلغ هوازنَ أعلاها وأسفلها
أن لستُ هاجيها إلا بما فيها
يا آلَ سهمٍ فإنّي قد نصحتُ لكم | لا أبعثنَّ على الأحياءِ من قُبرا | |
لولا النبيُّ وقولُ الحقِّ مغضبة | لما تركتُ لكم أنثى ولا ذكرا |
وأمانةُ المُرِّيِّ حيث لقيتهُ
مثلُ الزجاجةِ صدعها لم يُجبرُ
إن سرّكَ الغدرُ صِرفاً لا مزاجَ له | فائتِ الرجيعَ وسلْ عد دارِ لحيانِ | |
قومٌ تواصوا بأكلِ الجارِ بينهم | فالشاةُ والكلبُ والإنسانُ سيّان |
تركَ الأحبّة أن يُقاتلَ دونهمْ
ونجا برأسِ طِمرة ولجامِ
الناسُ كنوهُ أبا حكمٍ | واللهُ كنّاهُ أبا جهلِ | |
أبقت رياستهُ لأسرتهِ | لؤمَ الفروعِ ودقّة الأصلِ |
يُصيبُ وما يدري،ويُخطىء وما درى
وليسَ يكونُ النّوكُ إلا كذلك
عبد الرحمن بن حسان بن ثابت:
دع ذا وعَدِّ قريض شعرك في امرىءٍ | يُهذي وينشد شعره كالفاخرِ | |
وقعدت تأكلُ مالَهُ وتركتهُ | بالشام يُنشِدُ كلَّ قصرٍ عامرِ | |
وتركتها عاراً عليكَ وسُبّةً | ما عشت تذكر مثل طوقِ الطائرِ | |
عثمانُ عمكمُ ولستم مثله | وبنو أميّةً منكمُ كالآمرِ | |
وبنو أبيك سخيفةٌ أحلامُهم | فُحشُ النفوسِ لدى الجليسِ الزائرِ | |
جُبنُ القلوب لدى الحروبِ أذلّةٌ | ما يُقبلونَ على صفيرِ الصافرِ | |
وسيوفُهم في الحربِ كلَّ مُغلّلٍ | نابٍ مضاربهُ ودانٍ دائرِ | |
أحياؤهم عارٌ على أمواتهم | والميتونَ مسبّةٌ للغابرِ |
دع ذا وعَدِّ قريض شعرك في امرىءٍ
يُهذي وينشد شعره كالفاخرِ
وقعدت تأكلُ مالَهُ وتركتهُ
بالشام يُنشِدُ كلَّ قصرٍ عامرِ
وتركتها عاراً عليكَ وسُبّةً
ما عشت تذكر مثل طوقِ الطائرِ
عثمانُ عمكمُ ولستم مثله
وبنو أميّةً منكمُ كالآمرِ
وبنو أبيك سخيفةٌ أحلامُهم
فُحشُ النفوسِ لدى الجليسِ الزائرِ
جُبنُ القلوب لدى الحروبِ أذلّةٌ
ما يُقبلونَ على صفيرِ الصافرِ
وسيوفُهم في الحربِ كلَّ مُغلّلٍ
نابٍ مضاربهُ ودانٍ دائرِ
أحياؤهم عارٌ على أمواتهم
والميتونَ مسبّةٌ للغابرِ
يا أُمّ بشرٍ ثقي بالله واعترفي | بالحقِّ إنّ قضاءَ الله مبرومُ | |
وانعي أباكِ إذا ما قالَ مُختبطٌ | أينَ الكرامُ المطاعينُ المطاعيمُ | |
مثل السِّنان لطيف البطن لا مرحٌ | إن نالَ دنيا ولا بالزادِ منهومُ | |
لا يُسلمُ الجارَ والمولى لعثرته | ولا يُسالمُ وابنُ العم مظلوم |
وإن قلت فاعلم ما تقول فإنه
إلى سامع ممن تعادي وناصر
وإنك لا تستطيع ردّ مقالة
سارت وزلّت في مسامع آخر
كما ليس رام بعد إطلاق سهمه
على ردّه قبل الوقوع بقادر
نحاكم الله يوم القسم وحدكم | حتى قضى قسمة الجيرانِ في الكرمِ | |
حتى إذا كان قسم اللؤم قال لكم | حلّوا إلى حظكم في غابرِ الأمم | |
يا أيها الراكب المُزجي مطيتهُ | إمّا عرضتَ فسائل عن بني الحكمِ | |
القائلينَ إذا لاقوا عدوّهمُ | خرّوا فكرّوا على النسوانِ والنِعَمِ | |
واللاصقينَ بحيٍّ غير أصلهم | كالخالطينَ صقورَ الطيرِ بالرَخمِ | |
ولا تغرّنكَ أبرادٌ وأقمصةٌ | فإنّ أربابها هم رُضعُ الغنمِ | |
كم من أمينٍ نصيح الجيبِ قال لكم | ألا نهيتم أخاكم يا بني الحكمِ | |
عن رجلٍ لا بغيضٍ في عشيرتهِ | ولا ذليلٍ قصير الباعِ مُهتضمِ | |
فإنّ أمكمُ كانت ملعنّةً | تمري الخلايا وترعى عازبَ الغنمِ |
شبّتْ مُلعّنةً بظراء مؤذية
مثل الذبابة لم تنكِح ولم تئمِ
ورُبّ امرىء تعتده لكَ ناصحاً | يُوليك عمداً سهمه لإذ يفرق | |
ومطرح لا تأمل الدهرَ نفعهُ | تصادف منه مصدقاً حين ترهق | |
وقد تأمن الشرّ الذي هو حاضر | ويهدى لك الشرُّ البعيد فيطرق |
وعدت فلما أن أردت نجاحه
رأيت مكان النجم من ذاك أقربا
فلو كنت حراً ما مطلت بموعدٍ
زهيدٍ ولو أنجزت كنت المهذبا
ألم ترَ أني لا ألينُ لغامزٍ | ولا أبتدي ربّ القطيعةِ بالوصلِ | |
وأني متى أنكب من الدهرِ نكبة | أكفكفُ غربيها بصبر فتى جزل |
إني لأعلمُ أن عجزاً ظاهراً
بالمرءِ ليس يرومه من يحزم
لا يترك الوطن القريب لمنزل
شحط ويصرم للحديث الأقدم
ترى المرء مخلوقاً وللعينِ حظّها فذاك كماء البحر لست مسيغه | وليسَ بأحناءِ الأمورِ بخابرِ ويعجب منه ساجياً كل ناظر | |
وتلقى الأصيل الفاضل الرأي جسمه | إذا ما مشى في القومِ ليسَ بقاهرِ | |
فذاك كجسم رث من طولِ صنعه | على حد مفتوق الغرارين باتر |
ولكنني فرعٌ سقتهُ أرومةٌ
كذاكَ الأروم تنبت الفرع في الأصل
أعفاء تحسبهم للحيا | ءِ مرضى تطاولُ أسقامها | |
يهون عليهم إذا يغضبونَ | سخط العداةِ وإرغامها | |
ورتق الفتوق وفتق الرتوق | ونقض الأمورِ وإبرامُها |
سعيد بن عبد الرحمن بن حسان:
وقد يأتي المُقيمَ الرزقُ عفواً | ويطلبهُ فَيُحرمهُ الحريصُ |
حاتم الطائي
ولن يكسب الصعلوك مجداً ولا غنى | إذا هو لم يركب من الأمرِ معظما |
ومن يبتدع ما ليسَ من شيم نفسهِ
يدعهُ وترجعه إليه الرّواجعُ
وإذا المجدُ كانَ عَوني على المر | ءِ تقاضيتهُ بتركِ التقاضي |
إذا ما جعلت السرّ عند مُضيّعٍ
فإنّكَ ممّن ضيّعَ السرّ أذنبُ
أماوِيَّ قد طالَ التَجنُّبُ والهجرُ | وقد عذرتني في طِلابكمُ العُذرُ |
ليالي يدعوني الهوى فأجيبهُ
حثيثاً،ولا أرعى إلى قول زاجر
ألا أبلغا وهمَ بن عمرو رسالةً | فإنكَ أنتَ المرءُ بالخيرِ أجدرُ | |
رأيتُكَ أدنى من أناسٍ قرابةً | وغيرك منهم كنت أحيوا وأنصرُ | |
إذا ما أتى يومٌ يفرّقُ بيننا | بموتٍ فكن أنت الذي يتأخرُ |
وما من شيمتي شتمُ ابن عمي
وما أنا مُخلفٌ من يرتجيني
سأمنحهُ على العِلات،حتى
أرى،ما ويّ أن لا يشتكيني
وإنّي لأخزى أن ترى بي بِطنة | وجارات بيتي طاويات،ونحف | |
وإني أرمي بالعداوة أهلها | وإنّي بالأعداءِ لا أتنكفُ | |
وإني لأعطي سائلي،ولرّبما | أُكلّفُ ما لا أستطيعُ فأكلفُ |
فأقسمت،لا أمشي إلى سرّ جارة
مدى الدهر،ما دام الحمام يغرد
ولا أشتري مالاً بعذر علمتهُ
ألا كلّ مالٍ،خالطَ العذرُ أنكدُ
متى يأتِ يوماً،وارثي يبتغي الغنى | يجد جمع كفّ، غير ملء ولا صفر | |
وعشتُ مع الأقوامِ بالفقرِ والغنى | سقاني بكأسي ذاك كلتيهما دهري |
إنَّ الكريمَ من تلفّتَ حولهُ
وإنَّ اللئيمَ دائمُ الطرفِ أقودُ
غنينا زماناً بالتصعلُكِ والغنى | كما الدّهرُ في أيامهِ العسر واليسر | |
لبسنا صروف الدّهرِ ليناً وغلظةً فما زادنا بغياً على ذي قرابة | وكُلاً سقاناه بكأسهما الدّهرُ غِنانا ولا أزرى بأحسابنا الفقرُ |
إذا ماتَ منا سيّدٌ قامَ بعدهُ
نظيرٌ له،يُغني غناهُ ويُخلِفُ
ألم تعلمي أنّي إذا الضيفُ نابني | وعزَّ القِرى السَّديفَ المُسرْهدا | |
وإنّي لأعراضِ العشيرةِ حافظٌ | وحقّهمُ حتى أكونَ مُسوّدا |
كُلوا الآنَ من رزقِ الإلهِ وأيسروا
فإنَّ على الرحمنِ رزقكم غدا
تَحلّمْ عن الأدنينَ واستبقِ وُدَّهم | ولن تستطيعَ الحِلمَ حتى تَحلما | |
وعوراءَ قد أعرضتُ عنها فلم تَضِر | وذي أوَدٍ قوّمتُهُ فتقوّما | |
وأغفِرُ عوراء الكريم ادّخارَهُ | وأُعرِضُ عن شتمِ اللئيمِ تَكرّما | |
ولا أخذلُ المولى وإن كان خاذلاً | ولا أشتمُ ابنَ العمِّ إن كان مُفحما | |
ولا زادني عنه غنايَ تباعُداً | وإن كانَ ذا نُقصٍ من المالِ مُصرِما |
أماويَّ قد طالَ التجّنبُ والهجرُ
وقد عذرتني في طِلابكم العُذْرُ
فنفسكَ أكرمها،فإنّكَ إن تَهُنْ | عليكَ فلن تلقى لها الدّهرُ مُكرِما | |
أهِنْ في الذي تهوى التلادَ فإنّهُ | إذا مُتَّ كانَ المالُ نهباً مُقسّما | |
ولا تشقين فيه فيسعد وارِثٌ | به،حين تغشى أغبرَ الجوفِ مُظلما | |
يُقَسِّمهُ غُنماً،ويشري كرامةً | وقد صِرتَ في خطٍّ من الأرضِ أعظما | |
قليلاً به ما يحمدّنكَ وارِثٌ | إذا نالَ ممّا كنتَ تجمعُ مغنما |
تنوطُ لنا حُبَّ الحياةِ نفوسُنا
شقاءً ويأتي الموتُ من حيث لا ندري
ولا أخذلُ المولى لسوءِ بلائهِ
وإن كانَ مَحنيَّ الضلوعِ على غِمرِ
يرى الخَمصَ تعذيباً وإن يلقَ شبعةً | يَبتْ قلبُهُ من قلّةِ الهَمِّ مُبهما | |
ويغشى إذا ما كانَ يومُ كريهةٍ | صدورَ العوالي فهو مُختضبٌ دما | |
فذلكَ إن يُهلِكُ فحسنُ ثناؤُهُ | وإن عاشَ لم يقعد ضعيفاً مُذمما |
ولا أشتري مالاً بغدرٍ علِمتهُ
ألا كلُّ مالٍ خالطَ الغدرَ أنكدُ
أسودُ سادات العشيرة،عارفاً | ومن دونِ قومي،في الشدائد،مذودا | |
وألفى لأعراض العشيرة،حافظاً | وحقّهم،حتى أكون المُسّودا | |
يقولون لي:أهلكت مالك،فاقتصدْ | وما كنتُ،لولا ما تقولون،سيّدا |
ولستُ ،إذا ما أحدثَ الدهرُ نكبةً
بأخضع ولاج بيوت الأقارب
تنادي إلى جارتها:إنّ حاتماً | أراهُ لعمري،بعدنا،قد تغيّرا | |
تغيّرت،إني غير آتٍ لريبةٍ | ولا قائلٌ يوماً،لذي العرفِ منكرا | |
ولا تسأليني،واسألي أيَّ فارسٍ | إذا بادر القومُ الكنيفَ المُسترا |
أما والذي لا يعلمُ الغيبَ غيرهُ
ويُحيى العظامَ البيضَ وهي رميمُ
لقد كنتُ أطوي البطنَ والزادُ يُشتهى
مخافةَ يوماً أن يُقالَ لئيمُ
وما ضرَّ جاراً، يا ابنةَ القومِ، فاعلمي | يُجاورني، أن لا يكونَ لهُ سِترُ | |
بعينيَ عن جاراتِ قومي غفلةٌ | وفي السّمعِ مني عن حديثهمُ وقرُ |
متى ترق أضغان العشيرةِ بالأنا
وتركِ الأذى يُحسَم لكَ الداءُ مَحسما
يسعى الفتى وحِمام الموت مدركه | وكلّ يوم يُدني للفتى أجلا |
ولن يكسبَ الصعلوكُ حمداً ولا غنىً
إذا هو لم يركب،من الأمر،معظما
يرى الخمص تعذيباً،وإن يلقَ شبعةً
يبت قلبه من قلّة الهم،مبهما
وما ابتعثتني في هوايَ لجاجةٌ | إذا لم أجد فيها إمامي مُقدِّما | |
وذو اللبِّ والتقوى حقيق،إذا رأى | ذو طبع الأخلاق أن يتكرّما |
لحى الله صعلوكاً،مناهُ وهمّهُ
من العيش،أن يلقى لبوساً ومطعما
ينامُ الضحى،حتى إذا ليلهُ استوى
تنبه مثلوج الفؤاد مورّما
ولا أظلمُ ابنَ العمّ،إن كان إخوتي عنينا زماناً بالتصعلُّكِ والغنى | شهوداً،وقد أودى،بإخوته الدهرُ كما الدهر،في أيامه العسر واليسر | |
كَسبنا صروفَ الدّهرِ ليناً وغلظةً | وكُلاً سقانا بكأسَيهما الدّهرُ | |
فما زادنا بأواً على ذي قرابةٍ | غِنانا،ولا أزرى بأحسابنا الفقرُ | |
فقدِماً عصيتُ العاذلات وسُلِّلطت | على مُصطفى مالي،أنامليَ العشرُ |
وما أهل طودٍ،مكفهر حصونه
من الموت،إلا مثلُ من حلَّ بالصخر
وما دارعٌ،إلا كآخرَ حاسرٍ
وما مقترٌ،إلا كآخرَ ذي وفر
فجاور كريماً،واقتدحْ من زناده وعوراء،قد أعرضتُ عنها،فلم يضر | وأسند إليه،إن تطاولَ،سُلما وذي أودٍ قوّمتهُ فتقوّما | |
وأغفرُ عوراءَ الكريم إدخارهُ | وأصفحُ من شتمِ اللئيمِ تكرّما | |
ولا أخذلُ المولى،وإن كان خاذلاً | ولا أشتمُ ابن العمّ،إن كان مُفحما | |
ولا زادني عنهُ غنائي تباعدا | وإن كان ذا نقص من المال مصرما |
يسعى الفتى،وحِمامُ الموتِ يُدركهُ
وكلُّ يومٍ يُدني ،للفتى،الأجلا
إني لأعلمُ أني سوف يدركني
يومي،أصبح عن دنياي،مشتغلا
فليت شعري ،وليتٌ غيرُ مدركةٍ
لأي حالٍ بها أضحى بنو ثعلا
أهِنْ للذي تهوى التلادَ،فإنّهُ | إذا مُتَّ كان المالُ نهباً مُقسّماً | |
ولا تشقينَ فيه،فيسعد وارثٌ | به،حين تخشى أغبرَ اللون،مظلما | |
يُقسّمهُ غُنماً،ويشري كرامةً | وقد صِرتُ في خطِّ الأرضِ أعظما | |
قليلٌ به ما يحمدنكَ وارثٌ | إذا ساقَ مما كنت تجمع مغنما |
تبغَّ ابن عمِّ الصدق،حيثُ لقيتهُ
فإنَّ ابنَ عمِّ السّوء،إن سرَّ يُخلفُ
ألا إنني هاجني الليلة الذكر | وما ذاكَ من حُبِّ النساءِ ولا الأشرْ | |
ليالي نمسي بين جو ومسطح | نشاوى،لنا من كلِّ سائمة جزر | |
فيا ليتَ خيرَ الناس، حيّاً وميتاً | يقول لنا خيراً ويمضي الذي أئتمر | |
فإن كان شرٌّ فالعزاءُ،فإننا | على وقعات الدهر،من قبلها صبر |
فلا،وأبيك،ما يظلُّ ابن جارتي
يطوفُ حوالي قِدرنا،ما يطورُها
وما تشتكيني جارتي،غير أنها
إذا غابَ عنها بعلها،لا أزورها
سيبلغها خيري،ويرجع بعلها
إليها،ولم يقصر،عليَّ ستورها
هل الدهرُ إلا اليوم أو أمس أو غدُ | كذاكَ الزمانُ،بيننا يتردد | |
يردُ علينا ليلة بعد يومها | فلا نحنُ ما نبقى،ولا الدهرُ ينفدُ | |
لنا أجلٌ إما تناهى إمامه | فنحنُ على آثارهِ نتوردُ |
وداعٍ دعاني دعوةً،فأجبتهُ
وهل يدعُ الداعين إلا المبلّدُ؟
فاصدقُ حديثك،إنَّ المرء يتبعه | ما كان يبني،إذا ما نعشهُ حُملا |
فأبشرْ،وقرَّ العين منك،فإنني
أجىء كريماً،ولا ضعيفاً ولا حصرْ
إذا أوطن القوم البيوت وجدتهم | عماة عن الأخبار وخرق المكاسبِ | |
وشرُّ الصعاليك ،الذي همُّ نفسه | حديثُ الغواني واتّباع المآربِ |
كذاكَ أمورُ الناس راض دنيةً
وسامٍ إلى فرع العلا،متوردُ
فمنهم جوادٌ قد تلفتّ حولهُ
ومنهم لئيمٌ دائمُ الطرفِ أقودُ
ومرتبةٍ دونَ السّماءِ علوتها وما أنا بالماشي إلى بيتِ جارتي | أقلّبُ طرفي في فضاءِ سباسبِ طروقاً،أحييها كآخر جابِ | |
ولو شهدتنا بالمُزاحِ لأيقنتْ وما أنا بالساعي بفضلِ لِجامها | على ضرّنا،أنا كرام الضرائبِ لتشربَ ماءَ الحوضِ قبلَ الركائبِ | |
إذا كنتَ ربّاً للقلوص،فلا تدعْ | رفيقكَ يمشي خلفها ،غير راكبِ | |
أنِخهَا فأردفهُ،فإن حملتكُما | فذاكَ،وإن كان العقابُ فعاقبِ |
تنوطُ لنا حبّ الحياة نفوسنا
شقاءً،ويأتي الموتُ من حيثُ لا ندري
ومرتبةٍ دونَ السّماءِ علوتها وما أنا بالماشي إلى بيتِ جارتي | أقلّبُ طرفي في فضاءِ سباسبِ طروقاً،أحييها كآخر جابِ | |
ولو شهدتنا بالمُزاحِ لأيقنتْ وما أنا بالساعي بفضلِ لِجامها | على ضرّنا،أنا كرام الضرائبِ لتشربَ ماءَ الحوضِ قبلَ الركائبِ | |
إذا كنتَ ربّاً للقلوص،فلا تدعْ | رفيقكَ يمشي خلفها ،غير راكبِ | |
أنِخهَا فأردفهُ،فإن حملتكُما | فذاكَ،وإن كان العقابُ فعاقبِ |
وإني لعفُّ الفقر،مشتركُ الغنى
وردك شكل لا يوافقه شكلي
وشكلي شكل لا يقوم لمثله
من الناسِ إلا كل ذي نيقة مثلي
ولي نيقة في المجد والبذل لم تكن
تألفها فيما مضى أحدٌ قبلي
وإني لمذمومٌ،إذا قيلَ حاتمٌ | نبا نبوة،إنَّ الكريم يعنفُ | |
سأبى،وتأبى بي أصولٌ كريمةٌ | وأباءُ صدق،بالمودّة،شرّفوا | |
وأجعل مالي دون عرضي،إنني | كذلكمُ مما أفيدُ وأتلفُ | |
وأغفرُ،إن زلّتْ بمولاي تغلةٌ | ولا خيرَ في المولى وإذا كان يقرفُ |
أعاذل
!
لا آلوكَ إلا خليقتي
فلا تجعلي،فوقي،لسانكِ مِبردا
سأنصرهُ،إن كانَ للحقِّ تابعاً | وإن جارَ لم يكثر علي التعطفُ | |
وإن ظلموهُ قمتُ بالسيفِ دونهُ | لأنصرنه،إن الضيفَ الضعيفَ يؤنّفُ | |
وإني وإن طالَ الثواء،لميتٌ | ويعطمني،ماويَّ بيتٌ مسقفُ | |
وإني لَمجزيٌّ بما أنا كاسبٌ | وكلُّ امرىءٍ رهنُ بما هو متلفُ |
وإني لعفُّ الفقر،مشتركُ الغنى
وردك شكل لا يوافقه شكلي
وشكلي شكل لا يقوم لمثله
من الناسِ إلا كل ذي نيقة مثلي
ولي نيقة في المجد والبذل لم تكن
تألفها فيما مضى أحدٌ قبلي
وما ضَرَّ جاراً يا ابنةَ القومِ فاعلمي | يُجاورني ألا يكونَ لهُ سِترُ | |
بعينيَّ عن جاراتِ قوميَ غفلةٌ | وفي السّمعِ مني عن حديثهمُ وَقرُ |
وكلمةِ حاسدٍ في غيرِ جُرْم
سمعتُ فقلتُ مُرِّي فأنفذيني
فعابوها عليَّ ولم تسؤني
ولم يعرقْ لها يوماً جبيني
إن البخيل إذا ما ماتَ يتبعه | سوءُ الثناءِ،ويحوي الوارث الإبلا | |
ليتَ البخيل يراهُ الناسُ كلُّهمُ | كما يراهم،فلا يقرى إذا نزلا |
وذو اللونينِ يلقاني طليقاً | وليسَ إذا تغيّبَ يأتليني | |
سمعتُ بعيبهِ فصفحتُ عنهُ | مُحافظةً على حَسبي وديني |
أبو الحسن التهامي يرثي ولده
حكمُ المنيّةِ في البرية جار
ما هذه الدنيا بدارِ قرارِ
بينا يرى الإنسانُ فيها مخبرا
حتى يرى خبراً من الأخبارِ
طبعت على كدر وأنت تريدها
صفواً من الأقذار والأكدارِ
ومُكلّفُ الأيام ضد طباعها
مُتطلّب في الماءِ جذوة نارِ
وإذا رجوت المستحيل فإنما
تبني الرجاء على شفير هارِ
فالعيشُ نوم والمنية يقظة
والمرءُ بينهما خيال سارِ
فاقضوا مآربكم عجالاً إنما
أعماركم سفر من الأسفارِ
وتراكضوا خيل الشّبابِ وبادروا
أن تُسترد فإنهنّ عوارِ
فالدهرُ يزرع بالمنى ويغصّ أن
هنا ويهدم ما بنى ببوارِ
ليس الزمانُ وإن حرصت مسالماً
خُلِق الزمانُ عداوةُ الأحرار
إني وترت بصارم ذي رونق
أعددتهُ لطلابة الأوتارِ
والنفسُ إن رضيت بذلك أو أبتْ
منقادةٌ بأزمة المقدارِ
أثنى عليه بإثره ولو أنه
لم يغتبط أثنيت بالآثار
يا كوكباً ما كان أقصر عمره
وكذاك عمر كواكب الأسحارِ
وهلال أيام مضى لم يستدر
بدراً ولم يمهل لوقت سرار
عجل الخسوف عليه قبل أوانه
فمحاهُ قبل مظنة الإبدارِ
واستلّ من أترابه ولداته
كالمقلة استلت من الأشفارِ
فكأنّ قلبي قبره وكأنّهُ
في طيّهِ سرٌ من الأسرارِ
إن يُحتقر صغر فرُبّ مفخم
يبدو ضئيل الشخص للنُظار
إنّ الكواكب في علوِ محلها
لتُرى صغاراً وهي غيرَ صغارِ
ولد المعزّى بعضه فإذا مضى
بعض الفتى فالكلُّ في الآثار
أبكيه ثم أقولُ معتذراً له
وفقت حينَ تركتَ ألأمَ دارِ
جاورتُ أعدائي وجاورَ ربّهُ
شتانَ بين جواره وجواري
أشكو بعادكَ لي وأنت بموضع
لولا الردى لسمعتَ فيه مزاري
والشرقُ نحو الغرب أقرب شقة
من بعد تلك الخمسة الأشبارِ
هيهاتَ وقد علقتك أسباب الردى
واغتال عمرك قاطع الأعمارِ
ولقد جريتَ كما جريت لغاية
فبلغتها وأبوكَ في المضمارِ
فإذا نطقتُ فأنتَ أول منطقي
وإذا سكتُّ فأنتَ في إضماري
أخفي من البرحاء ناراً مثل ما
يخفي من النار الزناد الواري
وأخفض الزفرات وهي صواعق
وأكفكفُ العبرات وهي جوارِ
وشهابُ نار الحزن إن طاوعته
أورى وإن عاصيته متواري
وأكفُّ نيرانَ الأسى ولربما
غلب التبصر فارتمت بشرارِ
لو كنتَ تُمنعُ خاض دونكَ فتية
منا بحارَ عوامل وشفارِ
ودَحوا فُويق الأرض أرضاً من دم
ثم انثنوا فبنوا سماء غبارِ
لو شرّعوا أيمانهم في طولها
طعنوا بها عِوضَ القنا الخطّارِ
جنبوا الجياد إلى المطى وراوحوا
بين السروجِ هناكَ والأكوارِ
كأنّما ملؤوا عياب دروعهم
وغمود أنصلهم سراب قفار
وكأنما صنِعُ السوابغ عزّه
ماءُ الحديد فصاغَ ماء قرارِ
زَرداً فأحكم كل موصل حلقةٍ
بحبابة في موضع المسمارِ
فتسربلوا بمتون ماء جامد
وتقنعوا بحبابِ ماء جارِ
أسدٌ ولكن يؤثرون بزادهم
والأسد ليس تدين بالإيثار
يتزين النادي بحسن وجوههم
كتزين الهالاتِ بالأقمار
يتعطفون على المجاور فيهم
بالمنفسات تعطف الآظار
والليثُ إن ثاورته لم يعتمد
إلا على الأنيابِ والأظفارِ
زَرَدُ الدلاص من الطعان يريحه
في الجحفل المتضايق الجرار
ما بين ثوب بالدماء مُضمخ
زَلقٍ ونقعٍ بالطرادِ مُثار
قوم إذا لبسوا الدروعَ حسبتها
سحباً مُزورةً على أقمارِ
وترى سيوف الدار عين كأنها
خلجٌ تمُدّ بها أكفُّ بحارِ
من كل من جعل الظبا أنصارهُ
وكرُمن فاستغنى عن الأنصار
وإذا هو اعتقل القناة حسبتها
صِلا تأبطهُ هزبرٌ ضارِ
ثوبُ الرياءِ يشفّ عمّا تحته
وإذا التحفتَ به فإنك عار
قصرت جفوني أم تباعد بينها
أم صُورت عيني بلا أشفارِ
جفت الكرى حتى كأنّ غراره
عند اغتماض العين وخز غرار
ولو استزارت رقدة لطحا بها
ما بين أجفاني من التيار
أحيى الليالي التمّ وهي تميتني
ويميتهن تبلج الأسحار
حتى رأيت الصبحَ تهتك كفّهُ
بالضوءِ رفرفُ خيمةٍ كالقارِ
والصبحُ قد غمرَ النجوم كأنّهُ
سيل طغى فطفا على النوار
والهون في ظلِّ الهوينا كامن
وجلالةُ الأخطارِ في الإخطارِ
تندى أسرة وجهه ويمينه
في حالة الإعصارِ والإيسارِ
ويمدُّ نحو المكرمات أناملا
للزرق في أثنائهن مجارِ
يحوي المعالي كاسباً أو غالباً
أبداً يداري دونها ويداري
قد لاحَ في ليلِ الشّبابِ كواكب
إن أمهلت آلت إلى الأسفارِ
وتلّهب الأحشاء شيّب مفرقي
هذا الضياء شُواظ تلك النار
شابَ القذال وكل غصن صائر
فينانه الأحوى إلى الأزهارِ
والشبه منجذب فَلِمْ بيضُ الدمى
عن بيض مفرقة ذواتِ نفار؟
وتود لو جعلت سواد قلوبها
وسواد أعينها خضابَ عذارِ
لا تنفر الظبيات عنه فقد رأت
كيفَ اختلاف النبت في الأطوارِ
شيئان ينقشعان أول وهلة
ظلُّ الشبابِ وخُلّةُ الأشرارِ
لا حبذا الشّيبُ الوفي وحبذا
ظلّ الشباب الخائن الغدارِ
وطري من الدنيا الشّباب وروقه
فإذا انقضى فقد انقضت أوطاري
قصرت مسافته وما حسناته
عندي ولا آلاؤه بقصارِ
نزداد همّاً كلما ازددنا غنى
والفقرُ كلّ الفقرِ في الإكثارِ
ما زاد فوق الزاد خُلف ضائعاً
في حادث أو وارث أو عارِ
إني لأرحمُ حاسدي لحر ما
ضمن صدورهم من الأوغارِ
نظروا صنيع الله بي فعيونهم
في جنّة وقلوبهم في نارِ
لا ذنب لي قد رمت كتم فضائلي
فكأنّما برقعت وجه نهارِ
وسترتها بتواضعي فتطلعت
أعناقها تعلو على الأستارِ
ومن الرجال معالم ومجاهل
ومن النجوم غوامض ودراري
والناسُ مشتبهون في إيرادهم
وتفاضل الأقوام في الإصدارِ
عمري لقد أوطأتهم طرق العلا
فعموا فلم يقفوا على آثاري
لو أبصروا بقلوبهم لاستبصروا
وعمى البصائر من عمى الأبصارِ
هلا سعوا سعي الكرام فأدركوا
أو سلموا لمواقعِ الأقدارِ
وفشت خيانات الثقات وغيرهم
حتى اتهمنا رؤية الأبصار
ولربما اعتضد الحليم بجاهل
لا خير في يمنى بغير يسار
:
عدي بن حاتم:
كفى زاجراً للمرءِ أيامُ دهرهِ | تروحُ له بالواعظاتِ وتغتدي |
هدبة بن الخشرم
ظَننتُ بكم ظناً فقصرَ دونَهُ
فيا رُبَّ مظنونٍ به الخير يُخلِفُ
إذا المرءُ لم يُحببكَ إلا تكرُّهاً
فدعهُ ولا يكثرْ عليهِ التلهفُ
فما كلُّ من تهوى يُحبّكَ قلبُهُ
ولا كلُّ من عاشرتهُ مُنصِفُ
فما الناسُ بالناسِ الذين عهدتهم
ولا الدارُ بالدارِ التي كانت تألفُ
أوس بن غلفاء:
إذا ما ماتَ ميتٌ من تميم
فسرّكَ أن يعيش فجىء بزادِ
مرّة بن عمرو النهشل
فبعدك أبدى ذو الضغينةِ ضِغنه
وسدَّ لي الطرفَ العيونُ الكواشحُ
ذكرتُ الذي مات الندى عند موته
بعاقبةٍ إذ صالحُ العيشِ طالحُ
إذ العيشُ لم يكدرْ عليَّ ولم يمتْ
يزيدُ وإذ لي ذو العداوةِ ناصحُ
وعافت عليَّ النومَ عينٌ مريضةٌ
إذا أشربَ النومَ العيونُ الصحائحُ
إذا جمدتْ عنك العيونُ وحادرتْ
فيبكيك من عينيَّ دمعٌ مُسامحُ
إذا أرقي أفنى من الليل ما مضى
تمطى به ثِنيٌ من الليل جانحُ
ليبكَِ يزيدَ ضارعٌ لخصومه
ومُستنبحٌ في أول الليل طائحُ
إسماعيل بن يسار:
بني عمّنا ما أسرعَ اللؤم منكم
إلينا وما نبغي عليكم ولا نجرّ
بني عمّنا إن الركاب بأهلها
إذا ساءها المولى تروح وتبتكر
بني عمّنا إنا نفىء إليكم
بأحلامنا في الحادثِ الهائلِ النكر
ونشربُ رنق الماء من دونِ سخطكم
ولا يستوي الصافي من الماءِ والكدر
أرى قومنا لا يغفرون ذنوبنا
ونحنُ إذا ما أذنبوا لهم غفرُ
والبة بن الحباب:
إن الذي يرتجي نداكَ كمنْ
يحلبُ تيساً من شهوةِ اللبنِ
سعدى بنت الشمردل:
ولقد علمتُ لو أنَّ علماً نافعٌ | أنَّ كلُّ حيٍّ ذاهبٌ فَمُودِّعُ |
عبد الملك بن عبد الرحيم الحارثي يرثي أخاه
فلو أنَّ شيئاً في لقائكَ مُطمِعٌ
صبرتُ ولكنْ لا أرى فيهِ مَطمعا
فأُقسمُ لا تنفكّ نفسي شجيةً
عليكَ ووجهي حائلَ اللّونِ أسفعا
وقد كنتُ ألحى من بكى لمصيبةٍ
فها أنذا قد صرتُ أبكى وأجزعا
وقد قرّعتني الحادثاتُ ورَيبها
بِثُكلكَ حتى لم أجدْ فيَّ مَقرعا
وقد كنتُ مغبوطاً وقد كنتُ مُصعباً
فأصبحتُ مرحوماً لفقدكَ أخضعا
وقد كنتَ لي أنفاً حميّاً ففاتني
بكَ القدرُ الجاري فأصبحتُ أجدعا
فلو أنَّ طوداً من تهامةَ ضافهُ
من الوجدِ ما قد ضافني لتضعضعا
فيا سيّداً قد كانَ للحيِّ عِصمةً
ويا جبلاً قد كانَ للحيِّ مَفزعا
درأتُ بهِ جبرَ الرّزايا ولم أجدْ
لهُ خَلَفاً في الغابرينَ فأقنعا
وأبيضَ وضّاحِ الجبينِ كأنّهُ
سَنا قمر أوفى مع العشرِ أربَعا
قطيعَ لسانِ الكلبِ عن نَبحِ ضيفهِ
مُوَطّأ أكنافِ الرّزاقِ سَميدعا
ومُجتنباً للقولِ في غيرِ حِينهِ
حِفاظاً وقوّالاً إذا قالَ مِصقعا
يصونُ ببذلِ المالِ نفساً كريمةً
وعِرضاً حِمىً من كلِّ سوءٍ مُمَنّعا
فتى الخيرِ لم يَهمُمْ بغدرٍ ولم يُعبْ
بِعجزٍ ولم يَمدُدْ إلى الذّمِ إصبعا
ولا كانَ في النّادي فيَهجرَ قومُهُ
بأملأَ منهُ في العيونِ وأروعا
ولا غابَ إلا نافسَ القومُ بينهم
ولا آبَ إلا كانَ للحيِّ مَقنعا
وما زالَ حمّالاً لِكُلِّ عظيمةٍ
إلى أن قضى من نحبهِ مُذْ ترعرعا
فتىً كان لا يدعو إلى الشرِّ نفسَهُ
فإن جاءَهُ الشرُّ امتطاهُ فأوضعا
ويركبُ صعبَ الأمرِ حتى يرُدَّهُ
على عَقبٍ منهُ ذلولاً مُوَقعا
وأمرٍ كَحدِّ السيفِ قد خاضَ غَمرَهُ
بِهمّاتهِ كيما يضرّ وينفعا
رأتهُ المنايا خيرنا فاخترمنهُ
وكُنَّ بتعجيلِ الأخايرِ نُزّعا
تقنّصنهُ من دونِ بيضاءَ نثلةٍ
وعضبٍ إذا ما صابَ للقطعِ أسرعا
كأنَّ سعيدَ الخيرِ لم يهدِ غارةً
كرِجلِ الجرادِ التفَّ ثمَّ ترفّعا
ولم يُصبحِ الخيلَ الحلولَ بخيلهِ
فَيترُكَ منهم ساحةَ الدارِ بلقعا
وما ذرَّ قرنُ الشمسِ حتى كأنّها
تُرى برجالِ الحيِّ خُشباً مُصَرّعا
وإن شئتَ أن تلقى بكلِّ مجازةٍ
لقيتَ لهُ حسرى وسَخلاً مُوضعا
وإن غشيتْ حَزْناً سنابِكُ خيلهِ
تضاءلَ حتى يُصبحَ الحزنُ أجرعا
وتبعثُ يقظانَ الترابِ جيادُهُ
ونائمهُ حتى يَهُبَّ فيسطعا
ولم يَسْرِ بالرَّكبِ الخِفافِ لُحومُهم
على قُلُصٍ تثني قوائمَ ظُلّعا
فأظهرَ والحِربا ينوفُ بِعودهِ
مُوَلٍ قفاهُ تجني النّجاءَ الهملعا
ترى الناسَ أرسالاً إليهِ كلأنّما
تَضمّنَ أرزاقَ العُفاةِ لهُمْ معا
فَمنْ صادرٍ قد آبَ بالرَّيِّ حامدٍ
ومنْ واردٍ شاحٍ بفيهِ ليكرعا
أفاتَ بإبقاءِ على العِرضِ مالَهُ
فأنجحَ إذ أكدى البخيلُ وأوضعا
ولا يستخِصُّ القِدرُ من دونِ جارهِ
ليشبعَ والجيرانُ يُمسُونَ جُوَّعا
جوادٌ إذا ما ألصقَ المَحْلُ بالثرى
وضاقَ لئامُ الناسِ عنهُ توَسَّعا
كساهُ الحياءَ الجودُ حتى لو أنّهُ
يُجَرَّدُ من سربالهِ ما تَمّنعا
ويُلقي رداءَ العَصبِ قبل ابتذالهِ
وقبلَ
(
بِلاهُ
)
الحضرميَّ المُرصّعا
إذا العَرَقُ المرشوحُ بلَّ رداءَهُ
جرى المِسكُ من أردانها فتضوّعا
فيوماً تراهُ بالعبيرِ مُضَمّخاً
ويوماً تراهُ بالدماءِ مُلَمّعا
ويوماً تراهُ يسحبُ الوشيَ غادياً
ويوماً تراهُ في الحديدِ مُقَنّعا
إذا نالَ من أقصى مدى المجدِ غايةً
سما طالباً من تلك أسنى وأرفعا
أجلَّ عن العُورِ الهواجرِ سمعَهُ
ووقّرهُ من أن تُقالَ فيسمعا
لهُ راحةٌ فيها حِباً لصديقهِ
وأخرى سقت أعداءَهُ السُّمَّ مُنَقعا
فما فُجعَ الأقوامُ من رزءِ هالكٍ
بأعظمَ ممّا قد رُزئتُ وأفظعا
ومن طابَ نفساً عن أخٍ لوداعهِ
فما طِبتُ نفساً عن أخي يومَ ودّعا
فوا عجباً للأرضِ كيفَ تألّبتْ
عليهِ ووارت ذلك الفضلَ أجمعا
ويا بؤسَ هذا الدّهرَ من ذي تلوُّنٍ
وذي فَجعاتٍ ما أفظَّ وأفظعا
هوَ المُتعِسُ النُّعمانَ قسراً وقبلَهُ
أبا كرِبٍ والأيهيمينِ وتُبّعا
فمن ذا الذي أضحى يُؤّملُ بعدهمْ
فلاحاً وقد كانوا أعزَّ وأمنعا
وما أحدٌ إلا لهُ الموتُ ناصِبٌ
بموقعةٍ منهُ حبائلَ صُرَّعا
وكلُّ امرىءٍ منها بمنزلِ قُلْعةٍ
وإن ولدَ الأولادَ فيها وجمّعا
أبو بكر ابن شبرين
(
نفح الطيب ج
5)::
سقى الله أشلاءً كَرُمنَ على البِلى
وما غضَّ من مقدارها حادثُ البلا
ومّما شجاني أن أُهينَ مكانها
وأُهمل قدرٌ ما عهدناهُ مهملا
ألا اصنعْ بها يا دهرُ ما أنتَ صانعٌ
فما كنتَ إلا عبدها المُتذللا
سفكتَ دماً كانَ الرقوءُ نوالَهُ
لقد جئتما شنعاءَ فاضحة الملا
لَنعمَ قتيلُ القومِ في يومِ عيدهِ
قتيلٌ تُبكيه المكارمُ والعلا
ألا إنَّ يومَ ابنِ الحكيمِ لمثكلٌ
فؤادي،فما ينفكّ ما عشتُ مثكلا
فقدناهُ في يومٍ أغرَّ مُحجّلٍ
ففي الحشرِ نلقاهُ أغرَّ مُحجلا
سمتْ نحوهُ الأيامُ وهو عميدُها
فلم تشكرِ النعمى ولم تحفظ الولا
تعاورتِ الأسيافُ منه ممدّحاً
كريماً سما فوقَ السِماكين مزحلا
وخانتهُ رجلٌ في الطوافِ به سعتْ
فناءَ بصدرٍ للعلومِ تحملا
وجُندلَ لم يحضره في الحيِّ ناصرٌ
فمن مُبلغ الأحياءِ أن مهلهلا
يدُ الله في ذاكَ الأديمِ ممزّقاً
تُباركُ ما هبّت جنوباً وشمالا
ومن حزني أن لست أعرف مَلحدا
لهُ فأرى للتربِ منه مقبلا
رويدك يا منْ قد غدا شامتاً بهِ
فبالأمسِ ما كانَ العمادَ المُؤملا
وكنا نغادي أو نراوحُ بابه
وقد ظلَّ في أوجِ العلا مُتوَقلا
ذكرناهُ يوماً فاستهلّت جفونُنا
بدمعٍ إذا ما أمحل العام أخضلا
ومازجَ منّا الحزنُ طولَ اعتبارنا
ولم ندرِ ماذا منهما كان أطولا
وهاجَ لنا شجواً تذكرُ مجلسٍ
لهُ كان يهدي الحيّ والملأ الألى
بهِ كانت الدنيا تؤخِّرُ مدبراً
من الناسِ حتماً أو تقدِّمُ مقبلا
لَتبكِ عيونُ الباكياتِ على فتىً
كريم إذا ما أسبغ العرفَ أجزلا
أبو اسحق الغزي:
ما مضى فات والمؤملُ غيبٌ
ولكَ الساعةُ التي أنتَ فيها
الشاعر التميمي:
فما عيشُ من قد عاش قبلي بنافعي
ولا موتُ من قد ماتَ قبلي بمخلدي
عمرو بن براقة الهمداني
إذا جرَّ مولانا علينا جريرةً
صبرنا لها إنّا كرامٌ دعائمُ
وننصرُ مولانا ونعلمُ أنّهُ
كما الناسُ مجرومٌ عليه وجارِمُ
أبو الخثارم الباهلي:
لَعمرُ أبيكَ لا أجزي ابن عمي
بعثرتهِ وأمنعُ فضلَ مالي
ولكنّي أردُّ عليهِ حلمي
ليومِ السّوءِ أو غدرِ الليالي
عمرو بن أمية وقيل الغطمش الضبي:
وإنّي لأستبقي ابن عمي وأتقي
مُباداتهُ حتى يريعَ ويعقلا
وألبستهُ من فضلِ حلمي خليقةً
تكونُ لذي رأيٍ من الجهلِ موئلا
أعدُّ له مالي إذا اعتلَّ مالهُ
رُجوعاً عليهِ بالنّدى وتفضلا
ليعتب يوماً أو يُراجع عقلهُ
فيصبحَ ما في نفسه قد تبدلا
وأخذُ أقصى حقّهُ من عدوّهِ
لهُ وأُداجيهِ وإن كان مُوغلا
ولا طَولَ إلا لامرىءٍ صانَ عِرضَهُ
وحاولَ بالمعروفِ أن يتطوّلا
طريح الثقفي:
ما كنتُ أحسبُ أنَّ بحراً زاخراً
عمَّ البرية كلها الدأداء
أضحى دفيناً في ذراعٍ واحدٍ
من بعدِ ما ملأ الفضاء علاء
إلا عطاياهُ الجِسامُ فإنها
فضحت بأدنى جودها الأنواء
العباس بن يزيد الكندي:
لقد غضبت عليك بنو تميم
فما نكأت بغضبتها ذبابا
لو اطّلعَ الغرابُ على تميم
وما فيها من السوآتِ شابا
عدي بن الرقاع العاملي:“
في مصعب بن الزبير بعد أن قتل في زمن عبد الملك بن مروان”
لَعمري لقد أصحرت خيلنا
بأكناف دجلة للمصعب
فقدّمن واضح وجهه
كريم الضرائب والمنصب
أُعين بنا وانصرنا به
ومن ينصر الله لم يُغلب
فداؤك أمي وأبناؤها
وإن شئت زدت عليها أبي
وما قلتها رهبة إنما
يحل العقاب على المذنب
إذا شئت نازلت مستقلاً
أزاحم كالجمل الأجرب
فمن بك منا يبت آمنا
ومن يك من غيرنا يهرب
فلقد ثنيت يد الفتاة وسادة
لي جاعلاً يسرى يديّ وسادها
وأصاحب الجيش العرمرم فارسا
في الخيل أشهد كرها وطرادها
وقصيدة قد بت أجمع بينها
حتى أقوم ميلها وسنادها
عدي بن الرقاع مواسياً عبيدة بن عبد الرحمن الذي عزله الوليد بن عبد الملك:
فما عزلوك مسبوقاً ولكن
إلى الخيرات سباقاً جوادا
وكنت أخي وما ولدتك أمي
وصولاً باذلاً لي مستزادا
وقد هيضت لنكبتك القدامى
كذلك الله يفعل ما أرادا
فلو قبل مبكاها بكيت صبابةً
بسعدى شفيت النفس قبل التندم
ولكن بكت قبلي فهيج لي البكا
بكاها فقلت الفضل للمتقدم
ومما شجاني أنني كنت نائماً
أعلل من برد الكرى بالتنسم
إلى أن بكت ورقاء في غصن أيكة
تردد مبكاها بحسن الترنم
أبو عقال بن علوان:
أجِيْ داعي الله لا تعصهِ
فقد جادَ بالنُّصحِ جهراً ونادى
ولا تَلهَ بالموبقاتِ التي
أبادتْ بوائقُها من تمادّى
رضيتُ بدونِ الكفايةِ قوتاً
وباللهِ عن كلِّ
\
خلقٍ عِمادا
فأضحى الملوكُ وأهلُ النعيمِ
أقلَّ البريّةِ عندي عِدادا
وأسقطتُ لومي عن العالمينَ
فمن شاءَ ودَّ ومن شاءَ عادى
فلم أرَ عيشاً كعيشِ القنوعِ
ولم أرَ مثلَ القنوعِ مُرادا
اسحق بن خلف:
لولا أُميمة لم أجزع من العَدمِ
ولم أُجِبْ في الدِّاجي حندسَ الظُّلمِ
مخافةَ الفقرِ يوماً أن يُلِمَّ بها
فيكشفَ السّترَ عن لحمٍ على وضمِ
للموتِ عندي أيادٍ لستُ ناسيها
لمّا كفانيَ ما أخشى على الحُرَمِ
قد كنتُ أحذرُ أن يبتزّني عدمٌ
فيكشفَ السّترَ عن خِيمٍ وعن كرمِ
تهوى حياتي وأهوى موتها شفقاً
والموتُ أكرمُ نزّالٍ على الحُرَمِ
وزادني رغبةً في العيشِ معرفتي
ذُلَّ اليتيمةِ يجفوها ذوو الرّحمِ
إذا تذكّرتُ بنيتي حين تندبني
فاضت لرحمةِ بنتي عبرتي بدَمِ
المهلبي:
ألا موتٌ يُباعُ فأشتريهِ
فهذا العيشُ ما لا خيرَ فيه
ألا موتٌ لذيذُ الطعمِ يأتي
يُخلصني من العيشِ الكريهِ
إذا أبصرتُ قبراً من بعيدٍ
وددتُ لو أنني مما يليه
عثمان بن الوليد القرشي:
وكلُّ ذي جدّة لا بد مدركه
ريبُ الزمان الذي في صرفه غيَرُ
عدي بن الرقاع يمدح الوليد بن عبد الملك:
صلى الذي الصلوات الطيبات له
والمؤمنون إذا ما جمعوا الجمعا
على الذي سبق الأقوام ضاحية
بالأجر والحمد حتى صاحباه معا
هو الذي جمع الرحمن أمته
على يديه وكانوا قبله شيعا
عذنا بذي العرش أن نحيا ونفقده
وأن نكون لراعٍ بعده تبعا
إن الوليد أمير المؤمنين له
أُثني عليه ولا تفنى فواضله
ملك عليه أعان الله فارتفعا
وتنتهي مدحتي دون الذي صنعا
عدي بن الرقاع يمدح عمر بن عبد العزيز:
جمعت اللواتي يحمد الله عبده
عليهن فليهنىء لك الخير واسلم
فأولهنّ البر والبر غالب
وما بك من غيب السرائر يعلم
وثانية كانت من الله نعمة
على المسلمين إذا ولي خير منعم
وثالثة أن ليس فيك هوادة
لمن رام ظلماً أو سعى سعي مجرم
ورابعة أن لا تزال مع التقى
تخب بميمون من الأمر مبرم
وخامسة في الحكم أنك تنصف الض
عيف وما من علّم الله كالعمي
وسادسة أن الذي هو ربنا اص
طفاك فمن يتبعك لا يتندم
وسابعة أن المكارم كلها
سبقت إليها كل ساع وملجم
وثامنة في منصب الناس أنه
سما بك منهم معظم فوق معظم
وتاسعة أن البرية كلها
يعدون سيبا من أمام متمم
وعاشرة أن الحلوم توابع
لحلمك في فصل من القول محكم
المغيرة بن حبناء التميمي:
أعوذ بالله من حالٍ تُزيّنُ لي
لومَ العشيرةِ أو تُني من النارِ
لا أدخلُ البيتَ أحبو من مؤخرّهِ
ولا أكسرُ في ابن العم أظفاري
إن يَحجبِ الله أبصاراً أراقُبها
فقد يرى اللهُ حالَ المُدلجِ الساري
الأزرق بن المُكعبر:
لقد حَبّبَ عندي الحياة حياتهُ
وحُبّبَ سُكنى القبرِ مذ صارَ في القبرِ
محرز بن المكعبر الضّبي:
فِدىً لقوميَ ما جمعتُ من نشبٍ
إذ لقّتِ الحربُ أقواماً بأقوامِ
ساروا إلينا وهم صيدٌ رؤوسهمُ
فقد جعلنا لهم يوماً كأيامِ
الأحوص الأنصاري
بني هلال ألا فانهوا سفيهكمُ
إنَّ السفيهَ إذا لم يُنهَ مأمورُ
عمرو بن أحمر:
متى تطلب المعروف في غيرِ اهلهِ
تجد مطلب المعروف غير يسير
إذا أنت لم تجعل لعرضكَ جُنّة
من الذمِّ ،سار الذمُّ كل مسير
اسحق بن إبراهيم الموصلي::
إذا استكثر الأعداءُ ما قلتُ فيكمُ
فإنَّ الذي يستكثرون قليلُ
العلاء بن يزيد الحضرمي:
وحَيِّ ذوي الأضغانِ تَسبِ قلوبَهم
تحيتكَ الأدنى فقد يُرفعُ النفلْ
وإن دعوا للشرِّ فاعفُ تكرُّماً
وإن كتموا عنكَ الحديث فلا تسلْ
فإن الذي يؤذيك منه سماعهُ
وإن الذي قالوا وراءكَ لم يُقلْ
عبد الله بن طاهر:
ألم ترَ أنَّ الدّهرَ يهدم ما بنى
ويأخذُ ما أعطى ويفسد ما أسدى
فمن سرّه أن لا يرى ما يسوءه
فلا يتخذ شيئاً ينال به فقدا
الحيص بيص
لا تلطفن بذي لؤم فتطغيه
واغلظ له يأتِ مطواعاً ومذعانا
إنَّ الحديد تلين النار قسوته
ولو صببت عليه البحر ما لانا
ربيعة بن مقروم:
وللموتُ خير من تخشع ذي الحِجى
لذي مَنّةٍ يزور للؤم جانبه
لهُ كلّ يوم نزحةٌ وغضاضةٌ
إذا ما انزوى أنف اللئيم وحاجبهْ
شراحبيل الكلبي:
جزاني جزاهُ الله شرَّ جزائهِ
جزاءَ سِنّمارٍ وماكان ذا ذنبِ
الأفوه الأودي
فصروفُ الدهرِ في أطباقه
خِلفةٌ فيها ارتفاع وانحدار
بينما الناسُ في عليائها
إذ هووا في هوّة منها فغاروا
أبو الفتح البستي
يا أيها العالمُ المرضيّ سيرتُهُ
أبشِرْ فأنتَ بغيرِ الماءِ ريّانُ
ويا أخا الجهل لو أصبحت في لجج
فأنت ما بينهما لا شك ظمآن
إكلّ الذنوب فإن الله يغفرها
إن شيّعَ المرءَ إخلاص وإيمانُ
وكلّ كسر فإنّ الدين،يجبرهُ
وما لكسرِ قناة الدين جبران
قيس بن الحِدادية:
وكيفَ يشيع السرُّ مني ودونهُ
حجابٌ ومن دونِ الحجابِ الأضالعُ
عمرو بن أسد الفقعسي:
كأنكَ لم تُسبَقْ من الدهرِ ليلة
إذا أنتَ أدركتَ الذي كنتَ تطلبُ
عبيد بن ماوية الطائي:
وقافيةٍ مثل حدِّ السّنانِ
تبقى ويذهبُ من قالها
الحجاج السُّلمي:
بخيلٌ يرى في الجودِ عاراً،وإنما
على المرءِ عارٌ أن يضنَّ ويبخلا
إذا المرءُ أثرى،ثم لم يَرجُ نفعهُ
صديقٌ،فلاقتهُ المنيّةُ أولا
ابن مقلة:
لستُ ذا ذلّةٍ إذا عضّني الدهرُ
ولا شامخاً إذا واتاني
أنا نارٌ في مرتقى نفسِ الحاسدِ
ماءٌ جارٍ مع الإخوانِ
رافة بن سُبيع الأسدي وقيل خالد بن نصلة الأسدي:
لعمري لَرهطُ المرءِ خيرُ بقيّة
عليه،وإن عالوا بهِ كلَّ مركبِ
من الجانبِ الأقصى وإن كان ذا غنىً
جزيلٍ،ولم يُخبركَ مثلُ مُجرِّبِ
إذا كنتَ في قومٍ عدىً لستَ منهُمُ
وإن حدّثتكَ النفسُ لأنكَ قادرٌ
فكُلْ ما عُلقِت من خبيثٍ وطيّبِ
على ما حوتْ أيدي الرجالِ فكذِبِ
قيس الخزاعي:
ولا يسمعنَّ سرِّي وسرِّكَ ثالثٌ
ألا كلّ سرٍ جاوزَ الإثنين شاع
مُحَلّمْ بن بشامة:
ورُبَّ ابن عمٍّ سنَّ لي حدَّ سهمهِ
ونَكّبَ عمداً عن مقاتلهِ سهمي
رعيتُ الذي لم يرعَ بيني وبينهُ
وعادَ إلى ما دلَّ من حلمهِ حلمي
البعيث المجاشعي
ويعتدّهُ قومٌ كثيرٌ تجارةً
ويمنعني من ذاك ديني ومنصبي
مالك بن حذيفة النخعي:
وما كثرة الشكوى بحد حزامة
ولا بدَّ من شكوى إذا لم يكن صبر
مالك بن الحارث النخعي:
أظن جهلكم هذا وبطشكم
سيقذفانكم في مزيد لجب
لا تطلبوا الحرب ما دمتم على طرف
من السلامة واخشوا صولة الحقب
فضالة بن زيد العدواني:
إذا جلَّ خطبٌ صُلتُ بالمالِ حيثما
توّجهتُ من أرضي فصيحٍ وأعجمِ
وهابكَ أقوامٌ وإن لم تُصبهمُ
بنفعٍ،ومن يستغنِ يُحمدْ ويُكرمِ
وفي الفقرِ ذلٌّ للرقاب،وطالما
رأيتُ فقيراً غير نِكسٍ مُذَمَّمِ
يُلامُ وإن كانَ الصّوابُ بكفّهِ
وتُحمدُ آلاءُ البخيلِ المُدرّهمِ
كذلكَ هذا الدهرُ يرفعُ ذا الغنى
بلا كرمٍ منه ولا بتحلّمِ
المفضل بن المهلب بن أبي صفرة:
ومن هرَّ أطرافَ القنا خشيّة الرّدى
فليسَ لمجدٍ صالحٍ بكسوبِ
عدي بن زيد
لا أرى الموتَ يسبقُ الموتَ شىء
نغّصَ الموتُ ذا الغنى والفقيرا
منْ رآنا فليُحدِّثْ نفسَهُ
أنّهُ مُوفٍ على قُربِ زوال
فصروفُ الدّهرِ لا تبقى لها
ولما تأتي بهِ صُمُّ الجبال
رُبَّ ركبٍ قد أناخوا حولنا
يشربونَ الخمرَ بالماءِ الزُّلال
عُمِّروا دهراً بعيشٍ حسنٍ
آمني دهرِهمُ غيرَ عجال
ثم أضحوا عصفَ الدّهرُ بهم
وكذاكَ الدّهرُ يودي بالرجال
وكذاكَ الدّهرُ يرمي بالفتى
في طِلابِ العيشِ حالاً بعد حال
نضلة السلمي:
ولم يخشوا مصالتهُ عليهم
وتحتَ الرّغوةِ اللبنُ الصّريحُ
هرم بن عنام:
إذا قلت في شىء نعم فأتمّه
فإن نعم دين على الحرِّ واجب
وإلا فَقُلْ لا واسترحْ وارحْ بها
لكيلا يقول الناس إنك كاذب
أبو قلابة الطائي وقيل غيره:
إن الرشادَ وإنَّ الغيّ في قرن
بكلِّ ذلك يأتياك الجديدان
لا تأمنن وإن أصبحت في حرم
إنَّ المنايا بجنبي كلّ إنسان
أبو زبيد الطائي:
ومنشرِّ أخلاق الرجالِ نميمة
متى ما تبع يوماً بها العرض ينفق
وإنَّ امرءاً لا يتقي سخط قومه
ولا يحفظ القربى لغير موفق
عليكَ برأسِ الأمرِ قبل انتشاره
وضرُّ الأمورِ الأعسر المتدبر
كلّ شىء تحتال فيه الرجال
غير أن ليسَ للمنايا احتيال
زياد بن منقذ التميمي وقيل غيره:
وإن قِرابَ البطنِ يكفيكَ مِلؤهُ
ويكفيكَ سوءات الأمور اجتنابها
إذا سُدَّ بابٌ عنك من دونِ حاجةٍ
فذرها لأخرى لَيِّنٍ لك بابها
إذا سُدَّ بابٌ عنكَ من دونِ حاجةٍ
فدعها لأخرى لين لك بابها
أبو الطيب بن الوشاء:
لئن كان باقي عيشنا مثل ما مضى
فللموتُ إن لم ندخل النارَ أروحُ
نافع بن خليفة الغنوي:
رجالٌ إذا لم يُقبلِ الحقُّ منهمُ
ويُعطوهُ عادوا بالسيوفِ القواضبِ
معبد بن علقمة:
فَقُلْ لزهيرٍ إن شتمتَ سراتنا
فلسنا بشتَّامينَ للمُتشتِّمِ
ولكنّنا نأبى الظلم ونعتصي
بكلِّ رقيقِ الشفرتينِ مُصَمِّمِ
ونجهلُ أحياناً،ويحلمُ رأينا
ونشتمُ بالأفعالِ لا بالتكلّمِ
وإنَّ التمادي في الذي كان بيننا
بكفّيكَ،فاستأخرْ له أو تقدّمِ
ثابت بن هارون:
الدهرُ أخبثُ والليالي أنكد
من أن تعيش لأهلها يا أحمدُ
قيس بن رفاعة الواقفي:
أنا النذيرُ لكم مني مُجاهرةً
كي لا أُلامَ على نهي وإنذارِ
فإن عصيتُمْ مقالي فاعترفوا
أن سوفَ تلقونَ خِزياً ظاهر
لترجُعنَّ أحاديثاً مُلّعنةً
لهوَ المُقيمِ ولهوَ المُدلجِ الساري
من كانَ في نفسهِ حوجاءُ يطلبها
عندي فإني له رهنٌ بإصحارِ
أُقيمُ عَوجتهُ إن كانَ ذا عِوجٍ
كما يُقوّمُ قدحَ النبعةِ الباري
رؤبة بن العجاج
بأبيهِ اقتدى عدي في الكرم
ومن يشابه أباه فما ظلم
نهار بن توسعة:
وما كرمٌ ولو شرفت جدودٌ
ولكنّ التقيَّ هو الكريمُ
ابن مناذر:
كلُّ حيٍّ لاقى الحِمامَ فَمُودي
ما لحيٍّ مُؤّملٌ من خلودِ
لا تهاب المنونَ شيئاً ولا تر
عى على والدٍ ولا مولودِ
ولقد تتركُ الحوادثُ والأيا
م وهياً في الصخرة الجلمودِ
يفعلُ الله ما يشاء فيمضي
ما لفعلِ الإله من مردودِ
فكأنا للموت ركبٌ مُحثِون
سراعٌ لمنهلٍ مورودِ
إنَّ عبد المجيد يوم تولّى
هدّ ركناً ما كانَ بالمهدودِ
ما درى نعشهُ ولا حاملوهُ
ما على النعشِ من عفافِ وجودِ
ويحُ أيدٍ حثتْ عليهِ وأيدٍ
دفنته ما غُيّبتْ في الصعيد
حين تمّتْ آدابهُ وتردى
برداءِ من الشّبابِ جديدِ
وسقاهُ ماءَ الشبيبة فاهتزَّ
اهتزازَ الغصن النّدِ الأملودِ
وسمتْ نحوهُ العيون وما كان
عليه لزائدٍ من مزيدِ
وكأني أدعوه وهو قريبٌ
حينَ أدعوهُ من مكانٍ بعيدِ
فلئن صارَ لا يُجيب لقد كان
سميعاً هشّاً إذا هو نودي
ولئن كنت لم أمت من جوى الحزن
عليه لأبلغن مجهودي
عمارة اليمني:
إذا لم يُسالمكَ الزمانُ فحارب
وباعدْ إذا لم تنتفع بالأقاربْ
تأبط شراً
إذا المرءُ لم يحتلْ وقد جَدّ جِدّه
أضاع وقاسى أمره وهو مُدبر
ولكن أخو الحزم
:
الذي ليس نازلاً
بهِ الخطبُ إلا وهو للقصدِ مُبصرُ
فذاكَ قريع الدهرِ ما عاشَ حُوّلٌ
إذا سُدَّ منه مِنخرٌ جاشَ منخرُ
الشمردل:
لقد علِمَ المستودعُ السرَّ أنني
ستورٌ لهُ صدري عليهِ شفيقُ
وأني امرؤٌ يعتادني أريحيّةٌ
بمالي إن حلّت عليه حقوقُ
إلى الله أشكو لا إلى الناس فقدُه
ولوعة حزن أوجعَ القلبَ داخله
يا أيها المُبتغي شتمي لأشتمه
إن كنتَ أعمى فإنّي عنكَ غيرَ عَمِّ
وكنتُ بهِ أخشى القتالَ فغرني
عليه من المقدارِ ما لا أقاتله
لَعمرُكَ إنَّ الموت منا لمولعٌ
بمن كان يُرجى نفعهُ ونوافله
إن يجمع الله شعباً بعد فرقتهِ
فقد تريعُ إلى مقدارها الفرقُ
وإن يخنا زمانٌ لا نعاتبه
فقد أرانا وما في عظمنا رققُ
فعينيَّ إذ أبكاكما الدهرُ فابكيا
لمن نصرهُ قد بانَ عنا ونائلهْ
وإن ما نحت عينا حزين فما نحا
عليهِ لبذلٍ أو لخصمٍ يجادله
أخي لا بخيلٌ في الحياة بمالهِ
عليَّ ولا مستبطأ الفرض خاذله
وكنتُ أعيرُ الدمع قبلك من بكى
فأنتَ على من ماتَ بعدك شاغله
يُذكرني هيفُ الجنوبِ ومُنتهى
نسيم الصَّبا رمساً عليه جنادله
إذا ما أتى يومٌ من الدهرِ بيننا
فحيّاكَ عنّا شرقهُ وأصائله
وكلُّ سنا صُبحٍ أضاءَ ومغربٍ
من الشّمسِ وافى جُنحَ ليلٍ أوائله
أبى الصبرُ أنَّ العينَ بعدك لم يزل
يُخالطُ جفنيها قذى تزايله
لَعمرُكَ إنَّ الموتَ منا لمولعٌ
بمن يُرجى نفعهُ ونوافلهْ
فعينيَّ إن أبكاكما الدهرُ فابكيا
لمن نصرهُ قد بانَ عنّا ونائلهْ
لهفي عليكَ للِهفةٍ من خائفٍ
يبغي جواركَ حينَ ليسَ مجير
أما القبورُ فإنهنَّ أوانسٌ
بجوارِ قبركَ والديارُ قبورُ
عمّتْ مواهبهُ فعمَّ مُصابهُ
فالناسُ فيهِ كلّهم مأجورُ
يثني عليكَ لسانُ من لم تُولهِ
خيراً،لأنّكَ بالثناءِ جديرُ
ردّتْ صنائعهُ إليهِ حياتهُ
فكأنّهُ من نشرها منشورُ
فالناسُ مأتمهمْ عليهِ واحدٌ
في كلِّ دارٍ رنّةٌ وزفيرُ
عجباً لأربعِ أذرعٍ في خمسةٍ
في جوفها جبلٌ أشمُّ كبيرُ
محمد بن أحمد بن عمر الحنفي الإربلي في رثاء الإمام النووي:
عزَّ العزاءُ وعمَّ الحادثُ الجلل
وخابَ بالموتِ في تعميرك الأمل
واستوحشت بعدما كنت الأنيس لها
وساءها فقدك الأسحارُ والأصلُ
وكنتَ للدين نوراً يُستضاء به مُسدّد
منك فيه القولُ والعملُ
زهدتَ في هذه الدنيا وزخرفها
عزماً وحزماً ومضروبٌ بك المثلُ
أعرضتَ عنها احتقاراً غير محتفل
وأنت بالسعي في أخراك محتفلُ
سليم بن خنجر الكلبي:
ومن لا يزل عبئاً يملّ مكانه
وإن كان ذا رحم قريب المناسبِ
يزيد المهلبي
وإنّ كريهَ الموتِ عذبٌ مذاقُهُ
إذا ما مزجناهُ بطيبٍ من الذكر
وما رُزقَ الإنسانُ مثلَ منيّةٍ
أراحت من الدنيا ولم تُخزِ في القبر
العرزمي
ومن قال إني مُقلع عن خليقتي
لشىء فأيقن أنه ليس مقلعا
فإنك إن تجزع لشيمة صاحب
لينزع عنها لا تجد لك مجزعا
مرة بن ذهل:
وإني حين تشتجر العوالي
أعيد الرمح في أثرِ الجراحِ
وأجمل من حياةِ الذل موت
وبعض العارِ لا يمحوهُ ماحِ
الميداني:
أعلّمهُ الرماية كلّ يومٍ
فلما اشتدَّ ساعده رماني
أعلّمهُ الفتوةَ في كلِّ وقتٍ
فلما طرَّ شاربهُ جفاني
وكم علّمتهُ نظمَ القوافي
فلما قالَ قافيةً هجاني
عروة بن أذينة
حجبت تحيتها فقلتُ لصاحبي:
ما كانَ أكثرها لنا وأقلّها
فدنا فقال:لعلها معذورة
من أجل رقبتها فقلت:لعلها
أبو عبد الله الضرير الأبيوردي:
صيامي إذا أفطرتُ بالسحت ضَلّةٌ
وعلمي إذا لم يُجدِ ضربٌ من الجهلِ
وتزكيتي مالاً جمعتُ من الربا
رياء وبعض الجود أخزى من البخل
كسارقة الرمان من كرمِ جارها
تعود به المرضى وتطمعُ في الفضلِ
الأبيوردي
لقد طفتُ في تلك المعاهد كلّها
وسرحتُ طرفي بين تلك المعالم
فلم أرَ إلا واضعاً كفّ حائر
على ذقن أو قارعاً سِنّ نادم
حصين بن المنذر الرقاشي:
أمرتُكَ أمراً حازماً فعصيتني
فأصبحتَ مسلوب الإمارة نادما
فما أنا بالباكي عليك صبابة
وما أنا بالداعي لترجع سالما
عبيد بن ماوية الطائي:
فإنّي لذو مِرّةٍ مُرّةٍ
إذا ركبت حالةٌ حالها
أقدِّمُ بالزّجرِ قبل الوعيدِ
لتنهى القبائلُ جُهّالها
عمرو بن ضبة الثقفي:
ومن يكُ ثقلاً يملل الناس ثقله
وإن كان ذا ثقل على الناس واجب
بلعاء بن قيس الكناني:
دعوتُ أبا ليلى إلى السّلم كي يرى
برأيٍ أصيلٍ أو يؤولَ إلى حلم
دعاني أشبُّ الحربَ بيني وبينهُ
فقلتُ له
:
مهلاً،هلمَّ إلى السّلمِ
فلما أبى،أرسلتُ فضلةَ ثوبهِ
إليه فلم يرجعْ بحزمٍ ولا عزمِ
وحين رمانيها رميتُ سوادَهُ
ولا بُدَّ أن يُرمى سوادُ الذي يرمي
الحارث بن وعلة الحرمي وقيل غيره:
ما بالُ من أسعى لأجبُرَ عظمَهُ
حفاظاً وينوي من سفاهتهِ كسري
أظنٌّ خطوبَ الدّهرِ بيني وبينَهم
ستحملهم مني على مركبٍ وعرِ
وإنّي وإياكم كمنْ نبّه القطا
ولو لم تُنبَه باتت الطيرُ لا تسري
أعودُ على ذي الجهلِ منهم تَكرُّماً
بحلمي،ولو عاقبتُ ما جُزتُ في الأمرِ
أناةً وحلماً وانتظاراً بهم غداً
فما أنا بالواني ولا الضّرع الغمرِ
ألم تعلموا أني تخاف عرامتي
وأنَّ قناتي لا تلينُ على القسرِ
أبو دؤاد الأيادي:
رُبَّ ثورٍ رأيتُ في حُجرِ نملٍ
وقطاةٍ تُحمّلُ الأثقالا
ابن أبي عيينة:
فدعِ الوعيدَ فما وعيدُكَ ضائري
أطنينُ أجنحة البعوض يضير؟
ولما ذكرتُ الحبَّ بعدَ فراقها
قضيتُ على أمِّ المحبينَ بالثُكلِ
وأصبحتُ معزولاً وقد كنتُ والياً
وشتانَ ما بينَ الولاية والعزلِ
أبوكَ لنا غيثاً نعيشُ بنبتهِ
وأنتَ جرادٌ لستَ تُبقي ولا تَذرْ
هل كنتَ إلا كلحمٍ ميتٍ
دعا إلى أكلهِ اضطرارُ
ما راحَ يومٌ من الدنيا ولا ابتكرا
إلا رأى عِظّةً فيهِ ومعتبرا
ولا أتت ساعة في الدّهرِ وانصرمتْ
حتى تؤثر في قوم لها أثرا
إنَّ الليالي والأيام لو سئلت
عن غيبِ أنفسها لم تكتم الخبرا
مضرس بن ربعي الأسدي
إياكَ والأمرَ الذي إن توسعت
موارده ضاقت عليك المصادرُ
فما حسنٌ أن يعذر المرءُ نفسه
وليس له من سائرِ الناسِ عاذرُ
يزيد بن محمد بن المهلب بن أبي صفرة:
رهنتَ يدي بالعجزِ عن شُكرِ برّهِ
وما فوقَ شكري للشّكورِ مزيدُ
ولو كانَ مما يُستطاعُ استطعتهُ
ولكنَّ ما لا يُستطاعُ شديدُ
البرعي
همُ الأحبّة إن جاروا وإن عدلوا
فليسَ لي معدل عنهم وإن عدلوا
وكلُّ شىء سواهم لي به بدل
منهم ومالي بهم عن غيرهم بدلُ
إنّي وإن فتنوا في حبهم كبدي
باقٍ على ودّهم راضٍ بما فعلوا
يا ظاعنين بقلبي أينما ظعنوا
ونازلين بقلبي أينما نزلوا
ترفقوا بفؤاد في هوادجكم
راحت به يوم راحت بالهوى الإبل
أبو العباس أحمد بن مروان
وذي حِرصٍ تراهُ يلمُ وفراً
لوارثهِ ويدفع عن حماه
كَكلبِ الصيدِ يُمسك وهو هاوٍ
فريسته ليأكلها سواه
إسماعيل بن محمد القرشي:
وإذا السعادةُ راقبتك عيونها
نَمْ فالمخاوف كلهن أمان
واصطد بها العنقاء فهي حبالة
واقتد بها الجوزاء فهي عنان
قيس بن زهير
شفيت النفس من حملٍ بن بدر
وسيفي من حذيفة قد شفاني
فإن أكُ قد شفيتُ بهم غليلي
فلم أقطع بهم إلا بناني
خداش بن زهير:
فإن يكُ أوسٌ حيّةٌ مستميتة
فدعني وأوساً إنَّ رُقيتهُ معي
ولا أكون كمنْ ألقى رحالتهُ
على الحمارِ وخلّى صهوةَ الفرسِ
رُبيع بن ضَبع:
وكم غمرة ماجت بأمواج غمرة
تجرّعتها بالصّبرِ حتى تجلّتِ
عمرو بن قميئة:
وأهونُ كفٍّ لا تضيركَ ضَيرةً
يدٌ بينَ أيدٍ في إناءِ طعام
دوسر بن ذُهيل القُريعي:
فإن تك أثوابي تمزّقنَ للبلى
فإنّي كنصلِ السيفِ في خَلَقِ الغِمدِ
ابن الوردي:
اعتزلْ ذكرى الأغاني والغزلْ
وقُلِ الفصلَ وجانبِ من هزلْ
واهجرِ الخمرةَ إن كنتَ فتىً
كيفَ يسعى في جنونٍ من عَقَلْ
واتقِ الله فتقوى الله ما
جاورتْ قلبَ امرىءٍ إلا وصلْ
لا تَقُلْ أصلي وفصلي أبداً
إنّما أصلُ الفتى ما قدْ حصلْ
ليسَ يخلو المرءُ من ضدّ ولو
حاولَ العزلةَ في رأسِ الجبلْ
دارِ جارَ السّوءِ بالصّبرِ وإن
لم تجدْ صبراً فما أحلى النَّقَلْ
ليسَ من يقطعُ طُرقاً بطلاً
إنّما من يتقّي الله البطلْ
لا تَقُلْ قد ذهبتْ أيامهُ
كلُّ من سارَ على الدربِ وصلْ
في ازديادِ العلمِ إرغامُ العِدى
وجمالُ العلمِ إصلاحُ العملْ
اطرحِ الدنيا فمن عاداتها
تخفضُ العالي وتُعلي من سَفلْ
قيمةُ الإنسانِ ما يُحسنه
أكثرَ الإنسانُ منهُ أم أقل
إنَّ نصفَ الناس أعداءٌ لمن
وليَ الأحكامَ هذا إن عدلْ
حُبُّكَ الأوطان عجزٌ ظاهرٌ
فاغتربْ تلقَ عن الأهلِ بدلْ
سلامٌ عليكم ما أحبُّ وصالكم
وغايةُ مجهودِ المُقلِ سلام
خذْ بنصلِ السيفِ واترك غمده
واعتبر فضل الفتى دون الحلل
أسماء بن خارجة الفزاري لابنته عند زواجها
خذي العفوَ منّي تستديمي مودّتي
ولا تنطقي في سَورتي حين أغضبُ
فإنّي وجدتُ الحُبَّ في الصدرِ والأذى
إذا اجتمعا لم يلبثِ الحبُّ يذهبُ
ولا تنقريني نقركَ الدّف مرّة
فإنّكِ لا تدرين كيفَ المغيبُ
ولا تكثري الشكوى فتذهب بالهوى
وياباكِ قلبي والقلوبُ تقلبُ
محمود الوراق:
يُمثِّلُ ذو اللُبِّ في لبِّهِ
شدائده قبل أن تنزلا
فإن نزلت بغتةً لم يُرَعْ
لما كان في نفسهِ مثَّلا
رأى الأمرَ يفضي إلى آخرٍ
فصيّرَ آخرهُ أوّلا
وذو الجهلِ يأمنُ أيّامهُ
وينسى مصارع من قد خلا
فإن دهمتهُ صروف الزمان
ببعضِ مصائبهِ أعولا
ولو قدّمَ الحزمَ في نفسهِ
لعلّمهُ الصبرَ عند البلا
عبد قيس بن خفاف البرجمي ينصح ابنه جبيل
أَبُنيَّ
!
إنَّ أباكَ كارِبُ يومهِ
فإذا دُعيتَ إلى المكارمِ فاعجلِ
أُوصيكَ إيصاءَ امرىءٍ،لكَ ناصحٍ
طَبنٍ بريبِ الدّهرِ غير مغفلِ
الله فاتّقهِ،وأوفِ بنذرهِ
وإذا حلفت مُبارياً فَتحلّلِ
والضيفَ أكرمهُ،فإنَّ مبيتهُ
حقٌّ،ولا تَكُ لُعنةً للِنُزَّلِ
ودعِ القوارِصَ للصديق وغيره
كي لا يروكَ من اللئامِ العزَّلِ
واعلمْ بأنَّ الضيفَ مُخبرُ أهلهِ
بِمبيتِ ليلتهِ،وإن لم يُسألِ
وصِلِ المُواصلَ ما صفا لك وُدُّهُ
واجذُذ حبالَ الخائنِ المتبذِّلِ
واحذرْ محلَّ السّوءِ، لا تَحلُلْ بهِ
وإذا نبا بكَ منزلٌ فتحوّلِ
دارُ الهوانِ لمن رآها دارَهُ
أفراحِلٌ عنها كمن لم يرحلِ
واستأنِ حِلمكَ في أموركَ كُلِّها
وإذا عزمتَ على الهوى فتوّكلِ
واستغنِ،ما أغناكَ رَبُّكَ،بالغنى
وإذا تُصبكَ خصاصةٌ فَتجمّلِ
وإذا افتقرتَ فلا تُرى مُتخشِّعاً
ترجو الفواضلَ عند غيرِ المِفضلِ
وإذا تشاجرَ في فؤادِكَ مرّةً
أمران،فاعمدْ للأعفِّ الأجملِ
وإذا هَمِمتَ بأمرِ سُوءٍ فاتئدْ
وإذا هممتَ بأمرِ خيرٍ فاعجلِ
وإذا رأيتَ الباهشينَ إلى الندى
غُبراً أكفُّهم بقاعٍ مُمحلِ
فأَعنهُمُ وأيسر بما يَسَروا به
وإذا هُمْ نزلوا بِضنكٍ فانزلِ
حليمُ،ولكنّهُ في الحروبِ
إذا ما تلظّتْ تراهُ جهولا
رأى أنّهُ جَزَرُ للمنونِ
ولو عاشَ في الدّهرِ عُمراً طويلاً
فطاوعَ رائدَهُ في الهوى
وعاصى على ما أحبَّ العَدولا
واستغنِ ما أغناكَ ربُّكَ بالغنى
وإذا تُصبكَ خصاصةٌ فتجمّلِ
وإذا تشاجرَ في فؤادكَ مرَّةً
أمرانِ فاعمِدْ للأعفِّ الأجملِ
لامية الصفدي
الجدُّ في الجدِّ والحرمانُ في الكسلِ
فانصب تُصبْ عن قريبٍ غايةَ الأملِ
وإذا بليتَ بشخصٍ لا خلائقَ له
فَكُنْ كأنّكَ لم تسمعْ ولم يَقُلِ
ولا تُمادِ سفيهاً في محاورةٍ
ولا حليماً لكي تنجو من الزّللِ
ولا يَغرُّكَ من يُبدي بشاشتهُ
منهُ إليكَ فإنَّ السُّمَِ في العسلِ
لمحدث أبو عمر بن عبد البر يوصي ابنه
تجافَ عن الدنيا وهوّن لقدرها
ووفِّ سبيلَ الدّين بالعروة الوثقى
وسارِعْ بتقوى الله سِرّاً وجهرةً
فلا ذِمّة أقوى هُديتَ من التقوى
ولا تنسَ شكرَ الله في كلِّ نعمةٍ
يَمنُّ بها فالشكرُ مُستجلبِ النُّعمى
فدعْ عنكَ ما لا حظَّ فيه لعاقلٍ
فإنَّ طريقَ الحقِّ أبلجُ لا يخفى
وشحَّ بأيامٍ بقينَ قلائلٍ
وعمرٍ قصيرٍ لا يدومُ ولا يبقى
ألم ترَ أنَّ العمرَ يمضي مُولّياً
فجِدّتهُ تبلى ومدّتهُ تفنى
نخوضُ ونلهو غفلةً وجهالةً
وننشرُ أعمالاً وأعمارُنا تُطوى
تواصلنا فيه الحوادثُ بالردى
وتنتابنا فيه النوائبُ بالبلوى
عجبتُ لنفسٍ تُبصرُ الحقَّ بيّناً
لديها وتأبى أن تفارق ما تهوى
وتسعى لما فيهِ عليها مضرَّةٌ
وقد علمت أن سوف تُجزى بما تسعى
ذنوبي أخشاها ولستُ بآيس
وربّي أهلٌ أن يُخافَ وأن يُرجى
وإن كان ربي غافراً ذنب من يشا
فإني لا أدري أَأُكرمُ أم أخزى
عبدة بن الطبيب
:
ونصيحة في الصّدرِ صادرةٌ لكم
ما دُمتُ أبصرُ في الرجالِ وأسمعُ
أوصيكم بتقوى الإله فإنّهُ
يُعطي الرغائبَ من يشاءُ ويمنعُ
وبِبرِّ والدكم وطاعةِ أمرهِ
إنَّ الأبرَّ من البنين الأطوعُ
إنَّ الكبيرَ إذا عصاهُ أهلهُ
ضاقتْ يداهُ بأمرهِ ما يصنعُ
ودعوا الضغينة لا تَكنْ من شأنكم
إنَّ الضغائنَ للقرابةِ تُوضَعُ
واعصوا الذي يُزجي النمائمَ بينكم
مُتَنصِّحاً،ذاكَ السِّمامُ المُنقَعُ
بزجي عقاربهُ ليبعث بينكم
حرباً كما بعثَ العروقَ الأخدعُ
حرّان لا يشفي غليلَ فؤادهِ
عَسَلٌ بماءٍ في الإناءِ مُشعشَعُ
المهذب بن الزبير:
لئن جهل المداح طرق مديحكم
فإني بها من سائرِ الناسِ أعلم
وهل لي حمدٌ في الذي قلتُ فيكمُ
ونعماكم عندي التي تتكلمُ
الهيثم بن الأسود النخعي:
وأعلمُ علماً ليسَ بالظنِّ أنّهُ
إذا ذلَّ مولى المرءِ فهو ذليلُ
وأنَّ لسانَ المرءِ ما لم تكن لهُ
حصاةٌ على عوراتهِ لدليلُ
وفي الدّهرِ والأيام للمرءِ واعظ
وتصريف ما يبدو له والمغيب
ابن حذاق العبدي:
امنع من الأعداءِ عرضك لا تكن
لحماً لآكلهِ بعود يشتوى
هبيرة بن ظالم المري:
وذوي ضباب مظهرين عداوة
تملأ القلوب محالفي الإفنادِ
ناسيتهم بغضاءهم وتركتهم
وهم إلى ذكر الصديق أعادي
كيما أعدهم لأبعد منهم
ولقد يجاءُ إلى ذوي الأحقادِ
جارك يا مضاء فإن جاري
حرامٌ عرضه حتى يبينا
ولا توهي شمالك للأعادي
فقد تصل الشمال لك اليمينا
ولا تزجر كلابك واصطنعها
لتطعمها كلاب الأبعدينا
سعيد بن عبد الرحمن الأنصاري:
وما ذممتهم حتى خبرتهم
كذاكَ بعد إطلاع منك إيناس
صخر بن الشّريد:
لَعمري، لقد أيقظتُ من كان نائماً
وأسمعتُ من كانت لهُ أذنان
خراش بن مرة الضبي:
إذا عيلَ صبرُ المرءِ فيما ينوبهُ
فلا بدّ أن يستكين ويجزعا
وما يبلغُ الإنسانُ فوق اجتهادهِ
إذا هو لم يملك لما جاء مدفعا
إسماعيل الناشىء:
وكنتُ أرى أنَّ التجاربَ عُدّةٌ
فخانت ثقاتَ الناسِ حتى التجاربِ
أبو العيناء
فلا تعتذر بالشُّغلِ عنا فإنما
تُناطُ بكَ الآمالُ ما اتصلَ الشّغلُ
مالك بن حصين الضبي:
وموعدتي حق كأن قد فعلتها
متى ما أقل شيئاً فإني كَغارمِ
أريد به بعد الممات جزاؤهُ
لدى حاسب يوم القيامة عالم
عمرو بن ضُبيعة:
ألا ليقل من شاء ما شاء،إنما
يُلامُ الفتى فيما استطاعَ من الأمر
الحارث بن وعلة الجرمي:
وما عاتبَ المرء الكريم كنفسهِ
ولا لامَ مثل النفس حين يلوم
الحارث بن خالد بن العاص المخزومي وقف بباب عبد الملك بن مروان ولم يصل إليه
صحِبتُكَ إذ عيني عليها غشاوةٌ
فلما انجلت قطعتُ نفسي ألومُها
وما بي،وإن أقصيتني من ضراعةٍ
ولا افتقرتْ نفسي إلى من يَضيمُها
عطفتُ عليكَ النفسَ حتى كأنّما
بكفّيكَ بؤسي،أو إليكَ نعيمُها
شعبة بن قمير التميمي:
وشوس من البغضاء خزر عيونهم
صدورهم تغلي كَغلي المراجلِ
شأوتْ فلم أهلك لذات نفوسهم
وهان علي عضّهم بالأناملِ
علي بن عرام:
سأحلم عن خصمي بمجلسِ لغوهِ
ولستُ حليماً عنه في حومةِ الوغى
وأسترُ طولَ الدّهرِ في الغيبِ عيبهُ
حفاظاً ولا أبغي رضاهُ إذا بغى
الحريري
فإن تجد عيباً فسدّ الخللا
فجلَّ من لا عيب فيه وعلا
عمرو بن مالك الحارثي:
الحرصُ للنفسِ فقرٌ والقنوع غنى
والقوتُ إن قنعت بالقوت مجزيها
والنفسُ لو أن ما في الأرض حِيز لها
ما كان إن هي لم تقنع بكافيها
عبد الله بن جذل الطعان الكناني:
تُبَكّي على قتلى سُليمٍ سفاهةً
وتتركُ من أمسى مقيماً بصلعفا
كَمرضعةٍ أولاد أخرى وضيّعتْ
بنيها،فلم ترقَعْ بذلكَ مَرْقعا
ربيعة الرقي:
فَهمُّ الفتى الأزديِّ إتلافُ مالهِ
وهمُّ الفتى القيسي جمعُ الدراهمِ
فلا يحسب التمتامُ أنّي هجوتهُ
ولكنّي فضلّتُ أهلَ المكارمِ
عبد الله بن سليم الأسدي:
ولقد علمت ـ أمام ـ علم حقيقة
والعلم أرشد مرشد للمبصر
أني امرؤ أجزي الكرام بقرضهم
لا يسبق المعروف مني منكري
عمر بن لجأ بن حُدير:
أُنبئتُ كلبُ كُليبٍ قد عوى جزعاً
وكلُّ عاوٍ بِفيهِ التَربُ والحجرُ
توسعة بن أبي غسان:
قل للأراملِ واليتامى قد ثوى
فلتبكِ أعينها على عتابِ
أودى ابنُ كلّ مخاطرٍ بتلادهِ
وبنفسهِ بُقياً على الأحسابِ
الراكبينَ من الأمورِ صدورها
لا يركبونَ معاقدَ الأذناب
عباد بن عمرو الأسدي:
أما القيون فما رأيت شبيههم
في ترك محميّة وحفظ مراء
قومٌ إذا ناديتهم لِملّة
ناديت أصداء لدى الدهناء
ويروح جهلهم على حلمائهم
ويروح حلمهم على السفهاء
سالم بن دارة:
وكنّا حسِبنا فقعساً قبلَ هذهِ
أذلَّ على وقعِ الهوانِ من النعلِ
فقد نظرتً نحو السماء،وسلّمتْ
على الناس واعتاضتْ بخصبٍ على المحلِ
الأحمر بن مرداس:
وآثرت أقواماً علي حفيظة
فما وفروا مالي وما شكروا فعلي
عبيد الله بن عبد المدان الحارثي:
ألم تعلما يا ابني أمامة إنما
يهيجُ كبيراتِ الأمورِ صغارها
جوشن بن عميرة العذري:
فوالله ما أدري إذا جاء سائل
يسائل عن جدواك كيف أقول
ووالله ما أدري وإني لناظر
اللجودِ أم للبخلِ أنت مخيل
مرة بن محكان السعدي:
رأيتُ الفتى يبلى ويتلف ماله
وتنكح أزواجاً سواه حلائله
ذريني أنعم في الحياة معيشتي
فآكل مالي دون من هو آكله
بيهس الفزاري
البس لِكُلِّ حالة لَبوسها
إمّا نعيمها وإما بؤسها
السليك بن السلكة:
ألم ترَ أنَّ الدهر لونان لونه
وطوران بشرٌ مرة وكذوب
الصابي الحرّاني:
كنت مني وكنت منك اتفاقاً
والتئاماً مثل العصا واللحاء
رؤاس بن تميم:
ألم تعلمي أم الجلاس بأننا
كرامٌ لدى وقعِ السيوفِ الصوارم
وأنا لنعطي الحق منا وأننا
لنأخذهُ من كلِّ أبلخ ظالم
إن تسألوا الحق نُعطِ الحقّ سائله
والدرع محقبة والسيف مقروب
فإن أبيتم فإنا معشر أنف
لا نطعم الخسف إن السم مشروب
عبد الرحمن بن يزيد الهمداني:
باقٍ على الحدثان غير مُكذبٍ
لا كاسفٌ بالي ولا مُتأسّفُ
إن نلتُ لم أفرح بشىء نلته
وإذا سبقت به فلا أتلهف
غريض بن سعية اليهودي:
ليس يُعطى القوي فضلاً من الرزق
ولا يحرم الضعيف
…
بل لكل من رزقه ما قضى الله
ولو كد نفسه المستميت
تيم بن عداء الطائي:
ألا ليت حظّي من جميلة أنها
مماسكة لا إن علي ولا ليا
تقابل إحساني بكلِّ إساءةٍ
وفي بعض هذا ما يجرّ الدواهيا
أبو الأسود الكناني:
وإنَّ أحقّ الناسِ إن كنت شاكراً
بشكركَ من أعطاكَ والوجدُ وافرُ
لحا الله مولى السوء لا أنت راغبٌ
إليه ولا رام به من تحاربه
فما قرب مولى السوءِ إلا كَبعدهِ
بل البعدُ خيرٌ من عدو تقاربه
أطل الصمت إذا ما لم تسل
إن في الصمت لأقوام سعة
إذا كنت مظلوماً فلا تك راضياً
عن القومِ حتى تأخذ النصف واغصبِ
جرد بن عمرو الحضري:
كفى بالمرءِ عيباً ان تراه
لهُ وجه وليس له لسان
عبد الله بن همام:
رأيتُكَ تُقصي من يودّك قلبه
وتُدني الذي يطوي الأذى في الجوانح
وقد يستغش المرء من لا يغشه
ويأمن بالغيب امرأ غير ناصح
فلا يجتلبك القول لا فعل تحته
فكم من نصيحٍ باللسان خؤون
مالك بن سلمة العبسي:
وفي الصمت ستر للعيِّ وإنما
صحيفة لبّ المرءِ أن يتكلما
عمرو بن الأسود التميمي:
هلم إلى حق الجراحة نعطها
ولا تسألونا الترهات تمنعا
رُشيد بن رُميض العنزي:
هذا أوانُ الشدِّ فاشتدي زِيمْ
قد لفّها الليلُ بِسوّاقٍ حُطَمْ
سويد المراثد الحارثي:
أجل صادقاً والقائلَ الفاعل الذي
إذا قال قولاً أنبطَ الماءَ في الثرى
فتىً قَبَلٌ لم تَعنس السنّ وجهه
سوى خُلسة في الرأسِ كالبرقِ في الدُّجى
أشارت له الحربُ العوانُ فجاءها
يقعقع بالأقرابِ أوّلَ من أتى
أبو علي البصير
لئن كان يهديني الغلام لوجهتي
ويقتادني في السيرِ إذ أنا راكبُ
لقد يستضىء القوم بي في وجوههم
ويخبو ضياء العين والقلبُ ثاقبُ
رافع الأقطع:
أليسَ من الخُسرانِ أن ليالياً
تمرُّ بلا نفعٍ وتحسبُ من عمري
الفضل بن أبي لهب:
مهلاً بني عمّنا مهلاً موالينا
لا تنبشوا بيننا ما كانَ مدفونا
لا تطمعوا أن تهينونا ونكرمكم
وأن نكفّ الأذى عنكم وتؤذونا
الله يعلم أنا لا نحبّكم
ولا نلومكم أن لا تحبونا
كلٌّ لهُ نيّةٌ في بغض صاحبهِ
بنعمة الله نقليكم وتقلونا
سديد الدين ابن رقيقة:
إذا كان رزق المرء عن قدر أتى
كذا موته إن كان ضربة لازبٍ
فما حرصه يُغنيه في طلبِ الرزق
فإخلادهُ نحو الدُّنا غاية الحمق
فإن شئت أن تحيا كريماً فكن فتى
يؤوساً فإنَّ اليأس من كرم الخلق
فيأسُ الكريمُ الطبعِ حلو مذاقه
لديه إذا ما رام مسألة الخلق
الحارث بن الأسلت الأوسي:
قالت،ولم تقصدْ،لقيل الخنا
مهلاً
!
فقد أبلغتِ أسماعي
من يَدُقْ الحربَ يجد طعمها
مُرّاً،وتحبسهُ بجعجاعِ
أسعى على حيِّ بني مالكٍ
كلُّ امرىءٍ في شأنهِ ساعِ
عمرو بن الأيهم:
أحياؤهم خزيٌ على أمواتهم
والميتون شِرارٌ من تحت الثرى
يتعاونون على أذى جيرانهم
فإذا عوى كلبٌ لصاحبه عوى
فمتى تصاحبهم تُصاحب خانةً
ومتى تفارقهم تُفارقُ عن قلى
داود بن حمل الهمداني:
وبعضُ مواعد الأقوام كادت
تكون أحقّ من دينِ الغريمِ
فوعدك لا يشنه المطل إني
رأيت المطل يزري بالكريمِ
عمرو الباهلي
إذا ضَيّعتَ أولَ كلِّ أمرٍ
أبت أعجازهُ إلا التواءَ
وإن سوّمتَ أمركَ كلَّ وغدٍ
ضعيفٍ كان أمركما سواءَ
وإن داويتَ ديناً بالتناسي
وبالليانِ أخطأتَ الدواءَ
عبد يغوث الحارثي اليمني:
ألا لا تلوماني كفى اللوم ما بيا
فما لكما في اللومِ خيرٌ ولا ليا
ألم تعلما أن الملامة نفعُها
قليلٌ وما لومي أخي من شماليا
عميرة بن جابر الحنفي:
ولقد مررتُ على اللئيمِ يسبني
فمضيت عنه وقلت لا يعنيني
غضبان ممتلىء علي إهابه
إني وجدك رغمه يرضيني
سويد بن الحارث:
لَعمري لقد نادى بأرفع صوته
نعيّ حوى أنَّ فارسكم هوى
أجل صادقاً والقائلُ الفاعلُ الذي
إذا رامَ أمراً أنبطَ الماءَ في الصّفا
فتىً قبلٌ لم تُعنس السنّ وجههُ
سوى شهبٍ في ال
{
اسِ كالفجرِ في الدّجى
أشارت لهُ الحربُ العوان فجاءها
سريعاً غداةَ الرّوعِ أولَ من أتى
ولم يجنها لكن جناها ابنُ عمه
فآساهُ منقاداً فكان كمن جنى
أسامة بن زيد البجلي:
جعلت ضميرَ القلبِ للسرِّ جنّة
إذا ما أضاع السرّ بالغيبِ حامله
محمد بن عمران الضبي:
وما المرءُ إلا بإخوانهِ
كما تقبضُ الكفُّ بالمعصمِ
ولا خيرَ في الكفِّ مقطوعةٌ
ولا خيرَ في الساعدِ الأجذمِ
عمرو بن قيس:
وذي ضغن كففت النفسَ عنه
وكنتُ على مساءته قديرا
ولو أني أشاء كسرت منه
مكاناً لا يطيقُ له جبورا
عامر بن أسحم النكري:
فلما استيقنوا بالصّبرِ منّا
تذكرّتِ الأواصرُ والحقوقُ
أبو اليقظان:
من أدمنَ الحقَّ السديدَ لحقّهِ
يحظى بكلِّ حفاوةٍ ويُجابُ
هلِ الحقُّ إلا أن يُدمدمَ مِدفعٌ
وتُزهقَ أرواحٌ ويحكمَ غابُ
هو الحقُّ لا ينقادُ إلا لقادرٍ
بغيرِ سبيلِ النارِ ليسَ يُصابُ
محمد بن عبيد الأزدي:
وحَسبُكَ من جهلٍ وسوءِ صنعةٍ
مُعاداةُ ذي القربى وإن قيلَ قاطعُ
جابر بن الثعلب الطائي:
ومستخبر عن سرِّ ريا رددته
بعمياء عمّا سال غير يقين
وقد علمت ريا على النأي أنني
لمستودع الأسرار غير خؤون
قتيبة بن عمرو الأسدي:
يشك عليك المر مادام مقبلاً
وترعف ما فيه إذا هو أدبرا
ألم تر في أشياء أنك لا ترى
صحيحة عزمِ الأمرِ حتى تدبرا
بشر بن عوانه:
ولكنْ رُمتُ شيئاً لم يَرُمْهُ
سواكَ،فلم أطِقْ يا ليثُ صبرا
تُحاولُ أن تُعلّمني فراراً
لَعمرُ أبي لقد حاولتُ نُكرا
فلا تَبعُدْ فقد لاقيتَ حُرّاً
يُحاذرُ أن يُعابَ فَمُتَّ حُرّاً
بشر بن صفوان الكلبي:
أقادتْ بنو مروانَ قيساً دماءنا
وفي الله إن لم يُنصفوا حكمٌ عدلُ
كأنّكمْ لم تشهدوا مرجَ راهطٍ
ولم تعلموا ما كانَ ثمَّ لهُ الفضلُ
وقيناكم حرَّ القنا بِنحورنا
وليسَ لكم خيلٌ هناكَ ولا رَجلُ
ولما رأيتم واقدَ الحربِ قد خبا
وطابَ لكم منها المشاربُ والأُكلُ
تناسيتم مسعاتنا وبلاءَنا
وخامركمْ من سوءِ بغيكمُ جهلُ
فلا تعجلوا إن دارتِ الحربُ بيننا
وزلّتْ عن الموطاةِ بالقدمِ النّعلِ
الأسعر الجعفي:
إخوانُ صدقٍ ما رأوكَ بغبطةٍ
فإن افتقرتَ فقد هوى بكَ ما هوى
مسحوا لِحاهم ثم قالوا سالموا
يا ليتني في القومِ إذ مسحوا اللّحى
أبو خراش الهذلي:
حمدتُ إلهي بعد عروةَ إذ نجا
خراش وبعضُ الشرِّ أهونُ من بعضِ
فوالله لا أنسى قتيلاً رُزئتهُ
بجانبِ قوسي ما مشيتُ على الأرضِ
بلى إنها تعفو الكلوم وإنّما
نوكلُ بالأدنى وإن جلَّ ما يمضي
الهذيل بن مشجعة البولاني:
إنّي وإن كانَ ابن عمي غائباً
لَمقاذفٌ من خَلفهِ وورائهِ
ومُفيدهُ نصري وإن كانَ امرأً
مُتزحزحاً في أرضهِ وسمائهِ
وإذا اكتسى ثوباً جميلاً لم أقُلْ
يا ليتَ أنَّ
عليَّ حسن ردائهِ
هني بن أحمر الكتاني وقيل الفرعل الطائي:
يا ضَمرُ أخبرني ولستَ بكاذبٍ
وأخوكَ ناصِحُكَ الذي لا يكذبُ
هل في السّويةِ أن إذا استغنيتُمُ
وأمنتمُ فأنا البعيدُ الأجنبُ
وإذا الشدائدُ مرَّةً أشجتكمُ
فأنا الأحبُّ إليكمُ والأقربُ
وإذا تكونُ كريهةٌ أُدعى لها
وإذا يُحاسُ الحَيسُ يُدعى جُندبُ
عجبٌ لتلكَ قضيةً،وإقامتي
فيكم على تلكَ القضيةِ أعجبُ
هذا لَعمرُكمُ الصّغارُ بعينهِ
لا أمَّ لي إن كانَ ذاكَ ولا أبُّ
الهيثم بن الأسود النخعي:
بني عمّنا،إنَّ العداوةَ شرُّها
ضغائنُ تبقى في نفوسِ الأقاربِ
بني عمّنا،إنَّ الجناحَ يَشلّهُ
تنقُّصُ نسلِ الريشِ من كلِّ جانبِ
أبو الحكيم المري
يَقرُّ بعيني وهو يَنقصُ مُدّتي
مَمرُّ الليالي أن يَشبَّ حكيمُ
مخافةَ أن يغتالني الموتُ قبلهُ
فيغشى بيوتَ الحيِّ وهو يتيمُ
عبد قيس بن خفاف البرجمي
أُوصيكَ إيصاءَ امرىءٍ لكَ ناصحٍ
طَبِنٍ بريبِ الدّهرِ غيرَ مُغفَّلِ
وَدعِ القوارصَ للصديقِ وغيرهِ
كيلا يروكَ من اللئامِ العزَّلِ
وصِلِ المواصلَ ما صفا لكَ ودّهُ
واحذرْ حبالَ الخائسِ المُتبدِّلِ
واترك محلَّ السُّوءِ لا تَحلُلْ بهِ
وإذا نبا بكَ منزلٌ فَتحوَّلِ
:
ابن صِرمة
أوصيكمُ باللهِ أوّلَ وهلة
وأحسابِكم والبرِّ بالله أوّلُ
وإن قومكم سادوا فلا تحسدوهم
وإن كنتمُ أهلَ السيادةِ فاعدلوا
وإن أنتمُ أعوزتُم فتعفَّفوا
وإن كانَ فضل المالِ فيكم فأفضلوا
وإن نزلتْ إحدى الدّواهي بقومكِم
فأنفسكم دون العشيرةِ فاجعلوا
وإن طلبوا عُزماً فلا تحرموهمُ
وما حملوكم في المُلّماتِ فاحملوا
معن بن زائدة:
كونوا جميعاً يا بنيّ إذا اعترى
خطبٌ ولا تتفرقوا أفرادا
تأبى العِصيُّ إذا اجتمعن تكسراً
وإذا افترقنَ تكسّرت آحادا
محمد بن عبيد الأزدي:
ولا أدفعُ ابنَ العمِّ يمشي على شفاً
ولو بلغتني من أذاهُ الجنادع
ولكن أُواسيه وأنسى ذنوبهُ
لترجعهُ يوماً إلى الرواجع
وأفرشهُ مالي وأحفظُ غيبهُ
وأرعاهُ غيباً بلا ذي هو سامع
وحسيُكَ من جهلٍ وسوء صنيعةٍ
مُعاداة ذي القربى وإن قيل قاطع
فالبس ثارك الأهل تسلم صدورهم
فلا بد يوماً أن ترعكَ الروائع
معقل بن قيس:
وأعرض عمّا ساء قومي ثناؤُهُ
وأستصلح الأدنى وإن كان ظالما
وأصفحُ عن ذنب ابن عمّي تكرُّماً
وأُبدي لهُ بِشري وإن كانَ واجماً
يحيى بن زياد:
عنيت وأعنتني الليالي فلا أرى
لأهل نعيم غبطة لم تصرم
مضى قبلنا قوم رجوا أن يقوموا
بلا تعب عيشاً فلم يتقوم
فكلهم لما رأى الدهر خانه
أقرّ على ذلّ فلم يترمرم
وما نحن إلا كالذين تفارطوا
وإن الذي يبقى لكالمتقدم
إذا أنت خوّنت الأمين بِظنّةٍ
فتحت له باباً إلى الخونِ مغلقا
فإياكَ إياكَ الظنون فإنها
أو أكثرها كلآل لما ترقرقا
أعجّلُ ما عندي إذا كنتُ فاعلاً
ولست بقوّال له اليوم أو غدا
لأني رأيتُ المالَ غير مخلد
لبيباً وأبصرت للثناءِ مخلدا
لا تطلبن مودّة بشفاعةٍ
إن المودّة هكذا لا تجمل
وإذا توعر بعض ما تسعى له
فاركب من الأمر الذي هو أسهل
ألم تعلمي يا ربّة الخدر أنني
أبيّ إذا رام العدو تهضمي
أقدم معروفي إلى كلِّ طالبٍ
ويعرف في اليوم اللقاء تقدمي
وأرهن نفسي بالوفاء لصاحبي
فمن دون غدري أن تغيب أعظمي
إذا المرءُ لم يحفظ سريرة نفسه
فلا تفشين يوماً إليه حديثا
وسوء ظنك بالأدنين داعيةٌ
لأن يخونكَ من قد كان مؤتمنا
في كلِّ عيش غضارة أود
والمرءُ قد يودي به الأبد
فإذا يسرك يوم مغبطةٍ
فلقد يجىء بما كرهت غد
يومان في ذا ما تسرّ به
ويكون في هذا لك النكد
كلما شئت لقيت امرءاً
يشتكي شكوى تحز الضميرا
عاش دهراً صاعداً جده
ثم ألفى الجدّ منه عثورا
إذا كدرت عليك أمور ورد
فجزه إلى موارد صافيات
ولقد عرفتُ القائلينَ وقولهم
وفهمتُ ما ذكروا من الأسبابِ
فإذا القرابةُ لا تُقرِّبُ قاطعاً
وإذا المودّةُ أقربُ الأنسابِ
علي بن مقرّب:
إنما تدرك غايات المنى
بمسيرٍ أو طعانٍ وجِلادِ
واللبيبُ الحيُّ لا يخدعهُ
لمعان الآل عن حفظِ المُرادِ
قيس بن المنقري:
وكيف يسيغُ المرءُ زاداً وجارهُ
خفيفُ المعي بادي الخصاصة والجهدِ
وللموتِ خيرٌ من زيارةِ باخلٍ
يلاحظ أطراف الأكيل على عمدِ
ابن دريد الأزدي:
لا تدخلنَّكَ ضجرةً من سائلٍ
فلخيرُ دهركَ أن تُرى مسئولا
لا تجبهنّ بالردِ وجهَ مْؤمِّلٍ
فبقاءُ عزِّكَ أن تُرى مأمولا
إنَّ الجديدين إذا ما استوليا
على جديدٍ أدنياهُ للِبلى
ومن لم تُفده عبراً أيامُهُ
كان العمى أولّى بهِ من الهدى
وللفتى من مالهِ ما قدّمتْ
يداهُ قبل موته لا ما اقتنى
وإنّما المرءُ حديثٌ بعَدهُ
فكنْ حديثاً حسناً لمن وعى
إن يَحمِ عن عيني البُكا تجلّدي
فالقلبُ موقوف على سُبلِ البكا
من لم يعظهُ الدّهرُ لم ينفعهُ ما
راحَ بهِ الواعظ يوماً أو غداً
وللفتى من مالهِ ما قدّمتْ
يداهُ قبلَ موته لا ما اقتنى
وإنّما المرءُ حديثُ بعدهُ
فَكُنْ حديثاً حسناً لمن وعى
إنَّ الشقاءَ بالشقِّي مُولعٌ
لا يملك الردَّ لهُ إذا أتى
واللومُ للحرِّ مقيمٌ رادعٌ
والعبدُ لا يردعهُ إلا العصا
إذا بلوتَ السيفَ محموداً فلا
تذممهُ يوماً أن تراهُ قد نبا
إذا تصفحتَ أمورَ الناسِ لم
تُلفِ أمراً حازَ الكمال فاكتفى
عوِّل على الصبرِ الجميلِ إنّهُ
أمنعُ ما لاذَ بهِ أولو الحِجا
وعطّفِ النفسَ على سُبلِ الأُسى
إذا استفزَّ القلبَ تبريحُ الجوى
والدهرُ يكبو بالفتى وتارة
يُنهضهُ من عثرةِ إذا كبا
لا تعجبنَ من هالكٍ كيفَ هوى
بل فاعجبنَ من سالمٍ كيفَ نجا
إذا أكملَ الرحمنُ للمرءِ عقلَهُ
فقد كملت أخلاقهُ ومآربه
وآفةُ العقلِ الهوى فمن علا
على هواهُ عقلهُ فقد نجا
يسعدُ ذو الجَدِّ ويشقى الحريصُ
ليسَ لِخلقٍ من قضاءٍ محيصُ
سلمة الجُعفي:
أقولُ لنفسي في الخلاءِ ألومها
لكِ الويلُ ماهذا التجلّدُ والصّبرُ
الراعي
أملّتُ خيركِ هل تأتي مواعدهُ
فاليومَ قصّرَ عن تلقائكِ الأملُ
عقيل بن هاشم القيني:
يا آل عمرو أميتوا الضغنَ بينكمُ
إنَّ الضغائنَ كسرٌ ليسَ ينجبرُ
قد كانَ في آل مروانٍ لكم عِبرٌ
إذا هم ملوكٌ وإذا ما مثلهمْ بشرُ
تحاسدوا بينهم بالغشِّ فاخُترِموا
فما تُحسُّ لهم عين ولا أثرُ
عمر الخيام:
طوت يد الأقدار سِفر الشباب
وصوّحت تلك الغصون الرطاب
وقد شدا طير الصبا واختفى
متى أتى؟يا لهفا
!
أين غاب؟
مخلد الموصلي
حتى إذا ما الصباحُ لاحَ لهم
بين ستوقهم من الذهب
والناسُ قد أصبحوا صيارفة
أعلم شىء بزائفِ النسب
أبو بكر محمد بن عبد العزيز
شاتمني كلب بني مسمع
فصنتُ عنهُ النفس والعرضا
ولم أجب لاحتقاري به
من ذا يعضُ الكلبَ إن عضّا
ليلى بنت سلمة ترثي أخاها:
أقولُ لنفسي في خفاء ألومها
لك الويل ما هذا التجلّد والصبرُ
ألا تفهمين الخبر أن لست لاقياً
أخي إذ أتى من دون أكفانه القبرُ
وكنت أرى بيناً به بعض ليلةٍ
فكيفَ ببينٍ دون ميعاده الحشرُ
جنوب أخت عمرو ذي الكلب ترثيه:
كلُّ امرىءٍ بطولِ العيشِ مكذوبُ
وكلُّ من غالبَ الأيامَ مغلوبُ
تمشي النسورُ إليه وهي لاهيةٌ
مشيَ العذارى عليهنَّ الجلابيبُ
عمر إليافي
لنا نفوسٌ لنيل المجد عاشقةٌ
وجوهر المجد عنا غير منتقل
لا تغفل النفس عن تحصيله أبداً
فلو تسلّت أسلناها على الأسل
لا ينزل المجد إلا في منازلنا
ومنزل المجد آل المصطفى وعلي
وليس للمجد مأوى غير ساحتهم
كالنوم ليس له مأوى سوى المقل
أحدهم:
وكلّ مُقلٍ حينَ يغدو لِحاجةٍ | إلى كلِّ ما يلقى من الناسِ مُذنبُ | |
وكانت بنو عمي يقولون مرحبا | فلما رأوني مُعدماً ماتَ مرحبُ |
إنّي ليمنعني من ظُلمِ ذي رحمٍ | لبٌّ أصيلٌ وحلم غير ذي وصمِ | |
إن لانَ لنتُ وإن دبت عقاربهُ | ملأتُ كفّيهِ من صفحٍ ومن كرمِ |
وترى الكريمَ إذا اصّرمَ وصلهُ | يُخفي القبيحَ ويُظهرُ الإحسانا | |
وترى اللئيمَ إذا تقضّى وصلهُ | يُخفي الجميلَ ويُظهرُ البهتانا |
تدنو مودّتهم منّي إذا افتقروا
يوماً إليَّ وإن نالوا الغنى نزحوا
ورفعت لي ذكري وما كان خاملاً | ولكن بعض الذكرِ أرفعُ من بعضِ |
يقولون إنَّ العام أخلفَ نَوءهُ
وما كلُّ عامٍ روضةٌ وغديرُ
زعموا بأنا لا تكرُّ جيادُنا | وهمُ الفوارسُ ،والفوارسُ أعلمُ |
ما منْ غريبٍ وإن أبدى تجلدهُ | إلا سيذكرُ عند الغربةِ الوطنا |
أناخَ اللؤمُ وسط بني رياحٍ
مطيّتهُ فأقسمَ لا يريمُ
كذلكَ كلُّ ذي سَفرٍ إذا ما
تناهى عند غايتهِ مُقيمُ
سلامٌ على الأحبابِ في كلِّ ساعةٍ | وإن بَعدوا عنا،وإن مُنعوا منا |
لو أنّ خفّةَ عقلهِ في رجلهِ
سبقَ الغزالَ ولم يفتهُ الأرنبُ
وصابر تلهج الدنيا بنكبته
تخالهُ من جميلِ الصّبرِ ما نُكبا
إذا ما الحيُّ عاشَ بعظمِ ميتٍ | فذاكَ العظمُ حيٌّ وهو ميتُ |
كأنّ رِيحهمُ من قُبحِ فِعلهمُ
ريحُ الكلابِ إذا ما مسّها المطرُ
وباتَ يقدحُ طول الليل فكرته | وفسرّ الماء بعد الجهد بالماءِ |
إنّ الأمورَ إذا التوت وتعقدّت | جاءَ القضاءُ من الكريمِ فحلّها | |
فلعلَّ يسراً بعدَ عُسرٍ علّها | ولعلَّ من عقدَ العقودَ يُحلّها |
أأطلبُ من كفِّ البخيلِ مثوبة | يظلُّ بها طرفي له خاشعُ | |
وأسمعُ مَنّاً أو أشرف منعماً | وكل مصادي نعمة متواضع |
أوفى على الماءِ كعبٌ ثم قيل له:
رِدْ كعبُ إنّكَ ورّادٌ فما وَردا
خلقت ألوفاً لو رجعتُ إلى الصِّبا
لفارقتُ مشيبي موجع القلبِ باكيا
كلٌّ يدّعي وصلاً بليلى | وليلى لا تقرّ لهم بذاك |
وأخرّني دهري وقدّم معشراً
على أنهم لا يعلمون وأعلمُ
دعوتُ على عمرو فسرّني
ولما عاشرتُ أقواماً بكيتُ على عمرو
وهَبني جمعت المال ثم خزّنته | وحانتْ وفاتي هل أُزادُ بهِ عمرا | |
إذا خزنَ المالَ البخيلُ فإنّهُ | سيورثهُ غمّاً،ويُعقبهُ وزرا |
إنّ العداوةَ تستحيلُ مودّةً
بتدارُكِ الهفواتِ بالحسناتِ
وتَخطّفتهُ يدُ الرّدى في غيبتي
هَبني حضرتُ فكنتُ ماذا أصنعُ
سليمُ العِرضِ من حذر الجوابا | ومن دارى الرجالَ فقد أصابا | |
ومن هابَ الرجالَ تهيّبوهُ | ومن حقرَ الرجالَ فلن يُهابا |
الصمت غنمٌ لأقوامٍ ومسترةٌ | والقولُ في بعضهِ التضليل والفندُ |
ألم ترَ أن الدهرَ يومٌ وليلةٌ
وأنَّ الفتى يسعى بحبليهِ عانيا
يروحُ ويغدو والمنيّةُ قصده
ولا بدَّ يوماً أن يلاقي الدواهيا
ضلالٌ لمن يرجو الخلودَ وقد رأى
صروفَ الليالي يقتلعن الرواسيا
وما أُبالي إذا ضيفٌ تصيّفني | ما كانَ عندي إذا أعطيتُ مجهودي |
ما أقربَ الدارَ والجوارَ وما
أبعدَ مع قُربنا تلاقينا
من اليوم تعارفنا ونطوي ما جرى منا
فلا كان ولا صارَ ولا قلتم ولا قلنا
فيالهُ من عمل صالح | يرفعهُ الله إلى أسفل |
وما حسنُ الرجال لهم بفخرٍ
إذا ما أخطأ الحُسنَ البيانُ
كفى بالمرءِ عيباً أن تراهُ
لهُ وجهٌ وليسَ لهُ لسانُ
إذا لم يكن للمرءِ عقلٌ يكفّهُ
عن الجهلِ لم يستحي وانهتك بالستر
ورجعتم يوم الكريهةِ خُشّعاً | وسيوفُنا وسيوفُكم تترنّمُ | |
فمتى جحدتم ما نقولُ فسائلوا | عنا نساءكم لكيما تعلموا | |
ولَنحنُ أكثرُ في صدورِ نسائكم | منكم إذا ما الأرض طبقها الدّمُ |
إنَّ الكريمَ أخو الكريمِ وإنما
يصلُ اللئيمُ حبالهُ بلئامِ
لقد هاجَ الفراغُ عليكَ شُغلاً
وأسبابُ البلاءِ من الفراغِ
ويُرزقُ معروفَ الجوادِ عدوُّهُ | ويُحرمُ معروفَ البخيلِ أقاربه |
يبيتُ أبو ليلى دفيئاً،وضيفهُ
من القُرِّ يُضحي مُستخفاً خصائله
ونفرحُ بالأيام إمّا تصرّمت | على أنها من عمرنا تتصرم |
كم من ضاحكٍ والمنايا فوقَ هامته
لو كان يعلم غيباً مات من كمدِ
من كانَ لم يؤتَ علماً في بقاءِ غدٍ
ماذا تفكرهُ في رزق بعد غدِ؟
يسرُّ المرءُ ما ذهب الليالي
وكان ذهابهنَّ له ذهابا
إنما نعمة قوم متعة | وحياةُ المرءِ ثوبٌ مستعارُ |
حلوٌ إذا أنت لم تبعث مرارتَهُ
فإن أمرَّ فحلوٌ عندهُ الصبرُ
سهل الخلائق إلا أنهُ خشنٌ
لين المهزّةِ إلا أنه حجرُ
فإذا ما أردتَ رشدي فخُذْ لي
من صروفِ الردى كتاب الأمان
ولو قيل للكلبِ يا باهلي | عوى الكلبُ من لؤمِ هذا النسبْ |
إذا لم يكن للمرء عينٌ بصيرةٌ
فلا غرو أن يرتابَ والصبحُ مُسفرُ
إذا أخصبتم كنتم عدوّاً
وإن أجدبتم كنتم عيالا
إذا كان سعدُ المرءِ في الدّهرِ مُقبلاً | تدانتْ لهُ الأشياء من كلِّ جانبِ |
وإذا يسرّكَ من تميمٍ خصلةً
فما يسؤكَ من تميمٍ أكثرُ
فلو عابَ نفسي غيرُ نفسي لَسؤتهُ | فكيفَ ونفسي قد أتتْ ما يعيبُها |
وقلتًم لنا
:
كُفّوا الحروبَ لعلّنا
نكفُّ،ووثقتم لنا كلَّ مَوثقِ
فلما كففنا الحرب كانت عهودكمْ
كَلمعِ سراب بالملا متألقِ
فما هو إلا مثلُ سيفٍ مُفضَّضٍ | يروعُكَ باديهِ ولا خيرَ في النصلِ | |
فإن هُزَّ لم يهتز أو سُلَّ في الوغى | لدفعِ مُلّمٍ فالفضيحةُ في السّلِّ |
دببتُ للمجدِ والساعون قد بلغوا
جَهدَ النفوسِ وألقوا دونه الأُزُرا
وكابدوا المجدَ حتى ملَّ أكثرُهم
وعانقَ المجدَ من أوفى ومن صبرا
سأتركُ ماؤكم من غيرِ وِردٍ | وذاكَ لكثرةِ الورّادِ فيهِ | |
إذا سقط الذبابُ على طعامٍ | رفعتُ يدي ونفسي تشتهيهِ | |
وتجتنبُ الأسودُ ورودَ ماءٍ | إذا كان الكلابُ ولغنَ فيهِ | |
ويرتجعُ الكريمُ خميصَ بطنٍ | ولا يرضى مساهمةَ السفيهِ |
المرءُ مادامَ حياً يُستهانُ بهِ
ويعظمُ الرزءُ فيهِ حينَ يُفتقدُ
فلا تقتلن النفس هماً وحسرةً | فحشو الليالي إن تأملتها غدر |
ولَرّبما ابتسمَ الكريمُ من الأذى
وفؤادهُ من حرّهِ يتأوه
إذا كنتَ ترجو كبارَ الأمورِ
فأعدِد لها هِمّة أكبر
إنَّ الذئابَ قد اخضّرت براثنها | والناسُ كلُّهمُ بكرٌ إذا شبعوا |
أحدهم يرثي ابنه:
يا غائباً ما يؤوبُ من سفرهْ | عاجله موته على صغره | |
يا قرةَ العين كنتَ لي أنساً | في طولِ ليلي نعم وفي قصره | |
ما تقعُ العينُ حيثما وقعت | في الحيّ منه إلا على أثره | |
شربتَ كأساً أبوك شاربها | لا بد منها له على كبره | |
يشربها والأنام كلهم | من كان في بدوه وفي حضره | |
فالحمد لله لا شريك له | في حكمه كان ذا وفي قدره | |
قدَّر موتاً على العباد فما | يقدر خلق يزيد في عمره |
لا تشكونَّ لِعاذلٍ أو عاذرٍ
حاليكَ في السّراءِ والضراء
فلرحمة المتوجعين غضاضة
في النفسِ مثل شماتةِ الأعداء
لما أطعناكم في سخط خالقنا
لا شكّ سلَّ علينا سيف نقمته
وإيّاكَ إياكَ المُزاحَ فإنّهُ | يُطمعُ فيك الطفلَ والرجلَ النذلا |
ويُذهبُ ماءَ الوجهِ بعدَ حيائهِ
ويُورثُ بعد العزِّ صاحبهُ ذُلا
سعتْ نُوبُ الأيام بيني وبينه | فأقلعنَ منّا عن ظلوم وصارخ | |
فإني وإعدادي لدهري“محمداً“ | كملتمس إطفاء نار بنافخ |
الحبُّ روحُ الكون لولاه لمّا
عاشت به الأحياءُ بضع ثواني
الحبُّ ينبوعُ الحياة تفجرّتْ
من راحتيهِ سعادةُ الأكوان
أسُكانَ بطن الأرضِ لو يُقبلُ الفِدا | فدينا وأعطينا بكم ساكني الظهرِ | |
فيا ليتَ من فيها عليها وليتَ من | عليها ثوى فيها مقيماً إلى الحشرِ | |
وقاسمني دهري بنيَّ بشطرهِ | فلّما تقضى شطرهُ مالَ في شطري | |
فصاروا ديوناً للمنايا ولم يكن | عليهم لها دين قضوه على عُسرِ | |
كأنهم لم يعرف الموتُ غيرهم | فثُكل على ثُكل وقبر إلى قبر | |
وقد كنتُ حيَّ الخوفِ قبل وفاتهم | فلما تُوفوا مات خوفي من الدهرِ | |
فلله ما أعطى ولله ما حوى | وليسَ لأيام الرزيّة كالصبرِ |
بُنيَّ لئن ضنتْ جفونٌ بمائها
لقد قرِحتْ مني عليكَ جفونُ
دفنتُ بكفّي بعض نفسي فأصبحت
وللنفسِ منها دافنٌ ودفينُ
يا قرحةَ القلبِ والأحشاءِ والكبدِ | يا ليتَ أمكَ لم تحبل ولم تلدِ | |
لما رأيتُكَ قد أُدرجتَ في كفنٍ | مُطيّباً للمنايا يا آخرَ الأبدِ | |
أيقنتُ بعدكَ أنني غيرُ باقيةٍ | وكيفَ يبقى ذراعٌ زالَ عن عضدِ |
تفقد مساقطَ لحظِ المريبِ
فإنّ العيونَ وجوهُ القلوبِ
فلا خيرَ في الدنيا ولا في نعيمها | إذا ما شِمالٌ فارقتها يمينُها |
وعيرتمونا أن جزعنا ولم نكن
لنجزعَ لو أنّا قدرنا على الصبرِ
صبرنا فلمّا لم نرَ الصبرَ نافعاً
جزعنا وكان الله أممكَ بالعذر
ازرع جميلاً ولو في غير موضعهِ | فلا يضيع جميل أينما وضعا | |
إنَّ الجميلَ وإن طال الزمان به | فليس يحصده إلا الذي زرعا |
أتمنعُ سؤالَ العشيرةِ بعدما
تسميّتَ فيضاً واكتنيتَ أبا بحر
ولَرُبَّ راجٍ حيلَ دونَ رجائهِ
ومؤَمّلٍ ذهبت بهِ الآمالُ
أطلَّ على الأشياءِ حتى كأنّما
لهُ من وراءِ الغيب مقلةُ شاهدِ
وكنتُ جليسَ قعقاعٍ بن شَورٍ
ولا يشقى بقعقاعٍ جليسُ
وحاجة دون أخرى قد شجيت بها
خلّفتها للذي أخفيت عنوانا
إنني كأنني أرى من لا حياء له
ولا أمانة وسط الناس عريانا
كلٌّ له غرضٌ يسعى ليُدركه
والحرُّ يجعلُ إدراكَ العلى غرضهُ
فأقسمتُ لا أجزيكَ بالسّوءِ مثله
كفى بالذي جازيتنا لكَ جازيا
لقد بانَ وجهُ الرأي لي غيرَ أنني
غُلبتُ على الامرِ الذي كان أحزما
كأنَّ بني مروان إذ يقتلونه
بغاثٌ من الطيرِ اجتمعن على صقر
فتبصّرْ ولا تَشِمْ كلَّ برقٍ
رُبَّ برقٍ فيهِ صواعقُ حَينِ
وأغضضِ الطرّفَ تسترح من غرامٍ
تكتسي فيه ثوب ذل وشَينِ
فبلاءُ الفتى موافقةُ النفسِ
وبدءُ الهوى طموحُ العينِ
تبينُ أدبار الأمور إذا انقضتْ
وتقبل أشباهاً عليك صدورها
فلا نفسي تُطاوعني لِرفضٍ
ولا هِممي تُوطنني لخفضِ
أحدهم في ذيب رباه كالكلب ليحرس الأغنام فأكل واحدة منها:
بقرت شويهتي وفجعت قلبي
وأنت لشاتنا ولد ربيب
غذيت بذرها وربيت فينا
فمن أنباك أن أباكَ ذيب
إذا كان الطباعُ طباع سوء
فلا أدب يفيد ولا أديب
فإنكَ لو أخفيت في الليل سوءةٌ
من الناسِ رابتها عليك الروائب
ما ضرَّ يا من رأى في وصلهِ عبثاً
لو كنت تتبعُ هذا الحسن إحسانا
يعيشُ الفتى بالفقرِ يوماً وبالغنى
وكلٌّ كأن لم يلقهُ حين يذهبُ
كأنّكَ لم تعدمْ من الدهرِ لذّةً
إذا أنت أدركت الذي كنت تطلبُ
تَردَّدُ في إستِ ماريةَ الهمومُ
فما تدري أتظعنُ أم تُقيمُ