بسم الله الرحمن الرحيم
الحقُّ والسيفُ من طبع ومن نسب
في كل زمان ومكان،وفي كل عصر ومِصر،حين يسود الباطل ويفرض تعاليمه،وينفذ أحكامه ويطبق مشاريعه،من خلال القوة والجبروت،ومن خلال الظلم والطاغوت،فإنه بمقدار مايقترب من الفساد يبتعد عن الإصلاح،وبمقدار مايقترب من الظلم يبتعد عن العدل والإنصاف،ويناى كل النأي عن القِيّم الإنسانية وعن الموضوعية ،وعن كل الأخلاق الحميدة والأعراف السليمة
لا تلتمس غلباً للِحقِّ في أُمَمٍ الحقُّ عندهم معنى من الغَلبِ
إنّ الحق الذي لاتحميه القوة وتدافع عنه كالحَمل الضعيف أُلقي بين أنياب ذئاب مفترسة،أو كالمثخن الجريح تحوم حوله أسراب العقبان والرخم.
يقول الأستاذ عصام العطار حفظه الله: “إن قيمة الكلمة هي بمقدار ما يكون وراءها من القوة،كما هي بمقدار مايكون فيها من الحق،وكم أصغى الناس لكلمة الباطل يقولها أقوياء،وأعرضوا عن كلمة الحق ليس وراءها قوة”.
لاحقَّ إلا أن تنافح دونه إنّ القناة عصاً بغير سِنان
من قاوم الأُسْدَ الغضابَ مُسلحاً بيقينه وبحقّهِ لم يُهزَمِ
والحق إن صنته بالرمح تسمعه كل الشعوب وتصحو عينُ غافيها
(هاشم رفاعي)
ويقول الشيخ علي الطنطاوي رحمه الله وأسكنه فسيح جنانه(هتاف المجد ص45):
“الحقُّ معنا،ولكن سُنّةُ الله في هذه الدنيا أن الحق إن لم تكن معه القوة سطا عليه الباطل حيناً،وللباطل جولة ثم يضمحل،ونحن لما تركنا سنة الله ولم نحم حقنا بقوتنا كان ماكان”.
ويقول أيضاً رحمه الله:”لا يَغرنَ أهل الباطل ظفرُ باطلهم على الحقّ،فإنّ للباطل جولة ثم يزهق،وإنّ للحقِّ الظفرولو بعد حين،وإنّ القوة للحقّ وإن حسبوا الحقّ للقوة”.
ويقول العلامة الشيخ محمد رشيد رضا رحمه الله(مقال بعنوان:الحق والباطل والقوة مجلة المنار العدد249):
“مضت السنة في المغلوبين على أمرهم،المقهورين في أرضهم،أن يعتذروا عن أنفسهم،بدعوى أن القوة هي التي غلبتهم على حقهم،وأنهم غير مذنبين ولا مقصرين،ولا مسرفين ولا مضيعين،وجرت عادة الغالبين على أمرهم،والقاهرين في حكمهم،أن يحتجوا لأنفسهم بأنهم أصحاب الحق الذي يعلو ولا يعلى،وأن الحق هو الذي جعل كلمتهم العليا وكلمة أعدائهم السفلى.وقد يعتور الأمة الواحدة القوة والضعف والعز والذل، فتدعي في طور قوتها وعزها أنها اعتزت بالحق وغلبت،وفي طور الضعف والذل أنها أخذت بالقوة فقهرت،وأنها حليفة الحق في الطورين،لم تتعد حدوده من الحالين،وتلك سنة الله تعالى في الأفراد أيضاً يدعي الرجل الحق لنفسه ماظفر،ويعتذر عنها بالقوة إذا هو غلب وقهر،وهذا الغرور من الإنسان قد أضله عن طريق الحق حتى لا يكاد يفهم معنى كلمة(الحق) ومدلولها الصحيح.وما نقل إلينا قول عن غالب يتعزز فيه بالقوة على الحق،إلا تلك الكلمة المأثورة عن بسمرك(القوة تغلب الحق) وقد أرسلها مثلاً،وهي لا تصح ،ولو غُلب الحق لما كان حقاً.والحق إن الحق قد يخفى،وقد يترك وينسى،ولكن ما صارع الباطل إلا صرعه،ولا قارعه إلا قرعه،وإنما بقاء الباطل في غفلة الحق عنه،والقوة إنما تظفر إذا كانت شعبة منه،ولكن أكثر الناس لا يعلمون.
الحق عبارة عن الشيء أو الأمر الثابت المتحقق في الواقع،والباطل هو ما لاثبوت أو لا تحقق له في نفسه وما لا ثبوت له ولا تحقق ،لايمحق ماكان ثابتاً متحققا كما هو الشأن في الموجود والمعدوم والمعلوم والموهوم،وهذا مما لا مجال فيه لاختلاف العقلاء”.
ويقول الأستاذ أحمد أمين رحمه الله(فيض الخاطر ج8 ص159):
“كثيراً ما ينتصر اللسان الجدل الفصيح وهو يخدم الباطل ويهزم الرزين الرصين وهو يدافع عن الحق،أو يغلب المبطل يؤيده السلاح وينخذل الحق وليست وراءه قوة،وفي الحروب كثيراً ما ينتصر من ينتصر للباطل لأنه أقوى عدّة وأكثر دعاية وأمهر في الأساليب،وينهزم الحق لأنه لم يبلغ مبلغه في كل ذلك” ويتابع:”إن تراخي الافراد والأمم في تأييد الحق اعتماداً على أنه بذاته سينتصر تصرف سئ باطل،يشبه من كل الوجوه المتوكل على الله وغير آخذ في الأسباب،فالحق محتاج إلى قوة تدفعه وتحميه،والحق غير المسلح إذا وقف أمام الباطل المسلح انهزم وظل في انهزامه حتى ينازل الباطل في مثل عدته وسلاحه”.
ماتنفعُ الحججَ الضعيف وإنّما حقُّ القوي مُعزّز معضود
والحقُّ والسيفُ من طَبعٍ ومن نَسَبٍ كلاهما يتلقّى الخطبَ عُريانا
نعم،إن الحق لاتحميه الأماني ولا يكفي في تأييده ودعمه التحليق في المثاليات،بل لابد له من قوة تحميه وتحرسه وتضحي من أجله،إنه أشبه مايكون بالطائر أحد جناحيه اليقين بالحق،وجناحه الأخر القوة التي تحمي هذا اليقين،ولا يمكن لهذا الطائر أن يطير إلا بالجناحين معاً.
يقول الأستاذ محمد أديب صالح رحمه الله(على الطريق ص79):
“أنه لا يكفي في تأييد الحق أن تتسع له القلوب وتنشرح له الصدور،بل لابد من تأديب العادين عليه والذود عن حياضه وقتال كل من أراد أذيته والعدوان عليه،فالحق لاتحميه الأماني وإنما تحميه وتحرسه التضحيات والبطولات”.
سُقنا الأدلة كالصباح لهم فما أعانت عن الحق الصراخ فتيلا
من يستدلُّ على الحقوق فلن يرى مثل الحُسام على الحقوق دليلا
والحقُّ ليس وإن علا بمؤيدٍ حتى يُحوِّطَ جانبيه حسام
يقول الله تعالى في كتابه الكريم:{وأعدُّوا لهم ما استطعتم من قوة}[الأنفال 60]،فما هي هذه القوة المطلوبة لإحقاق الحق،وإبطال الباطل؟ وما هي هذه القوة التي يجب أن تسير مع الحق جنباً إلى جنب؟
يقول الأستاذ عصام العطار حفظه الله:
“كانت القوة في حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم”المؤمن القوي خير وأحب إلى الله من المؤمن الضعيف وفي كل خير“،[رواه مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه) تنصرف أول ماتنصرف إلى القوة في الحق فهي تتضمن فيما تتضمن القوة في الجسد فهي نعم العون على الحق وعلى الواجب في مختلف المجالات،وليس في الإسلام تناقض بين القوة الروحية والقوة الجسدية،بل تكامل هو من أظهر ما امتازت به رسالة الله الأخيرة الخالدة التي تفجر كل طاقات الإنسان وتلائم بينها وتوجهها الوجهة الواحدة المنتجة التي تحميها من التعارض والتبدد وتصل بها إلى أبعد مدى ممكن في تحقيق ذاته الإنسانية وفي تحصيل خيره في دنياه وآخرته على السواء،وفي إعلاء كلمة الله، كلمة الحق والعدل والسلام في حياة البشر على هذه الأرض” ويتابع حفظه الله:”فالإسلام يأبى للمسلمين الضعف سواء كان ضعفاً في العقيدة أو في الإرادة أو في العلم أو في الجسم أو في مجال من المجالات الفردية أو الجماعية،المحلية أو العالمية،المعنوية أو المادية، النظرية أو العلمية،ويحررهم منه ومن أسبابه مهما كان مجاله إو نوعه” ويتابع:”إننا نريد جيلاً قوياً..جيلاً متفوقاً في مختلف الميادين..إننا لن نربح معركة الإسلام ومعركة الإنسان إلا بجيل قوي متفوق”.
فالقوة المطلوبة هي في كل المجالات،وعلى كل صعيد،قوة تكافئ الباطل وتنافسه وتتحداه في كل المجالات،ولكن يجب علينا أن لاننسى أيضاً أن الحق قد ينتصر ـ وقد انتصر فعلاً سابقاً وسوف ينتصر لاحقاً ـ وإن لم تتكافأ قوة الحق مع قوى الباطل وإن لم تعادلها دوماً،وإنما المهم هو إعداد ما يمكن اعداده من القوة وحسب الاستطاعة،فالحق له رب يحميه وله رب يؤيده،وإن لم تكن قوة الحق دوماً وفي كل الظروف ومن الناحية المادية تعادل قوى الباطل.
يقول الأستاذ محي الدين الخطيب رحمه الله في أحد أعداد مجلته الحديقة تحت عنوان”قوة الحق”:
“جَلّت قدرةُ الحق،فهو القاهرُ الذي تعنو له قوة كل باطل،الظافرُ الذي ترتكزُ رايتهُ فوق كل رابية،وهو الشمسُ التي ينقشع بضيائها رُكام كل ظلام.
الحقُّ قوة روحانية،ما لمست القلبَ المتواضعَ إلا ملأته ثقةً بالله،وأيدتهُ بالاعتماد على الله ،وأنارت سرائرهُ بجلال الله.
الحقُّ اسم من أسماء صاحب هذا الملكوت،ومدبر ما يحدث فيه من حركة وسكون،فإذا كان لقومٍ ولاية على حق في هذا الكون فأحسنوا المحافظة عليه، والدفاع عنه ،والقيام بواجباته،رفعهم الله إلى كريم عليائه ،وأنزلهم منازل أوليائه،فلينتهز صاحب الحقّ الصريح هذه الفرصة السانحة للدخول في زمرة أولياء الحق جلت قدرته،وعز سلطانه.
خسيءَ من قال:إن الحق شيء والقوة شيء آخر:الحق قوة القُوى،ولا يستهين بها إلا غافلٌ عن سر الكون،جاهلٌ بتصاريف الناموس،ذاهل عن أنَّ الحقّ جل جلاله مؤيد لكل حق،موفق لكل من يدافع عن حق،وقد كتب الله على كل قوة تجنح إلى جانب الباطل أن يمسخها ضعفاً بكل صفات الضعف ومعانيه.
كمال الحقّ في أن يؤمن صاحبهُ بالحق،ويقوم بواجب الاحتفاظ به والدفاع عنه،ومتى اقترن إلى الحق إيمان ثابت،وعزم أكيد،وسعي حكيم،كان الحق المتواضع أمنع على الباطل الطامع به من جبهة الأسد.
قوة الحق هي التي أيدت كل حق من بدايات الخلق حتى الساعة،ولولا هذه القوة لما وجدت في هذا العالم فضيلة،ولا قامت لدين من الأديان قائمة،ولا خاض بطل حومة الوغى ،ولا ارتفعت معالم الأوطان،ولا خفق لواء العز لأمة من الأمم.
الحق عين القوة ما دام مستمداً قوته من الحق جل جلاله.وإن القلب الممتلئ بقوة الحق هو الذي برهن على فوزه وانتصاره،أما إذا تهاون صاحب الحق بأوامر الحق،ورضخ لقوة الباطل الموهومة،فإنه يعدٌّ متنازلاً عن حقه،مبدداً بإرادته له،وحينئذ لا يستحق ذلك المدد الروحاني الذي كتب الله على نفسه أن ينصر به من ينصره ،وتلك سنة الله، ولن تجد لسنة الله تبديلا.”.
ويقول الشيخ محمد رشيد رضا رحمه الله في مقال بعنوان”الحق للقوة والقوة بالحق”:
“كن قوياً بالحقِّ يعرف لك حقّك كلُّ أحد:العلم قوة،والعقل قوة،والفضيلة قوة،والاجتماع قوة،والثروة قوة،فاطلب هذه القوى بالحقّ تنلْ بها كلَّ حقٍّ مفقود،وتحفظ كلَّ حقٍّ موجود.
الجماعات كالأفراد في احترام القوة،وحفظ حقوق أهلها،وتكريمهم وتفضيلهم على أمثالهم،سواء كان أهلها أفراداً أم جماعات،فالعشائر في القبيلة الكبيرة والعناصر في الأمة العظيمة،تتفاضل فيخضع ضعيفها لقويّها، ويعترف له بحقِّ التقدم عليه،وبغير ذلك من الحقوق،ومكان كلِّ منهما من الآخر كمكان الأخ من أخيه،فما قولك في القبائل والشعوب الأجنبية بعضها مع بعض،وكلُّ منها غريب عن الآخر، يرى مصلحته غير مصلحته،وربما كانت قوته آفة عليه، لا منفعة له.
القويُّ بأيِّ أنواع القوى أكثر حقوقاً من الضعيف، لأنه أقدر على كسب الحقوق،فإنما يكسب الناس ما يكسبون بصفاتهم ومواهبهم التي يكونون بها أقوى استعداداً ممن عداهم”.
يقول الأستاذ أحمد امين رحمه الله(فيض الخاطر ج8 ص159):
“في الحق قوة كامنة وفي الباطل قوة كامنة كذلك ولكن قوة الحق أضعاف قوة الباطل فإذا تحاربتا انهزمت قوة الباطل الضعيفة امام قوة الحق القديرة”، ويقول الإمام علي رضي الله عنه: “قليلٌ من الحق يدفع كثيراً من الباطل، كما ان قليل النار يحرق كثير الحطب”، ويقول الشيخ مصطفى السباعي رحمه الله وأسكنه فسيح جنانه:
“الحقُّ اقلّ اتباعاً واقوى أنصاراً، وأما الباطل اكثر أتباعاً وأضعف أنصاراً” .
فالحقُّ والقوّة متلازمان يسيران جنباً إلى جنب حذو النعل بالنعل،وليست القوة قبل الحق كما يقول المثل الألماني،وليست القوة فوق الحق كما يقول المثل الفرنسي، وإنما الحق الذي تحميه القوة هو مايقوله الإسلام وكل المنصفين من أهل التاريخ.
وما أكبرت نفسي سوى الحق قوة وإن كان في الدنيا لها النهي والأمر
يقول الأستاذ عصام العطار حفظه الله:
“قال لي صديق قديم: تعلم أن القوة ـ كما يقول المثل ـ فوق الحق؟ قلت لذلك الصديق: وهل يمكن ان تكون هناك قوة حقيقية إن لم يكن هنالك حق؟ ”
والباطل مهما اشتدّ وصال، ومهما ساد وجال، فإن قوته لا يمكن أن تجعله حقاً كما يدّعي البعض،والحق مهما ضعف واستكان،ومهما تراجع ولان، فلا يمكن أن يجعله ضعفه باطلاً، فالباطل له جولة ثم ينتهي، والحق قد تكون له نكسة ثم ينتصر.
يقول الأستاذ عصام العطار حفظه الله:
“الحقُّ نور، والباطل ظلام، ولايمكن أن ينتصر الظلام على النور، ومهما طالت جولة الباطل وطغت وبغت، فلا بد أن يضمحل:{ويَمحُ الله الباطلَ ويُحِقُّ الحقَّ بكلماته إنَّهُ عليمٌ بذات الصُّدور}“[الشورى 24].
يقول الأستاذ محمد أديب صالح رحمه الله(على الطريق ص102):
“إن قوة تحمي الباطل في غفلة من الزمان لا تعني تغيير هوية الباطل، كما أن ضعف المناصرين للحق لا تعني تغيير هويته أبداً”.
وقوة الحق هي دوماً خير وشفاء، كما أن قوة الباطل هي دوماً بلاء وشقاء، ولكن الحق بأهله المؤمنين به قويٌ جداً،يقول الأستاذ عصام العطار حفظه الله:”صدّقوني : الحقُّ قويٌّ جداً عندما نجسّمه بعلم وفهم ،وصدق وحب، وعندما تُشِّعُ أنوارهُ من قلوبنا وعقولنا،وأقوالنا وأفعالنا، في محيطنا الصغير، وفي عالمنا وعصرنا،وفي مختلف مجالات الحياة”
وصدق شوقي رحمه الله:
الحربُ في حقٍّ لديك شريعةٌ ومن السموم الناقعات دواء
وصوت الحق قد يدّوي كالرعد أو يقصف كالريح العاتية في الأشجار الخاوية، وقد يكون أحياناً هادئاً وديعاً يؤثر ببطء كفعل الماء في الصخر،ولكل فضل وزمان ودور،ولكن الحذار الحذار من الإستعجال في إحقاق الحق إذا لم يتوفر الأستعداد الكافي لمقارعة الباطل، فلابد من الصبر والتأني في إعداد القوة بمختلف أشكالها،ولابد من الصبر أيضاً على تسلط الباطل وانتفاشه حتى إعداد القوة الكافية، وإذا استدرجك الباطل إلى معركة لم تعدّ لها الإعداد الكافي، عاد بك وبدعوتك إلى الخسران، وعاد بك وبقضية الحق عشرات السنين إلى الوراء، وإن السلاح الذي ترفعه في وجه الباطل إن لم يكن قادراً على حسم المعركة انقلب ضدك وعاد وباله عليك وعلى صحبك ودعوتك .
يقول الشهيد حسن البنا رحمه الله وأسكنه فسيح جنانه(رسائل الإمام):
“ونحن الآن نشهد غضبة القوة على الحق، كيف تثور عليه وتنتقم منه وتعذب أهله وتقهر مناصريه، ثم كيف يصبر أهل الحق على كل ذلك، وكيف يعللهم رؤوسائهم بالآمال الحلوة والأماني العذبة حتى لا يجد الخور إلى نفوسهم سبيلاً،{وقالَ الملأُ من قومِ فرعونَ أتذرُ موسى وقومَهُ ليُفسدوا في الأرضِ ويَذَركَ وألهتَكَ قال سنقتلُ أبناءَهُم ونستحي نساءَهُم وإنَّا فوقَهُم قاهرون *قال مُوسى لقومهِ استعينُوا بالله واصبِروا إنَّ الأرضَ لله يُورِثُها من يشاءُ من عبادهِ والعاقبةُ للمتقين}[الأعراف 127 ـ 128]
فلابد من الوعي الكافي والاستعداد الوافي، ووضع الأمور في مواضعها وفي نصابها، وأن تكون الحكمة والإرادة والعزيمة هي من تحرّك القوة وتستخدمها عند لزوم استخدامها، وإيقافها إذا تتطلب الأمر إيقافها،” ووضع السيف موضع الندى مضر” كما يقول المتنبي،ويقول الأستاذ عصام العطار حفظه الله:
“إذا تحوّلت العاطفة من دافع إلى قائد فانتظر في مثل ظروفنا الراهنة ألوان الضياع والضلال والبلاء”.
وجاء في العقد الفريد(ج3 ص101):” دخل أناسٌ من القُراء على عتبة بن أبي سفيان فقالوا: إنّك سلطت السيف على الحق، ولم تسلّط الحق على السيف؟ قال: كذبتم، بل سلّطت الحق وبه سُلطت فاعرفوا الحق تعرفوا السيف، فإنكم الحاملون له حيث وضعه أفضل، والواصفون له حيث عَمله أعدل”.