من شوارد الشواهد في المديحِ النبوي
أحمد شوقي في قصيدة“نهج البردة“:
ريمٌ على القاعِ بينَ البانِ والعَلَمِ |
أحلَّ سفكَ دمي في الأشهرِ الحُرُمِ |
|
رمى القضاءُ بعيني جُؤذر أسداً |
يا ساكنَ القاعِ أدرِك ساكِنَ الأجمِ |
|
لمّا رنا حدَّثتني النفسُ قائلةً |
يا ويحَ جنبكَ بالسَهمِ المُصيبِ رُمي |
|
جَحدتها وكتمتُ السهمَ في كبدي |
جُرْحُ الأحبّةِ عندي غيرُ ذي ألمِ |
|
رُزِقتَ اسمحَ ما في الناسِ من خُلق |
إذا رُزِقتَ التماسَ العُذرِ في الشِيَمِ |
يا لائمي في هواهُ والهوى قَدرٌ |
لو شَفَّكَ الوجدُ لم تعذِلْ ولم تَلمِ |
|
لقد أنلتُكَ أُذناً غيرَ واعيةٍ |
ورُبَّ مُنتَصِتٍ والقلبُ في صَممِ |
|
يا ناعسَ الطرفِ لا ذُقتَ الهوى أبداً |
أسهرتَ مُضناكَ في حفظِ الهوى فَنَمِ |
|
أفديكَ إلفاً ولا آلو الخيالَ فِدىً |
أغراكَ بالبُخلِ من أغراهُ بالكرمِ |
|
سرى فصادفَ جُرحاً دامياً فأسا |
ورُبَّ فضلٍ على العُشاقِ للِحُلمِ |
مَن الموائسُ باناً بالرُبى وقنا |
اللاعباتُ بروحي السافحاتُ دمي |
|
السافراتُ كأمثالِ البدورِ ضُحىً |
يُغِرنَ شمسَ الضحى بالحَلي والعِصمِ |
|
القاتلاتُ بأجفانِ بها سَقمٌ |
وللِمنيّةِ أسبابٌ من السَّقمِ |
|
العاثراتُ بألبابِ الرجالِ وما |
أقلِنَ من عثراتِ الدَلِّ في الرَسمِ |
|
المُضرماتُ خُدوداً أسفرتْ وجَلَتْ |
عن فِتنةٍ تُسلِمُ الأكبادَ للِضَرمِ |
الحاملاتُ لِواءَ الحُسنِ مُختلفاً |
أشكالهُ وهوَ فردٌ غيرُ منقسمِ |
|
من كُلِّ بيضاء أو سمراء زُيِّنتا |
للعينِ والحُسنُ في الآرامِ كالعُصُمِ |
|
يُرَعنَ للبصرِ السامي ومن عَجبٍ |
إذا أشرنَ أسرنَ الليثَ بالغَنَمِ |
|
وضعتُ خدّي وقسَّمتُ الفؤادَ رُبيّ |
يرتعنَ في كُنس منهُ وفي أكَمِ |
|
يا بنتَ ذي اللبَدِ المُحَمّى جانبهُ |
ألقاكِ في الغابِ أم ألقاكِ في الأطمِ |
ما كنتُ أعلمُ حتى عنَّ مَسكَنُهُ |
أنَّ المُنى والمنايا مَضرِبُ الخِيَمِ |
|
من أنبتَ الغُصنَ من صمصامةِ ذكر |
وأخرجَ الريمَ من ضِرغامةٍ قرِمِ |
|
بيني وبينكَ من سُمرِ القنا حُجُبٌ |
ومثلها عِفَّةٌ عُذريّةُ العِصَمِ |
|
لم أغشَ مغناكِ إلا في غضون كِرىً |
مغناكَ أبعدُ للمُشتاقِ من إرَمِ |
|
يا نفسُ دُنياكِ تُخفي كُلَّ مُبكيَةٍ |
وإن بدا لكِ منها حُسنُ مُبتَسَمِ |
فضّي بتقواكِ فاهاً كُلّما ضحكت |
كما يفضُّ أذى الرَقشاءِ بالثرَمِ |
|
مخطوبةٌ مُنذُ كانَ الناسُ خاطبةٌ |
من أوّلِ الدهرِ لم تُرمل ولم تَنمِ |
|
يفنى الزمانُ ويبقى من إساءتها |
جُرحٌ بآدمَ يبكي منهُ في الأدَمِ |
|
لا تحفلي بِجناها أو جنايتها |
الموتُ بالزهرِ مثلُ الموتِ بالفَحَمِ |
|
كم نائمٍ لا يراها وهي ساهِرةٌ |
لولا الأماني والأحلامُ لم ينَمِ |
طوراً تَمُدُّكَ في نُعمى وعافيةٍ |
وتارةً في قرارِ البؤسِ والوَصَمِ |
|
كم ضَلَلتكَ ومن تُحجب بصيرتهُ |
إن يلقَ صابا يَرِد أو علقماً يَسُمُ |
|
يا ويلتاهُ لنفسي راعها وَدَها |
مُسودَّةُ الصُحفِ في مُبيضَّةِ اللِمَمِ |
|
ركضتها في مريع المعصياتِ وما |
أخذتُ من حِميّة الطاعاتِ للِتُخَمِ |
|
هامتْ على أثرِ اللذاتِ تطلبها |
والنفسُ إن يَدعها داعي الصِّبا تَهِمِ |
صلاحُ أمرِكَ للأخلاقِ مَرجِعُهُ |
فَقوِّمِ النفسَ بالأخلاقِ تَستَقمِ |
|
والنفسُ من خَيرها في خيرِ عافيةٍ |
والنفسُ من شَرِّها في مرتع وخِمِ |
|
تَطغى إذا مُكِّنت من لذةٍ وهوىً |
طغي الجيادِ إذا عَضَّت على الشُكمِ |
|
إن جَلَّ ذنبي عن الغفران لي أملٌ |
في الله يجعلني في خيرِ مُعتَصمِ |
|
أُلقي رجائي إذا عَزَّ المُجيرُ على |
مُفرِّجِ الكربِ في الدارينِ والغَمَمِ |
إذا خفضتُ جناحَ الذُلِّ أسألهُ |
عِزَّ الشفاعة، لم أسأل سِوى أمَمِ |
|
وإن تَقدَّمَ ذو تقوى بصالحةٍ |
قدَّمتُ بين يديهِ عَبرَةَ الندمِ |
|
لزِمتُ بابَ أمير الأنبياءِ، ومنْ |
يُمسك بمفتاحِ بابِ الله يغتنِمِ |
|
فكلُّ فضلٍ، وإحسانٍ، وعارفةٍ |
ما بينَ مُستَلِمٍ منه ومُلتَزِمِ |
|
عَلقتُ من مدحهِ حبلاً أعزُّ بهِ |
في يومٍ لا عِزَّ بالأنسابِ واللُّحَمِ |
يُزري قريضي زهيراً حينَ أمدَحهُ |
ولا يُقاسُ إلى جودي لدى هَرِمِ |
|
مُحَمّدٌ صفوةُ الباري، ورحمتهُ |
وبُغية الله من خَلقٍ ومن نَسَمِ |
|
وصاحبُ الحوض يوم الرُسلُ سائلةٌ |
متى الورودُ؟ وجبريلُ الأمينُ ظمي |
|
سَناؤُهُ وسَناهُ الشمسُ طالعة |
فالجرمُ في فلكٍ ،والضوءُ في عَلَمِ |
|
قد أخطأ النجمَ ما نالت أُبُوَّتهُ |
من سُؤدُدٍ باذخِ في مظهرٍ سَنِمِ |
نُمُوا إليهِ، فزادوا في الورى شَرفاً |
ورُبَّ أصلٍ لِفرع في الفخارِ نُمي |
|
حواهُ في سُبُحاتِ الطهرِ قبلهُمُ |
نوران قاما مقامَ الصُلبِ والرَحمِ |
|
لمّا رآهُ بَحيرا قالَ :نَعرفهُ |
بما حفظنا من الأسماءِ والسِيَمِ |
|
سائل حِراء، وروحَ القدس هل عَلما |
مَصونَ سِرٍّ عن الإدراكِ مُنكَتِمِ |
|
كم جيئةٍ وذهابٍ شُرِّفت بهما |
بطحاءُ مَكة في الإصباحِ والغَسَمِ |
وَوحشةٍ لإبن عبد الله بينهما |
أشهى من الأنس بالأحسابِ والحَشَمِ |
|
يُسامرُ الوحيَ فيها قبلَ مهبطِهِ |
ومن يُبشِّر بسيمى الخيرِ يَتَسِمِ |
|
لمّا دعا الصَحبُ يستسقونَ من ظمأٍ |
فاضت يداهُ من التسنيمِ بالسَنَمِ |
|
وظلَلتهُ فصارت تَستظِلُّ بهِ |
غمامةٌ جَذبتها خيرةُ الدِيَمِ |
|
مَحبَّةٌ لرسول الله أُشربَها |
قعائدُ الدَيرِ، والرُهبانُ في القِمَمِ |
إنّ الشمائلَ إن رَقت يكادُ بها |
يُغرى الجَمادُ ،ويُغرى كلُّ ذي نَسَمِ |
|
ونوديَ: اقرأ تعالى الله قائلُها |
لم تتصِل قبلَ من قيلت لهُ بفَمِ |
|
هُناكَ أذّنَ للرحمن، فامتلأت |
أسماعُ مكّة من قدسيّةِ النَغَمِ |
|
فلا تسل عن قُريش كيفَ حَيرتُها؟ |
وكيفَ نُفرتُها في السَهلِ والعَلَمِ |
|
تساءلوا عن عظيم قد ألمَّ بهم |
رمى المشايخَ والوِلدان بالَلمَمِ |
يا جاهلينَ على الهادي ودعوتهِ |
هل تجهلونَ مكانَ الصادق العَلمِ؟ |
|
لقبتموهُ أمينَ القومِ في صِغرٍ |
وما الأمينُ على قولٍ بِمُتَهمِ |
|
فاقَ البدورَ ،وفاقَ الأنبياءَ فكم |
بالخُلق والخَلقِ من حُسن ومن عِظَمِ |
|
جاء النبيونَ بالآياتِ ،فانصرمت |
وجئتنا بحكيمٍ غيرِ مُنصرمِ |
|
آياتهُ كُلّما طالَ المَدى جُدُدٌ |
يَزينُهنَّ جلالُ العِتقِ والقِدَمِ |
يكادُ في لفظةٍ منهُ مُشَرَّفةٍ يا أفصحَ الناطقين الضادَ قاطبةً |
|
يُوصيكَ بالحقِّ والتقوى وبالرَحمِ حديثُكَ الشهدُ عند الذائقِ الفهمِ |
حَلَّيت من عَطلٍ جِيدَ البيانِ بهِ |
في كُلِّ مُنتَثرٍ في حُسنِ مُنتَظِمِ |
|
بكُلِّ قولٍ كريمٍ أنتَ قائلُهُ |
تُحي القلوبَ، وتُحي مَيِّتَ الهِممِ |
|
سَرَت بشائرُ بالهادي ومولِدِهِ |
في الشرق والغربِ مسرى النورِ في الظلمِ |
|
تَخطَفتْ مُهَجَ الطاغينَ من عَرَبٍ |
وطَيّرت أنفسَ الباغينَ من عجُمِ |
رِيعت لها شُرفُ الإيوانِ ،فانصدعت |
من صدمةِ الحقِّ ،لا من صدمةِ القدُمِ |
|
أتيتَ والناسُ فوضى لا تَمُرُّ بهم |
إلا على صنمٍ، قد هامَ في صنمِ |
|
والأرضُ مملوءةٌ جَوراً ،مُسخرّةٌ |
لِكُلِّ طاغيةٍ في الخَلقِ مُحتكمِ |
|
مُسيطرُ الفرسِ يبغي في رعيَّتهِ |
وقيصرُ الرومِ من كِبْرٍ أصمُّ عمِ |
|
يُعذِّبان عبادَ الله في شُبَهٍ |
ويذبحان كما ضَحيّتَ بالغنمِ |
والخَلقُ يفتِكُ أقواهم بأضعفِهم |
كالليثِ بالبَهمِ ،أو كالحوتِ بالبَلمِ |
|
أسرى بكَ الله ليلاً، إذ ملائِكهُ |
والرُسلُ في المسجدِ الأقصى على قدَمِ |
|
لمّا خَطرتَ به التفُّوا بسيّدهم |
كالشُهبِ بالبدرِ، أو كالجُندِ بالعَلمِ |
|
صلى وراءكَ منهم كلُّ ذي خَطَرٍ |
ومن يَفز بحبيبِ الله يأتَمِمِ |
|
جُبتَ السماوات أو ما فوقهُنَّ بهم |
على مُنَوَّرةٍ دُريَّةِ اللُّجُمِ |
رَكوبة لك من عِزٍّ ومن شرفٍ |
لا في الجيادِ، ولا في الأينُق الرُسُمِ |
|
مشيئة الخالقِ الباري، وصَنعتُهُ |
وقدرةُ الله فوقَ الشكِّ والتُهَمِ |
|
حتى بلغتَ سماءً لا يُطارُ لها |
على جناحٍ، ولا يُسعى على قدمِ |
|
وقيلَ: كلُّ نبيٍّ عندَ رُتبتهُ |
ويا مُحَمّدُ ،هذا العرشُ فاستلمِ |
|
خططتَ للدين والدنيا عُلومَهما |
يا قارىء اللوح ،بل يا لامسَ القلمِ |
أحطتَ بينهما بالسرِّ، وانكشفت |
لكَ الخزائنُ من عِلمٍ ومن حِكمِ |
|
وضاعفَ القُربُ ما قُّلّدتَ من مِنَنٍ |
بلا عِدادٍ، وما طُوِّقتَ من نِعَمِ |
|
سل عُصبةَ الشِّركِ حول الغارِ سائمةً |
لولا مُطاردةُ المختارِ لم تُسَمِ |
|
هل أبصروا الأثرَ الوَضاءَ، أم سمعوا |
همسَ التسابيحِ والقرآن من أمَمِ |
|
وهل تمثّل نَسجُ العنكبوتِ لهم |
كالغابِ ،والحائماتُ والزُغبُ كالرُخَمِ؟ |
فأدبروا ،ووجوهُ الأرضِ تلعنُهم |
كباطلٍ من جلالِ الحقِّ مُنهزمِ |
|
لولا يدُ الله بالجارين ما سلِما |
وعينهُ حولَ رُكنِ الدين، لم يَقمِ |
|
تواريا بجناحِ الله، واستترا |
ومن يضُمُّ جناحُ الله لا يُضَمِ |
|
يا أحمدَ الخيرِ ،لي جاهٌ بتسميتي |
وكيفَ لا يتسامى بالرسولِ سَمي؟ |
|
المادحونَ وأربابُ الهوى تَبَعٌ |
لصاحبِ البُردةِ الفيحاءِ ذي القَدمِ |
مَديحُهُ فيكَ حُبٌّ خالِصٌ وهوىً |
وصادِقُ الحُبِّ يُملي صادِقَ الكَلمِ |
|
الله يشهدُ أني لا أعارضهُ |
من ذا يُعارِضُ صَوبَ العارضِ العَرِمِ؟ |
|
وإنّما أنا بعضُ الغابطينَ، ومن |
يَغبط وليَّكَ لا يُذمَم ولا يُلَمِ |
|
هذا مقامٌ من الرحمن مُقتبسٌ |
ترمي مهابتُهُ سحبانَ بالبَكمِ |
|
البدرُ دونكَ في حُسنٍ وفي شَرفٍ |
والبحرُ دونكَ في خيرٍ وفي كرمِ |
شُمُّ الجبالِ إذا طاولتها انخفضت |
والأنجمُ الزُهرُ ما واسمتها تَسِمِ |
|
والليثُ دونكَ بأساً عند وثبتهِ |
إذا مشيتَ إلى شاكي السلاحِ كَمي |
|
تهفو إليكَ وإن أدميتَ حَبتَّها |
في الحربِ أفئدةُ الأبطالِ والبُهَمِ |
|
محبّة الله ألقاها ،وهيبتُهُ |
على ابنِ آمنةٍ في كُلِّ مُصطدَمِ |
|
كأنَّ وجهكَ تحت النقعِ بدرُ دُجىً |
يُضيءُ مُلتثماً ،أو غيرَ مُلتثمِ |
بدرٌ تطلّعَ في بدرٍ، فغُرَّتهُ |
كَغُرَّةِ النصر، تجلو داجيَ الظلم |
|
ذُكِرتَ باليُتمِ في القرآنِ تكرُمةً |
وقيمةُ اللؤلؤِ المكنونِ في اليُتُمِ |
|
الله قسَّمَ بين الناسِ رزقهُمُ |
وأنتَ خُيّرتَ في الأرزاقِ والقِسَمِ |
|
إن قلتَ في الأمرِ لا أو قلتَ فيهِ نعم |
فخيرَهُ الله في لا منكَ أو نعمِ |
|
أخوكَ عيسى دعا ميتاً ،فقام لهُ |
وأنتَ أحييتَ أجيالاً من الرِّممِ |
والجهلُ موتٌ، فإن أوتيتَ مُعجزةً |
فابعث من الجهلِ، أو فابعث من الرَّجَمِ |
|
قالوا غزوتَ ورُسلُ الله ما بعثوا |
لقتلِ نفسٍ ولا جاؤوا لِفكِ دمِ |
|
جهلٌ وتضليلُ أحلامٍ وسَفسطةٌ |
فتحتَ بالسيفِ بعد الفتحِ بالقلمِ |
|
لمّا أتى لكَ عَفواً كلُّ ذي حَسَبٍ |
تَكَفَّلَ السيفُ بالجُهّالِ والعَمَمِ |
|
والشرُّ إن تلقهُ بالخيرِ ضِقتَ بهِ |
ذرعاً وإن تلقهُ بالشَرِّ يَنحسمِ |
سَلْ المسيحيةَ الغرّاءَ: كم شربت |
بالصّابِ من شهواتِ الظالمِ الغَلِمِ |
|
طريدةُ الشِركِ، يؤذيها، ويُوسِعُها |
في كلِّ حين قِتالاً ساطِعَ الحَدَمِ |
|
لولا حُماةٌ لها هَبُّوا لِنصرتها |
بالسيفِ، ما انتفَعت بالرفقِ والرُّحَمِ |
|
لولا مكانٌ لِعيسى عندَ مُرسلهِ |
وحُرمةٌ وجَبَت للروح في القِدَمِ |
لسُمِّرَ البَدنُ الطُّهرُ الشريفُ على |
لوحين ،لم يخشَ مُؤذيهِ، ولم يَجمِ |
|
جَلَّ المسيحُ، وذاقَ الصَّلبَ شانئهُ |
إنَّ العقابَ بقدرِ الذنبِ والجُرُمِ |
|
أخو النبيِّ، وروحُ الله في نُزُلٍ |
فوقَ السماءِ ودونَ العَرشِ مُحترمِ |
|
عَلَّمتهم كلَّ شيءٍ يجهلون بهِ |
حتى القِتالَ وما فيهِ من الذِممِ |
|
دعوتَهم لجهادٍ فيه سُؤدُدُهم |
والحربُ أُسُّ نظام الكونِ والأممِ |
لولاهُ لم نرَ للدولاتِ في زمنٍ |
ما طالَ من عُمُدٍ أو قرَّ من دُهُمِ |
|
تلكَ الشواهدُ تترى كلَّ آونةٍ |
في الأعصرِ الغُرِّ لا في الأعصُرِ الدُهُمِ |
|
بالأمسِ مالت عروشٌ واعتلت سُرُرٌ |
لولا القذائفُ لم تثلم ولم تَصُمِ |
|
أشياعُ عيسى أعدّوا كلَّ قاصِمةٍ |
ولم نُعِدُّ سوى حالاتِ مُنقصمِ |
|
مهما دُعيتَ إلى الهيجاءِ قُمتَ لها |
ترمي بأُسدٍ، ويرمي الله بالرُّجُمِ |
على لوائكَ منهم كلُّ مُنتقمٍ |
لله، مُستقتِلٍ في الله، مُعتَزمِ |
|
مُسَبحٍ للقاءِ الله مُضطرِمٍ |
شوقاً، على سابخٍ كالبرقِ مُضطرمِ |
|
لو صادفَ الدهرَ يبغي نقلةً، فرمى |
بعزمهِ في رحالِ الدهر لم يَرِمِ |
|
بيضٌ، مفاليلُ من فعلِ الحروبِ بهم |
من أسيُفِ الله ،لا الهنديَّةُ الخُذُمِ |
|
كم في الترابِ إذا فتشتَ عن رَجُلٍ |
من ماتَ بالعهدِ، أو من ماتَ بالقَسَمِ |
لولا مواهبُ في بعضِ الأنامِ لما |
تفاوتَ الناسُ في الأقدارِ والقِيَمِ |
|
شريعةٌ لكَ فجّرتَ العقولَ بها |
عن زاخرٍ بصنوفِ العلمِ مُلتطِمِ |
|
يلوحُ حولَ سَنا التوحيدِ جوهرُها |
كالحَلي للسيفِ أو كالوشي للعلمِ |
|
غَرَّاءُ، حامت عليها أنفُسٌ ونُهىً |
ومن يجد سَلسلاً من حِكمةٍ يَحُمِ |
|
نورُ السبيلِ يُساسُ العالمونَ بها |
تَكفَّلتْ بشبابِ الدهرِ والهَرَمِ |
يجري الزمانُ وأحكامُ الزمان على |
حُكمٍ لها ،نافذٍ في الخلقِ مُرتَسمِ |
|
لمّا اعتلت دولةُُ الإسلامِ واتسعت |
مشتْ ممالكهُ في نورها التَمَمِ |
|
وعلَّمت أمةٌ بالقفرِ نازلة |
رعيَ القياصرِ بعدَ الشاءِ والنَعَمِ |
|
كم شيّدَ المُصلحونَ العاملونَ بها |
في الشرق والغربِ مُلكاً باذِخَ العِظَمِ |
|
للِعلمِ والعدلِ والتمدينِ ما عَزموا |
من الأمورِ ومل شدّوا من الحُزُمِ |
سُرعانَ ما فتحوا الدنيا لِمِلَّتِهم |
وأنهلوا الناسَ من سَلسالها الشَبمِ |
|
ساروا عليها هُداة الناسِ فهي بهم |
إلى الفلاح طريقٌ واضحُ العَظمِ |
|
لا يهدمُ الدهرُ رُكناً شادَ عَدلهُمُ |
وحائطُ البغي إن تَلمسهُ يَنهَدِمِ |
|
نالوا السعادةَ في الدارين ،واجتمعوا |
على عَميمٍ من الرُضوان مُقتَسَمِ |
|
دع عنكَ روما وآثينا وما حوتا |
كلُّ اليواقيتِ في بغدادَ والتوَمِ |
وخَلِّ كِسرى وإيواناً يَدِلُّ به |
هوىً على أثرِ النيرانِ واليُمِ |
|
واترك رعمسيسَ إن المُلكَ مَظهرُهُ |
في نهضةِ العدلِ لا في نهضةِ الهَرَمِ |
|
دارُ الشرائعِ روما كُلّما ذُكرت |
دارُ السلامِ لها ألقت يدَ السَلَمِ |
|
ما ضارَ عنها بياناً عندَ مُلتَأمٍ |
ولا حَكتها قضاءً عندَ مُختَصَمِ |
ولا احتوت في طِراز من قياصرها |
على رشيدٍ ومأمون ومُعتصِمِ |
|
من الذينَ إذا سارت كتائبُهم |
تصَرّفوا بحُدودِ الأرضِ والتُخَمِ |
|
ويجلسونَ إلى علمٍ ومعرفةٍ |
فلا يُدانونَ في عقلٍ ولا فهَمِ |
|
يُطأطىءُ العلماءُ الهامَ إن نَبَسوا |
من هَيبةِ العلمِ، لا من هَيبةِ الحُكمِ |
ويُمطرونَ فما بالأرضِ من مَحَلٍ |
ولا بمن باتَ فوقَ الأرضِ من عُدُمِ |
|
خلائفُ الله جَلّوا عن مُوازنةٍ |
فلا تقيسنَّ أملاكَ الورى بهمِ |
|
من في البريّةِ كالفاروق مَعدَلةً؟ |
وكابن عبدِ العزيزِ الخاشعِ الحَشِمِ |
|
وكالإمام إذا ما فضَّ مُزدحماً |
بمدمع في مآقي القومِ مُزدحمِ |
الزاخرُ العذبُ في علمٍ وفي أدبٍ |
والناصرُ النَدبِ في حربٍ وفي سَلمِ |
|
أو كابنِ عفانَ والقرآنُ في يدهِ |
يحنو عليه كما تحنو على الفُطمِ |
|
ويجمعُ الآي ترتيباً وينظمها |
عقداً بجيد الليالي غير مُنفصمِ |
|
جُرحان في كبدِ الإسلامِ ما التأما |
جرحُ الشهيدِ وجرحٌ بالكتابِ دَمي |
|
وما بلاءُ أبي بكرٍ بمُتّهم |
بعد الجلائل في الأفعال والخِدَمِ |
بالحزمِ والعزمِ حاطَ الدين في مِحنٍ |
أضلتِ الحُلمَ من كهلٍ ومُحتَلِمِ |
|
وَحِدنَ بالراشدِ الفاروق عن رُشدٍ |
في الموت، وهو يقينٌ غيرُ مُنبَهمِ |
|
يُجادِلُ القومَ مُستلاً مُهَنّدهُ |
في أعظمِ الرُسلِ قدراً كيفَ لم يَدُمِ |
|
لا تعذلوهُ إذا طافَ الذهولُ بهِ |
ماتَ الحبيبُ فضلَّ الصَبُّ عن رَغَمِ |
|
يا ربِّ صلِّ وسلم ما أردتَ على |
نزيلِ عرشكَ خيرُ الرُسلِ كُلّهمِ |
مُحي الليالي صلاة لا يُقطعهُا |
إلا بدمعٍ من الإشفاقِ مُنسجمِ |
|
مُسَبِّحاً لك جُنحَ الليلِ مُحتملاً |
ضُرّاً من السُهدِ أو ضُراً من الورمِ |
|
رَضيّةٌ نفسهُ لا تشتكي سأماً |
وما معَ الحُبِّ إن أخلصتَ من سأمِ |
|
وَصَلِّ ربي على آلٍ لهُ نُخَبٍ |
جعلتَ فيهم لواءَ البيتِ والحَرمِ |
|
بيضُ الوجوه ووجهُ الدهرِ ذو حَلكٍ |
شُمُّ الأنوفِ وأنفُ الحادثات ٍ حَمي |
وأهدِ خير صلاةٍ منكَ أربعة |
في الصَحبِ صُحبتُهم مرعيَّةُ الحُرَمِ |
|
الراكبينَ إذا نادى النبيُّ بهم |
ما هالَ من جَللٍ واشتدَّ من عَمَمِ |
|
الصابرينَ ونفسُ الأرضِ واجفةٌ |
الضاحكينَ إلى الأخطارِ والقحَمِ |
|
يا رَبِّ هَبّت شعوبٌ من مَنيّتها |
واستيقظت أمَمٌ من رَقدةِ العَدَمِ |
|
سعدٌ ونحسٌ ومُلكٌ أنتَ مالكُهُ |
تُديلُ من نِعَمٍ فيهِ ومن نِقَمِ |
رأى قضاؤكَ فينا رأي حكمته |
أكرِم بوجهكَ من قاض ومُنتقمِ |
|
فالطف لأجل رسول العالمين بنا |
ولا تَزدْ قومَهُ خَسفاً ولا تُسِمِ |
|
يا رَبِّ أحسنتَ بدء المسلمينَ بهِ |
فَتَمِّمِ الفضلَ وامنح حُسنَ مُختَتِمِ |
|
أحمد شوقي في قصيدة “ولد الهدى“:
وُلِدَ الهُدى فالكائناتُ ضِياءُ |
وفمُ الزمانِ تَبَسُّمٌ وثناءُ |
|
الروحُ والملأُ الملائكُ حولهُ |
للدينِ والدنيا بهِ بُشراءُ |
|
والعرشُ يزهو والحظيرةُ تزدهي |
والمُنتهى والسِدرةُ العصماءُ |
|
وحديقةُ الفُرقانِ ضاحِكةُ الرُبا |
بالتُرجُمان شَذيِّةٌ غنَّاءُ |
|
والوحيُ يقطرُ سَلسلاً من سَلسلٍ |
واللوحُ والقلمُ البديعُ رُواءُ |
نُظِمتْ أسامي الرُسلِ فهي صحيفةٌ |
في اللوحِ واسمُ مُحَمَّدٍ طغَراءُ |
|
اسمُ الجلالةِ في بديعِ حروفهِ |
ألِفٌ هُنالِكَ واسمُ طهَ الباءُ |
|
يا خيرَ من جاء الوُجودَ تحيّة |
من مُرسلينَ إلى الهُدى بكَ جاؤوا |
|
بيتُ النبيينَ الذي لا يلتقي |
إلا الحَنائفُ فيهِ والحُنفاءُ |
|
خيرُ الأبوَّةِ حازَهم لكَ آدمٌ |
دونَ الأنامِ وأحرزَت حوّاءُ |
هُم أدركوا عِزَّ النُبوّةِ وانتهت |
فيها إليكَ العِزّةُ القعساءُ |
|
خُلِقت لبيتكَ وهو مخلوقٌ لها |
إنَّ العظائمَ كفؤها العظماءُ |
|
بكَ بَشَّرَ الله السماء فزُيّنت |
وتضَوّعت مِسكاً بكَ الغَبراءُ |
|
وبدا مُحيّاكَ الذي قسماتُهُ |
حقٌّ وغُرَّتهُ هدىً وحياءُ |
|
وعليهِ من نورِ النُبوّةِ رونقٌ |
ومن الخليلِ وهَديهِ سِيماءُ |
أثنى المسيحُ عليهِ خلفَ سَمائهِ |
وتهلّلت واهتزَّتِ العذراءُ |
|
يومٌ يتيهُ على الزمانِ صَباحُهُ |
ومساؤُهُ بمحمّدٍ وضّاءُ |
|
الحقُّ عالي الرُكنِ فيهِ مُظَفّرٌ |
في المُلكِ لا يعلو عليهِ لواءُ |
|
ذُعرتْ عُروشُ الظالمينَ فزُلزلت |
وعلت على تيجانهم أصداءُ |
|
والنارُ خاويةُ الجوانبِ حولهم |
خَمدت ذوائبها وغاضَ الماءُ |
والآيُ تترى والخوارقُ جَمّةٌ |
جبريلُ رواحٌ بها غَدّاءُ |
|
نِعمَ اليتيمُ بدت مخايلُ فضلهِ |
واليُتمُ رزقٌ بعضهُ وذكاءُ |
|
في المهدِ يُستسقى الحيا برجائِه |
وبقصدهِ تُستدفعُ البأساءُ |
|
بِسوى الأمانةِ في الصبا والصدقِ لم |
يعرفهُ أهلُ الصدقِ والأمناءُ |
|
يا منْ لهُ الأخلاقُ ما تهوى العُلا |
منها وما يَتَعشَّقُ الكُبراءُ |
لو لم تُقم ديناً لقامت وحدَها |
ديناً تُضيءُ بنورهِ الآناءُ |
|
زانتكَ في الخُلقِ العظيمِ شمائلٌ |
يُغرى بهنَّ ويولعُ الكُرماءُ |
|
أما الجمالُ فأنتَ شمسُ سمائهِ |
وملاحة الصدّيقِ منكَ أياءُ |
|
والحُسنُ من كرمِ الوجوهِ وخيرُهُ |
ما أوتي الفؤادُ والزعماءُ |
|
فإذا سخوتَ بلغتَ بالجودِ المدى |
وفعلتَ ما لا تفعلُ الأنواءُ |
وإذا عفوتَ فقادراً ومُقدَّراً |
لا يستهينُ بعفوكَ الجُهلاءُ |
|
وإذا رحمتَ فأنتَ أمٌّ أو أبٌ |
هذان في الدنيا هما الرُحماءُ |
|
وإذا غضبتَ فإنّما هيَ غضبةٌ |
في الحقِّ لا ضِغنٌ ولا بغضاءُ |
|
وإذا رضيتَ فذاكَ في مرضاتهِ |
ورضى الكثيرِ تَحَلمٌ ورياءُ |
|
وإذا خطبتَ فللمنابرِ هِزّةٌ |
تعرو النديَّ وللقلوبِ بكاءُ |
وإذا قضيتَ فلا ارتيابَ كأنّما |
جاء الخصومَ من السماء قضاءُ |
|
وإذا حَميتَ الماء لم يُورَد ولو |
أنَّ القياصرَ والمُلوكَ ظِماءُ |
|
وإذا أجرتَ فأنتَ بيتُ الله لم |
يدخُل عليهِ المُستجيرَ عِداءُ |
|
وإذا ملكتَ النفسَ قُمتَ ببرِّها |
ولو أنَّ ما ملكت يداكَ الشاءُ |
|
وإذا بنيتَ فخيرُ زوج عِشرةً |
وإذا ابتنيتَ فدونكَ الآباءُ |
وإذا صَحبتَ رأى الوفاءُ مُجَسّماً |
في بُردكَ الأصحابُ والخلطاءُ |
|
وإذا أخذتَ العهدَ أو أعطيتهُ |
فجميعُ عهدكَ ذِمّةٌ ووفاءُ |
|
وإذا مشيتَ إلى العدا فغضنفرٌ |
وإذا جرَيتَ فإنكَ النكباءُ |
|
وتَمدُّ حِلمكَ للسفيهِ مُدارياً |
حتى يضيقَ بعَرضكَ السفهاءُ |
|
في كُلِّ نفس من سُطاكَ مهابةٌ |
ولِكُلِّ نفس في نداكَ رجاءُ |
والرأيُ لم يُنضَ المهنَّدُ دونَهُ |
كالسيفِ لم تضرب به الآراءُ |
|
يا أيها الأميُّ حَسبُكَ رُتبة |
في العلمِ أن دانت بكَ العلماءُ |
|
الذكرُ آيةُ ربكَ الكبرى التي |
فيها لباغي المعجزاتِ غَناءُ |
|
صدرُ البيان لهُ إذا التقتِ اللغى |
وتقدَّمَ البلغاءُ والفصحاءُ |
|
نُسِخت بهِ التوراةُ وهيَ وضيئةٌ |
وتَخلّفَ الإنجيلُ وهو ذُكاءُ |
لمّا تمشّى في الحجازِ حَكيمهُ |
فُضّت عُكاظ بهِ وقامَ حِراءُ |
|
أزرى بمنطقِ أهلهِ وبيانهم |
وحيٌ يُقصِّرُ دونهُ البُلغاءُ |
|
حسدوا فقالوا شاعرٌ أو ساحرٌ |
ومن الحَسودِ يكونُ الاستهزاءُ |
|
قد نالَ بالهادي الكريم وبالهدى |
ما لم تنل من سُؤددٍ سيناءُ |
|
أمسى كأنّكَ من جَلالَ أمّةٌ |
وكأنّهُ من أنسهِ بيداءُ |
يوحى إليكَ الفوزُ في ظلماتهِ |
متتابعاً تُجلى بهِ الظَلماءُ |
|
دينٌ يُشَيَّدُ آية في آيةٍ |
لبناتهُ السوراتُ والأدواءُ |
|
الحقُّ فيهِ هو الأساسُ وكيفَ لا |
والله جلَّ جلالهُ البناءُ |
|
أما حديثُكَ في العقول فمشرَعٌ |
والعلمُ والحِكَمُ الغوالي الماءُ |
|
هوَ صِبغةُ الفرقان نفحةٌ قدسهِ |
والسينُ من سَوراتهِ والراءُ |
جَرَتِ الفصاحةُ من ينابيعَ النُّهى |
من دَوحهِ وتفجّرَ الإنشاءُ |
|
في بحرهِ للسابحينَ بهِ على |
أدبِ الحياةِ وعلمِها إرساءُ |
|
أتتِ الدهورُ على سُلافتهِ ولم |
نفنَ السُلافُ ولا سلا النُدماءُ |
|
بكَ يا ابنَ عبد الله قامت سَمحةٌ |
بالحقِّ من مِلل الهدى غَرّاءُ |
|
بُنيت على التوحيدِ وهي حقيقةٌ |
نادى بها سُقراطُ والقدماءُ |
وجَدَ الزُّعافَ من السمومِ لأجلها |
كالشَهدِ ثمَّ تتابعَ الشُهداءُ |
|
ومشى على وجهِ الزمانِ بنورها |
كُهَانُ وادي النيل والعُرفاءُ |
|
إيزيسُ ذاتُ المُلكِ حينَ توحدَت |
أخذت قِوامَ أمورها الأشياءُ |
|
لمّا دعوتَ الناسَ لبّى عاقلٌ |
وأصَمَّ منكَ الجاهلينَ نداءُ |
|
أبوا الخروجَ إليكَ من أوهامهم |
والناسُ في أوهامهم سجناءُ |
ومنَ العقولِ جداولٌ وجلامدٌ |
ومن النفوسِ حرائرٌ وإماءُ |
|
داءُ الجماعةِ من أرسطاليسَ لم |
يوصف لهُ حتى أتيتَ دواءُ |
|
فرسمتَ بعدكَ للعبادِ حكومة |
لا سوقةٌ فيها ولا أمراءُ |
|
الله فوقَ الخَلق فيها وحدَهُ |
والناسُ تحتَ لوائها أكفاءُ |
|
والدينُ يُسرٌ والخلافةُ بيعةٌ |
والأمرُ شورى والحقوقُ قضاءُ |
الاشتراكيونَ أنتَ إمامُهُم |
لولا دعاوى القومِ والغُلواءُ |
|
داويتَ متئداً وداووا طفرةً |
وأخفُّ من بعض الدواءِ الداءُ |
|
الحربُ في حقٍّ لديكَ شريعةٌ |
ومن السُمومِ الناقعاتِ دواءُ |
|
والبِرُّ عندَكَ ذِمّةٌ وفريضةٌ |
لا مِنّةٌ ممنونةٌ وجَباءُ |
|
جاءت فوحدّت الزكاةُ سبيلهُ |
حتى التقى الكرماءُ والبُخلاءُ |
أنصفتَ أهلَ الفقرِ من أهلِ الغِنى |
فالكلُّ في حقِّ الحياةِ سواءُ |
|
فلو أنَّ إنساناً تخيّرَ ملة |
ما اختارَ إلا دينكَ الفقراءُ |
|
يا أيها المُسرى به شَرَفاً إلى |
ما لا تنال الشمسُ والجوزاءُ |
|
يتساءلونَ وأنتَ أطهرُ هيكلٍ |
بالروح أم بالهيكلِ الإسراءُ |
|
بهما سموتَ مُطهرّين كلاهما |
نورٌ ورَيحانيَّةٌ وبهاءُ |
فضلٌ عليكَ لذي الجلالِ ومِنّةٌ |
والله يفعلُ ما يرى ويشاءُ |
|
تغشى الغيوبَ من العوالمِ كُلّما |
طُويت سماءٌ قلدتك سماءُ |
|
في كلِّ منطقةٍ حواشي نورها |
نونٌ وأنتَ النقطة الزهراءُ |
|
أنتَ الجمالُ بها وأنتَ المُجتلى |
والكفُّ والمِرآةُ والحسناءُ |
|
الله هيّاَ من حظيرةِ قُدسهِ |
نُزُلاً لذاتكَ لم يَجزهُ علاءُ |
العرشُ تحتكَ سُدَّة وقوائماً |
ومناكبُ الروح الأمين وِطاءُ |
|
والرُسلُ دونَ العَرشِ لم يؤذن لهم |
حاشا لِغيركَ موعدٌ ولقاءُ |
|
الخيلُ تأبى غير أحمدَ حامياً |
وبها إذا ذُكر اسمهُ خُيلاءُ |
|
شيخُ الفوارسِ يعلمونَ مكانهُ |
إن هَيَّجت آسادَها الهيجاءُ |
|
وإذا تصدّى للِظُبى فَمُهنَدٌ |
أو للِرماحِ فصعَدةٌ سمراءُ |
وإذا رمى عن قوسهِ فيمينُهُ |
قدَرٌ وما ترمى اليمينُ قضاءُ |
|
من كُلِّ داعي الحقِّ هِمَّةٌ سيفهِ |
فلِسيفهِ في الراسياتِ مَضاءُ |
|
ساقي الجريحِ ومُطعمِ الأسرى ومن |
أمِنت سنابكَ خيلهِ الأشلاءُ |
|
إنّ الشجاعةَ في الرجال غلاظةٌ |
ما لم تزنها رأفةٌ وسخاءُ |
|
والحربُ من شرفِ الشعوبِ فإن بَغوا |
فالمجدُ مِمّا يدّعونَ براءُ |
والحربُ يبعثها القويُّ تَجَبُّراً |
وينوءُ تحتَ بلائها الضُعفاءُ |
|
كم من غُزاةٍ للرسولِ كريمةٍ |
فيها رِضى للحقِّ أو إعلاءُ |
|
كانت لِجُندِ الله فيها شِدّةٌ |
في إثرها للِعالمينَ رَخاءُ |
|
ضربوا الضلالةَ ضربةٌ ذهبت بها |
فعلى الجهالةِ والضلالِ عَفاءُ |
|
دعموا على الحربِ السلامَ وطالما |
حقنت دماءً في الزمانِ دماءُ |
الحقُّ عِرضُ الله كلُّ أبيّةٍ |
بين النفوس حِمىً لهُ ووقارُ |
|
هل كانَ حولَ مُحَمّدٍ من قومهِ |
إلا صبيٌّ واحدٌ ونساءُ |
|
فدعا فلبّى في القبائلِ عُصبةٌ |
مُستضعفونَ قلائلٌ أنضاءُ |
|
ردّوا ببأسِ العزمِ عنهُ من الأذى |
ما لا ترُدُّ الصخرةُ الصَماءُ |
|
والحقُّ والإيمانُ إن صُبّا على |
بُردٍ ففيهِ كتيبةٌ خرساءُ |
نسفوا بناء الشِركِ فهو خرائبٌ |
واستأصلوا الأصنام فهي هباءُ |
|
يمشونَ تُغضي الأرضُ منهُم هَيبة |
وبهم حِيالَ نعيمها إغضاءُ |
|
حتى إذا فُتحت لهم أطرافُها |
لم يُطغهم ترفٌ ولا نَعماءُ |
|
يا من لهُ عِزُّ الشفاعةِ وحدَهُ |
وهو المُنَزّهُ مالهُ شُفعاءُ |
|
عرشُ القيامةِ أنتَ تحتَ لوائهِ |
والحوضُ أنتَ حِيالهُ السَّقاءُ |
تروي وتسقي الصالحينَ ثوابَهُم |
والصالحاتُ ذخائرٌ وجزاءُ |
|
ألِمثلِ هذا ذُقتَ في الدنيا الطوى |
وانشقَّ من خَلقٍ عليكَ رداءُ |
|
لي في مديحكَ يا رسولُ عرائسٌ |
تُيِّمنَ فيك وشاقُهنَّ جلاءُ |
|
هُنَّ الحِسانُ فإن قبلتَ تَكرُّماً |
فمُهورُهنَّ شفاعةٌ حسناءُ |
|
أنتَ الذي نظمَ البريّة دينهُ |
ماذا يقولُ وينظمُ الشعراءُ |
المُصلحونَ أصابعٌ جُمعت يداً |
هي أنتَ بل أنتَ اليدُ البيضاءُ |
|
ما جئتُ بابكَ مادحاً بل داعياً |
ومن المديحِ تَضرُّعٌ ودُعاءُ |
|
أدعوكَ عن قومي الضعافِ لأزمةٍ |
في مثلها يُلقى عليك رجاءُ |
|
أدرى رسولُ الله أنَّ نفوسَهُم |
ركبت هواها والقلوبُ هواء |
|
مُتفككونَ فما تضمُّ نفوسَهُم |
ثقةٌ ولا جمعَ القلوبَ صفاءُ |
رقدوا وغَرَّهم نعيمٌ باطلٌ |
ونعيمُ قومٍ في القيودِ بلاءُ |
|
ظلموا شريعتكَ التي نِلنا بها |
ما لم ينل في رومة الفقهاءُ |
|
مشتِ الحضارةُ في سناها واهتدى |
في الدين والدنيا بها السعداءُ |
|
صلى عليك الله ما صَحِبَ الدُّجى |
حادٍ وحَنَّت بالفلا وجناءُ |
|
واستقبلَ الرضوانَ في غرفاتهم خيرُ الوسائلِ من يقع منهم على |
بجنان عدن آلكَ السُمحاءُ سَببٍ إليكَ فحسبي الزهراءُ |
أحمد شوقي في قصيدة“سلوا قلبي“:
وسوّى الله بينكم المنايا |
ووسدكم مع الرُسلِ الترابا |
|
وأرسلَ عائلاً منكم يتيماً |
دنا من ذي الجلالِ فكان قابا |
|
نبيُّ البرِّ،بَيّنهُ سبيلاً |
وسنَّ خلالهُ،وهدى الشّعابا |
|
تفرق بعد عيسى الناسُ فيه |
فلما جاءَ كان لهم متابا |
|
وشافي النفس من نزغاتِ شَرٍّ |
كشافٍ من طبائعها الذئابا |
وكانَ بيانهُ للهدي سُبلاً |
وكانت خيلهُ للحقِّ غابا |
|
وعلّمنا بناءَ المجدِ، حتى |
أخذنا إمرةَ الأرضِ اغتصابا |
|
وما نيلُ المطالبِ بالتمنّي |
ولكن تؤخذُ الدنيا غِلابا |
|
وما استعصى على قومٍ منالٌ |
إذا الإقدامُ كان لهم رِكابا |
|
تجلّى مولدُ الهادي،وعَمّت |
بشائرُهُ البوادي والقِصابا |
وأسدَتْ للبريّة بنتُ وهبٍ |
يداً بيضاءَ،طوَّقتِ الرقابا |
|
لقد وضعتهُ وهاجاً،منيراً |
كما تلدُ السماوات الشهابا |
|
فقام على سماء البيتِ نوراً |
يُضيءُ جبالَ مكّة والنقابا |
|
وضاعت يثرِب الفيحاء مِسكاً |
وفاحَ القاعُ أرجاء ً وطابا |
|
أبا الزهراء،قد جاوزتُ قدري |
بمدحكَ،بيدَ أن ليَ انتسابا |
فما عرفَ البلاغة ذو بيانٍ |
إذا لم يتخذِكَ له كتابا |
|
مدحتُ المالكينَ ،فزدتُ قدراً فلم أرَ غير حُكمِ الله حكماً |
|
فحينَ مدحتُكَ اقتدتُ السحابا ولم أرَ دونَ بابِ الله بابا |
سألتُ الله في أبناء ديني |
فإن تكن الوسيلةَ لي أجابا |
|
وما للمسلمين سواكَ حِصنٌ |
إذا ما الضُرُّ مسّهُمُ ونابا |
|
كأنَّ النحسَ حين جرى عليهم |
أطارَ بكلِّ مملكةٍ غُرابا |
ولو حفظوا سبيلكَ كان نوراً |
وكان من النُحوسِ لهم حجابا |
|
بنيتَ لهم من الأخلاقِ ركناً |
فخانوا الرُكن،فانَهدم اضطرابا |
|
وكانَ جَنابُهُمْ فيها مهيباً |
وللأخلاقِ أجَدرُ أن تُهابا |
|
فلولاها لساوى الليثُ ذئباً |
وساوى الصارِمُ الماضي قِرابا |
|
فإن قُرنت مكارِمُها بعلمٍ |
تذلّلتِ العُلى بهما صعابا |
أحمد شوقي:
لمّا حللَتِ بآدم حلَّ الحبا |
ومشى على الملأ السجودِ الرُّكعِ |
|
وأرى النُبّوةَ في ذَراكِ تكّرمتْ |
في يوسفٍ وتَكّملت في المُرضَعِ |
|
وسقت قُريشَ على لسانِ محمّدٍ |
بالباليِّ من البيانِ المُمتعِ |
|
ومشت بموسى في الظلامِ مُشرّداً |
وحَدَتهُ في قُللِ الجبالِ اللُّمعِ |
|
أحمد شوقي من قصيدة“إلى عرفات الله“:
إذا زُرتَ يا مولايَ قبرَ مُحمّدٍ |
وقَبلّتَ مثوى الأعظمِ العطراتِ |
|
وفاضت مع الدمعِ العيونُ مهابةً |
لأحمدَ بينَ السِترِ والحُجراتِ |
|
وأشرقَ نورٌ تحتَ كُلِّ ثنيّةٍ |
وضاعَ أريجٌ تحتَ كلِّ حصاةِ |
|
لِمظهرِ دين الله فوقَ تنوفةٍ |
وباني صروحَ المجدِ فوقَ فلاةِ |
|
فَقُلْ لرسولِ الله يا خيرَ مُرسَلِ |
أبثّكَ ما تدري من الحسراتِ |
شعوبُكَ في شرق البلادِ وغربها |
كأصحابِ كهفٍ في عميقِ سُباتِ |
|
بأيمانهم نوران: ذكرٌ وسنّةٌ |
فما بالهم في حالك الظلماتِ؟ |
|
وذلكَ ماضي مجدهم وفخارهم |
فما ضرَّهم لو يعملون لآتي |
|
وهذا زمانٌ أرضهُ وسماؤهُ |
مجالٌ لمقدامٍ كبيرِ حياة |
|
مشى فيه قومٌ في السماءِ وأنشئوا فَقُلْ رَبِّ وفِّقْ للعظائمِ أمتي |
|
بوارجَ في الأبراجِ ممتنعاتِ وزَيّنْ لها الأفعالَ والعزماتِ |
أحمد شوقي:
عيدُ المسيحِ وعيدُ أحمدَ أقبلا |
يتباريانِ وضاءةً وجمالا |
|
ميلادُ إحسانِ وهجرة سؤددٍ |
قد غيّرا وجهَ البسيطةِ حالا |
أحمد شوقي:
أرسلت بالتوراةِ موسى مُرشداً |
وابنَ البتولِ فَعلّمَ الإنجيلا |
|
وفجّرتَ ينبوعَ البيانِ محمداً |
فسقى الحديث،وناولَ التنزيلا |
|
أحمد شوقي:
أشرقَ النورُ في العوالمِ لمّا |
بشّرتها بأحمدَ الأنباءُ |
|
باليتيمِ الأميِّ والبشرِ المو |
حى إليهِ العلومُ والأسماءُ |
|
قوّةُ الله إن توّلت ضعيفاً أشرفُ المرسلينَ آيتهُ النطقُ |
تعبت في مِراسهِ الأقوياءُ مُبيناً وقومهُ الفصحاءُ |
|
جاء للناسِ والسرائرُ فوضى |
لم يؤلف شتاتهنّ لواءُ |
|
وحِمى الله مُستباحٌ وشرعُ الله |
والحقُّ والصوابُ وراءُ |
أحمد شوقي في قصيدة“سلوا قلبي“:
أبا الزهراء، قد جاوزتُ قدري |
بمدحكَ ،بَيدَ أن ليَ انتسابا |
|
مدحتُ المالكين،فزدتُ قدراً |
فحينَ مدحتُكَ اقتدتُ السحابا |
|
سألتُ الله في أبناء ديني |
فإن تكُنْ الوسيلةَ لي أجابا |
|
وما للمسلمين سواكَ حصنٌ |
إذا ما الضرُّ مِسّهم ونابا |
|
ولو حفظوا سبيلك كان نوراً |
وكان من النحوس لهم حِجابا |
قصيدة “البردة” للإمام شرف الدين البوصيري:
مولاي صلي وسلّم أبداً |
على حبيبك خير الخلق كلهم |
|
أمِنْ تَذكُّرِ جيرانٍ بذي سَلَمِ |
مزجتَ دمعاً جرى من مُقلةٍ بدمِ |
|
أم هَبّت الريح من تلقاء كاظمةٍ |
وأومضَ الرقُ في الظُلماءِ من إضمِ |
|
فما لعينيك إن قلت اكفُفا هَمتا |
وما لقلبكَ إن قات استفق يَهِمِ |
|
أيحسب الصَبُّ أنَّ الحُبَّ منكتمٌ |
ما بينَ منسجم منه ومضطرمِ |
لو كنتُ أعلم أني ما أوقره |
كتمتُ سراً بدا لي منه بالكتمِ |
|
فإنّ أمّارتي بالسوءِ ما اتّعظت |
من جهلها بنذيرِ الشيبِ والهَرمِ |
|
من لي برَدِّ جِماحٍ من غَوايتها |
كما يُردُّ جِماحُ الخيلِ باللُجُمِ؟ |
|
فلا تَرُم بالمعاصي كسرَ شهوتها |
إنَّ الطعامَ يُقوّي شهوةَ النَهمِ |
|
والنفسُ كالطفلِ:إن تُهملهُ شبَّ على |
حبِّ الرضاعِ،وإن تَفطِمهُ ينفطمِ |
فاصرف هواها وحاذر أن توليه |
إن الهوى ما تولى يصم أو يصمِ |
|
وراعها وهي في الأعمال سائمةٌ |
وإن هي استحلت المرعى فلا تَسمِ |
|
كم حسنت لذّة للمرءِ قاتلة |
من حيث لم يدرِ أنّ السُم في الدسمِ |
|
واخش الدسائس من جوعٍ ومن شبعٍ |
فرُبَّ مخمصةٍ شرٌّ من التُخَمِ |
|
واستفرغ الدمعَ من عين قد امتلأت |
من المحارم والزم حِميّة الندم |
وخالف النفس والشيطان واعصهما |
وإن هما محضاك النصح فاتهمِ |
|
ولا تُطع منهما خصماً ولا حكماً |
فأنتَ تعرفُ كيدَ الخصم والحكمِ |
|
أستغفر الله من قولٍ بلا عملٍ |
لقد نسبتُ به نسلاً لذي عُقمِ |
|
أمرتكُ الخيرَ لمن ما ائتمرتَ به |
وما استقمتَ فما قولي لك استقمِ |
|
ولا تزوّدت قبل الموت نافلةً |
ولم أصل سوى فرض ولم أصمِ |
في مدح سيد المرسلين صلى الله عليه وسلم
ظلمت سنّة من أحيا الظلام إلى |
أن اشتكت قدماه الضرَّ من ورم |
|
وشدَّ من سغبٍ أحشاءه وطوى |
تحت الحجارةِ كشحاً مترف الأدمِ |
|
وراودتهُ الجبال الشمّ من ذهبٍ |
عن نفسه فأراها أيمّا شممِ |
|
وأدت زهده فيها ضرورته |
إن الضرورة لا تعدو على العِصَمِ |
|
وكيف تدعو إلى الدنيا ضرورة من |
لولاه لم تخرج الدنيا من العدمِ |
مُحَمّدٌ سيّدُ الكَونينِ والثقلي |
نِ والفريقينِ من عُرْبٍ ومن عَجَمِ |
|
نبيّنا الآمرُ الناهي فلا أحدٌ |
أبَرّ في قولِ لا منه ولا نعمِ |
|
هو الحبيبُ الذي ترجى شفاعتهُ |
لكُلِّ هولٍ من الأهوالِ مُقتحمِ |
|
دعا إلى الله فالمستمسكون به |
مستمسكون بحبلٍ غير مُنفصمِ |
|
فاقَ النبييّنَ في خَلْقٍ وفي خُلُقٍ |
ولم يُدانوهُ في علمٍ ولا كَرَمِ |
وكُلُّهمْ من رسولِ الله مُلتمسٌ |
غَرفاً من البحرِ أو رَشفاً من الدِيَمِ |
|
وواقفونَ لديهِ عندَ حَدّهِم |
من نقطةِ العلم أو من شكلة الحِكمِ |
|
فهو الذي تمّ معناهُ وصورته |
ثم اصطفاهُ حبيباً باريء النَسمِ |
|
منزّهٌ عن شريكٍ في محاسنهِ |
فجوهر الحسن فيه غير مُنقسِمِ |
|
دعْ ما ادّعتهُ النصارى في نَبيِّهمُ |
واحكم بما شئتَ مدحاً فيه واحتكمِ |
وانسب إلى ذاته ما شئت من شرفٍ |
وانسب إلى قدره ما شئت من عظمِ |
|
فإنّ فضلَ رسول الله ليسَ له |
|
حدٌّ فيُعْرِبَ عن ناطقٍ بِفَم |
لم يَمتَحِنّا بما تعيا العقولُ بهِ |
حِرصاً علينا فلم نَرْتَبْ ولم نَهِمِ |
|
أعيا الورى فهمُ معناهُ فليس يُرى |
في القُربِ والبُعدِ غيرُ مُنفَحِمِ |
|
كالشمسِ تظهرُ للعينينِ من بُعُدٍ |
صغيرةً، وتكُلُّ الطَّرفَ من أَمَمِ |
وكيفَ يُدرِكُ في الدنيا حقيقَتُه |
قومٌ نيامٌ تسلّوا عنهُ بالحُلُمِ |
|
فمبلَغُ العلمِ فيهِ أنّهُ بشرٌ |
وأنّهُ خيرُ خلقِ الله كُلِّهمِ |
|
وكُلُّ آيٍ أتى الرسلُ الكِرامُ بها |
فإنّما اتصلت من نُورهِ بهمِ |
|
فإنّهُ شمسُ فضلٍ هم كواكِبُها |
يُظهرنَ أنوارَها للناسِ في الظُّلَمِ |
|
أكرِمْ بخلق نبيٍّ زانَهُ خُلُقٌ |
بالحُسنِ مُشتمِلٍ بالبِشرِ مُتسّمِ |
كالزهرِ في ترفٍ والبدرِ في شرفٍ |
والبحرِ في كرمٍ والدهرِ في هِمَمِ |
|
كأنّهُ وهو فَرْدٌ من جلالتهِ |
في عَسكَرٍ حين تلقاهُ وفي حَشَمِ |
|
كأنّما اللؤلؤ المكنونُ في صَدَفٍ |
منْ مَعدِني منطقٍ منه ومُبتَسمِ |
|
لا طِيبَ يعدِلُ تُرباً ضَمَّ أعظمَهُ |
طُوبى لِمُنتشقٍ منه ومُلتثِمِ |
|
في مولده صلى الله عليه وسلم
أبان مولده عن طيب عنصرهِ |
يا طيبَ مبتدأ منه ومختتمِ |
|
يومٌ تفرَّس فيه الفرس أنهم |
قد أنذروا بحلولِ البؤسِ والنقمِ |
|
وبات إيوان كسرى وهو منصدعٌ |
كشملِ أصحاب كسرى غير ملتئمِ |
|
والنارُ خامدةُ الأنفاسِ من أسفٍ |
عليه والنهر ساهي العين من سدمِ |
|
وساءَ ساوةَ أن غاضت بحيرتها |
ورُد واردها بالغيظ حين ظمي |
كأنّ بالنارِ ما بالماءِ من بلل |
حزناً وبالماء ما بالنارِ من ضرمِ |
|
والجن تهتف والأنوار ساطعة |
والحق يظهر من معنى ومن كلم |
|
عموا وصموا فإعلان البشائر لم |
تسمع وبارقة الإنذار لم تُشمِ |
|
من بعدِ ما أخبره الأقوام كاهِنُهُم |
بأن دينهم المعوجّ لم يقُمِ |
|
وبعد ما عاينوا في الأفقِ من شهب |
منقضةٍ وفق ما في الأرض من صنمِ |
حتى غدا عن طريق الوحي منهزمٌ |
من الشياطين يقفو إثر منهزمِ |
|
كأنّهم هرباً أبطال أبرهةٍ |
أو عسكرٌ بالحصى من راحتيه رمي |
|
نبذاً به بعد تسبيحٍ ببطنهما |
نبذَ المسبِّح من أحشاءِ ملتقمِ |
|
في معجزاته صلى الله عليه وسلم
جاءت لدعوته الأشجار ساجدة |
تمشي إليه على ساقٍ بلا قَدمِ |
|
كأنّما سطرت سطراً لما كتبت |
فروعها من بديعِ الخَطِّ في اللقمِ |
|
مثل الغمامة أنّى سار سائرة |
تقيهِ حرّ وطيسٍ للهجير حَمِ |
|
أقسمت بالقمر المنشق إن له |
من قلبه نسبة مبرورة القسم |
|
وما حوى الغار من خير ومن كرم |
وكل طرفٍ من الكفار عنهُ عَمِ |
فالصِّدقُ في الغارِ والصديق لم يرما |
وهم يقولون ما بالغار من أرم |
|
ظنوا الحمام وظنوا العنكبوت على |
خير البرية لم تنسج ولم تحمِ |
|
وقاية الله أغنت عن مضاعفةٍ من |
الدروع وعن عالٍ من الأطُمِ |
|
ما سامني الدهرُ ضيماً واستجرت به |
إلا ونلت جواراً منه لم يضمِ |
|
ولا التمست غنى الدارين من يده |
إلا استلمت الندى من خير مستلم |
لا تُنكر الوحي من رؤياه إن له |
قلباً إذا نامت العينان لم ينمِ |
|
وذاك حين بلوغٍ من نبوته |
فليس ينكر فيه حال محتلمِ |
|
تبارك الله ما وحيٌّ بمكتسب |
ولا نبيِّ على غيبٍ بمتهمِ |
|
كم أبرأت وصباً باللمسِ راحته |
وأطلقت أرباً من ربقة اللمم |
|
وأحيت السنّة الشهباء دعوتهبعارضٍ جاد أو خلت البطاح بها |
حتى حكت غرّة في الأعصر الدُّهمِسيّبٌ من اليمِ أو سيلٌ من العرِمِ |
في شرف القرآن ومدحه
دَعني ووَصفي آياتٍ له ظهرتْ |
ظهورَ نار القِرى ليلاً على عَلَمِ |
|
فالدُّرُّ يزدادُ حُسناً وهو مُنتَظِمٌ |
وليس ينقصُ قدراً غيرَ منتظمِ |
|
فما تطاول آمال المديح إلى |
ما فيه من كرم الأخلاق والشِّيمِ |
|
آيات حقٍّ من الرحمن محدثةٌ |
قديمةٌ صفة الموصوف بالقِدَمِ |
|
لم تقترن بزمانٍ وهي تخبرنا |
عن المعادِ وعن عادٍ وعن إرَمِ |
دامتْ لدينا ففاقت كُلَّ مُعجزةٍ |
من النبيين إذ جاءت ولم تَدُمِ |
|
محكماتٌ فما تبقين من شبهٍ |
لذي شقاقٍ وما تبغين من حكمِ |
|
ما حُورِبَتْ قطُّ إلا عادَ من حَرَبٍ |
أعدى الأعادي إليها مُلقي السَّلمِ |
|
ردّتْ بلاغتها دعوى مُعارِضَها |
ردَّ الغيورِ يدَ الجاني عن الحُرَمِ |
|
لها معانٍ كموجِ البحر في مددٍ |
وفوق جوهره في الحسن والقيمِ |
فما تعدُّ ولا تُحصى عجائبها |
ولا تسأم على الإكثارِ بالسأمِ |
|
قرّت بها عين قاريها فقلت له |
لقد ظفرت بحبل الله فاعتصمِ |
|
إن تتلها خيفةً من حرِّ نار لظى |
أطفأت حرّ لظى من وردها الشمِ |
|
كأنها الحوض تبيض الوجوه به |
من العصاة وقد جاؤوه كالحِمَمِ |
|
وكالصراط وكالميزان معدلة |
فالقسط من غيرها في الناس لم يقمِ |
لا تعجبنْ لِحَسودٍ راح يُنكرُهَا |
تجاهلاً، وهو عينُ الحاذِقِ الفهِمِ |
|
قد تُنكرُ العينُ ضوءَ الشمسِ من رَمَدٍ |
ويُنكِرُ الفمُ طعمَ الماءِ من سَقمِ |
|
في الإسراء والمعراج:
يا خيرَ من يَمم العافون ساحته |
سعياً وفوق متون الأينق الرسم |
|
ومن هو الآية الكبرى لمعتبرٍ |
ومن هو النعمةُ العظمى لمغتنمِ |
|
سريتَ من حرمٍ ليلاً إلى حرمٍ |
كما سرى البدر في داجٍ من الظلمِ |
|
وبت ترقى إلى أن نلت منزلة |
من قاب قوسين لم تُدرك ولم تُرمِ |
|
وقدّمتك جميع الأنبياء بها |
والرسل تقديم مخدومٍ على خدمِ |
وأنتَ تخترق السبع الطباق بهم |
في مركب كنت فيه صاحب العلم |
|
حتى إذا لم تدع شأواً لمستبقٍ |
من الدنوِّ ولا مرقى لمستنمِ |
|
خفضت كل مقامٍ بالإضافة إذ |
نوديت بالرفع مثل المفردِ العلم |
|
كيما تفوز بوصلٍ آي مستترٍ |
عن العيون وسرِ آي مكتتمِ |
|
فحزت كل فخارٍ غير مشتركٍ |
وجزت كل مقامٍ غير مزدحمِ |
وجلّ مقدار ما وليت من رتبٍ |
وعزّ إدراك ما أوليت من نعمِ |
|
بشرى لنا معشر الإسلام إن لنا |
من العناية ركناً غيرِ منهدمِ |
|
لما دعا الله داعينا لطاعته |
بأكرم الرسل كنا أكرم الأممِ |
|
في جهاد النبي صلى الله عليه وسلم:
راعتْ قلوبَ العدا أنباءُ بعثتهِ |
كنبأةِ أجفلت غَفلاً من الغنمِ |
|
مازال يلقاهُم في كُلِّ مُعتركٍ |
حتى حكوا بالقنا لحماً على وضَمِ |
|
ودّوا الفرار فكادوا يغبطونَ به |
أشلاءَ شالت مع العقبانِ والرَّخمِ |
|
تمضي الليالي ولا يدرونَ عدَّتها |
ما لم تكن من ليالي الأشهر الحُرُمِ |
|
كأنَّما الدِّينُ ضيفٌ حَلّ ساحَتهُم |
بكلِّ قَرْمٍ إلى لحم العدا قرِمِ |
يَجُرُّ بحرَ خميسٍ فوق سابحةٍ |
يرمي بموجٍ من الأبطالِ مُلتَطمِ |
|
من كُلِّ مُنتَدبٍ لله مُحتسبٍ |
يسطو بمستأصلٍ للكفرِ مُصطلمِ |
|
حتى غدتْ ملّةُ الإسلام وهي بهم |
من بعد غربتها موصولة الرَّحمِ |
|
مكفولةٌ أبداً منهم بخيرِ أبٍ |
وخير بعلٍ فلم تيتم ولم تئمِ |
|
همُ الجبالُ فَسَلْ عنهم مُصادِمَهُم |
ماذا رأى منهمُ في كلِّ مُصطدمِ |
وسَلْ حنيناً وسلْ بدراً وسلْ أُحداً |
فصول حتفٍ لهم أدهى من الوخمِ |
|
المُصدري البيضَ حُمْراً بعد ما وردت |
من العدا كُلَّ مُسَّودٍ من اللممِ |
|
والكاتبينَ بِسُمرِ الخطِّ ما تركتشاكي السلاحِ لهم سيما تُميّزهم |
|
أقلامُهُم حَرفَ جِسمٍ غير منعجمِوالوردُ يمتازُ بالسِّيما ممّن السّلمِ |
كأنّهم في ظهورِ الخيل نبت ربا |
من شدّة الحزم لا من شدّة الحُزُمِ |
|
طارت قلوب العدا من بأسهم فَرْقاً |
فما تفرق بين البَهمِ والبُهمِ |
ومن تكن برسولِ الله نصرته |
إن تلقه الأسد في آجامها تجمِ |
|
ولن ترى من وليٍ غير منتصرٍ |
به ولا من عدوٍّ غير منفصمِ |
|
أحلَّ أمّتهُ في حِرزِ ملّته |
كالليثِ حَلّ مع الأشبالِ في أجمِ |
|
كم جدلت كلمات الله من جدلٍ |
فيه وكم خصم البرهان من خصمِ |
|
كفاك بالعلم في الأميِّ معجزةٌ |
في الجاهلية والتأديبِ في اليتمِ |
في التوسل بالنبي صلى الله عليه وسلم:
خدمتهُ بمديحٍ أستقبلُ به |
ذنوب عمرٍ مضى في الشعرِ والخدمِ |
|
إذ قلداني ما تُخشى عواقبهُ |
كأنّني بهما هديٌّ من النعمِ |
|
أطعت على الصِّبا في الحالتين وما |
حصلت إلا على الآثامِ والندمِ |
|
فيا خسارة نفس في تجارتها |
لم تشترِ الدنيا بالدين ولم تسمِ |
|
ومن يبعْ آجلاً منه بعاجلهِ |
يبن له الغبن في بيع وفي سلمِ |
إن أتِ ذنباً فما عهدي بمنتقض |
من النبي ولا حبلي بمنصرمِ |
|
فإنّ لي ذمّة منه بتسميتي |
محمداً وهو أوفى الخلق بالذممِ |
|
إن لم يكن في معادي آخذاً بيدي |
فضلاً وإلا فقل يا زلة القدمِ |
|
حاشاهُ أن يحرم الراجي مكارمه |
أو يرجع الجار منه غير محترمِ |
|
ومنذ ألزمت أفكاري مدائحه |
وجدته لخلاصي خير ملتزمِ |
ولن يفوت الغنى منه يداً تربت |
إنّ الحيا يُنبت الأزهار في الأكمِ |
|
ولم أرد زهرة الدنيا التي اقتطفت |
يدا زهيرٍ بما أثنى على هَرِمِ |
|
في المناجاة وعرض الحاجات:
يا أكرم الخلق مالي من ألوذُ بهش |
سواكَ عند حلولِ الحادثِ العَممِ |
|
ولن يضيق رسول الله جاهك بي |
إذا الكريم تحلّى باسم منقمِ |
|
يا نفسُ لا تقنطي من زلّة عظمت |
إنَّ الكبائر في الغفران كالِلمِ |
|
لعلّ رحمة ربي حين يقسمها |
تأتي على حسب العصيان في القسمِ |
|
يا ربِّ واجعل رجائي غير منعكسٍ |
لديك واجعل حسابي غير مُنخرمِ |
والطف بعبدك في الدارين إنّ لهُ |
صبراً متى تدعه الأهوال ينهزمِ |
|
وأذن لسحب صلاة منك دائمةٍ |
على النبيِّ بمنهلٍ ومُنسجمِ |
|
ما رنّحت عذبات البان ريح صباً |
وأطربَ العيس حادي العيس بالغنمِ |
|
ثمّ الرضا عن أبي بكرٍ وعن عمرٍ |
وعن علي وعن عثمان ذي الكرمِ |
|
والآلِ والصحب ثم التابعين فهم |
أهل التقى والنقاة والحلم والكرمِ |
يا ربِّ بالمصطفى بلّغ مقاصدنا |
واغفر لنا ما مضى يا واسع الكرمِ |
|
واغفر إلهي لكلِّ المسلمين بما |
يتلون في المسجد الأقصى وفي الحرمِ |
|
بجاه من بيته في طيبة حرمٌ |
واسمه قسم من أعظم القسمِ |
|
وهذه بردة المختار قد خُتمت |
والحمد لله في بدء وفي ختمِ |
|
آياتها قد أتت ستين مع مائةٍ |
فرِّج بها كربنا يا واسع الكرمِ |
البوصيري في قصيدة“الهمزية النبوية“:
كيفَ تَرقى رُقِيَّكَ الأنبياءُ |
يا سماءً ما طاولتها سماءُ |
|
لم يُساووكَ في عُلاكَ،وقد حالَ |
سناً منكَ دونهم وسناءُ |
|
إنما مَثّلوا صفاتك للناسِ |
كما مَثّلَ النجومَ الماءُ |
|
أنتَ مصباحُ كلِّ فضلٍ،فما تَص |
درُ إلا عن ضوئكَ الأضواءُ |
|
لك ذاتُ العلومُ من عالَمِ الغيبِ |
ومنها لآدمَ الأسماءُ |
ما مضت فترةٌ من الرُسلِ إلا |
بشّرت قومها بكَ الأنبياءُ |
|
تتباهى بكَ العصورُ وتسمو بك |
علياءُ بعدها علياء |
|
ثم قامَ النبيُّ يدعو إلى الله |
وفي الكفر نجدةٌ وإباءُ |
|
اُمَماً أُشرِبت قلوبُهُمُ الكُفرَ |
فداءُ الضلالِ فيهم عَياءُ |
|
فبما رحمةٍ له بنصرٍ وفتحٍ |
بعد ذاك الخضراء والغبراءُ |
وأطاعت لأمرهِ العَرَبُ العر |
باءُ والجاهليةُ الجهلاء |
|
وتوالت للمصطفى الآيةُ الكب |
رى عليهم والغارة الشعواءُ |
|
فإذا ما تلا كتاباً من الله |
تلته كتيبةٌ خضراءُ |
|
شرف الدين البوصيري:
رحمةٌ كله وحزم وعزم |
ووقارٌ وعِصمةٌ وضِياءُ |
|
لا تحلُّ البأساءُ منهُ عُرى الص |
بر ولا تستخفّه السّراءُ |
|
كُرُمتْ نفس، فما يخطر السوءُ |
على قلبهِ ولا الفحشاءُ |
|
البوصيري:
الله أكبر إنَّ دينَ مُحَمّد |
وكتابه أقوى وأقوم قيلا |
|
طلعت به شمس الهداية للورى |
وأبى لها وصف الكمال أفولا |
|
والحقُّ أبلجُ في شريعته التي |
جمعت فروعاً للهدى وأصولا |
|
لا تذكروا الكتب السوالف عنده |
طلع الصباح فأطفئوا القنديلا |
|
البوصيري:
مُحَمَّدٌ حُجّةُ الله التي ظهرت |
بِسُنّةٍ مالها في الخلقِ تحويلُ |
|
من كمّل الله معناهُ وصورَتهُ |
فلم يفته على الحالين تكميلُ |
محمود سامي البارودي:
هيهات يَسلُكُ لومُ العاذلينَ إلى |
قلبٍ بِحبِّ رسولِ الله مُمتزجِ |
|
هوَ النبيُّ الذي لولا هدايتُهُ |
لكانَ أعلمُ من في الأرضِ كالهمجِ |
|
هاجت بذكراهُ نفسي فاكتست ولهاً |
وأيُّ صَبٍّ بذكرِ الشوقِ لم يهجِ |
|
محمود سامي البارودي في قصيدة“كشف الغمّة في مدح سيد الأمّة:
يارائدَ البرقِ يَمّمْ دارةَ العَلَمِ |
واحدُ الغَمامَ إلى حيٍّ بذي سَلَمِ |
|
أدعو إلى الدّارِ بالسُّقيا وبي ظَمأٌ |
حَقٌّ بالرِّيِّ لكنّي أخو كَرَمِ |
|
منازلٌ لِهواها بينَ جانحتي |
وديعةٌ سِرُّها لم يتصِلْ بفمي |
|
إذا تَنسّمتُ منها نَفحةٌ لَعِبتْ |
بيَ الصَبابةُ لَعِبَ الريحِ بالعَلَمِ |
|
أدِرْ على السَّمعِ ذكراها فإنَّ لها |
في القلبِ منزلةً مَرعيّةَ الذِمَمِ |
عهدٌ تولّى وأبقى في الفؤادِ لهُ |
شوقاً يَفُلُّ شَباةَ الرأي والهِمَمِ |
|
إذا تذكّرتهُ لاحتْ مَخائِلُهُ |
للعينِ حتى كأنّي منهُ في حُلُمِ |
|
فما على الدَّهرِ لو رقَّتْ شَمائلُهُ |
فعادَ بالوصلِ أو ألقى يدَ السَّلمِ |
|
تَكاءدَنني خطوبٌ لو رَميتُ بها |
مناكِبَ الأرضِ لم تثبُتْ على قَدَمِ |
|
في بلدةٍ مثلِ جَوفِ العَيرِ لستُ أرى |
فيها سوى أُمَمٍ تحنو على صَنمِ |
لا أستقِرُّ بها إلا على قَلَقٍ |
ولا ألذُّ بها إلا على ألمِ |
|
إذا تَلّفتُ حولي لم أجد أثراً |
إلا خيالي ولم أسمع سوى كَلمي |
|
فمنْ يَرُدُّ على نفسي لُبانتَها |
أو من يُجيرُ فؤادي من يدِ السَّقَمِ |
|
مُحَمّدٌ خاتمُ الرُسلِ الذي خضعت |
لهُ البريّةُ من عُرْبٍ ومن عَجَمِ |
|
سميرُ وحيٍ ومَجنى حِكمةٍ وندى |
سماحةٍ وقِرى عافٍ ورَيُّ ظَمِ |
قد أبلغَ الوحيُ عنهُ قبلَ بعثتهِ |
مسامعَ الرُسلِ قولاً غيرَ مُنكَتمِ |
|
فذاكَ دعوةُ إبراهيمَ خالِقَهُ |
وسرُّ ما قالهُ عيسى من القِدَمِ |
|
أكرِمْ بهِ وبآباءٍ مُحَجَّلةٍ |
جاءت بهِ غُرَّةً في الأعصُرِ الدُّهُمِ |
|
قد كانَ في مَلكوتِ الله مُدَّخراً |
لدعوةٍ كانَ فيها صاحبَ العَلَمِ |
|
نورٌ تَنَقَّلَ في الأكوانِ ساطِعُهُ |
تَنَقُّلَ البدرِ من صُلبٍ إلى رَحِمِ |
حتى استقرَّ بعبدِ الله فانبلجت |
أنوارُ غُرَّتهِ كالبدرِ في البُهُمِ |
|
واختارَ آمنةَ العذراءَ صاحبةً |
لفضلها بين أهلِ الحِلِّ والحَرَمِ |
|
كِلاهُما في العُلا كُفءٌ لصاحبهِ |
والكُفءُ في المجدِ لا يُستامُ بالقِيِم |
|
فأصبحت عندَهُ في بيتِ مَكرمةٍ |
شِيدت دعائِمُهُ في منصِبٍ سِنِمِ |
|
وحينما حَملتْ بالمُصطفى وضعت |
يدُ المشيئةِ عنها كُلفَةَ الوَجَمِ |
ولاحَ من جسمها نورٌ أضاءَ لها |
قصورَ بُصرى بأرضِ الشّآمِ من أمَمِ |
|
ومُذ أتى الوَضعُ وهو الرَّفعُ منزلةً |
جاءت بروحٍ بنورِ الله مُتَسّمِ |
|
ضاءت به غُرَّةُ الإثنينِ وابتسمت |
عن حُسنهِ في ربيعٍ روضةُ الحَرَمِ |
|
وأرضعتهُ ولم تيأس حليمةُ من |
قولِ المراضعِ إنَّ البؤسَ في اليَتَمِ |
|
ففاضَ بالدَّرِّ ثدياها وقد غَنيت |
ليالياً وهي لم تطعم ولم تَنمِ |
وانهلَّ بعد انقطاعٍ رِسْلُ شارفِها |
حتى غَدَت من رَفيهِ العيشِ في طُعَمِ |
|
فَيَمّمت أهلها مملوءةً فرحاً |
بما أُتيحَ لها من أوفرِ النِّعمِ |
|
وقَلَّصَ الجدبُ عنها فهي طاعِمةٌ |
من خيرِ ما رَفدتها ثَلّةُ الغَنَمِ |
|
وكيفَ تَمحلُ أرضٌ حلَّ ساحتها |
مُحَمّدٌ وهو غيثُ الجودِ والكَرَمِ |
|
فلم يزل عندها ينمو وتكلؤهُ |
رعايةُ الله من سوءٍ ومن وَصَمِ |
حتى إذا تمَّ ميقاتُ الرَّضاعِ لهُ |
حَولينِ أصبحَ ذا أيدٍ على الفُطُمِ |
|
وجاءَ كالغُصنِ مجدولاً تَرِفُّ على |
جبينهِ لمحاتُ المجدِ والفَهٍمِ |
|
قد تمَّ عقلاً وما تمّت رَضاعتهُ |
وفاضَ حِلماً ولم يبلغ مدى الحُلُمِ |
|
فَبينما هوَ يرعى البَهْمَ طافَ بهِ |
شخصانِ من ملكوتِ الله ذي العِظَمِ |
|
فأضجعاهُ وشقّا صدرهُ بيدٍ |
رفيقةٍ لم يَبِت منها على ألمِ |
وبعدَ ما قضيا من قلبهِ وطراً |
تولّيا غسلهُ بالسَّلسلِ الشَّبِمِ |
|
ما عالجا قلبَهُ إلا لِيخلصَ من |
شَوبِ الهوى ويعي قُدسيّةَ الحِكَمِ |
|
فيا لها نِعمةً لله خصَّ بها |
حبيبَهُ وهو طِفلٌ غيرُ مُحتَلمِ |
|
وقال عنهُ بَحيرا حينَ أبصرَهُ |
بأرضِ بُصرى مقالاً غيرَ مُتَهَّمِ |
|
إذ ظَلّلتهُ الغمامُ الغُرُّ وانهصرت |
عطفاً عليه فروعُ الضَّالِ والسَّلمِ |
بأنّهُ خاتمُ الرُّسلِ الكِرامِ ومنْ |
بهِ تزولُ صروفُ البؤسِ والنِّقَمِ |
|
هذا وكمْ آيةٍ سارت لهُ فَمَحتْ |
بنورها ظُلمةَ الأهوالِ والقُحَمِ |
|
ما مرَّ يومٌ لهُ إلا وقَلّدَهُ |
صنائعاً لم تَزَل في الدَّهرِ كالعَلَمِ |
|
حتى استَتّمَ ولا نقصانَ ياحقهُ |
خمساً وعشرينَ سِنُّ البارعِ الفَهِمِ |
|
ولَقَّبتهُ قريشٌ بالأمينِ على |
صِدقِ الأمانةِ والإيفاءِ بالذِّممِ |
ودّت خديجةُ أن يرعى تجارتها |
وِدادَ مُنتهزٍ للخيرِ مُغتَنِمِ |
|
فَشدَّ عَزمتها منهُ بِمُقتدرٍ |
ماضي الجنانِ إذا ما همَّ لم يخِمِ |
|
وسارَ مُعتزماً للِشأمِ يصحبهُ |
في السَّيرِ ميسرةُ المَرضيُّ في الحشَمِ |
|
فما أناخَ بها حتى قضى وطراً |
من كُلِّ ما رامهُ في البيعِ والسَّلمِ |
|
وكيفَ يخسرُ من لولاهُ ما ربحت |
تِجارةُ الدِّينِ في سَهلٍ وفي عَلَمِ |
فَقَصَّ ميسرةُ المأمونُ قِصّتهُ |
على خديجةَ سَرداً غيرَ مُنعَجِمِ |
|
وما رواهُ لهُ كهلٌ بصومعةٍ |
من الرَّهابينِ عن أسلافهِ القُدُمِ |
|
في دوحةٍ عاجَ خيرُ المُرسلينَ بها |
من قبلِ بعثهِ للعُربِ والعَجمِ |
|
هذا نبيٌّ ولم ينزل بساحتها |
إلا نبيٌّ كريمُ النَّفسِ والشِّيمِ |
|
وسيرةَ المَلكينِ الحائمينِ على |
جبينهِ لِيُظِلّاهُ من التّهمِ |
فكانَ ما قَصّهُ أصلاً لما وصلت |
بهِ إلى الخَيرِ من قصدٍ ومُعتَزَمِ |
|
أحسِن بها وصلةً في الله قد أخذت |
بها على الدّهرِ عَقداً غيرَ مُنفصمِ |
|
فأصبحا في صفاءٍ غير منقطعٍ |
على الزمانِ ووِدٍّ غير مُنصرمِ |
|
وحينما أجمعت أمراً قريشُ على |
بنايةِ البيتِ ذي الحُجّابِ والخَدَمِ |
|
تَجَمَّعت فِرَقُ الأحلافِ واقتسمت |
بناءَهُ عن تراضٍ خيرَ مُقتَسِمِ |
حتى إذا بلغَ البُنيانُ غايتَهُ |
من موضعِ الرُّكنِ بعد الكدِّ والجشَمِ |
|
تسابقوا طَلباً للأجرِ واختصموا |
فيمن يشدُّ بناهُ كُلَّ مُختَصمِ |
|
وأقسمَ القومُ أن لا صُلحَ يعصمُهُم |
من اقتحامِ المنايا أيّما قَسَمِ |
|
وأدخلوا حينَ جَدَّ الأمرُ أيديَهم |
للِشرِّ في جفنةٍ مملوءةٍ بِدَمِ |
|
فقالَ ذو رأيهم لا تعجلوا وخذوا |
بالحزمِ فهوَ الذي يشفي من الحَزَمِ |
لِيرضَ كلُّ امرىءٍ منا بأوّلِ من |
يأتي فَيُقسِطُ فينا قِسطَ مُحتَكمِ |
|
فقالَ كُلٌّ رضينا بالأمينِ على |
عِلمٍ فأكرِم به من عادلٍ حَكَمِ |
|
فكانَ أوَّلَ آتٍ بعدما اتفقوا |
مُحَمّدٌ وهو في الخيراتِ ذو قَدَمِ |
|
فأعلموهُ بما قد كانَ واحتكموا |
إليهِ في حَلِّ هذا المُشكلِ العَمَمِ |
فَمدَّ ثوباً وحَطَّ الرُكنَ في وسطٍ |
منهُ وقال ارفعوهُ جانبَ الرّضَمِ |
|
فنالَ كلُّ امرىءٍ حظاً بما حملَت |
يداهُ منهُ ولم يَعتِب على القِسَمِ |
|
حتى إذا اقتربوا تِلقاءَ موضعهِ |
من جانب البيتِ ذي الأركانِ والدّعمِ |
|
مدَّ الرَّسولُ يداً منهُ مُباركةً |
بَنتهُ في صَدَفٍ من باذخٍ سَنِمِ |
|
فليزدد الرُّكنُ تيهاً حيثُ نالَ بهِ |
فخراً أقامَ لهُ الدنيا على قَدَمِ |
لو لم تكن يدُهُ مَسّتهُ حين بنى |
ما كانَ أصبحَ ملثوماً بِكُلِّ فمِ |
|
يا ليتني والأماني رُبّما صدقت |
أحظى بِمُعتَنقٍ منهُ ومُلتَزَمِ |
|
يا حَبّذا صِبغةٌ من حُسنهِ أخذت |
منها الشَّبيبةُ لونَ العُذرِ واللَّممِ |
|
كالخالِ في وجنةٍ زِيدت محاسِنُها |
بِنُقطةٍ منهُ أضعافاً من القِيَمِ |
|
وكيفَ لا يفخرُ البيتُ العتيقُ بهِ |
وقد بنتهُ يدٌ فيّاضةُ النِّعَمِ |
أكرِم به وازعاً لولا هِدايتُهُ |
لم يظهر العدلُ في أرضٍ ولم يَقُمِ |
|
هذا الذي عصمَ الله الأنامَ به |
من كُلِّ هولٍ من الأهوالِ مُختَرِمِ |
|
وحينَ أدركَ سِنَّ الأربعينَ وما |
من قَبلهِ مبلغٌ للِعلمِ والحِكَمِ |
|
حباهُ ذو العَرشِ بُرهاناً أراهُ بهِ |
آيات حِكمتهِ في عالَمِ الحُلُمِ |
|
فكانَ يمضي ليرعى أُنسَ وحشتهِ |
في شاسعٍ ما بهِ للِخَلقِ من أرَمِ |
فما يَمُرُّ على صخرٍ ولا شجرٍ |
إلا وحَيّاهُ بالتَسليمِ من أَمَمِ |
|
حتى إذا حانَ أمرُ الغيبِ وانحسرت |
أستارُهُ عن ضميرِ اللوحِ والقَلمِ |
|
نادى بدعوتهِ جهراً فأسمعها |
في كُلِّ ناحيةٍ من كانَ ذا صَمَمِ |
|
فكانَ أوَّلُ من في الدِّينِ تابَعَهُ |
خديجةٌ وعليٌّ ثابتُ القَدَمِ |
|
ثمَّ استجابت رجالٌ دونَ أُسرتهِ |
وفي الأباعدِ ما يُغني عن الرَّحمِ |
ومن أرادَ بهِ الرَّحمنُ مَكرُمةً |
هداهُ للِرُّشدِ في داجٍ من الظُّلمِ |
|
ثمَّ استمرَ رسولُ الله مُعتَزماً |
يدعو إلى ربِّهِ في كُلِّ مُلتأمِ |
|
والناسُ منهُم رشيدٌ يستجيبُ له |
طوعاً ومنهم غَوِيٌّ غيرُ مُحتَشِمِ |
|
حتى استرابت قُريشٌ واستبدَّ بها |
جهلٌ تَردّت بهِ في مارجٍ ضَرِمِ |
|
وعذّبوا أهلَ دينِ الله وانتهكوا |
محارماً أعقبتهُم لهفةَ النَّدمِ |
وقامَ يدعو أبو جهلٍ عشيرَتهُ |
إلى الضّلالِ ولم يَجنح إلى سَلَمِ |
|
يُبدي خِداعاً ويُخفي ما تضمنّهُ |
ضميرهُ من غَراةِ الحِقدِ والسَّدَمِ |
|
لا يَسلمُ القلبُ من غِلٍّ ألمَّ بهِ |
ينقى الأديمُ ويبقى موضِعَ الحَلَمِ |
|
والحقدُ كالنّارِ إن أخفيتهُ ظهرت |
منهُ علائمُ فوق الوجه كالحُمَمِ |
|
لا يُبصرُ الحقَّ مَن جهلٌ أحاطَ بهِ |
وكيف يُبصِرُ نورَ الحقِّ وهو عَمِّ |
كلُّ امريءٍ واجدٌ ما قدّمت يدُهُ |
إذا استوى قائماً من هُوَّةِ الأدَمِ |
|
والخيرُ والشرُّ في الدنيا مُكافأةٌ |
والنّفسُ مسؤولةٌ عن كلِّ مُجتَرَمِ |
|
فلا يَنم ظالمٌ عمّا جَنت يدُهُ |
على العبادِ فعينُ الله لم تَنَمِ |
|
ولم يزل أهلُ دينِ الله في نَصَبٍ |
ممّا يُلاقونَ من كَربٍ ومن زأمِ |
|
حتى إذا لم يَعُد في الأمرِ مَنزعةٌ |
وأصبحَ الشَّرُّ جهراً غيرَ مُنكَتمِ |
ساروا إلى الهجرةِ الأولى وما قصدوا |
غيرَ النّجاشيِّ ملكاً صادِقَ الذِّمَمِ |
|
فأصبحوا عندَهُ في ظِلِّ مملكةٍ |
حصينةٍ وذِمامٍ غيرِ مُنجَذِمِ |
|
من أنكرَ الضَّيمَ لم يأنس بِصحبتهِ |
ومن أحاطت بهِ الأهوالُ لم يُقِمِ |
|
ومُذ رأى المُشركون الدِّين قد وضحت |
سماؤهُ وانجلت عن صِمَّةِ الصِّمَمِ |
|
تألّبوا رغبةً في الشرِّ وائتمروا |
على الصَّحيفة من غيظٍ ومن وَغَمِ |
صحيفةٌ وَسَمت بالغدرِ أوجُهَهُم |
والغدرُ يَعلَقُ بالأعراضِ كالدَّسَمِ |
|
فَكشَّفَ الله منها غُمّةً نزلت |
بالمؤمنينَ ورَبِّي كاشفُ الغُمَمِ |
|
من أضمرَ السُّوءَ جازاهُ الإلهُ بهِ |
ومن رعى البغيَ لم يسلم من النِّقَمِ |
|
كفى الطُّفيلَ بن عَمروٍ لُمعَةٌ ظهرت |
في سَوطهِ فأنارت سُدفَةَ القَتَمِ |
|
هدى الله بها دَوساً من ضلالتها |
فتابعت أمرَ داعيها ولم تَهِمِ |
وفي الإراشيِّ للأقوامِ مُعتَبرٌ |
إذ جاء مكّةَ في ذَودٍ من النَّعمِ |
|
فباعها من أبي جهلٍ فماطَلَهُ |
بحقِّهِ وتمادى غيرَ مُحتَشِمِ |
|
فجاءَ منتصراً يشكو ظُلامتَهُ |
إلى النبيِّ ونعِمَ العونُ في الإزَمِ |
|
فقامَ مُبتدراً يسعى لِنُصرتهِ |
ونُصرةُ الحقِّ شأنُ المرءِ ذي الهِمَمِ |
|
فَدَقَّ بابَ أبي جهلٍ فجاءَ لهُ |
طَوعاً يجُرُّ عِنانَ الخائفِ الزَّرِمِ |
فحينَ لاقى رسولَ الله لاحَ لهُ |
فَحْلٌ يَحُدُّ إليهِ النَّابَ من أطَمِ |
|
فهالهُ ما رأى فارتدَّ مُنزعجاً |
وعادَ بالنّقدِ بعدَ المَطلِ عن رَغَمِ |
|
أتلكَ أم حينَ نادى سَرْحةً فأتت |
إليهِ منشورةَ الأغصانِ كالجُمَمِ |
|
حَنَّت عليهِ حُنُوَّ الأُمِّ من شَفَقٍ |
ورفرفت فوقَ ذاك الحُسنِ من رَخَمِ |
|
جاءتهُ طوعاً وعادت حين قال لها |
عُودي ولو خُلِّيت للشّوقِ لم تَرِمِ |
وحَبّذا ليلةُ الإسراءِ حينَ سرى |
ليلاً إلى المسجدِ الأقصى بلا أتَمِ |
|
رأى بهِ من كِرامِ الرُّسلِ طائفةً |
فأمَّهُم ثمَّ صلى خاشعاً بهِمِ |
|
بل حَبَّذا نهضةُ المِعراجِ حيَ سما |
بهِ إلى مَشهدٍ في العزِّ لم يُرَمِ |
|
سما إلى الفَلكِ الأعلى فنالَ بهِ |
قدراً يَجِلُّ عن التشبيهِ في العِظَمِ |
|
وسارَ في سُبُحاتِ النُّورِ مُرتقياً |
إلى مدارجَ أعيت كُلَّ مُعتَزِمِ |
وفازَ بالجوهرِ المكنونِ من كَلِمٍ |
ليست إذا قُرِنت بالوصفِ كالكَلِمِ |
|
سرٌّ تحارُ بهِ الألبابُ قاصرةً |
ونِعمةٌ لم تكن في الدهرِ كالنِّعمِ |
|
هيهاتَ يبلغُ فهمٌ كُنهَ ما بلغت |
قُرباهُ منهُ وقد ناجاهُ من اَمَمِ |
|
فيا لها وصلةٌ نالَ الحبيبُ بها |
ما لم ينلهُ من التَّكريم ذو نَسَمِ |
|
فاقت جميعَ الليالي فهي زاهرةٌ |
بِحُسنها كزُهورِ النّارِ في العَلَمِ |
هذا وقد فرضَ الله الصَّلاة على |
عبادهِ وهَداهُم واضحَ اللّقَمِ |
|
فسارعوا نحوَ دينِ الله وانتصبوا |
إلى العبادةِ لا يألونَ من سأمِ |
|
ولم يزل سيّدُ الكونينِ مُنتصباً |
لدعوةِ الدِّينِ لم يفتر ولم يَجِمِ |
|
يستقبلُ الناسَ في بدوٍ وفي حَضَرٍ |
وينشرُ الدِّينَ في سَهلٍ وفي عَلَمِ |
|
حتى استجابت لهُ الأنصارُ واعتصموا |
بحبله عن تراضٍ خيرَ مُعتَصمِ |
فاستكملت بهمُ الدنيا نضارَتها |
وأصبحَ الدِّينُ في جَمعٍ بهم تَمِمِ |
|
قومٌ أقرّوا عِمادَ الحقِّ واصطلموا |
ببأسهم كُلَّ جبّارٍ ومُصطلَمِ |
|
فكم بهم أشرقت أستارُ داجيةٍ |
وكم بهم خَمدت أنفاسُ مُختَصمِ |
|
فحينَ وافى قُريشاً ذِكرُ بَيعتهم |
ثاروا إلى الشَّرِّ فِعلَ الجاهلِ العَرِمِ |
|
وبادهوا أهلَ دينِ الله واهتضموا |
حُقوقَهم بالتمادي شرَّ مثهتَضَمِ |
فكم ترى من أسيرٍ لا حِراكَ بهِ |
وشاردٍ سارَ من فَجٍّ إلى أكَمِ |
|
فهاجرَ الصّحبُ إذ قالَ الرسولُ لهم |
سيروا إلى طَيبةَ المَرعيّةِ الحُرَمِ |
|
وظلَّ في مَكّةَ المختارُ منتظراً |
إذناً من الله في سَيرٍ ومُعتزَمِ |
|
فأوجست خيفةً منهُ قريشُ ولم |
تقبل نصيحاً ولم ترجع إلى فَهَمِ |
|
فاستجمعت عُصَباً في دارِ ندوتها |
تبغي بهِ الشَّرَّ من حقدٍ ومن أضَمِ |
ولو دَرَت أنّها فيما تُحاولهُ |
مخذولةٌ لم تَسُمْ في مرتعٍ وَخِمِ |
|
أولى لها ثُمّ أولى أن يَحيقَ بها |
ما أضمرتهُ من البأساءِ والشَّجَمِ |
|
إني لأعجبُ من قومٍ أولي فِطَنٍ |
باعوا النُّهى بالعَمى والسَّمعَ بالصممِ |
|
يعصونَ خالقهم جهلاً بِقدرتهِ |
ويعكفونَ على الطّاغوتِ والصَّنمِ |
|
فأجمعوا أمرَهُم أن يبغتوهُ إذا |
جَنَّ الظَّلامُ وخَفَّت وطأةُ القَدمِ |
وأقبلوا مَوهناً في عُصبةٍ غُدُرٍ |
من القبائلِ باعوا النّفسَ بالزَّعَمِ |
|
فجاءَ جبريلُ للهادي فأنباهُ |
بما اسَرّوهُ بعدَ العهدِ والقَسَمِ |
|
فَمُذ رآهم قياماً حولَ مأمنهِ |
يبغونَ ساحتهُ بالشّرِّ والفَقَمِ |
|
نادى عَليّاً فأوصاهُ وقال له |
لا تخشَ والبس ردائي آمناً ونَمِ |
|
ومرَّ بالقومِ يتلو وهوَ منصرفٌ |
يس وهي شِفاءُ النَّفسِ من وَصَمِ |
فلم يروهُ وزاغت عنهُ أعيُنُهُم |
وهل ترى الشَّمس جهراً أعينُ الحَنَمِ |
|
وجاءهُ الوحيُ إيذاناً بهجرتهِ |
فَيَمّمَ الغارَ بالصدِّيقِ في الغَسَمِ |
|
فما استقرَّ بهِ حتى تبوأهُ |
من الحمائمِ زوجٌ بارِعُ الرَّنَمِ |
|
بنى بهِ عُشَّهُ واحتلّهُ سكناً |
يأوي إليهِ غداةَ الرِّيحِ والرَّهَمِ |
|
إلفانِ ما جَمَعَ المقدارُ بينهما |
إلا لِسرٍّ بصَدرِ الغارِ مُكتَتمِ |
كِلاهُما دَيدبانٌ فوقَ مَربأةٍ |
يرعى المسالكَ من بُعدٍ ولم يَنمِ |
|
إن حنَّ هذا غراماً أو دعا طَرَباً |
باسمِ الهديلِ أجابت تلكَ بالنَّغمِ |
|
يخالها من يراها وهي جاثمةٌ |
في وكرها كُرةً ملساءَ من ادَمِ |
|
إن رفرفت سكنت ظِلاً وإن هبطت |
روت غليلَ الصّدى من حائرٍ شَبِمِ |
|
وسجفَ العنكبوتُ الغارَ محتفياً |
بخيمةٍ حاكها من أبدعِ الخِيَمِ |
وارت فمَ الغارِ عن عينٍ تُلِمُّ بهِ |
فصارَ يحكي خفاءً وجهَ مُلتثمِ |
|
فظلَّ فيه رسول الله معتكفاً |
كالدُرِّ في البحرِ أو كالشمسِ في الغَسَمِ |
|
حتى إذا سكنَ الإرجافِ واحترقت |
أكبادُ قومٍ بنارِ اليأسِ والوَغَمِ |
|
أوحى الرسولُ بإعدادِ الرَّحيلِ إلى |
من عِندهُ السِّرُّ من خِلٍّ ومن حَشَمِ |
|
وسارَ بعد ثلاثٍ من مباءتهِ |
يؤُمُّ طَيبةَ مأوى كُلّ مُعتَصِمِ |
فَحينَ وافى قُديداً حلَّ موكبُهُ |
بأُمِّ مَعبدَ ذاتِ الشَّاءِ والغَنَمِ |
|
فلم تجد لِقراهُ غيرَ ضائنةٍ |
قد اقشعرّت مراعيها فلم تَسُمِ |
|
فما أمرَّ عليها داعياً يدَهُ |
حتى استهلّت بذي شَخبينِ كالدِّيمِ |
|
ثمَّ استقلَّ وأبقى في الزمان لها |
ذِكراً يسيرُ على الآفاقِ كالنَّسمِ |
|
فبينما هو يطوي البيدَ أدركهُ |
ركضاً سُراقةُ مثلَ القَشعَمِ الضَّرِمِ |
حتى إذا ما دنا ساخَ الجوادُ بهِ |
في بُرقَةٍ فهوى للسَّاقِ والقَدمِ |
|
فصاحَ مُبتهلاً يرجو الأمانَ ولو |
مضى على عزمهِ لانهارَ في رَجَمِ |
|
وكيفَ يبلغُ مراً دونهُ وَزَرٌ |
من العنايةِ لم يبلغهُ ذو نَسَمِ |
|
فكفَّ عنهُ رسولُ الله وهو بهِ |
أدرى وكم نِقَمٍ تفتَرُّ عن نِعَمِ |
|
ولم يزل سائراً حتى أنافَ على |
أعلامِ طَيبةَ ذاتِ المنظرِ العَمَمِ |
أعظِم بمقدمهِ فخراً ومنقبةً |
لمعشرِ الأوسِ والأحياءِ من جُشَمِ |
|
فخرٌ يدومُ لهم فضلٌ بِذكرتهِ |
ما سارت العِيسُ بالزُّوارِ للِحرَمِ |
|
يومٌ بهِ أرَّخَ الإسلامُ غُرَّتهُ |
وأدركَ الدِّينُ فيه ذِروةَ النُّجُمِ |
|
ثمَّ ابتنى سيّدُ الكونينِ مسجدهُ |
بُنيانَ عِزٍّ فأضحى قائمَ الدَّعمِ |
|
واختصَّ فيه بلالاً بالأذانِ واجتمعت |
لهث القبائلُ من بُعدٍ ومن زَمَمِ |
قامَ النبيُّ خطيباً فيهمُ فأرى |
نهجَ الهدى ونهى عن كُلِّ مُجتَرَمِ |
|
وعَمَّهُمْ بكتابٍ حضَّ فيهِ على |
محاسنِ الفضلِ والآدابِ والشِّيمِ |
|
فأصبحوا في إخاءٍ غيرِ مُنصدعٍ |
على الزَّمانِ وعِزٍّ غيرِ مُنهدمِ |
|
وحينَ آخى رسولُ الله بينَهُمُ |
آخى عَليّاً ونِعمَ العونُ في القُحَمِ |
|
هوَ الذي هزمَ اللهُ الطغاةُ بهِ |
في كُلِّ مُعتَرَكٍ بالبيضِ مُحتَدِمِ |
فاستحكمَ الدِّينُ واشتدَّت دعائِمُهُ |
حتى غدا واضحَ العِرنينِ ذا شَمَمِ |
|
وأصبحَ الناسُ إخواناً وعَمَّهُم |
فضلٌ من الله أحياهمُ من العَدَمِ |
|
هذا وقد فرضَ الله الجهادَ على |
رسولهِ لِيَبُثَّ الدِّينَ في الأممِ |
|
فكانَ أوَّلُ غزوٍ سارَ فيهِ إلى |
ودّانَ ثمَّ أتى من غيرِ مُصطَدَمِ |
|
ثًمَّ استَمَرَّت سرايا الدِّينِ سابحةً |
بالخيلِ جامحةً تستَنُّ باللُّجُمِ |
سَرِيّةٌ كان يرعاها عُبيدةُ في |
صَوبٍ وحمزةُ في أخرى إلى التَّهَمِ |
|
وغزوةٌ سارَ فيها المُصطفى قُدُماً |
إلى بُواطٍ بِجَمعٍ ساطعِ القَتَمِ |
|
ومِثلَها يَمَّمت ذاتَ العُشيرةِ في |
جيشٍ لُهامٍ كموجِ البحرِ مُلتَطِمِ |
|
وسارَ سعدٌ إلى الخَرَّارِ يقدُمهُ |
سعدٌ ولم يلقَ في مسراهُ من بَشَمِ |
|
ويَمَّمت سَفوان الخيلُ سابحةً |
بِكُلِّ مُعتَزمٍ للقَرنِ مُلتَزِمِ |
وتابعَ السَّيرَ عبدُ الله مُتجهاً |
تِلقاءَ نخلةَ مصحوباً بكُلِّ كَمي |
|
وحُوّلت قِبلةُ الإسلامِ وقتئذٍ |
عن وِجهةِ القُدسِ نحو البيتِ ذي العِظَمِ |
|
ويَمّمَ المُصطفى بدراً فلاحَ لهُ |
بدرٌ من النَّصرِ جلّى ظُلمةَ الوَخَمِ |
|
يومٌ تَبَسَّمَ فيهِ الدِّينُ وانهملت |
على الضَّلالِ عيونُ الشِّركِ بالسَّجَمِ |
|
أبلى عَليٌّ بهِ خيرَ البلاءِ بما |
حباهُ ذو العَرشِ من بأسٍ ومن هِمَمِ |
وجالَ حمزةُ بالصَّمصامِ يكسؤُهُم |
كسأً يُفرِّقُ منهم كُلَّ مُزدَحَمِ |
|
وغادرَ الصَّحبُ والأنصارُ جَمعَهُمُ |
وليسَ فيهِ كَميٌّ غيرُ منهزمِ |
|
تَقَسَّمتهُم يدُ الهيجاءِ عادلةً |
فالهامُ للبيضِ والأبدانُ للِرَّخَمِ |
|
كأنّما البيضُ بالأيدي صوالجَةٌ |
يلعبنَ في ساحةِ الهيجاءِ بالقِمَمِ |
|
لم يَبقَ منهم كَمِيٌّ غيرُ مُنجَدلٍ |
على الرّغامِ وعُضوٌ غيرُ مُنحَطِمِ |
فما مضت ساعةٌ والحربُ مُسعَرَةٌ |
حتى غدا جمعُهُم نهباً لِمُقتَسِمِ |
|
قد أمطرَتهم سماءُ الحربِ صائبةً |
بالمَشرفيَّةِ و المُرّانِ كالرُّجُمِ |
|
فأينَ ما كانَ من زَهوٍ ومن صَلَفٍ |
وأينَ ما كانَ من فخرٍ ومن شَمَمِ |
|
جاؤوا وللِشَّرِّ وسمٌ في معاطِسِهم |
فأُرغِموا والرَّدى في هذهِ السِّيَمِ |
|
من عارضَ الحقَّ لم تسلم مَقاتِلُهُ |
ومن تعَرَّضَ للأخطارِ لم يَنَمِ |
فما انقضى يومُ بدرٍ بالتي عَظُمت |
حتى مضى غازياً بالخيلِ في الشُّكُمِ |
|
فَيَمّمَ الكُدرَ بالأبطالِ مُنتحياً |
بني سُليمٍ فوَلّت عنهُ بالرَّغمِ |
|
وسارَ في غزوةٍ تُدعى السَّويقَ بما |
ألقاهُ أعداؤُهُ من عُظمِ زادِهِمِ |
|
ثمَّ انتحى بوجوهِ الخَيلِ ذا أمرٍ |
ففرَّ ساكِنُهُ رُعباً إلى الرَّقَمِ |
|
وأَمَّ فرعاً فلم يَثقف بهِ أحداً |
ومن يُقيمُ أمامَ العارضِ الهَزِمِ |
ولَفَّ بالجيشِ حَيّيَ قَينُقاعَ بما |
جَنوا فتَعساً لهم من معشرٍ قَزَمِ |
|
وسارَ زيدٌ بجمعٍ نحوَ قَردةَ من |
مياهِ نجدٍ فلم يثقف سوى النَّعَمِ |
|
ثمَّ استدارت رَحا الهيجاءِ في أُحُدٍ |
بكُلِّ مُفتَرِسٍ للقِرِنِ مُلتَهِمِ |
|
يومٌ تَبيّنَ فيهِ الجِدُّ واتَّضحت |
جَليّةُ الأمرِ بعدَ الجَهدِ والسَّأمِ |
|
قد كان خُبراً وتَمحيصاً ومغفرةً |
للمؤمنينَ وهل بُرءٌ بلا سَقَمِ |
مضى عليٌّ به قُدماً فزلزلَهُم |
بِحملةٍ أوردَتهُم مَورِدَ الشَّجَمِ |
|
وأظهرَ الصَّحبُ والأنصارُ باسَهم |
والبأسُ في الفعلِ غيرُ البأسِ في الكَلِمِ |
|
خاضوا المنايا فنالوا عيشةً رَغَداً |
ولذَّةُ النفسِ لا تأتي بلا ألمِ |
|
من يلزَمِ الصَّبرَ يستحسن عواقِبَهُ |
والماءُ يَحسنُ وقعاً عند كلِّ ظَمِ |
|
لو لم يكن في احتمالِ الصَّبرِ منقبةٌ |
لم يظهرِ الفرقُ بين اللؤمِ والكَرَمِ |
فكانَ يوماً عتيدَ البأسِ نالَ بهِ |
كِلا الفريقينِ جَهداً واريَ الحَدَمِ |
|
أودى بهِ حَمزةَ الصِّنديدُ في نَفَرٍ |
نالوا الشَّهادةَ تحتَ العارِضِ الرَّزِمِ |
|
أَحسِن بها مَيتةً أحيوا بها شَرَفاً |
والموتُ في الحربِ فخرُ السَّادةِ القُدُمِ |
|
لا عارَ بالقومِ من موتٍ ومن سَلَبٍ |
وهل رأيتَ حُساماً غيرَ مُنثَلمِ |
|
فكانَ يوم جزاءٍ بعدَ مُختَبرٍ |
لمن وفا وجفا بالعِزِّ والرَّغَمِ |
قامَ النبيُّ بهِ في مأزِقٍ حَرِج |
ترعى المناصلُ فيه مَنبِتَ الجُمَمِ |
|
فلم يزل صابراً في الحربِ يفثؤُها |
بالبيضِ حتى اكتست ثوباً من العَنَمِ |
|
ورَدَّ عَينَ ابنِ نُعمان قتادةَ إذ |
سالت فعادت كما كانت بلا لَتِمِ |
|
وقد أتى بعدَ ذا يومُ الرَّجيعِ بما |
فيه من الغدرِ بعدَ العهدِ والقَسَمِ |
|
وثارَ نقعُ المنايا في مَعونةَ من |
بني سُليَمٍ بأهلِ الفضلِ والحِكَمِ |
ثُمَّ اشرأبَّت لِخفرِ العهدِ من سَفَهٍ |
بنو النَّضيرِ فأجلاهم عنِ الأُطُمِ |
|
وسارَ مُنتحياً ذاتَ الرِّقاعِ فلم |
تلقَ الكتائبُ فيها كيدَ مُصطَدَمِ |
|
وحلَّ من بعدها بدراً لِوعدِ أبي |
سُفيانَ لكنّهُ ولّى ولم يَحُمِ |
|
وأَمَّ دَومةَ في جمعٍ وعادَ إلى |
مكانهِ وسماءُ النَّقعِ لم تَغِمِ |
|
ثمَّ استثارت قريشٌ وهي ظالمةٌ |
أحلافها وأتت في جَحفلٍ لَهِمِ |
تستمرىءُ البغيَ من جَهلٍ وما علمت |
أنَّ الجهالةَ مدعاةٌ إلى الثَّلَمِ |
|
وقامَ فيهم أبو سُفيانَ من حَنَقٍ |
يدعو إلى الشَّرِّ مثلَ الفحلِ ذي القَطَمِ |
|
فخندقَ المؤمنونَ الدّارَ وانتصبوا |
لحربهم كضواري الأُسدِ في الأجَمِ |
|
فما استطاعت قُريشٌ نيلَ ما طلبت |
وهل تنالُ الثُّريا كفُّ مُستَلِمِ |
|
رامت بِجهلتها أمراً ولو علمت |
ماذا أُعِدَّ لها في الغيبِ لم تَرُمِ |
فَخَيّبَ الله مسعاها وغادرها |
نهبَ الرّدى والصَّدى والرِّيحِ والطَّسَمِ |
|
فقوَّضت عُمُدَ التَّرحالِ وانصرفت |
ليلاً إلى حيثُ لم تسرَح ولم تَسُمِ |
|
وكيفَ تَحمدُ عُقبى ما جَنت يدُها |
بغياً وقد سَرَحت في مَرتعٍ وَخِمِ |
|
قد أقبلت وهيَ في فخرٍ وفي جَذَلٍ |
وأدبرت وهي في خِزيٍ وفي سَدَمِ |
|
من يركبِ الغيَّ لا يَحمد عواقبهُ |
ومن يُطِعْ قلبُهُ أمرَ الهوى يَهِمِ |
ثُمَّ انتحى بِوجوهِ الخَيلِ ساهمةً |
بني قُريظةَ في رَجراجةٍ حُطَمِ |
|
خانوا الرسولَ فجازاهم بما كسبوا |
وفي الخيانةِ مدعاةٌ إلى النِّقَمِ |
|
وسارَ ينحو بني لِحيانَ فاعتصموا |
خوفَ الرَّدى بالعوالي كُلَّ مُعتَصَمِ |
|
وأَمَّ ذا قَرَدٍ في جحفلٍ لَجِبٍ |
يستَنُّ في لاحبٍ بادٍ وفي نَسَمِ |
|
وزارَ بالجيشِ غزواً أرضَ مُصطَلِقٍ |
فما اتّقوهُ بغيرِ البيضِ في الخَدَمِ |
وفي الحُديبيةِ الصُّلحُ استتبَّ إلى |
عَشرٍ ولم يجرِ فيها من دمٍ هَدَمِ |
|
وجاءَ خيبرَ في جَأواءَ كالحةٍ |
بالخيلِ كالسَّيلِ والأسيافِ كالضَّرَمِ |
|
حتى إذا امتنعت شُمُّ الحصونِ على |
من رامها بعد إيغالٍ ومُقتَحَمِ |
|
قال النبيُّ سأعطي رايتي رَجلاً |
يُحِبُّني ويُحبُّ الله ذا الكَرمِ |
|
ذا مِرَّةٍ يفتحُ الله الحُصونَ على |
يديهِ ليسَ بِفرّارٍ ولا بَرِمِ |
فما بدا الفجرُ إلا والزَّعيمُ على |
جيشِ القتالِ عليٌّ رافِعُ العَلَمِ |
|
وكانَ ذا رَمَدٍ فارتدَّ ذا بَصَرٍ |
بِنَفثَةٍ أبرات عينيه من وَرَمِ |
|
فسارَ مُعتزماً حتى أنافَ على |
حصُونِ خيبرَ بالمسلولةِ الخُذُمِ |
|
يمضي بِمُنصلِهِ قُدماً فيلحَمُهُ |
مجرى الوريد من الأعناقِ واللِّممِ |
|
حتى إذا طاحَ منه التُّرسُ تاحَ لهُ |
بابٌ فكانَ لهُ تُرساً إلى العَتَمِ |
بابٌ أبت قلبَهُ جَهداً ثمانيةٌ |
من الصَّحابةِ أهلِ الجِدِّ والعَزَمِ |
|
فلم يزل صائلاً في الحربِ مُقتحماً |
غيابةَ النَّقعِ مثلَ الحَيدرِ القَرِمِ |
|
حتى تَبلّجَ فجرُ النَّصرِ وانتشرت |
به البشائرُ بين السَّهلِ والعَلَمِ |
|
أبشِر بهِ يوم فتحٍ قد أضاءَ بهِ |
وجهُ الزمانِ فأبدى بِشرَ مُبتَسمِ |
|
أتى بهِ جعفرُ الطَّيارُ فابتهجت |
بعودهِ أنفسُ الأصحابِ والعثزَمِ |
فكانَ يوماً حوى عيدينِ في نَسَقٍ |
فتحاً وعَود كريمٍ طاهرِ الشِّيمِ |
|
وعاد بالنَّصرِ مولى الدِّينِ مُنصرفاً |
يَؤُمُّ طَيبةَ في عِزٍّ وفي نِعَمِ |
|
ثًمَّ استقامَ لبيتِ الله مُعتمراً |
لِنَيلِ ما فاتهُ بالهدي للِحَرَمِ |
|
وسارَ زيدٌ أميراً نحو مُؤتَةَ في |
بعثٍ فلاقى بها الأعداءَ من كَثَمِ |
|
فَعَبَّاَ المسلمونَ الجُندَ واقتتلوا |
قِتالَ مُنتصرٍ للِحقِّ مُنتقمِ |
فطاحَ زيدٌ وأودى جعفرٌ وقضى |
تحتَ العَجاجةِ عبدُ الله في قُدُمِ |
|
لا عارَ بالموتِ فالشَّهمُ الجريءً يرى |
أنَّ الرَّدى في المعالي خيرُ مغتنَمِ |
|
وحينَ خاست قُريشٌ بالعُهُودِ ولم |
تُنصِف وسارت من الأهواءِ في نَقَمِ |
|
وظاهرت من بني بَكرٍ حليفتها |
على خُزاعةَ أهلِ الصِّدٌ في الذِّمَمِ |
|
قامَ النبيُّ لِنصرِ الحقِّ مُعتزماً |
بِجَحفَلٍ لِجموعِ الشِّركِ مُختَرِمِ |
تبدو بهِ البيضُ والقَسطالُ مُنتشرٌ |
كالشُّهبِ في الليلِ أو كالنارِ في الفَحَمِ |
|
لَمعُ السيوفِ وتصهالُ الخيولِ بهِ |
كالبرقِ والرّعدِ في مُغدَودِقٍ هَزِمِ |
|
عَرمرمٌ ينسفُ الأرضَ الفضاءَ إذا |
سرى بها ويدُكُّ الهضبَ من خِيَمِ |
|
فيهِ الكُماةُ التي ذَلّت لعزَّتها |
معاطسٌ لم تُذَلّل قبلُ بالخُطُمِ |
|
من كُلِّ مُعتزِمٍ بالصبرِ مُحتَزِمٍ |
للِقِرنِ مُلتزمٍ في البأسِ مُهتَزِمِ |
طالت بِهم هِمَمٌ نالوا السِّماكَ بها |
عن قُدرةٍ وعُلُوُّ النفسِ بالهِمَمِ |
|
بيضٌ أساورةٌ غُلبٌ قساورةٌ |
شُكسٌ لدى الحربِ مِطعامونَ في الأُزمِ |
|
طابت نفوسهم بالموتِ إذ علموا |
أن الحياةَ التي يبغونَ في العَدَمِ |
|
ساسوا الجيادَ فظلّت في أعنِتّها |
طَوعَ البنانةِ في كَرٍّ ومُقتحَمِ |
|
تكادُ تفقهُ لحنَ القولِ من أدبٍ |
وتسبقُ الوحيَ والإيماءَ من فَهَمِ |
كأنَّ أذنابها في الكرِّ ألويةٌ |
على سَفينٍ لأمرِ الرِّيحِ مُرتَسمِ |
|
من كُلِّ مُنجَرِدٍ يهوي بصاحبهِ |
بينَ العَجاجِ هويَّ الأجدلِ اللَّحِمِ |
|
والبيضُ ترجُفُ في الأغمادِ من ظمأٍ |
والسُّمرُ تَرعدُ في الأيمان من قَرَمِ |
|
من كُلِّ مُطَّرِدٍ لولا علائقهُ |
لسابقَ الموتَ نحوَ القِرنِ من ضَرَمِ |
|
كأنّهُ أرقمٌ في رأسهِ حُمَةٌ |
يستلُّ كيدَ الأعادي بابنةِ الرَّقمِ |
فلم يزل سائراً حتى أنافَ على |
أرباضِ مكّة بالفرسانِ والبُهَمِ |
|
ولفَّهم بخميسٍ لو يَشُدُّ على |
أركان رضوى لأضحى مائلَ الدِّعَمِ |
|
فأقبلوا يسألونَ الصَّفحَ حين رأوا |
أنَّ اللّجاجةَ مدعاةٌ إلى النَّدمِ |
|
رِيعوا فذَلّوا ولو طاشوا لوَقَّرَهُم |
ضربٌ يُفرّقُ منهم مجمعَ اللِّمَمِ |
|
ذاقوا الرّدى جُرَعاً فاستسلموا جَزَعاً |
للِصُّلحِ والحربُ مَرقاةٌ إلى السَّلَمِ |
وأقبلَ النصرُ يتلو وهوَ مُبتَسِمٌ |
المجدُ للسيفِ ليسَ المجدُ للِقَلمِ |
|
يا حائِرَ اللُّبِّ هذا الحقُّ فامضِ لهُ |
تَسلَم وهذا سبيلُ الرُّشدِ فاستقمِ |
|
لا يَصرَعنَّكَ وهمٌ بتَّ ترقبُهُ |
إنَّ التَّوهمَ حتفُ العاجزِ الوَخِمِ |
|
هذا النبيُّ وذاك الجيشُ مُنتشرٌ |
ملءَ الفضا فاستبق للخيرِ تغتنمِ |
|
فالزم حِماهُ تجد ما شئتَ من أرَبٍ |
وشِم نَداهُ إذا ما البرقُ لم يُشَمِ |
واحلُل رِحالكَ وانزل نحوَ سُدَّتهِ |
فإنّها عصمةٌ من أوثقِ العِصَمِ |
|
أحيا بهِ الله أمواتَ القلوبِ كما |
أحيا النّباتَ بفيضِ الوابلِ الرَّذِمِ |
|
حتّى إذا تمَّ أمرُ الصُلحِ وانتظمت |
به عقودُ الأماني أيَّ مُنتظَمِ |
|
قامَ النبيُّ بِشكُرِ الله مُنتصباً |
والشُّكرُ في كُلِّ حالٍ كافِلُ النِّعَمِ |
|
وطافَ بالبيتِ سبعاً فوقَ راحلةٍ |
قوداءَ ناجيةٍ أمضى من النَّسَمِ |
فما أشارَ إلى بُدٍّ بِمِحجَنهِ |
إلا هوى ليدٍ مغلولةٍ وفمِ |
|
وفي حُنينٍ إذ ارتدَّت هَوازنُ عن |
قصدِ السّبيلِ ولم تَرجِع إلى الحَكَمِ |
|
سرى إليها ببحرٍ من مُلَملَملةٍ |
طامي السّراة بموجِ البيضِ مُلتَطِمِ |
|
حتى استذلّت وعادت بعدَ نخوتها |
تُلقي إلى كُلِّ من تلقاهُ بالسَّلمِ |
|
ويَمّمَ الطّائفَ الغَنّاءَ ثمَّ مضى |
عنها إلى أجَلٍ في الغيبِ مُكتَتَمِ |
وحينَ أوفى على وادي تَبوكَ سعى |
إليهِ ساكِنُها طَوعاً بلا رَغَمِ |
|
فصالحوهُ وأدّوا جِزيةً ورضوا |
بِحُمهِ وتبيعُ الرُّشدِ لم يَهِمِ |
|
ألفى بها عينَ ماءٍ لا تَبِضُّ فَمُذ |
دعا لها انفجرت عن سائغٍ سَنِمِ |
|
وراودَ الغيثَ فانهلَّت بوادِرُهُ |
بعد الجمودِ بِمُنهلٍّ ومُنسَجِمِ |
|
وأَمَّ طَيبةَ مسروراً بعودتهِ |
يطوي المنازلَ بالوخّادةِ الرُّسُمِ |
ثُمَّ استهَلّت وفودُ الناسِ قاطبةً |
إلى حِماهُ فلاقت وافِرَ الكَرَمِ |
|
فكانَ عامَ وفودٍ كُلّما انصرفت |
عِصابةٌ أقبلت أخرى على قَدَمِ |
|
وأرسلَ الرُّسلَ تترى للملوكِ بما |
فيهِ بلاغٌ لأهلِ الذِّكرِ والفَهَمِ |
|
وأَمَّ غالِبُ أكنافَ الكَديدِ إلى |
بني المُلَوَّحِ فاستولى على النَّعَمِ |
|
وحينَ خانت جُذامُ فلَّ شوكتها |
زيدٌ بجمعٍ لرهطِ الشِّركِ مُقتَثِمِ |
وسارَ مُنتحياً وادي القُرى فَمحا |
بني فَزارةَ أصلَ اللؤُمِ والقَزَمِ |
|
وأَمَّ خيبرَ عبدُ الله في نَفَرٍ |
إلى اليسير فأرداهُ بلا أتَمِ |
|
ويَمّمَ ابنُ أُنيسٍ عُرضَ نخلةَ إذ |
طغا ابنُ ثَورٍ فأصماهُ ولم يَخِمِ |
|
ثمَّ استقلَّ ابنُ حصنٍ فاحتوت يدُهُ |
على بني العَنبرِ الطُّرّارِ والشُّجُمِ |
|
وسارَ عمرو إلى ذاتِ السَّلاسلِ في |
جمعٍ لُهامٍ لجيشِ الشِّركِ مُصطلمِ |
وغزوتانِ لعبدِ الله واحدَةٌ |
إلى رِفاعةَ والأخرى إلى إضَمِ |
|
وسارَ جمعُ ابنِ عوفٍ نحوَ دَومةَ كي |
يَفُلَّ سورةَ أهلِ الزُّورِ والتُّهَمِ |
|
واّمَّ بالخيلِ سيفَ البحرِ مُعتزماً |
أبو عُبيدةَ في صُيّابةٍ حُشُمِ |
|
واَمَّ مَدينَ زيدٌ فاستوت يدُهُ |
على العَدوِّ وساقَ السَّبيَ كالغَنمِ |
|
وقامَ سالِمُ بالعَضبِ الجُرارِ إلى |
أبي عُفيكٍ فأرداهُ ولم يَجِمِ |
وانقضَّ ليلاً عُميرٌ بالحسامِ على |
عَصماءَ حتى سقاها عَلقمَ العَدَمِ |
|
وسارَ بَعثٌ فلم يُخطيء ثُمامةَ إذ |
رآهُ فاحتازهُ غُنماً ولم يُلَمِ |
|
ذاكَ الهُمامُ الذي لبّى بمكّة إذ |
أتى بها مُعلناً في الأشهُرِ الحُرُمِ |
|
وبعثَ عَلقمةَ استقرى العدوَّ ضُحىً |
فلم يجد في خِللِ الحيِّ من أرمِ |
|
وردَّ كُرزٌ إلى العذراءِ من غَدروا |
يَسارَ حتى لقوا بَرحاً من الشَّجَمِ |
وسارَ بعثُ ابنِ زيدٍ للشآمِ فلم |
يلبث أن انقضَّ كالبازي على اليَمَمِ |
|
فهذه الغزواتُ الغُرُّ شاملةً |
جمعَ البُعوثِ كَدُرٍّ لاحَ في نُظُمِ |
|
نَظمتها راجياً نيلَ الشَّفاعةِ من |
خيرِ البرايا ومولى العُربِ والعَجَمِ |
|
هوَ النبيُّ الذي لولاهُ ما قُبلت |
رَجاةُ آدمَ لمّا زلَّ في القِدَمِ |
|
حسبي بِطلعتهِ الغرّاءِ مَفخرةً |
لمّا التقيتُ بهِ في عالَمِ الحُلُمِ |
وقد حباني عَصاهُ فاعتصمتُ بها |
في كُلِّ هولٍ فلم أفزَع ولم أهِمِ |
|
فهيَ التي كان يحبو مثلها كَرَماً |
لمن يَودُّ وحسبي نسبةً بِهِمِ |
|
لم أخشَ من بعدِها ما كنتُ أحذَرُهُ |
وكيفَ وهي التي تُنجي من الغُمَمِ |
|
كفى بها نِعمةً تعلو بِقيمتها |
نفسي وإن كنتُ مسلوباً من القِيَمِ |
|
وما أبرِّىءُ نفسي وهيَ آمرةٌ |
بالسُوءِ مالم تَعُقها خيفةُ النَّدمِ |
فيا ندامةَ نفسي في المَعادِ إذا |
تَعَوّذَ المرءُ خوفَ النُطقِ بالبَكمِ |
|
لكنَّني واثِقٌ بالعفوِ من مَلِكٍ |
يعفو برحمتهِ عن كُلِّ مُجتَرِمِ |
|
وسوفَ أبلُغُ آمالي وإن عَظُمت |
جرائمي يومَ ألقى صاحبَ العَلَمِ |
|
هوَ الذي يُنعشُ المَكروبَ إذ عَلِقت |
بهِ الرزايا ويُغني كلَّ ذي عَدَمِ |
|
هيهاتَ يخذلُ مولاهُ وشاعرَهُ |
في الحشرِ وهو كريمُ النَّفسِ والشِّيَمِ |
فمدُحهُ رأسُ مالي يومَ مُفتقري |
وحبُّهُ عِزُّ نفسي عندَ مُهتَضمي |
|
وهبتُ نفسي لهُ حُبّاً وتَكرِمة |
فهل تراني بلغتُ السُّؤلَ من سَلَمي |
|
إنّي وإن مالَ بي دهري وبرَّحَ بي |
ضَيمٌ أشاطَ على جَمرِ النَّوى أدَمي |
|
لثابتُ العهدِ لم يحلُل قُوى أملي |
يأسٌ ولم تَخطُ بي في سَلوةٍ قدمي |
|
لم يتركِ الدّهرُ لي ما أستعينُ بهِ |
على التَّجُملِ إلا ساعدي وفمي |
هذا يُحَبِّرُ مدحي في الرسولِ وذا |
يتلو على الناسِ ما أوحيهِ من كَلمي |
|
يا سيّدَ الكونِ عفواً إن أثمتُ فلي |
بِحُبّكم صلةٌ تُغني عن الرَّحمِ |
|
كفى بِسلمانَ لي فخراً إذا انتسبت |
نفسي لكم مثلَهُ في زُمرةِ الحَشَمِ |
|
وحسنُ ظنّي بكم إن مُتُّ يكلؤني |
من هولِ ما أتَّقي في ظُلمةِ الرَّجَمِ |
|
تالله ما عاقني عن حَيِّكم شَجَنٌ |
لكنّني مُوثَقٌ في رِبقةِ السَّلَمِ |
فهل إلى زَورةٍ يحيا الفؤادُ بها |
ذَريعةٌ أبتغيها قبلَ مُختَرَمي |
|
شكوتُ بَثَّي إلى ربِّي لِنصفني |
من كُلِّ باغٍ عتيدِ الجَورِ أوهكمِ |
|
وكيفَ أرهبُ حَيفا وهوَ مُنتقمٌ |
يهابهُ كلُّ جبّارٍ ومنتقمِ |
|
لا غروَ إن نلتُ ما أمَّلتُ منهُ فقد |
أنزلتُ مُعظمَ آمالي بذي كَرَمِ |
|
يا مالكَ المُلكِ هب لي منكَ مغفرةً |
تمحو ذنوبي غداةَ الخوفِ والنّدمِ |
وامنُن عليَّ بِلُطفٍ منكَ يَعصمني |
زَيغَ النُّهى يومَ أخذِ الموتِ بالكَظَمِ |
|
لم أدعُ غيركَ فيما نابني فَقِني |
شرَّ العواقبِ واحفظني من التُّهَمِ |
|
حاشا لِراجيكَ أن يخشى العِثارَ وما |
بعدَ الرَّجاءِ سوى التوفيقِ للِسَّلمِ |
|
وكيفَ أخشى ضلالاً يعدما سِلكت |
نفسي بِنورِ الهُدى في مَسلَكٍ قِيَمِ |
|
ولي بِحُبِّ رسولِ الله منزلةٌ |
أرجو بها الصَّفحَ يومَ الدِّينِ عن جُرُمي |
لا أدّعي عِصمةً لكن يدي عَلِقت |
بِسيِّدٍ من يَرِد مرعاتَهُ يَسُمِ |
|
خدمتهُ بمديحي فاعتلوتُ على |
هامِ السِّماكِ وصارَ السَّعدُ من خَدمي |
|
وكيفَ أرهبُ ضَيماً بعد خدمتهِ |
وخادِمُ السَّادةِ الأجوادِ لم يُضَمِ |
|
أم كيفَ يخذُلني من بعدِ تَسميتي |
باسمٍ لهُ في سماءِ العرشِ مُحترمِ |
|
أبكانيَ الدَّهرُ حتى إذ لجِئتُ بهِ |
حنا عليَّ وأبدى ثغرَ مُبتَسِمِ |
فهوَ الذي يمنحُ العافينَ ما سألوا |
فضلاً ويشفعُ يومَ الدِّينِ في الُمَمِ |
|
نورٌ لِمقتبِسٍ ذُخرٌ لِمُلتمسٍ |
حِرزٌ لِمُبتئسٍ كهفٌ لِمعتصمِ |
|
بثَّ الرَّدى والنَّدى شَطرينِ فانبعثا |
فيمن غَوى وهدى بالبؤسِ والنِّعَمِ |
|
فالكفرُ من بأسهِ المشهورِ في حَرَبٍ |
والدِّينُ من عدلهِ المأثورِ في حَرَمِ |
|
هذا ثَنائي وإن قصَّرتُ فيه فلي |
عُذرٌ وأينَ السُّها من كفِّ مُستَلِمِ |
هيهاتَ ابلُغُ بالأشعارِ مدَحتهُ |
وإن سلكتُ سبيلَ القالةِ القُدُمِ |
|
ماذا عسى أن يقولَ المادحونَ وقد |
أثنى عليهِ بفضلٍ مُنزلُ الكَلِمِ |
|
فهاكها يا رسولَ الله زاهرةً |
تُهدي إلى النَّفسِ رَيّا الآسِ والبَرَمِ |
|
وسمتُها باسمكَ العالي فألبسها |
ثوباً من الفخرِ لا يبلى على القِدمِ |
|
غريبةٌ في إسارِ البَين لو أنسِت |
بنظرةٍ منكَ لاستغنت عن النَّسَمِ |
لم ألتزِم نظمَ حبّاتِ البديعِ بها |
إذ كانَ صَوغُ المعاني الغُرِّ مُلتزمي |
|
وإنّما هيَ أبياتٌ رجوتُ بها |
نيلَ المُنى يوم تحيا بَذّةُ الرِّمَمِ |
|
نثرتُ فيها فريدَ المَدحِ فانتظمت |
أحسِن بِمُنتَثِرٍ منها ومُنتظِمِ |
|
صَدَّرتها بِنسيبٍ شَفَّ باطنهُ |
عن عِفّةٍ لم يَشنها قولُ مُتَّهِمِ |
|
لم أتّخذهُ جُزافاً بل سلكتُ بهِ |
في القولِ مَسلكَ أقوامٍ ذوي قَدَمِ |
تابعتُ كَعباً وحسّاناً ولي بهما |
في القولِ أُسوَةُ بَرِّ غيرِ مُتَّهمِ |
|
والشِّعرُ معرضُ ألبابٍ يُروجُ بهِ |
ما نَمَّقتهُ يدُ الآدابِ والحِكَمِ |
|
فلا يَلُمني على التَّشبيبِ ذو عَنَتٍ |
فَبلبلُ الرَّوضِ مطبوعٌ على النَّغمِ |
|
وليسَ لي روضةٌ ألهو بزهرتها |
في مَعرَضِ القولِ إلا روضةُ الحَرَمِ |
|
فهيَ التي تَيّمت قلبي وهِمتُ بها |
وجداً وإن كنتُ عفَّ النَّفسِ لم أهِمِ |
معاهِدٌ نقشت في وجنتيَّ لها |
أيدي الهوى أسطراً من عبرتي بِدَمِ |
|
يا حاديَ العيسِ إن بَلَّغتني أملي |
من قصدهِ فاقترح ما شئتَ واحتكمِ |
|
سِر بالمطايا ولا ترفَق فليسَ فتىً |
أولّى بهذا السُّرى من سائقٍ حُطَمِ |
|
ولا تخف ضَلّةً وانظر فسوفَ ترى |
نوراً يُريك مدَبَّ الذَّرِ في الاكَمِ |
|
وكيفَ يخشى ضلالاً من يَؤُمُّ حِمى |
مُحَمّدٍ وهو مِشكاةٌ على عَلَمِ |
هَذي مُنايَ وحسبي أن أفوزَ بها |
بِنعمةِ الله قبلَ الشَّيبِ والهَرَمِ |
|
ومن يكن راجياً مولاهُ نالَ بهِ |
ما لم ينلهُ بفضلِ الجِدِّ والهِمَمِ |
|
فاسجد لهُ واقترِب بطاعتهِ |
ما شئتَ في الدَّهرِ من جاهٍ ومن عِظَمِ |
|
هوَ المَليكُ الذي ذَلّت لِعزّتهِ |
أهلُ المصانعِ من عادٍ ومن إرَمِ |
|
يُحيي البرايا إذا حانَ المَعادُ كما |
يُحيي النّباتَ بشؤبوبٍ من الدِّيمِ |
يا غافرَ الذنبِ والألبابُ حائرةٌ |
في الحشرِ والنارُ ترمي الجوَّ بالضَّرمِ |
|
حاشا لِفضلكَ وهو المُستعاذُ بهِ |
أن لا تَمُنَّ على ذي خَلّةٍ عَدِمِ |
|
إنّي لمستشفعٌ بالمصطفى وكفى |
بهِ شفيعاً لدى الأهوالِ والقُحَمِ |
|
فاقبل رجائي فما لي من ألوذُ بهِ |
سواكَ في كُلِّ ما أخشاهُ من فَقَمِ |
|
وصلِّ ربي على المختارِ ما طَلَعت |
شمسُ النّهارِ ولاحت أنجُمُ الظُّلمِ |
والآلِ والصّحبِ والأنصارِ من تبعوا |
هُداهُ واعترفوا بالعهدِ والذِّمَمِ |
|
وامنن على عبدكَ العاني بمغفرةٍ |
تمحو خطاياهُ في بَدءٍ ومُختَتمِ |
حافظ إبراهيم في العام الهجري الجديد(المنار العدد )285:
أطَلَّ على الأكوانِ والخلقُ تنظرُ |
هلالٌ رآهُ المسلمونَ فكبرّوا |
|
تجلّى لهم في صورةٍ زاد حُسنها |
على الدّهرِ حُسناً أنها تتكّررُ |
|
فبشرّهم من وجههِ وجبينهِ |
وغرّتهِ والناظرين مُبشّرُ |
|
وأذكرهُم يوماً اغرَّ مُحجّلاً |
به تُوّجَ التاريخُ والسعدُ مُسفرُ |
|
وهاجر فيه خيرُ داعٍ إلى الهدى |
يَحفُّ به من قوّةِ الله عَسكرُ |
يماشيه جبريلٌ وتسعى وراءه |
ملائكةٌ ترعى خُطاه وتَخفِرُ |
|
بيسراه برهان من الله ساطع |
هدى وبيمناه الكتاب المُطّهرُ |
|
فكان على أبواب مكّة ركبه |
وفي يثرب أنوارهُ تتَفجّرُ |
|
مضى العام ميمون الشهور مُباركاً |
تعدّد أثار له وتسطر |
|
مضى غير مُذموم فإن يذكروا له |
هناتٍ فطبعُ الدهر يصفو ويكدرُ |
وإن قيل أودى بالألوف أجابهم |
مجيب لقد أحيا الملايين فانظروا |
|
وفي عالم الإسلامِ في كلِّ بقعة |
لهم أثر باق وذكر معطّرُ |
|
حافظ ابراهيم في عيد الهجرة:
لي فيك حين بدا سناكَ وأشرقا |
أملٌ سألتُ الله أن يتحقّقا |
|
أشرِقْ علينا بالسُّعودِ ولا تَكُنْ |
كأخيك مشئومَ المنازل أخرقا |
|
هَللّتُ حينَ لمحتُ جَبينه |
ورجوتُ فيه الخيرَ حينَ تألقّا |
|
وهزَزتُهُ بقصيدةٍ لو أنّها |
تُليتْ على الصخرِ الأصّمِ لأغدقا |
|
فنأى بجانبهِ وخَصَّ بنحسهِ |
مِصراً،وأسرفَ في النحوسِ وأغرقا |
لو كنتُ أعلمُ ما يُخبئهُ لنا |
لسألتُ ربي ضارعاً أن يمحقا |
|
ورمى على أرضِ الكِنانةَ جِرمه |
بالنازلات السُّودِ حتى أرهقا |
|
حافظ ابراهيم:
ولو أنّني خُيّرتُ لاخترتُ أن أُرى |
لِعيسكَ وحدي حادياً مُتَرِّنما |
|
أسيرُ خِلالَ الرّكبِ نحو حظيرةٍ |
على رَبِّها صلى الإله وسلّما |
|
إلى خيرِ خلقِ الله من جاءَ ناطقاً |
بآياتهِ انجيلُ عيسى بن مريما |
هاشم رفاعي في الهجرة النبوية:
عيدٌ على الوادي أتى مختالاً |
يحكي الربيعَ بشاشةً وجمالا |
|
هو يوم ذكرى بصادقِ عزمهم |
قهروا فساداً في الورى وضلالا |
|
إنا لنذكرُ “بالمُحرَّم” فتيةً |
بكفاحهم ضربوا لنا الأمثالا |
|
خرجوا “ليثرب” هاربين بدينهم |
قد فارقوا أحبابهم والآلا |
|
ولنصرةِ الحقِّ الذي طلعوا به |
بذلوا النفوس وقدّموا الآجالا |
ومن ابتغى الإصلاح في أرض الورى |
ركب الشدائد وامتطى الأهوالا |
|
يا يومَ هجرةِ خيرِ داعٍ للهدى |
أحيا قدومكَ بيننا آمالا |
|
ما أنتَ إلا رمزُ كلِ قضيةٍ |
فيها القويُّ سقى الضعيف نكالا |
|
يطغى عليه وبينما هو سادرٌ |
في الغَيِّ يلقى مجده قد دالا |
|
ما أنتَ إلا عيدُ كلَّ مُعذّبٍ |
في الأرضِ قد ذاق العنا أشكالا |
يُمسي ويُصبحُ في القيودِ مُكبلاً |
وقد ارتدى من بؤسهِ سربالا |
|
فإذا به بعد المذلّة سيّدٌ |
تعنو الجباهُ لمجدهِ إجلالا |
هاشم رفاعي في المولد النبوي:
مدحُ الرسولِ اليومَ كلُّ مُرادي |
فمديحهُ يُطفي لهيبَ الصّادي |
|
طيفُ الرسولِ سرى فهزَّ مشاعري |
والشوقُ ألهبَ مُهجتي وفؤادي |
|
يا ناشرَ الإسلام إنَّ قصائدي |
نالت بمدحكَ رفعةَ الإنشادِ |
|
في عيدِ مولدكَ السماءُ تَزّينتْ |
بكواكبِ الأفراحِ والأعيادِ |
|
يا خيرَ خلقِ الله يا علمَ الهدى |
يا شافعاً للناسِ في الميعادِ |
اضرع لربّكَ أن يبيد عدونا |
ويكفي شرَّ أولئكَ الأوغاد |
|
صلى عليك الله يا خير الورى |
مازارَ قبرُكَ رائحٌ أو غادي |
هاشم رفاعي “نهج البردة“:
هَبّت رياحُ الصّبا فاستكتبت قلمي |
مدحَ الرسول كريمِ الخلقِ والشِيّمِ |
|
مالي وللرُسلِ امضي في مدائحهم |
إنَّ الرسولَ رفيعُ القدرِ عن كلمي |
|
شوقي إليكَ رسولَ الله أظمأني |
والمدحُ يُطفي لهيبَ الظاميءِ النهمِ |
|
إني مدحتك يا خيرَ الورى طمعاً |
في أن أنالَ الرِّضى يا واسعَ الكرمِ |
|
فاعطف على عاشقٍ أضناهُ حُبّكم |
وكن رحيماً بِصّبٍ ذابَ من ألمِ |
فكن شفيعي رسولَ الله، واأملي! |
واطلبْ من الله ستراً لي وللأمم |
|
فأنتَ من يَستجب ربُّ العبادِ لهُ |
أنتَ الحبيبُ الكريم الكاشف الغمم |
|
إنّ العروبةَ في إبَّانِ محنتها |
فكن لطيفاً بنا يا ربِّ وانتقمِ |
|
هذا مديحي رسولَ الله معتذراً |
إن كنتُ لم أوفِ حقَّ القولِ والكلمِ |
|
فإنّ مثلي رسولَ الله يعجز عنصلى الإله على خير الورى كرماً |
مديحِ ذاتٍ سرتْ لله في الظّلمِمُحَمّدٌ أفضلُ الأعراب والعجمِ |
هاشم رفاعي في مولد الرسول صلى الله عليه وسلم:
شهرَ الربيعِ حَللت نورا ساطعاً |
يجلو ظلام الكربِ والأتراحِ |
|
فرحَ الأنامُ أما رأيتَ قلوبَهم |
سَعدت بنورِ جبينك الوضّاحِ |
|
والكونُ يملؤهُ الضياء كأنّهُ |
قد لُفَّ من نور الهدى بوشاحِ |
|
للهدي بابٌ كان أُغلق دوننا |
والله أرسلَ فيك بالمفتاحِ |
|
حدِّث أيا شهرَ الربيع،وصِف لنا |
يوماً أهلَّ بعطرهِ الفوَّاحِ |
يوماً به ولدَ الهدى فضياؤُهُ |
قد عَمَّ مكّةَ من رُباً وبطاحِ |
|
يوماً على هامِ الزمانِ مُتوَّجاً |
فالكونُ فيه أُنيرَ بالمصباحِ |
|
هذا الذي قد جاءنا برسالةٍ |
تهدي وتُرشدنا سبيل فلاحِ |
|
نشرَ الهداية في الجهالة فانطوت |
مثل الظلام طواهُ نورُ صباحِ |
|
لم يُثنِ عزمَ محمدٍ قولُ الملا |
قد نالهُ مَسٌّ من الأرواحِ |
أو يستكنْ لمّا رموهُ لجهلهم |
فأُصيبَ من أحجارهم بجراحِ |
|
لك يا ابن عبد الله عزمُ مُثابرٍ |
تدعو بجدٍ لم يُشَبْ بمزاحِ |
|
لله أنتَ قاومتكَ عِصابةٌ شريرةٌ |
من كلِّ باغٍ مشركٍ سَفّاحِ |
|
إذ قمتَ تبني للمنارِ دعائماً |
وتُقيمُ ركن الهدي والإصلاحِ |
|
فأتوا بجمعٍ من شبابٍ طائش |
قد دجّجوهُ بِعُدّةٍ وسلاحِ |
قالوا له اذهب فأتِينَّ بأحمدٍ |
فوقَ السيوفِ وفوقَ سنِّ رماحِ |
|
لن يستطيع شبابُهم نيل المُنى |
قَسماً بربيَ فالقِ الإصباحِ |
|
فسلاحهم غدرٌ وبغيُ جهالةٍ |
وسلاحهُ نصرٌ من الفَتَّاحِ |
|
في جنة الرضوانِ قوم قد أبوا |
إلا الصُّمودَ أمامَ كلِّ رياحِ |
|
قد أُشربوا كأسَ العذابِ فلم تَلِن |
منهم قناةُ عزيمةٍ يا صاحِ |
وبلالُ مَنْ كبلال قد ذاقَ العنا |
في الله عُذبتَ يا ابن رباح؟ |
|
ونطقت بالتوحيدِ لم تشكُ الأسى |
إذ عذّبوك ولم تفُه بنواحِ |
|
فجزاء مثلك أن يكونَ مُؤذناً |
في يومِ كُلِّلَ سعيهم بنجاحِ |
|
ألقت قريشُ،وأيقنت بهلاكها |
سيفَ الضلالة،دونَ أيِّ نُباحِ |
|
لما تقدمتِ الكتائبُ نحوها |
ما بينَ تكبيرٍ وبين صياحِ |
جَزِعَ البُغاةُ من الرسولِ لأنهم |
كم أتبعوه بِشدَّةٍ وكفاحِ |
|
فرحوا فما فوهُ أهلَ عداوةٍ |
بل أهلَ مغفرةٍ وأهلَ سماحِ |
|
بسط السلامُ على الربوعِ جناحه |
لما أضاءَ الكونَ نورُ الماحي |
|
عرفوا الطريق إلى الرشادِ وأدركوا |
بالهدي كلَّ مُحرَّمٍ ومُباحِ |
|
الله أكبر قد أعزَّ جنوده |
والبطلُ قد أضحى بغير جناح |
هاشم رفاعي في ذكرى المولد النبوي:
نبيٌّ فيه للعلياءِ صرحٌ ممنَّعٌ |
وأمطرهُ غيثاً من الهدي صَيِّبا |
|
فأنبتَ فيهِ النورَ والحقَّ والسَّنا |
بعوةِ صدقٍ بعدما كان أجدبا |
|
أطلَّ بديجورِ الضلالةِ هادياً |
ولاحَ بليلِ الإفكِ والزورِ كوكبا |
|
وما زالَ يسعى بالهدايةِ جاهداً |
إلى أمّةٍ لم تعرِف الحقَّ مذهبا |
|
إلى أن أضاءَ النورُ دامسَ جهلهم |
ورقّقَ طبعاً ساءَ منهم وهذّبا |
فأصبحَ دينُ الله في الناسِ قائماً |
يعمُّ سناهُ الأرض شرقاً ومغربا |
|
أتى بكتاب فيه للخلق عزةٌ |
فساء قريشاً ما أتاهُ وأغضبا |
|
عجبت لهم إذ يركنون لغيِّهم |
وأكثرتُ مما قد أتوهُ التعجبا |
|
لقد حاربوا المختارَ فالبعضُ حاقدٌ |
عليهِ يثيرُ الناسَ والبعضُ قَطّبا |
|
وكذّبهُ الكفارُ إذ قامَ داعياً |
وقد كانَ ذا صدقٍ لديهم مُجرَّبا |
وكم حاولوا في الأرضِ إطفاءَ نوره |
فلا شمسهُ غابت ولا ضؤوه خبا |
|
يقولونَ داعٍ ينشدُ الملكَ والغنى |
لقد كذبوا،ما رامَ بالدينِ منصِبا |
|
ولم يبتغِ الجاهَ العريضَ لدى الورى |
ولا شاءَ أن يحيا أميراً مُعصَّبا |
|
ولكنهُ يدعو إلى خيرِ سمْحةٍ |
ويمحو ضلالاً أفسدَ الناسَ أحقُبا |
|
ولما أبت إلا الغواية مكةٌ |
وآذاهُ من فيها تَيَممَ “يثربا“ |
فألفى بها نصراً وعزاً ورِفعةً |
وصدراً من الأنصارِ للدينِ أرحبا |
|
هاشم رفاعي في قصيدة من وحي المولد:
نَفِّسْ عن القلبِ أشجاناً تُمزّقهُ |
وانشرُ معي ما طوت من قبلنا الحقبُ |
|
واذكر حديثَ الاُلى كانت شريعتهم |
سفكَ الدماءِ فكم سالت بها قُضبُ |
|
عاثوا فساداً وباتَ الكلُّ قاطبةً |
وبعضهم لحقوقِ البعضِ مُغتصِبُ |
|
جهلٌ ولا شيءَ غير الجهلِ رائدُهم |
ظلمٌ ولا شيءَ غيرَ الظلمِ مُنتصبُ |
|
خمرٌ وفسق وأصنام مُؤلّهةٌ |
ووأدُ نفسٍ ومالٌ باتَ يُنتهبُ |
كانوا حيارى بليل مدَّ ظُلمتَه |
فأشرقت شمسُ طه واهتدى العربُ |
|
في ذلكَ الحينِ والفتيانُ سادرةٌ |
في الغيِّ لم يثنِهم لومٌ ولا عتبُ |
|
كان الأمينُ بحبلِ الهدي مُعتصماً |
لا يعرف الرجس بل واللهو يجتنبُ |
|
وسلْ خديجةَ لما راحَ يخطُبُها |
قومٌ بمكّةَ فيها كلُّهم رغبوا |
|
لكنّها أعرضت عنهم وما رضيت |
غيرَ الأمينِ لها زوجاً وإن عجبوا |
وما الأمينُ سوى راعي تجارتها |
وكلُّهم أغنياءٌ سادةٌ نُجُبُ |
|
لكنَّ أخلاقَهُ فاقت شمائلَهم |
وطيِّبُ النفسِ للأخلاقِ يصطحبُ |
|
وينظرُ الصادق الأحجارَ آلهةً |
والقومُ في مركبِ الخسرانِ قد ركبوا |
|
فينثني عن ضلالِ الشركِ يدفعهُ |
رأيٌ سديدٌ وعقل زانهُ الأدبُ |
|
أيصنعُ المرءُ أصناماً ويعبُدها |
هذا هو الزور والبهتانُ والكذِبُ |
لا بُدَّ من مُنشيءٍ للكونِ أبدعهُ |
خَلقاً وما دونه شكٌ ولا ريبُ |
|
وقامَ في الغارِ حتى جاءه مَلَك |
وهَزُّ ثمَّ حتى نالهُ التَّعبُ |
|
ونوديَ اقرأ تعالى الله قائلُها |
قد أشرقَ الهدي فانجابت به السحبُ |
|
وقام يدعو إلى الرحمن أفئدةً |
لم يرضَها قطُّ للأوثانِ مُنقلَبُ |
|
وما استجابَ له منهم سوى نفرٍ |
في الله ما عُذّبوا في الله ما ضُربوا!! |
ر
باتوا وباتَ الردى منهم بمقربةٍ |
ومن كؤوسِ العذابِ المُرِّ كم شربوا؟! |
|
ذاقَ الهوانُ على الرمضاءِ منبِطحٌ |
وهامَ ليلاً إلى الأقطارِ مغتربُ |
|
أوذوا فما فُتنوا والصبرُ رائدهم |
والمجدُ للدِّينِ بالأرواحِ قد كتبوا |
|
جادوا بأموالهم طُراً وما بخلوا |
ومن نفيسِ الدماءِ الطُّهرِ كم وهبوا |
|
وهل أتاكَ حديثُ القومِ إذ وقفوا |
بالبابِ حتى إذا لاحَ الهدى وثبوا |
فأوحي اخرجْ لئن كادوا مَكيدتهم |
فالله يعظمهم كيداً،لهُ الغلبُ |
|
وراحَ للغارِ والصدِّيقُ يصحبُهُ |
وفتيةُ القوم أغشت عينهم حُجبُ |
|
وأقبلَ الصُّبحُ في طيَّاتهِ نبأٌ |
هزَّ الجميعَ فعمَّ السُّخطُ والغضبُ |
|
لقد نجا أحمدٌ يا للشقاءِ!! فمنْ |
يأتي بهِ فلهُ الأموالُ والذهبُ |
|
فَجدَّ في إثرهِ الفتيانُ طامعةً |
في الال حتى دنوا للغارِ واقتربوا |
فأيقنَ الطاهرُ الصدِّيقُ تهلكة |
وما رأى القومَ حتى راحَ ينتحِبُ |
|
وقالَ للمُصطفى ماذا سنصنعهُ |
والقومُ بالبابِ والأسيافُ والعطبُ |
|
فصاحَ طهَ ونورُ الحقِّ يكلؤهُ: |
فيمَ النحيبُ؟وفيمَ الخوفُ والهبُ؟ |
|
“لا تحزننَّ فإنَ الله ثالثُنا“ |
وليسَ من يرعَهُ الرحمنُ يكتئبُ |
|
واستقبلت يثربُ الهادي وصاحبهُ |
بالبشرِ من بعد ما أضناهما السَّغبُ |
آخى الرسولُ هناكَ القومَ قاطبةً |
فالدِّينُ بينَ الجميعِ الودُّ والنسّبُ |
|
وشيّدَ المسجدَ الأعلى بساحتها |
تُتلى به الآيُ والأحكامُ والخُطُبُ |
|
وراحَ يغزو قريشاً والذين رضوا |
بالشركِ مُعتنقاً،يا بئس ما ارتكبوا |
|
حتى أتى النصرُ خفاقاً برايتهِ |
كما أشارت إليه الىيُ والكتبُ |
|
ونال طه الذي يبغيه من وطرٍ |
طُراً وما فاتهُ قصدٌ ولا أربث |
يا ربِّ أرسلتهُ للعالمين هدى |
فالطفْ لقد عَصفتْ من حولنا النُّوبُ |
|
هذا الفسادُ الذي أبدى نواجِذهُ |
نار لها اليومَ من إيماننا حَطبُ |
|
فاعطف على أمةِ الإسلامِ قد رضيت |
بالذلِّ عيشاً وماتَ الجدُّ والدأبُ |
|
واغفر لأجل إمام المرسلين لنا |
في يومِ لا تنفعُ الأموالُ والنشبُ |
|
هاشم رفاعي في قصيدة مولد النور:
هوَ نفحةُ الرحمنِ للكونِ الذي |
كادت تحيطُ بأهلهِ الظَّلماءُ |
|
قد شاءَه لِهدى النبوة إنّهُ |
يضعُ الهدى والمُلكَ حيثُ يشاءُ |
|
لمّا تأذّنَ بالرسالةِ أشرقت |
أرضٌ وضاعت بالعبيرِ سماءُ |
|
وبدا على الصحراءِ يزحفُ مُشرقاً |
فجر لهُ من فوقها لألاءُ |
|
هذا اليتيمُ الفذُّ ما عهدتُ لهُ |
من مُشبِهٍ في وصفهِ البيداءُ |
سبحانَ مُحيي البيدَ حتى أنّها |
نَبتت عليها الزهرةُ الفيحاءُ |
|
أما الوليدُ:فكانَ مُنقذَ أمّةٍ |
وثنيةٍ لعبت بها الأهواءُ |
|
جاء الضياءُ لِمن مضوا في غيِّهم |
وعلى العيون غِشاوةٌ سوداءُ |
|
هذا النهارُ تطاحنٌ وتشاحنٌ |
والليلُ كأسٌ ثرةٌ ونساءُ |
|
أما القلوبُ فقد تنافرَ ودُّها |
حتى تفشَت بينها البغضاءُ |
ونفوسُ قومٍ ما تولّدَ ميلُها |
للخيرِ لمّا ذاعت الفحشاءُ |
|
الله أكبرُ إذ أرادَ شِفاءَها |
بهدىً حكيمٍ دونهُ الحكماءُ |
|
فأعدَّ للأمرِ الجليلِ مُحمداً |
إنَّ العظائمَ كفؤُها العظماءُ |
|
من أرشدَ الساري إلى سُبلِ الهدي |
فطواهُ في الليلِ البهيمِ حِراءُ |
|
عهدي بمن قد فاضَ ماءُ شبابهِ |
يقظُ المطامعِ لفَّهُ الإغواءُ |
قد كانَ في شرخِ الشّبابِ فمالهُ |
لا يستجيبُ إذا دعا الإغراءُ |
|
ما بالهُ لم يعرفِ اللُّهوَ الذي |
يلهو بهِ مَنْ حولهُ القُرناءُ |
|
تركَ الحياةَ عريضةً من خلفهِ |
ومضى إلى الصلواتِ وهيَ خلاءُ |
|
يستلهمُ العقلَ الطريق إلى الذي |
في الكائناتِ بدت لهُ آلاءُ |
|
هذي البسيطةُ قد أمدَّ فِجاجَها |
فغدت عليها يخطرُ الأحياءُ |
هذا الفضاءُ وما بهِ ن كوكبٍ |
ضُربت عليه القُبّةُ العلياءُ |
|
هذي الحياةُ وما بها من مُعجزٍ |
يعدو عليها في الزمانِ فناءُ |
|
هذي الزروعُ وغرسُها حَباً له |
في الأرضِ،فرعٌ باسقٌ ونماءُ |
|
هذي المياهُ وقد تَفجّرَ نبعُها |
حتى تدفّقَ في الصخورِ الماءُ |
|
والليلُ يتبعُهُ النهارُ عليهما |
يتعاقبُ الإصباحُ والإمساءُ |
مَنْ سخرَّ الأرياحَ تلك لواقحاً |
سارت ومنها عاصفٌ ورُخاءُ |
|
لِمنِ الجواري الُمنشئاتُ مواخراً |
يجري بها فوق العُبابِ هواءُ |
|
حَسبُ العقولِ فتلكَ صنعةُ مُبدعٍ |
دَلّت عليهِ فليسَ فيه خفاءُ |
|
لا غَروَ إن هجر الضلال مُحمدٌ |
فَبمثلِ هذا يهتدي العقلاءُ |
|
الليلُ معتكرُ الجوانبِ ساكنٌ |
والسهلُ قَفرٌ والحُزونُ فضاءُ |
سكتت ربوعُ البيدِ إلا من صدىً |
قد ردّدت رنَّاته البطحاءُ |
|
وهناكَ في غارِ الهداية عابدٌ |
قد طالَ منهُ على الرمالِ ثَواءُ |
|
ما زالَ يضربُ في الليالي راجياً |
للحقِّ حتى جاءَهُ الإيحاءُ |
|
حتى سرى في البيدِ ذات عشيةٍ |
صوتٌ لهُ من فوقها أصداءُ |
|
إقرأ فإنَّ الحقَ ضاحٍ قد بدا |
للناسِ مِنْ بعدِ الرّدى إحياءُ |
وصحا الأنامُ على صياحِ مُبشّرٍ |
هو للشريعةِ رنَّةٌ ونداءُ |
|
وغدا بِمكّةَ أهلُها في كَربهم |
يتخبطونَ وللنذيرِ دعاءُ |
|
صوتٌ هو الإرشاد يطرقُ سمعهم |
آذانهم عن رجعهِ صمَّاءُ |
|
نورٌ كرابعةِ النهارِ بدا لهم |
أبصارهم عن فجرهِ عمياءُ |
|
والشمسُ إن بهرَ الأنامَ ضياؤها |
أنّى تراها مُقلةٌ عشواءُ |
عصبيةٌ تُذكي أوارَ عنادهم |
وحميَّةٌ من باطلٍ وشقاءُ |
|
ما صيّرَ الأوثانَ رباً كونُها |
سجدت لها الأجدادُ والآباءُ |
|
هم يعرفون الحقَّ إلا أنها |
إحنٌ لها في صدرهم بُرجاءُ |
|
قد أنكروا أن قام يدعوهم إلى |
دينٍ فقيرٌ حولهُ فقراءُ |
|
السادةُ الأمجادُ كيف يقودهم |
فردٌ قد استمعت لهُ الضعفاءُ |
تلكَ النبوةُ كيف تتركهم إلى |
هذا الفقيرِ وهم لها أكفاءُ |
|
لولا تَنزَّلَ ذاك بينهم على |
رجلٍ لهُ في القريتينِ ولاءُ |
|
الله أعلمُ حيثُ يجعل وحيَه |
لكنّهم في غيّهم شُركاءُ |
|
ومضى ابنُ عبدِ الله ينشرُ هديَهُ |
ما نالهُ من كَيدهم إعياءُ |
|
وقفوا لهُ مُتكتِّلين يمسُّهُ |
أنّى تَوجه بينهم إيذاءُ |
ومشى ابنُ عبد اله يصرخُ حوله |
ويرنُّ في أُذنيهِ الاستهزاءُ |
|
لم يثُنِهِ ما قدموهُ وهكذا |
بين العواصفِ تحملُ الأعباءُ |
|
ظنُّوا بهِ كلَّ الظنونِ وإنُّ |
من كل هاتيكَ الظنونِ براءُ |
|
زعموهُ لما أن تكاملَ حِقدهم |
ذا جِنّةٍ يطغى عليه الداءُ |
|
قالوا:حسودٌ قد أرادَ سيادةً |
وفقيرُ قومٍ هَمّهُ الإثراءُ |
طوراً أخو سحرٍ وطوراً شاعرٌ |
يا إفكَ ما نادت به السفهاءُ |
|
إن كان حقاً ما أتوهُ فكيفَ لم |
تنطِقْ بمثلِ حديثهِ البلغاءُ |
|
قد جاء معجزة النبيِّ وغايةٌ |
في القولِ يكبو دونها الفُصحاءُ |
|
ما بالُ أقصرِ سورةٍ من مثلهِ |
أعيتهمُ تَراجع الفصحاء |
|
ما أدركَ القومُ الذين تجمَّعوا |
وقلوبُهم من غَيظهم رمضاءُ |
إن العناية في السماءِ تحوطُهُ |
ومن العنايةِ في الخطوبِ وقاءُ |
|
سل من على باب الرسول تربصوا |
والبيتُ فيه عليٌّ الفدَّاءُ |
|
هل أبصروهُ وقد تخطى جَمعهم |
ومضى له تحتَ الدُّجى إسراءُ |
|
نثرَ الترابَ على الوجوهِ فأصبحوا |
حتى كأنَّ عيونهم رمداءُ |
|
ومشى إلى الصدِّيقِ يصحبهُ إلى |
وطنٍ كريمٍ أهلُهُ كُرماءُ |
ما دارَ في خلدِ اللئامِ ولوجُهُ |
في الغارِ لما باضت الورقاء |
|
وبداخلِ النفقِ الأمينِ عليهما |
سارا وللصدِّيقِ فيهِ بُكاءُ |
|
ما من طعامٍ يُرزقان به سوى |
ذاكَ الذي جاءت به أسماءُ |
|
قِفْ يا سراقةُ حيثُ أنتَ فإنّما |
أدركتهُ لو تدركُ العنقاءُ |
|
كيفَ الوصولُ إلى الرسولِ ودونه |
تأبى المسيرَ كأنّها شلَّاءُ |
تلكَ القوائمُ من جوادك مالها |
من رحمةِ الله القديرِ كَساءُ |
|
أتريدُ نيلَ محمدٍ،وبقاؤُهُ |
للحقِّ والدينِ الحنيفِ بقاءُ |
|
حيّا الإلهُ من المدينةِ معشراً |
آوَوهُ حينَ أرادهُ الأعداءُ |
|
قومٌ همُ الأنصارِ أما ذكرهم |
فندٍ،وأما عهدهم فَوفاءُ |
|
الآخذينَ من الرسول مواثقاً |
سارَ الزمانُ وهم لها أُمناءُ |
والباذلينَ لمن إليهم هاجروا |
إخلاصَ قلبٍ ليسَ فيه رياءُ |
|
والمشركينَ القومَ في أموالهم |
لا المشركينَ ودينهم وضَّاءُ |
|
والمؤثرينَ على نفوسهم وإنْ |
نزلت بهم من حاجةٍ ضَرَّاءُ |
|
مدُّوا إليهم في مدينتهم يداً |
لمّا بدا في الأقربين جفاءُ |
|
جمعتهم في الله خيرُ أخوةٍ |
فالدينُ ودٌّ بينهم وإخاءُ |
يا سيد الرُسلِ الكرامِ ومن بهِ |
قد قامَ للدينِ العظيمِ بناءُ |
|
الحقُّ نورٌ أنتَ مُظهرُ فجرهِ |
والشركُ ليلٌ أنتَ فيه ذُكاءُ |
|
والعدلُ أنتَ وضعتَ ثابت رُكنهِ |
فمضى عل سَنَنٍ لهُ الخلفاءُ |
|
والسلمُ دأبُكَ ما ركبتَ كريهةً |
حتى بدا للمشركين عَداءُ |
|
لولا اجتراءُ الزُّورِ لم يُسفك دمٌ |
صُبغت بِحٌمرةِ لونهِ الحَصباءُ |
الرائدُ الاُميُّ علّم قومَهُ |
حتى سما مجدٌ لهم وسناءُ |
|
نظمُ العدالةِ من رسالتكَ التي |
لا تستبين بهديها أخطاءُ |
|
بالسيف والدم قد شققت طريقها |
ولكُلِّ أمرٍ حادثٍ شهداءُ |
|
مُهَجٌ من الأبطالِ في يوم الوغى |
سالت عليها في الزمانِ ثناءُ |
|
باعوا نفوسهم بجنة ربِّهم |
فالبذلُ بيعٌ عندَهُ وشراءُ |
يا مُرسلاً بالحقِّ يحملُ وحيَهُ |
فجراً لدينٍ ليسَ فيه مِراءُ |
|
إن المُشرِّعَ قدوةٌ في شرعهِ |
إن لم يَكُنها فالجهودُ هَباءُ |
|
الجودُ عندكَ دَيدنٌ وغريزةٌ |
والصبرُ منكَ شجاعةٌ وإباءُ |
|
والظلمُ قد اُخِذت عليه سبيلُهُ |
هذي الهدايةُ فالقلوبُ صفاءُ |
|
ليسَ الغنيُّ على الفقيرِ بسيدٍ |
فهما أمامَ الحقِّ منكَ سواءُ |
ر
أما الزكاةُ فتلكَ حقٌّ ثابتٌ |
لا يعتري من يبتغيه حياءُ |
|
والمسلمون جميعهم جسدٌ إذا |
عضوٌ شكا سهرت له الأعضاءُ |
|
كم من يدٍ لك لست أملكُ حَصرها |
جلّت فليسَ يضمُّها إحصاءُ |
|
يا سيد الشفعاءِ هذي مدحتي |
مني إليكَ فريدة عصماء |
|
الله قد أثنى عليكَ فهل لمنفاقبل تحية شاعرٍ لو أنَّ من |
أثنى عليه إلههُ إطراءُمثلي لمثلكَ يَجمُل الإهداءُ |
هاشم رفاعي في قصيدة “الذكرى العاطرة“:
هذا هو الكونُ في ديجورِ ظلمتهِ |
يحكي ذئاباً وشاةً نامَ راعيها |
|
فذو العشيرةِ والأنصارِ ترهبهُ |
كلُّ البريةِ:قاصيها ودانيها |
|
يسطو على الحقِّ لا قانون يمنعهُ |
ولا شريعةَ يخشى باسَ قاضيها |
|
أما الضعيفُ فمغبونٌ وليسَ لهُ |
في الأرضِ عونٌ يقيهِ شرَّ باغيها |
|
والكُلُّ يشربُ كأسَ الإثمِ في طربٍّ |
وينثني حينَ يأتي منكراً تيها |
كانت مآثمهم في عُرفهم مَرَحاً |
والقتلُ في شرعهم قد كان ترفيها |
|
هذي مبادؤهم أيامَ دولتهم |
الزورُ ينشرُها والإثمُ يُمليها |
|
حتى أضاءت بمولودٍ لآمنةٍ |
أرجاءُ مكّة وانجابت دياجيها |
|
ومن تتبّعَ تاريخ الهداةِ رأى |
فيهِ الجلالة في أسمى معانيها |
|
ففي الطفولةِ يلقى ما يمجدُها |
وفي الرجولةِ يلقى ما يزكيها |
وخذ حديثَ الألى في مكة احتكموا |
إلى الأمينِ قويِّ النفسِ عاليها |
|
لما أتوا كعبةً بالبيتِ واجتمعوا |
كي يودِعوا الحجرَ الأزكى مبانيها |
|
وكلُّ طائفةٍ قد قال قائلها: |
أن ليسَ ترفعهُ إلا أياديها |
|
وأوشكت أن تقومَ الحربُ بينهم |
والويلُ للقومِ إن هبَّت سوافيها |
|
فأرسلَ الله حقناً للدماءِ فتىً |
أنعِم بحكمتهِ إذا كانَ يُبديها |
ر
فما مضى عنهُ فردٌ كانَ مُكتئباً |
إلا مضى مُطمئن النفسِ راضيها |
|
من ذا الذي قد سعى ليلاً إلى جبلٍ |
ببطنِ مكّةَ لما نام ساريها |
|
وقرَّ في غارِهِ عيناً بوحدتهِ |
يستلهمُ الله إرشاداً وتنبيها |
|
هذا الأمين رأى أن الضلالة قد |
أعمت لحاضرها قلباً وباديها |
|
فراح ينشد في كهف الرشاد سنىً |
من حكمةِ الله يُولي القلبَ توجيها |
حتى أتى الوحيُ بالإسعادِ مُقترناً |
يدعو الشعوبَ إلى التقوى ويهديها |
|
وجاءَهُ الذكرُ تباناً ومُعجزةً |
مُنوِّهاً بجلالِ الله تنويها |
|
ما بالُ قومٍ بدارِ الندوة اجتمعوا |
وجوهُهم شُوِّهت بالكفرِ تشويها |
|
يقول قائلهم ـ والغيظ يقتله ـ : |
يا قومِ قد قام للأوثانِ مُخزيها |
|
يَسبُ آباءنا جهراً ويلعنُها |
ويُوسِعُ اللاتَ تقبيحاً وتسفيها |
لا بُدَّ من قتلهِ في عُقرِ منزلهِ |
حتى يعودَ لدِّينِ العُربِ صابيها |
|
هم للشريعةِ كادوا كيدهم ونسوا |
أن الإله من الآفاتِ حاميها |
|
الله أكبرُ قد شاء النجاةَ لها |
لما نجا في ظلامِ الليل مُحييها |
|
من بعدِ ذلك قالَ السيفُ قولته |
في يوم بدرٍ فباتَ الشركُ واعيها |
|
وأصبحت دولةُ الأوثانِ عاجزةً |
عن النضالِ وقد دُكَّت أعاليها |
والحقُّ إن صنتهُ بالرمح تسمعهُ |
كل الشعوب وتصحو عينُ غافيها |
|
حتى إذا كانَ يومُ الفتح واكتسبت |
فيه الشريعةُ نصراً قالَ داعيها: |
|
قُمْ يا بلال على البيتِ الحرام وقُلْ: |
إنّ الضلالةَ أشقت فس أهليها |
|
أذِّن فقد جاءَ نصرُ الله وانعِ لنا |
جندَ الفسادِ،فأنت اليوم ناعيها |
|
يا ربّش أرسلتَ طه بالرشادِ لنا |
كذي يستقيمَ شقيُّ النفسِ غاويها |
وجاء للناسِ والأفهامُ مجدبةٌ |
لينبتَ الهديُ نوراً في أراضيها |
|
فاخذل قوى الشرِّ، إنَّ الشرَّ مضيعةٌ |
لبهجةِ الكونِ يأتينا فيفنيها |
|
يا ربِّ هَب من لدنكَ الخيرَ واقض لنا |
برحمةٍ منكَ عند البأسِ نُلقيها |
|
إنّ الحنيفة قد باتت مُهددَّةً |
بالموتِ صبراً،وعطفٌ منكَ يُنجيها |
|
فاكتب لنا النصرَ حتى نستعين به |
في جعلِ حاضرها يسمو كماضيها |
وصلِّ يا ربّنا أزكى الصلاة على |
من جاءَ بالحقِّ للآثامِ يُرديها |
|
محمدٍ سيدِ الكونينِ شافعِنا |
يومَ القيامةِ إن نادى مناديها |
هاشم رفاعي في قصيدة“ميلاد الرسول صلى الله عليه وسلم:
أعد ذكراهُ في الكونِ شدواً مرنماً |
فلله ما أحلاهُ ذكراً وأكرما |
|
وطِفْ بحديثٍ في فمِ الدهرِ عاطرٍ |
أضاءَ لهُ وجهُ الورى وتبسّما |
|
فما الكأسُ إذ تأتيكَ من يدِ كاعبٍ |
مخضبةِ الأطرافِ معسولةِ اللّمى |
|
تدورُ بها والعينُ فاضت بمثلها |
فلم تدرِ أياً قد تَصبّتك منهما |
|
بأطربَ من ذكرِ الرسولِ إذا جرى |
وفاضَ فلم يترك فؤاداً ولا فما |
ألا ليت شعري أي نورٍ مقدسٍ |
بدا وظلامُ الليلِ قد كانَ أسحما |
|
أضاءَ ضياءَ الفجرِ،والفجرُ ساطعٌ |
وفاضَ على البيداءِ كالغيثِ إذ همى |
|
وأيُّ وليدٍ ذاك من أشرقت لهُ |
ربوعٌ عليها الجهلُ رانَ وخيّما |
|
أتى حاملاً للكونِ نوراً ورحمةً |
ففاضَ هناءً بعدما فاضَ مأثما |
|
وقرَّتْ به عينان: عينٌ لجدهِ |
وعينٌ لأمٍّ قد بكت زوجها دما |
كذلكَ شاءَ الله أن الذي بهِ |
تَردَّت بقاعُ الكونِ للهدي معلما |
|
يُطِلُّ على الدنيا وحيداً بلا ابٍ |
وتأتي به الأقدارُ طفلاً ميتّما |
|
وجَمّلهُ الرحمنُ إذ كان أمرهُ |
خَفيِّاً بظهرِ الغيبِ لم يبدُ،مبهما |
|
فما كانَ بالإثمِ الذي عمَّ مولعاً |
ولا كانَ باللهوِ الذي شاعَ مغرما |
|
وجاوزَ إغراء الشبابِ وقد أبى |
له الله إلا أن يُصانَ ويُعصما |
فما ذاقَ في طورِ الطفولةِ لينَها |
ولا عاشَ في طورِ الشبابِ منعَّما |
|
وما ذاك ضنٌ بالهناءِ على الفتى |
فما كانَ من نيلِ الهناءِ لِيُحرما |
|
ولكنّهُ أمرٌ يُعدُ لحملهِ |
صغيراً،فكانَ الهدى أجدى وأحزما |
|
لهذا رآهُ القوم إذ قام داعياً |
قوياً،صبوراً،ما اشتكى أو تبرم |
|
بنفسيَ من قد قامَ للدِّينِ بانياً |
وكشَّفَ ليلاً للغوايةِ مظلما |
وجاءَ بنورِ الحقِّ،والحقُّ أبلجٌ |
فبدَّدَ غيماً للجهالةِ غَيّما |
|
يقوِّمُ جهالاً،وينشرُ رحمةً |
ويرفعُ أغلالاً،ويُوقظُ نُوّما |
|
وفي نُصرةِ الإيمان لما دعا لهُ |
تَكبَّدَ أهوالَ الأذى وتَجَشمّا |
|
لقد باتَ ما يدعو إليهِ محمدٌ |
شجاً في حلوقِ القومِ بل كانَ علقما |
|
فمدَّ يد الإرهاب كل مُضلِّلٍ |
غويٍ بأحضان الشقاء قد ارتمى |
يُريدُ لدين الحقِّ وأداً وضَيعةً |
ألا بُترت يُمناهُ كفاً ومعصما |
|
عقولٌ يُريها الحقدُ في الهدي سُبةٌ |
ويُملي عليها أن تثورَ وتنعما |
|
قلوبٌ عليها للضلالِ غشاوةٌ |
فأنّى لها أن تستجيبَ وتفهما |
|
أتى بكتاب الله أصدقِ آيةٍ |
فأعجزَ أربابَ البيانِ وافحما |
|
وما اسطاعَ إتياناً بأقصرِ سورةٍ |
من المِثلِ من قد كانَ في القولِ مُلهما |
وجادلهم كي يستميلَ قُلوبهم |
فكانَ كذي حِلمٍ بليلٍ توهما |
|
هُمُ قد أجابوا قولَهُ ودعاءَهُ |
إذا كان يشفي الآلُ من غِلَّة الظمأ |
|
وقالوا فقيرٌ ينشدُ الجاهَ والغنى |
ومهملُ قومٍ شاءَ أن يتزعَّما |
|
خُرافاتُ مجنونٍ،وأوهامُ شاعرٍ |
بهِ من رئيِّ الجنِّ داءٌ تحكّما |
|
هُمُ أوغلوا لو أنهم سمعوا لهُ |
و كان الذي قالوهُ وهماً مرَّجما |
فما ضرَّهم لو أنهم سمعوا لهُ |
وما كانَ في صدقِ الحديثِ مذمما |
|
أتاهم بنورِ الله والصدقِ والهدى |
فما بالُ وجهِ الكُفرِ منهم تَجهّما |
|
هو الحقُّ لكن كيف يهدي لنوره |
وإن كانَ مثلَ الشمسِ من بات ذا عمى |
|
أبى الكفرُ إلا شقوةً وسفاهةً |
فباتَ امتشاقُ السيفِ أمراً محتما |
|
وذو الحلم إن يغضب فغضبةُ ثائرٍ |
رأى العارَ في أن يستكين ويكظما |
ولما أرادَ الله نصراً لدينه |
أهابَ بسيفِ الحقِّ أن يتكلّما |
|
فأذّنَ داعٍ للجهادِ:أن انفروا |
ألا فليُجب من كانَ لله مسلما |
|
فبادرَ نَبَّالَ فراشَ سِهامهُ |
وأسرعَ قتَّال فجرّدَ مَخذما |
|
أجابت نداءَ الحقِّ في الله إذ دعا |
نفوسٌ ترى الإيمانَ أن تتقدما |
|
وسلَّت ببدرٍ للجهادِ بواترٍ |
أبت في سبيل الله أن تتثلّما |
على صفحة البيداءِ والسيفُ قائمٌ |
تبدَّى مثارُ النقعِ كالليلِ أقتما |
|
قدِ التحمَ الجيشان:جيشُ ضلالةٍ |
وجيشٌ على الإيمانِ بالحقِّ صَمما |
|
هنا وقفَ التاريخُ وقفةَ شاهدٍ |
وقد أمسكت كفاهُ لوحاً ومرقما |
|
وقامَ رسولُ الله،لله ضارعاً |
يُسائلهُ الوعدَ الذي كان أبرما |
|
وراحَ إليهِ والقنا تضربُ القنا |
يناديه:راشَ الكفرُ للدِّينِ أسهما |
وداءَ إلينا في عتادٍ وعدّةٍ |
يريدُ لهذا الدينِ أن يتحطّما |
|
تباركتَ:إن تهلك لدينكَ عُصبةٌ |
فلن يعبدوا في الأرضِ رباً معظَّما |
|
فما هي إلا كرّةٌ عادَ بعدها |
وقد أوردوا القومَ اللئامَ جهنما |
|
وقوّمها بالسيفِ والرُمحِ والقنا |
نفوساً أبتْ باللينِ أن تتقوَّما |
|
فيالكَ من جيشٍ حماهُ إلههُ |
ودينٍ رعاهُ الله أن يتهدَّما |
فلمْ يرمهم رامٍ بنافذِ سهمِهِ |
ولكنَّ ربَّ الدينِ من فوقهم رمى |
|
وحدِّث عن الفتحِ المبينِ وما بدا |
لِاُمِّ القرى لما إليها تيمّما |
|
ألم يُقبلُ الداعي الفقيرِ بجحفلٍ |
يَشقُّ هضابَ البيدِ سيلاً عرمرما |
|
بكُلِّ فتىً أمضى من السيفِ عزمهُ |
إذا ما بدتْ للحربِ نارٌ تَقحّما |
|
تراهُ إذا ما لَفّهُ الليلُ قانتاً |
ويبدو إذا ما كرّتِ الخيلُ ضيغما |
ألم يدخُلِ البيتَ المُمنّعَ فاتحاً |
وكانَ عليهِ البيتُ قبلاً مُحرّما |
|
فكم من إلهٍ تحتَ أقدامِ جُندهِ |
همُ نصبوهُ قد وهى وتهشما |
|
ألا سائلِ القومَ الذين مشوا لهُ |
وساقوا إليهِ الكيد كالحقدِ مؤلما |
|
وصبوا عليه السوط ـ سوط عذابهم |
إلى أن رأى في هجرةِ الدارِ مغنما |
|
وإن كانَ ظُلمُ الناسِ للمرءِ مؤلماً |
فقد كانَ ظلمُ الأهلِ أنكى وآلما |
أما جمعوا بالبيتِ من كلِّ ناقمٍ |
إلى ذلك الغازي أساءَ ,اجرما |
|
أما أطرقوا رأساً مخافةَ بأسهِ |
وقد شربوا كاسَ المذلَّةِ مفعما |
|
أما قدّروا أن يبطشَ البطشةَ التي |
جنوها وهم كانوا أعقَّ وأظلما |
|
فمالَ إلى الصفحِ الجميلِ عن الأذى |
ولو قد أتاها كانَ للعدلِ محكما |
|
ولكنه داعٍ إلى الخير،شأنهُ |
إذا ما أساؤوا أن يقيلَ ويرحما |
أقامَ يتيمَ البيدِ أركانَ دولةٍ |
ووطَّدهُ في الأرضِ ديناً ودّعما |
|
هو الحقُّ قد أرسى الإله بناءَهُ |
وأكملهُ القرآنُ نوراً وتَمّما |
|
دعامتهُ الشورى،وشِرعتهُ الهدى، |
بهِ منَّ رحمن السماءِ وأنعما |
|
لديه استوى من لم يُزنهُ نِجارهُ |
ومن لقريشٍ في الأنامِ قد انتمى |
|
فلا فضلَ إلا بالتقى ولو أنهُ |
يكونُ لمن قد عاشَ بالفقرِ مُعدما |
لقد أخذَ الاُميُّ يسعى بقومهِ |
إلى ذروةِ العلياءِ حتى تَسنّما |
|
وقادَ رعاةُ الضأنِ شامخَ دولةٍ |
كما لم يَقدْ من قبلُ من كان قيِّما |
|
هُمُ ملكوا الدنيا فنالت بظلهم |
عدالةَ تشريعٍ،وحكماً مُنظَّما |
|
وسارت على الأيامِ يزدادُ بأسُها |
وتصعدُ للعلياءِ والمجدِ سُلّما |
|
فلما استقامَ الملكُ وانتظمَ الورى |
وشارفَ في العلياءِ بالأفقِ أنجما |
أضعناهُ عن ضعفٍ وذلٍ ولم نقمْ |
عليه وقد أودى حِداداً ومأتما |
|
فما عرف الإسلام من بعدهم سوى |
ذليلٍ عن الإسراعِ للمجدِ أحجما |
|
فعادَ عزيزُ الدينِ يندبُ عِزّةً |
ويلعقُ جرحاً في الفؤادِ مُكتَّما |
|
فيا ربِّ إن يُصبح بنا الغربُ هازئاً |
فقد كانَ منا من غزاهُ وعَلّما |
|
ندمنا على ما ضاعَ لو كانَ مُجدياً |
لطالبِ مجدٍ ضاعَ أن يتندّما |
هاشم رفاعي:
صدقَ الرسولُ ومن سواهُ مُصدّقٌ |
إذ قالَ حينَ دنا من السّكراتِ |
|
إني تركتُ لكم كتاباً جامعاً |
هو خيرُ دستورٍ لخيرِ قُضاةِ |
|
قسماً بربّي لن تَضلّوا طالما |
هو بينكم بمثابةِ المِشكاةِ |
|
ومضى الرسولُ فليتنا من بعدهِ |
كنّا لِنُصحِ حديثهِ بِوعاةِ |
|
علي محمود طه في العام الهجري الجديد
غَنِّ بالهجرة:عاماً بعد عام |
وادعُ للحقِّ،وبشِّر بالسّلام |
|
وتَرسَّلْ،يا قصيدي،نغماً |
وتَنقّل بين موجٍ وغمام |
|
صوتُكَ الحقّ،فلا يأخذُكَ ما |
في نواحي الأرضِ من بَغيٍ وذامِ |
|
كُنْ بشيرَ الحُبِّ والنورِ إلى |
مُهجٍ كلمى،وأكبادٍ دوامي |
|
هجرت أوطانها واغتربت |
في مثاليِّ من المبدأ سامِ |
أنِفتْ عيشَ الرقيقِ المُجتبى |
وأبت ذُلَّ الضمير المُستضامِ |
|
آبَ بالخيبةِ من غايته |
وهو فوقَ الأرضِ ملعونُ المقامِ |
|
صفحاتٌ من صراعٍ خالدٍ |
ضُمّنت كلَّ فخارٍ ووسامِ |
|
يا دعاة الحقّ! هذي محنة |
تشغل الروح بمشبوب الضّرامِ |
|
هذي حرب حياة أو حِمام |
وصراع الخير والشرِّ العقامِ |
خاضها الإسلامُ فرداً، وهدى |
بيراع،وتحدّى بحسامِ |
|
هجرةٌ كانت إلى الله،وفي |
خُطوِها:مولدُ أحداثٍ جسامِ |
|
أخطأ الشيطانُ مسراها،فيا |
ضَلّةَ الشيطانِ في تلك المَوامي |
|
آبَ بالخيبةِ من غايته |
وهو فوقَ الأرضِ ملعونُ المقامِ |
|
صفحاتٌ من صراعٍ خالدٍ |
ضُمّنت كلَّ فخارٍ ووسامِ |
لم تُتحْ يوماً لجبّارٍ طغى |
أو لباغٍ فاتكِ السّيفِ عُرامِ |
|
بل لداعٍ أعزلٍ في قومهِ |
مُستباحِ الدّمِ مهدورِ الذِّمامِ |
|
زلزلَ العالم من أقطارهِ |
بقوى الرُّوحِ على القومِ الطّغامِ |
|
وبنى أوّلَ دنيا حُرّةٍ |
بَرِئت من كُلِّ ظلمٍ وآثامِ |
|
تَسعُ الناسَ على ألوانهم |
لم تُفرِّق بين أريٍّ وسامي |
علي محمود طه في العام الهجري الجديد:
حاطِمَ الأصنامِ:هل منكَ يدٌ |
تَذَرُ الظُلمَ صديعاً من حُطامِ؟ |
|
لم تُطقها حجراً أو خشباً |
ويُطاقُ اليومَ أصنامُ الأنام! |
|
وعجيبٌ صُنعُهم في زمنٍ |
أبصرَ الأعمى به والمتعامي! |
|
وتُرجى عودةَ المجدِ الذي |
أعجزَ الباني،وأعيا المتسامي |
|
من بيوتٍ هاشمياتِ البنى |
وعروشٍ أموّياتِ الدعامِ |
ونتاجٍ من نُهىً جبّارةٍ |
وتراثٍ من حضاراتٍ ضخامِ |
|
قل لها، يا عامُ:لا هُنْتِ ولا |
كنتِ إلا مهدَ أحرارٍ كِرامِ |
|
ذاكَ مجدٌ لم ينلهُ أهلهُ |
بالتمني،والتغنّي، والكلامِ |
|
بل بآلام، وصبرٍ وضنىً |
ودموعً،ودمٍ حُرٍّ سجامِ |
|
قُل لها: إنَّ الرّحى دائرةٌ |
والليالي بين كَرٍّ وصدامِ |
فاستعدي لِغدٍ إنَّ غداً |
نُهزَةُ السَّباقِ في هذا الزحامِ |
|
واجمعي أمركِ لليوم الذي |
يحملُ البشرى لعشاقِ السلامِ |
علي الجارم:
إليك رسولَ الله طارَ بنا الهوى |
وحُلوُ الأماني والرجاءُ المُحَبّبُ |
|
أفِضها علينا نفحةً هاشميةً |
تَلُمُّ شتاتَ المسلمينَ وترأبُ |
|
وترجع فيهم مثل سعدٍ وخالدٍ |
وترفعُ من راياتهم حينَ تُنصَبُ |
|
سنصحو فقد ملَّ الطريحُ وسادَهُ |
وفي نورِكَ القدّسيِّ نسعى وندأبُ |
|
عليكَ سلامُ الله ما حنَّ واجدٌ |
وفاخرتِ الدنيا بقبرك يثرِبُ |
علي الجارم:
مُحَمّد أنقذت الخلائقَ بعدما |
تَنَكّبتِ الدنيا بهم وتَنَكّبوا |
|
وأطلقتَ عَقلاً كانَ بالأمسِ مُصْفَدا |
فدانَ لهُ سرُّ الوجودِ المُحَجّبُ |
|
وأرسلتها من صيحةٍ نبويّةٍ |
يمورُ لها قلبُ الجبالِ ويُرعَبُ |
|
وبلّغت آياتٍ،روائعُ لفظها |
من الصبحِ أهدى أو من النجمِ أثقَبُ |
|
خطبتَ لنا يومَ الوداعِ مُشرِّعاًوأمليتَ دستوراً شقينا بتركهِ |
وهل لكَ نِدٌّ في الورى حينَ تخطبُ؟فثرنا على الأيامِ نشكو ونعتبُ |
علي الجارم:
تَبسّمَ ثغرُ الصُّبحِ عن مولدِ الهدى |
فللأرضِ إشراقٌ به وزُهاءُ |
|
وعادت بهِ الصحراءُ وهي جديبةٌ |
عليها من الدِّينِ الجديدِ رُواءُ |
|
ونافست الأرضُ السماءَ بكوكبٍ |
وضيء المُحيّا ما حوتهُ سماءُ |
|
لهُ الحقّ والإيمان بالله هالة |
وفي كُلِّ أجواءِ العقول فضاءُ |
|
تألقَّ في الدنيا يُزيحُ ظلامها |
فزالَ عمىً من حولهِ وعَماءُ |
كلامٌ هوَ السّحرُ المبينُ وإن يكن |
له ألف مثل الكلام وباءُ |
|
عجيبٌ من الأُميِّ علم وحكمة |
تضاءل من مرماهما العلماء |
|
ومن يَصطفِ الرحمنُ فالكونُ عبده |
ودُهمُ الليالي أين سارَ إماءُ |
|
علي الجارم في ذكرى المولد النبوي:
أطَلّت على سُحبِ الظلامِ ذُكاءُ |
وفُجِّرَ من صخرِ التنوفةِ ماءُ |
|
|