وتحسبونه بعيداً ونراهُ قريباً ـ عروبيات (أشعار)

بسم الله الرحمن الرحيم

“وتحسبونه بعيداً ونراهُ قريباً”

إن المُتأمل لأوضاع العالم الإسلامي في السنوات الأخيرة ليشعر بالأسى يعصر قلبه،وبالألم يعصف بجوارحه،وبالمرارة تهدّ كيانه،لما وصل إليه حال المسلمين من التمزق،والتشتت،والتناحر،والضعف، والتخلف…

وإلى ما وصل إليه حال حكام المسلمين من الذل والهوان والتبعية والإرتماء على أقدام عبيد الدنيا من طواغيت الغرب.

وبحيث يبدو للوهلة الأولى أن هذا الداء الذي أبتلي به المسلمون داء عضال،لا ينفع معه طب أو دواء أو دعاء…ولكن من يسبر الأغوار ويجوب في الأعماق،يكتشف أن الوضع رغم مآسيه ومصائبه،فإنه والحمد لله أفضل بكثير مما قد يظنه الكثيرون،فهناك بوارق أمل عديدة الجوانب،متعددة الجهات:

ـ إن حرب الخليج،وما أسفرت عنه من كوارث وخيمة ونتائج وبيلة على المدى القريب والبعيد،من تدمير العراق عسكرياً واقتصادياً،وذهاب مئات الألوف من الضحايا،وزرع نار التفرقة والتباغض بين شعوب المسلمين،وسيطرة طاغوت الشر الأكبر أمريكا على المنطقة بما فيها من خيرات وثروات،وارتماء حكام الخليج في أحضان الغرب وعلى أقدامه يطلبون العون والملاذ،ويقيمون المعاهدات والصداقات…كل هذا يبدو للوهلة الأولى أننا جُعلنا تحت رحمة هؤلاء الحكام وساداتهم الحقيقين،ولكن من يتأمل في نتائج هذه الحرب،فإنه يشعر أن من وراء هذا الظلام الدامس شعلة نور وقبس ضياء،نراها في العلماء والدعاة الذين شعروا بالخطر الحقيقي الداهم،وبالعدو الرابض،فأطلقوا صيحاتهم من خلال الخطب والكتابات والندوات والمذكرات يناصحون الحكام،وينتقدون الأحكام،ويرفعون صوت الحق،ويطالبون بتطبيق الإسلام كما أنزله الله عز وجل ،لا كما فهمه هؤلاء الحكام.

إن هذه الظاهرة المباركة والخيرة تستحق منا الاهتمام والمتابعة والتأييد وخاصة أنها تحدث في مجتمع تُسخر فيه الأقلام،وتُكمم فيه الأفواه،وكان لا يجرؤ إنسان فيه على الاستفسار،فكيف إذا وصل الأمر إلى حد الاستنكار!!

ـ وفي فلسطين،حيث الظلم والاضطهاد يُخيم على المسلمين من قبل بني صهيون المجرمين،وذلك منذ عشرات السنين،في هذه الأرض المباركة حيث امتلأت السجون بالمعتقلين،والمقابر بالشهداء،والمشافي بالجرحى والمعوقين،حيث الكرامة تهدر،والأراضي تصادر،والعدو صلف مستكبر،يستهزىء بحكام المسلمين ويذلهم فيسارعون إليه يقدمون التنازلات تلو التنازلات،ويوقعون معه المعاهدات بعد المعاهدات،يسمونها “معاهدات السلام” ،وهي في حقيقتها معاهدات الخزي والاستسلام…

في وسط هذا الضباب،ومن وراء السحاب،ظهرت قبل أكثر من خمس سنوات الانتفاضة المباركة،ترفع الشعار الأصيل،وتقدم الحل البديل وهو الإسلام،يقودها إنسان مناضل مشلول هو أحمد ياسين،هذا الإنسان الذي شُلّت أطرافه ولكنه حرّك العالم بانتفاضته،ونطق بلسانه آيات الجهاد،فتحولت إلى حجارة تُصب على الأعداء،وتجعل”إسرائيل”بصلفها وغرورها واستكبارها عاجزة أمام هؤلاء الفتية الصغار.

نعم،إن ماعجز عنه الحكام الكبار،استطاع أن يحققه هؤلاء الفتية الصغار،وما عجزت عنه جيوش العرب ذات العقائد المزيفة والشعارات المُضلّلة،استطاع أن يحققه الإسلام من خلال هذه الانتفاضة المباركة.

ـ وفي أفغانستان،وبعد سنوات من الحكم الشيوعي الدموي،وبعد سنوات عجاف من الغزو الأحمر الغاشم،وما تبع ذلك من تدمير المدن والأرياف،واتّباع سياسة الأرض المحروقة،وبعد أن استشهد أكثر من مليون ونصف شهيد،من خلال هذا الوضع المأساوي الأليم،استطاعت قوى الجهاد الإسلامي أن تحقق النصر،وتطرد إحدى أقوى امبراطوريتي الشرّ في العصر الحديث،وتمّ فتح كابول،واستلمت قوى المجاهدين الحكم،أناس عرفنا في الكثير منهم الإخلاص والتفاني وحب الجهاد،وحركة مباركة رفعت رأس كل مسلم عالياً في كل أنحاء البلاد…نعم قد تكون هناك خلافات وعراقيل ومثبطات،ولكننا على ثقة تامة بإذن الله بأنها سحابة صيف وتنقشع،وأنها أزمة عابرة وتمر…

وفي السودان،وبعد عقود من التخلف والأزمات ،وبعد سنوات من حكم ديكتاتوري مستبد،أذل العباد،وأفسد البلاد،وبعد أن عملت كل معاول الشرّ في العالم من تنصير وتبشير،وقوى استعمارية عالمية،بعد أن عملت على تهديم كيان السودان،وزرع التفرقة والتخلف في أرجائه،وحيث الحروب والمجاعات،والمآسي تلو المآسي…في هذا الجو المفعم بالمثبطات ،والذي يدعو إلى اليأس والإحباط،قامت ثورة إسلامية تنشد حكم الله في هذا البلد الحبيب،وتعيد للبلاد وحدتها،وتعمل على إخراجها من متاعبها،نسأل الله لهذه الحكومة والثورة السداد والرشاد،وأن يُبعد عنها أخطار العدو المحدق بها سواء القريب منه والبعيد.

ـ وفي الجمهوريات الإسلامية في الاتحاد السوفييتي المنهار،وبعد أكثر من سبعين سنة،من حكم ديكتاتوري دموي،وحيث الاضطهاد الشيوعي ،والتطهير العرقي،وحيث التهجير والتقتيل،ومعسكرات الاعتقال في سيبيريا،وحيث حكم ستاين ـ وما أدراك ما ستالين ـوحيث هدّمت المساجد،ومُنعت الصلوات،ولم يبق من المساجد إلا القليل القليل،تُركوا كمعالم أثرية أو سياحية،أو لتضليل المغفلين القادمين من خارج البلاد….في هذا الجو الكئيب ومن خلال هذا الحكم الكريه،إذا بالمارد الإسلامي ينهض من غفوته،وإذا بالمآذن ترتفع من جديد بالنداء الخالد الله أكبر…لم يكن أحد وحتى سنوات قليلة يجرؤ على أن يحلم بهذا الوضع،فإذا به حقيقة وواقعاً يفرض نفسه على القريب والبعيد…ولا ننكر أن الامور لازالت في حالة من الغبش والضبابية،ولكننا نسأل الله أن يُوفق ويسدّد وينصر عباده المخلصين.

ـ وصحيح أن الحركات الإسلامية قد وجُهت إليها اقوى الضربات من أعتى الحكام والسلطات وفي كل مكان،ولكن البون شاسع والفرق واسع مابين الأمس واليوم.فحتى الماضي القريب كان الطاغوت يفخر بأنه قد ألقى بعشرات الألوف في غياهب السجون وفي أقبية السراديق،وأرسل خيرة الناس والدعاة إلى أعواد المشانق،من غير أن يستنكر هذا أحد،أو أن يرفُّ له جفن،أو يشعر بوخز ضمير،والأنكى من هذا والأشد إيلاماً أنه حين مات أحد هؤلاء الطواغيت فإن الملايين ذرفت عليه الدموع،وخرج في تشييع موكبه عند موته ملايين البشر المُضللين…والآن وفي كل أنحاء العالم الإسلامي،وبفضل الصحوة الإسلامية،أدرك الناس أن هؤلاء الحكام لايريدون لهم الخير والصلاح،وأنه لو ترك للشعب حق الخيار لاختار الإسلام كما حدث في الجزائر في انتخابات النقابات والبرلمان في مصر والأردن…وإننا على يقين كامل أنه لو مات أحد من هؤلاء الطواغيت من الحكام فلن تذرف عليه الدموع،فإن اعترض معترض فنقول له نعم،قد تذرف الدموع،ولكنها دموع….الابتهاج والسرور!!

ـ وكانت تُرسل البعثات قديماً إلى أوروبا وأمريكا،من أجل أن يعود المثقفون والجامعيون وهم يحملون أفكار الغرب وحضارة الغرب،ومن أجل أن يكونوا رأس الحربة في معاداة الإسلام وشريعة القرآن…والآن وبفضل من الله ومن ثم بسبب انتشار المراكز الإسلامية في كل أنحاء أوروبا وأمريكا،وأصبح الكثيرون من هؤلاء الأفراد يعودون إلى بلادهم يحملون الإسلام نقياً خالصاً،كدين وشريعة وحكم،وعاد الابتعاث ـ في جانب مهم منه ـ سلاحاً موجهاً ضد أعداء الإسلام بعد أن كان سلاحاً موجهاً ضد المسلمين.

إننا  على يقين بنصر الله،وبأن الإسلام سوف يعود،ويعمُّ نوره وضياءه كل أرجاء المعمورة المُتعطشة إليه،والمحرومة من عدله وإحسانه.

وإننا على يقين أن الدنيا كلّ الدنيا بمن فيها من عبيد العجل والصليب والبقر والأوثان،وعبيد النفط والدولار والذهب،سوف تقف ضدنا وتحاول استئصالنا.

ولكننا وبفضل الله تعالى وضعنا القدم في أول الطريق،وتجاوزنا مرحلة الوليد الملفوف بالأغطية الذي لايستطيع حراكاً أو تحريكاً،وتلعب به الأيادي،ويوضع في أي موضع يُراد له.

نعم إننا نمشي ونتعثر كالطفل الصغير،ولكننا سنتابع الطريق حتى يستقيم العود وتنتظم الخطى،وسوف نصل بعون الله إلى مانريد،عندما ترتفع الهمم وتصل إلى المستوى المطلوب وتصل إلى الجهد المطلوب،لأن ما نبذله لا يتناسب مع حجم المستويات وحجم التحديات…وعندها ستشرق الأرض بنور ربها،وتحسبونه بعيداً ونراه قريباً.

(نشر في الرائد العدد 148 بتاريخ كانون الثاني عام 1993)

عروبة ووطنيات(أشعار)

أحمد شوقي

يا شراعاً وراءَ دجلةَ يجري

 

في دموعي تجنبّتكَ العوادي

سِرْ على الماءِ كالمسيحِ رويداً

 

واجرِ في اليمِّ كالشعاعِ الهادي

وأتِ قاعاً كرفرفِ الخلدِ طيباً

 

أو كَفردوسهِ بشاشةَ وادي

قفْ،تمهّلْ،وخذْ أماناً لقلبي

 

من عيونِ المها وراءَ السّوادِ

والنُّواسيُّ،والنّدامى،أمنهم

 

سامرٌ يملأ الدجى أو نادِ؟

خطرتْ فوقهُ المهارةُ تعدو

 

في غبارِ الآباءِ والأجدادِ

أمّةٌ تُنشىءُ الحياة،وتبني

 

كَبناءِ الأُبوّةِ الأمجادِ

تحتَ تاجٍ من القرابةِ والمُلكِ

 

على فَرْقِ أريحيٍّ جوادِ

ملك الشط والفراتين،والبط

 

حاء،أعظِمْ بفيصلٍ والبلادِ

إنما الشرقُ منزلٌ لم يُفرّق

 

أهلهُ إن تفرّقت أصقاعه

وطنٌ واحدٌ على الشمسِ والفص

 

حى،وفي الدمعِ والجراحِ اجتماعه

لُبنانُ،مجدُكَ في المشارقِ أوّلُ

 

والأرضُ رابيةُ وأنتَ سنامُ

وبنوكَ ألطفُ من نسيمكَ ظلّهمْ

 

زأشمُّ من هضباتك الأحلامُ

أخرجتهم للعالمين حِجاحجاً

 

عُرباً،وأبناءُ الكريمِ كرامُ

رُبَّ جارٍ تلفتّتْ مصرُ تُوليهِ

 

سؤالَ الكريمِ عن جيرانهِ

بعثتني مُعزياً بمآقي

 

وطني،أو مُهنئاً بلسانهِ

كانَ شعري الغناءَ في فرحِ الشر

يا عكاظاً تألف الشرقُ فيه

 

قِ،وكانَ العزاءَ في أحزانهِ

من فلسطينيه إلى بغدانه

قد قضى اللهُ أن يُؤلفنا الجر

 

حُ،وأن نلتقي على أشجانهِ

كلّما أنَّ بالعراقِ جريحٌ

 

لمس الشرقُ جنبهُ في عمانهِ

وعلينا كما عليكم حديدٌ

 

تتنّزى الليوثُ في قضبانهِ

نحنُ في الفقه بالديار سواءٌ

 

كلنا مُشفقٌ على أوطانهِ

يُؤّلفُ إيلامُ الحوادثِ بيننا

 

ويجمعنا في الله دينٌ ومذهبُ

 

بيروتُ ماتَ الأسدُ حتفَ أنوفهم

 

لم يُشهروا سيفاً ولم يحموكِ

بيروت يا راحَ النزيلِ وأُنسهِ

 

يمضي الزمانُ عليَّ لا أسلوكِ

الحسنُ لفظٌ في المدائنِ كلّها

 

ووجدتهُ لفظاً ومعنىً فيكِ

إنّ الذي قسمَ البلاد حباكمُ

 

بلداً كأوطانِ النجومِ مجيدا

قد كان والدنيا لحودٌ كلّها

 

للعبقريةِ والفنونِ مهودا

شرفاً عروسَ الارزِ كلّ خريدةٍ

 

تحت السماءِ من البلادِ فِداكِ

ركزَ البيانُ على ذراكِ لوائهُ

 

ومشى ملوكُ الشعرِ في مغناكِ

أدباؤكِ الزهرُ الشموسُ ولا أرى

 

أرضاً تمخضُّ بالشموسِ سواكِ

من كلّ أروعَ عِلمهُ في شعرهِ

 

ويراعهُ من خُلقةٍ بملاكِ

جمع القصائدَ من رُباكِ وربما

 

سرقَ الشمائلَ من نسيمِ صباكِ

موسى ببابكِ في المكارمِ والعلا

 

وعصاهُ في سحرِ البيانِ عصاكِ

أحللتِ شعري منكِ في عليا الدرا

 

وجمعتهِ بروايةِ الأملاكِ

إن تُكرمي يا زحلُ شعري فغنني

 

أنكرتُ كلّ قصيدةٍ إلاكِ

أنتِ الخيالُ بديعهُ وغريبُهُ

 

اللهُ صاغكِ والزمانُ رواكِ

لبنان! ردّتني إليكَ من النوى

 

أقدارُ سير للحياةِ دَراكِ

جمعت نزيلي ظهرها من فرقةٍ

 

كُرةً وراء صوالج الافلاكِ

نمشي عليها فوق كلّ فجاءةٍ

 

كالطير فوق مكامنِ الاشراك

ولو أنَّ بالشوقِ المزارُ وجدتني

 

مُلقي الرحال على ثراكِ الذاكي

 

زعماء لبنان وأهلَ نديّه

 

لبنانُ في ناديكمو عظته

قد زادني إقبالكم وقبولكم

 

شرفاً على الشرفِ الذي أوليته

تاجُ النيابة في رفيعِ رؤوسكم

 

لم يُشر لؤلؤهُ ولا ياقوته

(موسى) عدوَّ الرّقِّ حول لوائكم

 

لا الظلمُ يُرهبه ولا طاغوته

أنتم وصاحبكم إذا أصبحتموا

 

كالشهرِ أكمل عدة موقوته

هو غرّة الأيام فيه وكلكم

 

آحاده في فضلها وسبوته

 

منازل الخلد لا أرباع لبنان

 

وفتنة السحر لا أيات فنان

جنان لبنان حسبي منك وارفة

 

فيها النديان من روح وريحان

شبّ النبيون في أفيائها وحبت

 

فيها خيالات إنجيل وقرآن

 

ويا ربى الحسن في لبنان هل عريت

 

مخضّلة الدوح من ظل وأغصان

ومن لبناتي السكرى مصرّعة

 

من الونى بين أفياء وأفيان

ويا ربى الحسن هل من نفحة حملت

 

شذى النهود لصادي القلب حرّان

وهل صباك نموم العطر ناقلة

 

بعدي أحاديث أذيال وأردان

ويا ربا الحسن في لبنان هل ثملت

 

بعدي الرياحين من صهباء نيسان

ويا ربى الحسن في لبنان لا انبسطت

 

يمنى الهجير على أفياء لبنان

مدّي ظلالك ينعم في غلائلها

 

صرعى الردى من أحبائي وأخداني

النائمين بظلّ الأرز ينشدهم

 

رواية الدهر في نعمى سليمان

أما البلابل فلتؤنس قبورهم

 

من كل ساجعة في الدوح مرنان

أعيذ بالحب والذكرى هوى نفر

 

بيض الوجوه من النعماء غرّان

حافظ إبراهيم

فديناك يا شرقُ لا تجزعنْ

 

إذا اليومُ ولّى فراقبْ غدا

فكم محنةٍ أعقبتْ محنةً

 

وولّتْ سراعاً كرجعِ الصدى

فلا يُيئيسنكَ قيلُ العُداةِ

 

وإن كانَ قيلاً كَحزِّ المُدى

أتودعُ فيكَ كنوزُ العلوم

 

ويمشي لكَ الغربُ مسترفدا؟

وتُبعثُ في أرضكَ الأنبياءُ

 

ويأتي لك الغربُ مسترشدا؟

وتقضي عليك قضاةُ الضلالِ

 

طوالَ الليالي بأن ترقدا؟

أتشقى بعهدٍ سما بالعلومِ

 

فأضحى الضعيفُ بها أيِّدا

طمعٌ ألقى عن الغربِ اللثاما

 

فاستفق يا شرقُ واحذر أن تناما

واحملي أيتها الشمس إلى

 

كل من يسكن في الشرق السلاما

كشفوا عن نيّة الغرب لنا

 

وجلوا عن أفق الشرق اللثاما

أميرَ القوافي قد أتيتُ مُبايعاً

 

وهذي وفودِ الشرقِ قد بايعت معي

فغنِّ ربوعَ النيلِ واعطفْ بنظرةٍ

 

على ساكني النهرين واصدحْ وأبدعِ

ولا تنسَ (نجداً) إنها منبتُ الهوى

 

ومرعى المها من سارحاتٍ ورُتّعِ

وحيِّ ذرا لبنان واجعل لتونسٍ

 

نصيباً من السلوى وقسّمْ ووزِّعِ

 

نظمَ الشامَ والعراقَ ومصراً

 

سِلكُ آياتهِ فكانَ الإماما

صدقَ الغادتان يا ليت قو

 

منا كما قالتا هوىً والتئاما

نحنُ في حاجةٍ إلى كلِّ ما يُن

 

مى قوانا ويربطُ الأرحاما

 

متى أرى الشرقَ أدناهُ وأبعدهُ

 

عن مطمعِ الغربِ فيهِ غيرَ وسنانِ

تجري المودّةُ في أعراقهِ طلُقاً

 

كجريةِ الماءِ في أثناءِ أفنانِ

ما بالُ دنياهُ لما فاء وارُفها

 

عليه قد أدبرتْ من غيرِ إيذان

عهدُ الرشيدِ ببغدادٍ عفا ومضى

 

وفي دمشق انطوى عهد ابن مروان

ولا تسلْ بعدهُ عن عهدِ قرطبةٍ

 

كيف انمحى بين أسيافٍ ونيرانِ

لي موطنٌ في ربوعِ النيلِ أعظمهُ

 

ولي هنا في حِماكمْ موطنٌ ثانِ

إني رأيتُ على أهرامها حُللاً

 

من الجلالِ أراها فوقَ لبنانِ

لم يمحُ منها ولا منْ حُسنِ جِدّتها

 

على التعاقبِ ما يمحو الجديدان

حسبتُ نفسي نزيلاً بينكم فإذا

 

أهلي وصحبي وأحبابي وجيراني

فعلّموا كلَّ حيٍّ عند مولده:

 

عليكَ للهِ والأوطانِ دَينانِ

حتمٌ قضاؤهما ،حتمٌ جزاؤهما

 

فاربأ بنفسك أن تُمنى بِخسرانِ

النيلُ وهوَ إلى الأردن في شغفٍ

 

يُهدي إلى بردى أشواقَ ولهانِ

وفي العراقِ بهِ وجدٌ بدجلته

 

وبالفراتِ أو تحنانٌ لسيحانِ

إن دامَ ما نحنُ فيهِ من مُدابرةٍ

 

وفتنةٍ بين أجناسٍ وأديانِ

رأيتُ رأي المعري حين أرهقهُ

 

ما حلّ بالناسِ من بغي وعدوانِ

لا تطهرُ الأرضُ من رِجسٍ ومن دَرنٍ

 

حتى يُعاودها نوحٌ بطوفانِ

إذا ألمّت بوادي النيلِ نازلةٌ

 

باتت لها راسياتُ الشام تضطربُ

وإن شكا في ذُرا الأهرامِ ذو ألمٍ

 

أجابهُ في ربوعِ الشام منتحبُ

نزلاءٌ بيننا إن يُرهقوا

 

أو يُضاموا إنها إحدى الكُبر

فأعينوهم فهم إخوانكمْ

 

مسّهمْ ضُرٌ ونابتهم غِيَر

أقرضوا الله يضاعف أجركم

 

إنّ خيرَ الأجرِ أجرٌ مُدّخر

ماذا جنيت وما جناه بنوكِ

 

أظلمتهم يا مصر أم ظلموك

وبسمت للغرب العبوسِ وأهلهِ

 

ومنحتهم فوق الذي منحوكِ

وعبستِ في وجهِ الشآم وإنما

 

قطر الشأمِ وإن عبست أخوكِ

واهاً على دولةٍ بالأمسِ قد ملأت

 

جوانبَ الشرق رغداً من أياديها

كم ظلّلتها وحاطتها بأجنحة

 

عن أعينِ الدهرِ قد كانت تواريها

من العناية قد ريشت قوادمها

 

ومن صميم التقى ريشت خوافيها

والله ما غالها قِدماً وكاد لها

 

واجتثّ دوحتها إلا مواليها

لو أنها في صميم العرب قد بقيت

 

لما نعاها على الأيامِ ناعيها

يا ليتهم سمعوا ما قاله عمر

 

والروح قد بلغت منه تراقيها

لا تكثروا من مواليكم فإنّ لهم

 

مطامعاً بسمات الضعفِ تخفيها

 

آنّى تخيّرتَ من لبنان منزلةً

 

في كلّ منزلةٍ روضٌ وعينانِ

أقضي المصيفَ بلبنانٍ على شرفٍ

 

ولا أحولُ عن المشتى بحلوانِ

يا وقفةً في جبالِ الأرزِ أنشدها

 

بين الصنوبر والشربين والبانِ

تستهبطُ الوحيَ نفسي من سماوتها

 

وينثني مَلكاً في الشعرِ شيطاني

علي أجاودكم في القولِ مقتدياً

 

بشاعرِ الأرزِ في صنعٍ وإتقانِ

لا بِدعَ إن أخصبت فيها قرائحكم

 

فأعجزت وأعادت عهدَ حسان

خليل مطران

لبنانُ مجدُكَ في المشارقِ أوّلُ

 

والأرضُ رابيةٌ وأنتَ سَنامُ

وبنوكَ ألطفُ من نسيمكَ ظِلّهم

 

وأشمُّ من هضباتك الاحلامُ

أخرجتهم للعالمينَ جحاجحاً

 

عُرباً وأبناءُ الكريمِ كِرامُ

بينَ الرياضِ وبينَ أُفقٍ زاهرٍ

 

طلعَ المسيحُ عليه والإسلامُ

تقولُ لأهلها الفصحى:أعدلٌ

 

بربكمُ اغترابي بين أهلي؟

أنا العربيةُ المشهودُ فضلي

 

أأغدو اليومَ،والمغمورُ فضلي؟

إذا ما القومُ باللغة استخّفوا

 

فضاعت،ما مصير القوم؟قلْ لي

وما دعوى اتحادٍ في بلادٍ

 

وما دعوى ذِمارٍ مُستقل؟

داعٍ إلى العهدِ الجديدِ دعاكِ

 

فاستأنفي في الخافقينِ عُلاكِ

يا أمّةَ العربِ التي هي أُمنُّا

 

أيُّ الفخارِ نميتهِ ونماكِ؟

يمضي الزمانُ وتنقضي أحداثهُ

 

وهواكِ منا في القلوبِ هواكِ

لبنانُ مازالت سماؤكَ مطلعاً

 

للفرقدِ اللّماحِ بعد الفرقدِ

يا منبنَ الأرزِ القديمِ ومربضاً

 

يومَ الحفاظِ لكلِّ ليثٍ أصيدِ

هذي إليكَ تحيةٌ من شيّقٍ

 

قد بانَ طوعاً عنك وهو كَمبُعدِ

من هالكِ ظمأً وماؤكَ قُربهُ

 

مرّتْ به حججٌ ولم يتوردِ

كم ضجعةٍ فيها أراكَ ويقظةٍ

 

لاحت ذُراكَ بها تروحُ وتغتدي

في كلِّ شىءٍ منك عيني تجتلي

 

حسناً وحسنُ الروضِ حسنُ الجلمدِ

ولكلِّ منعرجٍ وكلّ ثنيّةٍ

 

أثر يُحسُّ لفكري المترددِ

يا معشر العُربِ الكرامِ الألى

 

بهم أُباهي كلّ ذي معشرِ

فارجعْ إلى مصرَ في أمنٍ وعافيةٍ

 

وزُرْ دمشقَ وزُرْ بغداد زُرْ حلبا

وصِفْ لهم ما رأت عيناكَ في بلدٍ

 

أبناهُ ليسَ لهم إلا العلا طلبا

إلى مصرٍ أزفُ عن الشآمِ

 

تحياتِ الكرامِ إلى الكرامِ

تحياتٍ يغضُّ الحمدُ منها

 

فمَ النّسماتِ عن عَبقِ الخزام

قد سُرّ لبنانُ بأن قد زُرتهُ

 

لكنْ شجاهُ نأيُكَ العاجلُ

علّ الذي في عامهِ فاتَهُ

 

يُعيضُ منهُ عامهُ القابلُ

بلادي لايزالُ هواكِ مني

 

كما كانَ الهوى قبلَ الفطامِ

أُقبلُ منكَ حيث رمى الأعادي

 

رَغاماتً طاهراً دونَ الرّغامِ

وتالله إنّي من مُقامي بينكم

 

أرى الشرقَ يُلقي السمعَ وهو مُكلّمُ

أرى الشرقَ يدمى مستمداً لِجرحهِ

 

أساً ومةاساةً بِنصحٍ يُقدّمُ

أرى فيهِ آفاتٍ لنا من ذنوبها

 

نصيبٌ فإن نعرفهُ ذلك أحزمُ

 

إنّ يُتمَ الأوطانِ أبلغُ من ثُكلِ

 

الثكالى أذىً وشرٌّ نكيرا

 

لبنانُ في أسمى المعاني لم يزلْ

 

لأولي القرائحِ مصدرَ الإيحاءِ

جبلٌ أنافَ على الجبالِ بمجدهِ

 

وأنافَ شاعرهُ على الشعراءِ

علي محمود طه

لم تنأ بغداد عن مصر، ولا بعدت

 

لبنان،والمسجد الأقصى وشهباء

أيّ التخوم تناءت بين أربعها

 

لها من الروح تقريب وإدناءُ

أرض عليها جرى تاريخنا،وجرى

 

دم به كتب التاريخ آباءُ

مبارك غرسه،منهُ بأندلس

 

والقادسية ،واليرموك أجناء

خوالد النّفح لم يذهب بنضرتها

 

حرّ،وقرّ وإصباح وإمساء

يا قلوباً ضمّها الشرقُ على

 

مورد للحقِّ والحبِّ التوأم

وشُعوباً جمعتها أمّةٌ

 

بينَ مصرٍ وعراقٍ وشامِ

وبطوناً من بقايا طارقٍ

 

في البقاع الجُردِ والخُضرِ النوامي

كلُّ  روحٍ بهدى من حُبّها

 

كلُّ قلبٍ بشعاعٍ من غرامِ

تذكرُ القربى وتستدني بها

 

مشرقَ الآمالِ في مطلعِ عامِ

وتُرّجى عودة المجدِ الذي

 

أعجزَ الباني،وأعيا المتسامي

من بيوتٍ هاشمياتِ البنى

 

وعروشٍ أموّياتِ الدّعامِ

ونتاج من نهى جبارة

 

وتراث من حضارات ضخام

قل لها يا عامُ لا هُنتِ ولا

 

كنتِ إلا مهدَ أحرارٍ كرامِ

ذاك مجد لم ينله أهله

 

بالتمني والتغنّي والكلام

بل بآلام ،وصبرـوضنى

 

ودموع،ودم حرّ سجام

قل لها إنّ الرّحى دائرة

 

والليالي بينَ كرٍّ وصدام

فاستعدي لغد إنّ غداً

 

نهزةُ السّباق في هذا الزحام

 

أرضُ العروبةِ لا تخومَ ولا صُوىً

 

ما مصرُ غيرُ الشامِ أو بغدادِ

يا رُبما نبأ أثارَ بوقعهِ

 

ما لاتثيرُ ملاحمُ الأجنادِ

وهدى قبيلاً أو أضلّ جماعةً

 

لسبيلِ غِيٍّ أو سبيلِ رشادِ

هم العرب الصيد لا تحسبنّ

 

بهم ضعة أو ضنى أو كلالا

نماهم على البأسِ آباؤهم

 

قساورة وسيوفاً صقالا

بناة الحضارة في المشرقين

 

درى يخشع الغرب منها جلالا

آنّى نزلتَ بمصرَ أو جاراتها

 

جئتَ العروبةَ أمّةً وبلادا

علي الجارم

بغداد يا بلد الرشيد

 

ومنارةَ المجدِ التليد

يا بسمة لمّا تزل

 

زهراء في ثغرِ الخلود

يا موطنَ الحبِّ المقيم

 

ومضربَ المثل الشرود

يا راية الإسلام والإ

 

سلام خفّاق البنود

يا مغرب الأمل القد

 

يمِ ومشرق الأمل الجديد

دعانا إلى الجُلّى فأكرمْ بمن دعا

 

إلى الوحدةِ الوثقى وأعزز بمن دُعوا

حبيبٌ إلى نفسي العراقُ وأهلَهُ

 

وسالفهُ الزاهي المجيدُ وحاضرهْ

ديارٌ بها الإسلامُ أرسلَ ضوءَهُ

 

فسارَ مسيرَ الشمسِ في الأفقِ سائرهْ

إذا شئتَ مجدَ العُربِ في عنفواتهِ

 

فهذي مغانيهِ وهذي منائره

ولو صُدِعتْ في سفحِ لبنانَ صخرةٌ

 

لدّكَ ذرا الأهرامِ هذا التصدّعُ

ولو بردى أنّتْ لخطبٍ مياههُ

 

لسالت بوادي النيلِ للنيلِ أدمعُ

ولو مسَّ رضوى عاصفُ الريحِ مرّةً

 

لباتت لهُ أكبادنا تتقطّعُ

أولئك أبناءُ العروبة مالهم

 

عن الفضلِ منأى،أو عن المجدِ منزَعُ

همُ في ظلالِ الحقِّ جمعٌ موحدٌ

 

وعند التقاءِ الرأي فردٌ مُجّمعُ

سنا الشرقِ،مت أيِّ الفراديس تنبعُ؟

 

ومن أيِّ آفاقِ النبوّةِ تلمعُ؟

وفي أيِّ أطواءِ القرون تنقلّتْ

 

بمصباحك الدنيا يشبُّ ويسطعُ

طلعت شعاعاً عبقرياً كأنّما

 

عن الحقِّ أو نورِ البصائرِ تطلعُ

رأيت ابن عمرانٍ على الطورِ شاخصاً

 

يهيبُ به الوحيُّ الكريمُ فيسمعُ

وأبصرتَ عيسى ينشرُ الرفقَ والرضا

 

وتسيلُ أحقادَ القلوبِ وينزعُ

وشاهدت وسط الجحفلين محمداً

 

وبين هدى الإيمان والشركِ مصرعُ

 

اهبطوا مصرَ،كم بها من قلوبٍ

 

شفّها حُبّكمْ،وكم من كُبودِ

قد رأينا في قربكم يومَ عيدٍ

 

قرنتهُ المنى إلى يومِ عيدِ

إنّ مصراً لكم بلادٌ وأهلٌ

 

ليسَ في الحُبِّ بيننا من حدودِ

جمعتنا الفصحى فما من وِهادٍ

 

فرّقت بيننا ولا من نُجودِ

يصلُ الحبُّ حيثُ لا تصلُ الشمسُ

 

ويجتازُ شامخاتِ السدودِ

أمّةَ العُربِ آنَ أن ينهضَ النّسرُ

 

فقد طالَ عهدهُ بالرقودِ

صفقي بالجناحِ في أُذنِ النجمِ

 

ومُدّي فضلَ العِنانِ وسودي

وأعيدي حضارةً زانت الدنيا فكمْ

 

ودّتْ المنى أن تُعيدي

إنّما المجدُ أن تُريدي وتمضي

 

ثم تمضي سباقةً وتُريدي

لا ينتالُ العلى سوى عبقري

 

راسخ العزمِ كالصفاةِ جليدِ

إذا صاحَ في جيحونَ يوماً مؤذنٌ

 

أجابَ على التاميز داعٍ مُثوِّبُ

وإن ذرفت من جفنِ دجلة دمعةٌ

 

رأيت دموعَ النيلِ حيرى تصبّبُ

وإن مسَّ جرحٌ من فلسطين إصبعاً

 

شكا حاجرٌ منه وأنَّ المحصّبُ

 

بني العروبةِ هذا اليومُ يومكمُ

 

سيروا إلى الموتِ إنّ الموتَ يُحيينا

وخلّفوا للعلا والمجدِ خالدةً

 

تبقى حديث الليالي في ذرارينا

لا ترهبوا القومَ في مالٍ وفي عددٍ

 

إنّ الفقاقيعَ تطفو ثم يمضينا

 

حننا إلى مجدِ العروبةِ يُزهى بقومهِ

 

وما طالهُ في العالمينَ لواءُ

زمانٌ لنا فوقَ الممالكِ دولةٌ

 

وفي الدهرِ حكمٌ نافذٌ وقضاءُ

محمود حسن إسماعيل

بغدادُ يا قلعةَ الأسودِ

 

يا كعبةَ المجدِ والخلودِ

يا جبهةَ الشمسِ للوجودِ

 

سمعت في فجرك الوليد

توهجَ النار في القيودِ

 

ويبرقُ النصر من جديد

يعود في ساحة الرشيد

 

بغداد يا قلعة الأسود

زأرتِ في حالك الظلام

 

وقمتِ مشدودةَ الزمام

للنور،للبعث للأمام

 

لبأسك الظافر العتيد

ومجدك الخالد التليد

 

عصفت بالنار والحديد

وعدت للنور من جديد

 

بغداد ياقلعة الأسود

يا عُرباً دوخوا الليالي

 

وحطموا صخرةَ المحالِ

ضموا على شعلة النضالِ

 

مواكب البعث والصمود

لقمة النصر في الوجود

 

عودوا لأيامكم وعودي

كالفخر في زحفك المجيد

 

بغداد يا قلعة الأسود

قد آذن الله في علاه

 

أن ينهض الشرقُ من كراه

ويرحل الليل عن سماه

 

وتسطع الشمس من جديد

من أمسنا الثائر البعيد

 

بغداد يا قلعة الأسود

محمود غنيم

بغداد قُرّة عينِ الشرق بغداد

 

لحنٌ تغنّى بهِ الإسلامُ والضادُ

الدهرُ يعرفها للكون عاصمةً

 

تقودهُ كيفما شاءت فينقادُ

إن تبتسم تُشرق الدنيا وإن غضبت

 

ففي السموات إبراقٌ وإرعادُ

تزهي الحواضرُ ما شاءت بحاضرها

 

وكلّها لك يا بغدادُ أولادُ

الغربُ يعرفُ ما أدّى بنوك له

 

الكتبُ تنطقُ والأقلامُ شُهّادُ

بني عمومة طه ما أقول لكم

 

وأنتمو لبني العباس أحفادُ

سلِ المعالي عنّا إننا عربٌ

 

شعارنا المجدُ يهوانا ونهواهُ

هي العروبةُ لفظٌ إن نطقتَ بهِ

 

فالشرقُ والضادُ والإسلام معناه

سلْ المعالي عنا إننا عربٌ

 

شعارُنا المجدُ يهوانا ونهواهُ

هي العروبة لفظٌ إن نطقت به

 

فالشرقُ والضادُ والإسلامُ معناهُ

استرشدَ الغربُ بالماضي فأرشدهُ

 

ونحنُ كانَ لنا ماضٍ نسيناهُ

إنا مشينا وراءَ الغربِ نقبسُ من

 

ضيائهِ فأصابتنا شظاياه

بالله سلْ خلفَ بحر الرومِ عن عربٍ

 

بالأمسِ كانوا هنا ما بالهم تاهوا؟

فإن تراءت لك الحمراءُ عن كثب

 

فسائلِ الصرح أين المجدُ والجاهُ

وانزل دمشق وسائل صخر مسجدها

 

عمّن بناهُ لعلّ الصخرَ ينعاهُ

وطفْ ببغداد وابحث في مقابرها

 

علّ أمرَ أمن بني العباس تلقاه

هذي معالم خُرسٌ كل واحدةٍ

 

منهنّ قامت خطيباً فاغراً فاهُ

إني لأشعرُ إذ أغشى معالمهم

 

كأنني راهبٌ يغشى مصلاه

ما بال شمل شعوب الضاد منصدعا

 

ربّاهُ أدرك شعوب الضاد ربّاه

إني لأعتبر الإسلام جامعة

 

للشرقِ لا محض دين سنّه الله

الله يعلم ما قلبتُ سيرتهم

 

يوماً وأخطأ دمع العين مجراهُ

أين الرشيد وقد طاف الغمامُ به

 

فحينَ جاوز بغداداً تحدّاه

ماضٍ نعيشُ على أنقاضهِ أمما

 

ونستمدُّ القوى من وحي ذكراهُ

لا درِّ درُّ امرىء يُطري أوائلهُ

 

فخراً ويُطرقُ إن ساءلتهُ ما هو

إبراهيم ناجي

لا حُبَّ إلا حيثُ حلَّ ولا أرى

 

لي غير ذلك موطناً ومقاما

وطني على طول الليالي دارهُ

 

مهما نأى وهواي حيث أقاما

والأرضُ حين تضمنا مأهولةٌ

 

لحظاتها معمورة أياما

لا فرقَ بين شمالها وجنوبها

 

فهما لقلبي يحملان سلاما

وهما لعهدي حافظان وقلّما

 

حفظ الزمان لمهجتين ذماما

يا أمتي كم دموعٍ في مآقينا

 

نبكي شهيديك أم نبكي أمانينا؟

يا أمتي إن بكينا اليوم معذرةً

 

في الضعفِ بعضُ المآسي فوق أيدينا

الشام جازعةٌ ومصر كعهدها

 

نهبُ الخطوبِ قليلة الأنصار

كامل الشناوي

كان وهماً وأمانيَ وحلماًكان طيفاً

 

وصحا النائم يوماورأى النور فأغفى

كلما استيقظ نامَ

 

وارتمى بين الظلام

ثم كانت صحوةكالنار،كالتيار

 

كالقدر العنيد

أيقظته،بعثته،خلقته

 

من جديد،من جديد

لا تسلني ما الذي وحدّنا قلباً وصفاً؟

 

سل جموع الشهداء

سل دموع الأبرياء

 

سل دمَ السوري والمصري

يجري لهباً

 

صارخاً:عرباً كنا ونبقى عربا

لم يكن أيهما بالأمس وحده

 

ولقد صارا مع الأيام وحدة

لا تسلني أين كنا؟أين أصبحنا،وكيفَ

 

لا تسلني ما الذي وحدنا قلباً وصفاً

عرف الشعبُ طريقه..وحدّ الشعبُ بلاده

 

فإذا الحلمُ حقيقة..والأماني إرادة

مصطفى عبد الرحمن

أمتي يا أمة الأمجادِ والماضي العريقِ

 

يا نشيداً في دمي يحيا ويجري في عروقي

أذن الفجرُ الذي شقَّ الدياجي بالشروقِ

 

وطريقُ النصرِ قد لاحَ فسيري في الطريق

قبلةَ الأنظارِ يا أرض الهدى والحقِّ كنتِ

 

ومناراً في دجى الأيامِ للعالمِ عشتِ

أنتِ مهد النور مهد الفن والعرفان أنتِ

 

وستبقين ويبقى لك منا ما أردتِ

لا تُبالي إن أساءِ الدهرُ يوماً لا تُبالي

 

قد صحونا لأمانينا..صحونا لليالي

لك يا أرضَ البطولاتِ ويا أمّ الرجالِ

 

ترخص الأرواح في يوم الفدى يوم النضالِ

للغدِ المشرقِ يندى بالأماني والعطورِ

 

أمتيسيري إلى المجدِ وجِدّي في المسيرِ

حققي بالعمل البناءِ أحلام الدهورِ

 

واصعدي بالعلمِ والأخلاقِ للنصر الكبيرِ

اصعدي يا أرضَ أجدادي وأمّي وأبي

 

اصعدي يا قلعة يحرسها كلّ أبي

اصعدي يا مشرق النورِ لأعلى مأربِ

 

اصعدي للقممِ الشّماءِ فوقَ الشهبِ

أحمد محرم

وكائن ترى من ذي ثمانين خضبت

 

لطول البكى من شيبه الأدمع الحمر

بكى وطناً أودت بسالفِ مجده

 

حوادثُ دهرٍ من خلائقهِ الغدرُ

أغارت عليه من جنوبٍ وشمالٍ

 

فما برحت حتى أتيح لها النصر

 

هُبّوا بني الشرقِ لا نومٌ ولا لعبُ

 

حتى تُعدّ القوى،أو تؤخذ الأهبُ

ماذا تظنون إلا أن يُحاط بكم

 

فلا يكون منجى ولا هربُ

كونوا بها أمّةً في الدهرِ واحدةً

 

لا ينظر الغربُ يوماً كيفَ نحتربُ

 

لَنعمَ القوم ما أوفوا بعهدٍ

 

لأوطانٍ شقين ولا ذمام

ولا اعتصموا بحبلِ الجد يوماً

 

ولا لاذوا بأكنافِ الوئام

فوا أسفي على وطنٍ كريمٍ

 

غدا ما بيننا غرض السهام

ونحن على توجعهِ سكوتٌ

 

كأنا بعض سكان الرجام

مصطفى صادق الرافعي

بلادي هواها في لساني وفي دمي

 

يمجدها قلبي ويدعو لها فمي

 

حماة الحمى،يا حماة الحمى

 

هلّموا ،هلّموا لمجدِ الزمن

لقد صرخت في العروقِ الدما

 

نموتُ،نموتُ،ويحيا الوطن

ولي الدين يكن

يبكي بنوك ويضحك الزمنُ

 

ماذا أصابكَ أيها الوطنُ

ما أوشكتْ أن تنتهي محنٌ

 

إلا وجاءت بعدها محنُ

أحمد الكاشف

بني الشرق أدعوكم إلى خيرِ منهج

 

يُعيدُ إليكم نضرةَ العيشِ ثانيا

فجاروا بني الغرب الذين تشبهوا

 

بأجدادكم حتى تنالوا المعاليا

وأنتم بتقليد الجدودِ أحقُّ

 

عِداً سلبوكم مظهراً كان زاهيا

أسرّكم أنّ المحارم تُستبى

 

ولم تلق فيكم عن حِماها محاميا

وأنّ لكم سيفاً من الدينِ ماضياً

 

يفلّ إذا جردتموهُ المواضيا

فأحيوا بهِ نهجَ النبيَّ وجدّدوا

 

مقاماً لدينِ الله أصبح باليا

صالح جودت

وحقّ الذي عقد الآصرة

 

وجمع أشواقنا الثائرة

دعاني إليكم بني الرافدين

 

هيامي بأرضكم الشاعرة

بلاد الرصافي في سخطه

 

على الغدرِ والفئة الغادرة

حسن كامل الصيرفي

يا أمتي،يا أمةَ الألم الذي

 

بلغَ المدى،لا مسّكَ الضرّاء

منذ اختلفنا في الجهادِ طوائفاً

 

ما ضمنا في وحدة زعماء

حتى فقدت عزيزك الحر الهوى

 

فتوحدّت في النكبة الأبناء

يبكونه بدمِ القلوبِ موسداً

 

نعيت به الحرية الشّماء

 

عزيز أباظه

بغداد لإسمك هزّة سحرية

 

في كل مصر للعروبة ينتمي

هو عزّة العربِ الكرام وفخرهم

 

لا فرق بين مزنر ومعّمم

وهو المسدد خطوهم في حاضر

 

مستوثق أو قابل مستحكم

لك في ضمائرهم هوى ودمائهم

 

مكلوءة حرماته لم تكلم

إني سألتُ الله جلّ جلاله

 

يحميكَ من كيدٍ يُحاكُ مدمدم

ويقيكَ غدر عدوك المستلئم

 

ويقيكَ شرّ مسيطر متحكم

ومخادع ومضلل ومحطم

 

ومذلل ومقيد ومكمم

قرّي على كتف الزمان عزيزة

 

بغداد واعتسفي سبيلك واسلمي

أحمد نسيم

تداعت رواسي الشرق فانهال جوانبه

 

وما همَّ حتى أقعدتهُ نوائبه

تحاربهُ الأعداءُ من كلِّ جانبٍ

 

ولم يكفهم أنّ الزمانَ يحاربه

تحدّ على هاماته شفراته

 

وترهف فوق الناصيات قواضبه

وحسبُكَ أنّ الشرقَ في كلِّ أمة

 

مآثرهُ مشهورةٌ ومناقبه

تخرج منه الفاتحون لأرضه

 

فما جاءت بطحاؤه وسباسبه

زكي مبارك

وفدتُ على بغدادَ والقلبُ مُوجعٌ

 

فهل فرّجت كربي وهل أبرأت دائي

تركتُ الخطوبَ السود في مصر فانبرتْ

 

سهامَ العيونِ السودِ تصدعُ أحشائي

تركتُ دخاناً لو أردتُ دفعتهُ

 

بعزمةِ مفتول الذراعين مضّاء

وجئتُ إلى نارٍ ستشوي جوانحي

 

وتصهرُ أضلاعي وتسحقُ أحنائي

فيا ويحَ قلبي عضّهُ الدهرُ فاكتوى

 

بلفحةِ قتالين:حور وإصباء

سمعتُ حماماتٍ ينحنَ فعزّني

 

حنيني إلى صحب بمصر أشحاء

همُ أسلموني لا عفا الحبُّ عنهمُ

 

إلى ليلةٍ من غمزة الحزن ليلاء

أنادمهم بالوهم والقلبُ عارفٌ

 

بأني لدي كأس من الدمعِ حمراء

عفا الحبُّ عن بغداد كم عشتُ لاهياً

 

أكاثرُ أيامي بليلى وظمياء

لقد كنتُ في مصر شقياً فما الذي

أهذا جزائي في العراق وحبّه

 

ستجنين يا بغدادُ من وصلِ إشقائي

أهذا جزائي في رواحي وإسرائي

نزار قباني

جاء تشرينُ،يا حبيبة عمري

 

أحسنُ الوقتِ للهوى تشرينُ

ولنا موعدٌ علىجبل الشيخ

 

كم الثلجُ دافىءٌوحنونُ

لم أُعانقكِ من زمانٍ طويلٍ

 

لم أُحدّثكِ ،والحديثُ شجونُ

لم أُغازلُكِ،والتغزلُ بعضي

 

للهوى دينهُ..وللسيفِ دينُ

سنواتٌ سبعٌ من الحزنِ مرّت

 

مات فيها الصفصافُ والزيتونُ

سنواتٌ فيها استقلتُ من الحبِّ

 

وجفّتْ على شِفاهي اللحونُ

سنواتٌ سبعٌ بها اغتالنا اليأسُ

 

وعلمُ الكلامواليانسونُ

فانقسمنا قبائلاً وشعوباً

 

وأُستبيحَ الحِمى،وضاعَ العرينُ

كيفَ أهواكِ حينَ حولَ سريري

 

يتمشى اليهودُ والطاعونُ

كيفَ أهواك..والحمى مستباحٌ

 

هل من السهل أن يُحبَّ السجينُ

قررتُ يا وطني اغتيالكَ بالسفر

 

وودّعتُ السنابل والجداول والشجر

وأخذتُ في جيبي تصاوير الحقول

 

وأخذتُ إمضاء القمر

وأخذتُ وجه حبيبتي

 

وأخذتُ رائحة العطر

قلبي عليك يا وطني

 

وأنت تنام على حجر

يا ست الدنيا يا بيروت

 

من باع أسواركِ المشغولة بالياقوت؟

من صادَ خاتمكِ السحريِّ

 

وقصَّ ضفائركِ الذهبية؟

من ذبحَ الفرحَ النائم في عينيكِ الخضراوين؟

 

من شطبَ وجهكِ بالسكين

وألقى ماء النار على شفتيكِ الرائعتين؟

 

من سممَ ماءَ البحر،ورشَّ الحقد على الشطآن الوردية؟

هانحنُ أتينامعتذرينومعترفين

 

أنا أطلقنا النارَ عليكِ بروح قبلية..فقتلنا امرأةكانت تدعى الحرية

ماذا نتكلم يا بيروت

 

وفي عينيكِ خلاصة حزن البشرية

ماذا نتكلم يا مروحة الصيف

 

ويا وردتهُ الجورية؟

من كان يفكر أن نتلاقى ـ يا بيروت ـ وأنتِ خراب؟

 

من كان يفكر أن تنمو للوردة آلاف الأنياب؟

من كان يفكر أنَّ العين تقاتل

 

في يومٍ ضدَّ الأهداب؟

ماذا نتكلم يا لؤلؤتي؟ يا سنبلتي

 

يا أقلامي..يا أحلامي..يا أوراقي الشعرية

من أين أتتك القسوة يا بيروت

 

وكنتِ برقةِ حورية؟

لا أفهمُ كيف انقلب العصفور الدوريُّ

 

لقطةِ ليلٍ وحشية

لا أفهم أبداً يا بيروت

 

لا أفهمُ كيف نسيتِ الله..وعدتِ لعصر الوثنية

قومي من تحت الموجِ الأزرق،يا عشتار

 

قومي كقصيدة وردٍ أو كقصيدة نار

لا يوجد قبلك شىء..بعدكِ شىءمثلك شىء

 

أنت خلاصات الأعمار

يا حقل اللؤلؤ..يا ميناء العشق

 

ويا طاووس الماء

قومي من أجل الحب،ومن أجل الشعراء

 

قومي من أجل الخبز،ومن أجل الفقراء

الحبُّ يريدك،،يا أحلى الملكات

 

والربُّ يريدكيا أحلى الملكات

ها أنتِ دفعتِ ضريبة حسنكِ مثل جميع الحسناوات

 

ودفعتِ الجزية عن كل الكلمات

 

قالت :هنا (الحمراء) زَهوُ جدودنا

 

فاقرأ على جدرانها أمجادي

أمجادها!!ومسحتُ جرحاً نازفاً

 

ومسحتُ جرحاً ثانياً بفؤادي

يا ليتَ وارثتي الجميلة أدركت

 

أنّ الذين عنتهمُ أجدادي

بدوي الجبل

ولي وطنٌ أكبرتهُ عن مَلامةٍ

 

وأغليهِ أن يُدعى على الذنبِ مُذنبا

وأغليه حتى قد فتحتُ جوانحي

 

أدّلل فيهنَّ الرجاءَ المخيّبا

تنكّرَ لي عندَ المشيبِ ولا قِلىً

 

فمن بعضِ نُعماهُ الكهولةُ والصبا

ومن حقّهِ أن أحملَ الجُرحَ راضياً

يُمزّقُ قلبي البعدُ عمّن أحبّهم

وأعشقُ برقَ الشامِ إن كان ممطراً

 

ومن حقّهِ أن لا ألوم وأعتبا

ولكنْ رأيتُ الذلَّ أخشنَ مركبا

حنوناً بِسقياهُ وإن كان َ خُلّبا

وأستعطفُ التاريخ ضناً بأمتي

 

ليمحو ما أجزى به لا ليكتبا

يا للعروبة :أين نور نبوغها

 

الزيتُ جفّ وأطفىء القنديل

بغداد شاكية ومصر حزينة

 

والشام حاسرة القناع ثكولُ

تلك الأقانيم الثلاثة واحد

 

بردى الشام ودجلة والنيل

ويح العروبة! حلّمت أحبابها

 

ريب الزمان ونزّقت حسادها

هي جنةٌ ما ارتادها ذو شرّة

 

إلا وأطمع حسنها مرتادها

ذاك الجمال جنى على أبنائها

 

ظلماً وجلّل بالأذى أحفادها

منازلُ الخُلدِ لا أرباعُ لبنانِ

 

وفتنةُ السحرِ لا آياتُ فنانِ

جِنانُ لبنانَ حسبي منك وارفةٌ

 

فيها الندّيان من رَوحٍ وريحان

صحبت فيك شبابي والهوى ومنى

شبَّ النبيونَ في أفيائها وحبتْ

 

لعس الشفاء وظلاً غير ضحيان

فيها خيالاتُ إنجيلٍ وقرآن

فأسبغي نعمة النسيان تغمرني

 

عسى يخفف من بلواي نسياني

أمسيت لا الصغر المعسول أسعدني

 

ولا الجنون جنون الحب واتاني

ألحّ بي السقم حتى لا يفارقني

 

وراحَ ينسجُ قبلَ الشيبِ أكفاني

روحي فدى وطنٍ ما كانَ أفقرنا

 

إليهِ في عزّةِ النُعمى وأغناهُ

إن كان يذكرُ أو ينسى فلا سلمتْ

 

عيني ولا كبدي إن كنتُ أنساهُ

ليسَ بين العراقِ والشام حدٌّ

 

هدمَ الله مابنوا من حدودِ

قل كما قال للغمامة هارونُ

 

وفي الجوِّ زمزمات الرعودِ

قل لها أيها الغمامة جودي

 

شاطىء الرافدين أو لا تجودي

حوّمي ما أردت شرقاً أو غرباً

 

في تخومِ الكونِ الفسيح المديد

أمطري حيثُ شئتِ فالكونُ ملكي

 

وبنوه قبائلي وجنودي

سمعت باريس تشكو زهو فاتحها

 

هلّا تذكرت يا باريس شكوانا

والخيلُ في المسجدِ المحزونِ جائلة

 

على المصلين أشياخاً وفتيانا

والآمنونَ أفاقوا والقصور لظى

 

تهوى بها النار بنياناً فبنيانا

رمى بها الظالم الطاغي مجلجلة

 

كالعارضِ الجونِ تهداراً وتهتانا

أفدى المخدرة الحسناء روّعها

 

من الكرى قدرٌ يشتد عجلانا

تدورُ في القصر عدواً وهي باكية

 

وتحسب الطيب أذيالاً وأردانا

تجيل والنوم ظلّ في محاجرها

 

طرفاً تهدهده الأحلام وسنانا

فما ترى غير أنقاض مبعثرة

تلك الفضائح قد سميتها ظفراً

 

حوين فناً وتاريخاً وأزمانا

هلا تكافأ يوم الروع سيفانا

نجا به الظلم سكران الظبى أشراً

 

ولا سلاح لنا إلا سجايانا

إذا انفجرت من العدوان باكية

(يشمت بفرنسا بعد دخول النازي باريس)

 

فطالما سمتنا بغياً وعدوانا

ويا ربى الحُسنِ في لبنان لا انبسطت

 

يُمنى الهجير على أفياء لبنان

مُدّي ظلالك ينعمُ في غلائلها

 

صرعى الردى من أحبائي وأخداني

النائمينَ بظلِّ الأرزِ ينشدهم

 

رواية الدهر في نعمى سليمان

ترفقْ بقومي واحمهمْ من مُلّمةٍ

 

لقد نشبتْ أو آذنتْ بنشوبِ

ورُدَّ الحلومَ العازباتِ إلى الهدى

 

فقد ترجعُ الأحلامُ بعد غروبِ

ورُدَّ القلوبَ الحاقداتِ إلى ندٍ

 

من الحبِّ فوّاحِ الظلالِ عشيبِ

لج على عمّان بدراً نوره

 

يكشفُ الليل ويهدي التائهين

وعلى الغوطة أقبل يوسفاً

 

حسنهُ يجلو عيون الناظرين

وعلى بغداد أشرق رحمة

 

تسعد المأمون فيها والأمين

وحدَّ العرب وأسعد أمة

 

سادت العالم في ماضي السنين

وأعد أيام هارون وقد

 

ملأ الدنيا رجالاً وسفين

بردى جفّ وما في دجلة

 

نغبة تروي الماء الواردين

وحين شرّدنا الطاغي وأرخصنا

 

حنا العراقُ فآوانا وأغلانا

ومن تفيأ نعماء العراق رأى

 

بالأهلِ أهلاً وبالجيرانِ جيرانا

 

أرز لبنان أيكة في ذرانا

 

والفراتان ماؤنا والنيلُ

ورياحيننا على تونس الخضراء

 

خضراء أين منها الذبول

ولما شكا لبنان ضجّت أمية

 

وجنّت له بغداد والتهبت مصر

لي موطنٌ في ربى لبنان ممتنع

 

ولي بنو العم من أبنائهِ النجب

إن فاتهم معقل يوم الوغى أشب

 

بنوا من السمر صرح المعقل الاِب

ولو مشى الموت في شهباء معلمة

 

مشوا إلى الموتِ في الهندية والقضب

إيه دنيا الرشيد تفنى الحضارات

 

وتبقين من لدات الخلود

قصر هارون ما عهدت من الآلاء

 

والعزِّ وازدحام الوفود

حمل التاج مفرق الملك الطفل

 

وما ناء بالجليل الشديد

تاج بغداد والشام ولبنان

 

وبحر للروم طاغ عنيد

قد أرادوا لبنان سفحاً ذليلاً

 

وأردناهُ شامخاً مرموقا

وحمدت الجلّى بلبنان لمّا

 

كشفت لي اليقين والتلفيقا

إن عتبنا على الكنانة إدلالا

 

فقد يعتب الصديق الصديقا

وهبتنا فرعونها ووهبناها

 

على العسرِ يوسف الصدّيقا

أرز لبنان لن يكون لكافور

 

متاعاً وللأرقاء سوقا

مالي أرى الشُمَّ في لبنان مغضية

 

تطامنتْ للرزايا شمّ لبنانا

لا صيد غسّان والهيجاء ضاربة

 

على السروج ولا أقيال مروانا

وأكرم العيد عن عتب هممت به

 

لو شئت أوسعته جهراً وتبيانا

قد استردّ السبايا كلّ منهزم

أفدي شمائل قومي ثورةً ولظى

من أطفأ الشعلى الكبرى بأنفسنا

 

لم تبق في رِقّها إلا سبايانا

وعاصفاً زحم الدنيا وبركانا

أدهرنا حالَ أم حالت سجايانا

دم بتونس لم يُثأر له ودمٌ

 

بالقدس،هان على الأيام ما هانا

وما لمحتُ سياطَ الظلمِ داميةً

 

إلا عرفتُ عليها لحمَ أسرانا

ولا نموتُ على حدِّ الظُبى أنفاً

 

حتى لقد خجلت منا منايانا

تهلهلت أمتي حتى غدتْ أمماً

 

وزور الوطنُ المسلوب أوطانا

وقد عرفتُ الرزايا وهي منجبةٌ

 

فكيفَ لم تلدِ الجلّى رزايانا

على الرمالِ طيوفٌ من كتائبنا

 

نشوى الفتوح ونفحٌ من سرايانا

لإبن الوليدِ على كثبانها عبقٌ

 

سقى الهجيرَ من الذكرى فندانا

وفي النسيمِ على الصحراء نرشفهُ

 

طيبُ المثنى على رايات شيبانا

هي الكؤوس ولكن أين نشوتنا

 

هي الحروف ولكن أين معنانا

ضاقَ لبنان بي وكان رحيباً

 

وتنّزى حقداً وكان رفيقا

ما للبنان رحت أسقيهِ حُبّي

 

وسقاني مرارةً وعقوقا

أنا أغليته بلؤلؤ أشعاري

 

وطوّقتُ جيدهُ تطويقا

وزرعت النجوم في ليلِ لبنان

 

فرّف الدجى ندّياً وريقا

لبنان يا حلم الفردوس أبدعه

 

على غرارِ ذراك الواحد الصمد

وزاهدين بحسن أنتَ غرّته

 

لو آمنوا بجمال الله مازهدوا

حسن أتمّؤعلى لبنان نعمته

 

مُحسّد وتمام النعمة الحسدُ

يا جنّة الفكر يسمو كيف شاء ولا

 

أفق يحدّ ولا شأو ولا أحدُ

يا مكرم النجم في معسول غربته

 

لكلّ نجم ذراك الأهل والبلدُ

ونسمة من صبا لبنان أوفدها

 

لك الأحبّة والأبناء والحفد

هل في ربى الخلد ما يُنسيك أرزته

 

والنور والحسن في أفيائها بدد

الوحدة الكبرى تهلّل فجرها

 

بظلال أبلج ذائد نفّاح

هذي العروبة في حماك مدّلة

 

ريع العدو بها وضاق اللاحي

الأزرق الرجراج حنّ لرملة

 

في الدجلتين نديّة مسماح

ورأى الكنانة إن تماجد ماجدت

 

بالعاص لا بِمنى ولا بفتاح

لبنان أينَ ربيع كنت أيكته

 

يبكي الربيع إذا جافى ويُفتقد

لا الشمّ كالعهد فيه لهفة وقِرى

 

على النسور ولا الامواج والزبد

لا الأرز بعد نوانا مائس عطر

 

ولا الغصون عليها الطائر الغرد

جيرانك الأنجمُ الزهراء عاتبة

 

وكلّ نجم حزين ثاكل حرد

يطلّ فيك دم للنور بعد دم

 

ولا حماة ولا ثأر ولا قود

لي فيك شعر رواه العطر فازدحمت

 

منك السفوح على ريّاه والنجدُ

خطوبهم لا خطوب الدهر ضاربة

 

على العروبة إن حلّوا وإن عقدوا

ألهانئون بسلم لا حماة له

 

فداء من زحموا الجلّى ومن نهدوا

القدس سيناء لحد هبّ منتفضاً

 

به الكماة وخيل الحقّ تطرّدُ

ورمل سيناء لحد هبّ منتفضاً

 

بكلّ من سقطوا غدراً وما لحدوا

يصيحُ ألف صدى في الرملِ منتظراً

 

أن يستثير الصحارى فارس نجد

نفحاتُ لبنان الأشمَّ عليلة

 

وحِمى الجزيرة عذبة نفحاته

تشتاقُ ناضرة الشام رماله

 

وتحبُ خضرة أرزكم فلواته

عمر أبو ريشة

إن طود الرمال تحمله الريح

 

وتذريه في الفضاءِ المديدِ

إنّ في الشام من معاوية

 

السمح بقايا من الدهاءِ السديدِ

وببغداد مسحة من نعيم

 

تتغنّى بذكريات لبرشيد

أمةٌ يعربية تركت في

 

مسمعِ الدهرِ آية التمجيدِ

 

في سبيل المجدِ والأوطانِ نحيا ونبيد

 

كلنا ذو همّةٍ شماءَ جبارٍ عنيد

لا تطيقُ السادة الاحرارُ أطواقَ الحديد

 

إن عيش الذل والإرهاقِ أولى بالعبيد

 

ما صحا بعدُ من خُمار زمانه

 

فليرفه بالشدو عن أشجانه

ما وعى الأمنيات إلا طوفاً

 

خفقت وانطوت على أجفانه

غمزته عرائس العيشِ إغراءً

 

فلم تستبح حمى عنفوانه

شاعر لو شكا الحياة لكانت

 

سرواتُ الملوكِ من ندمانه

أقسم المجد أن يمر على الأرض

 

ونجوى الآباء خلف لسانه

فالعبي يا عواصف الدهر ماشئت

 

فلن تجرحيه في وجدانه

رُبّ شادٍ على الظمأ أسلم الروح

 

وروّى الأجيال نبع بيانه

 

ما دهى الشعر بعد رقص لياليه

 

النشاوى على صنوج قيانه

وخشوع السُمّار في الندوة

 

المعطار بين الأبكار من ألحانه

تلك أوتاره مفجّعة الأصداء

 

منثورة على عيدانه

لامستها أنامل،يرعف العوسج

 

لو أطبقت على أغصانه

فهوى الشعر عن مشارفه الزُّهر

 

وأغفى على رؤى أحزانه

كان وقفاً على النبوغ وكانت روعة

 

الشىء وضعهُ في مكانه

عاد للدوح عندليبك يا شعر

 

ومات النعيب في غربانه

وتغنّى حنانه فتمشى في

 

ضمير الشهباء رجعُ حنانه

فاشرأبت وفي تساؤلها شوقٌ تضيق

 

الأحناء عن كتمانه

وأطلت على الزمان وما أقساه

 

في عرفه وفي نكرانه

 

لمحت فوقه معين نعيم

 

يستقي المؤمنون من فيضانه

فتجلّى لها شباب علاها

 

يا لوردٍ يرفُّ بعد أوانه

يا لذاك الصبا وما زرّت الأنجمُ

 

من عروةٍ على أردانه

تلك فتيانها أباح لها المجدُ

 

ركوب الخطوب في ميدانه

وأبو الطيب التفاتة إدلال

 

إلى الصيدِ من بني حمدانه

يخلع الخلدَ زأرة وهديلاً

 

من مزامير زهوه وافتتانه

وعلى السرج سيف دولته الندب

 

يموج الجهاد في طيلسانه

وغبار الحروب تجبله الأيدي

 

وساداً يلفُّ في أكفانه

هكذا العلية الرجال فلا

 

صفق في موطن فؤادُ جبانه

 

ذاك عهد لولا ذهولك يا شهباء

 

لم تقدري على نسيانه

عزّت الأم بالبنين اعتزاز الروض

 

بالباسقات من أفنانه

عثرات الأجيال قاصمة

 

دكت بناء الفخار من أركانه

ما انتهى إرثنا الرفيع ولا سُلّت

 

طيوف النبيِّ من قرآنه

يا لذكرى تلقت المجد ما بين

 

يديها إلى ربيع زمانه

يوم هزّ البدوي معوله الصلد

 

وأهوى به على أوثانه

والمروءات وهج جبهته السمراء

 

والأمنيات فيض بنانه

فتهاوت على عباءته الدنيا

 

ورقّت على صهيل حصانه

فإذا الشرق للعروبة طودٌ

 

تتشظى النجوم فوق رعانه

كلّ صرحٍ للحقّ في الأرض باق

 

نحتته العلياء من صوانه

 

يا لذكرى أغفى على خجل منها

 

كريم النجار من عدنانه

مزّقَ الدهر شمله وطوى

 

ما كان من عزّه ومن سلطانه

ورماه إلى وجوم الليالي

 

وسؤال الغريب عن أوطانه

أين ـ لا أين ـ موئلٌ عربي

 

يسرح الحرّ في ظلالِ أمانه

تعب البغي وهو يضرب فيه

 

ويرّوي ثراه من أضغانه

وتعايى خزيان عن هدم حب

 

تتلاشى الأبعاد في ميزانه

أيّ جرح ضجَ العراقُ عليه

 

ما تلقى الأساة من لبنانه

 

يا بلادي ناجاك من وقف الخلد

 

وأصغى إلى صدى تحنانه

كاد أن يرخص المدامع في الأرزاء

 

لولا الحياء من إيمانه

ما الجبان الذي حنوت عليه

 

وسكبت العزاء ملء جنانه

عرفته الهيجاء،أنذل من فرّ

 

وأشقى من جرّ ذيل هوانه

قام في فينكِ حيّياً

 

ودموع المتاب في أجفانه

يشتم الغفلة التي ذقت منها

 

ماي1ذوق القطيع من ذؤبانه

ليس يدري الجزار ما الخنجر

 

المسنون إلا أن حزّ في شريانه

 

وسلوا القدس هل غفا الشرق عنها

 

أو طوى دونها شبا مُرّانه؟

أهتافٌ خلفَ البحار بصهيون

 

وحدب على بناء كيانه؟

ومن الهاتف الملحّ؟أحرُّ؟

 

أين صدق الأحرار من بهتانه؟

أين ميثاقه؟أتنحسر الرحمة

 

في دفتيه عن عنوانه؟

يا لذل العهود في فم من أجرى

 

على عزّها دما فرسانه

أي فلسطين يا ابتسامة عيسى

 

لجراح الأذى على جثمانه

يا تثني البراق في ليلة الإسراء

 

والوحي ممسك بعنانه

لا تنامي خضيبة الحلم خوفاً

 

من غريب الحمى ومن أعوانه

إن للبيت ربّه فدعيه

هذه ـأمتيفيا لشراع يتلقى

 

ربّ حاو رداه في ثعبانه

العبابَ في هيجانه

علمته الأنواء أن يزدريها

 

ويجر المرساة في شطانه

أنور العطار

والروابي توسدّتْ راحة السُحبِ

 

نامتْ على وشاحِ مرققْ

والذرى البيضُ في العلاء نسورُ

 

حوّمتْ تكشفُ الخفيَّ المغلقْ

والقرى غُلغلت بأخبية الغيب

 

وضاعت بين الغمامِ المُنّمقْ

إيهِ لبنانَ،يا نشيدَ الأناشيدِ

 

ويا صورة النعيمِ المُحققْ

وبأعطافك الرقاق الحواشي

 

وقفَ الحسنُ خاشعاً ثم أطرقْ

بغداد بالعابقِ المخضوضر النادي

 

رُدّي عليَّ حنيني وأورادي

وألهميني حرّ القول،خالصهُ

 

ونضرّي في ثنايا الحفلِ إنشادي

هَبي لي الشعر أنغاماً مسلسلة

 

تهدي إلى الصيدِ من صحبي وأندادي

بني العراق مثال الحبِّ من عقدوا

 

على هوى العربِ أكباداً بأكبادِ

تمرّسوا بالوفاء المحضّ واتشحوا

 

من الودادِ بألطافٍ وأبرادِ

يا نفحة الضاد هي في أباطحنا

 

وزودينا العلى يا نفحة الضادِ

صوتُ العروبة دوّى ملؤهُ أملٌ

 

يجيشُ كالسيلِ في رغو ,ازبادِ

يهيبُ بالقوم قد ألوى الزمان بهم

إن لم تثوروا على الباغين قد نكثوا

 

فأصبحوا نهبة للرائح الغادي

فلستم في قراعِ الخطبِ أحفادي

يا جيرةَ العربِ صان الله عقدكم

آمنتُ بالوطنِ المنصور جانبه

 

وأسعدتهُ الأماني أيّ إسعادِ

آمنتُ بالعربِ أمجاداً بأمجادِ

صاغوا من الخيرِ دنيا لا كفاء لها

 

يقصّها الدهرُ آباداً لآبادِ

خير الدين زركلي

وفي أفقِ الجزائرِ وهجُ نار

 

وقود لهيبها غير الوقود

هشيم سعيرها جثثٌ وهامُ

 

ممزقة الغلاصمِ والجلودِ

تحوم العين فيها حول دور

 

مرشقة بلطخ دم جميد

تفانى أهلها في الذودِ عنها

 

سراعاً بالزنادِ وبالزنودِ

وطني طالَ بكائي

 

والأسى مما عراكا

أتُرى تصفو سمائي

 

وكما أهوى أراكا

حاولوا مسّكَ بالسوءِ

 

وهمّوا بأذاكا

أنا لا أعشقُ مما

 

عشق الناسُ سواكا

فيكَ محياي ومثوى

 

أعظمي تحتَ ثراكا

 

غضبت لسورية الشهيدة أمةٌ

 

في مصر تطفىء غلّة الأمصار

ورعتْ لها ذمم الوفاء فلم يضعْ

 

عهدٌ تسلسل في دمِ الإعصارِ

لله والتاريخ والدم واللغى

 

حقٌّ وللآمال والأوطارِ

تأبى الجماعةُ أن تهونَ لغاصبٍ

 

والفردُ موقوفٌ على الأقدارِ

وإذا العرى انفصمت تولّى أهلها

 

ضيمُ المغيرِ بخطبه الكبار

 

فيمَ الونى وديارُ الشام تُقتسمُ

 

أينَ العهودُ التي لم تُرعَ والحُرمُ؟

هل صح ما قيل من عهد ومن عِدةٍ

 

وقد رأيت حقوق العرب تهتضمُ؟

ما بالُ بغداد لم تنبس بها شفة

 

وما لبيروت لم يخفق بها علمُ

ويلمّها نكبات كلها ظلم

 

وقد تنير صراط السالك الظلم

خليل مردم بك

فكيفَ ترجي جمع قيس ويعرب

 

وشملك يا هذا شتيت مفرّق

وكيفَ ترّجي وحدة عربية

 

ومن دون راشيا حدود وبيرق

بهاء الدين الاميري

قالوا العروبة قلنا إنها رحم

 

وموطن ومروءات ووجدان

أما العقيدة والهدي المنير لنا

 

درب الحياة فإسلام وقرآنُ

وشرعة قد تآخت في سماحتها

 

وعدلها الفذّ أجناسٌ وألوان

أشتكي ،والشكاةُ ليست علاجاً

 

أقفرَ الدهرُ من صفيٍّ يُناجى

يا لهَمٍّ مُعاودٍ مدلهمٍ

 

هُجَّ في دورة الحياة وهاجا

أمةٌ في البلاء زمجرت

 

الأهوالُ في قدسهاولجّت لجاجا

وشعوب في سدرؤة التيهِ بين

 

القيل والقال،خطبها يتداجى

أوثق الحكم قيدها وترضاها

 

وأخفى عنها،وأبدى،وداجى

زوّرَ الحقّ،واشترى ذمم

 

الناس،فشاع الفسادُ فيها وراجا

وبغى واستبدَّ يفتكُ بالأسد

 

لتبقى لهُ الشعوبُ نعاجا

ثم نادى:هذا عدوكم الأدهى

 

تعالواسدوا عليهِ الفجاجا

وأخفقوا تحت راية الاتحاد

 

وابذلوا طاعةً وأدوا خراجا

شفيق جبري

أتبكي العنادلُ أوطانها

 

ولا يندبُ المرءُ أوطانهُ؟

ارمِ عنانَ الأكفان،واطرح ثرى

 

القبر وشاهد ملكاً على النيلِ رحبا

تلتقي الشام فيه ترباً لمصر

 

كلّ ترب يشد في الملك تربا

إنما العرب وحدة فإذا صال

 

عدوٌ كانوا عليهِ إلبا

وطنٌ تزلزلَ من شتاتِ جموعهِ

 

لولا الأسى أودى بهِ زلزاله

لا الدهرُ رقَّ له ولا أحداثهُ

 

فمشى وقد ناءت به أحماله

ضحكت لهُ آمالهُ في أمسهِ

 

فغدا وقد عبست له آمالهُ

جرّت عليه وبالهُ أحزابُهُ

 

لولا التحزّبُ ما استبانَ وبالُهُ

آنّى أقمت رأيت فرقة آلهِ

 

فجموعهُ متقاطعونَ وآلهُ

كم يستعينُ على الرّدى برجالهِ

 

خارتْ قواهُ ولم يُعنهُ رجالهُ

ما في مرابعهِ سوى متلهفٍ

 

ذهبت أمانيه فرّقت حالُهُ

نَبتِ الديارُ فأزمعَ هجرها

 

فبكت عليهِ ديارهُ وحلالهُ

أمة تنشدُ الحياة وماض

 

ملأ الكون من دوي وثابه

سحب المجد كالخضم على الارض

 

فضاقت فجاجها بانسحابه

حجب الله كيدهم عن معانيها

 

فعاشت منيعة في حجابه

لنا وطنٌ لا ينبغي أن نبيعهُ

 

فما في نعيمِ الدهرِ شىءٌ يُعادلهْ

فكمْ أعشبت في جانبيهِ مروجُهُ

 

وكم عَذُبتْ أحواضهُ ومناهلُه

فإن عاشَ عشنا في ظلالِ ربوعهِ

 

وإن ماتَ متنا واحتوتنا مجاهلهْ

وطني كيفَ أُرَّجي بيعهُ

 

ذُلَّ من راح يبيعُ الوطنا

أيها الطامعُ في حوزته

أيها القوم أفيقوا ويحكم

 

لست أرضى بالثريا ثمنا

وثبَ الدهرُ فما هذا الونى؟

فيا ساكني لبنانَ هلّا حنوتمُ

 

عليهِ فإنَّ الأرزَ تحنو خمائلهْ

بذلنا لكم وُدَّ القلوبِ ولو نرى

 

سوى القلب يُهدى ما تباطأ باذلهْ

طويتم تباريحَ الهوى في صدوركمْ

 

وعشتمْ فُرادى ما غنتكم شواغلهْ

أملنا بكم جمعَ الشتاتِ فما لكم

 

يَرُدُّ ربيبُ الأرز من هو آمله

تعالوا إلينا نجمعِ الشملَ بيننا

 

عسر ربعنا يعلو على الدهرِ سافلهْ

ما على النيل أن يموج ويطغى

 

ما على الريف بعده أن يجنا

أفلا نسمع الضجيج على الشام

 

يشقُّ السماء ركناً فركنا

لملم الدهرُ شملنا فالتففنا

 

في ظلالِ الديارِ غصناً فغصنا

لو يغني الزمان من وحدة

وحدة في القلوبِ رفّ هواها

باركَ الله ليلها وضحاها

ما نعمنا بها ارتجالاً ولكنْ

حلمُ العينِ حين تحلمُ عين

 

العرب لقام الزمان فينا وغنّى

ردّدتها القلوبُ نغماً ولحنا

وحمى الله درعها والمِجنّا

بعد سود من الليالي نعمنا

ومنى القلبِ حينَ قلب تمنّى

لله ثوراتٌ تباركَ أهلُها

 

أثنى عليها الواحدُ القهارُ

في النيلِ منها ضجةٌ ميمونةٌ

 

حَسُنتْ بها من ربعهِ الآثارُ

ومشى الضجيجُ إلى الشآمِ فردّدتْ

 

أصداءهُ الأنجاد والأغوار

إيهِ شوقي!أسامعٌ صيحةَ العُربِ

 

وقد دوّى الصوتُ شرقاً وغربا

ما دعونا الهامكَ السَمحَ إلا

 

حشدَ السحرَ والبيانَ ولّبى

ليتك اليومَ في الجماهيرِ والشعبِ

 

تغني جمهورنا والشعبا

فإذا ما سجا فؤادٌ ولبٌ

 

هِجتَ منا فؤادنا واللّبا

إرمِ عنكَ الأكفانَ واطرحْ

 

ثرى القبر وشاهدْ ملكاً على النيلِ رحبا

تلتقي الشامُ فيه تِرباً لمصرٍ

 

كلّ تِربٍ يشدُّ في المُلكِ تِربا

وغداً تزحفُ الديارُ ديارُ العُربِ

 

تحتَ الدِّرفس روحاً وقلبا

إنما العربُ وحدةٌ فإذا صالَ

(وحدة مصر وسورية)

 

عدوٌّ كانوا عليهِ إلبا

أحنُّ إلى لبنانَ والأرزُ مائجٌ

 

تنوحُ عليهِ في العشايا عنادله

 

تلكم قريش وما جفت عواليها

 

على الحطيمِ ولم تنشف مواضيها

وللشعوبِ عظاتٌ في غوابرها

 

تهيجُ روحُ المعالي في بواقيها

حرية القوم مازالت مضرجة

 

بقاني الدم مصبوغ مطاويها

 

يا طاويَ البيدِ إن يمّمتَ لبناناً

 

فانثرْ على أرزهِ ورداً وريحانا

واسفحْ دموعكَ في أفياءِ مغرسهِ

 

حتى يبيتَ بدمعِ العينِ ريانا

يا نسمة في ظلالِ الأرز طيبةً

 

رددت عزاء إلى قلبي وسلوانا

 

     

أحنُّ إلى بغداد من أرضِ جِلّق

 

وأسأل أهلَ الشام عن كل معرق

محمد البزم

وليس بِدعاً هيامي في محامدهم

 

العرب قومي وفي أنفِ العدى الرغمُ

ولي شوارد شعر في استنارتهم

 

العواصف لكن نسجها الكلمُ

يعيبون مني لهجة يعربية

 

ونهجة صدق أعوزت من يرودها

ولو عن هدىً قالوا لأسمع قولهم

 

ولكنها الأحشاءُ ثارت حقودها

وطني الذي سحرَ العقولَ ،فسحره

 

حَسنٌ لديَّ حرامهُ وحلالهُ

فجمالهُ حملَ العُداةَ لساحهِ

 

والشىء قد يجني عليه جمالهُ

نزلت به آي المحاسنِ فاستوتْ

 

أوقاتهُ ،فبكوره آصاله

جلْ في مسارحهِ وعُجْ برياضهِ

 

متمتعاً تحنو عليك ظلاله

فتريكَ سرَّ السحرِ أعينُ غيدهِ

 

ويُريكَ قدّ السّمهري غزاله

 

جِلّق منبت جسمي،وعلى

 

دجلةَ محتدُ قومي الغابرين

وإلى بغداد،مهوى النفس،لي

 

آنّةٌ تنتابني حيناً فحين

وحشاً تهفو إلى أمِّ القرى

 

مهبط الوحي،ومهدِ الراشدين

وفؤاد سؤله في يثرب

 

كاهل المجدِ وأرضِ الفاتحين

وبنجدٍ،لا تعدّاها الحيا

 

منعةُ العرب،ومثوى المتقين

وعلى البطحاءِ مجدٌ غابرٌ

 

شاخصٌ أخلقه كرُّ السنين

وبصنعاءَ،تخطاها الأذى

 

عزّةُ الليثِ إذا حلَّ العرين

موئلٌ من حلّ في أربابه

 

في الرزايا،كان في حرزٍ متين

 

أقلقي مطمحَ النسور زئيرا

 

وازئري وجانبي التهديدا

أفهمي الأرض من عليها جميعاً

 

أنّ للضادِ أمّةً لن تبيدا

جورج صيدح

حلّلَ الحبُّ ما التعصب حرّمَ

 

فاتحدنا وما خلقنا لنقسم

واعتنقنا دين العروبة ديناً

 

واطرّحنا لزوم ماليسَ يلزم

حدّثونا عن انفصالٍ فلذنا

 

باتصالٍ من العواطفِ محكم

رُبّ سورٍ على الحدودِ منيع

 

إن لمسناهُ بالشعورِ تهدّم

ما بناهُ من علوج انتداب

 

كيف تبنيه دولة الخال والعم

شهد الله ما أردنا وليّاً

 

غير من حرّرَ البلاد ونظم

والزعيم الذي يقود السرايا

 

يوم ثأر هو النبيُّ المعظم

وطني!مازلتُ أدعوكَ أبي

 

وجراحُ اليتمِ في قلبِ الولدِ

ما رضيتُ البينَ لولا شدّةٌ

 

وجدتني ساعة البينِ أشدّ

فتجشّمت العنا نحو المنى

 

وتقاضى في الغنى عمراً نفد

وطني! طوّحت بي في مهجر

يُرهقُ الحرَّ بأنواعِ النكدِ
شاعرٌ يُرجى ولا يرجو وفي

مسجد الأصنام يوماً سجد
تتحداهُ البغاثُ استنسرت

كلما زاد أناة وجلد
وتمنى الموت حتى لا يرى

غارة الهرّ على ذيل الأسد

فخري البارودي

بلادُ العربِ أوطاني

 

من الشامِ لبغدانِ

ومن نجدٍ إلى يمنٍ

 

إلى مصر فتطوانِ

فلا حدٌّ يباعدنا

 

ولا دينٌ يفرقنا

لسانُ الضادِ يجمعنا

 

بغسانٍ وعدنان

عرفنا كيفَ نتحدُّ

 

وبالإصلاحِ نجتهدُ

ولسنا بعدُ نعتمدُ

 

سوانا أيّ إنسان

لنا مدنيةٌ سلفت

 

سنحييها وإن دثرت

ولو في وجهنا وقفت

 

دهاة الأنس والجان

فهبّوا يا بني قومي

 

إلى العلياء والعلم

وغنوا يابني قومي

 

بلاد العرب أوطاني

رشيد أيوب

تذكرتُ أوطاني على شاطىء النهر

 

فجاشَ لهيبُ الشوق في مطلع السرِّ

وأرسلتُ دمعاً قد جنتهُ يدُ النوى

 

عليَّ فأمسى منتخب القطر

عدوان منذ البدء ،لكن لشقوتي

 

قد اتفقا أن أقضيَ العمر بالقهر

فلا النارُ في صدري تُجففُ أدمعي

 

ولا عبراتي تُطفي النار في صدري

أكتمُ صبري والخطوبُ تنوشني

 

وهيهات أن تقوى الخطوبُ على صبري

وإني لدى وهمِ الليالي وجورها

 

ضحوكُ المُحيّا غيرَ مضطرب الفكرِ

أصوغُ القوافي حاليات نحورُها

 

عرائس أبكارٍ برزنَ من الخدرِ

إذا ما نسيمُ الشوق هزَّ قريحتي

 

تساقطُ منها الدرُّ في روضة الشعرِ

بدر الدين الحامد

بلغت ثأرك لا بغي ولا ذام

 

يا دار ثغرك منذ اليوم بسّام

الأخطل الصغير

لبنان يا بلد السذاجة والوفا

 

حلمٌ!… وهل غير الطفولة يحلمُ؟

هذا حصيرك والحبيبات التي

 

كانت غذاءك واللحاف المبهم

بيعت لتهرق في الكؤوس مدامة

 

هي لا روتهم أنفسٌ تتألمُ

لبنان يا بلد السذاجة والوفا

 

حلم وهل غير الطفولة يحلمُ

كبر الزمان ولا تزال كأمسهِ

 

فعساكَ تكبرُ أو لعلك تُفطمُ!

زمنٌ به تشقى الفضائل أهلها

ومن  الخيانة ما يُكرّمُ ربه

 

الصدقُ يقتلُ والمروءة تعدمُ

ويُضامُ من يرعى الوفاءَ ويُظلمُ

لبنان شاعرك الذي غاضبته

 

تركَ العتابَ وقد أتاكَ يُسلّمُ

صدّاحُكَ الشادي على هضباته

 

كم معبد في عوده يترّنمُ

هو في كلا حاليك أنتَ غرامهُ

 

وعلى كلا حاليه ذاك المغرمُ

ويمطرُ الضيمَ في أرضي وأشربهُ
وكنتُ لا أرتضي أن أشربَ السحبا
ذرِ الليالي تُمعنُ في غوايتها
فقد حشدتُ لها الأخلاقَ والعربا
لكنّهُ وطنٌ،فدّيت مهجتهُ
بمهجتي،نبذ الأحرارَ واطّرحا
سقيتُ رَيحانهُ من مدمعي ودمي
هذا إذا انهلَّ أو هذا إذا انسفحا
نحنُ الشبابُ لنا الغدُ
ومجدهُ المُخلّدُ…نحنُ الشباب
شعارُنا على الزمن
عاشَ الوطن،عاشَ الوطن
بِعنا لهُ يومَ المِحن
أرواحنا بلا ثمن
يا وطني عَداكَ ذَمْ
مثلُكَ من يرعى الذِممْ
علمتنا كيفَ الشممْ
وكيف نقهر الألم
السفحُ والجداولُ والحقلُ والسنابلُ
وما بنى الأوائلُ نحنُ لهُ معاقلُ
الدينُ في قلوبنا
والنورُ في عيوننا
والحقُّ في يمييننا
والنارُ في جبينا
لنا العراقُ والشآم والقدسُ والبيت الحرام
نمشي على الموت الزؤام إلى الأمام ..إلى الأمام
نبني ولا نتكل…نفنى ولا نستسلم
لنا يدٌ والعملُ لنا غدٌ والأملُ…نحن الشباب

سقياً لأيام لبنان التي سلفت
كأنّها سكرات الوصلِ في الحلمِ
كانت شباباً وآمالاً مجنحة
رمى بها الدهر بين اليأسِ والهرمِ
من مُبلغ مصر عنا ما نكابده
إنّ العروبة في ما بيننا ذممُ
ركنان للضاد لم تنفصم عرى لهما
هم نحن إن رزئنا يوماً ونحنُ همُ
رفقاً فرنسا،فالبلادُ أمانة
أتضيعُ عندك والكرامةُ تُثلم؟
ولأنتِ من حمل الطغاة على القنا
وصفعت ناصية المتوّج منهمُ
هذا ربيبُك…والوفاءُ شعاره
أيظلُ جرح شقائهِ لا يلأمُ؟
نحن الألى طعنوا صميم إبائهم
منا الجراح،فأين منكِ المرهم؟

لبنان يا جنّة الأرواح مافعلت
بك الليالي فعادَ العرسُ مأساتا
قد كبروك لأمرٍ صغروك بهِ
قد فخموا الإسم لكن حفروا الذاتا
في كل طرفة عين أنظم جدد
من سوءِ حظك قد ظنوا ملهاتا
كأنّما كنتَ لوحاً في مكاتبهم
تمضي الأكفُّ به محواً وإثباتا
فتيان لبنان هبّوا من رقادكم
سيّان من نام عن حقٍّ ومن ماتا
إيهِ لبنانُ والجداولُ تجري
فيك برداً فتنعش الظمآنا
إيهِ لبنانُ والنسيمُ عليلاً
يتهادى فيعطفُ الأغصانل
حبذا السفح معبد لصغار ال
طيرِ تشدو لربّها ألحانا
خافقات الجناح للشمسِ آناً
خافقات الفؤاد للحبِّ آنا
آمنات في السفح كاسرة الجوِّ
فلا تأتلي به طيرانا
فترفُّ الأديم تختلسُ الحُبَّ
وتظمى فتقصد الغدرانا
وإذا الشمسُ ودّعت ودّعت تلك
السواقي والزهرَ والأفنانا
واستقرت في وكرها آمناتٍ
كلّ قلبينِ يخفقان حنانا
مطبقاتُ الجفون يحفظها الأمنُ
كما الجفن يحفظُ الإنسانا

لبنان !عيدٌ ما أرى أم مأتمُ؟
لله أنتَ وجرحُكَ المبتسمُ
عصروا دموعك وهي جمر لاذع
هذا حصيرك والحبيبات التي
بيعت لتهرق في الكؤوس مدامة

يتنورون بها وصحبُك مظلمُ
كانت غذاءك واللحاف المبهم
هي في الحقيقة أنفسٌ تتألم
قل للرئيس إذا أتيتَ نعيمه
إن يشقَ رهطُكَ فالنعيمُ جهنّمُ
أيطوّفُ الساقي هنا بكؤوسهِ
ويزمجرُ الجابي هناك ويرزمُ؟
تعرى الصدور هنا على قُبلِ الهوى
وهناكَ عارية تنوحُ وتلطمُ
والكهرباء هنا تشع شموسها
وسراجُ أكثر من هناكَ الأنجمُ
لبنان مالك إن غمزتك تغضب
أيجدُّ غيرك في الحياةِ وتلعبُ
إني هززتك في البلاءِ فلم أجد
عزماً يفلُّر ولا إباءَ يغضبُ
أما الشعوبُ فقد تآلف شملها
فمتى يؤلفُ شعبك المتشعبُ
نضبت مواردهُ وجفّ أديمهُ
وتقلص الريان والعشوشبُ
كم مورد لك في السرابِ وغصة
أرأيت كيفَ يغصُّ من لا يشربُ
لبنانُ ما لفراخِ النّسرِ جائعةً
والأرضُ أرضُكَ أعلاها وأدناها
أللغريبِ اختيالٌ في مسارحها
وللقريبِ انزواءٌ في زواياها
أكلما طورد الشذاذ في بلدٍ
أومأ “العميد” ولبنان تبناها
من ظنَّ أنَّ الرياحينَ التي سُقيتْ
دموعنا الحمرَ قد ضنّت برّياها
كأنَّ ما غرسَ الآباءُ من ثمرٍ
لغيرِ أبنائهم قد طابَ مجناها
وما بنوهُ على الأحقابِ من أُطُمٍ
لغير أبنائهم قد حلَّ سُكناها
لا،لم أجد لكَ في البلدانِ من شَبهٍ
ولا اناسِكَ بين الناسِ أشباها
لو مسَّ غيرك هذا الذلُ من أسدٍ
لعضَ جبهتهُ سيفٌ وحنّاها
بيروتُ ،هل ذرفت عيونكِ دمعةً
إلا ترشفها فؤادي المُغرمُ
أنا من ثراك فهل أضنُّ بأدمعي
في حالتيك ومن سمائك ألهم
كم ليلة عذراء جاذبها الهوى
أنا والعنادل والربى والأنجمُ
فدت المنائر كلهن منارة
هي في فم الدنيا هدى وتبسمُ
ما جئتها إلا هداك معلم
فوق المنبر أو أشجاك ميتم
بيروت يا وطن الحضارة والنهى
الحبُ يبني والجفاءُ يهدمُ
لبنان يا وله البيان أذاكر
أم لستَ تذكرُ نجدتي وكفاحي
قبلت باسمك كلّ جرح سائل
وركزتُ بندك عالياً في الساحِ
تغرَّبَ الحسنُ والإحسانُ فالتمسا
وجهاً من الأرضِ هشاشاً لزائرهِ
لا يستوي المجدُ إلا في مفارقهِ
ولا يُصفِّقُ إلا في ضفائرهِ
ماغادرا بلداً إلا إلى بلدٍ
والحرُّ يُلهبُ من خدّي مسافرهِ
حتى أطلا على مصرٍ فراعهما
ما زخرفَ النيلُ من إبداعِ ساحرهِ
فألقيا بعصا الترحالِ واعتصما
بضفتيهِ وهاما في حواضرهِ
فأُطعمَ الجودُ من كفّي قساورهِ
وأُشربَ الحسنُ من عيني جآذرهِ
قولي لشمسكِ لا تغيبي
وتكبَّدي فلكَ القلوبِ

بغدادُ يا وطنَ الجهادِ ومُرضعَ الأدبِ الخصيبِ
غنَّاكِ دجلةُ والفراتُ قصائدَ الزمنِ العجيبِ
رقصت قوافيها على نغمِ البشائرِ والحروبِ
حتى إذا طلعَ الرشيدُ وماجَ في الأفقِ الرحيبِ
صهرَ القرونَ وصاغَها تاجاً لمفرقكِ الحبيبِ
أُسْدَ العراقِ، وما الرياحُ الهوجُ طاغيةً الهبوبِ
أمضى وأنفذَ منكِ، إذ تثبينَ للأمرِ العصيبِ
قلّمتِ أظفارَ الزمانِ ورعت داهيةَ الخطوبِ
وبنيتِ بالقلم الحليمِ وبالمهنّدي الغَضوبِ
مجداً تنّقلَ في العلى بين الأشعةِ والطُيوبِ
بغدادُ يا شَغفَ الجمالِ وملعبَ الغزلِ الطروبِ
بَنتِ المكارمُ للعروبةِ فيكِ جامعةَ القلوبِ
بيتٌ من الأخلاقِ ضاقتْ عنهُ أخلاقُ الشعوبِ
وسِعَ الدياناتِ السّماحَ وضمَّ أشتاتَ الندوبِ
زفراتُ أحمدَ في رسالتهِ وآلامُ الصليبِ
بغداد ما حمل السرى مني سوى شبح مريب
جفلت له الصحراء والفت الكثيب إلى الكثيب
وتنضت زمر الجنادب من فويهات الثقوب
والتمتمات على الشفاه مضرجات بالنسيب

يتساءلون وقد رأوا قيس الملوح في شحوبي
تبكي لها قبل الصبا ويذوبُ فيها كل طبيب
يا قصورَ المنى على شفق الأح
لام ،كم مشفق عليك وحائم
اطلعت شمس”فيصل” منكِ للعُربِ
مصابيحَ من شقوق الغمائم
فلمحنا في أفقها وجه”هارون”
وعصيراً مخضباً بالعظائم
وقفت عنده الطوارىء حسرى
من مُكبٍّ على البساطِ ولاثمِ
وتهادى الزمانُ عن جانبيهِ
أزليّ الشباب،نضر الكمائم
أملٌ طافَ بالجزيرةِ ريّانَ
طليقُ الهوى ،طليقُ الشكائم
حشد العُربَ تحت رايته السم
حاء والعدل والعلا من المكارم
واستردّ الأجيال،من مُضر الحم
راء والشعرَ والحِجا والمواسم
أملٌ كالسماءِ في بسمة الفجرِ
وفي موكبِ الرياضِ الفواغم
فرّ مذ مُدّت الأكفَّ إليه
ذلك النسرُ كيفَ حلّقَ وانقضّ

كفرارِ النعيم من كفِّ حالمِ
مهيضُ الجناحِ ،دامي القوائم
أنا في شمالِ الحبِّ قلبٌ خافقٌ
وعلى يمين الحقِّ طيرٌ شادِ
غنيتُ للشرقِ الجريحِ وفي يدي
ما في سماءِ الشرقِ من أمجادِ
فمزجتُ دمعتهُ الحنونَ بدمعتي
ونقشتُ مثلَ جراحهِ بفؤادي
كأنجمِ هذا الأفقِ في الشرقِ أمةٌ
متى يدها تلمس حشا الدهرِ يرجفُ
تمشّت على هامِ العصورِ،وما اهتدتْ
بغيرِ فتىً ماضي الصفيحة مُرهفِ
إذا أطلعت شمسَ الفخارِ سماؤها
وقابلها بدرٌ من الغربِ يُخسفِ
تمشت بنا قِدماً وبعد انطلاقنا
وقفنا،فلم نُقدم ولم نتخلفِ
جمدنا،كأنا لم نذق لذّة العلى
ولم نُعتقل يوم الوغى بمثقَّفِ
وكنّا متى يستصرخِ المجدُ نقتحم
وكنّا متى يستصرخُ الضيمُ نأنفِ
فحطّتْ بنا الأيامُ من رأسِ شاهقٍ
مُطلٍّ على غُرِّ المحامدِ مُشرفِ
هنا سقطت من مقلةِ الأفقِ دمعةٌ
على أملٍ ذاوٍ ووعدٍ مُسوّفِ
لبنان يا ولهَ البيانِ أذاكرٌ
أم لستَ تذكرُ نجدتي وكفاحي
قبلّتُ بإسمكَ كلّ جرحٍ سائلٍ
وركزتُ بندكَ عالياً في الساحِ
أنا إن حجبت فليسَ ذاك بضائري
وعلى الخواطرِ غدوتي ورواحي
تتحجبُ الأرواحُ وهيَ خوالدٌ
وترى العيون زوائل الأشباحِ
ولربما خدعتك صفحة هادىء مني
وفي الأحشاءِ عصفُ رياحِ
إني إذا جنت رياح سفينتي
ذهبَ الجنونُ بحكمةِ الملاحِ
بغداد ماترك السرى مني
سوى شبح مريب
وجفت له الصحراء
والتقت الكثيبُ إلى الكثيب
وتطلعت زمرُ الجنادب
من فويهات الثقوب
يتساءلون من الفتى
العربي في الزي الغريب

الشاعر القروي

لنا وطنٌ هلّا سمعنا نحيبَهُ
وهلّا رأينا ضعفهُ وشحوبهُ
أنأسو صحيحاً في غنىً عن دوائنا
بلاد السّوى لم تحرموها نصيبَها
إذا كانَ حبُّ الغيرِ فرضاً على الفتى
لعينيكَ يا لبنانُ قوتي وقوّتي
لأنتَ حبيبي قبلَ كلّ حبيبةٍ

ونجفو عليلاً قد أضاعَ طبيبَهُ
فلا تحرموا برَّ الشامِ نصيبَهُ
فكم هو فرضٌ أن يُحبَّ قريبَهُ
وتعرفني غضَّ الشبابِ رطيبَهُ
وإنّي محبٌّ لا يخونُ حبيبَهُ
من يُنبىء الملا الذين أحبّهم
فيكافئون الحبّ بالعدوانِ
إنّي على دينِ العروبةِ واقفٌ
قلبي على سُبحاتها ولساني
إنجيلي الحبُّ المقيمُ لأهلها
والذودُ عن حُرماتها فرقاني
أرضيتُ أحمدَ والمسيحَ بثورتي
وحماستي،وتسامحي وحناني
يا حبذا عهد بغداد وأندلسٍ
عهد بروحي أفدّي عَودَهُ وذوي
من كانَ في ريبةٍ من ضخمِ دولته
فليتلُ ما في تواريخ الشعوب رُوي
أنا العروبةُ لي في كلِّ مملكةٍ
إنجيلُ حُبٍّ ولي قرآنُ إنعامِ
سلْ عهدي شامي وبغدادي وأندلسي
على عمقِ فلسفتي عن عدلِ أحكامي
ما اخضوضر الشرقُ إلا تحتَ أقدامي
وازهوهرَ الغربُ إلا تحتَ أعلامي
تمشي البطولةُ والسحرُ الحلالُ معي
فالأرضُ ملعبُ آسادٍ وآرامِ
سِيّانِ بعد التلاقي يا بلاديَ لو
أما رجعتُ؟ألم أنشق هواكِ؟ألم
أحسُّ بالراحةِ الكبرى كأنّي قد

خلدّتُ أو حكمَ الطاغي بإعدامي
ألثم ثراكِ؟ألم أُسمعكِ أنغامي
طرحتُ في البحرِ عنّي كلّ آثامي
نقشت في الشمسِ طُغرائي وما برِحتْ
مرسومةً في جبينِ البدرِ أختامي
ما غيّرت نكباتُ الدهرِ من شيمي
وإن طوت في ثنايا التربِ آطامي
حطّمتُ أشرسَ ضارٍ في جزيرته
ما ابتلَّ نعلي ولا دنستُ أقدامي
لا أسأمُ الحربَ ما طالتْ ونا خربت
فالعامُ كاليومِ حينَ اليومُ كالعام
حتى أفوزَ بحقّي غيرَ منتقصٍ
ويذهل الخلقَ إنشائي وإتمامي
والحقُّ أغلبُ والأعداءُ جانحةٌ
للسّلمِ بعد رضاً أو بعدَ إرغامِ



قلْ للألى سخروا بي وازدروا أدبي
من خائنٍ وشعوبيٍّ ونظّامِ
وكلِّ هشّامِ أعراضٍ لهُ قلمٌ
وشامتٍ بي مسرورٍ بحزني

وغدٌ وليسَ لهُ عِرضٌ لهشّامِ
مستشفٍ بدائي متلّذٍ بآلامي
قولوا له عَرباً تقضوا عليه فإن
يسلم فثنّوا بقرآنٍ وإسلامِ
تأبى العروبةُ أن تنسى الصديقَ لكي
ترضي العدوَّ ويأبى دينها السامي
قميصُ بغدادَ لم تبرحْ مزرّرةً
بعروةٍ تتحدى ألفَ مفصامِ
ما أقربَ الوحدة الكبرة منجزةً
أحلامَ كل شعوبي وقسّامِ
كم من سيوفٍ على أعدائكم شُهرتْ
صيغت مضاربها من قلبي الدامي
وراية حرةٍ في جوكم خفقتْ
حيكت حقائقها من غزلِ أوهامي
بنت العروبة،هيئي كفني
أنا عائدٌ لأموتَ في وطني
أأجودُ من خلفِ البحارِ له
بالروحِ ثمّ أضنُّ بالبدنِ؟
عدِمتُ نظيري في وفائي لأمتي
فقلَّ عشيري حينَ قلَّ مُجانسي
عشْ للعروبةِ هاتفاً
بحياتها ودوامها
وامدُدْ يمينَ الحُبِّ يا
لبناننا لشآمها
أنظرْ إلى آثارها
تُنبئكَ عن أيامها
هذا التراثُ يمتّ مع
ظمه إلى إسلامها
وكُنتَ لأجلِ المجدِ بالمالِ زاهداً
وكنتَ لأجل العربِ بالمجدِ أزهدا
وكم خُضتَ لاستقلالِ شعبكَ لُجّة
وكم جبتَ آفاقاً وكم جزتَ فدفدا
بعيد المنى لم تلقَ مرساة مطمحٍ
إلى المجدِ إلا سامكَ المجدُ أبعدا
مشيت له تستبطىء البرقَ مركباً
وأدركتهُ تستوطىء النجمَ مقعدا
أنجبتنا أمة ما برحت
تنجبُ الأبطالَ من قبلِ ثمود
زرعوا الأرض شيوفاً وقنا
ثمّ رووها بإحسان وجودِ
كلما قيل انطوت أعلامهم
وانطووا هبّوا إلى مجد جديد
فإذا بغداد عادت كالقديم
موطن الشعر وديوان العلوم
وإذا رنّ بها عودُ النديم
مرجفاً بالحبِّ لعصاب النجوم
ومثيراً لوعة الليل البهيم
ومديراً أدمع الفجر مداما
عند هذا سوف
نهديك السلاما
وإذا بيروت أم النور ولّى
عن سماها أثقل الرايات ظلا
وإذا السيف من الصحراء سلا
نافضاً من أربع الفيحاء ذلا
وإذا لبنان بالأمرِ استقلا
فلبسنا العزّ أو متنا كراما
عند هذا سوف
نهديك السلاما

إيليا أبو ماضي

ولربما جبلٌ أُشبههُ بهِ
مسترسلاً مع روعة التشبيه
فأقولُ يحكيه،وأعلم أنّهُ
مهما سما هيهاتِ أن يحكيه
نحيا على الدّهرِ إخواناً وإن فصلتْ
تلكَ الحدودُ رُباكمْ عن روابينا
مادامَ من هذه الفصحى لنا صلة
لا تطمعنَّ الليالي في تنائينا
فإنّ نفوسَ العربِ كالشهبِ تنطوي
وتخفى ولكن ليس تبلى ولا تصدا

زكي قنصل

وطني وما وطني سوى أهزوجةٍ
يحدو بها الحادي ويشدو الشادي
أغليتُ ألّا عند ذكركَ مدمعي
وحسبتُ إلا عن هواك فؤادي
روحي وما ملكت يداي بغفوةٍ
شعريةٍ في ظلِّ أكرمِ زادِ
ماتت على شفتي أنغامُ الصّبا
وكبا بمضمار الرجاء جوادي
لم يبقَ من أمسي ومن أحلامهِ
بالغُودِ إلا أن تكون وسادي

إلياس قنصل

ويا بلادي وأنت المجدُ مؤتلقاً
منكِ انتقيتُ أزاهيري وأشواكي
ذكراك تلمس أوهامي فتسعدها
وفي الملماتِ توحي اليسر ذكراك
عَودي إليكِ خيالٌ ليسَ يبلغهُ
حظّي ويملأ إحساسي وإدراكي
لم يأخذ الله إلا عنك جنتهُ
فلا وجود لمعنى الحسنِ لولاكِ
وطني حملتك في فؤادي خفقة
وعلى شفاهي نغمة تترّجعُ
فمتى أعفر في ترابك جبهتي؟
ومتى يُسالمني الزمانُ وأرجعُ؟
أرسيتُ في شطِّ الرجاءِ سفينتي
يا قلبُ صبراً عن قريبٍ نُقلعُ
وطني!وليس المجدُ إلا دفقة
جبارة من عزمك الوضاء
ألهمتني غرر القصيد ،فمنك ما
في جوهري من رونق وبهاء
فإذا سألت الله عما سره
في الكون،من آياته العصماء؟
لأجال فيما حوله أنظاره
وأشار مفتخراً إلى “الفيحاء”
يا من يحاول أن يفرّق بيننا
ويبثّ سمّ الحقد والشحناء
إن العروبة قد تفتح جفنها
في مصر،في لبنان، في صنعاء

إبراهيم اليازجي

رواية قد روت عن أمة العرب
ما ليس ينسى على الأيام والحقب
مآثر في سجل المجد قد كُتبت
لو أنصفت خطتها الراوون بالذهبِ
هم الرجال رجال الفخر ذكرهم
باقٍ على الدهرِ في الأفواهِ والكتبِ
أهلُ المزية في بأسٍ وفي كرم
وسادةُ الشعرِ في الأقوالِ والخطبِ
كم غصّ نادٍ بهم قدماً وكم عمرت
آثارهم نادياً في العجم والعربِ
ظلنا نطارح عنهم كل نادرة
حتى تبدّت لنا أشخاص فقضى

لم تخلُ من أدبِ للمرءِ أو طربِ
من أجلها كل وهم أعجب العجب
في ليلة لم يكن للحلم منتجع
فيها ولا في الكرى للطرف من أربِ
بتنا نرى من خلا من معشرٍ درجوا
ثم انقضوا وإلى الله المصير وما

كأنهم أنشروا من دارس التربِ
يبقى سوى وجهه الميمون في الحجب
لله ناشر هذا البرد من رجل
وفي النجابة حقّ الفضل وألادب
سلامٌ أيها العربُ الكِرامُ
وجادَ ربوعَ قطركمُ الغمامُ
لقد ذكرَ الزمانُ لكم عهوداً
مضتْ قِدماً فلم يضعِ الذِمامُ
وما العربُ الكرامُ سوى نصالٍ
لها في أجفنِ العليا مقام
لَعمرُكَ نحنُ مصدرُ كلّ فضلٍ
وعن آثارنا أخذ الأنامُ
ونحنُ أولو المآثرِ من قديمٍ
وإن جحدت مآثرنا اللئامُ

شفيق المعلوف

تَمخضْ وَلِدْ للعلى كوكبك
فيا صخرَ لبنان ما أخصبك
هذي في الفضاء أعلامُ لبنانَ
على غرّةِ الصّباح بوادي
يغمرُ الفجرُ منكبيها فتنكبّ
عليه مشبوحةَ الأعضاءِ
تشرئبُ الجبالُ منه فهلّا
ولدَ البحرُ من جديدٍ بلادي
ذهبُ الأرضِ ،يعلم الله،ما
يعدلهُ غير تُربة الأجدادِ
يا لطودٍ أعناقهُ آخذاتٌ
بجبالٍ شمِّ من الأمجادِ
هو لبنانُ هب بنيهِ سيوفاً
تلفظُ الروح وهي في الأغمادِ
هبهُ مستضعفُ الجنابِ فلم
يفخر بماضٍ ولا ازدهى بتلادِ
أو فَهبهُ كما تشاء، فحسبي
أن لبنانَ خفقةٌ في فؤادي
موطني،ما رشفت وردكَ إلا
عادَ عنهُ فمي بِحرقةِ صادِ

الياس فرحات

نازح أقعده وجد مقيم
في الحشا بين خمود واتقاد
كلّما افتر له البدر الوسيم
عضّهُ الحزنُ بأنيابٍ حِداد
يذكر العهد القديم…فينادي
أين جنات النعيم…من بلادي
زانها المبدع بالفن الرفيع
منصفاً بين الروابي والبطاح
ملقياً من نسج أبكار الربيع
فوق أكتاف الربى أبهى وشاح
حبذا راعي القطيع
في المراح
ينشد اللحن البديع
للصباح

إبراهيم طوقان:موطني

الجلالُ والجمالُ ،والسناءُ والبهاءُ في رُباك
والحياة والنجاة،والهناء والرجاء في هواك
هل أراك…سالماً منعماً
وغانماً مكرماً
هل أراك…في علاك
تبلغ السماك
موطني…الشباب لن يكلّ
همّهُ أن تستقلَّ…أو يبيد
نستقي من الردى..
ولن نكون للعدى..كالعبيد
لا نريد…ذلّنا المؤبدا
وعيشنا المنكدا
لا نريد…بل نعيد
مجدنا التليد
موطني…الحسام واليراع
لا الكلام والنزاع…رمزنا
مجدنا وعهدنا
وواجبٌ إلى الوفا…يهزنا
عزّنا ..غاية تُشرِّفُ وراية ترفرفُ
يا هناك في علاك..قاهراً عداك…موطني

معروف الرصافي

أو ماترى قطر العراق بحسنهِ
قد فاقَ مُقفره على مأهوله
أمّا الحيّا فيه فذياكَ الحيّا
لكن مسيلَ الماء غير مسيلهِ
وربيعهُ ذاك الربيع وإن شكا
من جهل ساكنهِ اشتداد محوله
من مُبلغِ المنصور عن بغداد
خبراً تفيضُ لمثلهِ العبرات
أمست تناديهِ وتندبُ أربعاً
طمست رسوم جمالها الهبوات
وتقول يا لأبي الخلائف لو ترى
أركانَ مجدي وهي منهدمات
لغدوتَ تُنكرني وتبرح قائلاً
بتعجبٍ ما هذه الخربات
فنحنُ على الحقيقةِ أهلُ قُربى
وإن قضتِ السياسةُ بالبعادِ
وما ضرَّ البِعادُ إذا تدانتْ
وإنّ المسلمينَ على التآخي

أواصرُ من لسانِ واعتقاد
وإن أغرى الأجانبُ بالتعادي
يا موطناً لست منه في موادعة
عشْ بعد موتي عيش الوادع الهاني
فكل من فيك تعنيني سعادتهم
وكلّ أبنائك الأعداء إخواني
إن سرّكَ الدهرُ يوماً سرّني،وإن
آذاكَ بالمزعجاتِ الدهر آذاني
سلامٌ على وادي السلام الذي به
تفاقم هولُ الخطبِ واتسعَ الخرقُ
سنفديه حتى لا حياة عزيزة
ونبذل حتى لا نفيس ولا عِلق
عتبتُ على بغداد عتبَ مُودّع
أمضّتهُ فيها الحادثاتُ قراعا
أضاعتني الأيام فيها ولو درتْ
لَعزَّ عليها أن أكونُ مضاعا
أشكو إلى الله قلباً لا يطاوعني
أن لا أكون على الأوطانِ غيرانا
لأجعلنَّ إلى بيروتَ مُنتسبي
لعلّ بيروتَ بعد اليومِ تُؤويني
خابت ببغداد آمال أوِّملها
فهل تخيبُ إذا استندرتْ بضنين؟
فليت سورية العطفاءَ مُزنتها
عن العراق وعن واديهِ تُغنيني
قد كان في الشام للأيام مذ زمنٍ
ذنبٌ محتهُ الليالي في فلسطين
إن كان في القدس لي صحبٌ غطارفة
فكم ببيروت من غُرٍّ ميامينِ
بغداد حسبُكِ رقدة وثبات
أوما تُمضك هذه النكبات
ولعت بك الأحداث حتى أصبحت
أدواء خطبك مالهنَّ أساة
قلبَ الزمانُ إليكِ ظهر مجنّة
أفكانَ عندك للزمان ترات
ومن العجائب أن يمسك ضره
من حيث ينفع لو رعتك رعاة
قد ضلّ أهلك رشدهم وهل اهتدى
قوم أجاهلهم هم السروات
قومٌ أضاعوا مجدهم وتفرّقوا
فتراهم جمعاً وهم أشتات
يا صابرين على الأمور تسومهم
خسفاً على حين الرجال أباة
ولكن أيها العربي إني
أراك لغير ما يُجدي مريدا
وما يُجدي افتخارُكَ بالأوالي
إذا لم تفنخر فخراً جديدا
فوّجهْ وجه عزمكَ نحو آتٍ
ولا تلفت إلى الماضين جيدا
وهل إن كان حاضرنا شقيّاً
نسودُ بكونِ ماضينا سعيدا؟
تقدّم أيها العربي شوطاً
فإن أمامكَ العيشَ الرغيدا
وأسس من بنائك كلّ مجدٍ
طريفٍ واترك المجدَ التليدا
فشرُّ العالمين ذوو خمولٍ
إذا فاخرتهم ذكروا الجدودا
وخيرُ الناسِ ذو حسبٍ قديمٍ
أقامَ لنفسهِ حسباً جديدا
تراهُ إذا ادّعى في الناسِ فخراً
تقيمُ له مكارمه الشهودا
فدعني والفخار بمجدِ قومٍ
مضى الزمانُ القديمِ بهم حميدا
قد ابتسمت وجوهُ الدهرِ بيضاً
لهم،ورأيننا فعبسن سودا
وقد عهدوا لنا بتراث ملك
أضعنا في رعايته العهودا
وعاشوا سادةً في كلِّ أرضٍ
وعشنا في مواطننا عبيدا
إذا ما الجهلُ خيّمَ في بلادٍ
رأيتَ أسودها مُسخت قرودا
يقولون في الإسلام ظلماً بأنّهُ
يصدُّ ذويه عن طريقِ التقدمِ
فإن كانَ ذا حقاً فكيفَ تقدّمت
أوائله في عهدها المتقدم
لقد أيقظ الإسلامُ للمجد والعلا
بصائر قوم عن المجدِ نُوّمُ
وأطلق أذهان الورى من قيودها
فطارت بأفكار على المجدِ حوّم
فلا تنكروا شمسَ الحقيقة إنها
لأظهر من هذا الحديث المرجم
ولي وطنٌ أفنيتُ عمري بِحُبّهِ
وشتّتَ شملي في هواهُ مبدّدا
وسيّرتُ فيهِ الشعرَ فخراً وطالما
شدوتُ بهِ في محفلِ القومِ منشدا
وكم رامَ إسكاتي أناسٌ أبى لهم
ولم أرَ لي شيئاً عليه وإنما

خنى الطبعُ إلا أن يُروا لي حُسّدا
عليَّ له في الحبِّ أن أتشددا
ورُبَّ أخٍ أوقرتُ قلبي بِحبّهِ
فكنتُ على قلبي بُحبيهِ جانيا
أراد انقيادي للهوانِ وما درى
بأنّي حرُّ النفسِ صعبٌ قياديا
إذا ما سمائي جاد بالذلِّ غيثها
أبيتُ عليها أن تكونَ سمائيا
أأمنع عيني أن تجود بدمعها
على وطني؟إني إذاً لبخيل!
فإن تعجبوا أن سال دمعي لأجله
فإن دمي من أجلهِ سيسيل
وما عشت إني قد تناسيتُ عهدهُ
ولكنّ صبري في الخطوبِ جميلُ
وإنّ امرأً قد أثقلَ الهمُّ قلبهُ
كقلبي ولم يلقَ الردى لحمولُ
أفي الحقّ أن أنسى بلادي سلوة
ومالي عنها في البلادِ بديل
أقول لقومي قول حيرانَ جازع
تهيجُ بهِ أشجانه فيقول:
متى ينجلي يا قوم صبح ظلامكم
وتذهب عنكم غفلة وذهول
وينطقُ بالمجد المؤثل سعيكم
فيسكت عنكم لائم وعذول!
تريدون للعليا سبيلاً وهل لكم
إليها وأنتم جاهلون سبيل!
لازلتَ يا وطن الإسلامِ منتصراً
بالجيشِ يزحفُ من أبنائك الأمنا
يردُّ عنكَ يدَ الأعداءِ خاسرةً
ويكشفُ الغمَّ عن أفقيك والمحنا
سعديك من وطن جلّت مفاخرهُ
عن الزوالِ فلا تخشى بِلىً وفنا
تالله إن معاليك التي سلفت
تُعي الفصاحة والتبيان واللسنا
كم قد أقمت على الأيام من شرف
لنا وأنبتَ من نبع العلاء غصنا
إنا نحبّك حباً لا انتهاءَ لهُ
يستغرقُ الأرض والأكوانَ والزمنا
نفديك منا بأرواحٍ مطهرةٍ
أخلص لله فيك السرّ والعلنا

محمد مهدي الجواهري

زعموا التطرفَ في هواكَ جهالة
أكذا يكون الجاهلُ المتطرفُ
هذا فؤادي للخطوبِ دريئة
وأنا المعرض فيكم فاستهدفوا
أما هواك فذاك ملءُ جواني
تحنو على ذكراك فيه وتكلفُ
إيهِ”لبنان” والحديثُ شجونٌ
هل يُطيقُ البيانُ دفعاً لما بي؟
لبنانُ أنتَ من العزائم والنهى
ما أنتَ من صخرٍ ولا صُفّاحِ
أبطالُكَ الصيدُ الكماةُ مناصلٌ
طُبعتْ ليوم كريهةٍ وتلاحي
شَحوا على مُتعِ الحياةِ بلحظةٍ
ومشو الوردِ الموتِ غير شحاحِ
يا مصرُ ،لي وطنٌ أُجلُّ عطاءَهُ
ويُحبُّ فيَّ سماحةً وعطاءَ
يغشى الدروبَ عليَّ حتى إنني
لأكادُ أفقدُ في الزحامِ رداء
وبمصر لي وطنٌ أطار بجوّه
ما لا أطار بغيره أجواءَ
أجدُ العوالمَ ملها في سفحه
سبحان خالق كونهِ أجزاءَ
لبنانُ يا بلدَ الصباحةِ تجتلى
والعلم يُقطف،والنّهى تُشتار
يا موطن الأحرارِ حينَ يسومهم
خسفٌ،وحين تُشردُ الاحرار
ناغيتُ حُسنكَ والصّبا لي شافعٌ
ومسحتُ تربك،والهوى لي دارُ
لبنانُ نجوى مُرّةٌ وسرارُ
إننا بِحكمِ بلائنا سُمّارُ
سلمتِ يا ثورةَ الستينِ في “اليمنِ”
لا تَرمِ عزمكِ جباراً يدُ الوهنِ
يا طلعةَ الفجرِ من يومٍ وُعدتِ بهِ
لو لم تكوني صباحاً منهُ لم يكُنِ
ويا وديعةَ أجيالٍ تلقفها
روّادُ جيلٍ على اللأواءِ مؤتمنِ
حتى إذا دار يوماً عقربُ الزمنِ
بساعةٍ وهي عمرُ الواثقِ الفطنِ
مدّوا السواعدَ لم تنصبْ ولم تلنِ
تجتثُ كلّ جذورَ الغابرِ العفنِ
كذاكَ تنصهرُ الثوراتُ شامخةً
شبّتْ على الغضبِ الخلّاقِ والمحنِ
منْ موطنِ الثلجِ زَحافاً إلى عَدنٍ
خبّتْ بي الريحُ في مُهرٍ بلا رسنِ
من موطنِ الثلجِ من خُضرِ العيونِ بهِ
لموطنِ السّمر من سمراءِ ذي يزنِ
إن طالَ الأمدُ
فبعد ذا اليوم غدُ
ما آن أن تجلو القذى
عنها العيون الرُمدُ
أسيافكم مرهفة
وعزمكمُ متقدُّ
هبوا كفتكم عبرة
أخبار من رقدوا
هبوا فعن عرينه
كيف ينامُ الاسدُ
وثورة بل جمرة
ليعرب لا تخمدُ
أججها إباؤهم
والحرُّ لا يُستعبدُ
لا تنثني عن بلد
حتى يشب البلدُ
خفوا إلى الداعي
وفي الحربِ جبالاً ركدوا
واستبشروا بعزمهم
فهلهلوا وغردوا
وأقسموا إلى العدى
أن لا يلين المقودُ
يأبى لكم أن تقهروا
عزمكم والمحتدُ
كم جلب الذلَّ على
المرءِ حسامٌ مُغمدُ
إياكم والذل إن
جرحهُ لا يضمدُ
يا ثورة العرب انهضي
لا تخلقي ماجددوا
لا عاشَ شعبٌ أهله
لسانهم مقيّدُ
أفدي رجالاً أخلصوا
لشعبهم واجتهدوا
كم خطبة نفائة
فيها تحلُّ العقدُ
ومقول قصري
تأثيره المهندُ
حييتُ سفحك عن بعدٍ فحييني
يا دجلة الخيرِ يا أمَّ البساتينِ
حييتُ سفحكِ ظمآناً ألوذُ بهِ
لوذَ الحمائمِ بين الماء والطينِ
يا دجلة الخير يا نبعاً أفارقُهُ
إني وردتُ عيونَ الماءِ صافيةً

على الكراهةِ بينَ الحينِ والحينِ
نبعاً نبعاً فما كادت لترويني
أنا العراق!لساني صوته،ودمي
فراتهُ،وفؤادي منه أشطارُ

جميل صدقي الزهاوي

يا موطناً قد ذبتُ فيهِ غراماً
أهدي إليك تحية وسلاما
لولاك لم أكُ في الوجود ولم أشِمْ
بلجَ الصباح وأسمع الأنغاما
أفديكَ من وطنٍ نشأتُ بأرضهِ
ومرحتُ فيه يافعاً وغلاما
ما كنتَ إلا روضةً مطلولةً
تحوي الورود وتفتقُ الأكماما
غازلت منها في الغدوِّ بنفسجاً
وشممتُ منها في الأصيل خُزامى
وسعدتُ ألعبُ فوق أرضكَ ناشئاً
وشقيتُ شيخاً لا يُطيقُ قياما
لك قد غضبتُ وفي رضاكَ حلمتُ أن
تنتابني نوَبُ الزمان جساما
وسمعت من ناسٍ شريرٍ طبعهم
كَلِماً على نفسي وقعن سهاما
لي فيك يا موطني الذي قد ملّني
حبّ يُواري في الرماد ضراما
أما المنى فقد أنهت ومضاتها
إلا بصيصاً لا يزيلُ ظلاما

باقر الشبيبي

بني يعرب لا تأمنوا للعدى مكراً
خذوا حذركم منهم فقد أخذوا الحذرا
يريدون فيكم بالوعود مكيدة
ويبغون إن حانت بكم فرصة غدرا
فلا يخدعنكم لينهم وتذكروا
أضاليلهم في الهند والكذب في مصرا
ومن ماتَ دون الحقّ والحقّ واضح
إذا لم ينل فخراً فقد ربح العذرا

رضا الشبيبي

ببغدادَ أشتاقُ الشآمَ وها أنا
إلى الكرخِ من بغداد جمُّ التشوّقِ

أبو القاسم الشابي

أنا يا تونسَ الجميلة في لُجِّ
الهوى قد سبحتُ أيَّ سباحه
شرعتي حُبُّكِ العميقُ وإنّي
قد تذوقتُ مُرَّهُ وقراحه
لستُ أنصاعُ للوّاحي ولو متُّ
وقامتْ على شبابي المناحه
لا أبالي…وإن أريقت دمائي
فدماءُ العشاقِ دوماً مباحه
وبطولِ المدى تُريك الليالي
صادقَ الحبِّ والولا وسجاحه

محمد محمود الزبيري

وطني أنتَ نفحةُ الله ما تب
رحُ لا عن قلبي ولا عن لساني
صوّرَ الله منكَ طينة قلبي
وبرى شذاكَ روحَ بياني
شعلة القلب لو أذيعت لقالوا
مرَّ عبرَ الأثيرِ نصلُ يماني
بحثتُ عن هبّة أحبوكَ يا وطني
فلم أجدْ لكَ إلا قلبي الدامي
حملّتني آلامها ودموعها
ومنعتْ عني وصلها ومنعتها
ناديتُ أشتات الجراحِ بأمتي
فجمعتها في أضلعي وطبعتها
ما قال قومي:آه…إلا جئتني
فكويت أحشائي بها،ولسعتها

عدنان النحوي

شكوتَ لي غير أني لم أجد أحداً
أشكو إليه وفي جنبي نيران
هواكَ غيدٌ وتشكو من لواحظها
لكن هوى أضلعي دين وأوطان

المفدي زكريا

بلادي بلادي، ما ألذَّ الهوى وما
أمرَّ كؤوسَ الحبِّ ممتزجاً سُمّاً
بلادي ألا عطفٌ عليَّ بنظرةٍ
حنانيكِ، ماهذا السلو ،ولا إثما
ومذْ فتحتت عيني المدامعُ أبصرت
هواك،فلا عارٌ عليَّ ولا لوما
فلله ما حملتني من صبابة
ولو ذاك في “رضوى” لهدّمهُ هدما
سلِ الفصحى وقلْ للضادِ رفقاً
لسانُ الحالِ أفصح منك نطقا
وخلِ الشعرَ فالأيام شعر
قصائدها على الأجيالِ تلقى
وتِهْ يا قلبُ فالأكوانُ نشوى
وذُبْ في كأسها نجوى وعشقا
وسرْ في المغرب العربي لحناً
وفي قيثارةِ الأعياد عرقا
ودعْ مراكش الحمرا تغني
خلاصاً من معذبها وعتقا
وفي استقلالها تتلو كتاباً
بهِ جاء المليك هدى وحقا
تنزل عابقاً بدم الضحايا
وجاء بيانه نوراً وصدقا
به قلبُ العروبة مستقل
إلى وطن العروبة ذاب شوقا
فدام على عروبته وفياً
فلم ينسَ العروبة وهو حرّ

يراعى عهدها خلقاً وخَلقا
وما نسي العروبة وهو يشقى
وولى وجهه للمشرقِ لمّا
تطّلعَ يبتغي للعزِّ أفقا
فلم ينسَ العروبة وهو حرّ
وما نسي العروبة وهو يشقى
بلاد المغرب العربي شرق
وكانت قبلة العربي شرقا
فحيّوا في بغداد شعباً
زكا الخالدين وطاب عرقا
وحيّوا مصرَ موطن كلّ حرّ
وحيّوا في أماجدها دمشقا
رسول اشرق قل للشرقِ إنّا
على عهد العروبة….
وأما بالجزائر أنكرونا
سنخرق وصمة الإجماع خرقا
وثبنا كالكواسر واتخذنا
إلى استقلالنا الأرواح طرقا
فلا نخش العذاب ولا نبالي
إذا ما الرزقُ صار حليف ذلّ

إذا وجب الفدا سجناً وشنقا
مضينا نبتغي في الموت رزقا
رسول الشرق قل للشرق إنّا
وأنَّ الشامتين بنا أبادوا

نسام الخسف ألواناً ونُسقى
أعزّ ديارنا نسفاً ومحقا
وأنا في الجزائر خير شعب
وأنّ الوحدة الكبرى إذا ما

عروبته مدى الأجيالِ وثقى
تحرّرت الجزائر سوف تبقى

محمد الأسمر

بني العروبة هذا القصر كعبتنا
وليسَ فيهِ من الحجاج مغتربُ
عجبتُ للنيل وهو الماء ينسكبُ
يكادُ من لفحاتِ الشرق يلتهبُ
حياكم وهو جذلان وقال لكم
إنّ العروبة فيما بيننا نسبُ
هذي يدي من بني مصر تصافحكم
فصافحوها تصافح نفسها العربُ

سليمان التاجي الفاروقي يمدح العرب عند السلطان محمد رشاد

العرب،لا شقيت في عهدكَ العربُ
سيوفُ ملككَ والأقلامُ والكتبُ
سياجُ دولتكَ الغرّاءَ ومعقلها
والثابتون،وحبلُ الملكِ مضطربُ
همُ الجبال فما حملّتهم حملوا
ولكن إذا سُمتهم ضيمَ النفوسِ أبوا
كانت ربيعاً من الأيامِ دولتهم
ومعرضاً راجَ فيهِ العلمُ والأدبُ
وكلّ فضلٍ أتى فالعربُ مصدرهُ
بل أي فضل أتى لم تحوه العرب

ابن الخياط

إذا العربُ العرباء لم ترعَ ذمةً
فغيرُ ملومٍ بعدها الرومُ والفرسُ

أبو تمام

بالشآمِ قومي وبغداد الهوى وأنا
بالرقمتينِ وبالفسطاطِ إخواني
وما أظنُّ النوى ترضى بما صنعت
حتى تبلغني أقصى خراسانِ

البحتري

لئن أكدى”الشآم” فلستُ يوماً
لإجداء “العراق” بمستزيد

ابن الرومي

بلدٌ صحبتُ بهِ الشبيبةَ والصّبا
ولبستُ فيهِ العيشَ وهوَ جديدُ
فإذا تمثّلَ في الضميرِ رأيتهُ
وعليهِ أفنانُ الشبابِ تميدُ