بسم الله الرحمن الرحيم

من شوارد الشواهد

الجزء السابع

القسم الثاني

الفرزدق

الفرزدق في أبنائه:

ولكنّهمْ رَيحانُ قلبي ورحمةٌ		من الله أعطاها مليكُ العواقبِ
يقودونَ بي إن أعمرتني منيّةٌ		وينهونَ عني كلَّ أهوجَ شاغبِ

تمنّى ابنُ مسعودٍ لقائي سفاهةً

لقد قال حَيناً يومَ ذاكَ ومُنكرا

إذا لبست قيسٌ ثياباً سمعتها

تُسبِّحُ من لؤمِ الجلودِ ثيابُها

يُقلِّبُ رأساً لم يكن رأسَ سيّدٍ

وعيناً لهُ حولاءَ بادٍ عيوبها

أباهِلَ! إن الماءَ ليسَ بغاسلٍ

مخازي عنكم عارُها غيرُ ذاهبِ

ضربت عليكَ العنكبوتُ بِنسجها		وقضى عليك به الكتابُ المُنزّلُ
إنّ الزحامَ لغيركمْ ،فتحيّنوا		وِردَ العشيِّ إلي يصفو المنهلُ
وشُغلتَ عن حسبِ الكرامِ وما بنوا		إنَّ اللئيمَ عن المكارمِ يُشغلُ

أجريرُ إنّ أباكَ إذ أتعبتهُ		قصرتْ يداهُ ومدَّ شرَّ حبالِ
إنّ الحجارةَ لو تكّلمُ خبرّتْ		عنكم بالأمِ دِقةٍ وسِفالِ

وما ألبسوهُ الدّرعَ حتى تزيّلتْ

من الخزي دون الجلدِ منهُ مفاصله

فإن تنجُ منها تنجُ من ذي عظيمةٍ

وإلا فإنّي لا أخاً لك ناجيا

إنّ الطرّماحَ يهجوني لأرفعهُ

أيهات أيهات عيلت دونهُ القضب

وإنّ كُليباً،إذا أتتني بعبدها		كمنْ غرّهُ حتى رأى الموت باطله
وأنتَ حريصٌ أن يكونَ مُجاشعٌ		أباك،ولكنَّ ابنهُ عنك شاغلهْ

ومهملة لما أتاها نعيهُ		أراحت عليها مهملات التنائف
فقالت لعبديها:أريحا فعقلا		فقد مات راعي ذودنا بالطرائفِ

وأنتَ امرؤٌ نُبئتُ أنّكَ تشتري مكارِمَ

وهّابُ الرجالِ يَهابُها

على حين ولّى الدهرُ إلا أقلّهُ		وكادتْ بقايا آخرُ العيشِ تذهبُ
فإن تؤذنينا بالفراقِ فلستُمُ		بأول من ينأى ومن يتجنّبُ
وكم من حبيبٍ قد تناسيتُ وصلَهُ		يكادُ فؤادي إثرَهُ يتلّهبُ

فإنا وجدنا الغدرَ أعظمَ سُبّةً

وأفضح من قتلِ امرىءٍ غيرِ مُذنبِ

ولو سَيّرتمُ فيمن أصابتْ

على القسماتِ أظفاري ونابي

تُجازى بما جَرَّتْ يداكَ،وبالذي

علِمتَ،فلا تجزعْ لِصرفِ النوائبِ

ومازالَ يشري الحمدَ بالمالِ والتقى

وذلكَ ممّا أربحَ البيعَ صاحِبُهْ

وشُغلتَ عن حَسبِ الكرامِ وما بنوا

إنَّ اللئيمَ عن المكارمِ يُشغلُ

إنَّ الأراقمَ لن ينال قديمها

كلبٌ عوى مُتَهتِّمُ الأسنان

وقد تلتقي الأسماءُ في الناسِ والكُنى

وفاقاً ولكن لا تلاقي الخلائق

وكانَ يجيرُ الناس من سيف مالك		فأصبحَ يبغي نفسهُ من يُجيرها
وكانَ كَعنزِ السوءِ قامت بِظلفها		إلى مدية تحت الترابِ تُثيرها

فإنَّ امرأً يغتابني لم أطأ لهُ		حريماً،ولا تنهاهُ عني أقاربهْ
كَمحتطبٍ يوماً أساوِدَ هضبةٍ		أتاهُ بها في ظلمةِ الليلِ حاطبهْ

رُويدَ عن الأمرِ الذي كنتَ جاهلاً

بأسبابه،حتى تغِبَّ عواقبهْ

لقالوا:إنّهُ ملحٌ أُجاجٌ

أرادَ بهِ لنا إحدى الهناتِ

ترى كُلَّ مظلومٍ إلينا فِرارهُ

ويهربُ منّا جَهدهُ كلُّ ظالمِ

إنّا لَنضربُ رأسَ كلَّ قبيلة		وأبوكَ خلفَ أتانهِ يَتقّملُ
وشُغلتَ عن حسبِ الكرامِ وما بنوا		إنَّ اللئيمَ عن المكارمِ يُشغلُ

إن ترجعوا قد فرغتم من جَنازته		فما حملتم على الأعوادِ من أممِ
خليفةٌ كانَ يُستسقى الغمامُ بهِ		خير الذين بقوا في غابرِ الأُممِ
قالوا ادفنوه فكادَ الطودُ يُرجفهُ		إذ حرّكوا نعشَهُ الراسي من العلمِ

بلوتُ من الدهرِ الذي فيه واعظٌ		وجاريتُ بالنّعمى وطالبتُ بالتَبل
وجُرّبتُ عند المضلعاتِ فلم أكنْ		ضريع زمانٍ لا أُمِرُّ ولا أُحلي

سما لك شوقٌ من نوارَ،ودونها		مَهامِهُ غبرٌ،آجناتُ المناهلِ
فهمِتَ بنا جهلاً على حين لم تذرْ		زلازلُ هذا الدهرِ وصلاً لواصلِ

وكانَ تميمٌ لي،إذا ما دعوتُهُ

أجابَ كنصلِ السيفِ سُلَّ من الغمدِ

إنّ الأراملَ والأيتامَ قد يئسوا		وطالبي العُرفِ إذ لاقاهمُ الخَبرُ
أنَّ ابن ليلى بأرضِ النيلِ أدركهُ		وهُم سراعٌ إلى معروفهِ القدرُ

لقد ظلمتْ أيديكمُ غيرَ ظالمٍ		ولا لِهوانٍ في القيودِ مُقوَّدِ
إذا ذكرتهُ العينُ يوماً تحدّرتْ		على الخدِّ أمثالَ الجُمانِ المُفرَّدِ
أجدوا على سَيرِ النهارِ وليلهِ		فلن تُدركوا حاجاتِكُمْ بالتفرُّدِ

منا الكواهلُ والأعناقُ تقدُمها		والرأسُ منا وفيهِ السمعُ والبصرُ
ولا نحالفُ إلا الله من أحدٍ		غير السيوفِ إذا ما اغرورقَ النظر
أما العدوُّ فإنا لا نلينُ لهم		حتى يلينَ لِضرسِ الماضغِ الحجرُ

فقلتُ للنفس:هذي مُنيةٌ صدقتْ

وقد يُوافقُ بعضُ المنية القدرا

أغرَّ يستمطرُ الهلاكُ نائلَهُ		في راحتيهِ الدمُ المعبوطُ والمطرُ
حتى استقامتْ رؤوسٌ كان يحملها		أجسادُ قومٍ وفي أعناقهم صَعَرُ

فإن يكُ سيفٌ خانَ أو قدرٌ ابى		وتأخيرُ نفسٍ حتفُها غيرُ شاهدِ
كذاكَ سيوفُ الهندِ تنبو ظُباتَها		ويقطعن أحياناً نياطَ القلائدِ

وراوٍ عليَّ الشعرَ ما أنا قلتُهُ

كَمعترضٍ للرُّمحِ دونَ الطرائدِ

دعاني سَيّارٌ وقد أشرفتْ بهِ		مهالِكٌ يُلفى دونها يتذبذبُ
فقلتُ له:إني أخوكَ الذي بهِ		تنوءُ إذا عمَّ الدعاءُ المُثوِّبُ
فإن تكُ مظلوماً فإنَّ شفاءَهُ		بِوردٍ،وبعضُ الأمرِ للأمرِ مُجلَبُ
وأنت وليّ الحقِّ تقضي بفصلهِ		وأنتَ وليُّ العفوِ إذ هو مُذنبُ

أرى الموتَ لا يُبقي على ذي جَلادةٍ		ولا غَيرةٍ،إلا دنا لهُ مُرصدا
أما تُصلِحُ الدنيا لنا بعضَ ليلةٍ		من الدهرِ إلا عادَ شىءٌ فأفسدا

لقد علِمتُ وعِلمُ المرءِ أصدقُهُ

مَنْ عِندهُ بالذي قالهُ الخَبرُ

وما نحنُ إلا مثلهم غير أننا

أقمنا قليلاً بعدهم وتقدموا

ولو تُرمى بلؤم بني كليب		نجوم الليل ما وضحت لسارِ
ولو يُرمى بلؤمهن نهار		لدّنسَ لؤمهم وضح النهارِ
وما يغدو عزيز بني كليب		ليطلب حاجة إلا بجارِ

يُهدي الوعيدَ ولا يحوطُ حريمَهُ

كالكلبِ ينبحُ من وراءِ الدارِ

فيا عجباً حتى كُليبٌ تسبنّي

وكانت كُليبٌ مدرجاً للمشاتمِ

نامَ الخليُّ وما أغمضُ ساعةً		أرقاً وهاجَ الشّوقُ لي أحزاني
وإذا ذكرتُكَ يا ابنَ موسى أسبلتْ		عيني بدمعٍ دائمِ الهملان
ما كنتُ أبكي الهالكينَ لفقدهمْ		ولقد بكيتُ وعزَّ ما أبكاني
لا حيَّ بعدكَ يا ابن موسى فيهمُ		يرجونهُ لنوائبِ الحَدثان
كانوا لياليَ كنتَ فيهم أمةً		يرجى لها زمنٌ من الازمانِ
فالناسُ بعدكَ يا ابن موسى أصبحوا		كقناةِ حربٍ غير ذاتِ سنان
أودى ابنُ موسى والمكارمُ والندى		والعزُّ عند تحفظ السلطان
جُمِعَ ابنُ موسى والمكارمُ والندى		في القبرِ بين سبائبِ الأكفانِ

هوَ اللصُ وابنُ اللصِ لا لص مثله

لنقبِ جدار أو لطرِّ الدراهم

لو لم يفارقني عطيةُ لم أهُنْ		ولم أُعطِ أعدائي الذي كنتُ أمنعُ
سأبكيكَ حتى تُنفذَ العينُ ماءها		ويشفي مني الدمعُ ما أتوجعُ

تضعضعَ طودا وائلٍ بعد مالكٍ

وأصبحَ منها معطسُ العزِّ أجدعا

أروني من يقوم لكم مقامي		إذا ما الأمرُ جلّ عن الخِطابِ
إلى من تفزعون إذا حثوتم		بأيديكم عليَّ من الترابِ

فإنّكَ والرهانُ على كُليبٍ

لكالمجري مع الفرسِ الحمارا

وكم من عشي العينين،أعمى فؤاده

أقمتَ وذي رأسٍ عن الحقِّ مائل

ستأتيكَ مني إن بقيتُ قصائدٌ		يُقصّرُ عن تحبيرها كلُّ قائلِ
لها تُشرقُ الأحسابُ عند سماعها		إذا عُدَّ فضلُ الفعلِ من كلِّ فاعلِ

فما يهتدي بالعينِ من ناظرٍ بها

ولكنما تهدي العيونَ قلوبَها

فما كلُّ من يَظنني أنا مُعتبٌ

ولا كلُّ من قد خافني أنا قاتلهْ

إنَّ الرزيةَ من ثقيفٍ هالِكٌ

تركَ العيونَ ونومهنَّ غِرارُ

إذا ما بكى العجعاجُ هيّجَ عبرةً

لعيني حزينٍ شجوهُ غيرُ راجعِ

إذا الضبُّ أعيا أن يجىء لحرشهِ

فما حفرهُ في عينهِ بكبير

أرى الدّهرَ لا يُبقي كريماً لأهلهِ

ولا تُحرزِ اللؤمانَ منهُ المهاربُ

فإنا وجدنا الغدر أعظم سبّة

وأفضح من قتل امرىءٍ غير مذنب

وقائلةٍ لي:ما فعلت،إذا التقتْ		وراءكَ أبوابُ المنايا القواتل؟
فقلت لها:ما باحتيالٍ ولا يدٍ		خرجتُ من الغُمى ولا بالحبائل
ولكنَّ ربي ربُّ يونسَ إذ دعا		من الحوتِ في موجٍ من الحرِ سائلِ
دعا ربّهُ واللهُ أرحم من دعا		وأدناهُ من داعٍ دعا متضائلِ

وإنّي الذي لا بُدَّ أن سيصيبهُ

حُمامُ المنايا من وفاةٍ ومن قتلِ

أرى الليلَ يجلوهُ النهارُ ولا أرى		عظامَ المخازي عن عطيّة تنجلي
وقد ينبحُ الكلبُ النجومَ ودونها		فراسخُ تُنضي العينَ للمتأملِ

ولا نقتلُ الأسرى ولكن نفكّهمْ

إذا أثقلَ الأعناقَ حملُ المغارمِ

ولكنْ إذا ما المصلحونَ عصاهُمُ

وليٌّ،فما للنُصحِ من مُتقدَّمِ

فلو كنتَ صُلبَ العودِ أو ذا حفيظةٍ

لورّيتَ عن مولاكَ في ليل مظلم

بكتْ عينُ محزونٍ فطالَ انسجامُها		وطالتْ ليالي حادثٍ لا ينامُها
حوادِثُ من رَيبِ المنونِ أصبنني		فصارَ على الأخيارِ منّا سهامها
كأنَّ المنايا يطلبّنَ نفوسنا		بِذحلٍ،إذا ما حُمَّ يوماً حِمامها

ألا ترى القومَ ممّا في صدورهمُ		كأنَّ أوجههمْ تُطلى بتنومِ
إذا رأوكَ أطالَ الله غَيرتَهمْ		عضّوا من الغيظِ أطراف الأباهمِ

وما أحدٌ كانَ المنايا وراءَهُ		ولو عاشَ أياماً طِوالاً بسالمِ
أرى كلَّ حيٍّ ما تزالُ طليعةً		عليهِ المنايا من ثنايا المخارمِ
وقد رُزىء الأقوام قبلي بنيهمُ		وإخوانهم فاقني حياءَ الكرائمِ
فما ابناكِ إلا من بني الناس فاصبري		فلن يرجعَ المتى حنينُ المآتمِ

سعى بِتراتٍ للعشيرةِ أدركت		حفيظةَ ذي فضلٍ على من يُفاضله
فأدركها وازداد مجداً ورفعةً		وخيراً،وأخطى الناس بالخيرِ فاعله

يُرِقون عظمي ما استطاعوا وإنّما

أشيدُ لهم بُنيانَ مجدٍ وأرفَعُ

أرى كلَّ بحرٍ غيرَ بحركَ أصبحت		تَشقَّقُ عن يَبْسِ المعينِ سواحلُهْ
وقد علموا أن لن يميل بك الهوى		وما قلتَ من شىءٍ فإنّكَ فاعلُهْ
وما يبتغي الأقوامُ شيئاً وإن غلا		من الخيرِ إلا وفي يديكَ نوافلُهْ

فإن تكُ قيسٌ قدّمتكَ لِنصرها

فقد خزيت قيسٌ وذلَّ نصيرُها

وإنّي لينهاني عن الجهلِ فيكمُ		إذا كِدْتُ خلاتٌ من الحلم أربعُ:
حياءٌ وبُقيا واتقاءٌ وإنني		كريمٌ فأعطي ما أشاءُ وأمنعُ

ألم تعلموا أنَّ الكبيرَ يَهيجهُ

من الحربِ من أيدي الغُواةِ صغيرُها

شبابُهُمُ وشَيبهمُ سواءٌ

وهم في اللؤمِ أسنانُ الحمارِ

وكلُّ فطيمٍ ينتهي لفطامهِ		وكلُّ“كُليبيٍّ” وإن شابَ راضعُ
إذا قيل: أيُّ الناسِ شرٌّ قبيلة؟		أشارتْ كُليبٌ بالأكفِّ الأصابعُ

بفي الشامتين الصخر إن كان مسّني		رزية شبل مخدر في الضراغم
فقد رزى الأقوام قبلي بنيهم		وإخوانهم فاقني حياء الكرائم

إنَّ الحليلة لا يحلّ حَريمها		وحَليلُها يرعى حمى الأحرارِ
يُهدي الوعيدَ ولا يَحوطُ حريمَهُ		كالكلبِ ينبحُ من وراءِ الدارِ

جرَّ المخزياتِ على كُليبٍ وكان لهم كَبكرِ ثمودَ لما		جريرٌ ثمَّ ما منعَ الذِّمارا رغا ظُهراً فدّمرهم دمارا
فإنّكَ والرهانُ على كُليبٍ		لكالمُجري مع الفرسِ الحمارا

ولا شىءَ شرٌّ من شريرةِ خائنٍ

يجىء بها يوم ابتلاءِ المحاصيلِ

وما أنتَ يا إبليسُ بالمرءِ ابتغي		رضاهُ ولا يقتادني بِزمامِ
سأجزيكَ من سَوءاتِ ما كنتَ سقتني		إليه جروحاً فيك ذات كِلام

عجبتُ من الآمالِ والموتُ دونها

وماذا يرى المبعوثُ حينَ يقومُ

إن ينب سيفٌ في يدي وجدته		فعادمه بين الأنام كواجد
كذاكَ سيوف الهند تنبو ظباتها		وتقطعُ أحياناً مناط القلائد

أرى الموتَ لا يُبقي على ذي جلادةٍ

ولا غيرة،إلا دنا له مُرصدا

بِفي الشامتين الصخر إن كان مسّني

رزية شبل مخدر في الضراغم

لئن أصبحَ الواشونَ قرّتْ عيونهمْ		بهجرٍ مضى أو صُرْم حبلٍ تجذّما
لقد تُصبحُ الدنيا علينا قصيرةً		جميعاً وما نُفشي الحديثَ المُكتّما

ملوكٌ تسوسُ المسلمينَ وغيرهم ورثنا كتابَ الله والكعبة التي		إذا أنكرتْ كانتْ شديداً نكيرُها بمكّة محجوباً عليها ستورها
وأفضلُ من يمشي على الأرضِ حيُّنا		وما ضمنت في الذاهبين قبورها
لنا دونَ من تحت السّماءِ عليهمُ		من الناسِ طُرّاً شمسها وبُدورها

أولئكَ آبائي فجئني بِمثلهمْ ألا تسألونَ الناسَ عنّا وعنكمُ		إذا جمعتنا يا جريرُ المجامِعُ إذا عُظِّمتْ عندَ الأمورِ الصنائعُ
تعالوا،فَعُدّوا،يعلمِ الناسُ أينا		لصاحبهِ في أوّلِ الدّهرِ تابعُ
تَنَحَّ عن البطحاءِ إنَّ قديمها		لنا،والجبالُ الباذخاتُ الفوارعُ

تَصرّمَ مني وُدُّ بكرِ بن وائلٍ		وما خلتُ عني وُدَّهم يتصرّمُ
قوارضُ تأتيني ويحتقرونها		وقد يملأ القطرُ الإناءَ فيفعُمُ

ولا عزَّ إلا عِزُّنا قاهرٌ لهُ		ويسألنا النَّصفَ الذليلُ فيُنصفُ
ومنا الذي لا ينطقُ الناسُ عندَهُ		ولكن هو المستأذنُ من المُتنصَّفُ
تراهم قُعوداً حولَهُ،وعيونُهُمْ		مُكسرّةٌ أبصارُها ما تَصرَّفُ

وذاتِ خليلٍ أنكحتها رماحنا		حلالاً لمن يبني بها لم تُطلّقِ
ألم ترَ أنّا بالمشاعرِ يُهتدى		بنا،ولنا مجدُ الفخورِ المُصدّقِ
فما أحدٌ إلا يرانا أمامَهُ		وأربابَهُ من فوقهِ حين نلتقي

ألسنا بأربابٍ لقومٍ وأمّةٍ		خلائفُهمْ منّا،ومنّا رسولُها
ملوكٌ ترى الأقوام يتبعوننا		إلينا انتهت حاجاتُها ورَجيلُها
إذا ضاقَ عن قومٍ مكانٌ رأيتنا		لنا العَرضُ من أرض السماء وطولها

وإذا فخرتُ فخرتُ غيرَ مُكذبٍ بَخْ بَخْ لنا الشرفُ القديمُ وعزّنا		ولي العُلى وكريمُها المأثور قهرَ البلادَ فماله تنكيرُ
منا الخلائفُ والنبيُّ محمد		وإليهم مُلكُ العبادِ يصيرُ
أحياؤُنا خيرُ البريّة كُلّها		وقبورَنا ما فوقهنَّ قبورُ

قومٌ يُرَدُّ بهم إذا ما استلأموا		غضبُ الملوكِ وتُمنعُ الأدبارُ
ولئن سألتَ لَتنبأنَّ بأنّنا		نسمو بأكرمِ ما تُعدُّ نزارُ

هوَ الشيخُ وابنُ الشيخ،لا شيخَ مثلَهُ

أبو كُلِّ ذي بيتٍ رفيعِ الدّعائمِ

وإنّا لترعى الوحشُ آمنةً بنا		ويَرهبُنا أن نغضبَ الثقلانِ
جبالٌ إذا شدّوا الحُبى من ورائهم		وجنٌّ إذا طاروا بكلِّ عِنانِ

وما قامَ منا قائمٌ في نَدينا		فينطقَ إلا بالتي هي أعرَفُ
وبيتان:بيت الله نحن ولاتهُ		وبيتٌ بأعلى إيلياء مُشرِّفُ

إنَّ رجالَ الرومِ يعرِفُ أهلها		حديثي ومعروفٌ أبي في المنازلِ
وما من مُصَلٍّ تعرفُ الشمسَ عينَهُ		إذا طلعت أو تائهٍ غيرِ عاقلِ
فتسألهُ عني،فيعيا بنسبتي		ولا اسمي،ومن يعيا سماكَ الأعازلِ

ونحنُ إذا عَدَّت مَعَدٌّ قديمها

مكان النواصي من وجوهِ السوابقِ

وإنّا لمنّاعونَ تحت لوائنا

حِمانا إذا ما عاذَ بالسيفِ حاملهْ

وإن عُدّتِ الأحسابُ يوماً وجدتها وإن نفر الأحياءُ يوم عظيمةٍ		يصيرُ إلى حين تميمٍ نفورُها تحاقر في حي تميمٍ نُفورها
تميمٌ هُمُ قومي،فلا تَعدلنّهمْ		بحيٍّ،إذا اعتزَّ الأمورَ كبيرُها
هُمُ معقِلُ العزِّ الذي يُتقى به		ضراسُ العدى والحربُ تغلي قُدورَها

لأمدحنَّكَ مدحاً لا يُوازِنهُ

مدحٌ على كلِّ مدحٍ كانَ عليانا

ورثتَ أباكَ المُلكَ تجري بِسمتهِ		كذلكَ خُوطُ النَّبعِ ينبتُ في الأصلِ
كداؤدَ إذ ولّى سليمانَ بعدَهُ		خلافتهُ نِحلاً من الله ذي الفضلِ

ترى الناس ما سرنا يسيرون خلفنا

وإن نحن أومأنا إلى الناس وقفوا

إن الذي سمك السماءَ بنى لنا

بيتاً دعائِمهُ أعزُّ وأطولُ

ولو رفعَ السّحابُ إليهِ قوماً

علونا في السّماءِ إلى السحابِ

هو المشتري بالسيفِ أفضلَ ما غلا		إذا ما رحى الحربُ استدرّ ضِرابُها
وأنتَ امرؤٌ تُعطي يَمينُكَ ما غلا		وإن عاقبتَ كانت شديداً عِقابُها

رأيتُ بني مروانَ تَفسحُ عنهمُ

سيوفُهُمُ ضيقَ المقامِ من الكربِ

فإنّهمُ الأحلافُ، والغيثُ،مرّةً وأجسمُ من عادٍ جسومُ رجالهم		يكونُ بشرقٍ من بلادٍ ومن غربِ وأكثرُ إن عُدّوا عديداً من التُّربِ
مصاليتُ عند الرّوعِ في كلِّ موطنٍ		إذا شَخصَتْ نفسُ الجبانِ من الرُّعبِ

تراهُ كَنصلِ السّيفِ يهتزُّ للنّدى		جواداً تلاقى المجدَ مُذْ طُرَّ شاربُهْ
طويلُ نجادِ السيفِ مُذْ كان لم يكن		قُصَيٌّ وعبدُ الشمسِ ممنْ يُخاطبُهْ

فلأمدحنَّ بني المُهلب مدحةً

غَرّاء قاهرة على الأشعارِ

أغرُّ كأنَّ البدرَ تحتَ ثيابهِ

كريمٍ إلى الأمِّ الكريمةِ والأبِ

هشامٌ فتى الناسِ الذي تنتهي المُنى		إليهِ،وإن كانت رَغاباً جسامُها
هشامٌ خِيارُ الله للناسِ والذي		بهِ ينجلي عن كلِّ أرضٍ ظلامُها

ترى الأبصارَ خاشعةً إليهِ		كما يشخصنَ حين يُرى الهلالُ
رأيتُكَ قد فضلتَ وأنتَ ترمي		عن الأحسابِ غذ جدَّ النضالُ

الأكثرونَ إذا يُعَدُّ حَصاهُم		والأكرمونَ إذا يُعَدُّ الأوَّلُ
حُلَلُ الملوكِ لباسُنا في أهلنا		والسابغاتُ إلى الوغى نتسربلُ

إذا حاربَ الحجاجُ أيَّ منافقٍ

علاهُ بسيفٍ كُلما هُز يقطع

هلال بن همام فخلّوا سبيلهُ		فتىً لم يزل يبني للعلا مذ تيّفعا
فتىً مِحربياً ما تزالُ يمينهُ		تُدافعُ ضيماً أو تجود فتنفعا

ومنْ تعقدْ لهُ بيديكَ حبلاً		فقد أخذتْ يداهُ له الخيارا
وما تكُ يا ابنَ عبد الله فينا		فلا ظُلماً نخافُ ولا افتقارا
سيبلغُ ما جزيتُكَ من ثنائي		بِمكّ!ة من أقامَ بها وسارا
ثناءً ليسُ كاذبهُ ،كفتني		يداك نوائبَ الحدثِ الكبارا

إن عاقبوا فالمنايا من عقوبتهم لا يستثيبونَ نُعماهُمْ إذا سَلَفتْ		وإن عفوا فذووا الأحلام إن قدروا وليسَ في فضلهمْ مَنٌّ ولا كدَرُ
كم فرّقَ الله من كيدٍ وجمّعهُ		بهم،وأطفأ من نارٍ لها شررُ

إذا عَدَّ قومٌ مجدَهُم وبيوتَهُمْ

فَضلتُمْ إذا ما أكرمُ الناسِ عُدّدوا

أرى الثقلين الجنَّ والإنس أصبحا وما منهما إلا يرجى كرامة وما دونَ كفّيك انتهاءٌ لراغب

يمدّان أعناقاً إليك تقرِّبُ بكفّيكَ أو يخشى العقاب فيهربُ ولا لِمناهُ من ورائكَ مذهبُ

ألا كلُّ شيء في يد الله بالغ		له أجل عن يومه لا يحوّل
وإنّ الذي يغترُّ بالله ضائع		ولكن سينجي الله من يتوّكل
تبين ما يخفى على الناس غيبة		ليالٍ وأيامٌ على الناسِ دوّل
يبين لك الشيء الذي أنت جاهل		بذلك علام به حين تسألُ

اعِدْ نظراً يا عبدَ قيسٍ لَعلّما

أضاءت لكَ النارُ الحِمارَ المُقيّدا

وأينَ تقضى المالكات أمورها

بحقِّ وأينَ الخافقات اللوامع؟

وما المرءُ منفوعاً بتجريبِ واعظٍ

إذا لم تعظهُ نفسهُ وتجاربه

وكنت إذا عاديت قوماً حملتهم

على الجمرِ حتى يحسم الداء حاسمه

وما أمرتني النّفسُ في رحلةٍ لها

إلى أحدٍ إلا إليك ضميرُها

لِكُلِّ امرىءٍ نفسان:نفسٌ كريمةٌ

وأخرى يُعاصيها الهوى فيطيعها

وما بين منْ لم يُعطِ سَمعاً وطاعةً

وبينَ تميمٍ غيرُ حَزِّ الغلاصم

أطعتُكَ يا إبليسُ سبعينَ حِجّةً		فلما انتهى شيبي وتَمَّ تمامي
فررتُ إلى ربي،وأيقنتُ أنني		مُلاقٍ لأيامِ المنونِ حِمامي
ولما دنا رأسُ التي كنتُ خائفاً		وكنتُ أرى فيها لقاءَ لِزامِ
حلفتُ على نفسي لأجتهدّنها		على حالها من صحةٍ وسَقامِ

فَخرنا فصُدِّقنا على الناسِ كلُّهمْ

وشرُّ مساعي الناسِ والفخرِ باطِلُهْ

وأهونُ مفقودٍ إذا الموتُ نالَهُ

على المرءِ من أصحابهِ من تَقنَّعا

فلا صَبرَ إلا دُونَ صبرٍ على الذي		رُزِئتَ على يومٍ من البأسِ أشنعا
فإن يكُ أمسى فارقتهُ نَواها		فكُلِّ امرىءٍ من غُصّةٍ قد تَجرّعا
فعينيَّ من الموتى سواءً بُكاهُمُ		فبالدّمِ إن أنزفتُما الماءَ فادمعا

فما الشّجاعةُ إلا دونَ نجدتهِ

ولا المواهبُ إلا دونَ ما يَهَبُ

إليكَ من الصَّمانِ والزملِ أقبلتْ		تَخِبُّ وتحدي من بعيدٍ سباسُبُه
لنلقاكَ،واللاقيكَ يعلمُ أنهُ		إلى خيرِ أهلِ الأرضِ تُحدى ركائبه
فإنّ هشاماً إن تُلاقيهِ سالماً		تكوني كمنْ بالغيثِ يُنصرُ جانبهْ

وإن أكُ قد عاتبتُ بكراً فإنني

رهينٌ لبكرٍ بالرّضا والتكرُّمِ

وكم لأبي الأشبالِ من فضلِ نعمةٍ فأصبحتُ أمشي فوق رجلي قائماً		بكفّيهِ عندي أطلقتني سُعودها عليها ،وقد كانت طويلاً قُعودها
وكم يا ابن عبد الله من فضلِ نعمةٍ		بكفّيكَ عندي لم تُغيّبْ شُهودها
وكانت إذا لاقت بجيلةُ غارةً		فمنكُمْ محاميها وعندكم عميدُها
وكنتم إذا عالى النساءُ ذُيولها		ليسعينَ من خوفٍ فمنكم أسودها

فما مِثلُ كفّي خالدٍ حين يشتري هو القائدُ الميمونُ والكاهلُ الذي		بِكُلِّ طريفٍ كلَّ حَمدٍ وتالدِ يَثوبُ إليهِ الناسُ من كُلِّ وافدِ
بهِ تُكشفُ الظلماء من نورِ وحههِ		بضوءِ شهابٍ ضؤوهُ غير خامدِ
ألا تذكرونَ الرّحمَ أو تُقرضونني		لكم خُلُقاً من واسعِ الحلمِ ماجدِ

وما حل من جهل حُبا حلمائنا		ولا قائل بالعرفِ فينا يعنف
وما قامَ منا قائم في ندبنا		فينطقُ إلا بالتي هي أعرفُ
وإنّي لمن قوم بهم تتقى العدى		ورأب الثأي والجانب المتخوف
لنا العزّةُ الغلباء والعدد الذي		عليه إذا عد الحصى يتخلف

ولا عزَّ إلا عزّنا قاهر له		ويسألنا النصف الذليل فَيُنصفُ
ومنا الذي لا ينطقُ الناسُ عنده		ولكن هو المستأذن المُتنصفُ
تراهم قعوداً حوله وعيونهم		مُكّسرة أبصارها ما تصرَّفُ
وبنيان بيت الله نحن ولاته		وبيت بأعلى إيلياء مشرفُ

من معشرٍ حُبُّهمْ دينٌ ،وبُغضُهم يُستدفعُ السوءُ والبلوى بِحبّهمُ		كفرٌ،وقُربُهم منجىً ومُعتصَمُ ويستربُّ به الإحسانُ والنّعمُ
مُقَدَّمٌ بعد ذكرِ الله ذكرُهُمُ		في كُلِّ بدءٍ،ومختومٌ بهِ الكَلِمُ
إن عُدَّ أهلُ التُّقى كانوا أئمتَهُمْ		أو قيل من خيرُ أهلِ الأرضِ ؟قيل هُمُ
لا يستطيعُ جوادٌ بُعدَ غايتهمُ		ولا يُدانيهمُ قومٌ،وإن كرُموا
هُمُ الغيوثُ،إذا ما أزمةٌ أزَمَتْ يأبى لهم أن يَحلّ الذَّمُ ساحتَهم		والأُسدُ أسُدُ الشّرى،والبأسُ مُحتدمُ خِيمٌ كريمٌ وأيدٍ بالنّدى هُضمُ
لا ينقِصُ العسرُ بسطاً من أكفّهمُ		سيّان ذلك:إن أثروا وإن عَدموا
أيّ الخلائق ليست في رقابهمُ من يعرف الله يعرِف أوليّته وليسَ قولُكَ مَنْ هذا بضائرهِ		لأوليّةَ هذا أولَهُ نِعمُ فالدينُ من بيت هذا ناله … العُربُ تعرفُ من أنكرتَ والعجمُ
الفرزدق:
جزى الله عني في الأمورِ مُجاشعاً		جزاء كريمٍ عالمٍ كيفَ يصنعُ
فإن تجزني منهم فإنّكَ قادرٌ		تَجُزُ كما شئتَ العبادَ وتزرعُ
الفرزدق:
فتىً غيرُ مِقراحٍ بدنيا يُصيبها		ومن نكباتِ الدّهرِ غيرُ جَزوعِ
زياداً وإن تبلُغْ زياداً فقد أتيت		فتىً لبناءِ المجدِ غير مُضيعِ
الفرزدق:
بنو العَمِّ أدنى الناسِ منا قرابةً		وأعظمُ حيٍّ في بني مالك رفدا
أرى العزَّ والأحلامَ صارت إليهمُ		وإن ثوَّبَ الداعي رأيتهم حُشدا
وكيفَ يلومُ الناسُ أن يغضبوا لنا		بني العم والأحلامُ قد تعطفُ الودّا
وأصلهم أصلي وفرعي إليهمُ		وقُدتْ سيوري من أديمهم قدّا

لقد خفتُ حتى لو أرى الموتَ مُقبلاً		ليأخذني والموتُ يُكرهُ زائرهْ
لكانَ من الحجاجِ أهونَ روعةً		إذا هو أغضى وهو سامٍ نواظرهْ
أدبُّ ودوني سيرُ شهرٍ كأنني		أراكَ دليلٌ مستجيرٌ عساكرهْ
ذكرتُ الذي بيني وبينكَ بعدما		رمى بي من نجدي تهامة غائره
ولو أن ركبت الريحَ ثم طلبتني		لكنتُ كشىءٍ أدركتهُ مقادره
الفرزدق:
أعينيَّ أمّا تُسعدانيَ ألمُكما		فما بعدَ بِشرٍ من عزاءٍ ولا صبرِ
وقلَّ جَداءً عبرةً تسفحانها		على أنّها تشفي الحرارة في الصّدرِ
ولو أنَّ قوماً قاتلوا الموتَ قبلنا		بشىءٍ لقاتلنا المنيّة عن بِشرِ
ولكن فُجعنا والرزيئةُ مثلُهُ		بأبيضَ ميمونِ النقيبةِ والأمرِ
على ملكٍ كادَ النجومُ لفقدهِ		يقعنَ وزالَ الراسياتُ من الصخرِ
ألم ترَ أنَّ الأرضَ دُكّتْ جبالها		وأنّ نجومَ الليلِ بعدكَ لا تسري
وما أحدٌ ذو فاقةٍ كانَ مثلنا		إليه،ولكن لا بقيّة للدهرِ
الفرزدق:
وما ذرفت عينانِ بعد محمدٍ		على مثله،إلا نفوسَ الخلائفِ

أبى الصبرَ أني لا أرى البدرَ طالعاً		ولا الشمسُ إلا ذكّراني بغالبِ
شبيهين كانا بإبن ليلى،ومن يكن		شبيه ابن ليلى يمحُ ضوءَ الكواكبِ
فتىً كانَ أهلُ المُلكِ لا يحجبونهُ		إذا فادَ يوماً بينَ بابٍ وحاجبِ

سأبكيك حتى تُنفد العينُ ماءها

ويشفى مني الدمعُ ما أتوّجعُ

الأخطل

وأقسم المجد حقاً لا يحالفهم

حتى يُحالفَ بطنَ الراحةِ الشَّعرُ

إنَّ الوليدَ أمينُ الله أنقذني		وكان حصناً إلى منجاتهِ هربي
فآمنَ النفس ما تخشى وموّلها		قدمَ المواهبِ من أنوائهِ الرغبِ

رماهُمْ على بُعدٍ برأيِ مُسَدَّدِ		فأفناهمُ من قبلُ تأتي كتائبهْ
وحاربَهُم بالبيضِ حتى إذا أتوا		لما شاء ،قام العفوُ فيهم يُحاربُهْ

مناخُ ذوي الحاجاتِ يستمطرونه

عطاءَ كريمٍ من أسارى ومن نهبِ

إلى امرىءٍ لا تعدّينا نوافلُه		أظفرهُ الله،فليهنأ لهُ الظفرُ
الخائض الغَمرَ،والميمون طائرُهُ		خليفة الله يُستسقى بهِ المطرُ
والمستمرُّ به أمرُ الجميعِ ،فما		يغترهُ بعد توكيدٍ لهُ،غررُ
وما الفراتُ إذا جاشت حوالبُهُ		في حافتيهِ وفي أوساطهِ العشرُ

ألم ترَ أنّ عودي تغلبي		نُضارٌ هزَّهُ كرمٌ فطالا
فسلني بالكرامِ فإنَّ قومي		كِرامٌ لا أريدُ بها بدالا
وقومي تغلبٌ والحيُّ بكرٌ		فمن هذا يُوازينا فضالا
تصانُ حلومنا وترى علينا		ثيابَ الخزّ تتبذلُ ابتذالا

إذا بلغت بشر بن مروان ناقتي		سرتْ خوفها نفسي ونامت همومها
إمامٌ يقودُ الخيلَ، حتى كأنّها		صدورُ القنا:معوجها وقويمها
إلى الحربِ،حتى تخضعَ الحربُ،بعدما		تخمطَ مرحاها وتحمى قرزمها

بيضٌ مصاليتُ،أبناءُ المُلوكِ،فلن		يُدرِكَ ما قدّموا عُجْمٌ ولا عَربُ
إن يحلموا عنك،فالأحلامُ شيمتُهمْ		والموتُ ساعة يَحمى منهمُ الغضبُ
كأنّهمْ عند ذاكمُ،ليس بينهمُ		وبينَ من حاربوا قُربى ولا نسبُ

ثم فاءت سيوفنا حين أُبنا

بجميل من البلاء فخور

نسيرُ إلى من لا يُغِبُّ نوالهُ

ولا مُسْلِمٌ أعراضهُ لسبوبِ

ألا إنَّ الحياة لناذريها		وصولتها إذا ما العزُّ صالا
ونحنُ الموقدونَ بكلِّ ثغر		ضرامَ الحربِ تشتعلُ اشتعالا
إذا ما الخيلُ ضيّعها رجالٌ		ربطناها فشاركت العيالا

إذا التقت الأبطالُ أبصرت لونَهُ

مضيئاً وأعناقُ الكماةِ خضوعُ

وليسَ أخو الحربِ الشديدة بالذي

إذا زنبته جاء للسّلم أخضعا

ولو حملّتني السرَّ سلمى حملتهُ

وهل يحملُ الأسرارُ إلا كتومها

ونُكرمُ جارنا ما دامَ فينا

ونُتبعهُ الكرامةَ حيثُ مالا

وقد يُكلّفني قلبي،فأزجرهُ

رَبعاً،غداة غدوا أهواؤهمْ فِرَقُ

وقد علمتمُ وإن أصبحتُ نائيكم		نُصحي قديماً،وفعلي غير مُتهم
لقد خشيتُ وُشاةَ الناس عندكمُ		ولا صحيحَ على الأعداءِ والكلمِ

إذا ما قلتُ قد صالحت بكراً		أبى الأضغانُ والنسبُ البعيد
ومهراقُ الدماء بوارداتٍ		تبيدُ المخزياتُ ولا تبيدُ
وأيامٌ لنا ولهم طِوالٌ		يعضُّ الهامَ فيهنَّ الحديدُ
هما أخوان ويصطليان ناراً		رداءُ الموتِ بينهما جديدُ

حتى استكانوا وهُمْ مني على مَضَضٍ

والقولُ يَنفدُ ما لا ينفُدُ الإبرُ

كانت منازلَ أُلَّافٍ عهدتهم

إذ نحنُ إذ ذاكَ دون الناس إخوانا

أغرّ لا يحسب الدنيا تخلده

ولا يقول لشيء فات ما فعلا

وهل من فتى من وائلٍ،قد علمتُم		كَعكرمةَ الفياض عند عُرى الأمرِ
إذا نحنُ هايجنا به،يوم محفل		رمى الناسُ بالأبصار،أبيضَ كالبدرِ
أصيلٌ إذا اصطكَّ الجباهُ،كأنّما		يُمِرُّ الثقالَ الراسياتِ من الصّخرِ
وإن نحنُ قلنا:من فتىً عند خُطّةٍ		ترامى به،أو دفعَ داهيةٍ نُكرِ
كُفينا بجياشٍ على كلِّ موقفٍ		مخوفٍ،إذا ما لم يجز فارس الثغرِ
أعكرِمَ،أنتَ الأصلُ والفرعُ الذي		أتاكَ ابنُ عمّ،زائراً لك،عن عُفرِ

سعى لي قومي سعي قومٍ أعزّةٍ		فأصبحتُ أسمو للعلى والمكارمِ
تمنوا لنبلي أن تطيشَ رِياشُها		وما أنا عنهم في النضالِ بنائمِ

لَعمري لئن أبصرتُ قصدي لرّبما		دعاني إلى البيضِ الحسانِ دليلها
ووحش أرانيه الصِّبا فاقتنصتهُ		وكأس سُلافٍ باكرتني شمولها
فما لبثتني أن خنتني كما ترى		قصيرةٌ أيام الفتى وطويلها
وما يزدهيني في الأمورِ أخفّها		ولا أضلعتني حين نابَ ثقيلها

وكُنَّ على أخيالهنَّ يصدنني		وهنَّ بلايا للرجالِ وغولُ
وإنَّ امرءاً لا ينتهي عن غَوايةٍ		إذا ما اشتهتها نفسهُ لجهولُ

دعاني امرؤٌ أحمى على الناس عرضه

فقلت له:لبيكَ،لما دعانيا

ولو حملّتني السرَّ دوسرُ لم تضعْ		مقالة ذي نصح وللسرّ كاتم
وإنّي ولو شتت نواها بودّها		لصلبُ التعزي مستمر الشكائم
وكنتُ إذا زينتُ أوجهَ معشر		أنارتْ وإن أشتم تصير كالعظائم

قد كشفَ الحلمُ عني الجهل فانقشعت		عني الصبابةُ لا نُكسٌ ولا ورعُ
وهرّني الناسُ إلا ذا محافظةٍ		كما يحاذرُ وقعُ الأجدل الضوعُ

إلى امرىءٍ لا تُعرِّينا نوافلُهُ

أظفرهُ الله فليهنأ بهِ الظّفرُ

ما زال فينا رباطُ الخيلِ مُعلمةً		وفي كُليبٍ رباطُ الذلِّ والعارِ
النازلينَ بدارِ الذلِّ إن نزلوا		وتستبيحُ كليبٌ حُرمةَ الجارِ
والظاعنينَ على أهواءِ نسوتهم		وما لهم من قديم غير أعيار

وإذا تعاظمت الأمور لدارم		طأطأت رأسك عن قبائلِ صيدِ
وإذا وضعتَ أباكَ في ميزانهم		رجحوا عليك وأنت غير حميد
وإذا عددتَ قديمكم وقديمهم		أربوا عليكَ بطارفٍ وتليدِ
وأبوك ذو محنيةٍ وعباءةٍ		قملٌ كأجربَ منتش مورود

أخزاهمُ الجهلُ ،حتى طاشَ قولهمُ		عند النضال،فما طاروا وما وقعوا
محاولون هجائي،عند نسوتهم		ولو رأوني أسرّوا القول،واتضعوا

إذا التمسَ الأقوامُ في الناسِ ذكرهم		فَذكرُ بني العجلان من أقبحِ الذكرِ
وقد غبر العجلانُ حيناً إذا بكى		على الزاد ألقتهُ الوليدة في الكسر
فيصبحُ كالخفاشِ يدلكُ عينهُ		فقُبّحَ من وجهٍ لئيمٍ ومن حجرِ

قومٌ تناهت إليهم كل مخزية

وكلّ فاحشة سُبّتْ بها مضرُ